أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك

ج / 4 ص -317-        [باب التصغير1]:
هذا باب التصغير.
1 هو لغة التقليل، واصطلاحا: تغيير مخصوص بتحويل الاسم المعرب إلى الصيغ التي ذكرها المصنف. وأغراضه كثيرة ترجع غالبا للتحقير والتقليل، منها: تصغير ما يتوهم كبره كجبيل، وتحقير ما يتوهم عظمه كأسيد، وتقليل ما يتوهم كثرته كدريهمات، وتقريب ما يتوهم بعد زمنه أو محله أو قدره كقبيل المغرب وفويق الجبل، وأصيغر منك. ومنها التعظيم عند الكوفيين كقول بعض العرب: "أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب" وجذيل تصغير جذل، وهو عود ينصب للإبل الجربى لتحتك به. والمحكك: الذي كثر الاحتكاك به.
ومعناه: أنا ممن يستشفي برأيه كما تستشفي الإبل الجربى بالاحتكاك بهذا العود: وعذيق تصغير عذق، وهو النخلة بحملها. والمرجب: المعظم، أو من الرجبة، وهي أن تحاط النخلة الكريمة بحجارة، أو حشب، أو شوك حفظا لها، ولئلا يرقى إليها.
ومنها عند بعضهم التحبب والتدليل، كيا بني ويا أخي والترخم كمسيكين.
ويشترط في المصغر:
أ- أن يكون اسما؛ فلا يصغر الفعل، ولا الحرف؛ لأن التغيير وصف في المعنى، والفعل، والحرف لا يوصفان، وشذ تصغير فعل التعجب، كما سيأتي: وكذا لا تصغر الأسماء العاملة عمل الفعل؛ لأن تصغيرها، يبعدها عن شبه الفعل الذي عملت لأجله، ما عدا رويدا.
ب- أن يكون غير متوغل في شبه الحرف، فلا تصغر المضمرات ولا من و"كيف" ونحوهما.
ج- أن يكون خاليا من صيغ التصغير وشبهها، بألا تكون صيغته على هيئة صيغة المصغر، فلا يصغر، نحو: كميت ومهيمن.
د- أن يكون قابلا للتصغير، فلا تصغر الأسماء المعظمة شرعا، مرادا بها، مسمياتها الأصلية، كأسماء الله، وأنبيائه وملائكته وكتبه، والمصحف والمسجد؛ لأن تصغيرها ينافي تعظيمها ولا جمع الكثرة، ولا "كل" وبعض" ولا أسماء الشهور، والأسبوع؛ لأنها موضوعة لأزمة مخصوصة، ولا غير، وسوى والبارحة، والغد الأشموني: 3/ 705- 706.
وانظر التصريح: 2/ 317- 318.

 

