حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفية ابن مالك ج / 4 ص -112-
كم وكأين وكذا:
ميِّز في الاستفهام كم بمثل ما
ميَّزتَ عشرين ككم شخصًا سَمَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كم وكأين وكذا:
هذه ألفاظ يكنى بها عن العدد؛ ولهذا أردف بها باب
العدد. أما كم فاسم لعدد مبهم الجنس والمقدار، وهي على
قسمين: استفهامية بمعنى أي عدد، وخبرية بمعنى عدد كثير،
وكل منهما يفتقر إلى تمييز؛ أما الأول فمميزها كمميز عشرين
وأخواته في الإفراد والنصب، وقد أشار إلى ذلك بقوله:
"ميِّز في الاستفهام كم بمثل ما ميَّزت عشرين ككم شخصًا
سما". أما الإفراد مطلقًا خلافًا للكوفيين، فإنهم يجيزون
جمعه مطلقًا، وفصل بعضهم فقال: إن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مضاف، والأصل: وقت سلخ أو انسلاخ، فحذف الظرف المضاف،
وأقيم المصدر المضاف إليه مقامه، وأما في قولك: مهل كذا أو
مستهل كذا، فمثل مقدم الحاج فلا يحتاج إلى تقدير مضاف
لصلاحية اللفظ للزمن بلا تقدير، أفاده الدماميني. وفي
الهمع: يقال: كتبته في العشر الأول والأواخر لا الأوائل
والآخر. والله أعلم.
كم وكأين وكذا:
قوله: "مهم الجنس والمقدار" قال البعض أي: عند المتكلم
ويبين إبهام الأول بالتمييز وإبهام الثاني بالبدل التفصيلي
نحو: كم عبدًا ملكت عشرين أم ثلاثين؟ اهـ. وفيه نظر من
وجهين:
الأوَّل: أن دعوى إبهام الجنس عند المتكلم بالنسبة
للاستفهامية ممنوعة لتعينه عنده بدليل أنه الآتي بالتمييز،
ودعوى إبهام الجنس والمقدار عند المتكلم بالنسبة للخبرية
ممنوعة أيضًا، كما هو ظاهر، ولو جعل إبهام الجنس والمقدار
باعتبار السامع قبل الإتيان بما بعدكم لكان صحيحًا.
الثاني: أي: دعوى تعين المقدار بالبدل التفصيلي بالنسبة
للاستفهامية ممنوعة أيضًا، وإن تبع فيها الدماميني كما هو
واضح، وإنما يتعين فيها بالجواب فعليك باتباع الحق.
قوله: "بمعنى أيّ عدد" أي: فالسؤال بها كمية الشيء. قوله:
"وخبرية" من الخبر قسيم الإنشاء، سميت بذلك لأن ما هي فيه
خبر مسوق للإعلام بالكثرة محتمل للصدق والكذب، وفي المقام
زيادة كلام ستأتي. قوله: "في الإفراد والنصب" لأنه لم يسمع
إلا كذلك، فالعلة في ذلك السماع كما قاله الدماميني، أو
لأن كم الاستفهامية مقدَّرة بعدد مقرون باستفهام، فأشبهت
العدد المركب، فأفرد مميزها ونصب كمميزة كما قاله الحديثي،
أو لأن مميز العدد الوسط الذي هو من أحد عشر إلى المائة،
كذلك فحملت عليه؛ لأنه أعدل فلا تحكم، كما أفاده الشمني،
ولك نقضه بأن من العدد الوسط المائة، فتأمل.
قوله: "بمثل ما ميزت عشرين" آثر عشرين على أحد عشر لخفة
عشرين وثقل المركب. قوله: "ككم شخصًا سَمَا" كم في محل رفع
مبتدأ، وشخصًا تمييز، وسما جملة في محل رفع خبر. قوله:
"فلازم مطلقًا" أي: سواء أريد به الأصناف أولًا. قوله:
"خلافًا للكوفيين فإنهم يجيزون جمعه مطلقًا" نحو: كم
عبيدًا ملكت، وجعله البصريون حالًا والتمييز محذوف أي: كم
نفسًا ملكت حالة
ج / 4 ص -113-
وأجزان تَجُره من مُضمرا
إن وَلِيَتْ كَمْ حرف جر مُظهرا
واسْتَعْمِلَنْهَا مُخْبِرًا كعَشَرَه
أو مائة ككم رجال أو مَرَه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان السؤال عن الجماعات نحو: كم غلمانًا لك؟ إذا أردت
أصنافًا من الغلمان جاز، وإلا فلا، وهو مذهب الأخفش. وأما
النصب ففيه أيضًا ثلاثة مذاهب؛ أحدها: أنه لازم مطلقًا،
والثاني: ليس بلازم؛ بل يجوز جره مطلقًا حملًا على
الخبرية، وإليه ذهب الفراء والزجاج والسيرافي، وعليه حمل
أكثرهم:
كم عمَّةٍ لك يا جريرُ وخالة
والثالث: أنه لازم إن لم يدخل على كم حرف جر،
وراجح على الجر إن دخل عليها حرف جر، وهذا هو المشهور. ولو
يذكر سيبويه جره إلا إذا دخل عليها حرف جر، وإلى هذا
الإشارة بقوله: "وأجزان تجره من مضمرا إن وليت كم حرف جر
مظهرا" فيجوز في بكم درهم اشتريت النصب وهو الأرجح، والجر
أيضًا وفيه قولان؛ أحدهما: أنه يمن مضمرة كما ذكر، وهو
مذهب الخليل وسيبويه والفراء وجماعة. والثاني: أنه
بالإضافة وهو مذهب الزجاج. وأما الثانية وهي الخبرية
فمميزها يستعمل تارة كمميز عشرة فيكون جمعًا مجرورًا،
وتارة كمميز مائة فيكون مفردًا مجرورًا. وقد أشار إلى ذلك
بقوله:
"واستعملها مخبرًا كعشره أو مائة ككم رجال أو مره" ومن
الأول قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كونهم عبيدًا أي: مملوكين، وكذا إذا قلت: كم لك غلمانًا؟
فالتقدير: كم نفسًا استقروا لك حالة كونهم غلمانًا؟ أي:
خدامًا، فلو قلت: كم غلمانًا لك؟ لم يتمشَ هذا التخريج إلا
على رأي الأخفش في تجويز تقديم الحال على عاملها المعنوي،
كما قاله الدماميني. قوله: "وفصل بعضهم" هو تفصيل حسن.
