اللمحة في شرح الملحة بَابُ الْمَصْدَرِ:
وَالْمَصْدَرُ الأَصْلُ وَأَيُّ أَصْلِ ... وَمِنْهُ يَا صَاحِ
اشْتِقَاقُ الْفِعْلِ
وَأَوْجَبَتْ لَهُ النُّحَاةُ النَّصْبَا ... فِي قَوْلِهِمْ1:ضَرَبْتُ
زَيْدًا ضَرْبَا
المصدر: اسمٌ يقع على الأحداث، كـ (الضّرب) و (القتل) و (الإكرام) ؛
وهو أصل الأفعال، وسُمِّيَ مصدرًا؛ لصدورها عنه، وهو المفعول المطلَق2.
والمفاعيل خمسةٌ؛ لأنَّ الفاعل لا بُدَّ له من فِعْلٍ به صار فاعلاً؛
وذلك أصله المصدر، كقولك: (ضربت زيدًا ضربًا) ولا بُدَّ لذلك من الوقوع
بغيره؛ وهو المفعول به، وهو مقيّدٌ بالباء - كما تقدَّم -، ولا بُدَّ
لوقوع ذلك من وَقْتٍ وَمَكَانٍ؛ وهو المفعول فيه، ولا بُدَّ3 لذلك
الفاعل من غَرَض فَعَلَ الفِعْلَ لأجله؛ وهو المفعول له، ويحتمل
مصاحبًا لِمَا يقتضيه الحال؛ وهو المفعول مَعَه؛ فكلٌّ منها4مُقَيَّدٌ
بشيء
وقد جُمِعَتْ هذه المفاعيل على التّرتيب في بيت - وهو ممّا [53/أ]
____________________
1 في أ: كقولهم.
2 "والمصدر أعمّ مطلَقًا من المفعول المطلَق؛ لأنّ المصدر يكون مفعولاً
مطلَقًا، وفاعلاً، ومفعولاً به، وغير ذلك؛ والمفعول المطلَق لا يكون
إلاَّ مصدرًا؛ نظرًا إلى أنّ ما يقوم مقامه ممّا يدلّ عليه خلف عنه في
ذلك، وأنّه الأصل". الأشمونيّ 2/109.
3 في أ: فلا بُدَّ.
4 في ب: منهما.
(1/347)
نظم المؤلِّف1- وهو الثّاني منقوله:
يَا جِيْرةً قَدْ أَوْحَشُوا لَمَّا نَأَوا ... بَصَرِي وَنَفْسِي
دَائِمًا وَالمِسْمَعَا
كَرّرْتُ تَكْرَارًا هَوَاكُمْ سَحْرَةً ... وَسَطَ الدِّيَارِ
مَحَبَّةً وَالأَدْمُعَا2
فالمصدر أصل الفعل3؛ لأنّه يدلّ على العموم، والفعل يدلّ على الخصوص،
والعُموم قبل الخصوص؛ ومذهب الكوفيّين عكسُ هذا؛ وحجّتُهُم: أنَّ الفعل
عاملٌ في المصدر، والعامل قبل المعمول؛ وليس هذا بدليل؛ لأنَّ الحرف
يعمل في الاسم والفعل وليس بأصلٍ لهما4.
والمصدر: اسمٌ مبهَم يقع على القليل والكثير، ولا يثنَّى، ولا يجمع؛
لأنَّه بمنزلة اسم الجنس، والجنس لا يثنَّى ولا يُجمع5؛ فإنْ كان
المصدر
____________________
1 المؤلِّف هو: أبو القاسم الحريريّ - رحمه الله - ناظم الملحة.
2 هذان بيتان من الكامل، وهما للحريريّ.
والتّمثيل فيهما: البيت الثّاني؛ حيث ذكر فيه المفاعيل بالتّمثيل، فـ
(تكرارًا) مفعول مطلَق، و (هواكم) مفعولٌ به، و (سحرة) مفعول فيه اسم
زمان، و (وسط) مفعولٌ فيه اسم مكان، و (محبّة) مفعول له، و (الأدمعا)
مفعول معه.
ولم أجد مَن ذكر هذين البيتين.
3 هذا مذهب البصريّين؛ وقد رجّحه الشّارح عندما تعرّض لهذا الخلاف في
باب الفعل ص 115 فقال: "والاعتماد على القول الأوّل؛ لدلالة الفرع على
ما في أصله مع الزّيادة عليه".
4 قد تعرّضنا لهذا الخلاف عند أوّل ذكره في باب الفعل، وذكرنا المذاهب
في المسألة مفصّلة. فلتُنظر هناك ص 115.
5 يُنظر: كتاب الجمل 32، واللّمع 102، والملخّص 1/356.
(1/348)
لعدد المرّات جاز تثنيته وجمعه، كقولك:
(ضربت ضَرْبَتَيْنِ) و (ضَرَبَاتٍ) بدخول تاء التّأنيث في واحده فأشبه
أسماء الأجناس المحدودة، كـ (القَمْحَةِ) و (التّمرة) 1.
والمصدر يأتي لتأكيد الفعل، كـ (ضربت ضربًا) ، ومنه قولُه تعالى:
{وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} 2. ولبيان النّوع، مثل: (ضربته
ضرب الأمير) .
ولعدد المرَّات، كقولك: (ضربته ضربتين) .
وللحال، كقولك: (أتيتُه رَكْضًَا) 3.
وأنواع المصادر يجوز تعريفها بالألف واللاّم، [53/ب] وبالإضافة، إلاّ
مصدر الحال غالبًا، فإنّه لا يتعرّف كالحال.
وَقَدْ أُقِيْمَ الْوَصْفُ وَالآلاَتُ ... مَقَامَهُ وَالْعَدَدُ
الإِثْبَاتُ4
نَحْوُ: ضَرَبْتُ الْعَبْدَ سَوْطًا5 فَهَرَبْ ... وَاضْرِبْ أَشَدَّ
الضَّرْبِ مَنْ يَغْشَى6 الرِّيَبْ
وَاجْلِدْهُ فِي الخَمْرِ ارْبَعِيْنَ جَلْدَهْ ... وَاحْبِسْهُ مِثلَ
حَبْس7 مَوْلًى8 عَبْدَهْ
____________________
1 يُنظر: كتاب الجمل 32، والملخّص 1/357.
2 من الآية: 164 من سورة النِّساء.
3 هُناك خلافٌ بين العلماء في المصدر الواقع موقع الحال؟ تعرّض له
الشّارح في هذا الباب. فليُنظر هُناك في ص 354.
4 في أ: المرّات.
5 في ب: صوتًا، وهو تحريف.
6 في أ: يخشى.
7 في كلتا النسختين: واحبسه حبس؛ وعليها ينكسر البيت، والتصويب من متن
الملحة 23.
8 في متن الملحة 23: زيد بدلاً من (مولى) .
(1/349)
يجوز حَذْفُ المصدر إذا قَامَ مقامُه
صِفَتهُ1، كقولك: (قُلْتُ لك جميلاً) و (ضربته وجيعًا) 2 أي: قُلْتُ لك
قولاً جميلاً؛ فحذف المصدر الموصوفَ، وأُقيمت الصّفة مقامه.
وقد تقع الصّفة مُضافةً3، كقولك: (ضربتُه أشدّ الضّرب) .
