المنصف لابن جني ج / 2 ص -209-
باب التضعيف في بنات الواو:
"لم كسروا عين
الماضي من "القوة" ونحوها":
قال أبو عثمان:
اعلم أنك إذا قلت: "فَعَلت" من هذا عدلته إلى "فَعِلت"
لينقلب2 موضع اللام ياء استثقالا لبنات الواوين في الفعل؛
كما استثقلوا أن تجيء الهمزة مضاعفة، وما قرب من الهمزة في
المخرج؛ فلم يتكلموا به إلا قليلا كراهة ما يستثقلون،
والواو مما تستثقل، فكرهوا التضعيف فيها؛ وذلك نحو:
"قَوِيت، وحَوِيت".
قال أبو الفتح: قوله: اعلم أنك إذا قلت: "فَعَلْت" من هذا
عدلته إلى: "فَعِلْت".
يريد: إذا لفظت بالماضي3؛ فإنما يريد بـ"فعَلت": الماضي؛
ولا يريد أن يحد في "فَعَلت" بعينها حركة العين.
وقوله: "وما قرب من الهمزة".
يريد به حروف الحلق؛ لأنها4 قسم برأسه، متباعد5 من الفم6
الذي أكثر الحروف منه؛ ولهذا قل نحو: "ضغيغة، ومهه، وبعاع"
حتى يضاعف نحو: "المعمعة، والغمغمة7، والدعدعة8،
والوحْوَحة"، وقد تقدم القول في استحسانهم مع التضعيف ما
لا يستحسن مع غيره.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 زادت ع هنا: هذا.
2 ظ، ش، ع: لأن ينقلب، وبين سطور ظ: لإثبات.
3 ظ: الماضي.
4 ظ، ش: لأنه.
5 ص: ظ، ع: متباعدة.
6 ظ، ش: القسم.
7 ظ: والمغمغة.
8 في كعب ع أمام "والدعدعة": "دعدع الإناء: ملأه. قال
لبيد: المطعمون الجفنة المدعدعة. وقال:
فدعدع سرة الركاء كما
دعدع ساقي الأعاجم القريا
"الركاة: لا معروف".
ج / 2 ص -211-
وقوله: "فهذا إذا كان أصل العين التحريك".
يريد: في الفعل، وأن اللام تنقلب ياء في الماضي، لا محالة.
فأما الاسم فقد تكون العين فيه مفتوحة، فلا يلزم قلب اللام
ياء نحو: "التَّوى" وهو الهلاك، وهو مصدر "تَوِيَ
يَتْوَى1، كقَوِيَ يقوى2"، وهو من مضعف الواو؛ ويدل3 على
ذلك قولهم4: "التَّوّ" للفرد5؛ فالمعنى6 واحد؛ لأن الهلاك
أكثر ما يكون مع التوحد والانفراد؛ هكذا قال لي أبو علي
-وقد قرأت عليه من المسائل الحلبية- بمدينة السلام.
"صحة الواوين في
أمثال "قو، وبو"":
قال أبو عثمان: وإن كان أصلها السكون ثبتت في نحو:
"القُوّة، والحُوّة، والصُّوّة"، ومثل7: "بَوّ، وقَوّ"،
وجعلوا هذا حين سكن ما قبله بمنزلة8 "غَزْو، وعَدْو".
قال أبو الفتح: إنما صحت الواوان في هذه المواضع؛ لأنها
أسماء، والأسماء يؤمن معها ثقل التصرف؛ ولأن اللسان أيضا
ينبو عن المدغم نبوة واحدة.
وقوله: "إنهم جعلوه بمنزلة: "غَزْو، وعَدْو".
يريد به أنه لما سكن ما قبل الواو الآخرة صحت؛ كما صحت في
"غَزْو، وعَدْو".
"اعتلال الواو
في نحو "قوى: تقوى"":
قال أبو عثمان: فإن قلت9: هلا قلت: "قوَوْت تقْوُوُ"، مثل:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش: وتوى.
2 يقوى: ساقط من ظ، ش.
3 ظ، ش، ع: يدل.
4 قولهم: ساقط من ظ، ش.
5 ظ، ش: الفرد.
6 ظ، ش: والمعنى.
7 ظ، ش: مثل.
8 ظ، ش، ع: مثل.
9 ص: قالوا.
ج / 2 ص -212-
"غَزَوْتَ تَغْزُوُ"، فإنما ذاك لأنه مضاعف، وحروف
الاعتلال تكره وحدها فإذا ضوعفت كانوا لها أشد كراهة؛ إذ
كانوا يكرهون مضاعفة غير المعتل حتى يلزموه الإدغام،
ولكنها لما سكن ما قبلها احتملت ذلك؛ كما احتملوا "سَئّآل"
مثل: "فَعّال، ورَءّآس"؛ لأن اللسان إنما ينبو عنه نبوة
واحدة.
قال أبو الفتح: يقول: لما كنت تدغم نحو: "يردّ" وإن لم يكن
فيه حرف مستثقل كان قولك: "قَوَوْت تَقْوُوُ" -لم يجتمع في
"تَقْوُوُ" من الواوين والضمة والتضعيف- أثقل، فرفض لذلك1.
يقول: وصحت الواوان في "حُوَّة، وقُوَّة" كما صحت الهمزة
في "سَئّآل ورَءّآس" لارتفاع اللسان عنهما ارتفاعة واحدة.
"استفعل من
"قويت" مثله من "شويت"":
قال أبو عثمان: واعلم أن "استفعل" من "قَوِيت" مثله من
"شَوَيت"، وذلك: "اسْتَقْوى، فهو مستقو" مثل: "اسْتَشْوى،
فهو مُسْتَشو" فجميع ما تصرفت فيه "شَوَيت" تصرفت فيه
"قَوِيت" إلا في الموضع الذي تسكن فيه العين.
قال أبو الفتح: إنما استوى "استفعل" منهما؛ لأن اللام من
"القوة" وقعت سادسة في "استفعل" فوجب قلبها ياء؛ كما
انقلبت في "استقصيت، واستدنيت" ولم2 يكن ذلك، لئلا تجتمع
واوان؛ وإنما ذلك لأن الواو إذا وقعت رابعة فصاعدا قلبت
ياء.
ألا ترى أن "استدعيت" ونحوه قد قلبت واوه وإن لم يكن
مضعفا؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ظ، ش: لذلك قال أبو الفتح.
2 ظ، ش: فلم.
ج / 2 ص -213-
وقوله: "إلا في الموضع الذي تسكن فيه
العين".
يريد: باب "قُوّة، وحُوّة" ونحوهما مما لامه ملاصقة لعينه؛
فإن حجز بينهما حاجز حتى تصير اللام رابعة فصاعدا، وجب1
قلبها إلى الياء.
ألا ترى أنك لو بنيت مثل "فَعْوَل" من "القُوّة" لقلت:
"قَوّى"، فقلبت اللام ياء؛ لأنها رابعة؛ ثم قلبت الياء
ألفا!
وكذلك لو بنيت مثل "فَوْعَل" من "القُوّة" لقلت: "قَوّى"
لأن اللام وإن كانت إلى جنب العين؛ فإنها قد وقعت رابعة،
والعين قبلها مفتوحة؛ وليس كذلك "الحُوّة، والصُّوَّة،
والقُوَّة"؛ لأن اللام ثالثة، والعين ساكنة، وإلى2 هذا2
قصد أبو عثمان!
"لا تكون فاء
الفعل ولامه واوين":
قال أبو عثمان: واعلم أن الفعل لا يكون موضع الفاء منه
واوا، واللام واو، ليس3 في الكلام مثل: "وَعَوْت" ولا
نحوه، وذلك أن مثل "القُوَّة" ونحوها يقل في باب
"رَدَدْت"، وباب "رَدَدْت" أكثر من باب "سلس"4 وما كان
مثله؛ فلما قلّت في الباب الأكثر رُفِضَت في الباب الأقل.
قال أبو الفتح: يقول: إن "القوة" من باب "رددت" لأن العين
واللام من موضع واحد؛ وباب "رَدَدْت" أكثر من باب "سَلِس".
يريد: أن ما عينه ولامه من موضع واحد أكثر مما فاؤه ولامه
من موضع واحد؟
ألا ترى إلى كثرة "شَدَدْت، ومَدَدْت، وعَدَدْت5" وقلة
"باب"6 "قَلِقَ، وسَلِسَ"؟ و"القوة" ونحوها قليل في باب
"رَدَدْت"، فلما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش: أوجب.
2، 2 ظ، ش، ع: وهذا.
3 ظ، ش: وليس.
4 ظ، ش: سلس وقلق.
5 ظ، ش: حدوت.
6 زيادة من ظ، ش.
ج / 2 ص -214-
قل1 باب "رَدَدْت" -على كثرته- أن تكون
العين واللام واوين؛ لثقل الواو رفض ذلك في باب "قَلِقَ"
البتة، لقلته.
وقد جاء اسم واحد فاؤه واو، ولامه واو، وهو قولهم في حروف2
التهجي: "واو".