ج / 4 ص -318-        [أبنية التصغير وشروطها]:
وله ثلاثة أبنية1 فعيل، وفعيعل، وفعيعيل، كفليس، ودريهم، ودنينير.
وذلك لأنه لا بد في كل تصغير من ثلاثة أعمال: ضم الأول، وفتح الثاني2، واجتلاب ياء ساكنة ثالثة، ثم إن كان المصغر ثلاثيا، اقتصر على ذلك وهي بنية فعيل كفليس ورجيل، ومن ثم لم يكن نحو: زميل3، ولغيزي تصغيرا؛ لأن الثاني غير مفتوح والياء غير ثالثة، وإن كان متجاوزا للثلاثة، احتيج إلى عمل رابع، وهو كسر ما بعد ياء التصغير، ثم إن لم يكن بعد هذا الحرف المكسور حرف لين قبل الآخر؛ فهي بنية فعيعل كقولك في جعفر: جعيفر، وإن كان بعده حرف لين قبل الآخر، فهي بنية فعيعيل، لأن اللين الموجود قبل آخر المكبر، إن كان ياء، سلمت في التصغير، لمناسبتها للكسرة، كقنديل وقنيديل، وإن كان واوا، أو ألفا، قلبا ياءين لسكونهما، وانكسار ما قبلهما، كعصفور وعصيفير، ومصباح ومصيبيح.
ويتوصل في هذا الباب إلى مثالي فعيعل وفعيعل بما يتوصل به في باب الجمع إلى مثالي فعالل وفعاليل، فتقول في تصغير: سفرجل وفرزدق ومستخرج، وألندد، ويلندد، وحيزبون: سفيرج، وفريزد أو فريزق، ومخيرج، وأليد، ويليد، وحزيبين، وتقول في سرندي وعلنيد: سريند وعليند أو سريد وعليد.
ويجوز لك في بابي التكسير والتصغير: أن تعوض مما حذفته ياء ساكنة قبل الآخر، إن لم تكن موجودة فتقول: سفيريج وسفاريج، بالتعويض، وتقول في تكسير آخر نجام وتصغيره: حراجيم وحريجيم، ولا يمكن التعويض، لاشتغال محله بالياء المنقلبة عن الألف.
وما جاء في البابين، مخالفا لما شرحناه فيهما، فخارج عن القياس، مثاله في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 وزن المصغر بهذه الأبنية اصطلاح خاص بهذا الباب، اعتبر فيه مجرد اللفظ من غير مقابلة أصلي بأصلي، وزائد بمثله تقليلا للأزوان، وليس جاريا على اصطلاح الصرفيين
2 أي: ولو تقديرا، بأن كان الأول مضموما كغراب، أو الثاني مفتوحا كغزال.
3 هو الجبان الضعيف.

 

ج / 4 ص -319-        التكسير: جمعهم مكانا على أمكن1، ورهطا وكرعا: على أراهط، وأكارع2، وباطلا وحديثا: على أباطيل، وأحاديث3، ومثاله في التصغير تصغيرهم مغربا وعشاء على مغيربان وعشيان4، وإنسانا وليلة: على أنيسيان وليلية5، وورجلا على رويجل، وصبية وغلمة وبنون: على أصيبية وأغيلمة وأبينون، وعشية: على عشيشية6.
[ما يستثنى من كسر ما بعد ياء التصغير]:
فصل: واعلم أنه يستثنى من قولنا: "بكسر ما بعد ياء التصغير فيما تجاوز الثلاثة" أربع مسائل:
أحدها: ما قبل علامة التأنيث7، وهي نوعان: تاء كشجرة، وألف، كحبلى.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 والقياس، أكون بحذف الميم الزائدة وإبقاء عين الكلمة؛ ولكنه حذفها لشبهها بالزائد، وفيه شذوذ آخر وهو أن "مكان" مذكر، وقياس جمعه "أفعلة".
2 القياس فيهما: رهوط وأرهط وكرع، وأكرع. والرهط: ما دون العشرة من الرجال ليس فيهم امرأة، والكراع: مستدق الساق يذكر ويؤنث. وقد جاء من ذلك، قول الشاعر:

يا بؤس للحرب التي                         وضعت أراهط فاستراحوا

وقد قال قوم: إنهم جمعوا رهطا، على أرهط، كأفلس، ثم جمعوا الأرهط، على الأراهط. الأشموني 3: 708.
3 والقياس: بواطل، وأحدثه.
4 والقياس: مغيرب وعشية بإسقاط الألف والنون.
5 والقياس: أنيسان أو أنيسين ولييلة بإسقاط الياء منهما.
6 والقياس فيها رجيل وصبية وغليمة وبنيون وعشية. وقيل: إن هذه الألفاظ، مما استغنى فيها بتصغير، وجمع مهمل عن تصغير وجمع مستعمل فيكون مغيريان وما بعده؛ كأنه تصغير مغربان وعشيان وأنيسان، وليلاة ورجل وأصبية وأغلمة وابنون واختاره في التسهيل.
التصريح: 2/ 319، والأشموني: 3/ 708.
7 أي: بشرط اتصالها به، كما مثل المصنف؛ فإن فصل ما بعد الياء منها، كسر، على الأصل، كحنيظلة ودحيرجة.

