أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك ج / 4 ص -344-
[باب الوقف1]:
هذا باب الوقف.
الوقف وأنواعه:
إذا وقفت على منون2؛ فأرجح اللغات وأكثرها أن يحذف تنوينه
بعد الضمة والكسرة3؛ كـ"ـهذا زيد"، و"مررت بزيد"، وأن يبدل
ألفا بعد الفتحة: إعرابية كانت؛ كـ"ـرايت زيدا"، أو
بنائية، كـ"إيها" و"ويها"4.
[الوقف على
إذن]:
وشبهوا "إذن" بالمنون المنصوب؛ فأبدلوا نونها في الوقف
ألفا؛ هذا قول
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هو قطع النطق عند آخر الكلمة؛ إما لتمام الغرض من
الكلام، أو لتمام النظم في الشعر، أو السجع في النثر
وأنواعه كثيرة، أشهرها ثلاثة: الاختياري، والاضطراري،
والاختباري؛ الأول: الاختيارين ويرجع إلى ثمانية أنواع من
التغيير غالبا؛ وهي الزيادة، والحذف، والإسكان، والنقل،
والتضعيف، والروم، والإشمام، والبدل. الثاني: الاضطراري:
وهو الذي لا يقصد أصلا؛ بل يضطر إليه الإنسان عند قطع
النفس. الثالث: الاختباري: وهو الذي لا يقصد لذاته؛ بل
يقصد به الاختبار الشخصي؛ هل يحسن الشخص الوقوف على نحو:
{عَمَّ}، و{فِيمَ} و{أَمَّا اشْتَمَلَتْ} و{أَلَّا يَسْجُدُوا} بالتخفيف، ونحو ذلك مما يتوهم أنه لفظ واحد؛ وهو في الواقع أكثر؟
أو لا والنوع الأول هو المراد هنا، والمقصود في هذا الباب.
التصريح: 2/ 338، الأشموني: 3/ 747-748.
2 الموقوف عليه إما أن يكون منونا، أو غير منون؛ فإذا وقف
على منون -غير مؤنث بالتاء- ففيه ثلاث لغات: ذكر المصنف
إحداهن، وهي الفصحى، والثانية: الوقف عليه بحذف التنوين
وسكون الآخر مطلقا؛ وهي لغة ربيعة غالبا. والثالث: الوقف
بإبدال التنوين ألفا بعد الفتحة -وواوا بعد الضمة- وياء
بعد الكسرة؛ وهي لغة الأزد. أم المؤنث بالتاء، فسيأتي حكمه
قريبا.
3 ويسكن ما قبل التنوين.
4 معنى "أيها": انكفف، ومعنى "ويها": أعجب.
ج / 4 ص -345-
الجمهور؛ وزعم بعضهم: أن الوقف عليها
بالنون1؛ واختاره ابن عصفور، وإجماع القراء السبعة على
خلافه2.
[الوقف على هاء
الضمير]:
وإذا وقف على هاء الضمير؛ فإن كانت مفتوحة؛ ثبتت صلتها؛
وهي الألف؛ كـ"رأيتها"، و"مررت بها"، وإن كانت مضمومة، أو
مكسورة؛ حذفت صلتها؛ وهي الواو والياء؛ كـ"رأيته"، و"مررت
به" إلا في الضرورة، فيجوز إثباتها؛ كقوله3: [الرجز]
533- ومهمه مغبرة أرجاؤه
كأن لون أرضه سماؤه4
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لأنها بمنزلة "أن" الناصبة للمضارع، والتنوين لا يدخل في
الحروف. ونقل هذا عن المازني والمبرد، وعلى ذلك تكتب
بالنون.
التصريح: 2/ 338-339، والأشموني: 3/ 748.
2 فقد أجمعوا على الوقف بالألف؛ في نحو:
{وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا}، وفي رسمها خلاف؛ فقيل
تكتب بالألف، كما في المصحف، وهذا هو الكثير؛ وقيل: إن
ألغيت، كتبت بالألف؛ لضعفها، وإن أعملت؛ كتبت بالنون، وقيل
بالعكس؛ لأنها عند الإلغاء تلتبس بإذا الشرطية.
المغني 31، الجنى الداني: 361، رصف المباني: 62، الهمع: 2/
6.
3 القائل: هو رؤبة بن العجاج، وقد مرت ترجمته.
4 تخريج الشاهد: هذا بيت من الرجز، أو بيتان من مشطوره،
ورواية الديوان:
وبلد عامية أعماؤه
وهو من شواهد: التصريح: 2/ 339، والعيني: 4/ 557، ومعاهد
التنصيص: 1/ 63 وأمالي ابن الشجري: 1/ 366، والإنصاف: 259،
والشذور "159/ 423"، والمغني "1184/ 912"، والسيوطي: 328،
وديوان رؤبة: 4.
المفردات الغريبة: مهمه: هو المفازة البعيدة التي يشق
السير فيها، والبلد القفر؛ وقيل سميت بذلك لأن سالكها،
يقول لرفقته: "مه مه" أي كف عن الكلام. مغبرة: يكثر فيها
الغبارح وهو التراب: أرجاؤه: نواحيه؛ جمع رجا بالقصر؛ وهي
الناحية.
المعنى: أن هذا المهمه، قد عمه الغبار، وانتشر فيه، وارتفع
غباره كأن لون سمائه من الغبار، لون أرضه؛ فحذف المضاف
وقلب التشبيه للمبالغة.
الإعراب: ومهم: الواو واو رب، مهمه: اسم مجرور لفظا، مرفوع
محلا على أنه مبتدأ. =
ج / 4 ص -346-
وقوله1: [الطويل]
554- تجاوزت هندا رغبة عن قتاله
إلى ملك أعشو إلى ضوء ناره2
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= مغبرة: صفة لـ"مهمه" -على اعتبار لفظه- مجرور، وعلامة
جره الكسرة الظاهرة. أرجاؤه: فاعل مرفوع لـ"مغبرة"، وهو
مضاف، والهاء: مضاف إليه. كأن: حرف مشبه بالفعل. لون: اسم
"كأن" منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، وهو مضاف. أرضه:
مضاف إليه، وهو مضاف، والهاء: مضاف إليه. سماؤه: خبر "كأن"
مرفوع، وهو مضاف، والهاء: مضاف إليه؛ وجملة "كأن لون أرضه
سماؤه": في محل جر أو رفع صفة لـ"مهمه"؛ وخبر المبتدأ
"مهمه" يأتي بعد بيت الشاهد.
