الكتاب لسيبويه

باب جمع الجمع
أما أبنية أدنى العدد فتكسّر منها أفعلة وأفعل على فاعل على أفاعل؛ لأنَّ أفعلاً بزنة أفعل، وأفعلةً بزنة أفعلة، كما أنَّ أفعالاً بزنة إفعال. وذلك نحو: أيدٍ وأيادٍ، وأوطبٍ وأواطب.
قال الأجز:
تُحْلَبُ منها ستَّة الأَواطِبِ
وأسقيةٌ وأساقٍ وأمَّا ما كان أفعالاً فإنه يكسر على أفاعيل؛ لأنَّ أفعالاً بمنزلة إفعالٍ، وذلك نحو: أنعامٍ وأناعيم، وأقوالٍ وأقاويل. وقد جمعوا أفعلةً بالتاء كما كسروها على أفاعل، شبهوها بأنملةٍ وأنامل وأنملات، وذلك قولهم: أعطيات، وأسقيات.
وقالوا: جمال وجمائل، فكسّروها عل فعائل لأنها بمنزلة شمالٍ

(3/618)


وشمائل في الزِّنة. وقد قالوا: جمالات فجمعةها يالاء كما قالواك رجالاتٌ، وقالوا: كلاباتٌ.
ومثل ذلك: بيوتاتٌ. عملوا بفعولٍ ما عملوا بفعالٍ.
ومثل ذلك: الحمرات والطُّرقات والجزرات، فجعلوا فعلا إذ كانت للجمع كفعالٍ الذي هو للجمع، كما جعلوا الجمال إذ كان مؤنثاً في جمع التاء نحو: جمالاتٍ بمنزلة ما ذكرنا من المؤنث نحو: أرضاتٍ وعيراتٍ وكذلك الطُّرق والبيوت.
واعلم أنه ليس كلُّ جمع يجمع، كما أنَّه ليس كلُّ مصدر يجمع، كالأشغال والعقول والحلوم والألبان: ألا تر ى أنك لا تجمع الفكر والعلم والنَّظر. كما أنَّهم لا يجمعون كل اسم يقع على الجميع نحو: التَّمر، وقالوا: التُّمرات. ولم يقولوا: أبرارٌ ويقولون: مصرانٌ ومصارين، كأبياتٍ وأبابيت وبيوتٍ وبيوتاتٍ.
ومن ذا الباب أيضاً قولهم: أسورةٌ وأساورةٌ. وقالوا: عوذٌ وعوذاتٌ، كما قالوا: جزراتٌ.
قال الشاعر:
لها بَحقيلٍ فالثُّميرة مَوْضِعٌ ... تَرَى الوحْشَ عُوذاتٍ به ومَتالِيَا

(3/619)


وقالوا: دوراتٌ كما قالوا: عوذاتٌ. وقالوا: حشانٌ وحشاشين، مثل مصرانٍ ومصارين، وقال:
تَرْعَى أناضٍ من جَزِيزِ الحَمْضِ
جمع الأنضاء، وهو جمع نضوٍ.

هذا باب
ما كان من الأعجمية على أربعة أحرف
وقد أعرب فكسرته على مثال مفاعل
زعم الخليل أنَّهم يلحقون جمعه الهاء إلا قليلا. وكذلك وجدوا أكثره فيما زعم الخليل. وذلك: مؤرخ وموازجةٌ، وصولجٌ وصوالجةٌ، وكربجٌ وكرابجةٌ، وطيلسانٌ وطيالسةٌ، وجوربٌ وجواربةٌ. وقد قالوا: جوارب وكيالج، جعلوها كالصَّوامع والكواكب. وقد أدخلوا الهاء أيضاً فقالوا كيالجةٌ. ونظيره في العربية صيقلٌ وصياقلةٌ، وصيرفٌ وصيارفةٌ، وقشعمٌ وقشاعمةٌ، فقد جاء إذا أعرب كملكٍ وملائكةٍ.

(3/620)


وقالوا: أناسيةٌ لجمع إنسانٍ. وكذلك إذا كسرت الاسم وأنت تريد آل فلانٍ، أو جماعة الحي أو بني فلان. وذلك قولك: المسامعة، والمناذرة، والمهالبة، والأحامرة، والأزارقة.
وقالوا: الدياسم، وهو ولد الذئب، والمعاول، كما قالوا: جوارب شبهوه بالكواكب حين أعرب. وجعلوا الدياسم بمنزلة الغيالم والواحد غيلمٌ. ومثل ذلك الأشاعر.
وقالوا: البرابرة والسيابجة، فاجتمع فيها الأعجمية وأنَّها من الإضافة، إنَّما يعني البرَّبرييَّن والسيبجييَّن، كما أردت بالمسامعة المسمعييِّن. فأهل الأرض كالحيّ.

باب ما لفظ به مما هو مثنى
كما لفظ بالجمع وهو أن يكون الشيئان كلُّ واحد منهما بعض شيء مفردٍ من صاحبه. وذلك قولك: ما أحسن رءوسهما، وأحسن عواليهما. وقال عز وجلَّ: " إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما "، " والسارق والسَّارقة فاقطعوا

(3/621)


أيديهما "، فرقوا بين المثَّنى الذي هو شيءٌ على حدةٍ وبين ذا وقال الخليل: نظيره قولك: فعلنا وأنتما اثنان، فتكلَّم به كما تكلَّم به وأنتم ثلاثة.
وقد قالت العرب في الشيئين الَّلذين كلُّ واحد منهما اسمٌ على حدة وليس واحدٌ منهما بعض شيء كما قالوا في ذا؛ لأَّن التثنية جمعٌ، فقالوا كما قالوا: فعلنا.
وزعم يونس أنهم يقولون: ضع رحالهما وغلمانهما، وإنمَّا هم اثنان.
قال الله عزَّ وجلَّ " وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب. إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان "، وقال: " كلا فاذهبا بآياتنا إناَّ معكم مستمعون ".
وزعم يونس أنهم يقولون: ضربت رأسيهما. وزعم أنهَّ سمع ذلك من رؤبة أيضاً، أجروه على القياس. قال هميان بن قحافة:
ظَهْراهما مثلُ ظُهورِ التُّرْسَيْنْ
وقال الفرزدق:
هما نفثا في فيَّ من فمويهما ... على النابح العاوِي أشدَّ رجَامِ

(3/622)


وقال أيضاً:
بما في فُؤَادَيْنَا من الشَّوق والهوى ... فيجبر منهاض الفؤاد المشَّعف
واعلم أنَّ من قال: أقاويل وأبابيب في أبياتٍ، وأنابيب في أنيابٍ، لا يقول: أقوالان ولا أبياتان.
قلت: فلم ذلك؟ قال: لأنكَّ لا تريد بقولك: هذه أنعامٌ وهذه أبياتٌ وهذه بيوتٌ ما تريد بقولك: هذا رجلٌ وأنت تريد هذا رجلٌ واحد، ولكنك تريد الجمع. وإنَّما قلت: أقاويل فبنيت هذا البناء حين أردت أن تكثَّر وتبالغ في ذلك، كما تقول: قطعه وكسره حين تكثِّر عمله. ولو قلت: قطعه جاز واكتفيت به. وكذلك تقول: بيوتٌ فتجزيء به.
وكذلك الحلم، والبسر، والتَّمر، إلا أن تقول: عقلان وبسران وتمران، أي ضربان مختلفان. وقالوا: إبلان؛ لأنه اسم لم يكسَّر عليه، وإنمَّا يريدون قطيعين، وذلك يعنون. وقالوا: لقاحان سوداوان جعلوهما بمنزلة ذا. وإنما تسمع ذا الضرب ثم تأتي بالعلة والنظائر. وذلك لأنهم يقولون

