إسفار الفصيح باب حروف المنفردة
...
باب حروف منفردة 1
(تقول: أخذت لذلك الأمر أهبته) 2 بضم الألف: أي عدته. وجمعها أهب، مثل
ظلمة وظلم. وتأهبت للأمر: أي استعددت له.
(وأبعد الله الأخر قصيرة الألف) 3 مكسورة الخاء، ومعناه: الغائب البعيد
المتأخر، ويقال: هذا عند شتم الإنسان من يخاطبه، لكنه نزهه بذلك، نحو
أن يكون بين رجلين كلام فيقول أحدهما لصاحبه: إن كنت كاذبا فأبعد الله
الأخر، وهو يريد أبعدك الله، لكنه نزهه وكره مواجهته بالكاف، فكنى عنها
بالأخر4، أي أبعد الله الغائب
__________
1 قال ابن درستويه (227/ب) : "هذا الباب مما تقدم لكل كلمة منها نظائر،
وقد كان يجب أن يضم بعضها إلى بعض في أبوابها، ولا يفرد لها بابا
ويسميها حروفا منفردة".
2 والعامة تقول: "هبته" بإسقاط الهمزة وضم الهاء. إصلاح المنطق 282،
وأدب الكاتب 369ن وابن درستويه (227/ب) ، والزمخشري 434. وهي لغة في:
المحيط 4/80، والقاموس 77 (أهب) ووصفها ابن درستويه بأنها لغة رديئة.
3 في التلويح 90: "أبعد الله ذلك الأخر ... " والعامة تقول: "الآخر"
بالمد، وهو خطأ في الزمخشري 434، والمصباح 3. وقد ورد بالمد (ضبط
القلم) في العين 4/303، ويظهر أنه اجتهاد خاطئ من المحقق، لأنه ورد
بالنص على القصر لا غير عن العين في: التهذيب 7/556، والمقاييس 1/70،
(أخر) . وحكى ابن سيده في المحكم 5/145 أن المد لغة.
4 وقد يقال هذا أيضا كناية عن النفس، كقول ماعز رضي الله عنه: "إن
الأخر قد زنى". نيظر: المجموع المغيث 1/40، والنهاية 1/29.
(2/871)
الأبعد. ولا يثنى هذا ولا يجمع، لأنه
كالمثل، ولم يسمع إلا في هذا الموضع.
(والشيء منتن) 1 بضم الميم: للخبيث الريح، وجمعه منتنات مناتن ومناتين.
وهو مفعل من أنتن ينتن إنتانا فهو منتن، والاسم النتن.
(وهي البكرة بسكون الكاف [144/ب] : للتي يستقى عليها) 2.
__________
1 والعامة تقول: "منتن" بفتح التاء. لحن العامة 141، وتثقيف اللسان
217، وتصحيح التصحيف 497. وقال ابن درستويه (228/أ) : "قولهم: منتن
بكسر الميم، وهي لغة العامة، وهي أكثر في الكلام لخفتها". قلت: قال
سيبويه: منتن من أنتن، وإنما كسروا من إتباع الكسرة للكسرة. الكتاب
4/273. وفي إصلاح المنطق 218 (عن أبي عمرو) ، ونوادر أبي مسحل 1/83،
وليس في كلام العرب 93 (عن أبي عبيدة) ، وأدب الكاتب 556 أن منتن بضم
الميم وكسر التاء مأخوذ من أنتن، ومنتن بكسر الميم مأخوذ من نتن، وغلط
هذا القول الزبيدي في لحن العامة 141، وقال ابن سيده في المخصص 11/206:
"هذا غلط من أبي عمرو، والأصل في هذه الكلمة أنتن الشيء فهو منتن، وهي
بلغة أهل الحجاز، وغيرهم يقول: نتن الشيء ينتن نتنا، ولا يقولون نتين
... إلا أن طائفة من العرب جلهم من تميم يقولون: شيء منتن، فيتبعون
الكسر الكسر". وينظر: النبات 184، والتنبيهات 186، والاستدراك على
سيبويه 135، والصحاح (نتن) 6/2210.
2 هذه المادة ليست في شروح الفصيح، وهي في التلويح 90، وأكملها محقق
الفصيح 317 من المطبوعة.
والعامة تقول: "البكرة" بالتحريك، وقد تقحم الألف فتقول: "بكارة". لحن
العامة 155، والمدخل إلى تقويم اللسان 198، وتقويم اللسان 80، وذيل
الفصيح 164، وتصحيح التصحيف 164.
(2/872)
وجمعها بكرات بالفتح، مثل جفنة وجفنات.
(وهي الحلقة من الناس، ومن الحديد بسكون اللام) 1: وهي معروفة مستديرة
منهما2 جميعا. وجمعها حلق بفتح الحاء واللام، مثل فلكة وفلك، وحلق أيضا
بكسر الحاء، مثل بضعة وبضع3، وحلقات بفتحها في أدنى العدد، مثل بكرة
وبكرات.
(ودرهم بهرج) 4: أي رديء، وهو فارسي معرب5. وجمعه بهارج.
__________
1 والعامة تفتح اللام، وهو جائز في العين (حلق) 3/48، والكتاب 4/584،
عن يونس عن أبي عمرو بن العلاء، وجائز – على ضعف – عن ثعلب في التهذيب
4/61، والصحاح 4/1462 (حلق) . ونقل ابن الجوزي في تقويم اللسان 94 عن
الفراء من نوادره جواز الفتح والتسكين مطلقا. وينظر: الجيم 1/165،
وإصلاح المنطق 183، وأدب الكاتب 382.
2 ش: "فيهما".
3 ش: "قصعة وقصع". والبضعة: القطعة من اللحم. الصحاح (بضع) 3/1186.
4 والعامة تقول: "نبهرج". ابن درستويه (228/ب) ، وابن خالويه (69/أ) ،
والمرزوقي (176/أ) ، والتاج (بهرج) 2/11.قلت: هي لغة تكلمت بها العرب،
وأصلها بالفارسية "نبهره"، فمن نطق بالنون عربها على الأصل، وقلب الهاء
جيما. ينظر: أدب الكاتب 498، والمعرب 48، 49، والجمهرة 3/1323،
والتهذيب 6/514، والمحكم 4/339 (بهرج) .
5 ينظر: المصادر السابقة.
(2/873)
(وستوق) 1 بفتح أوله: أي رديء أيضا، زيف.
وجمعه ستاتيق.
(ونظرت يمنة وشأمة) 2: أي جانب اليمين وجانب الشمال، وهما فعلة من
اليمين والمشأمة، ولم يسمع لهما بجمع، وقياس ذلك يمنات وشأمات بفتح
الميم والهمزة، مثل جفنة وجفنات، (ولا تقل: شملة) 3، وإن كان القياس
يوجب أن يقال ذلك، فتكون فعلة من الشمال، لكنها لو قيلت لألبست بالشملة
التي هي كساء يشتمل به، أي يتغطى به، فعدلوا عن الكلام بذلك لأجل
الإلباس4.
(وتقول: الثوب سبع في ثمانية، لأن الذراع أنثى والشبر مذكر) 5، فأراد
أن الثوب طوله سبع أذرع وعرضه ثمانية أشبار، فلم يأت بالهاء في سبع،
لأن العدد لمؤنث، وأتى بها في ثمانية، لأن العدد لمذكر، [والعدد إذا
كان لمؤنث فإن الهاء تسقط منه من ثلاثة إلى عشرة، وإذا كان
__________
1 فارسي معرب أيضا. المعرب 203، وشفاء الغليل 286، وقصد السبيل 2/118،
والألفاظ الفارسية المعربة 84، والتهذيب (ستق) 8/397.
2 إصلاح المنطق 294، والصحاح (شأم) 5/1957.
3 والعامة تقوله. الزمخشري 436.
4 ش: "الالتباس".
5 الكتاب 3/606، وإصلاح المنطق 297، وأدب الكاتب 288، والتهذيب 2/314،
والصحاح 3/1210، والمحكم 2/57 (ذرع) . وحكى الفراء في المذكر والمؤنث
68 تذكير الذراع عن بعض بني عكل، وفي المذكر والمؤنث لابن الأنباري
1/371 أن الأصمعي لم يعرف التذكير فيها، وأما أبو زيد فقال: الذراع
تذكر وتؤنث.
(2/874)
لمذكر] 1 أثبتت فيه من ثلاثة إلى عشرة.
ومنه قوله تعالى: {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ
أَيَّامٍ حُسُوما} 2 فحذف الهاء من سبع، لأنها لليالي [145/أ] لأن
واحدتها ليلة، وأثبتها في ثمانية، لأنها للأيام، لأن واحدها بوم.
(ودرع الحديد: مؤنثة) 3 لأنه يراد حلقة، ولذلك قالوا: درع سابغة4،
فأنثوا صفتها، (وأما درع المرأة فمذكر) 5 لأنه يراد به قميصها أو
ثوبها. وجمعهما في القلة أدرع وأدراع، وفي الكثرة دروع.
(وتقول لهذا الطائر: قارية) بتخفيف الياء، (والجمع
__________
1 استدركه المصنف في الحاشية.
2 سورة الحاقة 7. والهاء علامة تأنيث عند سيبويه والمبرد، كالهاء في
علامة ونسابة. الكتاب 3/557، والمقتضب 2/157.
3 المذكر والمؤنث للفراء 83، وللمفضل 58، وللمبرد 96، ولأبي موسى
الحامض 72، ولاجني 67، ولابن التستري 75. وفي المذكر والمؤنث لابن
الأنباري 1/431 عن أبي حاتم: "وقد ذكر قوم فصحاء من بني تميم الدرع".
وهي تذكر وتؤنث والغالب التأنيث في التكملة لأبي علي 393، والمخصص
17/20، والعين 2/34، والجمهرة 2/631، والمحيط 1/417، والصحاح 2/631،
والمحكم 2/7 (درع) .
4 أي واسعة، ومنه قوله تعالى: {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي
السَّرْدِ} سورة سبأ 11. وينظر: تفسير غريب القرآن لابن قتيبة 353.
5 عبارة الفصيح 318، والتلويح 90: "ودرع المرأة مذكر" وتذكيره
بالإجماع. ينظر: المصادر السابقة.
(2/875)
قوار، ولا تقل: قارور) 1. وقال أبو عبيد:
هو القصير الرجل، الطويل المنقار، الأخضر الظهر، تحبه الأعراب وتتيمن
به، ويشبهون الرجل السخي [به] 2. قال الشاعر3:
أمن ترجيع قارية تركتم ... سباياكم وأبتم بالعناق
أي الخيبة.
__________
1 والعامة تقوله، وتقول أيضا: "قاريه" بالتشيديد. إصلاح المنطق 181
(وفيه: "قاورن" بدل قارور، وهو تحريف) وابن درستويه (229/ب) ،
والزمخشري 437، والصحاح (قرى) 6/2461، وفي الجبان 319: "والعامة تقول:
قارورة، وليس ذلك بصحيح". وفي أدب الكاتب 190: "وسمعت العامة تقول:
القوارير، ولا أدري. أتريد هذا الطائر أم لا". وحكى الأزهري عن أبي
عمرو الكسائي أن القوارير هو هذا الطائر. التهذيب (قرى) 9/279.
2 الغريب المصنف (71/أ) والقول فيه عن الكسائي، وعن أبي عبيد في المخصص
8/163، والتهذيب 9/279، والصحاح 6/2461 (قرى) . و"به" مثبتة من ش،
ومصدر القول. قال ابن السيد في الاقتضاب 2/102: "العرب تتيمن بالقواري،
وتتشاءم بها، فأما تيمنهم بها، فلأنها تبشر بالمطر، إذا جاءت وفي
السماء مخيلة غيث.... وأما تشاؤهم بها فإنه يكون إذا لقي أحدهم واحدة
منها في سفره من غير غيم ولا مطر". وهذا النص من الحواشي المقحمة في
التلويح 90، 91.
3 البيت بلا نسبة في: إصلاح المنطق 181، وشرح أبياته 357، وتهذيب
الألفاظ 436، والمخصص 12/145، والاقتضاب 2/103، وابن هشام 261، والمشوف
المعلم 2/635، وحياة الحيوان 2/194، والتهذيب 1/255، والصحاح 6/2461،
واللسان 10/276، 15/180 (عنق، قرى) .
(2/876)
والطائر: واحد، ومنه قوله تعالى: {وَلا
طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْه} 1 وجمعه طير، كراكب وركب، وأطيار وطيور
وطوائر. فالطائر يقال للذكر، والأنثى بغير هاء، تقول: هذا طائر حسن،
وهذه طائر حسنة، وبعض العرب يقول: هذه طائرة حسنة، فيزيد الهاء في
المؤنث، قال يونس: وهي قليلة في كلام العرب2.
(وتقول: عندي زوجان من الحمام، تعني ذكرا وأنثى، وكذلك كل اثنين لا
يستغني أحدهما عن صاحبه) ، فكل واحد منهما زوج الآخر، نحو الخفين
[145/ب] والنعلين. والعامة تغلط في هذا فتسمي الاثنين زوجا، والواحد
فردا3، وإنما الزوج للواحد، والزوجان للاثنين، فالرجل4 زوج المرأة،
والمرأة زوج الرجل، وكل اثنين مقترنين زوجان، كل واحد منهما زوج. وقال
الله تعالى: {قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْن}
5 وقال: {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} 6. وجمع
__________
1 سورة الأنعام 38.
2 المذكر والمؤنث لابن الأنباري 1/148. وينظر: المخصص 16/114، وحياة
الحيوان 1/655، والعين (طير) 7/447.
3 أدب الكاتب 421، والزاهر 2/209، وابن درستويه (230/أ) ، والجبان 320،
ودرة الغواص 252، وتقويم اللسان 116، وتصحيح التصحيف 297.
4 ش: "والرجل".
5 سورة هود 40.
6 سورة الأحزاب 37. واستشهد الفراء بهذه الآية، وقال: "هذا قول أهل
الحجاز.... وأهل نجد يقولون زوجة، والأول أفصح عند العلماء" المذكر
والمؤنث 85. وينظر: المذكر والمؤنث لابن الأنباري 1/460.
(2/877)
الزوج أزواج وزوجة.
(وتقول: هم المسودة والمبيضة والمحمرة) 1 بتشديد الواو والياء وكسرها.
فالمسودة: هم الذين يلبسون الثياب السود من الناس، وهم أعوان الشرط
والجند ونحوهم، وهم أيضا من الأمراء والجند الذين يجعلون أعلامهم
وراياتهم سودا، كبني العباس ومن يرى رأيهم.
والمبيضة: هم الذين يبيضون ذلك، وهم قوم من شيعة آل علي رضوان الله
عليه.
وأما المحمرة: فهم الذين يحمرون ذلك، وهم الذين يتولون محمد بن
الحنفية2، وهو ابن علي بن أبي طالب رضوان الله عليهما، وإنما نسب إلى
الحنفية، لأن عليا - رضوان الله عليه – كان سباها من بني حنيفة لما
قاتلهم مع أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – بعد وفاة النبي صلوات الله
عليه3.