موطن الشاهد: "أرجاؤه، سماؤه".
وجه الاستشهاد: أثبت في كل من "أرجاؤه، وسماؤه" الواو؛
التي هي صلة الضمير المضموم في الوقف؛ وذلك لضرورة الشعر؛
لأن الكثير حذف الصلة، والوقف بالسكون.
1 لم ينسب البيت إلى قائل معين.
2 تخريج الشاهد: البيت من شواهد: التصريح: 2/ 339،
والعيني: 4/ 558، وشرح المفصل: 5/ 93.
المفردات الغريبة: هند: علم رجل؛ بدليل تذكير ضميره وصرفه.
أعشو إلى ضوء ناره: استدل عليها ببصر ضعيف، والعشا: سوء
البصر بالليل والنهار، كالعشاوة، والعشواء: الناقة التي لا
تبصر أمامها، وعشا النار وإليها: رآها ليلا من بعيد فقصدها
مستضيئا بها.
المعنى: واضح.
الإعراب: تجاوزت: فعل ماض مبني على السكون؛ لاتصاله بضمير
رفع متحرك، والتاء: في محل رفع فاعل. هندا: مفعول به منصوب
لـ"تجاوزت". رغبة: مفعول لأجله منصوب. "عن قتاله": متعلق
بـ"تجاوزت"، والهاء: في محل جر بالإضافة. "إلى ملك": متعلق
بـ"تجاوزت". أعشو: فعل مضارع مرفوع، والفاعل: أنا. "إلى
ضوء": متعلق بـ"أعشو"، وضوء: مضاف، ناره: مضاف إليه، وهو
مضاف، والهاء: مضاف إليه.
موطن الشاهد: "قتاله ناره".
وجه الاستشهاد: أثبت "الهاء" التي هي صلة الضمير المكسور
في الوقف؛ للضورة؛ والكثير المستعمل في كلام العرب في مثل
هذه الصلة الوقف بالإسكان.
انظر شرح التصريح: 2/ 339.
ج / 4 ص -347-
[الوقف على المنقوص]:
وإذا وقف على المنقوص، وجب إثبات يائه في ثلاث مسائل:
إحداها:
أن يكون محذوف الفاء؛ كما إذا سميت بمضارع وفي أو وعى؛
فإنك تقول: "هذا يفي" و"هذا يعي" بالإثبات؛ لأن أصلهما
يوفي ويوعي فحذفت فاؤهما1؛ فلو حذفت لامهما؛ لكان إجحافا.
الثانية:
أن يكون محذوف العين؛ نحو: مر، اسم فاعل من أرى؛ وأصله:
مرئي؛ بوزن مرعي؛ فنقلت حركة عينه -وهي الهمزة- إلى الراء،
ثم أسقطت2، ولم يجز حذف الياء في الوقف لما ذكرنا3.
الثالثة:
أن يكون منصوبا: منونا كان؛ نحو:
{رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا
مُنَادِيًا}4 أو غير منون؛ نحو:
{كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ}5.
فإن كان مرفوعا، أو مجرورا؛ جاز إثبات يائه وحذفها؛ ولكن
الأرجح في المنون الحذف6؛ نحو: "هذا قاض"، و"مررت بقاض"،
وقرأ ابن كثير7.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لوقوعها بين عدوتيها: الياء المفتوحة، والكسرة.
2 أي: حذفت الهمزة؛ للتخفيف، ثم الياء؛ لالتقائها ساكنة مع
التنوين.
3 أي: من أن في ذلك إجحافا بالكلمة؛ لإبقائها على حرف
واحد.
4 سورة آل عمران الآية: 193.
موطن الشاهد:
{مُنَادِيًا}.
وجه الاستشهاد: إثبات الياء في الوقف لتحصنها بالألف؛ وحكم
هذا الإثبات الوجوب.
5 سورة القيامة الآية: 26.
موطن الشاهد:
{التَّرَاقِيَ}.
وجه الاستشهاد: إثبات الياء في الوقف؛ لتحصنها بـ"أل"؛
وحكم هذا الإثبات الوجوب.
6 لأن الياء غير ثابتة في الوصل، والوقف موضع راحة فلا
يؤتى فيه بما لم يكن في الوصل وهذا رأي سيبويه والمتأخرين.
الأشموني: 3/ 750.
7 مرت ترجمته.
ج / 4 ص -348-
"وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادي"1، "وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ
مِنْ وَال"2؛ والأرجح في غير المنون الإثبات3؛ كـ"ـهذا
القاضي"، و"مررت بالقاضي".
[الوقف على
المحرك الذي ليس هاء تأنيث]:
فصل: ولك في الوقف على المحرك الذي ليس هاء التأنيث4 خمسة
أوجه؛ أحدها: أن تقف بالسكون؛ وهو الأصل، ويتعين ذلك في
الوقف على تاء التأنيث.
والثاني:
أن تقف بالروم؛ وهو: إخفاء الصوت بالحركة5، ويجوز في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة الرعد الآية: 7.
أوجه القراءات: قرأ ابن كثير وقنبل ويعقوب: "هادي" بإثبات
الياء وقفا. انظر البحر المحيط: 5/ 368، إتحاف الفضلاء:
27، السبعة لابن مجاهد: 360، النشر: 2/ 297.
موطن الشاهد: "هادي".
وجه الاستشهاد: إثبات الياء في "هادي" على قراءة ابن كثير؛
والأرجح حذفها في الوقف؛ لأنها منونة ومرفوعة.
2 سورة الرعد الآية: 11.
أوجه القراءات: قرأ ابن كثير وقنبل ويعقوب "والي" بإثبات
الياء وقفا. انظر البحر المحيط: 5/ 368، القرطبي 9/ 324.
موطن الشاهد: "والي".
وجه الاستشهاد: إثبات الياء في "والي" -على قراءة ابن
كثير-؛ والأرجح حذفها في الوقف؛ لأنها منونة ومرفوعة.
