حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفية ابن مالك

ج / 4 ص -86-          العدد:

ثلاثةً بالتاء قل للعشره                             في عد ما آحاده مذكره

في الضد جرِّد والمميِّز اجرر                        جمعًا بلفظ قلة في الأكثر


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مستتر لجريانه على ما هو له، فإن أخبرت عن الجارية قلت: زيد الضاربها هو جاريته، فلا ضمير في الضارب؛ بل فاعله الضمير المنفصل لجريانه على غير ما هو له.
خاتمة: يجوز الإخبار عن اسم كان بأل وغيرها فتقول في نحو كان زيد أخاك: الكائن أو الذي كان أخاك زيد، وأما الخبر ففيه خلاف والصحيح الجواز نحو: الكائنة أو الذي كان زيد أخوك، وإن شئت جعلته منفصلًا فقلت: الكائن أو الذي كان زيد إياه أخوك، وعن الظرف المتصرف فيجاء مع الضمير الذي يخلفه بفي كقولك مخبرًا عن يوم الجمعة من صمت يوم الجمعة: الذي صمت فيه يوم الجمعة، فإن توسعت في الظرف وجعلته مفعولًا به على المجاز جئت بخلفه مجردًا من في، فتقول: الذي صمته يوم الجمعة. واعلم أن باب الإخبار طويل الذيل، فليكتف بما تقدم، والله أعلم.
العدد:
"ثلاثة بالتاء قل للعشره في عد ما آحاده مذكره في الضد" وهو ما آحاده مؤنثة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لأن الضاربها مبتدأ وهو فاعل، وجاريته خبر المبتدأ، والمبتدأ وخبره عن زيد، فكونه من جملة الخبر لم يخرجه عن أن يكون مبتدأ. قاله ابن هشام. قوله: "وغيرها" أي: الذي وفروعه.
قوله: "وأما الخبر ففيه خلاف" ظاهر سياقه أن مراده خبر كان. وعبارة السيوطي في الهمع: والأصح جواز الإخبار عن خبر باب كان الجامد، كما يجوز في خبر المبتدأ وباب إن وباب ظن الجامد بلا خلاف، فتقول: الذي كان زيدًا إياه أو كأنه زيد أخوك والذي زيد هو أخوك والذي إن زيدًا هو أخوك والذي ظننت زيدًا إياه أو ظننته زيدًا أخوك، ومنعه في كل خبر مشتق لمبتدأ أو كان أو إن أو ظن وفي مرفوع نحو عسى من جوامد أفعال المقاربة؛ لعدم صحة وقوعها صلة بخلاف المتصرفة ككاد فيجوز: الذي كاد يضرب عمرًا زيد، ويجوز في كل من المتعاطفين بغير أم وفي باقي التوابع مع المتبوع. اهـ باختصار.
قوله: "والصحيح الجواز" أي: جواز الإخبار عن الخبر مطلقًا مشتقًّا أو جامدًا، وقيده السيوطي بالجامد كما تقدم في عبارته. قوله: "وعن الظرف المتصرف... إلخ" وكذا عن المفعول لأجله، ويقرن ضميره باللام فتقول: الذي ضربت زيدًا له التأديب، وعن المفعول معه فتقول في الإخبار عن الطيالسة من جاء البرد والطيالسة التي جاء البرد وإياها الطيالسة وعن المصدر المخصص لا المؤكد فتقول في قام زيد قيامًا حسنًا أو قيام الأمير الذي قامه زيد قيام حسن أو قيام الأمير على الأصح في المسائل الثلاث كما في الهمع.
العدد:
هو ما ساوى نصف مجموع حاشيتيه القريبتين أو البعيدتين على السواء كالاثنين، فإن حاشيته السفلى واحد والعليا ثلاثة، ومجموع ذلك أربعة ونصف الأربعة اثنان وهو المطلوب، من ثم قيل: الواحد ليس بعدد؛ لأنه لا حاشية له سفلى حتى تُضم مع العليا، والمراد به هنا: الألفاظ الدالة

 

ج / 4 ص -87-          ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولو مجازًا "جرد" من التاء نحو:
{سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ} [الحاقة: 7]، هذا إذا ذكر المعدود، فإن قصد ولم يذكر في اللفظ فالفصيح أن يكون كما لو ذكر، فتقول: صمت خمسة -تريد: أيامًا- وسرت خمسًا -تريد: ليالي- ويجوز أن تحذف التاء في المذكر، ومنه: "وأتبعه بست من شوال"، أما إذا لم يقصد معدود؛ وإنما قصد العدد المطلق كانت كلها بالتاء نحو: ثلاثة نصف ستة، ولا تنصرف لأنها أعلام -خلافًا لبعضهم- وأما إدخال أل عليها من قولهم: الثالثة نصف الستة فكدخولها على بعض الأعلام كقولهم: إلاهة -وهو اسم من أسماء الشمس- حيث قالوا: الإلآهة، وكذلك قولهم: شَعُوب، والشعوب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على المعدود. تصريح. قوله: "ثلاثة" بالنصب مفعول مقدم بقل؛ لأن المراد به مجرد لفظه أو لتضمين قل معنى اذكر، وبالتاء متعلق بقل، وكذا للعشرة، واللام بمعنى إلى والغاية داخلة أو بالرفع مبتدأ وبالتاء نعته وقل خبره على تقدير: قله وخرج واحد واثنان وواحدة واثنتان، فهي جارية على القياس فتخالف الثلاثة والعشرة وما بينهما في هذا الحكم، وتخالفهما أيضًا في أنها لا تضاف إلى المعدود، فلا يقال: واحد رجل ولا اثنا رجلين؛ لأن قولك رجل يفيد الجنسية والوَحْدَة، وقولك رجلين يفيد الجنسية وشفع الواحد، فلا حاجة إلى الجمع بينهما. اهـ توضيح. وأما قوله: فيه ثنتا حنظل فضرورة شاذة والقياس حنظلتان قاله الشارح.
قوله: "في عَدِّ ما" أي: معدود. قوله: "في الضد جَرِّد" بقي عليه أن يقول وسكن الشين، وإنما حذفت التاء من عدد المؤنث وأثبتت في عدد المذكر؛ لأن الثلاثة وأخواتها أسماء جماعات؛ كزمرة وأمة وفرقة، فالأصل أن تكون بالتاء؛ لتوافق نظائرها فاستصحب الأصل مع المذكر لتقدم مرتبته وحذفت مع المؤنث فرقًا لتأخر رتبته. تصريح. قوله: "ولو مجازًا" راجع لكل من قوله: مذكره، وقوله: مؤنثه، ومن المجاز ما في الآية التي مثل بها.
قوله: "هذا إذا ذكر المعدود" أي: بعد اسم العدد، فلو تقدم وجعل اسم العدد صفة جاز إجراء القاعدة وتركها كما لو حذف تقول: مسائل تسع ورجال تسعة، وبالعكس كما نقله الإمام النووي عن النحاة فاحفظها فإنها عزيزة شرح الكافية للسيد الصفوي. قوله: "فإن قصد ولم يذكر... إلخ" أطلقه تبعًا لجماعة وقيده السبكي بما إذا كان المعدود المحذوف لفظ أيام وجعل حذف التاء هو الموافق لكلام العرب.
قوله: "ويجوز أن تحذف التاء في المذكر" يمكن أن يُوجه بأن في حذف المعدود إبهامًا، فناسب مراعاة الإبهام في لفظ العدد أيضًا. اهـ سم. وهل يجوز إثباتها حينئذ في المؤنث؟ نقل الأسقاطي عن بعضهم المنع، ومقتضى ما مر عن الصفوي الجواز. قوله: "لأنها أعلام" أي: مؤنثة، والظاهر أنها أعلام أجناس كما قاله شيخنا وتبعه البعض.
قوله: "فكدخولها على بعض الأعلام... إلخ" لعلها في هذه الأعلام للمح، فتكون أل في الثلاثة والستة للمح الوصفية العارضة، فتأمل. قوله: "إلاهة" كعبادة ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث. قوله: "شَعُوب" بفتح الشين المعجمة وضم العين المهملة آخره موحدة من شعب القوم من باب نفع أي: فرقهم؛ لأنها تفرق الخلق، ويستعمل شعب بمعنى جمع أيضًا، فهو من الأضداد، كذا

 

ج / 4 ص -88-          ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للمنية، وهذه لم يشملها كلامه، وشمل الأوليين.
تنبيهات: الأول: فُهم من قوله: "ما آحاده" أن المعتبر تذكير الواحد وتأنيثه لا تذكير الجمع وتأنيثه، فيقال: ثلاثة حمامات، خلافًا للبغداديين، فإنهم يقولون: ثلاث حمامات، فيعتبرون لفظ الجمع. وقال الكسائي تقول: مررت بثلاث حمامات ورأيت ثلاث سجلات، بغير هاء. وإن كان الواحد مذكرًا، وقاس عليه ما كان مثله، ولم يقل به الفراء. الثاني: اعتبار التأنيث في واحد المعدود إن كان اسمًا فبلفظه تقول: ثلاثة أشخج / 4 ص -قاصد نسوة- وثلاث أعين- قاصد رجال- لأن لفظ شخص مذكر ولفظ عين مؤنث، هذا ما لم يتصل بالكلام ما يقوي المعنى أو يكثر فيه قصد المعنى، فإن اتصل به ذلك جاز مراعاة المعنى.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في المصباح. قوله: "وهذه" أي: صورة عدم قصد معدود لم يشملها كلامه لقوله: "في عد ما آحاده مذكره" حيث أضاف العد إلى المعدود. وقوله: "ويشمل الأوليين" أي: صورة ذكر المعدود وصورة حذفه لعدم اشتراط التلفظ بالمعدود. قوله: "وقال الكسائي" حاصله أن الكسائي كالبغداديين؛ وإنما لم يقل: خلافًا للبغداديين والكسائي مع أنه أخصر؛ لأنه قصد حكاية كلام الكسائي. قوله: "اعتبار التأنيث" أي: والتذكير بقرينة التمثيل.
قوله: "إن كان اسمًا" أي: جامدًا بقرينة مقابلته بالصفة فيما يأتي. قوله: "فبلفظه" ظاهره أن ذلك على سبيل الوجوب، ويخالفه ما نقله السيوطي عن ابن هشام وغيره من أن ما كان لفظه مذكرًا ومعناه مؤنثًا أو بالعكس فإنه يجوز فيه وجهان. اهـ سم. ويخالفه أيضًا ما في التسهيل وشرحه للدماميني، وعبارة التسهيل: تحذف تاء الثلاثة وأخواتها إن كان واحد المعدود مؤنث المعنى حقيقة أو مجازًا. قال الدماميني: استفيد منه أن الاعتبار في الواحد بالمعنى لا باللفظ؛ فلهذا يقال: ثلاثة طلحات بالتاء.
ثم قال في التسهيل: وربما أول مذكر بمؤنث ومؤنث بمذكر، فجيء بالعدد على حسب التأويل، ومثل الدماميني الأول بنحو: ثلاث شخوج / 4 ص -تريد نسوة- وعشر أبطن -تريد قبائل- والثاني بنحو: ثلاثة أنفس -أي: أشخاص- وتسعة وقائع -أي: مشاهد- فتأمل.
وبما ذكره الشارح يرد ما استدل به بعض العلماء في قوله تعالى:
{ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] {بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: 4] على أن الأقراء الأطهار لا الحيض، وعلى أن شهادة النساء غير مقبولة؛ لأن الحيض جمع حيضة، فلو أريد الحيض لقيل ثلاث، ولو أريد النساء لقيل بأربع. ووجه الرد أن المعتبر هنا اللفظ ولفظ قرء وشهيد مذكر. يس.
قوله: "تقول: ثلاثة أشخص قاصد نسوة" وكذا إذا كنت قاصد رجال، ولم ينبه على ذلك؛ لأنه على الأصل؛ إذ هو جارٍ على اللفظ والمعنى معًا، فالشخص يستوي فيه المذكر والمؤنث، وإذا أعيد الضمير عليه إنما يعود مذكرًا؛ فلذلك يُؤنث العدد إذا أضيف إلى جمعه، سواء أريد به مذكر أو مؤنث. حفيد. قوله: "وثلاثة أعين قاصد رجال" وكذا إذا قصد النسوة، ولم ينبه عليه؛ لأنه على الأصل كما مر. قوله: "ما لم يتصل بالكلام" مراده بالكلام ما يشمل لفظ العدد بدليل ثلاثة أنفس. قوله: "أو يكثر فيه... إلخ" معطوف على "يقوي المعنى". قوله: "جاز مراعاة المعنى" في

 

ج / 4 ص -89-          ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فالأول كقوله:
1188-

ثلاث شخوص كاعبان ومِعْصَرُ

وقوله:
1189-

وإن كلابًا هذه عشر أبطن                    وأنت بريء من قبائلها العشر

وجعل منه في شرح الكافية: {وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا} [الأعراف: 160]، قال: فبذكر أمم ترجح حكم التأنيث؛ لكنه جعل أسباطًا في شرح التسهيل بدلًا من اثنتي عشرة، وهو الوجه كما سيأتي. والثاني: كقوله: ثلاثة أنفس وثلاث ذود، فإن النفس

