أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك

ج / 4 ص -393-         [باب الإبدال1]:
هذا باب الإبدال.
[الأحرف التي تبدل من غيرها]:
الأحرف التي تبدل من غيرها إبدالًا شائعًا2 لغير إدغام3 تسعة؛ يجمعها "هدأت موطيًا". وخرج بقولنا "شائعًا"؛ نحو قولهم في "أصيلان"، تصغير أصيل، على غير قياس4، وفي "اضطجع"، وفي نحو "علي" في الوقف: أصيلال والطجع، وعلج، قال5: [البسيط]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الإبدال: هو جعل حرف مكان حرف آخر مطلقًا؛ سواء أكانا صحيحين، أم معتلين، أم مختلفين. أما القلب فخاص بحروف العلة والهمزة وبخالفهما التعويض؛ فإنه قد يكون في غير الموضع؛ كتاء عدة- وهمزة ابن، وقد يقع عن حركة؛ كسين اسطاع؛ فإنها عوض عن حركة عينه، كما تقدم. والإعلال: تغيير حرف العلة بقلب، أو حذف أو إسكان؛ للتخفيف. ومن هذا يتبين:
"آ" أن بين الإبدال والقلب عمومًا وخصوصًا مطلقًا؛ فكل قلب إبدال ولا عكس. يجتمعان؛ في نحو: باع، ويتفرد الإبدال، في نحو: اصطبر.
"ب" وكذلك الإبدال والإعلال عموم وخصوص من وجه: يجتمعان؛ في نحو: قال، وينفرد الإبدال، في نحو: اصطبر، والإعلال في نحو: يقوم.
الأشموني: 3/ 820، والهمع: 2/ 219.
2 أي مطردًا، وقياسًا يضطر إليه في التصريف، ويوقع عدمه في خطأ؛ كقولك في "قال": قول.
3 أما الإبدال الشائع للإدغام، فيقع في جميع الحروف ما عدا الألف اللينة؛ فإنها لسكونها لا تدغم، ولا يدغم فيها، وليس مكانها هذا الباب.
4 لزيادته على أصله المكبر، وقيل: هو تصغير "أصلان": جمع أصيل؛ كبعير وبعران؛ وهو غير قياسي أيضًا؛ لأن الجمع إنما يصغر على لفظ واحد.
5 القائل: هو النابغة الذبياني، وقد مرت ترجمته.

 

ج / 4 ص -394-       وقفت فيها أصيلالًا أسائلها1

وقال2: [الرجز]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت، وعجزه قوله:

أعيت جوابًا وما بالربع من أحد

وهو من شواهد: التصريح: 2/ 367، والأشموني "1216/ 3/ 820"، وسيبويه: 1/ 364، ومعاني الفراء: 1/ 288، والمقتضب: 4/ 414، والإنصاف: 170، 269، 237، وشرح المفصل: 2/ 80، 8/ 12، 9/ 143، وشرح شواهد الشافية: 480، والعيني: 4/ 578، والهمع: 1/ 223، 225، والدرر: 1/ 191، وديوان النابغة: 16.
المفردات الغربية: أصيلالًا: الأصيل: ما بين العصر وغروب الشمس؛ وجمعه: أصلان، وصغر على أصيلال؛ يقلب النون لامًا. أعيت: ضعفت وعجزت ويروي: عيت. الربع: المنزل والدار.
المعنى: وقفت بدار المحبوبة وقت الأصيل، أسأل عنها، وعن أخبارها، فعجزت الدار عن إجابتي، وليس -هناك- أحد يجيبني.
الإعراب: وقفت: فعل ماضي مبني على السكون لاتصاله بمضير رفع متحرك، والتاء: فاعل. "فيها": متعلق بـ "وقف". "أصيلالًا": متعلق بـ "وقفت"؛ وهو ظرف زمان. أسائلها: فعل مضارع مرفوع، والفاعل: أنا، و"ها": مفعول به. أعيت: فعل ماض مبني على الفتح، والتاء: للتأنيث، والفاعل: هي. جوابًا: مفعول مطلق منصوب. جوابًا: مفعول مطلق منصوب. وما: الواو حالية، ما: نافية، لا محل لها من الإعراب. "بالربع": متعلق بخبر مقدم محذوف. من أحد: "من" حرف جر زائد:، أحد: اسم مجرور لفظًا، مرفوع محلًا على أنه مبتدأ مؤخر؛ وجملة "ما بالربع من أحد": في محل نصب على الحال.
موطن الشاهد: "أصيلالًا".
وجه الاستشهاد: إبدال النون في "أصيلان" لامًا؛ لقرب المخرج؛ وحكم هذا الإبدال الشذوذ والندرة.
قال صاحب الدرر اللوامع: يروى -بدل أصيلالًا- أصيلًا كي أسائلها؛ وأصيلانًا -بالنون- وهو مصغر: أصلان؛ وهو جمع "أصيل"؛ كرغيف ورغفان؛ وقيل: هو مفرد كغفران، وهو الصحيح؛ لأن جمع الكثرة -إذا صغر- رد إلى مفرد؛ وروي: وقفت فيها طويلًا، وعلى هذه الروايات؛ فلا شاهد في البيت على الإبدال. انظر الدرر اللوامع: 1/ 191.
2 القائل: هو منظور بن حية الأسدي، راجز من بني أسد، وحية أمه، واسم أبيه مرثد بن فروة بن نوفل بن نضلة بن الأشتر.
خزانة الأدب: 6/ 138.

 

ج / 4 ص -395-       564- مال إلى أرطاة حقف فالطجع1

وقال2: [الرجز]

565- خالي عويف وأبو علج3

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 تخريج الشاهد: هذا بيت من الزجر، وصدره قوله:

لما رأى أن لا دعة ولا شبع

وفيه يصف ذئبًا، وقبله قوله:

يا رب أباز من العفر صدع                         تقبض الذئب إله واجتمع

والشاهد من شواهد: التصريح: 2/ 367، والأشموني "1217/ 3/ 821" والخصائص: "2/ 350، 3/ 163، والمنصف: 2/ 329، والمخصص: 8/ 24، وشرح المفصل: 9/ 82، 10/ 46، والمقرب: 111، وشرح شواهد الشافية: 274، والعيني: 4/ 584. المفردات الغريبة: دعه: الدعة: الراحة وسعة العيش، مال انحاز وركن. أرطأة: واحدة الأرطي، وهو شجر من شجر الرمل له ثمر؛ كالعناب. حقف: هو ما أعوج وانحنى من الرمل، والجمع أحقاف. الطجع: اتكأ على الأرض.
المعنى: إن هذا الذئب لما رأى أنه لم يجد راحة من التعب، ولم يشبع بأكل، ركن إلى شجرة من الأرطى في منحنى من الرمل، واتكأ على جنبه ليستريح.
الإعراب:
مال: فعل ماض مبني على الفتح، والفاعل: هو. "إلى أرطأة": متعلق بـ "مال"، وأرطأة: مضاف. حقف: مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الكسرة الظاهرة.
فالضجع: الفاء عاطفة، الطجع: فعل ماض، والفاعل: هو.
موطن الشاهد: "فالطجع".
وجه الاستشهاد: أصل هذه الكلمة "اضتجع"؛ فقلبت التاء طاء؛ لوقوعها بعد حرف الإطباق؛ فأصبحت اضطجع؛ ثم قلبت الضاد لامًا؛ فصارت "فالطجع؛ والإبدال الأول- إبدال التاء طاء إبدال قياسي؛ وإبدال الثاني -إبدال الضاد لامًا- شاذ.
2 القائل: رجل من البادية، لم يعين اسمه.
3 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت من الرجز، أو بيت من مشطوره - وبعده قوله:

المطعمان اللحم بالعشج                                وبالغداة كتل البرنج

يقلع بالود وبالصيصج

وهو من شواهد: التصريح: 2/ 367، والأشموني "1218/ 3/ 821"، والعيني: 4/ 585، وسيبويه: 2/ 288، وأمالي القالي: 2/ 77، والمحتسب 1/ 75، والمصنف: 2/ 178، 3/ 796، وشرح المفصل: 9/ 74، 10/ 50، وشرح شواهد الشافية: 212.

 

ج / 4 ص -396-        وتسمى هذه اللغة عجعجة قضاعة1.
ومعنى "هدأت" سكنت، و "موطيًا" من أوطأته جعلته وطيئًا؛ فالياء فيه بدل من الهمزة.
وذكره الهاء زيادة على ما في التسهيل؛ إذ جمعها فيه في "طويت دائمًا"، ثم إنه لم يتكلم -هنا- عليها مع عده إياها، ووجهه أن إبدالها من غيرها إنما يرطد في الوقف على نحو: رحمة ونعمة؛ وذلك مذكور في باب الوقف؛ وأما إبدالها من غير التاء فمسموع؛ كقولهم: هياك ولهنك قائم، وهرقت الماء، وهردت الشيء، وهرحت الدابة2.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= المفردات الغريبة: عويف: تصغير: عوف اسم رجل، العشج: هو العشي، وهو آخر النهار. كتل: جمع كتلة وهو الشيء المجتمع، ويروى: قلق -وهو ما قطع منه. والبرنج: البرني؛ وهو نوع من التمر الجيد. الود: الوتد. الصيصج: الصيصي؛ وهو قرن البقرة، يريد أنه شديد التماسك فيحتاج إلى علاج لقلعه.
المعنى: واضح من شرح المفردات.
الإعراب:
خالي: مبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه الضمة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم، وهو مضاف، والياء: في محل جر بالإضافة. عويف: خبر المبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة. وأبو: الواو عاطفة، أبو: معطوف على "عويف" مرفوع، وعلامة رفعه الواو؛ لأنه من الأسماء الستة، وهو مضاف، علج: مضاف إليه مجرور.
موطن الشاهد: "أبو علج".
وجه الاستشهاد: إبدال الياء المشددة في "علي" جميعًا جيمًا في الوقف، وكذلك الحال في "العشي" حيث أبدلت الباء جيمًا، وكذلك في "البرني" فأصبحت البرنج؛ والصيصي؛ فأصبحت: الصيصج؛ وحكم الإبدال في هذه الكلمات وأمثالها الشذوذ.
انظر تفصيل ذلك في التصريح: 2/ 367. وحاشية الصبان: 4/ 281.
1 هناك عجعجة في قضاعة، يحولون الياء جيمًا مع العين؛ فيقولون: هذا راج خرج معج؛ يريدون: هذا راع خرج معي.
2 فقد أبدلت في الجميع الهاء من الهمزة؛ لاتفاقهما في المخرج، والأصل: إياك -ولأنك- وأرقت الماء -وأردت الشيء- وأرحت الدابة.
التصريح: 2/ 367- 368- والأشموني: 3/ 821.

 

ج / 4 ص -397-        فصل في إبدال الهمزة:
تبدل من الواو والياء في أربع مسائل:
إحداها: أن تتطرف إحداهما1 بعد ألف زائدة؛ نحو: كساء وسماء ودعاء2، ونحو: بناء وظباء وفناء3؛ بخلاف نحو: قاول وبايع وإداوة وهداية4؛ ونحو: غزو وظبي5؛ ونحو: واو وآي6.
وتشاركهما في ذلك الألف في نحو: حمراء؛ فإن أصلها حمري كسكرى؛ فزيدت ألف قبل الآخر للمد كألف كتاب وغلام؛ فأبدلت الثانية همزة7.
الثانية: أن تقع إحداهما عينًا لاسم فاعل فعل أعلت فيه8؛ نحو: قائل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 إما حقيقة بأن تقع في آخر الكلمة -كما مثل المصنف- أو حكمًا بأن يقع بعد أحدهما حرف من شأنه عدم اللزوام، ولو كان لازمًا بالفعل للكلمة؛ وذلك؛ كالتاء العارضة للتأنيث؛ للفرق بين وصفي المذكر والمؤنث؛ كبناء وبناءه؛ وكزيادتي التثنية العارضتين؛ نحو: رداءان وكساءان- ورداءين وكساءين؛ مما همزته بدل من أصل؛ أو من حرف إلحاق: أما المبدلة من ألف التأنيث؛ فيجب قلبها واوًا في التثنية.
2 الهمزة فيهن مبدلة عن واو.
3 الهمزة فيهن مبدلة عن ياء، وإبدال الواو والياء همزة ابتداء؛ لتطرفهما إثر ألف زائدة -رأي ابن مالك وآخرين، وقيل إنهما أبدلتا ألفين لتحركهما إثر فتحة، والحاجز بينهما ساكن معتل فهو غير حصين، ثم قلبت الألف همزة؛ لالتقائها ساكنة مع الألف الأولى الزائدة، والألف إذا تحركت قلبت همزة.
التصريح: 2/ 368.
4 فإنه يجب التصحيح لعدم التطرف في قاول وبايع؛ ولأن تاء التأنيث غير عارضة في إداوة وهداية، بل هي لازمة لصيغة الكلمة وبنيتها، وليس للكلمة معنى بدونها، والإداوة: إناء صغير يتخذ للماء.
5 لأنه لم تتقدم عليهما ألف.
6 لأن الألف فيهما أصل، وليست زائدة، و"واو"؛ اسم للحرف "و" - ووزنها "فعل"؛ و "آي" جمع: آية؛ وهي العلامة، أو القطعة من السورة؛ ووزنها: "فعل".
7 صفوة القول: إن الواو والياء والألف إذا تطرفت إحداهما تطرفًا حقيقيًا، أو حكميًا إثر ألف زائدة، قلبت همزة. التصريح 2/ 369، وضياء السالك: 4/ 250.
8 أي: أعلت عين فعله؛ سواء كان اسم الفاعل مؤنثًا؛، أو مثنى، أو مجموعًا؛ ومثله: كل = اسم على وزن "فاعل"، أو "فاعلة"، وإن لم يكن وصفًا: "اسم فاعل"؛ كقولهم: جائز للبستان. قال الشاعر:

صعدة نابتة في جائز                            أينما الريح تميلها تمل

وقولهم: جائزة -للخشبة المعترضة وسط السقف.
حاشية يس على التصريح: 2/ 369.

