اقتطاف الأزاهر والتقاط الجواهر الباب الواحد والعشرون
باب الكاف
فَصْلٌ فِي الصَّحِيحِ المُتَّفِقِ:
كَتَبْتُ البَغْلَةَ: إِذَا جَمَعْتَ بَيْنَ شُفْرَيْهَا بَحَلَقَةٍ
أَوْ سَيْرٍ، أَكْتُبُ وَأَكْتِبُ كَتْباً، قَالَ بَعْضُهُمْ [سالم بن
دارة] يُعَرِّضُ بِالفَزَارِيِّينَ:
لاَ تَأْمَنَنَّ فَزَارِياًّ خَلَوْتَ بِهِ ... عَلَى قَلُوصِكَ
وَاكْتُبْهَا بِأَسْيَارِ
وَكَذَلِكَ: كَتَبْتُ القِرْبَةَ كَتْباً: إِذَا خَرَزْتَهَا، وَقَدْ
لَغَز فِي ذَلِكَ الحَرِيرَيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ:
وَكَاتَبِينَ وَمَا خَطَّتْ أَنَامِلُهُمْ ... يَوْماً وَلاَ قَرَأُوا
مَا خُطَّ فِي الكُتُبِ
كَدَمَهُ يَكْدُمُهُ وَيَكْدِمُهُ: إِذَا عَضَّهُ أَوْ أَثَّرَ فِيهِ
بِحَدِيدَةٍ، قَالَ الشَّاعِرُ [طرفة بن العبد]:
(1/195)
سَقَتْهُ إِيَاةُ الشَّمْسِ إِلاَّ
لِثَاتِهَا ... أُسِفَّ وَلَمْ تَكْدِمْ عَلَيْهِ بِإِثْمِدِ
كَفَلَ يَكْفُلُ وَيَكْفِلُ: إِذَا ضَمِنَ، وَفِيهِ لُغَةٌ: كَفِلَ
يَكْفَلُ، بِكَسْره الفَاءِ فِي المَاضِي، وَفَتْحِهَا فِي
المُضَارِعِ، مِثْلُ عَلِمَ يَعْلَمُ، وَقُرِئَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
{وَكَفَلَهَا زَكَرِيَّا} [آل عمران: 37] بِفَتْحِ الفَاءِ وَكَسْرِهَا
فَالفَتْحُ لِلسَّبْعَةِ، والكَسْرُ في الشَّاذِّ.
كَنَفَ الرَّجُلُ الإِبِلَ يَكْنُفُهَا وَيَكْنِفُهَا: إِذَا جَعَلَ
لَهَا كَنِيفاً مِنْ شَجَرٍ يَسْتُرُهَا.
(1/196)
فَصْلٌ فِي الصَّحِيحِ المُخْتَلِفِ:
كَنَسَ البَيْتَ يَكْنُسُهُ بِالضَّمِّ كَنْساً، والمِكْنَسَةُ: مَا
يُكْنَسُ بِهِ، وَيُقَالُ لَهَا: المِسْفَرَةُ، لأَنَّهَا تَكْشِفُ
التُّرَابَ عَنِ المَوْضِعِ، يُقَالُ: سَفَرَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ
يَسْفُرُهُ: إِذَا كَنَسَهُ، وَفِي الحَدِيثِ: "دَخَلَ عُمَرُ رضي
اللَّهُ عَنْهُ عَلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ
لَهُ: "يَا رَسُولَ الله، لَوْ أَمَرْتَ بِهَذَا البَيْتِ فَسُفِرَ"،
وَكَانَ فِي بَيْتٍ فِيهِ أُهُبٌ وَغَيْرُهَا، أَرَادَ بِـ (سُفِرَ):
كُنِسَ. وَكَنَسَ الظَّبْيُ يَكْنِسُ بِالكَسْرِ، فَهُوَ كَانِسٌ:
إِذَا دَخَلَ فِي كِنَاسِهِ وَهُوَ مَوْضِعُهُ في الشَّجَرِ الَّذِي
يَكْتَنُّ بِهِ وَيَسْتَتِرُ.
كَنَظَ الرَّجُلَ يَكْنُظُ وَيَكْنِظُ: إِذَا ضَغَطَ وَشَقَّ عَلَيْهِ.