3 وقرئ: {الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ}،
{يَوْمَ التَّنَادِ}؛ بالحذف فيهما، ويدخل تحت غير المنون: ما سقط تنوينه بدخول أل؛
كمثال المصنف. وما سقط تنوينه للنداء؛ نحو: يا قاضي، أو
لمنع الصرف؛ نحو: رأيت جواري بالنصب، أو للإضافة؛ نحو:
قاضي مصر، ويترجح في هذا. الحذف؛ كالمنون، وفي حالة النصب،
لا يقلب تنوينه ألفا؛ لضعفه، بل يوقف عليه بالياء.
4 أما، "هي" فيوقف عليها بالسكون ويحذف تنوينها؛ مثل قائمة
وفاطمة.
5 وذلك بأن تشير إليها بخفة وسرعة، وترومها مختلسا لها ولا
تتمها؛ فتكون حالة متوسطة بين الحركة والسكون؛ فهي أكثر من
الإشمام الآتي؛ لأنها تسمع فيدركها الأعمى والبصير؛ لأن
فيه مع حركة الشفة صوتا، يكاد الحرف به يكون متحركا.
ج / 4 ص -349-
الحركات كلها؛ خلافا للفراء في منعه إياه
في الفتحة؛ وأكثر القراء على اختيار قوله.
والثالث:
أن تقف بالإشمام؛ ويختص بالمضموم؛ وحقيقته: الإشارة
بالشفتين إلى الحركة بعيد الإسكان؛ من غير تصويت1؛ فإنما
يدركه البصير دون الأعمى.
والرابع:
أن تقف بتضعيف الحرف الموقوف عليه؛ نحو: "هذا خالد"، و"هو
يجعل"؛ وهو لغة سعدية؛ وشرطه خمسة أمور؛ وهي: أن لا يكون
الموقوف عليه همزة2؛ كخطأ ورشأ، ولا ياء؛ كالقاضي، ولا
واوا؛ كيدعو، ولا ألفا؛ كيخشى، ولا تاليا لسكون3؛ كزيد
وعمر.
والخامس:
أن تفق بنقل حركة الحرف إلى ما قبله؛ كقراءة بعضهم:
"وَتَوَاصَوْا بِالصَّبِرْ"4؛ وقوله5: [الرجز]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 وكيفيته: أن تضم الشفتين مع بعض انفراج بينهما، يخرج منه
النفس؛ ليراهما المخاطب فيعلم أنك أردت بضمهما الحركة؛
ولذلك لا يدركه إلا البصير. وهو مشتق من الشم، كأنك أشممت
الحرف رائحة الحركة وهذيأت العضو للنطق بها. والغرض منه،
ومن الروم: الفرق بين الساكن أصالة، والمسكن لأجل الوقف.
الأشموني: 3/ 752-753، التصريح: 2/ 341.
2 لأن الهمزة، لا تدغم، ولا يدغم فيها في موضع اللام،
وتدغم إذا كانت عينا كسأل.
4 وذلك لئلا يجتمع ثلاث سواكن: المدغم: وهو المزيد
للتضعيف، وما قبله، وما بعده. قال الصبان: ولم ينقل
التضعيف عن أحد من القراء إلا عن عاصم في "مستطر" في سوةر
القمر.
حاشية الصبان: 4/ 210، التصريح: 2/ 341.
4 سورة العصر الآية: 3.
أوجه القراءات: نقل ابن مجاهد القراءة بكسر الباء وتسكين
الراء في قوله تعالى:
{بِالصَّبِرْ} -عن أبي حاتم، عن أبي
عمرو؛ قال: يشتم الباء شيئا من الجر ولا يشبع. وعلق ابن
مجاهد: "وهذا الي قال أبو حاتم لا يجوز إلا في الوقف؛ لأنه
ينقل كسرة الراء إلى الباء"، ونقل ابن خالويه القراءة
منسوبة إلى أبي عمرو. وانظر ابن مجاهد: 696، والشواذ: 179،
والبحر المحيط: 8/ 59.
موطن الشاهد: "الصبر".
وجه الاستشهاد: نقل حركة الراء إلى الباء وقفا.
5 القائل: هو: عبد الله بن ماوية الطائي؛ ولم أعثر له على
ترجمة وافية، وذكر سيبويه أنه لبعض السعديين، ولم يعينه.
ج / 4 ص -350-
555- أنا ابن ماوية إذ جد النقر1
وشرطه خمسة أمور أيضا وهي: أن يكون ما قبل الآخر ساكنا، وأن
يكون ذلك الساكن لا يتعذر تحريكه ولا يستثقل، وأن لا تكون
الحركة فتحة2، وأن لا يؤدي النقل إلى بناء لا نظير له؛ فلا
يجوز النقل في نحو: "هذا جعفر"؛ لتحرك ما قبله3.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت من الرجز، وعجزه قوله:
وجاءت الخيل أثافي زمر
وهو من شواهد: التصريح: 2/ 341، وسيبويه: 2/ 284، ونسبه لبعض
السعديين، والجمل: 300، والإنصاف: 732، والعيني: 4/ 559،
والهمع: 2/ 107، 208، والدرر: 2/ 141، 234، والمغني "799/
568"، والسيوطي: 285، واللسان: "نقر" وقد نسبه الصاغاني
إلى فدكي بن عبد الله المنقري.
المفردات الغريبة: النقر: صوت يسكن به الفرس إذا اضطرب
بالفارس؛ ويكون بلصق طرف اللسان بأعلى الحلق، ثم فتحه
والتصويت به. أثافي: جمع أثفية: وهي العدد الكثير والجماعة
من الناس، والأثفية: الحجر يوضع عليه القدر، ويقال: رماه
بثالثة الأثافي: أي بالشر كله. زمر: دمع زمرة؛ وهي
الجماعة.
المعنى: أنا الشجاع المقدام، إذا اضطربت الخيل بفرسانها،
وجاءت جماعات متتابعة؛ وذلك عند اشتداد رحى الحرب.
الإعراب: أنا ضمير رفع منفصل في محل رفع مبتدأ. ابن: خبر
مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، وهو مضاف. ماوية: مضاف
إليه مجرور، وعلامة جره الفتحة؛ لأنه ممنوع من الصرف. إذ:
ظرف بمعنى "حين" متعلق بخبر المبتدأ. حد: فاعل ماض مبني
على الفتح. النقر: فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الضمة، وسكن
لضرورة الشعر؛ وجملة "جد النقر": في محل جر بالإضافة.
موطن الشاهد: "النقر".