(3/623)


لقاحٌ واحدةٌ، كقولك: قطعةٌ واحدة. وهو في أبلٍ أقوى؛ لأنه لم يكسَّر عليه شيء.
وسألت الخليل عن ثلاثة كلابٍ فقال: يجوز في الشعر، شبهوه بثلاثة قرودٍ ونحوها، ويكون ثلاثة كلابٍ على غير وجه ثلاثة أكلبٍ، ولكن على قوله ثلاثةٌ من الكلاب، كأنَّك قلت: ثلاثة عبدي الله. وإن نونت قلت: ثلاثةٌ كلاب على معنى، كأَّنك قلت: ثلاثةٌ ثم قلت: كلابٌ. قال الراجز، لبعض السعديِّين:
كأنَّ خصييه من التدلدل ... ظرف عجوزٍ فيه ثِنْتَا حَنْظَلِ
وقال:
قد جَعَلتْ ميٌّ على الظِّرار ... خمس بنانٍ قانئ الأظفار

باب ما هو اسم يقع على الجميع
لم يكسر عليه واحده ولكنه بمنزلة قومٍ ونفرٍ وذودٍ، إلا أنَّ لفظه من لفظ واحده وذك قولك: ركبٌ وسفرٌ. فالرَّكب لم يكسر عليه راكبٌ. ألا ترى أنكَّ تقول في التحقير: ركيبٌ وسفيرٌ، فلو كان كسر عليه الواحد ردَّ إليه، فليس فعلٌ مما يكسَّر عليه الواحد للجميع.
ومثل ذلك: طائرٌ وطيرٌ، وصاحبٌ وصحبٌ.
وزعم الخليل أنَّ مثل ذلك الكمأة، وكذلك الجبأة، ولم يكسَّر عليه كمءٌ، تقول: كميئةٌ فإنما هي بمنزلة صحبةٍ وظؤرةٍ، وتقديرها ظعرةٌ، ولم

(3/624)


يكسر عليها واحد كما أنَّ السفَّر لم يكسَّر عليه المسافر، وكما أنَّ القوم لم يكسَّر عليه واحد. ومثل ذلك: أديمٌ وأدمٌ. والدليل على ذلك انكَّ تقول: هو الأدم وها أديمٌ. ونظيره أفيقٌ وأفقٌ، وعمودٌ وعمدٌ. وقال يونس: يقولون هو العمد.
ومثل ذلك: حلقةٌ وحلقٌ، وفلكةٌ وفلكٌ، فلو كانت كسرت على حلقةٍ كما كسروا ظلمةً على ظلمٍ لم يذكروه، فليس فعلٌ مما يكسر عليه فعلةٌ. ومثله فيما حدثنا أبو الخطاب نشفةٌ ونشفٌ، وهو الحجر الذي يتدلك به. ومثل ذلك: الجامل والباقر، لم يكسر عليهما جملٌ ولا بقرةٌ. والدليل عليه التذكير والتحقير، وأن فاعلاً لا يكسر عليه شيءٌ. فبهذا استدل على هذه الأشياء. وهذا النحو في كلامهم كثير.
ومثل ذلك في كلامهم: أخٌ وإخوةٌ، وسرىٌّ وسراةٌ. ويدلك على هذا قولهم: سرواتٌ، فلو كانت بمنزلة فسقةٍ أو قضاةٍ لم تجمع. ومع هذا أنَّ نظير فسقةٍ من بنات الياء والواو يجيء مضموماً.
وقد قالوا: فارهٌ وفرهةٌ، مثل صاحبٍ وصحبةٍ، كما أن راكبٌ وركبٌ بمنزلة صاحبٍ وصحبٍ.

(3/625)


ومثل ذلك: غائبٌ وغيبٌ، وخادمٌ وخدمٌ. فإنمَّا الخدم ههنا كالأدم.
ومثل هذا: إهابٌ وأهبٌ. ومثله ماعزٌ ومعزٌ، وضائنٌ وضأنٌ، وعازبٌ وعزيبٌ، وغازٍ وغزيٌّ. أجري مجرى القاطن والقطين. وكذلك التَّجر والشَّرب. قال امرؤ القيس:
سُرَيْتُ بهم حتَّى تكِلّ غَزِيُّهُمْ ... وحتًّى الجِيادُ ما يُقَدْنَ بأرسان

باب تكسير الصفة للجمع
وأما ما كان فعلاً فإنه يكسر على فعالٍ ولا يكسر على بناء أدنى العدد الذي هو لفعلٍ من الأسماء؛ لأنهَّ لا يضاف إليه ثلاثةٌ وأربعةٌ ونحوهما إلى العشرة، وإنمَّا يوصف بهن، فأجرين غير مجرى الأسماء. وذلك: صعبٌ وصعابٌ، وعبلٌ وعبالٌ، وفسلٌ وفسالٌ، وخدلٌ وخدالٌ. وقد كسروا بعضه على فعولٍ. وذلك نحو: كهلٍ وكهولٍ.
وسمعنا من العرب من يقول: فسلٌ وفسولٌ، فكسروه على فعول كما كسَّروه عليه إذ كان اسماً، وكما شركت فعالٌ فعولاً في الاسم.

(3/626)


واعلم أنهَّ ليس شيء من هذا إذا كان للآدميين يمتنع من أن تجمعه بالواو والنون. وذلك قولك: صعبون وخدلون. وقال الراجز:
قالت سليمى لا أحبُّ الجعدين ... ولا السبَّاط إنّهم مَناتِيْن
وجميع هذا إذا لحقته الهاء لتأنيث كسر على فعالٍ، وذلك: عبلةٌ وعبالٌ، وكمشةٌ وكماشٌ، وجعدةٌ وجعادٌ. وليس شيءٌ من هذا يمتنع من التاء، غير أنكَّ لا تحرك الحرف الأوسط لأنهّ صفة.
وقالوا. شياهٌ لجباتٌ، فحركوا الحرف الأوسط؛ لأن من العرب من يقول: شاةٌ لجبةٌ، فإنمَّا جاءوا بالجمع على هذا واتفقوا عليه في الجمع.
وأما ربعةٌ فإنهم يقولون: رجالٌ ربعاتٌ ونسوةٌ ربعاتٌ، وذلك لأنَّ أصل ربعةٍ اسم مؤنَّث وقع على المذكر والمؤنث، فوصفا به، ووصف المذكر بهذا الاسم المؤنّث كما يوصف المذكرون بخمسة حين يقولون: رجالٌ خمسةٌ وخمسةٌ اسم مؤنث وصف به المذكر.
وقد كسروا فعلاً على فعلٍ فقالوا: رجلٌ كثٌّ، وقومٌ كثٌّ، وقالوا: ثطٌّ وثطٌّ، وجونٌ وجونٌ. وقالوا: سهمٌ حشرٌ، وأسهمٌ حشرٌ.

