الأصول في النحو باب مواقع الحروف
مدخل
...
باب مواقع الحروف:
واعلم: أن الحرف لا يخلو من ثمانية مواضع, إما أن يدخل على الاسم وحده
مثل الرجل1 أو الفعل وحده مثل سوف2 أو ليربط اسمًا باسم: جاءني زيد3
وعمرو, أو فعلًا بفعل أو فعلا باسم أو على كلام تام, أو ليربط جملة
بجملة أو يكون زائدًا.
أما دخوله على الاسم وحده, فنحو لام التعريف إذا قلت: الرجل.
والغلام, فاللام أحدث معنى التعريف, وقد كان رجل وغلام نكرتين. أما
دخوله على الفعل فنحو/ 9 سوف والسين إذا قلت: سيفعل أو سوف يفعل فالسين
وسوف بهما صار الفعل لما يستقبل دون الحاضر وقد بينا هذا.
وأما ربطه الاسم بالاسم فنحو قولك: جاء زيد وعمرو, فالواو ربطت عمرًا
بزيد.
وأما ربطه الفعل بالفعل نحو قولك: قام وقعد, وأكل وشرب.
وأما ربطه الاسم بالفعل فنحو: مررت بزيد, ومضيت إلى عمرو.
__________
1 زيادة من "ب".
2 زيادة من "ب".
3 زيادة من "ب".
(1/42)
وأما دخولُه على الكلام التام والجمل فنحو
قولك: أعمرو أخوك, وما قام زيد, ألا ترى أن الألف دخلت على قولك "عمرو
أخوك" وكان خبرًا فصيرته استخبارًا, وما دخلت على: قام زيد وهو كلام
تام موجب, فصار بدخولها نفيًا.
وأما ربطه جملة بجملة فنحو قولك: إن يقم زيد يقعد عمرو وكان أصل
الكلام, يقوم زيد يقعد عمرو, فيقوم زيد, ليس متصلا بيقعد عمرو, ولا منه
في شيء, فلما دخلت "إن" جعلت إحدى الجملتين شرطًا والأخرى جوابًا.
وأما دخوله زائدًا فنحو قوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّه} 1,
والزيادة تكون لضروب سنبينها في موضعها إن شاء الله.
__________
1 آل عمران: 159.
(1/43)
"ذكر ما يدخله/ 10 التغيير من هذه الثلاثة,
وما لا يتغير منها":
اعلم: أنه إنما وقع التغيير من هذه الثلاثة في الاسم والفعل دون الحرف؛
لأن الحروف أدوات تغير ولا تتغير, فالتغيير الواقع فيهما على ضربين:
أحدهما تغيير الاسم والفعل في ذاتهما وبنائهما1, فيلحقهما2 من التصاريف
ما يُزيل الاسم والفعل ونضد حروف الهجاء التي فيهما عن حاله.
وأما ما يلحق الاسم من ذلك, فنحو التصغير وجمع التكسير3, تقول في تصغير
حجر: حجير, فتضم الحاء وكانت مفتوحة وتحدث ياء ثالثة فقد غيرته4
وأزالته من وزن فعل إلى وزن "فعيل"وتجمعه فتقول: أحجار فتزيد
__________
1 في "ب" ومعناهما.
2 زيادة الفاء أولا من "ب".
3 في الأصل "التكثير" وهو تصحيف.
4 في "ب" فتغير الوزن والحركات أيضا.
(1/43)
في أوله همزة ولم تكن في الواحد وتسكن
الحاء وكانت متحركة وتزيد ألفًا ثالثة فتنقله من وزن فعل إلى وزن
أفعال, وأما ما يلحق الفعل, فنحو: قام, ويقوم, وتقوم واستقام, وجميع
أنواع التصريف لاختلاف المعاني.
والضرب الثاني من التغيير: هو الذي/ 11 يسمى الإعراب وهو ما1 يلحق
الاسم والفعل بعد تسليم بنائهما ونضد حروفهما نحو قولك: هذا حكم وأحمر,
ورأيت حكما وأحمر, ومررت بحكم وأحمر, وهذان حكمان ورأيت حكمين, وهؤلاء
حكمون, ورأيت حكمين, ومررت بحكمين, وهو يضرب, ولن يضرب, ولم يضرب, وهما
يضربان ولن يضربا ولم يضربا, وهم يضربون ولن يضربوا, ولم يضربوا, ألا
ترى أن "حكمًا ويضرب" لم يَزُلْ مِن حركاتهما وحروفهما شيء, فسموا هذا
الصنف الثاني من التغيير الذي يقع لفروق ومعانٍ تحدث "إعرابًا" وبدءوا
بذكره في كتبهم؛ لأن حاجة الناس إليه أكثر, وسموا ما عدا هذا مما لا
يتعاقب آخره بهذه الحركات والحروف "مبنيًّا".
__________
1 زيادة من "ب".
(1/44)
|