وقد تقوم الآلة مقام المصدر، كقولك: (ضَرَبْتُه مِقْرعَةً4 وَسَوْطًا)
، فتنصبهما5 نصب المصادر6؛ وكذلك العدد، فتقول: (ضربته عشرين ضربةً) ،
وقد يُقدّر المصدر ويفسّره ما يأتي بعده
____________________
1 ينوب عن المصدر في الانتصاب على المفعول المطلَق ستّة عشر شيئًا؛
فينوب عن المصدر المبيّن للنّوع ثلاثة عشر شيئًا؛ وعن المصدر المؤكّد
ثلاثة أشياء.
يُنظر: ابن النّاظم 263، وأوضح المسالك 2/33، والتّصريح 1/325،
والأشمونيّ 2/112 - 114.
2 التّقدير: ضربته ضربًا وجيعًا؛ فحذف المصدر الموصوف، وأُقيمت الصّفة
مقامه.
3 يُشير إلى أنّها قد تقع غير مضافة، نحو: (سرت طويلاً) على إعراب
الظّرفيّة، أي: زمانًا طويلاً؛ والحاليّة، أي: سرته أي السّير حال كونه
طويلاً.
يُنظر: الصّبّان 2/113.
4 المِقْرعةُ: خشبة تُضْرَبُ بها البغالُ والحميرُ.
وقيل: كُلُّ ما قُرِعَ به فهو مِقْرَعةٌ.
اللّسان (قرع) 8/264.
5 في ب: فنصبتها.
6 في ب: المصدر.
(1/350)
من النّعت المضاف، كقوله تعالى: {وَتَرَى
الجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} 1
أي: تَمرُّ مُرُورًا مثل مرِّ السّحاب
وَرُبَّمَا أُضْمِرَ فِعْلُ الْمَصْدَرِ ... كَقَوْلِهِمْ: سَمْعًَا
وَطَوْعًَا فَاخْبُرِ
وَمِثْلُهُ: سَقْيًا لَهُ وَرَعْيَا ... وَإِنْ تَشَأْ جَدْعًا لَهُ
وَكَيَّا
[54/ أ]
المصدر يُنْصَبُ بفعلهِ المشتقّ منه2؛ وقد جاء في كلام العرب ما
يُنْصَبُ بفعلٍ محذوفٍ، كدعاءٍ لإنسانٍ، أو دعاء عليه3، كقولهم:
(سَقْيًا [له] 4 ورَعْيًَا) أي: سقاه اللهُ سقيًا، وكذلك: جَدْعًا5.
وممّا نُصِبَ على المصدر ولم ينطق بفعله؛ قولهم: (سُبْحَان الله)
____________________
1 من الآية 88 من سورة النَّمل.
2 المصدر المنصوب على المفعوليّة المطلَقة، عامله إمّا مصدرٌ مثله،
لفظًا ومعنى، نحو: {فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا}
[الإسراء: 63] .
أو معنىً لا لفظًا، نحو: (يعجبني إيمانُك تصديقًا) ؛ أو ما اشتقّ منه
من فعل، نحو: {وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النّساء: 164] ، أو
وصفٍ، نحو: {وَالصَّافَّاتِ صَفًّا} [الصّافّات: 1] .
يُنظر: أوضح المسالك 2/33، والتّصريح 1/325.
3 هذه المصادر منصوبة بأفعال محذوفة وُجوبًا؛ لكونهم جعلوا المصدر
بدلاً من اللّفظ بذلك الفعل؛ استغناءً بالمصدر عنها.
يُنظر: الكتاب 1/311، 312، والتّبصرة 1/261، وشرح المفصّل 1/114، وابن
النّاظم 267، والارتشاف 2/206، وأوضح المسالك 2/37، والتّصريح 1/330.
(له) ساقطة من أ.
5 الجَدْعُ: القطع؛ وقيل: هو القطع البائن في الأنف والأذن والشَّفَةِ
واليد ونحوها. اللّسان (جدع) 8/40.
6 يُنظر: الكتاب 1/322.
(1/351)
و (جاء زيد وَحْدَهُ) ، وبعضهم1 جعل انتصاب
وحده على الحال، كقولك: (جاء منفردًا) ؛ ومن ذلك: (سَمْعًا) و (طَاعةً)
و (كرامةً) و (مَسَرَّةً) التّقدير: أَسْمَعُ لك، وأَطِيْعُ،
وأُكْرِمُكَ، وأَسُرُّكَ2.
ومنه: (ويلَ زَيْدٍ) و (ويحَ عَمْرٍو) ، تنصبهما عند الإضافة على
المصدر3.
ومنه: قولك لمن تأهّب للحجّ: (حَجًّا مبرورًا) ، ولِمَنْ قَدِمَ من
سَفَره4: (قدومًا مُبَارَكًا) 5.
ومنه: ما يأتي بعد أمرٍ، أو نهي، كقولك: (قيامًا لا قُعُودًا) .
____________________
1 يُنظر: أوضح المسالك 2/81، والتّصريح 1/373.
2 وهذه المصادر منصوبة بأفعالٍ محذوفة وُجوبًا؛ لكونهم جعلوا المصدر
بدلاً من اللّفظ بذلك الفعل؛ استغناءً بالمصدر عنها؛ وهذا الفعل واقعٌ
في الخبر، في مصادر مسموعة كَثُرَ استعمالها، ودلّت القرائن على
عاملها.
يُنظر: الكتاب 1/419، وابن النّاظم 269، وشرح المفصّل 1/114، وأوضح
المسالك 2/41، والتّصريح 1/331، 332، والأشمونيّ 2/118.
3 هذه المصادر منصوبة بأفعال محذوفة وُجوبًا ولا فعل لها؛ فيقدّر لها
عامل من معناها؛ فيقدَّر في (ويل زيد) : أحزن الله زيدًا ويله، أو
أهلكه، أو عذّبه، وفي (ويح عمرٍو) : أحزن الله عمرًا ويحه، أو رحمه.
يُنظر: الكتاب 1/318، وابن النّاظم 270، وأوضح المسالك 2/36، والتّصريح
1/330.
4 في ب: سفر.
5 جاز حذف عامل المصدر لقرينة معنويّة.
يُنظر: ابن النّاظم 267، والارتشاف 2/206، وأوضح المسالك 2/36،
والتّصريح 1/329، والهمع 3/105.
(1/352)
ومنه: الاستفهام لقصد التّوبيخ، كقولك
للمتواني: ( [أَ] 1 تَوَانِيًا وَقَدْ جَدّ قُرَنَاؤُكَ2؟) 3، ومنه
قولُ الشَّاعر:
أَعَبْدًا حَلَّ فِي شُعَبَى غَرِيْبًا ... أَلُؤْمًا لاَ أَبَا لَكَ
وَاغْتِرَابَا؟ 4
وأمّا قولهم عند تذكُّرِ نعمةٍ: (اللَّهُمَّ حَمْدًا وَشُكْرًا لاَ
كُفْرًا) ، وعند [54/ب] تذكُّر شدّةٍ: (صَبْرًا لاَ جَزَعًا) تقديره:
أحمده حمدًا، وأشكر [هـ شُكرًا] 5، ولا أكفر.
____________________
1 الهمزة ساقطةٌ من أ.
2 في ب: في بارك، وهو تحريف.
3 هذه المصادر منصوبة بأفعال محذوفة وجوبًا؛ لكونهم جعلوا المصدر بدلاً
من اللّفظ بذلك الفعل؛ استغناءً بالمصدر عنها؛ وهذا الفعل واقعٌ في
الطّلب.
