الكتاب لسيبويه باب تصغير ما كان
على ثلاثة أحرف
ولحقته الزيادة للتأنيث صارت عدَّته مع الزيادة أربعة أحرف وذلك نحو:
حبلى، وبشرى، وأخرى. تقول: حبيلي، وبشيري، وأخيري.
وذلك أنَّ هذه الألف لمَّا كانت ألف تأنيث لم يكسروا الحرف بعد ياء
التصغير، وجعلوها ههنا بمنزلة الهاء التي تجيء للتأنيث، وذلك قولك في
طلحة
(3/418)
طليحة، وفي سلمة: سليمة. وإنما كانت هاء
التأنيث بهذه المنزلة، لأنها تضم إلى الاسم، كما يضم موت إلى حضر،
وبكَّ إلى بعل.
وإن جاءت هذه الألف لغير التأنيث كسرت الحرف بعد ياء التصغير وصارت
ياءً، وجرت هذه الألف في التحقير مجرى ألف مرمى، لأنها كنون رعثنٍ، وهو
قوله في معزىً: معيزٍ كما ترى، وفي أرطى: أريطٍ كما ترى، وفيمن قال
علقىً: عليقٍِ كما ترى.
واعلم أن هذه الألف إذا كانت خامسةً عندهم فكانت للتأنيث أو لغيره
حذفت، وذلك قولك في قرقري: قربقر، وفي حبركى: حبيركٌ. وإنما صارت هذه
الأف إذا كانت خامسة عندهم بمنزلة الألف مبارك وجوالقٍ، لأنها ميّتة
مثلها، ولأنها كسِّرت الأسماء للجمع لم تثبت، فلما اجتمع فيها ذلك صارت
عند العرب بتلك المنزلة، وهذا قول يونس والخليل. فكذلك هذه الألف إذا
كانت خامسةً فصاعدا.
هذا باب
تصغير ما كان على ثلاثة أحرف ولحقته
ألف التأنيث بعد ألف فصار مع الألفين خمسة
أحرف
اعلم أنَّ تحقير ذلك كتحقير ما كان على ثلاثة أحرف ولحقته ألف التأنيث
(3/419)
لا تكسر الحرف الذي بعد ياء التصغير، ولا
تغيَّر الألفان عن حالها قبل التصغير، لأنَّهما بمنزلة الهاء. وذلك
قولك: حميراء، وصفيراء، وطرفاء: طريفاء. وكذلك فعلان الذي له فعلى
عندهم، لأنَّ هذه النون لمَّا كانت بعد ألف وكانت بدلاً من ألف التأنيث
حين أرادوا المذكَّر صار بمنزلة الهمزة التي في حمراء، لأنَّها بدلٌ من
الألف. ألا تراهم أجروا على هذه النون ما كانوا يجرون على الألف، كما
كان يجرى على الهمزة ما كان يجرى على التي هي بدلٌ منها.
واعلم أنَّ كلَّ شيءٍ كان آخره كآخر فعلان الذي له فعلى، وكانت عدَّة
حروفه كعدَّة حروف فعلان الذي له فعلى، توالت فيه ثلاثة حركات، أو لم
يتوالين، اختلفت حركاته أو لم يختلفن، ولم تكسِّره للجمع حتَّى يصير
على مثال مفاعيل، فإنَّ تحقيره كتحقير فعلان الذي له فعلى.
وإنَّما صيروه مثله حين كان آخره نونا بعد ألف كما أن آخر فعلان الذي
له فعلى نون بعد ألف وكان ذلك زائداً كما كان آخر فعلان الذي له فعلى
زائداً، ولم يكسر على مثال مفاعيل كما لم يكسَّر فعلان الذي لع فعلى
على ذلك، فشبَّهوا ذا بفعلان الذي لع فعلى كما شبهوا الألف بالهاء.
واعلم أنَّ ما كان على ثلاثة أحرف ولحقته زائدتان فكان ممدوداً منصرفاً
فإنَّ تحقيره كتحقير الممدود الذي هو بعدة حروفه مما فيه الهمزة بدلاً
من ياء من نفس الحرف. وإنما صار كذلك لأنَّ همزته بدلٌ من ياء بمنزلة
الياء التي من نفس الحرف. وذلك نحو: علباء وحرباء، تقول: عليبىٌّ
وحريبىٌّ، كما تقول في سًّقاءٍ سقيقيٌ وفي مقلاءٍ: مقيلىٌّ.
(3/420)
وإذا كانت الياء التي هذه الهمزة بدلٌ منها
ظاهرة حقرت ذلك الاسم كما تحقرِّ الاسم الذي ظهرت فيه ياءٌ من نفس
الحرف مما هو بعَّدة حروفه، وذلك درحايةٌ فتقول: دريحيَّةٌ، كما تقول
في سقايةٍ سقيقيةٌ. وإنَّما كان هذا كهذا لأنَّ زوائده لم يجئن
للتأنيث.
واعلم أنَّ من قال: غوغاءٌ فجعلها بمنزلة قضقاضٍ وصرف قال: غويغيٌّ.
ومن لم يصرف وأنَّث فإنَّها عنده بمنزلة عوراء، يقول: غويغاء كما يقول:
عُويراء.
ومن قال: قوباءٌ فصرف قال: قويبىٌّ، كما تقول: عليبىٌّ. ومن قال: هذه
قوباء فأنَّث ولم يصرف قال: قويباء كما قال حميراء، لأنَّ تحقير ما
لحقته ألفا التأنيث وكان على ثلاثة أحرف وتوالت فيه ثلاث حركات أو لم
يتوالين، اختلفت حركاته أو لم يختلفن، على مثال فعيلاء. على مثال
مفاعيل فإن تحقيره كتحقير سربالٍ شبهوه به حيث كسر للجمع.
واعلم أنَّ كلّ اسم آخره ألف ونون زائدتان وعدَّة حروفه كعدَّة حروف
فعلان كُسِّر للجمع كما يكسَّر سربالٌ، وفعل به ما ليس لبابه في الأصل
فكما كسِّر للجمع هذا التكسير حقِّر هذا التحقير. وذلك قولك: سريحينٌ
في سرحانٍ، لأنَّك تقول: سراحينٌ، وضبعانٌ ضبيعينٌ لأنَّك
(3/421)
تقول: ضباعينٌ وحومانٌ: حويمينٌ، لأنهم
يقولون حوامينٌ، وسلطانٌ سليطينٌ، لأنهم يقولون: سلاطين، يقولون في
فرزانٍ: فريزين، لأنَّهم يقولون: فرازين، ومن قال: فرازنةٌ، قال أيضاً:
فريزينٌ، لأنه قد كسِّر كما كسِّر جحجاحٌ وزنديقٌ كما قالوا: زنادقة
وجحاجحةٌ.
