إسفار الفصيح باب ما يقال بلعتين
...
باب ما يقال بلغتين
(يقال: هي بغداد) بدال غير معجمة1، (وبغدان) 2 بالنون، (وتذكر وتؤنث)
3، للمدينة المشهورة بمدينة السلام، وهي فارسية معربة4، وأصلها "باغ
داذ"، فـ"باغ" اسم البستان بالفارسية، و"داذ" اسم رجل5، فكأنهم أرادوا
بستان هذا الرجل، وأما من ذكر بغداد فإنه أراد البلد أو المكان، ومن
أنث أراد البقعة والبلدة، ولا ينصرف للعجمة والتعريف، أو للتأنيث
والتعريف. وقال الشاعر6:
لعمرك لولا رافع ما تغبرت
ببغدان في بوغائه القدمان
__________
1 زاد في التلويح 83: "وهي اللغة الفصحى".
2 والعامة تقول: "بغداذ" بالذال المعجمة، ابن درستويه (216/أ) ،
والزمخشري 417. وفي أدب الكاتب 431: "وكان الأصمعي لا يقول: بغداد،
وينهى عن ذلك، ويقول: مدينة السلام، لأنه يسمع في الحديث أن "بغ" صنم،
و"داد" عطية، بالفارسية، كأنها عطية الصنم". وذكر العلماء في هذه
اللفظة ثلاث عشرة لغة، ذكرها عبد الرحيم في المعرب 196، وعلل ابن
الأنباري سبب هذا الاختلاف الكبير بقوله: "أصل هذا الاسم للأعاجم،
والعرب تختلف في لفظه، إذا لم يكن أصله من كلامها ولا اشتقاقه من
لغاتها". الزاهر 2/398. وينظر: تاريخ بغداد 1/59، وبغداد مدينة السلام
27، ومعجم ما استعجم 1/261، 262، ومعجم البلدان 1/456، واللسان (بغداد)
3/93.
3 الزاهر 2/400،ومعجم البلدان 1/456، والصحاح (بغدذ) 2/561.
4 المعرب 73، والصحاح (بغدد) 2/561.
5 الزاهر 2/399، وتاريخ بغداد 1/60، ومعجم البلدان 1/456.
6 البيت بلا نسبة في: المعرب 74، واللسان 8/421، والتاج 6/6 (بوغ) .
(2/833)
البوغاء: التراب.
(وهم صحابي بالكسر) : لجمع صاحب، كصيام لجمع صائم، (وصحابتي) 1 بالتاء
والفتح، لجمع صاحب أيضا، ومنه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم،
والصحابة مصدر سمي به الجمع، لأنه يقال: صحبته صحبة وصحابة2. والصاحب:
هو التابع للرجل أو الرفيق، ويقال للمتبوع أيضا: صاحب. وقال امرؤ القيس
في الكسر3 [134/أ] :
فألقيت في فيه اللجام، وفتنني ... وقال صحابي قد شأونك فأطلب
(وهو صفو الشيء) بفتح الصاد والتذكير: لضد الكدر بفتح الدال، وهما
مصدران، (وصفوته) 4 بكسر الصاد والتأنيث لخالصه من
__________
1 والعامة تقول: "صحابي" بفتح الصاد. لحن العامة 155، وتصحيح التصحيف
340. ورد ابن هشام اللخمي بأن اللغويين حكوا "صحابا" بالفتح، وقال هو
اسم للجمع. المدخل إلى تقويم اللسان 43. ولم أجد من ذهب إلى ما ذكر
فيما توفر لدي من المصادر اللغوية، إلا الزمخشري 418 فقد حكى اللغتين،
وحكى ابن درستويه (215/أ) : "صحابي" بالضم وتشديد الحاء.
2 العين 3/124، والصحاح 1/161 (صحب) .
3 ديوانه 50، قال شارحه: "ومعنى شأونك: سبقنك". والشطر الأول في
الديوان برواية:
فكان تنادينا وعقد عذاره
4 والصفوة مثلثة الصاد عن أبي عبيدة في إصلاح المنطق 117، قال: "فإذا
تركوا الهاء قالوا: صفو مالي، ففتحوا لا غير". وينظر: أدب الكاتب 571،
والمثلث لابن السيد 2/213، وإكمال الإعلام 1/13، والمثلث للبعلي 137،
والدرر المبثثة 138، والصحاح (صفو) 6/2401.
??
(2/834)
الكدر، ومما يشوبه من الخبث، ومنه "محمد
صلى الله عليه صفوة الله من خلقه"1.
(وهو الصيدناني والصيدلاني) 2 بالنون واللام: وهو الذي يبيع العطر
والعقاقير. قال الأعشى3:
وزورا ترى في مرفقيه تجانفا
نبيلا كدوك الصيدناني دامكا
قوله: وزورا: أي صدرا، ودوك: حجر يدق عليه، والمدوك: الحجر الذي يسحق
به، ودامك4: طاحن، وقيل: مرتفع5، وقيل: أملس6.
(وهي الطنفسة والطنفسة) 7 بكسر الطاء وفتحها، على وزن
__________
1 العبارة في الصحاح (صفو) 6/2401، وأخرج مسلم في صحيحه (كتاب الطلاق،
باب الإيلاء -1479) من حديث طويل عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه
قال: "وأنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفوته".
2 الصحاح (صدن) 6/2151، والمصباح (صدل) 128.
3 ديوانه 139. وفيه: "الصيدلاني" وبرواية المصنف في التهذيب (دمك)
10/130.
4 ش: "وهو دامك".
5 التهذيب (دمك) 10/131.
6 الصحاح (دمك) 4/1585.
7 إصلاح المنطق 122. وفي أدب الكاتب 424: "ويقولون: طنفسة، والأجود
طنفسة بكسر الطاء"، وذكر في ص 565 أنهما لغتان. وهي بتثليث الطاء
والفاء في المثلث للبعلي 163، والدرر المبثثة 143، والقاموس (طنفس)
715.
(2/835)
فعللة وفعللة: لواحدة الطنافس المعروفة
التي تبسط. قال ذو الرمة1:
أناخوا فأغفوا عند أيدي قلائص ... خماص عليها أرحل وطنافس
(وهي القلنسوة) : وهي معروفة2، بالواو وقبلها مضموم، والقاف مفتوحة،
(والقلنسية) 3 بالياء، والسين قبلها مكسورة، والقاف مضمومة، والنون قبل
السين في اللغتين جميعا، وتقول [134/ب] في جمعها4 في اللغتين جميعا –
إن حذفت الواو -: القلانس، وإن حذفت النون: القلاسي، وإن حذفت الهاء:
القلنسي5. وقال الشاعر6:
إذا ما القلاسي والعمائم أخنست ... ففيهن عن صلع الرجال حسور
__________
1 ديوانه 2/1129.
2 من ملابس الرأس، مختلفة الأشكال والأنواع. اللسان 6/181، والمعجم
الوسيط 2/754 (قلس) .
3 إصلاح المنطق 165 وفيه: "إذا فتحت القاف ضممت السين، وإذا ضممت القاف
كسرت السين، ولا تقل: قلنسوة". وفي تصحيح التصحيف 427: "ويقولون:
قلسوة، والصواب: قلنسوة، وقلنسية، وقلنساة، وقلساة". وينظر: أدب الكاتب
565، والأمالي لأبي علي 1/ 36، ولحن العامة 51، وتقويم اللسان 149،
والصحاح 2/965، والمحكم 6/143، 144 (قلس) .
4 "وفي جمعها" ساقطة من ش.
5 أصلها قلنسو، وقعت الواو حرف إعراب، قلبت ياء، وكسر ما قبلها. ينظر:
الكتاب 3/436، 4/383، والمقتضب 1/188، والمنصف 2/120، والصحاح 3/965،
966، والمحكم 6/144 (قلس) .
6 هو العجير السلولي، والبيت في ديوانه 219.
(2/836)
وقال الراجز1:
لا نوم حتى تلحقي بعنس ... أهل الرياط البيض والقلنسي
(وهو بسر قريثاء وكريثاء وقراثاء وكراثاء) 2، بالمد والرفع فيها كلها
وتنوين بسر. هكذا هو في كثير من النسخ، ومعناها كلها على هذه الرواية
معنى واحد، وهي صفة لبسر، وهي ضرب من البسر معروف بالعراق، طيب الطعم،
لا يعادله في طيبه بسر، ويقلى ويجفف3. ورأيت في بعض النسخ: (بسر قريثاء
وكريثاء وقراثاء وكراثاء) بالمد فيها كلها أيضا، لكنها كلها مفتوحة
والتنوين محذوف من بسر، لأجل
__________
1 الرجز بلا نسبة في: الكتاب 3/317، والمقتضب 1/188، وابن درستويه
(217/ب) ، والمنصف 2/120، والخصائص 1/235، وتهذيب الألفاظ 2/667،
والاقتضاب 2/64، وشرح المفصل لابن يعيش 10/107، والعين 5/79، والتهذيب
8/408، والمحكم 6/144،واللسان 6/181 (قلس) . وعنس: قبيلة يمانية،
والرياط: جمع ريطة، وهو نوع من الثياب، يخاطب الراجز ناقته، يقول: لا
نوم حتى تلحقي بهؤلاء القوم.