 

ج / 4 ص -320-        الثانية: ما قبل المدة الزائدة قبل ألف التأنيث، كحمراء 1.
الثالثة: ما قبل ألف أفعال، كأجمال وأفراس.
الرابعة: ما قبل ألف فعلان الذي لا يجمع على فعالين2، كسكران وعثمان.
فهذه المسائل الأربع، يجب فيها أن يبقى ما بعد ياء التصغير3 مفتوحا، أي: باقيا على ما كان عليه من الفتح التصغير، تقول: شجيرة، وحبيلى، وحميراء، وأجيمال، وأفيراس، وسكيران، وعثيمان4، وتقول في سرحان وسلطان: سريحين وسليطين؛ لأنهم جمعوهما على سراحين وسلاطين.
[ما يستثنى من الحذف لأجل التصغير].
فصل: ويستثنى أيضا من قولنا: "يتوصل إلى مثال فعيعل وفعيعيل" بما يتوصل به من الحذف إلى مثال مفاعل ومفاعيل ثماني مسائل، جاءت في الظاهر، على غير ذلك؛ لكونها مختومة بشيء، قدر انفصاله عن البنية، وقدر التصغير واردا على ما قبل ذلك الشيء، وذلك ما وقع بعد أربعة أحرف، من ألف التأنيث ممدودة، كقرفصاء، أو تائه، كحنظلة، أو علامة نسب، كعبقري5، أو ألف ونون زائدتين،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يؤخذ من هذا أن الألف الممدودة في نحو: "حمراء" ليست علامة التأنيث؛ وإنما العلامة: الألف التي انقلبت همزة، وهو الصحيح عند البصريين.
2 سواء أكان علما، أم صفة، مفتوح الفاء أم مكسورها، أم مضمومها بشرط أن تكون الألف والنون زائدتين، وألا يكون مؤنثه على فعلاته فخرج ما نونه أصلية كحسان من الحسن، فتصغيره، حسين والقياس: حسين، ونحو، سيفان؛ فإنه مؤنثه: سيفانه، فيقال فيه: سييفين.
3 أما فتح ما قبل التأنيث فللخفة، وأما ما قبل ألف التأنيث والألف الممدودة فلبقائهما على حالهما، إذ لو كسر ما قبلهما، لزم انقلابهما ياء؛ فتذهب صورة العلامة. وأما ما قبل ألف فعلان، فللمحافظة على الجمع، وأما ما قبل الألف والنون، فلمشابهتهما بألفي التأنيث واعلم أن تقييد الألف بالتأنيث، ليخرج ما ألفه للإلحاق، مقصورة، أو ممدودة، كعزهى وعلباء، فيقال في تصغيرهما: عزبة، وعليب بكسر ما بعد ياء التصغير، مع التنوين فرقا بين الإلحاق والتأنيث.
4 لأنهم لم يجمعوا هذه الألفاظ على "فعالين".
5 نسبة إلى "عبقر"، تزعم العرب أنه اسم بلد الجن، فينسبون إليه كل شيء عجيب. والعبقري: السيد، والكامل من كل شيء.

 

