أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك ج / 4 ص -231-
[باب العدد1]:
هذا باب العدد
[حكم مميز
الواحد والاثنين]:
اعلم أن الواحد والاثنين يخالفان الثلاثة والعشرة وما
بينهما في حكمين.
أحدهما:
أنهما يذكران مع المذكر؛ فتقول: واحد، واثنان، ويؤنثان مع
المؤنث؛ فتقول: واحدة، واثنتنان2، والثلاثة وأخواتها، تجري
على العكس من ذلك3، تقول: ثلاثة رجال، بالتاء، وثلاث إماء،
بتركه، قال الله تعالى:
{سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ
سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ}4.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 العدد؛ بوزن سبب، في اللغة: اسم للمعدود؛ ومنه قوله
تعالى:
{فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا}، وأما العدّ -بتشديد الدال- مدغما؛ فهو: مصدر "عده يعده" مثل: مده
يمده مدا؛ وقال تعالى:
{لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا}.
وأما العدد -في اصطلاح النحاة- فهو: "ما يساوي نصف مجموع
حاشيته الصغرى والكبرى" فمثلا: اثنين تساوي نصف مجموع
الواحد والثلاثة؛ لأن مجموعهما أربعة، ونصف الأربعة اثنان؛
فالاثنان: هو العدد المراد، وحاشيته الصغرى: الواحد،
والكبرى: ثلاثة. لكن المراد من العدد المعقود له هذا
الباب: الألفاظ الدالة على المعدود؛ كما قالوا "الجمع"
وأرادوا الألفاظ الدالة على المجموع.
التصريح: وحاشية يس: 2/ 269.
2 أي: على لغة الحجازيين، واثنتان على لغة بني تميم.
3 قال ابن مالك: وإنما حذفت التاء، من عدد المؤنث وأثبتت
في عدد المذكر، في هذا القسم؛ لأن الثلاثة وأخواتها أسماء
جماعات كزمرة، وأمة، وفرقة، فالأصل: أن تكون بالتاء؛
لتوافق نظائرها، فاستصحب الأصل مع المذكر لتقدم رتبته،
وحذفت مع المؤنث فرقا؛ لتأخر رتبته...
التصريح: 2/ 296.
4 69 سورة الحاقة، الآية: 7.
موطن الشاهد:
{سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ
أَيَّامٍ}.
وجه الاستشهاد: مجيء العدد "سبع" مذكرا؛ لأن المعدود
"ليالٍ" مؤنثا، ومجيء العدد "ثمانية" مؤنثا؛ لأن المعدود
"أيام" مذكر.
ج / 4 ص -232-
والثاني: أنهما لا يُجمع بينهما وبين المعدود1، لا تقول: واحد رجل، ولا اثنا
رجلين؛ لأن قولك: "رجل" يفيد الجنسية والوحدة، وقولك:
"رجلان" يفيد الجنسية وشفع الواحد؛ فلا حاجة إلى الجمع
بينهما، وأما البواقي فلا تستفاد العدة والجنس إلا من
العدد والمعدود جميعا؛ وذلك لأن قولك: "ثلاثة" يفيد العدة
دون الجنس، وقولك: "رجال" يفيد الجنس دون العدة، فإن قصدت
الإفادتين؛ جمعت بين الكلمتين2.
[حكم مميز
الثلاثة والعشرة وما بينهما]:
فصل3: مميز الثلاثة والعشرة وما بينهما إن كان اسم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي: لا يذكر معهما تميزا؛ وذلك على الإضافة؛ كما مثل
المصنف. وأما "ثنتا حنظل" في قول جندل بن المثنى؛ فضرورة
شاذة. ولا يجوز الجمع بينهما على طريق الوصفية، إذا قصد
بالوصف بيان: أن المراد باسم الجنس العدد المخصوص لا
الجنسية؛ كما في قوله تعالى:
{وَقَالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا
إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ}؛ فإنه لو قيل "إله" ولم يؤكد بواحد؛ لم يحسن؛ فربما فهم أن المراد
إثبات الإلهية لا الوحدانية.
حاشية يس على التصريح: 2/ 269.
2 وفي حكم الثلاثة والعشرة وما بينهما، يقول ابن مالك:
ثلاثة بالتاء قل للعشرة
في عد ما آحاده مذكر
في الضد جرد...
..........
المعنى: قل ثلاثة بالتاء إلى العشرة، إذا كنت تعد جميعا
آحاده -أي مفرداته- مذكرة؛ أما في ضد ذلك؛ حين تكون مفردات
المعدود مؤنثة؛ فيجب تجريد العدد من التاء.
التصريح: 2/ 269، وحاشية الصبان: 4/ 61-62.
3 ألفاظ الأعداد بالنسبة إلى الاستعمال أربعة أنواع:
أ- العدد المفرد؛ هو عشرة ألفاظ: واحد، واثنان، وعشرون،
وثلاثون... وتسعون.
ب- العدد المضاعف؛ وهو عشرة ألفاظ أيضا، وهي: مائة، وألف،
وثلاثة، وأربعة.. إلى عشرة.
ج- العدد المركب؛ هو سبعة ألفاظ أيضا؛ وهي: ثلاثة عشر،
وأربعة عشر... إلى تسعة عشر.
د- العدد المعطوف؛ هو أحد وعشرون... إلى تسعة وتسعين. =
ج / 4 ص -233-
جنس1؛ كـ"شجر"، و"تمر"، أو اسم جمع2
و"رهط"3؛ خفض بمن؛ تقول: "ثلاثة من التمر"، و"عشرة من
القوم"، قال الله تعالى:
{فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ}4، وقد يخفض بإضافة العدد؛ نحو:
{وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ}5،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= فأما تمييز هذه الأنواع؛ فيكون مفردا منصوبا مع العشرين
والتسعين وما بينهما، ومع الأحد عشر والتسعة عشر وما
بينهما، ومع الأحد والعشرين، والتسعة والتسعين وما بينما؛
تقول: عشرون ثوبا، وتسعون رجلا، وأحد عشر كوكبا، وتسعة عشر
يوما، وتسعة وتسعون جملا. ويكون التمييز مفردا مجرورا؛
بالإضافة مع المائة والألف، تقول: مائة ثوب، وألف دينار؛
ويكون التمييز: إما مجرورا بمن، أو بالإضافة؛ إن كان
المعدود اسم جمع، واسم جنس، وأما مجرورا بالإضافة ليس غير؛
إن كان المعدود جمعا على التفصيل الذي ذكره المؤلف، فمع
الثلاثة والعشرة، تقول: ثلاثة رجال، وعشر نساء.
التصريح: 2/ 70، والهمع: 2/ 149.
1 هو ما يفرق بينه، وبين مفرده بالتاء غالبا؛ مثل: شجرة
وشجر، أو تكون التاء في الدال على الجمع؛ نحو: كمأة وكمء،
وهذا نادر، وقد يفرق بين الواحد والدال على الجمع بياء
مشددة؛ نحو: عجم وعجمي، وروم ورومي.
2 وهو ما دل على الجمع، وليس له مفرد، من لفظه غالبا، وليس
على وزن من أوزان جموع التكسير المحفوظة؛ ومثال: قوم،
ورهط، وذود، ومن العلماء، من يعد من هذا النوع لفظ "ركب"،
وصحب، وسفر"؛ لأنها ليست على وزن من أوزان جموع التكسير
المحفوظة؛ وإن كان واحدها راكبا وصاحبا ومسافرا، ومن
العلماء: من يعدها جموعا؛ وإن لم تكن على وزن من الأوزان
المحفوظة؛ لجمع التكسير، ويدعي أن أوزان جموع التكسير،
ليست محصورة في هذه الأوزان؛ التي رواها سيبويه، وتناقلها
العلماء.
حاشية يس على التصريح: 2/ 270، وحاشية التصريح: 4/ 62.
3 رهط الرجل: قومه وقبيلته، وهو من الثلاثة إلى العشرة من
الرجال ولا واحد له من لفظه.
4 سورة البقرة، الآية: 260.
موطن الشاهد:
{فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ
الطَّيْرِ}.
وجه الاستشهاد: جر تمييز العدد "أربعة"؛ وهو "الطير" بـ"من
"؛ لأنه اسم جنس؛ وحكم جره بـ"من "الجواز باتفاق.
5 سورة النمل، الآية: 48.
موطن الشاهد:
{تِسْعَةُ رَهْطٍ}.
وجه الاستشهاد: جر تمييز العدد "تسعة" وهو "رهط" بالإضافة؛
وحكم جره بالإضافة الجواز.