(3/627)


وسمعنا من العرب من يقول: قومٌ صدق اللقاء؛ والواحد صدق اللقٍّاء. وقالوا: فرسٌ وردٌ، وخيلٌ وردٌ. وقد كسروا ما استعمل منه استعمال الأسماء على أفعلٍ، وذلك: عبدٌ وأعبدٌ. وقالوا: عبيدٌ وعبادٌ كما قالوا: كليبٌ وكلابٌ وأكلبٌ.
والشيخ نحو من ذلك، قالوا: أشياخٌ كما قالوا: أبياتٌ، وقالوا: شيخانٌ وشيخةٌ. ومثله: ضيفٌ وضيفانٌ، مثل: رألٍ ورئلانٍ. وقالوا: ضيفٌ وضيوفٌ، وقالوا: وغدٌ ووغدانٌ، كما فالوا ظهورٌ ظهرانٌ، وقالوا: وغدانٌ فشبهُّ بعبدٍ وعبدانٍ. ومع ذا إنهم ربما كسروا الصفة كما يكسرون الأسماء، وسترى ذلك إن شاء الله.
وأما ما كان فعلاً فإنهم يكسرونه على فعالٍ، كما كسّروا والفعل، واتفقا عليه كما أنهما متفقان عليه في الأسماء. وذلك قولك: حسن وحسانٌ، وسبطرٌ وسباطٌ، وقططٌ وقطاطٌ.
وربمَّا كسروه على أفعالٍ؛ لأنهَّ ممَّا يكسَّر عليه فعلٌ، فاستغنوا به عن فعالٍ. وذلك قولهم: بطلٌ وأبطالٌ، وعزبٌ وأعزابٌ، وبرمٌ وأبرامٌ.
وأمَّا ما جاء على فعل الذي جمعه فعالٌ فإذا لحقته الهاء للتأنيث كسر على فعالٍ كما فعل ذلك بفعلٍ. وليس شيءٌ من هذا للآدميين يمتنع من الواو والنون، وذلك قولك: حسنون وعزبون.
وأما ما كان من فعلٍ على أفعالٍ فإنَّ مؤنثه إذا لحقته الهاء جمع بالتاء

(3/628)


نحو بطلةٍ وبطلاتٍ، من قبل أن مذكره لا يجمع على فعالٍ فيكسَّر هو عليه، ولا يجمع على أفعالٍ لأنه ليس مما يكسر عليه فعلةٌ، كما لا يجمع مؤنَّث فعلٍ على أفعلٍ.
وقالوا: رجلٌ صنعٌ وقومٌ صنعون، ورجلٌ رجلٌ وقومٌ رجلون - والرجل هو الرجل الشعر - ولم يكسروهما على شيء، استغني بذلك عن تكسيرهما. وإنَّما منع فعلٌ أن يطرد اطِّراد فعلٍ أنه أقل في الكلام من فعلٍ صفةً. كما كان أقل منه في الأسماء. وهو في الصفة أيضاً قليل.
وأما الفعل فهو في الصفات قليل، وهو قولك: جنبٌ. فمن جمع من العرب قال: أجنابٌ، كماقالوا: أبطالٌ، فوافق فعلٌ فعلاً في هذا كما وافقه في الأسماء. وإن شئت قلت: جنبون كما قالوا صنعون. وقالوا: رجلٌ شللٌ، وهو الخفيف في الحاجة، فلا يجاوزون شللون.
وأما ما كان فعلاً فإنهَّم قد كسروه على أفعالٍ، فجعلوه بدلاً من فعولٍ وفعالٍ، إذ كان أفعالٌ ما يكسَّر عليه الفعل، وهو في القلة بمنزلة فعلٍ أو أقل. وذلك قولك: جلفٌ وأجلافٌ، ونضوٌ وأنضاءٌ، ونقضٌ وأنقاضٌ. ومؤنثه إذا لحقته الهاء بمنزلة مؤنَّث ما كسر على أفعالٍ من باب فعلٍ. وقد قال بعض العرب: أجلفٌ كما قالوا: أذؤبٌ، حيث كسروه على أفعل، كما كسّروا الأسماء.
وقالوا: أرجلٌ صنعٌ وقومٌ صنعون، ولم يجاوزوا ذلك. وليس شيء مما ذكرنا يمتنع من الواو والنون إذا عنيت الآدميين. وقالوا: جلفون

(3/629)


ونضوون. وقالوا: علجٌ وعلجةٌ، فجعلوها كالأسماء، كما كان العلج كالأسماء حين قالوا: أعلاجٌ.
ومثله في القلة فعلٌ يقولون: رجلٌ حلوٌ وقومٌ حلوون. ومؤنَّثه يجمع بالتاء. وقالوا: مرٌّ وأمرارٌ، كما قالوا: جلفٌ وأجلافٌ؛ لأن فعلا وفعلا شريكان في أفعالٍ، ومؤنثه كمؤنث فعل.
ويقولون: رجلٌ جدٌّ للعظيم الجدِّ، فلا يجمعونه إلا بالواو والنون كما لم يجمعوا صنعٌ إلا كذلك، يقولون: جدون. وصار فعلٌ أقل من فعلٍ في الصفات إذ كان أقلّ منه في السماء.
وأما ما كان فعلاً فإنه لم يكسِّر على ما كسر عليه اسماً، لقلته في الأسماء، ولأنه لم يتمكَّن في الأسماء للتكسير والكثرة والجمع كفعلٍ، فلما كان كذلك وسهلت فيه الواو والنون تركوا التكسير وجمعوه بالواو والنون. وذلك: حذرون وعجلون، ويقظون وندسون فألزموه هذا إذ كان فعلٌ وهو أكثر منه قد منع بعضه التكسير، نحو: صنعون ورجلون، ولم يكسروا هذا على بناء أدنى العدد كما لم يكسروا الفعل عليه. وإنما صارت الصفة أيعد من الفعول والفعال؛ لأن الواو والنون يقدر عليهما في الصفة ولا يقدر عليهم في الأسماء؛ لأن الأسماء أشد تمكناً في التكسير. وقد كسروا أحرفا

(3/630)


منه على أفعالٍ كما كسروا فعلاً وفعلاً. قالوا: نجدٌ وأنجادٌ، ويقظٌ وأيقاظٌ.
وفعلٌ بهذه المنزلة وعلى هذا التفسير، وذلك قولهم: قومٌ فزعون وقومٌ فرقون وقومٌ وجلون. وقالوا: نكدٌ وأنكادٌ، كما قالوا: أبطالٌ وأجلافٌ وأنجادٌ، فشبَّهوا هذا بالأسماء لأنّه بزنتها وعلى بنائها.

