اللامات

باب اللام التي تكون موصلة لبعض الأفعال إلى مفعوليها وقد يجوز حذفها
وذلك قولك نصحت زيدا ونصحت لزيد والمعنى واحد، وكذلك تقول شكرت لزيد وشكرته قال الله عز وجل: اشكر لي ولوالديك؛، وقال: وأنصح لكم وأعلم من الله مالا تعلمون، وكذلك تقول: كلت لزيد الطعام وكلته الطعام ووزنته ووزنت له قال الله تبارك وتعالى: (وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ) ؛ ومن ذلك قوله تعالى: (قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم) ؛ تقديره ردفكم والمعنى واحد وأهل التفسير يقولون معناه دنا لكم وهذا ليس بمقيس أعني إدخال هذه اللام بين المفعول والفعل وإنما هو مسموع في أفعال تحفظ ولا يقاس عليها ألا ترى أنه غير جائز أن يقال ضربت لزيد وأكرمت لعمرو وأنت تريد ضربت زيدا وأكرمت عمرا ومهما ثبتت به رواية صحيحة ألحق به هذا منتهى القول في اللامات وأنواعها ومواقعها وإن ورد منها ما لم نذكره فلن يخرج عن أصل من هذه الأصول البتة فتدبر ما يرد عليك منها، فإنه راجع إلى بعض ما ذكرناه إن شاء الله.

(1/147)


باب معرفة أصول هذه اللامات وبيان تشعبها منها
اعلم أن هذه اللامات كلها على اختلاف مواقعها وتباين تصرفها متشعبة من عشر لامات وهي الأصول لها كلها وهي الأصلية، ولام الإضافة، ولام التوكيد، ولام الأمر، ولام الجحود، ولام البدل، ولام الجواب واللام المزيدة، ولام الفصل، ولام العاقبة، وقد مضى شرحها مع سائر اللامات فيما مضى مستقصى إلا أن تلخيص ذلك أن تعلمأن لام الإضافة تجمع لام الملك، ولام الاستحقاق، ولام المقسم به، ولام المضمر، ولام النفي، ولام المنادى، ولام التعجب، ولام التبيين، ولام المستغاث المستغاث به، ولام المفعول من أجله واللام التي تكون وصلة لبعض الأفعال إلى مفعوليها كل هذه اللامات متشعبة من لام الإضافة؛ وأما لام التوكيد، فإنها تجمع لام القسم، ولام إن، ولام الابتداء واللام اللازمة للفعل المستقبل في الموجب في القسم؛ وأما لام الأمر، فإنها تجمع لام الأمر، ولام الجزاء،

(1/148)


ولام الفصل تجمع لامين اللام التي تلزم إن المكسورة المخففة من الثقيلة، ولام الإيجاب في القسم؛ وأما اللام الزائدة، فإنه يدخل تحتها لام التكثير، ولام لعل، ولام عبد لشرح ذلك أن تعلم أن لام الإضافة تضيف الملك إلى المالك كقولك: هذه الدار لزيد وهذا المال لعمرو، وكذلك تضيف ما استحق من الأشياء إلى مستحقه كقولك: الشكر لك والحمد لله، وكذلك تضيف معنى القسم إلى المقسم به كقولك: لله لأخرجن لأنها صلة فعل مقدر قبلها تقديره أقسم بالله وحروف الخفض كلها صلات للأفعال ألا ترى أنك إذا قلت مررت بزيد، فإن ما أوصلت مرورك إلى زيد بالباء ولذلك قال سيبويه: إذا قلت كتبت بالقلم فالمعنى أن الكتابة ملصقة بالقلم فأما لام المضمر فحكمها في إضافة الملك والاستحقاق والعمل حكم اللام التي مع الظاهر الخافضة إلا أنا فرقنا بينهما لندل على العلة التي من أجلها كسرت مع الظاهر وفتحت مع المضمر، وكذلك لام النفي، ولام المنادى إنما يضي، فإن النفي والنداء إلى ما يتصلان به وكذلك قولك: لا غلامي لك ويا بؤس للحرب، ولام التعجب كذلك في قوله اعجبوا لزيد ولزيد ما أعلمه إنما هي موصلة لمعنى الشيء الذي من أجله وقع التعجب إلى المتعجب منه، وكذلك لام التبيين والمستغاث والمستغاث به وسائر هذه اللامات على هذا التقدير؛ وأما لام التوكيد، فإنها مؤكدة لما دخلت عليه، وكذلك لام الابتداء للتوكيد، ولام إن للتوكيد، ولام الشرط للتوكيد، ولام القسم للتوكيد، وكذلك سائر ما يتعلق بها وإنما فصلنا بينها فيما مضى لندل على مواقعها وأحكامها، ولام الجواب تجمع لام لو، ولام لولا، ولام جواب القسم،

(1/149)


وكذلك لام الفصل لأنها تزاد بعد إن المخففة من الثقيلة ليفصل بينها وبين النافية ومع الفعل المستقبل الموجب في القسم ليفصل بينه وبين المنفي؛ وأما شرح اللامات الزوائد في عبدل وحسدل ولعل وذلك وما اتصل بها ففيما مضى من الشرح غنى عن إعادته وفيه دليل واضح على اجتماعها في معنى الزيادة وافتراقها في أحكامها ومواقعها ففصلنا بينها حيث وجب الفصل وجمعنا حيث وجب الجمع ولولا اختلاف مواقع هذه اللامات وتباين أحكامها وعللها وشروطها لكان لقائل أن يقول اللامات كلها متشعبة من لامين لام أصلية، ولام زائدة وهي لعمري كلها ترجع إلى هاتين اللامين إلا أنا لو اقتصرنا لمتطلب اللامات على هذه الحكاية تعسر عليه جمعها وتفصيلها وموقعها من كتاب الله تعالى وكلام العرب وأشعارها

(1/150)