قوله: "إذا أردت أصنافًا من الغلمان جاز" فالمعنى: كم
صنفًا من أصناف الغلمان استقروا لك؟ فالسؤال فيه عن عدد
أصناف الغلمان لا عن عدد آحادهم. قوله: "أنه لازم مطلقًا"
أي: سواء دخل على كم حرف جر أو لا.
قوله: "وعليه حمل أكثرهم: كم عمة" أي: بناء على أنها
استفهامية استفهام تهكم، كما سيذكره الشارح. قوله: "ولم
يذكر سيبويه جره... إلخ" أي: فمذهبه القول الثالث، ووجه
الجر حينئذ تطابق كم ومميزها في الجرّ. قوله: "مضمرًا"
ظاهره منع ظهور من عند دخول حرف الجر على كم، وهو المشهور؛
لأن حرف الجرِّ الداخل على كم عوض من اللفظ بمن المضمرة.
وقيل: يجوز نحو: بكم من درهم اشتريت؟
واعلم أن مَن تدخل على مميزكم الخبرية والاستفهامية، كما
قاله ابن الحاجب، فشاهد الخبرية نحو: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ}
واستشهد في المطول للاستفهامية بقوله تعالى:
{سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آَتَيْنَاهُمْ مِنْ
آَيَةٍ بَيِّنَةٍ}
[البقرة: 211] رادًّا به توقف الرضي في دخول مَن
على مميز الاستفهامية، وعزو البعض التوقف إلى ابن الحاجب
خطأ، ودخولها على مميزكم الخبرية كثير بخلاف الاستفهامية.
قوله: "فيكون جمعًا... إلخ" أما إفراده فلمشابهة كم للمائة
والألف في الدلالة على الكثرة ومميزهما مفرد. وأما جمعه
فليكون في اللفظ تصريح بما يدلُّ على الكثرة. قوله: "وقد
أشار إلى ذلك" أي: المذكور أن الاستعمالين. قوله: "ككم
رجال أو مره" كم
ج / 4 ص -114-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1197-
كم ملوكٍ باد ملكُهم
ومن الثاني قوله:
1198-
وكم ليلةٍ قد بتها غير آثم
وقوله:
1199-
كم عمةٍ لك يا جرير وخالة
فَدْعَاءَ قد حلبتْ عليَّ عِشَارَى
ويروى هذا البيت بالنصب والرفع أيضًا؛ أما النصب فقيل: إن
لغة تميم نصب تمييز الخبرية إذا كان مفردًا، وقيل: على
تقديرها استفهامية استفهام تهكم أي: أخبرني بعدد عماتك
وخالاتك اللاتي كن يخدمنني فقد نسيته، وعليهما فكم مبتدأ
خبره قد حلبت، وأفرد الضمير حملًا على لفظ كم. وأما الرفع
فعلى أنه مبتدأ وإن كان نكرة؛ لأنها قد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مبتدأ والخبر محذوف أي: عندي مثلًا أو مفعول لمحذوف أي:
ملكت مثلًا، ورجال مضاف إليه على الصحيح كما ستعرفه، وأصل
"مره" مرأة نقلت حركة الهمزة للراء ثم حذفت الهمزة. قوله:
"باد ملكهم" أي: هلك. قوله: "غير آثم" أي: غير سكران.
قوله: "فقيل: إن لغة تميم... إلخ" أي: والبيت للفرزدق وهو
تميمي. قوله: "نصب تمييز الخبرية" أي: جوازًا كما يصرح به
قول التوضيح، فقيل: إن تميمًا تجيز نصب تمييز الخبرية.
قوله: "إذا كان مفردًا" كذا قال الشلوبين، والصحيح أنه
يجوز فيه الإفراد والجمع على هذه اللغة، كما في شرح
الكافية، ونص على ذلك السيرافي. مرادي. قوله: "وعليهما"
أي: الجر والنصب أو على قولي النصب والأول أولى. قوله:
"وأفرد الضمير" أي: مع أن مقتضى الظاهر تثنيته. قوله:
"حملًا على لفظ كم" قد يقال: تاء التأنيث تنافي هذا الحمل،
والجواب: أن اعتبار لفظ كم من حيث
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1197- عجزه:
ونعيمٍ سوقةٍ بادوا
والبيت من مجزوء المديد، وهو بلا نسبة في الدرر 4/ 47، وشرح
شواهد المغني 1/ 511، ومغني اللبيب 1/ 185، والمقاصد
النحوية 4/ 495، وهمع الهوامع 1/ 254.
1198- عجزه:
بساجية الحجلين ريَّانة القلب
والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة في المقاصد النحوية 4/ 496.
1199- البيت من الكامل، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 361،
والأشباه والنظائر 8/ 123، وأوضح المسالك 4/ 271، وخزانة
الأدب 6/ 458، 489، 492، 493، 495، 498، والدرر 4/ 45،
وشرح التصريح 2/ 280، وشرح شواهد المغني 1/ 511، وشرح عمدة
الحافظ ص536، وشرح المفصل 4/ 133، والكتاب 2/ 72، 162،
166، ولسان العرب 4/ 573 "عشر"، واللمع 228، ومغني اللبيب
1/ 185، والمقاصد النحوية 4/ 489، وبلا نسبة في سر صناعة
الإعراب 1/ 331، وشرح ابن عقيل ص116، ولسان العرب 12/ 528
"كمم"، والمقتضب 3/ 58، والمقرب 1/ 312، وهمع الهوامع 1/
254.
