اقتطاف الأزاهر والتقاط الجواهر الباب التاسع عشر
باب الفاء
فَصْلٌ الصحيح المُتَّفِقِ:
فَتَكَ الرَّجُلُ يَفْتُكُ وَيَفْتِكُ فَتْكاً، والفَتْكُ: القَتْلُ
مُجَاهَرَةً، وَقِيلَ: كُلُّ مَنْ جَاهَرَ بِقَبِيحَةٍ فَهْوَ فَاتِكٌ،
وَقَالَ الفَرَّاءُ: الفَتْكُ والفِتْكُ والفُتْكُ، بِتَثْلِيثِ
الفَاءِ.
فَرَثْتُ لِلْقَوْمِ جُلَّةً فَأنَا أفْرُثُهَا وَأفْرِثُهَا: إِذَا
شَقَقْتَهَا ثُمَّ نَثَرْتَ مَا فِيهَا، وَالفَرْثُ: مَا يَخْرُجُ مِنَ
الكَرِشِ إِذَا شُقَّ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {مِنْ بَيْنِ
فَرْثٍ وَدَمٍ} [النحل: 66].
فَطَرْتُ النَّاقَةَ أفْطُرُهَا وَأَفْطِرُهَا فَطْراً: إذَا
حَلبْتُهَا بِأطْرَافِ الأصَابِعِ، فَلاَ يَخْرُجُ اللَّبَنُ إلاَّ
قَلِيلاً، يُقَالُ: مَا زِلْتُ أفْطُرُ النَّاقَةَ حَتَّى اشْتَكَيْتُ
سَاعِدِي، وَمِنْهُ الحَدِيثُ: أنَّهُ سُئِلَ عَنِ المَذْيِ فَقَالَ:
"ذَلِكَ الفَطْرُ"، رَوَاهُ أبُو عُبَيْدٍ بِالفَتْحِ، وَرَوَاهُ
النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ بِضَمِّ الفَاءِ،
(1/182)
قالَ أبُو عُبَيْدٍ: سُمّي فَطْراً،
تَشْبِيهاً بِالفَطْرِ فِي الحَلْبِ، لأنَّهُ يَخْرُجُ قَلِيلاً
قَلِيلاً.
فَسَقَ يَفْسِقُ فِسْقاً وَفُسُوقاً: إذَا فَجَرَ، وَأصْلُهُ
الخُرُوجُ، يُقَالُ: فَسَقَتِ الثَّمَرَةُ: إذَا خَرَجَتْ عَنْ
قِشْرِهَا، وَسُمِّيَتِ الفَارَةُ والحِدَأَةُ والعَقْرَبُ وَالغُرَابُ
وَالكَلْبُ العَقُورُ، وَهُوَ الأسَدُ: فَوَاسِقَ، لِخُرُوجِهَا عَنِ
الحُرْمَةِ وَالأمْرِ بِقَتْلِهَا، وَقِيلَ: لِخُرُوجِهَا من السلامة
إلى الضرر، وقيل: لتحريم أصلها، وفيه نظر، وقيل: سمي الغراب فاسقاً،
لتخلفه عن نوح عليه السلام، وقيل: سميت الفارة فاسقةً لخروجها على
الناس من جحرها. قال ابن الأعرابي: لم يسمع قط في كلام الجاهلية ولا في
شعرهم: فاسق، قال: وهذا عجيب، وهو كلام عربي.
(1/183)
فَصْلٌ فِي الأجْوَفُ المُتَّفِقِ:
فَاحَ رِيحُ المِسْكِ يَفُوحُ وَيَفِيحُ، فَوْحاً، وَفَيْحاً،
وَفُئُوحاً وَفَوَحَاناً.
فَاخَ الشَّيْءُ بِالخَاءِ بِوَاحِدَةٍ مِنْ فَوْق، يَفُوخُ وَيَفِيخُ:
إذَا جَاءَتْ مِنْهُ رِيحٌ طَيِّبَةٌ؛ قَالَهُ الأصْمَعِيّ وَأَبُو
عُبَيْدَةَ، وَقَالَ أبُو زَيْدٍ: فَاخَتِ الرِّيحُ تَفُوخُ: إذَا
كَانَ لَهَا صَوْتٌ.
فَادَ الرَّجُلُ: إذَا مَاتَ، يَفُودُ وَيَفِيدُ، قَالَ الشَّاعِرُ
[لبيد]:
رَعَى خَرَزَاتِ المُلْكِ سِتِّينَ حِجَّةً ... وَعِشْرِينَ حَتَّى
فَادَ وَالشَّيْبُ شَامِلُ
(1/184)
ومعنى البيت أن الملك إذا ملك عاماً، زيدت
في تاجه خرزة ليعلم عدد سَنِي مُلْكِهِ، وأما فَادَ بمعنى تبختر
فمضارعه يَفِيد.
