حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفية ابن مالك

ج / 4 ص -249-        النسب:

ياءً كيَا الكرسي زَادُوا للنَّسَبْ                       وكلُّ ما تليه كَسْرُهُ وَجَبْ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النسب:
هذا هو الأعرف في ترجمة هذا الباب. ويسمى أيضًا باب الإضافة، وقد سماه سيبويه بالتسميتين، ويحدث بالنسب ثلاثة تغييرات؛ الأول: لفظي، وهو ثلاثة أشياء: إلحاق ياء مشددة آخر المنسوب وكسر ما قبلها ونقل إعرابها إليها. والثاني معنوي وهو صيرورته اسمًا لمالم يكن له. والثالث حكمي وهو معاملته معاملة الصفة المشبهة في رفعه المضمر والظاهر باطراد. وقد أشار إلى التغيير اللفظي بقوله: "يا كيا الكرسي زادوا للنسب وكل ما تليه كسره وجب" يعني: إذا قصدوا نسبة شيء إلى أب أو قبيلة أو بلد أو نحو ذلك، جعل حرف إعرابه ياء مشددة مكسورًا ما قبلها؛ كقولك في النسب إلى زيد: زيدي.
تنبيه: أفهم قوله: كيا الكرسي أمرين؛ أحدهما: التغيير اللفظي المذكور، والآخر: أن ياء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النسب:
هو كما يؤخذ من الشافية إلحاق ياء مشددة في آخر الاسم لتدل على نسبته إلى المجرد عنها. قال يس: ويقال فيه: نسبة بضم النون وكسرها ولم تلحق الألف؛ لئلا يصير الإعراب تقديريًّا ولا الواو لثقلها وشددت الياء ليجري عليها وجوه الإعراب الثلاثة، ولو أفردت لاستثقلت الضمة والكسرة عليها، ولئلا تلتبس بياء المتكلم، ولأن الخفيفة تحذف لالتقاء الساكنين. قوله: "باب الإضافة" أي: اللغوية. قال الفراضي: واعلم أن هذه الياء حرف عليه الإعراب. ونقل القواس عن الكوفيين: أنها اسم مضاف إليه في محل جر. واحتجوا بقول بعض العرب: رأيت التيمي تيم عدي بجرِّ تيم، فقالوا: إنه بدل من ياء النسب. وأجيب بأن التقدير صاحب تيم عدي، فحذف المضاف وبقي المضاف إليه على حاله، وإن كان مثل هذا قليلًا كما سبق في الإضافة. اهـ. والظاهر أن الإضافة على قولهم: مقلوبة بحسب المعنى كالإضافة الفارسية؛ فإنهم يقدمون المضاف إليه على المضاف، وأن ظهور إعراب المضاف على قولهم: على المضاف إليه؛ لكون هذا المضاف إليه بصورة الحرف، وكالجزء من المضاف.
قوله: "بالتسميتين" الباء زائدة في المفعول المطلق. قوله: "آخر المنسوب" صوابه: المنسوب إليه. قوله: "اسمًا لما لم يكن له" وهو المنسوب كان قبل ذلك اسمًا للمنسوب إليه. قوله: "زادوا للنسب" أورد عليه أن قوله: ياء... إلخ، يتضمن تعريف النسب بأنه زيادة ياء مثل ياء الكرسي للنسب، فيكون أخذ النسب في تعريف النسب، وأخذ المعرف في التعريف يوجب الدور. وأجاب سم بأن قوادح التعريف إنما ترد على التعريف الصريح دون المضمن لغيره. والغزي بأن النسب في قوله: للنسب، بمعناه اللغوي لا الاصطلاحي. قوله: "أو نحو ذلك" كحرفة. قوله: "التغيير اللفظي المذكور" فيه أن من جملته كسر ما قبل الياء فيلزم عليه التكرار في قوله: وكل

 