وجه الاستشهاد: الأصل في "النقر" أنها مسكنة القاف، محركة
الراء بالضمة للإعراب، ولما وقف عليها الشاعر؛ نقلت الضمة
من الراء إلى القاف؛ فصارت "النقر" بضم القاف وتسكين
الراء.
2 أي: الحركة التي يراد نقلها؛ لأن المفتوح إذا كان منونا
يلزم من النقل حذف ألف التنوين، وحمل غير امنون عليه.
وكذلك يشترط أن يكون المنقول منه صحيحا، فلا نقل في نحو:
"ظبي، ودلو".
3 أي: والمحرك لا يقبل حركة أخرى، وهذا احتراز لقوله: أن
يكون ما قبل الآخر ساكنا.
ج / 4 ص -351-
ولا في نحو: "إنسان" و"يشد" و"يقول"
و"يبيع"؛ لأن الألف والمدغم، لا يقبلان الحركة؛ والواو
المضموم ما قبلها، والياء المسكور ما قبلها؛ تستثقل الحركة
عليهما، ولا في نحو: "سمعت العلم"؛ لأن الحركة فتحة، وأجاز
ذلك الكوفيون والأخفش1، ولا في نحو: "هذا علم"؛ لأنه ليس
في العربية فعل -بكسر أوله وضم ثانيه-.
ويختص الشرطان الأخيران2 بغير المهموز؛ فيجوز النقل في
نحو:
{لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ}3؛ وإن كانت الحركة فتحة، وفي نحو: "هذا ردء"؛ وإن أدى النقل إلى
صيغة "فعل"4، ومن لم يثبت في أوزان الاسم فعل -بضمة فكسرة-
وزعم أن الدئل منقول عن الفعل لم يجز في نحو: "بقفل"
النقل5، ويجيزه في نحو: "ببطء"؛ لأنه مهموز6.
[الوقف على تاء
التأنيث]:
فصل: وإذا وقف على تاء التأنيث التزمت التاء؛ إن كانت
متصلة بحرف؛ كثمت7، أو فعل؛ كقامت، أو باسم وقبلها ساكن
صحيح؛ كأخت وبنت8.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 وذلك طردا للباب.
2 وهما: ألا تكون الحركة فتحة، وألا يؤدي النقل إلى بناء
لا نظير له في العربية.
3 سورة النمل الآية: 25.
موطن الشاهد:
{الْخَبْءَ}.
وجه الاستشهاد: جواز نقل حركة الهمزة إلى الباء؛ فتوقل:
"الخبا" وقفا؛ لأنك لو قلت: "الخبء"، بالإسكان من غير نقل؛
لوجدت استثقالا واضحا.
4 وإنما اعتفر ذلك في الهمزة؛ لثقلها، وإذا سكن ما قبل
الهمزة الساكنة؛ كان النطق بها أصعب.
5 لأنه يصير بعد النقل "بقفل".
6 لأن عدم النظير، في النقل، من الهمزة مغتفر؛ لثقلها.
والردء: العون -والردء: العدل الثقيل. والبطء: ضد السرعة.
7 ومثلها: ربت، ولعلت، ولات. والكسائي يقف على "لات"
بالهاء وحده.
8 وكون تائهما؛ للتأنيث، لا ينافي كونها للتعويض عن لام
الكلمة أيضا.
ج / 4 ص -352-
وجاز إبقاؤها وإبدالها، إن كان قبلها
حركة1؛ نحو: تمرة وشجرة، أو ساكن معتل؛ نحو: صلاة
ومسلمات2. لكن الأرجح في جمع التصحيح؛ كمسلمات، وفيها
أشبهه3؛ وهو اسم الجمع، وما سمي به من الجمع تحقيقا، أو
تقديرا؛ فالأول؛ كـأولات، والثاني؛ كعرفات وأذرعات،
والثالث؛ كهيهات؛ فإنها في التقدير: جمع هيهية -ثم سمي بها
الفعل- الوقف بالتاء، ومن الوقف بالإبلدال قولهم: "كيف
الإخوة والأخواهْ؟"، وقولهم: "دفن البناه من المكرماه"4،
وقرأ الكسائي والبزي5؛ "هيهاه"6؛ والأرجح في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ولا تكون الحركة إلا فتحة.
2 ولا يكون هذا الساكن المعتل إلا ألفا؛ وإنما جعل حكم
الألف حكم المتحرك؛ لأنها منقلبة عن حرف متحرك؛ فهي
كالمتحرك تقديرا.
3 أي: في الدلالة على متعدد في الحال مثل: "أولات"، أو في
الأصل؛ "عرفات"، أو في التقدير: "كهيهات".
4 تعبير المصنف يوهم أن هذا ليس بحديث؛ وقد روى الطبراني
عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما عزي بابنته
رقية، قال:
"الحمد لله" وذكره.
مجمع الزوائد: 3/ 12، وكنز العمال: 6588، المعجم الكبير،
للطبراني: 11/ 376، الأسرار المرفوعة: 149، وتذكرة
الموضوعات: 218.
موطن الشاهد: "دفن البناه من المكرماه".
وجه الاستشهاد: حكى قطرب هذه اللغة عن طيئ بإبدال تاء
الجمع هاء في أوقف تشبيها بتاء التأنيث الساكنة؛ والمراد:
دفن البنات من المكرمات.
5 هو: أبو الحسن؛ أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن
أبي بزة المخزومي الولاء، الفارسي الأصل؛ ولد سنة 70هـ.
مقرئ مكة ومؤذنها؛ تلا على عكرمة بن سليمان، وسمع عيينة
وغيره. وتلا عليه خلق كثير. مات سنة 250هـ.
سير أعلام النبلاء: 12/ 50، ميزان الاعتدال: 1/ 144،
العبر: 1/ 455، الأنساب: 2/ 202.
6 سورة المؤمنون الآية: 36.
موطن الشاهد: "هيهاه".
وجه الاستشهاد: قرأ الكسائي والبزي "هياه" بإبدال التاء
هاء والمنقول عن الكسائي: أن من كسر التاء وقف عليها
بالهاء، ومن نصبها، وقف عليها بالتاء والهاء؛ وقيل: إن من
قدر "هيهات" جمعا وقف عليها بالتاء، ومن قدره مفردا وقف
عليه بالهاء؛ وفي "الإيضاح" لابن الحاجب: "هيهات" اسم
للفعل فلا يتحقق فيه إفراد ولا جمع؛ وإنما ذلك لشبهها بتاء
التأنيث لفظا دون إفراد وجمع. التصريح 2/ 343.