ج / 4 ص -115-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وصفت بلك، وبفدعاء محذوفة مدلول عليها بالمذكورة، كما حذفت
لك من صفة خالة مدلولًا عليها بلك الأولى، والخبر قد حلبت،
ولا بد من تقدير: قد حلبت أخرى؛ لأن المخبر عنه حينئذ
متعدد لفظًا ومعنى نظير زينب وهند قامت. وكم على هذا الوجه
ظرف أو مصدر والتمييز محذوف أي: كم وقت أو حلبة.
تنبيهات: الأول: إفراد تمييز الخبرية أكثر وأفصح من جمعه،
وليس الجمع بشاذ كما زعم بعضهم. الثاني: الجر هنا بإضافة
كم على الصحيح؛ إذ لا مانع منها، وقال الفراء: إنه بمن
مقدرة، ونقل عن الكوفيين. الثالث: شرط جر تمييز كم الخبرية
الاتصال، فإن فصل نصب حملًا على الاستفهامية، فإن ذلك جائز
فيها في السعة. وقد جاء مجرورًا مع الفصل بظرف أو مجرور
كقوله:
1200-
كم دون مية موتاةٌ يُهال لها
إذا تيمَّمها الْخِرِّيتُ ذو الجَلَدِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإفراد لا ينافي اعتبار المعنى من حيث التأنيث، ووجه في
التوضيح الإفراد بأن التاء للجماعة؛ لأن عمة وخالة في معنى
عمات وخالات. قوله: "كما حذفت لك... إلخ" وعليه يكون في
البيت اجتباك، وحمل الشارح البيت على ذلك أمر مستحسن
ليتجانس الموصوفان لا واجب ولم يذكره في الجر والنصب مع
استحسانه فيهما أيضًا؛ لعدم ذكر حديث الوصفية فيهما
للاستغناء فيهما عن الوصفية. وقوله: من صفة خالة أي: من
صفات خالة، والمراد بالجمع ما فوق الواحد، فافهم.
قوله: "والخبر قد حلبت" أي: خبر المبتدأ الذي هو عمة.
وقوله: ولا بد من تقدير قد حلبت أخرى أي: ليكون خبرًا عن
خالة، هذا مقتضى صنيعه، ويحتمل أن قد حلبت المذكورة خبر
خالة، وقد حلبت المحذوفة خبر عمة. قوله: "إفراد تمييز...
إلخ" أشار به إلى دفع ما يوهمه تقديم المصنف الجمع من
رجحانه على الإفراد وإلى أن المصنف إنما قدمه اهتمامًا به
ردًّا على من زعم شذوذه.
قوله: "الجر هنا... إلخ" وأما في تمييز الاستفهامية
فالصحيح أن الجر بمن مقدرة. قوله: "بإضافة كم" أي: حملًا
لها على ما هي مشابهة له من العدد. شمني. قوله: "إذ لا
مانع منها" يُوهم أن في الاستفهامية مانعًا من الإضافة
فانظره. قوله: "أنه بمن مقدرة" لأنه لما كثر دخول من على
مميز الخبرية جاز تركه لقوة الدلالة عليه. شمني. قوله:
"الاتصال" أي: اتصال مميزكم بها. قوله: "فإن فصل" أي:
بجملة أو ظرف أو جار ومجرور. وقوله: نصب أي: وجوبًا إن كان
الفصل بجملة أو ظرف وجار ومجرور معًا، وبرجحان إن كان بظرف
فقط أو جار ومجرور فقط كما سيأتي فعُلم ما في كلام شيخنا
والبعض.
قوله: "حملًا على الاستفهامية" أي: في النصب، وعلل الحمل
بقوله: فإن ذلك أي: الفصل جائز فيها أي: في الاستفهامية،
وإن كان الأولى عدم فصلها. قوله: "كم دون مية... إلخ"
موتاة أي: مفازة تمييز. قال شيخنا: رأيت بخط الشارح ضبط
الميم الأولى بالفتحة. اهـ. وكذا في القاموس، ويهال
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1200- البيت من البسيط، وهو لذي الرمة في المقاصد النحوية
4/ 496، وبلا نسبة في عمدة الحافظ ص534.
ج / 4 ص -116-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله:
1201-
كم بِجَوْدٍ مُقْرِف نَالَ العُلا
وكريم بُخْله قد وَضَعَه
وقوله:
1202-
كم من بَنِي بكر بن سعد سيد
ضخم الدَّسِيعَة ماجدٍ نفَّاعِ
والصحيح اختصاصه بالشعر. ومثله فصل تمييز العدد المركب
وشبهه، وقد مر. وذهب الكوفيون إلى جوازه في الاختيار.
وقيل: إن كان الفصل بناقص نحو: كم اليوم جائع أتاني، وكم
بك مأخوذ جاءني جاز. وإن كان بتام لا يجوز، وهو مذهب يونس.
فإن كان الفصل بجملة كقوله:
1203-
كم نالني منهم فضلًا على عدم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فعل مجهول أي: يفزع منها وتيممها قصدها، والخريت بكسر
الخاء المعجمة وتشديد الراء آخره فوقية الماهر الحاذق.
قوله: "كم بجود... إلخ" مقرف تمييز. قال زكريا: المقرف
الذي أبوه عجمي وأمه عربية والكريم الذي أبوه وأمه عربيان
والوضيع الخسيس. اهـ. وقال العيني: أراد بالمقرف الذي ليس
له أصالة من جهة الأب. قوله: "سيد" تمييز كم ضخم الدسيعة
بدال وسين وعين مهملات أي: عظيم العطية.
قوله: "والصحيح اختصاصه" أي: الفصل كما يدل عليه قوله:
ومثله... إلخ وكما تصرح به عبارته في شرحه على التوضيح
وعبارة ابن الناظم.
قوله: "وقيل: إن كان الفصل بناقص جاز" كأن مراده بالناقص
الغير المستقر كالأمثلة، فإن الظرف فيها متعلق بمذكور،
ويؤيده أن الرضي عبر بعدم الاستقرار. سم. قوله: "فضلًا"
منصوب على التمييز ويجوز جره على لغة من جر التمييز مع
الفصل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1201- البيت من الرمل، وهو لأنس بن زنيم في ديوانه ص113،
وخزانة الأدب 6/ 471، والدرر 4/ 49، وشرح شواهد الشافية
ص53، والمقاصد النحوية 4/ 493، ولعبد الله بن كريز في
الحماسة البصرية 2/ 10، وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 303،
والدرر 6/ 204، وشرح أبيات سيبويه 2/ 30، وشرح عمدة الحافظ
ص534، وشرح المفصل 4/ 132، والكتاب 2/ 167، والمقتضب 3/
61، والمقرب 1/ 313، وهمع الهوامع 1/ 255، 2/ 156.