فأما الألف فيها فلا تخلو من أن تكون ياء، أو واوا؛ وقد
ذهب فيها هذان المذهبان، فقال قوم: إنها من الواو، وقال
آخرون: هي من الياء.
فأما من ذهب إلى3 أنها من الواو فله أن يقول: لما لم تمل
كما أميلت الياء والتاء دل ذلك على أنها من الواو، ولأنا4
لو جعلناها من الياء لما أخرجنا ذلك من أن تكون الكلمة بلا
نظير5؛ لأنه ليس في الكلام مثل: "وَعَوْت"، فلما كان الأمر
كذلك حملناها على الواو؛ لأن الإمالة لم تسمع فيها؛ ولأن
العين أيضا إذا كانت ألفا مجهولة فحملها على الواو أولى؛
كما تقدم من قولنا في هذا.
ورأيت أبا على يذهب إلى أنها من الياء، ويعتمد في ذلك على
أنه لا ينبغي أن يكون من الواو؛ لئلا تجعل6 حروف الكلمة
كلها من موضع واحد.
قال: وأما قولهم: "بَبَّة" فإنها7 تجري مجرى حكاية
الأصوات؛ ولم يذكر "دَدِدٌ"، وكذلك قياس قوله فيه؛ لأنه
يستعمل في ضرب من اللعب؛ فهو8 حكاية صوت عندهم.
ولأبي علي أن يقول أيضا: إن الياء قد جاءت فاء، ولاما في
قولهم "يَدَيْت"9
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش، ع: قل في.
2 حروف: ساقط من ظ، ش، ع.
3 إلى: ساقط من ظ.
4 ظ، ش: لأنا.
5 ظ: نظير له، وش: نظير لها.
6 ص، ع: تجتمع.
7 ظ، ش: فهو في -غير أن "فهو" في هامش ظ، وفي صلبها: "فهذه
في".
8 ص: فإنما. وظ، ش: فإنه.
9 بعض "يديت" غير ظاهر في ص.
ج / 2 ص -215-
والياء أخت الواو؛ فأنا أحمل الواو على هذا
أيضا، لمضارعة الياء الواو، باللين والامتداد.
ولو بنيت من الواو على القول الأول مثل "صحفة" لقلت:
"أوَة" تهمز؛ لاجتماع الواوين في أول الكلمة، وعلى قول من
جعل العين ياء: "وَيَّة" وأصلها: "وَيْوَة" فتقلب1 اللام
ياء لوقوع الياء الساكنة قبلها.
وهذا القول كله إنما يكون في الواو إذا جعلت اسما؛ فقيل:
"هذه واو حسنة"، أو نحو ذلك، فأما في التهجي فلا تمثل، ولا
يقال في ألفها: إنها منقلبة؛ لأن الحروف لا يسوغ فيها شيء
من ذلك؛ وقد سبق القول فيها في هذا المعنى!
"جاءت الفاء
واللام ياءين":
قال أبو عثمان: وقد جاءت الفاء واللام ياءين في "يَدَيْت
إليه يدا" وهو قليل، و"حييت" أكثر منه؛ لأن باب "رددت"
أكثر من باب "قَلِقَ، وسَلِس"، فلذلك قل في مثل:
"يَدَيْت".
قال أبو الفتح: قوله: فلذلك قل في مثل "يَدَيْت".
يريد به2: أن باب "رَدَدْت" أكثر من باب "سلس" ولم يكثر مع
ذلك مجيء العين واللام ياءين، بل هو أقل من باب "طَوَيْت،
ورَوَيْت" فلما قلت الياء في الباب الأكثر ازدادت قِلّة في
الباب الأقل، وهو "يَدَيْت".
وإنما استجازوا مجيء الياء في "يَدَيْت" فاء ولاما؛ لأن
الفاء إذا كانت ياء جرت مجرى الصحيح.
ألا ترى إلى ثباتها حيث تحذف الواو نحو: "يَسَر يَيْسِر،
وينَع يَيْنِع"؟ فلخفة الياء ما جاز3 فيها هذا، ولثقل
الواو ما امتنع هذا4 فيها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش: تقلب.
2 به: ساقط من ظ، ش.
3 ظ، ش: جاءت.
4 هذا: ساقط من ظ، ش.
ج / 2 ص -216-
فأما1 قولهم: "وَقَيْت، ووَعَيْت،
ووَشَيْت، واتساع ذلك مع اعتلال الفاء واللام؛ فإنما ذلك
لاختلاف الحرفين -أعني الواو والياء- ولفُشُوّ باب
"طَوَيْت، ولَوَيْت، وشَوَيْت"؛ فلما كثر وشاع، واطرد كان
باب "وَقَيْت" ووَعَيْت" وإن كان كثيرا فهو دونه؛ كما كان
باب "حَيِيت" لما قل، وكان دون "شَوَيْت" لم يستعمل من باب
"سَلِس" إلا "يَدَيْت" وحدها:
وكذلك لما كانت الواو لم تستعمل في باب "رَدَدْت" محركة
العين2 على الأصل البتة إلا مقلوبة اللام نحو: "قَوِيت،
وحَوِيت" لم تستعمل في باب "سَلِس، وقَلِق" البتة في الفعل
إلا ما جاء في اسم واحد وهو "واو".
فهذه الأبواب موازين العربية وقوانينها، يقابل بعضها ببعض،
وتُرَتَّب مواضعها، وتوزن وزنا.
"تكرر الواو في
"الوزوزة، والوحوحة"":
قال أبو عثمان: ولكن الواو قد تكثر في الأربعة نحو:
"الوَزْوَزَة، والوَحْوَحَة"؛ لأنه قد يكثر مثل
"القَلْقَلة، والصَّلْصَلة"، ولم يغيروا الواو في
"الوحوحة، والوزوزة" لأن بينهما حاجزا.
قال أبو الفتح: يقول: لما كثر باب "القَلْقَلة،
والصَّلْصلة، والزَّلْزلة، والحَلْحَلة" واتسع وفشا جاءت
فيه الواو مكررة؛ ولأن3 التكرير أيضا يحتمل فيه ما لا
يحتمل لولاه4.
ولم5 يجب تغيير الواو الأولى؛ لأن بينها6 وبين الثانية
حاجزا، وإنما يجب التغيير إذا اجتمعتا7 في أول الكلمة، كما
تقدم.
ولم تغير الثانية؛ لأنها لم تقع رابعة، كلام "ضَوْضَيْت،
وقَوْقَيت".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش: وأما.
2 ظ، ش: السين.
3 ظ، ش: لأن.
4 ظ، ش، ع: لولا هو.
5 ش: ولو لم.
6 ظ: بينهما.
7 ظ، ش: اجتمعا.
ج / 2 ص -217-
فإن قيل: فهلا غيروا إحدى1 الواوين في
"الوَحْوَحة" كما غيروا الياء2 في "حَيْحَيْت" ونحوه؟
قيل: لأنك لو قلت في "الوَحْوَحة؛ أحْوَحَة" لم يعلم أنه
رباعي؛ وكذلك3 لو قال: "يَحْوَحَة".
وأنت إذا قلت: "حاحَيْت" ونحوه4 علم أنه "فَعْلَلْت"
لقولهم5: "الحاحاة، والعاعاة" ولئلا تكون الفاء والعين من
موضع واحد.
وكذلك لو غيرت الثانية فقلت: "الوَحِيحة" لم يعلم أنه
رباعي.
ولو قلبتها ألفا فقلت: "الوَحاحة" لم يعلم أيضا6 أنه
رباعي؛ ولتغير المثال لتحرك الحاء!
وأيضا: فإن الواوين في "الوَحْوَحة" ليستا في7 موضع
الياءين من "حَيْحَيت" لتقدم الواوين وتأخر الياءين،
والمتأخر ضعيف فقبل الاعتلال؛ لأن الفاء أقوى من العين.
وأيضا: فإن الياء في "حَيْحَيت" ونحوه8 ساكنة، والياء
الساكنة قد تقلب ألفا في غير موضع، والواوان في
"الوَحْوَحة" متحركتان9، والساكن أقبل للقلب من أجل ضعفه!
وأيضا: فإن "حاحيت" وبابه10 شاذ عن القياس، فيس لنا أن
نقول: هلا حملوا غيره عليه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 إحدى: ساقط من ظ، ش.
2 ش: الياءين.
3 ظ: ولذلك.
4 ظ، ش: ونحوها.
5 ظ، ش: بقولهم.
6 أيضا: ساقط من ظ، ش.
7 ظ، ش: من.
8 ونحوه: غير واضح في ص.
9 ص: تتحركان.
10 الواو من "وبابه" غير واضحة في ص.
ج / 2 ص -218-
"تكون الهمزة ثانية ورابعة":
قال أبو عثمان: وتكون1 الهمزة ثانية ورابعة في
نحو: "الرَّأرأة، والدَّأْدأة".