ج / 4 ص -353-
غيرهما1 الوقف بالإبدال2. ومن الوقف بتركه؛
قراءة نافع، وابن عامر، وحمزة3: "إِنَّ شَجَرَتْ"4، وقال
الشاعر5: [الرجز]
556- والله أنجاك بكفي مسلمت
من بعدما وبعدما وبعدمت
كانت نفوس القوم عند الغلصمت
وكادت الحرة أن تدعي أمت6
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي: في غير جمع التصحيح، وما أشبهه، سواء كان ذلك الغير
مفردا كمسألة أو جمع تكسير كغلمة.
2 أي: بإبدال التاء هاء؛ فرقا بينها وبين التاء الأصلية.
3 مرت ترجمة لكل من القراء الواردة أسماؤهم.
4 سورة الدخان الآية: 43.
أوجه القراءات: قرئت "شجرة" بكسر الشين؛ وهي قراءة غير
منسوبة؛ وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، والكسائي، ويعقوب
"شجرة" بالهاء وقفا.
إتحاف الفضلاء: 388.
موطن الشاهد:
{شَجَرَةُ}.
وجه الاستشهاد: الوقف على "شجرت" بترك الإبدال، أي: إبدال
التاء، هاء؛ والوقف عليها بالتاء؛ على قراءة نافع وابن
عامر وحمزة. التصريح: 2/ 343.
5 هو الراجز المشهور أبو النجم الفضل بن قدامة العجلي، وقد
مرت تجرمته.
6 تخريج الشاهد: الأبيات من شواهد: التصريح: 2/ 344،
والأشموني "1194/ 3/ 756"، والعيني: 4/ 559، والخزانة: 2/
148 عرضا، وشرح شواهد الشافية: 218، وشرح المفصل: 5/ 89،
9/ 81، ومجالس ثعلب: 327، والخصائص: 1/ 304، والهمع: 2/
209، والدرر: 2/ 214، والقطر "148/ 435"، واللسان "ما".
المفردات الغريبة: أنجاك: خلصك. مسلمة: علم رجل. الغلصمة:
اللحم بين الرأس والغنق، أو الموضع الناتئ. في الحلقوم.
المعنى: أن الله -سبحانه وتعالى- خلصلك من الموت، وما
لاقيت من الشدة بيدي هذا البطل الشجاع -مسلمة- من بعد ما
كانت أرواح القوم على وشك الخروج، وكادت الحرائر أن تسبى
وتصبح إماء.
الإعراب: الله: "لفظ الجلالة" مبتدأ مرفوع. أنجاك: فعل ماض
مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر، والفاعل: هو،
والكاف: مفعول به، وجملة "أنجاك بكفي": في محل رفع خبر
المبتدأ. "بكفي": متعلق بـ"أنجى"، وكفي: مضاف. مسلمة: مضاف
=
ج / 4 ص -354-
[من خصائص الوقف اجتلاب هاء السكت]:
فصل: ومن خصائص الوقف اجتلاب هاء السكت2؛ ولها
ثلاثة مواضع:
أحدها: الفعل المعل بحذف آخره؛ سواء كان الحذف للجزم؛ نحو:
"لم يغزه" و"لم يخشه"، و"لم يرمه"، ومنه
{لَمْ يَتَسَنَّهْ}3؛
أو لأجل البناء؛ نحو:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= إليه مجرور، وعلامة جره الفتحة المقدرة؛ لأنه ممنوع من
الصرف، منع من ظهورها سكون الوقف "من بعد": متعلق بـ"أنجى"
ما: مصدرية، لا محل لها من الإعراب. وبعدما: الواو عاطفة،
بعد: معطوف على "بعد" الأول، وما: مصدرية أيضا وبعدمت:
الواو عاطفة، بعد: معطوف على "بعد" الأول، وما: مصدرية؛
غير أنه أبدل من ألف "مت" المصدرية هاء؛ ثم أبدلت الهاء
تاء في الوقف كانت: فعل ماض ناقص، والتاء للتأنيث. نفوس:
اسم "كان" مرفوع، وهو مضاف القوم. مضاف إليه "عند": متعلق
بمحذوف خبر "كان"، وهو مضاف الغلصمت: مضاف إليه مجرور،
وعلامة جره الكسرة المقدرة على آخره، منع من ظهورها سكون
الوقف؛ والمصدر المؤول من "ما وما دخلت عليه": في محل جر
بإضافة بعد إليه، والتقدير: الله أنجاك بكفي مسلمة من بعد
كون نفوس القوم عند الغلصمة. وكادت: الواو عاطفة، كادت:
فعل ماض ناقص، والتاء: للتأنيث الحرة: اسم "كاد" مرفوع أن:
مصدرية تدعى: فعل مضارع مبني للمجهول، منصوف وعلامة نصبه
الفتحة المقدرة على الألف؛ للتعذر؛ ونائب الفاعل: هي؛ وهو
المفعول الأول أمت: مفعول به ثاني لفعل "تدعى"؛ للتعذر؛
ونائب الفاعل: هي؛ وهو المفعول الأول أمت: مفعول به ثان
لفعل "تدعى" منصوب، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة، منع من
ظهورها سكون الوفق؛ والمصدر المؤول من "أن وما دخلت عليه":
في محل نصب خبر "كاد".
موطن الشاهد: "الغلصمة، مسلمة، مت".
وجه الاستشهاد: لم تبدل تاء التأنيث -هاء- في الوقف؛ بل
أبقيت على حالها؛ وفي "ما" فإن الأصل "ما" فأبدلت الألف
هاء، ثم أبدلت الهاء تاء؛ ليوافق قوافي بقية الأبيات.
1 وذلك للتواصل إلى بقاء الحركة في الوقف، وسميت بذلك؛
لأنه يسكت عليها دون آخر الكلمة.
2 سورة البقرة الآية: 259.
موطن الشاهد:
{لَمْ يَتَسَنَّهْ}.