 

ج / 4 ص -398-        وبائع1؛ بخلاف نحو: عين، فهو عاين، وعور فهو عاور2.
الثالثة: أن تقع إحداهما بعد ألف مفاعل3، وقد كانت مدة زائدة في الواحد4؛ نحو: عجائز وصحائف؛ بخلاف قسورة وقساور5، ومعيشة ومعايش6؛ وشذ مصيبة ومصائف، ومنارة ومنائر7.
ويشارك الواو والياء في هذه المسألة الألف، نحو: قلادة وقلائد، ورسالة ورسائل.
الرابعة: أن تقع إحداهما ثاني حرفين لينين بينهما ألف مفاعل8؛ سواء كان

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 فإن أصلهما: قاول -وبايع. فاعلا بقلب كل من الواو والياء همزة، أو ألفًا ثم همزة؛ حملًا على الفعل: قال وباع.
2 يقال: عين عينًا وعينة: عظم سواد عينه في سعة؛ فهو أعيم. والعور: ذهاب حس إحدى العينين؛ وإنما صحت الواو والياء في اسم الفاعل؛ لأنها لم تعل في الفعل خوف الالتباس بعان وعار. وإنما يعل الوصف حملًا على الفعل.
3 المراد: "مفاعل" وما يشبهه في عدد الحروف والحركات؛ من كل جمع تكسير؛ ثالثه ألف بعدها حرفان مكسور أولهما؛ كفعائل وفواعل.
4 واللام صحيحة، وقيل في علة الإبدال: إنه عند جمع قلادة على "مفاعل"؛ وقعت ألفها بعد ألف الجمع، فاجتمع ألفان ولا يمكن حذف أحدهما لفوات الغرض المقصود منه؛ فوجب تحريك المدة بالكسر؛ لتكون كعين مفاعل، والألف إذا حركت قلبت همزة. ثم شبهت واو عجوز وياء صحيفة بألف قلادة.
5 لأن الواو ليست بمدة؛ والقسورة: الأسد، ويقال فيه: قسور بغير تاء.
6 لأن المدة في المفرد أصلية، وحرف المد الأصلي متحرك بأصله؛ فإذا وقع بعد ألف مفاعل تحرك بحركته، فلا يبدل.
7 أي بالإبدال. مع أن المدة في المفرد أصلية، والقياس: مصاوب - ومناور، وشذ كذلك؛ معائش بالهمزة.
8 أو مشابهة كذلك لا ألف "مفاعيل"، ولا ما يشبهه بشرط صحة اللام.

 

ج / 4 ص -399-        اللينان ياءين؛ كنيائف جمع نيف1، أو واوين؛ كأوائل: جمع أول، أو مختلفين كسيائد: جمع سيد؛ إذ أصله سيود2؛ وأما قوله3: [الرجز]

566- وكحل العينين بالعواور4

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 النيف: كل ما زاد على العقد إلى العقد الثاني، من ناف -إذا زاد، يقال: عشرة ونيف، والنيف: الزيادة -والفضل- والإحسان.
2 اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون؛ فقلبت الواو ياء، وأدغمتا؛ ومثله: صوائد: جمع صائد، وبوائع: جمع بائعة. ويشترط صحة اللام في الجميع
التصريح: 2/ 369.
3 القائل: هو جندل بن المثنى الطهوي، أحد الشعراء والرجاز، من بني تميم، ينسب إلى جدته طهية. عاصر الراعي وهاجاه. مات سنة 90 هـ.
الإعلام: 2/ 140، وسمط اللآلي: 644.
4 تخريج الشاهد: هذا عجز بيت من الرجز؛ وصدره قوله:

حنى عظامي وأراه ثاغري

وهو من كلام يخاطب به زوجته، ويصف الدهر وما لقيه منه؛ حين كبرت سنه، وانحنت عظامه، وأصابت الأقذاء عينه، وقبله:

غرك أن تقاربت أبا عري                         وأنا رأيت الدهر ذا الدوائر

والشاهد من شواهد: التصريح: 2/ 369، والأشموني "1222/ 3/ 829"، وسيبويه: 2/ 374، والخصائص: 1/ 195، 3/ 164، 326، والمحتسب: 1/ 107، 290، والمنصف: 2/ 49، 3/ 50، والإنصاف: 785، وشرح المفصل: 5/ 70، 10/ 91، 92، وشرح شواهد الشافية: 374، واللسان "عور".
المفردات الغريبة: حنى: قوس، ثاغري: مفرغ فمي من الأسنان. كحل عينه: وضع فيها الكحل تزيينًا لها؛ وفيه تخفيف الحاء وتشديدها. العواور: جمع عوار، وهو اللحم ينزع من العين - وسائل يؤخذ من شجر ويجفف ويوضع في العين.
المعنى: يصف الشاعر حاله بعد أن غدر الدهر به. وأنزل عليه صنوف البلاء، وما لاقاه من الضعف والتقوس والانحناء، وتغير ملامح الجسم عما كان عليه في عهد الشباب.
الإعراب: وكحل: الواو عاطفة، كحل: فعل ماض مبني على الفتح، والفاعل: هو، يعود إلى الدهر. العينين: مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الياء؛ لأنه مثنى. "بالعواور": متعلق بقوله "كحل"؛ وجملة كحل معطوفة على جملة سابقة.
موطن الشاهد: "العواور".
وجه الاستشهاد: تصحيح الواو في "العواور"، وعدم إبدالها همزة؛ لأن أصلها: العواوير - على وزن مفاعيل، لا على وزن: مفاعل؛ لأن من حق جمع الاسم الذي على هذه الحال أن تقلب ألفه ياء في الجمع؛ لانكسار ما قبلها؛ غير أن الشاعر حذف الياء؛ للضرورة، واكتفى بالكسرة مع الاعتداد بها وكأنها موجودة.

 

ج / 4 ص -400-        فأصله: بالعواوير؛ لأنه جمع عوار؛ وهو الرمد؛ فهو مفاعيل كطواويس، لا مفاعل؛ فلذلك صحح وعكسه قول الآخر:

فيها عيائيل أسود ونمر1 [548]

فأبدل الهمزة من ياء مفاعيل؛ لأن أصله مفاعل؛ لأن عيائيل جمع عيل، بكسر الياء، واحد العيال، والياء زائدة للإشباع؛ مثلها في قوله2: [البسيط]

تنقاد الصياريف3

فلذلك أعل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من تخريج هذا البيت والتعليق عليه في "باب جمع التكسير".
موطن الشاهد: "عيائيل".
وجه الاستشهاد: إبدال الهمزة من ياء مفاعيل؛ لأن أصله مفاعل؛ لأن عيائيل جمع عيل؛ بكسر الياء المشددة، وقبلها عين مهملة مفتوحة على زنة "فيعل"؛ وأصله: عيول؛ قلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء؛ فصارت "عيل" واحد العيال، كما قال صاحب الضياء؛ والجمع: عيائل، وزيدت الياء؛ للإشباع.
انظر شرح التصريح: 2/ 370.
2 القائل: هو الفرزدق، الشاعر المشهور وقد مرت ترجمته.
3 تخريج الشاهد: هذا جزء من بيت يصف فيه ناقته بالقوة وسرعة السير في الهواجر، وهو بتمامه:

تنفي يداها الصحى في كل هاجرة                نفي الدراهيم تنقاذ الصياريف

وهو من شواهد: التصريح: 2/ 370، وسيبويه: 1/ 10، والكامل: 143، والمقتضب: 2/ 258، والمحتسب: 1/ 69، 258، 2/ 72، والخصائص: 2/ 315، وأمالي ابن الشجري: 1/ 142، 221، 2/ 93، 197، والإنصاف: 27، 121، وشرح المفصل: 6/ 106، والخزانة: 2/ 255، والعيني: 3/ 521، 4/ 586، وديوان الفرزدق: 570.
المفردات الغريبة: تنفي: تبعد وتطرد. يداها: المراد يدًا الناقة التي يصفها. هاجرة: الهاجرة: نصف النهار عند اشتداد الحر. الدراهيم: جمع درهام. لغة في درهم، تنقاد: مصدر لنقد الدراهم- إذا ميز رديئها من جيدها، على غير قياس. الصياريف: جمع صيرف، ويقال له: صييرفي - وصراف، وهو الخبير بالنقد الذي يبادل على بعضه ببعض =

 

ج / 4 ص -401-        [مسألة خاصة بالواو]:
وهنا مسألة خاصة بالواو. اعلم أنه إذا اجتمع واوان، وكانت الأولى مصدرة والثانية؛ إما متحركة، أو ساكنة متأصلة في الواوية1؛ أبدلت الواو الأولى همزة؛ فالأولى؛ نحو: جمع واصلة وواقية، تقول: أواصل وأواق، وأوصلهما: وواصل وووااق2، والثانية؛ نحو: الأولى أنثى الأول؛ أصلها: وولى بواوين؛ أولاهما فاء مضمومة والثانية عين ساكنة3؛ بخلاف نحو: ووفي وووري؛ فإن الثانية ساكنة منقلبة عن ألف "فاعل"4؛ وبخلاف نحو: الوولى بواوين مخففًا من الوؤلى بواو مضمومة فهمزة؛ وهي أنثى الأوأل، "أفعل"5 من وأل إذا لجأ6، وخرج باشتراط

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= المعنى: إن هذه الناقة؛ لقوتها وسرعتها، تدفع يداها الحصى، وتطرد عن وجه الأرض؛ وهي سائر وقت الهاجرة؛ فيقرع بعضه بعضًا؛ ويسمع له صوت، كما يدفع الصراف الدراهم؛ فيسمع لها صوت ورنين.
الإعراب: تنفي: فعل مضارع مرفوع. يداها: فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الألف، وهو مضاف، و"ها": مضاف إليه. الحصى: مفعول به منصوب. "في كل": متعلق بـ "تنفي". هاجرة: مضاف إليه. نفي: مفعول مطلق، وهو مضاف. الدراهيم: مضاف إليه من إضافة المصدر إلى مفعوله. تنقاد: فاعل المصدر وهو مضاف: الصياريف: مضاف إليه مجرور، من إضافة المصدر إلى فاعله.
موطن الشاهد: "الصياريف".
وجه الاستشهاد: مجيء "الصياريف" جمعًا لـ "صيرف"؛ والقياس في جمع هذا اللفظ صيارف؛ أو صيارفة- بزيادة تاء للنسب- ولكنه أشبع كسرة الراء؛ فتولدلت عنها ياء زائدة انظر التصريح: 2/ 370.
1 أي: ليست منقلبة عن حرف آخر، بأن تكون مدة أصلية "كأولى" أنثى الأول، أو ليست مدة أصلًا؛ سواء تحركت؛ كأواصل، أو كانت ساكنة كأول؛ فذلك كله يجب فيه الإبدال.
2 أي: بواوين: الأولى فاء الكلمة، والثانية متحركة عارضة مبدلة من الألف الزائدة في المفرد؛ فأبدلت الواو الأولى همزة.
3 متأصلة الواوية؛ فلما اجتمعا قلبت الأولى همزة.
4 أي: وهو: وافى -ووارى، فليست متأصلة في الواوية؛ لأنها بدل من ألف زائدة؛ فلا يجب الإبدال -حينئذ- بل يجوز.
5 أي: أفعل تفضيل لمذكر، وللمؤنث "وؤلى" على وزن "فعلى".
6 فتكون الواو الثانية منقلبة عن همزة؛ فليست متأصلة في الواوية، -وحنيئذ- لا يجب إبدال الواو الأولى همزة؛ بل يجوز.

 

ج / 4 ص -402-        التصدير نحو هووي ونووي1؛ في المنسوب إلى هوى ونوى.
[فصل في إبدال الواو والياء من الهمزة]:
"فصل في عكس ذلك".
وهو إبدال الواو والياء من الهمزة، ويقع ذلك في بابين:
أحدهما: باب الجمع الذي على مفاعل2؛ وذلك إذا وقعت الهمزة بعد ألفه، وكانت تلك الهمزة عارضة في الجمع3، وكانت لام الجمع همزة او ياء أو واوًا.
وخرج باشتراط العروض؛ نحو: المرآة والمرائي؛ فإن الهمزة موجودة في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لأن الواوين اجتمعتا في آخر الكلمة؛ فلا تبدل الأولى همزة في الحالات التالية: يجب قلب أول الوالوين المصدرتين همزة:
أ- إذا كانت الهمزة الثانية متحركة، كما في جمع "واصلة" على فواعل، تقول: أواصل، وأصلها: وواصل.
ب- أو كانت الثانية ساكنة متأصلة في الواوية، كما في "أولى" أنثى الأولى؛ فإن أصلها: وولى - بواوين، قلبت الأولى همزة، وليس في العربية سوى هذه الكلمة.
ج- أو تكون الثانية غير مدة أصلًا، بألا تكون بعد ضمة كأول.
ويجوز القلب في الحالات التالية:
أ- إذا كانت الثانية مدة عراضة غير أصلية مثل: "ووفى" مبنية للمجهول؛ فإنها منقلبة عن الألف الزائدة في الماضي؛ وهو "واوفي" على وزن فاعل؛ فيجوز أن يقال: أوفى.
ب- أو كانت منقلبة عن حرف أصلي؛ مثل: "وولى" أنثى الأوأل - أفعل تفضيل.
ج- وكذلك تبدل الهمزة جوازًا من الواو؛ إذا كانت مضمومة ضمة لازمة غير مشددة؛ مثل "أجوه" -جمع وجه، و "أدؤر"- جمع دار، والأصل: وجوه - وأدور.
د- أو كانت مصدرة مكسورة كإشاح وإفادة - في وشاح ووفادة. وتبدل من الياء إذا كانت مكسورة بين الف وياء مشددة؛ نحو: رائي وغائي - في النسبة إلى: راية وغاية؛ والأصل: رايي وغايي -بثلاث ياءات؛ فخففت الأولى بقلبها همزة. انظر التصريح: 2/ 370- 371.
2 أي: وما يشبهه كما تقدم؛ من كل جمع تكسير يماثله في عدد الحروف وضبطها، وإن لم يماثله في وزنه الصرفي، فيدخل في ذلك: فواعل، وفعالل، وأفعال. إلخ.
3 أي: ليست أصيلة يه؛ وذلك بأن لم تكن في المفرد، بل جاءت في الجمع بدلًا من حرف علة في المفرد.

 

ج / 4 ص -403-        المفرد؛ لأنه المرآة "مفعلة" من الرؤية، فلا تغير في الجمع1، وخرج باشتراط اعتلال اللام؛ نحو: صحائف، وعجائز، ورسائل؛ فلا تغير الهمزة في شيء من ذلك أيضًا.
وأما ما حصل فيه ما شرطناه2، فيجب فيه عملان؛ قلب كسرة الهمزة فتحة، ثم قلبها ياء في ثلاث مسائل؛ وهي: أن تكون لام الواحد همزة، او ياء أصلية، او ياء منقلبة عن واو. وواوًا في مسألة واحدة؛ وهي: أن تكون لام الواحد واوًا ظاهرة3.
مثال ما لامه همزة: "خطايا"4؛ أصلها خطايئ، بباء مكسورة هي ياء خطيئة وهمزة بعدها هي لامها، ثم أبدلت الياء همزة على حد الإبدال في صحائف5؛ فصار خطائي بهمزتين، ثم أبدلت الهمزة الثانية ياء لما سيأتي من أن الهمزة المتطرفة بعد همزة تبدل ياء، وإن لم تكن بعد مكسورة، فما ظنك بها بعد المكسورة، ثم قلبت كسرة الأولى فتحة للتخفيف؛ إذ كانوا قد يفعلون ذلك فيما لامه صحيحة؛ نحو: مدارى6 وعذارى في المدارى والعذارى؛

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 وسمع "مرايا" بالإبدال شذوذًا، سلوكًا بالهمز الأصلي، مسلك العارض، بسبب المجمع، كما شد عكسه وهو السلوك بالعارض مسلك الأصلي في قول عبدة بن الحارث بن عبد المطلب -عم الرسول- صلى الله عليه وسلم- من قصيدة قالها في شأن يوم بدر، وما وقع له، من قطع رجله، وبمبارزته هو وحمزة وعلي:

فما بحرت أقدامنا في مكاننا                       ثلاثتنا حتى أزيروا المنائيا

وقول بعض العرب: اللهم اغفر لي خطائتي -بهمزتين، والقياس: خطاياي؛ لأنه جمع خطيئة.
الأشموني: 3/ 831.
2 وهو وقوع الهمزة بعد ألف الجمع الذي على وزن "مفاعل"، وكون الهمزة عارضة في الجمع، وكون لام الجمع معتلة "واو- أو باء- أو همزة".
3 أي: سالمة في اللفظ من القلب ياء.
4 جمع خطيئة؛ وهي الذنب، من الخطأ؛ وهو الصواب، ووزنه "فعائل".
5 وهو وقوعها بعد ألف التكسير في هذا الوزن.
6 جمع: مدري؛ وهي مثل الشوكة؛ يصلح بها شعر المرأة؛ كالمشط الكبير.

