الكتاب لسيبويه باب المؤنث الذي يقع
على المؤنث والمذكر
وأصله التأنيث
فإذا جئت بالأسماء التي تبيَّن بها العدة أجريت الباب على التأنيث في
التثليث إلى تسع عشرة. وذلك قولك: له ثلاث شياهٍ ذكورٌ، وله ثلاثٌ من
الشاء، فأجريت ذلك على الأصل؛ لأن الشاء أصله التأنيث وإن
(3/561)
وقعت على المذكر، كما أنك تقول: هذه غنمٌ
ذكورٌ، فالغنم مؤنثة وقد تقع على المذكر.
وقال الخليل: قولك: هذا شاةٌ بمنزلة قوله تعالى: " هذا رحمة من ربِّي
".
وتقول: له خمسة من الإبل ذكورٌ وخمسٌ من الغنم ذكورٌ؛ من قبل أن الإبل
والغنم اسمان مؤنثان كما أن ما فيه الهاء مؤنث الأصل وإن تثليثهما وقع
على المذكر، فلما كان الإبل والغنم كذلك جاء تثلثيهما على التأنيث؛
لأنَّك إنَّما أردت التثليث من اسم مؤنث بمنزلة قدمٍ، ولم يكسَّر عليه
مذكرٌ للجميع فالتثليث منه كتثليث ما فيه الهاء، كأنَّك قلت: هذه ثلاث
غنمٍ. فهذا يوضح لك وإن كان لا يتكلَّم به، كما تقول: ثلثمائة فتدع
الهاء لأن المائة أنثى.
وتقول: له ثلاثٌ من البطِّ؛ لأنك تصيره إلى بطّةٍ. وتقول: له ثلاثةٌ
ذكور من الإبل؛ لأنَّك لم تجيء بشيء من التأنيث، وإنما ثلثت المذكَّر
ثم جئت بالتفسير. فمن الإبل لا تذهب الهاء كما أنَّ قولك ذكورٌ بعد
قولك من الإبل لا تثبت الهاء.
وتقول: ثلاثة أشخص وإن عنيت نساءً؛ لأنَّ الشخص اسم مذكر. ومثل ذلك
ثلاث أعينٍ وإن كانوا رجالاً، لأنَّ العين مؤنَّثة. وقالوا: ثلاثة
أنفسٍ لأنَ النفس عندهم إنسانٌ. ألا ترى أنهم يقولون: نفسٌ واحدٌ فلا
يدخلون الهاء. وتقول: ثلاثة نسَّابات؛ وهو قبيح، وذلك أن النَّسَّابة
(3/562)
صفةٌ فكأنه لفظ بمذكر ثم وصفه ولم يجعل
الصفة تقوى قوة الاسم، فإنَّما تجيء كأنك لفظت بالمذكَّر ثم وصفته
كأنَّك قلت: ثلاثة رجالٍ نسٍّاباتٍ.
وتقول: ثلاثة دواب إذا أردت المذكر لأنَّ أصل الدابة عندهم صفة، وإنما
هي من دببت، فأجروها على الأصل وإن كان لا يتكلم بها إلاَّ كما يتكلم
بالأسماء، كما أنَّ أبطح صفة واستعمل استعمال الأسماء.
وتقول: ثلاث أفراسٍ إذا أردت المذكر؛ لأنَّ الفرس قد ألزموه التأنيث
وصار في كلامهم للمؤنث أكثر منه للمذكر، حتَّى صار بمنزلة القدم، كما
أنَّ النَّفس في المذكر أكثر.
وتقول: سار خمس عشرة من بين يومٍ وليلةٍ؛ لأنك ألقيت الاسم على الليالي
ثم بينت فقلت: من بين يومٍ وليلةٍ. ألا ترى أنك تقول: لخمسٍ بقين أو
خلون ويعلم المخاطب أنَّ الأيام قد دخلت في الليالي فإذا ألقى الاسم
على الليالي اكتفى بذلك عن ذكر الأيام، كما أنه يقول: أتيته ضحوة وبكرة
فيعلم المخاطب أنَّها ضحوة يومك وبكرة يومك. وأشباه هذا في الكلام
كثير، فإنَّما قوله من بين يومٍ وليلةٍ توكيدٌ بعد ما وقع على الليالي؛
لأنه قد علم أنَّ الأيام داخلة مع الليالي. وقال الشاعر، وهو النابغة
الجعدي:
فطافتْ ثلاثاً بين يومٍ وليلةٍ ... يكونُ النَّكير أنْ تُضيفَ وتجأَرَا
(3/563)
وتقول أعطاه خمسة عشر من بين عبدٍ وجاريةٍ،
لا يكون في هذا إلا هذا؛ لأنَّ المتكلم لا يجوز له أن يقول: خمسة عشر
عبداً فيعلم أنَّ ثمَّ من الجواري بعدّتهم ولا خمس عشرة فيعلم أن ثم من
العبيد بعدتهن فلا يكون هذا إلا مختلطاً يقع عليهم الاسم الذي بيِّن به
العدد.
وقد يجوز في القياس: خمسة عشر من بين يومٍ وليلةٍ. وليس بحد كلام
العرب.
وتقول: ثلاث ذودٍ؛ لأنَّ الذَّود أنثى وليست باسم كسر عليه مذكر.
وأما ثلاثة أشياء فقالوها: لأنهم جعلوا أشياء بمنزلة أفعالٍ لو كسروا
عليها فعلٌ، وصار بدلاً من أفعالٍ.
ومثل ذلك قولهم: ثلاثة رجلةٍ؛ لأنَّ رجلة صار بدلاً من أرجال.
وزعم الخليل أن أشياء مقلوبة كقسيٍّ، فكذلك فعل بهذا الذي هو في لفظ
الواحد ولم يكسَّر عليه الواحد.
(3/564)
وزعم يونس عن رؤية أنه قال: ثلاث أنفسٍ،
على تأنيث النَّفس، كما يقال: ثلاث أعينٍ للعين من الناس، زكما قالوا:
ثلاث أشخصٍ في النساء. وقال الشاعر، وهو رجل من بني كلاب:
وإنَّ كلاباً هذه عشر أبطنٍ ... وأنت بريء من قَبائلها العَشْرِ
وقال القتَّال الكلابي:
قَبائِلُنا سَبْعٌ وأنتم ثَلاثةٌ ... وللسَّبع خَيْرٌ مِن ثلاثٍ
وأكْثَرُ
فأنَّث أبطنا إذ كان معناها القبائل. وقال الآخر، وهو الحطيئة:
ثلاثةُ أنفسٍ وثلاثُ ذودٍ ... لقد جارَ الزمانُ عَلَى عِياليِ
(3/565)
وقال عمر بن أبي ربيعة:
فكانَ نَصيري دُونَ مَن كنتُ أتقَّى ... ثلاثُ شُخوصٍ كاعِبانِ ومعصر
فأنث الشَّخص إذ كان في معنى أنثى.
باب ما لا يحسن أن تضعف إليه الأسماء
التي تبين بها العدد إذا جاوزت الاثنين إلى العشرة وذلك الوصف تقول:
هؤلاء ثلاثةٌ قرشيون، وثلاثةٌ مسلمون، وثلاثةٌ صالحون. فهذا وجه
الكلام، كراهية أن تجعل الصفة كالاسم، إلاّ أن يضطر شاعر. وهذا يدلك
على أنَّ النسَّابات إذا قلت: ثلاثة نسَّابات إنّما يجيء كأنه وصف
المذكَّر؛ لأنَّه ليس موضعاً تحسن فيه الصفة، كما يحسن الاسم، فلما لم
يقع إلا وصفاً صار المتكلم كأنه قد لفظ بمذكَّرين
(3/566)
ثم وصفهم بها. وقال الله جل ثناؤه: " من
جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ".
باب تكسير الواحد للجمع
أما ما كان من الأسماء على ثلاثة أحرف وكان فعلاً فإنَّك إذا ثلثته إلى
أن تعشره فإن تكسيره أفعلٌ وذلك قولك: كلبٌ وأكلبٌ، وكعبٌ وأكعبٌ،
وفرخٌ وأفرخٌ، ونسرٌ وأنسرٌ.
فإذا جاوز العدد هذا فانَّ البناء قد يجيء على فعالٍ وعلى فعولٌ وذلك
قولك: كلابٌ وكباشٌ وبغالٌ وأما الفعول فنسورٌ وبطونٌ. وربما كانت فيه
اللغتان فقالوا فعول فعال، وذلك قولهم: فروخٌ وفراخٌ، وكعوبٌ وكعابٌ
وفحولٌ وفحالٌ.
وربما جاء فعيلاً، وهو قليل نحو: الكليب والعبيد والمضاعف يجري هذا
المجرى، وذلك قولك: ضبٌ وأضبٌ وضبابٌ، كما قلت: كلبٌ وأكلبٌ وكلابٌ،
وصكٌ وأصكٌ وصكاكٌ وصكوكٌ، كما قالوا: فرخ وأفرخ وفروخٌ، وبتٌّ وأبتٌ
وبتوتٌ وبتاتٌ. والياء والواو بتلك المنزلة تقول: ظبيٌ وظبيان وأظبٍ
وظباءٌ، كما قالوا: كلبٌ وكلبان وأكلبٌ وكلابٌ، ودلوٌ ودلوان وأدلٍ
ودلاءٌ، وثديٌ وثديان وأثدٍ وثديٌّ، كما قالوا: أصقرٌ وصقورٌ. ونظير
فراخٍ وفروخ قولهم: الدِّلاء والدُّلُّى.
(3/567)
واعلم أنه قد يجئ في فعلٍ أفعالٌ مكان
أفعلٍ، قال الشاعر، الأعشى:
وُجِدتَ إذا اصْطلَحُوا خَيْرَهم ... وزَنْدُكَ أَثْقبُ أَزْنادِهَا
وليس ذلك بالباب في كلام العرب. ومن ذلك قولهم: أفراخٌ وأجدادٌ
وأفرادٌ، وأجدٌّ عربية وهي الأصل. ورأدٌ وأرآدٌ، والرأد: أصل اللحيين.
وربما كسر الفعل على فعله كما كسر على فعالٍ وفعولٍ، وليس ذلك بالأصل.
وذلك قولهم: جبءٌ وهو الكمأة الحمراء وجبأةٌ، وفقعٌ وفقعةٌ وقعبٌ
وقعبةٌ.
وقد يكسر على فعولة وفعالة، فيلحقون هاء التأنيث البناء وهو القياس أن
يكسر عليه. وزعم الخليل أنَّهم إنما أرادوا أن يحققوا التأنيث. و00ذلك
نحو الفحالة والبعولة والعمومة. والقياس في فعلٍ ما ذكرنا، وأما ما سوى
ذلك فلا يعلم إلا بالسمع ثم تطلب النظائر كما أنك تطلب نظائر الأفعال
هاهنا فتجعل نظير الأزناد قول الشاعر، وهو الأعشى:
إذا روَّح الرّاعي الَّلقاح معزِّباً ... وأَمْسَتْ على آنافِها
عَبَراتُها.
(3/568)
وقد يجيء، خمسة كلاب، يرادبه خمسةٌ من
الكلاب، كما تقول: هذا صوت كلابِِ، أي هذا من هذا الجنس. وكما تقول:
هذا حبُّ رمَّان. وقال الراجز:
كأنّ حصييه من التدلدل ... ظرف عجوزِِ فيه ثنتا حنظل
وقال الآخر:
(3/569)
قد جعلت ميٌّ على الظِّرار ... خمس بنانِِ
قانِيء الأظْفار
وما كان على ثلاثة أحرف وكان فعلاً فإنك إذا كسرته لأدنى العدد بنيته
على أفعال. وذلك قولك: جملٌ وأجمالٌ، وجبلٌ وأجبالٌ، وأسدٌ وآسادٌ.
فإذا جاوزوا به أدنى العدد فإنه يجيء على فعالٍ وفعولٍ فأما الفعال
فنحو جمالٍ وأما الفعول فنحو أسودٍ وذكورٍ والفعال في هذا أكثر.
وقد يجيء إذا جاوزوا به أدنى العدد على فُعلان وفِعلانِ ِفأما فعلانٌ
فنحو: خربانِِ وبرقانِِ وورلانِِ. وأما فعلانٌ فنحو: حملانِِ وسلقانِِ.
فإذا تجاوز أدنى العدد قلت: أبراقٌ وأحمالٌ وأورالٌ وأخرابٌ، وسلقٌ
وأسلاقٌ.
وربما جاء الأفعال يستغنى به أن يكسر الاسم على البناء الذي هو لأكثر
(3/570)
العدد، فيعنى به ما عني بذلك البناء من
العدد. وذلك نحو: قتب وأقتابِِ، ورسنِِ وأرسانِِ. ونظير ذلك من باب
الفعل الأكفُّ والأرآد.