وجه الاستشهاد: استشهد بهذه الآية بإلحاق "هاء" السكت
بالفعل المجزوم بحذف حرف العلة؛ وهذا على القول: بأن
"يتسنه" من السنة واحدة السنين؛ وأن لامها واو محذوفة؛
وأصلها: "يتسنو"، قلبت الواو ألفا، لتحركها، وانفتاح ما
قبلها، وحذفت الألف للجازم، ثم لحقته هاء السكت في الوقف؛
وهذا اختيار المبرد. وأما إذا قلنا: إن لام "سنة" هاء -على
رأي الحجازيين- فالهاء في "يتسنه": أصلية؛ لأنها لام
الفعل؛ وهو مجزوم بالسكون. وأما على القول بأنه من الحمأ
المسنون؛ فأصله: لم يتسنن بثلاث نونات، أبدلت النون
الثالثة ألفا؛ كراهة اجتماع الأمثال ثم وقف عليه بالهاء؛
فالهاء على هذا للسكت والفاعل في الجميع ضمير مفلرد مستتر
عائد إلى الطعام والشراب؛ لأنهما كالجنس الواحد؛ ومعنى لم
يتسنه: لم يتغير بمرور الزمان. التصريح: 2/ 344.
ج / 4 ص -355-
"اغزه"، و"اخشه"، و"رامه"؛ ومنه:
{فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}1؛
والهاء في ذلك كله جائزة، لا واجبة؛ إلا في مسألة واحدة؛
وهي أن يكون الفعل قد بقي على حرف واحد كالأمر من "وعى
يعي"؛ فإنك تقول: "عه"2: قال الناظم3: "وكذا إذا بقي على
حرفين؛ أحدهما زائد؛ نحو: يعه" اهـ؛ وهذا مردود بإجماع
المسلمين على وجوب الوقف على نحو:
{وَلَمْ أَكُ}4، "وَمَنْ تَقِ"5؛ بترك الهاء.
الثاني:
"ما" الاستفهامية المجرورة؛ وذلك أنه يجب حذف ألفها إذا
جرت6؛
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة الأنعام الآية: 90.
موطن الشاهد:
{اقْتَدِهْ}.
وجه الاستشهاد: مجيء
{اقْتَدِهْ} فعل أمر من "يقتدي" واجتلبت الهاء الساكنة للسكت؛ ومن كسرها؛ فهي
ضمير المصدر؛ وفيها الإشباع وعدمه.
2 أصله: أوعى حذفت الياء للبناء والواو حملا على المضارع؛
فحذفت همزة الوصل للاستغناء عنها، وبقي عين الكلمة. ومثلها
"فه" من الوفاء، و"قه" من الوقاية، و"إه"؛ بمعنى: عد؛ أمر
من وأى يئي وأيا؛ بمعنى: وعد. وما بقي منه الفاء فقط كره.
الأشموني: 3/ 757.
3 أي: ناظم الألفية، ابن مالك، وهذا الكلام في غير
الألفية.
4 سورة مريم الآية: 20.
موطن الشاهد: "لم أك".
وجه الاستشهاد: مجيء "أك" فعلا مضارع مجزوما بـ"لم"،
وعلامة جزمه سكون النون المحذوف تخفيفا، ولم تجتلب هاء
السكت؛ وفي ذلك دلالة على جواز اجتلابها وعدم اجتلابها، في
هذه الحالة؛ خلافا للناظم.
5 سورة غافر الآية: 9.
موطن الشاهد: "ومن تق".
وجه الاستشهاد: مجيء "تق" فعلا مضارعا مجزوما بـ"من"
وعلامة جزمه حذف الياء ولم تجتلب هاء السكت، كما في الآية
السابقة.
6 سواء جرت بحرف، أو بإضافة؛ وقد مثل لهما المصنف، ويشترط:
ألا تركب مع "ذا"، وإلا امتنع الحذف؛ نحو: لماذا تسافر؟
وقال الشاطبي: حذف الألف من المجرورة بالاسم -جائز لا
واجب.
الأشموني: 3/ 759.
ج / 4 ص -356-
نحو: "عم، وفيم، ومجيء م جئت"1، فرقا
بينهما وبين "ما" الخبرية2 في مثل "سألت عما سألت عنه"
فإذا وقفت عليها؛ ألحقتها الهاء حفظا للفتحة الدالة على
الألف؛ ووجبت إن كان الخافض اسما3؛ كقولك في "مجيء م جئت"
و"اقتضاء ما اقتضى": مجيء مه، واقتضاء مه، وترجحت إن كان
حرفا4؛ نحو:
{عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ}5 وبها قرأ البزي6.
الثالث:
كل مبني على حركة بناء دائما، ولم يشبه المعرب7، وذلك؛
كياء المتكلم، وكهي، وهو فيمن فتحهن، وفي التنزيل:
{مَا هِيَهْ}8، و{مَالِيَهْ}9
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 "مجيء": مفعول مقدم لجئت، وقد تقدم على عامله وجوبا؛
لإضافته لواجب التصدير وهو الاستفهام؛ والأصل: "جئت مجيء
م"؛ وهو سؤال عن صفة المجيء أي: على أي صفة جئت؟.
2 تشتمل: الوصولة؛ كمثال المصنف، والشرطية؛ نحو: بما تسر
أسر، والمصدرية؛ نحو: عجبت مما تشرب، فلا يحذف ألف شيء من
ذلك.
3 لبقائها على حرف واحد.
4 لأن الجار إذا كان حرفا، كان كالجزء منها؛ فكأنها على
حرفين.
5 سورة النبأ الآية: 1.
موطن الشاهد:
{عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ}.
وجه الاستشهاد: اتصال "هاء" السكت بـ"عم" -على قراءة
البزي؛ حيث قرأ: "عمه يتساءلون"؛ وأصلها: "عما"؛ وحذفت
الألف لما ذكر في المتن؛ وألحقت هاء السكت؛ وحكم إلحاقها
الجواز مع الترجيح.
6 مرت ترجمته.
7 الأصل فيها: البناء على الحركة، وسكونها أحيانا عارض
للتخفيف.
8 سورة القارعة الآية: 10.
موطن الشاهد:
{مَا هِيَهْ}.
وجه الاستشهاد: اقتران "هاء" السكت بـ"هي"؛ وهو ضمير مبني
على الفتح دائما؛ للمحافظة على فتحة الياء.
9 سورة الحاقة الآية: 28.
موطن الشاهد:
{مَالِيَهْ}.