ج / 4 ص -234-
وفي الحديث:
"ليس فيما دون خمس ذود صدقة"1 وقال الشاعر2: [الوافر]
523- ثلاثة أنفس وثلاث ذود3
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هذا حديث شريف أخرجه: النسائي في باب الزكاة: الباب
الخامس، وأبو داود في سننه: 1558 ومالك في الموطأ: 263،
والترمذي: 626، والسنن الكبرى للبيهقي: 7/ 5.
موطن الشاهد:
"خمس ذود".
وجه الاستشهاد: إضافة العدد "خمس" بالإضافة إلى المعدود
"ذود"؛ وحكم، هذه الإضافة للجواز.
2 الشاعر: هوالحطيئة، وقد مرت ترجمته.
3 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت، وعجزه قوله:
لقد جار الزمان على عيالي.
والبيت من قصيدة يشكو فيها ما نزل به من بلاء؛ وذلك أنه كان
في سفر ومعه امرأته وابنته مليكة، فسرح إبله، فافتقد منها
ناقة؛ وقبل الشاهد قوله:
أذئب القفر أم ذئب أنيس
أصاب البكر أم حدث الليالي؟
وهو من شواهد: التصريح: 2/ 270 والأشموني: 1127/ 3/ 620،
والعيني: 4/ 485، وسيبويه: 2/ 175، ومجالس ثعلب: 304،
والإنصاف: 771، والخصائص: 2/ 214، والخزانة: 3/ 301،
والهمع: 1/ 253، 2/ 149، 170، والدرر: 1/ 209، 2/ 204،
224، وديوان الحطيئة: 120.
المفردات الغريبة: ذود: الذود من الإبل: ما بين الثلاثة
إلى العشرة؛ هو مؤنثة لا واحد لها من لفظها، وقيل غير ذلك.
المعنى: لعل المراد: ثلاث نوق لثلاث أنفس؛ وأما الآن بعد
فقد إحدى النوق، فقد جار الزمان علي وعلى عيالي؛ لأننا في
أمس الحاجة إليها.
الإعراب: ثلاثة: مبتدأ مرفوع، هو مضاف. أنفس: مضاف إليه
مجرور. وثلاث: الواو عاطفة، ثلاث: اسم معطوف على المبتدأ،
وهو مضاف. ذود: مضاف إليه مجرور؛ والخبر محذوف؛ لدلالة
السياق عليه؛ والتقدير: ثلاثة أنفس وثلاث ذود متساوون؛
ويجوز أن يكون ثلاثة: خبرا لمبتدأ محذوف؛ والتقدير: نحن
ثلاثة أنفس، ولنا ثلاث ذود؛ على رأي العيني. لقد: اللام
موطئة للقسم، قد: حرف تحقيق. جار: فعل ماضٍ مبني على الفتح
الظاهر. الزمان: فاعل مرفوع. "على عيالي": متعلق بـ"جار"،
وعيال: مضاف، والياء: ضمير متصل مبني على السكون في محل جر
بالإضافة؛ وجملة "جار الزمان...": جواب القسم، لا محل لها.
موطن الشاهد: "ثلاث ذود". =
ج / 4 ص -235-
وإن كان جمعا خفض بإضافة العدد إليه؛ نحو:
"ثلاثة رجال".
ويعتبر التذكير والتانيث مع اسمي الجمع والجنس بحسب
حالهما، فيُعطى العدد عكس ما يستحقه ضميرهما؛ فتقول:
"ثلاثة من الغنم" بالتاء؛ لأنك تقول: "غنم كثير"
بالتذكير1، و"ثلاث من البط" بترك التاء؛ لأنك تقول: "بط
كثيرة" بالتأنيث، و"ثلاثة من البقرة"، و"ثلاثة"؛ لأن في
البقر لغتين؛ التذكير والتأينث، قال الله تعالى:
{إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا}2.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= وجه الاستشهاد: إضافة العدد "ثلاث" إلى المعدود "ذود"؛
وهو اسم جمع؛ وحكم هذه الإضافة القلة؛ لأن القياس أن لا
يضاف العدد إلا إلى جمع؛ وفي إضافة العدد إلى اسم الجمع
ثلاثة مذاهب للنحاة؛ هي:
أ- الجوز في السعة على قلة؛ وهو رأي ابن عصفور، وتبعه ابن
هشام.
ب- الاقتصار فيه على السماع، وليس لنا القياس عليه؛ وهو
مذهب جمهور النحاة.
جـ- التفصيل؛ فإن كان اسم الجمع لا يستعمل إلا في القليل؛
نحو: "ذود، ونفر، ورهط"؛ جاز أن يضاف العدد إليه، كما في
قوله تعالى:
{وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ}، وكما في الحديث الشريف:
"ليس فيما دون خمس ذود صدقة"، وإن كان اسم الجمع، يستعمل
في القليل وفي الكثير؛ نحو: قوم ونسوة؛ لا يجوز أن يضاف
العدد إليه؛ وهذا التفصيل، عزاه أبو علي الفارسي: إلى أبي
عثمان المازني؛ وقد ذكر أبو العباس المبرد؛ أن العلة في
ذلك؛ هي أن اسم العدد من ثلاثة إلى عشرة، لا يضاف إلى
المفرد، فلا يقال: ثلاثة رجل كما لا يضاف إلى ما يدل على
الكثرة؛ ولهذا، يلتزمون أن يكون المضاف إليه جمع قلة إلا
أن يُهمل جمع القلة، أو يكون شاذا. هذا وقد استشهد سيبويه،
على تأنيث "ثلاثة" مع "أنفس" والقياس: ثلاث أنفس؛ لأن
النفس مؤنثة؛ ولكن أنث؛ لكثرة إطلاق النفس على الشخص. انظر
الدرر اللوامع: 1/ 209 و2/ 224.
1 في مختار الصحاح، الغنم: اسم مؤنث موضوع للجنس، يقع على
الذكور والإناث؛ وعليهما جميعا؛ والإبل: كالغنم في ذلك.
2 سورة البقرة، الآية: 70.
أوجه القراءات: قرأ مجاهد "تشبه"؛ وقرأ أبي: "تشابهت"،
وقرأ ابن أبي إسحاق: "تشابهت" بتشديد الشين، وقرأ الحسن
والأعرج: "تشابه" بتشديد الشين، وضم الهاء، وقرأ يحيى بن
يعمر، ومجاهد وابن مسعود: "يشابه"، وقرأ الحسن والأعمش
وابن مسعود "متشابه". البحر المحيط: 1/ 254، وتفسير
القرطبي: 1/ 452، إعراب النحاس: 1/ 176-185.
موطن الشاهد:
{الْبَقَرَ تَشَابَهَ}.
وجه الاستشهاد: تذكير الضمير العائد إلى البقرة؛ لأن في
البقر لغتين؛ جواز التذكير والتأنيث فيه.
ج / 4 ص -236-
ويعتبران مع الجمع بحال مفرده؛ تقول:
"ثلاثة إصطبلات" و"ثلاثة حمامات"، بالتاء فيهما اعتبارًا
بالإصطبل والحمام؛ فإنهما مذكران، ولا تقول: "ثلاث" بتركها
اعتبارًا بالجمع؛ خلافًا للبغداديين2.
ولا يعتبر من حال الواحد حال لفظه حتى يقال: "ثلاث طلحات"
بترك التاء، ولا حال معناه؛ حتى يقال: "ثلاث أشخص"؛ بتركها
تريد نسوة3، بل ينظر إلى ما يستحقه المفرد باعتبار ضميره؛
فيعكس حكمه في العدد4؛ فكما تقول: "طلحة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 اسم الجنس على ثلاثة أنواع:
أ- نوع يعود الضمير إليه من الفعل ومن الوصف مذكرًا لا
غير؛ وهذا يقال عنه: إنه واجب التذكير.
ب- نوع يعود الضمير إليه من الفعل، أو الوصف مؤنثًا لا
غير، وهذا يقال عنه: إنه واجب التأنيث.
ج- ونوع يعود الضمير إليه مذكرا في بعض العبارات، ومؤنثًا
في بعض الآخر؛ فإذا كان الضمير العائد إلى اسم الجنس
مذكرًا لا غير، عد اسم الجنس مذكرًا وجيء معه اسم العدد
مقرونًا بالتاء.
وإذا كان الضمير العائد إلى اسم الجنس مؤنثًا لا غير، عد
اسم الجنس مؤنثًا، وجيء معه باسم العدد من غير تاء.
وإذا كان الضمير العائد إلى اسم الجنس مذكرًا أحيانًا،
ومؤنثًا في أحيان أخرى؛ عد ذا وجهين، وساغ أن يجيء معه اسم
العدد من غير تاء على اعتباره مؤنثًا، وبالتاء على اعتباره
مذكرًا.