يُنظر: الكتاب 1/339، وابن النّاظم 267، 268، وأوضح المسالك 2/37،
والتّصريح 1/331، والأشمونيّ 2/116، 117.
4 هذا بيتٌ من الوافر، وهو لجرير، من قصيدة قالها في هجاء خالد بن يزيد
الكِنديّ.
و (شُعَبَى) : اسم موضع؛ أو المراد: جبال متشعّبة. و (ألؤمًا) : اللؤم:
الخِسّة والدَّناءة. و (اغترابًا) : بُعْدًا عن الوطن.
والمعنى: يهجو جريرُ خالدَ بن يزيد الكِنديّ قائلاً له: "يا عبدًا نزل
شُعَبى بعيدًا عن وطنه أتفخر وقد جمعت - لا أبا لك - بين الدّناءة
والخِسّة، والاغتراب عن الأهل والأوطان؟ ".
والشّاهد فيه: (ألؤمًا، واغترابًا) حيث جاء المصدران بدلاً من اللّفظ
بالفعل، بمعنى: أتلؤم لومًا، وتغترب اغترابًا؟؛ وهو من قبيل الطّلب
الّذي هو استفهامٌ على قصد التّوبيخ.
يُنظر هذا البيت في: الكتاب 1/339، وتحصيل عين الذّهب 216، وابن
النّاظم 268، وأوضح المسالك 2/40، والمقاصد النّحويّة 3/49، 4/506،
والتّصريح 1/331، والأشمونيّ 2/118، والخزانة 2/183، والدّيوان 2/650.
5 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.
(1/353)
و [منه: قولهم] 1 عند ظهور ما يُعْجِبُ:
(عَجَبًا) ، وعند خطاب مغضوبٍ عليه: (لا أفعل ذلك ولا كَيْدًا ولا
كَراَمَةً ولاَ هَمًَّا) 2.
وَمِنْهُ3: قَدْ جَاءَ الأَمِيرُ رَكْضَا ... وَاشْتَمَلَ الصَّمَّاءَ
إِذْ تَوَضَّا
وقد اُخْتُلِفَ في المصدر الواقع موقع الحال، كقولك: (أَقْبَلَ
الأَمِيرُ رَكْضًا) و (جَاءَ زَيْدٌ مَشْيًا) .
فمنهم4 مَنْ قال: الوجه نصبهما ونظائرهما5 على الحال، والتّقدير: أقبل
الأمير راكضًا.
____________________
1 ما بين المعقوفين ساقطٌ من أ.
2 هذه المصادر منصوبة بأفعال محذوفة وُجوبًا؛ لكونهم جعلوا المصدر
بدلاً من اللّفظ بذلك الفعل، استغناءً بالمصدر عنها؛ وهذا الفعل واقعٌ
في الخبر، في مصادر مسموعة كَثُرَ استعمالها ودلّت القرائنُ على
عاملها.
يُنظر: الكتاب 1/318، 319، وابن النّاظم 269، وشرح المفصّل1/114، وأوضح
المسالك 2/41، والتّصريح 1/331، 332.
3 في شرح الملحة 181: وَمِثْلُهُ: قَدْ جَاءَ الأَمِيرُ.
4 هذا رأي سيبويه، حيث قال في الكتاب ما نصّه 1/370، 371: "هذا باب ما
ينتصب من المصادر؛ لأنّه حالٌ وقع فيه الأمرُ، فانتصب؛ لأنّه موقوعٌ
فيه الأمر، وذلك قولُك: قَتلتُهَ صَبْرًا، ولقيتُه فجاءة ومُفاجأةً،
وكفاحًا ومكافحةً، ولقيتُه عيانًا، وكلّمته مشافهةً، وأتيتُه ركضًا
وعَدْوًا ومشيًا، وأخذت ذلك عنه سَمْعًا وسَماعًا. وليس كلُّ مصدر وإنْ
كان في القياس مثل ما مضى من هذا الباب يوضع هذا الموضع؛ لأنّ المصدر
ههنا في موضع فاعلٍ إذا كان حالاً. ألا ترى أنّه لا يحسُن: أتانا
سُرْعة ولا أتانا رُجْلةً، كما أنّه ليس كلُّ مصدر يستعمل في باب
سَقْيًا وحَمْدًا. واطّرد في هذا الباب الّذي قبله؛ لأنّ المصادر هُناك
ليس في موضع فَاعِلٍ". وإليه ذهب الجمهور.
5 في ب: نظائرها.
(1/354)
وقال بعضُهم1: بل ينتصبان2انتصاب المصدر
المحذوف فِعله، والتّقدير: يركض ركضًا.
وقولهم لمن يجلّل جسده بثوبٍ: (اشتمل الصَّمَّاء) 3، وللقاعد المحتبي
بيديه: (قَعَد القُرْفُصَاء) 4، وللسّائر مُسْرعًا: (سار الجَمَزَى) 5،
____________________
1 هذا رأي الأخفش والمبرّد.
والعامِل فيه محذوف، والتّقدير في نحو: (طلع زيد بغتة) طلع زيدٌ يبغت
بغتةً؛ فـ (يبغُت) عندهما هو الحال، لا (بغتة) .
وذهب الكوفيّون إلى أنّه منصوبٌ على المصدريّة، كما ذَهَبا إليه؛ ولكنّ
النّاصب له عندهم الفعل المذكور (طَلَعَ) لتأويله بفعل من لفظ المصدر؛
والتّقدير في قولك: (زيدٌ طلع بغتةً) زيدٌ بغت بغتةً؛ فيؤوّلون (طلع)
بـ (بغت) ، وينصبون به (بغتة) .
وفي المسألة أقوالٌ أخرى؛ يُنظر: المقتضب 3/236، والتّبصرة 1/299، 300،
والمقتصد 1/677، وشرح المفصّل 2/62، وأوضح المسالك 2/81، والمساعِد
2/13، وابن عقيل 1/574، والتّصريح 1/374، والهمع 4/15، والأشمونيّ
2/172، 173.
2 في ب: بنصبان.
3 هذا تفسيرٌ للاشتمال عامّة، وهو أن يدير ثوبه على جسده كلّه حتى لا
تَخرج منه يده. واشتمال الصّمّاء: أنْ يجلّل جسده بثوبه، نحو شِمْلةِ
الأعراب بأَكْسيَتِهم، وهو أنْ يُردّ الكِساء من قِبَلِ يمينه على يده
اليُسرى وعاتقه الأيسر، ثم يَرُدّه ثانيةً من خلفه على يده اليمنى
وعاتقه الأيمن فيُغَطِّيَهما جميعًا. اللّسان (صمّم) 12/346، (شمل)
11/368.
4 القُرْفُصَاء: وهو أنْ يجلس على أَلْيَتَيْه ويُلْصِقَ فخذيه ببطنه،
ويَحْتَبي بيديه، يضعهُما على ساقيه. أو: يجلس على ركبتيه مُنكبًّا،
ويُلْصِقَ بطنه بفخذيه، ويتأبّط كَفّيه. اللّسان (قرفص) 7/71، 72.
5 الجَمْزُ: ضَرْبٌ من السَّيْر أَشَدُّ من العَنَقِ.
وقد جَمَزَ الإنسانُ والبعيرُ والدّابّة يَجْمِزُ جَمْزًا.
يُنظر: الصّحاح (جمز) 3/869، واللّسان (جمز) 5/323.
(1/355)
وللرّاجع مُكْرَهًا: (رجع القَهْقَرَى) 1؛
فانتصاب هذا وما أشبهه على المصدر الّذي تدلّ عليه هيئة الفاعل،
وتقديره: اشتمل الاشتمال المعروف بالصَّمَّاء2.