وقد يجيء الفعل فعلاناً، وذلك قولك: ثغبٌ وثغبانٌ. والثَّغب: الغدير.
وبطنٌ وبطنانٌ وظهرٌ وظهرانٌ.
وقد يجيء على فعلانٍ وهو أقلُّهما نحو: حجلِِ وحجلانِِ، ورألِِ
ورئلانِِ، وجحشِِ وجحشانِِ، وعبدِِ وعبدانِِ.
وقد يلحقون الفعال الهاء، كما ألحقوا الفعال التي في الفعل. وذلك قولهم
في جملِِ: جمالةٌ، وحجرِِ: حجارةٌ، وذكرِِ: ذكارةٌ، وذلك قليل. والقياس
على ما ذكرنا.
وقد كُسّر على فُعل، وذلك قليل، كما أنَّ فعلةً في باب فعلِِ قليل،
وذلك نحو: أسدِِ وأُسدِِ، ووثنِِ، بلغنا أنها قراءة. وبلغني أن بعض
العرب يقول: نصفٌ ونُصفٌ.
وربما كُسّروا فعلاَ على أفعل كما كسروا فعلاً على أفعالٍ، وذلك قولك:
زمنٌ وأزمنٌ. وبلغنا أنَّ بعضهم يقول: جبلٌ وأجبلٌ. وقال الشاعر، وهو
ذو الرمة:
أَمَنْزِلَتَيْ ميِّ سلامٌ عَلَيْكُمَا ... هَلِ الأَزْمُنُ الَّلائي
مَضَيْنَ رَوَاجعِ.
(3/571)
وبنات الياء والواو تُجرى هذا المجرى،
قالوا: قفاً وأقفاءٌ وقُفيٌّ، وعصى وعصيٌّ، وصفاً وأصفاءٌ وصفيٌّ، كما
قالوا: آسادٌ وأسودٌ، وأشعارٌ وشعورٌ. وقالوا: رحى وأرحاءٌ فلم يكسروها
على غير ذلك، كما لم يكسروا الأرسان والأقدام على غير ذلك، ولو فعلو
كان قياساً ولكني لم أسمعه.
وقالوا: عصى وأعصِِ، كما قالوا: أزمنٌ. وقالوا: عصيٌّ كما قالوا:
أسودٌ، ولا نعلمهم قالوا: أعصاءٌ، جعلوا أعص بدلاً من أعصاء وجعلوا هذا
بدلاً منها. وتقول في المضاعف: لببٌ وألبابٌ، ومددٌ وأمدادٌ، وفنن
وأفنان، ولم يجاوزوا الأفعال كما لم يجاوزوا الأقدام والأرسان
والأغلاق.
والثبات في باب فعلِِ على الأفعال أكثر من الثَّبات في باب فعلِِ على
الأفعل.
فإن بني المضاعف على فعالِِ أو فعولِِ أو فِعلانِِ أو فُعلان فهو
القياس على ما ذكرنا، كما جاء المضاعف في باب فعلِِ على قياس غير
المضاعف. فكلُّ شيءِِ دخل المضاعف مما دخل الأول فهو له نظير.
وقالوا: الحجار فجاءوا به على الأكثر والأقيس، وهو في الكلام قليل.
قال الشاعر:
كأنَّها مِنْ حِجارِ الغَيْلِ أَلَبَسَها ... مَضارِبُ الماءِ لَوْنَ
الطُّحلب الَّّلزب.
(3/572)
وما كان على ثلاثة أحرف وكان فعلا فإنما
تكسره من أبنية أدنى العدد على أفعال. وذلك نحو: كتفِِ، وأكتافِِ
وكبدِِ وأكبادِِ وفخذِِ وأفخاذِِ، ونمرِِ وأنمارِِ. وقلََّما يجاوزون
به؛ لأنَّ هذا البناء نحو كتفِِ أقلُُّ من فعل بكثير، كما أن فعلاً أقل
من فعلِِ. ألا ترى أن ما لزم منه بنا الأقل أكثر فلم يفعل به ما فُعل
بفعلِِ إذ لم يكن كثيراً مثله، كما لم يجيء في مضاعف فعلِِ ما جاء في
مضاعف فعلِِ لقلَّته. ولم يجيء في بنات الياء والواو من فعلِِ جميع ما
جاء في بنات الياء والواو من فعل لقلَّتها، وهي على ذلك أكثر من
المضاعف. وذلك أنَّ فعلاً أكثر من فعل. وقد قالوا: النُّمور والوعول،
شبهوها بالأسود. وهذا النحو قليل؛ فلمَّا جاز لهم أن يثبتوا في الأكثر
على أفعالِِ كانوا له في الأقل ألزم.
وما كان على ثلاثة أحرف وكان فعلاً فهو بمنزلة الفعل، وهو أقل وذلك
قولك: قمعٌ وأقماعٌ، ومعاً وأمعاءٌ، وعنبٌٌ وأعنابٌ، وضلعٌ وأضلاعٌ،
وارمٌ وآرامٌ. وقد قالوا: الضُّلوع والأروم كما قالوا النُّمور. وقد
قال بعضهم: الأضلع، شبَّهها بالأزمن.
وما كان على ثلاثة أحرف وكان فعلاً فهو كفعلِِ وفعلِِ، وهو أقل في
الكلام منهما، وذلك قولك: عجزٌ وأعجازٌ، وعضدٌ وأعضادٌ. وقد بني على
فعال قالوا: أرجلٌ ورجالٌ، وسبعٌ وسباعٌ، جاءوا به على فعالٍ كما جاءوا
بالصلع على فعول وفعال ومفعول أختان وجعلوا أمثلته على
(3/573)
بناء لم يكسَّر عليه واحده. وذلك قولهم:
ثلاثة رجلةِِ، واستغنوا بها عن أرجالٍ.
وما كان على ثلاثة أحرف وكان فعلاً فهو بمنزلة الفعل؛ لأنه قليلٌ مثله،
وهو قولك: عنقٌ وأعناقٌ، وطنبٌ وأطنابٌ، وأُذُنٌ وآذانٌ.
وما كان على ثلاثة أحرف وكان فُعلاً فانَّ العرب تكسره على فعلانِِ،
وإن أرادوا أدنى العدد لم يجاوزوه واستغنوا به كما استغنوا بأفعل
وأفعال فيما ذكرت لك فلم يجاوزه في القليل والكثير. وذلك قولك: صردٌ
وصردانٌ، ونغرٌ ونِغرانٌ، وجُعلٌ وجِعلانٌ، وخُززٌ وخزَّّانٌ. وقد أجرت
العرب شيئاً منه مجرى فعلِِ، وهو قولهم: ربعٌ وأرباعٌ، ورطبٌٌ وأرطابٌ،
كقولك: جملٌ وأجمالٌ.
وقد جاء من الأسماء اسم واحد على فعلِِ لم نجد مثله، وهو إبلٌ، وقالوا:
آبالٌ، كما قالوا: أكتافٌ. فهذه حال ما كان على ثلاثة أحرف وتحركت
حروفه جُمع. وقال الراجز:
فيها عَيايِيلُ أسودٌ ونُمُرْ.
ففعل به ما فعل بالأسد حين قال: أُسدٌ.
وما كان على ثلاثة أحرف وكان فعلاً فإنه إذا كُسّر على ما يكون لأدنى
العدد كُسّر على أفعالِِ، ويجاوزون به بناء أدنى العدد
(3/574)
فيكسر على فعولِِ وفعالِِ والفعول فيه
أكثر. فمن ذلك قولهم: حملٌ وأحمالٌٌ وحمولٌ، وعدلٌ وأعدالٌ وعدولٌ،
وجذعٌ وأجذاعٌ وجذوعٌ، وعرقٌ وأعراقٌٌ وعروقٌ، عذقٌ وأعذاقٌ وعذوقٌ.
وأما الفعال فنحو: بئر وأبارِِ وبئارِِ، وذئبِِ وذئابِِ. وربما لم
يجاوزوا أفعالاً في هذا البناء كما لم يجاوزوا الأفعل والأفعال، فيما
ذكرنا، وذلك نحو خمسِِ وأخماسِِ، وسترِِ وأستارِِ، وشبرِِ وأشبارِِ،
وطمرِِ وأطمارِِ.
وقد يكسر على فعلةِِ نحو: قردٍ وقردةٍ، وحسلِ وحسلةِِ، وأحسالِِ إذا
أردت بناء أدنى العدد. فأمَّا القردة فاسُتغنى بها عن أقرادِِ كما
قالوا: ثلاثة شسوعٍ، فاستغنوا بها عن أشساعِِ، وقالوا: ثلاثة قروءِِ
فاستغنوا بها عن ثلاثة أقرؤِِ. وربما بني فعلٌ على أفعلِِ من أبنية
أدنى العدد، وذلك قولهم: ذئبٌ وأذؤبٌ، وقطعٌ وأقطعٌ، وجروٌ وأجرِِ،
وقالوا: جراءٌ كما قالوا: ذئابٌٌ، ورجلٌ وأرجلٌ، إلا أنَّهم لا يجاوزون
الأفعل كما أنَّهم لم يجاوزوا الأكف. وقصة المضاعف ها هنا وبنات الياء
والواو كقصَّتها في باب فعلِِ، قالوا: نحيٌ وأنحاءٌ ونحاءٌٌ، كما
قالوا: آبارٌ وبئارٌ. وقالوا في جمع نحيِِ: نُحىٌّ، كما قالوا: لصٌّ
ولصوصٌٌ، وقالوا في الذِّئب: ذُؤبانٌ، جعلوه
(3/575)
كثغبِِ وثغبانِِ. وقالوا: الصوص في اللص
كما قالوا: القدور في القدر، وأقدر حين أرادوا بناء الأقل. وكما قالوا:
فرخٌ وأفراخٌ وفراخٌ، قالوا: قدح وأقداحٌ وقداحٌ جعلوها كفعلٍ وقالوا:
رئدٌٌ ورئدانٌ كما قالوا: صنوٌ وصنوانٌ وقنوٌ وقنوانٌ، وقال بعضهم:
صنوانٌ وقنوانٌ كقوله: ذؤبان. والرِّئد: فرخ الشجرة.
وقالوا: شقذ وشقذانٌ. والشِّقذ: ولد الحرباء. وقالوا: صرمٌ وصرمانٌ،
كما قالوا: ذئبٌ وذؤبانٌ. وقالوا: ضرسٌ وضريسٌ، كما قالوا: كليبٌ
وعبيدٌ. وقالوا: زقٌّ وزقاقٌ وأزقاقٌ، كما قالوا: بئرٌٌ بئار وآبار.
وقالوا: زُقّانٌ وكما قالوا ذُؤبانٌ.
وأما ما كان على ثلاثة أحرف وكان فعلاً فإنه يكسَّر من أبنية أدنى
العدد على أفعالٍ. وقد يجاوزون به بناء أدنى العدد فيكسِّرونه على
فعولٍ وفعالٍ وفعولُ أكثر، وذلك قولهم: جندٌ وأجنادٌ وجنودٌ، وبردٌ
وأبرادٌ وبرودٌ، وبرجٌ وأبراجٌ وبروجٌ. وقالوا: جرحٌ وجروحٌ ٌولم
يقولوا: أجراحٌ، كما لم يقولوا: أقرادٌ. وأما الفعال فقولهم: جمدٌ
وأجمادٌ وجمادٌ، وقرطٌ وأقراطٌ وقراطٌ. والفعال في المضاعف منه كثير،
وذلك قولهم: أخصاصٌ وخصاصٌ، وأعشاشٌٌ وعشاشٌ، وأقفافٌ وقفافٌ، وأخفافٌ
وخفافٌ، تجريه مجرى أجمادٍ وجمادٍ. وقد يجيء إذا جاوز بناء أدنى العدد
على فعلةٍ نحو: جحرٍ وأجحارٍ وجحرةٍ. قال الشاعر:
(3/576)
كرامٌ حِينَ تَنْكفِتُ الأفاعي ... إلى
أجْحارهنّ من الصَّقيع.
ونظيره من المضاعف حبٌّ وأحبابٌ وحببةٌ، نحو: قلبٍ وأقلابٍ وقلبةٍ،
وخرجٌ وخرجةُ، ولم يقولوا: أخراجٌ كما لم يقولوا: أجراحٌ، وصلبٌ
وأصلابٌ وصلبةٌ، وكرزق وأكرازٌ وكرزةٌ، وهو كثير.
وربَّما استغني بأفعالٍ في هذا الباب فلم يجاوز، كما كان ذلك في فعلٍ
وفعلٍ؛ وذلك نحو: رُكنٍ وأركانٍ، وجزءٍ وأجزاءٍ، وشفرٍ وأشفارٍ.
وأما بنات الياء والواو منه فقليل، قالوا: مُديٌ وأمداءٌ، لا يجاوزون
به ذلك لقلَّته في هذا الباب. وبنات الياء والواو فيه أقلُّ منها، في
جميع ما ذكرنا.