انظر تفصيل ذلك في التصريح: 2/ 271، والأشموني: 3/ 621.
وحاشية الصبان: 4/ 64-65، وأوضح المسالك: 4/ 248.
2 فإنهم يجيزون مراعاة الجمع والمفرد، ووافقهم الكسائي؛
فيقال: ثلاثة حمامات، وثلاث حمامات، وذكر سيبويه: أن ذلك
مخالف لما ورد عن العرب.
التصريح: 2/ 271.
3 لأن لفظ "شخص" يستوي فيه المذكر والمؤنث؛ ولكن إذا أعيد
عليه الضمير يعود مذكرًا، ويؤنث العدد إذا أضيف إلى جمعه.
4 وعلى ذلك لا يجوز تذكير العدد، إذا كان المعدود مذكرًا
مؤولاً بالمؤنث.
ج / 4 ص -237-
حصر"، و"هند شخص جميل" بالتكذير فيهما،
تقول: "ثلاث طلحات"، و"ثلاثة أشخص" بالتاء فيهما، فأما
قوله1: [الطويل]
524- ثلاث شخوص كاعبان ومعصر2
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 القائل: هو عمر بن أبي ربيعة المخزومي، وقد مرت ترجمته.
2 تخريج الشاهد: هذا عجز بيت، وصدره قوله:
فكان مجني دون من كنت أتقي
والبيت من قصيدته الرائية المشهورة؛ والتي مطلعها:
أمن آل نعم أنت غاد فمبكر
غداة غدٍ أم رائح فمهجر
والشاهد من شواهد: التصريح: 2/ 271، والأشموني "1125/ 3/
620"، والعيني: 4/ 383 وسيبويه: 2/ 175، والمقتضب: 2/ 148،
والخصائص: 2/ 417، والإنصاف، 770، والمقرب: 67، والخزانة:
3/ 312، وديوان عمر بن أبي ربيعة: 92.
المفردات الغريبة: مجني؛ المجن: أصله الترس؛ وجمعه موجان،
ويريد به هنا: ما يتقى به الرقباء. أتقي: أجانب وأحذر.
شخوص: جمع شخص؛ وأصله: الشبح الذي يرى من بعد -والمراد
هنا: الإنسان. كاعبان: مثنى كاعب، وهي الجارية حين يبدو
ثديها.
معصرة الجارية أول ما تدرك، وتدخل عصر الشباب.
المعنى: كان ستري وحصني -دون من كنت أتقيه وأخافه من
الرقباء- هؤلاء الثلاثة اللواتي مشيت بينهن متنكرًا،
وساعدنني على ذلك.
وقيل هذا البيت قوله:
فقالت لها الصغرى سأعطيه مطرفي
ودرعي، وهذا البرد إن كان يحذر
يقوم فيمشي بيننا متنكرًا
فلا سرنا يفشو، ولا هو يظهر
الإعراب: كان: فعل ماض ناقص. مجني: خبر كان متقدم على اسمها
منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم،
وهو مضاف، والياء: في محل جر بالإضافة. "دون": متعلق بـ
"مجني"، أو بحال محذوف منه، وهو مضاف. من: اسم موصول مبني
على السكون، في محل جر بالإضافة. كنت: فعل ماض ناقص مبني
على السكون؛ لاتصاله بضمير رفع متحرك، والتاء: في محل رفع
اسم "كان". أتقي: فعل مضارع مرفوع، والفاعل: أنا، وجملة
"أتقي": في محل نصب خبر "كان"؛ وجملة "كنت أتقي": صلة
للموصول، لا محل لها، والعائد إلى الاسم الموصول. ضمير
منصوب بـ "أتقي" محذوف؛ والتقدير: أتقيه. ثلاث: اسم كان
مؤخر، وهو مضاف شخوص: مضاف إليه مجرور، وعلامة جرة الكسرة.
كأعيان: بدل من "ثلاث" مرفوع، وعلامة رفعه الألف؛ لأنه
مثنى، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد. ومعصر:
الواو عاطفة، معصر: معطوف على كاعبان.
موطن الشاهد: "ثلاث شخوص".
ج / 4 ص -238-
فضرورة، والذي سهل ذلك قوله: "كاعبان
ومعصر"؛ فاتصل باللفظ ما يعضد المعنى المراد، ومع ذلك فليس
بقياس، خلافًا للناظم.
وإذا كان المعدود صفة فالمعتبر حال الموصوف المنوي، لا
حالها؛ قال الله تعالى:
{فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}1؛
أي: عشر حسنات أمثالها، ولولا ذلك لقيل: "عشرة"؛ لأن المثل
مذكر2، وتقول: "عندي ثلاث ربعات"3 بالتاء إن قدرت رجالاً،
وبتركها إن قدرت نساء؛ ولهذا يقولون: "ثلاثة دواب" بالتاء،
إذا قصدوا ذكورًا؛ لأن الدابة صفة في الأصل؛ فكأنهم قالوا:
ثلاثة أحمرة دواب، وسمع "ثلاث دواب ذكور" بترك التاء؛
لأنهم أجروا الدابة مجرى الجامد؛ فلا يجرونها على موصوف.
[الأعداد التي
تضاف إلى المعدود عشرة]:
فصل: الأعداد التي تضاف للمعدود عشرة؛ وهي نوعان:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= الألف؛ لأنه مثنى، والنون عوض عن التنوين في الاسم
المفرد. ومعصر: الواو عاطفة، معصر: معطوف على كاعبان.
موطن الشاهد: "ثلاث شخوص".
وجه الاستشهاد: حذف التاء من "ثلاثة"؛ مع أن شخوص: جمع
شخص، وكان ينبغي ملاحظة المفرد المذكر، وكان عليه أن يقول:
ثلاثة شخوص؛ غير أنه راعى المعنى الذي قصده لأنه عنى بها
النساء؛ وقواه ذكر الكاعبين والمعصر. وجمهور النحاة على أن
ما أتى به الشاعر ضرورة؛ خلافًا لابن مالك الذي جوز القياس
على مثل ذلك. انظر الإنصاف: 2/ 770-771.
1 سورة الأنعام [الآية: 160].
موطن الشاهد:
{عَشْرُ أَمْثَالِهَا}.
وجه الاستشهاد: تذكير العدد "عشر"؛ لأن الموصوف المنويّ
مؤنث -كما جاء في المتن- والتقدير: عشر حسنات أمثالها.
2 ذلك؛ لأنه واحد الأمثال، وتقدم أنه يعتبر في الجمع حال
مفرده.
3 بفتح الباء -جمع ربعة؛ وهو المربوع الخلق الذي ليس
بالطويل؛ ولا بالقصير يوصف به المذكر والمؤنث؛ فيقال: رجل
ربعة، وامرأة ربعة؛ وهو في الأصل: اسم ثم استعمل صفة. قال
صاحب الصحاح: وهذا الجمع شاذ؛ لأن "فعلة" إذا كانت صفة لا
تحرك في الجمع؛ وإنما تحرك، إذا كانت اسمًا، ولم يكن موضع
العين واو- ولا ياء.
ج / 4 ص -239-
أحدهما: الثلاثة والعشرة وما بينهما، وحق ما تضاف إليه أن يكون: جمعًا
مكسرًا؛ من أبية القلة1؛ نحو: "ثلاثة أفلس"، و"أربعة
أعبد"، و
{سَبْعَةُ أَبْحُرٍ}2،
وقد يتخلف كل واحد من هذه الأمور الثلاثة؛ فيضاف للمفرد3؛
وذلك إن كان مائة4؛ نحو "ثلاثة مائة"، و"تسع مائة"، وشذ في
الضرورة قوله5: [الطويل]
525- ثلاث مئين للملوك وفى بها6
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 وذلك ليتطابق المعدود والعدد في الدلالة على التعدد
لفظًا ومعنى؛ فإن ألفاظ العدد أقرب إلى جمع التكسير لفظًا.
2 سورة لقمان [الآية: 27].
موطن الشاهد:
{سَبْعَةُ أَبْحُرٍ}.
وجه الاستشهاد: وقوع العدد "سبعة" مضافًا إلى "أبحر" وهو
جمع مكسر، من أبنية القلة؛ وحكم هذه الإضافة الجواز.
3 ومما تضاف معه الثلاثة والعشرة وما بينهما إلى المفرد،
اسم الجمع؛ نحو: "تسعة رهط" و"خمس ذود"؛ وقد عرفت فيما مضى
أن الكثير في هذا النوع، أن يجر المعدود بمن.