قال أبو الفتح: إنما ذكر الهمزة مع الواو؛ لأنهما كلتيهما
مستثقلتان2، ولم أعلمهم جعلوا الهمزة فاء ولاما3 في هذا
المكرر؛ حتى إنه ليس عندي في كلامهم نحو: "أصْأَصَ"
و"أَبْأَتَ" وإن جاء فقليل؛ وذلك عندي لكراهة4 الابتداء
بالهمزة مع تكريرها؛ والهمزة إذا ابتدئت لم يمكن تخفيفها
البتة.
""افعللت
وافعاللت" من "غزوت، وحييت"":
قال أبو عثمان: وأما "افْعَلَلْت" من "غَزَوْت" فتقول
فيه: "اغْزَوَيت" و"افْعالَلْت" "فيه"5: "اغْزاوَيْت"،
و"افْعَللْت" من "حَيِيت". و"افْعاللت" مثلهما6 من
"رَمَيْت" تقول: "احْيَيْت، واحْيايَيْت، وهو يَحْيَيَيُ،
ويحيايِيُ" مثل: "ارْمَيَيْت، وهو يرمَيِيُ، وارْمايَيْت،
وهو يَرْمايِيُ" فتصح العين واللام الأولى من "احْيَيْت،
وهم يَحْيَيُون7" مثل "يَرْمَيُون8".
قال أبو الفتح: اعلم أن جميع هذه الأمثلة إنما يعتل منها
الحرف الأخير، ويصح جميع ما قبله عينا كان أو لاما؛ لئلا
يجتمع إعلالان، وهذه جملة مغنية!
وأصل "يَحْيَيُون: يَحْيَيِيُون" فأسكنت اللام الأخيرة
ونقلت حركتها إلى الأولى، وحذفت؛ لسكونها وسكون واو الجمع9
كما فعل في "يَرْمَيُون"، وأصله: "يَرْمَيِيون".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش: وقد يكون.
2 ص: مشتقتان.
3 ظ، ش: ولا لاما.
4 ظ، ش: لكراهية.
5 زيادة من ع.
6 ظ، ش: مثلها.
7 ص، ظ، ش: يحيييون.
8 ع: يرمييون.
9 ص، ظ: الجميع.
ج / 2 ص -219-
"بناء "افعللت، وافعاللت" من "حييت" للمجهول":
قال أبو عثمان: وإذا بنيت الفعل بناء ما لم يسم فاعله قلت:
"قد احْيُيِىَ1 في هذا المكان، وقد أحْيُويِيَ فيه" كما
تقول: "قد ارمُيي في هذا المكان، وارْمُويِيَ فيه"
والإدغام في هذا كله عربي جيد.
قال أبو الفتح: اعلم أن الواو في "أُحُيويي فيه2" هي الألف
في "احْيايَيْت" قلبت لانضمام ما قبلها، كما فعل في
"سُوِير" من "سايَرَ"، ولم تدغم واو "اُحْيُوْيي" في الياء
بعدها، كما لم تدغم واو "سُوِير".
والقول في الإظهار والإدغام في "احْيُيِيَ3 واحْيَوِيَي"4
هو القول في إظهار "حَيِيَ" وإدغامه ومن أدغم قال: "قد
أُحْيُيّ واحْيُوِيّ4 فيه" كما تقول: "قد احْمُرَ واُحمورّ
فيه" فتشبع5 مدة الواو، لوقوع المدغم بعدها، كما تقول: "قد
تُمُوِدّ الثَّوْب" في "فُعِل" من "تفاعَل" من "مدَدْت".
""افعللت
وافعاللت" من "قويت، وحويت" وبناؤهما للمجهول":
قال أبو عثمان: وتقول في مثل "احمَرَرْت من قوِيت وحوِيت:
اقْوَوَيْت واحْوَوَيْت" ومثل "احمارَرْت: اقْواوَيْت وهو
يَقْواوِيُ" ومن بنى الفعل بناء ما لم يسم فاعله قال: "قد
اقْوُوْوِي في هذا المكان" إذا أرادوا "افْعُوعِل" ومن
أدغم في باب "احْيايَيْت" لم يُدغم في هذا؛ لأن الحرفين
ليسا من مخرج واحد.
قال أبو الفتح: اعلم أن من قال في "افْعَوْعَلَ من قلت:
اقْوَيَّلَ" كراهة اجتماع الواوات -وهو أبو الحسن- يقول
هنا إذا بنى الفعل للمفعول: "اقْوُوْوِيَ" كما يقول غيره؛
ولا يكره اجتماع ثلاث واوات؛ لأن الوسطى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ع: أحيي.
2 فيه: ساقط من ظ، ش، ع.
3 ظ، ش، ع: أحيى.
4، 4 ساقط من ظ، ش.
5 ظ، ش، ع: تشبع.
ج / 2 ص -220-
مدة؛ وإنما هي بدل بمنزلة ألف
"اقْوَاوَيْت" فكأن الألف هناك، وإذا كان الأمر هكذا؛
فكأنّه قد فصل بين الواوين بالألف.
وقوله: "لم1 يُدْغَمْ في2 هذا؛ لأن الحرفين ليسا من مخرج
واحد":
يقول: من قال: "احيَّويَّ" فأدغم؛ فلأن بعد الواو حرفين من
جنس واحد وهما الياءان، وقولهم: "اقْوُوْوِيَ" إنما بعد
الواو الوسطى منه واو وياء، فلم يجب الإدغام لأن الحرفين
مختلفان، ولم يجز إبدال الواو ياء وإدغامها في الياء بعدها
كما عُمِل في "لَوَيْت لَيّا، وشَوَيْت شَيّا" لأن ذلك
إنما يجوز3 إذا كانت الأولى ساكنة والواو التي قبل الياء
في "اقْوُوْوِيَ" متحركة؛ فمن هنا لم يجز القلب أيضا.
"المصدر
من"احوويت"":
قال أبو عثمان: وإذا أردت المصدر من "احْوَوَيْت" قلت:
"احْوِوَاء" كما تقول:"اقْتِتالا"، ومن أدغم فقال:
"قِتَّالا" قال: "حِوّاء"، ومن أخفى ولم يدغم، أخفى هنا
ولم يدغم4 فقال: "احْوِوَاء"4.
قال أبو الفتح: اعلم أن من أدغم في "اقتتال" فقال:
"قِتّالا" فإنما كره إظهار حرفين متحركين من جنس واحد5
وهما التاءان، فنقل حركة التاء الأولى إلى القاف، فتحركت
بالكسر؛ فلما تحركت استغني عن همزة الوصل؛ لأنها إنما جاءت
لسكون ما بعدها؛ ثم أدغمت التاء الأولى في الآخرة، فقيل:
"قِتّالا"، فكذلك عُمِل في "احْوِوَاء" لأنه كره اجتماع
الواوين متحركتين؛ فنقلت حركة الأولى إلى الحاء، وحذفت
همزة الوصل لتحرك ما بعدها، وأدغمت الواو الأولى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش، ع: لا.
2 في: ساقط من ظ، ش، ع.
3 ص، ظ، ش: يكون.
4، 4 ساقط من ظ، ش. وفي ع: فانقلبت ياء.
5 واحد: ساقط من ظ، ش، ع.
ج / 2 ص -221-
في الثانية فقيل: "حواء"، ومن أخفى فقال:
"اقتتالا" قال هنا: "احْوَوَاء"، والمخفى بزنته معلنا؛ فمن
وجب تسكين الحاء في "احْوِوَاء" لأن الواو لم تسكن فتنقل1,
حركتها2 إلى الحاء مع الإخفاء، والإخفاء أبين من الإشمام2؛
وقد تقدمت حجة ذلك!
"مصدر "افعاللت"
من "الحوة"":
قال أبو عثمان: ومصدر "افْعالَلْت" من "الحُوَّة:
احْوِيَّاء" تقلب الواو التي هي بدل من الألف ياء؛ لأن
قبلها كسرة وهي ساكنة؛ ثم تقلب لها3 اللام ياء من4 أجل
الياء الساكنة4؛ لأن الياء الساكنة إذا كانت بعدها واو
متحركة حولت الواو ياء، ثم أدغمت الساكنة فيها، وذلك نحو:
"سَيّد، ومَيّت" وقد بينا ذلك فيما مضى!
قال أبو الفتح: قوله: "تقلب الواو التي هي بدل من الألف
ياء" ليس يتجه؛ إلا على أنه يريد: أنك تقلب الواو الوسطى
في "احْوُوْوِيَ" التي انقلبت عن الألف في "احوَاوَيْت"
ياء؛ لانكسار العين قبلها في "احْوِيّاء" فكأنه كان5 في
التقدير قبل القلب: "احْوِوْوَاء6" فقلبت الواو الوسطى
ياء7؛ لانكسار الأولى؛ فصار في التقدير: "احْوِيْوَاء" ثم
قلبت الواو الآخرة، لوقوع الياء المبدلة من الوسطى قبلها،
فصار: "احْوِيَّاء".
