الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين

31- مسألة: [القول في تقديم الحال على الفعل العامل فيها] 1
ذهب الكوفيون إلى أنه لا يجوز تقديم الحال على الفعل العامل فيها مع الاسم الظاهر2، نحو: "راكبًا جاء زيد" ويجوز مع المضمر، نحو "راكبًا جئتُ". وذهب البصريون إلى أنه يجوز تقديم الحال على العامل فيها مع الاسم الظاهر والمضمر.
وأما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا لا يجوز تقديم الحال على العامل فيها، وذلك لأنه يؤدِّي إلى تقديم المضمر على المظهر، ألا ترى أنك إذا قلت: "راكبًا جاء زيد" كان في "راكبًا" ضميرُ زيد، وقد تقدم عليه، وتقديم المضمر على المظهر لا يجوز.
وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا إنه يجوز تقديم الحال على العامل فيها إذا كان العامل فعلًا نحو "راكبًا جاء زيد" للنقل والقياس:
أما النقل فقولهم في المثل "شَتَّى تَئُوبُ الحَلَبَةُ3" فشتى: حال مُقَدَّمَة على الفعل العامل فيها مع الاسم الظاهر، فدلَّ على جوازه.
وأما القياس فلأن العامل فيها متصرف، وإذا كان العامل متصرفًا وجب أن يكون عمله متصرفًا، وإذا كان عمله متصرفًا وجب أن يجوز تقديم معموله عليه، كقولهم "عَمْرًا ضَرَبَ زيد" فالذي يدل عليه أن الحال تُشَبَّهُ بالمفعول، وكما يجوز تقديم المفعول على الفعل، فكذلك يجوز تقديم الحال عليه.
وأما الجواب عن كلمات الكوفيين: قولهم "إنما لم يجز تقديم الحال لأنه
__________
1 انظر في هذه المسألة: شرح الأشموني "3/ 62 بتحقيقنا" وحاشية الصبان "2/ 159 بولاق" وتصريح الشيخ خالد "1/ 458" وشرح المفصل "ص234 وما بعدها" وشرح الرضي على الكافية "1/ 187".
2 يريد إذا كان صاحب الحال -الذي هو فاعل الفعل مثلًا- اسمًا ظاهرًا.
3 انظر المثل 1914 في مجمع الأمثال "1/ 358 بتحقيقنا".

(1/203)


يؤدِّي إلى تقديم المضمر على المظهر" قلنا: هذا فاسد؛ وذلك لأنه وإن كان مقدمًا في اللفظ إلا أنه مؤخر في التقدير، وإذا كان مؤخّرًا في التقدير جاز فيه التقديم، قال الله تعالى {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى} [طه: 67]
فالضمير في "نفسه" عائد إلى "موسى" وإن كان مؤخرًا في اللفظ، إلا أنه لما كان في تقدير التأخير جاز التقديم، قال زهير:
[30]
من يَلْقَ يوما على عِلَّاتِه هَرِمًا ... يلقَ السَّمَاحَةَ منه والنَّدَى خُلُقًا
فالهاء في "علاته" تعود إلى "هرم" لأنه في تقدير التقديم؛ لأن التقدير: من يلق يوما هرما على علاته، فلما كان "هرمًا" في تقدير التقديم والضمير في تقدير التأخير وجب أن يكون جائزًا، ومن كلامهم "في أكفانه لُفَّ الميِّتُ" ومن أمثالهم "في بيته يُؤْتَى الحَكَمُ"1 وتزعم العرب أن أرنبًا وجدتْ تمرة فاختلسها ثَعْلَبٌ منها، فاختصما إلى ضَبٍّ، فقالت الأرنب: يا أبا الحُسَيْل، قال الضب: سميعًا دعوتما، قالت: أتيناك لتحكم بيننا، قال: عادلًا حكَّمتما، قالت: فاخرج إلينا، قال: في بيته يؤتى الحَكَمُ؛ فالضمير في "في بيته" يعود إلى "الحَكَمُ" وقد تقدم عليه.
وهذا كثير في كلامهم، وقد بيَّنَّا ذلك مستقصى في جواز تقديم خبر المبتدأ عليه بما يغني عن الإعادة ههنا، والله أعلم.
__________
1 انظر المثل رقم 2742 من مجمع الأمثال للميداني.