 

ج / 4 ص -404-        قال1: [الطويل]

568- ويوم عقرت للعذارى مطيتي2

وقال3: [الطويل]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 القائل: هو امرؤ القيس بن حجر الكندي، وقد مرت ترجمته.
2 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت، من معلقة الشاعر المشهورة؛ وعجزه قوله:

فيا عجبا من كورها المتحمل

وهو من شواهد: التصريح: 2/ 371، 4/ 586، والمغني "375/ 275" والسيوطي: 189. ديوان امرئ القيس: 145. وفيه "من رحلها" بدل من "كورها".
المفردات الغريبة: عقرت: ذبحت ونحرت. العذارى: جمع عذراء؛ وهي الشابة الفتية البكر. مطيتي، المطية: كل ما يرتحله المسافر. رحلها: الرحل: ما يوضع على ظهر البعير، ويروى: كورها -بمعنى الرحل.
المعنى: أذكر يوم عقرت ناقتي لهؤلاء الفتيات الأبكار، وإني لأعجب لهن ومنهن: كيف أطقن الرحل في هوادجهن؟ وكيف رحلن بإبلهن على تنعمهن، ورفاهة عيشهن؟ وقصة هذا اليوم، وما كان مع الفتيات، وابنة عمة عنيزة - معروفة.
الإعراب: ويوم: الواو عاطفة، يوم: معطوف على ما قبله؛ أو مفعول به لفعل محذوف؛ والتقدير: واذكر يوم عقرت. عقرت: فعل ماض مبني على السكون، والتاء: في محل رفع فاعل؛ وجملة "عقرت": في محل جر بالإضافة. "للعذارى": متعلق بـ "عقرت". مطيتي: مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم، وهو مضاف، والياء: مضاف إليه. فيا عجبا: الفاء استئنافية، يا: حرف نداء، عجبًا: منادي مضاف منصوب، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم المنقلبة ألفًا؛ وياء المتكلم المنقلبة ألفًا: في محل جر بالإضافة. "من كورها": متعلق بـ "عجب"، وكور: مضاف، و "ها": في محل جر بالإضافة. المتحمل: صفة لـ "كور" مجرور، وعلامة جره الكسرة الظاهرة.
وجه الاستشهاد: مجيء "العذارى" جمعًا لـ "عذراء"؛ وأصل هذا الجمع: "عذارى"، قلبت كسرة الراء فتحة؛ فانقلبت الياء ألفًا؛ لتحركها، وانفتاح ما قبلها؛ وقد استدل به على أن العرب، تقلب الكسرة التي بعد ألف "مفاعل" في الأسماء الصحيحة؛ مع أن الصحيح، لا يحتاج إلى تخفيف؛ لسهولة الحركات كلها على حروفه.
ضياء السالك: 4/ 258، والتصريح: 2/ 371.
3 القائل: هو امرؤ القيس بن حجر الكندي، وقد مرت ترجمته.

 

ج / 4 ص -405-       569- تضل المدارى في مثنى ومرسل1

ففعل ذلك -هنا أولى2، ثم قلبت الياء ألفًا؛ لتحركها، وانفتاح ما قبلها؛ فصار خطاءًا، بألفين بينهما همزة، والهمزة تشبه الألف3؛ فاجتمع شبه ثلاث ألفات؛ فأبدلت الهمزة ياء4؛ فصار خطايا بعد خمسة أعمال.
ومثال ما لامه ياء أصلية: "قضايا"؛ أصلها قضايي، بباءين؛ الأولى: ياء فعلية، والثانية: لام قضية، ثم أبدلت الأولى همزة؛ كما في صحائف، ثم قلبت

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 تخريج الشاهد: هذا عجز بيت من معلقته، في وصف شعر امرأة؛ وصدره قوله:

غدائره مستشزرات إلى العلى

وهو من شواهد: التصريح: 2/371، والعيني: 4/ 587، ومعاهد التنصيص: 1/ 4.
المفردات الغريبة: غدائره: الغدائر: الذائب من الشعر- واحدتها غديرة. مستشزرات: مرتفعات، والشزر: القتل على غير جهة؛ للكثرة. تضل تغيب. المداري: جمع مدري؛ وهي ما يعمل من الخشب أو الحديد على شكل المشط، يسرح به الشعر المتلبد. مثنى: مفتول؛ لأنه ثنى بالفتل. مرسل: مسرح غير مفتول.
المعنى: إن ذوائب شعرها، مرفوعات إلى أعلى الرأس، وأن المداري، تضل فيه؛ لكثافته وطوله وكثرته، ما بين مفتول ومسرح.
الإعراب: غدائره: مبتدأ مرفوع، وهو مضاف، والهاء: في حل جر بالإضافة مستشزرات: خبر مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة. "إلى العلى": متعلق بـ "مستشزرات". تضل: فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة. المداري. فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الألف للتعذر. "في مثنى": متعلق بـ "تضل"؛ وجملة "تضل المداري في مثنى": في محل رفع صفة. ومرسل: الواو عاطفة، مرسل: اسم معطوف على مثنى مجرور مثله.
موطن الشاهد: "المداري".
وجه الاستشهاد: مجيء "المداري بفتح الراء؛ وأصله بكسرها، وبعدها "ياء"؛ فلما أراد التخفيف، فتح الراء؛ فصارت الياء متحركة مفتوحًا ما قبلها؛ فانقلبت ألفًا. انظر التصريح: 2/ 371.
2 أي: لثقل الكسرة.
3 لأنهما من مخرج واحد؛ وهي متوسطة بين ألفين.
4 وذلك فرارًا، من اجتماع ثلاثة أحرف متشابهة، في الآخر، ولم تبدل واوًا؛ لخفة الياء، ورجوعًا إلى الأصل.

 

ج / 4 ص -406-        كسرة الهمزة فتحة، ثم قلبت الياء ألفًا1، ثم قلبت الهمزة ياء؛ فصار قضايا، بعد أربعة أعمال2.
ومثال ما لامه واو قلبت في المفرد باء "مطية"3؛ فإن أصلها مطيوة -فعيلة- من المطا؛ وهو الظهر4، ثم أبدلت الواو ياء، ثم أدغمت الياء فيها؛ وذلك على حد الإبدال والإدغام في سيود وميوت5، إذا قيل فيهما: سيد وميت؛ وجمعها مطايا؛ وأصلها: مطايو6، ثم قلبت الواو ياء؛ لتطرفها بعد الكسرة؛ كما في الغازي والداعي، ثم قلبت الياء الأولى همزة؛ كما في صحائف7، ثم أبدلت الكسرة فتحة، ثم الياء ألفًا، ثم الهمزة ياء؛ فصار مطايا بعد خمسة أعمال.
ومثال ما لامه واو سلمت في الواحد: "هراوة8 وهراوي"؛ وذلك أنا قلبنا ألف هراوة في الجمع همزة على حد القلب في رسالة ورسائل9، ثم أبدلنا الواو ياء، لتطرفها بعد الكسرة، ثم فتحنا الكسرة فانقلبت الياء ألفًا، ثم قلبنا الهمزة واوًا؛ فصار هراوى بعد خمسة أعمال أيضًا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي: لتحركها وانفتاح ما قبلها على القاعدة؛ فصار قضاءا، فاجتمع شبه ثلاث ألفات، كما تقدم.
2 إنما لم تكن خمسة؛ كخطايا؛ لأن لام الكلمة -هنا- ياء وليست همزة متطرفة.
3 هي الدابة تمطو- أي عتجد وتسرع في السير.
4 أو من المطو؛ وهو المد والإسراع في السير. يقال: مطوت بهم في السير؛ أي: مددت وأسرعت.
5 وهو قلب الواو ياء، وإدغامهما على القاعدة.
6 بباء مكسورة، هي ياء فعلية، وواو هي لامها.
7 صار مطائي.
8 وهي العصا الضخمة؛ ومثلها: إداوة؛ للإناء المسمى "الزمزمية".
9 لوقوعها في جمع على "مفاعل" بعد ألف تكسيره؛ كما سبق مرات - فصار هرائو.
انظر التصريح: 2/ 372.

 

ج / 4 ص -407-        الباب الثاني: باب الهمزتين الملتقيتين في كلمة1
[المبدل من الهمزتين الثانية]:
والذي يبدل منهما أبدًا هو الثانية لا الأولى؛ لأن إفراط الثقل بالثانية حصل؛ فلا تخلو الهمزتان المذكورتان من أن تكون الأولى متحركة والثانية ساكنة؛ أو بالعكس، أو يكون متحركتين2.
[حكم ما إذا كانت الأولى متحركة والثانية ساكنة]:
فإن كانت الأولى متحركة، والثانية ساكنة؛ أبدلت الثانية حرف علة؛ من جنس حركة الأولى؛ فتبدل ألفًا بعد الفتحة؛ نحو: آمنت3، ومنه قول عائشة4 رضي الله تعالى عنها: "وكان يأمرني أن آتزر"5، وهو بهمزة فألف؛ وعوام المحدثين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي: واحدة؛ احترازًا من الاجتماع في كلمتين؛ أأنت فعلت هذا؟- أأتمن محمد؟ فإن همزة الاستفهام كلمة مستقلة؛ فلا يجب في مثل ذلك الإبدال، بل يجوز التحقيق والإبدال؛ فتقول: أنت فعلت؟ إيتمن. انظر التصريح: 2/ 372.
2 ويمتنع أن تكونا ساكنتين معًا.
3 والأصل: أأمنت، أبدلت الهمزة الثانية ألفًا؛ لسكونها وفتح ما قبلها.
4 عائشة بنت أبي بكر الصديق، وزوج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد مرت ترجمتها.
5 هذا جزء من حديث؛ ونصه، كما في البخاري عن عائشة قالت: "كنت أغتسل أنا والنبي -صلى الله عليه وسلم- من إناء واحد؛ كلانا جنب، وكان يأمرني فآتزر، فيباشرني وأنا حائض، وكان يخرج رأسه إلي وهو معتكف فأغسله وأنا حائض".
موطن الشاهد: "آتزر".
وجه الاستشهاد: إبدال الهمزة الثانية ألفًا؛ لسكونها بعد فتح، لا بعد تاء. وحكى الزمخشري عن بعض العرب: "اتزر"؛ وروى الخباري من حديث جابر: إذا كان الثوب ضيقًا فآتزر به، وذلك مقصور على السماع.
انظر: التصريح: 2/ 373، والأشموني: 3/ 837.

 

ج / 4 ص -408-        يحرفونه؛ فيقرؤونه بألف وتاء مشددة، ولا وجه له؛ لأنه افتعل من الإزار؛ ففاؤه همزة ساكنة بعد همزة المضارعة المفتوحة، وياء بعد الكسرة، نحو: إيمان؛ وشذت قراءة بعضهم "إِئْلَافِهِمْ"1؛ بالتحقيق، وواوًا بعد الضمة؛ نحو: أوتمن، وأجاز الكسائي أن يبتدأ "أؤتمن"، بهمزتين؛ نقله عنه ابن الأنباري في كتاب الوقف والابتداء ورده2.
[حكم ما إذا كانت الأولى ساكنة والثانية متحركة]:
وإن كانت الولى ساكنة والثانية متحركة؛ فإن كانتا في موضع العين؛ أدغمت الأولى في الثانية؛ نحو: سآل ولآل ورآس. وإن كانتا في موضع اللام؛ أبدلت الثانية ياء مطلقًا؛ فتقول في مثال: "قمطر" من قرأ: قرأي5، وفي مثال سفرجل، منه قرأيًا،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة قريش الآية: 2.
أوجه القراءات: قرأ الأعمش راوي أبي بكر صاحب عاصم: "إئتلافهم"، بتحقيق الهمزتين بكسر الهمزة الأولى، وإسكان الهمزة الثانية.
انظر: مختصر في شواذ القرآن: 181، الحجة لأبي زرعة: 774، الوقف والابتداء لابن الأنباري 199. البحر المحيط: 8/ 514.
موطن الشاهد:
{إئلافهم}.
وجه الاستشهاد: إثبات الهمزة الثانية الساكنة بعد الهمزة المسكورة شذوذًا، لأن القياس؛ أن تبدل ياء؛ لأنها سبقت بهمزة مكسورة.
2 مضمومة فساكنة. وخص الابتداء؛ لأن همزة الوصل، تذهب في الدرج؛ فترجع الهمزة الثانية إلى أصلها؛ لزوال موجب قلبها واوًا.
3 حاصل الرد: أن العرب لا تجمع بين همزتين ثانيتهما ساكنة؛ وهذا الرد: ذكره ابن الأنباري على الكسائي في إجازته البداء في قوله تعالى:
{ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا}؛ لا في أؤتمن، كما قال المصنف؛ وابن الأنباري؛ اسمه: محمد بن القاسم، وقد مرت ترجمته.
وكتاب الوقف والابتداء: كتاب مشهور في القراءات.
انظر حاصل الرد في التصريح: 2/ 273.
4 ولا يقع هذا النوع في موضع الفاء؛ لتعذر النطق بالساكن ابتداء.
5 الأصل: قرأ بهمزتين؛ أولاهما ساكنة أبدلت الثانية ياء؛ لوقوعها طرفًا إثر همزة ساكنة فرارًا من الثقل: وكان القياس الإدغام؛ كا في سآل، لولا أن الطرف أولى بالتغيير؛ ولهذا قدم القلب هنا. التصريح: 2/ 273.