وقد كُسّر حرفٌ منه على فُعلٍ كما كُسّر عليه فعلٌ، وذلك قولك للواحد:
هو الفلكُ فتُذكّر، وللجميع: هي الفلك. وقال الله عزَّ وجلَّ: " في
الفُلك المشون "، فلما جمع قال: " والفُلك التي تجري في البحر "،
كقولك: أسدٌٌ وأُسدٌ. وهذا قول الخليل، ومثله: رهنٌ، ورُهنٌ. وقالوا:
رُكنٌ، وأركنٌ وقال الراجز وهو رؤبة:
(3/577)
وزَحْمُ رُكّنَيْكَ شِدادَ الأرْكُنِ.
كما قالوا: أقدحٌ في القدح، وقالوا: حشٌّ وحشَّانٌ وحُشَّانٌ، كقولهم:
رِئدٌ ورِئدانٌ.
وأما ما كان على فعلةٍ فانَّك إذا أردت أدنى العدد جمعتها بالتاء وفتحت
العين، وذلك قولك: قصعةٌ وقصعاتٌ، وصحفةٌ وصحفاتٌ، وجفنةٌ وجفناتٌ،
وشفرةٌ وشفراتٌ، وجمرةٌ وجمراتٌ. فإذا جاوزت أدنى العدد كسَّرت الاسم
على فعال وذلك قصعةٌ وقِصاعٌ، وجِفنةٌ وجِفانٌ، وشفرةٌ وشِفارٌ، وجمرةٌ
وجمارٌ. وقد جاء على فعولٍ وهو قليلٌ، وذلك قولك: بَدرةٌ وبُدورٌ،
ومأنةٌ ومؤونٌ، فأدخلوا فعولا في هذا الباب؛ لأنَّ فِعالاً وفعولاً
أختان، فأدخلوها ههنا كما دخلت في باب فعلٍ مع فِعالٍ، غير أنَّه في
هذا الباب قليل. وقد يجمعون بالتاء وهم يريدون الكثير. وقال الشاعر،
وهو حسان بن ثابت:
لنا الجفناتُ الغُرّ يَلْمَعْنَ بالضُّحى ... وأسيافُنا يَقْطُرْنَ مِن
نجدةٍ دَمَا.
فلم يرد أدنى العدد.
وبنات الياء والواو بتلك المنزلة، تقول: ركوةٌ وركاءٌ وركواتٌ
(3/578)
وقشوةٌ وقِشاءٌ وقشواتٌ، وغلوةٌ وغلاءٌ
وغلوات، وظبيةٌ وظباءٌ وظبياتٌ. وقالوا: جدياتُ الرَّحل ولم يكسِّروا
الجدية على بناء الأكثر استغناءً بهذا، إذ جاز أن يعنوا به الكثير. ُ
والمضاعف في هذا البناءِ بتلك المنزلة، تقول: سَلّةٌ وسِلالٌّ
وسلاَّتٌ، ودبَّةٌ ودبابٌ ودَبَّاتٌ.
وأما ما كان فعلةً فهو في أدنى العدد وبناءٍ الأكثر بمنزلة فعلةٍ وذلك
قولك: رحبةٌ ورحباتٌ ورحابٌ، ورقبةٌ ورقباتٌ ورقابٌ.
وإن جاء شيءٌ من بنات الياء والواو والمضاعف أُجريَ هذا المجرى إذ كان
مثل ما ذكرنا، ولكَّنه عزيزٌ.
وأما ما كان فُعلةً فإنك إذا كسرته على بناء أدنى العدد ألحقت التاء
وحرَّكت العين بضمة، وذلك قولك: رُكبةٌ ورُكباتٌ، وغرفةٌ وغُرفاتٌ،
وجفرةٌ وجُفراتٌ. فإذا جاوزت بناء أدنى العدد كسَّرته على فُعلٍ، وذلك
قولك: رُكبٌ وغُرفٌ وجفرٌ. وربما كسَّروه على فِعالٍ، وذلك قولك:
نُقرةٌ ونقارٌ، وبُرمةٌ وبِرامٌ، وجُفرةٌ وجِفارٌ، وبُرقةٌ وبُراقٌ.
ومن العرب من يفتح العين إذا جمع بالتاء، فيقول: رُكباتٌ وغُرفاتٌ.
سمعنا من يقول في قول الشَّاعر:
ولمَّا رأَوْنا بادِياً رُكباتُنا ... على موطنٍ لا نَخْلِطُ الجدَّ
بالهزل.
(3/579)
وبنات الواو بهذه المنزلة. قالوا: خُطوةٌ
وخُطواتٌ وخُطىً، وعُروةٌ وعُرواتٌ وعُرىً. ومن العرب من يدع العين من
الضمة في فُعلةٍ فيقول: عُرواتٌ وخُطواتٌ.
وأما بنات الياء إذا كُسِّرت على بناء الأكثر فهي بمنزلة بنات الواو،
وذلك قولك: كُليةٌ وكُلىً، ومُديةٌ ومُدىً، وزُبيةٌ وزُبىً، كرهوا أن
يجمعوا بالتاء فيحرِّكوا العين بالضَّمة، فتجئ هذه الياء بعد ضمة،
فلمَّا ثقُل ذلك عليهم تركوه واجتزءوا، ببناء الأكثر. ومن خفَّف قال:
كُليات ومديات.
وقد يقولون: ثلاث غُرفٍ ورُكبٍ وأشباه ذلك، كما قالوا: ثلاثةُ قِردةٍ
وثلاثةُ حِببةٍ، وثلاثةُ جُروحٍ وأشباه ذلك. وهذا في فُعلةٍ كبناء
الأكثر في فعلةٍ، إلا أنَّ التاء في فَعلةٍ أشدُّ تمكُّناً؛ لأنَّ
فَعلةً أكثر، ولكراهية ضمتين. والمضاعف بمنزلة ركبةٍ قالوا: سراتٌ
وسررٌ وجدةٌ وجددٌ وجداتٌ ولا يحركون العين لأنَّها كانت مدغمةٌ.
والفعالُ كثير في المضاعف نحو: جِلالٍ وقِبابٍ وجبابٍ.
وما كان فِعلةً فإنك إذا كسَّرته على بناء أدنى العدد أدخلت
(3/580)
التاء وحركت العين بكسرة، وذلك قولك:
قِرباتٌ وسِدراتٌ وكِسراتٌ، ومن العرب من يفتح العين كما فُتحت عين
فُعلةٍ، وذلك قولك: قِرباتٌ وسِدراتٌ وكِسراتٌ.
فإذا أردت بناء الأكثر قلت: سِدرٌ وقِربٌ وكِسرٌ. ومن قال: غُرفاتٌ
فخفَّف قال: كِسراتٌ.
وقد يريدون الأقل فيقولون: كِسرٌ وفِقرٌ، وذلك لقلَّة استعمالهم التاء
في هذا الباب لكراهية الكسرتين. والتاء في الفُعلةِ أكثر لأنَّ ما
يلتقي في أوله كسرتان قليل.
وبنات الياء والواو بهذه المنزلة. تقول: لِحيةٌ ولِحىً، وفِريةٌ
وفِرىً، ورِشوةٌ ورِشاً. ولا يجمعون بالتاء كراهية أن تجيء الواو بعد
كسرة، واستثقلوا الياء هنا بعد كسرة، فتركوا هذا استثقالاً واجتزءوا
ببناء الأكثر. ومن قال: كِسراتٌ قال: لِحياتٌ.
والمضاعف منه كالمضاعف من فُعلة. وذلك قولك: قِدةٌ وقِداتٌ وقِددٌ،
وربَّةٌ ورِبَّاتٌ ورِببٌ، وعِدَّةُ المرأة وعدَّاتٌ وعِددٌ.
وقد كُسّرت فعلةٌ على أفعُلٍ وذلك قليل عزيز، ليس بالأصل. قالوا:
(3/581)
نِعمةٌ وأنعمٌ وشِدَّةٌ وأشُدُّ، وكرهوا أن
يقولوا في رِشوةٍ بالتاء فتنقلب الواو ياءً، ولكن من اسكن فقال:
كِسراتٌ قال: رِشواتٌ.
وأما الفعلةُ فإذا كُسِّرت على بناء الجمع ولم تُجمع بالتاء كُسّرت على
فَعل وذلك قولك: نَقمةٌ ونقِمٌ، ومعِدَةٌ ومَعِدٌ.
والفُعلةُ تكسَّر على فُعَلٍ إن لم تجمع بالتاء، وذلك قولك: تُخمةٌ
وتُخمٌ، وتُهمةٌ وتُهمٌ. وليس كرُطبةٍ ورُطبٍ. ألا ترى أنَّ الرُّّطب
مذكَّر كالبُرّ والتَّمر، وهذا مؤنّث كالظُّّلَم والغُرف.
باب ما كان واحدا يقع للجميع.
ويكون واحده على بنائه من لفظه، إلا أنه مؤنث تلحقه هاء التأنيث ليتبين
الواحد من الجميع.
فأمَّا ما كان على ثلاثة أحرف وكان فَعلاً فهو نحو طَلحٍ والواحدة
طَلحةٌ، وتمرٍ والواحدة تَمرةٌ، ونخلٍ ونخلةٍ، وصخرٍ وصخرةٍ. فإذا أردت
أدنى العدد جمعت الواحد بالتاء. وإذا أردت الكثير صرت إلى الاسم الذي
يقع على الجميع ولم تكسر الواحد على بناء آخر. وربما جاءت الفَعلةُ من
هذا الباب على فِعالٍ، وذلك قولك سَخلةٌ وسِخالٌ، وبَهمةٌ وبِهامٌ
وطلحةٌ وطلاحٌ وطلحٌ شبهوه بالقصاع وقد قال بعضهم صخرةٌ وصخورٌ، فجُعلت
بمنزلة بَدرةٍ وبُدورٍ، ومأنةٍ ومؤونٍ. والمأنةُ: تحت الكِركِرة.
وأما ما كان منه من بنات الياء والواو فمثل: مَروٍ ومَروةٍ، وسَروٍ
(3/582)
وسَروةٍ. وقالوا: صَعوةٌ وصَعوٌ وصِعاءٌ،
كما قالوا: ومثلُ ما ذكرنا شَريةٌ وشَريٌ، وهديةٌ وهَديٌ، هذا مثله في
الياء. والشِّريةُ: الحنظلةُ. ومن المضاعف: حَبَّةٌ وحَبٌّ، وقتّةٌ
وقَتٌّ.
وأما ما كان على ثلاثة أحرف وكان فعلا فانَّ قصَّته كقصة فعلٍ وذلك
قولك: بَقرةٌ وبقراتٌ وبقرٌ، وشجرةُ وشَجراتٌ وشَجَرٌ، وخَرَزةٌ
وخَرزاتٌ وخَرزٌ.
وقد كسروا الواحد منه على فِعال كما فعلوا ذلك في فَعلٍ، قالوا أكمةٌ
واكامٌٌ وأكمٌ، وجَذبَةٌ وجِذابٌ وجَذبٌ، وأجَمةٌ واجامٌ وأجمٌ، وثمرٌة
وثمارٌ وثمرٌ.
ونظير هذا من بنات الياء والواو حصى وحصاةٌٌ وحَصياتٌ وقَطاةٌ وقطاً
وقَطَوَاتٌ. وقالوا: أضاةٌ وأضا وإضاءٌ، كما قالوا: إكامٌ وَأكمٌ.
سمعنا ذلك من العرب. والذين قالوا: إكامٌ ونحوها شبَّهوها بالرحاب
ونحوها، كما شبَّهوا الطِلاّح وطَلحةً بجَفنةٍ وجِفانٍ.
وقد قالوا: حَلَقٌ وفَلكٌ، ثمَّ قالوا: حَلقةٌ وفَلكةٌ، فخفَّفوا
الواحد حيث ألحقوه الزيادة وغيَّروا المعنى، كما فعلوا ذلك في الإضافة.
(3/583)
وهذا قليلٌ. وزعم يونُس عن أبي عَمروٍ،
أنَّهم يقولون: حَلَقةٌ.
وأما ما كان فَعِلاً فقصَّته كقصَّة فَعَلِ، إلا أنَّا لم نسمعهم كسروا
الواحد على بناء سوى الواحد الذي يقع على الجميع وذلك أنه أقلُّ في
الكلام من فَعَلٍ، وذلك: نَبِقَةٌ ونَبقاتٌ ونَبِقٌ، وخَرِبٌ وخَرِبٌ
وخَرِباتٌ، ولَبِنٌ ولِبنةٌ ولِبناتٌ، وكلِمةٌ وكلماتٌ وكَلِمٌ.
وأما ما كان فِعلاً فهو بمنزلته وهو أقلُّ منه. وذلك نحو: عِنبةٍ
وعنبٍ، واحدأةٍ وحدإٍ وحدآتٍ، وإبرةٍ وإبرٍ وإبراتٍ، وهو فسيلُ المقلِ.