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوضيح أن ذلك ليس قياسًا، وهو خلاف ما تقدم عن ابن هشام وغيره من أن ما كان لفظه مذكرًا ومعناه مؤنثًا أو بالعكس يجوز فيه وجهان؛ أي: ولو لم يكن هناك مرجح للمعنى، وهو خلاف ما تقدم عن التسهيل وشرحه أن العبرة بالمعنى، فتأمل.
قوله: "كاعبان ومعصر" الكاعب الجارية حين يبدو ثديها للنهود، والمعصر الجارية أول ما تدرك، وسميت معصرًا لدخولها في عصر الشباب، قاله الخليل. تصريح.
قوله: "عشر أبطن" أي: قبائل، فالقياس عشرة أبطن؛ لأن البطن مذكر بحسب اللفظ؛ لكنه راعى المعنى وهو القبيلة لوجود ما يقوي المعنى، وهو هذه وقبائلها. قوله: "وجعل منه في شرح الكافية... إلخ" مبني على أن أسباطًا تمييز، ويرد عليه أنه جمع، وتمييز مثل هذا العدد مفرد؛ ولهذا كان الوجه جعله بدلًا كما سيذكره الشارح. قوله: "منه" أي: مما رُوعي فيه المعنى لاتصاله بما يقوي المعنى لا بقيد كونه مما نحن بصدده وهو ثلاثة وعشرة وما بينهما، فافهم.
قوله: "ترجح حكم التأنيث" ولولا ذلك لقيل: "اثني عشر أسباطًا" لأن السبط مذكر. اهـ مرادي. أي: وواحد واثنان يذكران لتذكير المعدود ويؤنثان لتأنيثه على خلاف قاعدة ثلاثة إلى عشرة كما مر.
قوله: "بدلًا من اثنتي عشرة" أي: وأممًا صفته، والتمييز محذوف أي: فرقة، وعليه لا يكون

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1188- صدره:

فكان نصيري دون ما كنت أتَّقِي

والبيت من الطويل، وهو لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه ص100، والأشباه والنظائر 5/ 48، 129، والأغاني 1/ 90، وأمالي الزجاجي ص118، والإنصاف 2/ 770، وخزانة الأدب 5/ 320، 321، 7/ 394، 396، 398، والخصائص 2/ 417، وشرح أبيات سيبويه 2/ 366، وشرح التصريح 2/ 271، وشرح شواهد الإيضاح ص313، والكتاب 3/ 566، ولسان العرب 7/ 45 "شخص"، والمقاصد النحوية 4/ 483، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 104، وأوضح المسالك 4/ 251، وشرح التصريح 2/ 275، وشرح عمدة الحافظ ص519، وعيون الأخبار 2/ 174، والمقتضب 2/ 148، والمقرب 1/ 307.
1189- البيت من الطويل، وهو للنواح الكلابي في الدرر 6/ 196، والمقاصد النحوية 4/ 484، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 105، 5/ 49، وأمالي الزجاجي ص118، والإنصاف 2/ 769، وخزانة الأدب 7/ 395، والخصائص 2/ 417، وشرح عمدة الحافظ ص520، والكتاب 3/ 565، ولسان العرب 1/ 722 "كلب"، 13/ 54 "بطن"، والمقتضب 2/ 148، وهمع الهوامع 2/ 149.

 

ج / 4 ص -90-          ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كثر استعمالها مقصودًا بها إنسان، وإن كان صفة فبموصوفها المنوي لا بها نحو:
{فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160]، أي: عشر حسنات، وتقول: ثلاثة ربعات -إذا قصدت رجالًا- وكذا تقول: ثلاثة دواب -إذا قصدت ذكورًا- لأن الدابة صفة في الأصل. الثالث: إنما تكون العبرة في التأنيث والتذكير بحال المفرد مع الجمع، أما مع اسمي الجنس والجمع فالعبرة بحالهما فيُعطي العدد عكس ما يستحقه ضميرهما فتقول: ثلاثة من القوم، وأربعة من

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذلك مما نحن فيه؛ لأن المعدود محذوف ومؤنث اللفظ والمعنى. قوله: "ثلاثة أنفس" فيه الشاهد؛ لأنه كان القياس ثلاث أنفس؛ لأن النفس مؤنثة؛ لكنه راعى المعنى وهو مذكر؛ لكثرة استعمال النفس في الإنسان.
وقوله: "وثلاث ذود" الذود من الإبل من الثلاثة إلى العشرة، وهو مؤنث لا واحد له من لفظه. قوله: "أي: عشر حسنات" ولولا ذلك لقيل عشرة؛ لأن المثل مذكر. قوله: "ربعات" بفتح الباء جمع ربعة بسكونها يوصف به المذكر والمؤنث يقال: رجل ربعة وامرأة ربعة أي: لا طويل ولا قصير. تصريح.
قوله: "ثلاثة دواب... إلخ" وقال بعض العرب: ثلاثة دواب؛ لأنها جرت مجرى الأسماء الجامدة. مرادس. قوله: "فالعبرة بحالهما" أي: فيجب اعتبار حال لفظهما تذكيرًا وتأنيثًا.
قوله: "عكس ما يستحقه ضميرهما... إلخ" اعترضه شيخنا ابن الشارح ذكر في بحث الكلام أن اسم الجنس يجوز في ضميره التذكير والتأنيث، وظاهره يخالف ما ذكره هنا من أنه ثلاثة أقسام: واجب التذكير، وواجب التأنيث، وجائزهما، ومنشؤه توهم رجوع الضمير في قول الشارح في بحث الكلام: يجوز في ضميره... إلخ إلى مطلق اسم الجنس الجمعي وليس كذلك؛ بل إلى الكلم كما حققناه هناك؛ وحينئذ فلا تخالف أصلًا.
ومن العجائب أن البعض جزم هناك برجوع الضمير إلى الكلم، ورد على مَن أرجعه إلى مطلق اسم الجنس الجمعي حيث قال: قوله: "يجوز في ضميره" أي: الكلم كما هو الظاهر لا مطلق اسم الجنس الجمعي؛ لأن منه ما يجب في ضميره التذكير كالغنم، وما يجب فيه التأنيث كالبط، وما يجوز فيه الأمران كالبقر والكلم، فما فهمه بعض أرباب الحواشي من رجوع الضمير المطلق اسم الجنس الجمعي وبني عليه ما بني؛ أي: من الاعتراض على الشارح في إطلاقه الجواز غير سديد. اهـ.
ثم نسي هذا هنا فتابع شيخنا في الاعتراض وزاد في التقول على الشارح؛ حيث قال: ما ذكره في اسم الجنس هنا خلاف ما ذكره في بحث الكلام من أن اسم الجنس مطلقًا يجوز في ضميره الوجهان. اهـ باختصار. هذا وقال الدماميني نقلًا عن ابن هشام: المؤنث من اسم الجنس النحل والبط ولا ثالث لهما؛ لأن الباقي إما واجب التذكير وهو ستة: الموز والعنب والسدر والرطب والقمح والكلم، وإما فيه لغتان وهو بقية الألفاظ. اهـ. وفيه مخالفة لما مر في الكلم والنحل في كلامه بالحاء المهملة لذكره بعد أن النخل بالخاء المعجمة فيه التذكير والتأنيث، وبهما ورد القرآن، بقي أن ظاهر صنيعه أن اسم الجمع مذكر دائمًا، وليس كذلك، ففي الهمع أن منه المذكر كقوم ورهط ونفر، والمؤنث كإبل، وتقدم في بحث الكلام أنه ثلاثة أقسام: واجب التذكير كقوم ورهط، وواجب التأنيث كإبل وخيل، وجائزهما كركب.
ومثل الدماميني لاسم الجمع المؤنث بالنسوة والإبل والذود. وفي الفارضي في باب التأنيث أن الإبل تذكر وتؤنث. وفي التصريح عن ابن عصفور أنه إن كان لمن يعقل، فحكمه حكم المذكر

 

ج / 4 ص -91-          ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الغنم -بالتاء- لأنك تقول: قوم كثيرون وغنم كثير -بالتذكير- وثلاث من البط -بترك التاء- لأنك تقول: بط كثيرة -بالتأنيث- وثلاثة من البقر أو ثلاث؛ لأن في البقر لغتين التذكير والتأنيث، قال تعالى:
{إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا} [البقرة: 70]، وقرئ: "تشابهت" هذا ما لم يفصل بينه وبين العدد صفة دالة على المعنى، وإلا فالمراعَى هو المعنى. أو يكن نائبًا عن جمع مذكر، فالأول نحو: ثلاث إناث من الغنم وثلاثة ذكور من البط، ولا أثر للوصف المتأخر كقولك: ثلاثة من الغنم إناث وثلاث من البط ذكور. والثاني: نحو: ثلاث رَجلة، فرجلة اسم جمع مؤنث إلا أنه جاء نائبًا عن تكسير راجل على أرجال، فذكر عدده

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كالقوم والرهط والنفر، وإن مكان لما يعقل فحكمه حكم المؤنث كالجامل والباقر. اهـ. وأقره شيخنا والبعض وهو مشكل؛ لأن نحو: النساء والنسوة والجماعة أسماء جموع لمن يعقل وليس حكمها حكم المذكر، ولأن الجامل مذكر في قول الشاعر:

ربما الجامل المؤبل فيهم

وفي الفارضي نقلًا عن الصحاح: أن قومًا ورهطًا ونفرًا مما هو للآدميين يُذكر ويُؤنث، فتأمل. قوله: "ثلاثة من القوم" هذا من اسم الجمع. وقوله: "وأربعة من الغنم" هذا من اسم الجنس، وقيل: من اسم الجمع. قوله: "بالتاء" كذا في التوضيح.
وقال ابن المصنف: تقول عندي ثلاث من الغنم بحذف التاء؛ لأن الغنم مؤنث. اهـ. وهو ما ذكره الجوهري وغيره، وبه يرد كلام الشارح كالتوضيح، أفاده زكريا، ويدل له
{إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ}. وفي الفارضي في باب التأنيث أن الغنم تذكر وتؤنث، وهو مقتضى ما نقله الدماميني عن ابن هشام، وقد أسلفناه آنفًا.
قوله: "التذكير" أي: ملاحظة للفظ أو معنى الجمع والتأنيث أي: ملاحظة لمعنى الجماعة. قال السيوطي: والمدرك في وجوب تذكير البعض ووجوب تأنيث البعض وجواز الأمرين في البعض إنما هو السماع أي: فلا يرد أن الملاحظتين ممكنتان في الجميع. قوله: "هذا" أي: اعتبار حال لفظ اسم الجنس واسم الجمع تذكيرًا وتأنيثًا. قوله: "ما لم يفصل بينه" أي: اسم الجنس أو اسم الجمع، وهذا النفي صادق بعدم ذكر الصفة أصلًا، وذكرها مؤخرة عنهما.
قوله: "والا فالمراعَى هو المعنى" أي: وجوبًا، وخالف في الوجوب بعض المتأخرين، ولك أن تقول: ما الفرق بين هذا وبين ما مر في الجمع المضاف إليه العدد إذا اتصل به ما يقوي المعنى؛ حيث جاز اعتبار المعنى، ثم ووجب اعتباره هنا حالة الفصل وامتنع اعتباره حالة التأخير. زكريا. قوله: "هو المعنى" أي: معنى المعدود. قوله: "أو يكن" عطف على يفصل. قوله: "ولا أثر للوصف المتأخر" كذا لا أثر للوصف الذي لا يدل على المعنى نحو: ثلاث حسان من البط، فإن حسانًا مشترك بين الذكور والإناث. دماميني.
قوله: "ثلاثة رَجْلة"بفتح الراء وسكون الجيم أي: مشاة. قال المرادي: ومثله ثلاثة أشياء، فوزن أشياء فعلاء ناب عن جمع أفعال، فأشياء وإن كان مؤنثًا لكن لما ناب عن جمع مذكر وجب إثبات التاء فيه. اهـ. وقوله: "فوزن أشياء فعلاء" أي: بحسب الأصل قبل القلب المكاني؛ إذ أصل أشياء شيآء، فاستثقلوا همزتين بينهما ألف، فقدموا الأولى التي هي اللام

 