1202- البيت من الكامل، وهو للفرزدق في خزانة الأدب 6/
476، وشرح المفصل 4/ 132، والكتاب 2/ 168، والمقاصد
النحوية 4/ 492، وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 304، وخزانة
الأدب 6/ 496، وشرح المفصل 4/ 130، واللمع ص229، والمقتضب
3/ 62.
1203- عجزه:
إذ لا أكادُ من الأقتارِ أَحْتَمِلُ
والبيت من البسيط، وهو للقطامي في ديوانه ص30، وخزانة الأدب
6/ 477، و478، 483، والدرر 4/ 49، وشرح المفصل 4/ 131،
والكتاب 2/ 165، واللمع ص227، والمقاصد النحوية 3/ 298، 4/
494، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 283، والإنصاف 1/
305، وخزانة الأدب 6/ 469، وشرح عمدة الحافظ ص 535،
والمقتضب 3/ 60، وهمع الهوامع 1/ 255.
ج / 4 ص -117-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أو بظرف وجار ومجرور معًا كقوله:
1204-
تؤم سنانًا وكم دُونَه
من الأرض مُحْدَوْدِبًا
غارُها
تعين النصب، قاله المصنف. وهو مذهب سيبويه. الرابع:
الاستفهامية والخبرية يتفقان في سبعة أمور ويفترقان في
ثمانية أمور؛ فيتفقان في أنهما اسمان، ودليله واضح، وأنهما
مبنيان، وأن بناءهما على السكون، وقد سبق ذلك في أول
الكتاب. وأنهما يفترقان إلى مميز لإبهامهما، وأنهما يجوز
حذف مميزهما إذا دل عليه دليل خلافًا لمن منع حذف تمييز
الخبرية، وأنهما يلزمان الصدر فلا يعمل فيهما ما قبلهما
إلا المضاف وحرف الجر،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ورفعه على الفاعلية لنالني، كذا في العيني، والتمييز على
الرفع محذوف لدلالة السياق أي: كم يومًا أو كم ليلة، فكم
منصوبة على الظرفية أو المصدرية حينئذ. قوله: "تؤم" أي:
تقصد، ومحدودبًا بكسر الدال الثانية كما قاله شيخنا، السيد
تمييز من الحدَب؛ وهو ما ارتفع من الأرض، وغارها مرفوع به
أي: على أنه فاعل، وأصله غائرها؛ وهو المكان الغائر من
الأرض، فحذفت عين الكلمة كما حذفت في رجل شاك أصله شائك،
كذا في العيني وزكريا. قوله: "تعين النصب" لأن الفصل
بالجملة بين المتضايفين لا يجوز ألبتة، وجوزه الكوفيون
بناء على أن الجر بمن لا بالإضافة. اهـ سيوطي. وظاهر كلام
المبرد جواز جر المفصول بجملة في الشعر، وقد مر عن العيني
أنه يجوز:
كم نالني منهم فضل على عدم
بجر فضل. قال زكريا: ومحل تعين النصب فيما لا يحتمل طلب
الفعل للمميز مفعولًا، وإلا فيجر بمن ففي المطول في بحث
حذف المفعول، وإذا فصل بين كم الخبرية ومميزها بفعل متعد
وجب الإتيان بمن؛ لئلا يلتبس بمفعول ذلك الفعل؛ نحو قوله
تعالى:
{كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} [الدخان: 25]
{وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ
قَرْيَةٍ} [القصص: 58] ومحل كم هاهنا
النصب على المفعولية. اهـ. قوله: "وهو مذهب سيبويه" مقابله
مذهب الكوفيين ومذهب المبرد اللذين قدمناهما.
قوله: "يتفقان في سبعة أمور" بقي أنهما يتفقان في البساطة
وفي أن تمييزهما لا يكون منفيًّا لا يقال: كم لا رجلًا
جاءك، وكم لا رجل صحبت، نص عليه سيبويه، وأجازه بعض
النحويين. نعم، يجوز العطف عليه بالنفي مع الاستفهامية.
يس. وسيأتي قول بتركيب كم. قوله: "ودليله واضح" هو جرهما
بالحرف والإضافة نحو: بكم درهم اشتريت؟ وغلام كم رجل ملكت؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1204- البيت من المتقارب، وهو لزهير بن أبي سُلمى في شرح
المفصل 4/ 131، والكتاب 2/ 165، وليس في ديوانه، وللأعشى
في المحتسب 1/ 138، وليس في ديوانه، ولزهير أو لكعب بن
زهير في المقاصد النحوية 4/ 491، وليس في ديوان كعب،
ولزهير أو لكعب أو للأعشى في شرح شواهد الإيضاح ص197، وبلا
نسبة في الإنصاف 1/ 306، وشرح عمدة الحافظ ص535، وشرح
المفصل 4/ 129، ولسان العرب 5/ 35 "غور".