4 إضافة الثلاثة وأخواتها إلى المائة، مع أنه مفرد، كون
المائة جمعًا في المعنى؛ لأنها عشر عشرات، وهو حد جمع
القلة؛ فكانت الإضافة إلى لفظ المائة، كالإضافة إلى جمع
القلة التصريح: 2/ 2072.
5 القائل: هو الفرزدق؛ همام بن غالب بن صعصعة التميمي وقد
مرت ترجمته.
تخريج الشاهد:
6 هذا صدر بيت، وعجزه قوله:
ردائي، وجلت عن وجوه الأهاتم
وهو من شواهد: التصريح: 2/ 272، والأشموني "1128/ 3/ 622"،
والعيني: 4/ 480، والمقتضب، 2/ 170، وأمالي ابن الشجري: 2/
24، 64، وشرح المفصل: 6/ 21، والخزانة: 3/ 302، وديوان
الفرزدق: 853.
المفردات الغريبة: ثلاث مئين: أي ثلاثمائة بعير. ردائي:
الرداء معروف؛ وهو ما يلبس. قيل: المراد -هنا-: السيف.
جلت: كشفت. وجوه: عظماء وأعيان. الأهاتم: جمع أهتم. وهم
بنو سنان الأهتم.
المعنى: يقول الشاعر مفتخرًا: إن ردائي أو سيفي، وفي بديات
ثلاثة ملوك قتلوا -وكانت ديتهم ثلاثمائة بعير- وأزال العبء
عن عظماء هذه القبيلة، وكان قد رهن رداءه أو سيفه في ذلك.=
ج / 4 ص -240-
ويضاف لجمع التصحيح في مسألتين1:
إحداهما:
أن يهمل تكسير الكلمة؛ نحو:
{سَبْعَ سَمَاوَاتٍ}2، و "خمس صلوات"، و
{سَبْعَ بَقَرَاتٍ}3.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= الإعراب: ثلاث: مبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة،
وهو مضاف. مئين: مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الياء؛ لأنه
ملحق بجمع المذكر السالم. "للملوك": متعلق بصفة محذوفة لـ
"مئين"؛ أو بفعل "وفى" الآتي. وفى: فعل ماض مبني على الفتح
المقدر على الألف للتعذر. "بها": متعلق بـ "وفى". ردائي:
فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الضمة المقدرة على ما قبل ياء
المتكلم، ورداء: مضاف، والياء: مضاف إليه. وجلت: الواو
عاطفة، جلت: فعل ماض مبني على الفتح، والتاء: للتأنيث،
والفاعل: هي، يعود إلى "ثلاث". "عن وجوه": متعلق بـ "جلت"،
و"وجوه" مضاف. الأهاتم: مضاف إليه مجرور، وعلامة جره
الكسرة الظاهرة.
موطن الشاهد: "ثلاث مئين".
وجه الاستشهاد: إضافة "ثلاث" إلى "مئين"؛ جمع مائة؛ وحكم
هذه الإضافة شاذ؛ لأن "المائة" إذا جمعت، كان أقل مفهومها
ثلاثمائة؛ وذكر "ثلاث" العدد، يجعل معنى "ثلاث مئين"
تسعمائة؛ وهذا غير مقصود. انظر شرح التصريح: 2/ 272.
1 وكذلك، إذا كان للكلمة جمع تسكير؛ ولكنه نادر وقليل
الاستعمال؛ نحو: ثلاث سعادات -وآيات؛ فإنه يندر: سعائد-
وآي.
ومن النادر أيضًا: وقوع جمع التصحيح المشتق تمييزًا للعدد،
مثل: ثلاثة صالحين، وأربعة زاهدين بالإضافة. والأحسن أن
يعرب هذا الجمع نعتًا، ويجوز نصبه على الحال إن كان نكرة.
الأشموني: 3/ 622.
2 سورة البقرة، [الآية: 29].
موطن الشاهد:
{سَبْعَ سَمَاوَاتٍ}.
وجه الاستشهاد: إضافة العدد "سبع" إلى جمع التصحيح
"سموات"؛ لأن "سماء" لم يسمع لها جمع تكسير أصلًا.
3 سورة يوسف، [الآية: 43].
موطن الشاهد:
{سَبْعَ بَقَرَاتٍ}.
وجه الاستشهاد: إضافة العدد "سبع" إلى جمع التصحيح
"بقرات"؛ لأن "بقرة" لم يسمع لها جمع تكسير أصلًا.
ج / 4 ص -241-
والثانية: أن يجاور ما أهمل تكسيره؛ نحو:
{سَبْعَ سُنْبُلاتٍ}1، فإنه في التنزيل مجاور لـ
{سَبْعَ بَقَرَاتٍ}.
ويضاف لبناء الكثرة في مسألتين:
إحداهما:
أن يهمل بناء القلة؛ نحو: "ثلاث جوار"، و"أربعة رجال"،
و"خمسة دراهم"2.
والثانية:
أن يكون له بناء قلة؛ ولكنه شاذ قياسًا أو سماعًا؛ فينزل
لذلك منزلة المعدوم؛ فالأول نحو:
{ثَلاثَةَ قُرُوء}3؛
فإن جمع قرء بالفتح على أقراء شاذ4، والثاني نحو: "ثلاثة
شسوع" فإن أشساعًا قليل الاستعمال5.
[حكم المائة
والألف]:
النوع الثاني: المائة والألف6؛ وحقهما أن يضافا إلى
مفرد؛ نحو:
{مِائَةَ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة يوسف [الآية: 43].
موطن الشاهد:
{سَبْعَ سُنْبُلاتٍ}.
وجه الاستشهاد: إضافة العدد "سبع" إلى جمع التصحيح
"سنبلات" مع أن لـ "سنبلة" جمع تكسير؛ هو "سنابل"؛ ولكن
عدل عنه؛ لمجاورته بقرات -التي ليس لها جمع تكسير- مراعاة
للتنسيق.
2 "جارية" و"رجل" و"درهم" لم يستعمل لها جمع قلة، أما
"أرجل": فجمع رجل.
3 سورة البقرة [الآية: 228].
موطن الشاهد:
{ثَلاثَةَ قُرُوءٍ}.
وجه الاستشهاد: استشهد بهذه الآية على أن لـ "قرء" جمع
قلة؛ ولكنه شاذ قياسًا، فعدل عنه إلى جمع الكثرة؛ لأن جمع
"قرء" على أقراء -شاذ، والقرء بالفتح والضم يطلق على الطهر
والحيض.
4 ذكر بعضهم: أنه جمع "قرء" بالضم؛ وعليه فلا شذوذ، وأيضًا
فقد ذكروا بناء قلة مطردًا لقرء -بالفتح-؛ وهو "أقرؤ"،
وعلى ذلك؛ فالصواب: جعل "ثلاثة قروء" من القليل، لا مما شذ
جمع قلته. "حاشية يس على التصريح": 2/ 272.
5 أي: وإن كان جمعًا قياسيًا لشسع؛ والشسع: أحد سيور
النعل.
6 أي: ومثناهما وجمعهما؛ فالمراد: جنس المائة وجنس الألف؛
سواء كان الجمع بالصيغة؛ نحو: مائتي رجل، وألفي فتاة،
وثلاثة آلاف مقاتل، أو بإضافة "ثلاثة" فما فوق إليه؛ نحو
ثلاثمائة رجل وأحد عشر ألف رجل.
ج / 4 ص -242-
جَلْدَة}1، و{أَلْفَ سَنَةٍ}2.
وقد تضاف المائة إلى جمع؛ كقراءة الأخوين3:
{ثَلاثَ مِائَةِ سِنِينَ}4، وقد تميز بمفرد منصوب؛
كقوله5: [الوافر]
526- إذا عاش الفتى مائتين عامًا6
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة النور [الآية: 2].
موطن الشاهد:
{مِائَةَ جَلْدَةٍ}.
وجه الاستشهاد: أضيف العدد "مائة" إلى "جلدة"؛ وهو مفرد
على الأصل.
2 سورة البقرة [الآية: 96].
موطن الشاهد:
{أَلْفَ سَنَةٍ}.
وجه الاستشهاد: أضيف العدد "ألف" إلى "سنة"، وهو مفرد على
الأصل.
3 المراد: حمزة والكسائي، وقد مرت ترجمة كل منهما.
4 سورة الكهف [الآية:25].
موطن الشاهد:
{ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ}.
وجه الاستشهاد: إضافة "مائة" إلى "سنين" تشبيهًا لها
بالعشرة، أو من موضع الجمع موضع المفرد.
5 القائل: هو الربيع بن ضبع الفزاري، أحد الشعراء
المعمرين؛ وقد مرت ترجمته.
