اقتطاف الأزاهر والتقاط الجواهر

الباب السادس

باب الحاء
فصل الصحيح المتفق:
حَرَقَ نَابَهُ يَحْرُقُهُ وَيَحْرِقُهُ: إِذَا سَحَقَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ حَتَّى يُسْمَعَ صَرِيرُهُ.
حَجَلَ الطائِرُ يَحْجُلُ وَيَحْجِلُ حَجَلانَاً: إِذَا مَشَى مِشْيَةَ المُقَيَّدِ.
حَدَرْتُ الشَّيْءَ أَحْدُرُهُ وَأَحْدِرُهُ: إِذَا تَرَكْتَهُ يَنْزِلُ مِنْ عُلْوٍ إِلَى سُفْلٍ.
حَرَنَ الفَرَسُ يَحْرُنُ وَيَحْرِنُ فَهُوَ حَرُونٌ: إِذَا كَانَ لاَ يَنْقَادُ، وَإِذَا اشْتَدَّ بِهِ الجَرْيُ وَقَفَ.
حَزَرْتُ الشَّيْءَ: إِذَا قَدَّرْتُهُ، أَحْزُرُهُ وَأَحْزِرُهُ، حَزْراً.
حَسَدَ الرَّجُلُ: إِذَا تَمَنَّى زَوَالَ نِعْمَةِ المَحْسُودِ، يَحْسُدُ بِالضَّمِ حُسُوداً، قَالَ الأخْفَشُ: وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: يَحْسِدُ بِالكَسْرِ.
حَشَرَ يَحْشُرُ وَيَحْشِرُ: إِذَا حَشَدَ وَجَمَعَ.

(1/105)


حَصَدْتُ الزَّرْعَ وَغَيْرَهُ أَحْصُدُهُ وَأَحْصِدُهُ حَصْداً: إِذَا قَطَعْتُهُ.
حَظَبَ يَحْظُبُ وَيَحْظِبُ حِظَابَةً وَحُظُوباً: إِذَا سَمِنَ، يُقَالُ اعْلُلْ تَحْظُبْ، أَيْ: اشْرَبْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةَ تَسْمَنْ.
حَلَبَ النَّاقَةَ يَحْلُبُهَا وَيَحْلِبُهَا، قَالَهُ الأَصْمَعِيّ.
حَلَجَ القُطْنَ يَحْلُجُهُ وَيَحْلِجُهُ فَهُوَ حَلاَّجٌ، والقُطْنُ حَلِيجٌ وَمَحْلُوجٌ، وَذَلِكَ إِذَا نَزَعَ مِنْهُ حَبَّهُ.
حَنَكْتُ الفَرَسَ أَحْنُكُهُ وَأَحْنِكُهُ: إِذَا جَعَلْتَ فِي فَمِهِ الرَّسَنَ.

(1/106)


فَصْلٌ فِي الأَجْوَفِ المُخْتَلِفِ:
حَارَ يَحُورُ: إِذَا رَجَعَ، قَالَ تَعَالَى: {إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ} [الانشقاق: 14] مَعْنَاهُ: أَنْ لَنْ يَرْجِعَ إِلَى الآخِرَةِ، وَمِنْهُ قَوْلَهُ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَدِيثِ الاسْتِعَاذَةِ: "وَمِنَ الحَوْرِ بَعْدَ الكَوْرِ"، يَعْنِي: مِنَ الرُّجُوعِ إِلَى خَلْفٍ، والكَوْرُ: بِالرَّاءِ مَأْخُوذٌ مِنْ كَوْرِ العِمَامَةِ، وَيُرْوَى: "بَعْدَ الكَوْنِ" بِالنُّونِ، مَصْدَرُ كَانَ، يُقَالُ: حَارَ بَعْدَ مَا كَانَ، مَعْنَاهُ: بَعْدَمَا كَانَ عَلَى أَمْرٍ مُسْتَقِيمٍ. وَحَارَ الرَّجُلُ يَحِيرُ: إِذَا دَخَلَ الحِيرَةَ، عَلَى مَنْ جَعَلَ يَاءَهَا أَصْلِيَّةً.
حَاكَ الثَّوْبَ يَحوكُهُ حَوْكاً وَحِيَاكَةً: نَسَجَهُ. وَحَاكَ فِي مِشْيَتِهِ يَحِيكُ حَيَكَاناً: إِذَا حَرَّكَ مَنْكَبَيْهِ.

(1/107)


فَصْلٌ فِي المُضَاعَفِ المُتَّفِقِ:
حَدَّتِ المَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا تَحُدُّ وَتَحِدُّ حِدَاداً: امْتَنَعَتْ مِنْ الزِّينَةِ وَالخِضَابِ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا.

