أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك ج / 4 ص -374-
[باب التصريف1]:
هذا باب التصريف.
[تعريف
التصريف]:
وهو: تغيير في بنية الكلمة2؛ لغرض معنوي، أو لفظي؛ فالأول:
كتغيير المفرد إلى التثنية والجمع، وتغيير المصدر إلى
الفعل والوصف. والثاني: كتغير قول وغزو إلى قال وغزا3؛
ولهذين التغييرين أحكام؛ كالصحة والإعلال؛ وتسمى تلك
الأحكام: علم التصريف4.
[ما يدخله
التصريف]:
ولا يدخل التصريف في الحروف، ولا فيما أشبهها وهي الأسماء
المتوغلة في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 التصريف في اللغة -معناه: مطلق التغييير. وفي القاموس؛
التصريف في الكلام: اشتقاق بعضه من بعض، وفي الرياح:
تحويلها من وجه إلى وجه، وفي الاصطلاح: ما ذكره المصنف.
2 أي: صيغتها التي من حقها أن تكون عليها حالة الإفراد؛
وذلك لإظهار ما في حروفها من أصالة، أو زيادة، أو حذف، أو
صحة، أو إعلال، أو إبدال.
3 وهذا التغيير، يكاد ينحصر في القلب والإبدال، والحذف
والإدغام، والزيادة والنقل؛ وهو المقصود هنا.
6 وذلك، لما فيها من التغيير والتحول من حال إلى حال، وعلى
هذا يتضح التعريف الاصطلاحي الوافي للتصريف؛ وهو أنه علم
يبحث عن أحكام الكلمة العربية، بما لحروفها من أصالة
وزيادة، وصحة وإعلال، ونحو ذلك؛ وبما يعرض لآخرها من وقف
أو غيره، مما ليس بإعراب أو بناء؛ ويكون التصريف في
الأسماء المتمكنة، الأفعال المتصرفة في اللغة العربية؛ لا
يدخل الأسماء الأعجمية، ولا يتعلق بالحروف وأشباهها".
الأشموني: 3/ 779.
ج / 4 ص -375-
البناء1 والأفعال الجامدة3؛ فلذلك، لا يدخل
فيما كان على حرف أو حرفين؛ إذ لا يكون كذلك إلا الحرف،
كباء الجر ولامه، وقد وبل، وما أشبه الحرف؛ كتاء قمت،
"ونا" من "قمنا"، وأما ما وضع على أكثر من حرفين، ثم حذف
بعضه فيدخله التصريف، نحو: يد ودم في الأسماء، ونحو: "قِ
زيدا"، و"قم"، و"بع" في الأفعال.
[تقسيم الاسم
إلى مجرد ومزيد]:
فصل: ينقسم الاسم3 إلى مجرد من الزوائد، وأقله الثلاثي،
كرجل، وغايته الخماسي؛ كسفرجل، وما بينهما الرباعي؛ كجعفر،
وإلى مزيد فيه؛ وغايته سبعة؛ كاستخراج4. وأمثلته كثيرة في
قول سيبيويه لا تليق بهذا المختصر5.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 مثل الضمائر، وأسماء الاستفهام، والشرط، والموصلات،
وأسماء الإشارة، وأسماء الأفعال.
2 أي: التي تختلف أبنيتها، باختلاف الأزمنة، كنعم، وبئس،
وعسى، وليس؛ وذلك لأنها أشبهت الحروف في الجمود والبناء.
3 أي: المتصرف، أما المبني: فقد يكون على حرف، أو حرفين.
4 وأقله أربعة؛ مثل: قتال، وبينهما الخماسي؛ كإكرام،
والسداسي؛ كانطلاق.
5 لخصها صاحب التصريح؛ فقال "الزيادة" تكون: واحدة،
وثننين، وثلاثاً، وأربعاً ومواضعها أربعة: قبل الفاء،
وبينها وبين العين، وبين العين واللام، وبعد اللام. ولا
تخلو من أن تقع متفرقة، أو مجتمعة؛ فالزيادة الواحد قبل
الفاء، نحو: أجدل "، وما بين الفاء والعين، نحو: "كاهل"،
وما بين العين واللام، نحو: "غزال"، وما بعد اللام؛ نحو
"علقي". والزيادتان المجتمعتان قبل الفاء؛ نحو: "منطلق"،
وبين الفاء والعين؛ نحو: "جراجر" -للضخام من الإبل، وبين
العين واللام، نحو: "خطاف"؛ وبعد اللام، نحو: "علباء"
والزيادتان المتفرقتان بينهما الفاء؛ نحو: "أجادل" وبينهما
العين؛ نحو: "عاقول" وبينهما اللام، نحو: قصيري"؛ لضرب من
الأفاعي، وبينهما الفاء والعين، نحو: "إعصار" وبينهما
العين واللام؛ نحو: "خيزلى" -مشية فيها تثاقل-؛ وبينهما
الفاء والعين واللام؛ نحو: "أجفلى" -للجماعة من كل شيء-
والثلاثة المتجمعة قبل الفاء؛ نحو: "مستخرج"، وبين العين
واللام، نحو: "سلاليم"، وبعد اللام، نحو: "عنفوان"؛
وعنفوان الشيء: أوله أو بهجته. والمتفرقة؛ نحو: "تماثيل"،
واجتماع ثنتين، وانفراد واحدة؛ نحو: "أفعوان". والأربعة؛
نحو: "اشهباب -مصدر اشهاب؛ إذا صار أشهب؛ والشهبة: بياض
يخالطه السواد.
ج / 4 ص -376-
[أبينة الثلاثي]:
وأبنية الثلاثي أحد عشر، والقسمة تقتضي اثني عشر، لأن
الأول واجب الحركة1؛ والحركات ثلاث، والثاني يكون محركاً
وساكنًا؛ فاذا ضربت ثلاثة أحوال الأول في أربعة أحوال
الثاني؛ خرج من ذلك اثنا عشر؛ وأمثلتها: فلس فرس، كتف،
عضد، عنب، إبل، قفل، صرد، دئل، عنق، والمهمل منها، "فعل"2.
وأما قراءة أبي السمال3: "السَّمَاءِ ذَاتِ الْحِبُكِ"4؛
بكسر الحاء وضم الباء، فقيل: لم تثبت، وقيل: أتبع الحاء
للتاء من "ذات"5، والأصل
{حُبُك}
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لأنه مبتدأ به، ويتعذر الابتداء بالساكن.
2 بكسر الفاء وضم العين؛ وإنما أهملت لثقل الانتقال من كسر
لازم إلى ضمن لازم؛ وكلاهما ثقيل.
3 أبو السمال: قعنب بن أبي قعنب العدوي البصري؛ له اختيار
في القراءة شاذ عن العامة؛ رواه أبو زيد الأنصاري.
