حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفية ابن مالك ج / 4 ص -124-
الحكاية:
احكِ بأيٍّ ما لِمَنْكُورٍ سُئِلْ
عنه بها في الوقف أو حين تَصِلْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1209-
وأَسْلَمَنِي الزمانُ كذا
فلا طَرَبٌ ولا أُنْسُ
وتدخل عليها ها التنبيه نحو:
{أَهَكَذَا عَرْشُكِ}
[النمل: 42].
خاتمة: يكنى عن الحديث أيضًا بكَيت وكِيت وذَيت وذِيت
-بفتح التاء وكسرها والفتح أشهر- وهما مخففتان من كية
وذية، وقالوا على الأصل: كان من الأمر كية وكية وذية وذية،
وليس فيهما حينئذ إلا البناء على الفتح، ولا يقال: كان من
الأمر كيت؛ بل لا بد من تكررها، وكذا ذيت؛ لأنها كناية عن
الحديث، والتكرير مشعر بالطول.
الحكاية:
هذا الباب للحكاية بأي وبمن. والعلم بعد من "احك بأي
ما لمنكور سئل عنه بها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المكنى بها عن غير العدد إنما يتكلم بها من يخبر عن غيره،
فتكون من كلامه لا من كلام المخبر عنه، فلا تقول ابتداء:
مررت بدار كذا ولا بدار كذا وكذا؛ بل تقول: بالدار
الفلانية، ويقول من يخبر عنك: قال فلان: مررت بدار كذا أو
بدار كذا وكذا. اهـ.
قوله: "بكيت وكيت وذيت وذيت" وهما مبنيان لنيابتهما عن
الجمل. اهـ فارضي. ولنيابتهما عن الجمل جاز أن يعمل فيهما
القول وإن كانا غير جملة فتقول: قلت: كيت وكيت أو ذيت
وذيت، فيكونان في محل نصب على المفعولية. قال شيخنا:
والحكم بالنصب محلًّا على مجموع الكلمتين أعني: كيت وكيت
وكذا ذيت وذيت؛ لأنهما صارا بالتركيب بمنزلة كلمة واحدة.
اهـ. ويستفاد منه أن البناء أيضًا للمجموع. قوله: "بفتح
التاء وكسرها" أي: وضمها كما في التسهيل. قوله: "كان من
الأمر... إلخ" إذا قيل: كان من الأمر كيت وكيت، فكان شانية
خبرها كيت وكيت؛ لأنه نائب عن الجملة، ولا يكون كيت وكيت
اسمًا لكان كما لا يكون اسمها جملة، قاله الفارسي،
واستحسنه ابن هشام؛ لكن يلزم عليه تفسير ضمير الشأن بغير
جملة مصرح بجزأيها، والظاهر أن من الأمر تبيين يتعلق بأعني
مقدرًا. دماميني. قوله: "وليس فيهما حينئذٍ إلا البناء على
الفتح" أي: بخلاف المخففتين، ففيهما البناء على الفتح
والكسر؛ بل والضم كما مر.
الحكاية:
هي لغة: المماثلة، واصطلاحًا: إيراد اللفظ المسموع على
هيئته من غير تغيير كمن زيدًا إذا قيل: رأيت زيدًا، أو
إيراد صفته نحو: أيا لمن قال: رأيت زيدًا. وأما حكاية
اللفظ أو معناه بالقول فلم يتكلم عليها المصنف، وسيذكرها
الشارح في الخاتمة. قوله: "احك بأي" الباء للآلة أو ظرفية.
اهـ سم. وأي المحكي بها استفهامية، وهي معربة؛ لكن اختلف
في حركتها والحروف اللاحقة لها؛ فقيل:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1209- البيت من مجزوء الوافر، وهو بلا نسبة في شرح شواهد
المغني 2/ 514، ومغني اللبيب 1/ 187.
ج / 4 ص -125-
ووقفًا احكِ ما لمنكور بِمَنْ
والنونَ حرِّكْ مطلقًا وأَشْبِعَنْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الوقف أو حين تصل" أي: يحكي بأي وصلًا ووقفًا ما لمنكور
مذكور مسئول عنه بها من إعراب وتذكير وإفراد وفروعهما،
فيقال لمن قال: رأيت رجلًا وامرأة وغلامين وجاريتين وبنين
وبنات: أيا وأية وأيين وأيتين وأيين وأيات، هذا في الوقف،
وكذا في الوصل فيقال: أيايًا هذا وأية يا هذا إلى آخرها.