____________________
1 القَهْقَرَى: ضرْبٌ من الرُّجوع إلى الخلف؛ وهو: المشي إلى خَلْف من
غير أنْ يعيد وجهه إلى جهة مشيه. اللّسان (قهر) 5/121.
2 كأنّه يُشير إلى ما يراه المبرّد من كونها صفات وُصفت بها المصادر،
ثم حذفت موصوفاتها.
يُنظر: الكتاب 1/35، والأصول 1/160، وشرح المفصّل 1/112.
(1/356)
فَصْلٌ:
المصدر يعمل عمل فعله1؛ فيرفع الفاعل، وينصب المفعول، بشرط أن يُقْصَد
به قصد فعله من الحدوث والنّسبة2. [55/أ] فَيُقَدَّرُ بـ (أن) والفعل
إنْ كان ماضيًا أو مستقبَلاً؛ وبـ (ما) والفعل إنْ كان حالاً3.
وأكثر ما يعمل مضافًا4، كقولك: (أعجَبني ضَرْبُ زَيْدٍ عَمْرًا) ؛
____________________
1 لأنّه أصلٌ والفعل فرعه، فلم يتقيّد عمله بزمان دون زمان بل يعمل عمل
الماضي والحاضر والمستقبل؛ لأنّه أصل لكلّ واحد منها. شرح التّسهيل
3/106.
2 يُنظر: ابن النّاظم 416.
3 يعمل المصدر عمل الفعل في موضعين؛ ذكر الشّارح - رحمه الله - أحدهما،
والآخَر: أنْ يكون بدلاً من اللّفظ بفعله، نحو: (ضربًا زيدًا) ؛ فـ
(زيدًا) نُصِبَ بالمصدر لا بالفعل المحذوف على الأصحّ؛ والمصدر بدلٌ من
الفعل.
وهذه شروطٌ وُجوديّة، وبقي من شروط إعمال المصدر شروطه العدميّة؛
ومنها:
1- أن لا يكون مصغّرًا؛ فلا يجوز: (أعجبني ضريبك زيدًا) .
2- ولا مضمَرا؛ فلا يجوز: (ضربي زيدًا حسن وهو عمرو قبيح) خلافًا
للكوفيّين.
3- ولا محدودًا؛ فلا يجوز: (أعجبني ضربتك زيدًا) .
4- ولا موصوفًا قبل العمل؛ فلا يجوز: (أعجبني ضربك الشّديد زيدًا) .
5- ولا مثنّى ولا مجموعًا؛ فلا يجوز: (عجبت من ضَرْبَيْك زيدًا) .
يُنظر: شرح التّسهيل 3/106، 107، وابن النّاظم 416، وابن عقيل 2/88،
والتّصريح 2/62، والهمع 5/67، والأشمونيّ 2/285، 286.
4 إعماله مضافًا أكثر من إعماله منوّنًا؛ لأنّ الإضافة تجعل المضاف
إليه كجزء من المضاف، كما يجعل الإسنادُ الفاعلَ كجزء من الفعل، ويجعل
المضاف كالفعل في عدم قبول التّنوين والألف واللاّم؛ فقويت بها مناسبة
المصدر للفعل.
يُنظر: شرح التّسهيل 3/115.
(1/357)
ومنوّنًا، كقولك: (عجبتُ من ضَرْبٍ زيدٌ
عمرًا) تريد من أن ضَرَبَ زيدٌ عَمْرًا؛ ومنه قولُه تعالى: {أَوْ
إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيْمًا} 1، ومنه قولُ الشّاعر:
بِضَرْبٍ2 بِالسّيُوفِ رُؤُوسَ قَوْمٍ ... أَزَلْنَا هَامَهُنَّ عَنِ
الْمَقِيْلِ3
وقد يعمل مع الألِف واللاّم4، كقول الشّاعر:
____________________
1 الآية: 14؛ ومن الآية: 15 من سورة البلد.
2 في أ: فضرب، وهو تحريف.
3 هذا بيتٌ من الوافر، وهو للمَرَّار بن مُنْقذ التّميميّ.
و (الهام) : جمع هامة، وهي الرّأس كلها. و (المقيل) : موضع القيلولة،
وهي نوم نصف النّهار - هذا في الأصل -، وهو مستعارٌ هنا للأعناق؛
لأنّها مكان استقرار الرّؤوس وسكونها.
والمعنى: أزلنا رؤوس أعدائنا عن مواضع استقرارها، فضربنا بالسّيوف
رؤوسهم.
والشّاهد فيه: (بِضَربٍ.. رؤوسَ) حيث أعمل المصدر المنوّن (ضربٍ) عمل
فعله، فنصب به مفعولاً به - وهو (رؤوس) -.
يُنظر هذا البيت في: الكتاب 1/116، 190، والمحتسب 1/219، وتحصيل عين
الذّهب 158، وشرح المفصّل 6/61، وشرح التّسهيل 3/129، وابن النّاظم417،
وابن عقيل 2/89، والمقاصد النّحويّة 3/499، والأشمونيّ 2/284.
4 وهو أقلّ من إعماله منوّنًا؛ لأن فيه شبهاً بالفعل المؤكّد بالنّون
الخفيفة، وإعماله منوّناً أقيس.
ينظر: شرح التّسهيل 3/115، وابن الناظم 417، وأوضح المسالك 2/241.
(1/358)
ضَعِيفُ النِّكَايَةِ أَعْدَاءَهُ ...
يَخَالُ الْفِرَارَ1 يُرَاخِي2 الأَجَلْ3
وإذا كان مضافًا4 جاز أنْ يضاف إلى الفاعل، فيجرّه، ثم ينصب المفعول،
نحو: (بَلَغني تَطْليقُ زَيْدٍ هِنْدًا) .
____________________
1 في أ: بحال الفوار، وفي ب: يحال الفرار وكلتاهما محرّفة، والصّواب ما
هو مثبت.
2 في أ: تراخي، وهو تصحيف.
3 هذا بيتٌ من المتقارِب، ولم أقف على قائله.
و (النِّكاية) : التأثير في العدوّ. و (يخال) : يظنّ. و (يراخي) :
يؤجّل.
والمعنى: إنّ هذا الرّجل ضعيف الكيد، ولا يستطيع التّأثير في عدوّه،
وجبان عن الثّبات في مواطن القتال، ولكنّه يلجأ إلى الهروب، ويظنّه
مُؤخِّرًا لأجله.
والشّاهد فيه: (ضعيف النّكاية أعداءه) حيث عمل المصدر المحلّى بـ (أل)
- وهو (النّكاية) - عمل الفعل، فنصب (أعداءه) مفعولاً به.
يُنظر هذا البيت في: الكتاب 1/192، والمنصف 3/71، وشرح المفصّل 6/59،
64، والمقرّب 1/131، وابن النّاظم 417، وأوضح المسالك 2/241، وابن عقيل
2/90، والتّصريح 2/63، والخزانة 8/127.
4 للمصدر المضاف خمسة أحوال؛ ذكر الشّارح منها حالتين؛
والثّالثة: أنْ يضاف إلى الفاعل ثم لا يذكر المفعول، نحو: {وَمَا كَانَ
اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيم} [التّوبة: 114] ؛
والرّابعة: أنْ يُضاف إلى المفعول ثم لا يذكر الفاعل، نحو {لاَ
يَسْأَمُ الإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ} [فصّلت: 49] ؛
والخامسة: أنْ يضاف إلى الظّرف ثمّ يرفع الفاعل، وينصب المفعول، نحو:
(عجبتُ من ضرب اليومِ زيدٌ عمرًا) .