وأما ظربانٌ فتحقيره ظريبانٌ، كأنَّك كسرته على ظرباء ولم تكسره على
ظربانٍ. ألا ترى أنَّك تقول: ظرانىٌّ كما قالوا: صلفاء وصلافي. ولو جاء
شيء مثل ظرباء كانت الهمزة للتأنيث، لأنَّ هذا البناء لايكون من باب
علباء وحرباءٍ ولم تكسره على ظربانٍ. ألا ترى أنَّ النون قد ذهبت فلم
يشبه سربالاً حيث لم تثبت في الجمع. كما تثبت لام سربال وأشباه ذلك.
وتقول في ورشانٍ وريشينٌ، لأنَّك تقول: وراشين.
وإذا جاء شيء على عدة حروف سرحانٍ، وآخره كآخر سرحانٍ، ولم تعلم العرب
كسَّرته للجمع، فتحقيره كتحقير فعلان الذي له فعلى إذا لم تعلم. فالذي
هو مثله في الزيادتين والذي يصير في المعرفة بمنزلته أولى به حتَّى
تعلم، والذي ذكرت لك في جميع ذا قول يونس.
(3/422)
ولو سميت رجلاً بسرحانٍ فحقَّرته: لقلت
سريحينٌ. وذا قول يونس وأبي عمرو.
ولو قلت: سريحانٌ لقلت في رجل يسمَّى علقىً: عليقي، وفي معزىً معيزي،
وفي امرأة اسمها سربال سريبال، لأنها لا تنصرف.
فالتحقير على أصله وإن لم ينصرف الاسم.
وجميع ما ذكرت لك في هذا الباب وما أذكر لك في الباب الذي يليه قول
يونس.
باب تحقير ماكان على أربعة أحرف
فلحقته ألفا التأنيث، أو لحقته ألف ونون كما لحقت عثمان.
أمَّا ما لحقته ألفا التأنيث فخنفساء وعنصلاء، وقرملاء، فإذا حقَّرت
قلت: قريملاء وخنيفساء وعنيصلاء، ولا تحذف كما تحذف ألف التأنيث، لأنَّ
الألفين لمَّا كانتا بمنزلة الهاء في بنات الثلاثة لم تحذفا هنا حيث حي
آخر الاسم، كتحرَّك متحرك الهاء.
وإنما حذفت الألف لأنَّها حرفٌ ميتٌ، فجعلتها كألف مباركٍ. فأما
الممدود فإنَّ آخره حيٌّ كحياة الهاء، وهو في المعنى مثل ما فيه الهاء،
فلَّما اجتمع فيه الأمران جعل بمنزلة ما فيه الهاء، والهاء بمنزلة اسم
ضم إلى اسم فجعلا اسما واحدا، فالآخر لا يحذف أبداً، لأنَّه بمنزلة اسم
مضاف إليه، ولا تغير الحركة التي في آخر الأول كما لا تغير الحركة التي
قبل الهاء.
(3/423)
وأما ما لحقته ألف ونون: فعقربانٌ
وزعفرانٌ، تقول: عقيربانٌ، وزعيفرانٌ، تحقره كما تحقر ما في آخره ألفا
التأنيث.
ولا تحذف لتحُّرك النون، وإنَّما وافق عقربانٌ خنفساء، كما وافق تحقير
عثمان تحقير حمراء، جعلوا ما فيه الألف والنون من بنات الأربعة بمنزلة
ما فيه ألف التأنيث من نبات الأربعة كما جعلوا ما هو مثله من نبات
الثلاثة مثل ما فيه ألفا التأنيث من بنات الثلاثة، لأن النون في بنات
للأربعة بمَّا تحركت أشبهت الهمزة في خنفساء وأخواتها ولم تسكن فتشبه
بكونها الألف التي في قرقرى وقهقرى وقبعثرى وتكون حرفاً واحداً بمنزلة
قهقرى.
وتقول في أقحوانة: أقيحيانة، وعنظوانة: عنيظيانةٌ، كأنَّك حقَّرت
عنظوانا وأقحوانا. وإذا حقَّرت عنظوانا وأقحوانا فكأنك حقرت عنظوة
وأقحوانا. وإذا حقَّرت عنظوانا وأقحوانا فكأنك حقَّرت عنظوة وأقحوة،
لأنَّك تجري هاتين الزيادتين مجرى تحقير مافيه الهاء، فإذا ضممتهما
وإنما أدخلت التاء ههنا لأن الزيادتين ليستا علامة للتأنيث.
وأمَّا أسطوانةٌ فتحقيرها أسيطينةٌ، لقولهم: أساطين كما قلت: سريحينٌ
حيث قالوا: سراحين، فلمَّا كسروا هذا الاسم بحذف الزيادة وثبات النون
حقَّرته عليه.
(3/424)
باب مايحقَّر على تكسيرك إياه
لو كسرته للجمع على القياس لاعلى التكسير للجمع على غيره.
وذلك قولك في خاتمٍ: خويتمٌ، وطابقٍ: طويبقٌ، ودانقٍ: دوينقٌ والذين
قالوا: دوانيق وخواتيم وطوابيق إنَّما جعلوه تكسير فاعالٍ، وإن لك يكن
من كلامهم. كما قالوا: ملامح والمستعمل في الكلام لمحةٌ، ولايقولون
ملمحةٌ، غير أنَّهم قد قالوا: خاتامٌ، حدثنا بذلك أبو الخطاب.
وسمعنا من يقول ممن يوثق به من العرب: خويتيمٌ، فإذا جمع قال: خواتيم.
وزعم يونس أنَّ العرب تقول أيضاً: خواتم ودوانق وطوابيق، على فاعلٍ،
كما قالوا: تابلٌ وتوابل. ولو قلت: خويتيمٌ ودوينيقٌ لقولك: خواتيم
ودوانيق، لقلت في أثفية أثيفيةٌ فخففتها، لأنك تقول: أثافٍ، ولكنَّك
تحقرها على تكسيرها على القياس، وكذلك معطاء تقول: معيطىٌّ ولاتلتفت
إلى معاطٍ، ولحذفت في تحقير مهريةٍ إحدى الياءين، كما حذفت في مهارى
إحداهما.
ومن العرب من يقول: صغييرٌ ودريهيمٌ، فلا يجيء بالتصغير على صغيرٍ
ودرهمٍ، كما لم يجيء دوانيق على دانقٍ، فكأنَّهم حقروا درهاماً
وصغياراً
(3/425)
وليس يكون ذا في كلِّ شيء إلاَّ أن تسمع
منه شيئاً، كما قالوا: رويجلٌ فحقَّروا على راجلٍ، وإنّما يريدون
الرَّجل.