فَصْلٌ فِي المُضَاعَفِ المُخْتَلِفِ:
حَسَّ الدَّابَّةَ يَحُسُّهَا بِالضَّمِ: إِذَا أَزَالَ شَعَثَهَا، وَمِنْهُ قَوْلُ زَيْدٍ بْنِ صُوحَانَ حِينَ ارْتُثَّ يَوْمَ الجَمَلِ: "ادْفِنُونِي فِي ثِيَابِي وَلاَ تَحُسُّوا تُرابَا" أَيْ: لاَ تَنْفُضُوهُ، وَارْتُثَّ: افْتُعِلَ مِنْ أَرَثَّ الثَّوْبُ، أَي: أَخْلَقَ؛ يُقَالُ ارْتُثَّ فُلاَنٌ، - عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ - أَيْ: حُمِلَ مِنَ المَعْرَكَة رَثِيثاً، أَيْ: جَرِيحاً وَبِهِ رَمَقٌ. وَحَسَّ الشيْءَ يَحُسُّهُ بِالضَّمّ: إِذَا اسْتَأْصَلَهُ وَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهُ شَيْئاً، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ} [آل عمران: 152] أَيْ: تَسْتَأْصِلُونَهُمْ بِالقَتْلِ.

(1/108)


وَحَسَّ لَهُ يَحِسُّ بِالكَسْرِ، أَيْ: رَفَقَ لَهُ. قَالَ الكُمَيْتُ:
هَلْ بَكَى الدَّارَ رَاجٍ أَنْ تُحِسَّ بِهِ ... أَوْ يَبْكِيَ الدَّارَ مَاءُ العَبْرَةِ الخَضِلُ
حَفَّهُ بِالشَّيْءِ يُحُفُّهُ بِالضَّمّ كَمَا يُحَفُّ الهَوْدَجُ بِالثِيَابِ. وَكَذَلِكَ حَفَّ شَارِبَهُ يَحُفُّهُ حَفّاً، أَيْ: أَحْفَاهُ. وَحَفَّ رَأْسُهُ يَحِفُّ بِالكَسْرِ حُفُوفاً: إِذَا بَعُدَ عَهْدُهُ بِالدَّهْنِ. قَالَ الكُمَيْتُ يَصِفُ وَتداً:
وَأَشْعَثَ فِي الدَّارِ ذَا لِمَّةٍ ... يُطِيلُ الحُفَوفَ فَلاَ يَقْمَلُ
مَعْنَاهُ: أَنَّهُ لاَ يَدْهُنُ رَأْسَهُ، وَمَعَ هَذَا فَلاَ يَقْمَلُ، وَأَخْرَجَهُ مَخْرَجَ اللُّغْزِ. وَمِنْهُ فِي وَصْفِ الوَتِدِ، قَوْلُ الأَخْطَلِ:
بِنَزْوَةِ لِصٍّ بَعْدَمَا مَرَّ مُصْعَبٌ ... بِأَشْعَثَ لاَ يُفْلَى وَلاَ هُوَ يَقْمَلُ
ومُصْعَبٌ فِي البَيْتِ هُوَ: الأَشْعَثُ، كَرَّرَهُ بِلَفْظٍ آخَرَ، وَهَذَا النَّوْعُ يُقَالُ لَهُ: الاسْتِخْلاَصُ وَالتَّجرِيدُ، وَقَدْ بَوَّبَ عَلَيْهِ ابْنُ جِنِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي "الخَصَائِصِ" وَذَكَرَ مِنْهُ أَشْيَاءَ غَرِيبَةً.

(1/109)


وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ} [فصلت: 28]، أَيْ: لَهُمْ فِي الجَنَّةِ دَارُ الخُلْدِ، وَهِيَ بِنَفْسِهَا دَارُ الخُلْدِ، فَكَأَنَّهُ جَرَّدَ مِنَ الدَّارِ داراً.
حَلَّ العَذَابُ يَحُلُّ بِالضَّمِ، أَيْ: يَنْزِلُ، وَمِنْهُ قِرَاءَةُ الكَسَائِيّ {فَيَحُلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي} [طه: 81] بِالضَّمِ أَيْ: يَنْزِلُ. وحَلَّ لك الشّيْءُ يحِلُّ بالكسر حِلاًّ وحَلاَلاً ضد حَرُم. وَحَلَّ الهَدْيُ: يَحِلُّ أَيْضاً حِلَّةً وَحُلُولاً: إِذَا بَلَغَ المَوْضِعَ الَّذِي يَحِلُّ فِيهِ نَحْرُهُ. وَحَلَّ العَذَابُ يَحِلُّ، أَيْ: وَجَبَ، وَمِنْهُ قِرَاءَةُ بَاقِي السَّبْعَةِ: (فَيَحِلُّ). أَيْ: يَجِبُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ} [الرعد: 31] فَبِالضَّمِ.