ج / 4 ص -118-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأنهما على حد واحد في وجوه الإعراب، فكم بقسميها إن تقدم
عليها حرف جر أو مضاف فهي مجرورة، وإلا فإن كانت كناية عن
مصدر أو ظرف فهي منصوبة على المصدر أو على الظرف، وإلا فإن
لم يلها فعل أو وليها وهو لازم أو رافع ضميرها أو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "يجوز حذف مميزهما... إلخ" نحو: كم صمت؟ قوله:
"وأنهما يلزمان الصدر" أما في الاستفهامية فواضح، وأما في
الخبرية فبالحمل على رب. اهـ زكريا. ووجه الحمل أنها
لإنشاء التكثير كما أن رب لإنشاء التكثير أو التقليل، ولا
تنافي بين كونها خبرية وكونها لإنشاء التكثير لاختلاف
الجهة؛ لأن خبريتها باعتبار الكثرة التي توجد في الخارج
بدون قول، وإنشائيتها من جهة التكثير القائم بذهن المتكلم
من غير وجود له في الخارج، فإذا قلت: كم رجل عندي، فله
جهتان؛ إحداهما: التكثير القائم بذهنك الذي لا وجود له
خارجًا، ومن هذه الجهة تكون إنشائية. والأخرى: كثرة الرجال
المخبر عنهم بأنهم عندك التي توجد خارجًا بدون القول، ومن
هذه الجهة تكون خبرية لاحتمال الصدق والكذب باعتبار
المطابقة للواقع وعدمها، كذا في الدماميني عن ابن الحاجب
بإيضاح، ثم نقل عن الرضي رده بما حاصل أن ما وجه به
الإنشاء يطرد في جميع الأخبار، فيلزم إن تكون إنشاءات من
هذا الوجه، ولا قائل به، وذلك أن نحو: زيد قائم، خبر بلا
شك، ولا يحتمل الصدق والكذب من حيث نفس الإخبار الذي هو
فعل المخبر؛ لأنه أوجده بهذا اللفظ قطعًا؛ بل من حيث
المخبر به، وهو ثبوت القيام لزيد.
قوله: "فلا يعمل فيهما ما قبلهما إلا المضاف وحرف الجر"
قال المرادي: وحكى الأخفش أن بعض العرب يقدم العامل على كم
الخبرية، فقيل: لا يقاس عليه، والصحيح جواز القياس عليه؛
لأنها لغة. اهـ. وعليها بنَى الفراء إعرابه كم فاعلًا في
قوله تعالى:
{أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ
أَهْلَكْنَا}
[يس: 31] والوجه أن الفاعل
مصدر أي: الهدى، كذا في الفارضي أي: ضمير يرجع إلى المصدر
أي: أو إلى الله أي: لأن تخريج الآية على هذه اللغة مع
أنها رديئة كما في المغني غير متجه. وأما قوله تعالى:
{أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ
مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ}
فكم مفعول لأهلكنا، والجملة معمولة ليروا على أنه علق عن العمل في
لفظها، وأن وصلتها مفعول لأجله ليروا، وقيل غير ذلك. وأما
الاستفهامية فقال الفارضي: أعمل بعض العرب في الاستفهام ما
قبله شذوذًا كقولهم: ضرب من منا وقولهم كان ماذا. اهـ. ولم
ينقل سماع ذلك شذوذًا في خصوص كم، فقول شيخنا بعد نقل كلام
الفارضي تلخص أن تقدم العامل على كم الاستفهامية شاذ، وعلى
كم الخبرية لغة غير مسلم في جانب الاستفهامية، إلا بإثبات
السماع في خصوصها، فتدبر.
قوله: "فكم بقسميها إن تقدم عليها... إلخ" حاصل ما ذكره
إحدى عشرة صورة ثنتان للجر وثلاثة للنصب وخمس للرفع وواحدة
محتملة للرفع والنصب. قوله: "إن تقدَّم عليها حرف جر" نحو:
بكم درهم اشتريت، أو مضاف نحو: غلام كم رجل عندك. قوله:
"عن مصدر" نحو: كم ضربة ضربت، أو ظرف نحو: كم يومًا صمت.
قوله: "فإن لم يلها فعل" نحو: كم رجل في الدار، أو وليها
وهو لازم نحو: كم رجل قام. قوله: "أو رافع ضميرها" أي: أو
معتد رافع ضميرها نحو:
ج / 4 ص -119-
كَكَمْ كَأَيِّنْ وكَذَا ويَنْتَصِبْ
تمييزُ ذَيْنِ أو به
صِلْ مِنْ تُصِبْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سببيها فهي مبتدأ، وإن وليها فعل متعد ولم يأخذ مفعوله فهي
مفعولة، وإن أخذه فهي مبتدأ، إلا أن يكون ضميرًا يعود
عليها ففيها الابتداء والنصب على الاشتغال. ويفترقان في أن
تمييز الاستفهامية أصله النصب وتمييز الخبرية أصله الجر،
وفي أن تمييز الاستفهامية مفرد وتمييز الخبرية يكون مفردًا
وجمعًا، وفي أن الفصل بين الاستفهامية وبين مميزها جائز في
السعة، ولا يفصل بين الخبرية ومميزها إلا في الضرورة على
ما مر، وفي أن الاستفهامية لا تدل على تكثير والخبرية
للتكثير خلافًا لابن طاهر وتلميذه ابن خروف، وفي أن
الخبرية تختص بالماضي كرب؛ فلا يجوز: كم غلمان لي سأملكهم،
كما لا يجوز: رب غلمان سأملكهم، ويجوز: كم عبد سأشتريه،
وفي أن الكلام مع الخبرية محتمل للتصديق والتكذيب بخلافه
مع الاستفهامية، وفي أن الكلام مع الخبرية لا يستدعي
جوابًا بخلافه مع الاستفهامية، وفي أن الاسم المبدل من
الخبرية لا يقترن بالهمزة بخلاف المبدل من الاستفهامية،
فيقال في الخبرية: كم عبيد لي خمسون بل ستون، وفي
الاستفهامية: كم مالك أعشرون أم ثلاثون؟ اهـ.
"ككم" يعني هذه أي: الخبرية في الدلالة على تكثير عدد مبهم
الجنس والمقدار "كأين وكذا وينتصب تمييز ذين أو به صل من
نصب" بخلاف تمييز كم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كم رجل ضرب عمرًا، أو سببها نحو: كم رجل ضرب أخوه عمرًا.
قوله: "وإن وليها فعل متعد ولم يأخذ مفعوله" نحو: كم رجل
ضربت، والمراد بالمفعول ما يشمل المفعول الواحد والأكثر
ليدخل نحو: كم تعطي زيدًا. قوله: "فهي مفعولة" أي: مفعول
به. قوله: "وإن أخذه" نحو: كم رجل ضرب زيد عمرًا عنده.