ج / 4 ص -92-          ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كما كان يفعل بالمنوب عنه. الرابع: لا يعتبر أيضًا لفظ المفرد إذا كان علمًا فتقول: ثلاثة الطلحات وخمس الهندات. الخامس: إذا كان في المعدود لغتان التذكير والتأنيث كالحال جاز الحذف والإثبات تقول: ثلاث أحوال وثلاثة أحوال. اهـ.
"والمميز اجرر جمعًا بلفظ قلة في الأكثر" أي: مميز الثلاثة وأخواتها لا يكون إلا مجرورًا، فإن كان اسم جنس أو اسم جمع جُر بمن نحو:
{فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ} [البقرة: 260]، ومررت بثلاثة من الرهط. وقد يجر بإضافة العدد نحو: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ} [النمل: 48]، وفي الحديث: "ليس فيما دون خمس ذود صدقة". وقوله: ثلاثة أنفس وثلاث ذود، والصحيح قصره على السماع. وإن كان غيرهما فبإضافة العدد إليه، وحقه حينئذ أن يكون جمعًا مكسرًا من أبنية القلة نحو: ثلاثة أعبد وثلاث آمٍ. وقد يتخلف كل واحد من هذه الثلاثة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فصار أشياء بوزن لفعاء، وهذا هو الصحيح من خلاف فيها.
قوله: "فذكر عدده... إلخ" يحتمل أن الكاف مخففة من الذكر، والمعنى: فذكر عدده على الوجه الذي يفعل به مع المنوب عنه، ويحتمل أنها مشددة من التذكير ضد التأنيث فيكون مراده بتذكير العدد هنا جعله دالًّا بثبوت التاء فيه على أن المعدود مذكر. قوله: "لا يعتبر أيضًا... إلخ" أي: كما لا يعتبر لفظ المفرد في اسمي الجنس والجمع. وقوله: "لفظ المفرد" أي: بل يعتبر معناه. قوله: "وخمس الهندات" فقد اعتبرت معنى المفرد لا لفظه الذي هو مذكر. وأما قول البعض تبعًا لشيخنا قد يقال: هذا فيه مراعاة اللفظ والمعنى معًا فممنوع. قوله: "والمميز اجرر" أي: إن لم يكن موصوفًا ولا صفة، فالأول نحو: أثواب خمسة، والثاني نحو: خمسة أثواب، والأحسن في الثاني أن يكون عطف بيان لجموده، ولم يكن العدد مضافًا إلى مستحقه نحو: خمسة زيد؛ لأنه قد عرفها وميزها فلا تحتاج إلى تمييز ولم يرد بها حقائقها نحو: ثلاثة نصف ستة، ووجه الجر بأنه لما كثر استعماله آثروا جر المميز بالإضافة للتخفيف؛ لأنها تسقط التنوين، وكونه جمعًا للمطابقة بين العدد والمعدود، وكونه للقلة للمطابقة أيضًا لقلة المعدود. يس بحذف يسير. وقوله: والأحسن في الثاني أن يكون عطف بيان، لعله لم يوجب كونه عطف بيان لإمكان تأويل أثواب بمشتق كأن يقال مسماة بأثواب. وقوله: لأنه قد عرفها أي: لأنه لا يقال خمسة زيد إلا لمن عرف زيدًا وخمسته، كما سيأتي الدماميني.
قوله: "فإن كان اسم جنس... إلخ" صنيعه يقتضي دخول هذا في المتن، وفيه نظر؛ لأنه وإن أمكن حمل الجمع على مفهم الجمع ليشمل ذلك؛ لكن قوله بلفظ قلة لا يناسب إلا الجمع. سم. قوله: "من الرهط" هو من الثلاثة إلى العشرة وليس له واحد من لفظه. زكريا. قوله: "مكسرًا" لأن ألفاظ العدد أقرب إلى جمع التكسير لفظًا فتحصل المطابقة لفظًا. قوله: "من أبنية القلة" التي هي أفعلة وأفعل وأفعال وفعلة، وأما جمعها التصحيح فحكمهما حكم جمع القلة إلا في هذا الموضع، فلا يميز بهما العدد، قاله الفارضي وغيره.
قوله: "وثلاث آم" بمد الهمزة وتخفيف الميم مكسورة جمع أَمَة على وزن أفعل، وأصله أأمي، قلبت الهمزة ألفًا ثم ضمة الميم كسرة، ثم أعل إعلال قاضٍ

 

ج / 4 ص -93-          ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فيضاف للمفرد، وذلك إن كان مائة نحو: ثلاثمائة وسبعمائة، وشذ في الضرورة قوله:
1190-

ثلاث مئين للملوك وَفَى بها

ويضاف لجمع التصحيح في ثلاث مسائل؛ إحداها: أن يهمل تكسير الكلمة نحو: سبع سماوات، وخمس صلوات، وسبع بقرات. والثانية: أن يجاور ما أهمل تكسيره نحو سنبلات، فإنه في التنزيل مجاور لسبع بقرات. والثالثة: أن يقل استعمال غيره نحو: ثلاث سعادات، فيجوز لقلة سعائد، ويجوز: ثلاث سعائد أيضًا؛ بل المختار في هاتين الأخيرتين التصحيح، ويتعين في الأولى لإهمال غيره، فإن كثر استعمال غيره ولم يجاور ما أهمل تكسيره لم يضف إليه إلا قليلًا؛ نحو: ثلاثة أحمدين وثلاث زينبات. والإضافة إلى الصفة منه ضعيفة نحو: ثلاثة صالحين، فالأحسن الاتباع على النعت ثم النصب على الحال. ويضاف لبناء الكثرة في مسألتين؛ إحداهما: أن يهمل بناء القلة نحو: ثلاث جوار وأربعة رجال وخمسة دراهم. والثانية: أن يكون له بناء قلة؛ ولكنه شذ قياسًا أو سماعًا، فينزل لذلك منزلة المعدوم. فالأول نحو: {ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]، فإن جمع قَرْء -بالفتح- على

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا هو الصواب، وأخطأ من ضبطه بتشديد الميم. قوله: "إن كان" أي: المميز مائة؛ لأن المائة جمع في المعنى. تصريح. قوله: "ثلاث مئين للملوك وَفَى بها" تمامه:

ردائي وجلت عن وجوه الأهاتم

فثلاث مبتدأ، وجملة: وفي بها ردائي خبر، وأراد بالرداء السيف، وقيل: هو على حقيقته؛ لأنه يفخر بذلك حيث رهن رداءه بالديات الثلاث؛ وذلك أن ثلاثة من الملوك قتلوا في المعركة، وكانت دياتهم ثلاثمائة بعير فرهن رداءه بالديات الثلاث. وقوله: "وجلت" بالتشديد بمعنى جلت بالتخفيف، وفاعله ضمير ردائي، وأراد بوجوه الأهاتم: أعيانهم، والأهاتم جمع أهتم وهم بنو سنان، الأهتم سمى بذلك لانكسار ثنيته، كذا في العيني، ومائتين بكسر الميم أفصح من ضمها. قوله: "نحو سنبلات" فلم يقل: سبع سنابل لمجاورته لسبع بقرات. قوله: "بل المختار... إلخ" إضراب انتقالي عن قوله: فيجوز لقلة سعائد. قوله: "نحو: ثلاثة أحمدين وثلاث زينبات" أي: فالكثير ثلاثة أحامد وثلاث زيانب. قوله: "ولكنه شذ قياسًا" بأن خالف القواعد "أو سماعًا" بأن ندر استعماله في لسان العرب.
قوله: "فإن جمع قرء بالفتح... إلخ" يرد عليه أمران؛ الأول: ما في المرادي من أن بعضهم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1190- عجزه:

ردائي وجلت عن وجوه الأهاتم

والبيت من الطويل، وهو للفرزدق في ديوانه 2/ 310، وخزانة الأدب 7/ 370، 373، وشرح التصريح 2/ 272، ولسان العرب 14/ 317 "ردى"، والمقاصد النحوية 4/ 480، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 253، وشرح عمدة الحافظ ص518، وشرح المفصل 6/ 21، 23، والمقتضب 2/ 170.

 

ج / 4 ص -94-                             ومائةً والألفَ للفرد أَضِفْ           ومائة بالجمع نَزْرًا قد رُدِفْ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أقراء شاذ. والثاني نحو: ثلاثة شسوع، فإن أشساعًا الاستعمال.
"ومائة والألف للفرد أضف" نحو: عندي مائة درهم ومائتا ثوب وثلاثمائة دينار وألف عبد وألفا أمة وثلاثة آلاف فرس. "ومائة بالجمع نزرا قد ردف" في قراءة حمزة والكسائي: "ثلاثمائةِ سنين" [الكهف: 25].
تنبيه: شذ تمييز المائة بمفرد منصوب؛ كقوله:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذكر أنه جمع قرء بضم القاف، فلا يكون شاذًّا. الثاني: أن القرء بالفتح بناء قلة مطردًا وهو اقرؤ فإن أفعلا مطرد في فعل بفتح الفاء وسكون العين إذا كان صحيحها كما هنا، وعبارة ابن الناظم: وإن لم يهمل -يعني: جمع القلة لمفرد المميز- جيء به -يعني: بالمميز- جمع قلة في الغالب نحو: ثلاثة أجبل وخمس آكم، وقد يجاء به جمع كثرة؛ كقوله تعالى:
{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] مع مجيء الأقراء. اهـ.
قوله: "ثلاث شسوع" بمعجمة فمهملة جمع شِسْع بكسر أوله وسكون ثانية أحد سيور النعل. تصريح. قوله: "ومائة والألف" أي: هذين الجنسين الشاملين لمفردهما ومثناهما وجمعهما كما يؤخذ من تَعْدَاد الأمثلة، سواء كان الجمع بصيغة الجمع نحو: مائتي رجل وثلاثة آلاف رجل، أو بإضافة ثلاثة فما فوق إليه نحو: ثلاثمائة رجل وأحد عشر ألف رجل، ولك أن تجعل هذين من المفرد اعتبارًا بلفظ مائة ولفظ ألف.
فائدة: قال في التسهيل: واختص الألف بالتمييز به مطلقًا، ولا يميز بالمائة إلا ثلاث وإحدى عشرة وأخواتهما. اهـ. نحو: مائة ألف وأحد عشر ألفًا وعشرون ألفًا وأحد وعشرون ألفًا وثلاثمائة وخمسمائة وإحدى عشرة مائة وخمس عشرة مائة. قوله: "والألف" أل من الحكاية لا من المحكي؛ إذ لا يجوز الألف رجل مثلًا، قال الفارضي: وأما دخول أل على المضاف في قوله أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: فلما قدم جاء الألف دينار، فقيل: زائدة، وقيل: تقديره: بالألف ألف دينار، فحذف ألف وهو بدل من الألف. قوله: "للمفرد أضف" لأن المائة اجتمع فيها ما افترق في عشرة وعشرين من الإضافة والإفراد؛ لأنها مشتملة عليهما، فأخذت من العشرة الخفض، ومن العشرين الإفراد، والألف عوض عن عشر مائة، وهي تميز بمفرد مخفوض، فعُوملت الألف معاملة ما عوضت منه. اهـ تصريح.
وقوله: "فأخذت... إلخ" وجهه أن هذا أخف، ولو عكس لحصل الثقل بالجمع والتنوين. اهـ سم. وقال الدماميني: أما كونه مفردًا مع أن القياس جمعه كما جمعوه في ثلاثة دراهم للعلة المتقدمة، ولأنه عدد في معناه كثرة فكرهوا جمع مميزه؛ لئلا ينضم الثقل اللفظي إلى الثقل المعنوي.
قوله: "في قراءة حمزة والكسائي: ثلاثمائةِ سنين" بإضافة مائة إلى سنين، ووجه ذلك تشبيه المائة بالعشرة؛ إذ هي تعشير للعشرات، كما أن العشرة تعشير للآحاد، وقيل: من وضع الجمع موضع المفرد، وقرأ الباقون بتنوين مائة على جعل سنين بدلًا أو عطف بيان لا تمييزًا؛ لئلا يلزم الشذوذ من وجهين: جمع تمييز المائة ونصبه، قاله الدماميني. وقال في التصريح: لأنه يقتضي أنهم أقل ما لبثوا تسعمائة، قاله الموضح في الحواشي. اهـ. وسبقه إلى هذا أبو إسحاق الزجاج. قال ابن الحاجب: ووجهه أن مميز المائة واحد من المائة، فإذا كان كذلك وقلت: سنين، فيكون سنين واحدة من

ج / 4 ص -95-                               وأَحَدَ اذكر وصِلَنْهُ بعَشَرْ         مُركبًا قاصدَ معدودٍ ذَكَرْ

وقل لدى التأنيث إحدى عَشْرَه                  والشينُ فيها عن تميمٍ كَسْرَه


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1191-

إذا عاش الفتى مائتين عامًا

فلا يقاس عليه، وأجاز ابن كيسان المائة درهم والألف دينارًا.
"وأحد اذكر وصلنه بعشر" مجردًا من التاء "مركبًا" لهما "قاصد معدود ذكر" نحو:
{أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا} [يوسف: 4]، وهمزة أحد مبدلة من واو وقد قيل: وحد عشر على الأصل، وهو قليل. وقد يقال: واحد عشر على أصل العدد. "وقل لدى التأنيث إحدى عشرة" امرأة بإثبات التاء، وقد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المائة وهي ثلاثمائة، وأقل السنين ثلاثة، فيجب أن تكون تسعمائة، وهذا وارد أيضًا على قراءة حمزة والكسائي؛ إذ سنين عندهما تمييز لا غير وإن كان مجرورًا، ثم أجاب ابن الحاجب بأن ما ذكر إنما يلزم إذا كان التمييز مفردًا، أما إذا كان جمعًا -كما هو الأصل لما مر- فالقصد فيه كالقصد في وقوع التمييز جمعًا في نحو: ثلاثة أثواب، ويمكن أن يُجاب أيضًا بأن المحل لما كان للمفرد لكونه المقيس فيه كان الجمع الحال في ذلك المحل في حكم المفرد بأن يراد منه الجنس المتيقن تحققه في واحد، فلا يلزم أن يكون أقل السنين ثلاثة حتى يرد المحذور، فتأمل.
قوله: "إذا عاش الفتى مائتين عامًا" تمامه:

فقد ذهب اللذاذة والفتاء

قوله: "وأحد اذكر... إلخ" لما تكلم على العدد المضاف شرع في المركب فقال: وأحد اذكر... إلخ. قوله: "مركبًا" بكسر الكاف أي: حال كونك مركبًا، ويجوز أن يكون بفتح الكاف حالًا من عشر مركبًا معه أي مع أحد. اهـ سندوبي. وإلى الأول جنح الشارح لكونه أنسب بما بعده. قوله: "وهمزة أحد... إلخ" كذا همزة إحدى، إلا أن الأول شاذ لازم غالبًا، والثاني مطرد على الأصح كإشاح وإكاف؛ ولهذا نبهوا على الأصل في أحد فقالوا: وحد، ولم ينبهوا عليه في إحدى. اهـ تصريح. وألف إحدى للتأنيث عند الأكثرين، وقيل: للإلحاق، وزال التنوين في إحدى عشر للتركيب فتقول في العطف: إحدى وعشرين بالتنوين، نقله ابن هشام. وفي الفارضي عن ابن بابشاذ أن أحد المنقلبة همزتها عن واو المستعملة في العدد هي التي في نحو قولك: كل أحد في الدار وجمعها آحاد. وأما التي تستعمل بعد النفي نحو: ما جاءني من أحد، فهمزتها أصلية غير مبدلة ولا تجمع ولا تستعمل في العدد ولا في المثبت.
قوله: "إحدى عشرة" ولا تستعمل إحدى إلا مركبة أو معطوفًا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1191- عجزه:

ففد أودى المسرة والفتاء

والبيت من الوافر، وهو للربيع بن ضبع في أمالي المرتضى 1/ 254، وخزانة الأدب 7/ 379، 380، 381، 385، والدرر 4/ 41، وشرح التصريح 2/ 273، وشرح عمدة الحافظ ص525، والكتاب 1/ 208، 2/ 162، ولسان العرب 15/ 145 "فتا"، والمقاصد النحوية 4/ 481، وهمع الهوامع 1/ 135، وبلا نسبة في أدب الكاتب ص299، وأوضح المسالك 4/ 255، وجمهرة اللغة ص1032، وشرح المفصل 6/ 21، ومجالس ثعلب ص333، والمقتضب 2/ 169، والمنقوص والممدود ص17.