(1/110)


حَنَّ إِلَى وَطَنِهِ يَحِنُّ بِالكَسْرِ حَنِيناً، فَهُوَ حَانٌّ: إِذَا تَشَوَّقَ. وَحَنَّ عَلَيْهِ يَحِنُّ أَيْضاً حَنَاناً: إِذَا رَحِمَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا} [مريم: 13]، وَحَنَّ عَنّي يَحُنُّ بالضَّمِ، أَيْ: صَدَّ عَنِّي، قُلْتُ: وَقَدْ جَمَعْتُ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِي:
يَحِنُّ المَشُوقُ إِلَى قُرْبِكُمْ ... وَأَنْتَ تَحُنُّ وَلاَ تُشْفِقُ
فَجُدْ بِالوِصَالِ فَدَتْكَ النُّفُوسُ ... فَإِنِّي إِلَى وَصْلِكُمْ شَيِّقُ
أيْ: أَنَا أَتَشَوَّقُ إلِيْكَ وأَنْتَ تَصِدُّ عَنِّي.

(1/111)


فَصْلٌ فِي المُعْتَلِ المُتَّفِقِ:
حَثَا فِي وَجْهِهِ التُّرَابَ يَحْثُوهُ وَيَحْثِيهِ حَثْياً وَتَحْثَاءً، إِذَا رَمَاهُ بِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "اُحْثُوا فِي وَجْهِ المَدَّاحِينَ التّرَابَ".
حَزَا الشَّيْءَ يَحْزُوهُ وَيَحْزِيهِ: إِذَا قَدَّرَهُ وَخَرَصهُ، يُقَالُ: حَزَيْتُ النَّخْلَ. وَكَذَلِكَ: حَزَا السَّرَابُ الشَّخْصَ: إِذَا رَفَعَهُ، يَحْزِي وَيَحْزُو.
حَكَى عَنْهُ الكَلاَمَ يَحْكِيهِ وَيَحْكُوهُ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ.
حَلاَ المَرْأَةَ يَحْلُوهَا وَيَحْلِيهَا: إِذَا جَعَلَ لَهَا حَلْياً.
حَنَا العُودَ يَحْنُوهُ وَيَحْنِيه: إِذَا عطَفَه، وَاليَاءُ أَكْثَرُ. وَأَنْشَدَ الكِسَائِيّ:
يَدُقُّ حِنْوَ القَتَبِ المَحْنِيَّا
دَقَّ الوَلِيدِ جَوْزَهُ الهِنْدِيَّا
وَمِنْهُ الحَدَيِثُ: "وَأَحْنَاهُنَّ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ".

(1/112)


فَصْلٌ فِي المُعْتَلِ المُخْتَلِفِ:
حَتَا هُدْبَ الكِسَاءِ يَحْتُوهُ حَتْواً، إِذَا كَفَّهُ مُلْزَقاً بِهِ، قَالَهُ الجوْهَرِيّ، وَحَتَى الشَّيْءَ يَحْتِيهِ حَتْيَا: إِذَا أَحْكَمَهُ، قَالَهُ الصَّغَانِيّ.
حَذَا النَّعْلَ بِالنَّعْلِ يَحْذُو حَذْواً، وَالحَذْوُ: القَطْعُ والتَّقْدِيرُ، وَمِنْهُ فِي حَدِيثِ الإِسْرَاءِ "يَعْمِدُونَ إِلَى عُرْضِ جَنْبِ أَحَدِهِمْ فَيِحْذُونَ مِنْهُ الحُذْوَةَ مِنَ اللَّحْمِ"، أَيْ: يَقْطَعُونَ مِنْهُ القِطْعَةَ. وَحَذَاه: جَلَس بِحِذَائِهِ، يَحْذُو أَيْضاً. وَحَذَى النَّبِيذُ اللَّسَانَ يَحْذِي حَذْياً. وَحَذَى الزُّجَاجَ يَحْذِي: إِذَا قَطَعَهُ بِالحِذْيَةِ، وَهُوَ حَجَرٌ يُؤَثِّرُ

(1/113)


فِي الزُّجَاجِ فَيَشُقُّهُ شَقّاً مُسْتَوِياً، وَيُسْتَعَانُ بِهِ عَلَى ثَقْبِ الجَوْهَرِ. وَفِي حَدِيثِ نَوْفٍ: "إِنَّ الهُدْهُدَ ذَهَبَ إِلَى البَحْرِ فَاسْتَعَارَ مِنْهُ الحِذْيَةَ، فَجَاءَ بِهَا فَأَلْقَاهَا عَلَى الزُّجَاجَةِ فَفَلَقَهَا".
حَسَا المَرَقَ يَحْسُوهُ حَسْواً، إِذَا شَرِبَهُ، وَفِي المَثَلِ: "نَوْمٌ كَحَسْوِ الطَّيْرِ". وَحَسَى البَطْحَاءَ يَحْسِيهَا حَسْياً: إِذَا فَحَصَ الرَّمْلَ عَنْهَا حَتَى يَظْهَرَ الماءُ.
حَفَا الرَّجُلُ الرَّجُلَ يَحْفُوهُ حَفْواً: إِذَا مَنَعَهُ مِنْ كُلّ خَيْرٍ. وَحَفَى يَحْفِي إِلَيْهِ بالوصية: إِذا بالغ.

(1/114)