أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك ج / 4 ص -224-
باب الإخبار بالذي وفروعه وبالألف
واللام1:
ويسميه بعضهم باب السبك؛ وهو باب وضعه النحويون للتدريب في
الإحكام النحوية2، كما وضع التصريفيون مسائل التمرين في
القواعد التصريفية، والكلام فيه في فصلين.
الفصل الأول: في
بيان حقيقته:
إذا قيل لك: كيف نخبر عن زيد من قولنا: "زيد منطلق" بالذي؟
فاعمدْ إلى ذلك الكلام فاعمل فيه أربعة أ عمال؛ أحدها: أن
تبتدئه بموصول مطابق لزيد في إفراده وتذكيره؛ وهو الذي،
الثاني: أن تؤخر زيدا إلى آخر التركيب، الثالث: أن ترفعه
على أنه خبر الذي، الرابع: أن تجعل في مكانه الذي نقلته
عنه ضميرا مطابقا له في معناه وإعرابه3؛ فتقول: "الذي هو
منطلق زيدا" فالذي: مبتدأ، و"هو منطلق"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 فروع الذي هي: المثنى، والجمع "اللذان، والذين، والأولى،
واللائي". ومثلها: "التي" ومثناها، وجمعها؛ أما غير ذلك من
الموصولات؛ فلا يخبر به.
2 وقد بنوه على أبواب النحو؛ كالفاعل، والمبتدأ والخبر
ونواسخهما، وجميع المفعولات والتوابع وغير ذلك؛ ليمكنوا
الطالب من استحضار المسائل النحوية، وليتدرب على التطبيق
والتصريف. وكثيرا ما يصار إلى هذا الإخبار لغير التمرين
المذكور؛ كقصد الاختصاص؛ في نحو: الذي سافر محمد، ردا على
من اعتقد خلافه وشركته. أو تشويق السامع؛ كقول أبي العلاء
المعري في وصف ناقة صالح:
والذي حارت البرية فيه
حيوان مستحدث من جماد
أو تقوي الحكم؛ لأن في هذا الإخبار إسنادين: إلى الضمير،
وإلى الظاهر. التصريح: 2/ 264، والأشموني: 3/ 612.
3 ويكن مطابقا للموصول؛ لأنه العائد إليه. ويلزم عند
الجمهور: أن يكون هذا الضمير غائبا، ولو كان خلفا عن ضمير
متكلم، أو مخاطب؛ لأنه عائد على غائب إذ الموصول في حكم
الغائب. وأجاز بعضهم: مطابقته للخبر، في التكلم والخطاب؛
فيقال في الإخبار عن التاء؛ في "ضربتَ" بالفتح: الذي ضربت
أنت. وبالضم: الذي ضربت أنا.
ج / 4 ص -225-
مبتدأ وخبر؛ والجملة صلة للذي، والعائد
منها الضمير الذي جعلته خلفا عن زيد؛ الذي هو الآن كمال
الكلام.
وقد تبين بما شرحناه: أن زيدا مخبر به، لا عنه، وأن الذي
بالعكس، وذلك خلاف ظاهر السؤال1؛ فوجب تأويل كلامهم على
معنى أخبر عن مسمى زيد في حال تعبيرك عنه بالذي2.
وتقول في نحو: "بلغت من أخويك إلى العمرين رسالة"، إذا
أخبرت عن التاء بالذي، "الذي بلغ من أخويك إلى العمرين
رسالة أنا "؛ فإن أخبرت عن أخويك، قلت: "اللذان بلغت منهما
إلى العمرين رسالة أخواك"، وعن العمرين قلت: "الذين بلغت
من أخويك إليهم رسالة العمرون"، أو عن الرسالة قلت: "التي
بلغتها من أخويك إلى العمرين رسالة" فتقدم الضمير وتصله؛
لأنه إذا أمكن الوصل؛ لم يجز العدول إلى الفصل؛ وحيئنذ3
فيجوز حذفه؛ لأنه عائد متصل منصوب بالفعل.
الفصل الثاني:
في شروط ما يخبر عنه:
اعلم أن الإخبار إن كان بـ"الذي" أو أحد فروعه اشترط
للمخبر عنه سبعة شروط:
أحدها:
أن يكون قابلا للتأخير4؛ فلا يخبر عن "أيهم" من قولك:
"أيهم في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي: الذي ساقه المصنف؛ وهو: "كيف تخبر عن زيد من قولنا":
زيد منطلق بالذي؟؛ فإن ظاهره أن "زيدا" مخبر عنه، وأن
"الذي" مخبر به.