واعلم أنه لا يحكي بها جمع تصحيح إلا إذا كان موجودًا في
المسئول عنه أو صالحًا لأن يوصف به نحو: رجال، فإنه يوصف
بجمع التصحيح فيقال: رجال مسلمون، هذه اللغة الفصحى، وفي
لغة أخرى يحكي بها ما له من إعراب وتذكير وتأنيث فقط ولا
يثنى ولا يجمع فيقال: أيا أو أيايًا، هذا لمن قال: رأيت
رجلًا أو رجلين أو رجالًا، وأية أو أية يا هذا لمن قال:
رأيت امرأة أو امرأتين أو نساء.
"ووقفًا احك ما لمنكور بمن والنون حرك مطلقًا وأشبعن"
فتقول لمن قال: قام رجل منو، ولمن قال: رأيت رجلًا منا،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إعراب فأي بالرفع مبتدأ خبره محذوف مؤخر عنها؛ لأن
الاستفهام له الصدر تقديره في قام رجل أي قام، وأيا مفعول
افعل محذوف مؤخر عنها لما مر تقديره في ضربت رجلًا أيا
ضربت، وأي بالجر بحرف محذوف تقديره في مررت برجل بأي مررت،
وكذا يقال في أيان وأيتان وأيون وأيات رفعًا وأيين وأيتين
وأيين وأيات نصبًا وجرًّا، ويلزم على هذا القول إضمار حرف
الجر، وقيل: حركات حكاية وحروف فهي مرفوعة بضمة مقدرة منع
من ظهورها اشتغال المحل بحركة الحكاية أو حرف الحكاية، على
أنها مبتدأ والخبر محذوف، وقيل: الحركة والحرف في حالة
الرفع إعراب، وفي حالتي النصب والجر حركة حكاية وحرف
حكاية. قوله: "ما لمنكور" احتراز عن المعرفة؛ فإنها لا
تحكي بأي. سم.
قوله: "في الوقف" متعلق باحكِ. قوله: "مذكور" أي: سابق في
كلام غيرك، واحترز به عن المسئول بها ابتداء فإنها حينئذٍ
على حسب العوامل. قوله: "لمن قال رأيت رجلًا... إلخ" وتقول
لمن قال: جاء رجل أي بالرفع، ولمن قال جاء رجلان أيان
وهكذا. قوله: "وأيتين" فلو قيل: رأيت رجلًا وامرأة قيل في
السؤال أيا وأية، وهل يجوز أن يثنى مع تغليب المذكر، سيأتي
فيه احتمالان عن أبي حيان. قوله: "وأيات" بكسر التاء نيابة
عن الفتحة. قوله: "إلا إذا كان موجودًا في المسئول عنه"
كما في المثال السابق من بنين وبنات، قاله شيخنا، ولا يرد
عليه أنهما في الحقيقة جمعا تكسير لتغير المفرد فيهما؛ لأن
المراد بجمع التصحيح هنا الجمع بالواو أو الياء والنون أو
الألف والتاء المزيدتين. قوله: "أو صالحًا" أي: أو كان هو
أي: الجمع لا بقيد كونه تصحيحًا صالحًا؛ لأن يوصف به أي:
بجمع التصحيح، فلا يقال: أيون أو أيين لمن قال عندي حمير
أو رأيت حميرًا.
قوله:"هذه اللغة الفصحى" أي: حكاية ما للمنكور من الإعراب
والتذكير والإفراد وفروعهما. قوله: "ولا تثنى ولا تجمع"
أي: لفظه أي. قوله: "ما لمنكور بمن" أي: منكور مذكور،
وإنما اشترط في لحاق العلامة المذكورة بمن كونها سؤالًا عن
نكرة؛ لأن المعارف إذا استفهم بمن عنها ذكرت بعد من في
الأغلب إما محكية أو غير محكية؛ لأن الاستفهام عن المعارف
ليس في الكثرة مثل
ج / 4 ص -126-
وقُل مَنَانِ ومَنَيْنِ بَعَدَ لي
إِلْفَانِ بَابْنَيْنِ وسَكِّن تَعْدِل
وقل لِمَنْ قال أتتْ بنتٌ مَنَهُ
والنونُ قبلَ تا المثنَّى مُسْكَنَهْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولمن قال: مررت برجل مني، هذا في المفرد المذكور.
"وقل" في المثنى المذكر "منان ومنين بعد" قول القائل "لي
إلفان بابنين" وضرب حران عبدين، فمنان لحكاية المرفوع
ومنين لحكاية المجرور، والمنصوب "وسكن" آخرهما "تعدل"،
وإنما حرك في النظم للضرورة "وقل" في المفرد المؤنث "لمن
قال أتت بنت منه" بفتح النون وقلب التاء هاء، وقد يقال:
منت بإسكان النون وسلامة التاء. وقل في المثنى المؤنث لمن
قال: لي زوجتان مع أمتين، أو ضربت حرتان رقيقتين، منتان
ومنتين؛ فمنتان لحكاية المرفوع، ومنتين لحكاية المجرور
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاستفهام عن النكرات، فلم يطلب التخفيف بحذف المسئول عنه
كما في النكرات. أسقاطي. والمراد بالمنكور هنا المنكور
العاقل؛ لأن مَن للعاقل بخلاف المنكور السابق في أي؛ فإن
المراد به ما يعم العاقل وغيره؛ لأن أيا تستعمل فيهما،
وسيذكر الشارح ذلك. قوله: "والنون حرك... إلخ" العطف تفسير
لاحك؛ لأن حكاية المنكور بمن في الوقف نفس التحريك
والإشباع لا غيرهما كما يوهمه العطف، أفاده ابن هشام.