باب تكسيرك ما كان من الصفات
عدد حروفه أربعة أحرف
أما ما كان فاعلاً فإنك تكسره على فعَّلٍ. وذلك قولك: شاهدٌ المصر وقومٌ شَّهدٌ، وبازلٌ وبزَّلٌ، وشاردٌ وشرَّدٌ، وسابقٌ وسبَّقٌ، وقارحٌ وقرّحٌ.
ومثله من بنات الياء والواو التي هي عيناتٌ: صائمٌ وصوَّمٌ، ونائمٌ ونوّمٌ وغائبٌ وغيّبٌ، وحائضٌ وحيّضٌ.
ومثله من الياء والواو التي هي لا مات: غزى وعفى.
ويكسرونه أيضاً على فعَّالٍ وذلك قولك: شهادٌ، وجهَّالٌ، وركَّابٌ، وعرَّاضٌ، وزوارٌ، وغيّابٌ. وهذا النحو كثير.
ويكسرونه على فعلةٍ وذلك نحو: فسقةٌ، وبررةٌ، وجهلةٌ، وظلمةٌ، وفجرةٌ، وكذبةٌ. وهذا كثير. ومثله خونةٌ وحوكةٌ وباعةٌ. ونظيره من بنات الياء والواو التي هي لام يجيء على فعلةٍ، نحو غزاةٍ وقضاةٍ ورماةٍ. وقد جاء شيء كثير منه على فعلٍ شبهوه بفعولٍ حيث حذفت زيادته وكسر على

(3/631)


فعلٍ لأنه مثله في الزيادة والزنة وعدة الحروف وذلك: بازلٌ وبزلٌ، وشارفٌ وشرفٌ، وعائذٌ وعوذٌ، وحائلٌ وحولٌ، وعائطٌ وعيطٌ.
وقد يكسر على فعلاء، شبه بفعيلٍ من الصفات، كما شبه في فعلٍ بفعول، وذلك: شاعرٌ وشعراء، وجاهلٌ وجهلاء، وعالمٌ وعلماء، يقولها من لا يقول إلا عالمٌ.
وليس من هذا شيء إذا كان لآدميين يمتنع من الواو والنون؛ وذلك فاسقون وجاهلون وعاقلون.
وليس فعلٌ وفعلاءٌ بالقياس المتمكن في ذا الباب. ومثل شاعرٍ وشعراء صالحٌ وصلحاء.
وجاء على فعالٍ كما جاء فيما ضارع الاسم حين أجري مجرى فعيلٍ هو والاسم حين قالوا فعلانٌ. وقد يجرون الاسم مجرى الصفة والصفة مجرى الاسم، والصفة إلى الصفة أقرب. وذلك قولهم: جياعٌ ونيامٌ.
وقالوا: فعلانٌ في الصفة كما قالوا في الصفة التي ضارعت الاسم، وهي إليه أقرب من الصفة إلى الاسم، وذلك: راعٍ ورعيانٌ، وشابٌّ وشبّانٌ.
وإذا لحقت الهاء فاعلاً للتأنيث كسر على فواعل وذلك قولك: ضاربةٌ

(3/632)


وضوارب وقواتل وخوارج. وكذلك إن كان صفة للمؤنث ولم تكن فيه هاء التأنيث، وذلك: حواسر وحوائض.
ويكسرونه على فعَّلٍ نحو: حيَّضٍ، وحسَّرٍ، ومخَّضٍ، ونائمةٍ ونوٍَّم، وزائرةٍ وزوّرٍ.
ولا يمتنع شيء فيه الهاء من هذه الصفات من التاء وذلك قولك ضارباتٌ وخارجاتٌ.
وإن كان فاعلٌ لغير الآدميين كسر على فواعل وإن كان المذكّر أيضاً؛ أنه لا يجوز فيه ما جاز في الآدميين: وذلك قولك: جمالٌ بوازل، وجمالٌ عواضه. وقد اضطر فقال في الرجال، وهو الفرزدق:
وإذا الرَّجال رَأَوْا يَزيدَ رأيتَهم ... خُضُعَ الرِّقاب نَوَاكِسَ الأبصار
لأمك تقول: هي الرِّجال، كما تقول: هي الجمال، فشبهّ بالجمال.

(3/633)


فأما ما كان فعلا فنحو فقهاء وبخلاء وظرفاء وحلماء وكلماء وأما ما كان فعلاً فإنه يكسَّر على فعلاء وعلى فعالٍ.
فأمَّا ما كان فعلاء، فنحو: ظريفٍ وظراف، وكريم وكرامٍ، ولثامٍ، وبراءٍ.
وفعالٌ بمنزلة فعيلٍ، لأَّنهما أختان. ألا ترى أنك تقول: طويلٌ وطوالٌ، وبعيدٌ وبعادٌ. وسمعناهم يقولون: شجيعٌ وشجاعٌ، وخفيفٌ وخفافٌ. وتدخل في مؤنَّث فعالٍ الهاء كما تدخلها في مؤنّث فعيل. وقالوا: رجلٌ شجاعٌ وقم شجعاء، وجلٌ بعادٌ وقمٌ بعداء، وطوالٌ وطوالٌ.
فأما ما كان من هذا مضاعفا فإن يكسر على فعالٍ كما كسر غير المضاعف وذلك شديد وشداد وحديد وحداء ونظير فعلا فيه أفعلاء وذلك شديد وشداد ولبيبٌ وألباء وشحيحٌ وأشحاء وإنما دعاهم إلى ذلك إذا كانت مما يكسر يكسرون المضاعف على أفعلة نحو أشحة كما كسروه على أفعلاء. وإنمَّا هذان البناءان للأسماء، يعني أفعلةً وأفعلاء. وكما جاز أفعلاءٍ جاز أفعلةٌ، وهي بعد بمنزلتها في البناء، وفي أنَّ آخره حرف تأنيث كما أن آخر هذا حرف تأنيث، نحو: أشحَّة.
وأمَّا ما كان من بنات الياء والواو فإنَّ نظير فعلاء فيه أفعلاء، وذلك نحو: أغنياء، وأشقياء، وأغوياء، وأكرياء، وأصفياء. وذلك أنهَّم يكرهون تحريك هذه الواوات والياءات وقبلها حرف مفتوح فلمَّا كان

(3/634)


ذلك ممَّا يكرهون ووجدوا عنه مندوحةً فروا إليها كما فروا إليها في المضاعف.
ولا نعلمهم كسروا شيئاً من هذا على فعالٍ، استغنوا بهذا وبالجمع بالواو والنون. وإنما فعلوا ذلك أيضاً لأنه من بنات الياء والواو أقل منه مما ذكرنا قبله من غير بنات الياء والواو.
وأما ما كان من بنات الياء والواو التي الياء والواو فهن عينات فإنه لم يكسر على فعلاء ولا أفعلاء، واستغني عنهما بفعالٍ؛ لأنهَّ أقلَّ مما ذكرنا وذلك: طويلٌ وطوالٌ، وقويمٌ وقوامٌ.
واعلم أنه ليس شيء من ذا يكون للآدميين يمتنع من الواو والنون، وذلك قولهم: ظريفون، وطويلون، ولبيبون، وحكيمون. وقد كسّر شيء منه على فعلٍ شبه بالأسماء لأن البناء واحد، وهو نذيرٌ ونذرٌ، وجديدٌ وجددٌ، وسديسٌ. وسدسٌ ومثل ذلك من بنات الياء ثنيٌّ وثنٍ.
ومثل ذلك: شجعانٌ شبهوه بجربانٍ. ومثله: ثنيٌّ وثنيانٌ.
وقالوا: خصيٌّ وخصيانٌ، شبهوه بظلمنٍ، كما قالوا: حلقانٌ وجذعانٌ شبّهوه بحملانٍ، إذ كان البناء واحداً.
وقد كسروا منه شيئاً على أفعالٍ كما كسروا عليه فاعلاً، نحو: شاهدٍ