 

ج / 4 ص -409-        بهمزتين بينهما ياء مبدلة من همزة1.
[حكم ما إذا كانتا متحركتين]:
وإن كانتا متحركتين؛ فإن كانتا في الطرف، أو كانت الثانية مكسورة؛ أبدلت ياء مطلقًا، وإن لم تكن طرفًا، وكانت مضمومة؛ أبدلت واوًا مطلقًا.
وإن كانت مفتوحة؛ فإن انفتح ما قبلها، أو انضم؛ أبدلت واوًا، وإن انكسر؛ أبدلت ياء2.
وأمثلة المتطرفة: أن تبنى من "قرأ" مثل "جعفر" أو "زبرج" أو "برثن" وأمثلة المكسورة: أن تبنى من "أم" مثل أصبغ، بفتح الهمزة أو كسرها، أو ضمها، والباء فيهن مكسورة؛ فتقول في الأول: أأم، بهمزتين مفتوحة فساكنة، ثم تنقل حركة الميم الأولى إلى الهمزة الثانية قبلها؛ لتتمكن من إدغامها في الميم الثانية، ثم تبدل الهمزة ياء، وكذا تفعل في الباقي -أيضًا- وذلك واجب، وأما قراءة ابن عامر4 والكوفيين:
{أَئِمَّة}5؛ بالتحقيق فما يوقف -عنده- ولا يتجاوز، وأمثلة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 والأصل: قرأ بثلاث همزات؛ أبدلت الثانية ياء؛ لأن قلبها يخلص من اجتماع همزتين. وهذه الأمثلة التي ذكرها المصنف -هنا- وفيما بعد: فرضية خيالية، يقصد بها التدريب، ولا يكاد يوجد لها نظائر مأثورة في فصيح الكلام العربي. ضياء السالك: 4/ 262.
2 إيجاز: إن الهمزتين المتحركتين؛ إما أن يكون في الطرف -أو لا.
أ- فإن كانتا في الطرف؛ فالأولى: إما مفتوحة، أو مكسورة، أو مضمومة.
ب- وإن كانتا في غير الطرف، تضرب حالات الأولى الثلاثة في مثلها من الثانية؛ فينشأ من ذلك تسع صور. وحكم ذلك كله:
أ- أن المتطرفة تبدل ياء في جميع أنواعها ولا ينظر إلى حركتها، أو حركة الأولى.
ب- وغير المتطرفة، تبدل ياء إذا كانت مفتوحة بعد كسر، أو مكسورة بعد فتح أو ضم، أو مضمومة بعد فتح، أو كسر أو ضم. انظر ضياء السالك: 4/ 263.
3 أي الهمزة الثانية المنقول إليها كسرة الميم؛ لأن الهمزة المكسورة بعد مفتوحة تقلب ياء كما تقدم.
4 هو عبد الله بن عامر، مقرئ أهل الشام، وقد مرت ترجمته.
5 سورة القصص الآية: 5.
موطن الشاهد:
{أَئِمَّة}.
وجه الاستشهاد: مجيء "أئمة" بتحقيق الهمزيتن من غير إبدال؛ لأن القياس "أيمة" بقلب الهمزة الثانية "ياء"؛ وأصله: "أأمة" نقلت كسرة الميم إلى الكسرة التي قبلها توصلًا للإدغمام، وأدغمت الميمان، ثم أبدلت الهمزة الثانية "ياء"، وأئمة جمع إمام. انظر: التصريح: 2/ 374.

 

ج / 4 ص -410-        المضمومة: "أوب"، جمع أب؛ وهو المعرى، وأن يبنى من أم مثل: "إصبغ" بكسر الهمزة وضم الباء، أو مثل: "أبلم"1؛ فتقول: أوم، بهمزة مفتوحة، أو مكسورة، أو مضمومة، وواو مضمومة؛ وأصل الأول: أأبب على وزن أفلس؛ وأصل الثاني والثالث: إئمم وأأمم؛ فنقلوا فيهن2، ثم أبدلوا الهمزة واوًا، وأدغموا أحد المثلين في الآخر، ومثال المفتوحة بعد مفتوحة: "أوادم"3 جمع آدم؛ ومثال المفتوحة بعد المضمومة "أويدم" تصغير آدم؛ ومثال المفتوحة بعد مكسورة: أن تبنى من أم على وزن أصبغ؛ بكسر الهمزة وفتح الباء4.
وإذا كانت الهمزة الأولى من المتحركتين: همزة مضارعة؛ نحو: أؤم وأئن مضارع؛ أممت وأننت؛ جاز في الثانية التحقيق5، تشبيهًا لهمزة المتكلم؛ لدلالتها على معنى بهمزة الاستفهام؛ نحو:
{أَأَنْذَرْتَهُمْ}6.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هو سعف شجر الدوم.
2 أي نقلوا حركة أول المثلثين إلى الساكن قبلها، وهو الهمزة الثانية.
3 أصله: أآدم بهمزتين مفتوحتين بعدها ألف، قلبت الهمزة الثانية واوًا على قاعدة قلب الهمزة الثانية المفتوحة غير المتطرفة واوًا مطلقًا؛ سواء أكان ما قبلها مفتوحًا أم غير مفتوح. التصريح: 2/ 374.
4 تقول: إيم، وأصله: أإقم، فقلبت حركة الميم الأولى، إلى الساكن قبلها توصلًا للإدغام الواجب، ثم أبدلت الهمزة الثانية ياء.
5 وجاز القلب؛ فتقول: أوم -وأين. وكذلك إذا التقت الهمزتان في كلمتين؛ يجوز في الثانية القلب والتحقيق؛ نحو قوله -تعالى-:
{فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا}.
6 سورة البقرة الآية: 6.
موطن الشاهد: "أأنذرتهم".
وجه الاستشهاد: تحقيق الهمزة الثانية تشبيهًا بهمزة المتكلم؛ لدلالتها على معنى زائد في كلمتها.

 

ج / 4 ص -411-        فصل في إبدال الياء من أختيها الألف والواو:
[إبدال الياء من الألف]:
أما إبدالها من الألف؛ ففي مسألتين:
إحداهما: أن ينكسر ما قبلها؛ كقولك في مصباح: مصابيح، وفي مفتاح: مفاتيح، وكذلك تصغيرهما1.
الثانية: أن تقع قبلها ياء تصغير؛ كقولك في غلام: غليم2.
[إبدال الياء من الواو]:
وأما إبداللها من الواو ففي عشر مسائل:
إحداها: أن تقع بعد كسرة؛ وهي إما طرف3 كرضي وقوي وعفي والغازي والداعي4، أو قبل تاء التأنيث5؛ كشجية، وأكسية6، وغازية، وعريقية؛ في تصغير عرقوة، وشذ سواسوة في جمع سواء7، ومقاتوة بمعنى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أي: أن الألف تنقلب ياء في التكسير، والتصغير؛ لانكسار ما قبلها، وتعذر النطق بالألف بعد الكسرة؛ فيقال في التصغير: مصيبيح - ومفيتيح.
2 لأن ما بعد التصغير لا بد من أن يكون متحركًًا بالكسرة، والألف لا تقبل الحركمة، وياء التصغير ساكنة؛ فقلبت الألف ياء للتخلص من الساكنين.
3 أي: حقيقة، سواء كانت في فعل مبني للفاعل، أو للمفعول، أو في اسم، وقد مثل لها المصنف. أو حكمًا؛ كالواقعة قبل تاء التأنيث، أو الألف والنون الزائدتين.
4 هذه الكلمات كلها واوية اللام أصلًا؛ بدليل ظهور الواو في بعض التصاريف؛ كالرضوان - والقوة؛ والعفو، والغزو، والدعوة.
5 هذه متصرفة حكمًا؛ لأن تاء التأنيث بمنزلة كلمة مستقلة بنفسها؛ فالواو التي يليها في حكم المتطرفة. ومثل التاء: الألف الممدودة: كأشقياء وأدعياء.
6 أصل شجية -بتخفيف الياء-: شجوة، من الحزن والهم؛ وأصل كساء: أكسوة.
7 أي: بمعنى مستو. يقال: الناس سواسوة في هذا الأمر؛ أي: مستوون فيه، والقياس: سواسية؛ ووزنه "فعافلة" على أي حال.
وقال الدمامين: السواسوة: الجماعة المستوون في السن: وفيه شذوذ آخر وهو: جمعه على هذا الوزن؛ وقياس جمعه: أسوية؛ لأن "فعال" يجمع على أفعلة: كقباء وأقبية؛ كما شذ من جهات آخر.
التصريح: 2/ 376.

 

ج / 4 ص -412-        خدام1. أو قبل الألف والنون الزائدتين؛ كقولك في مثال قطران من الغزو: غزيان2.
الثانية: أن تقع عينًا لمصدر فعل؛ أعلت فيه3 ويكون قبلها كسرة، وبعدها ألف؛ كصيام، وقيام، وانقياد، واعتياد4؛ بخلاف نحو: سوار، وسواك؛ لانتفاء المصدرية ونحو: لاوذ لواذًا5، وجاور جوارًا؛ لصحة عين الفعل، وحال حولًا، وعاد المريض عودًا؛ لعدم الألف، وراح رواحًا: لعدم الكسرة.
وقل الإعلال فيه6، نحو قوله تعالى:
{جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ}

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 جمع "مقتو": اسم فاعل من اقتوى بمعنى خدم؛ والقتو: الخدمة؛ وأصله: مقتوو، قلبت الواو الثانية ياء؛ لتطرفها إثر كسر، ثم أعل إعلال قاض؛ قيل: ولا ثالث لهما.
2 أي: بقلب الواو ياء؛ لتطرفها بعد كسرة، ولا عبرة بالألف والنون الزائدتين؛ لأنهما في حكم الانفصال.
3 أي: كانت حرف علة منقلبًا عن غيره.
4 الأصل فيهن: صوام، وقوام، وانقواد، واعتواد؛ بالواو؛ فقلبت ياء في المصدر حملًا له على الفعل؛ لاستثقالها بين الكسرة والألف.
5 لاوذ القوم لواذًا وملاوذة؛ لاذ بعضهم ببعض؛ ولا ذ به- لجأ إليه وعاذ به.
6 أي: فيما عدم الألف، ولم يشتطر ابن الحاجب في الشافية في قلب الواو في المصدر- وجود ألف بعدها.
الأشموني: 3/ 843.
7 سورة النساء: 3/ 843.
أوجه القراءات: قرأ نافع وابن عامر وابن عباس: "قِيَمًا" بكسر القاف وفتح الياء؛ و "قيمًا" على هذه القراءة مصدر جيء به للمبالغة؛ كما قال المفسرون. وقرأ عبد الله بن عمر: "قِوامًا" بكسر القاف وفتح الواو. وقرأ أبو عمرو والحسن وعيسى بن عمر: "قَوامًا" بفتح القاف والواو. انظر: إتحاف الفضلاء: 186، إعراب النحاس: 1/ 396، التيسير: 94.
موطن الشاهد: "قيمًا".
وجه الاستشهاد: مجيء "قيمًا" - على هذه القراءة- معلولة؛ لأن أصلها: "قوامًا" قلبت الواو ياء؛ لانكسار ما قبلها.

 

ج / 4 ص -413-        وقوله تعالى: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ}1، في قراءة نافع وابن عامر في النساء، وفي قراءة ابن عامر في المائدة.
وشذ التصحيح مع استيفاء الشروط في قولهم: نارت الظبية نوارًا2؛ بمعنى: نفرت، ولم يسمع له نظير.
الثالثة: أن تقع عينًا لجمع صحيح اللام وقبلها كسرة؛ وهي في الواحد؛ إما معلة3؛ نحو: دار وديار، وحيلة وحيل، وديمة وديم4، وقيمة وقيم، وقامة وقيم؛ وشذ حاجة وحوج وإما شبيهة بالمعلة، وهي الساكنة؛ وشرط القلب في هذه أن يكون بعدها في الجمع ألف5؛ كسوط وسياط، وحوض وحياض، وروض ورياض؛ فإن فقدت صححت الواو، نحو: كوز وكوزة وعود بفتح أوله؛ للمسن من الإبل، وعودة؛ وشذ قولهم: ثيرة6. وتصحح الواو إن تحركت في الواحد، نحو:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة المائدة الآية: 97.
أوجه القراءات: قرأ ابن عامر، وأبو عاصم الجحدري: "قِيمًا" بكسر القاف، وفتح الياء، وقرأ الجمهور: "قِيَامًا" انظر: البحر المحيط: 4/ 26، والحجة لأبي زرعة: 237، والسبعة لابن مجاهد: 248.
موطن الشاهد: "قيمًا".
وجه الاستشهاد: مجيء "قيمًا -على هذه القراءة- معلولة؛ لأن أصلها: "قوامًا" قلبت الواو ياء لتحركها، وانكسار ما قبلها.
2 والأصل: نيارًا.
3 وكذلك، رأى النحاة قلب الواو ياء؛ بعد الكسرة، في مصدر كل فعل معتل العين، وبعدها ألف وقبلها كسرة. وإذا كان المصدر على وزن "فعل" وعينه واو قبلها كسرة وليس بعدها ألف؛ صحت فيه الواو، نحو: الحول: مصدر حال؛ تقول: حال حولًا. الأشموني: 3/ 843.
4 أصلها: دومه من دام يدوم.
5 لأنها ليست في الضعف؛ كالمعتلة، فلا يقوى تسلط الكسرة عليها إلا بوجود الألف القريبة من الياء؛ فجملة الشروط خمسة: أن يكون جمعًا صحيح اللام، وأن تكون الواو في الواحدة معلة أو شبيهة بها، وأن يكون قبلها كسرة، وبعدها ألف.
6 جمع ثور، والقياس ثورة.

 

ج / 4 ص -414-        طويل وطوال؛ وشذ قوله1: [الطويل]

570- وأن أعزاء الرجال طيالها2

قيل: ومنه: {الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ}3، وقيل: جمع جيد، لا جواد. أو أعلت

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 القائل هو: أنيف بن زبان النبهاني الطائي، أحد شعراء الحماسة، ولم أجد له ترجمة وافية.
2 تخريج الشاهد: هذا عجز بيت، وصدره قوله:

تبين لي أن القماءة ذلة

وهو من شواهد: التصريح: 2/ 379، الأشموني "1225/ 3/ 844"، والعيني: 4/ 558، والمصنف: 1/ 242، والمحتسب: 1/ 184، وأمالي ابن الجشري: 1/ 56 وشرح المفصل: 4/ 45، 10/ 87، وشرح شواهد الشافية: 385، واللسان "طول".
المفردات الغريبة: القماءة: قصر القامة، من قمؤ الرجل -إذا ذل وصغر. ذلة: ضعة وهوان. أعزاء: من المعزة، وهي القوة والمنعة - ضد الذلة. طيالها: جمع طويل، وأصله: طوال.
المعنى: ظهر لي بعد التجرية والممارسة أن قصر القامة في الإنسان دليل الضعة والمذلة، وأن الرجال الأعزاء المهابين، هم الفارعون، طوال القامة.
الإعراب: تبين: فعل ماض مبني على الفتح. "لي": متعلق بـ "تعلق". أن: حرف مشبه بالفعل: القماءة: اسم "أن" منصوب. ذلة: خير "أن" مرفوع، والمصدر المؤول من "أن وما دخلت عليه": في محل رفع فاعل لـ "تبين" وأن: الواو عاطفة، أن: حرف مشبه بالفعل. أعزاء: اسم "أن" منصوب، وهو مضاف. الرجال: مضاف إليه مجرور. طيالها: خبر "أن" مرفوع، وهو مضاف، و"ها" في محل جر بالإضافة، والمصدر المؤول من "أن وما دخلت عليه": معطوف على المصدف السابق.
موطن الشاهد: "طيالها".
وجه الاستشهاد: قلب واو "طوالها" شذوذًا، لتحركها، وانكسار ما قبلها؛ والقياس: ألا تقلب ياء في الجمع؛ لأن الواو فيه متحركة في المفرد؛ فهي قوية بالحركة، ولا تقلب فيه؛ وطوال: جمع طويل، كما هو معلوم.
3 سورة ص الآية: 31.
موطن الشاهد: "الجياد".
وجه الاستشهاد: إبدال الواو المتحركة في المفرد "جواد" ياء شذوذًا، وهذا على أن "الجياد" جمع "جواد" وهو الذي يسرع في جريه؛ وإما على القول الثاني بأن "الجياد" جميع "جيد" لا جمع جواد، لا يكون الإبدال شاذ؛ لأن الواو، في المفرد معتلة؛ إذا أصله: "جيود" من جاد يجود؛ فاجتمعت الواو والياء، وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء وأدغمتا. انظر: التصريح: 2/