2 هذا أحد التأويلات التي ذكروها، وهو لابن عصفور؛ وقيل:
إن الباء في كلام الناظم للسببية؛ أي: أخبر عن ذلك الاسم
بسبب التعبير عنه بالذي، أو للاستعانة؛ أي: متوصلا إلى ذلك
الإخبار بالذي.
التصريح: 2/ 264.
3 أي: حين إذ قدمت الضمير، ووصلته. ويؤخذ من هذا الذي ذكره
المصنف: أنه إذا كان المخبر عنه مثني، أو مجموعا، ومؤنثا؛
جيء بالموصول، على وفقه لوجوب مطابقة الخبر للمبتدأ في
الإفراد، والتذكير، وفروعهما.
4 وذلك، لما سبق بيانه؛ من أنه يجب تأخير، ذلك الاسم، إلى
نهاية الجملة؛ وجعله خبرا عن "الذي" وفروعه.
ج / 4 ص -226-
الدار"؛ لأنك تقول حينئذ: الذي هو في الدار
أيهم؛ فتزيل الاستفهام عن صدريته1، وكذا القول في جميع
أسماء الاستفهام والشرط، وكم الخبرية، وما التعجبية، وضمير
الشأن، لا يخبر عن شيء منها؛ لما ذكرنا.
وفي "التسهيل"2: أن الشرط أن يقبل الاسم، أو خلفه التأخير؛
وذلك لأن الضمائر المتصلة كالتاء من "قمت" يخبر عنها مع
أنها لا تتأخر، ولكن يتأخر خلفها وهو الضمير المنفصل؛
فتقول: "الذي قام أنا".
الثاني:
أن يكون قابلا للتعريف؛ فلا يخبر عن الحال والتمييز؛ لأنك
لو قلت في "جاء زيد ضاحكا": الذي جاء زيد إياه ضاحك؛ لكنت
قد نصبت الضمير على الحال؛ وذلك ممتنع؛ لأن الحال واجب
التنكير؛ وكذا القول في نحوه3، وهذا القيد لم يذكره في
التسهيل.
الثالث:
أن يكون قابلا للاستغناء عنه بالأجنبي؛ فلا يُخبر عن الهاء
من نحو: "زيد ضربته"؛ لأنها لا يُستغنى عنها بالأجنبي؛
كـ"عمرو"، و"بكر". وإنما امتنع الإخبار عما هو كذلك لأنك
لو أخبرت عنه؛ لقلت: "الذي زيد ضربته هو" فالضمير المنفصل،
هو الذي كان متصلا بالفعل قبل الإخبار، والضمير المتصل هو
الآن خلف عن ذلك الضمير الذي كان متصلا ففصلته وأخرته؛ ثم
هذا الضمير المتصل إن قدرته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أجاز ابن عصفور، وابن الضائع في هذا ونحوه أن تخبر عنه،
ولكن على أن تقدم اسم الاستفهام، فتقول: "أيهم الذي هو في
الدار". ثم اختلفا؛ فقال ابن عصفور: أيهم: خبر مقدم.
والذي: مبتدأ مؤخر، وقال ابن الضائع: أيهم: مبتدأ، والذي:
خبره. والصواب مذهب جمهرة النحاة: أن هذا ونحوه لا يجوز.
التصريح: 2/ 265.
2 كتاب ألف ابن مالك تسهيلا وتلخيصا لكتابه المسمى
"الفوائد النحوية" وسماه "تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد"؛
وهو كتاب جمع مسائل النحو وقواعده، وقد عني به العلماء من
بعده، ووضعوا عليه شروحا كثيرة.
3 فلا يجوز؛ في نحو: اشتريت خمسين فدانا: الذي اشتريت
خمسين إياه فدان، ولا في نحو: كرم محمد نفسا؛ التي كرم
محمد إياها نفسا؛ لأن الضمير الواقع بدلا ملازم للتعريف،
ونصب على التمييز غير جائز.
ج / 4 ص -227-
رابطا للخبر بالمبتدأ الذي هو زيد بقي
الموصول بلا عائد، وإن قدرته عائدا على الموصول؛ بقي الخبر
بلا رابط1.