غاية النهاية: 2/ 27.
أوجه القراء: قرأ الحسن وأبو حيوة: "الحِبْك"، وقرأ عكرمة
وأبو مجلز: "الحُبَك" وقرأ أبو عمرو وابن عباس وابن أبي
عبلة وغيرهم:: "الحُبْك"، وقرأ أبو السمال: "الحِبُك".
بكسر الحاء وضم الباء. انظر البحر المحيط: 8/ 134،
القرطبي: 17/ 32، المحتس: 2/ 286".
4 موطن الشاهد "الحبك".
وجه الاستشهاد مجيء "الحِبُك" بكسر الفاء وضم العين؛ وهو
وزن مهمل؛ لثقل الانتقال من كسر لازم إلى ضم لازم؛ وكلاهما
ثقيل؛ قراءة أبي السمال شاذة على كل حال.
انظر: التصريح: 2/ 355.
5 ولم يعتد باللام الساكنة: لأن الساكن حاجز غير حصين.
ج / 4 ص -377-
بضمتين؛ وقيل: على التداخل في حرفي الكلمة؛
إذ يقال: حُبُك، بضمتين، وحِبِك، بكسرتين1.
وزعم قوم إهمال "فعل" أيضًا، وأجابوا عن دئل ورئم بأنهما
منقولان من "الفعل"2، واحتج المثبتون بوعل لغة في الوعل3؛
وإنما أهمل أو قل، لقصدهم، تخصيصه بفعل المفعول.
[أبنية
الرباعي]:
والرباعي المجرد مفتوح الأول والثالث: كجعفر، ومكسورهما؛
كزبرج5، ومضمومها؛ كذملج4، ومكسور الأول مفتوح الثاني؛
كفطحل، ومكسور الأول مفتوح الثالث؛ كدرهم6.
وزاد الأخفش والكوفيون مضموم الأول مفتح الثالث؛ كجخدب7،
والمختار أنه فرع من مضمومها، ولم يسمع في شيء إلا وسمع
فيه الضم؛
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 فقد ركب القارئ من اللغتين هذه القراءة؛ واعترض على هذا
القول؛ بأن التداخل في جزأي الكلمة الواحدة غير معهود:
التداخل بين حرفي كلمتين. والإتباع أحسن هذه الأقوال:
والحبك: طرائق النجوم في السماء؛ والمفرد حبيكة.
انظر التصريح: 2/ 355- والأشموني: 3/ 782.
2 أي: فليسا من الأسماء الأصلية، ودئل: اسم دويبة، تشبه
ابن عرس، سميت به قبيلة من كنانة؛ وإليها ينسب أبو الأسود
الدؤلي. ورثم: اسم جنس للدبر.
3 وعلى ذلك فليس "فعل" بمهمل، كما يزعمون: والوعل: تيس
الجبل، والأنثى وعلة.
4 اسم للذهب، والسحاب الرقيق؛ فيه حمرة، والزينة من وشي أو
جوهر.
5 اسم فرس معاد بن عمرو بن الجموح.
6 ما ذكره المصنف أمثله لأوزان الأسماء؛ وأمثلة هذه
الأوزان من الصفات هي: سلهب: للطويل، أو من الرجال خاصة،
"لقيم": للناقة التي كسرت أسنانها من الكبر؛ وللعجوز،
وجرشع: للعظيم من الإبل والخيل، وسبطر: للشهم؛ والسبط:
الطويل؛ والأسد يمتد عند الوثوب، وهبلع: للأكول العظيم
اللقم. وأوزانها على الترتيب: فعلل -فعلل- فعلل- فعلل-
فعلل.
التصريح: 2/ 356.
7 هو الأسد، والطويل الرجلين.
ج / 4 ص -378-
كجخدب، وطحلب، وجرشع، ولم يسمع في برثن1
وبرجد وعرفط2 إلا الضم.
[أبنية
الخماسي]:
والخماسي المجرد: أربعة؛ أمثلتها: سفرجل، جحمرش4، قرطعب5،
قذعمل3.
فجملة الأوزان المتفق عليها عشرون، وما خرج عما ذكرناه من
الأسماء العربية الوضع؛ فهو مفرع عنها، إما بزيادة؛ كمنطلق
ومحرنجم، أو ينقص أصل؛ كيد ودم، أو بنقص حرف زائد؛ كـ
"ـعلبط" أصله: علابط6؛ بدليل أنهم نطقوا به، وأنهم لا
يوالون بين أربع محركات، أو بتغيير شكل؛ كتغيير مضموم
الأول والثالث: بفتح ثالثه في نجو: جخدب، وبكسر أوله في
نحو: خرفع7، وكتغيير مكسورهما بضم ثالثه في زئبر8، وأما
سرخس وبلخش فأعجميان9.
س [تقسيم الفعل
إلى مجرد ومزيد]:
فصل: وينقسم الفعل إلى مجرد، وأقله ثلاثة: كضرب، وأكثره:
أربعة؛ كدحرج. وإلى مزيد فيه؛ وغايته: ستة؛ كاستخرج،
وأوزانه كثيرة.
[أوزان
الثلاثي]:
وأوزان الثلاثي ثلاثة؛ كضرب وعلم وظرف، وأما نحو: ضرب، بضم
أوله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 اسم لمخلب الأسد.
2 البرجد: كساء غليظ مخطط، وعرفط: شجر من العضاه في
البادية.
3 اسم للعجوز المسنة، وللأفعى الضخمة.
4 وهو الشيء الحقير التافه.
5 الضخم من الإبل. وأوزانها على الترتيب: فعلل، فعللل،
فعلل، فعلل.
6 هو الضخم من الرجال.
7 هو القطن الفاسد من براعيمه.
8 هو ما يظهر من درز الثوب؛ وقيل: هو لحن، والصحيح زئبر
كزبرج.
9 الأول: اسم بلدة بخراسان. والثاني: اسم حجر من الجواهر
معروف.
ج / 4 ص -379-
وكسر ثانيه، فمن قال: "إنه وزن أصلي"
مستدلًا بأن نحو: جن وبهت وطل دمه، وأهدر، وأولع بكذا،
وعني بحاجتي، بمعنى اعتنى بها، وزهي علينا؛ بمعنى تكبر1،
لم تستعمل إلا مبنية للمفعول، عده رابعًا2، ومن قال: "إنه
فرع من فعل الفاعل"؛ مستدلًا بترك الإدغام في نحو: سوبر،
لم يعده3.
[للرباعي وزن
واحد]:
وللرباعي وزن واحد؛ كدحرج، ويأتي في دحرج، بالضم، والخلاف
في فعل المفعول.