وقد قال بعضهم: "احْوِيْوَاء"، ولم يقلب الواو -وإن كان
قبلها ياء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ع: "وتنقل" والملائم كما في الصلب.
2، 2 مشار إليه في صلب ص على أنه مستدرك في كعبها؛ غير أنه
لم يظهر لخطأ التصوير الشمسي، وهو ثابت في ش.
3 لها: ساقط من ش.
4، 4 ساقط من ظ، ش، ع.
5 كان: ساقط من ظ، ش.
6 ظ، ش: احوواء.
7 ياء: ساقط من ظ، ش.
ج / 2 ص -222-
ساكنة- لأن هذه الياء لا تلزم؛ لأنها غير
موجودة في الفعل، فجرت عنده مجرى واو "سُوِير"؛ لأن1
المصدر قد يجري مجرى الفعل في مواضع.
ويقوي هذا القول عندي قليلا، وأن لمن صحح: وجها يتعلق به:
أن من قال: "احْوِيَّاء" فأدغم فقد أعل الكلمة من موضعين:
أحدهما: قلب اللام "الأولى"2 ياء.
والآخر3: قلب اللام الآخرة همزة.
ومن أبدل اللام الأولى ياء -وهو الأكثر- فإنما ذلك عنده؛
لأن المصدر اسم، والاسم لا يتصرف كتصرف الفعل؛ فلما حصلت
الياء فيه قبل الواو كانت4 لازمة موجبة للقلب؛ لأن المصدر
يجري مجرى اسم المفعول في هذا.
ألا تراهم5 قالوا: "غُزِيَ، فهو مَغْزُوّ" فصححوا اسم
المفعول -وإن كان الفعل معتلا!
"من قال: "قتل
القوم" في "اقتتلوا" قال: "حوى القوم" في "احووى"":
قال أبو عثمان: وتقول فيمن قال: "قَتَّل القوم" في
"اقْتَتلوا": "حوّى6 القوم" في "احْوَوَى". ومن قال:
"قَتَّل" قال: "حَوَّي القوم" فأجرى7 فاء8 "حَوَّى"9 مجرى
فاء10 "قتل11" في كل ذا!
قال أبو الفتح: اعلم أن من قال: "قَتَّل" فإنما كره ظهور
التاءين في "اقتتل" فسكن الأولى ونقل حركتها إلى القاف،
فحذف همزة الوصل لتحرك ما بعدها، ثم أدغم التاء الأولى في
الثانية فقال: "قَتَّل"، وقياس هذا "حَوَّى" لأنه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ص: ولأن.
2 الأولى: زيادة من ظ، ش.
3 ظ: والآخرة.
4 ش: وكانت.
5 ظ، ش: ترى أنهم.
6 ش: وحوى.
7 ص: فأجر -بصيغة الأمر- وفي ع: فأجرى: احووى، مجرى:
اقتتل.
8، 10 فاء: ساقط من ظ، ش، ع، في الموضعين.
9 ع: احووى.
11 ظ، ش، ع: اقتتل.
ج / 2 ص -223-
يكره ظهور الواوين متحركتين في "احْوَوَى"
فينقل الحركة ويحذف همزة الوصل ويدغم الأولى في الثانية.
ومن قال: "قِتَّل" فإنه كسر القاف لالتقاء الساكنين ولم
ينقل إليها1 فتحة التاء، وقياسه في "احْوَوَى: حِوَّى
القوم2".
والقياس إذا أدغمت التاء الأولى: أن تُحَوِّل حركتها على
الفاء فتقول "قَتّل، وحَوَّى" لأن عامة كلامهم على هذا.
ألا ترى قولهم: "يَرُدّ، ويَضَنّ، ويَخِفّ" كله على تحويل
الحركة؟
ومن قال: "قَتَّلَ" في "اقْتَتَلَ" قال في اسم3 المفعول:
"مُقَتَّل"، وقياسه: "مُحَوًّى".
ومن قال: "قَتَّل" قال: "مُقِتَّل"، وقياسه: "مُحِوّى4".
ومنهم من يتبع الضم5 الضم5 فيقول: "مُقُتّل"، وقياسه في
"مُحْوَوًى6: مُحُوًّى".
وكذلك قوله تعالى:
{وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ}7 إنما هو: المفتعلون من العذر.
وأصله: "المعتذرون"، فأرادوا أن يقربوا التاء من الذال،
ليزول همس8 التاء ويكون العمل من وجه واحد وهو الجهر
بالذال؛ ولأن المهموس إذا أدغم في المجهور9 فهو وإن أخفي
بالإدغام فقد قوي بأن10 قلب إلى المجهور؛ لأن الإدغام لا
يكون إلا بأن يُسَوّى بين لفظي الحرفين، فقلبوا التاء ذالا
وأدغموها في الذال، ونقلوا فتحة التاء إلى العين فقال11:
"المعذرون".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش: عليها.
2 القوم: ساقط من ظ، ش، ع.
3 ع: لام.
4 ع: محووى.
5، 5 ظ، ش، ع: الضمة الضمة.
6 ظ، ش: محوى.
7 أول الآية 90 من سورة التوبة 9.
8 ظ: همز.
9 في المجهور: ساقط من ع.
10 ظ: فإن.
11 ظ، ش: فقالوا.
ج / 2 ص -224-
وقرأ1 بعضهم: "وَجَاءَ الْمُعُذِّرُون"
أتبع الضمة الضمة ولم ينقل حركة التاء1.
وقرأ بعضهم أيضا2: "وَجَاءَ الْمُعِذّرون" فكسر العين
لالتقاء الساكنين؛ وهذا كله قد تقدم ذكر3 نظيره في:
"مُحَوّى، ومُحِوّى، ومُحُوّى"؟
ومن العرب من يقول في "اقتتلوا: قِتِّلوا"، فيطرح فتحة
التاء الثانية ويتبع كسرة4 القاف كسر التاء4.
وقالوا في "افتتحوا: فِتِّحول" فمن قال هذا فقياسه أن يقول
في: "احْوَوَى: حِوّى زيد"، وفي الجمع5: "حِوّوا"، وأصله:
"حِوِّيُوا" مثل: "اقِتِّلُوا، وفِتِّحوا" فكره الضمة على
الياء، فأسكنها ونقلها إلى الواو المشددة، كما تقول في
"عَمِيَ: عَمُوا"، وفي "شَقِيَ: شَقُوا"، إلا أن هذا لا
يقاس.
ألا ترى أن من قال في "مُنْتِن: مِنْتِن" لا يقول في
"مُكْرِم: مِكْرِم". ومنهم من يقول: "مُنْتُن"، فيضم التاء
لضمة الميم، ولا يجوز على هذا مُكْرُم".
وكذلك "مِغْبِرة" إنما هو6 بمنزلة "مِنْتِن" ولم تكسر ميمه
على حد قولهم في "شَعير: شِعير"، وفي "رَغيب: رِغِيب"، وفي
"بَعِير: بِعِير" لأن هذا مطرد في بابه لحرف الحلق، ولا
يقول على هذا في "ظَرِيف: ظِرِيف7"، ولا في "قَتيل:
قِتِيل" لأنه لا حرف حلق فيه.
وقالوا في الاتباع: "أنا أُجُوْؤُك وأُنْبُؤُك"، يريد:
""أنا"8 أُجِيئُك وأُنْبِئُك" فقلب الياء من "أُجْيِئُك"
واوا؛ لأنه ضم الجيم لضمة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1، 1 في ص إشارة إليه على أنه استدراك في كعبه ولم يظهر
لخطأ التصوير الشمسي، وهو ثابت في ظ، ش، وعنهما نقل.
2 أيضا: ساقط من ظ، ش، ع.
3 ذكر: ساقط من ظ، ش.
4، 4 هامش ص، وصلب ظ، ش، ع: ويتبع كسر الأولى كسر الثانية.
5 ظ، ش: الجميع.
6 ظ، ش: هي.
7 ظ، ش: ظريف ولا في رغيف: رغيف.
8 زيادة من ع.
ج / 2 ص -225-
الهمزة، والياء بعدها ساكنة؛ فانقلبت1
واوا؛ لانضمام ما قبلها.
وكذلك ضم الباء في "أُنْبُؤُك" لضمة الهمزة، ولا تقول على
هذا في "أُبِيُعك: أُبُوْعُك"، ولا في "أُكْرِمُك:
أُكْرُمُك2".
فإن قلت: فإن فيه حرف الحلق؟ فإنه ليس على هذا الحد يقع
الاتباع.
ألا ترى أنه لا يجوز في "شِعار: شَعار3" بفتح4 الشين،
لفتحة5 العين، ولا "مُعار: مَعار".
إنما يقال6 ذلك في الأمثلة التي سمع بعضها، واطرد السماع
فيها.
وإنما جاز هذا في "فَعِيل وفَعِل" نحو: "شَعِير، ومَحِك"،
وشجعهم على ذلك: أنه ليس في الكلام7 "فُعِيل" ولا "فِعِيل"
بضم الفاء ولا كسرها، فهم إذا كسروها، فمعلوم أن أصلها
الفتح.
