المنصف لابن جني ج / 2 ص -242-
هذا باب ما قيس من المعتل ولم يجئ
مثاله إلا من الصحيح:
قال أبو عثمان:
وإنما قسناه على الصحيح؛ لأن المعتل للعرب في إعلاله
مذاهب، قد أحطنا بها، وبمذهبهم1 فيها؛ فإذا قيل: ابنِ
كذا2؟ فانظر ما يلزم الياء والواو في مواضعهما3؛ فلا يخرج
ذلك من أن يكون له نظير من الياء والواو قد4 لزمه من كلام
العرب.
إما سكون، وإما إتمام، وإما قلب وتغيير؛ فلم تعد أن صنعت
بالواوات والياءات ما صنعوا، وسأفسر ذلك شيئا فشيئا5 إن
شاء الله.
قال أبو الفتح: يقول لك: إنما تقيس ما لم يأت على ما أتى
من كلام العرب؛ والغرض في صناعة الإعراب والتصريف: إنما هو
أن يقاس ما لم يجئ على ما جاء؛ فقد6 وجب من هذا أن يتبع ما
عملوه، ولا يعدل عنه؛ لأنه هو المعني7 المقصود، والسبب
الذي له وضع هذا العلم واخترع.
"مثال "اغدودن"
من "رميت"":
قال أبو عثمان: إذا قيل لك: كيف تصوغ مثل "اغْدَوْدَن" من
"رَمَيْتُ".
قلت: "ارْمَوْمَى"، فكررت العين؛ ثم قلبت الياء ألفا؛
لأنها لام الفعل، وقبلها8 فتحة، وأصلها الحركة، فقلبتها
كما قلبتها في "رَمَى"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ش، ع: وبمذاهبهم.
2 ظ، ش، ع: كذا وكذا.
3 ظ، ش: موضعهما.
4 ظ، ش، ع: وقد.
5 ظ، ش، ع: شيئا.
6 ظ، ش، وقد.
7 المعنى: ساقط من ظ، ش.
8 ظ، ش، ع: قبلها.
ج / 2 ص -243-
وعلتها كعلتها؛ فإذا أضفت الفعل إلى نفسك
"أو إلى مخاطب"1 قلت: "ارْمَوْمَيْتُ" فلم تقلب الياء ألفا
-لأن أصلها السكون- كما فعلت ذلك في "رَمَيْتَ" حيث كان
أصلها السكون.
قال أبو الفتح: قد أفدنا من قوله هذا: "أنه لم يأت في
كلامهم شيء على "افْعَوْعَل" من المعتل؛ لأنه قد2 قال في
أول الباب3: "إنه لم يجئ مثاله إلا من الصحيح"، فهذه
فائدة، وباقي الفصل مفهوم. إلا أنهم قد4 قالوا:
"احْمَوْمَى، وادْلَوْلَى، واقْلَوْلَى، واحْلَوْلَى،
وانْطَوْطَى"، وكله معتل اللام وهو "افْعَوْعَل".
"مثال "اغدودن"
من "غزوت"":
قال أبو عثمان: وتقول فيها من "غَزَؤْت: اغزَوْزَيْت"
فتبدل الواو التي هي لام: ياء؛ كما فعلت ذلك في "أغْزَيْت،
وغازَيْت"؛ لأنها صارت رابعة، وقد كتبنا علة هذا؛ فتركنا
تفسيره لذلك.
قال أبو الفتح: العلة في ذلك انكسار ما قبل اللام من
المضارع، نحو قولك: "يَغْزَوْزِي"، فهذا هو الذي أشار
إليه؟
"مثال "اغدودن"
من "بعت"":
قال أبو عثمان: وتقول فيها في "بِعت: ابْيَيَّع" فتقلب
الواو ياء؛ لأنها ساكنة وبعدها ياء متحركة.
ومن "قُلْتُ: اقْوَوَّلَ"، تكرر العين وهي واو، وتعل6 واو
"افْعَوْعَل" الزائدة بينهما -وهي ساكنة- فتدغمها في الواو
التي بعدها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الزيادة من ع.
2، 4 قد: ساقط من ظ، ش، في الموضعين.
3 ظ، ش: الكلمة.
5 وانطوطى: ساقط من ظ، ش، ع.
6 ظ، ش، ع: وتجعل.
ج / 2 ص -244-
قال أبو الفتح: يقول: أصلها1:
"ابْيَوْيَعَ" فالياءان هما2: العينان تكتنفان واو
"افْعَوْعَلَ" فوجب قلبها3 لما ذكر.
"اقوول،
واقويل":
قال أبو عثمان: وكان أبو الحسن يقول: "اقْوَيَّل"4
فيقلب الواو الآخرة5 ياء، ثم6 يقلب الواو التي تليها؛
لأنها ساكنة وبعدها ياء متحركة.
ويقول: أكره الجمع بين ثلاث واوات؟
قال أبو الفتح: الأصل: "اقْوَوّلَ" كما يقول سيبويه؛
فاجتمعت ثلاث واوات؛ فقلب7 أبو الحسن الآخرة8 لضعفها؛
فصارت في التقدير: "اقْوَوْيَل" ثم قلب الواو؛ لوقوعها
ساكنة قبل الياء؛ فصار: "اقْوَيَّلَ".
وأبو بكر يذهب إلى صحة مذهب9 أبي الحسن؛ قال: لأنهم إذن
كرهوا الواوين والضمة حتى يغيروه.
يريد: إنهم لا يتمون مفعولا مما عينه واو نحو: "مصوغ".
قال: فهم بألا يجمعوا ثلاث واوات أجدر.
قال أبو علي: ولسيبويه أن يقول: إن الواو الوسطى زائدة،
وليست من الكلمة؛ فلم يعتد بها، وهذا يجب معه أو يجوز ألا
يهمز "فَوْعَل" من "وَعَدَ" ونحوه، وأن يقال: "وَوْعَدٌ"
لأن الواو الثانية زائدة، ليست من الكلمة؛ وهذا لا يجيزه
أحد.
والظاهر من المذهبين قول الأخفش.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش: أصله.
2 ع: هنا.
3 ظ: قلبهما.
4 ظ: أقول.
5 ص، ظ: الآخرة. وش، هامش ظ: الأخيرة.
6 ظ، ش: كما.
7 ظ، ش: وقلب.
8 ش: الأخيرة.
9 ع: قول.
ج / 2 ص -245-
"مثال "اغدودن" مبنيا للمجهول من "بعت وقلت"":
قال أبو عثمان: وإذا قلت: "فُعِل" من هذا، قلت:
"ابْيُوْيِعَ" فلم تدغم؛ لأن الواو1 مدة، فهي بمنزلة
الألف.
وفي قول أبي الحسن: "اقْوُوْوِل" فلا يقلب؛ ويقول: صارت
الوسطى مدة بمنزلة الألف؛ فلا يلزمه تغيير لذلك2، ويشبهه3
بـ "فَوْعِل" من "وَعَد" إذا قال فيها: "وُوْعِدَ" فلا
يلزمه الهمز؛ كما يلزمه إذا اجتمعت واوان في أول كلمة؛ لأن
الثانية مدة، ومثله4 قول الله عز وجل4: "ما وُوْرِيَ عنهما
من سواءتهما"5.
قال أبو الفتح: اعلم أنه إنما شبه واو "افْعُوعِلَ"
بالألف؛ كما شبهوا واو "فَوْعَلَ" وياء "فَيْعَلَ" في
"حَوْقَلَ، وبَيْطَرَ" بألف "فاعَلَ" فلم يدغم
"اُبْيُوْيِعَ" كما لم يُدْغِم "سُوِير" لأن الواو صارت
مدة؛ لسكونها وانضمام ما قبلها، فجرى مجرى ألف "فاعَلَ".
وكذلك قول أبي الحسن "اقْوُوْوِلَ"؛ لأن الواو الوسطى
شابهت الألف؛ لسكونها وانضمام ما قبلها.
وإنما كان يكره أن يقول: "اقْوَوَّلَ" لئلا تجتمع ثلاث
واوات صحاح، وهو6 إذا قال: "اقْوُوْوِل"، فكأنه لم يجمع
إلا واوين، وصارت7 الوسطى لمدها غير معتد بها؛ كما أنه8
لم9 يعتد بها في "سُوِير"، وشبه "افْعُوعِلَ بفُوعِلَ" من
"وَعَدَ".
ألا ترى أنه يقال: "وُوْعِدَ"، ولا10 يلزم همز الأولى -وإن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ع: الياء.
2 ع: ذلك.
3 ظ، ش، ع: وشبه ذلك.
4، 4 ظ، ش، ع: قوله تعالى. وهامش ظ: قول الله تعالى.
5 من الآية 20 من سورة الأعراف 7.
6 ظ، ش: فهو.
7 ظ، ش: صارت.
8 أنه: ساقط من ظ، ش، ع.
9 ظ، ش: لا.
10 ش: فلا.
ج / 2 ص -246-
اجتمعت في أول الكلمة واوان- لأن الثانية
مدة بمنزلة ألف "واعَدَ". فمن1 هنا لم يجب أن يقال:
"أوْعَدَ"، كما يقال في "فَوْعَلَ: أوْعَدَ2"1 وتصديقه:
"ما وُورِي عنهما3"، وإنما هي "فُعِلَ" من "وَارَيْتُ"
وهمز4 الواو من "وُوْرِيَ" في غير القرآن5 جائز، وليس ذلك
لأجل اجتماع واوين، لو كان لذلك6 لم يجز إلا الهمز؛ وإنما
جاز ذلك لأجل انضمام الواو نحو قوله: "أُقِّتَتْ".
وإنما ذكر "اُقْوُوْوِلَ" في قول أبي الحسن؛ لأنه ليس7 من
مذهبه أن8 يجمع ثلاث واوات؛ فلما جمعها في هذا الموضع ذكر
العلة في ذلك.
فأما سيبويه فلا يشك في أنه يقول: "اُقْوُوْوِلَ" أيضا؛
لأنه إذا صحح9 "اقْوَوَّلَ" فهو بتصحيح10 "اقْوُوْوِل"
أجدر.
وأجاز أبو الحسن أيضا: "اقْوُوْيِل" كأنه قلب الياء الأولى
من "اقْوَيِّل" وهي واو "افْعَوْعَل" في الأصل؛ لانضمام ما
قبلها، وترك الياء التي بعدها، وهي العين الثانية بحالها،
وصحت الواو قبلها، كما صحت في "سُويِر".
والقول الأول هو المشهور عنه، وهو أقوى قليلا؛ لأنه إنما
يكره اجتماع ثلاث واوات؛ فإذا قال: "اقْوُوْوِلَ" فكأنه لم
يجمع إلا واوين؛ لأن الوسطى مدة، وكلما أمكنه تقليل القلب
كان أقيس.
"مثال "اغدودن"
من "وأيت"":
قال أبو عثمان: وتقول في مثل "اِغْدَوْدَنَ" من "وَأَيْت:
"إِيْأَوْأَى"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1، 1 ساقط من ع.
2 أوعد: ساقط من ظ، ش.
3 عنهما: ساقط من ظ، ش، ع.
4 ظ، ش: وهمزة.
5 ظ، ش: القراءة.
6 ظ، ش: كذلك.
7 ليس: ساقط من ظ، ش.
8 ش: ألا.
9 ظ: صح.
10 ظ: مصحح.
ج / 2 ص -247-
كما تقول من "وَعَيْتُ: اِيْعَوْعَى1"
فتكرر الهمزة؛ لأنها عين الفعل، كما كررت الدال في
"اغْدَوْدَنَ".
فإن خففت الهمزة الثانية قلت: "ايْأَوَى" ألقيت حركتها2
على3 الواو3 فحركت4 الواو، وحذفت الهمزة2.
وإن خففت الأولى5 "وتركت الثانية"6 قلت: "أَوْأَى"، وكان
الأصل: "وَوْأََى"؛ لأنك ألقيت حركة الهمزة التي هي العين
الأولى7 على الفاء، وكانت واوا في الأصل، فانقلبت ياء
لكسرة8 همزة9 الوصل؛ فحذفت ألف الوصل؛ لتحرك ما بعدها؛
فرجعت واوا، وبعدها10 الواو الزائدة فهمزت موضع الفاء؛
لئلا تجتمع واوان في11 أول الكلمة؟
فإن خففتهما جميعا قلت: "أوَى" والعلة واحدة، وقد ذكرتها12
لك في صدر الكتاب.
قال أبو الفتح: أصل هذه المسألة: "اِوْأَوْأَى" بوزن:
"عِوْعَوْعَى". فانقلبت الواو الأولى ياء؛ لانكسار همزة
الوصل قبلها، وقلبت الياء ألفا؛ لتحركها في الأصل وانفتاح
ما قبلها الآن13؛ فصارت14: "اِيْأَوْأَى" بوزن:
"عِيْعَوْعَى".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ايعوعي: عن ش، وهو مستدرك في هامش ظ، وفي موضعه من صلب ص
علامة تدل على أنه مستدرك في الهامش غير أنه لم يظهر في
التصوير، وهو ساقط من ع.
2، 2 ساقط من صلب ظ، وورد في هامشها، ولكنه لم يظهر في
التصوير إلا قليل جدا منه.
3، 3 ساقط من ش.
4 ش: فتحرك.
5 على لفظ "الأولى" في ص علامة تدل على أنه مستدرك عليها
ولكن لم يذكر في الهوامش شيئا.
6 الزيادة من ع.
7 الأولى: ساقط من ش، وعليها في ظ "نسخة"، وفي ص علامة.
8 ش: لكسر.
9 ص: ألف.
10 ظ، ش، ع: بعدها.
11 في: غير واضح في ص.
12 ظ، ش، ذكرته.
13 الآن: ساقط من ظ، ش.
14 ظ، ش: فصار.
ج / 2 ص -248-
فلما خففت الهمزة الآخرة1 وقبلها واو
"افْعَوْعَلَ" ساكنة حذفتها، وطرحت حركتها على الواو؛ كما
تفعل في تخفيف ما سكن ما قبله؛ فصار: "اِيْأَوَى" بوزن:
"عِيْعَوَى".
ولما خففت الأولى ألقيت حركتها على2 الياء المبدلة من
الواو؛ فرجعت واوا؛ لقوتها بالحركة، فاستغنيت3 عن همزة
الوصل؛ لتحرك ما بعدها؛ فصارت4 في التقدير: "وَوْأَى"
فهمزت الواو الأولى؛ لاجتماع الواوين في أول الكلمة؛
فصارت: "أوْأَى" بوزن: "عَوْعَى".
ثم لما خففتهما جميعا ألقيت حركة الهمزة التي هي عين الفعل
على الواو الزائدة التي هي واو "افْعَوْعَل" في الأصل
قبلها؛ فصارت5 في التقدير: "ووى" فهمزت الواو الأولى، كما
تقدم.
وقد6 أجاز أبو علي أن يقال: "وَوَى" وأن يقال: "وَوْأَى"
فلا يقلب الواو همزة.
قال: لأن نية الهمز فاصلة بين الواوين؛ لأن الأصل:
"اِوْأَوْأى" كما تقدم6، فترك الهمز7 هنا8، نظير9 تصحيح9
الواو في تخفيف "رُويا ونُوْي" إذا قلت: "رُؤْيا ونُؤْي"،
فلم تقلب الواو، وإن كانت ساكنة قبل الياء؛ لأن نية
الهمز10 تمنع من القلب؛ كما يمنع لو كان حاضرا ملفوظا به.
فإن جئت بالمضارع قلت: "يَوْأَوِْإي" بوزن: "يَوْعَوْعِي"،
فإن خففت الأولى11 قلت: يَوَوْإي12" بوزن: "يَوَوْعِي13"
وإن14 خففت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ش: الأخيرة.
2 ظ: عن.
3 ص، ظ، ش: واستغنيت.
4 ش: فصار.
5 ظ، ش: فصار.
6، 6 ساقط من ظ، ش.
7، 10 ع: الهمزة في الموضعين.
8 ظ، ش: ههنا.
9, 9 ظ: تصحيح. وش: كتصحيح.
11 ظ، ش، ع: الثانية.
12 ظ، ش، ع: يوأوى.
13 ظ، ش: يوعوى.
14 ظ، ش، ع: فإن.
ج / 2 ص -249-
الثانية1 قلت: "يَوْأَوِي2" بوزن
"يَوْعَوِي3" فإن خففتهما جميعا قلت: "يَوَوِي".
وكذلك القول في اسم الفاعل في التحقيق والتخفيف، إلا أنك
تجعل موضع حرف المضارعة ميما مضمومة.
"مثال "اغدودن"
من "أويت"":
قال أبو عثمان: وتقول فيها من "أَوَيْت: اِيْوَوَّى" لأن
"أَوَيْت" عينها واو، فتكرر الواو، وتكون الواو الزائدة
بين الواوين اللتين هما عينان؛ فتدغم الزائدة في الواو
التي بعدها؛ فتصير فيها ثلاث واوات" كما كان ذلك في
"اقْوَوَّلَ"، ومن رأى التغيير في "اقْوَوَّلَ" رآه4 في
هذا.
قال أبو الفتح: أصل هذه المسألة: "اِأْوَوَّى" بوزن:
"عِعْوَوَّى"، فقلبت الهمزة الثانية ياء؛ لانكسار ما
قبلها، وقلبت الياء5 التي هي لام5 ألفا لتحرك6 ما قبلها،
ووقوعها في موضع حركة7؛ فصارت: "ايْوَوَّى"، ولم تقلب
الواو الأولى وإن8 كانت قبلها ياء ساكنة؛ لأن همزة9 الوصل
إذا زالت رجعت الهمزة، والفعل لا يلزم طريقة واحدة كالاسم.
ألا ترى أنك تقول: "قام فَأْوَوَّى" فترد الهمزة؛ لزوال
همزة الوصل؟ فصارت نية الهمزة مانعة من القلب وقد تقدم
القول في نظير هذا.
وقوله: "ومن رأى التغيير في "اقْوَوَّلَ رأى في هذا" يعني
قول أبي الحسن "اقْوَيَّلَ"، فيلزمه أن يقول هنا:
"ايْوَيَّا" ويقول في المضارع: "يأْوَوِّي10"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش، ع: الأولى.
2 ظ، ش، ع: يووإي.
3 ظ، ش: يووعى. وع: يعوعى.
4 ص، ظ، ش: رأى.
5، 5 ساقط من ص، ع.
6 ظ: لتحركها.
7 ظ: حريكة.
8 ع: ولو.
9 ظ: الهمزة.
10 ظ، ش: يأيوي.
ج / 2 ص -250-
وفي اسم الفاعل: "مُؤْوَوّ"، فإن خففت
الهمزة قلبتها واوا وأدغمتها في الواو بعدها فقلت1:
"مُوَوّ".
ويدل على صحة الإدغام بعد القلب قراءة من قرأ: "أحسن أثاثا
ورِيًّا2"، وكان في الأصل: "رِئْيا" مثل "رِعْيا" فلما
خففت3 الهمزة قلبتها4 ياء، وأدغمتها5 في الياء بعدها،
فكذلك تقول: "مُوَوّ".
فإن قلت: فكيف تجمع أربع واوات؟
قيل: إن الواو الأولى إنما هي همزة مخففة؛ فكأنك لم تزد
على ثلاث واوات. وقد تقدم نظير هذا.
وتقول في المصدر: "إيِّيَّاء، بوزن: عِيِّيَّاء"، وأصله:
"اِأْوِوَّاء" فقلبت الهمزة الثانية ياء؛ لانكسار همزة
الوصل قبلها؛ فصارت في التقدير: "ايْوِوَّاء" ثم قلبت
الواو التي بعد الياء؛ لسكون الياء قبلها ياء؛ فصارت في
التقدير: "ايِّوَّاء".
ولم تصح الواو هنا6، كما صحت في الفعل في قولك:
"اِيوَوَّى"7؛ لأن المصدر اسم على حياله والذي يعرض فيه
لازم، والفعل لا يستقر على8 حال، فقلب الواو هنا كقلبها في
مصدر "احوَاويت" إذا قلت: "احْوِيَّاء" وأصلها10:
"احْوِيْوَاء" كما تقدم.
فلما حصلت11 الكلمة: "اِيِّوَّاء" قلبت الواو الأولى ياء؛
لانكسار ما قبلها فصار التقدير: "اِيِّيْواء"، ثم قلبت
الواو الآخرة12؛ لوقوع الياء قبلها ساكنة؛ فقلت13:
"اِيِّيّاء".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش: وقلت.
2 آخر الآية 74 من سورة مريم 19.
3 ظ، ش: خفف.
4 ظ، ش: قلبها.
5 ظ، ش: ودأغمها.
6 ظ، ش: ههنا.
7 ظ: إووى.
8 ص، ظ، ش: به.
9 ظ، ش: تقلب.
10 ظ، ش: وأصله.
11 ش: جعلت.
12 ش: الأخيرة.
13 فقلت: ساقط من ظ.
ج / 2 ص -251-
ومن قال: "احْوِيوَاء" أجاز هنا1:
"اِيْوِيَواء"، فلا يدغم الياء الأولى، كما لم يدغم
"الياء"2 الثانية. ولم يقل: "ايِّوَّاء"، فيصحح الواو
المدغمة، كما صحت في "اجْلوَّاذ" مصدر "اجْلَوَّذَ"3 لأن
الواوين3 في "اجْلَوَّذَ" زيدتا -على أن إحداهما لا تفارق
الأخرى- فجريا مجرى العينين اللتين كل واحدة منهما لازمة
للأخرى4 وبلفظها؛ فصحتا؛ كما يصح "فِعَّل" من القول إذا
قلت: "قِوَّل".
وليس كذلك الواو المشددة في: "إيْووَّى5" إنما هي واو
"افْعَوْعَل" فهي منفصلة غريبة من الواو التي بعدها.
فأما من قال: "اِيْوَيَّا" فقد كُفِينا أمره؛ لأن القلب قد
حصل في نفس الفعل؛ فجرى في مصدره على حد ما كان في الفعل،
وليست تبلغ هذه الياءات الأربع في: "ايَّيَّاء"6 ثقل
الياءات في "عَييّ، وأُمَيِّيّ" لأن هذه الياءات في
"اِيِّيَّا"6 إنما هي فاء وعينان7، وواو "افْعَوْعَل"
وليس8 فيها لام فهي أقوى من "عَدِيّيّ"9.
قال أبو عثمان: واعلم أن الهمزة أخت10 الحروف المعتلات؛
فإذا كانت لاما مكررة أبدلت الثانية ياء، وجرى عليها ما
كان11 يجري على ياء "رَمَيْت".
ولو بنيت مثل: "دَحْرَجْت" من "قرأت" لقلت: "قَرْأَيت"،
ومثله "من كلام العرب"12: "جاء" وما أشبهه، وقد فسر أمره
فيما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش: ههنا.
2 الزيادة من ع.
3، 3 ش: إلا أن الواوين، وظ: إلا أن الواو.
4 ظ: لأخرى.
5 ع: ايوواء.
6، 6 ساقط من ظ، ش.
7 ظ، ش: وعين.
8 ظ، ش: وليست وع: ليس.
9 ظ، ش: عدى.
10 ظ، ش: وهامش ص: أخت. وفي صلب ص: أحد.