باب مايحذف في التحقير
من بنات الثلاثة من الزيادات
لأنك لو كسرتها للجمع لحذفتها فكذلك تحذف في التصغير وذلك في قولك في
مغتلمٍ: مغيلمٌ، كما قلت مغالم، فحذفت حين كسرت للجمع، وإن شئت قلت:
مغيليمٌ فألحقت الياء عوضاً مما حذفت، كما قال بعضهم مغاليم.
وكذلك جوالقٌ إن شئت قلت: جويليقٌ عوضاً كما قالوا: جواليق. والعوض قول
يونس والخليل.
وتقول في المقدمَّ والمؤخرَّ: مقيدمٌ، ومؤيخرٌ، وإن شئت عوضت الياء كما
قالوا: مقاديم ومآخير والمقادم والمآخر عربية جيدة. ومقيدم خطأ، لأنه
لايكون في الكلام مقاديم ومآخير، والمقادم والمآخر عربية جيدة. ومقيدمٌ
خطأ، لأنّه لايكون في الكلام مقادِّم. فإذا لم يكن ذا فيما هو بمنزلة
التصغير في أنَّ ثالثه حرف لينٍ كما أن ثالث التصغير حرف لين، وما قبل
حرف لينه مفتوح كما أنَّ ما قبل حرف لين التصغير مفتوح، ومابعد حرف
لينه مكسور كما كان ما بعد حرف لين التصغير مكسوراً - فكذلك لا يكون في
التصغير فعلى هذا فقس. وهذا قول الخليل.
وحروف اللين هي حروف المد التي يمد بها الصوت، وتلك الحروف: الألف،
والواو، والياء.
(3/426)
وتقول في منطلقٍ: مطليقٌ ومطيليقٌ، لأنَّك
لو كسَّرته كان بمنزلة مغتلمٍ في الحذف والعوض.
وتقول في مذَّكرٍ مذيكرٌ كما تقول في مقتربٍ: مقيربٌ، وإنَّما حدُّها
مذتكرٌ، ولكنَّهم أدغموا، فحذفت هذا كما كنت حاذفة في تكسير كه للجمع
لو كسِّرته. وإن شئت عوضت فقلت: مذيكيرٌ ومقيريبٌ. وكذلك مغيسلٌ.
وإذا حقَّرت مستمعاً قلت: مسيمعٌ ومسيميعٌ، تجريه مجرى مغيسلٍ، تحذف
الزوائد، كما كنت حاذفها في تكسير للجمع لو كسَّرته.
وإذا حقرت مزدانٌ قلت: مزينٌ ومزيِّين، وتحذف الدال لأنَّها بدلٌ من
تاء مفتعلٍ، كما كنت حاذفها لو كسِّرته للجمع. ومزدانٌ بمنزلة مختارٍ،
فإذا حقرته قلت: مخيّرٌ، وإن شئت قلت: مخييِّرٌ، لأنَّك لو كسرته للجمع
قلت: مخاير ومخايير، كما فعلت ذلك بمغتلمٍ، لأنه مفتعلٌ، وكذلك منقادٌ
لأنه منفعلٌ، وكذلك مستزادٌ تحقيره مزيدٌ، لأنه مستفعلٌ. فهذه الزوائد
تجرى على ماذكرت لك.
وتقول في محمرٍ: محيمرٌ، ومحيميرٌ، كما حقَّرت مقدَّماً، لأنَّك لو
كسرت محمرا للجمع أذهبت إحدى الراءين، لأنَّه ليس في الكلام مفاعلٌ.
وتقول في محمارٍ: محيميرٌ، ولاتقول: محميرٌّ، لأنَّ فيها إذا حذفت
الراء ألفاً رابعة، فكأنك حقَّرت محمارٌ.
وتقول في تحقير حمّارةٍ: حميرَّةٌ، كأنَّك حقرت حمرَّة، لأنَّك لو كسرت
(3/427)
حمارةً للجمع لم تقل: حمائرُّ، ولكن تقول
حمارُّ، لأنَّه ليس في الكلام فعائلُّ كما لا يكون مفاعلُّ.
وإذا حقرت جبنة قلت: جبينَّةٌ، لأنك لو كسرتها (للجمع) لقلت: جبانُّ،
كما تقول في المرضة: مراضُّ كما ترى. فجبنّةٌ ونحوها على مثال مرضَّة،
وإذا كسرتها للجمع جاءت على ذلك المثال. وقد قالوا: جبنةٌ، فثّقلوا
النون وحففّوها.
وتقول في مغدودنٍ: مغيدينٌ إن حذفت الدال الآخرة، كأنك حقرت مغدونٌ،
لأنَّها تبقى خمسة أحرف رابعتها الواو، فتصير بمنزلة بهلولٍ وأشِباه
ذلك. وإن حذفت الدال الأولى فهي بمنزلة جوالقٍ، كأنك حقرت مغودنٌ.
وإذا حقرت خفيددٌ قلت: خفيددٌ وحفيديدٌ، لأنَّك لو كسّرته للجمع قلت:
خفارد وخفاديدٌ، فإنَّما هو بمنزلة عذافرٍ وجوالقٍ.
وإذا حقَّرت غدودنٌ فبتك المنزلة، لأنَّك لو كسرته للجمع لقلت: غدادين
وغدادن، ولاتحذف من الدالين لأنَّهما بمنزلة ماهو بنفس الحرف
(3/428)
ههنا، ولم تضطر إلى حذف واحدٍ منهما، وليسا
من حروف الزيادات إلا أن تضاعف لتلحق الثلاثة بالأربعة، والأربعة
بالخمسة.
وتقول في قطوطىً: قطيطٍ وقطيطىٌّ، لأنَّه بمنزلة غدودنٍ وعثوثلٍ.
وإذا حقَّرت مقعنسٌ حذفت النون وإحدى السينين، لأنَّك كنت فاعلاً ذلك
لو كسرته للجمع. فإنَّ شئت قلت: مقيعسٌ، وإن شئت قلت مقيعيسٌ.
وأما معلوّطٌ فليس فيه إلاَّ معيليطٌ، لأنَّك إذا حقرت فحذفت إحدى
الواوين بقيت واوٌ رابعة، وصارت الحروف خمسة أحرف. والواو إذا كانت في
هذه الصفة لم تحذف في التصغير، كما لا تحذف في الكسر للجمع.