وقالوا: "مِحِك" فكسروا، لأنه ليس في الأسماء8 "فُعِل" بضم
الفاء.
فإن قلت: فهلا خشوا أن يلتبس بباب "إبل، وإطل"؟
قيل: هذا قليل في بابه، فلا9 يعرج عليه.
وحكي عنهم: "السُّلُطان" بضم اللام في "السُّلْطان"، ولهذا
نظائر: ومثله قول أبي النجم:
تدافع الشيب ولم تقتل
فالقول10 فيه عندي: "أنه أراد: "ولم تَقْتَتِل"، فأسكن التاء
الأولى كما تقدم، وكسر القاف لالتقاء الساكنين، فصار11
التقدير: "تَقِتِّل"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش: فانقلب.
2 أكرمك: ساقط من ظ.
3 شعار: ساقط من ظ، ش.
4 ظ، ش: فتح.
5 ش: لفتح.
6 ص، ظ، ش: يقاس.
7 ص، ظ، ش: الأصول.
8 ص، ظ، ش: الكلام.
9 ظ، ش: فلم.
10 ظ، ش: والقول.
11 ظ، ش، ع: فصار في.
ج / 2 ص -226-
ثم1 إنه كسر حرف المضارعة اتباعا لكسرة
التاء بعدها؛ أو لأن ماضيه: "افتعل" كما تقول: "تِقْتِطع"
ونحوه؛ فصار "تِقِتِّل"1، وقياس هذا في "تَحْوَوى:
تِحوّى".
وقرأ بعضهم فيما حكاه سيبويه عن الخليل وهارون القارئ2:
"مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرُدِّفِينَ3"، وأصله:
"مُرْتَدِفِين" مفتعلين" من الردف"؛ ثم عمل فيه كما عمل
في: "المعذرون" فتفهم هذه المواضع؛ فإن فيها بعض الإشكال.
"فعل" من:
"شويت":
قال أبو عثمان: وتقول في "فُعْل" من "شَوَيْت: شُيّ"، وإن
شئت كسرت فقلت: "شِيّ"،4 وكان أصلها: "شِوْيٌ" فقلبت الواو
ياء وأدغمتها في الياء التي بعدها4، وكذلك هي من "حَييت"،
إن شئت كَسرت أولها؛ وإن شئت ضممت، والكسر أكثر، وقد مضى
تفسير هذا.
قال أبو الفتح: أصل هذه المسألة من "شَوَيْت: شُوْي" فقلبت
الواو ياء؛ لوقوعها ساكنة قبل الياء "ثم أدغمت الياء في
الياء"5 فصار: "شُيٌ"، وإنما كان الكسر أكثر؛ لأجل الياء
الساكنة وإن كانت قد قويت بالإدغام؛ لأن6 الحرف المشدد قد
يجري في بعض المواضع مجرى الحرف الواحد؛ وقد سبق القول في
نظير هذا.
ويجوز على هذا أن يكون قولهم: "الْقِيّ -للفلاة: فِعْلا،
وفُعْلا" جميعا وعينه واو؛ لأنه من "القَوَاء"، ومنه قوله
تعالى:
{وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ}7
قيل فيه: إنهم السالكون في "القِيّ": وهو الفلاة القفر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1، 1 ساقط من ش.
2 القارئ: ساقط من ظ، ش، ع.
3 من الآية 9 من سورة الأنفال 8، والكلمة فيها: مردفين.
4، 4 ساقط من ع.
5 زيادة من ع، وفي موضعها من ص، ما يدل أنها مستدركة في
كعبها، غير أنها ضائعة في التصوير الشمسي.
6 ظ، ش: ولأن.
7 آخر الآية 73 من سورة الواقعة 56.
ج / 2 ص -227-
"الحذف في "لم أبل، ولا أدر، ولم يك" لكثرة الاستعمال":
قال أبو عثمان: وأما قولهم: لم أُبَل، ولا1 أدْرِ، ولم
يَكُ" فإنما حذف هذا لكثرة استعمالهم إياه2 في كلامهم، وهم
مما يحذفون ما يكثر في كلامهم، ويغيرونه عن حال نظائره؛
وقد كتبت بعض ذلك فيما مضى، وهذه الأحرف من الشواذ، ومما
لا يقاس عليه.
قال أبو الفتح: إنما كانت هذه الحروف عنده شاذة؛ لأنه كان
القياس أن يقال: "لم أُبال" بمنزلة: "لم أُرام، ولم أُعاط"
لأنه مضارع "بالَيْت، ولا أدْرِي"، لأنه في موضع رفع،
ونظير3: "لا4 أرمي4، ولم5 يكن" لأنه نظير: "لم يَصِر5"
ولكنه6 لما كثر استعمال هذه الحروف فصارت: "لم أُبَلْ"،
تقال7 عند كل شيء محتقر، خففت بتسكين اللام من "لم أُبال"،
وشبهت8 اللام بالفاء9 من: "أخاف"، فكما تسكن تلك للجزم8؛
كذلك سكنوا هذه اللام من لم أُبال10 تشبيها بالفاء11،
لكثرة الاستعمال؛ فلما سكنت اللام حذفت الألف لالتقاء
الساكنين كما تحذف من: "لم أُخَف"، وكذلك من12: "لم يك"،
لأن13 "كان"14 كثر استعمالهم إياها، وصارت عبارة عن15
الأفعال15.
يقول القائل: "هل قام زيد"؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ع: ولم.
2 ظ، ش: هذا، وهو ساقط من ع.
3 ظ، ش، ع: نظير.
4، 4 ظ، ش: لم يضن.
5، 5 ساقط من ظ، ش، وفي ع: "ولم أكن لأنه نظير لم يكن".
6 ظ، ش: ولكن.
7 تقال: ساقط من ظ، ش.
8، 8 تكرر في ظ، ش في موضع الرقم 10 بين "لم أبال"
و"تشبيها"، وهو 9 كلمات.
9 ظ، ش: بالخاء.
11 ظ، ش: بالخاء.
12 من: ساقط من ظ، ش، ع.
13 ظ، ش: لأنه.
14 كان: ساقط من ظ، ش.
15، 15 ساقط من ظ، ش.
ج / 2 ص -228-
فيقول المجيب: "نعم قد كان ذاك، وما كان
ذاك".
و"هل يقوم زيد"؟
فيقول المجيب: "نعم قد يكون ذاك".
ولا يمتنع في شيء من ذلك1.
فلما حذفوا الواو للجزم في: "لم يكن"، ووقعت2 النون آخرا
ساكنة -وهي مضارعة لحروف المد واللين بالغنة3 التي فيها؛
وأنها4 ساكنة- حذفوا النون أيضا5، كما يحذفون حروف المد
إذا وقعن لامات للجزم نحو: "لم يَغْزُ، ولم يَرْمِ، ولم
يَخْشَ" فكذلك6 قالوا: "لم يَكُ".
ويدلك على أن النون أشبهت حروف اللين -لسكونها- حتى حذفت
كما حُذِفْن: أنها إذا تحركت لم تحذف؛ لأن الحركة قد
أخرجتها من شبه حروف اللين، وذلك قولهم: "لم يكن الرجل
منطلقا"، ولا يجوز: "لم يَكُ الرجل"، لتحرك النون.
وقد جاء شيء من هذا في ضرورة الشعر.
قال الشاعر, أنشدنيه بعض أصحابنا عن قطرب:
لم يك الحق على أن هاجه
رسم دار قد تعفى بالسرر
غير الجدة من عرفانه
خرق7 الريح وطوفان المطر
وأحسن ما يقال فيه عندي: أنه قدره: "لم يك" على حد قولك: "لم
يك زيد" ثم جاء بالألف واللام بعد أن حصل فيه الحذف، فتركه
على حاله؛ لأن من عادته أن يقول في غير هذا الموضع: "لم يك
زيد".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش: ذاك.
2 ظ، ش: وقعت.
3 ع: بالغلبة.
4 ظ، ش: فإنها.
5 أيضا: ساقط من ش.
6 ظ، ش، ع: وكذلك.
7 ش: خروق.
ج / 2 ص -229-
ونظير هذا قولهم في قول الشاعر, أنشده
سيبويه:
كنواح ريش حمامة نجدية
ومسحت باللثتين عصف الإثمد
لأنهم يحتجون في حذف الياء بأنه قدر الكلمة: "نواح" قبل
الإضافة؛ ثم أضاف بعد أن استقر الحذف1 في الكلمة؛ وإذا جاز
هذا التأول في المضاف -شدة اتصاله- بالمضاف إليه2 كان في
الفعل أحسن؛ لأن اتصاله بالفاعل دون اتصال المضاف بالمضاف
إليه2.
ألا ترى أنه يجوز الفصل بين الفعل والفاعل بالمفعول والظرف
وغيرهما, مما ليس أجنبيا من الفعل، جوازا حسنا؟ ولا يجوز
شيء من ذلك في المضاف والمضاف إليه، إلا في ضرورة شعر،
وعلى قبح من الكلام.