ج / 4 ص -250-                                 ومثلَه مما حواه احذِفْ وتا تَأْنِيثٍ أو مَدَّتَهُ لا تُثْبِتَا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكرسي ليست للنسب؛ لأن المشبه به غير المشبه، وقد ينضم إلى هذه التغييرات في بعض الأسماء تغيير آخر أو أكثر. فمن ذلك ما أشار إليه بقوله: "ومثله مما حواه احذف وتا تأنيث أو مدته لا تثبتا" يعني: أنه يحذف لياء النسب كل ياء تماثلها في كونها مشددة بعد ثلاثة أحرف فصاعدًا وتجعل ياء النسب مكانها؛ كقولك في النسب إلى الشافعي: شافعي، وإلى المرمي: مرمي، يقدر حذف الأولى وجعل ياء النسب في موضعها؛ لئلا يجتمع أربع ياءات. ويظهر أثر هذا التقدير في نحو: بخاتي في جمع بختي إذا سُمي به ثم نسب إليه، فإنك تقول: هذا بخاتي مصروفًا، وكان قبل النسب غير مصروف. ويحذف لياء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما تليه... إلخ، فالمناسب جعل التشبيه بياء الكرسي في كونها مشددة آخرًا منقولًا إليها الإعراب فقط صونًا لكلامه عن التكرار. قوله: "لأن المشبه به غير المشبه" ناقش سم في هذا التعليل بأن المغايرة بالكلية والجزئية كافية؛ وحينئذ لا يدل التشبيه على أن ياء الكرسي ليست للنسب، وإن كان الواقع أنها ليست للنسب.
قوله: "وقد ينضم... إلخ" لأن التغيير يأنس بالتغيير. همع. قوله: "أو أكثر" أي: من تغيير واحد، كما في خلفي نسبة إلى خليفة، فإن فيه حذف الياء وحذف التاء زيادة على التغييرات الثلاثة. قوله: "ومثله مما حواه حذف" قال ابن هشام: فإن قلت: من قال في يمني: يمان، إذا نسب إليه، هل يقول: يمني، ويحذف الألف كما يحذف الياء؛ لأن الألف مع الياء بمنزلة الياءين؟ قلت: لا نص على ذلك، ولك أن تقول: إنما حذفوا الياء كراهة توالي ياءات، وهذا المعنى مفقود في مسألة يمان. فإن قلت: ما ناب عن الثقيل ثقيل بدليل مررت بجواز، قلت: الثقل في اجتماع الياءات لا في وجودها غير مجتمعة، فافهم الفرق. سيوطي باختصار.
قوله: "كل ياء تماثلها... إلخ" سواء كانت للنسب كشافعي، أو لغيره كمرمي وكرسي وقمري، وسيأتي ما إذا بعد حرف واحد في قوله:

ونحو حي فتح ثانيه يجب

وما إذا كانت بعد حرفين في قوله:

وألحقوا معل لام عريا

إلخ. سم. قوله: "مرمي" أي: على الأفصح، وسيأتي مقابله في قوله:

وقيل في المرمي مرموي

قوله: "يقدر حذف الأولى... إلخ" فيه أن حذف الأولى وجعل ياء النسب مكانها واقع لا مقدر. قوله: "لئلا يجعمع أربع ياءات" فيه أن اجتماع أربع ياءات أولاها وثالثها ساكنان جائز؛ بل وارد كما في محيي وأميي، على ما سيأتي في شرح قوله: كذاك يا المنقوص... إلخ، فتدبر. قوله: "إذا سُمي به" قيد بالتسمية؛ لأن جمع التكسير إذا لم يكن علمًا ولا جاريًا مجرى العلم لا ينسب إليه على لفظه؛ بل يرد إلى مفرده ثم ينسب إليه، وقيد في التوضيح التسمية بكونها لمذكر احترازًا عما إذا سمي بها امرأة، فإن مانعه من الصرف العلمية والتأنيث لا صيغة منتهى الجموع، كذا في التصريح. قوله: "مصروفًا" لفقد مفاعيل؛ لأن ياء النسب في تقدير الانفصال. شرح التوضيح للشارح.

ج / 4 ص -251-                            وإِنْ تَكُنْ تَرْبَعُ ذَا ثَانٍ سَكَنْ     فقَلْبُهَا واوًا وحَذْفُهَا حَسَنْ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النسب أيضًا تاء التأنيث، فيقال في النسب إلى فاطمة: فاطمي، وإلى مكة: مكي؛ لئلا تجتمع علامتا تأنيث في نسبة امرأة إلى مكة. وأما قول المتكلمين في ذات: ذاتي، وقول العامة في الخليفة: خليفتي -فلحن، وصوابهما: ذووي وخلفي، ويحذف لها أيضًا مدة التأنيث، والمراد بها ألف التأنيث المقصورة، وهي إما رابعة أو خامسة فصاعدًا، فإن كانت خامسة فصاعدًا حذفت وجهًا واحدًا؛ كقولك في حبارى: حباري، وفي قبعثرى: فبعثري، كما سيأتي. وإن كانت رابعة في اسم ثانيه متحرك حذفت كالخامسة كقولك في جمزى: جمزي، وإن كان ثانيه ساكنًا فوجهان: قلبها واوًا وحذفها، وإلى هذا أشار بقوله: "وإن تكن تربع" أي: تصيره ذا أربعة. "ذا ثان سكن فقلبها واوًا وحذفها حسن" ومثال ذلك: حبلى، تقول فيها على الأول: حبلوي، وعلى الثاني: حبلي.
تنبيهان: الأول: يجوز مع القلب أن يفصل بينها وبين اللام بألف زائدة تشبيهًا بالممدودة، فتقول: حبلاوي.
الثاني: ليس في كلام الناظم ترجيح أحد الوجهين على الآخر، وليسا على حد سواء؛ بل الحذف هو المختار، وقد صرَّح به في غير هذا النظم، وكان الأحسن أن يقول: تحذف