__________
1 والعامة تقول كل ذلك بالفتح مع التشديد، كأنهم مفعولون، وقد سودهم
غيرهم. ابن درستويه (230/أ) .
2 وقال ابن خالويه (70/أ) : "يعني الخوارج الذين تكون ألويتهم البياض
أو السواد أوالحمرة".
3 وإنما نسب إلى أمه الحنفية تمييزا له عن أخويه الحسن والحسين، كان
واسع العلم، شجاعا، قويا. توفي بالطائف، وقيل بالمدينة سنة 81هـ.
المنمق 41، وحلية الأولياء 3/674، وطبقات ابن سعد 5/91، وتهذيب الأسماء
واللغات 1/88.
(2/878)
(و) هم (المطوعة) 1 بتشديد الواو وكسرها
وتخفيف الطاء. هكذا رأيته في نسخ كثيرة من الكتاب، ورأيت في [146/أ]
نسخ أخر مشدد الطاء والواو جميعا2، وهم الذين يتبرعون من أنفسهم
ويخرجون إلى الجهاد مع الجند من غير أن يأمرهم السلطان بذلك. فأما من
خفف الطاء فإنه يجعل3 وزنه مفعلا، ويأخذه من قولهم: طاع له يطوع طوعا
فهو طائع، إذا انقاد وتابع من غير إكراه، ومنه يقال: جاء فلان طائعا
غير مكره. ومنه قوله تعالى: {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيه}
4 فكأن المطوعة هم الذين ينقادون إلى الجهاد من غير إكراه السلطان
إياهم. وأما من شدد الطاء فإنه يجعل وزنه متفعلة، وكان الأصل متطوعة،
فأدغمت التاء في الطاء لتقارب مخرجيهما فصار مطوعة بتشديد الطاء
والواو. ومنه قوله تعالى: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ} 5
وأصله المتطوعين.
__________
1 والعامة تقول: "المطوعة" بفتح الواو. ابن درستويه (230/ب) .
2 قال الزجاج في المخاطبة التي أجراها مع ثعلب حول الفصيح (2/ب) :
"وقلت: هم المطوعة، وإنما هم المطوعة بتشديد الطاء، كما قال الله
تعالى: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ} فقال: ما قلت إلا
المطوعة، فقلت: هذا قرأته عليك، وقرأه غيري، وأنا حاضر أسمع مرارا".
وينظر: الرد على الزجاج للجواليقي (4/أ) ، ورد ابن خالويه أيضا في
الأشباه والنظائر 4/129.
3 ش: "جعل".
4 سورة المائدة 30.
5 سورة التوبة 79.
(2/879)
(وتقول: كان ذاك عاما أول يا فتى) ، فتنصب
عاما على الظرف، أي في عام، وتنصب أول، لأنه صفة له، تريد عاما أول من
عامنا هذا، (وإن شئت) قلت: كان ذاك (عام الأول) 1 بالإضافة،، وتقديره:
كان ذاك عام الحديث الأول وعام الزمان الأول2. والعام والحول والسنة:
بمعنى واحد، ويأتي كل واحد منها على شتوة وصيفة3.
(وهو المعسكر بفتح الكاف) 4: وهو موضع العسكر. والعسكر:
__________
1 وفي إصلاح المنطق 307: "ويقال: لقيته عاما أول، ولا تقل: عام الأول".
ووجه الخطأ عند ابن درستويه (230/ب) أنه "أضاف الموصوف إلى صفته، وهذا
لا يجوز في شيء من الكلام، لأن الإضافة إنما يعرف المضاف بالمضاف إليه،
والصفة لا يعرف موصوفها بالإضافة إليها، ولا يقول أحد من العرب: "هذا
ثوب الجيد". قلت: مذهب ابن درستويه في هذا المسألة على رأي أصحابه
البصريين، والكوفيون يجيزون إضافة الموصوف إلى صفته إذا اختلف اللفظان
واتحد المعنى، واحتجوا لمذهبهم بأن ذلك قد جاء في كتاب الله وكلام
العرب كثيرا. ينظر: معاني القرآن للفراء 2/55، والإنصاف 2/436، وشرح
المفصل لابن يعيش 3/10، وشرح الكافية 2/242، والأزمنة 1/284.
2 أي على جعل الصفة المضاف إليها صفة لاسم محذوف مقدر، وهكذا يقدر
البصريون في كل ما ظاهره إضافة الموصوف إلى صفته. لاحظ: المصادر
السابقة.
3 هذا رأي بعض العلماء وبعضهم يفرق بين العام والسنة، فيقول: السنة من
أي يوم عددتها فهي سنة، والعام لا يكون إلا شتاء وصيفا. ينظر: التكملة
للجواليقي 8، وذيل الفصيح 4، وتصحيح التصحيف 372.
4 والعامة تكسر الكاف، وتريد به العسكر نفسه. أدب الكاتب 388، وابن
درستويه (231/أ) .
(2/880)
الجيش، وهو فارسي [146/ب] معرب1، وقيل:
معسكر القوم: مجمعهم، والمعسكر موضع النزول والاجتماع. والجمع
المعسكرات2.
(وأطعمنا خبز ملة، وخبزة مليلا، ولا تقل: أطعمنا ملة، لأن الملة الرماد
والتراب الحار) 3، فخبز الملة: هو خبز يدفن في رماد حار أو تراب حار
حتى ينضج.
وقوله: (خبزة مليلا) أراد مملولا، أي مدفونا في الملة. وقد مللت الخبز
أمله ملا فهو مملول ومليل، إذا دفنته في الملة4 لينضج، فمليل هو فعيل
بمعنى مفعول5، ولم تقل مليلة6 بالهاء، لأن قبله خبزة وهي
__________
1 أدب الكاتب 501، والمعرب 230، وشفاء الغليل 358، وقصد السبيل 292،
والمعجم الذهبي 525، والجمهرة 3/1326. وينظر: المعرب 453 (عبد الرحيم)
.
2 الجبان 322، والتهذيب (عسكر) 3/303.
3 إصلاح المنطق 284، وأدب الكاتب 37، وابن درستويه (231/ب) . وتقويم
اللسان 165، والصحاح (ملل) 5/1812، وفي الاقتضاب 2/27، وشرح أدب الكاتب
للجواليقي 109: "صحة قول العامة: "أطعمنا ملة"، لأنه لا يمتنع أن تسمى
الخبزة ملة، لأنها تطبخ في الملة، والشيء قد يسمى باسم الشيء إذا كان
منه بسبب، ويجوز أن يكون ذلك على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه،
على تقدير: أطعمنا خبز ملة. ومثله في القرآن والكلام كثير.
4 قوله: "وقد مللت...... في الملة" ساقط من ش.
5 العين 8/324، والصحاح 5/1821 (ملل) .
6 ش: "مملولة".
(2/881)
مؤنثة، فاستغنوا بتأنيثها عن تأنيث صفتها،
كما قالوا: امرأة قتيل، ولحية دهين وأشباههما. وجمع الملة ملات، وجمع
المليل مليلات وملائل.
(وتقول: نظر إلي بمؤخر عينه) 1 بسكون الهمزة وكسر الخاء: وهو الجانب
الذي يلي الصدغ، ويقال له أيضا: اللحاظ2. وجمعه مآخر، على مثال مطفل
ومطافل.
وأما مقدم العين وسكون القاف وكسر الدال وتخفيفها: فهو جانبها الذي يلي
الأنف، ويقال له أيضا: الماق والموق بالضم، ومنه يخرج الدمع3.
(وبينهما بون بعيد) 4 بالواو، وبين أيضا بالياء: أي مسافة ومقدار في5
الأرض. وقيل [147/أ] : فرق. والأجود أن يكون البين
__________
1 والعامة تقول: "مؤخر عينه" بفتح الهمزة وتشديد الخاء. إصلاح المنطق
284، وأدب الكاتب 381، وابن درستويه (231/ب) ، والزمخشري 441 والعين
4/303، والصحاح 2/577 (أخر) . وهي لغة قليلة في المحيط 4/408، والمصباح
3 (أخر) . وجاءت هذه الفقرة والتي تليها في الفصيح 318، وشروحه،
والتلويح 92 بعد قوله: "وهي القارورة.... " الخ.
2 خلق الإنسان لثابت 112-113، وللزجاج 33.
3 خلق الإنسان لثابت 112-113، وللزجاج 33.
4 والعامة تقول: "بين". الزمخشري 441، وتقويم اللسان 82، وتصحيح
التصحيف 177، وفي إصلاح المنطق 136: "ويقال: إن بينهما لبونا في الفضل
وبينا لغتان، فأما في البعد فيقال: إن بينهما لبينا"، وذكر في ص 187 أن
البون في اللغة العالية. وينظر: أدب الكاتب 480، 568، والصحاح (بين)
5/2082.
5 ش: "من".
(2/882)
بالياء، للفراق والبعد في كل شيء، ولايقال
البون بالواو، إلا في قولهم: بين الرجلين والشيئين بون، إذا لم يتفقا.
ولا يثنى ولا يجمع لأنه مصدر1.
(وتقول رجل آدر) بالمد وتخفيف الراء، (مثل آدم) 2: وهو العظيم
الخصيتين، وهما البيضتان. وجمعه أدر، مثل أحمر وحمر. وقد أدر الرجل
بفتح الألف وكسر الدال، يأدر أدرا بفتح الدال، وأدرة، مثل حمرة: إذا
انتفخت خصيتاه، وهي الأدرة بفتح الألف والدال: للخصية المنتفخة3.
(وهي القازوزة) بزاي بعد الألف، (والقازوزة) بقاف بعدها، على فاعولة،
وهما بمعنى واحد، وهما معربان4، (ولا تقل قاقزة) 5 بالقاف وتشديد
الزاي: وهي شيء تجعل فيها الخمر. وقيل: هي قدح
__________
1 الجبان 324، بتصرف يسير.
2 والعامة تقول: "أدر" بقصر الألف وتشديد الراء. إصلاح المنطق 183،
وأدب الكاتب 378، وابن درستويه (231/ب) ، والزمخشري 440 قال: "وهو خطأ
لا يجوز ألبتة".
3 خلق الإنسان للأصمعي 222، 223، ولثابت 291، وللزجاج 58.
4 المعرب 273، 274، وشفاء الغليل 396، والعين (قزز) 5/13.
5 والعامة تقوله. الغريب المصنف (216/ب) ، وإصلاح المنطق 338، وأدب
الكاتب 403، وابن درستويه (231/ب) ، والجبان 323، والزمخشري 440،
والصحاح (قزز) 3/891. قلت: والقاقزة أفصح في العين 5/13، والمحيط 5/192
(قزز) .
(2/883)
طويل ضيق الأسفل1. وجمعها قوازيز وقواقيز.
ومنه قول الشاعر2:
فنى تلادي وما جمعت من نشب ... قرع القواقيز أفواه الأباريق
(وتقول: الحب ملآن ماء) 3 بالهمز، على وزن فعلان أي ممتلئ، وهو معروف
المعنى.
(والجرة ملأى ماء) 4 بالهمز أيضا، على وزن فعلى، (وكذلك ما أشبههما) من
المذكر والمؤنث، مثل عطشان وعطشى، والجمع ملاء بكسر الميم والمد، على
مثال عطاش [147/ب] .
والحب: إناء معروف من فخار يجعل فيه الماء، وهو الخابية عند أهل الشأم،
وأهل مصر يسمونه الزير.
والجرة: إناء آخر للماء أيضا، أصغر من الحب، وهي على غير شكله. وجمعهما
حباب وجرار.
(وتقول: هي الكرة) بضم الكاف: معروفة مخيطة من جلد أو خرق مستديرة،
كهيئة الحنظلة في المقدار والتدوير، تضرب بالصولجان، ويلعب بها
الصبيان، وجمعها كرات وكرون في الرفع، وكرين في
__________
1 القول عن أبي حنيفة الدينوري في التلويح 92.
2 هو الأقيشر الأسدي، والبيت في ديوانه 60.
3 والعامة تقول: "الحب ملا، والجرة ملانة" ابن درستويه (232/أ) ،
وتثقيف اللسان 203، والمدخل إلى تقويم اللسان 216، وتصحيح التصحيف 495.
4 والعامة تقول: "الحب ملا، والجرة ملانة" ابن درستويه (232/أ) ،
وتثقيف اللسان 203، والمدخل إلى تقويم اللسان 216، وتصحيح التصحيف 495.
(2/884)
النصب والجر. والعامة تزيد في أولها ألفا
وتسكن الكاف، فتقول: "أكرة"1، وهو خطأ، لأن الأكرة الحفرة في الأرض،
وجمعها أكر، مثل غرفة وغرف.
(وهو الصولجان والطيلسان، وهي السيلحون: لهذه القرية) بفتح اللام في
هذه الثلاثة2.
فأما الصولجان: فمعروف3، وهو العصا المعقفة الرأس، تضرب بها الكرة، وهو
فارسي معرب4، وجمعه صوالجة5.
وأما الطيلسان: فمعروف، وهو الرداء المقور6 أحد جانبيه،
__________
1 أدب الكاتب 372، وابن درستويه (232/أ) ، والمرزوقي (180/ب) ،
والزمخشري 442، وتقويم اللسان 123، وذيل الفصيح 19. وحكى ابن السيد في
الاقتضاب 2/177 عن أبي حنيفة الدينوري أنه يقال للكرة التي يلعب بها:
أكرة بالهمزة. قال: وأحسبه غلطا منه. وهي لغة رديئة في: التهذيب
10/348، والمحكم 7/63 (أكر، كرى) .
2 والعامة تكسرها. إصلاح المنطق 163، وأدب الكاتب 388، 430. قال ابن
درستويه (232/ب) : "الفصحاء من العرب يفتحون لاماتها. والكسر لغة.
وينظر: الاقتضاب 2/198، والجمهرة 2/838، والتهذيب 12/333، والصحاح
3/944 (طلس) .
3 ش: "فهو معروف".
4 المعرب 213، وشفاء الغليل 332، وقصد السبيل 2/237، والعين 6/46،
والمحيط 6/445، والصحاح 1/325 (صلج) .
5 ودخلت فيه الهاء للعجمة. المعرب، والصحاح.
6 أي المقطوع باستدراة. الصحاح (قور) 2/799.
(2/885)
يشتمل به الرجل على كتفيه وظهره، وهو فارسي
معرب أيضا1، وجمعه طيالسة2، وقد يكون من صوف أزوق أو أسود، ولذلك قال
الشاعر3:
وليل فيه تحسب كل نجم ... بدا لك من خصاصة طيلسان
[148/أ] خصاصته: فرجته4 التي بين سلوكه.