الرابع:
أن يكون قابلا للاستغناء عنه بالمضمر2؛ فلا يخبر عن الاسم
المجرور بـ"حتى" أو بـ"مذ" و"منذ"؛ لأنهم لا يجررن إلا
الظاهر3، والإخبار يستدعي إقامة ضمير مقام المخبر عنه؛ كما
تقدم4؛ فإن قيل: "سر أبا زيد قرب من عمرو الكريم"، جاز
الإخبار عن "زيد"5، وامتنع الإخبار عن الباقي؛ لأن الضمير
لا يخلفهن: أما الأب؛ فلأن الضمير لا يضاف، وأما القرب؛
فلأن الضمير لا يتعلق به جار ومجرور، ولا غيره؛ وأما "عمرو
الكريم"؛ فلأن الضمير، لا يوصف ولا يوصف به؛ نعم إن أخبرت
عن المضاف والمضاف إليه معا، فأخرت ذلك، وجعلت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ولا يجوز تقديره راجعا لهما؛ لأن الضمير الواحد لا يعود
إلى شيئين؛ ومثل الضمير غيره مما يحتاج للربط؛ كاسم
الإشارة؛ في نحو: ولباس التقوى ذلك خير"؛ فلا يقال الذي
لباس التقوى هو خير ذلك. ولاسم الظاهر؛ في نحو: "وأنت الذي
في رحمة الله أطمع".
فلا يقال الذي في رحمته أطمع الله. وكذا الأسماء الواقعة
في الأمثال؛ نحو: "الكلاب" في قولهم: "الكلاب على البقر"،
فلا يجوز أن يقال: التي إياها على البر والكلاب؛ لأن لفظ
الكلاب، لا يستغني عنه بأجنبي؛ إذ الأمثال لا تغير
ألفاظها.
التصريح: 2/ 266، والأشموني: 3/ 614.
2 أي: الذي يعد على ما قبل، ليصلح كونه عائدا إلى الموصول،
فلا يخبر عن مجرور "رب"؛ في نحو: رب رجل لقيته؛ لأن الضمير
المجرور بها، لا يعود إلا لما بعده؛ كضمير الشأن؛ وهو
-أيضا- محتاج لتمييز، ولا تمييز هنا.
3 ومثلها: المجرور بواو القسم، وتائه، والكاف.
4 وقد أوضح المصنف ذلك أول الباب، فلا تقول في الإخبار، عن
الرأس؛ من قولك: أكلت السمكة حتي رأسها بالجر؛ الذي أكلت
السمكة حتاه رأسها. ولا في الإخبار عن "يومين" من قولك: ما
رأيته منذ أو مذ يومين اللذان ما رأيته منذهما أو مذهما
يومان؛ لأن حتى، ومنذ، لا تجر ضميرا؛ وكذلك لا يجوز
الإخبار عن المضاف من دون المضاف إليه، ولا عن الموصوف؛ أو
الموصول من دون الصفة، والصلة؛ والعكس فيهما. ولا عن
الأسماء العاملة عمل الفعل؛ كاسم الفاعل، واسم المفعول،
والمصدر، واسم الفعل؛ لأن الضمير، لا يعمل عملها، فلا
يخلفها.
انظر الأشموني: 3/ 614-615، التصريح: 2/ 266.
5 أي: وحده في هذه العبارة؛ لأن الضمير أن يخلفه؛ فيقال:
الذي سر أباه قرب من مر والكريم زيد.
ج / 4 ص -228-
مكانه ضميرا جاز؛ فتقول في الإخبار عن
المتضايفين: "الذي سره قرب من عمرو الكريم أبو زيد"، وكذا
الباقي1.
الخامس:
جواز ورود ه في الإثبات، فلا يخبر عن "أحد" من نحو: "ما
جاءني أحد؛ لأنه لو قيل: "الذي ما جاءني أحد"؛ لزم وقوع
"أحد" في الإيجاب2.
السادس:
كونه في جملة خبرية؛ فلا يخبر عن الاسم في مثل "أضرب زيدا"
لأن الطلب لا يقع صلة3.