ومع هذا فقولهم3: "لم يك الحق" مشبه بقولهم: "مِلْغُلام،
ومِلآنَ يريدون؛ من الغُلام، ومِنَ الآن" قال أبو صخر:
كأنهما مِلْآن لم يتغيروا
وقد مر للدارين من بعدنا عصر
فكما4 حذفت النون من هذا لالتقاء الساكنين، كذلك حذفت من:
"لم يك الحق" إلا أن "مِلْآن" أحسن وأكثر في اللغة؛ لأنه
لم يحذف من "من" شيء قبل حذف النون، كما حذف من: "لم يكن"
عين الفعل، فحذف النون من: "لم يك الحق" إجحاف؛ لأنك تحذف
العين واللام جميعا.
"حذف نون:
"لكن"":
ولكن نظير "لم يك الحقّ" ما أنشده سيبويه من قول النجاشي:
فلست بآتيه ولا أستطيعه
ولاك اسقني إن كان ماؤك ذا فضل
يريد: "ولكن اسقني"، فحذف النون لالتقاء الساكنين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش: الحرف.
2، 2 ساقط من ع.
3 ظ، ش: قولهم وع: فقوله.
4 ظ: فلما.
ج / 2 ص -230-
وهذه "لكن" إنما هي مخففة من: "لَكِنّ"،
فقد حذفت منها نون واحدة، ثم حذفت الأخرى؛ فهذا إجحاف
بالكلمة.
فإن قلت: إن بين "لَكِنْ، ولم يَكُنْ" فرقا، وهو أن
"لَكِنْ" لما كانت مشددة كانت ناصبة للاسم ورافعة الخبر
نحو1: "لكن زيدا منطلق"، فلما خففتها خرجت عن ذلك الباب،
وصارت تحسب في2 حروف العطف، فحصلت -لما زال عملها- كأنها
حرف آخر، فأشبهت من في أنها لم يحذف منها شيء.
وقولهم: "يكون، ولم يكن" لا فرق بينهما -في العمل والمعنى-
فحذفك من "يكن" هو حذفك من "يكون" فما تنكر أن يكون الحذف
في ""لم"3 يكن" أقبح منه في "لَكِنْ".
قيل: هذا وجه من الكلام.
ولآخر أيضا أن يقول: إن "لَكِنّ" حرف؛ والحروف لا يليق بها
الحذف، إنما أكثر ما يكون ذلك في الأفعال؛ ثم الأسماء.
فأما الحروف فالحذف فيها قليل جدا، لا تكاد تراه إلا في
المضعف نحو: "رُبّ، وإنّ" فإذا4 خفف المشدد من الحروف،
فقليل في بابه.
فإن جئت تحذف المخفف فذلك إجحاف مفرط.
ومع هذا فإن في الأفعال ما قد حذف5 منه حرفان، نحو: "عِ
كلاما، وشِ ثوبا"، ولا نرى حرفا حذف منه حرفان.
فهذا أوكد مما أورده، وأقصى أحوال: "لم يك الحق" أن يكون
مثل:
ولاك اسقني....
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الخبر: ساقط من ظ، ش، وفي ع: للخبر.
2 ظ: عن، وش: من.
3 الزيادة من ع.
4 ظ، ش: فإن.
5 ظ، ش: حذفت.
ج / 2 ص -231-
فأما قراءة من قرأ: "قُلْ هُوَ اللهُ
أَحَدُ اللهُ الصَّمَدُ"1 فحذف التنوين لالتقاء الساكنين.
فليست في بُعد هذه الأشياء؛ لأن التنوين زائد يأتي بعد
الحركات، التي تأتي بعد حروف الإعراب؛ فهو ضعيف جدا؛ وليس
من حقه أن يحرك، ولا يقوم بنفسه؛ وهو2 محذوف في الوقف.
ومشابهة الاسم للفعل -من وجهين- تمنع منه.
وهو مبدل في الوقف على المنصوب ألفا.
ولم يكن3 قط مضعفا، ثم خففت مثل "لَكِنّ".
ولا كانت الحركة تدخله في وقت مثل4 "يكونُ، ولن يكونَ"
فضعف جدا.
وقوي شبهه بحروف المد واللين؛ فحذف لالتقاء الساكنين.
ومثله قول الشاعر:
عمرو الذي هشم الثريد لقومه
ورجال مكة مسنتون عجاف
ومن روى: "عمرو العلا..." فلا حجة، في إنشاده؛ لأنه مضاف.
وقال الآخر5, وهو5 أبو6 الأسود:
فألفيته غير مستعتب
ولا ذاكر الله إلا قليلا
يريد7: "ذاكر الله7".
وقال ابن قيس الرقيات:
كيف نومي على الفراش ولما
تشمل الشام غارة شعواء
تذهل الشيخ عن بنيه وتلوي8
بخدام العقيلة العذراء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الآيتان الأولى والثانية من سورة الإخلاص 112.
2 ش: فهو.
3 ش، ع: يك.
4 ظ, ش، ع: نحو.
5، 5 ساقط من ظ، ش.
6 ظ: ابن، وهو خطأ.
7، 7 ساقط من ظ، ش، ع.
8 ش: وتبدى.
ج / 2 ص -232-
يريد: "وتُلْوِي1 بخدام العقيلة".
وقال الآخر:
والله لو كنت لهذا خالصا
لكنت عبدا آكل الأبارصا
يريد: "آكلا الأبارِصا".
فهذا ما اقتضاه القول في: "لم يَكُ", ومن أين جاءه2 الحذف.
فأما "لا أدْرِ" فإنه عبارة عن كل منكور، وكثر في كلامهم؛
فحذفوا الياء على حد قوله تعالى:
{ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ}3, "وقوله"4
{وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ}5.
ونحو قول زهير:
ولأنت تفرى ما خلقت وبعـ
ـض القوم يخلق ثم لا يفر
والجيد: "لم أُبال، ولا أدري".
فأما "لم يَكُنْ، ولم يَكُ" فقد كثرا في القرآن والشعر،
نحو قوله تعالى:
{وَلَمْ تَكُ شَيْئًا}6.
وقال الراجز:
فكنت إذ كنت إلهي وحدكا
لم يك شيء يا إلهي قبلكا
وهو واسع جدا؛ وإنما المكروه نحو قوله: "لم يك الحق:" فافهم.
"بعض العرب
يقول: "لم أبله"":
قال أبو عثمان: وزعم الخليل أن ناسا من العرب يقولون: "لم
أُبَلِه"، ولا7 يزيدون على حذف الألف؛ كما حذوفا من8
"عُلَبِط".
قال أبو الفتح: الظاهر من هذا القول أنهم يقولون: "لم
أُبال"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ش: وتبدى.
2 ظ، ش: جاء.
3 من أول الآية 64 من سورة الكهف 18.
4 الزيادة من ع.
5 الآية 4 من سورة الفجر 89.
6 آخر الآية 9 من سورة مريم 19.
7 ظ، ش، ع: لا.
8 من: ساقط من ظ، ش، ع.
ج / 2 ص -233-
على ما ينبغي ثم1 أدخلوا الهاء لبيان
الحركة في الوقف، فصار في التقدير: "لم أُبالِه"، ثم إنهم
حذفوا الألف لضرب من التخفيف، كما حذفوها من "عُلَبِط،
وهُدَبِد".
والذي تحصل لي عن أبي علي وقت القراءة، ما أذكره لك. قال:
أصله: "لم أُبال" ثم حذفت الحركة تخفيفا، فسقطت الألف
لالتقاء الساكنين، فبقي "لم أبَل" ثم دخلت الهاء وهي
ساكنة، فانكسرت اللام لالتقاء الساكنين.
قال: ولم ترد الألف -وإن كانت اللام قد انكسرت- لأن حركة
التقاء الساكنين غير معتد بها؛ لأنها غير لازمة.
يريد: نحو قوله تعالى2:
{قُمِ اللَّيْل}3 و{قُلِ اللَّهُمّ}4.
فقلت له: إن هذه الهاء إنما تدخل لبيان الحركة، واللام
كانت قبل دخول الهاء سكنة على قولك.
فقال: إنها وإن كانت ساكنة فأصلها الحركة.
قال: وإذا كانت قد دخلت في نحو: "ارْمِهْ، واغْزُهْ" ولم
يحذف من الكلمة إلا حرف واحد: فأنت بإدخالها -فيما قد حذف
منه حرفان- أجدر. فالكسرة5 في اللام -على هذا القول- إنما
هي لالتقاء الساكنين؛ وهي في قول الخليل الحركة الأصلية
في: "هو يُبالي".
ألا ترى أنه قال: "إن الألف حذفت من: "لم أُبَلِه" كما
حذفت من "عُلَبِط" والألف6 في "عُلَبِط" ونحوه إنما حذفت
للتخفيف، لا لالتقاء الساكنين.