 

ج / 4 ص -415-        لامه؛ كجمع ريان وجو، بتشديد الواو، فيقال: رواء، وجواء، بتصحيح العين1؛ لئلا يتوالي إعلالان2، وكذلك ما أشبهبهما، وهذا الموضع ليس محررًا في الخلاصة ولا في غيرها من كتب الناظم؛ فتأمله.
الرابعة: أن تقع طرفًا رابعة فصاعدًا3؛ تقول: عطوت، وزكوت4؛ فإذا جئت بالهمزة، أو التضعيف؛ قلت: أعطيت وزكيت5. وتقول في اسم المفعول: معطيان ومزكيان؛ حملوا الماضي على المضارع، واسم المفعول على اسم الفاعل، فإن كلا منهما آخره كسرة. وسأل سيبويه الخليل6 عن وجه إعلال نحو: تعازينا وتداعينا7؛ ومع أن المضارع لا كسر قبل آخره8؛ فأجاب بأن الإعلال ثبت قبل مجيء التاء في أوله، وهو غازينا وداعينا؛ حملًا على نغازي ونداعي، ثم استصحب معها9.
الخامسة: أن تلي كسرة؛ وهي ساكنة مفردة؛ نحو: ميزان وميقات10؛ بخلاف 379.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أصلهما: رواي -وجواو، أبدلت الياء والواو همزة؛ لتطرفهما إثر ألف زائدة.
2 إعلال العين؛ بإبدالها ياء لكسرة ما قبلها - وإعلال اللام بقلبها همزة لوقوعها طرفًا بعد ألف زائدة. وكذلك يمتنع الإعلال إن لم يكسر ما قبل الواو، نحو: أثواب، وأحواض، أو وقعت الواو عينًا لمفرد غير مصدر؛ نحو: خوان وسوار. وشذ التصحيح مع استيفاء الشروط؛ كما في حوج وحول - جمعي حاجة وحيلة.
3 بشرط فتح ما قبلها، وأن تكون منقلبة ياء في المضارع؛ سواء كانت في فعل أو في اسم.
4 بإبقاء الواو فيهما؛ لأنها ثالثة، ومعناهما: أخذت - ونميت.
5 فأبدلت الواو؛ لأنها صارت رابعة.
6 هو الخليل بن أحمد الفراهيدي، وقد مرت ترجمته.
7 الأصل: تغازون، وتداعونا.
8 أي: حتى يعل ويحل عليه الماضي؛ فإن المضارع: نتغازى ونتداعى.
9 وهذا الإعلال يستصحب -أيضًا- مع هاء التأنيث؛ نحو: المعطاة؛ لأن ألفه منقلبة عن ياء؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها، وهذه الياء منقلبة عن واو؛ لوقوعها رابعة إثر فتحة.
10 أصلهما: موازن وموقات - من الوزن والوقت؛ قلبت الواو فيهما ياء؛ لسكونها، وانكسار ما قبلها.

 

ج / 4 ص -416-        نحو: صوان وسوار واجلواذ وأعلواط1.
السادسة: أن تكون لامًا لفعلي؛ بالضم، صفة؛ نحو:
{إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا}2، وقولك: للمتقين الدرجة العليا3، وأما قول الحجازيين: "القصوى" فشاذ قياسًا فصيح استعمالًا4؛ نبه على الأصل، كما في استحوذ والقود.
فإن كانت فعلى اسمًا لم تغير5؛ كقوله6: [الطويل]

571- أدارًا بحزوى هجت للعين عبرة7

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لأن الواو فيهما مشددة غير مفردة. والإجلواذ: المضاء والسرعة في السير، وهو خاص بالإبل، وأعلوط البعير: تعلق بعنقه وعلاه، وأو ركبه بلا خطام، أو عربانًا. ويجب التصحيح كذلك؛ إن فتح ما قبل الواو؛ نحو: شوط- وقول. ولم يذكر الناظم هذه المسألة الخامسة. ضياء السالك: 4/ 272.
2 سورة الصافات الآية: 6.
موطن الشاهد: "الدنيا".
وجه الاستشهاد: إبدال من الواو؛ لأنها على وزن "فعلى" بضم الفاء، وسكون العين، وهي صفة؛ فوقعت الياء فيها لاما للكلمة.
3 فإن أصلهما: الدنوا والعلوا - من الدنو والعلو، بدليل دنو دنوًا- وعلوت علوًا؛ قلبت الواو ياء للاستثقال، وللفرق بينهما وبين "فعلى" الاسم.
4 وهي لغة قريش؛ وقد وردت كثيرًا في كلامهم، وجاء في القرآن الكريم:
{إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى}.
5 بل تبقى الواو بدون قلبها ياء؛ وذلك فرقًا بينهما وبين الصفة. ولم يعكس الوضع لأن الاسم أخف من الصفة.
6 القائل: هو غيلان بن عقبة؛ المشهور بذي الرمة، وقد مرت ترجمته.
7 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت، وعزه قوله:

فماء الهوى يرفض أو يترقوق

وهو من شواهد: التصريح: 2/ 380، والأشموني "871/ 2/ 445"، وسيبويه: 1/ 311، والجمل: 160، والخزانة: 1/ 311، والعيني: 4/ 236، 579، وديوان ذي الرمة: 389.
المفردات الغريبة: حزوى: اسم موضع بالحجاز، يكثر ذكره في شعر ذي الرمة. هجت: أثرت وحركت. عبرة: دمعة. ماء الهوى، والمراد به: الدمع، وأضيف إليه؛ لأنه سببه. =

 

ج / 4 ص -417-        السابعة: أن تلتقي هي والياء في كلمة1؛ والسابق منهما ساكن متأصل ذاتًا وسكونًا؛ ويجب حينئذ إدغام الياء في الباء؛ مثال ذلك، فيما تقدمت فيه الياء، سيد وميت؛ أصلهما: سيود ويموت2؛ ومثاله فيما تقدمت الواو: طي ولي مصدرًا طويت ولويت؛ وأصلهما: طوي ولوي3.
ويجب التصحيح إن كانا من كلمتين4؛ نحو: "يدعو ياسر". و"يرمى واعد" أو كان السابق منهما متحركًا؛ نحو: طويل وغيور، أو عارض الذات5؛ نحو: رؤية؛ مخفف رؤية، أو عارض السكون؛ نحو: قوي؛ فإن أصله الكسر، ثم إنه سكن للتخفيف، كما يقال في علم: علم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= يرفض: يسيل وينصب متفرقًا. يترقرق: يبقى في العين متحيرًا مضطربًا بيجيء ويذهب. المعنى: إن هذه الدار -بهذا الموضع- تثير الذكريات، وأيام الحب والهوى؛ فتذرف العين دمعها أحيانًا، ويضطرب فيها أخرى.
الإعراب: أدارًا: الهمزة حرف نداء، دارًا: منادي منصوب؛ لأنه شبيه بالمضاف؛ لوصفه بـ "بحزوى" قيل النداء. "بحزوى": متعلق بصفة محذوفة لـ "دارًا". هجت: فعل ماض مبني على السكون، والتاء: في محل رفع فاعل. "للعين": متعلق بـ "هجت". عبرة: مفعول به منصوب؛ فماء: الفاء استثنافية، ماء: مبتدأ مرفوع، وهو مضاف. الهوى: مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الكسرة المقدرة على الألف للتعذر. يرفض: فعل مضارع مرفوع، والفاعل: ضمير مستتر جوازًا؛ تقديره: هو، وجملة "يرفض": في محل رفع خبر المبتدأ "ماء الهوى". أو حرف عطف. يترقرق: فعل مضارع مرفوع، معطوف على "يرفض".
موطن الشاهد: "حزوى".
وجه الاستشهاد: بقاء الواو على حالها، ولم تقلب ياء؛ لكون "حزوى" اسمًا لا صفة.
1 أي: واحدة؛ أو ما هو في حكم الكلمة؛ كمسلمي في حالة الرفع؛ لأن المتضايفين كالشيء الواحد.
2 أما ساد؛ فإنه من ساد يسود اتفاقًا، ومات: من يموت على إحدى اللغتين، ووزنهما على الراجح عند البصريين: "فيعل".
3 اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون؛ فقلبت الواو ياء؛ وأدغمتا.
4 وكذلك إذا كانا في كلمة واحدة، ولم يلتقيا؛ مثل: زيتون - ونيروز.
5 بأن كان منقلبًا عن غيره، كالمبدل عن الألف، نحو: سوير، أو عن الواو؛ كديوان؛ فإن أصله: دوان؛ فالياء بدل من الواو الأولى. أو عن الهمزة؛ كمثال المصنف.

 

ج / 4 ص -418-        وشذ عما ذكرنا ثلاثة أنواع: نوع أعل، ولم يستوف الشروط؛ كقراءة بعضهم: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيا تَعْبُرُونَ}1؛ بالإبدال والإدغام ونوع صحيح مع استيفائها؛ نحو: ضيون2 وأيوم3، وعووى الكلب عوية4، ورجاء بن حيوة. ونوع أبدلت فيه الياء واوًا، وأدغمت الواو فيها؛ نحو: عوة4 ونهو5 عن المنكر.
واطرد في تصغيرها ما يكسر على "مفاعل"6، نحو: جدول وأسود للحية، الإعلال والتصحيح7.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة يوسف الآية: 43.
أوجه القراءات: قرأ أبو جعفر: "للريا"، وقرأ ورش: للرويا"، وقرأ أبو عمرو الكسائي وخلف: "للرؤيا" بالإمالة.
انظر: التبيان للطوسي: 6/ 96، وإتحاف الفضلاء: 265، والبحر المحيط: 5/ 312، والحجة لابن خالويه: 193.
موطن الشاهد: "للرؤيا".
وجه الاستشهاد: أبدلت الهمزة واوًا، ثم ياء ثم أدغمت في الياء الثانية؛ مع أن الواو عارضة الذات؛ لأنها مخففة من الهمزة؛ وهذا الإعلال شاذ. وحكى بعضهم اطراد الإبدال في مثل هذا؛ مما واوه بدل من همزة.
انظر التصريح: 2/ 381- 382.
2 هو السنور الذكر؛ والجمع: ضياون؛ ولم يدغم لأنه وضع اسمًا جامدًا.
3 أي كثير الشدة. يقال: يوم أيوم، كما يقال: ليلة ليلاء.
4 مصدر عوى الكلب، إذا نبح؛ والقياس: عية، وأصله: عوية.
5 هو بفتح النون على وزن "فعول"؛ وأصله نهوي: والقياس: نهي؛ وهو وصف مبالغة للناهي.
6 أي: وما يوازنه، بشرط أن يكون اسمًا، لا صفة مشتملًا على واو متحركة.
7 تقول: جديل وأسيد على القياس، وجديول وأسيود؛ حملًا للتصغير على التكسير والإعلال في ذلك: أحسن؛ فإن كان المفرد وصفًا؛ نحو: أسود صفة؛ فيشترط في وجوب الإبدال لا يكون اجتماع. الواو والياء في تصغير ما يكسر على "مفاعل".
انظر التصريح: 2/ 282.
وكذلك إذا كانت الواو غير متحركة، في المفرد؛ نحو: عجوز وعمود؛ فإنهما وإن كسرا على مفاعل؛ إلا أن الإعلال واجب في مصغرهما؛ فتقول: عجير وعميد، ولا يجوز التصحيح.
التصريح: 2/ 382.

 

ج / 4 ص -419-        الثامنة: أن تكون لام مفعول الذي ماضيه على فعل، بكسر العين1، نحو: رضيه فهو مرضي2 وقوي على زيد فهو مقوي عليه3، وشذ قراءة بعضهم: "مَرْضُوَّة"4؛ فإن كانت عين الفعل متفوحة وجيب التصحيح؛ نحو: مغزو، ومدعو5؛ والإعلال شاذ؛ كقوله6: [الطويل]

572- أنا الليث معديًا على وعاديا7

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سواء كان متعديًا أو لازمًا.
2 الأصل: مرضوو بواوين؛ قلبت الثانية وهي لام الفاعل ياء؛ حملًا على الفعل؛ لأنها تقلب فيه لكسر ما قبلها؛ كما سبق، ثم الأولى، وهي: واو مفعول لاجتماعهما مع الياء على القاعدة؛ وأبدلت الضمة كسرة لتسليم الياء من القلب واوًا.
انظر التصريح: 2/ 282.
3 أصله: ممقوو، قلبت الواو الأخيرة ياء؛ لثقل ثلاث واوات في الطرف مع الضمة، ثم الوسطى لاجتماعها ساكنة مع الياء على القاعدة، وأبدلت الضمة كسرة كما سبق.
4 سورة الفجر الآية: 28.
موطن الشاهد: "مرضوة".
وجه الاستشهاد: تصحيح الواو وإدغام الواو الزائدة فيها؛ وهذا شاذ، وقال صاحب التسهيل: مرجوح، والقياس: أن تأتي "مرضية".
5 فإن فعلهما: غزا، ودعا؛ وأصلهما: غزو ودعو؛ تحركت الواو، وانفتح ما قبلها؛ فقلبت ألفًا على القاعدة.
6 القائل: هو عبد يغوث بن وقاص الحارثي، وقد مرت ترجمته.
7 تخريج الشاهد: هذا عجز بيت، وصدره قوله:

وقد علمت عرسي مليكة أنني

وهو من شواهد: التصريح: 2/ 382، والأشموني "1233/ 3/ 867"، والعيني 4/ 589، وسيوبيه: 2/ 382، وأمالي القالي: 2/ 132، والمحتسب: 2/ 307، وشرح المفصل: 5/ 36، 10/ 22، 110، والمقرب: 112، وشرح شواهد الشافية: 400، والمفضليات للضبي: 158.
المفردات الغريبة: عرس الرجل: زوجه. مليكة: اسمها.