(3/635)


وصاحبٍ، فدخل هذا على بنات الثلاثة كما دخل هذا؛ لأنَّ العدَّة والزَّنة والزيادة واحدة. وذلك قولهم: يتيمٌ وأيتامٌ، وشريفٌ وأشرافٌ. وزعم أبو الخطّاب أنهَّم يقولون: أبيلٌ وآباٌ، وعدوٌّ وأعداءٌ، شَّبه بهذا لأنَّ فعيلاً يشبهه فعولٌ في كل شيء، إلا أن زيادة فعولٍ الواو.
وقالوا: صديقٌ وصدقٌ وأصدقاء، كما قالوا: جديدٌ وجددٌ، ونذيرٌ ونذرٌ. ومثله فصحٌ حيث استعمل كما تستعمل الأسماء.
وإذا لحقت الهاء فعيلاً للتأنيث فإنَّ المؤنث يوافق المذكر على فعالٍ، وذلك: صبيحةٌ وصباحٌ، وظريفةٌ وظرافٌ. وقد كسّر على فعائل كما كسرت عليه الأسماء، وهو نظير أفعلاء وفعلاء ههنا، وذلك: صبائح، وصحائح، وطبائب. وقد يدعون فعائل استغناءً بغيرها، كما أنهم قد يدعون فعلاء استغناءً بغيرها، نحو قولهم: صغيرٌ وصغارٌ ولا يقولون: صغراء، وسمينٌ وسمانٌ. ولا يقولون: سمناء، كما أنهم قد يقولون: سريٌّ ولا يقولون أسرياء، وقالوا: خليفةٌ خلائف فجاءوا بها على الأصل وقالوا خلفاء من أجل أنه لا يقع إلا على مذكر فحملوا عليه المعنى وصاروا كأنهم جمعوا خليفٌ حيث علموا أنّ الهاء لا تثبت في التكسير.
واعلم أنه ليس شيء من هذا يمتنع من أن يجمع بالتاء.
وزعم الخليل أن قولهم: ظريفٌ وظروفٌ لم يكسر على ظريفٍ، كما أن المذاكير لم تكسر على ذكر.
وقال أبو عمر: أقول في ظروفٍ هو جمع ظريفٍ، كسر على غير بنائه

(3/636)


وليس مثل مذاكير. والدليل على أن ذلك أنك إذا صغَّرت قلت: ظريِّفون، ولا تقول ذلك في مذاكير.
وأما ما كان فعولاً فإنهَّ يكسَّر على فعلٍ عنيت جميع المؤنث أو جميع المذكر وذلك قولك: صبورٌ وصبرٌ، وغدورٌ وغدرٌ.
وأما ما كان منه وصفاً للمؤنث فإنهَّم يجمعونه على فعائل كما جمعوا عليه فعيلةً؛ لأنه مؤنث، وذلك: عجوزٌ وعجائز، وقالوا: عجزٌ كما قالوا صبرٌ، وجدودٌ وجدائد، وصعودٌ وصعائد. وقالوا للوالة: عجولٌ وعجلٌ، كما قالوا: عجوزٌ وعجزٌ، وسلوبٌ وسلبٌ، وسلائب كما قالوا عجائز، وكما كسروا الأسماء. وذلك: قدومٌ وقدائمٌ وقدمٌ، وقلوصٌ وقلائص وقلصٌ. وقد يستغنى ببعض هذا عن بعض، وذلك قولك: صعائد ولا يقال: صعدٌ، ويقال: عجلٌ ولا يقال: عجائل. وليس شيء من هذا وإن عنيت به الآدميين يجمع بالواو والنون، كما أنَّ مؤنثَّه لا يجمع بالتاء؛ لأنه ليس فيه علامة التأنيث لأنه مذكر الأصل. ومثل هذا مريٌّ وصفيٌّ قالوا: مرايا وصفايا.

(3/637)


والمريُّ: التي يمريها الرجل يستدرُّها للحلب. وذلك لأنهم يستعملونه كما تستعمل الأسماء.
وقالوا للذَّكر: جزورٌ وجزائر، لما لم يكن من الآدميين صار في الجمع كالمؤنث، وشبهوه بالذنوب والذنائب، كما كسروا الحائط على الحوائط.
وقالوا: رجلٌ ودودٌ ورجالٌ ودداء، شبهوه بفعيلٍ؛ لأنه مثله في الزيادة والزنة، ولم يتقَّوا التضعيف لأن هذا اللفظ في كلامهم نحو: خششاء.
وقالوا: عدوٌّ وعدوةٌ، شبهوه بصديقٍ وصديقةٍ، كما وافقه حيث قالوا للجميع: عدوٌّ وصديقٌ، فأجري مجرى ضده.
وقد أجري شيء من فعيلٍ مستويا في المذكر والمؤنث، شبه بفعولٍ، وذلك قولك: جديدٌ، وسديسٌ، وكتيبةٌ خصيفٌ، وريحٌ خريقٌ وقالوا: مديةٌ هذامٌ، ومديةٌ جرازٌ جعلوا فعالاً بمنزلة أختها فعيل. ٍ وقالوا: فلوٌّ فلوّةٌ لأنها اسم، فصارت كفعيل وفعيلةٍ.
وقالوا: امرأٌة فروقةٌ وملولةٌ جاءوا به على التأنيث كما قالوا: حمولةٌ. ألا ترى أنه في المذكر والمؤنث والجمع فهي لا تغيرَّ كما لا تغيرَّ حمولةٌ فكما كانت حمولةٌ كالطَّريد كان هذا كربعةٍ.

(3/638)


وأمّا فعالٌ بمنزلة فعول. وذلك قولك: صناعٌ وصنعٌ كما قالوا: جمادٌ وجمدٌ وكما قالوا: صبورٌ وصبرٌ. ومثله من بنات الياء والواو التي الواو عينها: نوارٌ ونورٌ، وجوادٌ وجودٌ، وعوانٌ وعونٌ فأمر فعال كأمر فعولٍ. ألا ترى انَّ الهاء لا تدخل في مؤنثه كما لا تدخل في مؤنث فعولٍ.
وتقول: رجلٌ جبانٌ وقومٌ جبناء، شبهوه بفعيلٍ؛ لأنه مثله في الصفة والزنة والزيادة.
وأما فعالٌ فبمنزلة فعالٍ. ألا ترى أنك تقول: ناقةٌ كناز اللحم، وتقول للجمل العظيم: جملٌ كنازٌ ويقولون كنزٌ. وقالوا: رجلٌ لكاك اللحم، وسمعنا العرب يقولون للعظيم كنازٌ. فإذا جمعت قلت: كنزٌ ولكك. ومثله جملٌ دلاثٌ وناقةٌ دلاثٌ ودلتٌ للجميع.
وزعم الخليل أن قولهم: هجانٌ للجماعة بمنزلة ظراف، وكسروا عليه فعالاً فوافق فعيلاً ههنا كما يوافقه في الأسماء.
وزعم أبو الخطاب أنهم يجعلون الشمال جميعاً، فهذا نظيره. وقالوا: شمائل كما قالوا: هجائن. وقالوا: درعٌ دلاصٌ وأدرعٌ دلاصٌ، كأنه كجوادٍ وجيادٍ. وقالوا: دلصٌ كقولهم: هجنٌ.
ويدلك على أن دلاصاً وهجاناً جمع لدلاصٍ وهجانٍ، وأنه كجوادٍ