2 القلب والإبدال 37، 38، والإبدال لأبي الطيب 2/35، ووفاق المفهوم
268، والتهذيب 9/78، 10/176، والمحكم 6/215 (قرث، كرث) . وفي الصحاح
(قرث) 1/290 عن أبي الجراح: "تمر قريثا غير ممدود". والعامة على هذا.
ابن درستويه (217/ب) .
3 وفي العين (قرث) 5/136: "القريثاء: ضرب من التمر أسود، سريع النفض
لقشره عن لحائه إذا أرطب، وهو أطيب التمر بسرا".
(2/837)
إضافته إلى قريثاء وأخواتها، وهكذا رواه
ابن درستويه1، وقال في تفسيره: إنه ضرب من النخل يشبه السهريز2 في
اللون والقدر3، أحمر يقلى4 بسره ويجفف.
(وهو ابن عمه دنيا) بكسر الدال والتنوين، (ودنيا بضم [135/أ] الدال غير
منون) 5: أي قريب النسب، إذا كان ابن عمه لحا6، وهو أقرب إليه من غيره.
__________
1 ابن درستويه (217/ب) ، والرسم فيه على الوصف لا على الإضافة. وفي
الزمخشري 418: "والعامة تضيف، فتقول: بسر قراثاء وكراثاء، وهو جائز".
والوصف والإضافة عن أبي الحسن الأخفش في المحكم (كرث) 6/494.
2 ش: "الشهريز" وهي لغة وينظر: ص 657 من هذا الكتاب.
3 ابن درستويه: "والقد".
4 ابن درستويه: "يغلي" بالغين، وبالقاف في نسخة تشرستربتي. وينظر:
التلويح 83.
5 إصلاح المنطق 312، وفي أدب الكاتب 425: "ويقولون: هو ابن عمي دنية،
ودنيا أجود، ويقال: دنيا أيضا، قال النابغة (ديوانه 42) :
بنو عمه دنيا وعمرو بن عامر أولئك قوم بأسهم غير كاذب"
وأصل الياء فيهما واو لأنهما من دنا يدنو، وقلبت الواو في "دنيا" ياء
لكسرة الدال. ولم يعتد بالساكن، وقلبت ياء أيضا في "دنيا" للفرق بين
الاسم والصفة كالعليا والقصيا. ينظر: أدب الكاتب 603، والمنصف 2/162،
والممتع 2/544، والمخصص 3/151، والصحاح (دنو) 6/2342.
6 في الصحاح (لحح) 1/400: "أي لاصق النسب، فإن لم يكن لحا، وكان رجلا
من العشيرة، قلت: هو ابن عم الكلالة، وابن عم كلالة".
(2/838)
(وهو شطب السيف) بضم الشين والطاء، (وشطبه)
1 بضم الشين وفتح الطاء: لطرائقه، وهي خطوطه التي في متنه من أعلاه إلى
أسفله، كأنها حروف، وتكون ثلاثة، وكلها في ظهر السيف، وليس في بطنه شيء
منها، ويقال لهذه الخطوط: الأعمدة أيضا، حكى ذلك النضر بن شميل2.
وواحدة3 الشطب المضمومة الطاء شطيبة، على مثال طريقة وطرق، ويقال في
جمعها أيضا: شطائب، مثل طرائق4، وكتيبة وكتائب, وواحدة الشطب المفتوحة
الطاء شطبة، مثل صبرة وصبر، ومنه يقال: سيف مشطب، وسيف ذو شطب5، إذا
كانت تلك الطرائق في متنه. وقال الجبان: شطب السيف وشطبه: طرائقه، قال:
وقيل: فرنده، وقيل: حده الذي يضرب به. والجمع أشطاب. قال أبو سهل:
والصحيح من هذه الوجوه أنها الطرائق لا غير. وقد استقصيت ذكر هذا في
"كتاب السيف" فتنظره هناك إن شاء الله.
(وتقول: امرؤ) بضم الراء، (وامرآن وقوم، وامرأة وامرأتان
__________
1 إصلاح المنطق 102، وأدب الكاتب 535، والصحاح (شطب) 1/155.
قال ابن درستويه (218/أ) : "وأما قوله: هو شطب السيف وشطبه، فليسا
بلغتين، ولكنهما جمعان، فالشطب بضم الطاء جمع الشطيبة ... وأما الشطب
بفتح الطاء فجمع الشطبة".
2 التهذيب (شطب) 11/317.
3 ش: "وواحد".
4 ش: "مثل طريقة وطرائق".
5 الجبان 304. وفرنده: الوشي الذي يكون في متنه. المخصص 6/18.
(2/839)
ونسوة) ، فجاء لفظ الجمع للمذكر والمؤنث من
غير لفظ موحدهما1، ولا يقولون في [135/ب] الجمع: امرؤون2، ولا امرآت.
(فإذا أدخلت الألف واللام قلت: المرء) للذكر3، (والمرأة) للأنثى،
والمرء بمعنى الرجل سواء لا فرق بينهما.
(وتقول: أتانا بجفان رذم) بضم الراء والذال، (ورذم) بفتحهما، (ولا تقل:
رذم) 4 بكسر الراء وفتح الذال (أي مملوءة تسيل) 5 دسما، لأجل املائها،
واحدتها رذوم، مثل عمود وعمد وعمد. وقد رذم الشيء بفتح الذال، إذا سال
وهو ممتلئ، يرذم بكسرها، رذما بسكونها، ورذاما بفتحها، فهو راذم.
(وولد المولود لتمام وتمام) 6 بكسر التاء وفتحها: إذا ولد وقد تمت
شهوره تسعة.
__________
1 ينظر: الزاهر 2/169، والعين 7/303، والصحاح 1/72، 5/2016، 6/2508،
واللسان 1/156 (مرأ، قوم، نسو) .
2 وفي النهاية 4/314 عن الحسن البصري: "أحسنوا ملأكم أيها المرؤون" قال
ابن الأثير: "وهو جمع المرء، وهو الرجل، يقال: مرء وامرء".
3 ش: "للمذكر".
4 والعامة تقوله. ابن درستويه (218/ب) .
5 الصحاح (رذم) 5/1931.
6 خلق الإنسان للأصمعي 159، 160، ولثابت 9، وإصلاح المنطق 104، وأدب
الكاتب 318، 545، وديوان الأدب 3/94، والأزمنة للمرزوقي 2/231، والصحاح
(تمم) 5/1877.
(2/840)
كأن خصييه من التدلدل
ظرف جراب فيه ثنتا حنظل
وكما قالت امرأة من العرب1 [136/أ] :
لست أبالي أن أكون محمقه
إذا رأيت خصية معلقه)
فالخصية2 بالهاء: البيضة، فإذا ثنيتها قلت: خصيان وخصيتان بالتذكير
والتأنيث، كما قالوا: ألية واحدة للتأنيث، فإذا ثنوا قالوا: أليان
وأليتان بالتذكير والتأنيث، والتذكير في تثنية خصية وألية نادر، وهو
أكثر في الاستعمال3، وربما ندر الحرف من كلام العرب وخرج عن
__________
1 إصلاح المنطق 168، والبيان والتبيين 1/185، والاشتقاق 475، والمنصف
2/132، وأضداد أبي الطيب 646، وإيضاح شواهد الإيضاح 2/601، والمخصص
16/129، وشرح المفصل لابن يعيش 4/143، والجمهرة 1/559، والصحاح 6/2328
(حمق، خصى) .
2 ش: "والخصية".
3 أدب الكاتب 410 عن أبي زيد، وفيه عن الأصمعي 411: "من قال خصية قال
خصيتان، ومن قال خصى قال خصيان". وينظر: الكتاب 4/387، والمقتضب 3/41،
والتكملة لأبي علي 348، والمنصف 2/131، وأمالي ابن الشجري 1/28.
(2/842)
القياس، فكان هو الأكثر المستعمل عندهم
ويتركون القياس. وقال الراجز1:
قد حلفت بالله لا أحبه
أن طال خصياه وقصر زبه
وقال أبو عمرو2: الخصيتان بالتأنيث: البيضتان، والخصيان: الجلدتان
اللتان فيهما البيضتان3،ولذلك شبههما الراجز بجراب فيه حنظلتان.
والتدلدل: الاضطراب والتردد والتقلقل في كل شيء طال وتدلى، وتقول لكل
شيء تراه يضطرب، وهو معلق: هو يتدلدل. والظرف: هو الوعاء لكل شيء.