فصل:
في كيفية الوزن، ويسمى التمثيل4:
[كيفية الوزن]:
تقابل الأصول بالفا؛ فاللام معطاة ما لموزونها من تحرك
وسكون فيقال في فلس: فعل، وفي ضرب: فعل، وكذلك في قام وشد؛
لأن أصلهما: قوم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ومثلها: حم، وزكم، ووعك، وفلج، و سقط في يده، ونعست
المرأة إلخ.
2 وإلى هذا ذهب المبرد والكوفيون، وتبعهم الناظم، ودليلهم:
أن فعل المفعول لو كان فرعًا لغيره؛ لا يستلزم وجوده وجود
ذلك الغير؛ لأن وجود الفرع يستوجب وجود الأصل، واللازم
باطل؛ لوجود هذه الأفعال ونحوها، فكذلك الملزوم.
التصريح: 2/ 357.
3 وهذا هو الأظهر -وهو مذهب البصريين؛ وحجتهم: أن عدم قلب
الواو ياء وإدغامهما مع اجتماعهما، وسبق إحداهما بالسكون
على مقتضى القاعدة -دليل على أنها مغيرة عن فعل الفاعل؛
وهو ساير؛ فكما لا تدغم الألف من ساير- فكذلك ما غير عنها؛
وأجيب: بأنه لو أدغم؛ وقيل: سير: لم يعلم أهو مجهول ساير،
أو سير؛ فترك الإدغام منعًا للإجمال. التصريح: 2/ 357.
4 وذلك: لمماثلة حروف الميزان للموزون في عدد الحروف
وهيئاتها. والغرض من الوزن: بيان أحوال أبينة الكلمة في
الحركات والسكنات، والأصول، والزوائد، والتقديم، والتأخير،
والحذف وعدمه، وقد اختير للميزان لفظ "فعل".
ج / 4 ص -380-
وشدد1؛ وفي علم: فعل، وكذلك في هاب ومن2،
وفي ظرف: فعل، وكذلك في طال وحب3.
فإن بقي من أصول الكلمة شيء4 زدت لامًا ثانية في الرباعي؛
فقلت في جعفر فعلل، وثانية وثالثة في الخماسي؛ فقلت في
جحمرش: فعللل5.
ويقابل الزائد بلفظه؛ فيقال في أكرم، وبيطر، وجمهور: أفعل
وفيعل وفعول، وفي اقتدر: افتعل، وكذلك في اصطبر وأدكر؛ لأن
الأصل: اصتبر واذتكر، وفي استخرج: استفعل.
إيلا أ نالزائد إذا كان تكرارًا لأصل فإنه يقابل عند
الجمهور بما قويل به ذلك الأصل6؛ كقولك في حلتيت7،
وسحنون8، واغدودن9: فعليل، وفعلول، وافعوعل.
وإذا كان في الموزون تحويل10، أو حذف، أتيت بمثله في
الميزان؛ فتقول
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قلبت الواو ألفًا؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها في الأول،
وأدغمت الدال في الدال؛ لاجتماع المثلين في الثاني.
2 لأن أصلهما: هيب، وملل- ففعل بهما ما تقدم من القلب
والإدغام.
3 فإن أصلهما: طول وحبب؛ ففعل بهما ما سبق أيضًا.
4 بأن كان أصل وضع الكلمة على أكثر من ثلاثة أحرف.
5 وهذا مذهب البصريين؛ وهو الصحيح.
التصريح: 2/ 358.
6 أي: يكرر الأصل، ولا ينطق بالحرف الزائد نفسه.
7 نوع من الصمغ؛ لوجع المفاصل، والتاء فيه للإلحاق.
8 قال صاحب التصريح: هو أول المطر- والريح، والنون فيه
للإلحاق.
9 أغدودن النبت: أخضر حتى يقرب إلى السواد، والشعر طال
وتم. والمغدودن من الشجر: الناعم المثني، والشاب الناعم،
والدال فيه لغير الإلحاق.
والخلاصة:
أن الزائد يعبر عنه بلفظه -إلا المبدل من تاء الافتعال؛
فيعبر عنه بأصله، وهو التاء، وإلا المكرر؛ فإنه يكرر ما
يقابله في الميزان. ضياء السالك: 4/ 226- 227.
10 أي: من مكان إلى آخر، ويسمى هذا القلب المكاني؛ وذلك
بأن قدمت العين على الفاء، كآصع: جمع صاع؛ فإنها على وزن
أعفل؛ أو اللام على الفاء كحادي، أو اللام على العين كتاء.
ج / 4 ص -381-
في ناء: فلع؛ لأنه من نأى1، وفي الحادي:
عالف؛ لأنه من الوحدة2، وتقول في هيب: يعل3، وفي بع: فل،
وفي قاض: فاع4.
[فصل فيما تعرف
به الأصول من الزوائد]:
قال الناظم رحمه الله:
والحرف إن يلزم فأصل، والذي
لا يلزم الزائد مثل تا احتذي5
وفي التعريفين نظر: أما الأول6؛ فلأن الواو من "كوكب"،
والنون من "قرنفل" زائدتان كما ستعرفه مع أنهما لا
يسقطان7.
وأما الثاني:
فلأن الفاء من "وعد" العين من "قال" واللام من "غزا" أصول
مع سقوطهن في "يعد" و "قل" و "لم يغز"8.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قدمت اللام وهي الياء -إلى موضع العين وهي الهمزة؛ فصار
نيأ على وزن فلع؛ فقبلت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما
قبلها.
2 أصله. واحد، أخرت الفاء وهي الواو - إلى موضع اللام وهي
الدال، ولما كان لا يمكن البدء بالألف؛ قدمت الحاء عليها؛
فصار حادو، فقلبت الواو ياء؛ لتطرفها إثر كسرة فصار حادي.
3 أصله "يوهب"، حذفت الواو؛ لوقوعها بين عدوتيها؛ الفتحة
والكسرة.
4 أصله: قاضي، حذفت لأمه؛ لالتقاء الساكنين. هذا، وإذا
تعذر وزن بعض الكلمات؛ كاسطاع وإهراق، روعي الأصل، فيقال
في وزنهما: أفعل لأن أصلهما أطوع، وأريق والسين والهاء
زائدتان.
5 أي: أن الحرف الأصلي، هو الذي يلزم جميع تصاريف الكلمة؛
والزائد: هو الذي لا يلزم في جميع التصاريف؛ مثل التاء في
احتذى؛ فهي زائدة؛ لأنها تحذف في بعض التصاريف؛ تقول: حذا
حذوه. والاحتذاء: الاقتداء.
6 وهو تعريف الأصلي بأنه: هو الذي لزم في جميع التصاريف.
7 لأن الكلمتين جامدتان.