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "غير مصروف" استصحابًا لما كان عليه من الجمعية قبل العلمية. تصريح. قوله: "لئلا يجتمع... إلخ" ولئلا يؤدي إلى وقوع تاء التأنيث حشوًا. قوله: "في نسبة امرأة إلى مكة" لأنه كان يقال: مكتية. قوله: "فلحن" أي: من وجوه في ذاتي؛ لأن القياس قلب ألفه واوًا ورد لامه وقلبها واوًا وحذف التاء، ومن وجهين في خليفتي؛ لأن القياس حذف الياء والتاء. قوله: "المقصورة" وأما الممدودة فستأتي في قوله:

وهمز ذي مد ينال في النسب

إلخ. قوله: "وفي قبعثرى... إلخ" ظاهره أن ألف قبعثرى للتأنيث، والذي في القاموس خلافه، وعبارته: القبعثرى مقصورًا الجمل الضخم، والفصيل المهزول، ودابة تكون في البحر، والعظيم الشديد، والألف ليست للتأنيث ولا للإلحاق؛ بل قسم ثالث. اهـ. وفي كلام غير واحد كالشارح فيما يأتي قريبًا أنها للتكسير. قوله: "جمزى" بفتح الجيم والميم والزاي أي: سريع. قوله: "أي: تصيره ذا أربعة" الضمير يرجع إلى قوله: ذا ثان سكن، ولو أخر التفسير عن قوله: ثان سكن؛ لكان أليق، كما لا يخفى. قوله: "فقلبها واوًا" تشبيهًا بألف نحو: ملهى، وحذفها تشبيهًا بتاء التأنيث لزيادتها، كذا في التصريح. قوله: "ليس في كلام الناظم ترجيح أحد الوجهين... إلخ" قال سم: هذا ممنوع؛ بل قوله الآتي: وللأصلي قلب يُعتمى، كالتصريح في أن الأجود فيها الحذف؛ لأن هذا بيان لمخالفة الأصلي لها؛ وإلا لم يحتج إليه. اهـ. ورده الأسقاطي بأن بيان مخالفة الأصل لها حاصل مع كون الوجهين فيها على السواء. قوله: "بل الحذف هو المختار" لأن شبهها بتاء التأنيث أقوى من شبهها بالمنقلبة عن أصل. تصريح.

ج / 4 ص -252-                          لشِبْهِهَا الْمُلْحِقِ والأصليِّ ما    لها وللأصلي قَلْبُ يُعْتَمَى

والألفَ الجائزَ أربعًا أَزِلْ                           كذاك يا المنقوص خامسًا عُزِلْ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إذن وقبلها واوًا حسن.
"لشبهها الملحق والأصلي ما لها" يعني: أن الألف الرابعة إذا كانت للإلحاق نحو: ذفري، أو منقلبة عن الأصل نحو: مرمي؛ فلها ما لألف التأنيث في نحو: حبلى من القلب والحذف، فتقول: ذفري وذفروي، ومرمي ومرموي؛ إلا أن القلب في الأصل أحسن من الحذف، فمرموي أفصح من مرمي، وإليه أشار بقوله: "وللأصلي قلب يُعتمى" أي: يختار، يقال: اعتماه يعتميه إذا اختاره، واعتامه يعتامه أيضًا. قال طرفة:
1239-