وجه الاستشهاد اقتران "هاء السكت": بـ"مالي" محافظة على
فتح الياء -عند من يفتح ياء المتكلم؛ وأما من سكنها؛ فوقف
عليها بالساكن "مالي" ولم يأت بهاء السكت.
ج / 4 ص -357-
{سُلْطَانِيَه}1 وقال الشاعر2:
[المتقارب]
557- فما إن يقال له من هوه3
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة الحاقة الآية: 29.
موطن الشاهد:
{سُلْطَانِيَه}.
وجه الاستشهاد اقتران "هاء السكت" بـ"سلطاني"؛ محافظة على
فتح الياء -عند من يفتح ياء المتكلم؛ وأما من سكنها؛ فوقف
عليها بالساكن "سلطاني"؛ فوقف عليها بالساكن "سلطاني"؛ ولم
يأت بهاء السكت.
2 هو: حسان بن ثابت الأنصاري، شاعر الرسول -صلى الله عليه
وسلم- وقد مرت ترجمته.
3 تخريج الشاهد هذا عجز بيت، وصدره قوله:
إذا ما ترعرع فينا الغلام
وهو من شواهد: التصريح: 2/ 345، والعيني: 4/ 560، والحيوان
"6/ 231، وشرح المفصللا: 9/ 84، وحاشية يس على التصريح: 2/
345، واللسان "شصب"، وديوان حسان بن ثابت: 422.
المفرادات الغربية ترعرع: تحرك ونشأ، والمراد: قارب
البلوغ: الغلام: الصبي؛ والأنثى: غلامة.
المعنى إذا بلغ الصبي منا الحلم لا يسأله أحد عن نفسه؛
لأنه يتشتهر، ويعرف له شأنه وقدره.
الإعراب: إذا ظرف لما يستقبل من الزمان متضمن معنى الشرط.
ما ترعرع: ما زائدة، ترعرع: فعل ماض مبني على الفتح الظاهر
"فينا": متعلق بقوله: "ترعرع". الغلام: فاعل مرفوع. فما
الفاء رابطة لجوالب الشرط غير الجازم، ما: نافية، لا محل
لها، و"إن" زائدة. يقال فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع.
"له" متعلق بـ"يقال". من اسم استفهام مبني على الكسون في
محل رفع مبتدأ. هوه ضمير رفع منفصل مبني على الفتح، في محل
رفع نائب فاعل لـ"يقال" على رأي من يجيزون مجيء الجملة
فاعلاً، نائب فاعل؛ وإلا فنائب الفاعل مأخوذ من الكلام؛
والتقدير: يقال القول: من هو؟
"موطن الشاهد "هوه".
وجه الاستشهاد لحقت هاء السكت الضمير "هو" لتبقى حركة
البناء -الفتحة- على حالها؛ كما لحقت "سلطانية وماليه" على
لغة من فتح ياء المتكلم.
ج / 4 ص -358-
ولا تدخل في نحو: "جاء زيد": لأنه معرب1،
ولا في نحو: "اضرب"، و"لم يضرب"؛ لأنه ساكن2، ولا في نحو
"لا رجل"، و"يا زيد" و"ممن قبل ومن بعد"؛ لأن بناءهن
عارض3، وشذ قوله4: [الرجز]
558- أرمض من تحت وأضحى من عله5
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي: بالحركات، وحركة الإعراب، تعرف بالعامل؛ فلا يحتاج
إلى بيان بهاء السكت، وتلحق المثنى والمجموع على حده؛
تقول: مسلمانه -ومسلمونه؛ لأن إعرابهما بالحروف.
2 أي: وهاء السكت إنما تدخل لبيان الحرحة.
3 فالحركة فيها شبيهة بحركة الإعراب في العروض؛ لأنها جاءت
بسبب شيء يشبه العامل، وتزول بزواله؛ فلا تدخلها هاء
السكت؛ وعلى ذك لا تدخل اسم "لا" ولا المنادى المضموم، ولا
ما بني من الظروف لقطعه عن الإضافة؛ كقبل وبعد ولا العدد
المركب؛ كخمسة عشر؛ لأن حركات هذه الأشياء متشابهة لحركة
الإعراب.
4 القائل: هو أبو ثروان، ولم أعثر له على ترجمة.
5 تخريج الشاهد هذا بيت من الرجز، وقبله قوله:
يا رب يوم لي لا أظلله
وهو من شواهد: التصريح: 2/ 446، والأشموني "1198/ 3/ 760"
وشرح المفصل: 4/ 87، والمغني "276/ 205" والسيوطي: 153،
والعيني: 4/ 545، والهمع: 1/ 203، 2/ 210، والدرر: 1/ 172،
2/ 235.
المفردات الغريبة لا أظلله: أي: لا أظلل فيه، وقد حذف حرف
الجر، واتصل الفعل بالضمير بنفسه. أرمض: من رمضت قدمه؛ إذا
احترقت بالرمضاء؛ وهي الأرض الشديدة الحرارة، ويقال:
أرمضته الرمضاء؛ أي: أحرقته، أضحى: أتعرض للشمس وقت الضحى.
المعنى رب يوم يمر علي لا أنعم فيه بشيء يظللني؛ أعاني ألم
الرمضاء في قدمي، وحر الشمس وقت الضحى على رأسي.
الإعراب: يا: حرف تنبيه؛ أو حرف نداء، والمنادى محذوف؛
والتقدير: يا هؤلاء. رب: حرف جر شبيه بالزائد، يفيد
التكثير، لا محل له من الإعراب، يوم: مجرور لفظاً، مرفوع
محلاً؛ على أنه مبتدأ "لي": متعلق بصفة محذوفة لـ"يوم".
لا: حرف نفي. أظلله: فعل مضارع منبي للمجهول مرفوع، ونائب
الفاعل: ضمير مستتر وجوبًا؛ تقديره: أنا؛ =
ج / 4 ص -359-
فلحقت ما بني بناء عارضًا؛ فإن "عل" من باب
"قبل وبعد"؛ قاله الفارسي والناظم؛ وفيه بحث مذكور في باب
الإضافة؛ ولا في الفعل الماضي؛ كـ"ضرب"، و"قعد"1؛ لمشابهته
للمضارع في وقوعه صفة، وصلة، وخبرًا، وحالاً، وشرطًا.