فأمَّا مقعنسٌ فلا يبقى منه إذا حذفت إحدى السينين زائدةٌ خامسةً تثبت
في تكسيرك لاسم الجمع، والتي تبقى هي النون، ألا ترى أنه ليس في الكلام
مفاعنل.
وتقول في تحقير عفنججٍ: عفيججٌ وعفيجيجٌ، تحذف النون ولاتحذف من
اللامين، لأنَّ هذه النون بمنزلة واو غدودنٍ وياء خفيددٍ، وهي من حرف
الزيادة، والجيم ههنا المزيدة بمنزلة الدال المزيدة في غدودنٍ وخفيددٍ،
وهي بمنزلة ماهو من نفس الحرف، لأنَّها ليست من حروف الزيادة إلا أن
تضاعف.
وإذا حقرت عطوَّدٌ قلت: عُطّيدٌ، لأنك لو كسرته للجمع قلت:
(3/429)
عطاود وعطاويد، وإنَّما ثقلت الواو التي
ألحقت بنات الثلاثة بالأربعة كما ثقَّلت باء عدبَّسٍ ونون عجنَّسٍ.
وإذا حقرت عثولٌّ قلت عثيلٌ وعثيِّيلٌ، لأنَّك لو جمعت قلت: عثاول
وعثاويل، وإنَّما صارت الواو تثبت في الجمع والتحقير لأنَّهم إنما
جاءوا بهذه الواو لتلحق بنات الثلاثة بالأربعة، فصارت عندهم كشين
قرشٍبّ، وصارت اللام الزائدة بمنزلة الباء الزائدة في قرشٍبّ، فحذفتها
كما حذفوا الباء حين قالوا قراشب، فحذفوا ما هو بمنزلة الباء وأثبتوا
ما هو بمنزلة الشين، وكذلك قول العرب وقول الخليل.
وإذا حقّرت النددٌ ويلنددٌ، ومعنى يلنددٍ وألنددٍ واحد، حذفت النون كما
حذفتها من عفنججٍ، وتركت الدَّالين، لأنَّهما من نفس الحرف. ويدلّك على
ذلك أنَّ المعنى معنى ألدَّ. وقال الطرماح:
خصمٌ أبرَّ على الخُصومِ ألنددٌ
فإذا حذفت النون قلت: أليدُّ كما ترى، حتَّى يصير على قياس تصغير أفعل
من المضاعف، لأنَّ أفيعل من المضاعف وأفاعل من المضعف لايكون إلا
مدغماً، فأجريته على كلام العرب.
(3/430)
ولو سميت رجلا بألبب ثم حقرته قلت: أليبُّ
كما ترى، فرددته إلى قياس أفعل، وإلى الغالب في كلام العرب. وإنما
ألببٌ شاذ كما أنَّ حيوة شاذ. فإذا حقرت حيوة صار على قياس غزوة، ولم
يصيّره كينونته ههنا على الأصل أن تحقره عليه، فكذلك ألببٌ، وإذا حقرت
إستبرقٌ قلت: أبيرقٌ، وإن شئت قلت: أبيريقٌ على العوض، لأن السين
والتاء زائدتان، لأنَّ الألف إذا جعلتها زائدة لم تدخلها على بنات
الأربعة ولا الخمسة، وإنَّما تدخلها على بنات الثلاثة، وليس بعد الألف
شيء من حروف الزيادة إلاَّ السين والتاء، فصارت الألف بمنزلة ميم
مستفعلٍ، وصارت السين والتاء بمنزلة سين مستفعلٍ وتائه. وترك صرف
استبرق يدلك على أنه استفعل.
وإذا حقرت أرندجٌ قلت: أريدجٌ، لأنَّ الألف زائدة، ولاتلحق هذه الألف
إلاَّ بنات الثلاثة، والنون بمنزلة نون ألنددٍ.
(3/431)
وتقول في تحقير ذرحرحٍ: ذريرحٌ، وإنَّما
ضاعفت الراء والحاء كما ضاعف الدال في مهدد. والدليل على ذلك: ذرّاحٌ
وذرُّوح، فضاعف بعضهم الراء، وضاعف بعضهم الراء والحاء، وحقرته
كتكسيركه للجمع. ألا ترى أنَّ من لغته ذرحرحٌ يقول: ذرارح.
وقالوا: جلعلعٌ وجلالع
وزعم يونس أنَّهم يقولون: صمامح ودمامك، في صمصمحٍ ودمكمكٍ، فإذا حقرت
قلت: صميمحٌ ودميمكٌ وجليلعُ، وإن شئت قلت ذريريحٌ عوضاً كما قالوا:
ذراريحُ. وكرهوا ذراحح وذريححٌ، للتضعيف والتقاء الحرفين من موضع واحد،
وجاء العوض فلم يغيروا ماكان من ذلك قبل أن يجيء، ولم يقولوا في العوض:
ذراحيح فيكون في العوض على ضربٍ وفي غيره على ضربٍ. ومع ذا أنَّ فعاعيل
وفعاعل أكثر وأعرف من فعالل وفعاليل) .
وزعم الخليل أ، َّ مرمريسٌ من المراسة، والمعنى يدل. وزعم أنهم ضاعفوا
الميم والراء في أوله كما ضاعفوا في آخره ذرحرحٍ الراء والحاء. وتحقيره
مريريسٌ، لأن الياء تصير رابعة، وصارت الميم أولى بلحذف من الراء، لأن
الميم إذا حذفت تبيَّن في التحقير أن أصله من الثلاثة، كأنَّك حقرت
مراَّسٌ. ولو قلت: مريميسٌ لصارت كأنَّها من باب سرحوبٍ وسرداحٍ
وقنديلٍ.
(3/432)
فكلُّ سيء ضوعف الحرفان من أوله أو آخره
فأصله الثلاثة، مما عدة حروفه خمسة أحرف، كما أنَّ كلّ سيء ضوعف الثاني
من أوله أو آخره، وكانت عدته أربعةً أو خمسةً رابعه حرف لين، فهو من
الثلاثة عندك، فهذان يجريان مجرى واحدا.
وإذا حقرت المسرول فهو مسيريلٌ، ليس إلا (هذا) ، لأنَّ الواو رابعة.
ولو كسرته للجمع لم تحذف، فكذلك لاتحذف في التصغير، فإذا حقرت أو
كسِّرت وافق بهلولا وأشباهه.
وإذا حقرت مساجد اسم رجلٍ قلت: مسيجدٌ، فتحقيره كتحقير مسجدٍ لأنه اسمٌ
لواحد، ولم ترد أن تحقِّر جماعة المساجد، ويحقَّر ويكسَّر اسم رجل كما
يحقَّر مقدَّمٌ.