وأما السيلحون: فإن النون فيها مضمومة في أكثر النسخ، ورأيتها في بعضها
مفتوحة، وهو أصوب، لأنها مشبهة بالنون التي في آخر الجمع السالم،
كالزيدين والعمرين5. والعامة تقول: هي السالحون لهذه القرية6، وهو خطأ،
وهي قرية من قرى النبط بقرب الكوفة7، وفيها قال الأعشى8:
__________
1 المعرب 227، وشفاء الغليل 348، والألفاظ الفارسية المعربة 113،
والجمهرة 3/1235، والصحاح 3/944 (طلس) .
2 والهاء فيه للعجمة أيضا. الصحاح.
3 البيت لسوار بن المضرب في الأصمعيات 242.
4 ش: "فروجه".
5 ومن العرب من يعربه أيضا إعراب جمع المذكر السالم. معجم ما استعجم
2/722، والعين (سلح) 3/142، والصحاح (نصب) 1/226.
6 إصلاح المنطق 163، والصحاح (سلح) 1/376.
7 معجم ما استعجم 2/722، ومعجم البلدان 3/298.
8 ديوانه 269، وهو بهذه الرواية عند ابن درستويه (232/ب) وبالرواية
التي سيذكرها المصنف في الديوان. وصريفون: اسم قرية بالعراق، على ضفاف
نهر دجلة، والخورنق: قصر كان للنعمان بظاهر الحيرة. معجم البلدان
2/401، 3/403.
(2/886)
وتجبى إليه السيلحون وعنده
صريفون في أنهارها والخورنق
ويروى: "ودونها صريفون".
(وهو التوت) بالتاء معجمة بنقطتين، وهو فارسي معرب أيضا1، والعامة
تقوله بالثاء2 معجمة بثلاث نقط، والعجم تقوله بالذال المعجمة، وبعضهم
يقوله بالثاء معجما بثلاث نقط، كما تقوله العامة3، وهو ثمر شجر معروف
يؤكل، حلو الطعم إذا انتهى نضجه، وإذا لم ينضج كان حامضا شديد الحموضة،
وإذا انتهى في النضج كان له ماء يحمر اليد وغيرها، والعرب تسميه
الفرصاد4، ولذلك قال الأسود بن يعفر5:
__________
1 المعرب 90.
2 إصلاح المنطق 308، وأدب الكاتب 386، ودرة الغواص 87، والجمهرة
2/1015، والصحاح 1/245 (توت) .
3 قال أبو حنيفة في كتاب النبات 183: "والفرصاد: هو التوت، وقد جرى في
كلام العرب بالثاء، والنحويون يقولون: التوت، فيجعلون الثاء تاء. قال
الأصمعي: التوث بالفارسية، وهو بالعربية التوت". قلت: وهما لغتان في:
المنتخب 2/542، والمخصص 11/213، والاقتضاب 2/195، وشرح كفاية المتحفظ
486، والمحيط 9/454، 486، وقال عبد الرحيم في المعرب 223: "هو
بالفارسية توت بتاءين، وهو دخيل في الفارسية من السريانية، وهو فيها
(توثا) وأخذته العرب من السريانية، وبقي بالثاء المثلثة على ألسنة
العامة.
4 وفي العين (فرصد) 7/178: "وأهل البصرة يسمون الشجرة فرصادا، وحمله
التوت"، وكذا قال علي بن حمزة في التنبيهات 187، وعكسه عن بعض أهل
اللغة في درة الغواص 87.
5 البيت في المفضليات 218 (بالرواية الأخرى التي سيذكرها المصنف) ،
والنبات لأبي حنيفة 187، وديوان المعاني 1/254، والمخصص 4/43، والجمهرة
2/1102، والصحاح 1/66، 2/519، واللسان 1/134، 3/333 (قنأ، فرصد) .
والمنطق: المتشح، والتوأمتان: اللؤلؤتان. والضمير في "بها" يعود إلى
الخمر في بيت سابق. ينظر: شرح المفضليات 453 والأسود بن يعفر بن عبد
الأسود بن جندل النهشلي الدارمي، من سادات بني تميم، عده ابن سلام في
الطبقة الخامسة من فحول شعراء الجاهلية، وقال: كان يكثر التنقل في
أحياء العرب يجاورهم فيذم ويحمد، وله في ذلك أشعار. توفي نحو سنة 22
قبل الهجرة. طبقات فحول الشعراء 1/143، 147، والشعر والشعراء 1/176،
وشرح اختيارات المفضل 2/965، وجمهرة أنساب العرب 230.
(2/887)
يسعى بها ذو تومتين منطق ... قنأت أنامله
من الفرصاد
قنأت: أي احمرت، ويروى: "مشمر". وإذا اختلفت أنواعه جمع فقيل: أتوات
وتيتان، مثل أحوات وحيتان.
(وهو يوم الأربعاء) 1 بفتح أوله وكسر الباء والمد، على وزن الأولياء،
وجمعه [148/ب] أربعاوات وأرابع. وقال الجبان: وهو غريب في معناه: لأن
أفعلاء لا يكاد يوجد في الواحد2.
(وتقول: ماء ملح، ولا تقل: مالح) 3. ومنه قوله تعالى: {هَذَا
__________
1 والعامة تقول: "الأربعاء" بفتح الهمزة والباء. إصلاح المنطق 174،
وأدب الكاتب 424، وابن درستويه (233/أ) ، والزمخشري 444. قلت: هي لغة
في: العين 2/133، ولبعض بني أسد في الصحاح 3/1215، والمصباح 83 (ربع) .
والباء مثلثة في: المنتخب 2/571، والمجرد 1/101، والجمهرة 1/317،
والمحكم 2/102 (ربع) .
2 الجبان 325. وينظر: الكتاب 4/248، وأدب الكاتب 587.
3 فعل وأفعل للأصمعي 482، وإصلاح المنطق 288، وأدب الكاتب 165، 404،
وابن درستويه (233/أ) ، والزمخشري 444، وتقويم اللسان 165، والعين
3/243، والتهذيب 5/98 (ملح) .
(2/888)
عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاج} 1
فكأنهم لما وصفوا الماء بالملوحة، وبالغوا في ذلك وصفوه باسم الملح
المعروف نفسه. ويقال: ماءان ملح، ومياه ملح أيضا. (وسمك ممولح ومليح) ،
وهو فعيل بمعنى مفعول، إذا جعل عليه الملح، (ولا تقل: مالح) أيضا، وقد
جاء عن بعض العرب أنه قال: سمك مالح2. ومنه قول الراجز3:
بصرية تزوجت بصريا
يطعمها المالح والطريا
والعامة على هذه اللغة، وليس ذلك بمختار عند الفصحاء4.
__________
1 سورة الفرقان 53. وينظر: غريب القرآن لابن قتيبة 314، والدر المصون
8/491.
2 حكى الجوهري في الصحاح (ملح) 1/406 أنها لغة رديئة. ورد عليه ابن بري
في التنبيه والإيضاح 1/273 بأنها قد جاءت في أشعار الفصحاء، وساق عددا
من الشواهد. وينظر: الاقتضاب 2/223، والمحيط 3/117، والمحكم 3/286
(ملح) .
3 هو أبو العذافر الكندي في: فعل وأفعل للأصمعي 482، وفيه: "ولم يعده
العلماء فصيحا". وهو لعذافر الفقيمي في إصلاح المنطق 288، وأدب الكاتب
404، 405، والتلويح 93، وشرح أبيات إصلاح المنطق 498، والاقتضاب 2/223،
224، والصحاح 1/406، واللسان 2/600 (بصر) . وأنشده ابن دريد في الجمهرة
1/568، بلا نسبة، وقال: ولا تلفتن إلى قول هذا الراجز، فإنه مولد لا
يؤخذ بلغته! وأنشد المصنف بعده في التلويح 93 قول (غسان السليطي) :
وبيض غذاهن السليط ولم يكن غذاهن نينان من البحر مالح
4 قلت: هذا لا يعني أنها خطأ، بل ينبغي أن يقال إنها لغة قليلة. راجع
التعليق السابق رقم 2.
(2/889)
(وتقول: رجل يمان: من أهل اليمن، وشآم)
بوزن شعام: (من أهل الشام) ساكن الهمزة على وزن شعم، (وتهام) بفتح
التاء: (من أهل تهامة) 1. وكان القياس فيمن نسب إلى اليمن والشأم أن
يقال: يمني وشأمي بتسكين الهمزة، بوزن شعمي، وبياء مشددة في آخره
للنسب، لكن لما كثر استعمالهما في الكلام وجب تخفيفهما فحذفوا إحدى
ياءي النسب من آخرهما وعوضوا منها ألفا قبل النون والميم2، فصار يماني
وشآمي بفتح الهمزة وياء خفيفة، ثم لما أدخلوا التنوين على الياء حذفوها
لئ
لا يجتمع [149/أ] ساكنان، فقيل: يمان وشآم. وقال الشاعر3:
__________
1 والعامة تشدد الياء من جميع هذا فتقول: "يماني، وشآمي، وتهامي".
إصلاح المنطق 180، وأدب الكاتب 280، 377، وابن درستويه (233/ب) . وحكى
المصنف في التلويح 95عن المبرد (الكامل 3/1237، 1238) أن التشديد لغة
وأنشد قول الشاعر (العباس بن عبد المطلب) :
ضربناهم ضرب الأحامر غدوة بكل يماني إذا هز صمما
وأنشد عنه أيضا:
فأرعد من قبل اللقاء ابن معمر وأبرق والبرق اليماني خوان
والتشديد جائز أيضا في: الكتاب 3/338، والاقتضاب 2/183، والصحاح (تهم)
5/1879.
2 ينظر: الكتاب 3/337، والمقتضب 3/145، والخصائص 2/110، وشرح الشافية
2/83.
3 البيت لأبي الورد العنبري يرثي معاوية في: تاريخ دمشق 16/758،
والبداية والنهاية 8/147، ولأبي الدرداء ميسرة في: اللسان 12/316،
والتاج 8/353 (شأم) والرواية فيهن: فهاتيك ... ينحن" بالحاء المهملة،
وهي أقوم وزنا ومعنى.
(2/890)
هاتيك النجوم وهن خرس
ينخن على معاوية الشآمي
وأما تهام بفتح التاء: فهو منسوب إلى تهامة، وهي اسم لمكة ومن والاها.
وقال الرياشي: سمعت الأعراب يقولون: إذا انحدرت من ثنايا ذات عرق فقد
اتهمت. وقال أيضا: والغور تهامة1. وتهامة مكسورة التاء، والأصل في
النسب إليها تهامي بكسر التاء وتشديد الياء، فلما أرادوا تخفيفه أيضا
حذفوا إحدى ياءي النسب منه، وأرادوا أن يعوضوا منها ألفا كما عملوا
بيمان وشآم، فلم يمكنهم ذلك لكون الألف قبل الميم، فلو زادوا ألف
التعويض لاجتمع ألفان سامنان، فكان يجب أن يحذفوا أحدهما فعدلوا عن هذا
إلى فتح التاء، ونابت هذه الفتحة عن ألف التعويض، فصار تهامي بياء
خفيفة، ثم لما أدخلوا التنوين حذفوا الياء لالتقاء الساكنين، فصار
تهام، على لفظ يمان وشآم2. وأنشد سيبويه3:
__________
1 التهذيب 6/242، واللسان 12/73 (تهم) . وينظر: معجم ما استعجم 1/332،
ومعجم البلدان 2/63.
والرياشي هو: أبو الفضل العباس بن الفرج بن علي بن عبد الله الرياشي
البصري، راوية للشعر، لغوي، نحوي، أخذ عن الأصمعي والمازني وغيرهما، من
مؤلفاته: كتاب الخليل، والإبل، وما اختلفت أسماؤه من كلام العرب. توفي
سنة 257 هـ.
أخبار النحويين البصريين 99، ونزهة الألباء 152، وإنباه الرواة 2/367،
ومعجم الأدباء 4/1483.
2 الكتاب 3/338. وفيه عن الخليل: الألف في تهام عوض عن الياء، كأنهم
بنوا الاسم على تهمي أو تهمي.
3 الكتاب 1/299، والبيت فيه لجميل، وهو في ديوانه 89.
(2/891)
وأنت امرؤ من أهل نجد وأهلنا ... تهام وما
النجدي والمتغور
وتقول في جمعها في حال الرفع هؤلاء رجال يمانون وشآمون وتهامون، وفي
حال النصب والجر1 يمانين وشآمين وتهامين.
(وفعلت ذاك من أجلك وإجلك) بفتح أوله وكسره [149/ب] (ومن جراك) 2
بالقصر، ومن جللك3 بفتح الجيم واللام الأولى، أربع لغات، وكلها بمعنى
واحد: أي من حالك وبسببك، ولا تجمع لأنها مصادر وكالأمثال4.
(وتقول: جئنا من رأس عين) بغير ألف في عين، وهو موضع بالجزيرة، وهو من
قرى نصيبين5، ومنه قول
__________
1 ش: "والخفض".
2 والعامة تقول: "فعلت ذلك مجراك" بحذف نون "من"، وتخفيف الراء من
جراك. و"من إجلك" بكسر الهمزة، ولا تعرف الفتح. ابن درستويه (234/أ) .
وينظر: إصلاح المنطق 32، 122، ودرة الغواص 236، وتقويم اللسان 175،
وتصحيح التصحيف 466، والعين 6/178، والصحاح 4/1621، والمحكم 7/340
(أجل) .
3 قال جميل علي هذه اللغة (ديوانه 187) :
رسم دار وقفت في طلله كدت أقضي الغداة من جلله
وينظر: الصحاح (جلل) 4/1659.
4 الجبان 327.
5 في ش: "وهو موضع بالشام عن الجبان. قال ابن درستويه: هي قرية من قرى
نصيبين، وأنشد: نصيبين بها ...
وينظر: الجبان 327، وابن درستويه (235/ب) . وتقع نصيبين بين دجلة
والفرات من أرض الجزيرة، وهي تطل على جبل الجودي الذي يقال إن سفينة
نوح استوت عليه، وكانت ممر القوافل من الموصل إلى الشام. معجم ما
استعجم 2/1310، ومعجم البلدان 5/288، وآثار البلاد 467.
(2/892)
الشاعر1:
نصيبين بها إخوان صدق
ولم أنس الذين برأس عين
والعامة تقول: رأس العين2، فتزيد فيه الألف واللام، [وأنكر أهل العلم
بالنحو واللغة ذلك، وقالوا] 3: لا يجوز ذلك، لأنه هاهنا اسم علم معرفة
لموضع بعينه، فلا يجوز تعريفه بالألف واللام4، وهذا معنى قولهم. قال
أبو سهل: والذي أراه أن رأس عين اسمان جعلا اسما واحدا، فلا يدخلون في
الثاني الألف واللام، كما لم يدخلوها في بعل بك5، وقالي قلا6، ورام
هرمز7، وأشباهها8.