__________
1 الرجز بلا نسبة في: أدب الكاتب 410، وخلق الإنسان لثابت 290، وللحسن
بن أحمد 122، وإصلاح ما غلط فيه النمري 165، والخزانة 7/404، 527،
واللسان 1/445، 14/230 (زبب، خصى) .
2 هو إسحاق بن مرار الشيباني بالولاء، لغوي، أديب، رحل إلى البادية
وشافه الأعراب، جمع أشعار نيف وثمانين قبيلة من العرب، ودونها وأخرجها
للناس، أخذ عنه جماعة من كبار العلماء، منهم أحمد بن حنبل وغيره، من
مصنفاته: كتاب الجيم، وكتاب أشعار القبائل، واللغات، والخيل، توفي سنة
206هـ.
تهذيب اللغة 1/13، ونزهة الألباء 77، وإنباه الرواة 1/256، ومعجم
الأدباء 2/625.
3 إصلاح المنطق 168، والتهذيب 7/478، والصحاح 6/2327 (خصى) وقوله:
"والخصيان..... البيضتان" ساقط من ش.
(2/843)
والجراب بكسر الجيم: معروف، وهو وعاء من
جلد شاة، وأراد وعاء من جلد.
وقوله: "فيه ثنتا حنظل" أراد فيه حنظلتان، ويروى: "ظرف عجوز"1. ووصف
هذا الراجز حارش ضب يريد أ، يأخذه من جحره، [136/ب] وإذا فعل ذلك حنى
ظهره وفرج ما بين رجليه ينتظر إخراج الضب ذنبه ليقبض عليه.
وأما قول المرأة:
لست أبالي أن أكون محمقه
فأبالي مثل أكترث في المعنى، وهو المستقبل باليت، وأكثر ما يستعمل في
الجحد، يقال: ما باليت به، أي ما اكترثت به، وما أبالي به، أي ما أكترث
به، ومعناهما واحد2، أي لا يثقلف عليه، فقالت: لا يثقل علي أن أكون
محمقة، والمحمقة: هي المرأة التي تلد الحمقى، والرجل محمق. وكانت هذه
المرأة تلد الإناث فاشتهت أن تلد الذكور، تقول: لست أبالي إذا ولدت
الذكور أن يكونوا حمقى3، لأن البنين أقدر على نفعها ومعونتها4 من
البنات.
__________
1 إصلاح المنطق 168.
2 الصحاح (بلى) 6/2285. والجحد مصطلح كوفي. ينظر: معاني القرآن للفراء
1/52، 53، وإصلاح المنطق 383، 385، ومجالس ثعلب 1/132، وأبو زكريا
الفراء 442.
3 ش: "تقول: لست أبالي أن أكون حمقى إذا ولدت الذكور".
4 ش: "ومضربتها".
(2/844)
(وتقول: عندي غلام يخبز الغليظ والرقيق) ،
وهما صفتان، أي الخبز الغليظ والخبز الرقيق، (فإذا قلت: الجردق، قلت:
والرقاق) بضم الراء، (لأنهما اسمان) 1، فالرقاق في الأصل صفة أيضا،
كرقيق، كقولهم: طويل وطوال، وكبير وكبار، وعجيب وعجاب، فهذا صفة، ولا
يكون اسما، فلما كثر استعمال الرقاق في كلامهم استغنوا به عن ذكر
موصوفه، وأجروه مجرى الأسماء لشبهه لها2، والواحدة منه رقاقة.
والجردق بدال غير معجمة: فارسي معرب، وأصله "كرده"3، وهو المدور الغليظ
من الخبز [137/أ] وواحدته جردقة، وتكسيره جرادق. وقال ابن درستويه: وهو
بالفارسية صفة لما جمع ولم يبسط، ولكنه لما عرب استعمل اسما4.
(وتقول: رجل حدث) بفتح الحاء والدال: أي شاب،
__________
1 إلى هنا عن ثعلب في الصحاح (رقق) 4/1483.
2 ش: "بها".
3 المعرب 95، والجمهرة 3/1325، والتهذيب 9/378، 384، والصحاح 4/1454
(جردق) . قال الجوهري: "الجيم والقاف لا يجتمعان في كلمة واحدة من كلام
العرب، إلا أن يكون معربا أو حكاية صوت"، وعلة ذلك عن ابن دريد هو
تقارب مخرجيهما، مما يكون سببا في ثقل النطق بالكلمة. الجمهرة 1/490.
4 ابن درستويه (220/أ) .
(2/845)
وجمعه أحداث، (فإذا قلت: السن، قلت: حديث
السن) 1، وهو بمنزلة القريب السن والمولد والمدة. ومنه قول الراجز2:
ما تنقم الحرب العوان مني ... بازل عامين حديث سني
(و) تقول: (هي نقاوة المتاع) بالواو، (ونقايته أيضا) 3 بالياء، والنون
منهما مضمومة لا غير، وهو جيده وخياره.
__________
1 إصلاح المنطق 329، والصحاح (حدث) 1/278، وقال ابن درستويه (220/أ) :
"العامة تقول: هو حدث السن، كما تقول: حديث السن، وهو خطأ، لأن الحدث
صفة الرجل نفسه". وفي الجمهرة (حدث) 1/416: "رجل حدث السن، وحديث
السن". وينظر: المحكم (حدث) 188.
2 الرجز لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه في ديوانه 59، وله في الكامل
للمبرد 2/986، ولأبي جهل بن هشام في: القوافي للأخفش 48، والسيرة
1/634، والأمثال لأبي عكرمة 44، وأمالي ابن الشجري 1/422، ومغني اللبيب
894، والبداية والنهاية 3/283، والخزانة 11/325، والجمهرة 2/616،
واللسان 11/52، 13/21، 299 (بزل، سنن، عون) ومن غير نسبة في المقتضب
1/218، ومجالس العلماء 47، والاشتقاق 127، ووفيات الأعيان 2/371، ومعجم
الأدباء 2/538.
3 إصلاح المنطق 139، وأدب الكاتب 568، وديوان الأدب 4/59، والتهذيب
9/318، والصحاح 6/2514، والمحكم 6/352 (نقو) . وقال ابن درستويه
(220/أ) : "والعامة تقول: نقاوة بالفتح، وقد أجازه ثعلب" قلت: اللغات
الثلاث في نوادر أبي مسحل 1/179، والمنتخب 2/546. وينظر: تثقيف اللسان
273، وتصحيح التصحيف 521.
(2/846)
(وتقول: أنا على أوفاز ووفاز) 1 بكس الواو،
(والواحد وفز) بسكون الفاء، ووفز بفتحها: (إذا لم تكن على طمأنينة) 2.
وغير ثعلب يقول: معناه: على عجلة وقلق3. (وقال الراجز4:
أسوق عيرا مائل الجهاز
صعبا ينزيني على أوفاز)
العير: الحمار. شكا هذا الراجز صعوبة حماره وقلة مشيه في الطريق
المستقيم، وإنه يعدل عن ذلك فيركب به ما علا من الأرض، فيضطرب رحله
ويميل لذلك. وقوله: "أسوق عيرا" معناه: أطرده من خلفه. وجهازه بفتح
الجيم: رحله. والصعب [137/ب] : الذي لا يطبع صاحبه. وينزيني: أي يثب بي
ويحملني على التعسف وترك الاطمئنان.
(وتقول: هو أس الحائط) بالضم، وأساسه أيضا بالفتح: تعني
__________
1 والعامة تقول: "على وفاز" بفتح الواو. ابن درستويه (220/ب) ، وتقويم
اللسان 70، وتصحيح التصحيف 544.وفي أدب الكاتب 369: "ولا يقال: وفاز"
بكسر الواو. وينظر: رد ابن السيد عليه في الاقتضاب 2/172.
2 الجمهرة (وفز) 2/822.
3 الجبان 307. و"على عجلة" في إصلاح المنطق 373، والصحاح (وفز) 3/901.
4 هو رؤبة بن العجاج في التلويح 86، وليس في ديوانه وبلا نسبة في:
الجمهرة 2/822، والتهذيب 13/264، والصحاح 3/901، واللسان 5/430، والتاج
4/90 (وفز) .
(2/847)
الواحد وهما أصله وأول ما يبنى منه. وجمع
أس (آساس) بالمد، على مثال مد وأمداد (وإساس) أيضا بالكسر، على مثال عس
وعساس. (و) جمع أساس (أسس) 1 بضم أوله وثانيه، مثل قذال وقذل، وآساس2
بالمد أيضا، مثل جواد وأجواد.