ج / 4 ص -321-        كزعفران وجلجلان1، أو علامة تثنية، كمسلمين، أو علامة جمع تصحيح للمذكر، كجعفرين أو للمؤنث، كمسلمات، وكذلك عجز المضاف، كامريء القيس، وعجز المركب، كبعلبك2.
فهذه كلها ثابتة في التصغير، لتقديرها منفصلة، وتقدير التصغير واقعا على ما قبلها3، وأما في التكسير، فإنك تحذف، فتقول: قرافص، وحناظل، وعباقر، وزعافر، وجلاجل، ولو ساغ تكسير البواقي4، لوجب الحذفن إلا أن المضاف يكسر بلا حذف، كما في التصغير، تقول: امرؤ القيس، كما تقول: اميرئ القيس؛ لأنهما كلمتان، كل منهما ذات إعراب يخصهان فكان ينبغي للناظم أن لا يستثنيه.
[حكم ألف التأنيث عند التصغير].
فصل: وتثبت ألف التأنيث الممقصورة، إن كانت رابعة، كحبلى، وتحذف إن كانت سادسة، كلغيزى5، أو سابعة، كبردرايا6، وكذا الخامسة إن لم يتقدمها مدة، كقرقرى7، فإن تقدمتها مدة، حذفت أيهما شئت، كحبارى وقريثا8، تقول: حبيرى أو حبير، وقريثا أو قريث.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الجلجلان، ثمر الكزبرة وحب السمسم.
2 ومثلهما العددي، والمختوم بويه. أما المركب الإسنادي، كتأبط شرا فلا يصغر.
3 تقول: قريفصاء وحنيظلة، وعبيقري، وزعيفران، وجليجلان ومسيليمين، وجعيفرين، أو جعيفرون، ومسيلمات، واميرؤ القيس، وبعيلبك؛ وإنما لم تحذف ألف التأنيث الممدودة وتاؤه، وعلامة النسب.... إلخ؛ لأنها نزلت منزلة كلمات مستقلة؛ فلو حذفت، التبس تصغير ما هي فيه بتصغير المجرد منها.
4 وهي التثنية، والجمعان، والمضاف، وصدر المركب.
5 اسم للغز وهو الكلام المعمي، وأصله حجر اليربوع تقول في تصغيره: لغيغيز ويصح زيادة تاء التأنيث للتعويض، فيقال: لغيغيزة.
6 اسم موضع ووزنه فعلعايا، ويقال في تصغيره: "بريدة"، وقد حذفت ألف التأنيث، ثم الألف والياء، لزيادتهما.
7 اسم موضع، وتصغيره: قريقر؛ وإنما وجب الحذف في الخامسة فصاعدا؛ لأن بقاءها يخرج البناء عن صيغة "فعيعل" أو "فعيعيل".
8 نوع من التمر، وهو أطيب التمر بسرا. ويجوز فيه المد.

 

ج / 4 ص -322-        [حكم تصغير ما ثانيه لين].
فصل: وإن كان ثاني المصغر لينا منقلبا عن لين رددته إلى أصله، فترد ثاني نحو: "قيمة، وديمة، وميزان، وباب" إلى الواو1، ويرد ثاني نحو: "موقن، وموسر وناب" إلى الياء2، بخلاف ثاني، نحو: "متعد" فإنه غير لين، فيقال: متيعد3، لا مويعد، خلافا للزجاج والفارسي4، وبخلاف ثاني، نحو: "آدم" فإنه عن غير لين5، فتقلب واوا، كالألف الزائدة من نحو: ضارب والمجهولة الأصل، كصاب6، وقالوا في عيد: عييد، شذوذا7، كراهية لا لتباسه بتصغير عود، وهذا الحكم ثابت في التكسير الذي يتغير فيه الأول، كموازين، وأبواب، وأنياب، وأعواد بخلاف نحو: قيم وديم8.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لأنها الأصل المنقلب عنه؛ إذ الأصل: قومه من القوام، ودومة من الدوام، وموازن من الوزن، وبوب قلبت الواو ياء في الثلاثة الأولى، لسكونها وكسر ما قبلها وألفا في الرابع لتحركها وانفتاح ما قبلها، تقول في تصغيرها قويمة ودويمة ومويزين وبويب
2 لأن أصلها الياءن فأصل موقن: ميقن من اليقين، وموسر: ميسر من اليسر، وناب نييب، بدليل الجمع على أنياب؛ قلبت الياء واوا في الأولين، لكونها إثر ضمة، وألفا في "الثالث" لتحركها، وانفتاح ما قبلها تقول في تصغيرها: مييقن ومييسر ونييب.
3 بإبقاء التاء الأولى المبدلة من الواو التي هي فاء الكلمة، وحذف تاء الافتعال. ومتعد: اسم فاعل من اتعد بمعنى مواعد، وأصله، موتعد قلبت الواو تاء، وأدغمت التاء في التاء.
4 فإنهما يردانه إلى أصله، لزوال موجب قلبها، وهو تاء الافتعال والصحيح الأول، وهو مذهب سيبويه التصريح: 2/ 321.
5 لأنه عن همزة قبلها همزة؛ إذ أصله: آدم قلبت الثانية ألفا، لسكونها إثر فتحة فتصغر على: أو يدم، بقلب التأنيث واوا، ولا ترجع إلى أصلها الهمزة.
6 اسم شجر مر، وهو جمع، والمفرد: صابة، ومثله: عاج، تقول في تصغيرهما: صويب وعويج.
7 والقياس عويد بالواو وردا إلى أصلها لأنه من عاد يعود.
8 لأن الكسرة التي كانت في أول المفرد، وهو قيمة وديمة، لا تزال في الجمع كما كانت وهي التي اقتضت قلب الواو ياء.
تنبيه: إذا صغر اسم مقلوب صغر على لفظه لا على أصله، تقول في "جاه" من الوجاهة جويه.