__________
1 البيت بلا نسبة في ابن درستويه (234/ب) ، وعنه في اللسان 13/308،
والتاج 9/289 (عين) . ونصيبين بالتنوين في خط المصنف، ولا ضرورة لذلك.
2 إصلاح المنطق 296، وأدب الكاتب 430، ومعجم ما استعجم 1/623، ومعجم
البلدان 3/13، والتهذيب 3/205، 206، والصحاح 3/932 (عين) .
3 استدركه المصنف في الحاشية.
4 وفي التنبيهات لعلي بن حمزة 306 أن الأمر بخلاف ما قالوه، فإنما يقال
جاء من رأس عين إذا كانت عينا من العيون نكرة غير معرفة، فأما هذه
العين التي بالجزيرة فلا يقال فيها إلا من رأس العين، وساق على ذلك
شاهدين من فصيح الشعر.
وينظر: معجم ما استعجم 1/623، ومعجم البلدان 3/13.
5 من مدن الشام، وبعل اسم صنم وبك من بك عنقه، أي دقها. معجم البلدان
1/453.
6 مدينة بأرمينية ملكتها امرأة اسمها قالي، وبنت مدينة وسمتها (قالي
قاله) ومعناه: إحسان قالي، فلما فتحها المسلمون عربت إلى قالي قلا، وهي
مدينة خرجت جمعا من العلماء منهم الأديب اللغوي أبو على إسماعيل بن
القاسم القالي، صاحب الأمالي. معجم البلدان 4/299، وآثار البلاد 551.
7 مدينة مشهورة بنواحي خوزستان، ومعنى رام بالفارسية المراد والمقصود،
وهرمز أحد الأكاسرة، والمعنى مقصود هرمز. معجم البلدان 3/17.
8 قوله: "وهذا معنى قولهم ... وأشباهها" ساقط من ش.
(2/893)
(و) كذلك (عبرت دجلة بغير ألف ولام) 1
أيضا، لأنه علم معرفة، كحمزة وطلحة، فلم تدخله الألف واللام، وهو النهر
المعروف الذي ينحدر إلى بغداد2.
(وتقول: أسود سالخ، ولا تضف) 3، فسالخ منون مرفوع هاهنا، لأنه صفة
لأسود، ولو نصبت أسود أو جررته لنصبت سالخا وجررته أيضا مع التنوين،
لكونه صفة له. والأسود: ضرب من الحيات معروف، وهو العظيم منها، وفيه
سواد. والجمع الأساود، لأنه اسم له، وليس بصفة، ولو كان صفة لقيل في
جمعه: سود. وقال الشاعر4 [150/أ] :
فألصق أحشائي ببرد ترابه ... وإن كان مخلوطا بسم الأساود
__________
1 والعامة تقوله بالألف واللام. ما تلحن فيه العامة 134، وتقويم اللسان
106، وذيل الفصيح 21، وتصحيح التصحيف 21.
2 الأمكنة والمياه والجبال (15/أ) ، ومعجم البلدان (2/440) .
3 الجمهرة 1/598، والصحاح 1/423، 2/491، والمحكم 5/49 (سلخ، سود) .
4 البيت لنبهان بن عكي العبشمي في الكامل 1/71، والمنازل والديار 3/66،
والمسلسل 78، ونشوة الطرب 1/444، وله أو لحليمة الخضرية في زهر الآداب
2/940، 941، ولمرة بن معروف في حماسة الخالدين 2/112، ولثعلبة بن أوس
الكلابي في الحماسة البصرية 2/135، وبلا نسبة في: الزهرة 1/157، وأمالي
أبي علي 1/63، ومحاضرات الأدباء 2/123، والبصائر والذخائر 8/119،
والزاهر 1/490، والجمهرة (سود) 2/650.
(2/894)
وقال النضر بن شميل: الأسود: الشديد
السواد، وهو أخبث الحيات، وأعظمها، وأنكرها، لا ينجو سليمه1.
قال أبو سهل: وإنما وصفوا أسود بسالخ، لأنه يسلخ جلده كل عام2، أي
يخرجه عن جسمه ويقلعه، ويقال لذلك الجلد: سلخ بكسر السين وسكون اللام.
واختلفوا في جمع سالخ، فقال أبو حاتم السجستاني: يقال: أساود سلخ
وسوالخ وسالخة3. وقال الجبان: الجميع سالخات وسلخ وسوالخ4، وأنكر
التميمي النحوي5 ذلك، وقال: يقال في الاثنين: أسودان سالخ، وسود سالخ،
ولا يقال: سالخان، ولا يجمع في الجمع6.
__________
1 قوله من غير نسبة في المخصص 8/107، ونحوه عن شمر في التهذيب (سود)
13/31. وينظر: الحيوان 4/246، 247، وحياة الحيوان 1/37.
2 الغريب المصنف (74/أ) .
3 قوله في المخصص 8/107، ومن غير نسبة في المحكم (سلخ) 5/49، وينظر:
الحيوان 4/247.
4 الجبان 327.
5 لعله أبو عبد الله محمد بن جعفر بن أحمد التميمي القيرواني، المعروف
بالقزاز، كان عالما بالنحو واللغة والأدب، وله شعر حسن رقيق، كان مهيبا
عند الملوك والعلماء، ومحبوبا عند العامة. من مصنفاته: كتاب الجامع في
اللغة، وضرائر الشعر، ومعاني شعر المتنبي. توفي بالقيروان سنة 412هـ.
المحمدون من الشعراء 261، وإنباه الرواة 3/84، ووفيات الأعيان 4/374،
وسير أعلام النبلاء 17/326، وبغية الوعاة 1/71.
6 وإلى هذا ذهب ابن دريد في الجمهرة (سلخ) 1/598. قال: "وقد قالوا:
سالخان، والأول أعلى، وسود سوالخ". وينظر: المخصص 8/107.
(2/895)
وقال ثعلب –رحمه الله -:
(والأنثى أسودة، ولا توصف بسالخة) .
قال أبو سهل: فأنكر ابن درستويه أسودة1، وكذلك أنكره أيضا الجبان،
وقال: هذا شيء من قبل الكوفيين، لأن أسود إن كان وصفا فتأنيثه سوداء،
وإن كان اسما غير وصف فلا لفظ منه لمؤنثه مختص2. وهذا الذي أنكراه على
ثعلب – رحمه الله – لا يقدح فيما رواه عن علماء الكوفيين، ولو لم يصح
له سماع ذلك منهم لما أثبته في كتابه، وإذا ورد الشيء المسموع عن من3
يوثق به تقبل ذلك، وإن كان خارجا عن القياس، ومع هذا فإن غيره من أهل
اللغة أيضا قد حكى: رأيت أسودات كثيرة، أي حيات4، فجمع أسودة على
أسودات.
وأما قولهم: "ولا توصف بسالخة" [150/ب] فإنه لما كانت أسودة لا تقال
إلا لأنثى الأسود من الحيات خاصة دون غيرها استغنوا بتخصيصها بهذه
التسمية عن وصفها بسالخة. وأما الأسود فإنه لما كان
__________
1 ابن درستويه (234/ب) .
2 الجبان 327.
3 كتبهما المصنف من غير إدغام، وهو جائز. ينظر: كتاب الكتاب 58، وباب
الهجاء 22.
4 الجمهرة (سود) 2/650. وينظر: اللسان (سود) 3/226.
(2/896)
اسما مشتركا يسمى به الحية الذكر1، ويوصف
به كل مذكر سواه مما لونه السواد، فلما سموه به الحية2 لم يكن بد من
وصفه ليزول بصفته الإشكال ويرتفع اللبس، ولما جمعوه فقالوا فيه:
أساودة، وخصصوا بهذا الجمع الحيات دون غيرها، مما يجوز في سواها أن
يوصف بالسواد، استغنوا عن جمع صفته أيضا فقالوا: أساود سالخ. وأما من
جمع وصفها فقال فيها: أساود سوالخ وأخواتها3، فإنهم4 أجروا الصفة في
الجمع مجرى الموصوف في جميع أحواله، في إفراده وجمعه، فلذلك جمع وصفها
كجمعها.
(وتقول: ما رأيته مذ أول من أمس) 5 برفع "أول"، هكذا في نسخ عدة، وفي
نسخ أخر: (مذ أول) بالنصب، والأجود بالرفع، لأن مذ بغير نون ترفع ما
مضى، من الزمان على تقدير الابتداء والخبر، وتقديره: مبدأ انقطاع رؤيتي
له أول من أمس، وأول ذلك أول من أمس، وأما من فتح اللام من أول فإنه
يجعل أول في موضع خفض بمذ، ويجعل
__________
1 الحية اسم يقع على الذكر والأنثى. المذكر والمؤنث لابن التستري 73،
ولابن فارس 53.
2 قوله: "ويوصف به كل ... الحية" ساقط من ش.
3 أي وجموعها الأخرى. راجع ص 895.
4 ش: "فإنه".
5 والعامة تقول: "ما رأيته مذ أول أمس"، ويعنون اليوم الذي قبل أمس.
إصلاح المنطق 331 (وفيه سقط، تمامه في المشوف المعلم 1/81) ، ولحن
العامة 204 (ونقل قول ابن السكيت بتمامه) ، ودرة الغواص 101، وتقويم
اللسان 173، وتصحيح التصحيف 139، والصحاح (أول) 5/1839.
(2/897)
مذ بمنزلة من ويفتح اللام، وكان سبيلها أن
تكون مخفوضة، لأن أول لا ينصرف لاجتماع علتين فيه وهما وزن الفعل
والوصف، فأول وزنه أفعل، وهو صفة اليوم1، وتقديره: ما رأيته مذ يوم أول
من أمس2. وأمس: هو اسم لليوم الذي قبل [151/أ] يومك، وبني على الكسر
لسكون ما قبل آخره. وأول هاهنا: هو اسم لليوم الذي قبل أمس، وأمس
يتلوه.
قال ثعلب – رحمه الله -: (فإن أردت يومين قبل ذلك قلت: ما رأيته مذ أول
من أول من أمس، ولم تجاوز ذلك) يعني: أنه لا يقال: إلا ليومين قبل أمس،
فإن أردت ثلاثة أيام، أو أكثر قبل أمس، لم تنطق بشيء من ذلك، لأن العرب
لم تتكلم به لطوله. وأما أول الذي بعد مذ هاهنا فيجوز في لامه الضم
والفتح3 على ما ذكرته من التفسير، وأما الذي بعد من فلا يجوز في لامه
إلا الفتح لا غير، لأن أول في موضع خفض بمن، وإنما فتحت اللام لأنه لا
ينصرف على ما ذكرته.
__________
1 في ش: "وأما من فتح اللام من أول فيجعله على موضع خفض بمنذ، لأنه
يصيرها بمنزلة من، وإنما فتح اللام من أول، لأنه لا ينصرف لأنه على وزن
أفعل، وهو صفة ليوم".
2 ينظر: الكتاب 4/226، والمقتضب 3/30، والإنصاف 1/382، وشرح التسهيل
2/216، ورصف المباني 393، ومغني اللبيب 441، واللسان (منذ) 3/509.
3 ش: "وأما أول الذي بعد مذ هاهنا، فإن لامه مضمومة ومفتوحة".
(2/898)
(والظل للشجرة بالغداة، والفيء بالعشي) 1،
لأنه ظل يفيء2 من جانب إلى جانب، أي يرجع3 (كما قال الشاعر:
فلا الظل من برد الضحى نستطيعه ... ولا الفيء من برد العشي نذوق
هذا البيت لحميد بن ثور الهلالي4. والضحى: بضم الضاد والقصر: من النهار
بعد الضحوة، والضحوة: بعد طلوع الشمس ثم بعدها الضحى، وهي حين تشرق
الشمس، ثم بعد ذلك الضحاء مفتوح ممدود مذكر، وهو عند ارتفاع النهار
الأعلى5. وأما العشي: فإنه من زوال الشمس إلى غروبها.
__________
1 والعامة لا تفرق بينهما. إصلاح المنطق 320، وأدب الكاتب 26، ودرة
الغواص 124، وتقويم اللسان 146، وتصحيح التصحيف 409. وينظر: في أصول
الكلمات 340-344.
2 ش: "فاء..... رجع".
3 ش: "فاء..... رجع".
4 ديوانه 40، برواية: "تستطيعه.... تذوق"، وهو بهذه الرواية في الفصيح
319. وفي الديوان، وأكثر المصادر: "فلا الظل" بفتح اللام، وهو وجه.
وحميد بن ثور شاعر مخضرم، عاش زمنا في الجاهلية، وأدرك الإسلام، فأسلم،
ووفد على النبي صلى الله عليه وسلم. عده ابن سلام في الطبقة الرابعة من
فحول الشعراء الإسلاميين، توفي في خلافة عثمان رضي الله عنه نحو سنة
30هـ.
طبقات فحول الشعراء 2/583، والشعر والشعراء 1/306، والأغاني 4/356،
والإصابة 1/355.
5 الأزمنة لقطرب 56، 57، والمقصور والممدود للفراء 41، وتهذيب الألفاظ
1/422، 423، والألفاظ الكتابية 287، والأزمنة والأمكنة 1/331، والمخصص
9/52، 53.
(2/899)
وقوله: "نستطيعه" بالنون، معناه: نطيقه.
ونذوق بالنون أيضا معناه: ننال. ووصف حميد سرحة، وهي ضرب من الشجر1،
وكنى [151/ب] بها عن امرأة، يقول: فلا2 ننال خيرها على حال من الأحوال،
لأنا لا نستطيع بها في الضحى، ولا نجلس في فيئها بالعشي.
قال ثعلب – رحمه الله –: (أخبرت عن أبي عبيدة أنه قال: قال رؤبة: كل ما
كانت عليه الشمس فزالت عنه فهو ظل وفيء، وما لم تكن عليه الشمس فهو ظل)
3. وجمعه أظلال في القليل، وظلال في الكثير، وجمع الفيء أفياء وفيوء.
(وتقول للأمة إذا شتمتها: يا لكاع، يا غدار، يا فجار، يا دفار، يا
فساق، يا خباث، بفتح أولها وكسر آخره) 4.
(وتقولِ للرجل: يا لكع، يا غدر، يا فسق) 5 بضم آخره. فهذه الأسماء على
مثال عمر وزفر.
__________
1 قوله: "وهي ضرب من الشجر" ساقط من ش.
2 ش: "لا".
3 المخصص 9/56، والصحاح (فيأ) 1/64. وينظر: الزاهر 2/74، والفروق 253.
4 في الفصيح 319، والتلويح 95 خلاف في إيراد هاتين الفقرتين بزيادة
ونقص، وتقديم وتأخير, وقال ابن درستويه (236/ب) : "العامة لا تفرق بين
مذكر وهذا، وبين مؤنثه". وينظر: الكتاب 2/198، 3/270-280، والمقتضب
3/323، 375، والكامل 1/338، 2/590، وشرح المفصل لابن يعيش 4/57، وشرح
التسهيل 3/419.