يُنظر: شرح التّسهيل 3/118، وابن النّاظم 419، وأوضح المسالك 2/244،
وابن عقيل 2/96، والتّصريح 2/64، والأشمونيّ 2/289.
(1/359)
ويجوز إضافة المصدر إلى المفعول1، كقول
الشّاعر:
تَنْفِي يَدَاهَا الْحَصَى فِي كُلِّ هَاجِرَةٍ ... نَفْيَ
الدَّرَاهِمِ تَنْقَادُ2 الصَّيَارِيفِ3
__________
1 في كلتا النّسختين: ويجوز إضافة المفعول إلى المصدر، وهو سهوٌ من
النُّسّاخ، والصّواب ما هو مثبَت.
2 في أ: نقَّاد.
3 هذا بيتٌ من البسيط، وهو للفرزدق، يصف ناقة بسرعة السّير في
الهواجِر.
والهاجرة: نصف النّهار عند اشتداد الحرّ.
والمعنى: إنّ هذه النّاقة تدفع يداها الحصى عن الأرض في وقت الظّهيرة
واشتداد الحرّ؛ كما يدفع الصّيرفيّ النّاقد الدّراهم؛ وكنّى بذلك كلّه
عن صلابتها، وسرعة سيرها.
والشّاهد فيه: (نفي الدّراهم تنقاد) حيث أضيف المصدر (نفي) إلى مفعوله
(الدّراهم) فجرّه ثم رفع الفاعل (تنقادُ) .
يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 1/28، والمقتضب 2/258، والخصائص 2/315،
وتحصيل عين الذّهب 62، وشرح المفصّل 6/106، وتخليص الشّواهد 169، وابن
عقيل 2/96، والمقاصد النّحويّة 3/521، والتّصريح 2/371، والخزانة
4/424، 426، والدّيوان 570 - والرّواية في جميع هذه الكتب (الدّراهيم)
بدل (الدّراهم) -.
(1/360)
بَابُ الْمَفْعُولِ لَهُ - وَيُقَالُ:
الْمَفْعُولُ مِنْ أَجْلِهِ:
وَإِنْ جَرَى نُطْقُكَ بِا1 لْمَفْعُولِ لَهْ ... فَانْصِبْهُ
بِالْفِعْلِ الَّذِي [قَدْ] 2 فَعَلَهْ
وَهْوَ لَعَمْرِي مَصْدَرٌ فِي نَفْسِهِ ... لَكِنَّ جِنْسَ الْفِعْلِ
غَيْرُ جِنْسِهِ
وَغَالِبُ الأَحْوَالِ أَنْ تَرَاهُ ... جَوَابَ: لِمْ فَعَلْتَ مَا
تَهْوَاهُ
تَقُولُ: قَدْ زُرْتُكَ خَوْفَ الشَّرِّ ... وَغُصْتُ فِي الْبَحْرِ
ابْتِغَاءَ الدُّرِّ
[55/ب]
المفعول له: يُنْصَبُ3؛ وهو: المصدر المذكور عِلّةً لحدَثٍ شاركه في
الزّمان، والفاعل.
وشَرائِطُهُ: أنْ يكون مصدرًا4، من غير جنس فعله، جواب
____________________
1 في متن الملحة 23: فِي الْمَفْعُولِ لَهُ.
(قد) ساقطة من ب.
3 اختلف العلماء في ناصب المفعول له.
فذهب جمهور البصريّين إلى أنّ ناصبه الفعل على تقدير لام العلّة.
وخالفهم الزّجّاج والكوفيّون فزعموا أنّه مفعولٌ مطلَق؛ ثم اختلفوا،
فقال الزّجّاج: "ناصبه فعل مقدَّر من لفظه"، ففي نحو: (جئتك إكرامًا) ،
تقدير الفعل: جئتك أكرمك إكرامًا.
وقال الكوفيّون: ناصبه الفعل المتقدِّم عليه؛ لأنّه ملاقٍ له في
المعنى، وإنْ خالفه في الاشتقاق، مثل: (قعدت جلوسًا) .
تُنظر هذه المسألة في: الكتاب 1/369، وأسرار العربيّة 186، وشرح
المفصّل 2/52، وشرح الرّضيّ 1/192، وشرح ألفيّة ابن معطٍ 1/582،
والارتشاف 2/221، والتّصريح 1/337، والهمع 3/133، والصّبّان 2/122.
4 هذا رأي الجمهور؛ وأجاز يونس: (أمّا العبيدَ فذو عبيد) بالنّصب،
بمعنى: مهما يذكر شخص لأجل العبيد فالمذكور ذو عبيد؛ واقتضى كلامه: أنّ
العبيد مفعول له، مع كونه غير مصدر.
وقد أنكره سيبويه وقبّحه، وقال: "وزعم يونس أنّ قومًا من العرب يقولون:
أمّا العبيدَ فذو عبيدٍ، وأمّا العبدَ فذو عبدٍ، يُجرونه مجرى المصدر
سواءً. وهو قليلٌ خبيث". الكتاب 1/389.
وأوّله الزّجّاج بتقدير: التّملّك؛ ليصير إلى معنى المصدر، كأنّه قيل:
أمّا تملّك العبيد، أي: مهما تذكره من أجل تملّك العبيد.
يُنظر: الكتاب 1/389، والارتشاف 2/221، وأوضح المسالك 2/44، والتّصريح
1/334، والهمع 3/131، والأشمونيّ 2/122.
(1/361)
(لِمَ1 فَعَلْتَ) ، كقولك: (جِئْتُ
رَغْبَةً فِيكَ) ، فـ (رَغْبَةً) مفعولٌ له؛ لأنّه مصدر مُعَلَّلٌ به
المجيء، وزمانهما، وفاعلهما واحد2.
فإن لم يستوف3 الشّروط فلا بُدَّ من جرّه4بلام التّعليل5،
____________________
1 في أ: لمه.
2 هُناك شروطٌ أُخرى ذكرها العلماء؛ منها:
1- أنْ يكون فعله محذوفًا.
2- أنْ يكون معه فعل قد حذف مصدره.
3- أنْ يكون قلبيًّا؛ فلا يجوز (جئتك قراءةً للعلم) ، ولا (قَتْلاً
للكافر) .
4- أنْ يكون مُقدّرًا بلام الغرض، أو تكون معه ظاهرة.
يُنظر: كشف المشكِل 1/441، وشرح المفصّل 2/53، وشرح ألفيّة ابن معطٍ
1/583، وشرح الكافية الشّافية 2/671، وأوضح المسالك 2/43، وابن عقيل
1/520، والهمع 3/131، والأشمونيّ 2/122.
3 في ب: تستوف، وهو تصحيف.
4 في أ: جَزْمٍ، وهو تحريف.
5 يُنظر: شرح الكافية الشّافية 2/671، وابن النّاظم 271، وأوضح المسالك
2/44، وابن عقيل 1/521، والأشمونيّ 2/124.
(1/362)
أو1 ما يقوم مقامها2؛ وذلك ما كان غير
مصدرٍ، كقولك: (جِئْتُ للعشب3 والماءِ) ، أو مصدرًا مُخالفًا للمعلَّل4
في الزّمان، نحو: (تأهّبتُ5 أمس للسّفر اليوم) ، أو في الفاعل، نحو:
(جِئْتُ لأَمْرِكَ إِيَّاي) .