قوله: "مطلقًا" أي: في أحوال إعراب المحكي الثلاثة. قوله:
"وأشبعن" فيه إشارة إلى أن الحروف إشباع دفعًا للوقف على
المتحرك، وقيل: الحروف اجتلبت أولًا للحكاية، فلزم تحريك
ما قبلها، وصوبه ابن خروف وصححه أبو حيان، وقيل: بدل من
التنوين، أفاده في التصريح. قال ابن غازي: نون أشبعن ثقيلة
خُففت للوقف، ولو كانت خفيفة بالأصالة لوجب إبدالها ألفًا.
يس.
قوله: "وقل منان... إلخ" الظاهر أن منان ومنين ليس اسم
معربًا كما قد يتوهم أي: من التثنية؛ وإنما هو لفظ من، وهي
مبنية؛ لكن زيد عليها هذه الحروف دلالة على حال المسئول
عنه، وكذا يقال في منون ومنين ومنتان ومنتين ومنات، فمن في
الجميع مع هذه الزيادة اسم مبني في محل رفع، وهذه الكلمات
ليست مثنًى ولا جمعًا؛ بل على صورته. سم. وقوله: اسم مبني
على سكون مقدر على آخره منع من ظهوره اشعال المحل بحركة
مناسبة الحرف الذي جلبته الحكاية. قوله: "بابنين" أي: مع
ابنين أي: ولي ابنان، وفي نسخة: "كابنين". سم.
قوله: "لحكاية المجرور والمنصوب" واقتصر الناظم في التمثيل
على المجرور هنا وفيما يأتي؛ لأن المنصوب محمول على
المجرور في مثل ذلك. قوله: "تعدل" أي: تقم العدل؛ لأن هذا
حكم العرب. سم. قوله: "وقل لمن قال أتت بنت منه" وكذا يقال
في النصب والجر، ولم يمكن إثبات حرف المد في منه للدلالة
على الإعراب؛ لأن هاء التأنيث لا تكون في الوقف إلا ساكنة،
فاكتفوا بحكاية التأنيث، وتركوا حكاية الإعراب؛ لأن
الإعراب فرع التأنيث، وإذا تعارضت مراعاة الأصل والفرع
كانت مراعاة الأصل أولى، كذا ذكر شيخنا. وعلى معنى كون
الإعراب فرع التأنيث أن الاحتياج إلى الدلالة عليه دون
الاحتياج إلى الدلالة على التأنيث؛ لأن التأنيث صفة
للمدلول والإعراب صفة للدال، فتأمل، ولو قيل باستحسان
الإشارة بالشفتين إلى حركة الإعراب لم يبعد.
ج / 4 ص -127-
والفتحُ نَزْرٌ وصِلِ التا والألف
بِمَنْ بإِثْرِ ذا
بنِسْوةٍ كَلِفْ
وقل مَنُون ومَنِينَ مُسْكِنًا
إن قيل جَا قومٌ لقومٍ فُطِنَا
وإن تَصِلْ فلفظُ مَنْ لا يَختلف
ونادرٌ مَنُون في نَظْم عُرف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والمنصوب "والنون قبل تا المثنى مسكنه والفتح" فيها "نزر"
أي: قليل. وإنما كان الفتح أشهر في المفرد والإسكان أشهر
في التثنية؛ لأن التاء في منت متطرفة، وهي ساكنة للوقف،
فحرك ما قبلها لئلا يلتقي ساكنان، ولا كذلك منتان "وصل
التا والألف بمن" في حكاية جمع المؤنث السالم فقل: "بإثر"
قول القائل: "ذا بنسوة كلف" منات بإسكان التاء "وقل" في
حكاية جمع المذكر السالم "منون ومنين مسكنًا" آخرهما "إن
قيل جا قوم لقوم فطنا" أو ضرب قوم قومًا. فمنون للمرفوع،
ومنين للمجرور والمنصوب.