أرى الموتَ يعتام الكرام ويُصطفى                 عَقِيلة مال الفاحش المتشدِّد

تنبيهات: الأول: أراد بالأصلي المنقلب عن أصل واو أو ياء؛ لأن الألف لا تكون أصلًا غير منقلبة؛ إلا في حرف وشبهه.
الثاني: تخصيصه الأصلي بترجيح القلب يوهم أن ألف الإلحاق ليست كذلك؛ بل تكون كألف التأنيث في ترجيح الحذف؛ لأنه مقتضى قوله: ما لها. وقد صرح في الكافية وشرحها بأن القلب في ألف الإلحاق الرابعة أجود من الحذف كالأصلية؛ لكن ذكر أن الحذف في الألف الإلحاق أشبه من الحذف في الأصلية؛ لأن ألف الإلحاق شبيهة بألف حبلى في الزيادة.
الثالث: لم يذكر سيبويه في ألف الإلحاق والمنقلبة عن أصل غير الوجهين المذكورين. وزاد أبو زيد في ألف الإلحاق ثالثًا؛ وهو الفصل بالألف كما في حبلاوي، وحكى أرطاوي، وأجازه السيرافي في الأصلية فتقول: مرماوي.
"والألف الجائز أربعًا أزل" أي: إذا كانت ألف المقصور خامسة فصاعدًا حذفت مطلقًا، سواء كانت أصلية نحو: مصطفى ومستدعى، أو للتأنيث نحو: حبارى وخليطى، أو

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "لشبهها" أي: في كونها رابعة ثاني كلمتيها ساكن كما يؤخذ من التوضيح، وإن لم يفصح الشارح باعتبار سكون الثاني. قوله: "الملحِق" بكسر الحاء أي: الملحق كلمته بكلمة أخرى. قوله: "نحو: ذفرى" بذال معجمة مكسورة ففاء ساكنة. قوله: "ويصطفى عقيلة مال الفاحش المتشدد" عقيلة الشيء أحسنه، ولعل المراد بالفاحش المتشدد البخيل المتكلف للشدة بمعنى الفقر أي: المقتر على نفسه باصطفاء الموت أحسن ما له أنه يميته ويذهبه بلا نفع. قوله: "إلا في حرف" كما الحرفية أو شبهه كما الاسمية. قوله: "لأنه مقتضى قوله: ما لها" أي: في الواقع، وقد ثبت لألف التأنيث في الواقع رجحان الحذف وإن لم يعلم رجحانه فيها من قول المصنف: وإن تكن تربع... إلخ، كما ذكره الشارح هناك.
قوله: "لكن ذكر... إلخ" دفع به توهم كون الحذف فيهما على السواء في الضعف. قوله: "في الزيادة" أي: وحذف الزائد خير من حذف الأصلي. قوله: "وحكى" أي: أبو زيد. وقوله: "أرطاوي" لعله رفعه حكاية لرفعه في تركيب سمع هو كذلك فيه. قوله: "والألف الجائز" بالجيم أي: المجاوز، وضبطه الشاطبي بالحاء المهملة أي: الحائز إليه أربعة أحرف بأن كان هو خامسًا أو سادسًا أو سابعًا. قوله: "أو للتأنيث" لا حاجة إلى إدخال ألف

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1239- البيت من الطويل، وهو لطرفة بن العبد في شرح الشواهد للعيني 4/ 178.

ج / 4 ص -253-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للإلحاق أو التكسير نحو: حبركى وقبعثرى، فتقول فيها: مصطفي ومستدعي وحباري وخليطي وحبركي وقبعثري.
تنبيه: إذا كانت الألف المنقلبة عن أصل خامسة بعد حرف مشددة نحو: معلى، فمذهب سيبويه والجمهور الحذف، وهو المفهوم من إطلاق النظم، وذهب يونس إلى جعله كملهى، فيجوز فيه القلب وهو ضعيف، وشبهته أن كونها خامسة لم يكن إلا بتضعيف اللام، والمضعف بإدغام في حكم حرف واحد فكأنها رابعة، وسيأتي بيان حكم الألف إذا كانت ثالثة. "كذاك يا المنقوص خامسًا عزل" أي: إذا كانت ياء المنقوص خامسة فصاعدًا وجب حذفها عند النسب إليه فتقول في معتد ومستعل: معتدي ومستعلي.
تنبيه: إذا نسبت إلى محيي اسم فاعل حيا يحيي قلت: محوي بحذف الياء الأولى لاجتماع ثلاث ياءات، وكانت أولى بالحذف؛ لأنها ساكنة تشبه ياء زائدة فتلي الفتحة الياء التي كانت الياء المحذوفة مدغمة فيها فتقلب ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وبعد ذلك الياء التي هي لام الكلمة ساكنة فتسقط عند دخول ياء النسب لالتقاء الساكنين وتنقلب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التأنيث في قوله: والألف الجائز... إلخ، لدخولها في قوله قبل ذلك:

وتا تأنيث أو مدته لا تثبتا

قوله: "نحو: حبركى" بحاء مهملة فموحدة فمهملة وهو القراد. وقال الزبيدي: الطويل الظهر القصير الرجلين، وألفه للإلحاق بسفرجل. قوله: "وقبعثرى" مثال لما فيه ألف التكثير، وليست ألفه للتأنيث لقولهم: قبعثراة، ولا للإلحاق إذا ليس لهم اسم سداسي مجرد يلحق هو به؛ إذ نهاية المجرد خمسة كما سيأتي كذا في الفارضي. وبحث فيه بأنهم ألحقوا بالسداسي المزيد كإلحاق اقعنس باحرنجم. قوله: "فتقول فيها: مصطفي" قال المرادي: قد ظهر أن قولهم: مصطفوي خطأ. سم. قوله: "نحو: معلى" استشكله سم بأن معلى ليس ثانيه ساكنًا، ومسألة ملهى مقيدة بسكون الثاني، فكيف يلحق نحو: معلى بملهى. قوله: "وشهبته أن كونها... إلخ" كذا بخطه. وفي بعض النسخ: وهو ضعيف؛ لأن كونها... إلخ. وعليه فاللام لتعليل مذهب يونس لا للضعف. قوله: "وسيأتي بيان... إلخ" أي: في قوله: وحتم قلب ثالث يعن.
قوله: "محيي" هو داخل في عبارة المصنف من حيث حذف خامسه غاية الأمر أن فيه عملًا آخر. سم. قوله: "لاجتماع ثلاث ياءات" لأن الأصل محيي أعلَّ إعلال قاض. سم. أي: فاجتماعها بحسب الأصل. قوله: "تشبه ياء زائدة" أي: في الصورة اللفظية. قوله: "فتلي" أي: بعد حذف الياء الأولى. قوله: "فتقلب ألفًا" فتصير محاي. قوله: "ساكنة" حال من الضمير المستكنِّ في الظرف الخبر. قوله: "فتسقط عند دخول ياء النسب" استشكله سم بأنها محذوفة قبل النسب لالتقاء الساكنين هي والتنوين. قال: وكلام المبرد متجه لسلامته من هذا فليتأمل. اهـ. قال البعض: وقد يقال: التنوين يحذف لياء النسب فتعود الياء فيتجه ما ذكر. اهـ. وفيه أن ياء النسب مانعة كالتنوين

 

ج / 4 ص -254-                                والحذفُ في اليا رابعًا أحقُّ مِنْ        قَلْبٍ وحَتْمٌ قَلْبُ ثالثٍ يَعِن


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الألف واوًا فيصير محويًّا. وقال الجرمي: وهذا أجود كما تقول: أُموي، وفيه وجه آخر؛ وهو محيي كما تقول: أمي. قال المبرد: وهو أجود؛ لأنا نحذف الياء الأخيرة لاجتماع ساكنين، وخامسة فتصير إلى محي كأمي، ثم تضيف ياء النسبة فتقول: محيي، فيجتمع أربع ياءات لسكون الأولى والثالثة.
"والحذف في اليا" من المنقوص حال كون الياء "رابعًا أحق من قلب" فقولك في النسب إلى قاض: قاضي، أجود من قاضوي. ومن القلب قوله:
1240-

فكيف لنا بالشُّرْب إن لم يكن لنا                   دراهم عند الحانوي ولا نَقْدُ

جعل اسم الموضع حانية ونسب إليه. قال السيرافي: والمعروف في الموضع الذي يباع فيه الخمر حانة بلا ياء.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أن القلب في هذا ونحوه مطرد، وذكر غيره أن القلب عند سيبويه من شواذ تغيير النسب، قيل: ولم يسمع إلا في هذا البيت. "وحتم قلب ثالث