ويأتي مُعَرّفًا باللاّم، أو مضافًا، [أو] 6 مجرّدًا من التّعريف
باللاّم والإضافة7.
__________
1 في كلتا النّسختين: وما يقوم، والتصويب من ابن النّاظم.
2 في ب: مقامهما. والّذي يقوم مقام اللاّم هو: (من) و (في) و (الباء) و
(الكاف) .
يُنظر: شرح الكافية الشّافية 2/672، وشرح عمدة الحافظ 1/396، وابن
النّاظم 271، وابن عقيل 1/521، والهمع 3/134، والصّبّان 2/124.
3 في أ: للغيث.
4 في ب: للتّعليل.
5 في أ: تأهّب.
(أو) ساقطة من أ.
7 في أ: وبالإضافة.
وهذا مذهب سيبويه والجمهور.
وذهب الجرميّ، والرّياشيّ، والمبرّد إلى أنّ شرطه أنْ يكون نكرة، وأنّ
(أَلْ) فيه زائدة، وإضافته غير محضة.
يُنظر: الكتاب 1/370، وشرح المفصّل 2/54، والارتشاف 2/224، والأشمونيّ
2/125.
(1/363)
وقد جمع العجّاج بين المعرّفين والمجرّد في
رجزه حيث قال1:
يَرْكَبُ كُلَّ عَاقِرٍ2 جُمْهُورِ
مَخَافَةً وَزَعَلَ3 الْمَحْبُورِ
وَالْهَوْلَ مِنْ تَهَوُّلِ4 الهُبُورِ5
__________
1 في ب: يقول.
2 في أ: عاقل، وهو تحريف.
3 في ب: وزغل، وهو تصحيف.
4 في أ: تَهَوّر، وهو تحريف.
5 في أ: الهيور، وهو تصحيف.
وهذه الأبيات يصف الشاعر فيها ثورًا وحشيًّا، فيقول: يركب لِنشاطه
وقوّته كُلّ عاقرٍ من الرّمل - وهو الّذي لا يُنْبِتُ.
و (الجمهور) : المُتراكِبُ؛ لخوفه من صائدٍ أو سَبُعٍ، أو لزَعَله
وسُروره؛ و (الزّعل) : النّشاط. و (المحبور) : المسرور. و (التّهوُّل)
: أن يعظم الشيء في نفسك حتى يهُولك أمره. و (الهبور) : جمع هَبْر؛ وهو
ما اطمأنّ من الأرض وما حوله مرتفع؛ فلأنّها مكمن للصّائد فهو يخافها
فيعدل عنها إلى كلّ عاقر.
والشّاهد فيه: (مخافةً، وزعل، والهول) حيث جمع بين النّكرة - مخافة -،
والمعرّف بالإضافة - زعل المحبور -، والمعرّف باللاّم - الهول - ونصبها
على المفعول له.
يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 1/369، وتحصيل عين الذّهب 229، وأسرار
العربيّة 178، وشرح المفصّل 2/54، وشرح الرّضيّ 1/193، وشرح ألفيّة ابن
معطٍ 1/585، والخزانة 3/114، 116، والدّيوان 233، 234.
(1/365)
باب المفعول له
ويقال: المفعول من أجله
...
فالمجرَّد الأكثر فيه النّصب، [نحو: (ضَربته تأديبًا) ] 1؛ وقد يجرّ
فيُقال: (ضربته لتّأديب) .
والمعرّف باللاّم الأكثر فيه الجرّ، كقولك: (جئت للطَّمع في برّك) 2؛
وقد يُنصب فيقال: (جئتك الطَّمَع) ، ومنه قولُ الشّاعر:
لاَ أَقْعُدُ الْجُبْنَ عَنِ الْهَيْجَاءِ ... وَلَوْ تَوَالَتْ زُمَرُ
الأَعْدَاءِ3
[56/أ] ويجوز تقديم المفعول له على العامل4 فيه، كقولك: (مخافة الشّرّ
[جئتك5) .
والمضاف جائز جرّه، كقولك: (فعلته لمخافة الشّرّ] 6؛ والنّصب أشهر7.
__________
1 ما بين المعقوفين ساقط من أ.
2 في ب: ترك، وهو تصحيف.
3 هذا بيتٌ من الرّجز، ولم أقف على قائله.
و (لا أقعد الجبن) : لا أقعد لأجله، و (الجبن) : الخوف. و (الهيجاء) :
الحَرْب. (ولو توالت) أي: تتابَعتْ. و (زمر الأعداء) : جماعاتهم.
والشّاهد فيه: (لا أقعد الجبن) حيث جاء المفعول له (الجبن) مقترنًا بـ
(أل) ونصب؛ وهذا قليل.
يُنظر هذا البيتُ في: شرح عمدة الحافظ 1/398، وشرح التّسهيل 2/198،
وضمّنه ابن مالك في الخُلاصة وفي الكافية الشّافية 2/672، وأوضح
المسالك 2/46، وابن عقيل 1/522، والمقاصد النّحويّة 3/67، والتّصريح
1/336، والهمع 3/134، والأشمونيّ 2/125، والدّرر 3/79.
4 في ب: الفاعل، وهو تحريف.
5 ومنعَ ذلك قومٌ ـ منهم ثعلب ـ؛ والسَّماع يردّ عليهم.
يُنظر: الارتشاف 2/ 224، والهمع 3/135.
6 ما بين المعقوفين ساقط من ب.
7 الّذي عليه الجمهور أنّ المضاف يجوز فيه الأمران على السّواء.
يُنظر: شرح عمدة الحافظ 1/399، وابن النّاظم 272، والارتشاف 2/224،
وابن عقيل 1/524، والهمع 3/135، والأشمونيّ 2/125.
(1/264)
بَابُ الْمَفْعُولِ مَعَهُ:
وَإِنْ أَقَمْتَ الْوَاوَ فِي الْكَلاَمِ ... مُقَامَ مَعْ فَانْصِبْ
بِلاَ مَلاَمِ
تَقُولُ: جَاءَ الْبَرْدُ وَالْجِبَابَا1 ... وَاسْتَوَتِ الْمِيَاهُ
وَالأَخْشَابَا
وَمَا فَعَلْتَ2 يَا فَتَى وَسَعْدَا3 ... فَقِسْ عَلَى هَذَا4
تُصَادِفْ رُشْدَا
المفعول معه5، قال الزّمخشريّ6: "هو المنصوب بعد الواو الكائنةِ بمعنى
مع". وهو من جملة الفضلات.
____________________
1 الجِبَابُ: تلقيح النّخل. وجَبَّ النَّخْلَ: لقَّحَه؛ وزَمَنُ
الجِباب: زمنُ التَّلْقِيح للنّخل.
والجَبَابُ: القَحْطُ الشّديد. اللّسان (جبب) 1/249، 252.
2 في متن الملحة 24، وشرح الملحة 186: وَمَا صَنَعْتَ.
3 في ب: وتسعد.
4 في أ: هذي.
5 في أ: قال الزّمخشريّ المفعول معه. ففي الكلام تقديم وتأخير.
6 المفصّل 56.
الزمخشري هو: محمود بن عمر، أبو القاسم، جار الله: إمامٌ في اللّغة،
والنّحو، والأدب؛ وكان واسع العلم، كثير الفضل، غايةً في الذّكاء،
وجَودة القريحة، متفنّنًّا في كلّ علم، معتزليًّا؛ ومن مصنّفاته:
الكشّاف، والفائق في غريب الحديث، والمفصّل، والأنموذج؛ توفّي سنة
(538هـ) .