(1/204)


32- مسألة: [هل يقع الفعل الماضي حالًا] 1
ذهب الكوفيون إلى أن الفعل الماضي يجوز أن يقع حالًا، وإليه ذهب أبو الحسن الأَخْفَش من البصريين. وذهب البصريون إلى أنه لا يجوز أن يقع حالًا، وأجمعوا على أنه إذا كانت معه "قَدْ" أو كان وصفًا لمحذوف فإنه يجوز أن يقع حالًا.
أما الكوفيون فاحتجُّوا بأن قالوا: الدليل على أنه يجوز أن يقع الفعل الماضي حالًا النقلُ والقياس.
أما النقلُ فقد قال الله تعالى: {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} [النساء: 90] فحصرت: فعل ماضٍ، وهو في موضع الحال، وتقديره: حَصِرَةً صدورهم، والدليل على صحة هذا التقدير قراءة من قرأ: "أو جاؤوكم حَصِرَةً صدروهم" وهي قراءة الحسن البصريّ ويعقوب الحَضْرَمِيّ والمفضّل عن عاصم، وقال أبو صخر الهذليُّ:
[152]
وإني لَتَعْرُونِي لذكراك نُفْضَةٌ ... كما انْتَفَضَ العُصْفُورُ بَلَّلَهُ القَطْرُ
__________
[152] هذا البيت من كلام أبي صخر الهذلي، وهو من شواهد الرضي في باب الحال، وقد شرحه البغدادي في الخزانة "1/ 552" وابن يعيش "ص247" وشرح الأشموني "رقم 429" وأوضح المسالك "رقم 253" وابن عقيل "رقم 207" وشرح شذور الذهب "رقم 110" وتعروني: تنزل بي وتعرض لي، تقول: عرا فلان فلانًا، وعري فلانًا الأمر؛ إذا أردت أنه نزل به، والذكرى: التذكر والخطور بالبال، والهزة: الرعدة والانتفاضة، وروى المؤلف وابن يعيش في مكانها "نفضة" بضم النون وسكون الفاء أو فتحها، وانتفض العصفور: ارتعد وارتعش، والقطر: المطر. والاستشهاد به ههنا في قوله "بلله قطر" حيث وقعت =
__________
1 انظر في هذه المسألة: شرح المفصل "ص246 وما بعدها" وشرح الرضي على الكافية "1/ 195" وخزانة الأدب "1/ 552 بولاق"

(1/205)


فبلَّلَهُ: فعل ماضٍ، وهو في موضع الحال؛ فدلَّ على جوازه.
وأما القياس فلأن كل ما جاز أن يكون صفة لنكرة نحو "مررت برجل قاعد، وغلام قائم" جاز أن يكون حالًا للمعرفة نحو "مررت بالرجل قاعدًا، وبالغلام قائمًا"، والفعل الماضي يجوز أن يكون صفة للنكرة نحو "مررت برجل قَعَدَ، وغلام قامَ" فينبغي أن يجوز أن يقع حالًا للمعرفة نحو "مررت بالرَّجُلِ قَعَدَ، وبالغلام قَامَ" وما أشبه ذلك.
والذي يدلّ على ذلك أنا أجمعنا على أنه يجوز أن يُقَال الفعل الماضي مُقَامَ الفعل المستقبل، كما قال تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ} [المائدة: 110] أي: يقول، وإذا جاز أن يقام الماضي مقام المستقبل جاز أن يقام مقام الحال.
وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا: إنه لا يجوز أن يقع حالًا وذلك لوجهين؛ أحدهما: أن الفعل الماضي لا يدل على الحال؛ فينبغي أن لا يقوم مقامه، والوجه الثاني: أنه إنما يصلح أن يوضع موضع الحال ما يصلح أن يقال فيه "الآن" أو "الساعة" نحو: "مررت بزيد يضرب، ونظرت إلى عمرو يكتب" لأنه يحسن أن يقترن به الآن أو الساعة، وهذا لا يصلح في الماضي، فينبغي أن لا يكون حالًا؛ ولهذا لم يجز أن يقال: "مازال زيد قام، وليس زيد قام" لأن "ما زال، وليس" يطلبان الحال، و "قام" فعل ماضٍ؛ فلو جاز أن يقع حالًا لوجب أن يكون هذا جائزًا؛ فلما لم يجز دلَّ على أن الفعل الماضي لا يجوز أن يقع حالًا، وكذلك لو قلت "زيد خلفك قام" لم يجز أن يجعل "قام" في موضع الحال؛ لما بيَّنَّا، ولا يلزم على كلامنا إذا كان مع الماضي "قد" حيث يجوز أن يكون حالًا نحو "مررت بزيد قد قام" وذلك لأن "قد" تقرب الماضي من الحال، فجاز أن يقع معها حالًا، ولهذا يجوز أن يقترن به الآن أو الساعة فيقال: "قد قام الآن، أو الساعة" فدلَّ على ما قلناه.
وأما الجواب عن كلمات الكوفيين: أما احتجاجهم بقوله تعالى: {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} [النساء: 90] فلا حجة لهم فيه، وذلك من أربعة أوجه؛
__________
= الجملة الفعلية التي فعلها ماضٍ حالًا من غير أن يقرن الفعل بقد، والكوفيون يستدلون بهذا البيت وما أشبهه على أنه يجوز أن يقع الفعل الماضي حالًا من غير أن يقرن بقد، فأما البصريون فيزعمون أنه لا بَدَّ حينئذٍ من اقتران الفعل الماضي بقد في اللفظ أو في التقدير، وعلي هذا تكون "قد" مقدرة ههنا قبل الفعل، والإنصاف أن الاستدلال بنفس الكلام الوارد عن العرب، وقد رأينا أن فصحاءهم يجيئون بالفعل الماضي حالًا غير مقرون بقد، فأما التقدير فلا دليل عليه.