باب ماتحذف منه الزوائد
من بنات الثلاثة مما أوائله الألفات
الموصولات
وذلك قولك في استضرابٍ: تضيريبٌ، حذفت الألف الموصولة لأنَّ مايليها من
بعدها لابدّ من تحريكه، فحذفت لأنَهم قد علموا أنَّها في حال استغناء
عنها، وحذفت السين كما كنت حاذفها لو كسّرته للجمع حتَّى يصير على مثال
مفاعيل، وصارت السِّين أولى بالحذف حيث لم يجدوا بداً
(3/433)
من حذف أحدهما، لأنَّك إذن أردت أن يكون
تكسيره وتحقيره على ما في كلام العرب، نحو: التجفاف والتبيان، وكان ذلك
أحسن من أن يجيئوا به على ماليس من كلامهم. ألا ترى أنَّه ليس في
الكلام سفعالٌ.
وإذا صغرت الافتقار حذفت الألف لتحرُّك مايليها، ولاتحذف التاء لأنَّ
الزائدة إذا كانت ثانية من بنات الثلاثة وكان الاسم عدة حروفه خمسة
رابعهن حرف لين لم يحذف منه شيء في تكسيره للجمع لأنَه يجيء على مثال
مفاعيل، ولا في تصغيره. وذلك قولك في ديباجٍ: دبابيج، والبياطير
والبياطرة جمع بيطارٍ، صارت الهاء عوضا من الياء. فإذا حذفت الألف
الموصولة بقيت خمسة أحرفٍ الثاني منها حرفٌ زائدٌ والرابع حرف لين. فكل
اسم كان كذا لم تحذف منه شيئاً في جمع ولاتصغير. فالتاء في افتقارٍ إذا
حذفت الألف بمنزلة الياء في ديباجٍ، لأنَّك لو كسَّرته للجمع بعد حذف
الألف لكان على مثال مفاعيل، تقول: فتيقيرٌ.
وإذا حقَّرت انطلاقٌ قلت: نطيليقٌ، تحذف الألف لتحرُّك مايليها، وتدع
النون، لأنَّ الزيادة إذا كانت أولا في بنات الثلاثة وكانت على خمسة
أحرف، وكان رابعه حرف لين،، لم تحذف منه شيئاً في تكسير كه للجمع،
لأنَّه يجيء على مثال مفاعيل، ولا في التصغير، وذلك نحو: تجفافٍ
وتجافيف، ويربوعٍ ويرابيع، فالنون في انطلاقٍ بعد حذف الألف كالتاء في
تجفافٍ. وإذا حقَّرت احمرارٌ قلت: حميريرٌ، لأنَّك إذا حذفت الألف
كأنَّك تصغر حمرارٌ، فإنَّما هو حينئذٍ كالشملال، ولاتحذف من الشملال
كما لا تحذف منه في الجمع.
(3/434)
وإذا حقَّرت اشيبهابٌ حذفت الألف، فكأنه
بقي شهيبابٌ، ثم حذفت الياء التي بعدها الهاء كما كنت حاذفها في
التكسير إذا جمعت، فكأنَّك حقَّرت شهبابٌ. وكذلك الاغديدان تحذف الألف
والياء التي بعد الدال، كما كنت حاذفها في التكسير للجمع، فكأنك حقَّرت
عدَّان، وذلك نحو غديدينٍ وشهيبيبٍ.
وإذا حقَّرت اقعنساسٌ حذف الألف لما ذكرناه، فكأنه يبقى قعنساسٌ وفيه
زائدتان: احدى السينين والنون، فلا بدُّ من حذف إحداهما، لأنَّك لو
كسَّرته للجمع حتَّى يكون على مثال مفاعيل لم يكن من الحذف بدٌّ،
فالنون أولى، لأنَّها هنا بمنزلة الياء في اشهيبابٍ واغديدانٍ وهي من
حروف الزيادة، والسين ضوعفت كما ضوعفت الباء وما ليس من حروف الزيادة
في الاشهيباب والاغديدان. ولو لم يكن فيه شيء من ذا كانت النون أولى
بالحذف لأنه كان يجيء تحقيره وتكسيره كتكسير ما هو في الكلام وتحقيره
فإذا لم تجد بدا من حذف إحدى الزائدتين فدع التي يصير بها الاسم كالذي
في الكلام كشميليلٍ.
وإذا حقَّرت اعلوّاطٌ قلت: عليِّيطٌ، تحذف الألف لما ذكرناه، وتحذف
الواو الأولى لأنها بمنزلة الياء في الاغديدان والنُّون في احرنجامٍ،
فالواوٌ المتحرِّكة بمنزلة ماهو من نفس الحرف، لأنَّه ألحق الثلاثة
ببناء الأربعة، كما فعل ذلك بواو جدولٍ، ثم زيد عليه كما يزاد على بنات
الأربعة.
(3/435)
باب تحقير ماكان في
الثلاثة فيه زائدتان
تكون فيه بالخيار في حذف إحداهما تحذف أيَّهما شئت
وذلك نحو: قلنسوةٍ، إن شئت قليسيةٌ، وإن شئت قلت: قلينسة، كما فعلوا
ذلك حين كسروه للجمع، فقال بعضهم: قلانس، وقال بعضهم: قلاسٍ. وهذا قول
الخليل.
وكذلك حبنطىً، إن شئت حذفت النون فقلت: حبيطٍ، وإن شئت حذفت الألف
فقلت: حبينطٌ، وذلك لأنَّهما زائدتان ألحقتا الثلاثة ببناء الخمسة،
وكلاهما بمنزلة ماهو من نفس الحرف، فليس واحدةٌ الحذف ألزم لها منه
للأخرى، فإنَّما حبنطَّى وأشباهه بمنزلة قلنسوةٍ.
ومن ذلك كوأللٌ. إن شئت حذفت الواو وقلت: كؤيللٌ وكؤيليلٌ، وتقديرها
كعيللٌ وكعيليلٌ، وإن شئت حذفت إحدى اللامين فقلت: كويئلٌ وكويئيلٌ،
وتقديرها كويعلٌ وكويعيلٌ، لأنَهما زائدتان ألحقتا بسفرجلٍ، وكلّ واحدة
منهما بمنزلة ماهو من نفس الحرف.