6 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت، وعجزه قوله:
فقد ذهب اللذاذة والفتاء
وهو من شواهد: التصريح: 2/ 273، والأشموني "1129/ 3/ 623"،
والعيني: 4/ 481 وسيبويه: 1/ 106، 293، ونسبه في مرة إلى
الربيع، وفي الثانية إلى يزيد بن ضبة ورواية العجز عنده:
فقد ذهب المسرة والفتاء. والمقتضب: 2/ 169، ومجالس ثعب:
332، وشرح المفصل: 6/ 21، والمقرب، 66، والخزانة: 3/ 306،
والهمع: 1/ 253، والدرر: 1/ 210، والمعمرين: 7، والجمل:
246، واللسان "فتا".
المفردات الغريبة: المسرة: ما يسر به الإنسان؛ والجمع
مسرا. الفتاء: الشباب: يقال فتي فتاء، فهو فتي؛ أي: بين
الفتاء.
المعنى: إذا بلغ الإنسان هذه السن؛ فقد ذهبت ملذاته التي
يسر بها، وولى عنه شبابه الذي يتيه فيه.
الإعراب: إذا ظرف لما يستقبل من الزمان، خافض لشرطه منصوب
بجوابه. عاش: فعل ماض مبني على الفتح، لا محل له من
الإعراب. الفتى: فاعل مرفوع، وعلامة رفعه =
ج / 4 ص -243-
[حكم الأعداد التي تجاوز العشرة]:
فصل: إذا تجاوزت العشرة جئت بكلمتين؛ الأولى النيف1؛ وهو
التسعة فما دونها، وحكمت لها في التذكير والتأنيث بما ثبت
لها قبل ذلك؛ فأجريت الثلاثة والتسعة وما بينهما على خلاف
القياس، وما دون ذلك على القياس، إلا أنك تأتي بأحد وإحدى
مكان واحد وواحدة2، وتبني الجميع على الفتح3، إلا "اثنين"،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
=الضمة المقدرة على الألف للتعذر. مائتين: مفعول به لـ
"عاش" منصوب، وعلامة نصبه الياء؛ لأنه مثنى. عامًا: تمييز
منصو، وجملة "عاش": في محل جر بالإضافة بعد إذا فقد: الفاء
واقعة في جواب الشرط غير الجازم: قد: حرف تحقيق. ذهب: فعل
ماض مبني على الفتح. اللذاذة: فاعل مرفوع، وعلامة رفعه
الضمة الظاهرة. والفتاء: الواو عاطفة، الفتاء: اسم معطوف
على "اللذاذة" مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، وجملة
"فقد ذهب اللذاذة والفتاء": جواب شرط غير جازم، لا محل
لها.
موطن الشاهد: "مائتين عامًا".
وجه الاستشهاد: انتصاب تمييز "مائتين"؛ وكان حقه الجر
بالإضافة، فيقول: مائتي عام؛ وحكم هذا النصب شاذ، ولا يقاس
عليه عند المحققين، وجوزه جماعة، منهم ابن كيسان، وحكاه
ابن مالك.
انظر التصريح: 2/ 223، والدرر اللوامع: 1/ 210.
1 هو كل ما زاد على العقد، حتى يبلغ العقد الثاني. والنيف
-وقد يخفف- الزيادة؛ يقال عشرة ونيف، ومائة ونيف؛ من ناف
ينوف؛ إذا زاد. والعقد: ما كان من مرتبة العشرات، أو
المئات، أو الألوف. أما البضع؛ فهو: ما بين الثلاث إلى
التسع؛ وحكمه حكم ثلاثة في الإفراد والتركيب، وعطف عشرين
وأخواته عليه؛ تقول: بضع سنين -وبضعة عشر رجلًا- وبضع عشرة
امرأة؛ فإذا جاوزت لفظ العشر، ذهب البضع؛ لا تقول: بضع
وعشرون.. إلخ، وقيل يجوز ذلك، وعليه يقال: بضع وعشرون
كتابًا، وبضع وعشرون صحيفة.
التصريح: 2/ 273، وضياء المسالك: 4/ 24.
2 ولا تستعمل إحدى إلا مركبة، أو مضافة، أو معطوفًا عليها؛
نحو: إحدى عشرة -إحدى وعشرون،
{إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ}، ولا تستعمل مفردة؛ وألفها للتأنيث، عند الأكثرين، وقيل زيادة
للإلحاق.
3 أي: جميع ألفاظ النيف؛ وهي تكون صدر المركب، مع ضمها لما
بعدها. وعلة بنائها: وقوعها موقع ما قبل تاء التأنيث في
لزوم الفتح.
ج / 4 ص -244-
و"اثنتين"؛ فتعربهما كالمثنى1؛ وإلا
"ثماني" فلك فتح الياء وإسكانها، ويقل حذفها مع بقاء كسر
النون ومع فتحها2، والكلمة الثانية: "العشرة" وترجع بها
إلى القياس التذكير مع المذكر، والتأنيث مع المؤنث،
وتبنيها على الفتح مطلقًا3، وإذا كانت بالتاء سكنت شينها
في لغة الحجازيين وكسرتها في لغة تميم؛ وبعضهم يفتحها4.
وقد تبين مما ذكرنا، أنك تقول: "أحد عشر عبدًا"، و"اثنا
عشر رجلًا" بتذكيرهما؛ و "ثلاثة عشر عبدًا"؛ بتأنيث الأول،
وتذكير الثاني، وتقول: "إحدى عشرة أمة"، و"اثنتا عشرة
جارية"؛ بتأنيثهما، و"ثلاث عشرة جارية"؛ بتذكير الأول،
وتأنيث الثاني.
[تمييز الأعداد
المركبة وألفاظ العقود مفرد منصوب دائمًا]:
فإذا جاوزت التسعة عشر في التذكير، والتسع عشرة في
التأنيث؛ استوى لفظ المذكر والمؤنث5؛ تقول "عشرون عبدًا"،
و"ثلاثون أمة".
وتمييز ذلك كله مفرد منصوب6؛ نحو:
{إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لوقوع ما بعدهما موقع النون، وما قبل النون، محل إعراب
لا بناء، ولذلك لا يضافان إلى العقد.
2 هذا كله، إذا ركبت؛ أما إذا لم تركب؛ فإن أضيفت إلى
مؤنث، كانت بالباء لا يغر؛ نحو: ثماني نسوة، ويقدر عليهم
الضم والكسر، ويظهر الفتح كالمنقوص. وإن أضيفت إلى مذكر؛
فبالتاء لا غير، كثمانية كتب. وإن لم تضف؛ فإن كان المعدود
مذكرًا؛ فبالتاء أيضًا؛ وإن كان مؤنثًا؛ عوملت؛ كالمنقوص
غالباً؛ نحو جاءني من النساء ثمان، ومررت بثمان ورأيت
ثمانيًا أو ثماني.
3 أي: سواء كانت مع النيف، أو مع اثنين واثنتين. وعلة
البناء: تضمنها معنى حرف العطف، ووقوعها موقع النون
المحذوفة؛ لشبه الإضافة مع اثنين واثنتين وموقع التنوين مع
الباقي.
4 أي كما هو الثاني إذا كان المعدود مذكرًا. وتسكين الشين
إن كان المعدود مؤنثًا.
5 ويكون المدار في التذكير والتأنيث على التمييز.
6 ونكرة أيضًا، وإنما كان مفردًا نكرة؛ لأنه جيء به، لبيان
حقيقة المعدود، وذلك يحصل بالمقدر النكرة؛ التي هي الأصل،
ومنصوبًا لتعذر الإضافة مع النون؛ التي هي في صورة نون
الجمع.
انظر التصريح: 2/ 274.
ج / 4 ص -245-
كَوْكَبًا}1، {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ
عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا}2،
{وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ
فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَة}3،
{إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً}4، وأما قوله تعالى:
{وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا}5؛
فـ "أسباطًا" تمييزًا؛ لذكر العددان؛ لأن السبط مذكر، وزعم
الناظم أنه تمييز، وأن ذكر "أممًا" رجع حكم التأنيث، كما
رجحه ذكر "كاعبان ومعصر"؛ في تمييز، وأن ذكر "أمماً" رجع
حكم التأنيث، كما رجحه ذكر "كاعبان ومعصر"؛ في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة يوسف [الآية: 4].
موطن الشاهد:
{َأحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً}.
وجه الاستشهاد: مجيء تمييز العدد "أحد عشر"؛ وهو "كوكبًا"
مفردًا منصوبًا.
2 سورة التوبة، [الآية: 36].
موطن الشاهد:
{اثْنَا عَشَرَ شَهْراً}.