8 وعلى ذلك؛ فتعريف الأصل، غير جامع، وتعريف الزائد، غير
مانع. ويجاب عن الناظم في ذلك: بأن الأصلي الساقط، لعله
تصريفية؛ مقدر وجوده؛ فهو كالثابت. والزائد الذي يلزم
لعلة، كان مقدرًا سقوطه؛ فالمقصود من اللزوم وعدمه؛ إما
تحقيقًا وإما تقديرًا التصريح: 2/ 359.
ج / 4 ص -382-
وتحرير القول فيما تعرف به الزوائد أن
يقال: أعلم أنه لا يحكم على حرف بالزيادة حتى تزيد بقية
أحرف الكلمة على أصلين، ثم الزائد نوعان؛ تكرار لأصل،
وغيره.
فالأول:
لا يختص بأحرف بعينها1؛ وشرطه أن يماثل اللام؛ كجلبب
وجلباب، أو العين؛ إما مع الاتصال؛ كقتل2، أو مع الانفصال
بزائد؛ كعقنقل3، أو تماثل الفاء والعين؛ كمرمريس4، أو
العين واللام؛ كصمحمح5، وأما الذي يماثل الفاء وحدها،
كقرقف، وسندس6، أو العين المفصولة بأصل كحدرد7، فأصلي.
وإذا بني الرباعي من حرفين؛ فإن لم يصح إسقاط ثالثة
فالجميع أصل مسمسم8، وإن صح كلملمة ولمه9؛ فقال الكوفيون:
ذلك الثالث زائد مبدل من حرف مماثل للثاني10، وقال
الزجاج11: زائد غير مبدل من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 فيكون في جميع الحروف ما عدا الألف؛ لأنها لا تقبل
التضعيف، ولا تختص بحروف "سألتمونيها".
2 مثال للفعل، ويكون في الاسم؛ مثل: سلم وقنب؛ وهل الزائد
الحرف الأول، أو الثاني؟ قولان.
3 مثال للاسم؛ أما الفعل؛ نحو: أحدودب، واعشوشب. والعقنقل:
الوادي العظيم المتسع- والكثيب المتراكم.
4 هو: الذاهية؛ وأرض لا تنبت شيئًا، ووزنه "قعفعيل"؛
ومثله: قرمريت بمعنى: الداهية أيضًا، ولا ثالث لهما.
5 هو الرجل الشديدج المجتمع الألواح، والقصير والأصلع.
6 القرقف وزنه "قعفل"؛ وهو الخمر، والسندس: هو رقيق
الديباج؛ ووزنه: "فعلف".
7 اسم رجل؛ ووزنه "فعلع"، ولم يرد على هذا الوزن غيره.
8 وزنه "فعلل"؛ ولا يصح إسقاط ثالثه؛ لأن أصالة أحد
المكررين فيه واجبة؛ تكميلا لأقل الأصول، وليس أصالة
أحدهما أولى من أصالة الآخر؛ فحكم بأصالتهما معًا.
والسمسم: بكسر السينين: الحب المعروف، وبفتحهما: الثعلب.
9 أمر من لملمت الشيء ولممته؛ إذا جمعته، وضممت بعضه إلى
بعض.
10 وهو العين؛ فأصل "لملم" على قولهم: لمم؛ فاستثقل توالي
ثلاثة أمثال، فأبدل من أحدهما حرف "يماثل الفاء؛ فوزنه على
ذلك: "فعل".
11 هو: إبراهيم بن السري النحوي، وقد مرت ترجمته.
ج / 4 ص -383-
شيء1، وقال بقية البصريين: أصل2.
والنوع الثاني3 مختص بأحرف عشرة جمعها الناظم في بيت واحد
أربع مرات4 فقال:
هناء وتسليم، تلا يوم أنسه
نهاية مسؤول، أمان وتسهيل
فتزاد الألف؛ بشرط أن تصحب أكثر من أصلين5؛ كضارب، وعماد،
وغضبي وسلامي6؛ بخلاف نحو: قال وغزا.
وتزداد الواو والياء بثلاثة شروط؛ أحدهما: ما ذكر في
الألف. والثاني: أن لا تكون الكلمة من باب سمسم، الثالث:
أن لا تتصدر الواو ملطقًا، ولا الياء قبل أربعة أصول في
غير مضارع؛ وذلك نحو: صيرف، وجوهر، وقضيب، وعجوز، وحذرية7،
وعرقوة8؛ بخلاف نحو: بيت، وسوط، ويؤيؤ9، ووعوعة10،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي: الثالث الصالح للسقوط، ووزن لملم على قوله: "فعفل"
بتكرير الفاء.
2 فيكون وزنه -عندهم-: "فعلل"، وتكون مادة "لملم". غير
مادة "لم".
3 وهو مما فيه الزائد غير تكرار الأصل.
4 وجمعها غيره بقوله: التناهي سمو، وتهاوني أسلم، واليوم
تنساه.
5 بشرط أن يكون مقطوعًا بأصالة الجميع؛ فإن صحبت أصلين
فقط، فليست زائدة، وإن صحبت أصلين وكان الثالث محتملًا
الأصالة والزيادة؛ فإن قدرت أصالته؛ فالألف زائدة، وإن
قدرت زيادته، فالألف غير زائدة؛ وذلك مثل "أبان"؛ فإنه
يحتمل أن وزنه "فعال" بزيادة الألف وأصالة الهمزة؛ أو
"أفعل" بالعكس. ولا تزاد اولصا؛ لأنه لا يبدأ بساكن وتزاد
حشوًا وطرفًا، وتكون للتأنيث والإلحاق في الطرف.
6 كرر الأمثلة لباين أنها تزاد في الاسم: ثانية، وثالثة،
ورابعة، وخامسة؛ كما مثل؛ والسلامي: واحدة السلاميات؛ وهي
العظام الصغار بين مفاصل الأصابع، في اليدين والرجلين.
وتزاد سادسة نحو: قبعثرى، وسابعة نحو: أرعباوي. وتزاد كذلك
في الفعل ثانية؛ نحو: قاتل، وثالثة؛ نحو: تغافل، ورابعة
نحو: سلقي.. إلخ.
التصريح: 2/ 360.
7 هي القطعة الغليظة من الأرض، والأكمة الغليظة؛ والجمع
حذاري.
8 هي الخشبة المعترضة على رأس الدلو، وفي هذه الأمثلة
زيادة الواو والياء ثانيتين، وثالثتين ورابعتين.
9 اسم طائر من الجوارح؛ كالباشق؛ وجمعه: يآيئ؛ كمساجد.
10 مصدر وعوع؛ إذا صوت؛ وهذا وما قبله من باب سمسم.
ج / 4 ص -384-
وورنتل1، ويستعور2.