ومَّما لايكون الحذف ألزم لإحدى زائدتيه منه للأخرى حبارى، إن شئت قلت:
حبيرى كما ترى، وإن شئت قلت: حبيّرٌ، وذلك لأنَّ الزائدتين
(3/436)
لم تجيئا لتلحقا الثلاثة بالخمسة، وإنَّما
الألف الآخرة ألف تأنيث، والأولى كواو عجوزٍ، فلا بد من حذف إحداهما،
لأنَّك لو كسرته للجمع لم يكن لك بدٌّ من حذف إحداهما كما فعلت
بقلنسوةٍ، فصار ما لم تجيء زائدتاه لتلحقا الثلاثة بالخمسة، بمنزلة
ماجاءت زيادتاه لتلحقا الثلاثة بالخمسة، لأنَّهما مستويتان في أنَّهما
لم يجيئا ليلحقا شيئاً بشيءٍ كما أنَّ الزيادتين اللتين في حبنطىً
مستويتان في أنَّهما ألحقتا الثلاثة بالخمسة.
وأما أبو عمرو فكان يقول: حبيّرةٌ، ويجعل الهاء بدلاً من الألف التي
كانت علامةً للتأنيث إذ لم تصل إلى أن تثبت.
وإذا حقَّرت علانيةً أو ثمانيةً أو عفاريةً، فأحسنه أن تقول: عفيريةٌ
وعلينيةٌ، وثمينيةٌ، من قبل أنَّ الألف ههنا بمنزلة ألف عذافرٍ
وصمادحٍ، وإنَّما مد بها الاسم، وليست تلحق بناءً ببناء، والياء لاتكون
في آخر الاسم زيادة إلاَّ وهي تلحق بناء ببناء. ولو حذفت الهاء من
ثمانيةٍ وعلانيةٍ لجرت الياء مجرى ياء جواري، وصارت الياء بمنزلة ماهو
من نفس الحرف، وصارت الألف كألف جواري، وهي وفيها الهاء بمنزلة جاريةٍ،
فأشبههما بالحروف التي هي من نفس الحرف أجدر أن لا تحذف فالياء في آخر
الاسم أبداً بمنزلة ما هو من نفس الحرف، لأنها تلحق بناءً ببناءٍ، فياء
عفاريةٍ وقراسيةٍ بمنزلة راء عذافرةٍ، كما أنَّ ياء عفريةٍ بمنزلة عين
ضفدعةٍ
(3/437)
فإنَّما مددت عفريةً حين قلت عفاريةٌ، كما
كأنك أنَّك مددت عذفراً لما قلت: عذافرٌ.
وقد قال بعضهم: عفيِّرةٌ وثميّنةٌ، شبَّهها بألف حبارى، إذ كانت زائدة
كما أنَّها زائدة وكانت في آخر الاسم، وكذلك صحارى وعذارى وأشباه ذلك.
وإن حقّرت رجلاً اسمه مهارى، أو جلاً اسمه صحارى كان صحيرٍ ومهيرٍ
أحسن، لأنَّ هذه الألف لم تجيء للتأنيث، إنما أرادوا مهارىُّ وصحارىُ،
فحذفوا وأبدلوا الألف في مهارى وصحارى، كما قالوا: مدارى ومعايا، فيما
هو من نفس الحرف، فإنّما هو من نفس الحرف، فإنما فعالى كفعالى وفعالل
وفعائل. ألا ترى أنَّك لاتجد في الكلام فعالى لشيءٍ واحد.
وإن حقَّرت عفرناةً وعفرنىً كنت بالخيار إن شئت قلت: عفيرنٌ وعفيرنةٌ
وإن شئت قلت: عفيرٍ وعفيرنةٌ، لأنَّهما زيدتا لتلحقا الثلاثة بالخمسة،
كما كان حبنطىً زائدتاه تلحقانه بالخمسة، لأنَّ الألف إذا جاءت منَّونة
خامسة أو رابعةً فإنها تلحق بناءً ببناءٍ. وكذلك النون.
ويستدل على زيادتي عفرنىً بالمعنى. ألا ترى أنَّ معناه عفرٌ وعفريتٌ.
وقال الشاعر:
ولم أَجِدْ بالمِصْر مِنْ حاجاتي ... غير عفاريت عفرينات
(3/438)
أما العرضني فليس فيها إلاَّ عريضنٌ، لأنَّ
النون ألحقت الثلاثة بالأربعة، وجاءت هذه الألف للتأنيث، فصارت النون
بمنزلة ماهو من نفس الحرف، ولم تحذفها وأوجبت الحذف للألف، فصار
تحقيرها كتحقير حججبي، لأنَّ النون بمنزلة الراء من قمطرٍ.
وإذا حقَّرت جلاً اسمه قبائل قلت: قبيئل، وإن شئت قلت قبيئيل عوضاُ
مّما حذفت، والأف أولى بالطرح من الهمزة، لأنَّها كلمةٌ حيةٌ لم تجيء
للمد، وإنَّما هي بمنزلة جيم مساجد وهمزة برائلٍ، وهي في ذلك الموضع
والمثال، والألف بمنزلة ألف عذافرٍ، وهذا قول الخليل. وأمَّا يونس
فيقول: فبيِّل يحذف الهمزة إذ كانت زائدة، كما حذفوا ياء قراسيةٍ وياء
عفاريةٍ.
وقول الخليل أحسن، كما أنَّ عفيريةً أحسن.
وإذا حقَّرت لغَّيزى قلت: لغيغيزٌ تحذف الألف ولاتحذف الياء الرابعة
لأنَّك لو حذفتها احتجت أيضاً إلى أن تحذف الألف، فلمَّا اجتمعت
زائدتان لو حذفتها احتجت أيضاً إلى أن تحذف الألف، فلمَّا اجتمعت
زائدتان إن حذفت إحداهما ثبتت ألأخرى، لأنَّ مايبقى لو كسرته كان على
مثال مفاعيل، وكانت الأخرى إن حذفتها احتجت إلى حذف الأخرى حين حذفت
التي إذا حذفتها استغنيت. وكذلك فعلت في
(3/439)
اقعنساس، حذفت النون وتركت الألف، لأنَّك
لو حذفت الألف احتجت إلى حذف النون.
فإذا وصلوا إلى أن يكون التحقير صحيحاً بحذف زائدةٍ، لم يجاوزوا حذفها
إلى مالو حذفوه لم يستغنوا به كراهية أن يخلوا بالاسم إذا وصلوا إلى أن
لايحذفوا إلا واحداً. وكذلك لو كسرته للجمع لقلت: لغاغيز.
واعلم أن ياء لغَّيزى ليست ياء التحقير، لأنَّ ياء التحقير لاتكون
رابعة، إنما هي بمنزلة ألف خضَّارى، وتحقير خضَّارى كتحقير لغيَّزى.