5 في الفصيح 319، والتلويح 95 خلاف في إيراد هاتين الفقرتين بزيادة
ونقص، وتقديم وتأخير, وقال ابن درستويه (236/ب) : "العامة لا تفرق بين
مذكر وهذا، وبين مؤنثه". وينظر: الكتاب 2/198، 3/270-280، والمقتضب
3/323، 375، والكامل 1/338، 2/590، وشرح المفصل لابن يعيش 4/57، وشرح
التسهيل 3/419.
(2/900)
فاللكع: الوسخ، وقيل: هو اللئيم1. وقيل: هو
الذليل2. ويقال للمؤنث: لكاع، على مثال قطام وحذام.
وقوله: "ياغدر" أراد يا غادر، وهو الذي لا يفي بما يضمن، ولا يفعل ما
يقوله ويعد به، بل يفعل ضده، وغدر معدول عن غادر، وللمؤنث يا غدار بكسر
الراء أيضا. ويا فجار بكسر آخره أيضا، للمؤنث، تريد يا فاجرة، أي يا
زانية. والفجور: هو الزناء والانبعاث في المعاصي.
ويا دفار بكسر آخره أيضا: أي يا منتنة الريح. والدفر بسكون الفاء وبدال
غير معجمة: النتن خاصة.
وقوله: يا فسق، تريد يا فاسق، وهو الذي قد خرج3 عن أمر ربه، وللمؤث يا
فساق بكسر القاف أيضا.
ويا خبث [152/أ] : أي يا خبيث، وهو الرديء، ويقال للمرأة: يا خباث بكسر
آخره.
(وإذا قيل لك: ادن فتغد، فقل ما بي تغد، وفي العشاء: ما بي تعش) ،
فتجيب بمصدر الفعل الذي دعيت إليه، لأنك تقول: تغديت وتعشيت تغديا
وتعشيا، (ولا تقل: ما بي غداء ولا عشاء، لأنه الطعام بعينه) 4.
والغداء: هو الطعام غدوة، وغدوة: هي ما بين طلوع الصبح
__________
1 الزاهر 1/243، والعين 1/203، والصحاح 3/1280 (لكع) .
2 الزاهر 1/243، والعين 1/203، والصحاح 3/1280 (لكع) .
3 ش: "الذي خرج".
4 والعامة تقوله. إصلاح المنطق 294، وأدب الكاتب 409، وابن درستويه
(237/أ) ، والزمخشري 448، والصحاح (غدو) 6/2444.
(2/901)
إلى طلوع الشمس، وجمعها غدوات وغدوات بضم
الدال وسكونها. والعشاء: هو الطعام عشية، والعشية: هي من صلاة المغرب1
إلى العتمة2، وجمعها عشيات وعشايا.
(وإذا قيل لك: ادن فاطعم، فقل: ما بي طعم، ومن الشراب: ما بي شرب) 3
بضم أولهما لا غير، لأنك أيضا تجيب بمصدر الفعل الذي دعيت إليه، لأنك
تقول: طعمت الطعام، وشربت الشراب بكسر العين والراء، فأنا أطعم وأشرب
بفتحهما، والمصدر طعم وشرب بسكونهما وضم الطاء والشين.
(وإذا قيل لك: ادن فكل، فقل: ما بي أكل بفتح الألف) 4 لا غير، لأنك
أيضا تجيب بمصدر الفعل الذي دعيت إليه، وهو أكل.
وادن معناه: اقرب، وتكون ألفه مضمومة إذا ابتدأت بها، فإن وصلتها بكلام
قبلها كانت ساكنة وساقطة في اللفظ5، وتقول منه: دنا يدنو دنوا بالواو،
إذا قرب، العامة تقول [152/ب] في مستقبله: يدني بالياء6، وهو غلط.
__________
1 ش: "هي ما بين صلاة المغرب".
2 وفي التهذيب (عشو) 3/58: "يقع العشي على ما بين زوال الشمس إلى وقت
غروبها، كل ذلك عشي، فإذا غابت الشمس فهو العشاء ... قال النضر:
العشاء: حين يصلي الناس العتمة".
3 قال ابن درستويه (237/أ) : "والعامة تستعمل هذه المصادر، كما
تستعملها الخاصة، أي لا تخطئ فيها. وقال الزمخشري 448: "والعامة تقول:
ما بي أكل، وهو خطأ".
4 قال ابن درستويه (237/أ) : "والعامة تستعمل هذه المصادر، كما
تستعملها الخاصة، أي لا تخطئ فيها. وقال الزمخشري 448: "والعامة تقول:
ما بي أكل، وهو خطأ".
5 قوله: "وتكون ألفه مضمومة ... اللفظ" ساقط من ش.
6 لم تذكره كتب لحن العامة، ولعله مما كان يلحن فيه أهل عصره.
(2/902)
(وتقول: عصا معوجة بضم الميم) 1 وسكون
العين وتخفيف الواو تشديد الجيم: إذا زالت عن جهة الاستقامة، وكانت غير
معتدلة، وهي فاعلة، لأنك تقول: اعوجت العصا تعوج اعوجاجا فهي معوجة،
مثل احمرت تحمر احمرارا فهي محمرة، والعصا مقصورة مؤنثة2، وجمعها أعص
في العدد القليل، وعصي في الكثير3.
(وتقول رجل صنع اليد واللسان) 4 بفتح الصاد والنون: إذا كان جيد الصنعة
عمالا بهما5 حاذقا بما يعمل بيده، أو يقوله بلسانه، يضع الكلام في
مواضعه، ويحتج بما يقطع به حجة صاحبه. وجمعه صنعون
__________
1 والعامة تقول: "معوجة" بضم الميم وفتح العين وتشديد الواو. إصلاح
المنطق 166، وابن درستويه (237/أ) ، والزمخشري 449، وتقويم اللسان 164،
وتصحيح التصحيف 486، وفي أدب الكاتب 396، والصحاح (عوج) 1/332: "ولا
تقل معوجة بكسر الميم". وفي التهذيب 3/48 عن الأصمعي: "ولا تقل معوج
إلا لعود أو شيء ركب فيه العاج". وأجاز الخليل في العين 2/184 ما منعه
الأصمعي، وكل ما تقدم جائز في تثقيف اللسان 284.
2 المذكر والمؤنث للفراء 80، وحروف الممدود والمقصور 39، 40.
3 وأعصاء وعصي. المحكم (عصو) 2/214.
4 العين 1/304، والجمهرة 2/888، والصحاح 3/1246 (صنع) . وفي أدب الكاتب
202: "ولا يقال للرجل صناع". وقيل في الاقتضاب 2/110، والمخصص 12/257،
والمحكم (صنع) 1/274. وقال الزمخشري 449: "والعامة تقول: رجل صنع اليد
بكسر النون والصواب فتحها".
5 ش: "بهما جميعا".
(2/903)
وأصناع1. وقيل: معنى رجل صنع اليد: أي رفيق
اليد بكل عمل يراه فيعمل مثله2.
(وامرأة صناع اليد) 3 على فعال بفتح أوله: أي حاذقة رفيقة بما تعمله.
وجمعها صنع بضم الصاد والنون، مثل حصان وحصن.
(وتقول: سير مضفور) 4 بالضاد: أي منسوج، كما يسف الخوص والشعر وغيرهما
على ثلاث قوى أو أكثر. (وللمرأة ضفيرتان) 5 بالضاد أيضا، (وقد ضفرت
رأسها) : أي سفت شعره ونسجته وجعلته [153/أ] ضفيرتين أو أكثر. وجمع
الضفيرة ضفائر6.
(وتقول: لقيته لقية) بفتح اللام وبالياء: أي صادفته واجتمعت به مرة
واحدة من اللقاء، وهو الاجتماع، (و) يقال أيضا: (لقاءة) 7 بالهاء والمد
وكسر اللام، بمعنى لقية، (ولا تقل: لقاة) بفتح اللام مع
__________
1 ولم يجز سيبويه إلا صنعون. الكتاب 3/629. وينظر: المخصص 12/257،
والمحكم 1/274.
2 القول في الزمخشري 449.
3 في الجمهرة 2/888: "ولا يقال: امرأة صنع، وقد جاء في الشعر الفصيح".
وينظر: المصادر السابقة في التعليق رقم 4، ص 903.
4 والعامة تقول: "سير مظفور، مظفيرتان" بالظاء. إصلاح المنطق 331، وابن
درستويه (237/ب) ، والزمخشري 450.
5 والعامة تقول: "سير مظفور، مظفيرتان" بالظاء. إصلاح المنطق 331، وابن
درستويه (237/ب) ، والزمخشري 450. والعامة تقول: "سير مظفور، مظفيرتان"
بالظاء. إصلاح المنطق 331، وابن درستويه (237/ب) ، والزمخشري 450.
6 ينظر: خلق الإنسان لثابت 68، وللزجاج 25.
7 زيد في الفصيح 320: "ولقيانا، ولقيانة".
(2/904)
القصر، (فإنه خطأ) 1، ووجه خطئه أن المرة2
الواحدة تكون على فعلة بسكون العين، ولقاة وزنها فعلة بفتح العين، لأن
أصلها لقية، فقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصار لقاة.
(وهي عائشة بالألف والهمز) 3: اسم امرأة، وهي فاعلة من عاشت تعيش عيشا
فهي عائشة، إذا حييت.
(وهو الحائر) بالألف أيضا: (للذي تسميه العامة الحير) 4،
__________
1 إصلاح المنطق 311، وفيه: "فإنها مولدة ليست من كلام العرب"، ودرة
الغواص 205، وتصحيح التصحيف 456، والجمهرة 2/977، والتهذيب 9/299،
والصحاح 6/2484 (لقى) . وهي جائزة في المحيط (لقى) 6/27، وحكاها ابن
درستويه (238/أ) عن ابن الأعرابي، وابن سيده في المحكم (لقى) 6/312 عن
ابن جني. وينظر: القاموس 1716، والتاج 10/330.
2 ش: "فإنه خطأ، لأن المرة".
3 والعامة تقول: "عيشة" بتخفيف الهمزة وترك الألف. إصلاح المنطق 297،
وأدب الكاتب 427، وابن درستويه (238/أ) ، والزمخشري 450 وفيه: " وأكثر
ما تقوله أهل بغداد"، والتهذيب 3/60، والصحاح 3/1013 (عيش) . وفي العين
(حير) 3/289: "والحائر حوض يسيب إليه الماء في الأمصار ... وأكثر الناس
يسمونه الحير، كما يقال لعائشة: عيشة، يستحسنون التخفيف وطرح الألف".
وأنشد ابن دريد في الجمهرة 2/1175 لرجل بن تميم أنه قال لعمر بن عبيد
الله بن معمر:
انبذ برملة نبذ الجورب الخلق ... وعش بعيشة عيشا غير ذي رنق
قال: "يعني رملة أخت طلحة الطلحات، وعائشة بنت طلحة بن عبيد الله".
قلت: مازالت العامة في بعض نواحي السراة تسمي البنات عيشة، ولا تعرف
الألف والهمز.
4 الجمهرة (حير) 1/526، 2/1048. وتقدم في الهامش السابق عن الخليل جواز
ذلك. وينظر: التهذيب 5/231، والمحيط 3/203، والمحكم 3/334
(2/905)
وهو مجتمع الماء، وهو المكان الواسع الذي
تسيل إليه الأمطار، وربما ذهب الماء منه ويبس، ويبقى اسم الحائر عليه،
كما بقي على حائر الحجاج بالبصرة1، وبهذا سمي الموضع الذي بناحية
الكوفة الذي دفن فيه الحسين بن علي – رضوان الله عليهما ورحمته وبركاته
– الحائر2. والعامة تسميه الحير. وقال العجاج3:
سقاه ريا حائر روي
(وجمعه حوران وحيران) 4، فأما حوران بالواو، فإنه جمع على فعلان بضم
الفاء، وكان أصله [153/ب] حيران بياء ساكنة وقبلها ضمة، فانقلبت الياء
واوا لانضمام ما قبلها، وذلك أن أصل هذه الكلمة الياء، لأنه من التحير،
كأن الماء يتحير في هذا الموضع، ومن جمعه على حيران بالياء، فإنه جمع5
على فعلان بكسر الفاء، كجان وجنان، فترك الياء على أصلها، ولم يقلبها
واوا، لأن قبلها كسرة.
(وهو الحائط) : للجدار بالألف، (ولا تقل حيط) 6، وهو فاعل
__________
1 معجم ما استعجم 1/414.
2 معجم البلدان 2/208.
3 ديوانه 1/489.
4 الكتاب 3/614، والصحاح (حير) 2/640. وفي نوادر أبي مسحل 1/380
"وجمعها حوران وحيران وحوائر، كما تقول: قائلة وقوائل، وحائرة وحوائر".
وينظر: التنبيهات 187.
5 ش: "جمعه".
6 فإنه من كلام العامة، وهو مثل ما قبله كحير وعيشة. ابن درستويه
(238/ب) .
(2/906)
أيضا من حاط بالمكان يحوط حوطا فهو حائط،
أي أحذق به وصانه. وجمعه حيطان1، وأصله حوطان بالواو، فقلبت ياء
لسكونها وانكسار ما قبلها.
(ورجل عزب) 2 بفتح العين والزاي: للذي لا امرأة له، ورجال عزبون
وأعزاب، وقول العامة عزاب خطأ، لأن عزابا جمع عازب، كعابد وعباد3.
(وامرأة عزبة) 4 بالفتح أيضا مع الهاء: للتي لا زوج لها. وجمعها عزبات
بفتح الزاي أيضا.
__________
1 وحياط أيضا، حكاه ابن الأعرابي. المحكم (حوط) 3/372.
2 والعامة تقول: "أعزب". أدب الكاتب 372، وابن درستويه (238/ب) ،
والنهاية 3/228، وتقويم اللسان 137، وتصحيح التصحيف 116. قلت: وفي
التهذيب (عزب) 2/147 عن أبي حاتم عن الأصمعي قال: "رجل عزب ... ولا
يقال رجل أعزب ... وأجاز غيره رجل أعزب". وروى البخاري في صحيحه (كتاب
الصلاة – 440) عن ابن عمر رضي الله عنه "أنه كان ينام وهو رجل أعزب لا
أهل له في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم"، وروى مسلم في (كتاب الجنة
وصفة نعيمها وأهلها – 2834) عن النبي أنه قال: "وما في الجنة أعزب".
وكفى بكلامه صلى الله عليه وسلم شاهدا على صحة هذه اللغة وفصاحتها.
قلت: لا تزال العامة في بعض مناطق السراة تقول للشاب الذي لم يتزوج:
"عزب" بغير همز، وتجمعه على عزبان، والمرأة" عزبة" وتجمعه على عزيب.
3 الجبان 331.