تنبيه: في الحكاية بمن لغتان: إحدهما -وهي الفصحى- أن يحكى
بها ما للمسئول عنه من إعراب وإفراد وتذكير وفروعهما على
ما تقدم، ولم يذكر المصنف غيرها، والأخرى أن يحكى بها
إعراب المسئول عنه فقط، فيقال لمن قال: قام رجل أو رجلان
أو رجال، أو امرأة أو امرأتان أو نساء: منو، وفي النصب:
منا، وفي الجر: مني.
"وإن تصل فلفظ من لا يختلف" فتقول: من يا فتى في الأحوال
كلها، هذا هو الصحيح. وأجاز يونس إثبات الزوائد وصلًا:
منويًّا فتى، وتشير إلى الحركة في منت ولا تنون، ونكسر نون
المثنى وتفتح نون الجمع وتنون منات ضمًّا وكسرًا، وهو مذهب
حكاه يونس عن بعض العرب، وحمل عليه قول الشاعر:
1210-
أَتَوْا نَارِي فقلتُ مَنُونَ أنتم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "والنون قبل تا المثنى" وكذا النون الأخيرة؛ لأنه لا
يوقف على متحرك. اهـ فارضي. ولم ينبه عليه المصنف لفهمه
بالمقايسة من قوله: وسكن تعدل. قوله: "مسكنه" تنبها
بإسكانها على أن التاء ليست لتأنيث الكلمة اللاحقة لها؛ بل
لحكاية تأنيث كلمة أخرى. قوله: "لئلا يلتقي ساكنان" وإن
كان جائزًا في الوقف. سم. قوله: "وإن تصل" هذا مفهوم قوله:
وقفًا. قوله: "وتشير" أي: بحركة تاء منت إلى الحركة أي:
حركة المحكي. وقوله: في منت، متعلق بتشير، ولو قال: وتحرك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1210- البيت من الوافر، وهو لشمر بن الحارث في الحيوان 4/
482، 6/ 197، وخزانة الأدب 6/ 167، 168، 170، والدرر 6/
246، ولسان العرب 3/ 149 "حد"، 13/ 420 "منن"، ونوادر أبي
زيد ص123، ولسمير الضبي في شرح أبيات سيبويه 2/ 183، ولشمر
أو لتأبط شرًّا في شرح التصريح 2/ 383، وشرح المفصل 4/ 16،
ولأحدهما أو لجذع بن سنان في المقاصد النحوية 4/ 498، وبلا
نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 462، وأوضح المسالك 4/ 282،
وجواهر الأدب ص107، والحيوان 1/ 328، والخصائص 1/ 128،
والدرر 6/ 310، ورصف المباني ص437، وشرح ابن عقيل ص618،
وشرح شواهد الشافية ص295، والكتاب 2/ 411، ولسان العرب 6/
12 "أنس"، 14/ 378 "سرا"، والمقتضب 2/ 307، والمقرب 1/
300، وهمع الهوامع 2/ 157، 211.
ج / 4 ص -128-
والعَلَمَ احْكِيَنَّهُ مِنْ بَعْدِ مَنْ
إِنْ عَرِيَتْ مِنْ عَاطِفٍ بها اقْتَرَنْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهذا شاذ عند سيبويه والجمهور من وجهين؛ أحدهما: إثبات
العلامة وصلًا، والآخر: تحريك النون. وقال ابن المصنف:
والآخر أنه حكي مقدرًا غير مذكور، وقد أشار المصنف إلى
البيت المذكور بقوله: "ونادر منون في نظم عرف" وهو لتأبط
شرًّا، ويقال: لشمر الغساني، وتمامه:
فقالوا الجن قلت عِمُوا ظَلامَا
ويروى: عموا صباحا. ويغلط المنشد على إحدى الروايتين
بالرواية الأخرى، وكذلك فعل الزجاجي فغلط من أنشده صباحًا،
وليس الأمر كما يظن؛ بل كل واحدة من الروايتين صحيحة؛ فهو
على رواية: عموا ظلاما، من أبيات رواها ابن دريد عن أبي
حاتم السختياني عن أبي زيد الأنصاري أولها:
ونارٍ قد خَضَأتُ بُعَيْدَ وهْنٍ
بدار ما أريدُ بها مُقَاما
وهي مشهورة. وعلى رواية: عموا صباحا، من أبيات معزوة إلى
خديج بن سنان الغساني أولها:
أتَوْا ناري فقلت منونَ أنتم
فقالوا الجن قلت عِمُوا صباحا
نزلتُ بشِعْبِ وادي الجن لما
رأيتُ الليل قد نَشَرَ الْجَناحَا
قيل: وكلا الشعرين أكذوبة من أكاذيب العرب.