يُنظر: نزهة الألبّاء 290، وإنباهُ الرّواة 3/265، وإشارة التّعيين
345، والبُلغة 220، وبُغية الوعاة 2/279.
(1/367)
والعامل فيه النّصب؛ الفعلُ الّذي قبله
بواسطة الواو1، وليس من المفاعيل ما يُنْصَبُ بواسطةٍ إلاَّ المفعول
معه، ويجري مجراه الاستثناء.
ولا يجوز حذف الواو من هذا كما جاز حذف [56/ب] اللاّم من المفعول له2؛
ولا أن يتقدّم على النّاصب له، كما جاز تقديم3 المفعول له على ناصبه4.
والنّاصبُ له: ما يتقدَّمُ عليه من فعلٍ ظاهرٍ أو مُقدَّرٍ، أو مِن
اسمٍ يشبه الفعل؛ مثال الظّاهر: (استوى الماءُ والخشبَةَ) ، ومثال
المقدّر5: (كيف أنتَ وقَصْعَةً من ثريدٍ؟) تقديره: كيف تكونُ6؛ ومثال
الاسم
____________________
1 وهذا مذهب الجمهور؛ وقال الأخفش: "ينتصب انتصاب الظّرف، كما ينتصب
مع"، وذهب الزّجّاج إلى أنّه منصوب بتقدير عامل؛ وذهب الكوفيّون إلى
أنّه منصوب على الخلاف؛ وقيل: إنّ عامل النّصب في المفعول معه الواو
نفسها.
تُنظر هذه المسألة في: الكتاب 1/297، والإنصاف، المسألة الثّلاثون،
1/248، والتّبيين، المسألة الحادية والسّتّون، 379، وشرح الرّضيّ
1/195، والجنى الدّاني 155، والارتشاف 2/286، والتّصريح 1/343، والهمع
3/237.
2 لأنّه يعمل فيه الفعل الّذي لا يتعدّى؛ فلا بدّ من توسّط حرف يُبيّن
تعلّق الفعل بما بعده.
يُنظر: التّبصرة 1/256.
3 في ب: تقدّم.
4 قيل: لأنّ الأصل في الواو العطفُ، وجُعلت هنا اتّساعًا؛ لقُرب المعنى
وتساويه، فلم يقدِّموا محافظة على الأصل.
يُنظر: الخصائص 2/383، والملخّص 381، والتّصريح 1/344، والهمع 3/241.
5 في أ: ومن المقدّر.
6 في كلتا النّسختين: يكون، والتصويب من ابن النّاظم.
(1/368)
المشبه للفعل: (حسبك وزيدًا درهمٌ) ، ومن
ذلك قولُ الشّاعر:
إِذَا كَانَتِ الْهَيْجَاءُ وَانْشَقَّتِ الْعَصَا ... فَحَسْبُكَ
وَالضَّحَّاكَ سَيْفٌ مُهَنَّدُ1
أي: كافيك.
ومن أمثلته: (جَاءَ البَرْدُ وَالطَّيالِسَةَ) و (ما زلت أَسيرُ
والنِّيلَ) و (لو تُرِكَت النَّاقةُ وفَصِيلَهَا لَرَضعَها) ؛
والتّقدير: جاء البرد مصاحبًا للطّيالسة2،
____________________
1 هذا بيتٌ من الطّويل، وقد نسبه القَالي في ذيل الأمالي إلى جرير، ولم
أجده في ديوانه.
وهو بلا نسبة في جميع المصادر الّتي ذكرته غير الذّيل.
و (الهيجاء) : الحرب. و (العصا) هُنا: الجماعة، كنّى بانشقاق العصا عن
التّفرُّق.
والمعنى: كافيك سيفٌ مع صحبة الضّحّاك، وحضوره - أي: حضور هذا السّيف
المُغْني عن سواه -؛ فالقصد الإخبار بأنَّ الضّحّاك نفسه هو السّيف
الكافي، لا الإخبار بأنّ المخاطب يكفيه ويكفي الضّحّاك سيف.
والشّاهد فيه: (والضّحّاك) حيث نصب الضّحّاك؛ لامتناع حمله على الضّمير
المخفوض، وكان معناه: يكفيك ويكفي الضّحّاك. والجرّ بالعطف، وقيل:
بإضمار (حسب) أخرى؛ والرّفع بتقدير (حسب) فحذفت وخلفها المضاف إليه.
وذكر ابن هشام في المغني أنّ البيت يروى بالأوجه الثّلاثة: فالنّصب على
أنّه مفعولٌ معه، أو مفعول به بإضمار (يحسب) ؛
يُنظر هذا البيت في: معاني القرآن للفرّاء 1/417، والأصول 2/37،
والأمالي 2/262، وذيلها 140، والتّبصرة 1/263، وشرح المفصّل 2/51،
وإيضاح شواهد الإيضاح 1/559، وشرح عمدة الحافظ 2/667، والمغني 731،
والأشمونيّ 2/136.
2 في أ: الطّيالسة.
(1/369)
وما زلت أسير مصاحبًا النّيل، ولو خليت
النّاقة لرضعها الفصيل.
والفرق بين هذه الواو وواو العطف: أنّ هذه الواو تؤذن بتمكُّن المصاحبة
فقط، والواو الّتي1 بمعنى العطف توجِب الشّركة في المعنى؛ فإنْ كان
الأوّل على معنى الفاعل فالثّاني على معنى الفاعل؛ والواو الّتي بمعنى
(مَعْ) ليست كذلك، إذ الأوّل فاعل والثّاني مفعول؛ فظهر بينهما الفرق.
وقد يأتي2 ما بعد الواو مرفوعًا، في قولهم: (كيف أنت وقصعةٌ [من] 3
ثريد) [57/أ] و (ما أنت
وزيدٌ) برفع4 ما بعد (الواو) على أنّها عاطفة على ما قبلها.
ومن ذلك قولُ الشّاعر:
يَا زِبْرِقَانُ أَخَا بَنِي خَلَفٍ ... مَا أَنْتَ وَيْبَ أَبِيْكَ
وَالْفَخْرُ5
____________________
1 في ب: الّذي.
2 في ب: تأتي، وهو تصحيف.
(من) ساقطة من ب.
4 الرّفع ههنا هو الوجه؛ لأنّه ليس معك فعل ينصب، ولا يمتنع عطفه على
ما قبله؛ لأنّ الّذي قبله ضمير مرفوع منفصل، والضّمير المنفصل يجري
مجرى الظّاهر؛ فيجوز العطف عليه؛ فلذلك كان الوجه الرّفع.
وأجاز سيبويه النّصب بفعل مقدَّر، تقديره: (كيف تكون وقصعة من ثريد) و
(ما كنت وزيدًا) .
يُنظر: الكتاب 1/303، والتّبصرة 1/259، وشرح المفصّل 2/51.
5 هذا بيتٌ من الكامل، وهو للمُخَبَّل السّعديّ، يهجو ابن عمّه الأعلى
الزّبرقان ابن بدر - وهو غير الزّبرقان بن بدر الفزاريّ -، ويُنسب
للمُتَنَخِّل السّعديّ.
يقال: يا أخا العرب؛ يُراد: يا واحدًا منهم.