4 والعامة تقول: "عزباء". ابن درستويه (238/ب) ، ولحن العامة 162، وابن
ناقيا 2/384. وخطأ أبو إسحاق الزجاج ثعلبا في المخاطبة التي جرت بينهما
(2/ب) في قوله: "وامرأة عزبة" فقال: "إنما يقال: رجل عزب وامرأة عزب،
لأنه مصدر وصف به، فلا يثني ولا يجمع ولا يؤنث، كما يقال: امرأة خصم
ورجل خصم". وينظر: الرد على الزجاج للجواليقي (2/ب) ، وليس في كلام
العرب 275، والأشباه والنظائر 4/127، 128.
(2/907)
(وأعسر يسر) 1 بفتح السين والياء من يسر
وحذف الألف: وهو الذي يعمل بيديه جميعا، يعمل بيده اليسرى كما يعمل
بيده اليمنى، ويقال له أيضا إذا كان كذلك: أضبط. وروي أن عمر بن الخطاب
رضي الله عنه: "كان أعسر يسرا"2، وفي [154/أ] رواية أخرى: "كان أضبط"3.
والأعسر على الانفراد: هو الذي يعمل بيده اليسرى لا غير، وجمعه أعسر،
مثل أحمر وحمر، وجمع يسر يسرون وأيسار.
(وهي ريطة: اسم امرأة، بمنزلة الريطة من الثياب) 4، وهي كل ملاءة عريضة
لم تكن لفقين، أي قطعتين قد خيطت إحداهما بالأخرى5، وتجمع المرأة
والملاءة ريطات ورياطا، فإن جمعت الريطة من الثياب وأردت الجنس قلت:
ريط، مثل تمرة وتمر.
__________
1 والعامة تقول: "أعسر أيسر". خلق الإنسان للأصمعي 207، وإصلاح المنطق
294، وأدب الكاتب 372، وابن درستويه (238/ب) ، وتقويم اللسان 188،
وتصحيح التصحيف 143، والعين 1/326، 7/296، والجمهرة 2/725 (عسر، يسر) .
2 تاريخ الطبري 4/408، ومناقب عمر لابن الجوزي 10، والنهاية 5/297،
والبداية والنهاية 7/143.
3 مناقب عمر 10. وينظر: خلق الإنسان لثابت 234.
4 والعامة تقول: "رائطة" بالهمزة. إصلاح المنطق 297، وأدب الكاتب 297،
وابن درستويه (139/أ) ، والجبان 332، والزمخشري 451، والتهذيب 14/15.
5 قوله: "قد خيطت إحداهما بالأخرى" ساقط من ش. وينظر: أدب الكاتب 181.
(2/908)
(وهي فيد: لهذه القرية) 1، وهي معرفة لا
تدخل عليها الألف واللام، ولا تزاد فيها ألف، وهي منزل في طريق حاج
العراق2. وقال لبيد3:
مرية حلت بفيد وجاورت ... أهل الحجاز فأين منك مرامها
(وتقول: قرط وثلاثة قرطة، وجحر وثلاثة جحرة، وجرز وثلاثة جرزة) 4.
قال أبو سهل: قرطة وجحرة وجرزة من أبنية الجمع الكثير، وثلاثة يكون
للجمع القليل، لكنه أراد ثلاثة من قرطة، وثلاثة من جحرة، وثلاثة من
جزرة. وهو مثل قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ
بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} 5 وقروء جمع كثير، فأراد
__________
1 والعامة تقول: "فايد" بزيادة ألف. ابن دريستويه (139/أ) ، و"الفيد"
بالألف واللام. الزمخشري 451.
2 ش: "وهي منزل قدام الكوفة"، من طريق حاج العراق". وينظر: معجم ما
استعجم 2/1032، ومعجم البلدان 4/282، والروض المعطار 443.
3 ديوانه 301. ومرية: منسوبة إلى بني مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان.
ومرامها: مطلبها. شرح القصائد السبع 533.
4 والعامة تقول في الجمع: "أقرطة، وأجحرة، وأجرزة" بألف. إصلاح المنطق
170، وابن درستويه (239/أ) ، والزمخشري 452.
5 سورة البقرة 228. وينظر: الكتاب 3/575، والمقتضب 2/159، وإعراب
القرآن للنحاس 1/312، والدر المصون 2/438.
(2/909)
جل وعز ثلاثة من قروء 1 [154/ب] .
والقرط: ما يجعل في أسفل أذن الجارية والغلام، في شحمتها من خرز، أو
ذهب، أو غير ذلك، ويقال لما يجعل في أعلاها شنف
__________
1 هكذا في الأصل، وفي ش: "قال أبو سهل: هذا الذي ذكره من قوله: ثلاثة
قرطة، وثلاثة جحرة، وثلاثة جرزة، وجه الجميع فيه أن يقال: ثلاثة أقرط،
وثلاثة أجحار، وثلاثة أجراز، لأن ثلاثة عدد قليل، والعدد القليل، يكون
من الثلاثة إلى العشرة، وما زاد على العشرة فهو جمع كثير، فالقرطة
والجحرة، والجرزة من أمثلة الجمع الكثير، لأن أمثلة الجمع القليل
أربعة، وهي: أفعل، وأفعال، وأفعلة، وفعلة، نحو: أفلس وأكلب، وأجمال
وأبراد، وأحمرة وأرغفة، وغلمة وصبية، وما عدا هذه الأمثلة فهو للجمع
الكثير، وربما جاء للشيء جمعان جمع قليل وجمع كثير، نحو: فلس جمعه في
القليل أفلس، وفي الكثير فلوس، ولو قلت: ثلاثة فلوس، لم يحسن، لأنه
للكثير، وكذلك قولهم: جمل، جمعه في القليل أجمال، وفي الكثير جمال،
وكذلك حمار، جمعه في القليل أحمرة، وفي الكثير حمر، وكذلك صبي، جمعه في
القليل صبية، وفي الكثير صبيان، وأشباه هذه الأسماء كثيرة، وربما جاء
للشيء جمع قليل لا كثير له، وجمع كثير لا قليل له، فيعبر بجمعه القليل
عن الكثير، وبالكثير عن القليل، كقولهم في جمع قفل: أقفال، وفي عدل:
أعدال، وفي رسن: أرسان، فجمعوها على الجمع القليل لا غير، ويعبر بها عن
الكثير. كقولهم في جمع شسع: شسوع، وفي قلب: قلوب، وفي صرد: صردان،
فجمعوها على الجمع الكثير لا غير، ويعبر بها عن القليل.
فهذا الذي ذكرته هو القياس، وهو الأكثر والأحسن في كلام العرب إلا أن
قول أبي العباس ثعلب – رحمه الله – يحمل على تقدير "من" فيكون معناه:
ثلاثة من قرطة، وثلاثة من جحرة، وثلاثة من جرزة، وقد جاء مثل هذا في
كتاب الله عز وجل: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ
ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} أي ثلاثة من قروء، القروء جمع كثير، قد استعمل فيه
الجمع القليل، وهو الأقراء، فيحمل على الوجه الذي يقدر فيه من".
(2/910)
بفتح أوله وسكون ثانيه، وجمعه شنوف، وقد
تقدم ذكره في باب المفتوح أوله1.
وأما الجحر بضم أوله وسكون ثانيه أيضا: فهو معروف للحية والفأر
واليريوع والضبع وغيرها، وه الثقب في الأرض الذي تأوي إليه.
وأما الجرز بضم أوله وسكون ثانيه أيضا، والراء قبل الزاي: فهو العمود
من [الحديد، وهو من] 2 السلاح.
(وتقول: ناقة شائلة) بالهاء: (إذا ارتفع لبنها) 3، أي قل وخف4 في
ضرعها، وذلك إذا أتى عليها سبعة أشهر أو ثمانية من نتاجها. (وجمعها
شول) بفتح الشين وتخفيف الواو وسكونها. قال الشاعر5:
وقد يسرت إذا ما الشول روحها ... برد العشي بشفان وصراد
يسرت: أي دخلت6 مع الأيسار في الجزور، إذا ضربوا عليها
__________
1 ص 584.
2 استدركه المصنف في الحاشية.
3 الإبل 90، والغريب المصنف (149/أ) ، والمخصص 7/13، والعين 6/285،
والجمهرة 2/880، والصحاح 5/1742 (شول) .
4 ش: "وجف" بالجيم.
5 هو سنان بن أبي حارثة المري. والبيت في المفضليات 350، والأصمعيات
209.
6 ش: "يسرت: أي قامرت، يريد دخلت ... ".
(2/911)
بالسهام. والشفان: الريح الباردة. والصراد:
غيم رقيق لا ماء فيه1.
(وناقة شائل) بغير هاء: (إذا شالت بذنبها) 2، تري الفحل أنها لاقح، أي
حامل، والناقة تفعل ذلك إذا شمها [155/أالفحل أو دنا منها، فيعدل حينئذ
عنها، ولا يقربها بضراب. (وجمعها شول) بضم الشين وتشديد الواو. ومنه
قول أبي النجم3:
كأن في أذنابهن الشول ... من عبس الصيف قرون الإيل
وقد يقال4 أيضا: ذنب شائل، وأذناب شول، وينشد على هذا أيضا قول أبي
النجم.
(وهي أكيلة السبع) 5 بالياء: وهي اسم للشاة التي أكلها، فلذلك دخلتها
هاء التأنيث، لأنها اسم وليست بصفة، ولو كانت صفة لم تدخلها الهاء، وهي
فعيلة بمعنى مفعولة6، والجميع أكيلات وأكائل.
__________
1 الصحاح (صرد) 2/497، وفي شرح المفضليات للأنباري 688: "الصراد: ريح
باردة". وقوله: "والصراد ... فيه" ساقط من ش.
2 ينظر: الحاشية رقم 3 ص 911.
3 ديوانه 191.
4 ش: "ويقال".
5 إصلاح المنطق 335، 343، وأدب الكاتب 291، 293، والمخصص 8/9، 15،
والعين 5/408، والتهذيب 10/367، والصحاح 4/1625، والمقاييس 1/123،
والمحكم 7/67 (أكل) .
6 إصلاح المنطق 343.
(2/912)
وقال أبو العباس المبرد1: أكيلة السبع: هي
التي قد قتلها، وأكل منها، وبقي منها. والعرب تقول للباقي منها إذا
رأوه: هذه أكيلة السبع.
(وأكولة الراعي) 2 بالواو: وهي اسم أيضا للشاة (التي يسمنها) ليأكلها،
فلذلك دخلتها الهاء أيضا، وليس بصفة، لأنها لو كانت صفة لم تدخلها
الهاء، وهي الشاة التي يعدها الراعي للأكل، وهي فعولة بمعنى مفعولة،
مثل الحلوبة التي تحلب، والركوبة التي تركب.
(ويكره للمصدق أخذها) 3، لأنها من خير المال، ويجب على المصدق أن يأخذ
من أوساط المال، لا من خيره ولا شره. وجمعها أكولات [155/ب] وأكائل،
كحلوبة وحلوبات وحلائب. والمصدق بتخفيف الصاد: هو الذي يأخذ صدقات
القوم، وهي ما يجب عليهم من زكاة
1 لم أقف عليه. وأبو العباس المبرد هو: محمد بن يزيد بن عبد الأكبر
الثمالي الأزدي، من أئمة النحو واللغة والأدب، من مؤلفاته: معاني
القرآن، والكامل، والمقتضب، والتعازي والمراثي، ونسب عدنان وقحطان،
توفي سنة 285هـ.
أخبار النحويين البصريين 104، وطبقات الزبيدي 101، ومعجم الأدباء
6/2678، وإنباه الرواة 3/241.
2 ينظر: المصادر السابقة في الحاشية رقم 1.
3 وروى مالك في الموطأ 1/223، 224 عن عمر رضي الله عنه قال لساعيه على
الصدقات: "ولا تأخذ الأكولة ولا الربى، ولا الماخض، ولا فحل الغنم".
وينظر: غريب الحديث لأبي عبيد 2/90، 91، والنهاية 1/58، وجامع الأصول
4/601، والمغني لابن قدامة 4/44.
(2/913)
إبلهم وبقرهم وغنمهم.
(ويقال لهذا الذي يوزن به: منا) مخفف النون مقصور، (ومنوان) للاثنين،
مثل عصا وعصوان، (وأمناء) بالمد (للجميع) 1، مثل أقفاء.
(وهو قص الشاة) بالصاد، (وقصصها) 2 أيضا بإظهار التضعيف: لزورها، وهو
رأس صدرها، موضع المشاش، ويكون للإنسان أيضا، والجمع قصوص وأقصاص.
(وهو الصقر) 3 بالصاد المفتوحة: وهو الطائر المعروف من
__________
1 والعامة تقول: "من، ومنان، وأمنان" في المفرد والتثنية والجمع. ابن
درستويه (240/أ) ، وتصحيح التصحيف 498. وهي لغة والأولى أفصح في إصلاح
المنطق 181، والصحاح (منو) 6/2497. وحكى الأزهري أنها لغة بني تميم.
التهذيب (منو) 15/530. وينظر: المنتخب 1/388، والمخصص 12/264، واللسان
15/297، والمصباح 222 (منو) . وأنشد المصنف في التلويح 97 – شاهدا على
التثنية – قول الشاعر:
وقد أعددت للغرماء عندي عصا في رأسها منوا حديد
2 والعامة تقولهما بالسين. إصلاح المنطق 184، وأدب الكاتب 386، وابن
درستويه (240/أ) ، والزمخشري 453. وينظر: العين 5/10، والجمهرة 1/142
(قصص) .
3 والعامة تقوله بالسين. ابن درستويه (240/أ) ، والزمخشري 453، وهي
لغة، وبالزاي لغة ثالثة فيهما. وينظر: ابن خالويه (78/ب) ، والخصائص
1/374، وديوان الأدب 1/107، 108، والإبدال 2/132، 186، والفرق بين
الحروف الخمسة 493، ووفاق المفهوم 244، والمزهر 1/475، والعين 5/60،
والجمهرة 2/717، 742 (صقر) .
(2/914)
الجوراح الذي يصاد به. وجمعه صقور وصقورة
أيضا، والتاء لتأنيث الجماعة.
(وهو الصندوق) 1 بصاد مضمومة: وهو معروف، تجعل فيه الثياب وغيرها.
وجمعه صناديق.
(وتقول2: ما حك هذا الأمر في صدري) 3 بتشديد الكاف: أي ما أثر في قلبي
من عداوة وغم أو غير ذلك. وقيل: معناه: ما أوقع في نفسي شكا، وأنا على
يقين منه4. ولا يصرف هذا الفعل، لأنه جاء كالمثل.
(ومررت برجل يسأل) ،وفي نسخ أخر: (على رجل يسأل) 5،
__________
1 والعامة تقول: "سندوق" بالسين المفتوحة. إصلاح المنطق 185، وأدب
الكاتب 387، وابن درستويه (240/أ) . و"صندوق" بفتح الصاد. الزمخشري
453، وذيل الفصيح 34، وابن ناقيا 2/392. والسندوق لغة في الصندوق في:
الفرق بين الحروف الخمسة 491، والعين 5/246، والبارع 557، والتهذيب
9/386، والمحيط 6/86 (صندق، سندق) . والصندوق بفتح الصاد والزندوق
بالزاي لغتان أيضا في المحيط 816، والقاموس 1164 (صندق) .