 

ج / 4 ص -420-        والتاسعة: أن تكون لام فعول جمعًا؛ نحو: عصا وعصي وقفًا وقفي ودلو ودلي1، والتصحيح شاذ: قالوا أبو وأخو2، ونحو جمعًا لنحو وهو الجهة، ونحو، بالجيم، جمعًا لنجو؛ وهو السحاب الذي هراق ماءه، وبهو وهو المصدر وبهو3

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= المعنى: تعلم زوجي مليكة أنني شجاع كالليث؛ سواء اعتدى علي أحدًا، أو اعتديت على غيري.
الإعراب: وقد: الواو عاطفة، قد: حرف تحقيق. علمت: فعل ماضي مبني على الفتح، والتاء: للتأنيث. عرسي: فاعل مرفوع، وهو مضاف، والياء: في محل جر بالإضافة.
مليكة: بدل، أو عطف بيان علي "عرسي". أنني: حرف مشبه بالفعل، والنون: للوقاية، والياء: في محل نصب اسم "أن". أنا: ضمير فصل يفيد التوكيد، لا محل له من الإعراب. الليث: خير "أن" مرفوع؛ و"أن ومعمولاها": سدت مسد مفعولي "علمت". معديًا: حال من الليث. "علي" متعلق بمعدي؛ على أنه نائب فاعله؛ لأن "معديًا" اسم مفعول. وعاديًا: الواو عاطفة، عاديًا: معطوف على "معديًا" منصوب مثله.
موطن الشاهد: "معديًا".
وجه الاستشهاد: وقوع "معديًا" معلولًا، بقلب واوه ياء؛ وحكم هذا الإعلال الشذوذ؛ لأن القياس تصحيح لأمه؛ لأن فعله "عدا" مفتوح العين،؛ والأصل في معديا معدووًا؛ فقلبت لأمه ياء لتطرفها؛ فصار "معدويًا"؛ فالتقت الواو والياء في كلمة؛ والسابقة منهما ساكنة؛ فقلبت الواو ياء -على القاعدة- وأدغمت الياء في الياء الأخرى، ثم قلبت ضمة الدال كسرة؛ لمناسبة الياء؛ فصار "معديًا".
ويرى ابن مالك أن التصحيح في مثل هذا راجح لا واجب؛ والإعلال مرجوح؛ حيث يقول:

وصحح المفعول من نحو عدا                       واعلل إن لم تتحر الأجودا

فالأجود: تصحيح واوه؛ فتقول: معدو، ويجوز إعلاله -كما سبق- على الرأي المرجوح ضياء السالك: 4/ 227، والتصريح: 2/ 382.
1 الأصل فيها: عصوو -وقفوو- ودلوو على وزن "فعول"، قلبت الواو الثانية ياء؛ لثقل الواوين مع الضمة في الجمع، ثم الأولى: لاجتماعها مع الياء؛ وأدغمتا على القاعدة، وكسر ما قبل الياء؛ لتصح، ويصح كسر الأولى منها للتخفيف؛ لأن الانتقال من الضم إلى الكسر في مثل هذه الصيغة لا يخلو من ثقل.
2 جمعان لأب، وأخ؛ والقياس: أبي وأخي.
3 هو البيت المتقدم أمام البيوت، والواسع من الأرض. ومن كل شيء.
قيل: إن قول المصنف: وهو المصدر فيه نظر؛ لأن المفهوم من عبارة القاموس: أنه لم يستعمل مصدرًا، وإن كان ذلك لا يدل على عدم وجوده، والجمع: أبهاء -وبهو- وبهي. حاشية يس على التصريح: 2/ 383.

 

ج / 4 ص -421-        فإن كان "فعول" مفردًا؛ وجب التصحيح؛ نحو: {وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا} {لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ}2. وتقول: نما المال نموا، وسما زيد سموا3، وقد يعل نحو: عتا الشيخ عتيًا، وقسا قلبه قسيًا4.
العاشرة: أن تكون عينًا "لفعل" جمعًا صحيح اللام5؛ كصيم ونيم6؛ والأكثر فيه التصحيح؛ تقول: صوم ونوم، ويجب إن اعتلت اللام؛ لئلا يتوالى إعلالان7؛ وذلك كشوى، وغوى؛ جمعي شاو، وغاو8 أو فصلت من العين؛

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة الفرقان الآية: 21.
موطن الشاهد:
{عُتُوًّا}.
وجه الاستشهاد: مجيء "عتوًا" مصدرًا مفردًا مضموم الأول والثاني، والأصل فيه: "عتووا" - بواوين- أدغمت اولاهما في الثانية.
2 سورة القصص الآية: 83.
موطن الشاهد:
{عُلُوًّا}.
وجه الاستشهاد: مجيء "علوًا" مصدرًا مفردًا مضموم الأول والثاني؛ والأصل فيه: "علووًا" - بواوين؛ أدغمت أولى الواولين في الثانية.
3 الأمثلة السابقة: مصادر مفردة مضمومة الأول والثاني: والأصل: عتوو، وعلوو، ونموو، وسموو؛ أدغمت أولى الواولين في الثانية.
4 قول الناظم يفيد التسوية بين الجمع والمفرد؛ حيث يقول في هذه المسألة:

كذاك ذا وجهين جا الفعول من                  ذي الواو لام جمع أو فرد يعين

أي: أن الاسم الذي على وزن "فعول" واوي اللام؛ ويجوز فيه وجهان: التصحيح والإعلال؛ سواء أكان جمعًا ام مفردًا؛ ويرى غير ابن مالك، أن الغالب في الجمع الإعلال، وفي المفرد التصحيح؛ وهو الأصح.
الأشموني: 3/ 868- 869.
5 بشرط عدم وجود فاصل بين العين واللام.
6 جمعان لصائم ونائم؛ وأصلهما: صوم ونوم؛ بواوين قبلهما ضمة؛ فعدل إلى الياء للخفة.
7 إعلال العين، وإعلال اللام.
8 اسم فاعل من شوى يشوي، وغوى يغوي؛ وأصلهما: شوي- وعوي، قلبت الياء فيهما ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم حذف، لالتقائها ساكنة مع التنوين.

 

ج / 4 ص -422-        نحو: صوام ونوام؛ لعبدها، حينئذ، من الطرف؛ وشذ قوله1: [الطويل]

573- فما أرق النيام إلا كلامها2

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 القائل: هو أبو النجم، أو أبو الغمر الكلابي، ولم أجد ترجمة وافية له.
2 تخريج الشاهد: هذا عجز بيت، وصدره قوله:

ألا طرقتنا مية ابنة منذر

وهو من شواهد: التصريح: 2/ 383، والأشموني "1235/ 3/ 870"، والعيني: 4/ 578 وحاشية يس على التصريح: 2/ 381.
المفردات الغريبة: طرفتنا: زارتنا ليلًا. مية: اسم امرأة. أرق: أسهر وأذهب النوم من الأعين. النيام: جمع نائم، اسم فاعل من نام ينام نومًا.
المعنى: أن هذه المرأة زارتهم بالليل، وقد نام القوم؛ فأرقهم حديثها، وأطار النوم من أعينهم كلامها العذب، حتى قضوا ليلهم أيقاظًا ساهرين.
الإعراب: ألا حرف استفتاح وتنبيه. طرقتنا: فعل ماض مبني على التفح؛ لاتصاله بتاء التأنيث الساكنة، و"تا": في محل نصب مفعولًا به. مية: فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة. ابنة: صفة لـ "مية" مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، وهو مضاف. منذر: مضاف إليه مجرور؛ فما: الفاء عاطفة، ما: نافية. أرق: فعل ماض مبني على الفتح الظاهر على آخره. النيام. مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة. إلا: أداة حصر. كلامها: فاعل مرفوع، وهو مضاف، و "ها": في محل جر بالإضافة.
موطن الشاهد: "النيام".
وجه الاستشهاد: وقوع "النيام" جمع "نائم"، وأصله: ناوم؛ وأصل الجمع -على هذا- نوام؛ فقلبت الواو ياء في الجمع؛ وحكم هذا القلب الشذوذ؛ لأن قبل لامه ألفًا، والقياس: نوام بالتصحيح أو "نيم" مثل: صيم، و"قيم"؛ إذ يجوز فيهما أيضًا: صوام وقوام. انظر التصريح: 2/ 383.
تنبيه: مما يجب فيه قلب الواو ياء: أن تقع الواو طرفًا بعد ضمة أصلية في اسم معرف؛ سواء كان طرفًا حقيقية؛ مثل: أدل: جمع دلو؛ أو حكمًا؛ كما إذا وقع بعدها تاء تأنيث، أو علامة تثنية؛ نحو: تدانية وتدانيان؛ فتقلب الواو ياء والضمة قبلها كسرة؛ لمناسبة الياء؛ وعلة القلب في هذا: التفادي مما لا نظير له في العربية؛ وهذا الموضع، لم يتعرض له الناظم ولا ابن هشام.
ضياء السالك: 40/ 279.

 

ج / 4 ص -423-        فصل في إبدال الواو من أختيها الألف والياء:
أما إبدالها من الألف؛ ففي مسألة واحدة؛ وهي أن ينضم ما قبلها1، نحو: بويع وضورب؛ وفي التنزيل:
{مَا وُورِيَ عَنْهُمَا}2.
وأما إبدالها من الياء ففي أربع مسائل:
إحداهما:
أن تكون ساكنة مفردة في غير جمع؛ نحو: موقن وموسر ويجب سلامتها إن تحركت؛ نحو: هيام، أو أدغمت؛ كحيض، أو كانت في جمع ويجب في هذه قلب الضمة كسرة كهيم3 وبيض في جمع أفعل أو فعلاء.
الثانية: أن تقع بعد ضمة وهي؛ إما لام فعل؛ كنهو الرجل، وقضو بمعنى: ما أنهاه؛ أي أعقله، وما أقضاه أو لاسم مختوم بتاء بنيت الكلمة عليها؛ كأن تبنى من الرمي مثل مقدرة؛ فإنك تقول: مرموة4؛ بخلاف؛ نحو تواني توانية5؛ فإن أصله قبل دخول التاء توانيًا بالضم؛ كتكاسل تكاسلًا؛ فأبدلت ضمته كسرة؛ لتسلم الياء من القلب، ثم طرأت التاء؛ لإفادة الوحدة وبقي الإعلال بحالة أو لام اسم مختوم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سواء أكانت في فعل عند بنائه للمجهول؛ كمثال المصنف؛ أم في اسم عند تصغيره؛ مثل: "كويتب" تصغير كاتب. ما لم تكن الألف ثانية مبدلة من ياء، وإلا ردت إلى أصلها؛ نحو: نييب: تصغير ناب.
2 سورة الأعراف الآية: 20.
موطن الشاهد:
{وُورِيَ}.
وجه الاستشهاد: إبدال الألف واوًا، لانضمام ما قبلها؛ لأن الأصل فيها: "وارى"؛ فلما بني للمجهول ضم أوله، فتعذر إبقاء الألف بعد ضمة؛ لأن الألف، لا يكون قبلها إلا مفتوحًا، فقلبت الألف واوًا؛ لمجانسة حركة ما قبلها. انظر التصريح: 2/ 283.
3 جمع أهيم وهيماء؛ مصاب بالهيام- بكسر الهاء وضمها؛ وهو داء يصيب الإبل؛ فتهيم في الأرض ولا ترعى، وتعطش فلا تروى.
4 والأصل: مرمية، أبدلت الياء واوًا؛ لوقوعها إثر ضمة.
5 فإن التاء فيه عارضة على بنية المذكر؛ فلا تبدل معها الياء واوًا؛ لأنها في نية الانفصال، فما قبلها آخر، بل تكسر الضمة؛ لتصح الياء.

 

ج / 4 ص -424-        بالألف والنون؛ كأن تبنى من الرمي على وزن "سبعان" اسم الموضع الذي يقول فيه ابن الأحمر1:

ألا يا ديار الحي بالسبعان1 [550]

فإنك تقول: رموان3.
الثالثة: أن تكون لامًا لفعلي، بفتح الفاء، اسمًا لا صفة؛ نحو: تقوى4، وشروى5، وفتوى، وفتوى. قال الناظم وابنه6: "وشذ سعيًا؛ لمكان، وريا؛ للرائحة7، وطغيا؛ لولد البقرة الوحشية"، انتهى؛ فأما الأول: فيحتمل أنه منقول من صفة: كخزيا وصديا، مؤنثي خريان وصديان وأما الثاني: فقال النحويون: صفة غلبت عليها الاسمية، والأصل: رائحة ريا؛ أي: مملوءة طيبًا8 وأما الثالث: فالأكثر فيه ضم الطاء؛ فلعلهم اتحبوا التصيحح حين فتحوا للتخفيف.
الرابعة: أن تكون عينًا لفعلي، بالضم، اسمًا؛ كطوبى: مصدرًا لطاب، أو اسمًا للجنة، أو صفة جارية مجرى الأسماء9؛ وهي فعلى أفعل؛ كالطوبى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الصحيح أن قائله تميم بن مقبل.
2 تقدم تخريج هذا الشاهد والتعليق عليه في باب النسب.
موطن الشاهد: "السبعان".
وجه الاستشهاد: مجيء "السبعان" اسم مكان بعينه.
3 والأصل: رميان، قلبت الياء واوًا؛ لوقوعها بعد ضمة.
4 أصله: وقيًا؛ لأنه من وقيت، قلبت واوه تاء؛ كما في تراق، ثم ياؤه واوًا؛ ولا يضر اجتماع الإعلالين فيه؛ لعدم تواليهما؛ وهو غير منصرف لألف التأنيث. ومن قرأ:
{عَلَى تَقْوًى مِنَ اللَّهِ}، جعلها للإلحاق.
5 معناه المثل، يقال: لك شرواه -أي مثله وأصله شريا.
6 في شرحي الكافية، والخلاصة؛ فالناظم شرح الكافية، وابنه شرح الخلاصة. التصريح: 2/ 385.
7 أما ريا من الري؛ ضد صديا؛ فعدم القلب فيها لكونها صفة.
8 أي: وتصحيح الصفة غير شاذ، على أنه لو سلم بالاسمية؛ فالذي يمنع القلب، هو أنه لو قيل: ريو؛ فوجب قلب الواو ياء، وإدغمهما؛ لاجتاعهما، وسبق إحداها بالسكون.
9 أي: في عدم جريانها، على الموصوف، وإيلائها العوامل.

 

ج / 4 ص -425-        والكوسى، والخوري؛ مؤنثات: أطيب وأكيس وأخير؛ والذي يدل على أنها جارية مجرى الأسماء، أن أفعل التفضيل يجمع على "أفاعل"1؛ فيقال: الأفاضل، والأكابر؛ كما يقال في جمع أفكل3 أفاكل.
فإن كان فعلي صفة محضة؛ وجب قلب ضمته كسرة3، ولم يسمع من ذلك إلا
{قِسْمَةٌ ضِيزَى}4؛ أي: جائرة، ومشية حيكى؛ أي: يتحرك فيها المنكبان5؛ هذا كلام النحويين.
وقال الناظم وابنه: يجوز في عين "فعلى" صفة أن تسلم الضمة؛ فتقلب الياء واوًا، وأن تبدل الضمة كسرة؛ فتسلم الياء؛ فتقول: الطبوى والطيبي، والكوسى والكيسى، والوضقي والضيقي6.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 فمثله في ذلك مثل الأسماء المحضة.
2 أي: الذي هو اسم جامد للرعدة، لا صفة.
3 أي: لكي تصح الياء وتسلم من قلبها واوً؛ وذلك للفرق بين الصفة والاسم.
4 سورة النجم الآية: 22.
موطن الشاهد: "ضيزى".
وجها الاستشهاد: أبدلت ضمة الضاد كسرة؛ لتصح الياء؛ وعند بعض النحويين أن أصلها: "ضوزى"؛ فهي واوية، وأما على الأول، فقلب الضمة كسرة واجب؛ لأن "ضيزى" صفة محضة.
5 يقال: حاك في مشية يحوك ويحيك إذا حرك منكبيه، ويقال: ضازه يضوزه ويضيزه: إذا جار عليه وبخسه؛ والأصل فيهما: ضيزى وحيكى؛ فأبدلت الضمة كسرة لتصح الياء، وعند بعض النحويين. أصلهما: ضوزى -وحوكى؛ فهما واريان. وفي القاموس: أنهما واويان ويائيان، وهنالك كلمة ثالثة مسموعة هي "كيص"يقال: رجل كيصى؛ أي: يمشي وحده، ويأكل وحده، ولا يعنيه غير نفسه.
التصريح: 2/ 385.
6 مؤنثي الأكيس والأضيق، وقد خالف الناظم النحويين: في أنه يجيز في "فعلى" -وصفًا- وجهين؛ والنحويون يجزمون بأحدهما؛ وخالفهم في أنهم حكموا لأنثى "الأفعل" بحكم الأسماء المحضة في إقرار الضمة، وقلبت الواو ياء، وذكرها الناظم في باب الصفات؛ فأجاز فيها يالوجهين، ونص على أنهما مسموعان عن العرب.
انظر التصريح: 2/ 386، والأشموني: 3/ 852- 853.