11 كان: ساقط من ص، ع.
12 الزيادة من ع.
ج / 2 ص -252-
مضى من الكتاب، وهذا موضع مسائل، فأما
الأصول فقد فرغ منها ومن1 تفسيرها1.
قال أبو الفتح: أصل هذه المسألة: "قَرْأَأْت" بوزن:
"قَرْعَعْت" لأنك تكرر اللام التي هي همزة، كما تكرر الباء
من "ضربت" فتقول: "ضَرْبَبْت"، إلا أن الثانية لزمها
البدل؛ لئلا تجتمع همزتان في كلمة.
وكانت الثانية أحق بالتغيير؛ لأنها متأخرة وطرف.
وإما شبه هذا "بجاء2" لأنه كان أصله: "جائي" بوزن:
"جاعِع"، كما أن أصل "قَرْأَيت: قَرْأَأْت"، ثم لزمها
التغيير.
وتقول: "هذا3 مُقَرْء، ومررت بمُقَرْء، ورأيت مُقْرِئيا".
فمن هنا جرت هذه الياء مجرى ياء "رَمَيْت" في قولك: "هذا
رام، ومررت برام، ورأيت راميا".
"مثال "قمطر" من
"قرأت"":
قال أبو عثمان: وتقول في مثل "قِمَطْر" من "قرأْت:
قِرَأْي" كما ترى. ومثل "مَعَدّ: قَرَأْي" فتغير الهمزة.
فسألت أبا الحسن -وهو الذي بدأ بهذه المقالة- فقلت: ما بال
الهمزة الأولى إذا كان أصلها السكون لا تكون مثل همزة
"سأَّال ورَءَّاس"؟
فقال: من قبل أن العين لا تجيء أبدا إلا وبعدها مثلها،
واللام قد يجيء بعدها لام ليست من لفظها.
ألا ترى أن "قِمَطْرا، وهِدَمْلة، وسِبَطْرا" قد جاءت
بلامين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1، 1 ساقط من ش.
2 ش: لجاء.
3 ظ: هما.
ج / 2 ص -253-
مختلفين؟ وكذلك جميع الأربعة والخمسة.
والعينان لا يكونان كذلك؛ فلذلك فرقت بينهما!
والقول1 عندي كما قال.
قال أبو الفتح: كأن أبا الحسن1 لما2 اعتبر الكلام3، فوجد3
العين لا تكون إلا من لفظ العين نحو طاء "قطع" ولام
"سلّم4" ووجد اللامين قد يختلفان نحو: "هِدَمْلَة"
وبابها4، وكان اجتماع الهمزتين في كلمة واحدة5 مكروها
عنده6، قال في "قِمَطْر" من "قَرَأْت: قِرَأْي"، وأصلها:
"قِرَأّ" بوزن: "قِرَعّ" يقلب7 الآخرة ياء ويقلبها8 ياء
دون الواو؛ لأن هذا9 موضع تغلب الياء فيه الواو؛ لأنها
رابعة10.
ولولا أنه لا يوجد في كلامهم عينان بلفظين مختلفين لقيل11
في11 "سَئَّال" ونحوه: "سَأْيال"12 بقلب الثانية؛ ولكن هذا
غير موجود في كلامهم، فأُقرّت العينان بلفظ واحد، وقلبت
الثانية من "قِرَأْي" كما قلبت13 في "جاء" ونحوه.
ولولا ثقل الهمزة لما وجب تغيير "قِرَأْي".
ألا14 ترى14 أنك تقول في مثل "قِمَطْر" من "غَزَوْت:
غِزَوّ"،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1، 1 في هامشي ظ، ش: "بينهما، قال أبو الفتح: والقول عندي
كما قال: كأن أبا الحسن، نسخة".
2 لما: غير ظاهر في ص.
3، 3 ع: "اللام فوجدها قد تكون بغير لفظ اللام ووجد".
4، 4 ساقط من ع.
5 واحدة: ساقط من ع.
6 عنده: ساقط من ظ، ش.
7 ص: فقلب.
8 ص، ع: وقبلها.
9 ظ، ش: هذه.
10 أمام "لأنها رابعة" في هامش ع ما يأتي:
"ليس لأنها رابعة فقط قلبها؛ ولكن لذلك؛ ولخفة الياء
وقربها من الألف؛ ألا تراه لو قال في مثل سئال لو اتفق
اختلاف العينين: سأيال؛ فقلبها ياء، وليست رابعة؛ وإنما هي
ثالثة؛ ولكن ذلك لكون الياء أخف وأقرب من الواو".
11، 11 ع: لقالوا: في مثل.
12 الزيادة من ع.
13 ش: قلت.
14، 14 ظ، ش: إلا. وأمامه في كعب ع ما يأتي:
إنما كان ذلك؛ لأن الهمزة ليس من محالها الأواخر، ولا
الأوساط؛ وإنما محلها الابتداء؛ ولذلك كان موضع زيادتها؛
لأنها حرف مجهور شديد -مع كونه من أقصى مخارج الحلق- ألا
تراهم جمعوا بين الهمزتين فيه إذا كانت إحداهما زائدة،
فقالوا: أأن ترسمت؛ وأن زم أجمال؛ هذا هو الصحيح ولم
يفعلوا ذلك مع الواوين، بل فروا إلى الهمزة من إحداهما،
فقالوا: أواصل، وأواهل؛ ونحو ذلك".
ج / 2 ص -254-
ولا تغير الواو؛ لأن من كلامهم إدغام الواو
في الواو وهما غير عينين، ولا يوجد ذلك في الهمزة1 في
الكلمة الواحدة1؟
"مثال "قمطر" من
"غزوة"":
قال أبو عثمان: ولو قلت "قِمَطْر" من "غَزَوْت، ورَمَيْت"
قلت: "غِزَوّ، ورِمَيّ" ولم تغيره؛ لأن الواو والياء إذا
سكن ما قبلهما جريا مجرى الصحيح غير المعتل.
ألا ترى أن مثل "دلْو، وظَبْي" يجري مَجْرى "فَلْس،
وكَلْب".
قال أبو الفتح: اعلم2 أنه إنما كان ذلك في الياء والواو؛
لأنهما إما اعتلتا، لشبههما بالألف؛ وإنما يشبهانها إذا
كانتا ساكنتين، وقبل الياء كسرة، وقبل الواو ضمة؛ كما أن
الألف لا تكون إلا ساكنة وقبلها فتحة؛ فإذا سكن ما قبلهما
بعدتا من الألف فجرتا مجرى الصحيح.
وأقول: إن الياء والواو إذا سكن ما قبلهما كان ذلك أشد
إخراجا لهما من المد، من كونهما ساكنتين، وقبل كل واحدة
منهما حركة من غير جنسهما3؛ لأنهما إذا سكن ما قبلهما فلا
بد من تحريكهما؛ لئلا يجتمع ساكنان أو إدغامهما نحو:
"هباي، وغزاو جمع: هَبيّ، وغَزَوّ" فيجتمع عليهما4 سكون ما
قبلهما وتحريكهما وإدغامهما5.
وهذه أشياء لا يجوز شيء منها في الألف، وهما إذا سكنتا
وكان ما قبلهما من غير جنسهما؛ فإنما6 خرجا عن شبه الألف،
بأنه ليس قبلهما حركة من جنسهما ليس غير.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1، 1 ساقط من ظ، ش، ع.
2 ظ، ش: واعلم.
3 ظ، ش: جنسها.
4 عليهما: ساقط من ش.
5 ش: أو إدغامهما.
6 ظ، ش: فإنهما.
ج / 2 ص -255-
ألا ترى إلى قول الراجز:
يدني من الجدول مثل الجدول
أن الواو يجوز في موضعها غيرها من سائر الحروف؛ لأنها متحركة
وقبلها ساكن؟ فلو1 كانت ساكنة وقبلها فتحة ما جاز معها من
حروف المعجم غير الياء الساكنة المفتوح ما قبلها؛ فلا يجوز
مع "قَوْم وصَوْم: كَرْم وجَرْم". فهذا يدلك على أن الواو
والياء إذا انفتح ما قبلهما -وكانتا ساكنتين2- فإنهما لم
يخرجا من اللين كل الخروج، بل فيهما بقية منه، ويؤكد ذلك
عندي3 وقوع المدغم بعدهما في نحو: "أُصَيْمّ، ومُخَيْفّة،
ودُوَيْبّة".
وقالوا: هذا ثَوْبّكر4، وجَيْبّكر"4، وهم يريدون: "هذا5
ثوب بكر، وجيب بكر" فجريا مجرى ألف "دابّة وشابّة".
"مثال "هذملة" من "وأيت"، ومثال "قوصرة" من "بعت":
قال أبو عثمان: ولو بنيت مثل "هِدَمْلَة" من "وأيْت"
لقلت6: "وِأيَّة"، ومن "أَوَيْت: إوَيّة"، ومن "بعت:
بِيَعّة"، ومن "قلت: قِوَلّة".
ولو بنيت مثل "قَوْصَرة" من "بِعْت" لقلت: "بَيَّعَّة"،
وكان أصلها: "بَوْيَعّة" فالواو ساكنة، وبعدها ياء متحركة؛
فلذلك قلبت كما قلت7 في "لويت يده8: لَيّة"، ومن "أويت
أوَيّة" لأن العين واو.
قال أبو الفتح: هذا كله جلي مفهوم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش، ع: ولو.
2 ظ، ش: ساكنين.
3 ظ، ش: عندك.
4، 4 ظ، ش: ثوبكر كما قالوا جيبكر.
5 هذا: ساقط من ظ، ش، ع.
6 ص وبين سطور ظ: لقلت. وصلب ظ، ش: قلت.
7 ظ، ش: قلبت.
8 يده: ساقط من ظ، ش.
ج / 2 ص -256-
قال أبو عثمان: ولو جمعتها كما تجمع
"قَوَاصر" لقلت: "بوائع" فهمزت كما همزت "أوائل" لاجتماع
الواو والياء في هذا الباب ليس1 بينهما إلا الألف، كما
همزت "فَوَاعِل" من "سرت".
وقد ذكرت2 علة هذا الباب.
قال أبو الفتح: إنما جاء بالهمزة على مذهب سيبويه. فأما3
أبو الحسن فإنه لا يهمز نحو "بوايع" لأنه لم يجتمع فيه
واوان، وقد مضى ذكر هذا.
"جمع مثال
"قوصرة" من "أويت"":
قال أبو عثمان: ولو جمعتهما من "أَوَيْت" لقلت:
"أوَايا4"، وكان5 الأصل "أواو6" فصارت كـ"أوائل"، ثم
غُيِّرت؛ لأنها عرضت في جمع؛ ولأنها معتلة، وقد مضى تفسير
هذا7.
ولو عوّضت لقلت8: "أوَاوِي" فلم تهمز ولم تُغَيّر؛ كما لم
تهمز9 "طواويس" وما أشبهها.
قال أبو الفتح: قوله: "ولأنها معتلة" يريد أن الكلمة معتلة
اللام؛ فلذلك غيرت الهمزة العارضة في الجمع، وكانت:
"أواوٍ" ثم صارت "أوَاء10" ثم صارت11: "أوَاءَا" ثم أبدلت
الهمزة ياء، فصارت: "أوَايا".
ولم تبدل الهمزة واوا وإن كانت الواو ظاهرة في الواحد كما
قلت: "أدَاوَى"،12 لأن هذا12 إنما يفعل إذا كانت الواو
لاما، لا عينا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش: ليست.
2 ظ، ش: ذكر.
3 ظ، ش: وأما.
4 ش: أوآئي.
5 ظ: في الأصل.
6 ص، ظ: أواو. وش، وهامش ظ: أواوي.
7 ظ، ش: تفسيرها.
8 ص، وهامش ظ: لقلت. وصلب ظ، ش: قلت.
9 ظ، ش: تهمز نحو.
10 ظ، ش: أواأا، ع: أواءى.
11 ظ، ش: أبدلت.
12، 12 ظ: لأن. وش: لأنه.
ج / 2 ص -257-
"مثال "قوصرة من "وأيت"، وجمعه":
قال أبو عثمان: ولو بنيتها من "وَأَيْت" لقلت: "أوْأَيّة"
لأنه اجتمع في أوله واوان، فهمزت الأولى، فإن جمعته قلت:
"أَوَاء1"؛ لأن الهمزة لم تعرض في جمع، وإن عوضت قلت:
"أوائيّ2" كما ترى.
قال أبو الفتح: نظير هذه المسألة في أن أقرت الهمزة في
الجمع؛ لأنها ثابتة في الواحد: "جائية، وجَواء" ونحوها،
وقد تقدم ذكر3 هذا3. وكانت في التقدير: "وَوْأيّة" فهمزت.
"مثال "عنكبوت"
من "رميت"":
قال أبو عثمان: وتقول في مثل "عَنْكبوت" من "رَمَيْت:
رَمْيَوْت" فتكرر اللام، فتنقلب الثانية ألفا4 لانفتاح ما
قبلها؛ ولأن أصلها الحركة وبعدها واو ساكنة فتحذفها
لالتقاء الساكنين، وتدع الياء الباقية مفتوحة؛ فيصير
بمنزلة "مُصْطَفَوْن".
قال أبو الفتح: أصل هذه المسألة أن يقال فيها:
"رَمْيَيُوت5" بوزن: "ضَرْبَبُوت"، ثم لحق الكلمة ما ذكر6.
"مثال "عنكبوت"
من "غزوت"":
قال أبو عثمان: وتقول فيها من "غَزَوْت: غَزْوَوْت"،
فتقلب الثانية ألفا، كما فعلت ذلك في "رَمَيْت"، ثم
تحذفها؛ لالتقاء الساكنين.
قال أبو الفتح: أصل هذه: "غَزْوَوُوْت" فانقلبت الواو
الوسطى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش: أواو.
2 ظ: أوأإي.
3، 3 ظ، ش: ذكرها.
4 ألفا: ساقط من ش.
5 ظ، ش: رميووت.
6 ش: ذكره.
ج / 2 ص -258-
كما انقلبت الياء الثانية من "رَمْيَيُوت1"
وحذفت كما حذفت، فجرتا في هذا مجرى واحدا، ولم تحذف واو
"فَعْلَلُوت" لأنها زيدت مع التاء؛ فلم يجز انفراد التاء
دونها.
ولأنها أيضا زيدت للمد. وهذا يُقَوّي قول أبي الحسن في
"مَقُول ومَبِيع" أن المحذوف العين، والباقي واو مفعول.
ألا ترى أن أبا عثمان حذف اللام هنا، وبقى واو
"فَعْلَلُوت".
"مثال "عنكبوت"
من "أويت"":
قال أبو عثمان: وتقول فيها من "أوَيْت: أيَّوْت"، وكان
الأصل: "أوْيَوْت2" فأبدلت الواو الأولى للياء التي بعدها
ياء3، وحذفت الياء التي أبدلتها ألفا؛ لئلا يجتمع ساكنان4.
قال أبو الفتح: أصل هذه: "أوْيَيُوْت"، فحذفت الياء
الثانية بعد القلب؛ وقلبت الواو ياء؛ لوقوع الياء بعدها.
"مثال عنكبوت من
وأيت":
قال أبو عثمان: وتقول فيها من "وَأَيْت: وَأْيَوْت"،
والعلة في الحذف واحدة.
قال أبو الفتح: أصل هذه5: "وَأْيَيُوت"، وجرت الواو في هذه
المسائل مجرى واو الجمع في "مُصْطَفَوْن".
"مثال "عنكبوت"
من "بعت، وقلت"":
قال أبو عثمان: ومن "بِعْت، وقُلْت: بَيْعَعُوت،
وقَولَلُوت"، فإذا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ش: رميوت.
2 ص، ظ: أويوت، وش، وكعب ظ: أوييوت. وع: أويووت.
3 ياء: ساقط من ظ، ش، ع.
4 ظ: ما كان.
5 ظ، ش: هذا.
ج / 2 ص -259-
جمعت قلت: "بَياعِع، وقَوالِل"، وإن عوضت
قلت: "بَياعِيع، وقَوالِيل"، ولم تدغم قبل العوض؛ لأنه
ملحق ببنات الأربعة، ولم1 يعرض فيه ما يهمز من أجله1، فذهب
الإدغام لذلك.
قال أبو الفتح: يقول: "عَنْكَبُوت" رُباعي، وقد ألحقت به
بنات الثلاثة؛ فلما2 قلت في الواحد: "بَيْعَعُوْت،
وقَوْلَلُوْت" فأظهرت الحرفين، ليُلحق بمثال "عنكبوت"،
فكذلك يجب أن تقول في الجمع: "بَياعِع، وقَوالِل" ليكون
على مثال "عَناكِب، وبَياعِيع، وقَوالِيل بوزن: عناكِيب".
وكذلك لو بنيت من "ضَرَبَ" مثل "جَعْفَر"3 لقلت:
"ضَرْبَب"، فإن جمعته قلت: "ضَرابب"، ليكون بوزن "جَعْفَر،
وجَعافِر".
"جمع ما كان على
مثال "عنكبوت" من "وأيت"":
قال أبو عثمان: ولو جمعته من "وَأيَتْ" لقلت: "وَأَاي4،
كرَماي" لا تهمز؛ لأنه ملحق، ولم يعرض له ما يهمز من أجله.
قال أبو الفتح: يقول: إنما يجب الهمز إذا اكتنف الألف حرفا
لين كما5 تقدم. وقولك: "وَأاي" لم يكتنف الألف فيه حرفا
لين5.
وقوله: "لأنه ملحق"، إنما هو حجة لإظهار الياءين كظهور
الكاف والباء في "عَناكب7"، ولم يقل: "وَأَايَ" بالإدغام؛
لذلك.
"جمع ما كان على مثال "عنكبوت" من "أويت"":
قال أبو عثمان: ولو جمعته من "أَوَيْت" لقلت: "أوَايا"
فغيرت؛ لأنك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1، 1 ساقط من ظ، ش.
2 ظ: فلكما، وش: فكما.
3 ظ: مثال.
4 ظ، ش، ع: وأاى فصار.
5، 5 ساقط من ظ، ش، ع. غير أن ع فيها "كما تقدم".
6 ظ، ش: لظهور.
7 ظ، ش: عناكيب.
ج / 2 ص -260-
لو جئت به على أصله لقلت: "أوَاء" فصار1
كـ"جَدْوَل" من "أَوَيْت"، فهمزت في الجمع ثم غيرت؛ لأنها
عرضت في الجمع.
قال أبو الفتح: أصل هذه المسألة: "أواي" فاكتنف الألف واو
وياء؛ فلزم همز الياء على قوله سيبويه؛ فصارت في التقدير:
"أوَاء"، ثم غيرت الهمزة؛ لأنها عرضت في الجمع واللام
معتلة؛ فصارت بعد أن فتحتها: "أواءا، بوزن: خَطاءا"، فقلبت
الهمزة ياء، فقلت: "أوايا".
وقوله: لأن أصلها: "أواءٍ" يريد أن أصل هذه الياء في
أوايا2" هو الهمزة في "أوَاء". ونحن نعلم أن تلك الهمزة
إنما قلبت عن الياء الأولى من "أواي3"، والأمر كما ذكر؛
لأن الياء في "أوايا" ليست الياء في "أواي"، إنما هي بدل
من الهمزة في "أوَاء"، والهمزة بدل من الياء4 في "أواي"4،
فإنما الياء في "أوايا" بدل من الهمزة المبدلة من الياء في
"أواي".
وأما5 تشبيه ذلك6 بـ "جَدْول" من "أَوَيْت"، فلأنك لو بنيت
"جدولا" من "أَوَيْت" لقلت: "أوّى"7، ولو8 جمعته لقلت:
"أوَايا"، وكأن أصله9: "أواو"، فهمزة الواو10 الثانية
لوقوع الألف بينها وبين الواو الأولى؛ فصارت "أوَاء11"
وعرضت الهمزة10 في الجمع -واللام معتلة- فأبدلت12 من
الكسرة فتحة؛ فصارت: "أواءا13" ثم أبدلت الهمزة ياء؛
فصارت: "أوايا".
يقول: فلا14 فصل بين الواوين، والواو والياء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ش، ش، ع: فصارت.
2 ظ، ش: أولها.
3 ظ، ش: أواء.
4، 4 ظ، ش، ع: من ياء أواي.
5 ظ، ش: فأما.
6 ظ، ش: لذلك. وع: بذلك.
7 ص: أوأا. ظ، ش: أوا.
8 ظ، ش، ع: فلو.
9 ظ، ش: أصلها.
10، 10 ساقط من ظ، ش.
11 ع: أواو.
12 ظ، ش، ع: وأبدلت.
13 ظ: أوأاا. وع: أواوا.
14 ظ، ش: بلا.
ج / 2 ص -261-
فأما أبو الحسن فلا يهمز جمع مثال "عنكبوت"
من "أَوَيْت"؛ لأنه يصير إلى: "أوائى1"، وهو2 لا يهمز ما
بعد الألف حتى يكتنف الألف واوان، وهنا إنما اكتنفها واو
وياء. وكلهم مجمعون على همز جمع مثل "جَدْوَل" من
"أَوَيْت" لأن الألف يكتنفها واوان؛ فالهمز فيها واجب بلا
خلاف.
"جمع ما كان على
مثال "عنكبوت" من "وأيت" مع التعويض":
قال أبو عثمان: ولو عوضت لقلت3: "أوَائِي" كما ترى4 كما
تقول5: "طواويس، وعَواوير" فلم6 تهمز6. فقد كتبت لك مسائل
فيها دليل على ما يَرِد إن شاء الله.
قال أبو الفتح: اعلم أنك تجري "أواييّ" في هذا مجرى
"فَعاليل" من "رَمَيْت" إذا قلت: "رَماييّ".
ويجوز عندي على قول من قال: "رَمائِيّ" فهمز لاجتماع
الياءات أن يقول: هنا: "أوَائِيّ" فيهمز؛ وليس الهمز من
أجل ما اكتنف الألف؛ إنما هو لكثرة الياءات بعد الألف.
ألا ترى أن "رَمائِيّ" قد أجازوا7 همزه، وليس قبل الألف ما
يكره فيهمز من أجله؛ إنما هي ميم؟
وقد أجازوا أن تبدل الأولى واوا فيقولوا: "رَماوِي"،
وقياسه في هذا: "أواوِي" فاعلم!
وعلى هذا أجازوا في النسب إلى مثل "راية، وطاية: راييّ
"وطائي"8، ورائي، وراوي".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش: أواإ، وع: أواى.
2 ظ، ش: فهو.
3، 5 ظ، ش: قلت: في الموضعين.
4 كما ترى: ساقط من ع.
6، 6 ص، وهامش ظ: فلم تهمز، وصلب ظ، ش: فافهم.
7 ظ: جازوا.
8 الزيادة من ع.
ج / 2 ص -262-
"مثال "اطمأننت" من "قرأت"":
قال أبو عثمان: وتقول في مثل: "اطمأْنَنْت" من "قرأت1:
اقْرَأْيأْت"، فتبدل من الهمزة الوسطى ياء، لئلا تجتمع
همزتان، وتدع باقي الهمز على حاله.