2 في الفصيح 320، والتلويح 98: "ومنه تقول".
3 والعامة تقول: "ما حالك" بألف وتخفيف الكاف. إصلاح المنطق 253، وأدب
الكاتب 372، وابن درستويه (240/أ) . وفي الجمهرة 1/101: "ويقال: ما حك
هذا الأمر في صدري، ولا يقال: أحاك". وينظر: المحكم 2/336 (حكك) .
4 الأفعال للسرقسطي 1/336، والتهذيب (حكك) 3/385.
5 كذا في الفصيح 320، وما بين يدي من شروحه.
(2/915)
وهما بمعنى واحد، لأن حروف الجر ينوب بضعها
عن بعض1. ومعنى يسأل: يطلب من الناس فضلهم، كما قال الله تعالى [156/أ]
: {لا يَسْأَلونَ النَّاسَ إِلْحَافاً} 2 وقال جل ثناؤه: {وَاسْأَلُوا
اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} 3 أي اطلبوا وارغبوا إليه. (ولا تقل: يتصدق،
لأن4 المتصدق: المعطي) 5. ومنه قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي
الْمُتَصَدِّقِينَ} 6 أي المعطين7.
(وتقول: أشليت الكلب وغيره) أشليه إشلاء: (إذا دعوته إليك)
__________
1 ينظر: معاني القرآن للأخفش 1/46، 208، وشرح التسهيل لابن مالك 3/152،
ومغني اللبيب 137، والجنى الداني 37.
2 سورة البقرة 273.
3 سورة النساء 32. والآية بقراءة الكسائي وابن كثير، وحذف الهمزة لغة
حجازية. ينظر: السبعة 232، وعلل القراءات 1/147، والحجة لأبي علي
3/155، والدر المصون 3/666.
4 في الفصيح 320، والتلويح 98: "وإنما".
5 والعامة تقول للسائل: "المتصدق". إصلاح المنطق 296، وأدب الكاتب 25،
وابن درستويه (240/ب) ، والصحاح (صدق) 4/1506. قلت: واللفظة من
الأضداد، للسائل والمعطي في: الأضداد لأبي حاتم 135، ولابن الأنباري
179، والصغاني 235، والتهذيب 8/356، والمحيط 5/258، والمقاييس 3/340
(صدق) .
6 سورة يوسف 88.
7 وردت العبارة في ش كما يلي: ".... ومعنى يسأل: يطلب من الناس فضلهم،
ولا تقل: يتصدق، وإنما المتصدق المعطي، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ
اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ} أي المعطين، وقال تعالى:
{وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِه} أي اطلبوا منه وارغبوا إليه".
(2/916)
باسمه، والفاعل مشل بكسر اللام، والكلب
مشلى بفتحها، (وقول الناس: أشليته على الصيد خطأ، فإن أردت ذلك قلت:
آسدته) بالمد، أؤسده بالهمز، وإن شئت أوسده بغير همز، (وأوسدته) 1 أيضا
بالواو، أوسده، والمصدر منهما جميعا إيسادا: إذا أغريته به، وقال
الفراء: "وذلك إذا قلت له أستخذ"2. والفاعل من الممدود مؤسد الهمز،
وبغير همز أيضا، وكسر السين، والكلب مؤسد بفتحها وبالهمز، وترك الهمز،
ومن أوسدت بالواو، موسد موسد بغير همز. وقال الجعدي3: في الإشلاء بمعنى
الدعاء:
وذكرته في شدة القيظ باسمه ... وأشليته حتى أراح وأبصرا
__________
1 إصلاح المنطق 160، 283، 284، وأدب الكاتب 40، والكامل للمبرد 1/425،
3/1225، وتقويم اللسان 61، وتصحيح التصحيف 108، والتهذيب 11/413،
والصحاح 6/2395 (شلو) . قلت: الإشلاء بمعنى الإغراء صحيح مستعمل، واحتج
له ابن درستويه (241/أ) ، وابن بري في اللسان (شلو) 14/443، وقد تكلم
به الشافعي رحمه الله، وهو من الفصحاء، في الأم 2/227، وأحكام القرآن
2/81. وينظر: الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي 399، والرد على الانتقاد
على الشافعي 125.
2 هكذا هو مضبوط بخط المصنف "استخذ"، وأكد عليه بكتابة "صح" فوق
الكلمة، ولم أقف على هذا القول، ولم يتضح لي معناه بهذا اللفظ. وذكرت
المعاجم "استخذ" بصيغة الماضي، بوزن استفعل من أخذ أو تخذ، ولم تذكر
الأمر منه، وقياسه "استخذ" بفتح التاء وكسر الخاء، فيجوز أن يكون هذا
المعنى المراد، ولكن يرده اختلاف الضبط كما ترى. ينظر: اللسان 3/474،
478، والقاموس 421، والتاج 2/552 (أخذ، تخذ) .
3 ديوانه 66، برواية: "وعرفته في شدة الجري باسمه".
(2/917)
أراح: من الراحة. وقال الفرزدق1:
تشلي كلابك والأذناب شائلة ... إلى قروم عظام الهام والقصر
وقال الراجز2 [156/ب] :
أشليت عنزي ومسحت قعبي ... ثم تهيأت لشرب قأب
وقال النابغة الجعدي في الإيساد3:
بأكلب كقداح النبع يوسدها ... طمل أخو قفرة غرثان قد نحلا
طمل وطملال: خفيف الشأن والهيأة.
(وتقول: استخفيت منك) أستخفي استخفاء: (أي تواريت) ، وأنا مستخف. وهو
مأخوذ من خفاء الشيء، وهو استتاره، (ولا يقال:
__________
1 ديوانه 262. يهجو جريرا، والقروم: جمع قرم، وهو الفحل الذي يترك من
الركوب والعمل، ويودع للفحلة. والقصر: الأعناق. واستشهد به ابن بري على
أن الإشلاء في البيت بمعنى الإغراء، ورواه: "على قروم". اللسان (شلو)
14/444.
2 الرجز لأبي نخيلة في: شرح أبيات إصلاح المنطق 337، وتهذيب إصلاح
المنطق 391، والمشوف المعلم 1/405، واللسان 1/657، والتاج 1/418 (قأب)
. وبلا نسبة في: الصحاح 1/197، 6/2395، واللسان 14/443 (قأب، شلا) .
والشطر الأول بلا عزو في: إصلاح المنطق 160، والأساس (شلا) 241.
والقعب: القدح. والفأب: الشرب الكثير.
3 ديوانه 196. والغرثان: الجائع.
(2/918)
اختفيت، إنما الاختفاء: الإظهار) 1.
فاستخفيت وتواريت بمعنى واحد، إذا اختبأت ولم تظهر. فاستخفيت استفعلت
من الخفاء المد وفتح الخاء، والخفية بضمها، وهما الغيبة عن العين
والاستتار. ومنه قوله تلعالى: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا
يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ} 2.
وتواريت: تفاعلت من الوراء، وهو خلف الإنسان وغيره، فلا تراه عينه.
وأما اختفيت: فمعناه: استخرجت الشيء الخفي، أي أظهرته، فكأني أزلت
الخفاء عنه، كما يقال: أعجمت الحرف، إذا أزلت عنه الاستعجام، ولذلك
سموا النباش مختفيا، لأنه يستخرج الأكفان بعد أن كانت مخفية مستورة3.
__________
1 والعامة تقول: "اختفيت" بمعنى استترت. إصلاح المنطق 235، وأدب الكاتب
404، وابن درستويه (241/ب) ، وتثقيف اللسان 249، وتقويم اللسان 62،
وتصحيح التصحيف 88. قلت: اللفظتان عند كثير من العلماء من الأضداد،
للظهور والاستتار. ينظر: الأضداد للأصمعي 21، ولأبي حاتم 115، ولابن
الأنباري 76، 95، وللصغاني 228، وإصلاح المنطق (عن أبي عبيدة) 235،
والتهذيب 7/595، والصحاح 6/2329، والمحكم 5/162 (خفى) .
2 سورة النساء 108. وأنشد المصنف بعد هذه الآية في التلويح 98 قول امرئ
القيس (ديوانه 51) :
خفاهن من أنفاقهن كأنما خفاهن ودق من عشي مجلب
قال: "أي أظهرهن واستخرهن من أسرابهن، يعني فئرة سمعت وقع حوافر الفرس
في حضرة فظنته مطرا".
3 وفي غريب الحديث للحربي 2/840: "وأهل الحجاز يسمون النباش المختفي،
لأنه يستخرج الميت".
(2/919)
(وتقول: دابة لا ترادف: إذا لم تحمل رديفا)
1، ولم تدعه [157/أ] يركبها. والرديف: هو الذي يركب خلف الراكب، ويقال
له: الردف أيضا. والرداف على فعال: هو كفل الدابة، وهو الموضع الذي
يركبه الرجل خلف الراكب من الدابة، ومن الإنسان الردف على فعل. وإنما
قال: لا ترادف، وهو فعل مستقبل، والماضي منه رادفت، والمصدر مرادفة
بفتح الدال، والدابة مرادفة بكسرها، إذا مكنت من ذلك، وهذا الفعل لا
يكون إلا من اثنين، فإنما2 أراد أن الفعل لا يقع من الراكب، ولا من
الدابة، لأنها لما لم تواته ولم تطاوعه على الركوب، امتنع هو منه أيضا،
فكأن الفعل لم يكن منهما جميعا.
(وتقول: هذا يساوي ألفا) 3 بضم الياء، على يفاعل: أي يعادله
__________
1 والعامة تقول: "لا تردف". إصلاح المنطق 297، وأدب الكاتب 408، ومعاني
القرآن وإعرابه 2/402، وابن درستويه (242/أ) ، ودرة الغواص 211، وتقويم
اللسان 85، وذيل الفصيح 8، وتصحيح التصحيف 96، والصحاح 4/1364، وفي
العين 8/23: "ويقال: برذون لا يردف، ولا يرادف، أي يدع وديفا يركبه".
وقال الأزهري في الرد عليه: "كلام العرب: لا يرادف، وأما لا يردف فهو
مولد ممن كلام أهل الحضر". قلت: ما زالت العامة في بعض مناطق السراة
تقول: "هذا الحمار لا يردف" بغير ألف، أي لا يحمل رديفا.
2 ش: "فإما".
3 والعامة تقول: "يسوى". أدب الكاتب 411، وابن درستويه (142/أ) ، وذيل
الفصيح 36، وتصحيح التصحيف 557. و"يستوي" الزمخشري (200/ب) ، وتقويم
اللسان 188. والأخيرة لغة في العين 7/325، والمحيط 8/413، والمصباح
113، والقاموس 1673 (سوى) . وفي التهذيب: "وقولهم: لا يسوى ليس من كلام
العرب، وهو من كلام المولدين، وكذلك يسوى ليس بصحيح". قلت: وعامة
زماننا هذا لا يعرفون إلا "يسوى".
(2/920)
ويماثله في القيمة. والماضي منه ساوى،
والمصدر مساواة وسواء بكسر السين والمد، والفاعل مساو بكسر الواو، وهذا
أيضا لا يكون إلا من اثنين فأراد أن كل واحد يعادل الآخر في القيمة
والقدر.
(وتقول: فلان يتندى على أصحابه، كقولك: يتسخى) 1 في الوزن والمعنى، وهو
يتفعل من الندى، وهو الجود وماضيه تندى، ومصدره تند، والفاعل متند.
(وتقول: أخذه ما قدم وما حدث) 2 بضم الدال فيهما: أي أصابه من الهم
والغم، أو القلق، أو الغيظ، أو الحيرة، أو الخوف، أو نحو ذلك ما تقدم
منه وما تأخر، أي ما قد طال عهده منه وعرف، وما قد طرأ ووجد بعد أن لم
يكن، ومستقبلهما يقدم ويحدث بضم الدال أيضا، ومصدرهما قدم بكسر القاف
وفتح الدال، وحدثان بكسر الحاء وسكون الدال، وحداثة بفتحهما، واسم
الفاعل منهما قديم وحديث، على فعيل3. وإذا أفردت حدث ونطقت به وحده
فقلت: حدث
__________
1 والعامة تقول: "يندي". إصلاح المنطق 331، وأدب الكاتب 413، والزمخشري
456، والتهذيب 14/192، والصحاح 6/2506 (ندو) .
2 والعامة تقول: "ما قدم وما حدث" بفتح الدال من حدث على الأصل.
الزمخشري 456. وفي درة الغواص 66: "ويقولون: قد حدث أمر، فيضمون الدال
من "حدث" مقايسة على ضمها في قولهم: أخذه ما حدث وما قدم ... ". وينظر:
تقويم اللسان 99، وتصحيح التصحيف 222، والتهذيب 4/406، والصحاح 1/278،
والمحكم 3/187 (حدث) . وهذه الجملة مثل يضرب للمغتاظ والذي يفرط
اغتمامه. المستقصى 1/97.
3 زيد في ش: "لما فيهما من معنى المبالغة".
(2/921)
الشيء، كانت الدال منه مفتوحة لا غير، فإذا
قرنته مع قدم فقلت: قدم وحدث، ضممت الدال منه على طريق الإتباع
والمزاوجة.
(وتقول: كسفت الشمس) بفتح الكاف والسين، تكسف بكسر السين كسوفا فهي
كاسفة، إذا أظلمت واسودت وذهب ضوؤها، لحجز القمر بينها وبيننا.
(وخسف القمر) بفتح الخاء والسين، يخسف بكسر السين، خسوفا، فهو خاسف:
إذا أظلم أيضا، وذهب نوره لحجز الأرض بينه وبين الشمس، فلم يصل منها
إليه نور يضيء به. وقال تعالى: {فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ [158/أ]
وَخَسَفَ الْقَمَرُ} 1و (هذا أجود الكلام) 2، يعني أن القمر يقال فيه
خسف بالخاء، وأن الشمس يقال فيها: كسفت. والعامة تقولهما جميعا
بالكاف3.
__________
1 سورة القيامة 7، 8. وكتب المصنف فوق "برق" كلمة "معا" وضبط الراء
بالفتح والكسر إشارة إلى أنها تقرأ بالوجهين، وقرأ بالفتح نافع، وأبان
عن عاصم، وقرأ بالكسر ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم وحمزة،
والكسائي. ينظر: معاني القرآن للفراء 3/209، والسبعة 661، ومعاني
القرآن وإعرابه للزجاج 5/252، وعلل القراءات 2/730، والدر المصون
10/567، والتهذيب (برق) 9/132.
2 إلى هنا عن ثعلب في الصحاح (خسف) 4/1350.