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من عود الياء، فكان ينبغي للشارح أن يقول بدل قوله: وبعد... إلخ، واستمر سقوط الياء الساكنة التي هي لام الكلمة عند دخول ياء النسب؛ لأن أحد الساكنين اللذين حذفت لام الكلمة لالتقائهما قبل ياء النسب وهو التنوين وإن زال بدخول ياء النسب؛ لكن خلفه ياء النسب لسكون صدرها. فإن قلت: قد أعادوا ألف فتى وياء شج عند النسب إليهما، بدليل قلب الألف واوًا والياء ألفًا، ثم واوًا مع وجود ياء النسب. وهذا يؤيد ما ذكره الشارح، قلت: لم يعيد وهمًا حقيقة، وأما لحظوهما لأجل مجيء الواو المتحركة فهي المجامعة لياء النسب دونهما، ولا حاجة في محوي إلى لحظ الياء الأخيرة، هذا ما ظهر لي هنا، فتأمل.
قوله: "وتنقلب الألف واوًا" لوجوب كسر ما قبل ياء النسب، والألف لا تقبل الحركة، ولم تقلب الألف ياء؛ لئلا يجتمع الكسر والياءات كما سينبه عليه الشارح في شرح قوله: وحتم قلب ثالث يعن. قوله: "قال الجرمي: وهذا أجود" أي: لعدم توالي الياءات. قوله: "كما تقول: أُموي" بضم الهمزة نسبة إلى أمية قبيلة من قريش، وشذ أَموي بفتح الهمزة. اهـ شرح الشافية. قوله: "كما تقول: أمي" قال المرادي: في تنظيره به نظر؛ لأن أمييا شاذٌّ، وأما محيي فهو وجه قوي. اهـ. وقد يقال: التنظير به إنما هو في مجرد الهيئة واجتماع أربع ياءات.
قوله: "قال المبرد: وهو أجود" قال: لأني لا أجمع حذفًا بعد حذف على كلمة واحدة. قوله: "لاجتماع الساكنين" هما على هذا الوجه الياء والتنوين. قوله: "فيجتمع أربع ياءات... إلخ" أي: اجتماعًا جائزًا. فقوله: لسكون الأولى... إلخ تعليل لمحذوف أي: وجاز هذا الاجتماع لسكون... إلخ. قوله: "حانية" وهي فاعلة من حنوت إذا عطفت

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1240- البيت من الطويل، وهو لتميم بن مقبل في ملحق ديوانه ص362، وأساس البلاغة ص319 "عين"، ولذي الرمة في ملحق ديوانه ص1862، ولسان العرب 3/ 298 "عون"، ولعمارة في شرح المفصل 5/ 151، والمحتسب 1/ 134، 2/ 236، وللفرزدق في المقاصد النحوية 4/ 538، وبلا نسبة في شرح التصريح 2/ 329، والكتاب 3/ 341، ولسان العرب 14/ 205 "حنا".

ج / 4 ص -255-                               وأَوْلِ ذا القلب انفتاحًا وفَعِلْ  وفُعِل عَيْنَهُمَا افْتَحْ وفِعِلْ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يعن" سواء كان ياء منقوص أو ألف مقصور نحو: عمٍ وفتى، فتقول فيهما: عموي وفتوي؛ وإنما قلبت الألف في فتى واوًا وأصلها الياء كراهة اجتماع الكسرة والياءات.
"وأول ذا القلب انفتاحًا" أي: أن ياء المنقوص إذا قلبت واوًا فتح ما قبلها، والتحقيق أن الفتح سابق للقلب، وذلك أنه إذا أريد النسب إلى نحو: شج، فتحت عينه كما تُفتح عين نمر وسيأتي،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كأنه جعل البقعة الجامعة للشراب حانية عليهم كما تحنو الأم على بنيها، نقله شيخنا عن الشارح. قوله: "يعن" أي: يعرض، والجملة نعت ثالث.
قوله: "سواء كان ياء منقوص أو ألف مقصور" بقي ما إذا كان ثالث الكلمة ياء ساكنًا ما قبلها كظبي وظبية، فمذهب سيبويه النسب إليه على حاله بلا قلب فيقال: ظبي. ومذهب يونس والزجاج فتح ما قبل الياء، فتنقلب هي ألفًا، ثم تقلب الألف واوًا فيقال: ظبوي، واحتجا بقول بعض العرب: قروي بفتح الراء نسبة إلى قرية، كذا في الفارضي. وقول البعض: ظاهر كلام المصنف القلب فيما إذا كان الثاني ساكنًا كظبي لا يناسب حمل الشارح كلام المصنف على المنقوص والمقصور، والذي في الهمع أن نحو: ظبي وغزو لا يغير اتفاقًا، وأن الخلاف في المؤنث بالتاء كظبية وغزوة، فمذهب سيبويه والخليل أنه لا يغير أيضًا بعد حذف التاء ووافقهما ابن عصفور في الواوي. ومذهب يونس والزجاج فتح ما قبل الياء وقلبها واوًا في اليائي، وفتح ما قبل الواو في الواويّ. ووافقهما ابن عصفور في اليائي، وأن في نحو: غاية مما ثالثه ياء بعد ألف ثلاثة أوجه: عدم تغييره بعد حذف التاء، وإبدال الياء همزة، وإبدال الهمزة المبدلة من الياء واوًا، وأوسطها أجودها، وأن في نحو: سقاية وحولايا وجهين: إبدال الياء همزة؛ لأن التاء والألف يحذفان، فتتطرف الياء وقبلها ألف زائدة فتقلب همزة كما هو قاعدة باب الإبدال، وإبدال هذه الهمزة واوًا نحو: سقاوة، فتبقى الواو فيه بحالها ولا تقلب همزة.
قوله: "نحو: عم" بكسر الميم كشج ليكون مثالًا للمنقوص، وإن كان رسمه بالياء في كثير من النسخ يأبى ذلك. قوله: "وأول ذا القلب" أي: صاحب القلب أي: الحرف المقلوب، ويحتمل أن ذا إشارية والقلب بمعنى المقلوب نعت أو بدل أو عطف بيان. قوله: "إذا قلبت واوًا" أي: بعد ردها إن كانت محذوفة وقلبها ألفًا مطلقًا، والشارح أطلق كالناظم القلب، فشمل الواجب كما في الشجي والجائز كما في القاضي، فتقول: الشجوي والقاضوي بفتح ما قبل الواو، كما صرح به الفارضي.
قوله: "والتحقيق أن الفتح سابق للقلب" أي: لأجله أي: وكلام المصنف غير وافٍ بذلك؛ لأنه إنما يفيد تبعية الحرف المقلوب للفتح. وأما سبق الفتح على نفس القلب فمسكوت عنه، وإن كان ظاهر قول الشارح أي: أن ياء المنقوص إذا قلبت واوًا فتح ما قبلها أن عبارة المصنف تفيد سبق القلب على الفتح؛ وإنما قلنا: ظاهر؛ لإمكان حمل قوله: إذا قلبت واوًا على معنى إذا أريد قلبها واوًا أعم من أن تقلب بالفعل أو لا، هذا ولو أبقي القلب على معناه المصدري نعتًا أو بدلًا أو بيانًا من ذا الإشارية؛ لأفاد سبق الفتح على نفس القلب؛ لأن المفعول الأول فاعل في المعنى؛ فيكون كلامه صريحًا في أن القلب ولي الفتح، هكذا ينبغي تقرير هذا المحل، وبه تعلم ما في