قوله: "إلا أن يكون" أي: المفعول ضميرًا يعود عليها نحو:
كم رجل ضربته. قوله: "الابتداء والنصب على الاشتغال"
والابتداء أرجح. دماميني. قوله: "جائز في السعة" نحو: كم
عندك عبدًا.
قوله: "ولا يفصل بين الخبرية... إلخ" أي: إذا كان مميزها
مجرورًا بالإضافة فلا يرد نحو:
{كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ}.
قوله: "بخلافه مع الاستفهامية" والأجود في جوابها أن يكون
على حسب موضعها من الإعراب ولو رفعا مطلقا لجاز. اهـ
مرادي. قوله: "لا يقترن بالهمزة" عدم تضمن المبدل منه معنى
الهمزة بخلافه في الاستفهامية. قوله: "أي: الخبرية" قيد به
مع ذكره بعد أن كأين تأتي للاستفهام نادرًا؛ لأن من المشبه
كذا، وهي لا تأتي للاستفهام أصلًا، وليوافق التقييد به في
التسهيل والكافية. قوله: "في الدلالة على تكثير... إلخ"
مسلم في كأين دون كذا؛ لأنها ليست للتكثير؛ بل لعدد مبهم
قليل أو كثير، فلك أن تكني بها عن واحد وعن اثنين وعن
ثلاثة، قاله الدماميني.
وقوله: "وينتصب تمييز ذين" وكان حقهما أن يضافا إليه كما
تضاف كم؛ لكن منع من ذلك أن في آخر كأين تنوينًا يستحق
الثبوت لأجل الحكاية، وفي آخر كذا اسم اشارة/ وهما مانعان
من الإضافة. اهـ دماميني. وقوله: "لأجل الحكاية" أي: حكاية
الكلمتين كما كانتا عليه قبل التركيب. قوله: "أو به" يعني
بتمييز كأين فقط أو التقدير بتمييز ذي بالنظر للمجموع لما
يأتي. سم. قوله:
ج / 4 ص -120-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخبرية فتقول: كأين رجلًا رأيت، ومنه قوله:
1205-
وكائن لنا فَضْلَا عليكم ومِنَّةً
قديمًا ولا تَدْرُونَ ما مَنَّ مُنْعِمُ
وقوله:
1206-
اطردِ اليأسَ بالرجاء فكائن
آلمًا حُمَّ يُسْرُهُ بعد عُسْرِ
وتقول: كأين من رجل لقيت، ومنه: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} [آل عمران: 146]،
{وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
يَمُرُّونَ عَلَيْهَا} [يوسف: 105]، وتقول: رأيت كذا رجلًا.
تنبيهات: الأول: توافق كل واحدة من كأين وكذا كم في أمور
وتخالفها في أمور: أما كأين فإنها توافق كم في خمسة أمور
وتخالفها في خمسة؛ فتوافقها في الإبهام، والافتقار إلى
التمييز، والبناء، ولزوم التصدير، وإفادة التكثير تارة وهو
الغالب والاستفهام أخرى وهو نادر، ولم يثبته إلا ابن قتيبة
وابن عصفور والمصنف، واستدل له بقول أبيِّ بن كعب لابن
مسعود: كأين تقرأ سورة الأحزاب آية؟ فقال: ثلاثًا وسبعين.
وتخالفها في أنها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"بخلاف تمييز كم الخبرية" فإنه مجرور عند غير تميم، وعند
تميم يجوز نصبه -كما سبق- هذا إن اتصل، فإن
فصل ففيه ما مر. قوله: "فتقول كأين" مفعول رأيت. قوله:
"وكائن" مبتدأ خبره الظرف، وهذا البيت والذي بعده واردان
على لغة مَن قال: كائن بألف بعد الكاف فهمزة مكسورة. قال
في جمع الجوامع وشرحه: ولا يخبر عنها -أي: كأين- إذا وقعت
مبتدأ إلا بجملة فعلية مصدرة بماضٍ أو مضارع نحو:
{وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ...}
إلخ،
{وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ}. اهـ. ويرد عليه: وكائن لنا فضلا؛ فإن الخبر فيه جار ومجرور، وقوله
تعالى:
{وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا
تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ} [العنكبوت: 60] إن جعل الخبر الجملة الاسمية -أعني: الله يرزقها-
فإن جعل لا تحمل رزقها لم ترد الآية فتأمل. قوله: "آلمًا"
بوزن فاعل من ألم، وحُم قدر. شمني. قوله: "رأيت كذا رجلًا"
فكذا مفعول ورجلًا تمييز.
قوله: "أما كأين فإنها توافق كم" أي: من حيث هي لا بقيد
الاستفهامية ولا بقيد الخبرية؛ ليصح قوله: وإفادة التكثير
تارة وهو الغالب والاستفهام أخرى وهو نادر، والغلبة
والندور بالنسبة إلى كأين لا بالنسبة إلى كم؛ لورودها لهما
كثيرًا، فالموافقة في أصل إفادة التكثير تارة والاستفهام
أخرى بقطع النظر عن الغلبة والندور، فتفطن. قوله: "كأين
تقرأ سورة الأحزاب" هل كأين في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1205- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الدرر 4/ 51، وشرح
شواهد المغني 2/ 513، ومغني اللبيب 1/ 187، وهمع الهوامع
1/ 255.
1206- البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في الدرر 4/ 51، وشرح
التصريح 2/ 281، وشرح شواهد المغني 2/ 513، والمقاصد
النحوية 4/ 495، وهمع الهوامع 1/ 255.
ج / 4 ص -121-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مركبة وكم بسيطة على الصحيح، وتركيبها من كاف التشبيه وأي
المنونة؛ ولهذا جاز الوقف عليها بالنون؛ لأن التنوين لما
دخل في التركيب أشبه النون الأصلية؛ ولهذا رُسم في المصحف
نونًا، ومَن وقف بحذفه اعتبر حكمه في الأصل وهو الحذف في
الوقف، وفي أن مميزها مجرور بمن غالبًا حتى زعم ابن عصفور
لزوم ذلك، ويرده ما سبق، وفي أنها لا تقع استفهامية عند
الجمهور وقد مضى، وفي أنها لا تقع مجرورة خلافًا لابن
قتيبة، وابن عصفور أجاز: بكائن تبيع هذا الثوب، وفي أن
مميزها لا يقع إلا مفردًا.