(وإذا دعا الرجل قلت: أمين) بقصر الألف، (كما قال الشاعر3:
تباعد مني فطحل وابن أمه
أمين فزاد الله ما بيننا بعدا)
فطحل بفتح الفاء والحاء: اسم رجل، ويقال: فطحل بضمهما5، ويروى: "فطحل
إذ دعوته"6 ومعناه: أن هذا
__________
1 إصلاح المنطق 330، وأدب الكاتب 370، والصحاح (أسس) 3/903.
2 ذكره الفراء في معاني القرآن 1/452، وهو جمع أسس بفتح أوله وثانيه في
العين 7/334، والصحاح 3/903 (أسس) .
3 هو جبير بن الأضبط – وكان سأل فطحلا الأسدي في حمالة فحرمه – في:
التلويح 86، وابن هشام 244، وتهذيب إصلاح المنطق 2/42، والمشوف المعلم
1/79 والتاج (أمن) 9/125، ومن غير نسبة في: إصلاح المنطق 179، ومعاني
القرآن وإعرابه 1/54، وإعراب ثلاثين سورة 35،والكشاف 1/18، وتفسير
القرطبي 1/90، وشرح المفصل لابن يعيش 4/34، والدر المصون 4/34،
والأشموني 3/197، والتهذيب 15/512، والصحاح 5/2072، واللسان 11/518،
528، 13/27 (فحطل، فطحل، أمن) .
4 قال ابن السيرافي في شرح أبيات إصلاح المنطق 355: "كان يجب أن تقع
"أمين" بعد قوله: "فزاد الله ما بيننا بعدا"، لأن التأمين يقع بعد
الدعاء".
5 قال ابن هشام 244: "رواية الكوفيين بضم الفاء، ورواية البصريين بفتح
الفاء" وفي اللسان (أمن) 13/27 عن ثعلب: "فطحل" بضم الفاء والحاء.
6 معاني القرآن وإعرابه 1/54، والدر المصون 1/77.
(2/848)
الشاعر أظهر سرورا بتباعد هذا الرجل منه
حين ناداه أو استخبره.
(وإن شئت طولت الألف فقلت: آمين، كما قال) ابن أبي ربيعة1:
(يا رب لا تسلبني حبها أبدا
ويرحم الله عبدا قال آمينا)
دعا ربه وسأله أن يبقي حب هذه المرأة في قلبه ولا يذهبه، ودعا من قال
آمين. ومعنى أمين وآمين: كذلك فليكن2 [138/أ] . وقيل: معناهما: اللهم
استجب لنا3.
(ولا تشدد الميم فإنه خطأ) 4، لأنه يخرج من معنى الدعاء ويصير بمعنى
قاصدين، كما قال تعالى: {وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَام} 5.
__________
1 أنشده في اللسان أيضا (أمن) 13/27، وليس في ديوانه، ونسبة المصنف في
التلويح إلى قيس العامري في ليلى، وهو في ديوانه 219.
2 معاني القرآن للأخفش 2/554، والصحاح (أمن) 5/2072.
3 معاني القرآن وإعرابه 1/54، والتهذيب (أمن) 15/512. و"أمين" بالقصر
لغة الحجاز، و"آمين" بالمد لغة بني عامر. ينظر: إصلاح المنطق 179،
والمصباح (أمن) 10.
4 والعامة تشددها، وتمد الهمزة. إصلاح المنطق 179، وأدب الكاتب 378،
وابن درستويه (221/أ) وإعراب ثلاثين سورة 35، والصحاح (أمن) 5/2072،
وحكى فيها النووي أربع لغات، وقال: أفصحهن "آمين" بالمد والتخفيف،
والثانية بالقصر والتخفيف، والثالثة بالمد والإمالة عن حمزة والكسائي،
والرابعة بالمد والتشديد، عن الحسن وجعفر الصادق والحسين بن الفضل.
حلية الأبرار 101، وتهذيب الأسماء واللغات 3/12، وتحرير ألفاظ التنبيه
65، وينظر: تفسير القرطبي 1/90، والدر المصون 1/78.
5 سورة المائدة 2.
(2/849)
(وتقول: تلك المرأة وتيك المرأة، ولا تقل1:
ذيك المرأة فإنه خطأ) 2. قال قوم من أهل اللغة والنحو: تلك وتيك اسمان
يشار بهما إلى ما بعد من المؤنث3. وقال الجبان: التاء من تلك اسم
البعيدة المشار إليها، واللام كالبدل من حروف المد واللين، أو هي دالة
على البعد والكاف حرف الخطاب، وإذا قلت: تيك، فالتاء والياء الاسم،
والكاف حرف الخطاب، والتاء في تلك بعض الاسم لا كله، وذيك المرأة خطأ،
والذال لا مدخل لها في المشار إليها إذا بعدت4.
قال أبو سهل: والذي عندي أن تلك باللام، وتيك بالياء، وذيك بالذال
والياء، كلها بمعنى واحد، وهي لغات للعرب، وليس ذيك بالذال، خطأ، كما
زعم ثعلب والجبان وغيرهما، بل هي لغة صحيحة جارية على قياس كلام العرب،
وإن كانوا قد تركوا استعمالها مع كاف الخطاب استغناء عنها بتلك وتيك،
وهم ربما تركوا استعمال الشيء وإن كان جاريا على أصل كلامهم، استغناء
عنه بغيره إذ كان في معناه، ألا تراهم قالوا [138/ب] : هو يذر ويدع،
ولم يقولوا: وذر ولا يدع،
__________
1 في الفصيح 316: "ولا يقال".
2 والعامة تقوله. إصلاح المنطق 342، وابن درستويه (221/أ) ، والزمخشري
426، وتقويم اللسان 86، والتهذيب 15/33، والصحاح 6/2550 (ذا) .
قلت: ولا تزال العامة في بعض مناطق السراة تقول: "ذيك" للغائبة، وقد
تدخل الهاء، فتقول: "هاذيك".
3 الكتاب 2/78، والمقتضب 4/278، والأصول 2/127، والمفصل 172، والفروق
255، والتهذيب 15/33، والصحاح 6/2550 (ذا) .
4 الجبان 309.
(2/850)
لأنهم استغنوا عنهما بترك، والكاف في آخر
تلك وتيك زائدة للخطاب، ولا موضع لها من الإعراب، لأنها حرف وليست
باسم1، والدليل على أن ذيك بالذل، لغة صحيحة وليست بخطأ أنهم إذا حذفوا
كاف الخطاب من آخرها بقيت ذي بذال مكسورة، وبعدها ياء، فتكون إشارة إلى
مؤنث2، فإذا أشاروا إلى مذكر3 قالوا: ذا عبد الله بذال مفتوحة، بعدها
ألف، ثم إنهم يزيدون قبل ذا وذي ها للتنبيه، فيقولون: هذا عبد الله،
وهذي أمة الله، وقرأ بعض القراء: {إِنَّ هَذِي أُمَّتُكُمْ أُمَّةً
وَاحِدَةً} 4، {وَلا تَقْرَبَا هَذِي الشَّجَرَةَ} 5 بالياء فيهما،
وقال الشاعر 6– على هذه اللغة -:
عهدت بها وحشا عليها براقع
وهذي وحوش أصبحت لم تبرقع
أراد هذه. وقال آخر7 – في ذي بالذال والياء بغير تنبيه -:
__________
1 ينظر المصادر السابقة في التعليق رقم 3، ص850.
2 ش: "المؤنث، المذكر".
3 ش: "المؤنث، المذكر"".
4 سورة الأنبياء 92.
5 سورة البقرة 35، والأعراف 19، وهي قراءة ابن محيصن، وابن كثير في بعض
رواياته. ينظر: شواذ القرآن 12، وتفسير القرطبي 1/209، وإتحاف فضلاء
البشر 1/388، والقراءات الشاذة 28.
6 هو ابن الدمينة في ديوان الحماسة لأبي تمام 2/6، والبيت في ملحق
ديوانه 200 وتخريجه هناك.
7 البيت بلا نسبة في: الكامل للمبرد 2/1021، ومراتب النحويين 125،
والتهذيب 15/33، واللسان 15/452 (ذا) وهو في ديوان عمر بن أبي ربيعة
برواية:
لمن نار قبيل الصبح ما تخبو
ولا شاهد فيه على هذه الرواية. ورسم المصنف "تخبو" بألف زائدة بعد
الواو.
(2/851)
أمن زينب ذي النار ... قبيل الصبح ما تخبو
أراد هذه النار. وفيها لغات أخر كثيرة تركت ذكرها هاهنا خوف الإطالة،
وقد ذكرتها في أول "شرح الكتاب".
وأما قول من قال: إن تلك وتيك اسمان للبعيدة المشار إليها1 [139/أ] ،
فليس قولهم شيئا يصح، لإن الله تعالى قد قال: {وَمَا تِلْكَ
بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى} 2 فأشار إلى العصا، وخاطب موسى عليه السلام،
ولا يكون شيء أقرب مما هو في اليد، وهذا بين واضح، والله ولي التوفيق.