(1/206)


الوجه الأول: أن تكون صفة لقوم المجرور في أول الآية، وهو قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إلى قَوْمٍ} [النساء: 90] والوجه الثاني: أن تكون صفة لقوم مقدر ويكون التقدير فيه: أو جاؤوكم قومًا حصرت صدورهم، والماضي إذا وقع صفة لموصوف محذوف جاز أن يقع حالًا بالإجماع. والوجه الثالث: أن يكون خبرًا بعد خبر، كأنه قال: أو جاؤوكم، ثم أخبر فقال: حصرت صدورهم. والوجه الرابع: أن يكون محمولًا على الدعاء، لا على الحال، كأن قال: ضَيَّقَ الله صدورهم، كما يقال: جاءني فلان وسَّع الله رزقه، وأحسن إليَّ غَفَرَ الله له، وسَرَقَ قطع الله يده، وما أشبه ذلك؛ فاللفظ في ذلك كله لفظ الماضي ومعناه الدعاء، وهذا كثير في كلامهم قال الشاعر:
[153]
ألا يا سَيَالاتِ الدَّحَائِل بالضُّحَى ... عَلَيْكُنَّ من بين السَّيَالِ سَلَامُ
ولا زال مُنْهَلُّ الرَّبيع إذا جَرَى ... عليكنَّ منه وَابِل ورِهَامٌ
فأتى بالفعل الماضي ومعناه الدعاء؛ وقال قيس بن ذَرِيح:
[154]
ألا يا غرابَ البَيْنِ قد هِجْتَ لَوْعَةً ... فَوَيْحَكَ خَبِّرْنِي بما أنت تَصْرُخُ
__________
[153] السيالات: جمع سيالة -بفتح السين المهملة فيهما- والسيالة أيضًا واحدة السيال، والسيال: شجر سبط الأغصان عليه شوك أبيض أصوله أمثال ثنايا العذارى، وقال أبو زياد: السيال ما طال من السمر، والدحائل: جمع دحول، والدحول: جمع د حل -بفتح الدال وسكون الحاء المهملة، بزنة كنز وكنوز- والدحل: نقب فمه ضيق ثم يتسع أسفله حتى يمشي فيه، وربما أنبت السدر، وفي نظيره يقول ذو الرمة.
إذا شئت أبكاني لجرعاء مالك ... إلى الدحل مستبدي لميٍّ ومحضر
ومنهل الربيع: أراد به منسكب المطر، والوابل: المطر الكثير، والرهام: جمع رهمة -بكسر الراء وسكون الهاء- وهو المطر الضعيف الدائم الصغير القطر. والاستشهاد بالبيتين في قوله "عليكن سلام" وقوله "ولازال منهل الربيع ... إلخ" فإن هاتين الجملتين خبريتان لفظًا، والمقصود من كل واحدة منهما إنشاء الدعاء، وذلك ظاهر بأدنى تأمل.
[154] البين: الفراق، وغراب البين: هذا من بعض قولههم في زجر الطير، كانوا يزعمون أن نعيب الغراب مؤذن بتفرق شملهم، وفي هذا يقول النابغة الذبياني:
زعم البوارح أن رحلتنا غدًا ... وبذاك تنعاب الغراب الأسود
لا مرحبًا بغد، ولا أهلًا به ... إن كان تفريق الأحبة في غد
وهجت: أثرت وحركت، واللوعة: حرقة الباطن من عشق أو نحوه، ويفضخ -بالبناء للمجهول- يكسر، ومشدخ -بزنة مكرم- مكسور، وكان من حق العربية عليه أن يقول "مشدوخ" بزنة اسم المفعول من الثلاثي، فإنه يقال "شدخه يشدخه شدخًا مثل قطعه يقطعه قطعًا" والشدخ: الكسر والتهشيم، وقوله:
"وأبصرت قبل الموت ... إلخ البيت"
دعا =