ج / 4 ص -96-                            ومع غير أَحَدٍ وإِحْدَى    ما معهما فعَلْتَ فافعل قَصْدَا

ولثلاثة وتسعة وما                               بينهما إن رُكبا ما قُدما

وأول عَشْرَةَ اثنتي وعَشَرَا                     اثْنَيْ إذا أُنْثَى تشا أو ذَكَرَا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقال: واحد عشرة. "والشين فيها عن تميم كسره" أي: مع المؤنث فيقولون: إحدى عشرة واثنتا عشرة بكسر الشين، وبعضهم يفتحها وهو الأصل، إلا أن الأفصح التسكين وهو لغة الحجاز. وأما في التذكير فالشين مفتوحة، وقد تسكن عين عشر فيقال: أحد عْشر وكذلك أخواته لتوالي الحركات، وبها قرأ أبو جعفر، وقرأ هبيرة -صاحب حفص- "اثنا عشر شهرًا" [التوبة: 36]، وفيها جمع بين ساكنين.
"و" أما "مع غير أحد وإحدى ما معهما فعلت" في العشرة من التجريد من التاء مع المذكر، وإثباتها مع المؤنث "فافعل قصدا" والحاصل أن للعشرة في التركيب عكس ما لها قبله، فتحذف التاء في التذكير وتثبت في التأنيث.
"ولثلاثة وتسعة وما بينهما إن ركبا ما قدما" أي: في الإفراد؛ وهو ثبوت التاء مع المذكر وحذفها مع المؤنث. "وأول عشرة اثنتي وعشرا اثني إذا أُنْثَى تشا أو ذكرا"

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عليها أو مضافة نحو:
{إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ}. زكريا.
قوله: "وقد تسكن عين عشر" أي: في المذكر، كما صرح به في بعض النسخ. قال الدماميني: فإن قيل: كيف جاز تسكين فاء الاسم؟ قلنا: إذا جاز تسكين هاء هو وهي بعد الواو والفاء فهذا أجدر. قوله: "لتوالي الحركات" ولإفادة المبالغة في الامتزاج. دمامي.
قوله: "وأما مع غير إحدى" أي: من اثنين واثنتين إلى تسعة وتسع، قدر الشارح إما لأجل الفاء في قوله: فافعل، ويحتمل أن الفاء زائدة. قال سم: بَيَّنَ المصنف بهذا -أي: بقوله ومع غير أحد وإحدى... إلخ- حكم العشرة إذا رُكبت مع التسعة فما دونها، ثم بيَّن بقوله الآتي: ولثلاثة وتسعة... إلخ حكم التسعة وما تحتها إذا رُكبت معها العشرة. قوله: "قصدا" قال شيخنا والبعض: حال بمعنى مقتصدًا أي: عادلًا وهو غير متعين لجواز أن يكون مفعولًا مطلقًا على حذف مضاف أي: فعل قصد أي: اقتصاد؛ بل هذا أَوْلَى لما مر غير مرة أن مجيء المصدر حالًا وإن كثر سماعي.
قوله: "فتحذف التاء في التذكير" كراهة اجتماع علامتي تأنيث فيما هو كالكلمة الواحدة، فلا يقال: ثلاثة عشرة. قوله: "إن رُكبا" أي: مع العشرة. قوله: "وأول عشرة... إلخ" اعترض الفارضي وغيره هذا البيت بأنه قد علم من قوله: ومع غير أحد وإحدى... إلى آخر البيت، فإنه علم منه كون اثني له عشر واثنتي له عشرة، وقد يقال: إنما صرح به دفعًا لتوهم أن اثنين في حال تركيبه مع العقد كثلاث فما فوق في هذه الحالة يجرد من التاء عند التأنيث وتلحقه عند التذكير. قال الدماميني: في إحدى عشرة واثنتي عشرة سؤال مشهور، حاصله لزوم الجمع بين علامتي تأنيث فيما هو كالكلمة الواحدة، وجوابه أن ألف التأنيث بمنزلة ما هو من نفس الكلمة؛ ولذا لم تسقط في جمعي التصحيح والتكسير بخلاف التاء؛ إذ قالوا: حبلى وحبليات وحبالى وجفنة وجفنات وجفان. وأما اثنتان فبني على التاء؛ إذ لا واحد له من لفظه، فكانت كالأصل.
قوله: "إذا أنثى... إلخ" لف ونشر مرتب. قوله: "تشا" مضارع شاء قصره للضرورة. وقال

ج / 4 ص -97-                           واليا لغير الرفع وارفع بالألف        والفتح في جزأَي سواهما أُلف


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتقول: جاءتني اثنتا عشرة امرأة واثنا عشر رجلًا.
"واليا لغير الرفع" وهو النصب والجر "وارفع بالألف" كما رأيت، وأما الجزء الثاني فإنه مبني على الفتح مطلقًا "والفتح في جزأي سواهما" أي: سوى اثنتي عشرة واثني عشر "ألف" أما العجز فعلة بنائه تضمنه معنى حرف العطف، وأما الصدر فعلة بنائه وقوع العجز منه موقع تاء التأنيث في لزوم الفتح؛ ولذلك

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المكودي: ويجوز أن يكون حذف الهمزة من تشا لاجتماعها مع همزة أو خالد. قوله: "والياء" أي: في اثنين اثنتين. قوله: "مطلقًا" أي: في الأحوال الثلاثة. قوله: "أما العجز" أي: عجز العدد المركب سواء كان اثني عشر واثنتي عشرة أو غيرهما. قوله: "تضمنه معنى حرف العطف" أي: الواو؛ إذ الأصل قبل التركيب: أعطيتك خمسة وعشرة مثلًا، فحذفت الواو ورُكب العددان اختصارًا ودفعًا لما يتبادر من العطف من أن الإعطاء دفعتان. قاله الدماميني. فإن ظهر العاطف مع التركيب والبناء لفقد المقتضي كقوله:

كأنَّ بها البدر ابن عشر وأربع

وانظر إذا ميز كيف يكون التمييز حينئذ. وزعم أبو حيان أنه -أي: العاطف- لا يظهر إلا مع تقدم العقد كالبيت المذكور وليس كذلك، فقد أنشد ابن الشجري:

وقمر بدا ابن خمس وعشر

اهـ. وقوله: وانظر... إلخ، الذي يظهر أن التمييز حينئذ جمع مجرور كتمييز ثلاثة إلى عشرة، وللبعض اعتراض على هذه العلة لا معنى له، فانظره إن أردت التعجب. قوله: "وأما الصدر... إلخ" عبارة الفارضي بني الصدر؛ لأنه كجزء الكلمة.
قوله: "فعلة بنائه وقوع العجز منه" أي: من الصدر والجار والمجرور متعلق بوقوع. وقوله: موقع تاء التأنيث في لزوم الفتح أي: فتح ما قبلها، وعندي في هذا التعليل نظر من وجوه؛ الأول: أنه كان المناسب أن يقول: فعلة بنائه وقوعه موقع ما قبل تاء التأنيث في لزوم الفتح كما لا يخفى على الفطن. الثاني: أن بناءه بمعنى لزومه الفتح، فيؤول التعليل إلى تعليل الشيء بنفسه؛ لأنه جعل علة لزوم الفتح المشابهة بما قبل تاء التأنيث وعلة المشابهة لزوم الفتح؛ لأن وجه المشابهة علة لها وعلة العلة علة. الثالث: أنه لو كان الوقوع موقع ما قبل تاء التأنيث يقتضي البناء للزم بناء صدر المركب المزجي مع أن فتحة صدره فتحة بنية لا فتحة بناء كما سلف تحقيقه في محله، إلا أن يجاب عن هذا بأن في تعبيرهم ببناء صدر المركب العددي مسامحة؛ لأن فتحته وإن كانت فتحة بنية تشبه فتحة البناء في اللزوم، وفيه بعد لا يخفى. وذكر يس اعتراضين آخرين؛ حاصل الأول أن سبب البناء منحصر في شبه الحرف، فلا يصح تعليله بما ذكر، وأجاب عنه بأن المنحصر في شبه الحرف سبب البناء الأصلي اللازم للكلمة، والبناء هنا عارض للكلمتين بالتركيب مفارق بمفارقته، وحاصل الثاني أن آخر الصدر صار وسطًا، والوسط ليس محلًّا للإعراب ولا للبناء، ولم يجب عن هذا، ويمكن الجواب عنه بما أجبنا به عن اعتراضنا الثالث، فتأمل. قال يس: وإنما بني على حركة؛ لأن له حالة إعراب، وكانت الحركة فتحة؛ لأن هذا الاسم طال بالتركيب فأوثر بأخف الحركات. قوله: "ولذلك" أي: لكون علة البناء الوقوع المذكور أعرب

ج / 4 ص -98-                                     وميِّز العشرين للتسعينَا  بواحد كأربعين حِينَا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أعرب صدر: اثني عشر واثنتي عشرة؛ لوقوع العجز منهما موقع النون، وما قبل النون محل إعراب لا محل بناء، ولوقوع العجز منهما موقع النون لم يضافا بخلاف غيرهما فيقال: أحد عشرك، ولا يقال: اثنا عشرك.
تنبيهان: الأول: قد فُهم من كلامه أنه لا يجوز تركيب النيِّف مع العشرين وبابه؛ بل يتعين العطف فتقول: خمسة وعشرون، ولا يجوز: خمسة عشرين. ولعله للإلباس في نحو: رأيت خمسة عشرين رجلًا، فإنه يحتمل خمسة لعشرين رجلًا، وقيل غير ذلك. الثاني: أجاز الكوفيون إضافة صدر المركب إلى عجزه فيقولون: هذه خمسة عشر، واستحسنوا ذلك إذا أضيف نحو: خمسة عشرك "وميز العشرين" وبابه "للتسعينا بواحد" منكر منصوب "كأربعين حينا" وخمسين شهرًا، ويقدم النيف بحاليته أي: بثبوت التاء في التذكير وسقوطها في التأنيث، ثم يذكر العقد معطوفًا على النيف فيقال في المذكر: ثلاثة وعشرون رجلًا، وفي المؤنث

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صدر... إلخ أي: لأن العلة تدور مع المعلول وجودًا وعدمًا، وهي معدومة في اثني عشر واثنتي عشرة، فينعدم بناء الصدر وما ذكره من إعراب صدرهما هو الصحيح، والقول ببنائه مردود باختلافه باختلاف العوامل وذلك علامة إعرابه. قوله: "لوقوع العجز... إلخ" اعترضه شيخنا وتبعه البعض بأنه علل قوله: أعرب بقوله لذلك، فلا يصح تعليله ثانيًا بقوله: لوقوع العجز... إلخ من غير عطف، ويمكن دفعه بجعله بدل اشتمال من قوله؛ لذلك لا شعار عليه الوقوع موقع التاء للبناء بعلية الوقوع موقع النون للإعراب، فتأمل.
قوله: "قد فُهم من كلامه" يعني قوله: وصلنه بعشر؛ حيث اقتصر على عشر، والاقتصار على الشيء في مقام البيان يقتضي الحصر. قوله: "النيِّف" بفتح النون وتشديد الياء المكسورة وقد تخفف كهين، وأصله نيوف من ناف ينوف إذا زاد، وهو من واحد إلى تسعة بإدخال المبدأ والغاية، أفاده في التصريح. قوله: "فإنه يحتمل... إلخ" هذا إنما ينتج الإجمال لا الإلباس. قوله: "إضافة صدر المركب إلى عجزه" فيكون الصدر على حسب العامل، والعجز مجرور لا غير، ومنه قول الشاعر:

كلف من عنائه وشقوته                      بنت ثمان عشرة من حجته

بجر عشرة منونًا. فارضي.
قوله: "واستحسنوا ذلك إذا أضيف" أي: المركب، ولا يخفى أن المضاف في الحقيقة إنما هو عجز، والعجز المركب، فالصدر مضاف إلى العجز مضاف إلى كاف المخاطب، ففي عبارته مسامحة. قوله: "وميز العشرين للتسعينا بواحد" أجاز الفراء جمع تمييز باب عشرين كما في الفارضي. وأجاز المصنف في شرح التسهيل: عندي عشرون دراهم لعشرين رجلًا عند قصد أن لكل واحد منهم عشرين، كما في السيوطي.
قوله: "بواحد منكر منصوب" إنما كان مفردًا نكرة؛ لأنه ذكر لبيان حقيقة المعدود، وهو يحصل بالمفرد النكرة التي هي الأصل بالتعذر الإضافة مع النون التي في صورة نون الجمع. قوله: "أي بثبوت التاء في التذكير... إلخ" محله في غير اثنين واثنتين. قوله: "معطوفًا على النيف" أي: بالواو إذا أريد وقوعهما دَفْعَةً واحدة، وإلا فلا مانع من أن تقول: قبضت منه ثلاثة فعشرين أو ثم عشرين إذا قصد الترتيب مع الفور أو

