إعراب ما يشكل من ألفاظ الحديث بَاب الصَّاد
فِي إِعْرَاب مَا يشكل من حَدِيث
[50] أبي أُمَامَة صدى بن عجلَان الْبَاهِلِيّ.
[51] صَفْوَان بن أُميَّة.
[52] الصنَابحِي.
(1/105)
[50] أَبُو أُمَامَة الْبَاهِلِيّ
أفضل لَا ينْصَرف
(188) وَفِي حَدِيث أبي أُمَامَة صدى بن عجلَان الْبَاهِلِيّ: " مَا
أذن الله - عز وَجل - لعبد فِي شَيْء أفضل من رَكْعَتَيْنِ
يُصَلِّيهمَا " أفضل لَا ينْصَرف، وَهُوَ فِي مَوضِع جر صفة لشَيْء،
وفتحته نائبة عَن الكسرة.
تَوْجِيه رِوَايَة " فرض مجزى "
(189) وَفِي حَدِيثه: " قلت: يَا رَسُول الله أَرَأَيْت الصّيام مَاذَا
هُوَ؟ قَالَ: فرض مَجْزِي " كَذَا وَقع فِي هَذِه الرِّوَايَة
(بِالْألف، وَضم الْمِيم وبزاي مُشَدّدَة) [وَلَيْسَ بِشَيْء،
وَالصَّوَاب: مَجْزِي - بِفَتْح الْمِيم وبياء مُشَدّدَة] أَي: مُقَابل
بِالْأَجْرِ كَقَوْلِك: الْمَرْء مَجْزِي بِعَمَلِهِ.
تَوْجِيه رِوَايَة " أَو نَبِي كَانَ " بِالرَّفْع
وَفِيه: " قلت: يَا نَبِي الله، أَو نَبِي كَانَ آدم " وَقع فِي هَذِه
الرِّوَايَة " نَبِي كَانَ " بِالرَّفْع، وَالْوَجْه: النصب على أَنه
خبر كَانَ مقدم، وآدَم اسْم كَانَ.
(1/106)
وللرفع وَجه، وَهُوَ أَن يكون جعل كَانَ
زَائِدَة، أَي أَنَبِي آدم؟ وَإِن جعلته مُبْتَدأ وَجعلت فِي كَانَ
ضميرا يعود إِلَيْهِ ونصبت " آدم " على أَنه خبر كَانَ؛ فَهُوَ جَائِز
على ضعف، وَقد جَاءَ فِي الشّعْر مثله، أنْشد سِيبَوَيْهٍ:
(فَإنَّك لَا تبالي بعد حول ... أظبي كَانَ أمك أم حمَار؟ !)
تَوْجِيه رِوَايَة عُرْوَة عُرْوَة
(190) وَفِي حَدِيثه: " لينقضن عرا الْإِسْلَام عُرْوَة عُرْوَة "
بِالنّصب على الْحَال، [وَالتَّقْدِير: مبعضة] ، كَقَوْلِهِم: دخلُوا
الأول فَالْأول مَعْنَاهُ: شَيْئا بعد شَيْء، وَلِهَذَا حسن أَن
يَجْعَل جَوَاب: كَيفَ ينْقض؟
تَوْجِيه رِوَايَة " غرا محجلين "
(191) وَفِي حَدِيثه: " مَا من أمتِي أحد إِلَّا وَأَنا أعرفهُ يَوْم
الْقِيَامَة. قَالُوا: يَا رَسُول الله، من رَأَيْت وَمن لم تَرَ؟
قَالَ: " من رَأَيْت وَمن لم أر: غرا محجلين من آثَار الْوضُوء " النصب
على تَقْدِير: أَرَاهُم غرا محجلين، أَو يأْتونَ غرا [محجلين] .
[51] صَفْوَان بن أُميَّة
تَوْجِيه قَوْله: " أغصبا "
(192) وَفِي حَدِيث صَفْوَان بن أُميَّة: " أَن رَسُول الله [صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم] اسْتعَار مِنْهُ يَوْم خَيْبَر
(1/107)
أدرعا فَقَالَ: أغصبا يَا مُحَمَّد؟ قَالَ:
" بل عَارِية مَضْمُونَة ".