قال أبو الفتح: أصل هذه المسألة: "اقْرَأَأّ، بوزن:
اقْرَعَعّ"، فإذا2 كانوا يكرهون اجتماع الهمزتين3، فهم
لاجتماع ثلاث أشد كراهية؛ فلو أبدلوا الأولى منها لبقيت
بعدها4 همزتان ملتقيتان5، 6وكذلك لو أبدلوا الآخرة لبقيت
قبلها همزتان ملتقيتان7، فكان6 يلزم تغيير بعد تغيير؛ فلما
كان الأمر كذلك أبدلوا الوسطى ففصل البدل بين الهمزتين
الباقيتين8 فلم يلتقيا.
وكلما وجدت السبيل إلى قلة الإعلال، فلا تعدلن عنه إلى ما
يلزمك كثرة الإعلال:
وكذلك لو بنيت مثل "فَرَزْدَق" من "قرأت" لقلت:
"قَرَأْيأ"، فأبدلت الوسطى ليفصل البدل بين الهمزتين
وأبدلت ياء؛ لأن هذا موضع تغلب عليه الياء. وهذه الهمزة
المبدلة هي التي كانت في "قرأت"، والهمزتان قبلها وبعدها
هما الزائدتان للإلحاق بـ"فَرَزْدَق".
وكذلك الهمزة المبدلة في "اقْرَأْيأْت" هي همزة "قرأت"،
والأولى قبلها ملحقة9، والتي بعدها زائدة10 لغير الإلحاق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش: قرأ.
2 ظ، ش: وإذا.
3 ظ، ش: همزتين.
4 ظ: بعدها همزة بعدها.
5 ص: منقلبتان.
6، 6 ساقط من ع.
7 ملتقيتان ساقط من ص، ع.
8 الباقيتين: ساقط من ظ، ش.
9 ع: محققة.
10 ظ، ش: زائد.
ج / 2 ص -263-
"مثال "اطمأننت" من "رميت، وغزوت وبعت، وقلت"":
قال أبو عثمان: وتقول فيها من "رَمَيْت: ارْمَيَّيْت،
وارْمِيّا"، ومن "غَزَوْت: اغْزَوَّيْت، واغزُوَّا1" فتبدل
الطرف ياء. ومن "أَوَيْت، ووَأَيْت2" كذلك. وتقول فيها من
"البَيْع، والقول3: ابْيَعَّعَ، واقْوَلَّلَ".
وإنما فعلت هذا بالياء والواو؛ لأن هذا موضع لا يعتلان
فيه, ويجريان مجرى غيرهما.
قال أبو الفتح: إنما لم4 يعتلا في هذا الموضع؛ لسكون ما
قبلهما، فجريا في الصحة في هذا الموضع مجراهما في: "ابيضّ،
واسودّ" وقد تقدم ذكر هذا.
"مثال "اطمأننت" من "ضرب"":
قال أبو عثمان: وكان أبو الحسن الأخفش5 يقول فيها من
"ضَرَبَ, وأخواته: اضْرَبَبّ" فاعلم.
والنحويون يقولون: "اضرَبَّب" بسكون اللام الأولى،
ويقولون: "اطمأنّ" أصله: "اطْمَأْنَنَ"، وهو كما قالوا؛
إلا6 أنك تعلم6 أن الهمزة في7 "اطمأنّ"7 أصل، وإحدى
النونين أصل، ولا8 يجتمع في أواخر الأسماء والأفعال9 لامان
زائدتان. فإذا بنيتها من "ضَرَبَ" فجعلت اللام الأولى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 واغزوا: ساقط من ظ، ش.
2 ش: أوأييت.
3 والقول: ساقط من ش.
4 لم: ساقط من ظ.
5 الأخفش: ساقط من ظ، ش، ع.
6، 6 ش: لأنك تعلم. وفي صلب ظ: "إلا أنك تقول" وهي مرمجة،
وترميجها دليل الاستغناء عنها.
وفي هامش ظ أمام هذه العبارة ما يأتي:
"لأنك تعلم أن الهمزة في اطمأن أصل وإحدى، صح نسخة" وقد
رمج: "أن الهمزة" من عبارة الهامش المذكورة. وهذا الذي ورد
بالهامش لا يستقيم أوله وآخره مع ما قبله وما بعده في
الصلب.
7، 7 ساقط من ظ، ش.
8 ظ، ش: "فإنه" بدل: "و" في: "ولا يجتمع". وبين سطور ظ،
وفي صلب ع: وإنه.
9 ظ، ش: ولا الأفعال.
ج / 2 ص -264-
أصلا جمعت في آخرها لامين زائدتين1 وإن
جعلت الطرف أصلا جمعت أيضا لامين زائدتين1؛ فيكون جمعك بين
ما لا يجتمع مثله خطأ؟
ولكنك2 إذا جعلت اللام الأولى ملحقة وجعلت3 الوسطى أصلا؛
وجعلت الطرف زائدة لم تجمع بين4 لامين زائدتين. فهذا أقيس
وأحسن فتهمه فإنه لا يجوز في القياس غيره.
فإذا جعلت الأولى ملحقة5 لم يجز أن تلقي عليها حركة
الثانية؛ لأن الهمزة التي في "اطمأن" ليست بنون، والباء
الوسطى باء ليست مخالفة للتي قبلها؛ فإذا ألقيت عليها حركة
الباء الوسطى لم يجز أن تجيء بثلاث باءات فأقررتهن على
أصولهن لذلك.
قال أبو عثمان: والقول في هذا خلاف قول أبي الحسن الأخفش؛
فإذا جعلت الأولى ملحقة5 جرى عليها ما يجري على ما هو نفس
الحرف؛ فألقيت حركة اللام الثانية على اللام الأولى، ما
فعلت ذلك بهمزة "اطمأن" حين ألقيت عليها حركة النون،
وأجريتها ذلك المجرى.
وهذا قول الأخفش.
قال أبو الفتح: القول في هذا: أن أبا الحسن لما هرب من جمع
لامين زائدتين فجعل الباء الأولى ملحقة، والوسطى أصلا،
والآخرة زائدة6 ليفصل بالأصل -الوسطى- بين الزائدتين،
وهما: الأولى الملحقة، والأخرى التي هي غير ملحقة7.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1، 1 ساقط من ظ، ش.
2 في صلب ص وهامش ظ: ولكنك. وفي صلب ظ، ش: ولكن.
3 جعلت: ساقط من ش.
4 بين: ساقط من ظ، ش، ع.
5، 5 ساقط من ظ، ش، ع.
6 ع: أصلا.
7 ظ، ش: الملحقة.
ج / 2 ص -265-
وكانت العرب قد أجرت الملحق مجرى الملحق
به1 في نحو: "مَهْدَد، وقَرْدَد، واقْعَنْسَسَ،
واحْلَنْكَكَ" فأظهروا التضعيف في هذا ونحوه، وتحملوا
الكلفة بإظهاره؛ ليكون ذلك بوزن "جَعْفَر، وسَلْهَب،
واحْرَنْجَمَ، واخْرَنْطَمَ" أجروا أيضا الباء الأولى من
الثلاث مجرى الهمزة في "اطمأنّ" فكما أن الهمزة قد ألقيت
عليها فتحة النون الأولى2 وأدغمت النون المسلوبة الحركة في
التي بعدها: كذلك أيضا ألقى أبو الحسن فتحة الباء الثانية
على الباء الأولى، فحركها، وأدغم الثانية في الثالثة،
فقال: "اضْرَبَبّ".
"مثال "اطمأن"
من "رمى"":
قال أبو عثمان: ولا يلزم هذا في باب "رَمَيْت" لأن اللام3
التي هي طرف متحركة فيلزمها القلب؛ كما يلزم لام "رَمى"
والسكون في موضع الرفع؛ فلا يجوز لك أن تلقي حركة اللام
الوسطى على "اللام"4 الأولى؛ "فتسكن"5؛ فتجمع بين ساكنين؛
فيلزمك6 الحذف؛ فيذهب البناء، ويخرج من بناء بنات7
الأربعة؛ فتركت الأشياء على أصولها لذلك!
ولم يكن ذلك في غير المعتل لأنه لا يلزمه8 ما يلزم المعتل.
قال أبو الفتح: يقول: لا يمكنك أن9 تقول9 إلا: "اِرْمَيّا،
بوزن: اطمأْنَنَ" على الأصل؛ لأنك لو أسكنت الوسطى والآخرة
ساكنة للزمك حذف إحداهما, ولو قلت: "ارْمَييّ10" فأدغمت
الوسطى في الآخرة11 لوجب أن تقول في المضارع: "يَرْمَيِيّ"
فترفع الفعل المعتل -وهذا لا يكون- فقلبت الآخرة؛
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 به: ساقط من ظ، ع.
2 الأولى: ساقط من ظ، ش.
3 اللام: ساقط من ظ، ش.
4، 5 الزيادة من ع، في الموضعين.
6 "في نسخة: فيلزمها" كذا من هامش ص.
7 بنات: ساقط من ش.
8 ظ، ش: يلزمك.
9، 9 ساقط من ظ، ش.
10 ظ، ش: ارمي.
11 ظ، ش: الآخر.
ج / 2 ص -266-
لتحركها وانفتاح ما قبلها قبل أن تصير إلى
الإدغام فقلت1: "ارْمَيَّا يَرْمَيّي" فأسكنته في الرفع.
وقوله: "ولم يكن ذلك في غير المعتل" يقول2: لأن غير
المعتل2 لا تنقلب لامه الآخرة ألفا وإن كان قبلها فتحة،
ولا يمنع3 من الرفع ودخول الضمة فيه نحو: "اضْرَبَبّ،
يضربِب" فهذا فرق بينهما.
"خطأ أبي الحسن
الأخفش في قوله: "اضربب على مثال: اطمأن"":
قال أبو عثمان: وما أرى قول أبي الحسن؛ إلا غلطا؛ لأنه
إنما يفعل هذا إذا اختلفت اللامات.
ألا ترى أن "اطمأنّ" لامه الأولى همزة، والأُخْرَيان من
جِنْس واحد؛ فلم يصل إلى الإدغام، حتى ألقى حركة الأولى
على الهمزة؟
وليس4 ذلك في بابا "ضَرَبَ" لأن اللامات من جنس واحد؛
فأنت5 إذا5 غيّرت لم يخرجك ذلك من أن يكون الاستثقال على
حاله كما قال سيبويه في "فَعَّل" من "رَدَدْت: "لا
أُغَيِّره؛ لأنه لو فعلت ذلك لصرت من كثرة الدالات إلى مثل
ما فررت منه؛ فأقررت البناء على أصله؛ فكذلك6 هذا إذا
بنيته على مثل7 "اطمأنّ" تركته على أصله؛ فكان8 ذلك أثبت
وأقيس9 من التغيير.
قال أبو الفتح: يقول: لما كان أصل "اطمأنّ: اطمأْنَنَ"
كرهوا تحرك حرفين من جنس واحد؛ كما كرهوا ذلك في "احْمرّ
فأسكنوا الأولى وطرحوا حركته على الهمزة، ثم أدغموه، فزال
ما يستثقلون10".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش: فتقول.
2، 2 ساقط من ظ، ش.
3 ظ، ش، ع: تمتنع.
4 "في نسخة: وليس كذلك" كذا من هامش ص، ع.
5، 5 ص، هامش ظ: فأنت إذا وصلب ظ، ش: وإذا.
6 ظ، ش: وكذلك.
7 ش: مثال.
8 ظ، ش، ع: وكان.
9 ظ: وأقيس على حال.
10 ظ، ش: يستثقلونه.
ج / 2 ص -267-
وأبو الحسن إذا قال: "اضْرَبَبّ"، فهناك من
الاستثقال مثل ما في "اضْرَبَّبَ" لاجتماع اللامات.
ألا ترى أن العرب لم تقل في "رَدَّدَ: رَدَدّ؛ ولا في
"قَلَّلَ: قَلَلَّ"؟ لأنهم لو فعلوا ذلك لوقعوا في مثل ما
منه هربوا من اجتماع اللامات!
فإن قال قائل: فأنت إذا قلت: "اضْرَبَبّ" فأدغمت الوسطى في
الآخرة لم نجمع بين حرفين من جنس واحد متحركين، وإذا قلت:
"اضْرَبَّبَ فأسكنت الباء1 الأولى فقد جمعت بين الأخريين
متحركتين، ورأيت اجتماعهما أيسر من التغيير الذي يصيرك من
كثرة الدالات إلى مثل ما هربت منه.
فهذا2 على مذهب النحويين الذي صوبه أبو عثمان.
وأرى أبو عثمان في هذا قد غَصَبَ أبا الحسن حقه؛ وذلك أن
لأبي الحسن أن يقول: إن "رَدَّدَ" إنما لم يغير بناؤه؟ من
قبل أن العينين لم تباشر إحداهما صاحبتها -في كلام العرب
قاطبة- إلا والأولى مسكَّنة مدغمة في الثانية؛ وذلك نحو:
"قطَّع، وكسَّر، وسُكَّر، وتُمَّر، وعُلَّف، وقِنَّب،
وكِذّاب، وقُرّاص، وكَلّاب" فلو غيروا "رَدَّدَ" لجمعوا
بين العينين، غير مدغمة الأولى منهما في الأخرى! ولا تجد
هذا إلا مع الفصل بينهما بالحرف نحو: "غَدَوْدَن،
وعَثَوْثَل، وهَجَنْجَل"2.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الباء: ساقط من ظ، ش، ع.
2، 2 ساقط من ظ، ش، ع. ما عدا السطر الأول من قوله: "فهذا"
إلى قوله: "أبو عثمان" فإنه مذكور في ع.
ج / 2 ص -268-
"وأما2 اللامان فيلتقيان غير مدغمة2، أولاهما3 في الأخرى3
وذلك نحو4 "قَرْدَدَ، وجَلْبَب، وعُوطَط".
فقياس أبي عثمان اللامين5 في هذا على العينين6 ظلم منه
لأبي الحسن؟
والصواب عندي في هذا: ما ذهب إليه أبو الحسن، لما ذكرت لك
فاعرفه7"1.
"المضارع من
"قرأ" على مثال "اطمأن"":
قال أبو عثمان: وإذا قلت: "هو يفْعَلُ" من "اقْرَأْيأْت"
قلتَ: "وهو يَقْرَأْيُي يا فتى" فلم تُغَيِّره، ولم نُلْقِ
حركة الياء على الهمزة؛ لأن هذا ليس موضع تغيير.
قال أبو الفتح: يقول: لم تستثقل الكسرة على الياء كما من
عادتهم أن يفعلوه؛ لأن ما قبلها ساكن. وهذا لم يغير8 في
"اقْرَأْيأْت".
"المضارع من
"رمى" على مثال "اطمأن"":
قال أبو عثمان: وتقول: "هو يَرْمَيِيّ، ولم يَرْمَيّ،
ولن9 يَرْمَيّ9" فاعلم.
قال أبو الفتح: إعراب هذا الفعل كإعراب "يَرْمي" لانكسار
ما قبل الياء.
"مثال "اطمأن"
من "وأيت"":
قال أبو عثمان: وتقول من10 "وأَيْت" مثل "اطمأنّ:
ايْأَيَّا" فإن خففت الهمزة قلت: "وَيّا"، وهذا مثل ما قد
مضى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1، 1 ساقط كله من ع.
2، 2 ساقط من ظ، ش.
3، 3 ظ، ش: أولى مما في آخرهما.
4 نحو: ساقط من ص.
5 اللامين: ساقط من ظ، ش.
6 ظ، ش: التغيير.
7 فاعرفه: ساقط من ص.
8 ظ، ش: تغيره.
9، 9 ساقط من ظ، ش.
10 ظ، ش، ع: في.
ج / 2 ص -269-
قال أبو الفتح: أصل هذه المسألة1:
"اِوْأَيَّيَ2" فانقلبت الواو ياء؛ لانكسار ما قبلها؛
وانقلبت الياء ألفا؛ لانفتاح ما قبلها.
وإنما قلت في التخفيف: "وَيَّا" لأنك طَرَحْت حركة الهمزة
على الياء3؛ فانفتحت؛ فرجعت واوا لتحركها، وحذفت4 همزة5
الوصل قبلها لتحرك ما بعدها.
"المضارع على
مثال "اطمأن" من "وأيت"":
قال أبو عثمان: وإذا6 قلت: "وهو يفعل" قلت:
"يَوْأيّي"، فإن خففت الهمزة قلت: "يَوَيّي"، وقياس المصدر
على هذا.
قال أبو الفتح: إنما رجعت الواو في المضارع؛ لزوال كسرة
همزة الوصل من قبلها.
وتقول في المصدر على التحقيق: "إيإيَّاء، بوزن:
عِيعِيَّاء"، فإن خففت الهمزة ألقيت كسرتها على الياء
قبلها؛ فرجعت واوا لتحركها، وحذفت همزة7 الوصل من قَبْلها؛
لاستغنائك عنها بحركة ما بعدها، فقلت: "وِيَّاء".
"مثال "اغدودن"
من "رددت"":
قال أبو عثمان: وتقول في مثل "اغْدَوْدَنَ من رَدَدْتُ:
ارْدَوَدَّ"، فتدغم؛ لأن "اغْدَوْدَنَ" ليس بملحق
بالأربعة؛ لأنه ليس في الأربعة مثل "احْرَوْجَمَ" فيكون
هذا ملحقا به.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 المسألة: ساقط من ظ، ش، ع.
2 ع: اوأيا.
3 على الياء. ساقط من ع.
4 زادت ع بعد "وحذفت" ما يأتي: "الهمزة على الياء فانفتحت؛
فرجعت واوا؛ لتحركها وحذفت".
5 ص: ألف.
6 ظ، ش، ع: فإذا.
7 ظ: همز.
ج / 2 ص -270-
قال أبو الفتح: يقول: ليس في الكلام مثل:
"احْرَوْجَمَ" فتلحق "ارْدَوَدّ" به؛ فتقول:
"ارْدَوْدَدَ1"، كما ألحقت "اقْعَنْسَسَ باحْرنجم" فجرى
"اردَوَدّ" في الإدغام مجرى "احمرّ" لأنه ليس في الكلام
شيء من ذوات الأربعة على "مثال"2 "افْعَلَّلَ" نحو:
"احْرَجَّمَ" فلزمه الإدغام لما لم يكن ملحقا3؛ كما لزم
"أصمّ" الإدغام لما لم يكن ملحقا3, وكما ظهر: "قَرْدَد،
ورِمْدد، وشُرْبُب" لما كانت ملحقة بـ "جَعْفَر، وعِظْلِم،
وبُرْثُن"؟
وأصل "ارْدَوَدّ: ارْدَوْدَدَ"، كما أن أصل "احمرّ:
احْمَرَرَ" يدل على ذلك: ظهور التضعيف عند سكون اللام.
"مثال "اغدودن"
من "وددت"":
قال أبو عثمان: وتقول فيه من "وَدِدْتُ: اِيدَوَد" فاعلم4،
مثله من "رَدَدْت".
قال أبو الفتح: لا فصل بين هذه والتي5 قبلها إلا بانقلاب
الفاء6 من "ودِدت" ياء؛ لانكسار ما قبلها.
وتقول في المضارع: "يَوْدَوِدّ" فرددت7 الواء؛ لزوال
الكسرة من قبلها.
وتقول8 في المصدر9: "اِيدِيدَادا" فتقلب الفاء؛ لانكسار
الهمزة قبلها8، وتقلب واو "افْعَوعل" لانكسار الدال الأولى
قبلها، وتُظهر الدالين الآخرتين لحجز10 ألف "افْعِيلال"11
بينهما.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش: اروودا.
2 مثال: زيادة من ع.
3، 3 ساقط من ع.
4 هامش ظ: فلم يرد.
5 ظ: التي.
6 ص: للفاء.
7 ع: رددت.
8، 8 ساقط من ظ، ش.
9 ع: وفي المصدر، بدل: وتقول في المصدر.
10 ظ، ش: بحجز. ع: الحجز. وص: تقرأ بالوجهين أي: بحجز،
ولحجز.
11 ص، ظ، ش: افعيعال.
ج / 2 ص -271-
"مثال "إوزة" من "وأيت، وشويت"":
قال أبو عثمان: وتقول في مثل "إوَزّة من
وَأَيْت: اِيْأَاة" ومثلها من "أَوَيْت: إيَّاة" لأن
"إوَزّة: إفْعَلَّة". والدليل على ذلك قولهم: "وَزّة1"
ومثلها من "شويتُ: إشواة" تقلب الهمزة -التي هي فاء
"أَوَيْت"- ياء للهمزة التي قبلها، لئلا تجمع بين همزتين
في كلمة واحدة، وتقلب العين -التي هي واو- ياء؛ لأن قبلها
ياء ساكنة؛ فصارت بمنزلة "ميّت" وأخواته2.
قال أبو الفتح: أصل3 هذه المسألة من "وَأَيْت: اوْأَيَة
بوزن: عِوْعَيَة" فانقلبت الواو ياء؛ لانكسار ما قبلها،
وانقلبت الياء ألفا، لانفتاح ما قبلها؛ فصارت4: "إيأاة"
كما ترى.
وأصلها من "أوَيْت: اِأْوَيَة" فقلبت الهمزة ياء؛ لانكسار
الهمزة قبلها؛ فصارت في التقدير: "اِيْوَيَة" ثم قلبت
الواو ياء؛ لوقوع الياء المبدلة من الهمزة قبلها. ووجب
القلب فيها ولم تصح الواو كما صحت في بنائك مثل "اطمأنّ"
من "أوَى" إذا قلت: "اِيوَيّا"، فأقررت الواو، ولم تقلبها؛
لأن الفعل لا يستقر على حالة واحدة؛ لتصرفه؛ و"إوزة" اسم،
والاسم ثابت غير متصرف؛ فالبدل فيه قوي؛ فلذلك جرت الياء
في "إيْوَيَة" مجرى الياء في "مَيْوِت" لأن القلب فيها قوي
-وقد مضى نظير هذا- فصارت في التقدير: "اِيَّيَة" ثم
انقلبت الياء "الأخيرة"5 ألفا؛ لانفتاح ما قبلها، ووقوعها
موضع حركة؛ فصارت "إيَّاة".
وأصلها من "شَوَيْت: اِشْوَيَة" فانقلبت الياء ألفا.
وأصل "إوزة: إوْزَزَة" فاستثقلوا اجتماع الزايين6
متحركتين؛ فنقلوا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ص، ظ، ش: وز.
2 ظ، ش، ع: وأخواتها.
3 أصل: ساقط من ظ، ش.
4 ظ: فصار.
5 زيادة من ع.
6 ظ: الزائدتين. ش: الزاءين.
ج / 2 ص -272-
فتحة الأولى إلى الواو؛ فلما تحركت قويت؛
فلم يكن للكسرة قبلها سبيل على قلبها.
وإن شئت فقل1: كان أصلها: "إوْزَزَة" فانقلبت الواو2 ياء
لسكونها وانكسار ما قبلها؛ فصارت: "إيزَزَة2"، فلما تحركت3
الياء بفتحة الزاي رجعت واوا.