(3/639)


وجياد وليس كجنب، قولهم: هجانات ودلاصان. فالتثنية دليل في هذا النحو. وأما ما كان مفعالاً فإنه يكسر على مثال مفاعيل كالأسماء، وذلك لأنه شبه بفعولٍ حيث كان المذكر والمؤنث فيه سواءً. وفعل ذلك به كما كسر فعولٌ على فعلٍ، فوافق الأسماء. ولا يجمع هذا بالواو والنون كما لا يجمع فعولٌ. وذلك قولك: مكثارٌ ومكاثير، ومهذارٌ ومهاذير، ومقلاتٌ ومقاليت.
وما كان مفعلاً فهو بمنزلته؛ لأنه للمذكر والمؤنث سواءٌ.
وكذلك مفعيلٌ لأنه لمذكّر والمؤنث سواءٌ.
وأما مفعلٌ فنحو: مدعسٍ ومقولٍ، تقول: مداعس ومقاول.
وكذلك المرأة.
وأما مفعيلٌ فنحو: محضيرٍ ومحاضير ومئشيرٍ ومآشير. وقالوا: مسكينةٌ شبّتهت بفقيرةٍ، حيث لم يكن في معنى الإكثار، فصار بمنزلة فقيرٍ وفقيرةٍ. فإن شئت قلت: مسكينون كما تقول فقيرون. وقالوا مساكين كما قالوا: مآشير وقالوا أيضاً: امرأةٌ مسكينةٌ فقاسوه على امرأة جبانٍ، وهي رسولٌ لأن مفعيلاً من هذا النحو الذي يجمع هكذا.
وأما ما كان فعالاً فإنه لا يكسر لأنه تدخله الواو والنون فيستغنى بهما

(3/640)


ويجمع مؤنثه بالتاء لأن الهاء تدخله، ولم يفعل به ما فعل بفعيلةٍ، ولا بالمذكر ما فعل بفعيلٍ. وكذلك فعالٌ.
فأما الفعال فنحو شرَّابٍ وقتالٍ.
وأما الفعال فنحو: الحسان والكرّام يقولون: شرَّابون وقتالون، وحسّانون وكرّامون. وكرهوا أن يجعلوه كالأسماء حيث وجدوا مندوحة.
وقد قالوا: عوارٌ وعواوير، شّبهوه بمنفّاز ونقاقيز. وذلك أنهم قلمَّا يصفون به المؤنث، فصار بمنزلة مفعالٍ ومفعيل، ولم يصر بمنزلة فعَّالٍ، وكذلك مفعولٌ.
وأما الفعِّيل فنحو: الشِّريِّب والفسِّيق تقول: شرِّيبون وفسيِّقون. والمفعول نحو مضروبٍ، تقول: مضروبون. غير أنهم قد قالوا: مكسورٌ ومكاسير، وملعونٌ وملاعين، ومشئومٌ ومشائيم، ومسلوخةٌ ومساليخ، شبهوها بما يكون من الأسماء على هذا الوزن، كما فعل ذلك ببعض ما ذكرنا.
فأما مجرى الكلام الأكثر فأن يجمع بالواو والنون، والمؤنث بالتاء.
وكذلك مفعلٌ ومفعلٌ إلاَّ إنهَّم قد قالوا: منكرٌ ومناكير، ومفطرٌ ومفاطير، وموسرٌ ومياسير.
وفعلٌ بمنزلة فعالٍ، وذلك نحو: زملٍ وجبأ يجمع فعلٌ بالواو والنون،

(3/641)


وفعَّيل كذلك، وهو زمَّيل. وكذلك أشباه هذا تجمع بالواو والنون مذكرةً، وبالتاء مؤنثةً.
وأما مفعلٌ الذي يكون للمؤنث ولا تدخله الهاء فإنهَّ يكسر. وذلك مطفلٌ ومطافل، ومشدنٌ ومشادن. وقد قالوا على غير القياس: مشادين ومطافيل، شبهوه في التكسير بالمصعود والمسلوب، فلم يجز فيها إلا ما جاز في الأسماء إذ لم يجمعا بالتاء.
وأما فيعلٌ فبمنزلة فعّالٍ، نحو: قيِّمٍ وسيِّدٍ وبيِّع، يقولون للمذكر بيعون وللمؤنث بيعاتٌ، إلا أنهم قالوا: ميِّتٌ وأمواتٌ، شبهوا فيعلاً بفاعلٍ حين قالوا: شاهدٌ وأشهادٌ. ومثل ذلك قيلٌ وأقيالٌ، وكيسٌ وأكياسٌ، فلو لم يكن الأصل فيعلاً لما جمعوه بالواو وانون فقالوا: قيلون وكيسون ولينون وميتون، لأنه ما كان من فعلٍ فالتكسير فيه أكثر، وما كان من فيعلٍ فالواو والنون فيه أكثر. ألا ترى أنَّهم يقولون: صعبٌ وصعابٌ، وخدلٌ وخدالٌ، وفسلٌ وفسالٌ، وقالوا: هينٌ وهينون، ولينٌ ولينون؛ لأن أصله فيعلٌ ولكنه خفف وحذف منه فلو كان قيل وكيس فعلا لم يكن أصلاً فعيلاً كان التكسير أغلب.
وقد قالوا: ميِّتٌ وأمواتٌ، فشبهوه بذلك. ويقولون للمؤنث أيضاً أمواتٌ، فيوافق المذكر كما وافقه في بعض ما مضى. وستراه أيضاً موافقاً له، كأنهَّ كسَّر ميتٌ.
ومثل ذلك: امرأةٌ حيَّةٌ وأحياءٌ، ونضوةٌ وأنضاءٌ، ونقضةٌ وأنقاضٌ؛ كأنك كسرت نقضاً، لأنَّك إذا كسرت فكأنَّ الحرف لا هاء فيه.

(3/642)


وقالوا: هيِّنٌ وأهوناء، فكسروه على أفعلاء كما كسروا فاعلاً على فعلاء ولم يقولوا: هوناء، كراهية الضمة مع الواو فقالوا ذا، كما قالوا: أغنياء حين فروا من غنياء.
وكنضوةٍ نسوةٌ ونسوانٌ؛ كأن الهاء لم تكن في الكلام كأنه كسر نسوٌ. وقالوا: طيِّبٌ وطيابٌ، وجيِّدٌ وجيادٌ، كما قالوا: جياعٌ وتجارٌ. وقالوا: بينَّ وأبيناء، كهيِّن وأهوناء.
وأمّا ما ألحق من بنات الثلاثة بالأربعة فإنهَّ يكسر كما كسر بنات الأربعة وذلك: قسورٌ وقساور، وتوأمٌ وتوائم، أجروه مجرى قشاعم وأجارب. ومثل ذلك: غيلمٌ وغاليم، شبهوه بسملق وسمالق. ولا يمتنع هذا أن تقول فيه إذا عنيت الآدميين قسورون وتوأمون؛ كما أن مؤنثه تدخله الهاء ويجمع بالتاء.
وقد جاء شيء من فيعل في المذكر والمؤنث سواء، قال الله جلَّ وعزَّ: " وأحيينا به بلدة ميتا "، وناقة ريِّض. قال الراعي:
وكأنّ رَيِّضَها إذا ياسَرْتَها ... كانتْ معوَّدة الرّحِيلِ ذلولا