3 في الجمهرة 1/597 لا يجوز أن يقال: "كسف القمر". ويستعمل الخسوف
والكسوف في الشمس والقمر سواء في: نوادر أبي مسحل 2/470، والمنتخب
1/285، والمخصص 9/28، والعين 5/314، والتهذيب 10/75، والصحاح 4/1421،
والمجمل 2/784، والمحكم 6/451 (كسف) .
(2/922)
(وشويت اللحم فانشوى) بنون قبل الشين، لأن
انفعل1 للمطاوعة، كما تقول: قدت الدابة فانقاد، أي طاوع للقياد. وانشوى
معناه: نضج، ومستقبله ينشوي، ومصدره انشواء، واللحم منشو بالنون في
جميع ذلك، والرجل شاو. ولا يقال: شويت اللحم فاشتوى بتاء بعد الشين،
لأن اشتوى يكون للرجل الذي يشوي اللحم2، أي يتخذه شواء، وهو مثل
الشاوي، يقال: شويت اللحم أشويه شيا، فأنا شاو، واللحم مشوي، إذا عملته
شواء، واشتويته بالتاء، أشتويه اشتواء بالتاء، فأنا مشتو، واللحم
مشتوى، على مثال اكتسبت المال أكتستبه اكتسابا، فأنا مكتسب بكسر السين،
والمال مكتسب بفتحها. وفرق الجبان بين شوى واشتوى فقال: معنى شوى عام
لنفسه ولغيره، واشتوى بالتاء، خاص لنفسه3.
(وتقول: قليت اللحم والسويق وغيره) أقليه قليا، فأنا قال،
__________
1 ش: "الفعل".
2 عبارة الفصيح 321، والتلويح 99: "ولا تقل: اشتوى، إنما المشتوي:
الرجل الذي يشتوي". وأنشد بعد هذا في التلويح ليزيد بن الحكم الثقفي:
تملأت من غيظ علي فلم يزل ... بك الغيظ حتى كدت بالغيظ تنشوي
قلت: والعامة تقول: "اشتوى اللحم" تريد "انشوى". ابن درستويه (243/ب) ،
وتقويم اللسان 74، وتصحيح التصحيف 108، والصحاح (شوى) 6/2399. قال
سيبويه في باب ما طاوع فعله الذي فعل، وهو يكون على انفعل وافتعل:
"وذلك قولك: كسرته فانكسر ... وشويته فانشوى، وبعضهم يقول: فاشتوى".
الكتاب 4/65، وينظر: أدب الكاتب 458.
3 الجبان 337. وينظر: العين (شوى) 6/297.
(2/923)
(وهو مقلي) بالياء، (وقد يقال في البسر
والسويق: قلوته) أقلوه قلوا، فأنا قال، (و) هو [158/ب] (مقلو) 1
بالواو، ومعنى قليت وقلوت واحد2، أي شويت على المقلى. وأنشد أبو حاتم
عن أبي زيد3:
قردانه في العطن الحولي ... سود كحب الحنظل المقلي
(وقال الفراء: كلام العرب إذا عرض عيك الشيء أن تقول) لعارضه: (توفر
وتحمد) بالفاء، (ولا تقل: توثر) 4 بالثاء، ومعناه: إذا بذل لك الشيء
قلت أنت للذي يبذله لك: توفر مالك5، أي يترك لك موفورا، أي تاما لا
تنقص منه شيئا، وتحمد على ما بذلت من مالك، ويقال: وفر الرجل ماله، فهو
يوفر6 وفرا وفرة، وكذلك وفر المال نفسه يوفر وفرا وفرة أيضا، على ما لم
يسم فاعله فيها جميعا، أي
__________
1 عبارة الفصيح 321، والتلويح 99: "..... وقد يقال في البسر والسويق:
مقلو وقلوته".
2 الكتاب 4/46، وإصلاح المنطق 139، 186، وأدب الكاتب 472، والجمهرة
2/976، والتهذيب 2959، والصحاح 6/2466، والمحكم 6/310، والمصباح 197
(قلو، قلى) .
3 الرجز بلا نسبة في: النبات لأبي حنيفة (المقدمة – يو) واللسان 7/52،
والتاج 4/405 (صيص) .
4 إصلاح المنطق 327، وأدب الكاتب 413، والتهذيب 15/250، والصحاح 2/848
(وفر) .
5 ش: "قلت: توفر مالك".
6 ش: "موفر".
(2/924)
جعل وافرا، أي تاما غير ناقص. وقد وفر الله
المال يفره وفرا وفرة أيضا، فهو وافر، والمال موفور، وقد وفر المال
بنفسه بالفتح أيضا، فهو يفر وفورا، أي كثر، وهو وافر.
(وتقول: إن فعلت كذا وكذا فبها ونعمت بالتاء) 1 في الوقف، وهذا كلام
مختصر محذوف للإيجاز، أي ونعمت الخصلة، ومعنى قوله: "فبها": أي
فبالخصلة الحسنة أخذت ونعمت الخصلة. والخصلة: هي الحالة والأمر [159/أ]
وأشباه ذلك، يقال: في فلان خصلة حسنة، أو خصلة قبيحة.
(وتقول: أرعني سمعك) 2 بفتح الألف وسكون الراء وكسر العين: أي اسمع
مني، وهو من أرعيته سمعي أرعيه إراعاء، إذا أصغيت إليه، ومعناه: اجعل
سمعك راعيا لقولي، أي احفظه كما يحفظ الراعي رعيته.
__________
1 والعامة تقول: "ونعمه" وتقف بالهاء. إصلاح المنطق 282، وأدب الكاتب
414، وابن درستويه (244/أ) ، والمرزوقي (191/أ) ، والزمخشري 458،
والصحاح 5/2041، والمحكم 2/142 (نعم) . وينظر: المجموع المغيث 3/320،
والنهاية 5/83.
2 والعامة تقول: "أعرني سمعك". ابن درستويه (244/ب) ، وتقويم اللسان
73، وتصحيح التصحيف 115. وينظر: العين 2/241، والمحكم 2/171، والأساس
168 (رعى) .
(2/925)
(وتقول: بخصت عين الرجل بالصاد) 1، أبخصها
بفتح الخاء، بخصا، فأنا باخص، وهي مبخوصة: إذا قلعتها مع شحمتها2. وقال
الليث بن المظفر: إذا أدخلت يدك فيها3. وقال ابن درستويه والجبان: إذا
فقأتها4.
__________
1 والعامة تقول: "بخست" بالسين. ما تحلن فيه العامة 105، وإصلاح المنطق
184، وأدب الكاتب 387، وابن درستويه (244/ب) ، وتقويم اللسان 82،
وتصحيح التصحيف 151. والسين لغة في: الإبدال 2/176، والفرق بين الحروف
الخمسة 491، والأفعال للسرقسطي 4/107، والعين 4/203، والمحيط 4/270،
والمحكم 5/42، 55 (بخس، بخص) . وفي التهذيب (بخص) 7/153 عن الأصمعي:
"بخص عينه وبخزها وبخسها، كله بمعنى فقأها".
2 الصحاح (بخص) 3/1029.
3 القول للخليل في ابن درستويه (245/أ) ، وليس في مادة (بخص) من العين،
وفي مادة (بخس) 4/203: "البخس: فقء العين بالإصبع وغيرها". وكما ترى
فالمصنف خالف ابن درستويه ونسب القول إلى الليث، كأنه ينكر نسبة العين
إلى الخليل، مع أنه نقل في ص 703، 722، 729، 739، أقوالا عن الخليل،
وهي جميعا في العين.
والليث بن المظفر (ويقال بن نصر) بن سيار الخراساني اللغوي النحوي، أخذ
عن الخليل بن أحمد النحو واللغة، وأملى عليه ترتيب كتاب العين، ويقال:
إن الخلل الواقع فيه من جهته، كان رجلا صالحا، ولم تؤرخ سنة وفاته.
طبقات الشعراء لابن المعتز 96، ومقدمة التهذيب للأزهري 1/28، وإنباه
الرواة 3/42، ومعجم الأدباء 5/2253، وإشارة التعيين 277.
وينظر خلاف العلماء في نسبة كتاب العين في المصادر السابقة، والمزهر
1/77، ومعجم المعاجم 191، والمعاجم اللغوية 20.
4 ابن درستويه (244/ب) ، والجبان 339.
(2/926)
(وبخسته حقه) 1 بالسين، أبخسه بفتح الخاء
أيضا، بخسا، فأنا باخس: (أي2 نقصته) . والرجل مبخوس الحق، ومبخوس حقه،
والحق مبخوس أيضا، وكله معناه: منقوص. وقال تعالى: {وَلا تَبْخَسُوا
النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ} 3 أي لا تنقصوهم.
(وبصق الرجل) بالصاد، يبصق بضمها، بصقا وبصاقا: إذا رمى بريقه من فيه،
(وهو البصاق) بالضم: معروف، وهو ما يلقيه الإنسان من فيه من الماء
والرطوبة التي تتحلب منه، ولا يسمى بصاقا إلا إذا ألقي من الفم، فأما
إذا كان فيه فيسمى الريق. والعامة تقول: البزاق بالزاي، للبصاق [159/ب]
، وهي لغة أيضا عن العرب4.
__________
1 ذكره، لأن العامة لا تفرق بينه وبين الفعل السابق، فتنطقهما جميعا
بالسين. ابن درستويه (245/أ) .
قلت: لا تزال العامة في بعض مناطق السراة تقول للشيء المنقوص: "مبخوص"
تقلب السين صادا.
2 في الفصيح 85، والتلويح 100: "إذا".
3 سورة الأعراف 85، وهود 85، والشعراء 183.
4 في إصلاح المنطق 184، وأدب الكاتب 387: "هو البصاق والبزاق، ولا
يقال: البساق. قلت: كلها لغات في: الإبدال والمعاقبة والنظائر 468،
والإبدال 2/119، 133، ووفاق المفهوم 237، وابن درستويه (245/أ) ،
والاقتضاب 2/197 والفرق بين الحروف الخمسة 369، 492، والعين 5/85،
والتهذيب 8/418، والصحاح 4/1450، والمحكم 6/135، 151، 160 (بزق، بسق،
بصق) .
(2/927)
(وبسق النخل1 بالسين: (أي طال) 2، فهو يبسق
بسوقا، وهو باسق، وهي باسقات، لأن النخل تجرى مجرى الواحد تارة ومجرى
الجماعة تارة3. وقال تعالى: {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ
نَضِيدٌ} 4.
(ولصقتبه) بصاد مكسورة، فأنا ألصق لصوقا: أي التصقت به واتصلت به على
بعض الوجوه. والعامة تقول: لزقت ولست بالزاي والسين، وهما لغتان للعرب
أيضا5.
(وصفقت الباب) 6 بالصاد، أصفقه صفقا، فأنا صافق، والباب مصفوق: إذا
رددته. وقال ابن درستويه: معناه: رددته بشدة حتى
__________
1 قال ابن درستويه (245/ب) : "ولا يجوز في هذا الصاد ولا الزاي، وإنما
جاز في الأول، لأن أصله الصاد". وذكر الرزوقي (191/ب) أن العامة لا
تغلط فيه. قلت: إنما ذكره ثعلب ليبين معنى البسوق بالسين، لا لأن
العامة تغلط فيه.
2 في الفصيح 321، والتلويح 100: "إذا طال".
3 المذكر والمؤنث للفراء 90، ولابن الأنباري 2/142، ولابن التستري 106.
4 سورة ق 10.
5 في العين (لصق) 5/64: "لصق يلصق لصوقا لغة تميم، ولسق أحسن لقيس،
ولزق لربيعة، وهي أقبحها". وينظر: القلب والإبدال 44، وإصلاح المنطق
379، وأدب الكاتب 487، والإبدال والمعاقبة والنظائر 468، والإبدال
2/115، 131، وديوان الأدب 1/191، 2/246، والفرق بين الحروف الخمسة 493،
ووفاق المفهوم 238، والجمهرة 2/823، والتهذيب 8/371، والصحاح 4/1549
(لزق، لصق) .
6 والعامة تقوله بالسين. ابن درستويه (245/ب) ، وابن ناقيا 2/400، وهي
لغة في: فعل وأفعل للأصمعي 482 (عن أبي عمرو بن العلاء) ، والقلب
والإبدال 42 (عن الفراء) ، وأدب الكاتب 435، وفعلت وأفعلت للزجاج 48،
والأفعال للسرقسطي 3/379، 493، والفرق بين الحروف الخمسة 494، والعين
5/82، والجمهرة 2/846، والتهذيب 8/414، والصحاح 4/1497، والمحكم 6/148
(سفق) .
(2/928)
صوت1. وقال الشاعر2:
متكئا تصفق أبوابه ... يسعى عليه العبد بالكوب
(وهو صفيق الوجه) 3 بالصاد أيضا: للصلب القليل الحياء، وهو ضد الرقيق،
وقد صفق وجهه بالضم، يصفق صفاقة، فهو صفيق.
(والبرد قارس) 4 بالسين: أي شديد، وقد قرس البرد يقرس قرسا، إذا اشتد،
على مثال ضرب يضرب ضربا.
(واللبن قارص) 5 بالصاد: أي فيه أدنى حموضة يقرص اللسان، أي تلذعه6،
لأجل تغيره [160/أ] عن الحلاوة7. وقد قرص اللبن يقرص قروصا، فهو قارص،
على مثال رجع يرجع رجوعا، فهو راجع.
__________
1 ابن درستويه (245/ب) .
2 هو عدي بن زيد، والبيت في ديوانه 67، وفيه: "تقرع أبوابه"، وبرواية
المصنف في الصحاح 1/215، 4/1508 (كوب، صفق) .
3 والعامة تقوله بالسين. ابن درستويه (245/ب) ، وهي لغة أيضا في
الإبدال 2/191، والفرق بين الحروف الخمسة 494، والعين 5/82، والتهذيب
8/415، والصحاح 4/1497، والمحكم 6/148 (سفق) . وقال الكسائي: "هذا ثوب
صفيق بالصاد. ووجه فلان سقيق بالسين، وإنما تكلمت العرب بهذا فرقا بين
سفاقة الوجه، وصفاقة الثوب" ما تلحن فيه العامة 122.
4 والعامة تقول: "قارص" بالصاد. ما تلحن فيه العامة 122، وإصلاح المنطق
184، وأدب الكاتب 386، وتثقيف اللسان 102، وتقويم اللسان 150، والمدخل
إلى تقويم اللسان 364، وتصحيح التصحيف 412، والصحاح (قرس) 3/962.
5 والعامة تقوله بالسين. ما تلحن فيه العامة 122، وإصلاح المنطق 183،
وأدب الكاتب 387، وابن درستويه (246/أ) .
6 كذا، وفي ش، والتلويح: "يلذعه"، وهو أوفق للسياق.
7 ينظر: اللبأ واللبن 144، والمنتخب 1/382، والمخصص 5/41.
(2/929)
|