"والعلم احكينه من بعد مَن إن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تاء منت بحركة المحكي لكان أوضح. قوله: "مقدرًا غير مذكور"
تقديره: قالوا: أتينا فقلت منون أنتم. اهـ زكريا. وعليه
يكون المقدر المحكي ضميرًا فيكون فيه شذوذ آخر. ومنع صاحب
التصريح كونه من حكاية المقدر، وادعى كونه حكاية للضمير في
أتوا، وهو مردود. قال يس: لا يخفى أن قول الشاعر: أتوا...
إلخ حكاية لما وقع له مع الجن، وأنه حين إتيانهم قال لهم:
منون أنتم، فحين إتيانهم لم يتكلم بقوله: أتو ناري، ثم
بقوله: منون أنتم؛ بل لم يتكلم بقوله: أتوا ناري، إلا بعد
قوله: منون أنتم حين إتيانهم. فما في التصريح ممنوع منعًا
واضحًا. قوله: "لشمر" بكسر الشين المعجمة وسكون الميم.
قوله: "ويغلط المنشد... إلخ" أي: يغلطه من لم يدرِ أنهما
روايتان صحيحتان من قصيدتين.
قوله: "عن أبي زيد الأنصاري" ليس المراد أنه قائل هذه
الأبيات لمنافاته ما قدمه من أنها لتأبط شرًّا أو لشمر
الغساني؛ بل أبو زيد من رواتها. قوله: "ونار قد خضأت بعيد
وهن" كذا بخط الشارح. قال عبد القادر في حاشيته على ابن
الناظم: خضأت بالخاء والضاد المعجمتين معناه سعرت وأوقدت،
وبعيد ظرف تصغير بعد، والوَهْن بفتح الواو وسكون الهاء من
أول الليل إلى ثلثه اشتق من وهن يهن إذا فتر وضعف لهدوء
الناس فيه، والدار المكان الذي عرس فيه. اهـ. أي: نزل فيه
ليلًا. قوله: "إلى خَدِيج" بفتح الخاء المعجمة وكسر الدال
المهملة. قوله: "قد نشر الجناحا" أي: ظلمته المشبهة
بالجناح. قوله: "والعلم احكينه" اسمًا كان أو كنية أو
لقبًا دون بقية المعارف
ج / 4 ص -129-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عربت من عاطف بها اقترن" فتقول لمن قال جاء زيد: من زيد؟
ورأيت زيدًا: من زيدًا؟ أو مررت بزيد: من زيدٍ؟ وهذه لغة
الحجازيين. وأما غيرهم فلا يحكون؛ بل يجيئون بالعلم
المسئول عنه بعد من مرفوعًا مطلقًا؛ لأنه مبتدأ خبره مَن،
أو خبر مبتدؤه مَن، فإن اقترنت بعاطف نحو: ومن زيد؟ تعين
الرفع عند جميع العرب.
تنبيهات: الأول: يشترط لحكاية العلم بمن ألا يكون عدم
الاشتراك فيه متيقنًا، فلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لأن الأعلام لما كانت كثيرة الاستعمال جاز فيها ما لم يجز
في غيرها. فارضي.
قوله: "مِن بعد مَن" ظاهره أن حكاية العلم بعد مَن لا
تتقيد بالوقف وهو قضية إطلاقهم. اهـ سم. وأقره شيخنا، وقد
يتوقف فيه مع قول الشارح في التنبيه السادس الآتي. ثانيها:
أن مَن تختص بالوقف إلا أن يخص الآتي بمن المحكي بها
المنكور، وسيأتي ما يؤيده، فتفطن. وخرج أي فلا يحكى العلم
بعدها كسائر المعارف، فإذا قيل: رأيت زيدًا أو مررت بزيد
قلت: أي بالرفع لا غير؛ لأن الإعراب يظهر في أي، فكرهوا أن
يخالفه الثاني بخلاف مَن زيدًا ومَن زيدٍ. قوله: "من عاطف"
أي: صورة؛ لأنه للاستئناف كما قاله بعضهم. وفي كلام الرضي
أنه للعطف على كلام المخاطب، ويلزم عليه عطف الإنشاء على
الخبر إذا كان كلام المخاطب خبرًا كرأيت زيدًا. قال يس:
أطلق العاطف. وعبارة الشاطبي تدل على اختصاصه بالواو
والفاء. وفي شرح اللباب التصريح بأنه الواو والفاء خاصة.
اهـ. وقال الفارضي: إنه الواو فقط. قوله: "وهذه لغة
الحجازيين" هي إحدى اللغتين عندهم؛ لأنهم لا يتلزمون
الحكاية؛ بل يجوزون الحكاية والإعراب؛ بل يرجحون الإعراب.
وعلل ابن الناظم الحكاية بدفع توهم أن المسئول عنه غير
الأول، وفي حالة الرفع وإن اتحدت الحركة في حالتي الحكاية
والإعراب، إلا أن وقوع الاسم عقب ذكر المحكي بصورته يدل
على إرادة حكاية هذا المذكور في الجملة. يس.