 

ج / 4 ص -426-        فصل في إبدال الألف من أختيها الواو والياء:
[شروط الإبدال]:
وذلك مشروط بعشرة شروط:
الأول: أن يتحركا؛ فلذلك صحتا في القول والبيع لسكونهما.
والثاني: أن تكون حركتهما أصلية؛ ولذلك صحتا في جيل1 وتوم2 مخففي: جيال وتؤام.
والثالث: أن ينفتح ما قبلهما3؛ ولذلك صحتا فيا لعوض والحيل والسور.
والرابع: أن تكون الفتحة متصلة؛ أي: في كلمتيهما؛ ولذلك صحتا في ضرب واحد، وضرب ياسر4.
والخامس: أن يتحرك ما بعدهما إن كانتا عينين5، وأن لا يليهما ألف ولا ياء مشددة إن كانتا لأمين؛ ولذلك صحت العين في بيان، وطويل، وخورنق6، واللام في رميا، وغزوا، وفتيان، وعصوان7، وعلوي، وفتوي8. وأعلت العين في قام،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 اسم من أسماء الضبع.
2 هو الولد يولد؛ ومعه غيره، في بطن واحد؛ ويقال لهما: توأمان. وكل واحد توأم، والأكثر توائم. ومثل "جيل وتوم" في عدم الإبدال؛ لعروض الحركة؛ قوله تعالى:
{لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ}، {وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}، {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ}.
3 لأن غير الفتحة لا يناسب الألف.
4 قيل: لو مثل بغير هذين المثالين نحو: أخذ ورقة، ووجد يزيد لكان أحسن؛ لأن وجود الألف بعد الواو والياء مانع من قلبهما أيضًا؛ فلم يتمحض المنع لما ذكر، وكذلك لا يعل نحو: قاوم وبايع لفصل بالألف.
5 وكذلك إذا كانتا فاءين نحو: توالي، وتيامن؛ فلا قلب.
6 وذلك لسكون ما بعدهما بالألف في بيان، والياء في طويلن والراء في خورنق؛ وهما عينان، وخورنق: قصر للنعمان الأكبر بالعراق.
7 لولجود الألف بعدها، وقد مثل للأفعال والأسماء؛ وإنما صح قبل الألف؛ لأن الإعلال قبلها يؤدي إلى اجتماع ساكنين، وحذف أحدهما يوقع في لبس المثنى بالمفرد؛ إذ يصير: غزا -ورمى، وحمل؛ فتيان وعصوان عليه.
8 لوجود ياء مشددة بعد الواو؛ هي ياء النسب. والواو في علوي منقلبة عن ياء "علي". وفي فتوى منقلبة عن ألف "فتى".

 

ج / 4 ص -427-        وباع، وباب، وناب؛ لتحرك ما بعدها، واللام في غزا ودعا ورمى وبكى؛ إذ ليس بعدها ألف ولا ياء مشددة، وكذلك في يخشون، ويمحون1؛ وأصلهما: يخشيون، ويمحون1؛ وأصلهما: يخشيون، ويمحوون؛ فقلبتا ألفين2، ثم حذفتا للساكنين.
والسادس: أن تكون إحداهما عينًا "لفعل"؛ الذي الوصف منه على "أفعل"3؛ نحو: هيف4؛ فهو أهيف، وعور فهو أعور.
والسابع: أن لا تكون عينًا لمصدر هذا الفعل5؛ كالهيف.
والثامن: أن لا تكون الواو عينًا لافتعل الدال على معنى التفاعل؛ أي: التشارك في الفاعلية والمفعولية؛ نحو اجتوروا والشتوروا؛ فإنه في معنى تجاوروا وتشاوروا6. فأما الياء: فلا يشترط فيها ذلك؛ لقربها من الألف؛ ولهذا أعلت في استافوا؛ مع أن معناه: تسايفوا7.
والتاسع: أن لا تكون إحداهما متلوة بحرف يستحق هذا الإعلال؛ فإن كانت كذلك صحت8، وأعلت الثانية9؛

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 بفتح الياء والحاء - على لغة من قال: محاه يمحاه محوًا؛ إذا أذهب أثره، أو على أنه مبني للمفعول؛ فيكون من محاه يمحوه محوًا؛ وهذا هو الأشهر لضم حاء يمحو.
2 لتحركهما، وانفتاح ما قبلهما.
3 هو "فعل" اللازم والدال على لون، أو خلقة، أو وصف ظاهر في البدن؛ كسود وعور وحول وغيد. وأنما صح عين هذا الفعل حملًا له على أصله في "الألوان والعيوب" وهو أفعل؛ كأعور، وأسود. وخرج نحو: خاف؛ فإن وصف على فاعل؛ فيعل كفعل بالفتح والضم. التصريح: 2/ 387- الأشموني: 3/ 856.
4 من الهيف: وهو ضمور البطن والخصر، ويعد من الصفات الممدوحة.
5 وذلك، حملًا للمصدر على الفعل؛ فهو مقيس على المقيس.
6 ولذلك حمل على "تفاعل"؛ في التصحيح الذي استحقه؛ لفصل عينه من الفتح؛ فإن لم يدل على تفاعل وجب إعلاله؛ لعدم ما يحمل عليه، في التصحيح؛ نحو: اختان واختار؛ بمعنى خان، وخار.
7 أي: تضاربوا بالسيوف؛ ومثل استافوا: ابتاعوا، وامتازوا.
8 لئلا يتوالي إعلالان في كلمة، بلا فاصل بينهما؛ وهو في الغالب ممنوع- عند النحاة- لإجحافه بالكلمة؛ ويلزم كذلك اجتماع ألفين.
9 لأنهما طرف؛ والطرف محل التغيير.

 

ج / 4 ص -428-        نحو: الحيا1، والهوى2، والحوى؛ مصدر: حوي إذا أسود3. وربما عكسوا، فاعلموا الأولى، وصححوا الثانية؛ نحو: في أسهل الأقوال4.
فإن قلت: لنا أسهل منه؛ قول بعضهم: إنها فعلة؛ كنبقة؛ فإن الإعلال -حينئذ- على القياس5، وأما إذا قيل: إن أصلها أبية بفتح الياء الأولى، أو أبية، بسكونها، أو آيية "فاعلة"؛ فإنه يلزم إعلال الأول، دون الثاني6، وإعلال الساكن7، وحذف العين، ولغير موجب8.
قلت: ويلزم على الأول تقديم الإعلال9 على الإدغام10، والمعروف العكس؛ بدليل إبدال همزة أية ياء لا ألفًا11؛ فتأمله.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 مصدر: حيي، ومعناه: الغيث؛ وأصله: الحيي بياءين، فقلبت الثانية؛ وهي لام الكلمة ألفًا؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها.
2 مصدر هوي؛ وهو ميل النفس إلى الشيء، وشاع في المذموم، وأصله: الهوى، قلبت الياء ألفًا لما تقدم.
3 أصله: الحوو- من الحوة؛ وهي سواد إلى الخضرة، أو حمرة إلى السواد، وشفة حواء؛ حمراء إلى السواد؛ فلامه واو مثل عينه؛ لقولهم في المثنى: حووان.
4 أصلها: أبيه؛ قلبت الياء الأولى ألفًا شذوذًا، وسهله كون الثانية غير طرف؛ ومثلها: غاية، وراية، وثاية- حجارة يضعها الراعي عند متاعه يثوي عندها، أو يجمع رؤوس أشجار ويلقى عليها ثوابًا ليستظل بها.
5 أي: في الأولى، إعلال الثانية ممتنع لعدم انفتاح ما قبلها.
6 أي: على القول بأن أصلها: أبية؛ وهو شاذ.
7 وهو الياء الأولى على أن أصلها أبيه.
8 أي: على القول بأنها آبية؛ كفاعلة. والمعهود في مثله: قلب الياء الأولى همزة؛ كبائعة وقائلة.
9 وهو قلب الياء الأولى ألفًا لتحركها، وانفتاح ما قبلها.
10 فقد اجتمع مثلان؛ أولهما ساكن.
11 إيضاح الدليل: أن أصل أئمة: أأممة، فلم يقدموا الإعلال، ويبدلوا الهمزة الثانية الساكنة ألفًا من جنس حركة ما قبلها؛ بل قدموا الإدغام، فنقلوا كسرة الميم الأولى إلى الساكن قبلها؛ وهو الهمزة الثانية وأدغموا، ثم أبدلوا الهمزة الثانية ياء من جنس حركتها؛ وهذا يدل على أن عنايتهم بالإدغام فوق عنايتهم بالإعلال.

 

ج / 4 ص -429-        والعاشر: أن لا يكون عينًا؛ لما آخره زيادة تختص بالأسماء1؛ فلذلك صحتا في نحو: الجولان، والهيمان، والصورى2، والحيدي3؛ وش الإعلال في ماهان وداران4.
[فصل في إبدال التاء من الواو والياء]:
إذا كانت الواو والياء للافتعال؛ أبدلت تاء5، وأدغمت في تاء الافتعال، وما تصرف منها نحو: اتصل، واتعد6؛ من الوصل والوعد، واتسر من اليسر7؛ قال8: [الطويل]:

574- فإن تتعدني أتعدك بمثلها9

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 وذلك كالألف والنون معًا، وكألف التأنيث المقصورة؛ لأن هذه الزيادة تبعد شبهه بالفعل الذي هو؛ كالأصل في الإعلال؛ لأنها لا تلحقه أصلًا.
2 بفتحات اسم بقعة فيها ماء.
3 الحيدي: مشية المختال، وحمار حيدى وحيد: يحيد عن ظلمه نشاطًا؛ ولم يوصف مذكر على "فعلى" غيره.
4 والقياس موهان، ودوران؛ لأنهما تثنية ماء ودار؛ وقيل: هما أعجميتان؛ فلا يحسن عدهما مما شذ.
5 لسعر النطق بحرف اللين الساكن مع التاء؛ لقرب مخرجهما وتنافر صفتهما لأن حرف اللين مجهول، والتاء مهموسة؛ وحروف الهمس مجموعة في قوله: "فحثه شخص سكت". وما عداها مجهور. ويشترط في هذا الإبدال: ألا تكون الواو والياء مبدلتين من همزة.
التصريح: 2/ 390.
6 أصلهما: أو تصل واوتعد، قلبت الواو تاء وأدغمت في تاء الافتعال للتخفيف.
7 أصله: ايتسر؛ ففاؤه ياء.
8 القائل: هو الأعشى ميمون بن قيس، وقد مرت ترجمته.
9 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت، من قصيدة، يهجو فيها، علقمة بن علاثة، ويتهدده، وكان الأعشى قد مدح عامر بن الطفيل؛ وحكم له على علقمة، في منافرة، وقعت ينهما؛ وعجزه قوله:

وسوف أزيد الباقيات القوارصا

وهو من شواهد: التصريح: 2/ 390، وشرح المفصل: 10/ 37، والعيني: 4/ 579 وديوان الأعشى: 110.

 

ج / 4 ص -430-        وقال1: [الطويل]

575- فإن القوفي تتلجن موالجا2

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= المفردات الغريبة: تتعدني: تتوعدني وتهددني، واتعده: أوعده بالشر. الباقيات: المراد الأشعار التي تبقى على ألسنة الرواة، يروونها للأعقاب. القوارص: جمع قارصة؛ وهي الكلمة المؤذية المؤلمة.
المعنى: إن كنت تتوعدني، وتهددني يا علقمة؛ لأنني أنصفت خصمك؛ فإني أقابلك بالمثل، وأهجوك بشعر مؤلم يتناوله الرواة.
الإعراب:
إن: شرطية جازمة. تقعدني: فعل مضارع مجزوم -فعل الشرط- وعلامة جزمه السكون، والفاعل: أنت، والنون: للوقاية، والياء: مفعول به. أقعدك: فعل مضارع مجزوم -جواب الشرط- والفاعل: أنا، والكاف: مفعول به. "بمثلها": متعلق بقوله: "أتعدك"، مثل: مضاف، و"ها": في محل جر بالإضافة. وسوف: الواو عاطفة، سوف: حرف تنفيس. أزيد: فعل مضارع مرفوع، والفاعل: أنا. الباقيات: مفعول به لـ "أزيد" منصوب، وعلامة نصبه الكسرة؛ لأنه جمع مؤنث سالم. القوارصا: صفة لـ "الباقيات" منصوب، وعلامة نصبه الفتحة، والألف: للإطلاق.
موطن الشاهد: "تتعدني، أتعدك".
وجه الاستشهاد: الأصل في "تتعدني": توتعدني، وفي "أتعدك": أوتعدك؛ لأنهما من الوعد؛ فقلبت الواو فيهما تاء، وأدغمت في التاء الزائدة بعدها -تاء الافتعال- وحكم هذا الإبدال الجواز على القياس؛ والقوارص: جمع قارصة؛ وهي الكلمة المؤذية.
انظر التصريح: 2/ 390.
1 القائل: هو طرفة بن العبد البكري، وقد مرت ترجمته.
2 تخريج الشاهد: هذا صدر بيت، وعجزه قوله:

تضايق عنها أن تولجها الإبر

وهو من شواهد: التصريح: 2/ 390، والعيني: 4/ 581، والخصائص: 1/ 14، وشرح المفصل: 10/ 37، وديوان طرفه: 4.
المفردات الغريبة: القوافي: جمع قافية، وتطلق على حرف الروي الذي تبنى عليه القصيدة، وعلى القصيدة كلها، والمراد هنا: القصائد: يتلجن: من الولوج؛ وهو الدخول: موالجًا: جمع مولج؛ وهو مكان الولوج؛ أي: الدخول.
المعنى: أن القصائد والأشعار تؤدي بها معان دقيقة، تصل إلى النفوس وتدخل إلى العقول، من مسالك خفية، لا يستطيع والج أن يجلها، ولا يمكن للإبر أن تنفذ منها.
الإعراب:
إن: حرف مشبه بالفعل. القوافي: اسم "إن" منصوب، وعلامة نصبه الفتحة =

 