وأما ما كان فَعُلةً فهو بهذه المنزلة وهو أقلُّ من الفعل، وهو سَمرُةٌ
وسَمرٌ، وثمرةٌ وثمرٌ، وسمراتٌ، وثمراتٌ وفقُرةٌ وفَقُرٌ وفَقُراتٌ.
(3/584)
وما كان فُعُلاً فنحو: بُسُرٍ وبُسُرةٍ
وبُسُراتٍ، وهُدُبٍ وهُدُبةٍ وهُدُباتٍ.
وما كان فُعلاٌ فهو كذلك، وهو قولك: عُشَرٌ وعُشَرةٌ وعُشَراتٌ،
ورُطَبٌ ورُطَباتٌ. ويقول ناس للرُّطب: أرطابٌ، كما قالوا: عِنَبٌ
وأعنابٌ. ونظيرها رُبَعٌ وأرباعٌ، ونُعرةٌ ونُعَرٌ ونُعَراتٌ.
والنُّعر: داءُ يأخذ الإبل في رءوسها. ونظيرها من الياء قول بعض العرب:
مُهاةٌ ومُهىً، وهو ماء الفحل في رَحمِ الناقة. وزعم أبو الخطَّاب أن
واحد الطُّلى طُلاةٌ. وإن أردتَ أدنى العدد جمعت بالتاء، وقال الحُكأُ
والواحدة حُكأةٌ، والمُرعُ والواحدةُ مُرعةٌ.
فأما ما كان على ثلاثة أحرف وكان فِعلاً فإنَّ قصته كقصة ما ذكرنا،
وذلك: سِدرٌ وسِدرةٌ وسِدراتٌ، وسِلقٌ وسِلقةٌ وسِلقاتٌ، وتِبنٌ
وتِبنةٌ وتِبناتٌ، وعِربٌ وعِربةٌ وعِرباتٌ. والعِربةُ: السَّفى، وهو
يبيسُ البهي.
وقد قالوا: سِدرةٌ وسِدرٌ، فكسروها على فِعَلٍ جعلوها ككسَرٍ، كما
جعلوا الطَّلحةَ حين قالوا الطِّلاح كالقصاع، فشبهَّوا هذا بِلقحةٍ
ولقاحٍ كما شبهوا طَلحةً بصفحةٍ وصحافٍ. وقالوا: لِقحةٌ ولِقاحٌ كما
قالوا في باب فُعلَةٍ فِعالٌ، نحو: جُفرةٍ وجِفارٍ. ومثل ذلك حِقَّةٌ
وحقاقٌ، وقد قالوا حِقّقٌ.
قال الشَّاعر، وهو المُسيَّبُ بن علسٍ:
(3/585)
قد نالَنِي منهمْ عَلَى عدمٍ ... مِثلُ
الفسيلِ صِغارها الحِققُ.
وما كان على ثلاثة أحرف وكان فُعلاً فقصَّته كقصَّة فِعلٍ، وذلك قولك
دُخنٌٌ ودُخنةٌ ودُخناتٌ، ونُقد ونُقُدة ونقداتٌ، وهو شجرٌ، وحُرفٌ
وحُرفةُ وحُرفاتٌ.
ومثل ذلك من المضاعف دُرٌّ ودُرَّةٌ ودُرَّاتٌ، وبُرٌّ وبُرّةٌ
وبُرّاتٌ. وقد قالوا: دُرجٌ فكسروا الاسم على فُعلٍ، كما كسَّروا
سِدرةً على سِدرٍ. ومثله التُّوم يقال: تُومةٌ وتُوماتٌ وتُومٌ، ويقال:
تُومٌ.
؟؟؟؟
باب نظير ما ذكرنا من بنات الياء والواو
التي الياءات والواوات فيهن عينات.
أمَّا ما كان فَعلاً من بنات الياء والواو فإنَّك إذا كسرته على بناء
أدنى العدد كسرته على أفعالٍ وذلك: سَوطٌ وأسواطٌ، وثَوبٌ وأثوابٌ،
وقَوسٌ وأقواسٌ. وإنَّما منعهم أن يبنوه على أفعُلٍ كراهية الضمة في
الواو، فلمَّا ثقل ذلك بنوه على أفعالٍ. وله في ذلك أيضاً نظائرُ من
غير المعتلّّ، نحو
(3/586)
أفراخٍ وأفرادٍ، ورَفغٍ وأرفاغٍ. فلما كان
غيرُ المعتل يُبنى على هذا البناء كان هذا عندهم أولى.
وإذا أرادوا بناء الأكثر بنوه على فِعالٍ، وذلك قولك: سِياطٌ وثِيابٌ
وقِياسٌ. تركوا فُعُولاً كراهية الضمة في الواو والضَّمّة التي قبل
الواو، فحملوها على فِعال، وكانت في هذا الباب أولى إذ كانت متمكِّنةً
في غير المعتل.
وقد يُبنى على فِعلانٍ لأكثر العدد، وذلك: قوزٌ قيزانٌ، وثَورٌ
وثيرانٌ، ونظيره من غير هذا الباب وَجذٌ ووجذَانٌ، فلمَّا بُني عليه ما
لم يعتل فرُّوا إليه كما لزموا الفِعالَ في سَوطٍ وثَوبٍ. وقال:
الوَجذُ: نُقرَةٌ في الجبل. وقد يلزمون الأفعال في هذا فلا يجاوزونها
كما لم يجاوزوا الأفعُلَ في باب فَعلٍ الذي هو غير معتل، والأفعال في
باب فعلٍ الذي هو معتل. فإذا كانوا لا يجاوزون فيما ذكرتُ لك فهم في
هذا أجدرُ أن لا يجاوزوا، وذلك نحو: لوحٍ وألواحٍ، وجوزٍ وأجوازٍ،
ونَوعٍ وأنواعٍ.
وقد قال بعضهم في هذا الباب حين أراد بناء أدنى العدد أفعُلٌ فجاء به
على الأصل، وذلك قليل. قالوا: قَوسٌ وأقواسٌ. وقال الراجز:
(3/587)
لِكُلِّ عَيشٍ قد لبِستُ أَثْوُبَا.
وقد كسروا الفعل في هذا الباب على فِعَلَةٍ كما فعلوا ذلك بالفقع
والجبءِ حين جاوزوا به أدنى العدد، وذلك قولهم: عَودٌ وعِوَدةٌ،
وأعوادٌ إذا أرادوا بناء أدنى العدد، وقالوا: زَوجٌ وأزواجٌ وزوجةٌ،
وثورٌ وأثوارٌ وثِورةٌ، وبعضهم يقول: ثِيرَةٌ. وجاءوا به على فُعولٍ
كما جاءوا بالمصدر، قالوا فَوجٌ وفُؤجٌ كما قالوا: نحوٌ ونُحُوٌّ
كثيرةٌ. وهذا لا يكاد يكون في الأسماء، ولكن في المصادر، استثقلوا ذلك
في الأسماء. وسنبين ذلك إن شاء الله. ومثل ثِيَرَةٍ زَوجٌ وزِوجةٌ.
وأما ما كان من بنات الياء وكان فَعلاً فإنَّك إذا بنيته بناء أدنى
العدد بنيه على أفعالٍ، وذلك قولك: بيتٌ وأبياتٌ، وقَيدٌ وأقيادٌ،
وخيطٌ وأخياطٌ، وشيخٌ وأشياخٌ. وذلك أنَّهم كرهوا الضمة في الياء كما
يكرهون الواو بعد الياء، وسترى ذلك في بابه إن شاء الله. وهي في الواو
أثقلُ. وقد بنوه على أَفعُلٍ على الأصل، قالوا: أعيُنٌ. قال الراجز:
أنعتُ أعيارً رَعينَ الخنزَرَا ... أنعتَهُنَّ آيُراً وكَمَرَا.
(3/588)
وقال آخر:
يا أضبُعاً أكَلَتْ آيارَ أحمرةٍ ... ففي البطونِ وقد راحتْ قراقيرُ.
بناه على أفعالٍ. وقالوا أعيانٌ. قال الشاعر:
ولكنَّني أَغْدُو عَلَيَّ مُفاضَةٌ ... دِلاصٌ كأعيانِ الجرادِ
المُنَظَّمِ.
وإذا أردت بناء أكثر العدد بنيته على فُعُولٍ، وذلك قولك: بُيُوتٌ،
وخُيُوطٌ، وشُيُوخٌ، وعُيُونٌ، وقُيُودٌ. وذلك لأنَّ فُعولاً وفِعالاً
كانا شريكين في فِعلٍ الذي هو غير معتل، فلما ابتزَّ فِعالٌ بفَعلٍ من
الواو دون فُعولٍ لما ذكرنا من العلَّةِ ابتزَّت الفُعولُ بفَعلٍ من
بنات الياء، حيث صارت أخف من فُعولٍ من بنات الواو. فكأنهم عوضوا هذا
من إخراجهم إياها من بنات الواو.
فأما أقيادٌ ونحوها فقد خَرج، َ من الأصل، كما خرجت أسواطٌ وأثوابٌ
(3/589)
يعني إذا لم تُبنَ على أفعُلٍ لأنَّ
أفعُلاً هي الأصل لفِعلٍ. وليست أفعُلٌ وأفعالٌ شريكين في شيء كشركة
فُعولٍ وفِعالٍ، فتعوِّض الأفعُلَ الثَّبات في بنات الياء لخروجها من
بنات الواو، ولكنَّهما جميعاً خارجان من الأصل والضمّةُ تُستثقل في
الياء كما تُستثقل في الواو وإن كانت في الواو أثقل ومع هذا إنهم كرهوا
أن يقولوا أبيات إذا كانت أخف من فعولٍ من بنات الواو لئلا تلتبس الواو
فأرادوا أن يفصلوا فإذا قالوا: أبياتٌ وأسواطٌ فقد بيَّنوا الواو من
الياء. وقالوا: عُيورةٌ وخُيُوطةٌ، كما قالوا بُعُولةٌ وعُمُومةٌ.
وأما ما كان فَعلاً فإنَّه يكسَّر على أفعالٍ إذا أردت بناء أدنى
العدد، وذلك نحو: قاعٍ وأقواعٍ، وتاجٍ وأتواجٍ، وجارٍ وأجوارٍ. وإذا
أردت بناء أكثر العدد كسرته على فِعلانٍ، وذلك نحو: جيرانٍ وقيعانٍ
وتيجانٍ، وساجٍ وسيجانٍ. ونظير ذلك من غير المعتل: شَبَتٌ وشِبثانٌ
وخِربانٌٌ. ومثله فَتىً وفتيانٌ. ولم يكونوا ليقولوا فُعولٌ كراهية
الضمة في الواو مع الواو التي بعدها والضمة التي قبلها وجعلوا البناء
على فِعلانٍ. وقَلَّ فيه الفعال لأنَّهم ألزموه فِعلانٌ، فجعلوه بدلاً
من فِعالٍ؛ ولم يجعلوه بدلا من شريكه في هذا الباب. وإنما امتنع أن
يتمكَّن فيه ما تمكن في فَعَلٍ من الأبنية التي يكسر عليها الاسم لأكثر
العدد، نحو: أُسودٍ وجبالٍ أنَّه معتل أسكنوا عينه وأبدلوا مكانها
ألفاً، ولم يُخرجوه من أن يبنوه على بناء قد بُني عليه غير المعتل،
وانفرد به كما انفرد فِعالٌ ببنات الواو.
وقد يُستغنى بأفعالٍ في هذا الباب فلا يجاوزونه، كما لم يجاوزوه في غير
(3/590)
المعتل، وهو في هذا الأكثر، لاعتلاله ولأنه
فَعَلٌ، وفَعَلٌ يُقتصر فيه على أدنى العدد كثيراً، وهو أولى من فَعلٍ
كما كان ذلك في باب سَوطٍ، وذلك نحو: أبوابٍ وأموالٍ، وباعٍ وأبواعٍ.
وقالوا: نابٌ وأنيابٌ، وقالوا: نُيوبٌ كما قالوا: أُسودٌ، وقد قال
بعضهم: أنيُبٌ كما قالوا في الجبل: أجبُلٌ.
وما كان مؤنثاً من فَعلٍ من هذا الباب فإنه يكسر على أفعُلٍ إذا أردت
بناء أدنى العدد، وذلك: دارٌ وأدوارٌ، وساقٌ وأسوقٌ، ونارٌ وأنورٌ. هذا
قول يونس، ونظنُّه إنَّما جاء على نظائره في الكلام، نحو: جَمَلٍٍ
وأجمُلٍ، وزمنٍ وأزمُن، وعصاً وأعصٍ. فلو كان هذا إنَّما هو للتأنيث
لما قالوا: غَنمٌ وأغنامٌ.