(1/207)


أبالبَيْنِ من لُبْنَى؟ فإن كنت صَادِقًا ... فلا زال عَظْمٌ من جناحك يُفْضَخُ
ولا زِلتَ من عَذْبِ المياه منفّرًا ... وَوَكْرُكَ مهدوم وبيضك مُشْدَخُ
ولازال رامٍ قد أصابك سهمُهُ ... فلا أنت في أَمْن ولا أنت تُفْرِخُ
وأبصرتُ قبل الموت لحمك مُنْضَجًا ... على حَرِّ جَمْرِ النار يُشْوَى ويُطْبَخُ
وقال مَعْدَان بن جَوَّاس الكِنْدِي:
[155]
إن كان ما بُلِّغْتُ عَنِّي فَلَامَنِي ... صديقي، وشَلَّتْ من يَدَيَّ الأَنَامِلُ
وكَفَنْت وَحْدِي مُنْذِرًا في ردائه ... وصادف حَوْطًا من أَعَادِيَّ قاتل
فأتى بالفعل الماضي في هذه المواضع ومعناه الدعاء. فكذلك قوله تعالى: {حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} [النساء: 90] لفظُهُ لفظ الماضي ومعناه الدعاء، ومعناه من الله تعالى إيجاب ذلك عليهم.
وأما قول الشاعر:
[152]
كما انتفض العصفور بلَّلَهُ القطر
فإنما جاز ذلك لأن التقدير فيه: قد بلله القطر، إلا أنه حذف لضرورة الشعر، فلما كانت "قد" مقدرة تنزَّلَتْ منزلة الملفوظ بها، ولا خلاف أنه إذا كان مع الفعل الماضي "قد" فإنه يجوز أن يقع حالًا.
وأما قولهم "إنه يصلح أن يكون صفة للنكرة، فصلح أن يقع حالًا، نحو "قاعدِ، وقائم" قلنا: هذا فاسد؛ لأنه إنما جاز أن يقع نحو قاعد وقائم حالًا لأنه
__________
= على الغراب بأن يحترق بالنار ولنفسه بأن يتمتع برؤية ذلك قبل أن يموت؟ والاستشهاد بهذه الأبيات في أغلب جملها، فإنها خبرية لفظًا إنشائية معنى؛ لأن المقصود بها الدعاء، وهذا في غاية الظهور.
[155] شلت أنامله: يبست وفسدت، ومثل هذا البيت قول الآخر:
فشلت يميني يوم أعلو ابن جعفر ... وشل بناناها، وشل الخناصر
و"كفنت وحدي منذرًا ... إلخ" يقول: أصبحت فريدًا لا معين لي على القيام بواجب تجهيزه وأصبحت فقيرًا لا أملك ما أكفنه فيه غير ردائه، أو يكون المعنى: قتله أعداؤه وليس معه غيري وأعجلت عن تكفينه حسب العادة. والاستشهاد بالبيتين في أربع جمل: أولاها: قوله "فلامني صديقي" والثانية: قوله "وشلت ... إلخ" والثالثة: قوله "وكفنت ... إلخ" والرابعة: قول "وصادف حوطًا ... إلخ" فإن كل واحدة من هذه الجمل خبرية لفظًا إنشائية معنى؛ لأن المقصود بها الدعاء، ونظير ذلك قول النابغة:
لئن كان ما بلغت عني صادقًا ... فلا رفعت سوطي إلى إذن يدي

(1/208)


اسم فاعل، واسم الفاعل يراد به الحال، بخلاف الفعل الماضي فإنه لا يراد به الحال فلم يجز أن يقع حالًا.
وأما قولهم "إنه يجوز أن يقوم الماضي مقام المستقبل، وإذا جاز أن يقوم مقام المستقبل جاز أن يقوم مقام الحال" قلنا: هذا لا يستقيم، وذلك لأن الماضي إنما يقوم مقام المستقبل في بعض المواضع على خلاف الأصل بدليل يدل عليه كقوله تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابن مَرْيَمَ} [المائدة: 116] فلا يجوز فيما عداه؛ لأنَّا بقينا فيه على الأصل، كما أنه يجوز أن يقع الماضي في بعض المواضع حالًا لدليل يدل عليه، وذلك إذا دخلت عليه "قد" أو كان وصفًا لمحذوف، ولم يجز فيما عداه؛ لأنا بقينا فيه على الأصل. على أنا نقول: ليس من ضرورة أن يجوز أن يقام الماضي مقام المستقبل ينبغي أن يقام مقام الحال؛ لأن المستقبل فعل كما أن الماضي فعل، فجنس الفعلية مشتمل عليهما، وأما الحال فهي اسم؛ وليس من ضرورة أن يقام الفعل مقام الفعل يجب أن يقوم مقام الاسم، والله أعلم.