وتزاد الميم بثلاثة شروط أيضًا؛ وهي: أن تتصدر، ويتأخر
عنها ثلاثة أصول فقط، وأن لا تلزم في الاشتقاق، وذلك نحو
مسجد ومنبج3؛ بخلاف نحو: ضرغام4، ومهد5، ومرزجوش6، ومرعز7؛
فإنهم قالوا: "ثوب ممرعز" فأثبتوها في الاشتقاق.
وتزاد الهمزة المصدرة بالشرطين الأولين؛ نحو: أفكل9 وأفضل؛
بخلاف نحو: كنأبيل10، وأكل، وإسطبل.
وتزاد المتطرفة بشرطين؛ وهما: أن تسبقهما ألف، وأن تسبق
تلك الألف بأكثر من أصلين؛ نحو: حمراء وعلباء وقرفصاء11؛
بخلاف نحو: ماء وشاء وبناء وأبناء11
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الورنتل: الداهية؛ والأمر العظيم. قيل: والنسر. وقد
تصدرت فيه الواو، ووزنه "فعلل".
2 هو شجر يستاك بعيدانه؛ واسم موضع عند حرة المدينة. وكساء
يجعل على عجز البعير.
وقد تصدرت فيه الياء قبل أربعة أصول في غير مضارع، ووزنه
"فعلول".
3 اسم موضع والنسبة إليه منبجاني؛ بفتح الباء على غير
قياس.
4 أي: لعدم تصدر الميم، والضرغام: الأسد.
5 لأنه لم يتأخر عنها ثلاثة أصول. والمهد: الموضع يهيأ
للصبي.
6 لأنه تأخر عن الميم أكثر من ثلاثة أصول؛ فالميم فيه
أصلية؛ ووزنه "فعللول" والمرزجوش معرب؛ وعربيته: "المسق؛
وهو نبات طبي طيب الرائحة، تعالج به أمراض كثيرة؛ كعسر
البول والمغص... إلخ.
7 هو الزغب الذي تحت شعر العنز. ويشترط كذلك لزيادة الميم:
ألا تكون كلمتها رباعية من حرفين؛ كمرمر -ومهمه. ولا تزاد
الميم إلا في الأسماء.
8 وهما: أن تتصدر، وأن يتأخر عنها ثلاثة أصول فقط؛ سواء
كانت في فعل، أو في اسم.
ولو قال المصنف: بالشرط الثاني لكفى؛ لأن فرض الكلام ي
الهمزة المصدرة.
9 الأفكل: الرعدة - والجماعة؛ يقال: أخذه الأفكل؛ إذا
أخذته الرعدة، وجاؤوا بأفكلهم؛ أي جماعتهم.
10 لعدم التصدر؛ وهو اسم موضع باليمن.
11 كرر الأمثلة لبيان أنه لا فرق بين أن يكون أول الكلمة
مفتوحًا؛ أو مكسورًا، أو مضمومًا، والألف في الأولين
مسبوقة بثلاثة أصول، وفي الثالث بأربعة.
12 فإن الألف في الأولين مسبوقة بأصل واحد؛ وفي الآخرين
بأصلين لا غير.
ج / 4 ص -385-
وتزاد النون متأخرة الشرطين1؛ نحو: عثمان
وغضبان؛ بخلاف نحو: أمام وسنان2.
وتزاد متوسطة بثلاثة شروط: أن يكون توسطها بين أربعة
بالسوية، وأن تكون ساكنة، وأن تكون غير مدغمة، وذلك؛
كغضنفر، وعقنقل، وقرنفل، وحبنطى3، وورنتل؛ بخلاف عنبر،
وغرنبق4، وعجنس5.
وتزاد مصدرة في المضارع6.
وتزاد التاء في التأنيث؛ كقائمة، والمضارع؛ كتقوم،
والمطاوع؛ كتعلم، وتدحرج والاستفعال والتفعل، والافتعال
وفروعهن7.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي: المذكورين في الهمزة المتطرفة؛ وهما: أن تسبقهما
ألف، وأن تسبق تلك الألف بأكثر من أصلين؛ وإذا كان قبل
الألف حرف مشدد؛ نحو: حسان ورمان، أو حرف لين؛ نحو عقيان،
وعنوان؛ احتملت الزيادة، والأصالة؛ إلا إذا دل دليل على
أحدهما؛ كمنع صرف حسان في قول أمية بن خلف يهجو حسان بن
ثابت:
ألا من مبلغ حسان عني
مغللغة تدب إلى عكاظ
فإن منع صرفه دليل على زيادة النون؛ وكذلك: عفان وحيان؛ إذ
اشتقا من العفة والحيا؛ كانت النون زائدة؛ ووزنهما "فعلان"
ومنعا من الصرف، وإن اشتقتا من العفونة والحين؛ كانت النون
أصلية، وصرفا وكان وزنهما: "فعال". وتزاد النون متأخرة
-أيضًا-: في المثنى والمجموع على حدة؛ وفي الأمثلة الخمسة
في حالة الرفع ونون الوقاية، ونون التوكيد، ولم يذكرها
المصنف ولا الناظم؛ لأن هذه زيادة معروفة متميزه، والمراد
هنا بيان الزيادة المحتاجة إلى تمييز لاختلاطها بأصول
الكلمة.
الأشموني: 3/ 807.
2 فإن الألف سبقت فيهما بأصلين لا غير.
3 الحبنطي: الممتلئ غيظًا - أو بطنه، وقيل: القصير.
4 طير من طيور الماء طويل العنق يشبه الكركي، أو هو نفسه،
والشاب الأبيض الجميل.
5 هو الجمل الضخم الشديد، والنون فيه ثالثة مدغمة. ووزنه
"فعلل"؛ لأن الزائد فيه التضعيف على الراجح.
6 وذلك؛ نحو: نقوم، وتزاد ثانية؛ نحو: حنظل، وثالثة نحو:
غضنفر، ورابعة نحو: رعش.... إخل. وكذلك تزاد في المطاوع؛
كانكسر. وفي باب الافعنلال؛ كالاحرنجام.
7 أي: من الفعل والوصف، وكذلك، تزاد في ابب التفاعل
وفروعه؛ كالتقاتل. وفي باب التفعيل والتفعال؛ كالتقديس
والترداد؛ من دون فروعهما؛ لأنه لا تاء فيها.
التصريح: 2/ 362.
ج / 4 ص -386-
وتزاد السين في الاستفعال1؛ وأهملها الناظم
وابنه.
وزيادة الهاء واللام قليلة؛ كأمهات وأهراق، وطيسل
-للكثير-؛ بدليل سقوطها في الأمومة2 والإراقة3 والطيس4.
وأما تمثيل الناظم وابنه وكثير من النحويين للهاء؛ بنحوه:
"لمه"، "ولم تره" ولللام بـ "ذلك"، و "تلك"5، فمردود؛ لأن
كلا من هاء السكت، ولام البعد، كلمة برأسها، وليست جزءًا
من غيرها.