"مثال "حمصيصة"
من "رميت"":
قال أبو عثمان: وتقول في مثل "حَمَصِيصة من رَمَيْت:
رَمَوِيّة"، وكانت قبل أن تغيرها: "رَمَيِيّة"، فاجتمع
فيها من الياءات ما كان يجتمع في "رَحَيِيّة" إذا نسبت إلى
"رَحى" فغيرت كما غيرت "رحى" في النسب؛ فقلبت اللام الأولى
ألفا، ثم أبدلتها واوا؛ لأن بعدها ياء ثقلة كياء4 النسب.
قال أبو الفتح: إنما قُلِبَت اللام الأولى ألفا؛ لتحركها
وانفتاح ما قبلها؛ لأنها بإزاء الصاد الأولى من:
"حَمَصِيصَة"، فصارت في التقدير: "رَمايّة"، وياء النسب لا
بد من لها من أن يكسر ما قبلها، ولم يكن تحريك الألف؛ لئلا
تنقلب همزة، ولا إقرارها؛ لأن من شرط ياء الإضافة كسر ما
قبلها؛ فأبدلت واوا؛ فصارت: "رَمَوِيّة" ولم تبدل ياء؛
لأنك من الياء هربت.
"كراهتهم اجتماع
ثلاث ياءات في المتصل، أشد منها في المنفصل":
قال أبو عثمان: فإن5 قلت: إن ياء النسب منفصلة من5 الاسم5،
فلم شبهت هذا بها6؟ فإنهم إذا كرهوا اجتماع الياءات في
المنفصل، فهم لغير المنفصل أكره.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ش: قلت.
2، 2 بدله في ع: "لانكسار ما قبلها وسكونها ثم نقلت حركة
الزاي إليها للإدغام".
3 ظ، ش: حركت.
4 ع: كياءي.
5، 5 ساقط من ظ، ش، ع.
6 ص وهامش ظ: بها. وصلب ظ، ش: بهذا.
ج / 2 ص -273-
ألا ترى أن الهمزتين إذا التقتا منفصلتين
لم يكن فيهما التحقيق1، ولم يكن بد من تخفيف إحداهما؟
"كما"2 يفعل هذا بها أهل التحقيق الذين إذا كانت واحدة
حققوها3؛ فإذا جاءت إلى جانبها4 أخرى لم يكن عندهم من
تخفيف إحداهما بد؛ فإذا اجتمعتا5 في كلمة واحدة فكلهم يبدل
الثانية ويخرجها من باب الهمز6؛ لأنهما7 في كلمة واحدة7.
قال أبو الفتح: فصله بين المتصل والمنفصل في هذا صحيح؛ لأن
لكل واحد منهما نحوا8 ليس لصاحبه.
ونظير ما مثل به قوله: "مُستعد"، وأصله: "مُسْتعدِد"،
فنقلوا الكسرة إلى العين، ولا يقولون في "هذا كَرْم محمد:
هذا كَرُمُّحمد"، ولا9 ينقلون حركة المريم الأولى إلى
الراء؛ كما نقلوها في "مستعِد"10 إلى العين؛ لانفصال
"كَرْم" من "محمد" فلم يجريا مجرى "مستعِد"10.
ومن ذلك قولهم: "عَدُوّ، ووَلِيّ" فيدغمون واو "فعول" وياء
"فعيل".
ولا يقولون في نحو11: "هو12 يغزو واقدا، ويقضي ياسرا"
بالإدغام؛ لانفصالهما فهذا يؤكد ما قال.
"من أجاز اجتماع أربع ياءات في النسب لم يجز ذلك في
"حمصيصة" من "رميت"":
قال أبو عثمان: ومن قال في "حَيَّة، وأُمَيَّة -في النسب:
حَيِّيّ، وأُمَيِّيّ" فجمع بين أربع ياءات، لم يقل مثل ذلك
في "حمصيصة" من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ص، وهامش ظ: التحقيق. وصلب ظ، ش: التخفيف.
2 الزيادة من ع.
3 ظ، ش: خففوها.
4 ظ، ش، ع: جنبها.
5 ظ: اجتمعا.
6 ص، كعب ظ: الهمز. وصلب ظ، ش: الهمزة.
7، 7 ساقط من ظ، ش.
8 ع: حكما.
9 ع: لا.
10، 10 ساقط من ع.
11 نحو: ساقط من ظ، ش.
12 هو: ساقط من ع.
ج / 2 ص -274-
"رَمَيْت"، ولم يكن فيها إلا التغيير؛ وهذا أقيس. وكان
الخليل وسيبويه والأخفش يرونه؛ ولا أراه -كما قالوا- لما
ذكرت لك من العلة.
قال أبو الفتح: قد تحصل من مذهب أبي عثمان -على هذا القول-
أن الذي حسن لهم جمع أربع ياءات في "حَيِّيّ، وأُمَيِّيّ"
إنما هو لأن ياءي الإضافة منفصلتان مما قبلهما، وليس كذلك
الياءان الآخرتان في "رَمَوِيَّة" لأنهما ليستا منفصلتين؛
لأنهما بإزاء الياء والصاد الآخرة1 من2: "حَمَصِيْصَة"
فلما لزمتا كانتا أثقل من ياءي الإضافة؛ فلهذا امتنع مما
أجازه الأولون.
قال أبو علي: يقال لأبي عثمان: إن العلة في قلب الياء ألفا
ثم واوا: إنما هو اجتماع الياءات، لا فرق بين اللازم
والمنفصل.
وأيضا فإن في آخر "حَمَصِيصَة" من "رَمَيْت" ياءين زائدتين
يُشبهان ياءي النسب.
يقول3: لأن ياء "حَمَصِيصَة" زائدة، والصاد مكررة، فهي
أيضا زائدة فجرتا مجرى ياءي النسب3؛ والعلة واحدة.
"مثال: "حلكوك"
من "غزوت"":
قال أبو عثمان: وتقول في مثل "حَلَكوك" من "غزوت:
غَزَوِيٌ4" وكانت قبل التغيير فيها ثلاث واوات؛ فلا بد من
قلب الطرف؛ لئلا تجتمع الواوات؛ ثم تقلب التي تليها لها؛
ثم تبدل من الواو الأولى ألفا، ثم تبدل الألف واوا؛ لأن
بعدها ياء ثقيلة؛ فهذا قياس ما قلت لك.
قال أبو الفتح: الأصل أنها كانت: "غَزَوُوْوا5" فقلبت
الآخرة لما ذكر؛
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش، ع: الآخرتين.
2 من: ساقط من ظ، وهو في ش: في.
3، 3 ساقط من ظ، ش.
4 ص، ظ، ع: غزوية، وهامش ظ، ش: غزوى. وهو الموافق للمثال
حلكوك.
5 ص، ظ، ع: غزووة، وهامش ظ: غزووو. وش: وغزوووا. وهو
الصواب.
ج / 2 ص -275-
فصارت1: "غزوُوْيا2" ثم أبدلت الواو3 التي
قبل الياء؛ لأجل الياء بعدها؛ فصارت في التقدير:
"غَزَوُيًّا4" ثم أبدل5 من3 الضمة في الواو كسرة؛ لتصح
الياء بعدها؛ فصارت: "غَزَوِيّا6" ثم أبدلت "من"7 الواو
ألفا؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها؛ كما فعل في8 الياء8؛
فصارت في التقدير: "غَزَايّا9"، وأرادوا كسر ما قبل الياء؛
كما يكسر ما قبل ياء النسب؛ فأبدلوا الألف واوا كما فعل
فيما تقدم؛ فصارت: "غَزَوِيّا10"، فالواو في "غَزَوِيّ11"
إنما هي بدل من الألف، التي كانت في التقدير بدلا من
الواو.
"من جمع بين الياءات لم يجمع بين الواوات لثقلها":
قال أبو عثمان: ومن جمع بين الياءات لم يجمع بين الواوات
لثقل الواوات؛ فعلى هذا فأجر ما جاءك من هذا.
قال أبو الفتح: يريد الياءات في "حَيِّيّ، وأُمَيِّيّ"
والتغيير في: "غَزوِيّ12" بلا خلاف.
"مثال "فعلول" من "رميت"":
قال أبو عثمان: وتقول في "فُعْلول من رَمَيْت: رُمْيِيّ"
لا تغير؛ لأن الحرف الذي قبل الياء الأولى ساكن؛ فصارت
بمنزلة النسبة إلى "ظَبْي".
قال أبو الفتح: أصل هذه "رُمْيُويّ" فقلبت الواو ياء؛
لوقوع الياء بعدها، وأبدلت من ضمة الياء قبلها كسرة؛ لتصح
الياء المنقلبة، وصحت الياء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش: فصار.
2 ش: غزوويا. وص، ظ، ع: غزووية.
3، 3 ساقط من ع.
4 ص، ع: غزوية. ظ: غزووية.
5 ظ، ش: أبدلت.
6 ص، ظ: غزوية.
7 الزيادة من ع.
8، 8 ظ، ش: فيما تقدم.
9 ص، ظ، ع: غزاية.
10 ص، ظ، ع: غزوية.
11 ص، ظ، ع: غزوية.
12 ص، ظ، ع: غزوية.
ج / 2 ص -276-
الأولى، ولم تُقلب، كما قُلبت في
"رَحَوِيّ" لسكون الميم قبلها1، فصارت "رُمْيِيّا".
"مثال "فعلول"
من "غزوت"":
قال أبو عثمان: وكذلك "فُعْلُون من غَزَوْت" إلا أنك تبدل
الواو الآخرة2 ياء، ثم تبدل لها الواو التي تليها، فيصير:
"غُزْوِيّ" فصار هذا بمنزلة النسب إلى "غَزْو، وعَدْو" وما
أشبه ذلك.
قال أبو الفتح: يريد بقوله: "وكذلك فُعلُول من غَزَوْت"
أنك تصحح الواو الأولى من "غُزْوِيّ" لسكون ما قبلها؛ كما
صحت الياء الأولى في "رُمْيِيّ" لسكون ما قبلها. ولذلك
شبهه "بغُزْوِيّ" كما شبه "رُمْيِيّا بظَبْيِيّ".
وأصل "غُزْوِيُّ: غُزْوُوّ" فقلبت الآخرة ياء؛ لاجتماع
ثلاث واوات؛ فصارت3: "غزوُوْيا"، ثم أبدلت لها الواو التي
قبلها، وأبدلت من الضمة قبلها كسرة؛ فصارت: "غُزْوِيّا"
فالواو في "غُزْوِيّ" هي الواو الأولى التي كانت في:
"غُزْوُوّ" وليست كالواو في "غَزَوِىٍّ4" إذا أردت بناء
"حَلَكُوك" من "غزوت" لأن تلك بدل من الألف المبدلة من
الواو التي هي اللام الأولى.
"مثال "فعليل"
من "رميت، وغزوت"":
قال أبو عثمان: وكذلك "فِعْلِيل5" بهذه المنزلة.
قال أبو الفتح: يريد صحة اللام، لسكون العين؛ فتقول فيها
من "رميت: رِمْيِيّ" ومن "غزوت: غِزْوِيّ" وأصلها:
"غِزْوِيو" فقلبت الواو، لوقوع الياء قبلها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قبلها: ساقط من ص.
2 ص، ظ: الآخرة: وش، هامش ظ: الأخيرة.
3 ظ: فصار.
4 ص، ظ، ع: غزوية.
5 ظ، ش: تفعليل.
ج / 2 ص -277-
"مثال "مفعول" من "قويت"":
قال أبو عثمان: وتقول في "مفعول من1 قَوِيت1:
مكان مَقْوِيّ فيه" فتغير، لاجتماع الواوات.
قال أبو الفتح: أصل هذه: "مَقْوُوّ" ثم صارت: "مَقْوُوْيا"
ثم "مَقْوُي" ثم "مَقْوِيّ" على ما تقدم.
ومن قال: "مَغْزُوّ" لم يقل هنا إلا بالقلب، كراهة اجتماع
ثلاث واوات: وإذا أجازوا2 القلب في "مَغْزِيّ4" فهم بالقلب
في "مَقْوِيّ" أجدر؛ ولا4 يجوز غيره.
"مثال "مفعول"
من "الشقاوة"":
قال أبو عثمان: وتقول فيه من "الشقاوة5: مكان مشقو فيه"
فلا تغير كما لا تغير "مغزوّا" إلا أن تقول: "مشقيّ"، كما
تقول: "مَسْنِيّة6، ومَرْضِيَّة".
قال أبو الفتح: يقول: فتجيز القلب على ضعف؛ لأنه ليس في
قوة الإثبات؛ لأن القياس: "مَسْنُوّة7، ومَرْضُوّة".
"مثال "فعلول"
من "شويت، وطويت"":
قال أبو عثمان: وتقول في "فُعْلُول من شوَيت، وطوَيت:
شُوَوِيّ، وطُوَوِيّ" وكان الأصل: "شُوْيوُي، وطُوْيُوي"
فقلبت الأولى ياء؛ لأن بعدها ياء متحركة، وقلبت الواو
الأخرى ياء للياء التي بعدها أيضا؛
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1، 1 ساقط من ظ، ش.
2 ظ: جازوا.
3 ظ، ش: معدى.
4 ظ، ش: فلا.
5 ظ، ش: الشقاء.
6 ص، ظ، ش: مسني.
7 ص، ظ، ش: مسنو.
ج / 2 ص -278-
فاجتمعت أربع ياءات؛ فصار بمنزلة1
"أُمَيِّيّ" فكأنها: "شُيِّيّ، وطُيِّيّ" ففعلت بها ما
فعلت بـ"أُمَيَّة" حين نسبت إليها.
قال أبو الفتح: أصل هذه: "شُويُوي، وطُويُوي"؛ لأن واو
"فُعلول" تقع بين الياءين وهما اللامان، ثم صارت:
"شُوُييّ" ثم "شُويِيّ" ثم "شُيِّيّ" وكذلك "طُيِّيّ"
فصارت بمنزلة النسب إلى "حَيّة" فحركت عين الفعل لتنقلب
اللام ألفا، كما فعلت ذلك حين قلت: "حَيَويّ" فلما تحركت
العين رجعت واوا؛ لقوتها بالحركة؛ فصارت في التقدير:
"شُوَيِيّ" ثم قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها؛
فصارت في التقدير: "شَوايّ" ثم قلبت الألف واوا؛ كما فعلت
في "رَحَوِيّ".
فالواو الأولى في "شُوَوِيّ" هي الواو الأصلية، لما تحركت
رجعت. والواو الثانية بعدها إنما هي بدل من الألف، التي
كانت بدلا من الياء، التي هي اللام الأولى.
"مثال "فيعول"
من "غزوت"":
قال أبو عثمان: وتقول في "فَيْعُول من غزوت: غَيْزُوّ"
فتصير بمنزلة "مَغْزُوّ".
قال أبو الفتح: إنما صار بمنزلة "مَغْزُوّ" لأن قبل لامه
واو "فَيْعول" فهي نظيرة واو "مفعول" وإذا كان قد صح
"مَغْزُوّ" وهو على "غُزِيَ" فـ"فَيعول" أولى بالصحة لبعده
من الاعتلال؛ إذ ليس بجار على "غُزِيّ" ولا يعمل عمل
الفعل.
"مثال "فيعول"
من "قويت"":
قال أبو عثمان: وتقول فيها من "قَوِيْت: قيُّوّ" فتقلب
العين التي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش: فصارت.
ج / 2 ص -279-
هي واو ياء للياء الأولى قبلها، وتدع واوي
الطرف على حالهما؛ لأن الواو الأولى التي تلي الياء
المبدلة من الواو ساكنة، والياء1 التي قبلها متحركة؛ فليس
هذا موضع تغيير.
قال أبو الفتح: يقول: إنه2 إنما3 تقلب الواو لأجل الياء
إذا سكنت الأولى نحو: "مَيْوِت"، فأما4 إذا تحركت الأولى
فلا سبيل إلى القلب.
ألا ترى إلى صحة "طَوَيْت، وشَوَيْت" ونحوهما؟
وأصل هذه المسألة: "قَيْوُوّ" فقلبت الواو للياء قبلها.
"مثال "فيعول"
من "حييت"":
قال أبو عثمان: وتقول فيها من "حَيِيْت: حَيَوِيّ"؛ لأنك
لو جئت بها غير مغيرة صارت بمنزلة النسب إلى "حَيَّة".
قال أبو الفتح: أصل هذه "حَيُّوْي" فقلبت الواو، لوقوعها
ساكنة قبل الياء، وأبدل من ضمة ما قبلها كسرة؛ فصارت في
التقدير: "حَيِّيّا" بمنزلة قول بعضهم في النسب إلى
"حَيَّة: حَيِّيّ" فاجتمعت أربع ياءات؛ فحركة الأولى منهن
لتنقلب الثانية ألفا؛ فصارت في التقدير: "حَيايّا" ثم
أبدلت الألف واوا؛ فصارت: "حَيَويّا" بمنزلة "رَحَوِيّ5".
"مثال "فيعل" من
"حويت"":
قال أبو عثمان: وتقول في "فَيْعَل من حَوِيت، وقَوِيت:
حَيّا، وقَيّا" تقلب العين ياء؛ لأن قبلها ياء ساكنة،
وتقلب اللام ألفا؛ لأن أصلها التحريك وقبلها فتحة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش: فالياء.
2 ص، ظ، ش: لأنه.
3 إنما: ساقط من ع.
4 ظ، ش: وأما.
5 ظ، ش: حوى.
ج / 2 ص -280-
قال أبو الفتح: أصل هذه1: "حَيْوَو،
وقَيْوَو" لأنهما من مضاعف الواو؛ لقولك: "الحُوّة،
والقُوّة" ثم غيرا لما ذكر.
والوجه أن تبني هذا على "فَيْعِل" مكسور العين؛ لأن ما
عينه معتلة إنما يجيء فيه "فَيعَل" قليلا. وقد قالوا:
"هَيَّبَان، وتَيَّحان" فبنوهما على "فَيْعَلان" مفتوح
العين.
والألف في "حيّا، وقيّا" إنما هي بدل من الياء المنقلبة عن
الواو الآخرة2.
"مثال "فيعل" من
"حويت، وقويت"":
قال أبو عثمان: وتقول في "فَيْعِل" منهما: "حَيّ، وقَيّ"
وكذلك من "شَوَيْت، ولَوَيْت" تحذف من ههنا ياء؛ كما حذفت
من تصغير "أحْوَى" حين قلت: "أُحَيّ" كما ترى؛ وكذلك ما
أشبه3 هذا3.
قال أبو الفتح: أصل هذا: "حَيْوِو، وقَيْوِو" فقلبت الواو
الأولى ياء لوقوع الياء قبلها ساكنة4، وقلبت الآخرة4
لانكسار ما قبلها؛ فصار5 في التقدير: "حَيِّيا، وقَيِّيا"
فكرهوا6 اجتماع ثلاث ياءات -والوسطى مكسورة- فحذفوا
الآخرة؛ لضعفها؛ فصار: "حَيّا، وقَيّا".
وأصله من "شَوَيْت، ولَوَيْت: شَيْو، ولَيْو7" فقلبت
الواو، وفعل8 بها ما فعل بما قبلها9.
وكذلك "أُحَيّ" إنما هو تصغير "أحْوَى" وأصلُه: "أُحَيْو"
فقلبت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1، 1 ظ، ش: هذا.
2 ش: الأخيرة.
3، 3 ص، وهامش ظ: أشبه هذا. وصلب ظ، ش: أشبهه.
4، 4 بدله في ع: فصار في التقدير "حيو، وقيو" فقلبوا الواو
ياء.
5 ظ، ش: فصارت.
6 ظ، ش: وكرهوا.
7 ع: شيوي، وليوي.
8 بدله في ع: للياء قبلها فصار أحي.
9 ص، ظ، ع: قبله.
ج / 2 ص -281-
الواو للياء قبلها؛ فصار: "أُحَيِّيا8"
فاجتمعت ثلاث ياءات -والوسطى مكسورة- فحذفوا1 الآخرة
لضعفها.
وهذا إنما هو على حد قولهم في "أسود: أُسيِّد" فأما من
قال: "أُسَيْوِد فلم يقلب وأجرى ياء التحقير مجرى ألف
التكسير في "أساوِد" فإنه يقول: "أُحَيْو" ولا2 يحذف شيئا؛
لأنه لم يجتمع ما يحذف من أجله.
والقول الأول هو الوجه، لوقوع الياء ساكنة قبل الواو.
ومنهم من لا يحذف في تحقير "أحْوَى" فيقول: "أُحَيّ" -وهو
أبو عمرو3- فقياس قوله ثم أن يقول هنا: "حَيّ، وقي، وشَيّ،
ولَي".
والحذف قول الخليل وسيبويه وهو الوجه، يدل على صحته قولهم
في تصغير4 "عطاء: عُطَيّ" وأصله: "عُطَيِّي" فحذفهم الياء
إنما هو لاجتماع ثلاث5 ياءات وكسرة الوسطى منها.
وكذلك قالوا6 في تحقير "سماء: سُمَيَّة" وأصله:
"سُمَيِّية" فحذفوا الياء لذلك؛ وإذا حذوفها -مع أن بعدها
الهاء- فحذفهم إياها -إذا وقعت حرف إعراب- أصوب.
"مثال "فعلان"
من "قويت"":
قال أبو عثمان: وتقول في "فَعُلان من قَوِيت: قَوُوَان"
وإن شئت أدغمت وأسكنت الواو الأولى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ: فخذ منه. ش: فحذفت.
2 ع: لا.
3 ظ، ش: عمر.
4 ظ، ش، ع: تحقير.
5 ثلاث: ساقط من ظ.
6 ظ، ش: تقول.
ج / 2 ص -282-
قال أبو الفتح: هذا1 الذي قاله2 قد قاله
سيبويه من قبل؛ أعني إظهار "قَوُوَان".
وقال أبو العباس: "قَوُوان" غَلَط ينبغي لمن3 لم يدغم أن
يقول: "قَوِيان" فيكسر الأولى ويقلب الثانية ياء؛ لأنه لا
تجتمع واوان في إحداهما ضمة والأخرى متحركة؛ قال: وهذا قول
أبي عمر الجرمي4 وجميع أهل العلم.
والوجه عندي إدغامه ليسلم من ظهور الواوين، إحداهما
مضمومة. فإذا5 قال: "قَوِيان" التبس "فَعُلان بفَعِلان"
فمن هنا قوي الإدغام.
فإن قيل: فإنه إذا أدغم لم يعلم "أفَعُلان" هو أم
"فَعِلان"؟
قيل: هذا محال؛ لأنك لو أردت بناء "فَعِلان" من "قويت"
لقلبت اللام؛ لانكسار ما قبلها فقلت: "قَوِيان" ولم تدغم؛
لاختلاف الحرفين. وإذا وصلت إلى إظهار ما في نفسك من
البناء المراد، فلا وجه لعُدُولِك عنه؛ فلهذا تقول في
"فَعِلان: قَوِيان" فتجمع6 فيه7 قلب الأثقل إلى الأخف
وبيان ما تريد من حركة العين فتأمَّلْه.
"مثال "فعلان"
من "قويت"":
قال أبو عثمان: وتقول في "فَعَلان: قَوَوَان" فتصح اللام
كما صحت في "النَّزَوَان" وتصح العين كما صحت في
"جَوَلان".
قال أبو الفتح: قد تقدمت العلة في صحة نحو8 "النَّزَوَان،
والغَلَيان" حتى حُمِل عليه "الجَوَلان، والسَّيَلان" ولم
يُكْره اجتماع الواوين هنا؛ لانفتاح الأولى منهما.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هذا: ساقط من ظ، ش.