قَوْله: " أغصبا " هُوَ مَنْصُوب على الْمصدر، وَيجوز أَن يكون حَالا
لَهُ أَي: أتأخذهما غَاصبا؟ [وَيجوز أَن يكون مَفْعُولا لَهُ، أَي:
أتأخذها للغصب؟ وَقَوله: " بل عَارِية " مَرْفُوع، أَي: بل هِيَ
عَارِية، وَلَو نصب جَازَ، أَي: أَخَذتهَا عَارِية] .
[52] الصنَابحِي
تَحْقِيق حَدِيث " لَا ترجعوا بعدِي كفَّارًا. . "
(193) وَفِي حَدِيث الصنَابحِي: قَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم] : " لَا ترجعوا بعدِي كفَّارًا: يضْرب بَعْضكُم رِقَاب بعض ".
هَذَا الحَدِيث يرويهِ المحدثون غير مُحَقّق، وَفِيه كَلَام يحْتَاج
إِلَى بسط، وَذَلِكَ أَن قَوْله: " يضْرب " إِذا رفعته كَانَ مَوضِع
الْجُمْلَة نصبا صفة لكفار؛ فَيكون النَّهْي عَن كفرهم، وَعَن ضرب
بَعضهم رِقَاب بعض، فَأَيّهمَا فعلوا فقد وجد الْمنْهِي عَنهُ، إِلَّا
أَنَّهُمَا إِذا اجْتمعَا كَانَ النَّهْي أَشد.
وَقَالَ بعض الْعلمَاء: النَّهْي يكون عَن الصّفة الثَّانِيَة،
وَنَظِيره: قَول الرجل لزوجته: إِن كلمت رجلا طَويلا فَأَنت طَالِق،
فكلمت رجلا قَصِيرا لم تطلق، فَكَذَلِك إِذا رجعُوا كفَّارًا، وَلم
يضْرب بَعضهم وُجُوه بعض. وَهَذَا القَوْل فِيهِ بعد؛ وَذَلِكَ أَن
الْكفْر قد علم النَّهْي عَنهُ بِدُونِ أَن يضْرب بَعضهم رِقَاب بعض.
وَيجوز أَن يرْوى " يضْرب " بِالْجَزْمِ، على تَقْدِير شَرط مُضْمر
أَي: إِن ترجعوا كفَّارًا يضْرب بَعْضكُم رِقَاب بعض. وَنَظِير هَذَا
الحَدِيث قَوْله تَعَالَى: {فَهَب لي من لَدُنْك وليا يَرِثنِي}
بِالرَّفْع والجزم.
(1/108)
إِلَّا أَن أَكثر الْمُحَقِّقين من النَّحْوِيين لَا يجيزون الْجَزْم
فِي مثل هَذَا الحَدِيث؛ لِأَنَّهُ يصير الْمَعْنى: إِلَّا ترجعوا
بعدِي كفَّارًا تسلموا، وَنَظِير ذَلِك قَوْله: لَا تدن من الْأسد تنج.
أَي: إِلَّا تدن، فَجعل التباعد من الْأسد سَببا فِي السَّلامَة
وَهَذَا صَحِيح. وَإِن قلت: لَا تدن من الْأسد يَأْكُلك كَانَ فَاسِدا؛
لِأَن التباعد مِنْهُ لَيْسَ سَببا فِي الْأكل. فَإِن قلت: فَلم لَا
يقدر: إِن تدن بِغَيْر لَا؟ قيل: يَنْبَغِي أَن يكون الْمُقدر من جنس
الملفوظ بِهِ. وَقد ذهب قوم إِلَى جَوَاز الْجَزْم هَا هُنَا على هَذَا
التَّقْدِير. و [عَلَيْهِ] يجوز الْجَزْم فِي الحَدِيث، وَقيل: لَيْسَ
مُرَاد الحَدِيث النَّهْي عَن الْكفْر، بل النَّهْي عَن الِاخْتِلَاف
الْمُؤَدِّي إِلَى الْقَتْل، فعلى هَذَا يكون " يضْرب " مَرْفُوعا،
وَيكون تَفْسِير الْكفْر المُرَاد بِالْحَدِيثِ. |