فإذا أردت بناء أكثر العدد قلت في الدار: دُورٌ، وفي الساق: سُوقٌ،
وبنوهما على فُعلِ فِراراً من فُعُولٍ، كأنَّهم أرادوا أن يكسِّروهما
على فُعُولٍ كما كسروهما على أفعُلٍ. وقد قال بعضهم: سُؤوقٌ فَهَمَزَ:
كراهية الواوين والضمة في الواو. وقال بعضهم: ديرانٌ كما قالوا:
نِيرانٌ، شبهوها بقيعانٍ وغِيران. وقالوا: دِيارٌ كما قالوا: جِبالٌ.
وقالوا: نابٌ ونِيبٌ للناقة، بنوها على فُعلٍ كما بنوا الدار على
فُعلٍ، كراهية نُيُوب، لأنَّها ضمة في ياء وقبلها ضمة وبعدها واو،
فكرهوا ذلك. ولهنَّ مع ذا نظائر من غير المعتل: أسدٌ وأُسدٌ، ووثنٌ
ووُثنُ. وقالوا: أنيابٌ كما قالوا: أقدامٌ.
وما كان على ثلاثة أحرف وكان فِعلاً فإنَّك تكسره على أفعال من أبنية
أدنى العدد، وهو قياس غير المعتل. فإذا كان كذلك فهو في هذا أجدر
(3/591)
أن يكون. وذلك قولك: فِيلٌ وأفيالٌ، وجيدٌ
وأجيادٌ، ومِيلٌ وأميالٌ. فإذا كسرته على بناء أكثر العدد قلت فُعولٌ
كما قلت: عُذوقٌ وجُذوعٌ. وذلك قولك: فُيُولٌ ودُيوكٌ، وجُيودٌ. وقد
قالوا: دِيكةٌ وكِيَسةٌ كما قالوا: قِردةٌ وحِسلةٌ. ومثل ذلك فِيَلةٌ.
وقد يقتصرون في هذا الباب على أفعال كما اقتصروا على ذلك في باب فَعلٍ
وفَعَلٍ من المعتل. وقد يجوز أن يكون ما ذكرنا فَعلاً، يعني أن الفيل
يجوز أن يكون أصله فُعلاً كُسر من أجل الياء، كما قالوا أبيضُ وبيضٌ
فيكون الأفيال والأجياد بمنزلة الفيال والجياد ويكون فيلةٌ بمنزلة
خرجةٍ وجِحرةٍ. وإنما اقتصارهم على أفعال ٍ في هذا الباب الذي هو من
بنات الياء نحو: أميالٍ وأنيارٍ وكِيرٍ وأكيارٍ.
وقالوا في فِعلٍ من بنات الواو: رِيحٌ وأرواحٌ ورِياحٌ، ونظيره أبآرٌ
وبئارٌ. وقالوا فِعالٌ في هذا كما قالوا في فَعلٍ من بنات الواو، فكذلك
هذا لم يجعلوه بمنزلة ما هو من الياء.
وأما ما كان فُعلاً من بنات الواو فإنَّك تكسره على أفعالٍ إذا أردت
(3/592)
بناءٍ أدنى العدد، وهو القياس والأصل. ألا
تراه في غير المعتل كذلك. وذلك: عُودٌ وأعوادٌ، وغُولٌ وأغوالٌ، وحوتٌ
وأحواتٌ، وكُوزٌ وأكوازٌ. فإذا أردت بناء أكثر العدد لم تكسره على
فُعولٍ ولا فعالٍ ولا فِعَلةٍ، وأجري مجرى فَعَلٍ وانفرد به فِعلانٌ،
كما أنه غَلبَ على فَعل من الواو الفِعالُ، فكذلك هذا، فرقوا بينه وبين
فُعلٍ من بنات الياء، كما فرقوا بين فَعلٍ من الياء وفَعلٍ من الواو،
ووافق فعلاً في الأكثر كموافقته إياه في الأقل. وذلك عيدانٌ - وغيلانٌ
- وكيزان وحيتان وبنيان جماعة النون وقد جاء مثل ذلك في غير المعتل.
قالوا: حُشٌّ وحِشّانٌ، كما قالوا في فَعلٍ من بنات الواو: ثورٌ
وثيرانٌ، وقوزٌ وقِيزانٌ، كما جاء في الصحيح: عَبدٌ وعِبدانٌ، ورَألٌ
ورِئلانٌ.
وإذا كسرت فَعلةً من بنات الياء والواو على بناء أكثر العدد كسرتها على
البناء الذي كسرت عليه غير المعتلّ. وذلك قولك: عيبنة وعَيباتٌ
وعِيابٌ، وضَيعةٌ وضَيعاتٌ وضِياعٌ، ورَوضةٌ وروضاتٌ ورِياضٌ. فإذا
أردت بناء أدنى العدد ألحقت التاء ولم تحِّرك العين؛ لأنَّ الواو ثانية
والياء ثانية. وقد قالوا: فَعلةٌ في بنات الواو وكسروها على فُعلٍ كما
كسروا فَعلاً على بناء غيره. وذلك قولهم: نَوبةٌ ونُوبٌ، وجوبةٌ
وجُوبٌ، ودَولةٌ ودُولٌ. ومثلها: قريةٌ وقُرىً، ونزوةٌ ونُزىً.
وقد قالوا: فَعلةٌ في بنات الياء ثم كسروها على فِعل، وذلك قولهم:
(3/593)
ضَيعةٌ وضِيَعٌ، وخيمةٌ وخِيمٌ. ونظيرها من
غير المعتل: هَضبةٌ وهِضبٌ، وحَلقةٌ وحِلقٌ، وجَفنةٌ وجِفنٌ. وليس هذا
بالقياس.
وأما ما كان فُعلةً فهو بمنزلة غير المعتل وتجمعه بالتاء إذا أردت أدنى
العدد. وذلك قولك: دُولةٌ ودُولاتٌ، لا تحرِّك الواو لأنَّها ثانية،
فإذا لم ترد الجمع المؤنَّث بالتاء قلت: دُولٌ، وسُوقةٌ وسُوقٌ،
وسُورةٌ وسُورٌ.
وأمَّا ما كان فِعلةً فهو بمنزلة غير المعتل، وذلك: قيمةٌ وقِيمٌ
وقِيماتٌ، ورِيبةٌ ورِيباتٌ ورِيبٌ، وديمةٌ وديماتٌ ودِيمٌ.
وأما ما كان على فَعَلةٍ فإنه كُسّر على فِعال، قالوا: ناقةٌ ونياقٌ،
كما قالوا رَقبةٌ ورِقابٌ. وقد كسروه على فُعلٍ، قالوا: ناقةٌ ونُوقٌ،
وقارةٌ وقُورٌ، ولابةٌ ولُوبٌ؛ وأدنى العدد لاباتٌ وقاراتٌ. وساحةٌ
وسُوحٌ.
ونظيرهن من غير المعتل: بدنةٌ وبُدنٌ، وخشبةٌ وخُشبٌ، وأكمّةٌ وأُكمٌ.
وليس بالأصل في فَعلةٍ وإن وجدت النظائر. وقالوا: أينُقٌ، ونظيرها
أكمةٌ وآكمٌ. وقد كُسّرت على فِعلٍ كما كُسّرت ضيعةٌ، قالوا: قامةٌ
وقِيمٌ، وتارةٌ وتِيرٌ. وقال:
يَقومُ تاراتٍ ويَمْشي تِيرا.
وإنما احتملت الفعل في بنات الياء والواو لأنَّ الغالب الذي هو حدُّ
الكلام في فعلة في غير المعتل الفعال
(3/594)
هذا باب ما يكون واحدا يقع للجميع من بنات
الياء والواو ويكون واحده على بنائه ومن لفظه، إلاَّ أنه تلحقه هاء
التأنيث لتبين الواحد من الجميع.
أما ما كان فَعلاً فقصته قصّةُ غير المعتل، وذلك: جَوزٌ وجوزةٌ
وجوزاتٌ، ولَوزةٌ ولَوزٌ ولَوزاتٌ، وبَيضٌ وبيضةٌ وبيضاتٌ، وخَيمٌ
وخيمةٌ وخيماتٌ، وقد قالوا: خِيامٌ، وروضةٌ ورَوضاتٌ ورِياضٌ ورَوضٌ،
كما قالوا: طِلاحٌ وسِخالٌ.
وأما ما كان فعلاً فهو بمنزلة الفعل من غير المعتل، وذلك: سوسٌ وسوسةٌ
وسوساتٌ، وصوفٌ وصوفةٌ وصوفاتٌ، وقد قالوا: تومةٌ وتوماتٌ وتومٌ، وقد
قالوا: تومٌ كما قالوا: دررٌ، وأمَّا ما كان فعلاً فقصته كقصّةغير
المعتل، وذلك قولك: تينٌ وتينةٌ وتيناتٌ، وليفٌ وليفاتٌ، وطينٌ وطينةٌ
وطيناتٌ. وقد يجوز أن يكون هذا فعلاً كما يجوز أن يكون الفيل فعلاً.
وسترى بيان ذلك في بابه إن شاء الَّله.
وأما ما كان فعلاً فهو بمنزلة الفعل من غير المعتل، إلا أنَّك إذا جمعت
بالتاء لم تغيَّر الاسم عن حاله، وذلك: هامٌ وهامةٌ وهاماتٌ، وراحٌ
وراحاتٌ، وشامٌ وشامةٌ وشاماتُ.
(3/595)
قال الشاعر، وهو القطامي:
فكُنّا كالحريق أصابَ غاباً ... فيخبو ساعةً ويحيج ساعَا
فقال: ساعةٌ وساعٌ، وذلك كهامةٍ وهامٍ. ومثله آيةٌ وآيٌ.
ومثله قول العجَّاج:
وخَطَرَتْ أيدي الكماة وخطر ... رأى إذا أورده الطعَّن صدر
باب ما هو اسمٌ واحد يقع على جميع
وفيه علامات التأنيث وواحده على بنائه ولفظه، وفيه علامات التأنيث التي
فيه وذلك قولك للجميع: حلفاءٌ وحلفاء واحدةٌ، وطرفاء للجميع وطرفاء
واحدةٌ، وبهمي للجميع وبهمي واحدة، لَّما كانت تقع للجميع ولم تكن
أسماء كسر عليها الواحد أرادوا أن يكون الواحد من بناءٍ فيه علامة
التأنيث، كما كان ذلك في الأكثر الذي ليس فيه علامة التأنيث ويقع
مذكَّراً، نحو التَّمر والبَّر والشَّعير وأشباه ذلك. ولم يجاوزوا
البناء، الذي يقع للجميع حيث
(3/596)
أرادوا واحداً فيه علامة تأنيث؛ لأنَّه فيه
علامة التأنيث، فاكتفوا بذلك وبينوا الواحدة بأن وصفوها بواحدة، ولم
يجيئوا بعلامةٍ سوى العلامة التي في الجميع، ليفرق بين هذا وبين الاسم
الذي يقع للجميع وليس فيه علامة التأنيث، نحو: البسر والتَّمر.
وتقول: أرطى وأرطاةٌ، وعلقىً وعلقاةٌ؛ لأن الألفات لم تلحق للتأنيث،
فمن ثمَّ دخلت الهاء.
باب ما كان على حرفين
وليست فيه علامة التأنيث أما ما كان أصله فعلاً فإنه إذا كسر على بناء
أدنى العدد كسر على أفعلٍ، وذلك نحو: يدٍ وأيدٍ، وإن كسر على بناء أكثر
العدد كسُّر على فعالٍ وفعولٍ، وذلك قولهم: دماءٌ ودميٌ، لَّما ردَّوا
ما ذهب من الحروف كسروه على تكسيرهم إيَّاه لو كان غير منتقص على الأصل
نحو: ظبيٍ ودلوٍ
وإن كان أصله فعلاُ كسُّر من أدنى العدد على أفعالٍ كما فعل ذلك بما لم
يحذف منه شيءٌ، وذلك أبٌ وآباءٌ. وزعم يونس أنَّهم يقولون: أخٌ وآخاءٌ.
وقالوا: أخوانٌ كما قالوا: خربٌ وخربانٌ. والخرب: ذكر الحبارى
(3/597)
فبنات الحرفين تكسَّر على قياس نظائرها
التي لم تحذف. وبنات الحرفين في الكلام قليل.