(وهي الثندؤة بضم الثاء وبالهمز) ، ووزنها فُعْلُلَةٌ، (والثندوة بفتح
الثاء غير مهموز) 3، ووزنها فعلوة، وهما بمعنى واحد، وهو مغرز
__________
1 كما تقدم في ص 850.
2 سورة طه 17، واستشهد ابن مالك بهذه الآية في شرح التسهيل 1/248
لنيابة ذي البعد عن ذي القرب لعظمة المشير، وذهب الكوفيون إلى أن "تلك"
في الآية بمعنى "التي" والتقدير: ما التي بيمينك. ينظر: معاني القرآن
للفراء 2/177، وإعراب القرآن للنحاس 3/36، والإنصاف 2/717، وشرح
الكافية للرضي 3/23.
3 إصلاح المنطق 132 وفيه: "قال أبو عبيدة: كان رؤبة يهمز الثندوة
والسئة سية القوس، والعرب لا تهمز واحدة منهما". وينظر: الفرق لقطرب
52، وللأصمعي 68، ولأبي حاتم 31، ولثابت 26، وخلق الإنسان للأصمعي 217،
ولثابت 249، وللزجاج 55، وللحسن بن أحمد 82، والمخصص 2/22، والجمهرة
3/1240، والصحاح (ثدا) 6/2291.
(2/852)
الثدي وأصله. وقيل: الثندوة للرجل، والثدي
للمرأة1. وجمع المضموم الأول المهموز2 الثنادئ والثندؤات بالهمز فيهما
وضم الثاء من الثندؤات، وجمع المفتوح الأول الذي هو غير مهموز الثنادي
والثندوات بفتح أولهما جميعا، غير مهموز أيضا.
(وجئت على إثره) بكسر الهمزة وسكون الثاء، (و) على (أثره) 3 بفتحها: أي
جئت تاليا له.
(وهو أثر السيف وأثره) بفتح الألف وضمها والثاء ساكنة منهما، وفي بعض
النسخ: (وهو أثر السيف وأثره) 4 بسكون الثاء وضمها وضم الألف فيهما،
فهي كلها لغلت، وهن5 بمعنى واحد، لفرنده، وهو ماؤه الذي تراه فيه، كأنه
مدب النمل.
(وتقول: القوم أعداء وعدى بكسر) 6 العين والقصر، (فإن
__________
1 نظام الغريب 181، والتهذيب 14/90، والصحاح 1/38، والمجمل 1/157 (ثدأ)
، ولذلك يغلط بعض اللغويين من يقول: "ثدي الرجل". ينظر: درة الغواص
255، وذيل الفصيح 7، وتقويم اللسان 89، وتصحيح التصحيف 200، وص 938 من
هذا الكتاب.
2 "المهموز" ساقطة من ش.
3 والعامة تقول في كل هذا: "أثره" بفتحتين. ابن درستويه (222/ب) .
وينظر: إصلاح المنطق 23، 24، وأدب الكاتب 325، 528، والجمهرة 2/1034،
والتهذيب 15/120، 121، والصحاح 2/574، 775 (أثر) .
4 والعامة تقول في كل هذا: "أثره" بفتحتين. ابن درستويه (222/ب) .
وينظر: إصلاح المنطق 23، 24، وأدب الكاتب 325، 528، والجمهرة 2/1034،
والتهذيب 15/120، 121، والصحاح 2/574، 775 (أثر) .
5 ش: "وهي".
6 والعامة تقول: "عدى" بضم العين والقصر. ابن درستويه (223/أ)
والزمخشري 428. وهي لغة مثل سِوى وسُوى في إصلاح المنطق 133، وأدب
الكاتب 536، وفي الأخير عن الأصمعي: "إذا ضممت أول عدى ألحقت الهاء
فقلت عداة". وينظر: الزاهر 1/319، والتهذيب 3/116، والصحاح 6/2420
(عدو) .
(2/853)
أدخلت الهاء قلت: عداة) [139/ب] بضم العين.
فالأعداء: جمع عدو، وهو معروف المعنى، لضد الصديق، وهو الذي يكره لك
الخير ويبغضك ويسعى في مساءتك، ومثله في الوزن فلو وأفلاء1، وكذلك
العدى والعداة جمع عدو أيضا، حكى ذلك جماعة من اللغة2، كما قال أبو
العباس ثعلب – رحمه الله – وقال ابن درستويه: عدى بكسر العين، ليس بجمع
مكسر ولا صحيح، وهو اسم واحد وضع موضع الجمع3، كما وضع قوم لجماعة
الرجال، وإبل لجماعة الأباعر. قال: والعداة بالهاء: جمع عاد لا جمع
عدو، مثل غاز وغزاة وقاض وقضاة4. وقال الجبان في العداة نحو قول ابن
درستويه، وقال أيضا: الأعداء جمع عدى، كالأعناب جمع عنب، وأنكر
__________
1 الكتاب 3/608.
2 جاع في العين (عدو) 2/216: "والعدو: اسم جامع للواحد والجميع
والتثنيه والتأنيث والتذكير ... ويجمع العدو على الأعداء والعدى والعدى
والعداة والأعادي، وتجمع العدوة على عدايا". وينظر: الزاهر 1/319،
والجمهرة 2/1059، والمحيط 2/123 (عدو) .
3 قال سيبويه: "ولم يكسر على عدي واحد، ولكنه بمنزلة السفر والركب"
الكتاب 4/244، وينظر: المحكم (عدو) 2/229.
4 ابن درستويه (223/أ) ، وقوله هذا موافق لمذهب الكوفيين. ينظر:
التهذيب (عدو) 3/116.
(2/854)
أن يكون أعداء وعدى بمعنى واحد، كما قاله
ثعلب1. قال أبو سهل: والذي ذكره جلة أهل اللغة موافق لقول ثعلب2 – رحمه
الله- وإن كان بعض الجموع قد خرجت عن القياس، لكن الذي ورد به السماع
ما قالوه، وقد قال بعضهم: العادي والعدو واحد3، وقالت امرأة من العرب
لأخرى دعت عليها: "أشمت رب العالمين بك عاديك"4 فلما كان العادي بمعنى
العدو جعلوا جمعه كجمعه أيضا.
(وبأسنانه حفر وحفر) 5 [140/أ] بسكون الفاء وفتحها: إذا فسدت أصولها.
وقال ابن سكيت: هو سلاق في أصول الأسنان6. وقال أبو إسحاق الزجاج:
الحفر بسكون الفاء: صفرة تركب الأسنان وتأكل اللثة7. وقال غيره: ويقال
منه: حفر فوه بفتح الفاء، فهو
__________
1 الجبان 310.
2 مجاز القرآن 2/11، وإصلاح المنطق 99، وأدب الكاتب 536، والكامل
للمبرد 1/409، والجمهرة 2/668. وينظر المصادر السابقة في التعليق رقم
2،ص 854.
3 التهذيب 3/109، والصحاح 6/2420، والمحكم 2/229 (عدو) .
4 المصادر السابقة، والزاهر 1/318. وفي الجمهرة 2/669: "ويقال: أشمت
الله عادية، أي عدوه، وخاصمت بنت جلوى امرأة فقالت لها: ألا تقولين:
أقام الله ناعيك، وأشمت الله رب العرش عاديك".
5 العين 3/212، والجمهرة 1/518، والتهذيب 5/18، والمحيط 3/84، والمجمل
1/243، والمحكم 3/231 (حفر) . والتحريك لغة بني أسد، والمصباح 55 (حفر)
. والتحريك لغة في بني أسد، ولكن التسكين أفصح في: إصلاح المنطق 180،
والصحاح 2/635، والمصباح 55 (حفر) . والتحريك من لحن العامة في: أدب
الكاتب 381، والمدخل إلى تقويم اللسان 123. وينظر: الاقتضاب 2/188.
6 إصلاح المنطق 280.
7 خلق الإنسان 41.
(2/855)
يحفر بكسرها، حفرا بسكونها: إذا صار بها
ذلك1.
(ودرهم زائف وزيف) 2 للرديء. قال مزرد بن ضرار أخو الشماخ بن ضرار3
الشاعر:
وما زودوني غير سحق عمامة ... وخمس مئ منها قسي وزائف
وأنشد أبو زيد4:
ترى الناس أشباها إذا نزلوا معا ... وفي القوم زيف مثل زيف الدراهم
وروى غيره5:
ترى القوم أسواء إذا جلسوا معا
__________
1 خلق الإنسان لثابت 180، والصحاح (حفر) 2/635.