(1/209)


33- مسألة: [ما يجوز من وجوه الإعراب في الصفة الصالحة للخبرية إذا وُجِدَ معها ظرف مكرر]
ذهب الكوفيون إلى أن النصب واجب في الصفة إذا كرر الظرف التام وهو خبر المبتدأ، وذلك نحو قولك: "في الدَّار زيد قائمًا فيها". وذهب البصريون إلى أن النصب لا يجب إذا كرر الظرف وهو خبر المبتدأ، بل يجوز فيه الرفع كما يجوز فيه النصب. وأجمعوا على أنه إذا لم يكرر الظرف أنه يجوز فيه الرفع والنصب.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: الدليل على 117 أن النصب واجب النقل والقياس:
أما النقل فقد قال الله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا} [هود: 108] فقوله تعالى: {خَالِدِينَ} منصوب بالحال، ولا يجوز غيره. وقال تعالى: {فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا} [الحشر: 17] ووجه الدليل من هاتين الآيتين أن القُرَّاء أجمعوا فيهما على النصب، ولم يُرْوَ عن أحد منهم أنه قرأ في واحدة منهما بالرفع.
وأما القياس فقالوا: إنما قلنا إنه لا يجوز إلا النصب، وذلك لأن الفائدة في الظرف الثاني في قولك: "في الدار زيد قائمًا فيها" إنما تحصل إذا حملناه على النصب، لا إذا حملناه على الرفع، ألا ترى أنه إذا حملناه على النصب يكون الظرف الأول خبرًا للمبتدأ، ويكون الثاني ظرفًا للحال، ويكون الصلة لقائم منقطعًا عما قبله؛ فيكون على هذا كلامًا مستقيمًا لم يُلْغَ منه شيء، بخلاف ما إذا حملناه على الرفع فقلنا "في الدار زيد قام فيها" فإنه تبطل فائدة في الثانية لنيابة الأولى عنها في الفائدة، وحمل الكلام على ما فيه فائدة أشبه بالحكمة من حمله على ما ليس فيه فائدة.
وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: الدليل على أن الرفع جائز أنا أجمعنا على

(1/210)


أنه إذا لم يكرر الظرف أنه يجوز فيه الرفع والنصب، فكذلك إذا كرر؛ لأن قُصَارى ما نقدر أن يكون مانعًا تَكَرُّرُ الظرف؛ لأن "في" الأولى تفيد ما تفيده الثانية، وهذا لا يصلح أن يكون مانعًا، لأن الأولى وإن كانت تفيد ما تفيده الثانية إلا أن الثانية تذكر على سبيل التوكيد، والتوكيد شائع في كلام العرب مُسْتَعْمَل في لغتهم، وهذا لا خلاف فيه، وصار هذا كقولهم "فيك زيد راغب فيك" ولا شك أن "فيك" الأولى تفيد ما تفيده الثانية، ومع هذا لم يمتنع صحة المسألة، فكذلك ههنا.
وأما الجواب عن كلمات الكوفيين: أما احتجاجهم بقوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا} [هود: 108] وقوله تعالى: {فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا} [الحشر: 17] فلا حجة لهم في هاتين الآيتين؛ إذ ليس فيهما ما يدل على أنه لا يجوز الرفع، وإنما فيهما دلالة على جواز النصب، ونحن نقول به.
وقولهم: "إنه لم يروَ عن أحد من القُرَّاء بالرفع فوجب أنه لا يجوز" قلنا: لا نسلم؛ فإنه قد روي عن الأعمش أنه قرأ {خالدون فيها} بالرفع، على أن هذا الاستدلال فاسد، وذلك لأنه ليس من ضرورة أنه لم يقرأ به أحد من القراء أن لا يكون كلامًا جائزًا فصيحًا. ألا ترى أنه لم يأتِ في كتاب الله عز وجل ترك عمل "ما" في المبتدأ والخبر نحو "ما زيد قائم، وما عمرو ذاهب" إلا فيما ليس بمشهور، وإن كانت لغة مشهورة معروفة صحيحة فصيحة وهي لغة بني تميم، ثم لم يدل ذلك على أنها ليست فصيحة مشهورة مستعملة؟ فكذلك ههنا.
وأما قولهم "إنا لو حملناه على الرفع لأدَّى ذلك إلى أن تبطل فائدة الثانية لنيابة الأولى عنها في الفائدة" قلنا: هذا فاسد؛ وذلك لأنه وإن كانت الأولى تفيد ما تفيده الثانية إلا أن ذلك لا يدل على بطلان فائدة الثانية؛ لأن من مذاهب العرب أن يؤكد اللفظ بتكريره؛ فيقولون "لقيت زيدًا زيدًا، وضربت عمرًا عمرًا" فيكون المكرر توكيدًا للأول، وإن كان الأول قد وقعت به الفائدة، وقد قال الله تعالى: {وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} [هود: 19] فهم الثانية تكرير للتوكيد، والتقدير: وهم بالآخرة كافرون، في أحد الوجهين، ومع هذا فلا يقال إنه لا يجوز، فكذلك ههنا، ومن تدبر سورة "الرحمن" و "قل يا أيها الكافرون" علم قطعًا أن التكرير للتوكيد لا ينكر في كلامهم؛ لما فيه من الفائدة، وكثرة ذلك في كتاب الله تعالى وكلام العرب، وشهرته في استعمالهم، تغني عن الإسهاب والتطويل بالشواهد؛ إذ كان ذلك أكثر من أن يحصى، وأشهر من أن يظهر، والله أعلم.