ونظير ما ذهب إليه أبو علي في هذا، ما حكاه سيبويه عن أبي
الخطاب: أنهم يقولون: "اغْزِه"، فيكسرون الزاي -والقول في
هذا عندي: أنه أسكن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش، ع: ثم إنهم.
2 تعالى: ساقط من ظ، ش.
3 صدر الآية الثانية من سورة المزمل 73.
4 صدر الآية 26 من سورة آل عمران 3.
5 ظ: في الكسرة.
6 ظ، ش: فالألف.
ج / 2 ص -234-
الزاي فبقى: "اغْزْ" ثم أدخل الهاء للوقف
على الزاي -وهي ساكنة- فالتقى ساكنان، فكسر الزاي
لالتقائهما؛ فكما لا يشك في أن الكسرة في "اغْزِه" هي غير
ضمة الزاي الأصلية في "هو يَغْزُوْ"، فكذلك ينبغي، على
تفسير أبي علي، أن تكون الكسرة في: "لم أُبَلِهْ" غير
الكسرة الأصلية في: "هو يبالي".
وإنما مثلت بالمضموم1؛ لأن الأشياء تعرف بأضدادها.
وحكى أبو زيد: "لم يَأْلِ عن ذاك" بكسر اللام.
يريد: "لم يَأْلُ"، فكأنه أسكن اللام بعد الحذف، ثم كسرها
لسكونها وسكون الهمزة قبلها؛ فكذلك2 كسر اللام من: "لم
أُبَلِهْ"، والزاي من: "اغْزِهْ" لسكونهما3 وسكون الهاء.
وحكى أبو زيد أيضا عنهم: "اِغْزِهْ"، وهذا القول يحتمل
عندي وجهين:
إما أن يكون كسر الهمزة لكسر4 الزاي اتباعا.
وإما5 أن يكون كسر الهمزة على ما كان يجب فيها؛ لأن6
حركتها لالتقاء الساكنين.
وحكي عنهم: "اِقتُل" بكسر الهمزة، جاء بها على الأصل،
واعتد بالقاف حاجزا وإن كانت ساكنة.
ويجوز في كسرة الزاي أيضا أن تكون اتباعا لكسرة الهمزة،
كأنه كسر الهمزة على ما يجب فيها6 في الأصل، ثم أبدل من
ضمة الزاي كسرة كراهية الضمة بعد الكسرة.
فإن قال قائل: فإن أبا علي ذكر أنه لم يرد الألف من: "لم
أُبَلِهْ"،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش: بالمضمومة.
2 ظ، ش: وكذلك.
3 ظ، ش، ع: لكونها.
4 ظ، ش، ع: لكسرة.
5 ع: وإنما.
6، 6 ساقط من ظ، ش.
ج / 2 ص -235-
-وإن كانت اللام مكسورة- لأنها حركة غير لازمة، والحذف1 في
تقدير السكون، وقد قال مع ذلك أيضا: إنه إنما أدخل الهاء
-وإن كانت اللام ساكنة- لأن أصلها الحركة؛ أي: فهي في
تقدير الحركة، فقد قضى بما ذكر أن الحرف في تقدير السكون
والحركة جميعا، وهذه مناقضة2 لتضاد الحركة والسكون
وتنافيهما3 على الحرف الواحد؟
قيل: لا يمتنع أن يقدر الشيء تقديرين مختلفين من4 وجهين
مختلفين4؛ لأن اللام من حيث سكنت حتى حذفت الألف عنده،
قال: إنها في تقدير السكون، ومن5 حيث كان أصلها الكسر في:
"هو يُبالي" قال: هي في تقدير الحركة؛ وليست اللام حرف
الإعراب، فتمتنع إذا سكنت من دخول الهاء، كما6 يمتنع: لم
يضرب" من دخول الهاء6 في الوقف؛ بل القياس فيها أن يقال
قبل الحذف7: "لم أُبالِهْ" كما تقول في الوقف: "لم
أُرامِهْ"، فلما كان دخول الهاء قبل حذف الألف سائغا حسنا،
كذلك دخلت الهاء بعد حذف الألف وسكون اللام؛ لأن من عادة
هذه الهاء أن تدخل في مثل هذا قبل حذف الألف.
فإن قيل: فإن اللام من: "لم أُبَلِهْ" مكسورة في اللفظ كما
ترى، فهي8 مكسورة أيضا في الأصل؛ فلا9 لم يجز حذف الألف
لتحرك اللام في اللفظ والأصل جميعا؟
قيل: هي وإن كانت مكسورة فليست الكسرة فيها هي الكسرة
الأصلية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش، ع: والحرف.
2 ظ، ش: مناقضة أيضا.
3 ظ: وتنافيها.
4، 4 ساقط من ظ، ش.
5 ظ، ش: من.
6، 6 ساقط من ع.
7 قبل الحذف: ساقط من ع. وفي ظ: "الحرف"، بدل: "الحذف".
8 ظ، ش، ع: وهي.
9 ظ، ش: فهذا.
ج / 2 ص -236-
في البناء إنما هي كسرة التقاء الساكنين،
بمنزلة كسرة1: "قُمِ الليلَ2، وقُلِ اللَّهُمّ"3 فلم ترد
الألف هناك، كما لم ترد الواو هنا.
فهذا مما ينبغي أن تحتج به على أبي علي4.
وقوله: "فلا يزيدون على حذف الألف" معناه: فيحذفون الألف.
وقول الخليل في هذا أشد5 انكشافا من قول أبي علي6.
"حذف لام "بالة"
مصدر "باليت"":
قال أبو عثمان: وكذلك "بالَة" مصدر "بالَيْت" كأنه
"بالِيَة" بمنزلة "العافية".
قال أبو الفتح: قوله: "وكذلك "بالة"7 مصدر: "بالَيْت7".
يقول: فحذفت اللام من المصدر كما حذفت الألف من الفعل،
وإنما حملها على الحذف8؛ لأنه لو لم تكن محذوفة لكانت
"فَعَلَة" مما عينه معتلة؛ وإنما هي من معنى "بالَيْت"،
ولام "بالَيْتُ" هي المعتلة لا عينها؛ وحملها على "فاعلة"؛
لأن "باليت" بوزن "عافَيت"، فحمله على نظيره في الوزن،
واعتلال اللام.
"لما ثبت الياء
في "أبالي" ثبتت الألف":
قال أبو عثمان: ولم يقولوا: "لا9 أُبَلْ"، الآن10
هذا10 موضع رفع، وليس بموضع حذف؛ كما لم يحذفوا حين قالوا:
"لم يكُنِ الرجل"؛ لأن هذا موضع تحرك فيه النون.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش، ع: كسرة قوله تعالى.
2 من الآية 2 من سورة المزمل 73.
3 من الآية 26 من سورة آل عمران 3.
4 ظ، ش، ع: أبي علي قال أبو علي.
5 أشد: ساقط من ظ، ش.
6 ظ، ش: أبي علي رحمه الله وإيانا.
7، 7 ساقط من ظ، ش.
8 ظ، ش: الحرف.
9 ع: أنا.
10، 10 ظ، ش: هذا في. وع: لأنها في.
ج / 2 ص -237-
قال أبو الفتح: في هذا القول تَقْوِيَة
لمذهب أبي علي:
ألا ترى أن الياء لما ثبتت في "أبالي" لم يكن تسكين اللام؛
فلما لم يمكن ذلك ثبتت الألف؛ لأنها1 لم يلقها ساكن بعدها؛
فهذا يدلك على أن الألف إنما حذفت لالتقاء الساكنين:
ولو كانت الألف حذفت كما حذفت2 من "عُلَبِط" لحذفت في
"أُبالي" لأن "أُبالي" في العِدّة والحركات والسكون بوزن3
"عُلابِط" قبل الحذف؛ فيجب على قوله أن يقال أيضا: "هو
يُبَلِي" فيكون بوزن "عُلَبِط".
وللمنتصر للخليل أن يقول: إن الرفع لا يليق به الحذف كما
يليق بالجزم؛ فإنما استجيز حذف الألف في الجزم دون الرفع؛
وقد جاء عنهم من الأفعال المعتلة اللامات ما حذفت لامه
للجزم أو الوقف4؛ ثم حذفت الحركة معها نظير قولهم: "لم
أُبَلْ".
قرأت على أبي علي في النوادر عن أبي زيد:
قالت سليمى اشتر لنا سويقا5
فحذف الياء والكسرة جميعا.
وأنشد أبو زيد أيضا:
فاحذر ولا6 تكتر كريا أعوجا
فحذف الياء والكسرة أيضا.
وقال الآخر:
ومن يتق فإن الله معه
ورزق الله مؤتاب وغادي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ص، ظ، ش: لأنه.
2 ظ، ش: تحذف.
3 ظ، ش: بمنزلة.
4 ظ، ش: للوقف.
5 "ص: دقيقا" وقد آثرنا رواية ظ، ش "سويقا" لأنها رواية
الزمخشري أيضا.
6 ظ، ش: فلا.
ج / 2 ص -238-
يريد: ومن يتّق1.