2 عبارة الفصيح 317، والتلويح 87: "وتقول: درهم زائف وزيف" والعامة لا
تعرف إلا "درهم زيف" ابن درستويه (223/ب) ، والجمهرة (زيف) 2/822. وهما
لغتان أيضا في الزاهر 2/81، والتهذيب 13/377، والمحيط 9/99، والصحاح
4/1371، والأساس 199، والمغرب 1/377، والمصباح 99 (زيف) .
3 ديوانه 53.
ومزود بن ضرار بن حرملة بن سنان المازني الذبياني، شاعر مخضرم أدرك
الإسلام في كبره وأسلم، وهو الأخ الأكبر للشماخ كان هجاء في الجاهلية،
وقيل: اسمه يزيد، ومزرد لقب غلب عليه، توفي نحو سنة 10هـ.
طبقات فحول الشعراء 1/132، والشعر والشعراء 1/232، وكنى الشعراء 2/290،
وألقاب الشعراء 2/308، والإصابة 3/385.
4 البيت برواية أبي زيد – بلا نسبة في: ابن هشام 250 واللسان 9/142،
والتاج 6/133 (زيف) وبالرواية الأخرى في البيان والتبيين 2/233، وعيون
الأخبار 2/3، والزاهر 2/81، واللسان 14/408، والتاج 10/187 (سوا) .
5 البيت برواية أبي زيد – بلا نسبة في: ابن هشام 250 واللسان 9/142،
والتاج 6/133 (زيف) وبالرواية الأخرى في البيان والتبيين 2/233، وعيون
الأخبار 2/3، والزاهر 2/81، واللسان 14/408، والتاج 10/187 (سوا) .
(2/856)
وقال: أسواء، أي مستوون، واحدهم سِوًى
وسُوًى.
وجمع زائف زائفات وزوائف وزيف بضم الزاي وتشديد الياء وفتحها، وجمع زيف
زيوف، مثل سيف وسيوف. قال امرؤ القيس1:
صليل زيوف ينتقدن بعبقرا
(وتقول: دانق ودانق، وخاتم وخاتم، وطابع وطابع، وطابق وطابق، كل هذا
صحيح جائز) 2 بكسر ثالثها وفتحه [140/ب] .
فأما الدانق والدانق: فهما بمعنى واحد3، وهو سدس الدرهم، وجمعها4
دوانق، والعامة تقول: دوانيق بالياء، فيكون جمع داناق5، وهي لغة للعرب
في الدانق، كما قالوا للخاتم: خاتام، وللدرهم: درهام6.
__________
1 ديوانه 64، وصدره:
كأن صليل المرو حين تطيره
قال شارحه: "وعبقر: موضع باليمن، وكانت دراهمه زيوفا".
2 قال ابن درستويه (223/ب) : "العامة تفتح هذا كله لخفة الفتح، والعرب
تكسره وتفتحه".
3 العين 5/118، والتهذيب 9/35، والمحيط 5/349، والصحاح 4/1477، والمحكم
6/194 (دنق) ، والجمهرة (دنق) 2/676: "الدانق: معروف معرب، بكسر النون
– وهو الأفصح الأعلى – وفتحها، وكان الأصمعي يأبى إلا الفتح". وينظر:
المعرب 145.
4 كذا، والسياق يقتضي وجمعهما.
5 دوانيق جمع دانق بالفتح، ودوانق جمع دانق بالكسر في: العين 5/118،
والتهذيب 9/35، والمحيط 5/349، ودوانيق شاذة في المحكم 6/194 (دنق) .
6 ينظر: الكتاب 3/425، 4/249، وأدب الكاتب 596، والمدخل إلى تقويم
اللسان 119، والصحاح (دنق) 4/1477.
(2/857)
وأما الخاتم والخاتم: فهما بمعنى واحد
أيضا1 للمعروف الذي يجعل في خنصر اليد. وجمعهما خواتم، والعامة تقولك
خواتيم بزيادة الياء، فتجعلها جمع خاتام، وهي لغة للعرب فصيحة2.
وأما الطابع والطابع: فهما لما يطبع به3، أي يختم به على الطين والطعام
وغيرهما. وقال أبو عبيدة في قوله تعالى: {وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ}
4: أي ختم على قلوبهم من الطابع والخاتم. وجمعهما طوابع.
وأما الطابق والطابق: فهما بمعنى واحد، للآجرة الكبيرة العريضة، وهو
أيضا اسم لما يخبز عليه من الحديد، وهو فارسي معرب5،
__________
1 ويقال أيضا: خاتام، وخيتام، وختام، وختم، فهذه ست لغات بمعنى واحد.
ينظر: أدب الكاتب 573، والكامل 2/763، والمدخل إلى تقويم اللسان 124،
والجمهرة 1/389، والتهذيب 7/315، والمحيط 4/31، والصحاح 5/1908،
والمقاييس 2/245، والمحكم 5/96 (ختم) .
2 ش: "صحيحية"، ينظر: المصادر السابقة، والكتاب 3/425، 4/249، والمقتضب
2/258.
3 الصحاح 3/1252، والمحكم 1/349 (طبع) .
4 سورة التوبة 87، وينظر: مجاز القرآن 1/266.
5 أدب الكاتب 501، والمنتخب 2/601، والمعرب 221، والجمهرة 3/1325،
والصحاح 4/1513، والمحكم 6/180، واللسان 10/214، والقاموس 1165 (طبق)
وذكر الأخير لغة ثالثة هي "طاباق" وذكر صاحب المنتخب أن أصله بالفارسية
"تابه". قال عبد الرحيم: "واللفظ الفارسي مشتق من "تاب" بالباء الفاسية
بمعنى الحرارة" المعرب 436، وينظر: الألفاظ الفارسية المعربة 111.
(2/858)
وجمعها طوابق1.
(وهي الخنفساء) بالمد، (والخنفسة) 2، تؤنث مرة بألفي التأنيث، ومرة
بالهاء، والفاء مفتوحة في اللغتين جميعا لا غير3، وهي دويبة معروفة من
الهوام سوداء شديدة السواد، أصغر من الجعل، منتنة الريح، إذا لمست فست،
وتسميها العرب الفاسية4، وتضرب بها المثل في النتن، فتقول: " إنه لأنتن
من الخنفساء"5 وتضرب بها المثل
__________
1 كذا، والسياق يقتضي: "وجمعهما طوابق". قلت: وطوابيق أيضا، وأصله في
الكامل 1/329 "طوابق" ولكن أشبعت كسرة الباء فصارت ياء، وجعله سيبويه
3/425 "تكسير فاعال، وإن لم يكن من كلامهم" وقال ابن الخشاب في اعتراضه
على مقامات الحريري 12: "وقول العامة طوابيق والطوابيقي خطأ فاحش".
وينظر: شرح الشافية للرضي 2/151.
2 والعامة تقول: "الخنفساة". ابن درستويه (224/ب) ، وتقويم اللسان 102،
و"الخنفسا" بالقصر. تثقيف اللسان 320، وتصحيح التصحيف 249، والخنفساءة
والخنفس لغتان أيضا، والأخيرة بضم الأول والثالث يمانية وبكسرهما بصرية
وبالتأنيث أسدية. ينظر: العين 4/331، والجمهرة 3/1233، والتهذيب 7/663،
والصحاح 3/923، والمحكم 5/54، والمصباح 67، والقاموس 699 (خنفس) .
3 بل تضم أيضا في كل لغاتها ينظر: المصادر السابقة.
4 ينظر: الحيوان 3/500، 496، 6/21، 468، وعجائب المخلوقات 293، وحياة
الحيوان 1/436.
5 الحيوان 3/500، 6/468، والمخصص 8/116، ومجمع الأمثال 1/433، وحياة
الحيوان 1/436، 437.
(2/859)
أيضا في اللجاج، فتقول: "إنه لألج [141/أ]
من الخنفساء"1، وذلك أنها إذا أزيلت من موضع وأبعدت عنه عادت إليه.
ومنه قول الشاعر – وقيل: إنه لخلف الأحمر في أبي عبيدة -2:
لنا صاحب مولع بالخلاف ... كثير الخطاء قليل الصواب
ألج لجاجا3 من الخنفساء ... وأزهى إذا ما مشى من الغراب
وجمع الخنفساء خنفساوات وخنافس، وجمع الخنفسة خنفسات وخنافس أيضا.
ورواية ابن درستويه هي (الخنفساء والخنفسة) 4 بضم الخاء والفاء منهما،
وغيره من أهل اللغة يفتح الفاء منهما5، كما روي لنا عن ثعلب – رحمه
الله.
__________
1 الأمثال لأبي عبيد 374، والحيوان 3/500، وجمهرة الأمثال 179، وثمار
القلوب 435، والمستقصى 1/308، والتهذيب 7/663، والمحيط 4/463 (خنفس) .
ويروى "ألح" بالحاء المهملة في: الدرة الفاخرة 2/369، ومجمع الأمثال
3/220، والعين 4/331، واللسان 6/75 (خنفس) .