ج / 4 ص -256-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فإذا فتحت انقلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها فيصير شجى مثل فتى، ثم تقلب ألفه واوًا كما تقلب في فتى.
"وفعل وفعل عينهما افتح وفعل" يعني: أن المنسوب إليه إذا كان ثلاثيًّا مكسور العين وجب فتح عينه، سواء كان مفتوح الفاء كنمر، أو مكسورها كإبل، أو مضمومها كدئل، فتقول فيها: نمري وإبلي ودئلي كراهة اجتماع الكسرة مع الياء، وشذ فولهم في النسب إلى الصعق: صِعِقي بكسر الفاء والعين، وذلك أنهم كسروا الفاء اتباعًا للعين، ثم استصحبوا ذلك بعد النسب شذوذًا.
تنبيه: فهم من اقتصاره على الثلاثي أن ما زاد على الثلاثة مما قبل آخر كسرة لا يغير، فاندرج في ذلك صور؛ الأولى: ما كان على خمسة أحرف نحو: جحمرش. والثانية: ما كان على أربعة أحرف متحركات نحو: جُنَدِل. والثالثة: ما كان على أربعة وثانيه ساكن نحو: تغلب، فالأولان لا يغيران. وأما الثالث ففيه وجهان: أعرفهما أنه لا يغير، والآخر أنه يفتح، وقد سمع الفتح مع الكسرة في تغلبي ويحصبي ويثربي، وفي القياس عليه خلاف: ذهب المبرد وابن السراج والرماني ومَن وافقهم إلى اطراده، وهو عند الخليل وسيبويه شاذ مقصور على السماع. وقد ظهر بهذا أن قول الشارح: وإن كانت الكسرة مسبوقة بأكثر من