(3/643)


جعلوه بمنزلة سديسٍ وجديدٍ. والناقة الَّريِّض: الصَّعبة.
وأما أفعل إذا كان صفة فإنه يكسر على فعلٍ كما كسروا فعولاً على فعلٍ؛ لأن أفعل من الثلاثة وفيه زائدة، كما أن فعولاً فيه زائدة وعدَّة حروفه كعدة حروف فعول، إلا أنهم لا يثقلون في أفعل في الجمع العين إلا أن يضطر شاعر، وذلك: أحمر وحمرٌ، وأخضر وخضرٌ، وأبيض وبيضٌ، وأسود وسودٌ. وهو مما بكسّر على فعلانٍ؛ وذلك: حمرانٌ وسودانٌ وبيضانٌ، وشمطانٌ وأدمانٌ.
والمؤنث من هذا يجمع على فعلٍ، وذلك: حمراء وحمرٌ، وصفراء وصفرٌ.
وأما الأصغر والأكبر فإنه يكسر على أفاعل. ألا ترى أنكَّ لا تصف به كما تصف بأحمر ونحوه، لا تقول: رجلٌ أصغر ولا رجلٌ أكبر. سمعنا العرب تقول الأصاغرة كما تقول: القشاعمة وصيارفةٌ، حيث خرج على هذا المثال، فلمَّا لم يتمكَّن هذا في الصفة كتمكن أحمر أجري مجرى أجدلٍ وأفكلٍ، كما قالوا: الأباطح والأساود حيث استعمل استعمال الأسماء. وإن شئت قلت الأصفرون واللأكبرون فاجتمع الواو والنون والتكسير ههنا كما اجتمع الفعل والفعلان.
وقالوا: الآخرون ولم يقولوا غيره، كراهية أن يلتبس بجماع آخر،

(3/644)


ولأنهّ خالف أخواته في الصفة فلم تمكَّن تمكنَّها كما لم تصرف في النكرة. ونظير الأصغرين قوله تعالى: " بالأخسرين أعمالا ".
وأما فعلان إذا كان صفة وكانت له فعلى فإنه يكسر على فعالٍ بحذف الزيادة التي في آخره، كما حذفت ألف إناثٍ وألف ربابٍ. وذلك: عجلان وعجالٌ، وعطشان وعطاشٌ، وغرثان وغراثٌ. وكذلك مؤنثه وافقه كما وافق فعيلةٌ في فعالٍ. وقد كسَّر على فعالى، وفعالٌ فيه أكثر من فعالى؛ وذك: سكران وسكارى، وحيران وحيارى، وخزيان وخزايا، وغيران وغيارى.
وكذلك المؤنث أيضاً، شبهوا فعلان بقولهم: صحراء وصحارى. وفعلى وفعلى جعلوها كذفرى وذفارى، وحبلى وحبالى. وقد يكسِّرون بعض هذا على فعالى وذلك قول بعضهم: سكارى وعجالى. ومنهم من يقول: عجالى.
ولا يجمع بالواو والنون فعلان كما لا يجمع أفعل، وذلك لأن مؤنثَّه لم تجيء فيه الهاء على بنائه فيجمع بالتاء، فصار بمنزلة مالا مؤنّث فه، نحو فعولٍ.
ولا يجمع مؤنثه بالتاء كما لا يجمع مذكره بالواو والنون. فكذلك أمر فعلان وفعلى وأفعل وفعلاء، إلا أن يضطرَّ شاعر.

(3/645)


وقد قالوا في الذي مؤنثه تلحقه الهاء كما قالوا في هذا، فجعلوه مثله. وذلك قولهم: ندمانةٌ وندمانٌ وندامٌ وندامى. وقالوا: خمصانةٌ وخمصانٌ وخماصٌ. ومن العرب من يقول: خمصانٌ فيجريه هلى هذا.
وما يشبَه من الأسماء بهذا كما تشبَّه الصفة بالاسم سرحانٌ وضبعانٌ، وقالوا: سراجٌ وضباعٌ لأن آخره كآخره، ولأنه بزنته، فشبَّه به. وهم ممَّا يشبهون الشيء بالشيء وإن لم يكن مثله في جميع الأشياء، وقد بين ذلك فيما مضى، وستراه فيما بقي إن شاء الله.
وإن شئت قات في خمصانٍ: خمصانون، وفي ندمانٍ: ندمانون؛ لأنك تقول: ندماناتٌ وخمصاناتٌ. وإن شئت قلت في عريانٍ: عريانون، فصار بمنزلة قولك: ظريفون وظريفاتٌ؛ لانَّ الهاء ألحقت بناء التذكير حين أردت بناء التأنيث فلم يغيَّروا ولم يقولوا في عريانٍ: عراءٌ ولا عرايا، استغنوا بعراة لأنَّهم مما يستغنون بالشيء عن الشيء حتىَّ لا يدخلوه في كلامهم.
وقد يكسرون فعلاً على فعالى لأنه قد يدخل في باب فعلان، فيعنى به ما يعنى بفعلان. وذلك: رجلٌ عجلٌ، ورجلٌ سكرٌ، وحذرٌ وحذارى، وبعيرٌ حبطٌ وإبلٌ حباطى ومثل سكرٍ كسلٌ، يراد به ما يراد بكسلان. ومثله صدٍ وصديان. وقالوا: رجلٌ رجل الشعر وقومٌ رجالى؛ لانَّ فعلاً قد يدخل في هذا الباب. وقالوا: عجلٌ وعجلان. وقال بعضهم: رجلان وامرأةٌ رجلى، وقالوا: رجالٌ كما قالوا: عجالٌ. ويقال: شاةٌ حرمى وشاهٌ حرامٌ وحرامى؛ لأن فعلى صفةٌ بمنزلة التي لها فعلان، كأن ذا لو قيل في المذكر قيل: حرمان.