2 الحيوان 3/500، 6/469، وابن درستويه (224/ب) ، وفصل المقال 492،
وبهجة المجالس 2/440، ولخلف الأحمر في هجاء أبي العيناء محمد بن عبيد
الله في معجم الأدباء 5/2148، وله هجاء في العتبي في حياة الحيوان
للدميري 1/437، وبلا نسبة في ثمار القلوب 435، والمستقصى 1/308،
والثاني من البيتين بلا نسبة أيضا في: عيون الأخبار 1/27، ومجمع
الأمثال 2/95.
3 ش: "ألح لحاحا" على رواية المثل.
4 ابن درستويه (224/ب) .
5 الفتح والضم لغتان كما تقدم.
(2/860)
(وهي الطس) بغير هاء، (والطسة) 1 بإثبات
الهاء: وهما بمعنى واحد للطست المعروفة، والطست بالتاء، لغة للعرب
أيضا2، والعامة لا تتكلم إلا بهذه اللغة، وهي فارسية معربة3. وقال
الراجز 4– على هذه اللغة -:
لما رأت شيب قذالي عيسا
وهامة كالطست علطميسا
قال شمر بن حمدويه: العلطميس: الضخم الشديد5.
__________
1 إصلاح المنطق 117، وأدب الكاتب 486، 501، 539، وتثقيف اللسان 212،
والمدخل إلى تقويم اللسان 87، والصحاح (طسس) 3/943.
2 هي لغة لبعض أهل اليمن في المذكر والمؤنث للفراء 84، ولابن الأنباري
1/389، والمخصص 17/16، وفي التهذيب (طسس) 12/274: "وقال الفراء: طيء
تقول: طست". وفي العين (طسس) 7/182: "الطست في الأصل طسة، ولكنهم حذفوا
تثقيل السين، فخففوا وسكنت فظهرت التاء التي في موضع هاء التأنيث لسكون
ما قبلها" وفي أدب الكاتب 486، والممتع 1/389 التاء بدل من السين في
طس. قال عبد الرحيم: "العكس هو الصواب فأصله طست، فأدغمت التاء في
السين، لأن أصله بالفارسية تشت" المعرب 438.
3 الغريب المصنف (216/أ) ، والمذكر والمؤنث لابن الأنباري 1/391،
والمعرب 221، والجمهرة 1/133، 397، 3/1325، والتهذيب 12/274 (طسس) .
4 بلا نسبة في: التهذيب 3/369، والصحاح 3/952، والتكملة للصغاني 3/392،
واللسان 6/146، والتاج 4/195 (علطبس، علطمس) .
5 قوله في التهذيب 3/369، والتكلمة 3/393. وينظر: العين 2/350 (علطس) .
وشمر هو: أبو عمرو بن شمر بن حمدويه الهروي، عالم لغوي نحوي، كان ثقة
فاضلا راوية للأخبار وأشعار العرب، من مصنفاته: كتاب الجيم في اللغة،
وغريب الحديث، والجبال والأدوية، وغيرها، وجميع مؤلفاته مفقودة، توفي
سنة 255هـ. نزهة الألباء 151، وإنباه الرواة 2/77، وإشارة التعيين 141.
(2/861)
وقال رؤبة1 – في اللغة الأخرى –:
حتى رأتني هامتي كالطس ... توقدها الشمس ائتلاق الترس
[141/ب] وقال آخر2:
حن إليها كحنين الطس
وجمع الطس طسوس. قال الراجز3:
قرع يد اللاعبة الطسوسا
وجمع الطس أيضا والطسة طسات وطساس، وجمع الطست طسات وطسوت على القياس.
__________
1 ديوانه 175.
2 الرجز لأعرابي فصيح في التهذيب (طسس) 12/275، وأنشد قبله:
لو عرضت لأيبلي قس
أشعث في هيكله مندس
وينظر: المحكم 6/68، واللسان 6/123، 174 (طسس، قسس) .
3 هو رؤبة، والراجز في ديوانه 71 برواية: "اللعابة الطسيسا" وبرواية
المصنف في: المذكر والمؤنث للفراء 84، والمعرب 222، والجمهرة 1/133،
398.
(2/862)
(وبفيه الأثلب) بفتح الألف واللام،
(والإثلب) 1 بكسرهما، (والفتح أكثر) : وهما بمعنى واحد، (وهو التراب) .
وقيل: الحصى والتراب2. ووزنهما أفعل وإفعل، كأفكل وإجرد3، وقياس جمعهما
أثالب.
(وأسود حالك وحانك) 4: للشديد السواد، وهما يدلان على المبالغة
والتأكيد في السواد، وقد أكدت العرب الألوان الخمسة الأصول التي هي
البياض والسواد والحمرة والصفرة والخضرة بأسماء دلت بها على قوة كل لون
منها وشدته، فمن ذلك قولهم للأبيض: هو أبيض يقق ولهق، وللأسود: هو أسود
حالك وحانك، وللأحمر: هو أحمر قانئ وورد، وللأصفر: هو أصفر فاقع ووارس،
وللأخضر: هو أخضر
__________
1 إصلاح المنطق 122، ونوادر أبي مسحل 1/74، وأدب الكاتب 560، والمنتخب
2/432، 522، وديوان الأدب 1/266، 274، والمجرد 1/62 والصحاح 1/94 (ثلب)
.
2 إصلاح المنطق 122.
3 الأفكل: الرعدة من برد أو خوف، والإجرد: نبت. اللسان 3/119، 11/530
(جرد، فكل) .
4 الغريب المصنف (213/ب) ، والقلب والإبدال 8، وتهذيب الألفاظ 1/234،
وأدب الكاتب 61، والمنتخب 1/262، 304، والأمالي لأبي علي 1/35،
والإبدال 2/396، والمخصص 2/106، 13/282، والجمهرة 1/563، والتهذيب
4/101، 104، والمحيط 2/38، والصحاح 4/1581، والمحكم 3/29 (حلك، حنك) .
(2/863)
ناضر وزاهر1. وقد علمت في هذا المعنى كتابا
وسمته بـ"المنمق" استقصيت فيه ذكر هذه الألوان [142/أ] الخمسة وتوابعها
وما تفرع منها، وبالله التوفيق.
(وهو أشد سوادا من حالك الغراب وحنك الغراب، واللام أكثر) 2.
فحلك الغراب باللام: سواده3 وحنكه بالنون: منقاره، وهو أيضا أسود4.
وقيل: إن حلك الغراب وحنكه بمعنى واحد لسواده، والنون فيه بدل من
اللام5، كما قالوا للثياب الذي6 يجلل بها الهودج: السدول والسدون7، إلا
أن اللام أكثر لدورها في متصرفات هذه الكلمة، لأنهم قالوا: حلكوك
وحلكوك محلولك، وقد احلولك، ولم يقولوا شيئا من ذلك بالنون8. وقال ابن
درستويه: الحلك:
__________
1 ينظر: باب الألوان في: تهذيب الألفاظ 1/230-234، والمنتخب 1/304-313،
والمخصص 2/103-111.
2 ينظر التعليق رقم 4، ص 863.
3 ش: "هو سواده".
4 ينظر: أدب الكاتب 61، والصحاح (حلك) 4/1581.
5 القلب والإبدال 8، والإبدال 2/396، والمخصص 13/282، والجمهرة (حلك)
1/563.
6 في ش: "التي"، وهو أولى مما في الأصل.
7 القلب والإبدال 4، والإبدال 2/383.
8 وقد قالوا: "محلنكك". الأمالي لأبي علي 1/35، والتهذيب 4/101،
والمحكم 3/29 (حلك) . وينظر: خلق الإنسان للأصمعي 175.
(2/864)
شدة السواد، وسواد الغراب شديد، فلذلك خص
التشبيه به، وأما النون فهي لغة العامة، واللام هو الصحيح، وعليه كلام
فصحاء العرب1، ولا يقال في المصدر والفعل منه بالنون2.
(وهو الجدري والجدري) 3 بضم الجيم وفتحها: وهو بثر معروف يظهر بجسد
الإنسان، وأكثر ما يظهر بالصغار، يقال منه: جدر الغلام وجدرت الجارية
بضم الجيم وتخفيف الدال، على ما لم يسم فاعله، فهو يجدر جدار، وهو
مجدور. والعامة تشدد الدال فتقول: جدر، فهو [142/ب] مجدر4.
__________
1 في القلب والإبدال 8: "قال الفراء: قلت لأعرابي: أتقول مثل حنك
الغراب، فقال: لا، ولكني أقول مثل حلكه". والحكاية عن الفراء أيضا في
المخصص 12/282، والمحكم 3/29، وعن اللحياني في المزهر 1/475، ولكن
الرواية في هذه المصادر على إنكار الأعرابي "حلكه" باللام، وكأنه
تحريف. وينظر: الجمهرة (حلك) 1/563.