2 قاله: ساقط من ظ، ش.
3 ظ، ش، ع: إن.
4 الجرمي: ساقط من ظ، ش، ع.
5 ظ، ش: وإذا.
6 ظ، ش: فيجتمع.
7 فيه: ساقط من ظ، ش.
8 نحو: ساقط من ظ، ش، ع.
ج / 2 ص -283-
"مثال "فعلان" من "حييت"":
قال أبو عثمان: وتقول في "فَعُلان من حَيِيت: حَيُوَان"
فتقلب الياء التي هي لام واوا؛ لانضمام ما قبلها، ومن أسكن
قال: "حَيْوَان" كما يقول إذا أسكن1 "لَقَضْوَ الرجل" ولا2
تُغَيِّر؛ لأن الإسكان ليس بأصل.
قال أبو الفتح: أصل هذا: "حَيُيان" فقَوِيت الضمة على قلب
الياء -وإن كانت متحركة- لأنها لام، واللام ضعيفة؛ ولو
كانت عينا لما قلبت لقوة العين. ألا ترى إلى نحو قولهم:
"رجل عُيَبَة" لم تقلب الياء لتحركها وكونها عينا.
وقوله: ومن أسكن قال: "حَيْوان".
يريد: من أسكن العين تخفيفا وهو يريد بناء "فعُلان" لا أنه
يرتجل بناء "فَعْلان" لأنه لو أراد ذلك لقال: "حَيَّان" لا
محالة؛ فإقراره للواو -وإن زالت الضمة التي3 أوجبت القلب-
كإقراره الواو في: "لَقَضْوَ الرجل وإن4 زالت الضمة3 من
الضاد التي عنها وجب القلب، إلا أن لفظ "حَيْوان" أخفى من
لفظ "لَقَضْو4" لأن هذا فيه سكون الياء قبل الواو وليس5 في
"لَقَضْوَ الرجل" شيء من شأنه إذا سكن ما قبل الواو5 أن6
تقلب الواو له، وإنما هو الضاد، والضاد لا يمتنع سكونها
قبل الواو. وهما وإن7 اختلفا من هذا الوجه فإنهما متفقان
في أن8 الواو إنما9 وجبت عن الضمة المقدرة فيهما10.
"مثال "فيعلان"
من "حويت، وقويت، وشويت، ولويت"":
قال أبو عثمان: وتقول في "فَيْعِلان من حَوِيت، وقَوِيت،
وشَوَيْت،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ش: أسكنت.
2 ظ، ش: فلا يغير.
3، 3 ساقط من ظ، ش.
4، 4 ساقط من ع.
5، 5 ساقط من ظ، ش.
6 ظ، ش: وأن.
7 ظ، ش: إذا.
8 أن: ساقط من ظ، ش.
9 ظ، ش: وإنما.
10 ظ، ش، ع: فيها.
ج / 2 ص -284-
ولَوَيْت1: حَيَّان، وقَيَّان، وشَيَّان،
ولَيَّان2" تحذف الياء التي هي آخر الياءات3، ولم تعد هذه
الألف أن تكون كهاء التأنيث وألف النصب؛ فهكذا فأجر هذا.
قال أبو الفتح: أصل هذا: "حَيْوِوَان، وقَيْوِوَان،
وشَيْوِيان" فقلبت الواو الأولى، لوقوع الياء قبلها ساكنة،
وقلبت4 الثانية، لانكسار ما قبلها، فصار5 في التقدير:
"حَيَّيانا، وقَيَّيانا، وشَيَّيانا" ثم حذفت الياء الآخرة
كما حذفت من آخر "فيعل" ولم يعتدد بالألف والنون من آخره؛
لأنهما يجريان مَجْرى هذا التأنيث من قِبَل أنَّك لو رخّمت
مِثْل "عثمان" لقلت: "يا عُثْم" كما تقول في "طَلْحَة: يا
طَلْح" وشَبَه هذه الألف والنون بهاء التأنيث أقوى6 من
شبهها بألف النصب في قولك: "رأيت زيدا"؛ لأن هاء التأنيث6
لازمة كلزوم الألف والنون7، وألف النصب يزيلها الرفع
والجر، ولكن أبا عثمان شبهها8 بها، لاجتماعهما في الزيادة
في9 آخر الكلمة. والوجه ما عرفتك:
يقول: فكما10 كنت تقول لو بنيت مثل "فَيْعِلة من حييت11:
حَيَّة" وأصلها: "حَيِّية" كذلك تقول في "فَيْعِلان:
حَيَّان" وأصله: "حَيَّيان"
"قولهم: "حيوان"
بثلاث فتحات متوالية":
قال أبو عثمان: وأما قولهم: "حَيَوَان" فإنه جاء على ما
لا12 يستعمل".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لويت: ساقط من ظ، ش.
2 وليان: ساقط من ظ، ش.
3 الياءات: ساقط من ظ، ش.
4 ظ، ش: فقلبت.
5 ظ، ش: فصارت.
6، 6 ساقط من ظ، ش.
7 والنون: ساقط من ظ، ش.
8 ص: شبههما.
9 ص، ظ، ش: من.
10 ع: فلما.
11 من حييت: ساقط من ظ، ش.
12 لا: ساقط من ع.
ج / 2 ص -285-
ليس في الكلام فعل مستعمل موضع عينه ياء
ولامه واو؛ فلذلك لم يشتقوا منه فعلا، وعلى ذلك جاء
"حَيْوَة" "اسم رجل"1 فافهمه.
وكان الخليل يقول "حَيَوَان2" قلبوا فيه الياء واوا لئلا
يجتمع ياءان استثقالا للحرفين من جنس واحد "يلتقيان"3، ولا
أرى هذا شيئا؛ ولكن هذا كقولهم4 "فاظ -الميت- يفيظ، فيظا،
وفَوْظا" فلا5 يشتقون من "فَوْظ" فعلا.
قال أبو الفتح: القول في هذا ما قاله الخليل. وتشبيه أبي
عثمان "الحيوان" -في أنه لم يشتق منه فعل- "بفَوْظ" ليس
بمستقيم، و"فَيْظ، وفوْظ" لغتان كما ترى6.
قال أبو علي: لأنه لا ينكر في كلامهم أن7 يكون فيه7 ما
عينه ياء، وواو -يعتقبان عليه- نحو قولهم: "تاه يَتِيه،
وطاح يَطِيح" وقالوا: "هو أتَوْه منه، وأطْوَح منه".
فهذا ونظيره كثير في كلامهم، وليس في كلامهم مما8 عينه ياء
ولامه واو شيء تعلمه فنقيس "الحيوان" عليه.
فأما قولهم في9 العلم9: "حَيْوة" فالواو فيه بدل من الياء،
وأصله: "حَيَّة" وجاز ذلك فيه لما كنت عرفتك10، من أنه قد
يجيء في الأعلام ما لا يجيء في غيرها، وذلك نحو: "مَوْرَق،
وتَهْلَل، ومَعْديِكَرِب".
وإنما حمل الخليل "الحيوان" على أنه من مضاعف الياء، وأن
الواو فيه بدل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 اسم رجل: زيادة من ع.
2 حيوان: ساقط من ظ، ش.
3 يلتقيان: زيادة من ع.
4 ظ، ش: كقوله.
5 ظ، ش، ع: ولا.
4 ظ، ش: كقوله.
6 ترى: ساقط من ظ، ش.
7، 7 ساقط من ع.
8 ظ، ش: ما.
9، 9 ع: رجاء بن.
10 ظ: عن قد. وش: عرفت.
ج / 2 ص -286-
من الياء1؛ لأنه من "الحياة"، ومعنى
"الحياة" موجود في قولهم: "الحيا - للمطر".
ألا ترى أنه يُحْيِى الأرض والنبات؟ كما قال2 تعالى:
{وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا}3، 4 و{فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ
بَعْدَ مَوْتِهَا}4، وهذا كثير في القرآن
والشِّعْر. وهم يقولون في تثنيته: "حَيَيَان" بالياء لا
غير.
فلهذا -عندي- ذهب "الخليل"5 إلى أن "الحَيوان" من مضاعف
الياء لما وجد معناه كمعنى "الحَيَا - للغيث" فلما لم يجد
في الكلام ما عينه ياء، ولامه واو نحو: "حيوت" ورأى معنى
"الحيوان" من معنى "الحيا - للمطر" حمله عليه لهذين
السببين.
وبقي أبو عثمان بلا دلالة تدل على قوله. فمذهب الخليل في
هذا الوجه الذي لا محيد عنه، ولا مصرف إلى غيره.
"المصادر التي
ليس لها أفعال":
قال أبو عثمان: وكذلك "وَيْل، ووَيْح، ووَيْس" هن مصادر
ليس لهن فِعْل، كراهة أن يكثر في كلامهم ما يستثقلون،
ولاستغنائهم بالشيء عن الشيء حتى يكون المستغنى عنه مسقطا.
قال أبو الفتح: قد تقدم القول في امتناعهم من استعمال
أفعال هذه المصادر لما كان يلزمهم من إعلال الفاء والعين
جميعا.
وأما6 ما استغنوا به7 عن غيره فقولهم8: "تَرَك" استغنوا به
عن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ: الياء، وأصله: "حية"، وجاز ذلك.
2، 2 ظ، ش: قال الله تعالى.
3 من الآية 11 من سورة ق 50.
4، 4 من الآية 9 من سورة فاطر 35، وهي وواو العطف قبلها:
ساقط من ظ، ش، ع.
5 الخليل: زيادة من ع.
6 ظ، ش: فأما.
7 به: ساقط من ظ، ش.
8 ظ، ش: فنحو قولهم.
ج / 2 ص -287-
"وَدَعَ؛ ووَذَرَ" وبقولهم1: "تارك" عن "وادع، وواذر"
ولهذا نظائر.
يقول: فكذلك استغْنَوا عن استعمال الفعل من لفظ
"الحَيَوَان" باستعمال الفعل من2 "حَيِيت" مما لامه ياء
كعَيْنِه, والقول في هذا قول الخليل.
"قول الخليل في مثل "فعلان" بكسر العين من "حييت، ومن
قويت"":
قال أبو عثمان: وقليل الخليل: أقول في مثل "فَعِلان من
حَيِيْت: حَيِيان" وتُسَكّن وتدغم إن شئت. ومن "قويت:
قَوِيان" ولم3 تُدْغِم؛ لأن الحرفين مختلفان.
قال أبو الفتح: الإدغام في "حَيِيان" هو الوجه؛ لأنه قد
اجتمع في الكلمة حرفان من جنس واحد متحركان والأول مكسور
فجرى مجرى إدغام "فَعِلان من رَدَدْت" إذا قلت: "رَدّان".
فأما الإظهار فإنما جاز لأن الألف والنون لما زيدتا من آخر
الكلمة خرج بهما من شَبَه الفعل كما يخرج لو بنيته على
"فُعَل" أو "فِعَل" وسترى ذلك. فظهور4 "حييان" لمفارقته
بناء الفعل5 بالزيادة كظهور "حُضَض، ومِرَر" لمفارقته بناء
الفعل5؛ ولأن هذه الياء أيضا قد ظهرت في نحو: "حَيِيَ،
يَحْيَا"، ولو كان موضعها صحيحا لأدغم نحو: "ضَنّ،
يَضَنّ".
فقد علمت بهذا أن للمعتل في الإظهار نحوا ليس للصحيح.
وقوله في "قَوِيان": لا تدغم؛ لأن الحرفين مختلفان.
يقول: قد انقلبت الواو الآخرة، لانكسار ما قبلها، فصارت
ياء، وفارقت لفظ الواو، والواو قبلها متحركة، فلا سبيل إلى
الإدغام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش: بقولهم.
2 ظ، ش: في.
3 ش: ولا.
4 ظ، ش: فظهر، ع: وظهور.
5، 5 ساقط من ظ، ش.
ج / 2 ص -288-
""فعلان" بسكون العين من "حويت، وقويت"":
قال أبو عثمان: ومن أسكن قال: "حَوْيان، وقَوْيان"1 من
"حَوِيت، وقَوِيت1" ولم يغير؛ لأن أصله2 الحركة.
قال أبو الفتح: يقول: من أسكنه وهو يريد بناء "فَعِلان"
استثقالا للكسرة؛ كما يقول في "تخفيف"3 "فَخِذ: فَخْذ" قال
في "فَعِلان من حَوِيت، وقَوِيت: حَوْيان، وقَوْيان" كما
يقول في تخفيف "فَعُلان من حَيِيت: حَيْوَان" لأنه ينوي
هنا4 الضمة كما كان ينوي ثم الكسرة.
"مثال "مفعلة"
بضم العين من "رميت"":
قال أبو عثمان: وتقول في "مَفْعُلَة من رَمَيْت:
مَرْمُوَة" إذا بنيتها على التأنيث، و"مَرْمِيَة" إذا
بنيتها على التذكير.
قال أبو الفتح: معنى قوله: إذا بنيتها على التأنيث: أن
تقدر5 الكلمة غير منفكة من الهاء6، ولكنها بنيت في أول
أحوالها على7 الهاء7، كما6 بنيت "غرفة، وشرفة" في أول
أحوالها8 على الهاء، ولم يقدرا9: "غُرْفا، وشُرْفا" ثم
دخلت الهاء عليهما10؛ فكذلك تجعل الهاء في "مَرْمُوَة" غير
مقدر11 دخولها على الكلمة بعد أن لم تكن.
ومعنى قوله: "على التذكير: أن تقدر12 الهاء داخلة على مذكر
قد نطق به بغير هاء، كما تقول في "قائمة، وقاعدة"13 أن
الهاء داخلة فيهما بعد أن كانتا: "قائما، وقاعدا13" وأصلها
"مَرْمُيَة" فقلبت الياء واوا؛ لانضمام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1، 1 ساقط من ظ، ش، ع.
2 ظ، ش، ع: الأصل.
3 تخفيف: زيادة من ع.
4 ظ، ش: ههنا.
5 ظ: تقرر.
6، 6 ساقط من ع.
7، 7 على الهاء: ساقط من ش.
8 ص، ظ، ع: أحوالها.
9 ظ، ش: تقدر.
10 ظ، ش، ع: عليها.
11 ظ: مقرر.
12 ظ: تقرر.
13، 13 ساقط من ع.
ج / 2 ص -289-
ما قبلها، وصحت؛ لأن الهاء غير مفارقة؛
فصارت الواو بمنزلة الواو في: "قَلَنْسُوَة،
وقَمَحْدُوَة"، وجرت الهاء في هذا مجرى الألف والنون
اللتين لم يدخلا بعد أن قدرت الكلمة عارية منهما نحو:
"عُثمان، وعِمْران".
ألا ترى أنه لم يكن أصلهما1: "عُثْم، وعِمْر" ثم دخلت
الألف والنون عليهما؛ فكذلك الهاء في "مَرْمُوَة،
وقَلََنْسُوَة" وإن كان ما بعد الواو زائدا إلا أنه زائد
زيد مع ابتداء بناء ذلك المثال. وقلت في المذكر2:
"مَرْمِيَة"، وأصلها: "مَرْمُيَة"، إلا أنك قدرت الهاء غير
ملازمة3 للكلمة في أول البناء فصار كأنه "مَرْمُيّ" فقلبت
الضمة كسرة لتصح الياء، فصار4: "مَرْم5" ثم أدخلت الهاء
بعد أن6 قَلَبْت6 الضمة كسرة فصحت الياء فقلت: "مَرْمِيَة"
كما قلت قبل الهاء: "مَرْم"، فتبين هذا.
"مثال "قمحدوة"
من "رميت"":
قال أبو عثمان: وتقول في مثل "قَمَحْدُوَة من رَمَيْت:
رَمَيُّوَة".
قال أبو الفتح: إنما صحت اللام الآخرة لسكون الأولى قبلها،
والواو في: "رَمَيُوَة" هي نظيرة الواو في "قَمَحْدُوَة"
وهذا على التأنيث؛ فإن بنيتها على التذكير قلت:
"رَمَيَّة"، وأصلها: "رَمِّيَية" لأنك7 قلبت الواو ياء؛
لأنك8 قدرتها "رَمَيُّوّ" فجرت مجرى "أدْل، وأجْر"، وعلى
هذا قالوا في ترخيم اسم رجل يقال له "عَرْقُوَة"، على من
قال: "يا حار": "يا عَرْقي"، لأنه قدر الواو حرف إعراب
فقلبها9.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ: أصلها.
2 ع التذكير.
3 ظ، ش: لازمة.
4 ظ، ش: فصارت.
5 ش: مرميا.
6، 6 ع: قلب.
7 ظ، ش: إلا أنك.
8 ظ، ش: لأنك كأنك. وع: لأنها.
9 ظ: فقلبتها.
ج / 2 ص -290-
"مثال "قمحدوة" من "غزوت"":
قال أبو عثمان: فإن قلتها من "غَزَوْت" قلت:
"غَزَوِيَّة" تقلب الطرف ياء، لئلا تجتمع الواوات.
قال أبو الفتح: أصل هذه1: "غَزَوُّوَة" فاجتمعت ثلاث واوات
-الوسطى مضمومة- فصار ذلك كأربع واوات؛ فقلبت الطرف
"ياء"2، وأبدلت من الضمة قبلها كسرة لتصح الياء، والتذكير
والتأنيث في هذا سواء؛ لئلا يجتمع ما يستثقلون.
"مثال "ترقوة"
من "غزوت"":
قال أبو عثمان: ومن قوله في مثل "تَرْقُوَة من غزوت:
غَزْوِية"، وتذكيرها3 وتأنيثها سواء؛ لأنك لو لم تقلب
اجتمع في الطرف واوان في إحداهما ضمة، فصار هذا كاجتماع
ثلاث واوات؛ فلم تجد من التغيير بدا.
قال أبو الفتح: الهاء في "قوله" راجعة إلى الخليل.
وأصل المسألة: "غَزْوُوَة" فغُيّرت لما ذكر.
وكأن أبا الحسن من هذا الموضع ونحوه انتزع قوله، أنه يقول
في مثل: "افعوعل من القول: اقْوَيَّلَ" ولا يجمع ثلاث
واوات؛ كما لم يجمع الخليل في "غَزْوُوَة" بين واوين وضمة،
وقد احتج بهذا القول أبو بكر لأبي الحسن وحسن مذهبه،
واعتمد عليه في "اقْوَيَّل".
ويجوز لمحتج فيما بعد أن ينتصر للخليل فيقول: إن الواو قد
ثبتت في الفعل في الموضع الذي لا تثبت في مثله في الاسم.
ألا ترى إلى صحتها في نحو: "يَغْزُو، ويَدْعُو"، وليس في
الأسماء اسم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش: هذا.
2 ياء: زيادة من ع.
3 ظ، ش: تذكيرها.
ج / 2 ص -291-
في آخره واو قبلها ضمة؟ فقلب الواو في
"غَزْوُوَة" لأنها اسم، وأقرها في "اقْوَوَّلَ" لأنه فعل.
وإنما وجب القلب في التذكير والتأنيث جميعا؛ لأن اجتماع
واوين1 وضمة مكروه وسطا؛ كما أن ذلك مكروه طرفا.
ويقوي قول الخليل أيضا أن بعد الواوات في "اقْوَوَّلَ"
حرفا أصليا، وهو اللام؛ ولو قلت: "غَزْوُوَة" لم يقع بعد
الواوين حرف أصلي فضعفت الواو فقلبت؟
"مثال "ترقوة"
من "رميت"":
قال أبو عثمان: وتقول فيها من "رَمَيْت: رَمْيُوَة" وعلى
التذكير: "رَمْيِيَة" لأنك تقلب الطرف ياء؛ كما فعلت ذلك
بـ"أدْل، وعَرْق" لأنك جئت بالهاء بعد ما لزم الواو القلب؛
فصار "هذا"2 كـ"عَظاءة، وصَلاءة" وما أشبهه.
قال أبو الفتح: يقول: كأنك قدرتها: "رَمْيُو" ثم وجب إبدال
الضمة3 في الياء كسرة؛ لتنقلب الواو التي بعدها ياء4؛
لوقوعها طرفا؛ فصارت: "رَمْي5: كقاض" ثم جئت بالهاء بعد
القلب فقلت: "رَمْيِيَة" كما تقدر "العَظاء6" بلا هاء6،
فيلزم همزه؛ ثم تجيء بالهاء بعد ما وجب الهمز فتقول:
"عظاءة" وقد تقدم شرح جميع هذا.
"صحت الواو في
"خطوات"، كما صحت في "عنفوان"":
قال أبو عثمان: والدليل على أن الذي يبنى على التأنيث
لا تقلب فيه الواو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش: الواوين.
2 الزيادة من ع.
3 ص: الضم.
4 ياء: ساقط من ظ، ش.
5 ش: رمييا.
6، 6 ظ: العظاءة بلا هاء. ش: العظاءة بلا همز.
ج / 2 ص -292-
قراءة الناس "خُطُوات1"؛ لأنه إنما عرض
التثقيل في الجمع ولم تكن الواحدة مثقلة.
قال أبو الفتح: يقول: إنما ضمت الطاء2 "في الجميع"3 كما
تقول في جمع "غرفة":
{وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ
آمِنُونَ}4، والواحدة5: "خُطْوَة كغُرْفَة" ولو6
قدرت الطاء مضمومة في الواحد للزمك7 أن تقول فيها إذا
بنيتها على التذكير: "خُطَيَة"8 فتُبْدِل الضمة كسرة،
فتصير الواو ياء؛ لأنك كنت تقدره: "خُطُوا" فيلزمه ما يلزم
"أدْل" ولكنك9 لما9 جئت بعلامة التأنيث في الجمع وهي الألف
والتاء، وبنيت الكلمة عليها صارت الواو حشوا لا طرفا، فصحت
كما صحت في "عُنْفُوان، وأُرُجُوان" لأن الكلمة مبنية على
الألف والنون. وكذلك "عَرْقُوَة، ورَمْيُوَة" لما بنيتا
على الهاء صارت الواو حشوا، فصحت، كما ذكرت لك؛ ولذلك.
قال سيبويه: إنك لو سميت رجلا بـ "ذَيْت"10 ثم جمعته10
لقلت "ذَيات" بتخفيف الياء، فتحذف التاء، كما تحذف علم
التأنيث؛ لأنها تجري مجرى علامة التأنيث، كما حذفتها11 من
بنات، ولم يلزم من هذا أن يكون الاسم قد بقي على حرفين،
أحدهما حرف لين؛ لأنك بنيته على علم التأنيث في الجمع، كما
بنيت "عَرْقُوَة" على علم التأنيث في الواحد، فصارت الياء
في "ذَيات" في حشو الكلمة، وصارت التاء حرف الإعراب،
بمنزلة النون في "عُنْفُوَان".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ: "خطوات الشيطان" من الآية 168، والآية 208 من البقرة
2 ومن غيرهما.
2 ص: الهاء. وهو سهو.
3 في الجميع: زيادة من ظ، ش، ع.
4 من الآية 37 من سبأ 34.
5 ظ، ش: الواحدة.
6 ظ، ش: وقد.
7 ش: لزمك.
8 خطية: ساقط من ع.