[إعطاء الوصل
حكم الوقف]:
مسألة:
قد يعطى الوصل حكم الوقف2؛ وذلك قليل في الكلام، كثير في
الشعر؛ فمن الأول؛ قراءة غير حمزة والكسائي:
{لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ}3،
{فَبِهُدَاهُمُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= وهو المفعول الأول؛ والهاء: ضمير متصل مبني على الضم، في
محل نصب مفعولاً به ثانيًا على التوسع؛ أو في محل جر على
نزع الخافض. وأرمض فعل مضارع مرفوع، والفاعل: أنا؛ ويجوز
أن يكون مبنياً للمجهول، من: حرف جر. تحت: ظرف مكان مبني
على الضم؛ لانقطاعه عن الإضافة، في محل جر بحرف الجر؛
والتقدير: من تحتي وأضحى الواو عاطفة، أضحى: فعل مضارع
مكان مبني على الضم، لانقطاعه عن الإضافة كذلك: في محل جر
بحرف الجر؛ وألحقت به هاء السكت شذوذاً؛ لأنه غير منبي
دائماً.
مواطن الشاهد "من علة".
وجه الاستشهاد: لحقت هاء السكت لفظ "عل" وهو مبني بناء
عارضًا؛ وحكم هذا اللحاق الشذوذ؛ جاء في: "التسهيل، وشرحه
الدماميني": "وشذ اتصالها بـ"عل"، واستشهد بالبيت، وقال
الشنقيطي "هكذا قالوا؛ قلت: وليس بقاطع لاحتمال أن يكون
مضافاً إلى الضمير، وبني لإضافته إلى مبني؛ فلا يتعين كون
الهاء "للسكت"؛ والأول أرجح.
انظر الدرر اللوامع: 21/ 235، والتصريح: 2/ 346، وانظر
حاشية الصبان: 4/ 218.
1 لأنه مبني على حركة، وذلك عند سبيويه والجمهور، وجوز
بعضه لحاق الهاء له مطلقاً؛ لأن حركته لازمة؛ وقيل: إن أمن
اللبس بهاء الضمير؛ نحو: قعده -جاز؛ لأن "قعد": لازم؛ فلا
يتعدى للمفعول به، حتى تلتبس هاء السكت بضمير المفعول به؛
وإلا فلا كضربه.
2 أي: من إسكان مجرد، أو مع الروم، أو الإشمام، ومن تضعيف
ونقل، ومن اجتلاب هاء السكت.
"3" سورة البقرة الآية: 259.
موطن الشاهد
{لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ}.
وجه الاستشهاد إثبات "هاء السكت في "يتسنه" في حالة الوصل؛
كما تثبت في حالة الوقف.
ج / 4 ص -360-
اقْتَدِهْ قُل}1 بإثبات هاء السكت في الدرج2، ومن الثاني قوله3: [الرجز].
559- مثل الحريق وافق القصبا4
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة الأنعام الآية: 90.
موطن الشاهد:
{فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ}.
وجه الاستشهاد إثبات "هاء" السكت في حالة الوصل كما تثبت
في حالة الوقف.
2 ولهذا ذكر "انظر" في الآية الأولى، و"قل" في الثانية؛
ليتبين الوصل.
3 ينسب هذا الرجز إلى رؤبة بن العجاج، وينسب إلى غيره.
4 تخرج الشاهد: يذكر النحاة أن قبل الشاهد قوله:
لقد خشيت أن أرى جدباً
والذي في اللسان وغيره: أنه من أبيات هي:
لقد خشيت أن أرى جدباً
في عامنا ذا بعدما
أخصبا
إن الدبي فوق المتون دبا
كأنه السيل إذا اسلحبا
أو الحريق وافق القصبا
وبذلك يتبين ما حدث فيه من التغيير والتحريف.
وهو من شواهد: التصريح: 2/ 346، والمحتسب: 1/ 75، وشرح
المفصل: 3/ 94، 9/ 86، وشرح شواهد الشافية: 130، والعيني:
4/ 549، والأشموني: 3/ 761، وملحقات ديوان رؤبة: 169.
المفردات الغريبة: جدباً: جدباً، والقحط؛ بانقطاع المطر،
ويبس الأرض. أخصبًا: أخصب ونما فيه الزرع الدبي: أصغر
الجراد النمل؛ يقال: أرض مدببة، أي كثيرتهما؛ ومدببة: أكل
الدبي نبتها. المتون: الظهور؛ جمع متن؛ والمراد: متون
الأودية: دبا: مشى مشياً هيناً. اسحلب: امتد، وملأ
الأودية، والمسلحب: الطريق البين الممتد. الحريق: النار
المشتعلة. القصبا: الصب، وهو كل بنات يكون ساقه أنابيب
وكعوبًا.
المعنى: لقد خفت أن أرى في عامنا هذا قحطًَا وجدبًا بسب
انقطاع المطر، بعدما أخصبت الأرض، ونما فيها الزرع؛ فقد
مشى الجراد، ودبت الحشرات فوق متون الأودية، وانتشرت؛
كأنها السيل حين يجري، أو الحريق صادف قصبًا؛ فأسرع
الاشتعال امتدت نيرانه. =
ج / 4 ص -361-
أًصله: القصب -بتخفيف الباء- فقدر الوقف
عليها؛ فشددها على حد قولهم في الوقف: "هذا خالد:"
بالتشديد؛ ثم أتى بحرف الإطلاق؛ وهو الألف، وبقي تضعيف
الباء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= الإعراب: مثل خبر أو محذوف -على رواية الرفع- وحال على
رواية النصب، وهو النصب، وهو مضاف. الحريق: مضاف إليه
مجرور، وعلامة جره الكسرة الظاهرة. وافق: فعل ماض،
والفاعل: هو القصبا. مفعول به منصوب، لقوله "وافق"؛ وجملة
"وافق": في محل جر صفة لـ"الحريق"؛ أو في محل نصب على
الحال منه؛ لأنه مقترن بـ"أل الجنسية".
موطن الشاهد "القصبا".
وجه الاستشهاد: شدد الباء، وضعفها مع وصلها بألف الإطلاق؛
مع أن التضعيف لا يكون إلا في حالة الوقف؛ ولكن الشاعر
أعطى الوصل حكم الوقف.
انظر التصريح: 2/ 346، وحاشية الصبان: 4/ 219. |