قوله: "مرفوعًا مطلقًا" أي: في الأحوال الثلاثة. قوله:
"تعين بالرفع" على أنه خبر عن من أو مبتدأ خبره من كما في
الفارضي. قال سم: كأن وجه تعين الرفع أن المقصود من
الحكاية بيان المراد والعطف يشعر به. اهـ. ثم رأيته في
الرضي وعبارته إنما تعين الرفع اتفاقًا لزوال اللبس؛ إذ
العطف على كلام المخاطب يؤذن بأن السؤال إنما هو عمن ذكره
دون غيره. اهـ. قال يس: ويستثنى من تعين الرفع نحو قولك:
من زيدًا ومن عمرًا، لمن قال: رأيت زيدًا وعمرًا، فلا يبطل
دخول حرف العطف على الثاني الحكاية؛ لأنه إنما يبطلها في
الأول، ثم رأيته بخط الشنواني نقلًا عن أبي حيان عن صاحب
البسيط قال الشنواني: ومنه يؤخذ أن حكاية العلم بمن لا
تتقيد بالوقف، وهو مقتضى إطلاقهم.
قوله: "يشترط لحكاية العلم بمن... إلخ" ويشترط أيضًا أن
يكون علمًا لعاقل، وألا يتبع في حكايته بتابع توكيد أو بدل
أو بيان أو نعت بغير ابن مضافًا إلى علم بخلاف النعت بابن
مضافًا إلى علم كما سيأتي؛ لأنه مع المنعوت كشيء واحد كما
في التصريح، وفي العطف الخلاف الآتي، قال في التصريح:
وإنما اشترطوا انتفاء التابع؛ لأنهم استغنوا بإطالته عن
الحكاية. اهـ. أي: لأن إطالته بالتابع تبينه. ثم قال:
واستثني عطف النسق على القول
ج / 4 ص -130-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقال: مَن الفرزدق -بالجر- لمن قال: سمعت شعر الفرزدق؛ لأن
هذا الاسم تيقن انتفاء الاشتراك فيه.
الثاني: شمل كلامه العلم المعطوف على غيره، والمعطوف عليه
غيره، وفيه خلاف منعه يونس وجوَّزه غيره واستحسنه سيبويه،
فيقال لمن قال رأيت زيدًا وأباه: مَن زيدًا وأباه، ومن قال
رأيت أخا زيد وعمرًا: من أخا زيد وعمرًا.
الثالث: أجاز يونس حكاية سائر المعارف قياسًا على العلم،
والصحيح المنع.
الرابع: لا يحكى العلم موصوفًا بغير ابن مضاف إلى علم، فلا
يقال: من زيدًا العاقل، ولا من زيدًا ابن الأمير، لمن قال:
رأيت زيدًا العاقل، أو رأيت زيدًا ابن الأمير، ويقال: من
زيد بن عمرو، لمن قال: رأيت زيد بن عمرو.
الخامس: فُهم من قوله: احكينه، أن حركاته حركات حكاية، وأن
إعرابه مقدَّر، وقد صرح به في غير هذا الكتاب، والجمهور
على أن مَن مبتدأ والعلم بعدها خبر، سواء كانت حركته ضمة
أو فتحة أو كسرة، وحركة إعرابه مقدرة لاشتغال آخره بحركة
الحكاية.
السادس: قد بان لك أن مَن تخالف أيًا في باب الحكاية في
خمسة أشياء؛ أحدها: أن من تختص بحكاية العاقل، وأي عامة في
العاقل وغيره. ثانيها: أن من تختص بالوقف، وأي عامة في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالجواز فيه؛ لأنه ليس فيه بيان للمتبوع، فلا يبين بلا
بالحكاية.
قوله: "الثاني: شمل كلامه العلم المعطوف على غيره والمعطوف
عليه غيره، وفيه خلاف منعه يونس وجوزه غيره واستحسنه
سيبويه، فيقال لمن قال رأيت زيدًا وأباه: من زيدًا وأباه،
ومن قال رأيت أخا زيد وعمرًا: من أخا زيد وعمرًا" كذا في
بعض النسخ، ويرد عليه أن أخا زيد لا يُحكى؛ لأنه غير علم.
وفي بعض النسخ: والمعطوف عليه، وفيه خلاف؛ ذهب يونس وجماعة
إلى أن عطف أحد الاسمين على الآخر يبطل الحكاية، وذهب
غيرهم إلى خلافه فيحكيان إذا كانا مما يُحكى فتقول: من
زيدًا وعمرًا، وإذا كان أحدهما فقط مما يحكى بنيت على ما
تقدم وأتبعته الآخر، فإذا قيل: رأيت صاحب عمرو وزيدًا، فلا
حكاية إن عكس حكيت، وكذا الحكم لو قيل: رأيت رجلًا وزيدًا
أو زيدًا ورجلًا، فلا يُحكى في الأول ويُحكى في الثاني.