9، 9 ظ، ش: ولكن.
10، 10 ساقط من ظ، ش.
11 ظ، ش: حذفها.
ج / 2 ص -293-
ونظير ذلك قولهم: "شاة"، ولولا الهاء لما
جاز أن يكون اسم متمكن على حرفين آخرهما1 حرف لين، فافهم2.
"لم يضموا لام
"كليات" كراهية انقلاب الياء واوا":
قال أبو عثمان: ومن ثقّل3 "خُطُوات" لزمه أن يقول في
"كُلْية: كُلُوات" لأن الياء انضم ما قبلها؛ ولكن العرب لا
تقوله؛ لأن له نظيرا من غير المعتل، لا يحرك4 في أكثر كلام
العرب نحو: "ظُلْمات، ورُسْل"، فألزم هذا الإسكان، إذ كان
غير المعتل يسكن.
قال أبو الفتح: يقول: إذا كانوا قد قالوا في "ظُلُمات:
ظُلْمات" فأسكنوا الصحيح، ولو حركوه5 لما وجب انقلاب شيء؛
فأن يُلْزموا نحو "كُلْيات" الإسكان -كراهية6 انقلاب الياء
واوا- أجدر.
ولكن من قال في "حُجْرة: حُجَرات" وفي "رُكُبة: رُكَبات"
ففتح عين الفعل هَرَبا من الضَّمّة، فقياسه عندي في
"كُلْية: كُلَيات"؛ لأنه لا قلب يجب هنا؛ لزوال الضمة من
قبل اللام.
"جمع "مدية"
بكسر فسكون":
قال أبو عثمان: ولكن من قال: "مِدْية" فلا بأس أن يقول:
"مِدِيات" لأنه لا يلزمه قلب شيء إلى شيء "والإسكان أكثر
في الياء والواو، لاستثقالهم الحركة فيهما7.
قال أبو الفتح: إنما كان الإسكان أكثر؛ لأنهم قد قالوا في
جمع "سِدْرَة: سِدْرات" فأسكنوا الدال هربا من اجتماع
كسرتين، والقياس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ص: أحدهما.
2 فافهم: ساقط من ع.
3 ظ، ش، ع: قال.
4 ع: يتحرك.
5 ظ، ش: حركوا.
6 ش: كراهة.
7 ظ، ع: فيها.
ج / 2 ص -294-
كسرها، ولو لم يسكنونها لما وجب انقلاب
شيء، وإذا1 كان الأمر كذلك فتسكين الدال من "مِدْيات"
أولى؛ لأن بعدها ياء، وكلتاهما ثقيلة. ومن فتح الدال2 في
"سِدَرَات" كان فتحه في "مِدَيات" أحسن، لتزول الكسرة.
قال أبو علي: وقولهم3: "سِدِرات، وكِسِرات"، واطراد
الكسرتين مع قلة ذلك في الآحاد، إنما جاز؛ لأن للبناء على
التأنيث نحوا ليس لغيره4، فهذا أيضا مما يؤكد باب
"رَمْيُوَة، وعَرْقُوَة"، وأن الواو إنما صحت فيهما5
لبنائهما على التأنيث.
وقوله: "والإسكان في الياء والواو أكثر" يريد به هنا6
الإسكان معهما, وفي7 الكلمة التي هما فيها8.
"جمع "رشوة"
بالألف والتاء":
قال أبو عثمان: ومن قال: "رِشْوَة" ثم جمع بالتاء فحرك9،
فقياسه: "رِشيِات" يقلب الواو ياء للكسرة، كما كان قائلا
في "كُلْية: كُلُوَات" ولكن هذا متنكب؛ كما كان تثقيل
"كُليْة" متنكبا لما ذكرت لك.
قال أبو الفتح: قوله كما "كان قائلا في كُلْيَة: كُلُوَات"
لا يريد به أن هذا قد قيل؛ ولكنه يريد أنه لو قيل لكانت
هذه10 سبيله، وتركهم لأن يقولون في "رِشْوَة: رِشِيات" مع
أن فيه قلب الأثقل إلى الأخف يدلك على أن القلب عندهم
مكروه على كل حال، وأنهم متى وجدوا سبيلا إلى ترك القلب11،
فالقياس يوجب ألا يقلبوا، وأنه متى وقع قلب مع حسن تركه،
فليس في قوة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش: فإذا.
2 الدال: ساقط من ظ، ش.
3 وقولهم: ساقط من ظ، ش.
4 ظ، ش: غيره.
5 فيهما: ساقط من ظ، ش.
6 هنا: ساقط من ظ، ش.
7 ظ، ش: في.
8 ص، ظ، ش: فيه.
9 ص: هامش ظ: فحرك، وصلب ظ، ش: فحركه.
10 ظ، ش: هذا.
11 ظ، ش: القياس.
ج / 2 ص -295-
التصحيح؛ وعلى كل حال؛ فلو قالوا:
"رِشِيات" فقلبوا لكان أسهل عليهم1 من "كُلُوات" لأنك كنت
تقلب الأثقل إلى الأخف، ولكنهم تجنبوه2 لما ذكر.
"مثال إصبع من
"وأيت، وأويت، ووددت"":
قال أبو عثمان: وتقول في مثل "إصبع من وأيت: إيْأي، ومن
أَوَيت: إيي، ومن ودِدْت: إوَدّ" كما تقول: "أصَمّ" ومثل
ذلك "إوَزّة".
قال أبو الفتح: أصلها من "وَأَيْت: إوْأَي" فانقلبت الواو
ياء، لانكسار ما قبلها، وانقلبت الياء الآخرة3 ألفا؛
لتحركها وانفتاح ما قبلها؛ فصارت: "إيْأي"4.
وأصلها من "أَوَيْت: إأْوَي" فانقلبت الهمزة الثانية ياء
لانكسار الأولى قبلها؛ فصارت4: "إيْوَي" ثم انقلبت5 الواو
ياء؛ لوقوع الياء الساكنة قبلها فصارت: "إيَّيا"، ثم
انقلبت الياء الآخرة ألفا؛ فصارت: "إيّي" وإن6 شئت قلت:
فانقلبت الياء الأخيرة -التي هي لام- ألفا؛ لتحركها
وانفتاح ما قبلها؛ فصارت: "إأْوا" وانقلبت الهمزة الثانية
التي بعد الأولى ياء، لانكسار ما قبلها؛ فصارت "إيوا"، ثم
انقلبت الواو ياء، لوقوع الياء الساكنة قبلها؛ فصارت
"إيّا"6.
وأصلها من "وَدِدْت: إوْدَد" ثم عمل بها ما عمل بـ
"إوَزّة" وتشبيهه إياها بـ"أصَمّ" من قبل أن أصل "أصَمّ:
أصْمَم" ثم نقلت الحركة وأدغم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 عليهم: ساقط من ظ، ش، ع.
2 ظ، ش: تجنوا.
3 الآخرة: ساقط من ظ، ش، ع.
4، 4 ساقط من ظ، ش.
5 انقلبت: ساقط من ظ، ش.
6، 6 ساقط من ظ، ش، ع.
ج / 2 ص -296-
"مثال "أبلم" من "وأيت، وأويت"":
قال أبو عثمان: وتقول في مثل "أُبْلُم من وَأَيْت: أُوْء،
ومن أَوَيْت: أو" كما ترى. تبدل همزة1 "أَوَيْت"1 واوا؛
لأنها ساكنة وقبلها2 ضمة؛ ثم تدغمها في الواو التي بعدها
وهي عين "أَوَيت" وتجري على لام "أويت" هنا ما تجري على
لام "قاض" لأن قبلها كسرة بدلا من الضمة.
وقد فسرنا هذا فيما مضى من3 الكتاب3.
قال أبو الفتح: أصلها من "وأيت: أُوْأُوي، بوزن: عُوْعُي"
فأبدلت من الضمة قبل الياء كسرة، لتصح فقلت: "أَوْء"4.
وأصلها من "أويت: أُوْوُي"، فأبدلت من الهمزة واوا،
وأدغمتها5 في الواو5 كما ذكر فصارت6: "أُوُّي" ثم6 أبدلت7
من الضمة قبل الياء كسرة، لتصح الياء8 فقلت: "أُوُّي"9 ثم
أجريت على الياء ما أجريت على ياء "قاض" كما ذكر؛ فصار9:
"أُوّ".
فإن قيل: فهلا لم10 تدغم الواو في الواو؛ لأن أصل11 الأولى
الهمزة، كما قالوا: "رُويا" فلم يقلبوا.
قيل: إنما يجب ترك الإدغام إذا اختلف الحرفان، فأما إذا
اتفقا والأول مبدل من الهمزة12 فليس غير الإدغام.
ألا ترى إلى قوله تعالى: "أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِيًّا"13
وأصله عندهم: "وَرِئْيًا14
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1، 1 ص، هامش ظ: همزة أويت، وصلب ظ، ش: الهمزة من أويت.
2 ظ، ش، ع: قبلها.
3، 3 ساقط من ظ، ش، ع.
4 ظ، ش: أو.
5، 5 ساقط من ظ، ش، ع.
6، 6 ساقط من ظ، ش، ع.
7 ظ، ش، ع: وأبدلت.
8 الياء: ساقط من ظ، ش.
9، 9 ساقط من ظ، ش، ع.
10 ظ، ش: وهلا.
11 ظ، ش: الأصل في الواو.
12 ص، ظ، ش: الهمز.
13 من الآية 74 من سورة مريم 19.
14 ظ، ش: ورئيا.
ج / 2 ص -297-
من رأيت" ثم خفف الهمزة وأبدلها1 ياء
وأدغمها في الياء؛ فكذلك2 قال: "أُوّ"، فأدغم بعد القلب،
بل إذا كانوا قد فعلوا هذا في التخفيف -مع أن التخفيف في
لفظ الهمز- فهم بأن يفعلوه مع البدل الذي ليس الهمز فيه في
تقدير الملفوظ به -بل قد أخرجه البدل عن الهمز، وأصاره3
كأنه من الواو- أجدر.
فأما "رويا" ونحوها، فلو كان في موضع الياء واو لوجب
الإدغام مع التخفيف قياسا على قوله: "وَرِيّا".
"مثال "إجرد" من
"وأيت، وأويت"":
قال أبو عثمان: وتقول في مثل "إجْرِد من وأيت: إيإ، ومن
أويت: إيّ"، وكان الأصل: "إئوِي" فأبدلت الواو ياء، ثم
أدغمت الياء التي قبلها فيها، فصارت: "إيّي" فحذفت منها
الياء التي هي طرف، كما حذفتها من4 تصغير "أحوى" وما
أشبهه، مما حذفت ياؤه فبقي5: "إيّ"5.
قال أبو الفتح: أصلها من "وأيت: إوْإي6"، ثم أبدلت الواو
ياء7 للكسرة التي8 قبلها9؛ فصارت10: "إيايّ" ثم خففت
الهمزة فأبدلتها ياء، وأدغمت الياء التي قبلها فيها؛ فصارت
"إيِّي" فحذفت منها الياء التي هي طرف، كما ذكر، فبقي:
"إيّ"10.
وأصلها من "أويت: إأْو"11 ثم صارت: "إيوٍ"11 ثم صارت:
"إيّ" ثم12 صارت "إيّ"12 كما ذكر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش: فأبدلها.
2 ظ، ش: فذلك. وع: وكذلك.
3 ظ، ش: فأصاره.
4 ظ، ش: في.
5، 5 ساقط من ظ، ش، ع.
6 ظ، ش: إوء.
6 ظ، ش: إوء، وكذا في هامش ص، وزاد قبلها: في الأم.
7 ياء: ساقط من ظ، ش.
8 التي: ساقط من ظ، ش، ع.
9 قبلها: ساقط من ع.
10، 10 ساقط من ظ، ش، ع.
11، 11 ساقط من ظ، ش.
12، 12 ساقط من ظ، ش.
ج / 2 ص -298-
وإن1 شئت قلت: أصلها: "إأْوِي" ثم أبدلت من
الهمزة الثانية ياء لانكسار ما قبلها؛ فصارت "إيْوِي"، ثم
قلبت الواو ياء، لوقوع الياء الساكنة قبلها، وأدغمت
الساكنة فيها، فصارت: "إيّي" فحذفت منها الياء التي هي طرف
كما ذكر؛ فبقي: "إيّ" كما ترى1، وأدغمت الياء المنقلبة عن
الهمزة في الياء التي أبدلتها من الواو، من قبل أن الكلمة
اسم، وقد تقدم هذا، وتقدم أيضا2 القول في وجوب حذف الياء
من آخر: "أُحَيّ".
ومن قال: "أُحَيّ" فأثبت الياء قال هنا: "إيّ" وهو أبو
عمرو3.
"مثال "إجرد" من
"وأيت" مخففا":
قال أبو عثمان: وتقول في تخفيف مثل "إجْرِد من وأيت": إو"
فترد الواو إلى الأصل، وتلقي عليها حركة الهمزة4، وتحذف
الهمزة5؛ كما تفعل ذلك إذا خففت الهمزة6 وقبلها ساكن مما
تلقي عليه الحركات.
قال أبو الفتح: إنما وجب فيها: "إو" لأنها كانت قبل
التخفيف: "إيْء" ثم نقلت الكسرة إلى الياء فقويت بالحركة،
فرجعت إلى أصلها، وهو الواو فقلت: "إو".
وقوله7: "وقبلها ساكن مما تلقى عليه الحركات" إنما ضبط هذا
الموضع؛ لأنه ليس كل ساكن يجوز أن تلقى عليه الحركات. وذلك
نحو واو "مفعول"8 وياء "فعيل" نحو9 تخفيف9 "مقروءة10،
وخطيئة"، وقد تقدم هذا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1، 1 ساقط من ظ، ش، ع.
2 أيضا: "ساقط من ظ، ش.
3 ظ، ش: عمر.
4 ظ، ش: الهمزة.
5 ص وهامش ظ: الهمزة. وصلب ظ، ش: الهمزة وتحذف الهمزة:
ساقط من ع.
6 الهمزة: ساقط من ظ، ش، ع.
7 ظ، ش: قوله.
8 ظ، ش: فعول.
9، 9 ظ، ش: وتخفيف.
10 ش: مقروة، وخطية.
ج / 2 ص -299-
يقول: فليست هذه الياء في "إياء" بمنزلة
ياء1 "خَطِيئَة"2 وواو "مَقْرُوءَة"3 ولا كألف "كساء" ونحو
ذلك مما زيد للمد، بل هي محتملة للحركة؛ لأنها فاء الفعل.
"العرب يحذفون
الشيء أو يسثقلونه وفي كلامهم ما هو أثقل منه":
قال أبو عثمان واعلم4 أن العرب يحذفون الشيء وفي
كلامهم ما هو أثقل منه، ويسثقلون الشيء وفي كلامهم ما هو
أثقل منه مما يتكلمون به4، فعلوا هذا لئلا يكثر في كلامهم
ما يستثقلون. وكل ما فعلوا5 فله مذهب وحكمة؛ فضع الأشياء
حيث وضعوا، واتق ما اتقوا، وقس على ما أجروا تصب الحق إن
شاء الله تعالى6.
قال أبو الفتح: هذه جملة كما ترى، وأنا أذكر البعض منها،
ليدل على الكل إن7 شاء الله7.
فمما حذفوه8 من كلامهم وغيره أثقل منه وقولهم في جمع
"عَوَان، ونَوَار ونحوهما: عُوْن، ونُوْر" فألزموا9 العين
التسكين. وإنما فعلوا ذلك هربا من الضمة في الواو.
وقالوا مع ذلك: "سُرْت سُوُوْرا، وغارت عَيْنُه غُوُوْرا"،
فجمعوا بين واوين وضمتين. وقد كان القياس إذ هربوا من واو
واحدة وضمة أن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ياء: ساقط من ظ، ش، ع.
2 ش، ع: خطية.
3 ش: مقروة.
4، 4 ظ، ش "واعلم أن العرب يحذفون من كلامهم شيئا، وفي
كلامهم أثقل منه، ويقل الشيء في كلامهم وغيره أثقل منه مما
يتكلمون به" ووردت هذه العبارة نفسها في هامش ص، وقبلها في
نسخ هذا الباب: وفيها لفظ "وغيره" من بين سطور ظ ومن ش،
أما ص، ظ ففيهما "غيره" بدون واو.
وفي ع: واعلم أن العرب يحذفون الشيء وفي كلامهم أثقل منه،
ويقل الشيء وفي كلامهم وغيره أثقل منه مما يتكلمون. وفي
هامشها أمام يحذفون "يسثقلون" كذا في كتاب أبي عثمان.
5 ع: فعلوه.
6 تعالى: زيادة من ع.
7، 7 ساقط من ظ، ش. وفي ع: بحول الله.
8 ظ، ش: حذفوا.
9 ظ, ش، ع: وألزموا.
ج / 2 ص -300-
يكونوا1 من واوَيْن وضمتين أشد هَرَبا، إلا
أنهم ألزموا الواو في "عُوْن، ونُور" السكون بعد أن كانت
الضمة أحق بها؛ لئلا يكثر في كلامهم ما يستثقلون، هذا مع
ما ذكرناه، من أن له نظيرا من الصحيح يسكن نحو: "رُسْل،
وكتْب".
ألا ترى أنهم لو قالوا: "نُوُر، وعُوُن، وسُوُوُرا،
وعُوُوُرا" لكثر ما يثقل عليهم، فحذفوا بعضا، وأقروا بعضا؛
لضرب من التعادل، ولم2 يجيئوا به كله على التمام، لئلا
يكثر ما يستثقلون، ولم يحذفوه كله؛ لكثرة المعتل في
كلامهم3 وقد كان أصله أن يجيء على مثال الصحيح مما هو في
وزنه، فأقروا البعض؛ لأنه نظير الصحيح في الأصل، وحذفوا
البعض لما فيه من الثقل الذي هو غير موجود في الصحيح؛
فعدلوا الأمر بذلك4.
فهذا وجه الحكمة التي عناها أبو عثمان.
"ما يقع من
المضاعف غير مدغم":
قال أبو عثمان: وتقول فيما كان من المضاعف على مثال
"فَعَل" بغير إدغام، وذلك نحو: "قَصَص من قَصَّ يقج / 2 ص
-ومَشَش وعَسَس- ومن رَدَدْت: رَدَدٌ".
قال أبو الفتح: إنما أظهروا ما كانت عينه مفتوحة، وقد كان
سبيله أن يدغم من حيث جاء على مثال الفعل نحو: "ضَرَبَ،
وقَتَلَ" لخفة الفتحة. وإذا كانوا قد قالوا في المعتل:
"القوَدُ، والحوَكَةُ، والخَوَنَة" فأخرجوا بعضه على
الأصل، لخفة الفتحة عليهم: فالمضاعف الذي لا حرف علة فيه،
يطرد فيه الإظهار.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ: يكونا.
2 ظ، ش: فلم.
3 في نسخة: لكثرة الاستعمال في كلامهم كذا من هامش الأصل.
4 ع: لذلك.
ج / 2 ص -301-
"ما لا يقع من المضاعف إلا مدغما":
قال أبو عثمان: فإن كان المضاعف على مثال "فَعِل" أو
"فَعُل" لم يقع إلا مدغما، وذلك نحو: "رجل ضَفّ الحال" وهو
"فَعِل"، والدليل على ذلك قولهم: "الضَّفَف" في المصدر،
فهذا نظيره من غير المضاعف: "الحَذَر، والرجل حَذِر1
والوَجَل2، ورَجُل وَجِل2".
قال أبو الفتح: إنما وجب إدغام هذين المثالين؛ لأنهما على
مثال الفعل، نحو: "عَلِمَ، وظَرُف" فثقلا لمجيئهما عليه
لثقله في نفسه.
وقد كان القياس في "فَعَل" أن يُدْغَم لمجيئه على وزن
"ضَرَبَ"، ولكن الفتحة مستخفة.
ألا ترى أن من قال في "عَلِمَ: عَلْم؛ وفي ظَرُف: ظَرْف"
لم3 يقل في "ضَرَبَ: ضَرْب" لخفة الفتحة؟
"قالوا: قوم
ضففو الحال":
قال أبو عثمان: وقد جاء حرف4 منه على أصله؛ كما جاء:
"الخَوَنَة، والحَوكَة" على أصولهما ومجراهما في الكلام
وأشباههما التغيير والإعلال5، قالوا6: "قوم ضففو الحال6"
فشذ هذا كما شذ غيره.
و"فَعُل" لم نسمع منه شيئا جاء على أصله.
قال أبو الفتح: لو شبه "ضففو الحال" بـ"رَوِع" لكان أوقع؛
لأنه على وزنه إلا أنه في شذوذه، كـ"الحُوَكَة،
والخَوَنَة" في شذوذهما.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ص، وهامش ظ: حذر. وصلب ظ، ش: الحذر.
2، 2 ساقط من ظ، ش، ع.
3 ظ: ولم.
4 ظ، ش: أحرف. وع: حرف واحد.
5 والإعلال: ساقط من ظ، ش، ع.
6، 6 زادت ظ في هامشها: قال قوم ضففو الحال.
ج / 2 ص -302-
وأخبرني أبو علي أن أبا زيد حكى عنهم:
"طعام قَضِض, إذا كان فيه الحَصَا" وقد1 جاء عن العرب أحرف
في الفعل على "فَعِل" من المضاعف مظهرة.
قالوا: "لَحِحَت عينه: أي2 التصقت، وصَكِكَت الدابّة،
وضَبِب البلد: إذا كثر ضِبابُهُ، وألِلَ السِّقاء: إذا
تغيرت ريحُهُ، ومَشِشَت الدابة, وقَطِط شعره".
وإذا جاء هذا في الفعل على ثقله فمجيئه في الاسم أسوغ
قليلا لخفته، وهو في كلا الوجهين شاذ؛ لا يقاس عليه.
وأما3 "فَعُل" فلا يجيء إلا مدغما؛ لأنه أثقل من "فَعِل"
للضمة فيه، فلو بَنيت مثل "عَضُد" من "شددت" لقلت: "شَدّ"،
ولذلك لم يجئ في الكلام "فَعُلت" من المضعف نحو: "ردُدْت،
وشَدُدت" بل4 قد4 حكى يونس: "لَبُبْت، فأنت تَلُبّ".
وأخبرني أبو علي عن أبي إسحاق أنه سأل ثعلبا عنه فلم
يعرفه، وحكى قُطْرُب: "شَرُرْت" في الشر، وهذان نادران.
ومن أجل هذا ما قالوا: "سَرِير وسُرَر، وجديد وجُدَد،
وقليل وقُلَل، ودَرُور ودُرَر، وذَلُوْل5 وذُلَل، وجَرُور
وجُرَر" ففتحوا عين الفعل، وحقها الضم، طلبا للخفة.
فأما6 قولهم: "رجل صَبّ، ويوم قَرّ7" فأصلهما8: "فَعِل"؛
لأن الفعل "صَبِبْت يا رجل، وقَرِرْت يا يوم" وهو9 نظير
"حَذِرْت،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش: فقد.
2 ع: إذا.
3 ظ، ش، ع: فأما.
4، 4 ع: وقد.
5 ظ، ش، ع: ذليل.
6 ع: وأما.
7 ظ: قرو.
8 ظ، ش: أصلهما.