وجه الاستشهاد: مجيء تمييز العدد "اثنا عشر"؛ وهو "شهرًا"
مفردًا منصوبًا.
3 سورة الأعراف [الآية: 142].
موطن الشاهد:
{ثَلاثِينَ لَيْلَةً} و
{أَرْبَعِينَ لَيْلَةً}.
وجه الاستشهاد: مجيء تمييز العدد "ثلاثين" و"أربعين"؛ وهو
"ليلة" مفردًا منصوبًا.
4 سورة ص [الآية: 23].
موطن الشاهد:
{تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً}.
وجه الاستشهاد: مجيء تمييز العدد "تسع وتسعون"؛ وهو "نعجة"
مفردًا منصوبًا.
5 سورة الأعراف [الآية: 160].
موطن الشاهد:
{اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً}.
وجه الاستشهاد: وقوع "أسباطًا" بدل كل من كل من "اثني
عشر"، وليس بتمييز؛ لأنه جمع، ولا يقال: إن المبدل منه في
نية الطرح؛ لأنه لو قيل: وقطعناهم أسباطًا؛ لفاتت فائدة
كمية العدد؛ وهي مطلوبة؛ لأنا نقول: إن ذلك أغلبي؛ وقد
يخرج القرآن على غير الغالب، كما في قراءة التنوين في:
{ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ}.
وخرج بعضهم الآية على أن مجيء تمييز العدد المركب جمعًا
جائز؛ إذا صدق على كل واحد من العدد، وهنا كذلك؛ لأن
المراد: وقطعناهم اثنتى عشرة فرقة كل فرقة أسباط؛ فوضع
أسباط موضع فرقة.
انظر ضياء السالك: 4/ 27، التصريح: 2/ 275.
ج / 4 ص -246-
قوله:
[523] ثلاث شخوص كاعبان ومعصر1
[جواز إضافة العدد المركب -غير
اثني عشر واثنتي عشرة- إلى مستحق المعدود]:
فصل: ويجوز2 في العدد المركب، غير "اثني عشر"، و"اثنتي
عشرة"، أن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 تقدم قريبًا شرح وتخريج هذا الشاهد.
موطن الشاهد: "ثلاث شخوص".
وجه الاستشهاد: كان القياس -أن يقال: ثلاثة شخوص؛ لأن
الشخص مذكر، ولكن التفسير بكاعبان ومعصر؛ وهما مؤنثان- رجع
تأنيثه.
2 حكى النحاة ثلاث لغات في العدد المركب -ما عدا "اثنا
عشر" في المذكر و"واثنتا عشرة" في المؤنث إذا أضيف إلى
مستحقه؛ أي مالكه، وشبهه وإليكها:
الأولى: أن يبقى العدد المركب على حالته التي كان عليها
قبل الإضافة مفتوح الجزأين، ويضاف مجموع العدد المركب إلى
مستحقه؛ فيقال: "هذه أحد عشر زيد"؛ فهذه: مبتدأ، و"أحد
عشر": خبر المبتدأ -مبني على فتح الجزأين في محل رفع-
و"أحد عشر" مضاف، وزيد: مضاف إليه. ويقال: "اشتريت أحد عشر
زيد"؛ ويقال: "بحثت عن أحد عشر زيد" كذلك؛ ولم تؤثر
الإضافة في البناء لسببين: أحدهما: أن هذه الإضافة عارضة،
واستعمالها قليل.
وثانيهما: أن المبني قد يضاف؛ كما في إضافة "كم" إلى
مميزها؛ والعلماء البصريون يوجبون هذا الوجه في استعمال
العدد المركب المضاف إلى مستحقه؛ لأنه المعروف والمشهور في
الاستعمال العربي.
الثانية: معاملة العدد المركب، معاملة المركب المزجي:
فيبقى جزؤه "أحد عشر زيد" بفتح "أحد"، ورفع "عشر"، وخفض
"زيد"؛ كما يقال: "هذه بعلبك"؛ ويقال: "اشتريت أحد عشر
زيد"؛ بفتح "أحد"، ونصب "عشر"؛ كما يقال: دخلت بعلبك،
ويقال: "بحثت عن أحد عشر زيد" بفتح "أحد"، وجر "عشر"، كما
يقال: سكنت في بعلبك؛ إلا أن "بعلبك" ممنوع من الصرف
للعلمية والتركيب؛ فكان جره بالفتحة، واختار هذه اللغة ابن
عصفور، وزعم أنها اللغة الفصحى، وقال الأخفش: إنها لغة
حسنة، وقال سيبويه: هي لغة رديئة.
الثالثة: معاملة العدد المركب، معاملة المركب الإضافي؛
فتجري على الجزء الأول حركات الإعراب، وتجر الجزء الثاني
بالإضافة؛ كما تفعل مع "عبد الله"، ومع "غلام زيد"، وهذه
لغة أجازها الكوفيون، وحكوها عن العرب، وحكاها الأخفش عن
أبي فقعس الأسدي، وابن الهيثم العقيلي. انظر تفصيل ذلك في
التصريح: 2/ 275، والأشموني: 3/ 626، وأوضع المسالك "ط.
دار الفكر": 4/ 258-259.
ج / 4 ص -247-
يضاف إلى مستحق المعدود؛ فيستغنى عن
التمييز؛ نحو: "لهذه أحد عشر زيد"، ويجب -عند البصريين-
بقاء البناء في الجزأين.
وحكى سيبويه الإعراب في آخر الثاني -كما في بعلبك-؛ وقال:
هي لغة رديئة.
وحكى الكوفيون وجهًا ثالثًا؛ وهو أن يضاف الأول إلى
الثاني، كما في عبد الله، نحو: "ما فعلت خمسة عشرك".
وأجازوا -أيضًا- هذا الوجه دون إضافة1؛ استدلالًا بقوله2:
[الرجز]
527- كلف من عنائه وشقوته
بنت ثماني عشرة من حجته3
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ذكر ابن مالك في "شرح التسهيل": أن إعراب العدد المركب؛
كإعراب المتضايفين، لا يجوز في غير حال إضافة العدد إلى
مستحقه، وأن الإجماع منعقد على ذلك؛ وفي دعواه الإجماع على
ذلك فقال؛ فإن الكوفيين حكوه عن العرب في غير حال الإضافة
إلى مستحقه وقالوا به.
الأشموني: 3/ 627، والدرر اللوامع: 2/ 205.
2 ينسب البيت إلى نفيع بن طارق، وقيل: أنشده في أرجوزة
ليست له.
3 تخريج الشاهد: هذا بيت من الرجز، أو بيتان من مشطوره.
وهو من شواهد: التصريح: 2/ 275، والأشموني "1132/ 3/ 627"،
والعيني: 4/ 488، والحيوان للجاحظ: 6/ 463، والمخصص: 14/
92، 17/ 102، والإنصاف: 309، والخزانة: 3/ 105، والهمع: 2/
149، والدرر: 2/ 205.
المفردات الغريبة: كلف: ماض للمجهول بالتشديد -من التكليف
وهو تحمل ما فيه من كلفة ومشقة وقرئ: كلف من الكلف، يقال:
كلف بكذا؛ أي: أولع به، عنائه: العناء: التعب والجهد.
شقوته: شقائه وعسره. من حجته: من عامة ذلك.
المعنى: إن هذا الرجل تحمل وتكلف -لأجل تعبه وشقائه- مشقة
حب بنت سنها ثماني عشرة في عامة ذلك.
الإعراب: كلف: فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل: هو؛
وهو المفعول الأول "من عنائه": متعلق بـ "كلف" وعناءه:
مضاف، والهاء: مضاف إليه. وشقوته: الواو عاطفة، شقوة:
معطوف على عناء، وعناء: مضاف والهاء: مضاف إليه. بنت:
مفعول به ثان؛ لـ "كلف" منصوب، وهو مضاف. ثماني: مضاف
إليه، وهو مضاف، عشرة: مضاف إليه مجرور -على رأي
الكوفيين-. "من حجته": متعلق بـ "كلف"، وحجة: مضاف،
و"الهاء": مضاف إليه =
ج / 4 ص -248-
[جواز صياغة اسم فاعل من اثنين وعشرة وما بينهما]:
فصل: ويجوز أن تصوغ من اثنين وعشرة وما بينهما1: اسم فاعل؛
كما تصوغه من فعل؛ فتقول: ثان، وثالث، ورابع، إلى العاشر2؛
كما تقول: ضارب وقاعد؛ ويجب فيه -أبدًا- أن يذكر مع
المذكر، ويؤنث مع المؤنث؛ كما يجب ذلك مع ضارب ونحوه؛ فأما
ما دون الاثنين؛ فإنه وضع على ذلك من أول الأمر3؛ فقيل:
واحد وواحدة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= مواطن الشاهد: "ثماني عشرة".