(1/211)


34- مسألة: [القول في العامل في المستثنى النصب] 1
اختلف مذهب الكوفيين فالعامل في المستثنى النصب نحو "قام القوم إلا زيدًا" فذهب بعضهم إلى أن العامل فيه "إلا"، وإليه ذهب أبو العباس محمد بن يزيد المُبَرِّد وأبو إسحاق الزَّجَّاج من البصريين، وذهب الفَرَّاء ومن تابعه من الكوفيين -وهو المشهور من مذهبهم- إلى أن "إلا" مركبة من إنَّ ولا، ثم خففت إنَّ وأدغمت في لا، فنصبوا بها في الإيجاب اعتبارًا بإنَّ، وعطفوا بها في النفي اعتبارًا بلا، وحكي عن الكسائي أنه قال: إنما نصب المستثنى؛ لأن تأويله: قام القوم إلا أن زيدًا لم يقم، وحكي عنه أيضًا أنه قال: ينتصب المستثنى لأنه مشبه بالمفعول. وذهب البصريون إلى أن العامل في المستثنى هو الفعل، أو معنى الفعل بتوسُّط إلا.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: الدليل على أن "إلا" هي العامل وذلك لأن إلا قامت مقام أستثني، ألا ترى أنك إذا قلت "قام القوم إلا زيدا" كان المعنى فيه: أستثني زيدًا، ولو قلت "أستثني زيدا" لوجب أن تنصب، فكذلك مع ما قام مقامه.
والذي يدل على أن الفعل المتقدم لا يجوز أن يكون عاملًا في المستثنى النصب أنه فعل لازم. والفعل اللازم لا يجوز أن يعمل في هذا النوع من الأسماء؛ فدلَّ على أن العامل هو "إلا" على ما بيَّنَّا.
والذي يدل أيضًا على أن الفعل ليس عاملًا قولهم "القوم إخوانك إلا زيدًا" فينصبون زيدًا، وليس ههنا فعل ألبتة؛ فدلَّ على صحة ما ذهبنا إليه.
وأما الفَرَّاء فتمسك بأن قال: إنما قلنا إنه منصوب بإلا لأن الأصل فيها إنَّ ولا؛
__________
1 انظر في هذه المسألة: حاشية الصبان على الأشموني "2/ 125" وتصريح الشيخ خالد الأزهري "1/ 421 بولاق" وشرح الرضي على الكافية "1/ 207" وأسرار العربية للمؤلف "ص81 ليدن" وشرح ابن يعيش على المفصل "ص259 ليبزج".

(1/212)