9 ظ، ش: وهذا.
ج / 2 ص -303-
ورجل1 حَذِر1، وفَرِقْت، ورجل فَرِق"
ولكنهما أدغما، وكذلك ما كان مثلهما، وقد جاء في ضرورة
الشعر مثل "ضَبِبَ البلد" قال قَعْنَب الغطفاني:
مهلا أعاذل قد جربت من خلقي
أني أجود لأقوم وغن2 ضننوا
"ما لا يدغم وما يدغم من
المضاعف":
قال أبو عثمان: فإن كان المضاعف "فُعَلا، أو فَعِلا، أو
فُعُلا" مما لا يكون مثاله "فِعْلا" فهو على الأصل نحو:
"خُزَر، وبِزَز، وحُضَض، وحُضُض3، وسَرير وسُرُر، وجرير،
وجُرُر" فعلى هذا يجري هذا الضرب.
قال أبو الفتح: إنما ظهرت هذه الأمثلة لخفتها بمفارقة بناء
الفعل فجرت في الخفة لذلك مجرى "صَدَد، ومَدَد، وطَلَل،
ومَلَل".
وجملة هذا الباب أنه كل ما اجتمع فيه حرفان مثلان متحركان
وجب إسكان الأول وإدغامه في الثاني، إلا ما أستثنيه لك من
ذلك، فإنه يظهر ولا يدغم. وذلك أن تكون الكلمة ملحقة نحو:
"مَهْدَد، وقَرْدَد، وجَلْبَبَ، وشَمْلَل" فإن هذا ونحوه
لا يلحقه إدغام، لئلا يزول المثال المحتذى والغرض المطلوب.
ألا ترى أنك4 لو قلت في "مَهْدَد: مَهَدّ" لزال بناء
"جَعْفَر" الذي قصدته، وصرت إلى مثال "جَعْفّ5" وأنت لم
ترد هذا؟
أو يكون الاسم على "فَعَل" مفتوح العين فيظهر لخفة الفتحة
نحو: "طَلَل، وفَنن" فإن كان هذا6 المثال "فِعْلا" لم يظهر
إلا في الشذوذ، وذلك نحو:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1، 1 ساقط من ظ، ش، ع.
2 ع: وقد.
3 وحضض: ساقط من ش.
4 أنك: ساقط من ظ، ش.
5 ص، ظ، ع: جعفر وهو خطأ.
6 هذا: ساقط من ظ، ش.
ج / 2 ص -304-
"شَدّ، ومَدّ" وأصلهما "فَعَلَ" لقولك: "شَدَدْت،
ومَدَدْت".
ولم يقولوا: "شَدَدَ، ومَدَدَ" كما قالوا: "طََلَل،
وفََنَن1" لأن الأسماء أخف من الأفعال؛ فالأسماء أحمل من
الأفعال.
أو يكون الاسم مخالفا بناؤه لبناء الفِعْل نحوما تقدم من
"حُضَض، وحُضُض، وبِزَز".
أو تكون حركة الحرف الآخر غير لازمة، نحو: "امْدُد، الحبل،
واسْدُد الباب"، فاحتمل ذلك؛ لأن حركة الدال الآخرة2
لالتقاء الساكنين، فإذا زال الساكن الثاني زالت معه، وذلك3
قولك: "اسُدْد بابك، وامْدُد حبلك" فلم يعتد بها لذلك.
أو يلحق الكلمة من الزيادة ما تخرج به عن4 أمثلة4 الأفعال،
وذلك نحو قولك في مثل "فَعِلان، وفَعُلان5 من رَدَدْت:
رَدِدان، ورَدُدَان" فتظهر التضعيف؛ لأن الألف والنون
ليستا6 من زوائد الأفعال؛ فصارت7 الكلمة في مباينتها بناء
الفعل بهما بمنزلة "حُضَض، وسُرَر" في مباينتهما بناء
الأفعال، وهذا قول أبي الحسن؛ وستراه في موضعه إن شاء
الله.
أو يكون الحرف الثاني غير لازم نحو: "اقتتلوا" لأنه لا
يلزم أن يكون بعد تاء "افتعَلَ" تاء على كل حال.
فكل ما لم يكن فيه أحد هذه الأسباب التي استثنيتها لك
فأدغمه؛ فقد ضبطت8 لك بهذا ما يدغم مما9 يظهر؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 فنن: ساقط من ظ، ش، ع.
2 ظ، ش: الآخر.
3 ظ، ش: وذلك نحو.
4، 4 ظ، ش: من مثال. وع: عن مثال.
5 ظ، ش، ع: أو فعلان.
6 ظ، ش، ع: ليسا.
7 ظ، ش، ع: وصارت.
8 ظ، ش: قسطت.
9 ظ، ش: وما.
ج / 2 ص -305-
""قصص، وقص" كل واحد منهما أصل":
قال أبو عثمان: وأما قولهم: "قَصَص، وقَصّ" وهم يعنون
المصدر1، فإنما هما اسمان أحدهما محرك العين، والآخر مسكن
العين. فجاءوا2 بهما على أصولهما2.
قال أبو الفتح: يقول: لا تتوهم أن أصل "قَصّ" قَصَص" ثم
أسكنوا الأولى، وأدغموها في الثانية؛ لأنه لو كان كذلك لما
اطرد عنهم3 إظهار "فَعَل" وهو من السعة على ما لا خفاء به؛
وإنما هما لغتان بمنزلة غيرهما من غير المضاعف، نحو قولهم:
"نَشْز، ونَشَز، وشَبْح، وشَبَح" فكما لا يقال: "إنّ
"نَشْزا" مسكن من "نَشَز"، فكذلك لا ينبغي أن يقال: "إنّ
قَصّا" مسكن من "قَصَص" "ولكن كل واحد منهما أصل"4.
"مثال "قصص،
وقص" من غير المضاعف":
قال أبو عثمان: ومثله من غير المضاعف: "مَعْز، ومَعَز؛
وشَعْر؛ وشَعَر؛ وشَمْع، وشَمَع" وهذا كثير وليس أن
"قَصّا" مسكن من "قَصَص" ولكن كل واحد منهما أصل.
قال أبو الفتح: أما قوله: "شَمْع، وشَمَع" فلغتان بلا
خلاف.
وأما "مَعَز، وشَعَر" ونحوهما مما ثانيه حرف من حروف
الحلْق ففيه اختلاف:
فأما أصحابنا فلا فصل عندهم بينه وبين ما ثانيه حرف غير
حَلْقيّ، في أنه ينبغي أن يؤدّي كل واحد على ما5 يسمع ولا
يقاس شيء منهما؛ فلا فصل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش: الصدر.
2، 2 في كعب ع أمامه: "فجاءا على أصولهما" في أصل أبي
عثمان.
3 ظ، ش: عندهم.
4 الزيادة من ظ، ش.
5 ظ: مالا، وهو خطأ.
ج / 2 ص -306-
بين "نَشْز، ونَشَز، وشَعْر وشَعَر" فهذا
لغتان، كما أن هذين لغتان.
وأما الكوفيون فيفصِّلون، فيُسَلِّمون ما جاء وليس ثانيه
حرفا حلقيًّا كما سمع، ولا يقيسون فيه شيئا نحو: "نَشْز
ونَشَزٍ". فأما1 ما كان ثانيه حرفا من حروف الحلق، فإنهم
يقيسونه، ويقولون2: إن شئت فحرك، وإن شئت فسكن، ويجعلون
الأمر في ذلك مردودا إلى المتكلم. وأنشدوا في ذلك:
له نعل لا يطبي الكلب ريحها
وإن وضعت بين المجالس شمت
فحرك وهو يريد: "نَعْلا". وقال3 أبو النجم:
إن لبكر عددا لا يحتقر
وجبلا طال معدا فاشمخر
أشم لا يسطيعه الناس الدهر
يريد: "الدهر" فحرك الهاء.
وقالوا للرئة: "سَحْر وسَحَر، ونَهْر ونَهَر، وصَخْر،
وصَخَر، وفَحْم، وفَحَم، وبَعْر وبَعَر" وهذه كلها لغات
عند أصحابنا. كذلك قال أبو عمر، والقياس يوجب ما قال؛
لأنها قد سمعت ساكنة ومتحركة كما سمع غيرها مما لا حرف حلق
فيه ساكنا ومتحركا، ويحتاج من فصل بينهما إلى دليل.
فإن قال "قائل"4: ما تُنْكِر أن يكون ذلك كقولهم: "ذَهب
يذهب، وسألَ يَسأل" ألا ترى أنه لولا حرف الحلق ما جاز فتح
عين المضارع مع فتح عين5 الماضي؟
قيل له6: إن هذا تمثيل فاسد؛ لأن الهاء في "يذهب" لم يكن
أصلها السكون ثم حركت؛ لأجل حرف الحلق، بل الحركة لها في
الأصل، فلو لم تحرك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش، ع: وأما.
2 ع: فيقولون.
3 ظ، ش: قال.
4 قائل: زيادة من ع.
5 عين: ساقط من ظ، ش.
6 له: ساقط من ظ، ش.
ج / 2 ص -307-
بالفتح؛ لأجل حرف الحلق، لم يكن لها بد من
الحركة، إما ضمة وإما كسرة، كما يجيء مضارع "فَعَلَ" وليس
كذلك "فَعْل1 وفَعَل1"؛ لأن العين لم تكن متحركة بغير
الفتح ثم فتحت2 من أجل العين2 وتركت حركتها الأصلية لها.
فحروف الحلق لا تحرك ساكنا ولا تسكن متحركا؛ بل لعمري إنه
يراد فيها الاتباع وتجانس الصوت. فأما تسكين متحرك؛ أو
تحريك ساكن فلا يجب لها، ألا ترى أن من قال: "شِعِير،
وبِعِير، ورِغِيف" فإنما أبدل فتحة فاء "فَعِيل" كسرة
لكسرة حرف الحلق، ولم يسكن متحركا، ولا حرك ساكنا، وكذلك
من قال: "مِحِك، ونِغِر في مَحِك، ونَغِر". فلهذا ما كان
قولهم عاريا من الدلالة عليه.
"تحريك الساكن
في الشعر":
قال أبو عثمان: وأما قول الشاعر:
هاجك من أروى كمنهاض الفكك
فإنما احتاج إلى تحريكه فبناه على "فَعَل" كما قال:
ولم يضعها بين فرك وعشق
وإنما هو "عِشْق" فاحتاج فبناه على "فَعَل".
قال أبو الفتح: إنما كان أصل "فَكَك"3 عنده: " الفَكّ"
لأنه لم يسمع في غير هذا الموضع "الفَكَك" ولأنه في شعر،
والشعر قد يحرك له الساكن في كثير من المواضع.
ألا ترى إلى قول رؤبة:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1، 1 ع: نعل ونعل.
2، 2 ظ: لأجل العين. وش: لأجل حرف الحلق.
3 ظ، ش، ع: الفكك.
ج / 2 ص -308-
وقاتم الأعماق خاوي المخترق
مشتبه الأعلام1 لماع الخفق
فحرك "الخَفَق" -وهو يريد2: الخَفْق2- للضرورة.
وقد يمكن أن يكون قوله:
له نعل لا يطبي الكلب ريحها
من هذا الباب أيضا حركه للضرورة؛ لا لأجل حرف الحلق، كما حرك
الفاء3 في "الخَفَق"، ويجوز أن تكون لغة كما ذهب أصحابنا4
إليه، وهو أشبه من أن5 يحمل5 على الضرورة.
ولأن6 "الفكّ" أيضا مصدر فعل ماض متعد ثلاثيّ، وأصل مصادر
الأفعال الثلاثية المتعدية: "فَعْل" ساكن كما تقدم، هذا هو
الأكثر؛ فقد علمت أن السماع والقياس جميعا يشهدان7 بصحة ما
قال في "الفَكَك" من أنه محرك للضرورة.
فأما "العَشَق" فقال لي أبو علي وقت القراءة: كان قياسه
إذا اضطر إلى حركة العين في "عِشْق" أن يكسرها اتباعا
لحركة الفاء فيقول: "عِشِق".
قال: ولكنه شبهه بغيره من الأسماء نحو: "بِدْل وبَدَل،
ومِثْل ومَثَل، وشِبْه وشَبَه".
ونظير قول أبي علي -في8 أنه كان قياسه أن يتبع فيقول:
"عِشِق"- قول الشاعر:
ضربا أليما بسبت يلعج الجلدا
يريد: الجِلْد؛ فكسر العين اتباعا9 لحركة الفاء9
ضرورة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ع: الأعماق.
2، 2 ظ، ش: يريده.
3 ظ: الخاء.
4 أصحابنا: ساقط من ظ، ش.
5، 5 ص: الحمل.
6 ظ، ش: لأن.
7 ظ، ش: يشهدون. وواو "يشهدون" في ظ "ء" هكذا: "يشهدءن".
8 في: ساقط من ظ، ش.
9، 9 ظ، ش: للفاء.
ج / 2 ص -309-
فإن قلت: هلا قال أبو عثمان إن "العَشَقَ"
فيما أنشده مصدر "عَشِقْت"، لأن "فَعِلْت" في أكثر الأمر
مصدره "فَعَل" نحو: "حَذِرَ حَذَرا، وبَطِرَ بَطَرا"، ولم
يحمله على الضرورة؟ فلأنه لم يسمعه في غير هذا الموضع جاء
على "فَعَل" فحمله على الضرورة لذلك.
ونظير "عَشِقْت عِشْقا؛ عَلِمْت عِلْما"، فلو قال آخر:
"عَلِمْت عَلَما" لحمل على الضرورة، كما حمل "العَشَق"
عليه1؛ لأنهما لم يسمعا في غير هذا الموضع، وهو موضع
ضرورة.
""ركك" في قول زهير":
قال أبو عثمان: وزعم الأصمعي قال: قلت لأعرابي, ونحن
بالموضع الذي ذكره زهير فقال:
ثم استمروا وقالوا إن موعدكم
ماء بشرقي سلمى فيد أوركك
- هل تعرف "رككا"؟
فقال: قد كان هنا ماء يسمى "رَكّا". فهذا2 مثل "فَكَك" حين
احتاج إلى تحريكه بناه على "فَعَل".
قال أبو الفتح: يجوز أن تكون مسألة الأصمعي عن ذلك ليعلم
أي موضع "رَكّ".
ويجوز أن يكون أيضا3 أراد أن يعلم هل "رَكَك" لغة في
"رَكّ" إن كان قد سَمِع "رَكّا" قبل ذلك4؛ أو أن يعلم هل5
هذه ضرورة من زهير أولا أو6 أي ذلك أراد؛ فقد استبان أنه
إنما حركة ضرورة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ع: عليهما.
2 فوق "فهذا" بين سطور ظ: جاء.
3 أيضا: ساقط من ظ، ش.
4 قبل ذلك: ساقط من ظ، ش.
5 هل: ساقط من ظ، ش.
6 ظ، ش، ع: وأي.
ج / 2 ص -310-
فإن قيل: ما تنكر أن تكون فيه لغتان:
"فَعْل وفَعَل" جميعا دون أن يكون ذلك ضرورة؟
قيل: لو كان "رَكَك" لغة في "رَكّ" مثل "نَشَز من1 نَشْز"
لجاء في غير هذا الموضع كما جاء " نَشْز، ونَشَز" جميعا،
ولو جاء لما خَفِي على2 أبي عثمان. هذا هو الأظهر من أمره،
وإن كان قد يخفى على بعض الناس كثير مما جاء، فإن أبا
عثمان قدوة وحُجّة، وقد أخذ عن جِلّة أهل العلم كأبي زيد،
وأبي عبيدة والأصمعي وأبي عمر الجرمي، وأبي الحسن الأخفش،
وغيرهم ممن هو في هذه الطبقة.
فلو كان لـ"رَكَك"3 أصل في كلامهم لما خَفِي عنه، ولوصل
إليه؛ ولم يكن4 ليطلق4 هذا القول في مثل هذا الموضع الذي
قد سُطّر عنه، وحُفظ عليه5 مع ما كان فيه من التوقف
والتحري والعفاف إلا بعد أن قد سأل عنه وفتشه.
والأظهر من حكايته هذه6 عن الأصمعي أن يكون قد قال بقوله
فيها، وحسبك بالأصمعي في هذه المواقف.
"الفك والإدغام
في "فعلان" مثلث العين":
قال أبو عثمان: فإذا7 ألحقت هذه الأشياء التي ذكرت لك
الألف والنون8 في آخرها تركت الصدور على ما كانت عليه قبل
أن تلحق ذلك9، وذلك نحو: "رَدَدَان" فإن أردت "فَعُلانا أو
فَعِلانا" أدغمت فقلت: "رَدّان" فيهما، وهو أوثق من أن
تظهر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش: في. ومن: ساقط من ع، وبدله فيها واو عطف.
2 ع: عن.
3 ع: لذلك.
4، 4 ظ، ش: يطلق.
5 ش: عنه.
6 هذه: ساقط من ظ، ش.
7 ظ، ش: وإذا.
8 ظ، ش: والنون كما.
9 ذلك: ساقط من ظ، ش.
ج / 2 ص -311-
وكان أبو الحسن يظهر فيقول: "رَدُدَان،
ورَدِدان"، ويقول: هو ملحق بالألف والنون، فلذلك يظهر
ليسلم البناء.
والقول عندي على خلاف ذلك؛ لأن الألف والنون يجيئان كالشيء
المنفصل، ألا ترى أن التصغير لا يحتسب بهما فيه، كما لا
يحتسب بياءي1 النسب، ولا بألفي التأنيث، فيصغرون
"زَعْفَرَانا: زُعَيْفِرانا؛ وخُنْفُساء: خُنَيْفِساء"
فلوا احتسبوا بهما لحذفوهما2 كما يحذفون ما جاوز الأربعة،
فيقولون في "سَفَرْجَل: سُفَيْرِج" وفي "فَرَزْدَق:
فُرَيْزِد" وهذا قول الخليل وسيبويه، وهو الصواب.
قال أبو الفتح: إنما ذهب الخليل وسيبويه إلى إدغام مثل
"فَعِلان وفَعُلان" من المضعف؛ لأن الألف والنون جرتا مجرى
هاء التأنيث -وقد3 تقدمت الدلالة على ذلك- فكما أنه لو بني
مثل4 "فَعِلَة، أو فَعُلَة من رَدَدْت، لقالوا: ردّة"،
فأدغموا ولم يعتدوا بالهاء، بل يدغمون كما يدغم ما لا هاء
فيه؛ فكذلك5 يجب إدغام ما فيه6 ألف ونون6، فإذا7 كانت
الألف والنون في "فَعِلان، وفَعُلان" بمنزلة هاء التأنيث،
وجب ألا يعتد بهما، وأن يجرى على الصدر ما كان يجري عليه
قبل لحاقهما8.
واحتجاجه بتحقير "زَعْفَران، وخُنْفَساء" يريد به أن الألف
والنون في "زَعْفَرَان"، والألف والهمزة في "خُنْفُساء" لو
جرين مجرى9 الأصول ما جاز تحقير شيء مما في آخره زائدان10
من بابهما، لأنك إذا كنت تحذف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش: بياء.
2 ظ، ش، ع: حذفوهما.
3 ظ، ش: فقد.
4 ع: على.
5 ظ، ش، ع: فلذلك.
6، 6 ظ، ش: النون والألف.
7 ظ، ش، ع: وإذا.
8 ظ، ش: لحاقها.
9 ظ، ش: يجرين.
10 ظ، ش: زائدتان.
ج / 2 ص -312-
من الخمسة حرفا وجب أن تحذف من الستة حرفين
فتقول:"خُنَيْفِس، وزُعَيْفِر" كما تحذف لام "سفرجل" حتى
تبقى أربعة أحرف؛ ولكن هذين1 الزائدين1 لما جريا مجرى هاء
التأنيث حقرت ما قبلهما، ثم جئت بهما كما تقول في تحقير
"سلسلة: سُلَيْسِلة" فتجيء بالهاء2 بعد أن وفيت التحقير
حقه فهذه حجة الخليل.
قال أبو علي: ولأبي الحسن أن يقول: إن الألف والنون قد
يجريان في بعض المواضع مجرى الأصول كما أجريتا مجرى
الزوائد.
ألا ترى أن الكلمة تكسر عليهما كما تكسر على ما هو من نفس
الكلمة؟ وذلك نحو قولهم: "سِرْحان، وسَراحِين، وضِبْعان،
وضَباعِين"، فجرت النون مجرى سين "قِرْطاس، وقَراطِيس"
وقاف "حِمْلاق، وحَمالِيق".
وكذلك همزة التأنيث قد كسر عليها الاسم كما كسر على ما هو
من الكلمة، وذلك قولهم: "صحراء وصحاري وصلفاء وصلافي" فجرت
الهمزة مجرى سين "قِرطاس وقَراطيس" والهاء لا يكسّر عليها
الاسم أبدا، فقد فارقت الهاء من هنا3 كما شابهتها3 من ثم.
وكلا القولين لما أريتك مذهب.
وأيضا4 فقد قال سيبويه في "فَعُلان من قَوِيت: قَوُوَان"
فأظهر مع أن في الكلمة واوين، وإحداهما مضمومة، والأخرى5
متحركة. فإذا جاز هذا مع الواو المستثقلة فهو مع الحروف
الصحاح التي ليس فيها أكثر من التضعيف أحرى بالجواز؛ إذ قد
أجاز تضعيف حروف العلة للأثقل6.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1، 1 ش: هاتين الزائدتين.
2 ظ، ش: الهاء.
3، 3 ظ: هناك شابهتها. وش: هناك وشابهتها.
4، 4 وأخر.
5 ظ، ش: والآخرة.
6 ظ، ش، ع: الأثقل.
ج / 2 ص -313-
وإنما وثّق أبو عثمان القول الأول؛ لأن
الألف والنون وإن كانتا تجريان مجرى الأصل1 فيما أريتك فقد
جرتا مجرى الهاء أيضا -فيما تقدم- فشبه بشَبَه2، ويبقى بعد
ذلك اجتماعهما في أن كل واحدة "منهما"3 زائدة كصاحبتها،
فتفهم.
وشيء آخر يقوي قول الخليل، وهو قولهم لما يبقى في أسفل
الحوض من الطين والماء: "إمدّان"، وأصله: "إمدِدَان"؛ لأنه
"إفْعِلان" من "مَدَدْت" فأدغم لشبهه الفعل4؛ لأنه بوزن:
"اضْرِب" ولم يعتد بالألف والنون؛ فتفهمه، فإنه حجة قاطعة.
""أفعل" مما
فاؤه همزة":
قال أبو عثمان: وتقول فيما فاؤه همزة إذا ألحقتها همزة
قبلها نحو: "أكَلَ، وأخَذَ، وأَبَق" لو قلت: "هذا أفْعَل
من ذا" قلت: "هذا5 آكل من ذا" تبدل الهمزة التي هي فاء
ألفا ساكنة كألف "خالد"، فإذا6 أردت تكسيره أو تصغيره
جعلتها واوا، فتقول في تصغير "آدَم: أُوَيْدِم"، وفي تصغير
"آخر: أُوَيْخِر".