السابع:
أن لا يكون في إحدى جملتين مستقلتين؛ نحو "زيد" من قولك:
"قام زيد وقعد عمرو"4 بخلاف "إن قام زيد قعد عمرو"5.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 فتقول في الإخبار عن العامل ومعموله: الذي سر أبا زيد
قرب من عمرو الكريم؛ فالضمير المستتر في سر الواقع فاعلا
خلف عن "قرب" كان ينبغي أن يوضع في محله، ولكن ضرورة
اتصاله؛ قدمته واتصل بعامله؛ فاستتر فيه. وتقول في الإخبار
عن الموصوف وصفته معا هما عمرو الكريم: الذي سر أبا قرب
منه عمرو الكريم5.
التصريح: 2/ 266-267.
2 وذلك ممنوع عند الجمهور، ذلك؛ لأن "أحد" خبر عن "الذي"
وفاعل "جاء": ضمير مستتر فيه؛ وهو ضمير "أحد" ومثل أحد في
ذلك: عريب وديار وغيرهما؛ مما لا يستعمل إلا في النفي.
3 فلا يقال: الذي أضربه زيد. وكذلك لا يخبر عن اسم "ليت"
و"لعل" خبرهما؛ إلا إذا كانا بعض جملة خبرية؛ مثل: قال
محمد: ليت عليا مسافر، أو لعل بكرا مقيم عندنا؛ فإنه يقال:
الذي قال محمدا: ليته مسافرعلي، أو ليت عليا هو مسافر...
إلخ ولا يسوغ الإخبار عن معمول لكن؛ لأنها لا تقع صلة، وإن
كانت خبرية، لئلا يلزم الاستدراك بدون مستدرك.
التصريح: 2/ 267.
4 فلا يقال الذي قام وقعد عمرو، زيد لخلو جملة قعد عمرو من
ضمير، يعود على الموصول، وهي ليست معطوفة بالفاء، فيلزم
بعد الإخبار عطف ما ليس صلة على ما هو صلة؛ فإن في الثانية
ضمير الاسم المخبر عنه، أو كانت معطوفة بالفاء؛ جاز
الإخبار؛ لانتفاء المحذور المتقدم؛ تقول في حالة الضمير؛
في الإخبار عن أحمد، في مثل: "سافر أحمد وتخلف عنه
إبراهيم": الذي سافر وتخلف عنه إبراهيم أحمد. وفي حالة
العطف بالفاء؛ تقول في مثل: "حضر علي فتخلف محمدا": الذي
حضر فتخلف محمد، علي.
ضياء السالك: 4/ 11.
5 لأن جملتي الشرط والجزاء؛ في حكم جملة الواحدة؛ فيقال في
الإخبار عن زيد: الذي =
ج / 4 ص -229-
[شروط المخبر عنه إن كان الإخبار بالألف واللام]:
وإن كان الإخبار بالألف واللام؛ اشترط عشرة أمور؛ هذه
السبعة، وثلاثة أخر؛ وهي: أن يكون المخبر عنه من جملة
فعلية، وأن يكون فعلها متصرفا، وأن يكون مقدما؛ فلا يخبر
بأل عن "زيد". من قولك: "زيد أخوك"، ولا من قولك: "عسى زيد
أن يقوم"1، ولا من قولك: "ما زال زيد عالما"2.
ويخبر عن كل من الفاعل والمفعول في نحو قولك: "وقى الله
البطل"؛ فتقول: "الوقي أبطل الله"3 و"الواقية الله البطل"،
ولا يجوز لك أن تحذف الهاء؛ لأن عائد الألف واللام لا يحذف
إلا في ضرورة الشعر كقوله:
ما المستفز الهوى محمود عاقبة4
[الضمير المرفوع بصلة "أل"]:
فصل: وإذا رفعت صلة "أل" ضميرا راجعا إلى نفس "أل" استتر
في الصلة ولم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= إن قام قعد عمرو، زيد. وكذلك إذا تضمنت الثانية ضمير
الاسم المخبر عنه، أو كانت معطوفة بالفاء؛ جاز الإخبار؛
لانتفاء المحذور المذكور؛ نحو: سافر أحمد، وتخلف عنه
إبراهيم، فتقول في الإخبار عن أحمد: الذي سافر وتخلف عن
إبراهيم، أحمد. ونحو: سافر أحمد فتخلف إبراهيم، تقول في
الإخبار: الذي سافر، فتخلف براهيم، أحمد.