 

ج / 4 ص -323-        [حكم تصغير ما حذف أحد أصوله]:
فصل: وإذا صغر ما حذف أحد أصوله، وجب رد محذوفه إن كان قد بقي بعد الحذف على حرفين، نحو: كل وخذ ومذ، أعلاما1، وسه ويد وحر2، تقول: أكيل وأخيذ، برد الفاء، ومنيذ وستيهة، برد العين، ويدية وحريج برد اللام3.
وإذا سمي بما وضع ثنائيا؛ فإن كان ثانيه صحيحا، نحو: هل وبل، لم يزد عليه شيء حتى يصغر، فيجب أن يضعف4، أو يزاد عليه ياء5، فيقال: هليل أو هلي، وإن كان معتلا، وجب التضعيف قبل التصغير6 فيقال في لو وكي وما أعلاما لو وكي، بالتشديد وماء بالمد؛ وذلك لأنك زدت على الألف7 ألفا، فالتقى ألفان، فأبدلت الثانية همزة، فإذا صغرت أعطيت حكم دو وحي وماء،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 إنما قال أعلاما ليصح تصغيرها إذ لا يصغر إلا الاسم المتمكن.
2 سه أصله: سته وهو الدبر، وحر أصله حرح، وهو الفرج، حذفت الحاء لاستثقالها بعد راء ساكنة.
3 ومن الباقي على حرفين: الثلاثي الذي حذف منه حرفان وبقي حرف واحد ضمت إليه هاء السكت وجوبا، نحو: قه علما أمر من وقى فقد حذفت منه الفاء واللام، وره أمر من رأي؛ فقد حذفت منه العين واللام؛ فعند التصغير، يرد المحذوف، تقول: وقي ورؤي. ويسري هذا الحكم على الثلاثي الذي حذفت بعض أصوله، وعوض عنها تاء التأنيث، نحو: عدة وسنة علمين فيقال في تصغيرهما وعيد بإرجاع الفاء المحذوفة، وسنية أو سنيهة، بإرجاع اللام المحذوفة. ولا يمنع وجود التاء من رد المحذوف، وهذه التاء للتأنيث وليس عوضا، ومما حذفت لامه الأصلية وعوض عنها تاء التأنيث: "بنت وأخت"، تقول في تصغيرهما: بنية وأخية برد المحذوف.
4 ويكون أحد المضعفين قبل ياء التصغيرن والآخر بعدها فتتوسط بينهما.
5 أي: بعد ياء التصغير، ويكون ذلك بتضعيف ياء التصغير نفسها، وهذا أحسن، والحامل على ذلك الوصول إلى بناء "فعيل"، ثم يتحرك الحرف الذي يلي ياء التصغير بالحركة الإعرابية المناسبة للجملة.
6 قيل لئلا يلزم إثبات اسم معرب على حرفين، آخره حرف لين متحرك، وهذا لا نظير له بخلاف ما إذا كان ثانية صحيحا؛ فإن له نظيره من الأسماء المعربة مثل يد ودم.
7 الدو: البادية والفلاة الواسعة. والحي: القبيلة، والجمع: أحياء.