ج / 4 ص -99-                           وميَّزوا مركبًا بمثل ما    مُيِّز عشرون فسَوِّيَنْهُمَا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً}.
"وميزوا مركبًا بمثل ما ميز عشرون" وبابه؛ أي: بمفرد منكر منصوب "فسوينهما" نحو:
{أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا} [يوسف: 4]، واثنتي عشرة عينًا. وأما {وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا} [الأعراف: 160] فأسباطًا بدل من اثنتي عشرة والتمييز محذوف أي: اثنتي عشرة فرقة، ولو كان أسباطًا تمييزًا لذكر العددان وأفرد التمييز؛ لأن السبط مذكر. وزعم الناظم أنه تمييز وإن ذكر أممًا رجح حكم التأنيث.
تبيهات: الأول: يجوز في نعت هذا التمييز منهما مراعاة اللفظ نحو: عندي أحد عشر درهمًا ظاهريًّا وعشرون دينارًا ناصريًّا، ومراعاة المعنى فتقول ظاهرية وناصرية، ومنه قوله:
1192-

فيها اثنتان وأربعون حَلُوبةً                   سُودًا كخافية الغراب الأسْحَمِ

الثاني: قد يضاف العدد إلى مستحق المعدود فيستغني عن التمييز نحو: هذه عشر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التراخي. دماميني. قوله: "أي: بمفرد منكر منصوب" إنما كان مفردًا منكرًا لما مر، ومنصوبًا لامتناع جعل ثلاثة أشياء كالشيء الواحد لو قيل: خمسة عشر عبد مثلًا. فارضي.
قوله: "فسوينهما" أي: المركب والعشرين وبابه، وفائدته: دفع توهم أن المثلية قبله غير تامة، وقد يقع تمييز المركب بجمع إذا صدق على كل واحد من العدد؛ كقوله تعالى:
{وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا} [الأعراف: 160] لأن المراد: وقطعناهم اثنتي عشرة قبيلة، وكل قبيلة أسباط لا سبط، فوضع أسباطًا موضع قبيلة، هذا أحد الأوجه في الآية، وسيأتي الباقي. قوله: "بدل" أي: بدل كل من كل، ولا يرد أن المبدل منه في نية الطرح؛ لأنه أغلبي، وقد يخرج القرآن على غير الغالب كما في قراءة التنوين في: "ثلاثمائة سنين" كما مر. قوله: "لذكر العددان" أي: بحذف التاء منهما. وقوله: لأن السبط مذكر، علة لقوله: لذكر العددان. قوله: "وأفرد التمييز" ذهب الفراء إلى جواز جمعه، وظاهر الآية يشهد له. اهـ تصريح. وترك علة قوله: وأفرد التمييز، وهي كونه تمييز مركب لعلمها من قوله: وميزوا... إلخ. قوله: "رجح حكم التأنيث" هذا توجيه للتأنيث، وبقي توجيه الجمع من أن القياس الإفراد كما مر. سم.
قوله: "في نعت هذا التمييز منهما" أي: من المركب وعشرين وبابه، وقضيته أن تمييز غيرهما لا يجوز في نعته مراعاة المعنى، فقول شيخ الإسلام زكريا في تحريره وهي -أي: الأوسق الخمسة التي هي نصاب زكاة النابت- ألف وستمائة رطل بغدادية، يكون بغدادية فيه مرفوعًا نعتًا لألف وستمائة، وانظر هل مثل النعت بقية التوابع، وعلى كونها مثل النعت يجوز أن يكون أسباطًا في الآية بدلًا من التمييز المحذوف وهو فرقة على مراعاة المعنى، فتدبر.
قوله: "فيها" أي: الركائب والخافية بالخاء المعجمة واحدة الخوافي، وهي ما دون الريشات العشر من مقدم الجناح

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1192- البيت من الكامل، وهو لعنترة في ديوانه ص193، والحيوان 3/ 425، وخزانة الأدب 7/ 390، وشرح شذور الذهب ص325، والمقاصد النحوية 4/ 487، وبلا نسبة في شرح المفصل 3/ 55، 6/ 24.

ج / 4 ص -100-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وزيد، ويفعل ذلك بجميع الأعداد المركبة إلا اثني عشر، فيقال: أحد عشرك وثلاثة عشرك، ولا يقال: اثني عشرك؛ لأن عشر من اثني عشر بمنزلة نون الاثنين -كما مر- فلا تجامع الإضافة، ولا يقال: اثناك؛ لئلا يلتبس بإضافة اثنين بلا تركيب. الثالث: حكم العدد المميز بشيئين في التركيب لمذكرهما مطلقًا إن وجد العقل نحو: عندي خمسة عشر عبدًا وجارية، وخمسة عشر جارية وعبدًا، وإن فقد فللسابق بشرط الاتصال نحو: عندي خمسة عشر جملًا وناقة، وخمس عشرة ناقة وجملًا، وللمؤنث إن فصلا نحو: عندي ست عشرة ما بين ناقة وجمل أو ما بين جمل وناقة، وفي الإضافة لسابقهما مطلقًا نحو: عندي ثمانية أعبد وآم، وثمان آم وأعبد، ولا يضاف عدد أقل من ستة إلى مميزين مذكر ومؤنث؛ لأن كلًّا من المميزين جمع، وأقل الجمع ثلاثة. الرابع: لا يجوز فصل هذا التمييز. وأما قوله:
1193-

على أنني بعدما قد مضى                         ثلاثون للهَجْر حولًا كَمِيلَا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والأسحم بالحاء المهملة الأسود. عيني. قوله: "فيستغني عن التمييز" لأنك إذا قلت: عشروك، فقد خاطبت مَن يعرف العشرين المنسوبة إليه، ولا تقول: عشرو زيد إلا لمن يعرف زيدًا وعشريه، كما أنك لا تقول: غلام زيد إلا لمن يعرف الغلام وزيدًا. دماميني.
قوله: "الأعداد المركبة" وكذا غير المركبة كمائة زيد. قوله: "إلا اثني عشر" أي: واثنتي عشرة. قوله: "ولا يقال: اثناك" ما لم يكن اثنا عشر علمًا، وإلا جاز أن تضيفه بحذف عشر إذا قصد تنكير العلم لفقد العلة كما في الفارضي. قوله: "لئلا يلتبس... إلخ" صريح في جواز أن يقال: اثناك، في قصد إضافة اثنين بلا تركيب. أسقاطي. قوله: "لمذكرهما مطلقًا" أي: سبق المذكر أولا وقع الفصل ببين أولا. قوله: "إن وجد العقل" أي: في الشيئين أو أحدهما، وظاهره ترجيح المذكر إذا كان العاقل مؤنثًا، والقياس يقتضي تغليب العاقل فتقول: أربع عشرة جملًا وأمة؛ لأن وصف الأنوثة مع العقل أرجح من وصف الذكورة مع عدم العقل، أفاده الدماميني.
قوله: "فللسابق" أي: مذكرًا أو مؤنثًا. وقوله: بشرط الاتصال أي: اتصال التمييز بالعدد. قوله: "وللمؤنث إن فصلًا" أي: فصل بين العدد والتمييز ببين؛ لأنها تقتضي التساوي في الحكم، فكأن الأسبقية منتفية فرجح ما مراعاته كمراعاة الشيئين وذلك أن فذكر ما لا يعقل في استعمالهم كالمؤنث حتى إنه قد يعود عليه ضميره، فإذا جعلنا الحكم للمؤنث كنا كأنا اعتبرناهما بخلاف ما إذا جعل للمذكر كذا في الدماميني.
قوله: "لسابقهما مطلقًا" أي: عاقلًا كان المضاف إليه أو لا مذكرًا أو لا؛ وإنما كان كذلك لأن المتضايفين كالشيء الواحد، فلا ينبغي أن يختلف حالهما. فإن قيل: المعطوف على المضاف إليه مضاف إليه؟ قلنا: نعم؛ لكن المعطوف مضاف إليه بواسطة، والأول

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1193- بعده:

يذكِّرْنِيكَ حنين العُجُولِ                        ونوحُ الحمامة تدعو هديلا

والبيتان من المتقارب، وهما للعباس بن مرداس في ديوانه ص136، وأساس البلاغة ص398 "كمل" ، وخزانة الأدب 3/ 299، والدرر 4/ 24، وشرح شواهد الإيضاح ص198، وشرح شواهد المغني 2/ 908 والمقاصد النحوية 4/ 489، وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 308، وخزانة الأدب 6/ 467، 470، 8/ 255، وشرح عمدة الحافظ ص532، وشرح المفصل 4/ 130، والكتاب 2/ 158، ولسان العرب 11/ 598 "كمل" "البيت الأول فقط"، ومجالس ثعلب 2/ 492، ومغني اللبيب 2/ 572، والمقتضب 3/ 55، وهمع الهوامع 1/ 254.

 

ج / 4 ص -101-                         وإن أُضيف عددٌ مركَّبُ   يبقَ البِنَا وعَجُزٌ قد يُعربُ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضرورة.
"وإن أضيف عدد مركب يبق البنا" في الجزأين على حاله نحو: أحد عشرك مع أحد عشر زيد بفتح الجزأين، هذا هو الأكثر؛ لأن البناء يبقى مع الألف واللام بالإجماع، فكذا مع الإضافة. والثاني: أن يعرب عجزه مع بقاء التركيب كبعلبك، حكاه سيبويه عن بعض العرب؛ نحو: أحد عشرك مع أحد عشر زيد، وإليه أشار بقوله: "وعجز قد يعرب" واستحسنه الأخفش، واختاره ابن عصفور، وزعم أنه الأفصح، ووجه ذلك بأن الإضافة ترد الأشياء إلى أصلها في الإعراب، ومنع في التسهيل القياس عليه. وقال في شرحه: لا وجه لاستحسانه؛ لأن المبني قد يُضاف نحو: كم رجل عندك،
{مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} [هود: 1]، وفيه مذهب ثالث؛ وهو أن يُضاف صدره إلى عجزه مزالًا بناؤهما، حكى الفراء أنه سمع من أبي فقعس الأسد وأبي الهيثم العقيلي: ما فعلت خمسة عشرك، وذكر في التسهيل أنه لا يُقاس عليه خلافًا للفراء.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مضاف إليه بالمباشرة، فكان أولى بالاعتبار، وقد أهمل الشارح ذكر العدد المعطوف، والقياس يقتضي أنه كالعدد المركب فتقول: عندي أحد وعشرون عبدًا وأمة بتغليب المذكر، وأحد وعشرون جملًا وناقة بتغليب السابق، وإحدى وعشرون بين جمل وناقة بتغليب المؤنث. دماميني.
قوله: "وآم" تقدم الكلام عليه. قوله: "وإن أضيف عدد مركب" أي: غير اثني عشر واثنتي عشرة -لما مر- من أنهما لا يضافان، ويستغني العدد المركب إذا أضيف عن التمييز كما سبق. قوله: "والثاني... إلخ" مقابل قوله: هذا هو الأكثر. قوله: "كبعلبك" أي: في بقاء التركيب مع إعراب العجز، وإن كان بعلبك غير منصرف لوجود العلتين بخلاف أحد عشر لأنه ليس بعلم. قوله: "نحو أحد عشرك مع أحد عشر زيد" بفتح دال أحد في المثالين ورفع راء عشر الأول وجر راء الثاني. قوله: "وعجز" مبتدأ، والمسوغ قصد التفصيل. فارضي.
قوله: "ترد الأشياء إلى أصلها في الإعراب" لا يقال: هذا يقتضي إعراب الجزء الأول أيضًا؛ لأنا نقول: المضاف مجموع الجزأين لا الأول فقط ولا الثاني فقط؛ لكن لما كان آخر الثاني آخر المجموع المضاف ظهر فيه الإعراب. قوله: "ومنع في التسهيل القياس عليه" قال بعضهم: هي لغة ضعيفة عند سيبويه، وإذا ثبت كونه لغة لم يمتنع القياس عليها وإن كانت ضعيفة. مرادي. قوله: "لأن المبني قد يضاف... إلخ" قد يُفرق بين ما بناؤه أصلي فلا يرد إلى الإعراب وما بناؤه عارض بسبب التركيب فيرد إليه بأدنى ملابسة. تصريح. قوله: "من أبي فقعس" كذا بخط الشارح، ويوجد في بعض النسخ: بني، وهو تحريف.
قوله: "خلافًا للفراء" تقدم قبيل قول المصنف: وميز العشرين... إلخ فقال الشارح قول الفراء عن

ج / 4 ص -102-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيهات: الأول: قال في التسهيل: ولا يجوز بإجماع ثماني عشرة إلا في الشعر، يعين بإضافة الأول إلى الثاني دون إضافة المجموع كقوله:
1194-

كَلِفَ من عنائه وشِقْوَتِه                    بنت ثماني عشرةٍ من حِجَّتِه

أي: من عامة ذلك. وفي دعواه الإجماع نظر، فإن الكوفيين يجيزون إضافة صدر المركب إلى عجزه مطلقًا، كما سبق التنبيه عليه. الثاني: في ثماني إذا ركب أربع لغات: فتح الياء وسكونها وحذفها مع كسر النون وفتحها ومنه قوله:
1195-

ولقد شَرَيْتُ ثمانيًا وثمانيَا                      وثمانَ عشرةَ واثنتين وأربعَا

وقد تُحذف ياؤها أيضًا في الإفراد، ويجعل إعرابها على النون كقوله:
1196-

لها ثنايا أربعٌ حسانٌ                                 وأربعٌ فثُغْرُها ثمانُ

وهو مثل قراءة بعض القراء: "وله الجوارُ المنشآت" بضم الراء. الثالث: قال في شرح الكافية: لبضعة وبضع حكم تسعة وتسع في الإفراد والتركيب وعطف عشرين وأخواته