وما خلا من هذه القيود حكم بأصالته؛ إلا إن قامت حجة على
الزيادة، فلذلك، حكم بزيادة همزتي: شمأل6 واحبنطأ، وميمي:
دلامص7 وابنم، ونوني: حنظل وسنبل، وتاءي: ملكوت وعفريت،
وسيني: قدموس8 واسطاع9؛ لسقوطها في الشمول والحبط والدلاصة
والبنوة والملك والعفر، بفتح أوله؛ وهو التراب10،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 قيل: إن السين وحدها لم تزد مجردة عن التاء؛ إلا في
اسطاع يسطيع، وقدموس -بمعنى قديم.
2 أي: في المصدر، وكذلك في الجمع، فقد قالوا: أمات، وتغلب
الأمهات في العقلاء، والأمات فيما لا يعقل: وزنها:
"فعلهات"؛ لأنه جمع أم.
3 مصدر أراق الماء؛ إذا صبه، والمضارع يريق؛ ومضارع أهراق:
يهريق.
4 هو العدد الكثير؛ وكل ما على وجه الأرض من التراب
والقمام؛ أو هو خلق كثير النسل؛ كالذباب، والسمك، والنمل،
والهوام؛ ومن قول رؤبة: "عددت قومي كعديد الطيس".
5 ونحوهما من أسماء الإشارة في البعد؛ كهنالك، وأولائك.
وقد ذكر الأشموني أن التحقيق عدم ذكر هاء السكت، ولام
الإشارة مع حروف الزيادة للسبب الذي ذكره ابن هشام.
الأشموني: 3/ 812.
6 هي ريح الشمال، والجمع: شمالات.
7 هو الشيء البراق اللماع، يقال: ذهب دلامص-أي لماع؛ ورأس
دلمص- أي أصلع.
8 هو الشيء القديم -والملك الضخم- والعظيم من الإبل.
9 بقطع الهمزة وضم أول المضارع؛ لأن أصله أطاع؛ ومضارعه:
يطيع بضم الياء، فزيدت السين عوضًا عن حركة عين الفعل؛ فإن
أصل أطاع: أطوع.
10 راجع إلى عفريت؛ والعفريت: الرجل الخبيث الداهية
المبالغ في الشيء؛ يقال: رجل عفر وعفريت، وامرأة عفرية.
وتضم إليه كلمة تقريب؛ فيقال: عفريت -نفريت، وعفرية-
نفرية.
ج / 4 ص -387-
والقدم1، والطاعة. وفي قولهم: "حظلت الإبل"
إذا آذاها أكل الحنظل، و"أسببل الزرع". وبزيادة نوني: نرجس
وهندلع2، وتاءي: تنصب3، وتخيب4؛ لانتفاء فَعلل وفُعللل
وفَعْلل وفُعُلِّل.
فصل في زيادة
همزة الوصل5:
[تعريف همزة
الوصل]:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 كان الأولى أن يقول: التقدم، كما يدل عليه معناه.
2 اسم لنبات ذي شوك.
3 نوع من الشجر تألفه الحرباء؛ واسم بلد قرب مكة.
4 يراد به الباطل، من الخيبة؛ وهي الحرمان، وعدم بلوغ
المراد. يقال: وقعوا في وادي تخيب؛ أي: في باطل، وخيبه
الله: حرمه الخير. والخياب: القدح الذي لا يواري. هذا،
ومما تقدم يتبين أن من أدلة الزيادة.
"أ" سقوط بعض الأحرف من أصل الكلمة لغير علة؛ كسقوط الهمزة
والنون والتاء من الأمثلة التي ذكرها المصنف؛ وكسقوط ألف
ضارب من أصله؛ وهو المصدر. أما السقوط لعلة، فلا يكون
دليلا على الزيادة؛ كسقوط الواو من وعد في يعد وعد.
"ب" ولزوم عدم النظير لو حكم بالأصالة. وذكر المصنف أمثلة
ذلك أيضًا، واقتصر على هذين الدليلين. ومن الأدلة غير ما
ذكره المصنف.
"جـ" سقوط بعض الأحرف، من فرع الكلمة؛ كسقوط ألف كتاب، عند
جمعه على كتب.
"د" وكون الحرف مع عدم الاشتقاق؛ في موضع تلزم فيه زيادته،
مع الاشتقاق؛ كالنون في شرنبث: "للغليظ الكفين والرجلين"؛
فإنه غير مشتق، ونونه زائدة؛ لأنها في موضع، لا تكون فيه
مع المشتق إلا كذلك؛ مثل: "جحنفل"؛ للعظيم الشفة، من
الجحفلة؛ وهي لذي الحافر كالشفة للإنسان.
"هـ" كون الحرف دالًا على معنى؛ كأحرف المضارعة، والسين
والتاء من مستغفر. والغرض من الزيادة: زيادة المعنى؛ مثل:
كاتب ومستغفر، وتكثير الكلمة في مثل: كمثرى، ومد الصوت؛ في
نحو: كتاب. وقد تكون الزيادة للتعويض، من المحذوف، كإقامة،
أو للإلحاق، أو للتأنيث كما سبق.
ضياء السالك: 4/ 239.
5 الكلام فيها تكميل للكلام السابق على زيادة الهمزة،
وأفردت بفصل خاص لاختصاصها بالأحكام التي ستأتي، وسميت
بذلك؛ لأنها تسقط عند وصل الكلمة بما قبلها وتثبت عند
البدء بها؛ أو لأنه يتوصل بها إلى النطق بالساكن. التصريح:
2/ 364.
ج / 4 ص -388-
وهي: همزة سابقة1 موجودة في الابتداء
مفقودة في الدرج2.
ولا تكون في مضارع مطلقًا3، ولا في رحف غير أل4، ولا في
ماضي ثلاثي كأمر وأخذ، ولا رباعي؛ كأكرم وأعطى، بل في
الخماسي، كانطلق؛ والسداسي؛ كاستخرج، وفي أمرهما، وأمر
الثلاثي كاضرب5، ولا في اسم إلا في مصادر الخماسي والسدادس
كالانطلاق والاستخراج.
قالوا: وفي عشرة أسماء محفوظة؛ وهي: اسم، واست6، وابن،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي: واقعة في أول الكلمة متقدمة على جميع حروفها.
2 أي: في الاستمرار في الكلام؛ لأنه إنما جيء بها؛ لتكون
وصلة للبدء بالساكن. أما همزة القطع؛ فهي التي تثبت في
الوصل وفي الابتداء. وتعرف همزة الوصول بسقوطها في
التصغير؛ كبني وسمي -في ابن واسم؛ بخلاف همزة القطع، فتقول
في أب وأخ: أبي وأخي؛ وقد تثبت همزة الوصل في الضرورة؛
كقوله:
إذا جاوز الاثنين سر فإنه
بنت وتكثير الوشاة قمين
كما تحذف همزة القطع عند الضرورة أيضًا؛ كقول القائل:
إن لم أقاتل فالبسوني برقعا
انظر حاشية الصبان: 4/ 273، والتصريح: 2/ 364، وضياء السالك:
4/ 240.