(3/646)


وأما فعلاءً فهي بمنزلة فعلةٍ من الصفات، كما كانت فعلى بمنزلة فعلةٍ من الأسماء. وذلك قولك: نفساء ونفساواتٌ، وعشراء وعشراواتٌ، ونفاسٌ وعشارٌ، كما قالوا: ربعةٌ وربعاتٌ ورباعٌ، شبهوها بها لأن البناء واحد، ولأن آخره علامة التأنيث كما أن آخره هذا عامة التأنيث. وليس شيءٌ من الصفات آخره علامة التأنيث يمتنع من الجمع بالتاء غير فعلاء أفعل، وفعلى فعلان. ووافقن الأسماء كما وافق غيرهن من الصفات الأسماء.
وقالوا: بطحاواتٌ حيث استعملت استعمال الأسماء كما قالوا: صحراواتٌ. ونظير ذلك قولهم: الأباطح ضارع الأسماء. ومن العرب من يقول: نفاسٌ كما تقول: ربابٌ. وقالوا بطحاء وبطاحٌ، كما قالوا: صحفةٌ وصحافٌ، وعطشى وعطاشٌ. وقالوا: برقاء وبراقٌ، كقولهم: شاةٌ حرمى وحرامٌ وحرامى.
وأما فعيلٌ إذا كان في معنى مفعولٍ فهو في المؤنث والمذكر سواءٌ وهو بمنزلة فعولٍ، ولا تجمعه بالواو والنون كما لا يتجمع فعولٌ؛ لأن قصتّه كقصتّه وإذا كسّرته كسرته على فعلى. وذلك: قتيلٌ وقتلى، وجريحٌ وجرحى، وعقيرٌ وعقرى، ولديغٌ ولدغى. وسمعنا من العرب من يقول قتلاء يشبِّهه بظريفٍ؛ لأنَّ البناء والزيادة مثل بناء ظريفٍ وزيادته.
وتقول: شاةٌ ذبيحٌ، كما تقول: ناقةٌ كسيرٌ. وتقول: هذه ذبيحة فلانٍ وذبيحتك. وذلك أنكَّ لم ترد أن تخبر أنهَّا قد ذبحت. ألا ترى أنك تقول ذاك وهي حيَّة، فإنمَّا هي بمنزلة ضحَّيةٍ.

(3/647)


وتقول: شاةٌ رمىٌّ إذا أدت أن تخبر إنهَّا قد رميت. قالوا: بئس الرَّميَّة الأرنب، إنما تريد بئس الشيء مما يرمى، فهذه بمنزلة الذَّبيحة.
وقالوا: نعجةٌ نطيحٌ، ويقال: نطيحةٌ، شبهَوها بسمينٍ وسميَّنة.
وأما الذَّبيحة فبمنزلة القتوبة والحلوبة، وإنَّما ترد: هذه مما يقتبون، وهذه ممَّا يحلبون، فيجوز أن قول: قتوبةٌ ولم تقتب، وركوبةٌ ولم تركب. وكذلك فريسة الأسد، بمنزلة الضَّحيَّة. وكذلك أكيلة السَّبع.
وقاواك رجلٌ حميدٌ وامرأةٌ حميدةٌ، يشبَّه بسعيدٍ وسعيدةٍ، ورشيدٍ ورشيدةٍ، حيث كان نحوهما في المعنى وأتَّفق في البناء، كما قالوا: قتلاء وأسراء، فشبهَّوهما بظرفاء.
وقالوا: عقيمٌ وعقمٌ، شبهوه بجديد وجددٍ. ولو قيل: إنهَّا لم تجئ على فعل كما أنَّ حزينٌ لم تجئ على حزن لكان مذهباً.
ومثله في أنه جاء على فعلٍ لم يستعمل: مريٌّ ومريّةٌ، لا تقول: مرت وهذا النحو كثيرٌ، وستراه فيما تستقبل إن شاء الله، ومنه ما قد مضى.
وقال الخليل: إنما قالوا: مرضى وهلكى وموتى وجربى وأشباه ذلك لأن ذلك أمرٌ يبتلون به، وأدخلوا فيه وهم له كارهون وأصيبوا به، فلما كان المعنى معنى المفعول كسروه على هذا المعنى. وقد قالوا: هّلاكٌ وهالكون، فجاءوا به عل قياس هذا البناء وعلى الأصل هذا المعنى. وقد يكسروه على المعنى إذ كان بمنزلة جالسٍ في البناء وفي الفعل. وهو على هذا أكثر في الكلام. ألا ترى أنهَّم

(3/648)


قالوا: دامرٌ ودمارٌ ودامرون، وضامرٌ وضِّمر ولا يقولون: ضمرى. فهذا يجري مجرى هذا، إَّلا أنَّهم قد قالوا ما سمعت على هذا المعنى.
ومثل هَّلاكٍ قولهم: مراضٌ وسقامٌ ولم يقولوا: سقمى، فالمجرى الغالب في هذا النحو غير فعلى.
وقالوا: رجلٌ وجعٌ وقوم وجعى كما قالوا هلكى، وقالوا: وجاعى كما قالوا: حباطى وحذارى، وكما قالوا: بعيرٌ حبج وإبلٌ جباحى وقالوا: قوم وجاعٌ كما قالوا: بعيرٌ جربٌ وإبلٌ جرابٌ، جعلوها بمنزلة حسنٍ وحسانٍ، فوافق فعلٌ فعلاً هنا كما يوافقه في الأسماء.
وقالوا: أنكادٌ وأبطالٌ فاتفقنا كما اتفقنا في الأسماء. ّ وقالوا: مائقٌ وموقى، وأحمق وحمقى، وأنوك ونزكى؛ وذلك لأنَّهم جعلوه شيئاًَ فد أصيبوا به في عقولهم كما أصيبوا ببعض ما ذكرنا في أبدانهم.
وقالوا: أهوج وهوجٌ، فجاءوا به على القياس، وأنوك ونوكٌ.
وقد قالوا: رجلٌ سكران وقوم يسكرى. ذلك لأنهم جعلوه كالمرضى وقالوا رجال روبى جعلوه بمنزلة سكرى والروبى: الذين قد استثقلوا نوماً، فشَّبهوه بالسَّكران. وقالوا اللذّين قد أثخنهم السفر والوجع روبى أيضاً، والواحد رائبٌ.
وقالوا: زمنٌ وزمنى، وهرمٌ وهرمى، وضمنٌ وضمنى، كما قالوا وجعى؛ لأنَّها بلايا ضربوا بها، فصارت في التكسير لذا المعنى، ككسيرٍ

(3/649)


وكسرى ورهيص ورهصى، وحسيرٍ وحسرى. وإن شئت قلت: زمنون وهرمون، كما قلت: هّلاكٌ وهالكون.
وقالوا: أسارى، شبهوه بقولهم: كسالى وكسالى. وقالوا: كسلى فشبهوه بأسرى.
وقالوا: وجٍ ووجيا كما قالوا: زمنٌ وزمنى، فأجروا ذلك على المعنى كما قالوا: يتيمٌ ويتامى، وأيِّمٌ وأيامى، فأجروه مجرى وجاعى. وقالوا: حذارى لأنهَّ كالخائف.
وقالوا: ساقطٌ وسقطى، كما قالوا: مائقٌ وموقى، وفاسدٌ وفسدى.
وليس يجيء في كلِّ هذا على المعنى، لم يقولوا: بخلى ولا سقمى، جاءوا ببناء الجمع على الواحد المستعمل في الكلام على القياس. وقد جاء منه شيءٌ كثير على فعالى، قالوا: يتامى وأيامى، شبهوه بوجاعى وحباطى، لأنهَّا مصائب قد ابتلوا بها، فشبَّهت بالأوجاع حين جاءت على فعلى.
وقالوا: طلحت الناقة وناقةٌ طليحٌ، شبهوها بحسيرٍ لأنهَّا قريبة من معناها. وليس ذا بالقياس؛ لأنهَّا ليست طلحت، فإنما هي كمريضةٍ وسقيمةٍ، ولكن المعنى أنهَّ فعل ذابها، كما قالوا: زمنى. فالحمل على المعنى في هذه الأشياء ليس بالأصل. ولو كان أصلاً لقبح هالكون وزمنون ونحو ذلك.

(3/650)