 

ج / 4 ص -324-        فتقول: لويّ، كما تقول: دوي، وأصلها: لويو ودويو1 وتقول: كيي، بثلاث ياءات2، كما تقول: حيي، وتقول: موي3، كما تقول في تصغير الماء المشروب: مويه؛ إلا أن هذا لامه هاء فرد إليها4.
[تصغير الترخيم].
فصل: وتصغير الترخيم أن تعمد إلى ذي الزيادة الصالحة للبقاء فتحذفها، ثم توقع التصغير على أصوله5، ومن ثم لا يتأتي في نحو: جعفر، وسفرجل، لتجردهما، ولا في نحو: متدحرج ومحرنجم، لامتناع بقاء الزيادة فيهما، لإخلالها بالزنة6 ولم يكن له إلا صيغتان وهما: فعيل7، كحميد في أحمد وحامد ومحمود وحمدون وحمدان8، وفعيعل9: كقريطس، لا فعيعيل؛ لأنه ذو زيادة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 فاجتمعت الواو والياء، وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء، ثم أدغمت الياء في الياء.
2 الأولى أصلية، والثانية للتصغير والثالثة للتضعيف.
3 أي: بإبدال الهمزة ياء، وإدغامها في ياء التصغير.
4 وأصله: "موه" قلبت الواو ألفا على القاعدة، ثم الهاء همزة سماعا، على غير قياس؛ فصار "ماء" فعند التصغير، يرجع كل إلى أصله.
ويعتبر الاسم ثنائيا، إذا كانت حروفة ثلاثة، أولها همزة وصل، نحو: ابن. واسم.... إلخ، فتحذف همزة الوصل، عند تصغيره، ويرد المحذوف، فتقول: بني وسمي.
5 ما ذكره المصنف طريقته.. أما تعريفه فهو: تصغير الاسم، بعد تجريده من الزوائد الصالحة للبقاء.
6 أي: في تصغير غير الترخيم، فلا يسمى تصغيرهما على دحيرج وحريجيم: تصغير ترخيم؛ لأن الحذف واجبل لغيره؛ فعلم من هذا أنه يشترط أمران: أن يكون في الاسم زيادة، وأن تكون هذه الزيادة صالحة، للبقاء في تصغير غير الترخيم
7 للثلاثي الأصول، إذا كان مسماه مذكرا؛ فإن كان مؤنثا، لحقته التاء إلا إذا كان وصفا خاصا بالمؤنث، كحائض، وطالق فلا تلحقه تقول: حييض وطليق.
8 ويكون التمييز بينهما ومعرفة ما كانت عليه قبل التصغير، بالقرائن التي تمنع اللبس.
9 للرباعي الأصول. وإذا أريد تصغير مثل: إبراهيم، وإسماعيل، تصغير ترخيم فالقياس عند سيبويه، أن يقال: بريهم، وسميعل، بحذف الزوائد، وهي الهمزة، والألف، والياء. وعند غيره أبيره: وأسيمع؛ لأن الهمزة عندهم أصلية، وسمع ترخيمهما على بريه وسميع، وهو شاذ؛ لأن فيه حذف أصلين وزائدين، والأصول، لا يحذف منها غير واحد، وبغير الترخيم. بريهم وسميعيل. قياسا عند سيبويه. وعند غيره أبيريه وأسيميع ورأي سيبويه أوضح وأصح.
ولا يختص تصغير الترخيم بالأعلام خلافا للفراء وثعلب.
التصريح 2/ 323، الأشموني: 3/ 719.