3 ثلاثيًا؛ أو غيره، مجردًا أو مزيدًا؛ ذلك لأنه مبدوء
بحرف المضارعة وهو متحرك دائمًا فلا حاجة به إلى همزة
الوصل.
4 أي التي للتعريف -أو الزائدة- أما الموصولة؛ فهي اسم على
الصحيح، ومثل أل: "أم" في لغة حمير على القول بأن همزتها
للوصل؛ كما في قوله -عليه السلام- "ليس من أمير امصيام في
امسفر"؛ أي: ليس من البر الصيام في السفر.
5 ضابط ذلك: أنه إذا كان أول المضارع مفتوحًا؛ كيكتب،
وينطلق، ويستخرج؛ فهمزة أمره وصل، وإن كان مضمومًا؛ كيكرم
ويعطي؛ فهمزته قطع. ويستثنى من أمر الثلاثي ثلاثة أفعال؛
وهي: أخذ -وأكل- وأمر؛ فإن الأمر منها: خذ وكل ومر؛ بحذف
الفاء وجوبًا؛ في كل، وخذ؛ وجوازًا في: مر؛ والاستغناء عن
همزة الوصل لتحرك أولها. قال تعالى:
{خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّة}
{كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا
تُسْرِفُوا}.
6 هو الدبر؛ وأصله: ستة كجمل؛ حذفت لامه - وهي الهاء
تشبيهًا بحروف العلة، وسكنت السين، ثم جيء بالهمزة للتوصل
للساكن، وكتعويض عن اللام؛ ويقال فيه: سه؛ بحذف العين،
ووزنه: "فل"، وست - بحذف اللام، ووزنه "فع"، ويكون الإعراب
على الهاء والتاء. أما اسم؛ فأصله. "سمو" -عند البصريين-
ووسم -عند الكوفيين-؛ حذفت لامه على الأول، وفاؤه على
الثاني، وسكن أوله: وأتى بالهمزة؛ توصلًا وتعويضًا كما
سبق. الأشموني: 3/ 815؛ والتصريح: 2/ 364.
ج / 4 ص -389-
وأبنم1، وآبنة، وامرؤ، وامرأة، واثنان،
واثنتان2، وأيمن المخصوص بالقسم3، وينبغي أي يزيدوا "أل"
الموصولة، وايم لغة في أيمن؛ فإنه قالوا: هي أيمن؛ فحذفت
اللام، قلنا: وابنم هو ابن، فزيدت الميم.
[أحوال همزة
الوصل بالنسبة إلى حركتها].
مسألة: لهمزة الوصل بالنسبة إلى حركتها سبع حالات؛ وجوب
الفتح في المبدوء بها أل4، ووجوب الضم في نحو: انطلق5
واستخرج مبنيين للمفعول، وفي أمر الثلاثي المضموم العين في
الأصل؛ نحو: اقتل، اكتب؛ بخلاف امشوا اقضوا6، ورجحان الضم
على الكسر فيا عرض جعل ضمة عينه كسرة من نحو: أعزي7؛ قاله
ابن الناظم؛ وفي تكملة8 أبي علي: أنه يجب إشمام ما قبل ياء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هو بمعنى "ابن" والميم فيه زائدة للتوكيد والمبالغة؛
وأصل ابن: بنو، كقلم فعل به ما تقدم.
2 أصلهما: ثنيان، وثنيتان؛ حذفت لامهما، وسكنت التاء، ثم
جيء بالهمزة؛ كما بينا.
3 هو اسم مفرد مشتق؛ من اليمن، بمعنى: البركة، وخرج "أيمن"
في مثل: بر القوم بأيمنهم؛ فإنه جمع يمين؛ وهمزته للقطع
اتفاقًا.
4 وذلك لكثرة الاستعمال.
5 من كل فعل مضموم ثالثة ضمًا أصليًا ظاهرًا.
6 فإن الهمزة فيهما مكسورة؛ لأن عينهما في الأصل مكسورة؛
والأصل: امشيوا - واقضيوا، استثقلت الضمة على الياء؛
فحذفت، ثم الياء؛ لالتقاء الساكنين، وضمت العين لمناسبة
الواو.
7 أصله: اغزوي، استثقلت الكسرة على الواو؛ فنقلت، ثم حذفت
الواو للساكنين، فالضم نظرًا للأصل، والكسر نظرًا إلى
الحالة الراهنة، ولم يجز هذان الوجهان في "امشوا"؛ لأن كسر
الهمزة هو الأصل، وقد عضد بكسر العين أصلًا، فألغي العارض
لمعارضته أصلين - بخلاف اغزي.
للتصريح: 2/ 365.
8 التكملة: كتاب في الصرف، لأبي علي الفارسي، ألفه تكملة
لكتابه "الإيضاح". قبل: إن سبب تأليفه، أن عضد الدولة لما
قرأ الإيضاح استقصره، وقال لأبي علي: ما زدت على ما أعرف
شيئًا؛ وإنما يصلح هذا للصبان، فصنف التكملة، وحمله إليه؛
فلما اطلع عليه عضد الدولة؛ قال: قد غضب الشيخ، وجاء بما
لا نفهمه نحن ولا هو، وقد عني به كثير من النحاة وتناولوه
بالشرح والإيضاح.
ج / 4 ص -390-
المخاطبة1 وإخلاص ضم الهمزة؛ وفي التسهيل:
همزة الوصل تشم قبل الضمة المشمة2، ورجحان الفتح على الكسر
في أيمن وابنم، ورجحان الكسر على الضم في كلمة اسم، وجواز
الضم والكسر والإشمام في نحو: اختار، وانقاد مبنيين
للمفعول؛ ووجوب الكسر فيما بقي؛ وهو الأصل.
[في حذف همزة
الوصل]:
مسألة لا تحذف همزة الوصل3 المفتوحة، إذا دخلت عليها همزة
الاستفهام كما حذفت الهمزة المكسورة نحو:
{أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا}4،
{أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ}5 وهو الأصل؛ لئلا يلتبس الاستفهام بالخبر، ولا تحقق؛ لأن همزة
الوصل لا تثبت في الدرج إلا ضرورة؛ كقوله6: [الطويل]
561- ألا لا أرى اثنين أحسن شيمة7
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 وذلك تنبيهًا على الضم الأصلي. والمراد بالإشمام هنا: ما
يسمى رومًا عند القراء؛ وهو الميل بالضمة، نحو الكسرة.