وإذا حقَّرت عبدَّى قلت: عبيدٌ تحذف ألألف ولاتحذف الدال (الثانية)
لأنَّها ليست من حروف الزيادة، وإنَّما ألحقت الثلاثة ببناء الأربعة،
وإنَّما هي بمنزلة جيم عفنججٍ الزائدة. فهذه الدال بمنزلة ما هو من نفس
الحرف، فلا يلزم الحذف إلا الألف، كما لم يلزم في قرقرى الحذف إلاَّ
الألف.
وإذا حقَّرت بروكاء أو حلولاء قلت: بريكاء وجليلاء، لأنّك لاتحذف هذه
الزوائد، لأنَّها بمنزلة الهاء، وهي زائدة من نفس الحرف، كألف التأنيث،
فلمَّا لم يجدوا سبيلاً إلى حذفها لأنَّها كالهاء في أن لاتحذف خامسةً
وكانت من نفس الحرف، صارت بمنزلة كاف مباركٍ وراء عذافرٍ، وصارت الواو
كالألف التي تكون في موضع الواو، والياء التي تكون في
(3/440)
موضع الواو، إذا كنَّ سواكن، بمنزلة ألف
عذافر ومباركٍ، لأنَّ الهمزة تثبت مع الاسم، وليست كهاء التأنيث.
وإذا حقرت معيوراء ومعلوجاء قلت: معيليجاء ومعييّراء، لاتحذف الواو
لأنها ليست كألف مبارك، وهي رابعةٌ. ولو كان كان آخر الاسم ألف التأنيث
كانت هي ثابتة لايلزمها الحذف، كما لم يلزم ذلك ياء لغيَّزى وألف
خضَّارى التي بعد الضاد، فلمَّا كانت كذلك صارت كقاف قرقرى وفاء
خنفساء، لأنَّهما لاتحذف أشباههما من بنات الأربعة إذا كان في شيء
منهنَّ شيئاً ألف التأنيث خامسة لأنهن من أنفس الحروف ولا تحذف منهن
فلمَّا كان آخر شيءٍ من بنات الأربعة ألفات التأنيث كان لايحذف منها
شيء إذا كانت الألف خامسة، إلاَّ الألف، وصارت الواو بمنزلة ماهو من
نفس الحرف في بنات الأربعة.
ولو جاء في الكلام فعولاء ممدودة لم تحذف الواو، لأنها تلحق الثلاثة
بالأربعة، فهي بمنزلة شيء من نفس الحرف، وذلك حين تظهر الواو فيمن قال:
أسيودٍ، فهذه الواو بمنزلة واو أسيود.
ولو كان في الكلام أفعلاء العين منها واوٌ لم تحذفها، فإنَّما هذه
الواو كنون عرضنةٍ. ألا ترى أنَّك كنت لاتحذفها لو كان آخر الاسم ألف
التأنيث، ولم يكن ليلزمها حذفٌ كما لم يلزم ذلك نون عرضني لو مددت. ومن
قال في أسود: أسيدٌ وفي جدولٍ: جديّلٌ قال في فعولاء
(3/441)
إن جاءت فعيلاء يخفف لأنَّها صارت بمنزلة
السواكن، لأنَّها تغيرها وهي في مواضعها، فلمَّا ساوتها وخرجت إلى
بابها صارت مثلهن في الحذف. وهذا قول يونس.
وإذا حقرت ظريفين غير اسم رجلٍ أو ظريفات أو دجاجات قلت: ظريِّفون
وظريِّفاتٌ ودجيِّجاتٌ، من قبل أنَّ الياء والواو والنون لم يكسر
الواحد عليهن كما كسِّر على ألفي جلولاء، ولكنك إنما تلحق هذه الزوائد
بعد ما تكسر الاسم في التحقير للجمع، وتخرجهن إذا لم ترد الجمع، كما
أنك إذا قلت: ظريفون فإنما ألحقته اسماً بعد مافرغ من بنائه. وتخرجهما
إذا لم ترد معنى الجمع، كما تفعل ذلك بياءي الإضافة، وكذلك هما، فلمّا
كان ذلك شبهوه بهاء التأنيث. وكذلك التثنية تقول ظريِّفان.
وسألت يونس عن تحقير ثلاثين فقال: ثلثيون ولم يثقل، شبَّهها بواو
جلولاء، لأنَّ ثلاثاً لاتستعمل مفردة على حدّ مايفرد ظريفٌ، وإنما
ثلاثون بمنزلة عشرين لايفرد ثلاث من ثلاثين كما العشر من عشرين. ولو
كانت إنَّما تلحق هذه الزيادة الثلاث التي تستعملها مفردة لكنت إنَّما
تعني تسعة، فلمّا كانت هذه الزيادة لاتفارق شبهت بألفي جلولاء.
(3/442)
ولو سميَّت رجلاً جدارين ثم حقرته لقلت:
جديران ولم تثقِّل، لأنك لست تريد معنى التثنية، وإنَّما هو اسم واحد،
كما أنَّك لم ترد بثلاثين أن تضعف الثلاث.
وكذلك لو سميته بدجاجاتٍ أو ظريفين أو ظريفاتٍ خفَّفت. فإن سمَّيت
رجلاً بدجاجةٍ أو دجاجتين ثقلت في التحقير، لأنَّه حينئذٍ بمنزلة دراب
جرد، والهاء بمنزلة جرد والاسم بمنزلة دراب، وإنَّما تحقير ماكان من
شيئين كتحقير المضاف، فدجاجةٌ كدراب جردٍ، ودجاجتين كدراب جردين.
باب تحقير ماثبتت زيادته
من بنات الثلاثة في التحقير ذلك نحو: تجفافٍ، وإصليتٍ، ويربوعٍ، فتقول:
تجفيفيٌ وأصيليتٌ ويريبيعٌ، لأنَّك لو كسرتها للجمع ثبتت هذه الزوائد.
ومثل ذلك عفريتٌ وملكوتٌ، تقول: عفيريتٌ، لأنَّك تقول: عفاريتُ،
ومليكيتٌ لأنَّك تقول: ملاكيتُ، وكذلك رعشنٌ لأنَّك تقول: رعاشن، ومثل
ذلك سنبتةٌ لأنك تقول: سنابت. يدلُّك على زيادتها أنَّك تقول: سنبةٌ
كما تقول: عفرٌ، فيدلُّك على عفريت أنَّ تاءه زائدة.
وكذلك قرنوةٌ تقول: قرينيةٌ، لأنَّك لو سّرت قرنوةٍ لقلت: قرانٍ، كما
تقول في ترقوةٍ: تراقٍ.
وإذا حقَّرت بردراياً أو حولاياً قلت: بريدرٌ وبريديرٌ وحويلىٌّ، لأنَّ
هذه ياءٌ ليست حرف تأنيث، وإنَّما هي كياء درحايةٍ، فكأنك إذا حذفت
ألفا إنَّما تحقر قوباءً وغوغاءً فيمن صرف.