وأما كذا فتوافق كم في أربعة أمور وتخالفها في أربعة؛
فتوافقها في البناء، والإبهام، والافتقار إلى المميز،
وإفادة التكثير. وتخالفها في أنها مركبة -وتركيبها من كاف
التشبيه وذا الإشارية- وأنها لا تلزم التصدير فتقول: قبضت
كذا وكذا درهمًا، وأنها لا تستعمل غالبًا إلا معطوفًا
عليها كقوله:
1207-
عِدِ النفسَ نُعْمَى بَعْدَ بُؤسَاكَ ذَا ذاكرًا
كذا وكذا لُطْفًا به نُسِيَ الْجُهْدُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
موضع الحال من سورة، وهل يمكن أنه مفعول ثانٍ لتقرأ بمعنى
تعد. اهـ سم. واستظهر البعض الاحتمال الأول وفيه أن الحال
لا تكون إنشاء فالظاهر الثاني، وعليه اقتصر شيخنا السيد.
وقوله: "آية" قال سم: إن كان هو التمييز أفاد جواز الفصل
بين الاستفهامية ومميزها بجملة. اهـ. وعبارة الدماميني على
التسهيل كقول أُبيِّ بن كعب لعبد الله: كأين تقرأ سورة
الأحزاب أو كأين تعد سورة الأحزاب؟ فقال عبد الله: ثلاثًا
وسبعين، فقال أُبي: ما كانت كذا قط. اهـ. قوله: "مركبة"
وقيل: بسيطة، واختاره أبو حيان قال: ويدل على ذلك تلاعب
العرب بها في اللغات الآتية. همع. قوله: "وكم بسيطة على
الصحيح" وقيل: مركبة من كاف التشبيه وما الاستفهامية،
وحذفت ألف ما لدخول الكاف عليها وسكنت الميم تخفيفًا،
ويرده أن الألف لم يبقَ عليها دليل بخلاف بِمَ وهم، وأنه
على تسليمه إنما يناسب كم الاستفهامية دون الخبرية وإن كان
قد يعتذر عن الأخير بما يأتي قريبًا.
قوله: "من كاف التشبيه" وقيل: الكاف فيها زائدة لازمة لا
تشبيهية. همع. قوله: "وأي المنونة" أي: الاستفهامية كما
قاله الفارضي أي: والمستعملة خبرية حدث لها بالتركيب معنى
آخر وإن كان أصلها استفهامًا فلا إشكال. قوله: "لأن
التنوين... إلخ" ليس علة لقوله: جاز لتعليله أولًا بقوله:
ولهذا العامل الواحد لا يعلل بعلتين إلا باتباع؛ بل هو علة
لمحذوف أي: وإنما اقتضى تركيبها من كاف التشبيه وأي
المنونة جواز الوقف عليها بالنون لأن... إلخ، وهذا بمعنى
قول من قال: علة لعلية تركيبها مما ذكر لجواز الوقف عليها
بالنون.
قوله:"ولهذا" أي: لشبهه بالنون الأصلية. قوله: "ويرده ما
سبق" أي: من البيتين. قوله: "وإفادة التكثير" ممنوع كما
مر. وفي جمع الجوامع وشرحه الهمع: وتتصرف أي: كذا بوجوه
الإعراب، فتكون في محل رفع ونصب وجر بالإضافة والحرف، ولا
تتبع بتابع لا نعت ولا غيره.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1207- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر
7/ 281، والدرر 4/ 54، وشرح شواهد المغني 2/ 514، ومغني
اللبيب 1/ 188، والمقاصد النحوية 4/ 497، وهمع الهوامع 1/
256.
ج / 4 ص -122-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وزعم ابن خروف أنهم لم يقولوا: كذا درهمًا ولا كذا كذا
درهما -بدون عطف. وذكر الناظم أن ذلك مسموع ولكنه قليل،
وعبارة التسهيل: وقل ورود كذا مفردًا ومكررًا بلا واو،
وأنها يجب نصب تمييزها، فلا يجوز جره بمن اتفاقًا ولا
بالإضافة خلافًا للكوفيين، فأنهم أجازوا في غير تكرار ولا
عطف أن يقال: كذا ثوب وكذا أثواب، قياسًا على العدد
الصريح؛ ولهذا قال فقهاؤهم: إنه يلزمه بقوله: عندي كذا
درهم مائة، وبقوله: كذا دراهم ثلاثة، وبقوله: كذا كذا
درهمًا أحد عشر، وبقوله: كذا درهمًا عشرون، وبقوله: كذا
وكذا درهمًا أحد وعشرون، حملًا على المحقق من نظائرهن من
العدد الصريح. ووافقهم على هذه التفاصيل -غير مسألتي
الإضافة- المبرد والأخفش وابن كيسان والسيرافي وابن عصفور،
ووهم ابن السيد فنقل اتفاق النحويين على إجازة ما أجازه
المبرد ومن ذكر معه، وعبارة التسهيل: وكنى بعضهم بالمفرد
المميز بجمع عن ثلاثة وبابه، وبالمفرد المميز بمفرد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "من كاف التشبيه وذا الإشارية" وقيل: الكاف زائدة
لازمة، وقيل: اسم كمثل فعلى هذا لها محل من الإعراب وعلى
غيره لا محل لها، كذا في الهمع. قوله: "عد النفس نُعمى"
بضم النون والقصر النعمة، وكذا النعماء بالفتح والمد،
والبؤسى بضم الموحدة وسكون الهمزة والقصر خلاف النعمى.
وقوله: "نسي الجهد" بفتح الجيم وضمها أي: المشقة. قوله:
"لم يقولوا كذا درهمًا" أي: بلا تكرار "ولا كذا كذا
درهمًا" أي: بالتكرار من غير عطف.