و (بنو خلف) : رهط الزِّبرقان بن بدر. (ويب أبيك) : تحقير له وتصغير.
والشّاهد فيه: (الفخرُ) حيث رفعه عطفًا على (أنت) ، مع ما في الواو من
معنى (مع) .
ويمتنع النّصب إذْ ليس قبله فعل ينفذ إليه فينصبه.
يُنظر هذا البيت في: الكتاب 1/299، والمؤتلف والمختلف 272، وتحصيل عين
الذّهب 199، والتّبصرة 1/259، وشرح المفصّل 2/51، والهمع 5/281،
والخزانة 6/91، والدّرر 6/167، والدّيوان 293.
(1/370)
والأشهر النّصب1؛ فتجعل2الواو بمعنى (مَعَ)
وما قبلها مرفوعًا بفعلٍ مضمَرٍ هو النّاصب لِمَا بعدها، تقديره: (ما
تُلاَبِس وزيدًا) ، ومنه قولُ الشّاعر:
وَمَا أَنَا وَالسَّيْرَ فِي مَتْلَفٍ ... يُبَرِّحُ بِالذَّكَرِ
الضَّابِطِ 3
____________________
1 الّذي عليه الجمهور وسيبويه أنَّ الرّفع أشهر من النّصب؛ لأنّه لا
إضمار فيه، والنّصب قليل؛ لتقديرك وجود ما ليس في اللّفظ.
يُنظر: الكتاب 1/303، وشرح المفّصل 2/52، والهمع 3/242.
2 في أ: فتحلّ، وهو تحريف.
3 هذا بيتٌ من المتقارِب، وهو لأُسامة بن الحارث بن حبيب الهذليّ.
و (المتلَف) : القفر الّذي يتلف فيه مَن سلكه. و (يبرح) : يجهد، مِن
برح به الأمر تبريحًا: أجهده. و (الذّكر) : يقصد الذّكر من الإبل. و
(الضّابط) : القويّ.
والمعنى - كما قال العينيّ -: "يُنكر على نفسه السّفر في مثل هذا
المتلَف الّذي تهلك الإبل فيه؛ وذلك لأنّ أصحابه كانوا سألوه أنْ يسافر
معهم حين سافروا إلى الشّام فأبى وقال هذا الشّعر". المقاصد النّحويّة
3/98.
والشّاهد فيه: (والسّير) حيث انتصب بالفعل المحذوف، أي: ما تصنع
والسّير؛ ويجوز الرّفع على أنْ تكون الواو عاطفة.
يُنظر هذا البيت في: الكتاب 1/303، وديوان الهذليّين 2/195، وشرح أشعار
الهذليّين 3/1289، وتحصيل عين الذّهب 201، والتّبصرة 1/260، وشرح
المفصّل 2/52، وشرح عمدة الحافظ 1/404، وابن النّاظم 282، والمقاصد
النّحويّة 3/93.
(1/371)
ومن أبيات الكتاب:
فَكُونُوا أَنْتُمُ وَبَنِي أَبِيكُمْ ... مَكَانَ الكُلْيَتَيْنِ مِنَ
الطِّحَالِ1
وأمّا ما روي من2 الاستشهاد لجواز3 تقديم المفعول معه على مصحوبه4؛ فهو
خلافُ ما عليه الجمهور من المنع، ومنه قولُ الشَّاعر:
____________________
1 هذا بيتٌ من الوافر، ولم أقف على قائله.
و (بني أبيكم) : أراد بهم الاخوة.
والمعنى - كما قال العينيّ -: "كونوا أنتم مع إخوتكم متوافقين متّصلين
اتّصال بعضكم ببعض كاتّصال الكُليتين وقربهما من الطّحال؛ وأراد
الشّاعر بهذا الحثّ على الائتلاف والتّقارُب في المذهب، وضَرَبَ لهم
مثلاً بقُرب الكليتين من الطّحال". المقاصد النّحويّة 3/102.
والشّاهد فيه: (وبني أبيكم) حيث نصبه بالفعل الّذي قبله - فكونوا -
بواسطة الواو.
يُنظر هذا البيتُ في: الكتاب 1/298، والأصول 1/210، ومجالس ثعلب 1/103،
وسرّ صناعة الإعراب 1/126، 2/640، والتّبصرة 1/258، وشرح المفصّل 2/48،
50، وأوضح المسالك 2/54، والمقاصد النّحويّة 3/103، والتّصريح 1/345،
والهمع 3/244، والدّرر 3/154.
2 في ب: في.
3 في أ: نحوانّ، وهو تحريف.
4 الّذي أجاز تقديم المفعول معه على مصحوبه هو أبو الفتح ابن جنّي في
الخصائص 2/383، واستدلّ بهذا البيت الّذي أورده الشّارح، وببيت آخر هو:
أُكْنِيْهِ حِينَ أُنَادِيْهِ لأُكْرِمَهُ ... وَلاَ أُلقِّبُهُ
وَالسَّوْأَةَ اللَّقَبَا
وردّ عليه ابن مالكٍ في شرح الكافية الشّافية 2/698 حيث قال: "ولا
حُجّة لابن جنّي في البيتين؛ لإمكان جعلِ الواوِ فيهما عاطِفةً قُدِّمت
هي ومعطوفُها؛ وذلك في الأوّل ظاهر. وأمّا الثّاني فعلى أنْ يكون أصله:
(ولا أُلَقِّبُهُ اللَّقَبَ وأَسُوءُ السَّوْأَةَ) ثم حُذِفَ ناصبُ
(السّوأَةِ) ثم قُدِّمَ العاطفُ، ومعمولُ الفعلِ المحذوفِ".
يُنظر: ابن النّاظم 280، والهمع 3/239، والأشمونيّ 2/137.
(1/372)
جَمَعْتَ وَفُحْشًا غِيبَةً وَنَمِيمَةً
... خِصَالاً ثَلاَثًا لَسْتَ عَنْهَا بِمُرْعَوِى1
وهذا لإمكان2 جعل الواو عاطفةً قُدِّمت3 هي ومعطوفُهَا.
__________
1 هذا بيتٌ من الطّويل، وهو ليزيد بن الحكم.
(مرعوي) : منكفّ، يقال: ارعوى عن القبيح، أي: كفّ.
والمعنى: جمعت القبح من أطرافه: الفحش، والغيبة، والنّميمة؛ وهي خصال
الشّر، ولستَ بِمُنْتَهٍ عنها.
والشّاهد فيه: (وفحشًا) حيث ذهب ابن جنّي إلى أنّ الواو في (وفحشًا) هي
واو المعيّة، وأنّ الشّاعر قدّم المفعول معه على المعمول لمصاحبة
المصاحب؛ وذهب الجمهور إلى أنّ الواو هذه هي واو العطف، وأنّ (فُحشًا)
معطوف على (نميمة) ؛ لكنّ الشّاعر اضطّر إلى تقديم المعطوف على المعطوف
عليه؛ والتّقدير: جمعتَ غيبةً ونميمةً وفُحشًا.
يُنظر هذا البيتُ في: الخصائص 2/383، وأمالي ابن الشّجريّ 1/271، 275،
وشرح عمدة الحافظ 2/637، وشرح الكافية الشّافية 2/696، وابن
النّاظم280، والمقاصد النّحويّة 3/86، 262، والتّصريح 1/344، 2/137،
والهمع 3/240، والأشمونيّ 2/137، والخزانة 3/130.
2 في ب: الإمكان.
3 في أ: قدو منتهى، وهو تحريف.
(1/373)
|