ج / 4 ص -431-        وتقول في "افتعل" من الإزار "إيتزر"، ولا يجوز إبدال الياء تاء، وإدغامها في التاء؛ لأن هذه الياء بدل من همزة، وليست أصلية1؛ وشذ قولهم في "افتعل" من الأكل: "اتكل"2، وقول الجوهري3 في اتخذ: "إنه افتعل من الأخذ" وهم؛ وإنما التاء أصل؛ هو من تخذ4؛ كاتبع من تبع.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= المقدرة على الياء، منع من ظهورها معاملة المنصوب معاملة المرفوع والمجرور. يتلجن: فعل مضارع مبني على السكون؛ لاتصاله بنون النسوة، والنون: في محل رفع فاعل؛ وجملة "يتلجن": في محل رفع خبر "إن". والجا: منصوب بـ "يلتجن"، وكان حقه المنع من الصرف؛ لأنه على صيغة منتهى الجموع؛ غير أنه صرف ضرورة. تضايق: فعل مضارع مرفوع؛ وأصله: تتضايق؛ فحذفت إحدى التاءين تخفيفًا؛ والفاعل: ضمير مستتر جوازًا؛ تقديره: هي، يعود إلى القوافي. "عنها": متعلق بـ "تضايق". أن: حرف مصدري ونصب. تولجها: فعل مضارع منصوب بـ "أن"؛ وأصله: تتولجها و"ها" مفعول به. الإبر: فاعل مرفوع، وسكن لضرورة الشعر؛ والمصدر المؤول من "أن وما بعدها": في محل جر بحرف جر محذوف؛ "والجار والمجرور": بدل من "عنها".
موطن الشاهد: "يتلجن".
وجه الاستشهاد: أصل "يتلجن": يوتلجن؛ فالواو فاء الكلمة، والتاء بعدها زائدة للافتعال؛ فقلبت الواو تاء، وأدغمت التاء في التاء. التصريح: 2/ 390.
1 وسمع: اتزر شذوذًا، كما تقدم.
2 وكذلك قولهم، في أوتمن؛ من الأمانة: اتمن، بإبدال الواو المبدلة من الهمزة تاء، والفصيح في ذلك كله عدم الإبدال. وبعض الحجازيين، يتركون هذا الإبدال، ويجعلون فاء الكلمة على حسب الحركات قبلها؛ فيبدلونها ياء بعد الكسرة، وألفًا بعد الفتحة، وواوًا بعد الضمة؛ فيقولون: اتصل يتصل؛ فهو متصل، وايتسر ياتسر؛ فهو موتسر إلخ.
الأشموني: 3/ 872.
3 هو إسماعيل بن حماد النحوي، وقد مرت ترجمته.
4 هذا الكلام مبني على ثبوت "تخذ" ثلاثيًا من باب علم، وهو الصواب، ومن أدلته قوله تعالى:
{لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا}؛ في قراءة؛ وقول الشاعر:

اتخذت غراز إثرهم دليلًا                      وفروا في الحجاز ليعجزوني

ولم يثبت ذلك -عند الجوهري- ورأى أن يخرج "اتخذ"، ولم يجد ثلاثيًا إلا أخذ؛ فقال ما سمعت في كلام المؤلف. وذهب بعض المتأخرين: إلى أن اتخذ "افتعل" من الوخذ؛ والأصل: أوتخذ، قلبت الواو تاء، وأدغمت في تاء الافتعال على القياس.
انظر ضياء السالك: 4/ 293، والأشموني: 3/ 872، والتصريح: 2/ 391.

 

ج / 4 ص -432-        فصل في إبدال الطاء:
تبدل وجوبًا من تاء الافتعال1؛ الذي فاؤه صاد، أو ضاد، أو طاء، أو ظاء؛ وتسمى أحرف الإطباق2؛ تقول في افتعل من صبر: اصطبر3، ولا تدغم؛ لأن الصفيري لا يدغم إلا في مثله4، ومن ضرب: اضطرب5، ولا تدغم؛ لأن الضاد حرف مستطيل6، ومن طهر: أطهر7، ثم يجب الإدغام؛ لاجتماع المثلين في كلمة؛ وأولهما ساكن ومن ظلم: اظطلم، ثم لك ثلاثة أوجه8: الإظهار، والإدغام مع إبدال الأول من جنس الثاني، ومع عكسه؛ وقد روي بهن قوله9. [البسيط]

576- هو الجواد الذي يعطيك نائله                 عفوًا، ويظلم أحيانًا فيظلم10

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ومشتقاته كما سلف؛ وذلك لاستثقال النطق بالتاء مع حروف الإطباق؛ لما بينهما من اتفاق في المخرج، وتباين في الصفة؛ إذ التاء حرف مهموس غير مستعمل، وحروف الإطباق مستعلية، فأبدل من التاء حرف استعلاء من مخرجها، وهو الطاء.
2 وذلك لانطباق اللسان عند النطق بها بأعلى الحنك.
3 وأصله: اصتبر، قلبت التاء طاء.
4 وأجاز بعضهم: الإدغام بقلب الثاني إلى الأول؛ فيقال: اصبر؛ ليبقى الصفير، ويمتنع العكس؛ لئلا يذهب الصفير وحروف الصفير؛ هي: الزاي والسين والصاد.
5 أصله: اضترب، ويقال فيه: ما مر في اصطبر.
6 أي: والإدام في الطاء يفوت الاستطالة. وقد عرفت أنها لا تفوت بقلب الثاني إلى الأول؛ فيقال: اضطرب.
7 وأصله: اطتهر، أبدلت التاء طاء.
8 أي في مثل هذه الصورة التي تبدل فيها تاء الافتعال طاء بعد الظاء.
9 هو: زهير بن أبي سلمى المزني، وقد مرت ترجمته.
10 تخريج الشاهد: البيت في مدح هرم بن سنان؛ وهو من شواهد: التصريح: 2/ 391، والأشموني "1236/ 3/ 873"، والعيني: 4/ 582، وسيبويه: 2/ 421، والمنصف: 2/ 329، وشرح المفصل: 10/ 47، 149، وديوان زهير بن أبي سلمى: 152.
المفردات الغريبة: نائلة، النائل: العطاء كالنوال؛ فيظلم: يقبل الظلم ويحتمله، لكن لا ضعفاء ولا استكانة.
المعنى: إن هرمًا هو الجواد الذي يجزل لك العطاء بسهولة، من غير من، ولا إبطاء، ويحمله الناس مغارمهم، فيتحملها، ويقبل القيام بها، تفضلًا منه؛ لا ضعفًا، ولا خوفًا.
الإعراب: هو: ضمير رفع منفصل مبني على الفتح، في محل رفع مبتدأ. الجواد: خبر =

 

ج / 4 ص -433-        فصل في إبدال الدال:
تبدل وجوبًا من تاء الافتعال؛ الذي فاؤه: دال أو ذال أو زاي؛ تقول في افتعل من دان: إددان1، ثم تدغم لما ذكرناه في اطهر. ومن زجر: ازدجر2، ولا تدغم لما ذكر ناه في اصطبر3. ومن ذكر: اذدكر، ثم تبدل المعجمة مهملة وتدغم؛ وبعضهم يعكس؛ وقد قرئ شاذًا: "فهل من مذكر"4 بالمعجمة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= مرفوع. الذي: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع صفة لـ "الجواد". يعطيك: فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه، الضمة المقدرة على الياء؛ للثقل، والفاعل: هو، والكاف: في محل نصب مفعولًا به أول. نائله: مفعول به ثان منصوب، وهو مضاف، والهاء: في محل جر بالإضافة؛ وجملة "يعطيك نائله": صلة للموصول الاسمي، لا محل لها. عفوًا: مفعول مطلق من "يعطي"؛ والأصل فيه: صفة5 لمصدر محذوف؛ والتقدير: يعطيك إعطاء عفوًا؛ فأقيمت الصفة مقام الموصوف. ويظلم: الواو عاطفة، يظلم: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع، ونائب الفاعل: هو، يعود إلى الممدوح. "أحيانًا": متعلق بـ "يظلم" فيظلم: الفاء عاطفة، يظلم: فعل مضارع معطوف على "يظلم" مرفوع مثله.
موطن الشاهد: "فيظلم".
وجه الاستشهاد: أصل "يظلم": "يظتلم"؛ فقلبت تاء الافتعال "طاء"؛ فصار: "يظطلم": ثم قلبت الطاء ظاء، وأدغمت في الأخرى؛ فصار "يظلم" ومن العرب من يبقي الظاء ظاء، والطاء طاء؛ أي: "يظطلم"، ومنهم من يقلب الظاء طاء؛ فيجتمع طاءان مهملتان؛ فتدغم إحداهما في الأخرى؛ أي: يطلم؛ ويروى البيت الشاهد بالأوجه الثلاثة السابقة تبعًا لمن رووه.
التصريح: 2/ 391.
1 أصله: ادتان، قلبت تاء الافتعال دالًا.
2 وأصله أيضًا: ارتجر، ومعناه منع.
3 أي: أن حرف الصفير، لا يدغم إلا في مثله. والإدغام بقلب الدال زايًا؛ نحو ازجر- ضعيف.
4 سورة القمر الآية: 15.
أوجه القراءات: قرأ قتادة: ونسبها أبو حيان في البحر المحيط إلى زيد "مذكر"، وفي قراءة غير منسوبة "مذتكر"، وقرأ قتادة أيضًا: "مذكر"، وقال في الشواذ: قرأ بها ابن مسعود وعيسى وقتادة وبينهم ابن عباس، عن أبي عمرو. انظر مختصر في شواذ القرآن 148 والبحر المحيط: 8/ 178، وإعراب النحاس: 3/ 286.
موطن الشاهد: "مذكر".
وجه الاستشهاد: إبدال الدال المهملة ذالًا -على هذه القراءة- شذوذًا، والأصل: أن تبدل المعجمة مهملة وتدغم؛ ومما سبق ندرك: أنه يجوز في "اذدكر" الأوجه الثلاثة المذكورة في اظطلم؛ فتقول: اذدكر بلا إدغام؛ واذكر -بالذال المعجمة، وبقلب المهملة إليها؛ وادكر- بالذال المهملة وقلب المعجمة إليها. انظر التصريح: 2/ 392.

 

ج / 4 ص -434-        فصل في إبدال الميم:
أبدلت وجوبًا من الواو في "فم"؛ وأصله فوه؛ بدليل أفواه1؛ فحذفوا الهاء تخفيفًا؛ ثم أبدلوا الميم من الواو2. فإن أضيف رجع به إلى الأصل؛ فقيل: فوك وربمابقي الإبدال؛ نحو:
"لخلوف فم الصائم"3.
ومن النون بشرطين؛ سكونها، ووقوعها قبل الياء؛ سواء كانا في كلمة أو كلمتين؛ نحو:
{انْبَعَثَ}4، و{مَنْ بَعَثَنَا}5؛ وشذوذًا في نحو

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لأن التكسير من الأشياء التي ترد الألفاظ إلى أصولها.
2 لأنهما من مخرج واحد.
3 هذا جزء من حديث؛ وتمامه:
"أطيب عند الله من ريح المسك" والخلوف: تعبر رائحة الفم يقال: خلف فم الصائم -تغيرت رائحته كأخلف.
تخريج الحديث: الحديث رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- وأخرجه البخاري: 3/ 22- 24 و 7/ 141، 9/ 115، ومسلم: 2/ 1151.
موطن الشاهد: "فم".
وجه الاستشهاد: وقوع "فم" مضافًا؛ وبقي إبدال الميم من الواو قائمًا، وهذا قليل؛ لأن "فم"، إذا أضيف إلى ظاهر، أو مضمر؛ رجع به إلى الأصل: "الواو"، فيقال: "فو" زيد، و "فوك"؛ لأن الإضافة، ترد الأشياء إلى أصولها؛ ومثل الحديث: قول رؤبة: "يصبح ظمآن وفي البحر فمه". التصريح: 2/ 292.
4 سورة الشمس الآية: 12.
موطن الشاهد: "انبعث".
وجه الاستشهاد: إبدال النون ميمًا؛ لوقوعها ساكنة قبل الباء؛ وأبدلت الميم من النون قبل الباء؛ لأن النطق بالنون الساكنة قبل الباء عسر، لاختلاف مخرجيهما، مع منافرة؛ لأن النون وغنتها تشبه الباء؛ فإذا وقعت النون ساكنة قبل الباء؛ قلبت ميمًا؛ لأنها من مخرج الباء، وكالنون في الغنة. التصريح: 2/ 292.
5 سورة يس الآية: 52.
موطن الشاهد:
{مَنْ بَعَثَنَا}.
وجه الاستشهاد: إبدال النون ميمًا؛ لوقوعها ساكنة قل الباء؛ لما ذكرنا في وجه الاستشهاد الآية السابقة.

 

ج / 4 ص -435-        قوله1: [الرجز]

577- وكفك المخضب البنام2

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 القائل: هو رؤبة بن العجاج، وقد مرت ترجمته.
2 تخريج الشاهد: هذا عجز بيت من الرجز، وصدره قوله:

يا هال ذات المنطق التمتام

وهو من شواهد: التصريح: 2/ 392، والأشموني "1229/ 3/ 860"، والعيني: 4/ 580، وشرح المفصل: 10/ 33، 35، والمقرب: 110، وشرح شواهد الشافية: 455، وديوان رؤبة بن العجاج: 144.
المفردات الغريبة: هال: اسم امرأة، منادى مرخم "هالة" منقول من هالة القمر؛ وهي الدارة المحيطة به. التمتام: التمتمة؛ وهي تكرير التاء والميم. المخضب: الذي جعل فيه الخضاب. البنام: المراد بالنان؛ وهي أطراف الأصابع، والواحدة: بنائة. ويقال: بنان مخضب؛ لأن كل جمع يفرق بينه وبين واحده بالهاء؛ يوحد ويذكر.
المعنى: ينادي الراجز المسماة "هالة"، ويصفها بأن في نطقها تمتمة، وأن أطراف أصابعها مخضبة.
الإعراب:
يا: حرف نداء. هال: منادى مبني على ضم الحرف المحذوف؛ لأجل الترخيم في محل نصب. ذات: صفة لـ "هال" باعتبار محله منصوب بالفتحة الظاهرة، و"ذات" مضاف المنطق: مضاف إليه مجرور. التمتام: صفة لـ "المنطق" مجرور، وعلامة جره الكسرة الظاهرة. وكفك: الواو عاطفة، و"كف": معطوف عن المنطق، وهو مضاف، والكاف: في محل جر بالإضافة، ويجوز -على رواية الرفع- أن تكون الواو حالية، وكف: مبتدأ مرفوع، والكاف: مضاف إليه. المخضب: صفة لـ "كف" مجرور، وعلامة جره الكسرة الظاهرة، والمخضب: مضاف. البنام: مضاف إليه مجرور؛ وعلى الرواية الثانية -في رفع "كفك"؛ فالمخضب البنان: تركيب إضافي في محل رفع خبر؛ وجملة: "كفك المخضب النبان": في محل نصب على الحال؛ والأول: أرجح.
موطن الشاهد: "البنام".
وجه الاستشهاد: إبدال الميم من النون في "البنان"؛ لتحركها، وعدم وجود الباء بعدها؛ وحكم هذا الإبدال أنه شاذ؛ ولا يقاس عليه.
انظر حاشية الصبان: 4/ 319. وشرح التصريح: 2/ 390.

 

ج / 4 ص -436-        وأصله: "البنان"؛ وجاء عكس ذلك في قولهم: "أسود قاتن"؛ وأصله: قائم1.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 فقد أبدل الميم نونًا؛ والقتمة: لون فيه غبرة وحمرة، والأقتم: الذي تعلوه القتمة.
وحاصل ما ذكره المصنف من الإبدال:
أن الهمزة والألف والواو والياء: كل تبدل من الباقي؛ والميم: تبدل من الواو والنون؛ والتاء: تبدل من الواو والياء، والطاء والدال: يبدلان من التاء.
التصريح: 2/ 292- 293.