وأمَّا ما كان من بنات الحرفين وفيه الهاء للتأنيث فإنَّك إذا أردت
الجمع لم تكسره على بناء يردُّ ما ذهب منه، وذلك لأنَّها فعل بها ما لم
يفعل بما فيه الهاء مما لم يحذف منه شيءٌ، وذلك أنهم يجمعونها بالتاء
والواو والنون كما يجمعون المذكَّر نحو: مسلمين، فكأنه عوضٌ، فإذا جمعت
بالتاء لم تغير البناء. وذلك قولك: هنةٌ وهناتٌ، وفئةٌ وفئاتٌ، وشيةٌ
وشياتٌ، وثبةٌ وثباتٌ، وقلةٌ وقلاتٌ. وربمَّا ردَّوها إلى الأصل إذا
جمعوها بالتاء، وذلك قولهم: سنوت وعضواتٌ. فإذا جمعوا بالواو والنون
كسروا الحرف الأوَّل وغيروا الاسم. وذلك قولهم: سنون وقلون وثبون
ومئون، فإنَّما غيروا أوَّل هذا لأنَّهم ألحقوا آخره شيئاً ليس هو في
الأصل للمؤنث ولا يلحق شيئاً فيه الهاء ليس على حرفين. فلما كان كذلك
غيَّروا أوَّل الحرف كراهية أن يكون بمنزلة ما الواو والنون له في
الأصل، نحو قولهم: هنون ومنون وبنون. وبعضهم يقول: قلون: فلا يغيَّر
كما لم يغيروا في التاء.
وأما هنةٌ ومنةٌ فلا تجمعان ألاَّ بالتاء؛ لأنَّهما قد ذكرتا.
وقد يجمعون الشيء بالتاء ولا يجاوزون به ذلك، استغناء، وذلك: ظبةٌ
وظبات، وشيةٌ وشياتٌ. والتاء بدخل على ما دخلت فيه الواو والنون
لأنَّها الأصل.
وقد يكسَّرون هذا النحو على بناءٍ يردُّ ما ذهب من الحرف. وذلك قولهم:
شفةٌ وشفاهٌ وشاةٌ وشياهٌ، تركوا الواو والنون حيث ردُّوا ما حذف منه
واستغنوا عن التاء حيث عنوا بها أدنى العدد وإن كانت من أبنية أكثر
العدد،
(3/598)
كما استغنوا بثلاثة جروحٍ عن أجراحٍ،
وتركوا الواو والنون كما تركوا التاء حيث كسَّروه على شيء يردُّ ما حذف
منه واستغني به.
وقالوا: أمةٌ وآمٍ وإماءٌ، فهي بمنزلة أكمةٍ وآكمٍ وإكامٍ. وإنما
جعلناها فعلةً لأنا قد رأيناهم كسروا فعلةً على أفعلٍ ممَّا لم يحذف
منه شيء ولم نرهم كسروا فعلةً ممَّا لم يحذف منه شيءٌ على أفعلٍ. ولم
يقولوا: إمون وإن حيث كسَّروه على ماردَّ الأصل استغناء عنه، حيث رد
إلى الأصل بآمٍ، وتركوا أماتٌ استغناءً بآمٍ.
وقالوا: برةٌ وبراتٌ وبرون وبري، ولغةٌ ولغىً، فكسروها على الأصل كما
كسروا نظائرها التي لم تحذف، نحو: كليةٍوكلىً. فقد يستغنون بالشيء عن
الشيء، وقد يستعملون فيه جميع ما يكون في بابه.
وسألت الخليل عن قول العرب: أرضٌ وأرضاتٌ؟ فقال: لمَّا كانت مؤنثَّة
وجمعت بالتاء ثقلَّت كما ثقلَّت طلحاتٌ وصحفاتٌ. قلت: فلم جمعت بالواو
والنون؟ قال: شبهت بالسِّنين ونحوها من بنات الحرفين لأنَّها مؤنثة كما
أن سنةً مؤنّثة، ولأن الجمع بالتاء أقل والجمع بالواو والنون أعمُّ.
ولم يقولوا: آرضٍ ولا آراضٍ فيجمعونه كما جمعوا فعلٌ. قلت: فهلَّا
قالوا: أرضون كما قالوا: أهلون؟ قال: إنَّها لما كانت تدخلها التاء
أرادوا أن يجمعونها بالواو والنون كما جمعوها بالتاء، وأهلٌ مذكَّر لا
تدخله التاء ولا تغيَّره الواو والنون كما لا تغير غيره من المذكَّر،
نحو: صعبٍ وفسلٍ.
وزعم يونس أنهم يقولون: حرَّةٌ وحرَّون، يشبهونها بقولهم: أرضٌ وأرضون؛
لأنها مؤنثة مثلها. ولم يكسروا أوَّل أرضين؛ لأن التغيير قد لزم
(3/599)
الحرف الأوسط كما لزم التغيير الأول من
سنةٍ في الجمع. وقالوا: إوزَّة وإوزون، كما قالوا: حرةٌ وحرَّون.
وزعم يونس أنَّهم يقولون أيضاً: حرّةٌ وإحرُّون، يعنون الحرار كأنه جمع
إحرة، ولكن لا يتكلم بها.
وقد يجمعون المؤنَّث الذي ليست فيه هاء التأنيث بالتاء كما يجمعون ما
فيه الهاء؛ لأنَّه مؤنث مثله، وذلك قولهم: عرساتٌ وأرضاتٌ، وعيرٌ
وعيراتٌ، حركوا الياء وأجمعوا فيها على لغة هذيلٍ؛ لأنَّهم يقولون:
بيضاتٌ وجوزات.
وقالوا: سمواتٌ فاستغنوا بهذا، أرادوا جمع سماء لا من المطر، وجعلوا
التاء بدلا من التكسير كما كان ذلك في العير والأرض. وقد قالوا: عيراتٌ
وقالوا: أهلاتٌ، فخفَّفوا، شبَّهوها بصعباتٍ حيث كان أهلٌ مذكَّراً
تدخله الواو والنون، فلما جاء مؤنثاً كمؤنَّث صعبٍ فعل به كما فعل
بمؤنث صعبٍ. وقد قالوا: أهلاتٌ فثقلوا، كما قالوا: أرضاتٌ. قال
المخَّبل:
وهمْ أهلاتٌ حَوْلَ قَيْسٍ بن عاصمٍ ... إذا أدلجوا بالَّليل يَدْعُونَ
كَوْثَرَا
(3/600)
وقد قالوا: إموانٌ جماعة الأمة كما قالوا:
إخوانٌ؛ لأنهم جمعوها كما جمعوا ما ليس فيه الهاء. وقال القتال
الكلابي:
أمَّا الإماءُ فلا يَدْعونني ولَداً ... إذا ترامى بنو الأموان بالعار
باب تكسير ما عدة حروفه أربعة أحرف
للجمع أما ما كان فعالاً فإنَّك إذا كسرته على بناء أدنى العدد كسَّرته
على أفعلةٍ، وذلك قولك: حمارٌ وأحمرةٌ وخمارٌ وأخمرةٌ، وإزارٌ وآزرةٌ،
ومثالٌ وأمثلةٌ، وفراشٌ وأفرشةٌ،. فإذا أردت أكثر العدد بنيته على فعلٍ
وذلك حمارٌ وحمرٌ، وخمارٌ وخمرٌ، وإزارٌ وأزرٌ، وفراشٌ وفرشٌ. وإن شئت
خففت جميع هذا في لغة تميمٍ. وربَّما عنوا ببناء أكثر العدد أدنى العدد
كما فعلوا ذلك بما ذكرنا من بنات الثلاثة، وذلك قولهم: ثلاثةُ جدرٍ
وثلاثة كتبٍ.
وأما ما كان منه مضاعفاً فإنَّهم لم يجاوزوا به أدنى العدد وإن عنوا
الكثير تركوا ذلك كراهية التضعيف، إذ كان من كلامهم أن لا يجاوزوا بناء
أدنى العدد فيما هو غير معتل. وذلك قولهم: جلالٌ وأجلَّة، وعنانٌ
وأعنَّةٌ، وكنانٌ وأكنَّةٌ.
وأما ما كان منه من بنات الياء والواو فإنهم يجاوزون به بناء أدنى
العدد
(3/601)
كراهية هذه الياء مع الكسرة والضمة لو
ثقّلوا، والياء مع الضمّة لو جففّوا. فلما كان كذلك لم يجاوزوا به أدنى
العدد، إذ كانوا لا يجاوزون في غير المعتل بناء أدنى العدد. وذلك
قولهم: رشاءٌ وأرشيةٌ، وسقاءٌ وأسقيةٌ، ورداءٌ وأرديةٌ، وإناءٌ وآنيةٌ.
فأما ما كان منه من بنات الواو التي الواوات فيهن عيناتٌ فإنَّك إذا
أردت بناء أدنى العدد كسرته على أفعلةٍ، وذلك قولك: خوانٌ وأخونةٌ،
ورواقٌ وأروقة، وبوانٌ وأبوانةٌ. فإذا أردت بناء أكثر العدد لم تثقل
وجاء على فعلٍ كلغة بني تميم في الخمر، وذلك قولك: خونٌ وروقٌ وبونٌ.
وإنما خففوا كراهية الضمة قبل الواو، والضمة التي في الواو، فخففوا هذا
كما خففوا فعلاً حين أرادوا جمع قوولٍ، وذلك قولهم: قولٌ. وإذا كان في
موضع الواو من خوانٍ ياءٌ ثقل في لغة من يثقل، وذلك قولك: عيانٌ وعينٌ.
والعيان: حديدةٌ تكون في متاع الفدان. فثقَّلوا هذا كما قالوا: بيوضٌ
وبيضٌ، حيث كان أخفَّ من بنات الواو، كما قالوا: بيوتٌ حيث كان أخفَّ
من بنات الواو.
وزعم يونس أن من العرب من يقول: صيودٌ وصيدٌ، وبيوضٌ وبيضٌ، وهو على
قياس من قال في الرُّسل: رسلٌ.
وأمَّا ما كان فعالاً فإنهم إذا كسروه على بناء أدنى العدد فعلوا به ما
فعلوا بفعالٍ؛ لأنَّه مثله في الزيادة والتحريك والسكون، إلا أن أوله
مفتوح، وذلك قولك: زمان وأزمنةٌ، ومكانٌ وأمكنةٌ، وقذالٌ وأقذلةٌ،
وفدانٌ وأفدنةٌ. وإذا أردت بناء أكثر العدد قلت: قذلٌ وفدنٌ. وقد
يقتصرون على بناء أدنى العدد كما فعلوا ذلك فيما ذكرنا من بنات
الثلاثة، وهو أزمنةٌ وأمكنةٌ.
(3/602)
وما كان منه من بنات الياء والواو فعل به
ما فعل بما كان من بنات فعالٍ، وذلك قولك: سماءٌ وأسميةٌ، وعطاءٌ
وأعطيةٌ. وكرهوا بناء الأكثر لاعتلال هذه الياء لما ذكرت لك، ولأنها
أقلُّ الياءات احتمالاً وأضعفها. وفعالٌ في جميع الأشياء بمنزلة فعالٍ.
وأما ما كان فعالاً فإنه في بناء أدنى العدد بمنزلة فعالٍ؛ لأنه ليس
بينهما شيء إلاَّ الكسر والضُّم. وذلك قولك: غرابٌ وأغربةٌ، وخراجٌ
وأخرجةٌ، وبغاثٌ وأبغثةٌ. فإذا أردت بناء أكثر العدد كسّرته علىفعلانٍ،
وذلك قولك: غرابٌ وغربانٌ، وخراجٌ وجرجانٌ، وبغاثٌ وبغثانٌ، وغلامٌ
وغلمانٌ. ولم يقولوا: أغلمةٌ، استغنوا بقولهم: ثلاثة غلمةٍ، كما
استغنوا بفتيةٍ عن أن يقولوا: أفتاءٌ.
وقالوا في المضاعف حين أرادوا بناء أدنى العدد كما قالوا في المضاعف في
فعالٍ، وذلك قولهم: ذبابٌ وأذبةٌ. وقالوا حين أرادوا الأكثر ذبّانٌ،
ولم يقتصروا على أدنى العدد لأنَّهم أمنوا التضعيف. وقالوا: حوارٌ
وحيرانٌ، كما قالوا: غرابٌ وغربانٌ. وقالوا في أدنى العدد: أحورةٌ.
والذين يقولون حوارٌ يقولون: حيرانٌ، وصوارٌ وصيرانٌ، جعلوا هذا بمنزلة
فعالٍ، كما أنَّهما متفقان في بناء أدنى العدد. وأمَّلسوا وسورٌ فوافق
الذين يقولون سوارٌ الذين يقولون:
(3/603)
سوارٌ كما اتفقوا في الحوار. وقد قال
بعضهم: حورانٌ. وله نظيرٌ، سمعنا العرب يقولون: زقاقٌ وزقاقٌ، جعلوه
وافق فعيلاً كما وافقه في أدنى العدد. وقد يقتصرون على بناء أدنى العدد
كما فعلوا ذلك في غيره، قالوا: فؤادٌ وأفئدةٌ، وقالوا قرادٌ وقردٌ،
فجعلوه موافقاً لفعالٍ؛ لأنه ليس بينهما إلا ما ذكرت لك. ومثله قول
بعضهم: ذبابٌ وذبٌ.