وجه الاستشهاد: استشهد به الكوفيون على إضافة صدر المركب
العددي إلى عجزه من دون إضافة "عشرة" إلى شيء آخر؛ وحكم
هذه الإضافة عند الجمهور عدم الجمواز إلا في ضرورة الشعر؛
وعند الكوفيين جوز ذلك مطلقًأ في الشعر، وغيره: انظر
التصريح: 2/ 276، والدرر اللوامع: 2/ 204-205.
فائدتان:
أ- إذا نعت تمييز العدد المركب أو العقد "عشرون وبابه"، أو
المعطوف؛ جاز في هذا النعت: الإفراد مراعاة للفظ المنعوت،
وجاز الجمع مراعاة لمعناه؛ تقول: عندنا خمسة عشر خبيرًا
عالمًا؛ وعشرون مهندسًا ماهرًا، أو ماهرين وخمسة وعشرون
طبيبًا ذكيًا، أو أذكياء. ومراعاة اللفظ أكثر، ومثل النعت
غيره من بقية التوابع.
ب- إذا ميز عدد مركب بشيئين؛ فالحكم لمذكرهما مطلقًا إن
وجد العقل، سواء سبق المذكر أو لا؛ وقع الفصل ببين، أو لا؛
تقول: عندي خمسة عشر طالبًا وطالبة، وخمسة عشر طالبة
وطالبًا، وإن فقد العقل؛ فللسابق بشرط اتصال التمييز
بالعدد؛ نحو: عندي خمسة عشر جملً وناقة، وخمس عشرة ناقة
وجملًا، فن فصل بين العدد والتمييز ببين؛ فالحكم للمؤنث:
نحو: عندي ست عشرة ما بين ناقة وجمل أو ما بين جمل وناقة.
النحو الوافي: 4/ 549-550.
1 الأصل في الاشتقاق: أن يكون -على الأرجح- من المصدر،
وهذه الأعداد أسماء أجناس جامدة، وليست بمصادر؛ فالاشتقاق
سماعي، يقتصر فيه على المسموع؛ مثل قولهم: "تربت يداك"؛ من
التراب، و"استحجر الطين"؛ من الحجر. وقد أجاز المجمع
اللغوي المصري الاشتقاق من الأسماء الجامدة عند الحاجة.
ضياء السالك: 4/ 31.
2 إذا أردت من "ثالث" -مثلًا- معنى جاعل الاثنين ثلاثة؛
كان مشتقًا، من مصدر: ثلثت الاثنين أثلثهما؛ أي: جعلتهما
ثلاثة. وإن أردت أنه واحد من هذه العدة؛ كان مشتقًا، من
اسم العدد الذي هو ثلاثة؛ لأن العرب، لم تستعمل فعلًا، ولا
مصدرًا بهذا المعنى.
التصريح: 2/ 276.
3 أي إنه اسم وليس بوصف. وقال الرضي: "واحد" اسم فاعل، من
وحد يحد وحدًا؛ أي: انفرد؛ فالواحد بمعنى المنفرد؛ أي
العدد المنفرد.
ج / 4 ص -249-
[استعمال اسم الفاعل على سبعة أوجه]:
ولك في اسم الفاعل المذكور أن تستعمله؛ بحسب المعنى الذي
تريده، على سبعة أوجه:
أحدها:
أن تستعمله مفردًا؛ ليفيد الاتصاف بمعناه مجردًا؛ فتقول:
ثالث، ورابع؛ قال1: [الطويل].
528- لستة أعوام وذا العام سابع2
الثاني:
أن تستعمله مع أصله؛ ليفيد أن الموصوف به بعض تلك العدة
المعينة لا غير؛ فتقول: "خمس خمسة" أي: بعض جماعة منحصرة
في خمسة. ويجب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 القائل: هو النابعة الذبياني، وقد مرت ترجمته.
2 تخريج الشاهد: هذا عجز بيت، وصدره قوله:
توهمت آيات لها فعرفتها
وهو من شواهد: التصريح: 2/ 276، والعيني: 4/ 482، والمقتضب:
4/ 322، وسيبويه: 1/ 260، والمقرب: 53، وديوان النابغة:
50.
المفردات الغريبة: توهمت: وقع في وهمي وذهني. آيات: علامات
جمع آية؛ وهي العلامة.
المعنى: توهمت علامات الديار وسكانها؛ من النؤي والأثافي،
وغير ذلك؛ فعرفتها بعد مرور ستة أعوام على تركها، وهذا
العام الذي أنا فيه هو السابع.
الإعراب: توهمت: فعل ماض مبني على السكون؛ لاتصاله بضمير
رفع متحرك، والتاء: في محل رفع فاعل. آيات: مفعول به
منصوب، وعلامة نصبه الكسرة؛ لأنه جمع مؤنث سالم. "لها":
متعلق بصفة محذوفة لـ "آيات". فعرفتها: الفار عاطفة،
عرفتها: فعل ماض مبني على السكون؛ لاتصاله بضمير رفع
متحرك، والتاء: فاعل، و"ها": مفعول به. "لستة": متعلق بـ
"توهمت"، وستة: مضاف. أعوام: مضاف إليه مجرور، وعلامة جره
الكسرة الظاهرة. وذا: الواو عاطفة، ذا: اسم إشارة في محل
رفع مبتدأ. العام: بدل من اسم الإشارة مرفوع، وعلامة رفعه
الضمة الظاهرة. سابع: خبر مرفوع، وعلامة رفعه الضمة
الظاهرة.
موطن الشاهد: "سابع".
وجه الاستشهاد: مجيء "سابع" اسم فاعل مفردًا؛ مأخوذًا من
لفظ "سبعة" مجردًا عن الإضافة؛ ليفيد اتصاف الموصوف بهذا
العدد.
ج / 4 ص -250-
حينئذ إضافته إلى أصله1؛ كما يجب إضافة
البعض إلى كله. قال الله تعالى: {إِذْ أَخْرَجَهُ
الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ}2،
وقال تعالى:
{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ
اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَة}3، وزعم الأخفش وقطرب والكسائي
وثعلب4: أنه يجوز إضافة الأول إلى الثاني ونصبه إياه5، كما
يجوز في "ضارب زيد" وزعم الناظم أن ذلك جائز في "ثان"
فقط6.
الثالث:
أن تستعمله مع ما دون أصله؛ ليفيد معنى التصيير؛ فتقول:
"هذا رابع ثلاثة"؛ أي: جاعل الثلاثة بنفسه أربعة؛ قال الله
تعالى:
{مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ
رَابِعُهُم وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ}7؛ ويجوز -حينئذ- إضافته
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ويكون من إضافة الشيء إلى جزئه؛ والمراد: الوجوب
الإضافي؛ والغرض: منع نصب الوصف؛ ما بني، هو منه -كما
سيأتي عن الأخفش-؛ لأنه اسم جامد بمعنى بعض فلا يعمل
النصب؛ وإلا فإنه يجوز خامس من خمسة مثلًا؛ والفرق بين هذه
الصيغة وما قبلها أنها -هنا- تدل على الاتصاف بالعدد
مزيدًا عليه الدلالة على أنها فرد منه وبعض من كله.
2 سورة التوبة، [الآية: 40].
موطن الشاهد:
{ثَانِيَ اثْنَيْنِ}.
وجه الاستشهاد: إضافة "ثاني" إلى "اثنين" من إضافة الشيء
إلى أصله، و"ثاني": حال من الهاء في "أخرجه" و"اثنين" مضاف
إليه.
3 سورة المائدة، [الآية: 73].
موطن الشاهد:
{ثَالِثُ ثَلاثَةٍ}.
وجه الاستشهاد: وقوع "ثالث" خبرًا لـ "إن"، وهو مضاف إلى
"ثلاثة"، ويجوز أن تنصب "ثلاثة" على أنها مفعول به على رأي
الأخفش ومن معه.
4 مرات ترجمة كل منهم في محلها.
5 فيقال: ثالث ثلاثة -بجر ثلاثة؛ بالإضافة، ونصبها؛ على
أنها مفعول به.
6 حجته: أن لـ "ثان" فعلًا؛ فقد روي أن العرب؛ تقول: ثنيت
الرجلين -إذا كنت الثاني منهما؛ ولا تقول: ثلثت الرجال؛
إذا كنت الثالث منهم؛ وإذا جاز ثنيت الرجلين؛ جاز ثنيت
الاثنين.
التصريح: 2/ 276.