2 أي: إذا أشممت الثالث، أشممت الهمزة؛ وإلا فلا.
3 وذلك في "أل" و"أم" في لغة حمير، وأيمن، وايم.
4 سورة ص الآية: 63.
موطن الشاهد:
{أَتَّخَذْنَاهُم}.
وجه الاستشهاد: حذف همزة الوصل استغناء عنها بـ "همزة
الاستفهام"؛ والأصل: "أاتخذناهم"، والهمزة الأولى مفتوحة،
والثانية المحذوفة مكسورة.
5 سورة المنافقون الآية: 6.
موطن الشاهد:
{أَسْتَغْفَرْتَ}.
وجه الاستشهاد: حذف همزة الوصل المكسورة من فعل "استغفرت"،
والاكتفاء بهمزة الاستفهام المفتوحة؛ كما في الآية
السابقة.
6 لم ينسب البيت إلى قائل معين.
7 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت، وعجزه قوله:
على حدثان الدهر مني ومن جمل
ج / 4 ص -391-
[إبدال همزة الوصل ألفًا]:
بل الوجه أن تبدل ألفًا، وقد تسهل مع القصر؛ تقول "الحسن
عندك؟"، و "ايمن الله يمينك؟" بالمد على الإبدال راجحًا؛
وبالتسهيل مرجوحًا؛ ومنه قوله1: [الطويل]
أأحق إن دار الرباب تباعدت2
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= وهو من شواهد: التصريح: 2/ 366، والأشموني "1213/ 3/
814"، والعيني: 4/ 569، والنوادر: 204، والموشح: 96،
والمحتسب: 1/ 248، وشرح المفصل: 9/ 19، والخزانة: 3/ 235
عرضًا.
المفردات الغريبة: شيمة: هي السجية والطبيعة وجمعها: شيم.
حدثان الدهر: صروفه وأحداثه. جمل: اسم امرأة.
المعنى: واضح.
الإعراب:
ألا: أداة استفتاح وتنبيه. لا: نافية، لا محل لها من
الإعراب. أرى: فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه الضمة المقدرة
على الألف، والفاعل: أنا. اثنين: مفعول به أول لـ "أرى"
منصوب، وعلامة نصبه الياء؛ لأنه ملحق بالمثنى. أحسن: مفعول
به ثان لـ "أرى". شيمة: تمييز منصوب، وعلامة نصبه الفتحة.
"على حدثان": متعلق بـ "أحسن"، وحدثان: مضاف. الدهر: مضاف
إليه مجرور، وعلامة جره الكسرة. "مني": متعلق بـ "أحسن".
ومن: الواو: عاطفة، من: حرف جر. جمل: اسم مجرور، و"من
جمل": معطوف بالواو على "مني".
موطن الشاهد: "اثنين".
وجه الاستشهاد: أثبت همزة "اثنين"؛ التي من حقها أن تسقط
في درج الكلام؛ لأنها همزة وصل؛ عندما اضطر الشاعر؛ لإقامة
الوزن، فحكم إثباتها -هنا- الضرورة.
1 القائل: هو عمر بن أبي ربيعة، وقد مرت ترجمته.
2 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت، وعجزه قوله:
أو انبت حبل أن قلبك طائر
وهو من شواهد: التصريح: 2/ 366، ولم ينسبه والأشموني "215/
3/ 818" والعيني: 4/ 569، ونسبه إلى حسان بن يسار التغلبي،
وديوان عمر بن أبي ربيعة: 101.
المفردات الغريبة: الرباب: اسم امرأة. تباعدت: صارت بعيدة
عنك. انبت: انقطع. حبل: معروف ويراد به هنا: العهد وأسباب
المودة والصلة.
المعنى: أخبرني واصدقني!! إذا تباعدت عنك دار الرباب، أو
انقطع ما بينكما من أواصر =
ج / 4 ص -392-
وقد قرئ بها في نحو: {آلذَّكَرَيْن}1،
{آلْآنَ}2.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= الألفة والمحبة وعهد الإخاء؛ هل ألحق أن قلبك يطير معها،
ويذهب عقلك حزنًا عليها؟ وكنى بذلك عن شدة اضطرابه
وخفقانه.
الإعراب:
أألحق: الهمزة حرف استفهام، الحق: منصورب على الظرفية
متعلق بمحذوف خبر مقدم. إن: حرف شرط جازم. دار: فاعل لفعل
محذوف، يفسره المذكور بعده؛ والتقدير: إن تباعدت دار
الرباب تباعدت؛ والفعل المحذوف في محل جزم فعل الشرط؛ جواب
الشرط محذوف؛ لدلالة سياق الكلام عليه، ودار مضاف. الرباب:
مضاف إليه مجرور. تباعدت؛ والفعل المحذوف في محل جزم فعل
الشرط؛ وجواب الشرط محذوف؛ لدلالة سياق الكلام عليه. ودار
مضاف. الرباب: مضاف إليه مجرور. تباعدت: فعل ماض مبني على
الفتح، والتاء: للتأنيث، والفاعل: هي، وجملة "تباعدت":
تفسيرية، لا محل لها. أو: حرف عطف. انبت: فعل ماض معطوف
على تباعد. حبل: فاعل مرفوع. أن: حرف مشبه بالفعل. قبلك:
اسم "أن" منصوب، وهو مضاف، والكاف: مضاف إليه. طائر: خبر
"أن" مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة؛ والمصدر المؤول من
"أن وما دخلت عليه": في محل رفع مبتدأ مؤخر؛ والتقدير: أفي
الحق طيران قلبك؟.
موطن الشاهد: "أألحق".
وجه الاستشسهاد: نطق الشاهر بهمزة "أ" تسهيلًا؛ أي: بين
الهمزة والألف قصرًا؛ وهذا مرجوح؛ لأن الكثير الراجح:
إبدال همزة أل -التالية لهمزة الاستفهام- ألفًا.
انظر حاشية الصبان: 4/ 278.
والتصريح: 2/ 366.
1 سورة الأنعام الآية: 143.
موطن الشاهد:
{آلذَّكَرَيْن}.
وجه الاستشهاد: جواز المد والتسهيل في قراءة "الذكرين"؛
فيجوز "أألذكرين"، كما يجوز "الذكرين" المثبتة. والإبدال؛
أي المد أرجح من التسهيل انظر التصريح: 2/ 366.
2 سورة يونس الآية: 91.
موطن الشاهد:
{آلْآنَ}.
وجه الاستشهاد: جواز قراءتها بالوجهين؛ المد والتسهيل؛ لأن
أصلها: "أألآن"، والمد أرجح من التسهيل، كما في الآية
السابقة. انظر: التصريح: 2/ 366. |