فهذا نظير "لم أُبَل"، إلا أنه لم يلزم في هذه المواضع حذف
شيء2 لتسكين المتحرك، كما لزم في: "لم أُبَل".
وقول أبي عثمان: كما لم يحذوفا "حين قالوا"3: "لم يكن
الرجل" قد تقدم القول فيه.
"حكم ما فاؤه
واو ولامه ياء من الأفعال":
قال أبو عثمان: واعلم أن ما كانت فاؤه واوا؛ ولامه
ياء، فإن أوله يجري على أول "وَعَدْت"، وآخره "يجري"4 على
آخر "رَمَيْتُ"، وذلك نحو: "وأيْتُ، ووَعَيْتُ" تحذف من
"يَفْعِلُ" منه5 كما6 تحذف من "يَفْعِل" من "وَعَدْتُ"،
وتجري على لامه ما تجري على لام "رَمَيْتُ". وذلك قولك:
"يَئِي ويَعِي، ولم يَإِ، ولم يَعِ" فاعلم؛ فإذا7 أمرت
قلت: "إهْ" كما تقول: "عِهْ" وإذا8 وصلت قلت: "إ "يا
فتى"9" كما تقول: "عِ يا فتى"، وللمرأة: "إيْ" كما تقول:
"عِي"، وللجماعة: "أُوْا" كما تقول: "عُوْا" وللنساء:
"إين" كما تقول: "عِينَ".
قال أبو الفتح: قد تقدم القول في استجازتهم إعلال الفاء
واللام جميعا، وأن ذلك لتباعد إحداهما10 عن11 الأخرى12،
وأنهم إنما امتنعوا من إعلال العين واللام جميعا13؛
لتجاورهما، كما قال أبو علي، وهذا كما احتمل الاسم الألف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش: يتق فحذف.
2 ظ، ش: شيء من شيء.
3 زيادة من ع.
4 زيادة من ظ، ش.
5 ش: من وعيت. وهو ساقط من ظ.
6 ص، ظ، ش: ما.
7 ظ، ش، ع: وإذا.
8 ظ، ش، ع: فإذا.
9 زيادة من ظ، ش، ع.
10 ظ، ع أحدهما.
11 ظ على، وفي ع. من.
12 ع الآخر.
13 جميعا ساقط من ظ.
ج / 2 ص -239-
واللام في أوله، والنون في آخره؛ لأنه
اعتدال1 بينهما في نحو قولك: "الزيدان، والعمران" ولم
يحتمل النون مع الإضافة؛ لأنهما زائدان2 من وجه واحد، فزال
الاعتدال؛ فمن هنا حذفت النون مع الإضافة في نحو: "غلاما
زيد"3 ولم يقولوا: "غلامان زيد3" وقالوا: "الغلامان"
لتباعد إحدى الزيادتين من الأخرى.
وأنا أفسر من هذه الألفاظ ما يقتضي التفسير:
قولك للمرأة: "إيْ" هذه الياء هي للضمير والتأنيث، وأصله4:
"إيي" بوزن: "عِدي"، فاستثقلت5 الكسرة على الأولى التي هي
لام الفعل، فأسكنوها وحذفوها، لسكونها وسكون التي هي علامة
التأنيث والضمير بعدها.
وقولك للجماعة: "أُوا" أصله: "إيُوا" مثل: "عِدُوا"
فاستثقلت الضّمة على الياء، فنقلت إلى الهمزة, وحذفت الياء
التي هي لام الفعل، لسكونها وسكون واو الجميع بعدها.
فأما الياء في قولك لجماعة النساء: "إيْنَ" فهي لام الفعل،
بمنزلة دال6: "عِدْنَ"، والنون بعدها علامة الإضمار والجمع
والتأنيث بمنزلة نون: "اضربْن".
"أويت كشويت":
قال أبو عثمان: وأجر أول "أَوَيْت" كأول "شَوَيْت"، وعنيه
ولامه كعينه ولامه، تقول إذا أمرت7 منه7: "إيْوِ" كما
تقول: "اِشْوِ"، وللاثنين: "إيْوِيا" كما تقول: "اشْوِيا"
وللجمع8: "إيْوُوْا" كما تقول: "اشْوُوْا"، وللنساء:
"إيْوِين" كما تقول: "اشْوِينَ".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ص، ظ، ش: اعتدل.
2 ظ، ش: زائدتان.
3، 3 ساقط من ع.
4 ظ، ش: وأصلها.
5 ظ، ش، ع: فاستثقلوا.
6 دال: ساقط من ظ.
7، 7 ص، ظ، ش: أمرته.
8 ص، ش، ع: وللجميع.
ج / 2 ص -240-
قال أبو الفتح: اعلم أن أصل: "إيُووا:
ايْوِيُوا" بوزن "اضْرِبُوا"؛ لأن "أوَى يَأْوِي" في
المثال كـ"ضَرَب يضْرِب" فقلبت الهمزة الثانية ياء،
لانكسار الأولى قبلها، واستثقلت الضمة على الياء، فنقلت
إلى الواو قبلها، ثم سقطت الياء لالتقاء الساكنين.
وأما1 الياء في "إيوِينَ" التي قبل النون فلام الفعل،
بمنزلة ياء "اضْرِبْنَ" وبمنزلة ياء "ارْمينَ"، والنون
علامة الجمع والضمير المؤنث2.
فإن قال قائل: فلم صحت الواو في "إيو، وإيويا" ونحو ذلك
وقبلها يا ساكنة؟ وهلا قلبت كما قلبت في "سيّد، وميّت"؟
فالجواب: أن هذه الياء ليست لازمة، وإنما هي بدل من همزة
"أوَى"، أبدلت لوقوع همزة الوصل قبلها، فهي غير لازمة.
ألا ترى أنه متى زالت همزة الوصل صحت الهمزة! وذلك نحو
قولك: "قم فَأْوِ3"، وكذلك "اذهب وأوِ4".
فلما كانت الياء غير لازمة جرت مجرى يا "دِيوان"، التي
إنما5 هي بدل من الواو التي كانت مدغمة، فإذا كانوا قد
صححوا الواو في "دِيوان" مع أنه اسم متقار6 على حالة
واحدة، فهم بتصحيح الواو في "إيْوِ" -لأن الفعل لا يستقر
على حالة واحدة- أجدر7.
ولو بنيت من "أَوَيْت" مثل "إجْرِدِ" لقلت: "إيِّي8"
وأصلها9:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ع: فأما.
2 ع: والمؤنث.
3 ص، ظ، ش: فأئو.
4 ص، ظ، ش: وائو.
5 إنما: ساقط من ظ، ش.
6 ظ، ش: منقاد.
7 ظ، ش: أولى.
8 في الأصل: إيو، كذا من هامش ص.
9 ع: وأصله.
ج / 2 ص -241-
"إئْوِي" فقلبت الهمزة الثانية1 ياء، ثم قلبت الواو التي
بعدها أيضا2 ياء، لوقوع الياء المبدلة من الهمزة قبلها
ساكنة؛ لأن الاسم يلزم طريقا3 واحدا3، فإذا حصل فيه مؤثر
ما روعي حكمه.
"كيف تبني على
مثال "فوعل" من "وأيت"":
قال أبو عثمان: وتقول في "فَوْعَل" من "وَأَيْت" كما
تقولها4 من: "وَعَدْتُ: أوْأَأٌ" كما تقول: "أوْعَد"
تُبْدِلُ الواو الأولى همزة كما تقول ذلك فيما اجتمعت في
أوله واوان.
قال أبو الفتح: أصل هذه المسألة: "وَوْأَي" الواو الثانية
زائدة؛ لأنها واو "فَوْعَل" فهمزة الأولى5، لما6 تقدم
ذكره؛ فإن خففت الهمزة ألقيت حركتها على الواو وحذفتها
فقلت: "أوًى" ولم تقلبها؛ لأن7 أقصى أحوال8 هذه الواو
المتحركة أن تكون كواو "نَوًى، وطُوًى" لأن الحركة في
الواو غير لازمة.
"كيف تبني على
مثال "فوعل" من "أويت"":
قال أبو عثمان: وتقول في "فَوْعَل" من "أَوَيْت: أوًّى"
كما تقول فيها من "عويتُ: عَوًّى"، فهذا مجرى9 "أويتُ،
ووَأَيْتُ"، وسأكتب منهما ومن غيرهما مسائل تؤكد ما ذكرت
إن شاء الله.
قال أبو الفتح: إنما جاء بهاتين المسألتين ليؤكد عندك أن
"أوَى كعَوَى، ووَأَى كوَعَى".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الثانية: ساقط من ظ، ش، ع.
2 أيضا: ساقط من ظ، ش، ع.
3، 3 ظ، ش: طريقة واحدة.
4 ظ، ش، ع: تقول.
5 ظ، ش: الأول.
6 ظ، ش، ع: كما.
7 ظ، ش: ولأن.
8 أحوال: ساقط من ظ، ش.
9 ظ، ش، فهذا جرى. وع: فهذا يجري. |