وأما ما كان فعيلاً فإنه في بناء أدنى العدد بمنزلة فعالٍ وفعالٍ؛ لأن
الزيادة التي فيها مدةٌ، لم تجيء الياء التي في فعيلٍ لتلحق بناتٍ
الثلاثة ببنات الأربعة كما لم تجيء الألف التي في فعالٍ وفعالٍ لذلك،
وهو بعد في الزنة والتحريك والسكون مثلهما، فهن أخواتٌ. وذلك قولك:
جريبٌ وأجربةٌ، وكثيبٌ وأكثبةٌ، ورغيفٌ وأرغفةٌ، ورغفانٌ وجربانٌ
وكثبانٌ.
ويكَّسر على فعلٍ أيضاً، وذلك قولهم: رغييفٌ ورغفٌ، وقليبٌ وقلبٌ،
وكثيبٌ وكثبٌ، وأميلٌ وأملٌ، وعصيبٌ وعصبٌ، وعسيبٌ وعسبٌ وعسبانٌ،
وصليبٌ وصلبانٌ وصلبٌ.
وربَّما كسروا هذا على أفعلاء، وذلك: نصيبٌ وأنصباء، وخميسٌ وأخمساء،
وربيعٌ وأربعاءٌ. وهي في أدنى العدد منزلة ما قبلهمّ.
وقد كسّره بعضهم على أفعلاء، وهو قليل، وذلك: قولهم: ظليمٌ
(3/604)
وظلمانٌ، وعريضٌ وعرضانٌ، وقضيبٌ وقضبانٌ.
وسمعنا بعضهم يقول: فصيلٌ وفصلانٌ، شبهوا ذلك بفعالٍ.
فأما ما كان من بنات الياء والواو فإنه بمنزلة ماذكرنا. وقالوا: قرىٌّ
وأقريةٌ وقريانٌ، حين أرادوا بناء الأكثر، كما قالوا: جريبٌ وأجربةٌ
وجربانٌ. ومثله: سريٌّ وأسريةٌ. وسريانٌ وقالوا: صبيٌّ وصبيانٌ
كظلمانٍ، ولم يقولوا: أصبيةٌ، استغنوا بصبيةٍ عنها. وقالوا بعضهم:
حزّانٌ كما قالوا ظلمانٌ. وقالوا: سريرٌ وأسرةٌ وسررٌ، كما قالوا:
قليبٌ وأقلبةٌ وقلبٌ. وقالوا: فصيلٌ وفصالٌ، شبهوه بظريفٍ وظرافٍ؛ ودخل
مع الصفة في بنائه كما دخلت الصفة في بناء الاسم وستراه، فقالوا: فصيلٌ
حيث قالوا: فصيلةٌ، كما قالوا: ظريفةٌ وتوهموا الصفة حيث أنثوا وكان هو
المنفصل من أمِّه. وقد قالوا: أفيلٌ وأفائل والأفائل: حاشية الإبل، كما
قالوا: ذنوبٌ وذنائب. وقالوا أيضاً: إفالٌ، شبهوها بفصال حيث قالوا:
أفيلةٌ.
وأما ما كان من هذه الأشياء الأربعة مؤنثاً فإنهم إذا كسروه على بناء
أدنى العدد كسروه على أفعلٍ وذلك قولك: عناقٌ وأعنقٌ. وقالوا في
الجميع: عنوقٌ، وكسّروه على فعولٍ كما كسروها على أفعٌلٍ، بنوه على ما
هو بمنزلة افعلٍ، كأنَّهم أرادوا أن يفصلوا بين المذكر والمؤنث، كأنهم
جعلوا الزيادة التي فيه إذ كان مؤنثاً بمنزلة الهاء التي في قصعةٍ
ورحبةٍ،
(3/605)
وكرهوا أن يجمعوه جمع قصعةٍ؛ لأنَّ زيادته
ليست كالهاء، فكسروه تكسير ما ليس فيه زيادةٌ من الثلاثة، حيث شبِّه
بما فيه الهاء منه ولم تبلغ زيادته الهاء؛ لأنهَّا من نفس الحرف، وليست
علامة تأنيث لحقت الاسم بعد ما بني كحضرموت. ونظير عنوقٍ قول بعض العرب
في السَّماء: سميٌّ. وقال أبو نخيلة:
كنهورٌ كان مِنَ أعْقابِ السُّمي
وقالوا: أسميةٌ، فجاءوا به على الأصل.
وأما من أنث اللَّسان فهو يقول: ألسنٌ. من ذكّر قال: أسنةٌ.
وقالوا: ذراعٌ وأذرعٌ حيث كانت مؤنثة، ولا يجاوز بها هذا البناء وإن
عنو الأكثر، كما فعل ذلك بالأكف والأرجل. وقالوا: شمالٌ وأشملٌ وقد
كسرت على الزيادة التي فيها فقالوا: شمائل، كما قالوا في الرَّسالة:
رسائل،
(3/606)
إذ كانت مؤنّثةً مثلها. قالوا: شملٌ فجاءوا
بها على قياس جدرٍ قال الأزرق العنبري:
طِرْنَ انقطاعةَ أوتارٍ محظربةٍ ... في أقواسٍ نازعتْها أيْمُنٌ
شُمُلاَ
وقالوا: عقابٌ وأعقبٌ، وقالوا: عقبانٌ كما قالوا: غربانٌ وقالوا: كراعٌ
وأكرعٌ، وأتانٌ وآتنٌ. كما قالوا: أشملٌ، وقالوا: يمينٌ وأيمنٌ لأنَّها
مؤنثة. وقال أبو النجم:
يأتي لها من أيمنٍ وأَشْمُلِ
وقالوا: أيمانٌ فكسروها على أفعالٍ كما كسروها على أفعلٍ إذ كانا لما
عدده ثلاثة أحرف.
وأما ما كان فعولاً فهو بمنزلة فعيلٍ إذا أردت بناء أدنى العدد،
لأنهَّا كفعيلٍ في كل شيء، إلاَّ أنَّ زيادتها واو، وذلك: قعودٌ
وأقعدةٌ،
(3/607)
وعمودٌ وأعمدةٌ، وخروفٌ وأخرفةٌ. فإن أردت
بناء أكثر العدد كسرته على فعلانٍ، وذلك: خرفانٌ وقعدانٌ، وعتودٌ
وعدَّانٌ، خالفت فعيلاً كما خالفتها فعالٌ في أول الحرف. وقالوا: عمودٌ
وعمدٌ، وزبورٌ وزبرٌ، وقدومٌ وقدمٌ، فها بمنزلة قضبٍ وقلبٍ وكثبٍ.
قالوا: قداثم كما قالوا: شمائل في الشمال، وقالوا: قلصٌ وقلائص.
وقد كسروا شيئاً منه من بنات الواو على أفعالٍ، قالوا: أفلاءٌ وأعداءٌ،
والواحد فلوٌّ وعدوٌّ. وكرهوا فعلاً كما كرهوا في فعالٍ وكرهوا فعلاناً
للكسرة التي قبل الواو إن كان بينهما حرفٌ ساكن لأنهَّ ليس جاهزاً
حصيناً. وعدوٌّ وصفٌ ولكنَّه ضارع الاسم.
وأما ما كان عدة حروفه أربعة أحرف وكان فعلى أفعل فإنك تكسوِّه على
فعلٍ وذلك قولك: الصُّغرى والصُّغر، والكبرى والكبر والأولى والأول.
وقال تعالى جدٌّه: " إنهَّا لإحدى الكبر ". ومثله من بنات الياء
والواو: الدُّنيا والدُّنى. والقصوى والقصى، والعليا والعلى. وإنمَّا
صيروا الفعلى ههنا بمنزلة الفعلة لأنها على بنائها، ولأنَّ فيها علامة
التأنيث، وليفرقوا بينها وبين ما لم يكن فعلى أفعل. وإن شئت جمعتهنَّ
بالتاء فقلت: الصغريات والكبريات، كما تجمع المذكر بالواو والنون، وذلك
الأصغرون والأكبرون والأرذلون.
(3/608)
وأما ما كان على أربعة أحرف وكان آخره ألف
التأنيث فإن أردت أن تكسره فإنكَّ تحذف الزيادة التي هي التأنيث، ويبنى
على فعالى وتبدل من الياء الألف، وذلك نحو قولك في حبلى: حبالى، وفي
ذفرى ذفارى. وقال بعضهم: ذفرى وذفارٍ. ولم ينونوا ذفرى. وكذلك ما كانت
الألفان في آخره للتأنيث، وذلك قولك صحراء وصحارى، وعذراء وعذارى. وقد
قالوا: صحارٍ وعذارٍ، وحذفوا الألف التي قبل علامة التأنيث، وليكون
آخره كآخر ما فيه علامة التأنيث، وليفرقوا بين هذا وبين علباءٍ ونحوه:
وألزموا هذا ما كان فيه علامة التأنيث، إذ كانوا يحذفونه من غيره،
وذلك: مهريةٌ ومهارٍ، وأثفيةٌ وأثافٍ. جعلوا صحراء بمنزلة ما في آخره
ألفٌ، إذ كان أواخرهما علامات التأنيث، مع كراهيتهم الياءات، حتى قالوا
مدارى ومهارى. فهم في هذا أجدر أن يقولوا، لئلا يكون بمنزلة ما جاء
آخره لغير التأنيث.
وقالوا: ربي وربابٌ حذفوا الألف وبنوه على هذا البناء، كما ألقوا الهاء
من جفرةٍ فقالوا: جفارٌ، إلاَّ أنَّهم قد ضموَّا أول ذا، كما قالوا:
ظئرٌ وظؤارٌ، ورخلٌ ورخالٌ. ولم يكسوا أوله كما قالوا: بئارٌ وقداحٌ.
وإذا أردت ما هو أدنى العدد جمعت بالتاء، تقول: خبراواتٌ وصحراواتٌ
وذفرياتٌ وحبلياتٌ.
(3/609)
وقالوا: أنثى وإناثٌ، فذا بمنزلة جفرةٍ
وحفارٍ.
ومثل ظئرٍ وظؤارٍ: ثنىٌ وثناءٌ. والثَّنى: التي قد نتجت مرَّتين.
وقالوا: خنثى وخناثى، كقولهم: حبلى وحبالى.
وقال الشاعر:
خَناثَى يَأكلون التَّمر ليسوا ... بزوجاتٍ يَلِدْنَ ولا رِجالِ
وأمَّا ما كان عدد حروفه أربعة أحرف وفيه هاء التأنيث وكان فعيلةً
فإنَّك تكسره على فعائل، وذلك نحو: صحيفةٍ وصحائف، وقبيلةٍ وقبائل؛
وكتيبةٍ وكتائب، وسفينةٍ وسفائن، وحديدةٍ وحدائد. وذا أكثر من أن يحصى.
وربَّما كسروه على فعلٍ، وهو قليل، قالوا: سفينةٌ وسفنٌ، وصحيفةٌ
وصحفٌ، شبهوا ذلك بقليبٍ وقلبٍ، كأنَّهم جمعوا سفينٌ وصحيفٌ حين علموا
أنَّ الهاء ذاهبةٌ، شبَّهوها بجفارٍ حين أجريت مجرى جمدٍ وجمادٍ.
وليس يمتنع شيءٌ من ذا أن يجمع بالتاء إذا أردت ما يكون لأدنى العدد.
وقد يقولون: ثلاث صحائف وثلاث كتائب، وذلك لأنها صارت على مثال فعالل،
نحو: حضاجر وبلابل وجنادب، فأجروها مجراها. ومثل صحائف من بنات الوا
الياء والواو صفيةٌ وصفايا، ومطيةٌ ومطايا.
(3/610)
وأمَّا فعالةٌ فهو بهذه المنزلة؛ لأنَّ عدة
الحروف واحدة، والزنة والزيادة مدٌّ كما أنَّ زيادة فعيلة مدٌّ،
فوافقته كما وافق فعيلٌ فعالاً. وذلك قولك إذا جمعت بالتاء: رسالاتٌ،
وكناناتٌ، وعماماتٌ، وجنازاتٌ. فإذا كسرته على فعائل قلت: جنائز،
ورسائل، وكنائن، وعمائم. والواحدة جنازةٌ وكنانةٌ وعمامةٌ ورسالةٌ.
ومثله جنايةٌ وجنايا.
وما كان على فعالةٍ فهو بهذه المنزلة؛ لأنَّه ليس بينهما إلاَّ الفتح
والكسر، وذلك: حمامةٌ وحمائمٌ، ودجاجةٌ ودجائجٌ. والتاء أمرها ههنا
كأمرها فيما قبلها.
وما كان فعالةً فهو كذلك في جميع الأشياء؛ لأنَّه ليس بينهما شيء إلَّا
الضم في أوله. وذلك قولك: ذؤابةٌ وذؤاباتٌ، وقوارةٌ وقواراتٌ، وذبابةٌ
وذباباتٌ. فإذا كسَّرته قلت: ذوائب وذبائب.