فزيد: اسم إن، ولا: كَفَتْ من الخبر؛ لأن التأويل: إن زيدًا لم يقم، ثم خففت إن وأدغمت في لا وركبت معها فصارتا حرفًا واحدًا، كما ركبت لو مع لا وجعلا حرفًا واحدًا؛ فلما ركبوا إن مع لا أعملوها عملين: عمل إن فنصبوا بها في الإيجاب، وعمل لا فجعلوها عطفًا في النفي، وصارت بمنزلة حتى، فإنها لما شَابَهَتْ حرفين إلى والواو أجروها في العمل مجراهما، فخفضوا بها بتأويل إلى، وجعلوها كالواو في العطف؛ لأن الفعل يحسن بعدها كما يحسن بعد الواو، ألا ترى أنك تقول "ضربت القوم حتى زيد" أي حتى انتهيت إلى زيد، و "ضربت القوم حتى زيدٍ" أي حتى انتهيت إلى زيد، و "ضربت القوم حتى زيدًا" أي حتى ضربت زيدًا، فكذلك ههنا: إلا لما ركبت من حرفين أجريت في العمل مجراهما على ما بيَّنَّا.
وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا إن العامل هو الفعل وذلك لأن هذا الفعل وإن كان فعلًا لازمًا في الأصل إلا أنه قَوِيَ بإلا فتعدَّى إلى المستثنى كما تعدَّى الفعل بحرف الجر، إلا أن "إلا" لا تعمل وإن كانت مُعَدِّية كما يعمل حرف الجر؛ لأن "إلا" حرف يدخل على الاسم والفعل المضارع، نحو "ما زيد إلا يقوم، وما عمرو إلا يذهب" وإن لم يجز دخوله على الفعل الماضي نحو "ما زيد إلا قام، وما عمرو إلا ذهب" والحرف متى دخل على الاسم والفعل لم يعمل في واحد منهما، وعدم العمل لا يدل على عدم التعدية، ألا ترى أن الهمزة والتضعيف يُعَدِّيان وليسا عاملين، ونظير ما نحن فيه نصبهم الاسم في باب المفعول معه نحو "استوى الماء والخَشَبَةَ، وجاء البرد والطَيَالِسَةَ" فإن الاسم نصب بالفعل المتقدم بتقوية الواو فإنها قَوَّتِ الفعل فأوصلته إلى الاسم فنصبه؛ فكذلك ههنا.
وأما الجواب عن كلمات الكوفيين: أما قولهم "إن إلا قامت مقام أستثني فينبغي أن تعمل عمله" قلنا: الجواب عن هذا من خمسة أوجه:
الوجه الأول: أن هذا يؤدِّي إلى إعمال معاني الحروف؛ وإعمال معاني الحروف لا يجوز، ألا ترى أنك تقول "ما زيد قائمًا" فيكون صحيحًا؛ فلو قلت "ما زيدًا قائمًا" على معنى نفيت زيدًا قائمًا لكان فاسدًا؛ فكذلك ههنا، وإنما لم يجز إعمال معاني الحروف لأن الحروف إنما وضعت نائبة عن الأفعال طلبًا للإيجاز والاختصار؛ فإذا أعملت معاني الحروف فقد رجعت إلى الأفعال، فأبطلت ذلك المعنى من الإيجاز والاختصار.
والوجه الثاني: أنه لو كان العامل "إلا" بمعنى أستثني لوجب أن لا يجوز في المستثنى إلا النصب، ولا خلاف في جواز الرفع والجر في النفي نحو "ما جاءني أحد إلا زيد، وما مررت بأحد إلا زيد" فدلَّ على أنها ليست هي العاملة بمعنى أستثني.

(1/213)


والوجه الثالث: أنه يبطل بقولك: "قام القوم غير زيد" فإن "غير" منصوب، ولا يخلو: إما أن يكون منصوبًا بتقدير إلا، وإما أن يكون منصوبًا بنفسه، وإما أن يكون منصوبًا بالفعل الذي قبله؛ بطل أن يقال "إنه منصوب بتقدير إلا" لأنا لو قدرنا إلا لفسد المعنى؛ لأنه يصير التقدير فيه: قام القوم إلا غير زيد، وهذا فاسد، وبطل أيضًا أن يقال "إنه يعمل في نفسه"؛ فوجب أن يكون العامل هو الفعل المتقدم، وإنما جاز أن يعمل فيه وإن كان لازمًا لأن "غير" موضوعة على الإبهام، ألا ترى أنك إذا قلت "مررت برجل غيرَك" كان كل مَنْ جاوز المخاطب داخلًا تحت "غير" فلما كان فيه هذا الإبهام المفرط أشبه الظروف المبهمة، نحو خلف وأمام ووراء وقدَّام، وما أشبه ذلك، وكما أن الفعل اللازم يتعَدَّى إلى هذه الظروف من غير واسطة فكذلك ههنا.
والوجه الرابع: أنا نقول لماذا قدرتم أستثني زيدًا فنصبتم؟ وهلا قدرتم امتنع فرفعتم! كما روي عن أبي عليّ الفارسي أنه كان مع عضد الدولة في الميدان فسأله عضد الدولة عن المستثنى، بماذا انتصب؟ فقال له أبو علي: انتصب لأن التقدير أستثني زيدًا، فقال له عضد الدولة: وهلَّا قدرت امتنع فرفعت زيدًا، فقال له أبو علي: هذا الجواب الذي ذكرت لك مَيْدَانِي1، وإذا رجعنا ذكرت لك الجواب الصحيح، إن شاء الله تعالى.
والوجه الخامس: أنا إذا أعملنا "إلا" بمعنى أستثني كان الكلام جملتين، وإذا أعملنا الفعل كان الكلام جملة واحدة، ومتى أمكن أن يكون الكلام جملة واحدة كان أولى من جَعْلِه جملتين من غير فائدة.
وأما قولهم "إن الفعل المتقدم لازم فلا يجوز أن يكون عاملًا" قلنا: هذا الفعل وإن كان لازمًا إلا أنه تعَدَّى بتقوية "إلا" على ما بيَّنَّا.
وأما قولهم "والذي يدل على أن الفعل ليس عاملًا قولهم: القوم إخوانك إلا زيدًا، فينصبون زيدًا، وليس ههنا فعل ناصب" قلنا: الناصب له ما في إخوانك من معنى الفعل؛ لأن التقدير فيه: القوم يصادقونك إلا زيدًا؛ فإلا قوَّت الفعل المقدر فأوصلته إلى زيد فنصبه.
وأما قول الفَرَّاء "إن الأصل فيها إن ولا، ثم خففت إن وركبت مع لا" فمجرد دعوى يفتقر إلى دليل، ولا يمكن الوقوف عليه إلا بوحي وتنزيل، وليس
__________
1 يريد أن هذا الجواب سريع غير مبني على الدقة التي تحتمل النقاش، هو لذلك غير مطرد ولا منعكس.