7 سورة المجادلة [الآية: 7].
موطن الشاهد:
{سَادِسُهُمْ}.
وجه الاستشهاد: إضافة "سادس" إلى الضمير العائد إلى
"خمسة"، وكذلك إضافة "رابع" إلى الضمير العائد إلى
"ثلاثة"؛ فكأنه مضاف إليه.
ج / 4 ص -251-
وإعماله1، كما يجوز الوجهان؛ في جاعل،
ومصير، ونحوهما. ولا يستعمل بهذا الاستعمال ثان؛ فلا يقال
"ثاني واحد" ولا "ثان واحدًا" وأجازه بعضهم2، وحكاه عن
العرب.
الرابع:
أن تستعمله مع العشرة؛ ليفيد الاتصاف بمعناه مقيدًا
بمصاحبة العشرة؛ فتقول: "حادي عشر" بتذكيرهما، و"حادية
عشرة" بتأنيثهما، وكذا تصنع في البواقي: تذكر اللفظين مع
المذكر، وتؤنثها مع المؤنث، فتقول: "الجزء الخامس عشر"،
و"المقامة السادسة عشرة"3.
وحيث استعملت الواحد أو الواحدة مع العشرة، أو مع ما فوقها
كالعشرين؛ فإنك تقلب فاءهما إلى موطن لامهما؛ فتصيرها ياء؛
فتقول: حاد وحادية.
الخامس:
أن تستعمله معها؛ ليفيد معنى ثاني اثنين؛ وهو انحصار العدة
فيما ذكر؛ ولك في هذه الحالة ثلاثة أوجه:
أحدها، وهو الأصل: أن تأتي بأربعة ألفاظ: أولها الوصف4
مركبًا مع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 إن كان بمعنى المضي وجبت إضافته، وإن كان بمعنى الحال،
أو الاستقبال؛ جازت إضافته؛ وجاز تنوينه، وإعماله؛ بالشرط
التي سبقت في إعمال اسم الفاعل؛ وإنما عمل الوصف المذكور،
عمل اسم الفاعل؛ بخلاف "فاعل" الذي يراد به معنى أحد ما
يضاف إليه؛ لأن لهذا فعلًا. تقول: ثلثت الرجلين؛ إذا
انضممت إليهما، فصرتم ثلاثة، وكذلك ربعت الثلاثة إلى عشرت
التسعة؛ والمصدر الثالث والربع إلى العشر؛ على وزن الضرب؛
والمضارع على وزن يضرب؛ إلا ما كان لامه عينًا، وهو ربع
وسبع وتسع فمضارعه مفتوح العين، لا مكسورها.
ويقال: كان القوم تسعة عشر فعشرنتهم، وتسعة وعشرين
فثلثتهم؛ أي: صيرتهم عشرين، وثلاثين.. وهكذا إلى 99
فأماميتهم؛ وكذا كانوا 999 فألفتهم فأنا ممئي ومؤلف.
التصريح: 2/ 277، والأشموني: 3/ 632.
2 وهو الكسائي، ورجح بأنه لا مانع من قولك: محمد ثان
واحدًا، أي مصير الواحد اثنين بنفسه.
3 حكم هذا النوع: وجوب فتح الجزأين معًا، ويكونان في محل
رفع، أو نصب، أو جر على حسب حاجة الجملة.
4 وهو صيغة "فاعل" للمذكر، و "فاعلة" للمؤنث.
ج / 4 ص -252-
العشرة، والثالث ما اشتق منه الوصف1 مركبًا
أيضًا مع العشرة، وتضيف جملة التركيب الأول إلى جملة
التركيب الثاني؛ فتقول: "ثالث عشر ثلاثة عشر".
الثاني:
أن تحذف عشر من الأول استغناء به في الثاني؛ وتعرب الأول؛
لزوال التركيب، وتضيفه إلى التركيب الثاني.
الثالث:
أن تحذف العقد من الأول والنيف من الثاني2؛ ولك في هذا
الوجه وجهان؛ أحدهما: أن تعربهما؛ لزوال مقتضى البناء
فيهما؛ فتجري الأول بمقتضى حكم العوامل، وتجر الثاني
بالإضافة، والوجه الثاني: أن تعرب الأول وتبني الثاني؛
حكاه الكسائي، وابن السكيت، وابن كيسان3؛ ووجه أنه قدر ما
حذف من الثاني، فبقى البناء بحاله، ولا يقاس على هذا الوجه
لقلته وزعم بعضهم: أنه يجوز بناؤهما؛ لحلول كل منهما محل
المحذوف من صاحبه؛ وهذا مردود؛ لأنه لا دليل -حينئذ- على
أن هذين الاسمين منتزعان من تركيبين؛ بخلاف ما إذا أعرب
الأول؛ ولم يذكر الناظم وابنه هذا الاستعمال الثالث؛ بل
ذكرا مكانه أنك تقتصر على التركيب الأول باقيًا بناء صدره،
وذكر أن بعض العرب يعربه، والتحرير ما قدمته.
السادس:
أن تستعمله معها لإفادة معنى رابع ثلاثة4؛ فتأتي أيضًا
بأربعة ألفاظ؛ ولكن يكون الثالث منها دون ما اشتق منه
الوصف؛ فتقول: "رابع عشر ثلاثة عشر"؛ أجاز ذلك سيبويه،
ومنعه بعضهم؛ وعلى الجواز؛ فيتعين بالإجماع أن يكون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي: العدد الأصلي؛ وهو: أحد واثنان وثلاثة بالتاء إلى
تسعة في التذكير وبالعكس في التأنيث؛ أما الثاني والرابع؛
فهو العشرة.
2 فيحذف من المركب الأول عجز؛ وهو "عشر"؛ ومن المركب
الثاني صدره؛ وهو صيغة "فاعل"، وتكون صيغة "فاعل" مطابقة
لمدلولها؛ فيذكران مع المذكر، ويؤنثان مع المؤنث.
3 ابن السكيت: هو يعقوب بن إسحاق النحوي، وابن كيسان: هو
محمد بن إبراهيم، وقد مرت ترجمتهما.
4 أي: فيستعمل مع العدد الأقل مباشرة من العدد الأصلي الذي
اشتقت منه الصيغة؛ ليفيد معنى التصيير والتحويل، وجعل
الأقل مساويًا لما فوقه.
ج / 4 ص -253-
التركيب الثاني في موضع خفض1؛ ولك أن تحذف
العشرة من الأول3، وليس لك مع ذلك أن تحذف النيف من الثاني
للإلباس3.
السابع:
أن تستعمله مع العشرين وأخواتها؛ فتقدمه، وتعطف عليه العقد
بالواو4.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي بإضافة التركيب الأول إليه، ولا يجوز أن ينصب مفعولًا
به، وإن كان الوصف بمعنى: "جاعل"؛ لأن اسم الفاعل الذي
ينصب المفعول؛ لا بد من أن يكون منونًا، أو مبدوءًا بأل؛
وهذان ممتنعان مع التركيب؛ أما التركيب الأول فمبني على
فتح الجزأين.
2 فتقول: هذا رابع ثلاثة عشر. ويعرب الوصف -حينئذ- على حسب
العوامل، أو يبنى بنية العجز، ويضاف إلى التركيب الثاني لا
غير.
التصريح: 2/ 278.
3 أي: إلباس الوصف بمعنى "جاعل" بالوصف بمعنى بعض؛ فتقول:
رابع عشر بفتحتهما؛ لأن هذا يلبس، بما ليس أصله تركيبين.
4 دون غيرهما من حروف العطف؛ فتقول: الواحد والعشرون،
والحادي والعشرون، والواحد والعشرون والحادية والعشرون،
والثاني والثانية والثلاثون... إلخ، ولا يجوز حذف الواو؛
فلا يقال: حادي عشرون. كما يقال: حادي عشر. ويعرب المعطف
عليه بالحركات -على حسب العوامل- ويتبعه المعطوف في
الإعراب؛ ولكنه يعرب الحروف؛ كجمع المذكر السالم.
فائدة:
يؤرخ بالليالي لسبقها؛ فيقال في أول الشهر: كتب لأول ليلة
منه -أو لغرته أو مهله- أو مستهله؛ ويقال في ليلة التاسع
والعشرين ويومه: لليلة بقيت، وفي ليلة الثلاثين ويومه:
لآخر ليلة منه -أو سراره- أو سرره- أو سلخه- أو انسلاخه.
ويقولون للعشر وما دونها: خلون وبقين، ولما فوق العشرة:
خلت وبقيت. وفي النص: للنصف من كذا، أو منتصفه، أو
انتصافه.
الأشموني: 3/ 632. |