 

ج / 4 ص -325-        [لحوق تاء التأنيث تصغير المؤنث العاري منها]:
فصل: وتلحق تاء التأنيث تصغير ما لا يلبس من مؤنث عار منها، ثلاثي في الأصل وفي الحال، نحو "دار وسن وعين وأذن"1، أو الأصل دون الحال، نحو: "يد"2، وكذا إن عرضت ثلاثيته بسبب التصغير 3، كسماء مطلقا وحمراء وحبلى مصغرين تصغير الترخيم4، بخلاف نحو: شجر وبقر، فلا تلحقهما التاء فيمن أنثهما، لئلا يلتبسا بالمفرد، وبخلاف نحو: خمس وست، لئلا يلتبسا بالعدد المذكر5، وبخلاف، نحو: زينب وسعاد، لتجاوزهما للثلاثة6، وشذ ترك التاء في تصغير حرب وعرب ودرع ونعل ونحوهن7، مع ثلاثيتهن، وعدم اللبس، واجتلابهما في تصغير وراء وأمام وقدام، مع زيادتهن على الثلاثة8.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يقال في تصغيرهما: دويرة وسنينة وعيينة وأذينة ويستمر هذا الحكم بعد التسمية، ومن ذلك: عمرو بن أذينة وعيينة بن حصن.
2 أصلها: يدي حذفت اللام تحفيفا فيقال في تصغيرهما يديّة.
3 يدخل تحت نوعان أحدهما ما كان رباعيا بمدة قبل لام معتلة، نحو: سماء، تقول في تصغيره: سمية؛ لأن أصله سميي بثلاث ياءات الأولى للتصغير، والثانية بدل المدة، والثالثة بدل لام الكلمة، وهي الواو المنقلبة همزة؛ لأنه من سما يسمو حذفت إحدى الياءين الأخيريتين، لتوالي الأمثال؛ فبقي ثلاثيان فتلحقه التاء.
والثاني: ما صغر تصغير ترخيم، مما أصوله ثلاثة، نحو: حمراء، وحبلى، تقول: حميرة وحبيلة.
4 وتصغيرهما في غير الترخيم: حميراء وحبيلي، ولا تلحقهما التاء؛ لأنه لا يجمع بين علامتي تأنيث.
5 أي: المصغر أيضا ومثل خمس: بضع وعشر فيقال فيهما بضيع وعشير.
6 فيقال فيهما: زينب وسعيد بلا تاء.
7 كذوذ، وقوس، وعرس، وناب، وفرس لأنثى ونصف "للمرأة المتوسطة بين الصغر والكبر"، وقد أنهاها المتأخرون إلى عشرين لفظا.
8 فقيل في تصغيرهما وريئة وأميمة وقديديمة، والقياس، حذف التاء.

 

ج / 4 ص -326-        [ما يصغر من غير المتمكن]:
فصل: ولا يصغر من غير المتمكن إلا أربعة: أفعل في التعجب1، والمركب المزجي2، كبعلبك وسيبويه في لغة من بناهما، وأما من أعربهما فلا إشكال، وتصغيرهما تصغير المتمكن، نحو: ما أحيسنه وبعيلبك وسيبويه، واسم الإشارة، وسمع ذلك منه في خمس كلمات هي: ذا وذان وتان وأولاء والاسم الموصول، وسمع ذلك منه أيضا في خمس كلمات، وهي: الذي، والتي وتثنيتهما وجمع الذي ويوافق تصغير المتمكن في ثلاثة أمور، اجتلاب الياء الساكنة والتزام كون ما قبلهما مفتوحا، ولزوم تكميل ما نقص منها عن الثلاثة، ويخالفنه في ثلاثة أيضا، بقاء أولها على حركته الأصلية3، وزيادة ألف في الآخر عوضا من ضم الأول4، وذلك في غير المختوم بزيادة تثنية أو جمع5، وأن الياء قد تقع ثانية، وذلك في "ذات وتا" تقول: ذيا وتيا، والأصل: ذييا وتييا6 فحذفت الياء الأول7 وذيان وتيان وتقول: أوليا، بالقصر في لغة من قصر، وبالمد في لغة من مد، وتقول: اللذيا، واللتيا، واللذيان، واللتيان، واللذيون9، وإذا أردت