هذا: وقد بقي من الشروط: ألا يكون الاسم ملازما لغير
الرفع؛ "كسبحان" و"عند"؛ لتعذر جعله خبرا. وأن يكون فيه
إفادة، فلا يخبر عن ثواني الأعلام؛ كبكر من أبي بكر؛ لأنه
لا يمكن أن يكون خبرا عن شيء.
الأشموني: 3/ 616.
1 لأن الجملة الأسمية، لا تصلح صلة لأل، وكذلك التي فعلها
جامد.
2 لأنه لا يفصل بين أل وبين صلتها بنفي ولا بغيره.
3 بنصب البطل على المفعولية، وجره على الإضافة.
4 تقدم هذا الشاهد في باب الموصول، وتقدم تخريجه والتعليق
عليه.
موطن الشاهد: "المستفز".
وجه الاستشهاد: حذف "الهاء"؛ الضمير العائد إلى "أل" من
المستفز؛ وحكم حذف العائد -هنا- الضرورة، أو الشذوذ؛ لأنه
يحذف العائد المنصوب بثلاثة شروط الأول: أن يكون متصلا،
والثاني: أن يكون ناصبة فعلا، أو وصفا، لا حرفا، والثالث:
أن يكون في غير صلة "أل".
ج / 4 ص -230-
يبرز1؛ تقول في الإخبار عن التاء من "بلغت"
في المثال المتقدم "المبلغ من أخويك إلى العمرين رسالة
أنا" ففي "المبلغ" ضمير مستتر لأنه في المعنى لأل؛ لأنه
خلف عن ضمير المتكلم. و"أل" للمتكلم؛ لأن خبرها ضمير
المتكلم، والمبتدأ نفس الخبر2.
وإن رفعت صلة "أل" ضميرا لغير "أل" وجب بروزه وانفصاله3،
كما إذا أخبرت عن شيء من بقية أسماء المثال؛ تقول في
الإخبار عن الأخوين: "المبلغ أنا منهما إلى العمرين رسالة
أخواك" وعن العمرين "المبلغ أنا من أخويك إليهم رسالة
العمرون" وعن الرسالة "المبلغها أنا من أخويك إلى العمرين
رسالة"4 وذلك لأن التبليغ فعل المتكلم، و"أل" فيهن لغير
المتكلم؛ لأنها نفس الخبر الذي أخرته5.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لأن الصفة جارية على من هي له.
2 وتقول في نحو: أكرمتني: إن أخبرت عن الفاعل: المكرمي
أنت، فيستتر فاعل الصلة؛ لأنه "لأل" وأنت: خبرها وعن
المفعول: المكرمة أنت أنا، فالهاء: مفعول؛ وهي عائدة على
"أل"؛ وأنت مرفوع الصلة. وقد أُبرز؛ لكونه لغير أل، وأنا:
خبر "أل".
3 لأن الصلة إذا جرت على غير من هي له، امتنع رفعها ضميرا
مستترا.
4 "أنا" في الأمثلة فاعل المبلغ؛ وهو ضمير منفصل؛ لأنه
لغير أل، وضمير الغيبة، هو العائد.
5 هو: الأخوان في الأول، والعمرون في الثاني، والرسالة في
الثالث.
تعقيب: يجوز الإخبار عن اسم كان؛ بالذي وفروعه. وبالألف
واللام؛ تقول في مثل: كان محمد زميلك في الدراسة، الذي كان
زميلك في الدراسة، محمد، أو الكائن زميلك... إلخ. أما
الخبر؛ فيرى السيوطي جواز الإخبار عنه، إذا كان جامدا؛ كما
يجوز باتفاق في خبر المبتدأ؛ وفي باب "إن" وباب "ظن"،
الجامد؛ تقول: الذي كان محمد إياه، أو كأنه محمد، أخوك.
والذي هو أخوك، والذي إن محمدا هو أخوك، والذي ظننت محمدا
إياه، أو ظننته محمدا، أخوك.
ويمتنع في كل خبر مشتق في الجميع؛ سواء كان خبرا للمبتدأ،
أو في باب كان، أو إن، أو ظن. أما غير السيوطي، فيجيز
الإخبار عن الخبر مطلقا، جامدا أو مشتقا؛ وهذا هو الصحيح،
وفيه تيسير حسن.
انظر الأشموني: 3/ 618، والهمع: 2/ 147. |