(1/214)


إلى ذلك سبيل، ثم لو كان كما زعم لوجب أن لا تعمل؛ لأن إنَّ الثقيلة إذا خففت بطل عملها، خصوصًا على مذهبكم، وأما تشبيهه لها بلولا فحجة عليه؛ لأن لو لما ركّبت مع لا بطل حكم كل واحد منهما عما كان عليه في حالة الإفراد، وحَدَثَ لهما بالتركيب حكم آخر، وكذلك كل حرفين ركب أحدهما مع الآخر؛ فإنه يبطل حكم كل واحد منهما عما كان عليه في حالة الإفراد، ويحدث لهما بالتركيب حكم آخر، وصار هذا بمنزلة الأدوية المركبة من أشياء مختلفة فإنه يبطل حكم كل واحد منها عما كان عليه في حالة الإفراد، ويحدث لها بالتركيب حكم آخر، وهو لا يقول في "إلا" كذلك، بل يزعم أن كل واحد من الحرفين باقٍ على أصله وعمله بعد التركيب كما كان "122" قبل التركيب. وأما تشبيهه لها بحتى فبعيد؛ لأن "حتى" حرف واحد، وليس بمركب من حرفين فيعمل عمل الحرفين، وإنما هو حرف واحد يتأول تأويل حرفين في حالين مختلفين: فإن ذُهِبَ به مذهب حرف الجر لم يتوهم فيه غيره، وإن ذُهِبَ به مذهب حرف العطف لم يتوهم فيه غيره، بخلاف "إلا" فإن إلا عنده مركبة من إن ولا، وهما منطوق بهما، فإذا اعتمد على أحدهما بطل عمل الآخر وهو منطوق به، فبان الفرق بينهما.
والذي يدل على فساد ما ذهب إليه قولهم "ما قال إلا له" فإن "له" لا شيء قبله يعطف عليه، وليس في الكلام منصوب فتكون "إلا" عاملة فيه؛ فدلَّ على فساد ما ذهب إليه.
وأما قول الكسائي"إنا نصبنا المستثنى لأن تأويله إلا أنَّ زيدًا لم يقم" قلنا: لا يخلو إما أن يكون الموجب للنصب هو أنه لم يفعل، أو أنَّ، فإن أراد أن الموجب للنصب أنه لم يفعل فيبطل بقولهم "قام زيد لا عمرو1" وإن أراد أن أنَّ هي الموجبة للنصب كان اسمها وخبرها في تقدير اسم، فلا بُدّ أن يقدَّر له عامل يعمل فيه، وفيه وقع الخلاف.
وقد زعم بعض النحويين أن قول الكسائي تقدير لمعنى الكلام لا لعامله، وإلا فقوله يرجع إلى قول البصريين.
وأما ما حكي عنه من أن المستثنى ينتصب لأنه مشبه بالمفعول؛ فهو أيضًا قريب من قول البصريين؛ لأنه لا عامل ههنا يوجب النصب إلا الفعل المتقدم على ما بينَّا، والله أعلم.
__________
1 يريد أن عمرًا في هذا المثال لم يفعل القيام، ولم ينصب، فلا يكون كونه لم يفعل عاملًا النصب، فتأمل ذلك.

(1/215)