فَاضَ الرَّجُلُ يَفِيضُ فَيْضاً وَفُيُوضاً وَفَيَضَاناً: إذَا مَاتَ،
وَرُبَّمَا قَالُوا: فَاضَ يَفُوضُ فَوْضَا وَفَوَاضاً. قُلْتُ:
وَاخْتَلَفَ أهْلُ اللُّغَةِ في قَوْلِكَ: فَاضَتْ نَفْسُ الرَّجُلِ،
فَمِنْهُمْ مَنْ يَكْتُبُهُ بِالظَّاءِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْتُبُهُ
بِالضَّادِ، وَذَكَرَهُ الجَوْهَرِيّ فِي بَابِ الظَّاءِ وَالضَّادِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ فَقَالَ: مَتَى ذُكِرَتِ النَّفْسُ،
فَبِالضَّادِ، وَمَتَى قِيلَ فَاضَ وَلَمْ تُذْكَرِ النَّفْسُ
فَبِالظَّاءِ، وَهَذَا قَوْلُ أبِي عَمْرِو بْنِ العَلاَءِ.
(1/185)
فَصْلٌ فِي الأجْوَفِ المُخْتَلِفِ:
فَادَهُ يَفُودُهُ: إذَا أَصَابَهُ بِرَمْيَةٍ فِي فُؤَادِهِ. وَفَادَ
المَلَّةَ عَنِ الخُبْزَةِ يَفِيدُهَا فَيْداً.
فَاقَتِ النَّاقَةُ تَفُوقُ، وَفَاقَ الرَّجُلُ أصْحَابَهُ
يَفُوقُهُمْ: إِذَا غَلَبَهُمْ. وَفَاقَ بِنَفْسِهِ يَفِيقُ: إذَا
جَادَ بِهَا.
فَصْلٌ فِي المُضَاعَفِ المُتَّفِقِ:
فَحَّتِ الأفْعَى تَفُحُّ وَتَفِحُّ فَحِيحاً: إذَا صَوَّتَتْ،
وَالضَّمُّ نَادِرٌ.
(1/186)
فَصْلٌ فِي المُعْتَلِّ المُتَّفِقِ:
فَأَى رَأْسَهُ: يَفْئُوهُ وَيَفْئِيهِ: إذَا شَقَقْتَهُ، فَانْفأَى،
أيْ: انْشَقَّ فَصَارَ فِرْقَتَيْنِ، وَمِنْهُ الفِئَةُ، وَهِيَ
الفِرْقَةُ.
مَسْأَلَةٌ:
انْتِصَابُ فِئَتَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَا لَكُمْ فِي
الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} [النساء: 88]، عَلَى الحَالِ، وَذَلِكَ
أنَّهُ كَانَتْ طَائِفَةٌ مِنَ المُسْلِمِينَ تُكَفِّرُهُمْ،
وَطَائِفَةٌ لاَ تُكَفِّرُهُمْ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (فَمَا
لَكُمْ) أيْ: أيُّ شَيْءٍ لَكُمْ فِي الاخْتِلاَفِ فِي أمْرِهِمْ فِي
حَالِ كَوْنِهِمْ فِئَتَيْنِ.
فَلا رَأْسَهُ بِالسَّيْفِ يَفْلُوهُ وَيَفْلِيه: إذَا ضَرَبَهُ.
فَصْلٌ فِي المُعْتَلِّ المُخْتَلِفِ:
فَرَوْتُ الهَامَةَ أَفْرُوهَا: إذَا جَعَلْتَهَا كَالْفَرْوَةِ،
وَهِيَ قِطْعَةٌ مِنْ نَبَاتٍ مُجْتَمِعَة يَابِسَة. وَفَرَيْتُ
الشَّيْءَ أَفْرِيهِ فَرْياً: قَطَعْتُهُ لإصْلاَحِهِ. وَفَرَيْتُ
المَزَادَةِ: صَنَعْتُهَا، وَفَرَيْتُ الأرْضَ: سِرْتُهَا
وَقَطَعْتُهَا.
فَلَوْتُ رَأْسَهُ أَفْلُوهُ، وَفَلَيْتُ الشِّعْرَ أفْلِيهِ: إذَا
تَدَبَّرْتُهُ.
(1/187)
|