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكوفيين. قوله: "دون إضافة المجموع" أي: إلى شيء آخر، وفيه أنه إذا أضيف الأول إلى الثاني ووجدت الإضافة إلى شيء آخر كان المضاف إلى الشيء الآخر الثاني لا المجموع، وإذا أضيف المجموع إلى شيء آخر لم يكن الأول مضافًا إلى الثاني، فتدبر. قوله "كلف... إلخ" يظهر أنه يصح تشديد لام كلف على أنه من التكليف، وتخفيفها على أنه من الكلف بالتحريك، ومن للتعليل، والعناء بفتح العين المهملة التعب، والشقوة بالكسر الشقاء. قوله: "مطلقًا" أي: سواء كان المجموع مضافًا نحو: ثماني عشرك أولا وفيه ما مر. قوله: "في ثماني" أي: الواقعة في عدد المؤنث. قوله: "وسكونها" أي: كسكونها في معدي كرب. وقوله: مع كسر النون أي: دلالة على الياء. وقوله: وفتحها أي: للتركيب. همع.
قوله: "وقد تحذف ياؤها" مصب قد التقليلية قوله: ويجعل إعرابها على النون أي: والأكثر أن يجري مجرى المنقوص المصروف فتقول: جاء ثمانٍ ومررت بثمانٍ ورأيت ثمانيًا، وقد يقال: رأيت ثماني بلا تنوين؛ لمشابهته جواري لفظًا وهو ظاهر ومعنى لأنه وإن لم يكن جمعًا لفظًا هو جمع معنى كما أجري سراويل مجرى سرابيل، فكتابة البعض على قول الشارح ويجعل إعرابها على النون ما نصه أي: وحينئذ تكون جارية في الإعراب مجرى المنقوص المصروف. اهـ غفلة عجيبة. قوله: "لبضعة وبضع" بكسر الموحدة على المشهور، وبعض العرب يفتحها، قاله

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1194- الرجز لنفيع بن طارق في الحيوان 6/ 463، والدرر 6/ 197، وشرح التصريح 2/ 275، والمقاصد النحوية 4/ 488، وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 309، وأوضح المسالك 4/ 259، وخزانة الأدب 6/ 430، 432، ولسان العرب 14/ 438 "شقا"، وهمع الهوامع 2/ 149.
1195- البيت من الكامل، وهو للأعشى في لسان العرب 13/ 81 "ثمن"، وليس في ديوانه.
1196- الرجز بلا نسبة في خزانة الأدب 7/ 365، وشرح التصريح 2/ 274، ولسان العرب 4/ 103 "ثغر"، 13/ 81 "ثمن".

 

ج / 4 ص -103-                                  وصُغْ من اثنين فما فوق إلى         عَشَرَةٍ كفاعل من فَعَلَا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عليه نحو: لبثت بضعة أعوام وبضع سنين، وعندي بضعة عشر غلامًا وبضع عشرة أمة، وبضعة وعشرون كتابًا، وبضع وعشرون صحيفة، ويراد ببضعة من ثلاثة إلى تسعة، وببضع من ثلاث إلى تسع. انتهى.
"وصغ من اثنين فما فوق" أي: فما فوقها "إلى عشرة" وصفًا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدماميني. وما ذكره الشارح هو الراجح من أقوال في مسمى البضع والبضعة، وعليه لا يطلقان على أقل من ثلاثة ولا أكثر من تسعة، وقيل: مسماهما أربعة وثمانية وما بينهما، وقيل: الواحد والعشرة وما بينهما، وقيل: أربعة وتسعة وما بينهما، وقيل غير ذلك، واختلفوا أيضًا فيما يصاحبه، فالجمهور على أنه يصاحب العشرة والعشرين إلى التسعين، فلا يصاحب المائة والألف، وقيل: لا يصاحب إلا العشرة، وهو مردود بنحو قوله صلى الله عليه وسلم:
"الإيمان بضع وستون شعبة"، وفي رواية: "بضع وسبعون". ونقل الكرماني أنه يصاحب المائة والألف، هذا وفي بعض النسخ بدل قوله: الثالث لبضعة وبضع... إلخ ما نصه: الثالث: قال في شرح الكافية: إن بضعة قدير أدبه واحد فما فوقه إلى تسعة، هذا قول الفراء، وأنه يجري مجرى تسعة مطلقًا أي: في الإفراد والتركيب وعطف عشرين وأخواته عليه، وأن تاءه كتاء تسعة في ثبوت وسقوط نحو: لبثت بضعة أعوام وبضع سنين وعندي بضعة عشر غلامًا وبضع عشرة أمة وبضعة وعشرون كتابًا وبضع وعشرون صحيفة، وهذا المراد بقولي:

ومطلقًا مجراه يجري حيث حل

والأَوْلَى أن يراد ببضعة من ثلاثة إلى تسعة، وببضع من ثلاث إلى تسع، فيحمل الثابت التاء على الثابتها والساقطها على الساقطها. اهـ. قال شيخنا: وهكذا رأيته بخطه على التوضيح. اهـ. وقوله: وإن تاءه كتاء تسعة في ثبوت وسقوط بيان لما قبله من جريانه مجرى تسعة. وقوله: فيحمل الثابت التاء... إلخ أي: فيحمل بضعة الثابت التاء على ثلاثة مثلًا الثابت التاء وبضع الساقطها على ثلاث مثلًا الساقطها. وفرق في الهمع بين النيِّف والبضع بأن النيِّف من واحد إلى تسعة، ويكون للمذكر والمؤنث بلا هاء، ولا يذكر إلا مع عقد نحو: عشرة ونيف. والبضع من ثلاثة إلى تسعة، ويكون للمذكر بالهاء وللمؤنث بدونها، ولا يجب معه ذكر العقد، كما في بضع سنين.
قوله: "وصغ من اثنين... إلخ" ظاهر كلام المصنف أن نحو: ثانٍ وثالث مصوغ من لفظ العدد، سواء كان بمعنى بعض أو بمعنى جاعل العدد الأقل مساويًا لما فوقه، وهو مسلم في الذي بمعنى بعض دون الآخر؛ لأنه مصوغ من الثني مصدر ثنيت الرجل والثلاث مصدر ثلثت الرجلين، وهكذا كما سيأتي، لا من اثنين وثلاثة... إلخ؛ وإنما قلنا: ظاهر كلام المصنف؛ لأنه يمكن حمل قوله: وإن ترد جعل الأقل... إلخ على معنى وإن ترد بالوصف لا بقيد كونه مشتقًّا من لفظ العدد، فاعرفه.
وقول الشارح: وصفًا ظاهر بالنسبة لما بمعنى جاعل دون ما بمعنى بعض؛ لأن الذي بمعنى بعض اسم جامد كما يؤخذ من كلامه بعد، اللهم إلا أن يراد بالوصفية بالنسبة له الوصفية الصورية، فتأمل. قال في التصريح: الاشتقاق من أسماء العدد سماعي؛ لأنه من قبيل الاشتقاق من أسماء الأجناس؛ كتربت يداه من التراب، واستحجر الطين من الحجر. قوله: "أي: فما فوقهما" الأنسب فوقه أي: لفظ الاثنين؛ لأن الصوغ من اللفظ. سم. قوله: "إلى عشرة" أُتي به بيانًا للغاية. قوله:

ج / 4 ص -104-                                  واخْتِمْهُ في التأنيث بالتا ومتى     ذَكَّرْتَ فاذكر فاعلًا بغير تا

وإن تُرِدْ بعض الذي منه بُني                           تُضف إليه مثلَ بعضٍ بيِّن


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"كفاعل" أي: على وزن فاعل "من فَعَلَا" كضرب نحو: ثانٍ وثالث ورابع إلى عاشر. وأما واحد فليس بوصف؛ بل اسم وُضع على ذلك من أول الأمر.
"واختمه في التأنيث بالتا ومتى ذكرت" أي: صفته لمذكر "فاذكر فاعلًا بغير تا" فتقول في التأنيث ثانية إلى عاشرة، وفي التذكير ثان إلى عاشر، كما تفعل باسم الفاعل من نحو: ضارب وضاربة. وإنما نبه على هذا مع وضوحه؛ لئلا يتوهم أنه يسلك به سبيل العدد الذي صيغ منه "وإن تُرد" بالوصف المذكور "بعض" العدد "الذي منه بني تضف إليه مثل بعض بين" أي: كما يضاف البعض إلى كله؛ نحو:
{إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ} [التوبة: 40] {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} [المائدة: 73] وتقول: ثانية اثنتين، وثالثة ثلاث إلى عاشر عشرة وعاشر عشر؛ وإنما لم ينصب حينئذ؛ لأنه ليس في معنى ما يعمل ولا مفرعًا عن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"كفاعل" صفة لموصوف محذوف قدره الشارح هو مفعول صغ أو الكاف بمعنى مثل، وهي اسم مفعول به لصغ كما قاله الشاطبي، أفاده سم. قوله: "من فعلا" فائدته مع ما قبله بيان أن هذا أي: في الجملة وصف لا اسم جامد، ولم يكتفِ بفهم ذلك من ذكر الصوغ؛ لأنه قد يُراد به إثبات مجرد المناسبة، وبيان مطلق الأخذ.
قوله: "وأما واحد" أي: وواحدة، وهذا مفهوم قوله: من اثنين فما فوق. قوله: "فليس بوصف" تبع فيه التوضيح؛ لكن قال الرضي: والواحد اسم فاعل من وحد يحد وحدًا أي: انفرد، فالواحد بمعنى المنفرد أي: العدد المنفرد. قوله: "لئلا يتوهم أنه يسلك به... إلخ" أي: في إثبات التاء مع التذكير وحذفها مع التأنيث، وكلامه صريح في مخالفة الوصف للعدد الذي صيغ منه في التذكير والتأنيث، وهو مسلم في غير ثان وثانية لموافقتهما في ذلك لما صيغا منه. قوله: "وإن ترد بعض الذي... إلخ" أي: وإن ترد بالوصف بعض العدد الذي بني هو منه تضفه أي: الوصف إليه العدد حالة كون الوصف مثل بعض في معناه أو في إضافته إلى كله، وإلى هذا يرمز كلام الشارح، فالصلة جارية على غير من هي له ومفعول تضف محذوف ومثل حال من هذا المفعول والمراد بالبعض في هذا الباب الواحد لا الأعم، وهذه الإضافة غير واجبة؛ إذ يجوز الثاني من الاثنين مثلًا، ومن قال بوجوبها أراد به منع نصب الوصف ما بني هو منه كما ستعرفه ومقابل قوله: وإن ترد... إلخ ما سيأتي من قوله: وإن ترد جعل الأقل... إلخ، وللبعض هنا كلام حقيق بالطرح. قوله: "بين" أي: ظاهر البعضية.
قوله: "أي: كما يضاف البعض إلى كله" فيفيد حينئذ أن الموصوف به بعض تلك العدة المعينة، فرابع أربعة معناه بعض جماعة منحصرة في أربعة كما في التوضيح. قوله: "وإنما لم ينصب حينئذ" أي: حين إذ أريد به بعض ما بني هو منه، وقول شيخنا أي: حين إذا أضيف إلى ما اشتق منه وهو كله غير ظاهر. قوله: "لأنه" أي: الوصف الذي بمعنى بعض ما بني هو منه ليس في معنى ما يعمل أي: ليس في معنى لفظ يعمل كمصير وجاعل حتى يعمل ولا مفرعًا عن فعل أي: ولا مشتقًّا من فعل حتى يمكن عمله؛ بل هو مأخوذ من لفظ العدد، ولو اقتصر الشارح على قوله

ج / 4 ص -105-                           وإن تُرد جَعْلَ الأقل مثل ما        فوق فحُكم جاعلٍ له احْكُمَا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فعل فالتزمت إضافته؛ لأن المراد أحد اثنين وإحدى اثنتين وأحد عشرة وإحدى عشر، فتضيفه، كما تقول بعض هذه العدة بالإضافة. هذا مذهب الجمهور. وذهب الأخفش وقطرب والكسائي وثعلب إلى أنه يجوز إضافة الأول إلى الثاني ونصبه إياه كما يجوز في ضارب زيد، فيقولون: ثان اثنين وثالث ثلاثة، وفصل بعضهم فقال: يعمل ثان ولا يعمل ثالث وما بعده، وإلى هذا ذهب في التسهيل قال: لأن العرب تقول: ثنيت الرجلين إذا كنت الثاني منهما، فمن قال: ثان اثنين بهذا المعنى عذر لأن له فعلًا، ومن قال: ثالث ثلاثة لم يعذر؛ لأنه لا فعل له، فهذه ثلاثة أقوال.
تنبيه: قال في الكافية:

وثَعْلَبٌ أجاز نحو رابع                                  أربعة وما له مُتابع

وقال في شرحها: ولا يجوز تنوينه والنصب به، وأجاز ذلك ثعلب وحده، ولا حجة له في ذلك. هذا كلامهم فعمم المنع. وقد فصل في التسهيل، وخص الجواز بثعلب، وقد نقله فيه عن الأخفش، ونقله غيره عن الكسائي وقطرب كما تقدم. اهـ.
"وإن ترد جعل الأقل مثل ما فوق" أي: إذا أردت بالوصف المصوغ من العدد أنه يجعل ما هو تحت ما