(3/443)
باب مايحذف في
التحقير
من زوائد بنات الأربعة لأنها لم تكن لتثبت
لو كسرتها للجمع
وذلك قولك في قمحدوةٍ: قميحدةٌ، كما قلت: قماحد، وسلحفاةٍ سليحفةٌ كما
قلت: سلاحف، وفي منجنيقٍ: منجنيقٌ، لأنَّك تقول: مجانيق، وفي عنكبوتٍ:
عنيكبٌ، وعنيكيبٌ، لأنَّك تقول: عناكب، وعناكيب، وفي تخربوتٍ: تخيربٌ
وتخيريبٌ إن شئت عوضاً. وإن شئت فعلت ذلك بقمحدوةٍ وسلحفاةٍ ونحوهما.
ويدلك على زيادة التاء والنون كسر الأسماء للجمع وحذفها، وذلك (أنهم
لايكسّرون من بنات الخمسة للجمع حتى يحذفوا) لأنَهم لو أرادوا ذلك لم
يكن من مثال مفاعل ومفاعيل، فكرهوا أن يحذفوا حرفاً من نفس الحرف ومن
ثم لايكسرون بنات الخمسة إلا أن تستكرههم فيخلطوا، لأنَّه ليس من
كلامهم، فهذا دليلٌ على الزوائد.
وتقول في عيطموسٍ: عطيميسٌ، كما قالوا: عطاميس ليس إلا، لأنها تبقى
واوٌ رابعة، إلاَّ أن يضطر شاعر، كما قال غيلان:
(3/444)
قد قرّبتْ ساداتُها الرَّوائسا ...
والبكَرَاتِ الفسَّج العَطامِسَا
وكذلك عيضموزٌ عضيميزٌ، لأنَّك لو كسَّرته للجمع لقلت: عضاميز.
وتقول في جحنفلٍ: جحيفل، وإن شئت جحيفيلٌ كما كنت قائلاً ذلك لو
كسَّرته، وإنَّما هذه النون زائدةٌ كواو فدوكسٍ، وهي زائدة في جحفلٍ،
لأنَّ المعنى العظم والكثرة.
وكذلك عجنَّسٌ وعدبَّسٌ. وإنَّما ضاعفوا الباء كما ضاعفوا ميم محَّمدٍ.
وكذلك قرشبٌّ، وإنَّما ضاعفوا الباء كما ضاعفوا دال معدٍ.
وأما كنهورٌ فلا تحذف واوه، لأنَّها رابعة فيما عدَّته خمسة وهي تثبت
لو أنَّه كسر للجمع. وإذا حقرت عنتريسٌ قلت: عتيريسٌ. وزعم الخليل: أن
النون زائدة، لأن العنتريس الشديد، والعترسة: الأخذ بالشدّة، فاستدلّ
بالمعنى.
وإذا حقرت خنشليلٌ قلت: خنيشيلٌ، تحذف إحدى اللامين لأنَّها زائدة.
يدلَّك على ذلك التضعيف.
وأما النون فمن نفس الحرف حتَّى يتبين لك، لأنَّها من النونات التي
تكون عندك من نفس الحرف، إلاَّ أن يجيء شاهدٌ من لفظه فيه معنىً يدلك
على زيادتها. فلو كانت النون زائدة لكان من الثلاثة، ولكان بمنزلة
كوأللٍ.
(3/445)
وكذلك منجنونٌ تقول: منيجينٌ، وهو من الفعل
فعيليلٌ.
وإذا حقَّرت الطُّمأنينة أو قشعريرة قلت: طميئينةٌ وقشيعيرةٌ، تحذف
إحدى النونين لأنها زائدة، فإذا حذفتها صار على مثال فعيعيلٍ، وصار
ممَّا يكون على مثال فعاعيل لو كسِّر.
وإذا حقَّرت قندأوٌ حذفت الواو لأنَّها زائدة كزيادة ألف حبركي، وإن
شئت حذفت النون من قندأوْ لأنها زائدة كما فعلت ذلك بكوأللٍ.
وإن حقَّرت بردرايا قلت: بريدرٌ تحذف الزوائد حتَّى يصير على مثال
فعيعلٍ. فإن قلت: بريديرٌ عوضاً جاز.
وإن حقَّرت إبراهيم وإسماعيل قلت: بريهم وسميعيل، تحذف الألف، فإذ
حذفتها صار مابقي يجيء على مثال فعيعيلٍ.
وإذا حقَّرت مجرفسٌ ومكردسٌ قلت: جريفسٌ وكريدسٌ، وإن شئت عوضت فقلت:
جريفيسٌ وكريديسٌ، حذفت الميم لأنَّها زيدت على الأربعة، ولو لم تحذفها
لم يكن التحقير على مثال فعيعيلٍ ولا فعيعلٍ، وكانت أولى بالحذف
لأنَّها زائدة.
(3/446)
وإذا حقَّرت مقشعراً أو مطمئناً حذفت الميم
وإحدى النونين حتَّى يصير على مثال ماذكرنا، ولا بَّد لك من أن تحذف
الزائدتين جميعاً، لأنك لو حذفت إحداهما لم يجيء مابقي على مثال فعيعلٍ
ولا فعيعيلٍ وإذا حقرت منكروس حذفت الزائدتين لهذه القصة وذلك قولك في
مقشعر قشيعر وفي مطمثن طميئن وفي كريدسٌ وإن شئت عوضت فألحقت الياءات
حتى يصير على مثال.
وإن حقَّرت خورنق فهو بمنزلة فدوكسٍ، لأنَّ هذه الواو زائدة كواو
فدوكسٍ، ولا بدَّ لها من الحذف حتَّى يكون على مثال: فعيعلٍ أو
فعيعيلٍ، ولذلك أيضاً حذفت واو فدوكسٍ.
باب تحقير ما أوله ألف الوصل
وفيه زيادة من بنات الأربعة
وذلك احر نجامٌ، تقول: حريجيمٌ فتحذف أللف، لأنَّ مابعدها لا بد من
تحريكه، وتحذف النون حتى يصير مابقي مثل فعيعيلٍ، وذلك قولك: حريجيمٌ.
ومثله الاطمئنان تحذف الألف لما ذكرت لك وإحدى النونين حتى يكون مابقي
على مثال فعيعيلٍ.
ومثل ذلك الاسلنقاء، تحذف الألف والنون لما ذكرت لك حتَّى يصير على
مثال فعيعيلٍ.
(3/447)
|