وكذلك فعولةٌ: لأنها بمنزلة فعيلةٍ في الزنة والعدة وحرف المد. وذلك
قولهم: حمولةٌ وحمائل، وحلوبةٌ وحلائبُ، وركوبةٌ وركائب. وإن شئت قلت:
حلوباتُ وركوباتُ وحمولاتٌ. وكلُّ شيء كان من هذا أقل كان تكسيره أقل
كما كان ذلك في بنات الثلاثة.
واعلم أن فعالاً وفعيلاً وفُعالاً وفَعالاً إذا كان شيءٌ منها يقع على
الجميع فإنَّ واحده يكون على بنائه ومن لفظه، وتلحقه هاء التأنيث،
وأمرها كأمر ما كان على ثلاثة أحرف. وذلك قولك دجاجٌ ودجاجةٌ ودجاجاتٌ.
وبعضهم يقول: دجاجةٌ ودجاجٌ ودجاجاتٌ. ومثله من الياء: أضاءةٌ
(3/611)
وأضاءٌ وأضاءاتٌ، وشعيرةٌ وشعيرٌ وشعيراتٌ،
وسفينٌ وسفينةٌ وسفيناتٌ. ومثله من بنات الياء والواو: ركيّةٌ وركىُّ،
ومطيّةٌ ومطىُّ، وركياتٌ ومطيَّاتٌ، ومرارٌ ومرارةٌ مراراتٌ، وثمامُ
وثمامةُ وثماماتٌ، وجرادٌ وجرادةٌ وجراداتٌ؛ وحمامٌ وحمامةٌ وحماماتٌ.
ومثله من بنات الياء والواو وعظاءة وعظاءات وملاء وملاءة وملاءات وقد
قالوا: سفائنُ ودجائج وسحائب. وقالوا: دجاجٌ كما قالوا: طلحةٌ وطلاحٌ،
وجذبةٌ وجذابٌ.
وكل شيء كان واحداً مذكراً يقع على الجميع فإنَّ واحده وإياه بمنزلة ما
كان على ثلاثة أحرف مما ذكرنا، كثرت عدة حروفه أو قلَّت.
وأما ما كان من بنات الأربعة لا زيادة فيه فإنه يكسر على مثال مفاعل،
وذلك قولك: ضفدعٌ وضفادعٌ، وحبرجٌ وحبارجُ، وخنجرٌ وخناجر، وجنجنٌ
وجناجن، وقمطرٌ وقماطر. فإن عنيت الأقل لم تجاوز ذا، لأنَّك لا تصل إلى
التاء لأنَّه مذكر، ولا إلى بناءٍ من أبنية أدنى العدد لأنَّهم لا
يحذفون حرفا من نفس الحرف، إذ كان من كلامهم أن لا يجاوزوا بناء الأكثر
وإن عنوا الأقل. فإن عنوا الأقل. فإن كان فيه حرفٌ رابعٌ حرف لين، وهو
حرف
(3/612)
المد، كسَّرته على مثال مفاعيل وذلك قولك:
قنديلٌ وقناديلُ، وخنذيذٌ وخناذيذ، وكرسوعٌ وكراسيعُ، وغربالٌ
وغرابيلُ.
واعلم أنَّ كلَّ شيء كان من بنات الثلاثة فلحقته الزيادة فبني بناء
بنات الأربعة وألحق ببنائها، فإنه يكسِّر على مثال مفاعل كما تكسر بنات
الأربعة، وذلك: جدولٌ وجداول، وعثيرٌ وعثاير، وكوكبٌ وكواكبٌ، وتولبٌ
وتوالبٌ، وسلَّم وسلالم، ودمَّل ودمامل، وجندبٌ وجنادبُ، وقرددٌ
وقرادد، وقد قالوا: قراريد كراهية التضعيف. وكذلك هذا النحو كلُّه.
وما لم يلحق ببنات الأربعة، وفيها زيادةٌ وليست بمدَّة فإنَّك إذا
كسَّرته كسَّرته على مثال مفاعل، وذلك: تنضبٌ وتناضب، وأجدل وأجادل،
وأخيل وأخايل.
وكل شيء مما ذكرنا كانت فيه هاء التأنيث يكسر على ما ذكرنا إلا أنك
تجمع بالتاء إذا أردت بناء ما يكون لأدنى العدد، وذلك قولك جمجمةٌ
وجماجم، وزردمةٌ وزرادم، ومكرمة ومكارم وعودقةٌ وعوادق وهو الكلوب الذي
يخرج به الدلو.
وكلُّ شيء من بنات الثلاثة قد ألحق ببنات الأربعة فصار رابعه حرف مد
فهو بمنزلة ما كان من بنات الأربعة له رابعٌ حرف مدٍّ، وذلك: قرطاطٌ
وقراطيطُ، وجرينالٌ وجرابيلُ، وقرواحٌ وقراويحُ. وكذلك ما كانت فيه
زيادة ليست بمدة وكان رابعه حرف مدٍّ ولم يبن بناء بنات الأربعة التي
رابعها حرف مد، وذلك نحو: كلُّوبٍ وكلاليب، ويربوعٍ ويرابيع.
(3/613)
وما كان من الأسماء على فاعلٍ أو فاعلٍ
فإنه يكسر على بناء فواعل، وذلك: تابلٌ وتوابلُ، وطابقٌ وطوابقُ،
وحاجرٌ وحواجر، وحائط وحوائط. وقد يكسرون الفاعل على فعلانٍ نحو: حاجرٍ
وحجرانٍ، وسالٍ وسلانٍ، وحائرٍ وحورانٍ، وقد قال بعضهم: حيرانٌ كما
قالوا: جانٌ وجنانٌ، وكما قال بعضهم: غائطٌ وغيطانُ وحائطٌ وحائطٌ
وحيطانٌ، قلبوها حيث صارت الواو بعد كسرة. فالأصل فعلانُ. وقد قالوا:
غالٌّ وغلاَّنٌ، وقالقٌ وفلقانٌُ، ومالٌّ ملّلان. ولا يمتنع شيء من ذا
من فواعل.
وأمَّا ما كان أصله صفة فأجرى الأسماء فقد يبنونه على فعلانٍ كما
يبنونها، وذلك: راكبٌ وركبانٌ، وصاحبٌ وصحبانٌ، وفارسٌ وفرسانٌ، وراعٍ
ورعيانٌ. وقد كسروه على فعالٍ، قالوا صحابٌ حيث أجروه مجرى فعيلٍ، نحو:
جريبٍ وجربانٍ. وسترى بيانه إن شاء الَّله لم أجري ذلك المجرى. فأدخلوا
الفعال ههنا كما أدخلوه ثمَّة حين قالوا: إفالٌ وفصالٌ، وذلك نحو
صحابٍ. ولا يكون فيه فواعل كما كان في تابلٍ وخاتمٍ وحاجرٍ؛ لأن أصله
صفة وله مؤنث، فيفصلون بينهما؛ إلا في فوارس
(3/614)
فإنَّهم قالوا: فوارس كما قالوا: حواجر
لأنَّ هذا اللفظ لا يقع في كلامهم إلَّا للرجال، وليس في أصل كلامهم أن
يكون إلا لهم. فلما لم يخافوا الالتباس قالوا فواعلُ، كما قالوا فعلانٌ
وكما قالوا: حوارثُ؛ حيث كان اسماً خاصاً كزيدٍ.
باب ما يجمع من المذكر بالتاء
لأنه يصير إلى تأنيث إذا جمع فمنه شيءٌ لم يكسر على بناء من أبنية
الجمع بالتاء إذ منع ذلك، وذلك قولهم: سرادقاتٌ، وحمَّاماتٌ، وإواناتٌ،
ومنه قولهم: جملٌ سبحلٌ وجمالٌ سبحلاتٌ، وربحلاتٌ، وجمالٌ سبطراتٌ.
وقالوا: جوالقٌ وجواليقُ فلم يقولوا: جوالقاتٌ حين قالوا: جواليقٌ.
والمؤنث الذي ليس فيه علامة التأنيث أجري هذا المجرى. ألا ترى أنك لا
تقول: فرسناتٌ حين قالوا فراسن، ولا خنصراتٌ حين قالوا: خناصرُ، ولا
محاجاتٌ حين قالوا: محالجُ ومحاليجٌ. وقالوا: عيراتٌ حين لم يكسروها
على بناء يكسَّر عليه مثلها.
وربَّما جمعوه بالتاء وهم يكسرونه على بناء الجمع لأنه يصير إلى بناء
التأنيث فشبهوه بالمؤنث الذي ليس فيه هاء التأنيث؛ وذلك قولهم: بواناتٌ
وبوانٌ للواحد وبونٌ للجميع، كما قالوا: عرساتٌ وأعراسٌ، فهذه حروفٌ
تحفظ ثم يجاء بالنظائر. وقد قال بعضهم في شمالٍ: شمالاتٌ
(3/615)
باب ما جاء بناء
جمعه على غير ما
يكون في مثله ولم يكسر هو على ذلك البناء
فمن ذلك قولهم: رهطٌ وأراهط، كأنَّهم كسروا أرهطٌ. ومن ذلك باطلٌ
وإبطيلُ لأنَّ ذا ليس بناء باطلٍ ونحوه إذا كسّرته، فكأنَّه كسّرت عليه
أباطيل وإبطالٌ. ومثل ذلك: كراعٌ وأكارع؛ لأن ذا ليس من أبنية فعالٍ
إذا كسر بزيادة أو بغير زيادة، فكأنه كسر عليه أكرعٌ. ومثل ذلك حديثٌ
وأحاديث، وعروضٌ وأعارض، وقطيعٌ وأقاطيعُ؛ لأن هذا لو كسرته إذ كانت
عَّدة حروفه أربعة أحرف بالزيادة التي فيها لكانت فعائل؛ ولم تكن لتدخل
زيادةٌ تكون في أوَّل الكلمة، كما أنَّك لا تكسِّر جدولاً ونحوه إلا
على ما تكَّسر عليه بنات الأربعة. فكذلك هذا إذا كسرته بالزيادة، لا
تدخل فيه زيادةٌ سوى زيادته، فيصير اسماً أوله ألف ورابعه حرف لين.
فهذه الحروف لم تكَّسر على ذا. ألا ترى أنك لو حقرتها لم تقل: أحيديثٌ
ولا أعيريضٌ ولا أكيريعٌ. فلو كان ذا أصلاً لجاز ذا التحقير وإنَّما
يجري التحقير على أصل الجمع إذا أردت ما جاوز ثلاثة أحرف مثل مفاعل
ومفاعيل.
ومثل: أراهط أهلٌ وأهالٍ، وليلةٌ وليالٍ: جمع أهلٍ وليلٍ. وقالوا:
لييليةٌ فجاءت على غير الأصل كما جاءت في الجمع كذلك.
وزعم أبو الخطاب أنهم يقولون: أرضٌ وآراضٌ أفعالٌ، كما قالوا: أهلٌ
وآهالٌ.
(3/616)
وقد قال بعض العرب: أمكنٌ، كأنه جمع مكنٍ
لا مكانٍ؛ لأنا لم نر فعيلاً ولا فعالاً ولا ِفعالاً ولا فُعالاً
يكسّرون مذكّراتٍ على أفعلٍ. ليس ذا لهنَّ طريقةً يجرين عليها في
الكلام.
ومثل ذلك: توأمٌ وتؤامٌ، كأنهم كسروا عليه تئمٌ، كما قالوا: ظئرٌ
وظؤارٌ، ورخلٌ ورخالٌ.
وقالوا: كروانٌ وللجميع كروانٌ، فإنما يكسر عليه كرىً، كما قالوا
إخوانٌ. وقد قالوا في مثلٍ: " أطرق كوا ومثل ذلك: حمارٌ وحميرٌ. ومثل
ذا: أصحابٌ وأطيارٌ، وفلوُّ وأفلاءُ.
باب ما عدة حروفه خمسةُ أحرف
خامسه ألف التأنيث أو ألفا التأنيث
أما ما كان فعالى فإنهَّ يجمع بالتاء. وذلك: حبارى وحبارياتٌ، وسمانى
وسمانياتٌ، ولبادى ولبادياتٌ. ولم يقولوا: حبائر ولا حبارى ولا حبار؛
ليفرقوا بينها وبين فعلاءً وفعالةٍ وأخواتها، وفعيلةٍ وفعالةٍ
وأخواتها.
وأمَّا ما كان آخره ألفا التأنيث وكان فاعلاء فإنه يكسَّر على فواعل
(3/617)
شبه بفاعلةٍ؛ لأنه علم تأنيث كما أن الهاء في فاعلة علم التأنيث. وذلك:
قاصعاء وقواصع، ونافقاء ونوافق، ودامَّاء ودوام. وسمعنا من يوثق به من
العرب يقول: سابياء وسوابٍ، وحانياء وحوانٍ وحاوياء وحوايا.
وقالوا: خنفساء: وخنافس، شبّهوا ذا بعنصلاء وهناصل، وقنبراء وقنابر. |