وزعم الخليل أنهم حين أبدلوا الهمزة ألفا جعلوها كالألف
الزائدة التي في "خالد، وحاتم"7، فحين احتاجوا إلى تحريكها
فعلوا بها ما فعلوا8 بألف "خالد" حين قالوا: "خَوَالِد،
وحَواتِم" قال الشاعر:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش: الأصول.
2 ظ، ش: لشبه.
3 منهما: زيادة من ع.
4 ع: بالفعل.
5 هذا: ساقط من ظ، ش.
6 ص، وهامش ظ: فإذا. وصلب ظ، ش: وإذا.
7 فوق "حاتم" بين السطور في ظ: "من نسخة".
8 ص، وبين سطور ظ "فعلوا". وصلب ظ، ش: "فعلوه".
ج / 2 ص -314-
أخالد قد علقتك بعد هند
فشيبني1 الخوالد1 والهنود
فكذلك فعلوا بألف "آدم" حين قالوا: "أوَادِم".
قال أبو الفتح: إنما صارت هذه الألف كالألف الزائدة في
نحو: "حاتم، وخالد"؛ لأنك أبدلت الهمزة ألفا إبدالا ولم
تخففها2؛ لأن التخفيف أتت فيه مخير: إن شئت خففت، وإن شئت
حققت. ألا ترى أنك تقول في "ذِئْبٍ: ذِئْبٌ" على التحقيق،
و"ذِيب" على التخفيف، وما التقت فيه همزتان فلا3 بد له4 من
البدل، فإذا أبدل جرى مجرى ما لاحظ له في الهمز5، فلذلك
أجروا "جاء" مجرى "قاض"؛ لأنه قد اجتمعت فيه همزتان.
ولو خففت مثل "رَأْس" لقلت: "راس" فإن جمعته6 لم تقل فيه:
"أرْوَاس" وتجريه مجرى "أموال" لأنك إنما خففت، ولم تبدل
كما أبدلت في "آخَرَ، وآدَمَ" فإنما7 يجب أن تقول:
"أرْؤُس" فإن خففت قلت: "أرُس8" تحذف الهمزة، وتلقي حركتها
على9 الراء قبلها؛ لأنها ساكنة.
قالوا في "أوَادم، وأُوَيْدِم" إنما هي مُبْدَلَة من الألف
المبدلة من الهمزة كما تبدل من ألف "خالد، وحاتم" في:
"خَوَالِد، وحَوَاتِم10".
وإنما يجوز11 أن تقول في جمع "آدم: أوادم" إذا جعلته اسما،
كما تقول: "أحمد وأحامِد، وأفْكَل وأفاكل" فإن كان صفة لم
يجز أن تجمعه على "أفاعل" كما لا تقول في الصفة: "أحمر
وأحامر"، ولكن تجمعه على "فُعْل وفُعْلان" كما تقول:
"حُمْر وحُمْران" فتقول على ذلك: "أُدْم وأُدْمان" قال
العجاج:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1، 1 في هامش ع: فبلاني الخوالد: في أصل أبي عثمان.
2 ع: تحققها.
3 ظ، ش، ع: لا.
4 ع: فيه.
5 ظ، ش: الهمزة.
6 ظ، ش: جمعت.
7 ظ، ش: وإنما.
8 ظ، ش: أروس.
9 ظ، ش: إلى.
10 ظ، ش: خويلد.
11 ع: يجب.
ج / 2 ص -315-
واجتاف أدمان الفلاة التولجا
وقال الآخر:
ظباء تبالة الأدم العواطي
"رأي أبي الحسن الأخفش في "أفعل" من "أممت"":
قال أبو عثمان: وسألت أبا الحسن عن: "هذا أفعل من هذا، من أممت أي:
قصدت"؟
فقال: أقول1: "هذا أوَمّ من هذا"، فجعلها واوا حين تحركت
بالفتحة كما فعلوا ذلك في "أُوَيْدم2".
فقلت له: كيف تصنع بـ"أيمّة"، ألا تراها "أفْعِلة" والفاء
منها همزة؟
فقال: لما حرّكوها بالكسرة جعلوها ياء.
وقال: لو بنيت مثل "أُبْلُم" من "أمَمْت" لقلت: "أُوُم"
أجعلها3 واوا، فسألته: كيف تصغّر "أيِمَّة"؟
فقال: "أُوَيِمّة"؛ لأنها قد تحركت بالفتح.
قال أبو الفتح: اعلم أن جملة4 أمر هذه المبدلة عند أبي
الحسن أنه متى حركها بالفتح أو الضم جعلها واوا كما قالوا:
"أوادم" ومتى تحركت بالكسر جعلها ياء، كما قالوا:
"أيِمَّة".
وأصل بناء "أُفْعُل من أمَمْت: أُأْمُم" فنقلت الضمة من
الميم إلى الهمزة فصارت في التقدير: "أُأُمّ"، فلما تحركت
الفاء بالضم جعلها5 واوا. فهذا قوله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أقول: ساقط من ش.
2 ظ، ش: أو يديم.
3 ص: فجعلها.
4 جملة: ساقط من ظ، ش.
5 ظ، ش: جعلتها.
ج / 2 ص -316-
"رأي أبي عثمان المازني في "أفعل" من "أممت"":
قال أبو عثمان: وليس القول عندي كما قال؛ لأنها حين
أُبْدِلَت في "آدَم" وأخواته1 ألفا ثبتت في اللفظ ألفا
كالألف التي لا أصل لها في الياء ولا في الواو، فحين
احتاجوا إلى حركتها فعلوا بها ما فعلوا بالألف.
فأما ما كان مضاعفا، فإنه تُلْقَى حركته على الفاء ولا
تُبْدَل همزته ألفا، ولو أُبْدِلت ألفا لما حركوا الألف؛
لأن الألف قد يقع بعدها المدغم ولا تغير فتغييرهم
"أيِمَّة" يدل على أنها لا تجري مجرى ما تبدل منه الألف.
قال أبو الفتح: معنى هذا القول منه: أنك إذا بنيت
"أفْعَلَ" من "أمَمْت" فأصله:"أأْمَم"، فنقلت فتحة الميم
إلى الهمزة فصارت في التقدير: "أَأَمًّا" مثل "عَعَمّ2" ثم
أبدلت الهمزة، إما واوا كما يقول3 أبو الحسن، وإما ياء كما
سيقوله هو.
ولم يقدره4: "أَأَمما" على أن تبدل الهمزة ألفا كما فعلت
ذلك في "آدم"، لأنك لو قدرت ذلك للزمك إذا أن تدغم الميم
الأولى في الثانية، بعدما لزم الهمزة بدل الألف، فتقول:
"آدم" كما تقول: "هذه شَجَّة آمَّة" وهي "فاعلة" من
"أمَمْت".
قال: فإن لم يقولوا في "أفْعَلَ: آمّ" دلالة على أنهم لم
يقلبوا الألف مع التضعيف كما قلبوها في غير التضعيف نحو:
"آدَمَ، وآخَرَ".
والقول في هذا لأبي الحسن، وليس ما جاء به أبو عثمان بلازم
له؛ لأن هذه5 الألف التي تبدل من فاء "أفْعَلَ" ليست ألفا
زائدة على الحقيقة، وإنما هي بدل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش: وأخواتها.
2 ع: أعم.
3 ع: يقوله.
4 ع: يقدروا.
5 ظ: هذا.
ج / 2 ص -317-
من همزة هي فاء "أفْعَل" فلولا1 أن الهمزة
قبلها لظهرت. وليست2 كذلك ألف "خالد" لأنها لم تنقلب من
شيء، وهي زائدة؛ فلذلك لما بنيت "فاعلة" من "أمَمْت" قلت:
"آمَّة" ولم تحرك الألف بحركة الميم المدغمة؛ لأنها لا حظ
لها في الحركة، فاحتملت الساكن بعدها لذلك، وصار امتداد
الصوت بها عِوَضا من تحريك الميم، وأنت3 إذا قدَّرت: "هذا
أفْعَل من هذا، من أمَمْت؛ قلت4: هذا آمَمُ5 من هذا6" ثم
أدغمت، جاز أن تلقي حركة الميم على الهمزة المبدلة؛ لأنها
بدل من فاء الفعل. فهذا فرق بينهما، فإذا تحركت بفتحة
الميم أبدلت واوا كما قالوا: "أوادم" فافهم ذلك.
فإن قيل: فإنك قد زعمت أن ألف "آدم" قد جرت مجرى ألف
"خالد" فيما تقدم؛ فكيف فصلت الآن بينهما وقد كنت قدمت
الجمع بينهما؟
قيل: هي7 وإن أشبهتها فليست8 تجري مجراها في كل حال.
ألا ترى أنه لا يمكننا9 أن نقضي بزيادة ألف "آدم" كما نقضي
بذلك في "خالد"، ولا يمكننا10 أن نقضي بانقلاب ألف "خالد"
كما نقضي11 بانقلاب ألف11 "آدم"، فقد يشبه الشيء الشيء من
وجه، ويخالفه من آخر.
ولو12 كان مثله من جميع الوجوه لم يكن بأن يحمل هذا على
هذا أولى13 من أن يحمل هذا على هذا13. فلهذا إذا اضطررت
إلى تحريك هذه الفاء المبدلة بإلقاء حركة المدغم بعدها
عليها جاز، وإن لم يجز في الألف الزائدة، لما تقدم من
الفصل بينهما.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش: ولولا.
2 ظ، ش: وليس.
3 ظ، ش: فأنت.
4 قلت: ساقط من ظ، ش.
5 ش، ع: أأمم.
6 ظ، ش: ذا.
7 هي: ساقط من ظ، ش.
8 ظ، ش: فليس.
9، 10 ظ: يمكنه. وش: يمكنك في الموضعين.
11، 11 ص، ظ، ش: بذلك فيز
12 ع: فلو.
13، 13 ساقط من ظ، ش.
ج / 2 ص -318-
"القياس عند أبي عثمان المازني في "هذا أفعل من هذا، من
أممت"":
قال أبو عثمان: والقياس عندي أن أقول في: "هذا أفعل من
هذا1، من أممت" وأخواتها: "هذا أيَمّ من هذا2" وأصغّر
"أيِمَّة: أُيَيِّمَة". ولا أبدل الهمزة3 واوا4 لأنها قد
ثبتت ياء بدلا من الهمزة5. إلا أن هذه الهمزة إذا لم يلزم
تحريك "تَبِعت ما قبلها6" فبنيت7 من "الأُدمة" مثل
"أُبْلَم"، فقلت8: "أُوْدُم"، ومثل "إصْبَع: إيْدَم"، ومثل
"أفْكَل: آدَم" فأجعلها ألفا إذا انفتح ما قبلها، وياء
ساكنة إذا انكسر ما قبلها، وواوا9 ساكنة إذا انضم ما
قبلها، فإذا احتجت إلى تحريكها في تكسير أو تصغير جعلت كل
واحدة منهن على لفظها الذي قد بنيت عليه، فأترك الياء ياء،
والواو واوا، وأقلب الألف واوا10 كما فعلت ذلك العرب في
تصغير "آدَمَ" وتكسيره فهذا هو القياس عندي.
وأبو الحسن يرى أنها إذا تحركت بفتحة أبدلها واوا كما ذكرت
لك. وإذا قال العالم قولا متقدما فللمتعلم الاقتداء به
والاحتجاج لقوله، والاختبار لخلافه11 إذا وجد لذلك
قياسا12، والله الموفق.
قال أبو الفتح: يقول أبو عثمان13: لما ثبتت الياء في
"أيِمَّة" بدلا من الهمزة، فسبيلها أن تجري مجرى الياء
التي لاحظ لها في الهمز؛ كما أن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1، 2 ظ، ش: "ذا" في الموضعين.
3 ظ، ش: الياء.
4 "في نسخة: "ولا أبدل الياء واوا"" كذا من هامش الأصل.
5 في هامش ظ: "سبيلها أن تجري مجرى الياء التي لا حظ لها
من الهمزة" ولهذه العبارة إشارة في الصلب بعد لفظ "من
الهمزة"، وفي آخرها: "صح نسخة".
6 الزيادة من ظ، ش.
7 في هامش ش: "فإن بنيت" وتقرأ في صلب ظ: "فبقيت".
8 ص، ظ، ش: قلت.
9 ظ: واوا.
10، 10 هامش ظ: "كما ترى كما فعلت".
11 ظ، ش: بخلافه.
12 ظ، ش: قياما.
13 أبو عثمان: ساقط من ع.
ج / 2 ص -319-
ألف1 "آدم"1 لما ثبت بدلا من الهمزة جرت
مجرى ما لا حظ له في الهمز، وهو ألف "خالد"، وإذا2 كان
الأمر كذلك وجب أن أقول في تحقير "أيِمَّة: أُيَيِمَّة"،
لأن الياء في "أيِمّة" تجري مجرى الياء غير المنقلبة، كما
جرت ألف "آدم" مجرى ألف "خالد".
وهذا القول ليس بمرضي من أبي عثمان؛ لأن الياء في "أيمة"
إنما انقلبت عن الهمزة، لانكسارها3؛ فإذا زالت الكسرة زالت
الياء التي وجبت عنها؛ كما أن الياء في "ميزان" لما وجب
انقلابها عن الواو، لانكسار ما قبلها، زالت عند زوال
الكسرة في قولهم: "موازين، ومويزين".
فإن قال: إن4 الياء في "ميزان" إذا فارقت هذا الموضع رجعت
إلى الواو في نحو قولهم: "مُوَيْزِين، ومَوازين" وألف
"آدم" لا ترجع إلى الهمز5 وإن زالت عن هذا الموضع.
ألا تراهم يقولون: "أَوادِم وأُوَيْدِم"، فلا يردون الهمزة
كما يردونها6 في قولهم: "مَوَازين ومُوَيْزِين"، فما تنكر
أن يكون البدل في "أيمة" أقوى منه في "ميزان" فلا تزول
الياء، وإن زالت الكسرة؟
قيل: هذا إلزام فاسد؛ لأنك لو جمعت "آدم" على "فَعْل7
وفُعْلان" لقلت: "أُدْم وأُدْمان"، فرجعت الهمزة لما زالت
الأولى، كما رجعت الواو في "موازين" لما زالت الكسرة.
وإنما لم ترد فاء الفعل8 في "أوادِم وأُوَيْدِم" إلى
الهمز9؛ لأنه كان يلزم منه ما هربوا، وهو اجتماع همزتين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1، 1 ظ، ش: الألف في آدم.
2 ظ، ش: فإذا.
3 ظ، ش: لانكسار ما قبلها.
4 ظ، ش: فإن.
5 ظ، ش، ع: الهمزة.
6 كذا في جميع النسخ، والهاء في "يردونها" عائدة على
الواو،؛ لأنها تقدمت كذا في هامش ع أمام هذه الكلمة.
7 ع: فعلى.
8 ظ: الفعل الياء.
9 ظ، ش: الهمزة.
ج / 2 ص -320-
ألا ترى أنهم إذا1 قالوا: "أآدم2،
وأُأَيدم" لزمهم اجتماع الهمزتين3، كما كان يلزمهم قبل
التكسير والتحقير في "آدَم". فلما كان يجب في التحقير
والتكسير اجتماع همزتين لم يمكن إقرار الهمزة في الجمع
والتحقير كما4 لم يمكن4 ذلك في الواحد؛ فالعلة5 الموجبة
للقلب في الواحد هي موجودة في الجمع والتحقير، وهي اجتماع
الهمزتين.
وليس كذلك "ميزان" لأن الياء إنما وجب انقلاب الواو إليها،
لانكسار ما قبلها؛ فإذا جمعت أو حقرت زالت الكسرة فرجعت
الواو.
فهذا الفصل بين رد الواو في تحقير "ميزان" وتكسيره وترك
الهمز في تحقير "آدم" وتكسيره.
فإن قال قائل: فإذا كان القياس عند سيبويه أن يقول في
تحقير مثل "قائم: قُوَيئِم" فيقر الهمزة ولا يحذفها، وإن6
كانت الألف التي عنها وجبت الهمزة قد زالت، ويحتج في لزوم
الهمزة بأنها قوية؛ لكونها عينا، والعين أقوى من اللام.
فما تنكر أن يكون البدل7 في "أيِمَّة" لازما أيضا، وإن
زال8 ما يوجب البدل من الكسرة فيقرها ياء فيقول:
"أُيَيِمَّة" بل يكون هذا أحرى؛ لأن الفاء أقوى من العين.
قيل: هذه المسألة9 لم ينظر فيها10 سيبويه؛ لأنها محدثة
بعده، على أنه لو كان لسيبويه فيها قول11 كقول أبي12 الحسن
لم يلزمه ما أوردته يأيها السائل13.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش، ع: لو.
2 ش: أأادم. ع: ءادم.
3 ظ، ش: همزتين.
4، 4 ظ، ش: لم يكن يمكن.
5 ظ، ش: والعلة. وع: بالعلة.
6 ظ، ش: فإن.
7 ظ، ش: النقل.
8 ظ: زالت.
9 ظ: في الصلب: هذا المسائل، وفي هامشها: المسألة.
10 ص، ظ، ش: ينطق.
11 بعد "قول" في ش بياض بقدر كلمة، وفي البياض علامة،
وأمامه في الهامش لفظ "مخالف". وهذا انفردت به ش، وهو يغير
المعنى.
12 ظ، ش: لقول.
13 هامش ص، وصلب ظ، ش: السائل. وصلب ص: الإنسان.
ج / 2 ص -321-
وذلك أن سيبويه شبه ياء التحقير بألف
التكسير فجرت الياء في "قُوَيْئِم" مجرى الألف في "قوائم"،
فكما1 كان يقول: "قوائم" فيهمز، كذا2 قال: "قُوَيْئِم"
فهمز.
ونظير هذا تصحيحهم لتحقير3 "أسْوَد، وقَسْوَر" في قولهم:
"أُسَيْوِد، وقُسَيْوِر"، وإنما ذلك لتشبيههم ياء التحقير
بألف التكسير4 في قولهم: "أساوِد، وقساوِر" وقد تقدم القول
في مشابهة ياء التحقير ألف التكسير4.
وأيضا فإن الياء قريبة من الألف، ولذلك قالوا في "طَيِّئ:
طائيّ" وفي "الحِيرَة: حاريّ" فأبدلوا الياء ألفا.
فلما كان بين ياء التحقير وألف التكسير هذا الاشتباك وهذه
المناسبة، أقر سيبويه الهمزة5 في6 "قُوَيْئِم"، وإن زالت
ألف "فاعل" هذا مع ما احتج به من أن العين قوية، وليس كذلك
الياء في "أيِمَّة"؛ لأنها إنما وجبت عن الكسرة كما وجبت
ياء "ميزان" عن الكسرة، فمتى زالت الكسرة زالت الياء من
"أيِمَّة" كما كان ذلك في "ميزان".
وأنت إذا حقّرت فقلت: "أُوَيِمَّة" فقد أزلت الكسرة، ولم
يكن موضعها ما يجري مجراها فتقر الياء كما شبهت ياء
التحقير بألف التكسير فأقررت الهمزة، وإنما قبلها في
"أُوَيِمَّة" ضمة، والضمة إنما تجب عنها الواو لا الياء.
ولو جاز لقائل أن يقول: لا أُزيل الياء في "أيمة" إذا زالت
الكسرة؛ لجاز لآخر أن يقول: لا أرد الواو في "ميزان" إذا
زالت الكسرة بتحقير أو تكسير، وهذا لا يقوله أحد، لوضوح
سقوطه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ظ، ش، ع: فلما.
2 ش: كذلك.
3 ظ، ش: لتحقير نحو.
4، 4 ساقط من ش.
5 ص: الهمز.
6 ظ، ش: في قولهم.
7 ظ، ش: وأقررت.
ج / 2 ص -322-
وقياس قول أبي عثمان أن1 يقول في جمع
"إيدَم: أيادِم"، فيقر الياء ولا يقلبها؛ لأنها قد ثبتت
ياء في "إيدَم" كالياء التي لا حظ لها في الهمز؛ فكما يقول
في جمع "فِعْلل" من "بعت: بياعع" كذلك يلزمه أن يقول في
جمع "إيدم: أيادِم"، والحجة عليه في هذا كالحجة التي مضت
قُبَيْل؛ لأن الكسرة التي أوجبت الياء قد زالت، فينبغي أن
تزول الياء بزوالها.
وقياس قول أبي الحسن: "أوادم" لأنها قد تحركت بالفتح. وفي
التحقير: "أُوَيْدِم" وأبو عثمان يلزمه أن يقول:
"أُيَيْدِم" ولا2 يرد الياء؛ كما شرط فيما كتبناه عنه.
ولا يلزم أبا الحسن أن يرد الهمزة عند زوال الكسرة كما يرد
واو "ميزان" عند زوال الكسرة؛ لأنه لم يكن قلبها3 -لأن
قبلها كسرة- وإنما استحقت القلب في الجملة لئلا تجتمع
همزتان. ووجب انقلابها ياء دون الواو والألف لانكسار ما
قبلها؛ فإذا زالت الكسرة لم يجب رد الهمزة؛ وإنما يجب زوال
الياء التي عدل إليها عن أختيها الواو والألف بعد وجوب
القلب. فإذا زالت الكسرة وتحركت الفاء بالفتح4 جعلت واوا
كما قالوا: "أوادِم، وأُوَيْدِم" ولو لم يقلبوا لقالوا:
"أأادم، وأُأَيْدِم"، وهذا لا يجوز؛ فلم يكن5 من القلب بد
لذلك.
وأصل الاحتجاج على6 أبي عثمان بـ "ميزان، ومُوَيْزِين"
لأبي بكر، وإنما زدت أنا بعده هذه الزيادات؛ لأن الكلام
اقتضاها وأكثر منها، فاقتصرت عليها. والقياس أن تقول:
"هذا" أوم من هذا؛ لأن الفاء قد انفتحت.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أن: ساقط من ظ، ش.
2 ع: لا.
3 ظ: قبلها.
4 ظ، ش، ع: بالفتحة.
5 ظ، ش: يمكن.
6 ظ، ش: عن.
ج / 2 ص -323-
ويؤكد قلب الهمزة واوا هنا قولهم في جمع1
"ذؤابة: ذَوائب" فالواو في "ذوائب" بدل من الهمزة؛ كأنها
كانت: "ذأائب"، فكرهوا اجتماع همزتين بينهما ألف؛ فأبدلوا
الأولى واوا؛ كما أنهم لما كرهوا "أوَاوِلَ: جمع أوّل"
أبدلوا الواو همزة.
وكما أنهم لما أرادوا البدل في تثنية مثل "حَمْراء" وجمعه
والنسب إليه2، قالوا "حَمْراوان، وحَمْراوات، وحَمْراويّ"،
وقالوا في "عِلْباء: عِلْباوان"، وقالوا أيضا "رِداوان"،
وقالوا: أيضا في تثنية "قُرّاء: قُرّاوان".
فهذا يدلك على كثرة انقلاب إحداهما إلى الأخرى.
قال أبو العباس: إنما كان ذلك فيهما3؛ لأن الهمزة في
مخرجها نظيرة الواو في مخرجها، يريد: أنهما طرفان، هذه
أسفل الحروف، وهذه أعلاها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 جمع: ساقط من ظ، ش.
2 إليه: ساقط من ص، ع.
3 ظ، ش: فيها. |