قوله: "فإنهم أجازوا في غير تكرار ولا عطف... إلخ" رد بأن
عجزها اسم إشارة لا يقبل الإضافة، وقد يقال لما ركب مع
الكاف لم يبقَ على ما كان عليه قبل ذلك لتضمنه بعد التركيب
معنى لم يكن موجودًا له قبل التركيب. وقال الحوفي: إن
المجرور بدل من اسم الإشارة، وهو بعيد؛ لأن كذا صارت كلمة
واحدة، ولا يبدل من جزء الكلمة ولا تضاف كأين يوجه كما
تقدم تعليله وقضية كلامه كالمغني عدم إجازتهم الإضافة مع
التكرار أو العطف. وقال ابن معطي في شرح الجزولية: فلو جر
درهم مع تكرير كذا بدون حذف لزمه ثلاثمائة درهم؛ لأنها أقل
عددين أضيف ثانيهما إلى المفرد، ولو جر مع التكرير والعطف
لزمه ألف ومائة درهم لأجل العطف وجر التمييز وإفراده،
فيحتمل أن هذا من ابن معطي مجرد حكم بمقتضى القياس إذا لفظ
بهذا اللفظ من غير إجازة منه للإضافة، ويحتمل أن مذهبه
جواز الإضافة ولو مع التكرار والعطف، وقد يقال: إن التمييز
المجرور عند العطف للثاني فقط والأول كناية عن عدد ما
فيحمل على الواحد؛ لأنه المحقق فيلزمه مائة وواحد. أما لو
قال: كذا درهم بالرفع، فيلزمه واحد، وكأنه قال: عدد مبهم
هو درهم.
قوله: "ولهذا" أي: للقياس على العدد الصريح. قوله:
"فقهاؤهم" وأما مذهبنا -معاشر الشافعية- ففي المنهج وشرحه
أنه لو قال كذا درهم بالرفع، أو عطف بيان، أو النصب
تمييزًا، أو الجر لحنًا، أو السكون وقفًا، أو كذا كذا درهم
بالأحوال الأربعة، أو كذا وكذا درهم بغير النصب لزمه درهم
واحد، أو كذا وكذا درهمًا بالعطف والنصب لزمه درهمان. اهـ.
قوله: "حملًا على المحقق" هو أول كل مرتبة من مراتب العدد
الصريح. قوله: "وعبارة التسهيل... إلخ" لم يذكر فيها كذا
درهمًا
ج / 4 ص -123-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن مائة وبابه، وبالمكرر دون عطف عن أحد عشر وبابه،
وبالمكرر مع عطف عن أحد وعشرين وبابه. الثاني: قد بان لك
أن قوله: أو به صل من نصب، راجع إلى تمييز كأين دون كذا،
فلو قال:
ككم كأين وكذا ونصبًا
وقيل كائن بعده من وجبا
لكان أحسن من أوجه؛ أحدها: التنصيص على الخلف السابق.
ثانيها: التنبيه على اختصاص كأين بمن دون كذا. ثالثها:
إفهام أن وجود من بعد كأين أكثر من عدمها لجريان خلف في
وجوبها. رابعها: إفادة أن كائن لغة في كأين، وفيها خمس
لغات: أفصحها كأين، وبها قرأ السبعة إلا ابن كثير، ويليها
كائن على وزن كاعن، وبها قرأ ابن كثير، وهي أكثر في الشعر
من الأولى وإن كانت الأولى هي الأصل، ومنه البيتان
السابقان، وقوله:
1208-
وكائن بالأباطح من صديقٍ
يراني لو أُصِبْتُ هو الْمُصَابَا
والثالثة كأْيِن مثل كعْيِن، وبها قرأ الأعمش وابن محيصن.
والرابعة كيئن بوزن كيْعِن. والخامسة كأن على وزن كعن،
وسبب تلعبهم بهذه الكلمة كثرة الاستعمال. الثالث: تأتي كذا
هذه -أعني المركبة- كناية عن غير العدد، وهو الحديث مفرده
ومعطوفه، ويكنى بها عن المعرفة والنكرة، ومنه الحديث:
"يقال للعبد يوم القيامة: أتذكر يوم كذا وكذا". وتكون كذا أيضًا كلمتين على أصلهما؛ وهما كاف التشبيه وذا
الإشارية نحو: رأيت زيدًا فاضلًا وعمرًا كذا. ومنه قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كناية عن عشرين. قوله: "الخلف السابق" أي: في جر تمييز
كأين بمن هل هو لازم أو غير لازم. قوله: "ويليها كائن" قال
الخليل: الياء الساكنة من أي قدمت على الهمزة وحركت
بحركتها لوقوعها موقعها وسكنت الهمزة لوقوعها موقع الياء
الساكنة، ثم قلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قلبها
فاجتمع ساكنان الألف والهمزة؛ فكسرت الهمزة لالتقاء
الساكنين، وبقيت الياء الأخيرة بعد كسرة، فأذهبها التنوين
بعد زوال حركتها كالمنقوص. شمني.
قوله: "والثالثة كأين" بهمزة ساكنة فياء مكسورة. "والرابعة
كيئن" بياء ساكنة فهمزة مكسورة، وأصله كأين قدمت الياء
مشددة ثم خففت كميت. دماميني. قوله: "أعني المركبة" أي: لا
الباقية على أصلها من عدم التركيب.
قوله: "وهو الحديث" يعني اللفظ الواقع في التحديث عن شيء
فعل أو قول. قال السيوطي في الأشباه والنظائر نقلًا عن ابن
هشام: الذي شهد به الاستقراء وقضى به الذوق الصحيح أن كذا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1208- البيت من الوافر، وهو لجرير في خزانة الأدب 5/ 397،
401، والدرر 1/ 224، وشرح شواهد الإيضاح ص200، وشرح شواهد
المغني ص875، ومغني اللبيب ص495، وليس في ديوانه، وهو بلا
نسبة في أمالي ابن الحاجب ص662، وخزانة الأدب 4/ 53، 5/
139، ورصف المباني ص130، وشرح المفصل 3/ 110، 4/ 135، وهمع
الهوامع 1/ 68، 256، 2/ 76. |