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 وعليه ورد قول الشاعر:

يا ما أميلح غزلانا شدن لنا                    من هوليائكن الضال والسمر

2 سواء كان علما، كنفطويه، أو عدديا، كأحد عشر، ويكون التصغير والتغيير على صدوره من دون عجزه؛ فيقال: نفطويه وأحيد عشر.
3 من فتح "كالذي والتي وذواتا"، أو ضم "كأولى وأولاء"؛ وذلك تنبيها على الفر ق بين تصغير المتمكن وغيره.
4 أي: الضم الذي كان ينبغي أن يجتلب للتصغير؛ فلا يرد أن أوليا وأولياء، زيدت فيهما ألف مع ضم أولهما ولا يجمع بين العوض والمعوض؛ لأن الضمة أصلية فيهما.
5 أما فيه فلا تعويض عن ضم الأول لطوله بالزيادة التي للتثنية أو الجمع.
6 الياء الأولى عين الكلمة والثانية للتصغير والثالثة: لام الكلمة المنقلبة عن الألف.
7 للتخفيف، ولم تحذف الثانية؛ لأنه جيء بها لمعنى والثالثة لئلا يلزم فتح ياء التصغير لمناسبة الألف وهي لا تحرك لشبهها بألف التكسير.
8 في تصغير "أولاء".
9 اي: في حالة الرفع، وفي حالة النصب والجر: اللذين بضم ما قبل الواو، وكسر ما قبل الياء، وهذا قول سيبويه؛ لأنه يرى أن الألف، حذفت تخفيفا؛ كما في التثنية فكأنه لا

 

ج / 4 ص -327-        تصغير "اللاتي"؛ صغرت التي فقلت: اللتيا؛ ثم جمعت بالألف والتاء؛ فقلت: اللتيات؛ واستغنوا بذلك عن تصغير اللاتي واللائي على الأصح.
ولا يصغر "ذي" اتفاقا؛ للإلباس1، ولا "تي" للاستغناء بتصغير "تا"؛ خلافا لابن مالك2.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي: بتصغير "ذا".
2 إذ يقول في النظم: منها: "تا، وتي"، وقد نص النحاة على أنهم، لم يصغروا من ألفاظ المؤنث إلا "تا" خاصة.
فوائد وتوجيهات:
أ- يصغر اسم الجنس واسم الجمع على لفظهما؛ لشبههما بالواحد؛ فيقال: قويم ونفير، ورهيط. في "قوم.. ونفر، ورهط"، وكذلك تصغر جموع القلة؛ فيقال: أجيمال، وفتية -وفي إجمال وفتية. أما جمع الكثرة؛ فلا يصغر؛ لأن ذلك، يتعارض مع المفهوم من التصغير. وإذا أريد تصغيره -صغر المفرد، ثم جمع بالواو والنون للمذكر العاقل؛ فيقال في غلمان: غليمون. وبالألف والتاء للمؤنث، وللمذكر غير العاقل؛ تقول في: جوار، ودراهم: جويريات -ودويهمات.
ب- إذا وقع بعد ياء التصغير حرف مشدد، يجوز قلبها ألفا للتخفيف؛ كما في دويبة: تصغير دابة؛ فيقال: دوابة؛ وذلك مقصور على السماع.
ج- الاسم المصغر ملحق بالمشتق؛ لأن التصغير -كما ذكرنا- يتضمن وصفا في المعنى، فيصح وقوعه نعتا... إلخ؛ مما يغلب عليه الاشتقاق.
الأشموني: 3/ 723-724.