2 ابن درستويه (225/ب) .
3 والعامة تقول: "الجدري" بكسر الجيم. ما تلحن فيه العامة 137، وإصلاح
المنطق 131، 173، وأدب الكاتب 564، والمدخل إلى تقويم اللسان 123،
وتقويم اللسان 91، وتصحيح التصحيف 210، والجمهرة 1/445، والصحاح 2/609
(جدر) .
4 ابن درستويه (226/أ) ، ودرة الغواص 128، والمدخل إلى تقويم اللسان
123، والتكملة للجواليقي 54، وتقويم اللسان 172، وتصحيح التصحيف 466،
وعلة الخطأ في هذه المصادر أن الجدري لا يصيب الإنسان إلا مرة في عمره،
والتشديد يفيد التكثير. قلت: وهي لغة في: العين 6/74، والمحيط 7/37،
والصحاح 2/609 (جدر) .
(2/865)
(وتقول1: تعلمت العلم قبل أن يقطع سرك) بضم
السين مع التضعيف، (وسررك) بكسر السين وإظهار التضعيف: أي قبل أن تولد،
لأن السر لا تقطعه القابلة من المولود إلا عند ولادته. (والسرة) بالضم
والهاء: هي (التي تبقى) 2 في جوف المولود، وهي الموضع الذي قطع منه
السر. وجمعها سرات وسرر بفتح الراء، وجمع السر أسرار، كقفل وأقفال،
وجمع سرر أسرار أيضا، كعنب وأعناب3.
(وما يسرني بهذا الأمر منفس) بكسر الفاء، (ونفيس، ومفرح) بكسر الراء،
(ومفروح به) 4، يقول ذلك الرجل عند رضاه بالشيء واغتباطه به، أي أن أحب
إلي من كل نفيس ومفرح. النفيس: هو الجليل الخطير5 الكريم الذي يتنافس
فيه الناس، أي يبخل بعضهم على بعض به، يقال منه: نفست عليه بالشيء
بالكسر، نفاسة، إذا بخلت، وقد نفس الشيء بالضم، نفاسة أيضا، إذا كرم
وصار مرغوبا فيه. وأنفسني فلان في الشيء إنفاسا، أي رغبني فيه، فهو
منفس بالكسر، يقال: هذا مال منفس ونفيس، أي كثير مرغوب فيه. قال
__________
1 في الفصيح 317: "ويقال".
2 خلق الإنسان للأصمعي 220، ولثابت 11. والعامة تقول: "تعلمت العم قبل
أن تقطع سرتك". إصلاح المنطق 256، 296، وأدب الكاتب 536ن وتقويم اللسان
117، وتصحيح التصحيف 311، والصحاح (سرر) 2/681، 682.
3 وإسرة، وهو جمع نادر. إصلاح المنطق 99، واللسان (سرر) 4/360.
4 الصحاح 1/390، 3/985 (فرح، نفس) .
5 ش: "الخطر".
(2/866)
المتلمس1 [143/أ] :
لا تجزعي إن منفسا أهلكته ... وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي
وقال الجبان في قوله2: "وما يسرني بهذا الأمر منفس ونفيس" أي ما يقوم
كل شيء نفيس مقام هذا وعوضا منه3، وهذه الباء هي التي تأتي في
المعاوضات، نحو بعت هذا بهذا، إذا أعطيت هذا وأخذت ذلك مكانه وبدله4.
والنفيس معدول عن المنفس5، كالأليم بمعنى المولم، ومعنى الشيء النفيس:
الذي يرغب في نفسه. وأمر نفيس، وأمور نفيسات ونفائس، وأمر منفس، وأمور
منفسات ومنافس أيضا، كمطفل ومطافل6.
__________
1 ليس للمتلمس، بل للنمر بن تولب، وهو في ديوانه 357. والبيت من شواهد
النحاة في باب الاشتغال على نصب "منفسا" بفعل محذوف يفسره المذكور
بعده، أو رفعه بفعل محذوف أيضا تقديره هلك. ينظر: الكتاب 1/134،
والمقتضب 2/76، 78.
والمتلمس هو: جرير بن عبد المسيح بن عبد الله بن زيد، من ربيعة، من بني
ضبيعة، شاعر جاهلي مقل، عده ابن سلام في الطبقة السابعة من فحول شعراء
الجاهلية، توفي قبل الهجرة بنحو 50 سنة.
طبقات فحول الشعراء 1/155، وألقاب الشعراء 2/315، والشعر والشعراء
1/112.
2 ش: "في قول ثعلب".
3 الجبان: "عنه".
4 ينظر: وصف المباني 223.
5 ينظر: البصائر والذخائر 1/122.
6 انتهى كلام الجبان 314 بتصرف يسير.
(2/867)
قال أبو سهل: والمفرح بالكسر: هو الشيء
الذي يفرحك، أي يسرك، يقال: أفرحني الشيء إفراحا ففرحت به، إذا1 سرني.
والمفروح به: ما تفرح به، أي تسر، ولا يقال: مفروح بغير به، ولا يقال
أيضا: به مفروح، بتقديم به2. وقال الجبان: والمفرح والمفروح به كالشيء
الواحد، لأن كل ما أفرحك فهو مفرح ومفروح به، وكل مفروح به فهو مفرح
لك، إذا كنت فرحابه، وإذا كنت فرحا به فهو [143/ب] مفروح به، كما أن ما
وثقت به فهو موثوق به، وكل ما مررت إليه فهو ممرور إليه. قال: وجمع
المفرح مفرحات ومفارح، فأما مفروح به فجمعه مفروح بهم، إذا أردت الناس
ومن جرى مجراهم، ومفورح بها وبهن، إذا أردت غير ذلك، ولفظة مفورح
موحدة، لأنها ترجع إلى المصدر، وكذلك هو مغضوب عليه، وهما مغضوب
عليهما، وهم مغضوب عليهم3.
(وماء شروب وشريب: للذي بين الملح والعذب) 4، وهو الذي
__________
1 ش: "أي".
2 أدب الكاتب 418، والصحاح (فرح) 1/390.
3 الجبان 314.
4 قال ابن درستويه (227/أ) : "والعامة تقول: ماء مشروب للعذب الطيب
الذي يلتذه شاربه". ينظر: إصلاح المنطق 142، ونوادر أبي مسحل 1/42،
وأدب الكاتب 201، والمنتخب 2/445، والعين 6/257، والتهذيب 11/353،
والصحاح 1/153 (شرب) .
(2/868)
يمكن شربه على ما فيه من الملوحة1. وجمعهما
شرائب في التكسير2.
(وفلان يأكل خلله) بكسر الخاء وفتح اللام، على مثال عنب، (وخلالته) 3
بضم الخاء، على فعالة، (يعني: ما يخرج من بين أسنانه إذا تخلل) ، ويوصف
بذلك الرجل الشره القذر الشحيح. وجمع الخلل أخلال، كعنب وأعناب، وجمع
الخلالة خلالات.
(وأمليت الكتاب أمليه إملاء) بالمد، (وأمللت أمل إملالا لغتان جيدتان
جاء بهما القرآن) 4، وهما بمعنى واحد، وذلك إذا ذكرت لكاتب الكتاب ما
يكتبه فيه ولفظت به وألقيته عليه، أو تلوت عليه ما في الكتاب [144/أ]
أي قرأته عليه. وقال الله تعالى: {اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى
__________
1 وفي الغريب المصنف (99/أ) عن أبي زيد: "الماء الشريب: الذي فيه شيء
من عذوبة، وقد يشربه الناس على ما فيه، والشروب دونه في العذوبة، وليس
يشربه الناس إلا عند ضرورة، وقد تشربه البهائم".
2 قياسا على عجوز وعجائز، وكريه وكرائه، وهو قياس مع الفارق، لأن الأول
ليس وصفا للمؤنث، والثاني خال من التاء.
3 نوادر أبي مسحل 1/50، والتهذيب 6/571، والصحاح 4/1688 (خلل) .
4 في التهذيب (ملل) 15/352: "وقال الفراء: أمللت عليه لغة أهل الحجاز
وبني أسد، وأمليت لغة تميم وقيس"، والياء مبدلة من اللام في القلب
والإبدال 60، وأدب الكاتب 488ن والممتع 1/373. وينظر: تفسير القرطبي
3/248، وشرح الشافية 3/210، والدر المصون 2/653، والصحاح 6/2497،
والمصباح 222 (ملل) .
(2/869)
عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} 1 فهذا من
أمليت، وقال عز وجل: {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ
[وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً] فَإِنْ
كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا
يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْل} 2
فهذا من أمللت.
__________
1 سورة الفرقان 5.
2 سورة البقرة 282، وما بين المعكوفين أخلت به نسخة الأصل، ش.
(2/870)
|