اهـ. وهو الصواب.
وقوله: "بنيت على ما تقدم" أي: اعتمدت على المتقدم من
المتعاطفين، فإن كان مما يحكى جازت حكاية المتعاطفين، وإن
كان مما لا يحكى لم تجز حكايتهما. قوله: "والصحيح المنع"
فيجب رفع غلام زيد في حكاية: رأيت غلام زيد أو مررت بغلام
زيد. قوله: "لا يحكى العلم موصوفًا... إلخ" أي: لا يجوز أن
يُحكى بصفته؛ بل إن حُكي يحكى بدون صفته، كما في شرح
التوضيح للشارح. قوله: "مضاف" الصواب -كما في بعض النسخ-
مضافًا؛ لأن المراد لفظ ابن، فهو معرفة.
قوله: "والجمهور على أن مَن مبتدأ... إلخ" الظاهر أن مقابل
قولهم إعراب مَن خبر مقدمًا والعلم بعده مبتدأ مؤخر. قوله:
"وحركة إعرابه... إلخ" أعاده مع تقدمه تأييدًا له بكونه من
كلام الجمهور. قوله: "مقدرة" أي: في الأحوال الثلاثة
للتعذر العارض باشتغال المحل بحركة الحكاية، وذهب بعضهم
إلى أن حركته هذا إلا أن يقال: بان من هنا بضميمة ما سبق
في باب الموصول
ج / 4 ص -131-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقف وفي الأصل. ثالثها: أن من يجب فيها الإشباع فيقال:
منو ومنا ومنى، بخلاف أي. رابعها: أن من يحكى بها النكرة
ويحكى بعدها العلم، وأي تختص بالنكرة. خامسها: أن ما قبل
تاء التأنيث في أي واجب الفتح تقول: أيه وأيتان، وفي من
يجوز الفتح والإسكان على ما سبق.
خاتمة: الحكاية على نوعين: حكاية جملة، وحكاية مفرد؛ فأما
حكاية الجملة فضربان: حكاية ملفوظ وحكاية مكتوب؛ فالملفوظ
نحو قوله تعالى:
{وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ}
[الأعراف: 43]، وقوله:
1211-
سمعتُ الناسُ ينتجعون غَيْثًا
فقلتُ لصَيْدَح انتجعي بلالا
والمكتوب نحو قوله: قرأت على فصه محمد رسول الله صلى الله
عليه وسلم، وهي مطردة، ويجوز حكايتها على المعنى فتقول في
حكاية زيد قائم: قال قائل: قائم زيد، فإن كانت الجملة
ملحونة تعين المعنى على الأصح.
وأما حكاية المفرد فضربان: ضرب بأداة الاستفهام ويُسمى
الاستثبات بأي أو بمن وهو ما تقدم، وضرب بغير أداة، وهو
شاذ؛ كقول بعض العرب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن من العاقل وأيا بحسب ما تضاف إليه.
قوله: "بخلاف أي" قد يقال لها: وجب فيها الإشباع عند الوقف
دفعًا للوقف على متحرك، فتدبر. قوله: "على ما سبق" من أن
الأشهر في المفرد الفتح وفي التثنية الإسكان. قوله:
"فالملفوظ... إلخ" قال شيخنا: مراده بالملفوظ الجملة
المحكية بالقول وفروعه. اهـ. ويرد على تقييده بالجملة أن
القول يُحكى به لفظ المفرد أيضًا نحو: قلت زيدًا أي: هذا
اللفظ، إلا أن يقال التقييد بالجملة؛ لأنه الغالب.
قوله: "وقوله سمعت الناس... إلخ" أتى به تنبيهًا على أنه
يُحكى بالسماع كما يُحكى بالقول. قوله: "سمعت... إلخ" سمع
الشاعر قومًا يقولون: الناس ينتجعون غيثًا، برفع الناس على
الابتداء، فحكى ذلك كما سمع، وينتجعون بنون ثم جيم أي:
يطلبون، وصيدح بصاد مهملة فتحتية فدال فحاء مهملتين بوزن
حيدر اسم ناقته، وبلال اسم الممدوح، فهذا البيت محل تخلص
الشاعر إلى المدح. قوله: "على فصه" بالفاء والصاد المهملة
أي: فص خاتم النبي صلى الله عليه وسلم. وقوله: "تعين
المعنى على الأصح" أي: مع التنبيه على اللحن، وإنما تعين
المعنى صونًا عن اللحن، ولئلا يتوهم أن اللحن من الحاكي،
فإذا قال شخص: جاء زيدٍ بالجر، وأردت حكاية كلامه قلت: قال
فلان: جاء زيدٌ؛ لكنه خفض زيدًا. قوله: "ويُسمى" أي: هذا
الاستفهام في اصطلاحهم بالاستثبات؛ لأن السائل طالب
للإثبات. قال ابن هشام وكذا كل سؤال عن شيء سبق ذكره، فإن
كانت أي سؤالًا عن غير مذكور، فلا تكاد توجد إلا مفردة
مذكرة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1211- البيت من الوافر، وهو لذي الرمة في ديوانه ص1535،
وجمهرة اللغة ص503، وخزانة الأدب 9/ 167، 168، وسر صناعة
الإعراب 1/ 232، وشرح التصريح 2/ 282، ولسان العرب 2/ 509،
8/ 347، والمقتضب 4/ 10، ونوادر أبي زيد ص32، وبلا نسبة في
أسرار العربية ص390، وخزانة الأدب 9/ 268، 393.