(1/197)
فَصْلٌ فِي الأَجْوَفِ المُتَّفِقِ:
كَادَ الرَّجُلُ يَكُودُ وَيَكِيدُ: إِذَا قَارَبَ المَوْتَ، قَالَهُ
الخَلِيلُ، وَقَالَ غَيْرَهُ: هُوَ مِنَ الكَيْدِ، وَهُوَ القَيْءُ،
لأنَّ المَرِيضَ إِذَا قَارَبَ المَوْتَ كَأَنَّهُ يَتَقَيَّأُ.
فَصْلٌ فِي الأَجْوَفِ المُخْتَلِفِ:
كَاسَ يَكُوسُ: إِذَا انْقَلَبَ فَجَعَلَ رَأْسَهُ مِنْ أَسْفَلَ،
وَرِجْلَيْهِ مِنْ أَعْلاَ، وَمِنْهُ: كَوَّسْتَهُ عَلَى رَأْسِهِ
تَكْوِيساً، أَيْ: قَلَبْتَهُ، وَفِي الحَدِيثِ: "وَاللَّه لَوْ
فَعَلْتَ ذَلِكَ لَكَوَّسكَ اللَّهُ فِي النَّارِ، رَأْسَكَ
أَسْفَلَكَ". وَكَذَلِكَ تَقُولُ: كَاسَ البَعِيرُ يَكُوسُ: إِذَا
مَشَى عَلَى ثَلاَثِ قَوَائِمَ، وَهُوَ مُعَرْقَبٌ،
(1/198)
قَالَتْ عَمْرَةُ أُخْتُ العَبَّاسِ بْنِ
مِردَاسَ - وَأُمُّهَا الخَنْسَاءُ - تَرْثِي أَخَاهَا:
فَظَلَّتْ تَكُوسُ عَلَى أَكْرُعٍ ... ثَلاَثٍ وَغَادَرْتَ أُخْرَى
خَضِيبَا
تَعْنِي: القَائِمَةَ الَّتِي عَرْقَبَ [ـهَا]، [فَـ] هِيَ مُخَضَّبَةٌ
بِالدَّمِ. وَكَاسَ الوَلِيدُ يَكِيسُ كَيْساً وَكِيَاسَةً.
كَانَ يَكُونُ، فِي النَّاقِصَةِ وَالتَّامَّةِ. وَكَانَ يَكِينُ:
إِذَا خَضَعَ وَذَلَّ.
فَصْلٌ فِي المُعْتَلِّ المُتَّفِقِ:
كَرَا بِالكُرَةِ يَكْرُو وَيَكْرِي: إِذَا لَعِبَ بِهَا، قَالَ
الشَّاعِرُ [المسيب بن علس]:
(1/199)
مَرِحَتْ يَدَاهَا لِلنَّجَاءِ كَأَنَّمَا
... تَكْرُو بِكَفَّيْ لاَعِبٍ فِي صَاعِ
وَالصَّاعُ هُنَا: المُطْمَئِنُّ مِنَ الأَرْضِ.
كَنَا الرَّجُلُ عَنِ الشَّيْءِ يَكْنُو وَيَكْنِي: إِذَا لَمْ
يُصَرِّحْ بِاللفْظِ الذِي وُضِعَ لَهُ، وَعَدَلَ عَنْهُ إِلَى لَفْظٍ
يُعْطِي ذَلِكَ المَعْنَى، وَأَنْشَدَ أَبُو زَيْدٍ:
وَإِنِّي لأَكْنو عَنْ قَذُورَ بِغَيْرِهَا ... وَ [أُعْرِبُ]
أَحْيَاناً بِهَا فَأُصَارِحُ
فَصْلٌ فِي المُعْتَلِّ المُخْتَلِفِ:
كَرَا البِئْرَ يَكْرُوهَا: إِذَا طَوَاهَا. وَكَرَا الفَرَسُ يَكْرُو
كَرْواً: إِذَا خَبَطَ بِيَدِهِ فِي اسْتِقَامَةٍ لاَ يَقْلِبُهَا
نَحْوَ بَطْنِهِ، وَكَرَتِ المَرْأَةُ في مِشْيَتِهَا تَكْرُو كَرْواً.
وَكَرَا يَكْرِي: إِذَا عَدَا.
(1/200)
|