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لأنه ليس في معنى ما يعمل لكفاه في تعليل عدم النصب؛ ولكن قصد الشارح تقوية العلة، فتدبر.
قوله: "لأن المراد أحد اثنين... إلخ" أي: باعتبار وقوعه في المرتبة الثانية أو الثالثة، وهكذا كما يؤخذ من العنوان؛ أعني: لفظ ثاني وثالث وهكذا لا مطلقًا حتى يلزم صحة إرادة الواحد الأول من عاشر عشرة، وذلك مستبعد جدًّا، أفاده الجامي. قوله: "ونصبه إياه" أي: إذا كان بمعنى الحال أو الاستقبال كما لا يخفى.
قوله: "ثان اثنين وثالث ثلاثة" على أن معناه متمم اثنين ومتمم ثلاثة. سيوطي. قوله: "وإلى هذا ذهب في التسهيل... إلخ" تعقبه أبو حيان فقال: ثنيت الرجلين مخالف لنقل النحاة، ثم هو ليس نصًّا في ثنيت الاثنين حتى يبني عليه جواز ثان اثنين. قال الموضح: وما نقله ابن مالك عن العرب قاله ابن القطاع في كتاب الأفعال، وإذا جاز ثنيت الرجلين جاز ثنيت الاثنين، ولا يتوقف فيه إلا ظاهري جامد. تصريح. قوله: "لأنه لا فعل له" أي: لا يقال ثلثت الثلاثة إذا كنت الثالث، وقد ينافيه قول الجوهري: ثلثت القوم أثلثهم بالكسر إذا كنت ثالثهم أو أكملت ثلاثة بنفسك وثلثت الثلاثة بالتخفيف أيضًا. أسقاطي. قوله: "قال في الكافية... إلخ" غرضه التورك على كلام الكافية وشرحها من وجهين: مخالفته لتفصيله في التسهيل بين ثان وغيرها، واقتصاره على العزو لثعلب مع أنه منقول عن غيره أيضًا.
قوله: "وقد نقله فيه" أي: التسهيل. قوله: "مثل ما فوق" أي: بدرجة واحدة. قوله: "المصوغ من العدد" هذا لا يوافق قوله الآتي: الوصف حينئذٍ ليس مصوغًا من ألفاظ العدد، ولعله ذكر هذا متابعة لظاهر المتن وذاك أي: ما يأتي استدراك عليه. سم. قوله: "أنه" أي: الوصف بجعل ليس خصوص المضارع مرادًا وإلا لم يتأتَ التفصيل الذي سيذكره بقوله: فإن كان بمعنى

ج / 4 ص -106-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اشتق منه مساويًا له. "فحكم جاعل له احكما" فإن كان بمعنى المضي وجبت إضافته، وإن كان بمعنى الحال أو الاستقبال جازت إضافته وجاز تنوينه وإعماله فتقول: هذا رابع ثلاثةٍ ورابعٌ ثلاثةً؛ أي: هذا مصير الثلاثة أربعة، وتؤنث الوصف مع المؤنث كما سبق، فالوصف المذكور حينئذ اسم فاعل حقيقة؛ لأنك تقول: ثلثت الرجلين إذا انضممت إليهما فصرتم ثلاثة، وكذلك ربعت الثلاث إلى عشرت التسعة، ففاعل هنا بمعنى جاعل وجار مجراه لمساواته له في المعنى والتفرع على فعل، بخلا فاعل الذي يراد به معنى أحد ما يضاف إليه، فإن الذي هو في معناه لا عمل ولا تفرع له على فعل، فالتزمت إضافته كما سبق.
تنبيهات: الأول: الوصف حينئذ ليس مصوغًا من ألفاظ العدد؛ وإنما هو من الثلث والربع والعشر على وزن الضرب، مصادر ثلث وربع وعشر على وزن ضرب، ومضارعها على وزن يضرب إلا ما كان لامه عينًا وهو ربع وسبع وتسع فإنه على وزن شفع يشفع. الثاني: لا يستعمل هذا لاستعمال ثان، فلا يقال ثاني واحد ولا ثان واحدًا، وأجازه بعضهم وحكاه عن العرب. الثالث: أفهم كلامه جواز صوغ الوصف المذكور من العدد المعطوف

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المضي... إلخ. قوله: "ما هو تحت" أي: بدرجة واحدة؛ إذ لا يقال: رابع اثنين، مع أنه يصدق أنه تحت ما اشتق منه. حفيد. وقوله: ما أتى العدد الذي هو أي: هذا العدد تحت العدد الذي اشتق الوصف منه مساويًا له أي: لما اشتق منه، فعلم أن صلة ما الأولى جارية على ما هي له وصلة ما الثانية جارية على غير ما هي له، فهي الحقيقة بإبراز الضمير دون صلة ما الأولى بعكس ما فعله الشارح، فاعرف ذلك.
قوله: "فحكم جاعل" مصدر نوعي منصوب على المفعولية المطلقة باحكما، وإنما خص التمثيل بجاعل للتنبيه على أن معنى اسم فاعل العدد إذا استعمل مع ما تحته معنى جاعل، فإذا قلت: رابع ثلاثة، فمعناه جاعل الثلاثة ومصيرهم أربعة، أفاده المرادي.
قوله: "جازت إضافته... إلخ" لكنهم قالوا: الإضافة في هذا أكثر من النصب بخلاف سائر أسماء الفاعلين، فإن نصب ما بعده على المفعولية وخفضه على الإضافة مستويان، أو النصب أكثر. قال الرضي: وإنما قل النصب هاهنا؛ لأن الانفعال والتأثر في هذا المفعول غير ظاهر إلا بتأويل؛ وذلك لأن نفس الاثنين لا تصير ثلاثة أصلًا، وإن انضم إليها واحد؛ بل يكون المنضم إليه معًا ثلاثة، والتأويل أنه أسقط عن المفعول الأوَّل بانضمام ذلك الواحد اسم الاثنين، وصار يطلق على المجموع اسم الثلاثة، فكأنه صار المفعول الأوَّل هو المجموع. كذا في الدماميني.
قوله: "وإعماله" أي: بالشروط السابقة في باب اسم الفاعل. قوله: "حينئذ" أي: حين إذا كان بمعنى جاعل. قوله: "ثلثت الرجلين... إلخ" بتخفيف ثاني ثلثت وربعت وعشرت كما سيذكره الشارح، وكذا أخواتها.
قوله: "وجار مجراه" أي: في العمل. قوله: "فإن الذي هو في معناه" أي: فإن فاعلًا الذي هو في معنى أحد فالمحل للضمير، وكأنه لم يقل: فإنه دفعًا لتوهم عود الضمير على أحد. قوله: "الوصف حينئذ" أي: حين إذ كان بمعنى جاعل. قوله: "وأجازه بعضهم... إلخ" رجحه الدماميني

 

ج / 4 ص -107-                               وإن أردت مثل ثاني اثنين   مركبًا فجيء بتركيبتين

أو فاعلًا بحالتيه أَضف                                 إلى مركب بما تَنوي يفي

وشاع الاستغنا بحادِي عَشَرَا                      ونحوه وقبل عشرين اذْكُرَا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عليه عقد للمعنيين المذكورين، فيقال: هذا ثالث ثلاثة وعشرين بالإضافة، وهذه رابعة ثلاثًا وثلاثين بالإعمال، ورابعة ثلاث وثلاثين بالإضافة. اهـ.
"وإن أردت مثل ثاني اثنين مركبًا فجيء بتركيبين" أي: إذا أردت صوغ الوصف المذكور من العدد المركب -بمعنى بعض أصله كثاني اثنين- فجيء بتركيبين صدر أولهما فاعل في التذكير وفاعلة في التأنيث، وصدر ثانيهما الاسم المشتق منه، وعجزهما عشر في التذكير وعشرة في التأنيث، فتقول في التذكير: ثاني عشر اثني عشر إلى تاسع عشر تسعة عشر، وفي التأنيث: ثانية عشرة اثنتي عشرة إلى تاسعة عشرة تسع عشرة بأربع كلمات مبنية، وأول التركيبين مضاف إلى ثانيهما إضافة ثاني إلى اثنين. وهذا الاستعمال هو الأصل، ووراءه استعمالان آخران؛ الأول منهما أن يقتصر على صدر الأول فيعرب لعدم التركيب ويضاف إلى المركب باقيًا بناؤه، وإلى هذا أشار بقوله "أو فاعلًا بحالتيه" يعني: التذكير والتأنيث.
"أضف إلى مركب بما تنوي يفي" يفي جواب أضف، فهو مجزوم أشبعت كسرته. والمعنى: أنك إذا فعلت ذلك وفي الكلام بالمعنى الأول الذي نويته، فتقول في التذكير: ثاني اثني عشر إلى تاسع تسعة عشر، وفي التأنيث ثانية اثنتي عشرة إلى تاسعة تسع عشرة. والثاني منهما أن يقتضر على صورة التركيب الأول بأن يحذف العقد من الأول والنيف من الثاني، وإليه أشار بقوله: "وشاع

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وضعف الأول بأنه لا مانع من قولك: زيد ثان واحدًا أي: مصير واحدًا اثنين بنفسه. قوله: "أفهم كلامه" أي: حيث أطلق. وقوله: للمعنيين المذكورين أي: كونه بمعنى بعض وكونه بمعنى جاعل، وفيه أن صوغ الوصف للمعنى الثاني في مثاليه ليس من العدد المعطوف عليه العقد. قوله: "مثل" مفعول أردت ومركبًا حال منه أو مركبًا مفعول ومثل حال من مركب؛ لأن نعت النكرة إذا تقدم عليها أعرب حالًا. قوله: "بمعنى بعض أصله" أي: بعض مدلول أصله. قوله: "بأربع كلمات مبنية" فيه تغليب؛ إذ اثنا واثنتا ليسا مبنيين ومثله يأتي في قوله: بعد باقيا بناؤه... إلخ. قوله: "هو الأصل" أي: ما حق التركيب أن يكون عليه وليس مراده بالأصل الغالب لما يأتي قريبًا عن أبي حيان.
قوله: "أن يقتصر على صدر الآراء... إلخ" قال أبو حيان: وهذا الوجه أكثر استعمالًا وجائز اتفاقًا. تصريح. قوله: "فيعرب... إلخ" هل يجوز بناؤه بتقدير عجزه المحذوف هذا محتمل وغيره بعيد. سم. قوله: "ويضاف إلى المركب" قال أبو حيان: وقياس من أجاز الإعمال في ثالث ثلاثة أن يجيزه هنا على معنى متمم اثني عشر مثلًا. سيوطي.
قوله: "يفي جواب أضف" ما المانع من جعله وصفًا لمركب أي: مركب واف بما تنوي بأن يكون مناسبًا لفاعل المذكور ومن جنسه. اهـ سم. والفعل على الأول مجزوم، فالياء إشباع وعلى المثاني مرفوع فالياء لام الفعل. قوله: "بالمعنى الأول الذي نويته" وهو كون المضاف أحد اثني عشر كائنًا في المرتبة الثانية عشرة؛ لأن معنى ثاني اثني عشر ثاني عشر اثني عشر؛ لكن حذف

ج / 4 ص -108-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاستغنا بحادي عشرا ونحوه" أي: ثاني عشر إلى تاسع عشر. وفي التأنيث حادية عشرة إلى تاسعة عشرة، فتذكر اللفظين مع المذكر وتؤنثهما مع المؤنث. وفيه حينئذ وجهان؛ الأول: أن يعرب الأول ويُبنى الثاني. حكاه ابن السكيت وابن كيسان والكسائي. ووجهه أنه حذف عجز الأول فأعربه لزوال التركيب، ونوى صدر الثاني فبناه، ولا يقاس على هذا الوجه لقلته. وزعم بعضهم أنه يجوز بناؤهما لحلول كل منهما محل المحذوف من صاحبه. وهذا مردود بأنه لا دليل حينئذ على أن هذين الاسمين منتزعان من تركيبين بخلاف ما إذا أعرب الأول. والثاني: أن تعربهما معًا مقدرًا حذف عجز الأول وصدر الثاني لزوال مقتضى البناء فيهما حينئذ، فيجري الأول على حسب العوامل، ويجر الثاني بالإضافة. أما إذا اقتصرت على التركيب الأول بأن استعملت النيف مع العشرة ليفيد الاتصاف بمعناه مقيدًا بمصاحبته العشرة كما هو ظاهر النظم وعليه شرح الشارح، فإنه يتعين بقاء الجزأين على البناء.
تنبيهان: الأول: إنما مثل بحادي عشر دون غيره؛ ليتضمن التمثيل فائدة التنبيه على ما

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عجز التركيب الأول اختصارًا، فعلم ما في كلام البعض. قوله: "وفي التأنيث حادية عشرة... إلخ" في التأنيث حال مما بعده والواو عاطفة حادية عشرة على ثاني عشر، ولم يقل: وفي التأنيث بحادية عشرة... إلخ إشارة إلى دخوله في النحو، فيكون مشمولًا لكلام الناظم. قوله: "وفيه حينئذ" أي: حين إذا اقتصر على صورة التركيب الأول، وإن شئت قلت: حين إذا استغنى بحادي عشر ونحوه.
قوله: "وجهان الأوَّل أن يعرب الأول ويبني الثاني... إلخ" كذا في أكثر النسخ، وفي بعضها ثلاثة أوجه؛ الأول: أن يبني صدره وعجزه مقدر احذف التركيب الثاني بكماله، وأن هذا الباقي هو الأول بكماله. والثاني: أن يعرب صدره مضافًا إلى عجزه مبنيًّا حكاه... إلخ وهو لا يناسب فرض الكلام، وهو الاقتصار على صورة التركيب الأول بأن يحذف العقد من الأول والنيف من الثاني لمنافاة الأول من الأوجه الثلاثة، فتأمل.
قوله: "ويبني الثاني" أي: يبقى بناؤه. قوله: "فبناه" أي: أبقى بناءه. قوله: "وزعم بعضهم... إلخ" بهذا الزعم تكون الأوجه ثلاثة لا اثنين. قوله: "لحلول كل... إلخ" وجه هذا تقدير ما حذف من كل منهما، كما وجهوا بناء الثاني بنية صدره. اهـ سم. أي: فكأن التركيبين باقيان. قوله: "بأنه لا دليل حينئذ" أي: حين إذ يبنيان، وقد يقال: عدم الدليل هنا لا يضر؛ إذ لا يترتب عليه اختلال المعنى. قوله: "بخلاف ما إذا أعرب الأول" فإن إعرابه دليل على ذلك. قوله: "لزوال مقتضى البناء" وهو التركيب كما في التصريح، وهذا لا يلاحظ المحذوف أعني عجز الأول وصدر الثاني. قوله: "أما إذا اقتصرت... إلخ" هذا مقابل أن يقتصر على صورة التركيب الأول... إلخ، وهذا ساقط في كثير من النسخ. قوله: "على التركيب الأول" أي: على حقيقته لا صورته فقط.
قوله: "بأن استعملت النيف" يعني الحادي والثاني ونحوهما. وقوله: ليفيد أي: النيف الاتصاف بمعناه أي: معنى النيف. وقوله: مقيدًا حال من الضمير في بمعناه. قوله: "فائدة التنبيه"