ج / 4 ص -132-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد قيل له هاتان تمرتان: دعنا من تمرتان. قال سيبويه:
وسمعت أعرابيًّا وسأله رجل فقال: أنهما قرشيان، فقال: ليسا
بقرشيان. وسمعت عربيًّا يقول لرجل سأله: أليس قرشيًّا؟
قال: ليس بقرشيًّا. والله أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وشذ قوله:
بأيّ كتاب أم بأية سنة
ترى حبهم عارًا عليّ وتحسب
قوله: "وضرب بغير أداة وهو شاذ" محل شذوذه إذا قصد المعنى،
فإن قصد اللفظ بأن كان الحكم للفظ دون المعنى فلا شذوذ،
كما يدل عليه قول المصنف في الكافية:
وإن نسبت لأداة حكمًا
فاحكِ أو أعرب واجعلنها اسمًا
وقد أوضح الفارضي هذه المسألة فقال: إذا نسب إلى حرف أو غيره
حكم هو للفظه دون معناه جاز أن يعرب على حسب العوامل، وإن
يحكى بلفظه فتقول على الإعراب من حرف جر بالرفع، وعلى
البناء من حرف جر بسكون النون، وكذا نحو: قام فعل ماضٍ،
فتقول على الإعراب قام بالرفع، وعلى الحكاية قام بفتح
الميم، ومن الحكاية قوله عليه الصلاة والسلام:
"إياكم ولو؛ فإن لو تفتح
عمل الشيطان" فلو اسم إن قصد فيها الحكاية،
قاله المصنف في شرح الكافية، ورواه غيره على الإعراب،
ولفظه: "إياكم واللو؛ فإن اللو تفتح عمل الشيطان" فلما
جعلت الأداة اسمًا، وأعربت دخلت عليها أل، والأداة التي
تعرب إن أولتها بالكلمة منعتها الصرف إن استحقت ذلك أو
بلفظ صرفتها فنحو قام إذا أعرب فيه وجهان كهندان أول
بكلمة، ونحو دحرج إن أول بكلمة منه؛ لأنه رباعي كزينب،
ونحو ضرب إن أول بكلمة منع؛ لأنه كسقروان أول كل بلفظ صرف
والأداة التي على حرفين إن أعربت وجب تضعيف الحرف الثاني
إن كان لينًا فتقول: لو حرف امتناع لامتناع بالرفع، وتضعيف
الواو في حرف جر بالرفع وضعيف الياء، فإن كان الحرف الثاني
اللين ألفًا قلبت الألف الثانية همزة تخلصًا من التقاء
الساكنين، فإذا ضعفت ما النافية قلت ما حرف نفي بهمزة بعد
الألف، وإن حكيت فلا تضعيف ولا قلب؛ بل تأتي بلو وفي وما
على حالها. اهـ ملخصًا. وسيأتي في باب النسب مزيد الكلام.
قوله: "وسأله رجل" أي: عن رجلين، والجملة حالية بتقدير:
قد. وقوله: "فقال: إنهما قرشيان" عطف على سأل عطف مفصل على
مجمل وهمزة أنهما مفتوحة؛ لأنها همزة استفهام اجتمعت مع
همزة إن، فحذفت الثانية، ويحتمل أن المحذوف همزة الاستفهام
والمذكور همزة إن المكسورة، ونظيره في دخول همزة الاستفهام
على إن قوله تعالى:
{قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ} هذا ما ظهر. وقوله: "فقال: ليسا بقرشيان" كان ينبغي حذف الفاء؛ لأن
مدخولها المفعول الثاني لسمعت، أو حال من أعرابيًّا على
الخلاف. قوله: "قال: ليس بقرشيًّا" كان عليه حذف قال؛ لأن
الجملة بعده مقول يقول، ويمكن جعله تأكيدًا ليقول. |