 

ج / 4 ص -109-                                 وبابه الفاعلَ من لفظ العدد            بحالتيه قبلَ واوٍ يُعتمد


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التزموه حين صاغوا أحدًا وإحدى على فاعل وفاعلة من القلب، وجعل الفاء بعد اللام فقالوا: حادي عشر وحادية عشرة، والأصل واحد وواحدة فصار حاد ووحادوة، فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها فوزنهما عالف وعالفة.
وأما ما حكاه الكسائي من قول بعضهم: واحد عشر فشاذ، نبه به على الأصل المرفوض. قال في شرح الكافية: ولا يستعمل هذا القلب في واحد إلا في تنييف أي: مع عشرة أو مع عشرين وأخواته. الثاني: لم يذكر هنا صوغ اسم الفاعل من المركب بمعنى جاعل لكونه لم يسمع، إلا أن سيبويه وجماعة من المتقدمين أجازوه قياسًا. وذهب الكوفيون وأكثر البصريين إلى المنع، وعلى الجواز فتقول: هذا رابع عشر ثلاثة عشر أو رابع ثلاثة عشر. ولا يجوز أن تحذف النيف من الثاني مع حذف العقد من الأول للإلباس، ويتعين أن يكون التركيب الثاني في موضع خفض. قال في أوضح المسالك: بالإجماع؛ لكن قال المرادي: أجاز بعض النحويين: هذا ثان أحد عشر وثالث اثني عشر بالتنوين، وهو مصادم لحكاية الإجماع. "وقبل عشرين اذكرا. وبابه الفاعل من

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإضافة للبيان. قوله: "من القلب" أي: قلب الواو ياء. وقوله: وجعل الفاء أي: التي هي الواو بعد اللام أي: التي هي الدال، وهذا الجعل قلب مكاني، فعلم أن في الكلمة القلبين. قوله: "لانكسار ما قبلها" أي: مع تطرفها؛ لأن تاء التأنيث في حكم الانفصال، والواو إذا تطرفت إثر كسرة قلبت ياء؛ لكن يعل الحادي إعلال القاضي بخلاف الحادية لفتح الياء، أفاده في التصريح.
قوله: "وأما ما حكاه" وارد على قوله: التزموه. قوله: "الثاني لم يذكر هنا... إلخ" هذا يتعلق بمفهوم قوله السابق مثل ثاني اثنين. سم. قوله: "هذا رابع عشر ثلاثة عشر" بإضافة التركيب الأوَّل برمته إلى الثاني برمته مع بناء الكلمات الأربع على الفتح. قوله: "أو رابع ثلاثة عشر" أي: بحذف العقد من التركيب الأول. قال شيخنا: الظاهر أن الوصف حينئذ يُعرب على حسب العوامل. اهـ. وعندي أنه يجوز بناؤه بنية العجز كما مر نظيره. قوله: "للإلباس" أي: لإلباس الوصف بمعنى المصير بالوصف بمعنى بعض كذا فلا فرق بين الإعراب والبناء، وهذا أولى من قول التصريح للإلباس بما ليس أصله تركيبين، فإن الإلباس على تفسيره يزول بإعراب الجزأين أو الأول فقط، فإن ذلك جائز في الاستغناء بحادي عشر عن حادي عشر أحد مثلًا كما تقدم، أفاده سم. وتصرف البعض فيه بما كدره.
قوله: "ويتعين" أي: فيما إذا أتي بالتركيبين برمتهما أو حذف العقد من التركيب الأول وأتى بالتركيب الثاني. قوله: "في موضع خفض" أي: بإضافة التركيب الأول أو صدره إلى الثاني، ومن هنا يعلم أن المركب يكون مضافًا. قال البعض تبعًا لشيخنا: وهو مخالف لما تقدم في باب العلم فيما إذا كان الاسم واللقب مركبين أو الأول فقط أي: من امتناع إضافة أولهما إلى ثانيهما، وقد يدفع التخالف بحمل المركب ثم على الإضافي كما يشعر به تمثيلهم فلا ينافي ما هنا من إضافة المركب العددي، فتأمل.
قوله: "وهو مصادم لحكاية الإجماع" جوابه: أن الإجماع مخصوص بصورة ما إذا جئت بتركيبين؛ لأن عمل فاعل إنما يتأتى مع تنوينه، والتنوين منتفٍ مع التركيب، فيتعين أن يكون التركيب

ج / 4 ص -110-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لفظ العدد بحالتيه" من التذكير والثأنيث "قبل واو يُعتمد" يعني: أن العشرين وبابه إلى التسعن يعطف على اسم الفاعل بحالتيه، فتقول: الحادي والعشرون إلى التاسع والتسعين، والحادية والعشرون إلى التاسعة والتسعين، ولا يجوز أن تحذف الواو وتركب فتقول: حادي عشرين، كما تقول: حادي عشر إلحاقًا لكل فرع بأصله، فإنه يجوز أحد عشر بالتركيب، ولا يجوز أحد عشرين بالتركيب كما مر.
تنبيه: لم يذكروا في العشرين وبابه اسمًا مشتقًّا. وقال بعض أهل اللغة: عَشْرَنَ وثَلْثَنَ إذا صار له عشرون أو ثلاثون، وكذلك إلى التسعين، واسم الفاعل من هذا مُعَشْرِن ومُتَسْعِن. اهـ.
خاتمة: يؤرخ بالليالي لسبقها، فحق المؤرخ أن يقول في أول الشهر: كتب لأول ليلة منه أو لغرته أو مهله أو مستهله، ثم يقول: كتب لليلة خلت، ثم لليلتين خلتا، ثم لثلاث

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الثاني في موضع خفض، وكلام التوضيح يدل عليه عند التأمل، قاله مكي. سم. قوله: "يعتمد" نعت لواو أي: يعتمد عليها دون غيرها من حروف العطف. قوله: "ولا يجوز أن تحذف الواو وتركب" أي: موازن فاعل مع عشرين وأخواته. قال ابن هشام: في قول الشهود: حادي عشرين شهر جُمادى مثلًا ثلاث لحنات حذف الواو وإثبات النون وذكر لفظ الشهر وهو لا يذكر إلا مع رمضان والربيعين. اهـ. لكن قال السيوطي: والمنقول عن سيبويه جاز إضافة شهر إلى كل الشهور. قال الدماميني في باب الظروف: وهو قول أكثر النحويين. قوله: "يؤرخ" بالهمز وبالواو؛ ولذا يقال: تاريخ وتوريخ. اهـ سيوطي.
فائدة: كانت العرب تؤرخ بالخصب وبالعامل يكون عليهم وبالأمر المشهور، ولم يزالوا كذلك حتى فتح عمر بلاد العجم، فذكر له أمر التاريخ فاستحسنه هو وغيره، ثم اختلفوا، فقال بعضهم: من البعثة، وقال قوم: من الوفاة، ثم أجمعوا عى الهجرة، ثم اختلفوا بأي شهر يبدءون؛ فقال بعضهم: رمضان، وبعضهم: رجب، وبعضهم: ذو الحجة، ثم أجمعوا على المحرم؛ لأنه شهر حرام، ومنصرف الناس من الحج، فرأس التاريخ قبل الهجرة بشهرين واثنتي عشرة ليلة؛ لأن قدومه عليه الصلاة والسلام المدينة يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول، وقيل: المؤرخ بالهجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما بسط ذلك الجلال السيوطي في كتابه الشماريخ في علم التاريخ.
قوله: "بالليالي" جمع ليلاة واستغنى بجمعها عن جمع ليلة. دماميني. قوله: "لسبقها" أي: لسبق الليالي الأيام باعتبار أن شهور العرب قمرية والقمر إنما يطلع ليلًا. اهـ دماميني. وقال السيوطي في الهمع: لأن أول الشهر ليلة وآخره يوم، ولأن الليل أسبق من النهار خلقًا كما أخرجه ابن أبي حاتم. وأما تأخر ليلة عرفة عن يومها فلأمر شرعي؛ وهو الاعتداد بالوقوف في ذلك الوقت المخصوص.
قوله: "لأول ليلة منه" اللام بمعنى في أو عند. اهـ دماميني. وكذا في قوله: لنصفه أو لمنتصفه أو انتصافه. قوله: "أو مهله أو مستهله" بضم الميم وفتح الهاء اسما زمان على صيغة اسم المفعول

 

ج / 4 ص -111-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خلون إلى عشر، ثم لإحدى عشرة خلت إلى النصف من كذا أو منتصفه أو انتصافه، وهو أجود من لخمس عشرة خلت أو بقيت، ثم لأربع عشرة بقيت إلى تسع عشرة، ثم لعشر بقين أو ثمان بقين إلى ليلة بقيت، ثم لآخر ليلة منه أو سَراره أو سَرره، ثم لآخر يوم منه أو سلخه أو انسلاخه، وقد تخلف النون التاء وبالعكس، والله أعلم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من أهلَّ الهلال واستهل مبنيين للمفعول أي: أظهر فالمراد كتب لوقت إهلال هلال الشهر أو استهلاله، ومن كسر الهاء من المستهل جعل المستهل اسم فاعل من قولهم: استهل الهلال بمعنى تبين، فيكون قولهم: كتب لمستهل كذا بمثابة قولك: كتب لهلال كذا أي: لوقت هلاله. دماميني مع حذف وبعض زيادة.
قوله: "لليلة خلت" اللام فيه وفي أمثاله بمعنى بعد. قوله: "ثم لثلاث خلون إلى عشر" التعبير مع الثلاث إلى العشر بخلون ومع ما فوقها إلى النصف بخلت، إنما هو على سبيل الأولوية، كما يشير إليه الشارح بقوله: وقد تخلف... إلخ لما تقدم أول الكتاب من أن الأفصح في غير جمع الكثرة لما لا يعقل المطابقة وفي جمع الكثرة لما لا يعقل الإفراد، وكجمع القلة ما كان من أعداده، وكجمع الكثرة ما كان من أعداده، ولأن تميز ثلاثة إلى عشر لما كان جمعًا ناسبه ضمير الجماعة وتمييز ما فوق عشر لما كان مفردًا ناسب ضمير الإفراد، فاحفظه. وقول الشارح: إلى عشر متعلق بمحذوف أي: ويجري على مثل هذا إلى عشر وكذا يقال في نظائره.
قوله: "إلى النصف من كذا" أي: إلى النصف فيقول للنصف من كذا ولو صرح به لكان أوضح. قوله: "وهو أجود" أي: لكونه أخصر. قوله: "ثم لأربع عشرة بقيت" يظهر أن اللام فيه وفي أمثاله بمعنى عند أوفَى بتقدير مضاف أي: عند استقبال أو في استقبال أربع عشرة. قال الدماميني: وبعضهم يقول: لست عشرة ليلة مضت، فيؤرخ بما مضى لتحققه، ووجه الأول اعتبار العدد الأقل. قوله: "إلى تسع عشرة" الغاية داخلة ليقول ليلتها لإحدى عشرة ليلة بقيت.
قوله: "لعشر بقين" أي: بدون تعليق تغليبًا لتمام الشهر أو إن بقين أي: نظرًا لاحتمال نقصانه؛ لكن مثل هذا يجري في أربع عشرة إلى تسع عشرة، فتأمل.
قوله: "إلى ليلة بقيت" وهذا يقال في ليلة التاسع والعشرين وفي يوم تلك الليلة وهو اليوم التاسع والعشرون، والمعنى: لاستقبال ليلة بقيت. دماميني. قوله: "ثم لآخر ليلة منه" وهذه ليلة ثلاثين، فإن مضت وكتب في الثلاثين قيل: لآخر يوم منه، وإذا كتبت لآخر ليلة أو لآخر يوم علمنا أن الشهر كان تامًّا. دماميني.
قوله: "أو سراره أو سرره" بفتح السين والراء المهملتين فيهما وتكسر سين الأول، قال في القاموس: السرار كسحاب من الشهر آخر ليلة منه كسراره وسرره. اهـ. فقولك: لسراره أو سرره بمعنى قولك: لآخر ليلة منه، فلا يقال: إلا إذا كانت الكتابة في آخر ليلة، وفسرهما البعض تبعًا لشيخنا بانقطاع الشهر، ومقتضاه: أنه يؤرخ بهما إذا كانت الكتابة في آخر يوم منه؛ لأن بفراغه انقطاع الشهر، وانظر هل يؤرخ بهما على هذا إذا كانت الكتابة في آخر ليلة أيضًا فيكون في التاريخ بهما اشتباه كالتاريخ بسلخه أو انسلاخه كما يأتي أولًا حرره.
قوله: "أو سلخه أو انسلاخه" كل منهما يقال في ليلة الثلاثين ويومه لسلخهما ليالي الشهر وأيامه وانسلاخهما في ذاتها، وعلى هذا فيحصل في التاريخ بهما اشتباه وانتصابهما في قولك: كتب سلخ شهر كذا أو انسلاخه على الظرفية بتقدير