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كلام شيخنا والبعض. قوله: "شج" بالشين المعجمة أي: حزين.
قوله: "فتحت عينه" تخفيفًا وتوصلًا إلى القلب. سم. قوله: "وجب فتح عينه" خالف في وجوبه ظاهر القزويني، فجوز بقاء كسرة العين كما نقله عنه أبو حيان، قاله في الهمع. قوله: "كراهة اجتماع الكسرة مع الياء" أل في الكسرة للجنس الصادق بكسرتين كما في نمري وثلاث كما في إبلي، ويرد عليه أن هذا الاجتماع موجود في نحو: جحمرش وجندل. وقال ابن هشام: لئلا تستولي الكسرات على أكثر حروف الكلمة؛ ومن ثم وجب بقاء الكسرة في نحو: علبط؛ وإنما جاز الوجهان في تغلب على ما ذكروا؛ لأن الساكن منهم مَن يعتد به، ومنهم مَن لا يعتد به، فعلى الأول هو بمنزلة علبط، وعلى الثاني هو بمنزلة نمر. اهـ. وهذا سالم مما مر.
قوله: "إلى الصعق" هو في الأصل بفتح الصاد وكسر العين، فكسروا الفاء إتباعًا للعين قبل النسب، كما في الفارضي، ثم استصحبوا كسرها بعد النسب، كما في الشرح؛ وحينئذ فالمنسوب إليه الصعق بكسر الصاد والعين.
قوله: "ثم استصحبوا ذلك" أي: كسر الفاء والعين بعد النسب شذوذًا، وكان القياس أن يفتحوا عينه فتفتح فاؤه لزوال سبب كسرها وهو إتباع كسر العين، وليس اسم الإشارة راجعًا إلى كسر الفاء فقط؛ لأن مجرده ليس بشاذ. قوله: "جحمرش" بفتح الجيم وسكون الحاء المهملة وفتح الميم وكسر الراء بعدها شين معجمة وهي العجوز الكبيرة والمرأة السمجة. قوله: "جندل" أي: بضم الجيم وفتح النون وكسر الدال وهو الموضع الذي تجتمع فيه الحجارة، قاله في القاموس، وسيأتي للشارح في التصريف جعله بفتح الجيم فيكون فيه الوجهان. قوله: "وفي القياس عليه" أي: على الفتح. قال الفارضي: فتقول أي: على القول بقياسيته في النسب إلى مغرب مغربي بفتح

 

ج / 4 ص -257-                        وقِيلَ في المرميِّ مَرْمَويّ           واختيرَ في استعمالهم مَرْمِيُّ

ونحو حيٍّ فَتْحُ ثانيه يَجِبْ                    واردده واوًا إن يكن عنه قُلِبْ


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حرف جاز الوجهان ليس بجيد لشموله الصور الثلاث؛ وإنما الوجهان في نحو تغلب.
"وقيل في المرمي مرموي واختير في استعمالهم مرمي" هذه المسألة تقدمت في قوله: ومثله مما حواه احذف؛ لكن أعادها هنا للتنبيه على أن من العرب من يفرق بين ما ياءاه زائدتان كالشافعي وما إحدى ياءيه أصلية كمرمي، فيوافق في الأول على المحذوف فيقول في النسب إلى شافعي: شافعي، وأما الثاني فلا يحذف ياءيه؛ بل يحذف الزائدة منهما ويقلب الأصلية واوًا فيقول في النسب إلى مرمي: مرموي، وهي لغة قليلة، المختار خلافها. قال في الارتشاف: وشذ في مرمي مرموي.
تنبيه: هذا البيت متعلق بقوله: ومثله مما حواه حذف، فكان المناسب تقديمه إليه كما فعل في الكافية، ولعل سبب تأخيره ارتباط الأبيات المتقدمة بعضها ببعض، فلم يمكن إدخاله بينها بخلاف الكافية.
"ونحو حي فتح ثانيه يجب" أي: إذا نسب إلى ما آخره ياء مشددة، فإما أن تكون مسبوقة بحرف أو بحرفين أو ثلاثة فأكثر، فإن كانت مسبوقة بحرف لم يحذف من الاسم شيء عند النسب؛ ولكن يفتح ثانيه ويعامل معاملة المقصور الثلاثي، فإن كان ثانيه ياء في الأصل لم تزد على ذلك كقولك في حي: حيوي، فتحت ثانيه فقلبت الياء الأخيرة ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم قلبت واوًا لأجل ياء النسب. وإن كان ثانيه في الأصل واوًا رددته إلى أصله: فتقول في طي طووي؛ لأنه من طويت. وقد أشار إلى هذا بقوله: "واردده واوًا إن يكن عنه قلب" وإن كانت مسبوقة بحرفين، فسيأتي حكمها، وإن كانت مسبوقة بثلاثة فأكثر فقد تقدم حكمها.
"وعلم التثنية احذف للنسب ومثل ذا في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الراء. قوله: "واختير في استعمالهم مرمي" وقال بعضهم: مرموي أحسن من جهة أمن اللبس. قوله: "هذه المسألة تقدمت... إلخ" قال سم: فيه مساهلة. اهـ. ووجهها أن الذي تقدم في قوله: ومثله مما حواه احذف، أنه يقال في النسبة إلى مرمي: مرمي بحذف ياءيه معًا، وأما أنه يقال: مرمومي، وأن المختار مرمي فلا. قوله: "بل يحذف الزائدة منهما" وهي الأولى لا نقلًا بها عن واو مفعول.
قوله: "وشذ في مرمي مرموي" تعبير الارتشاف بالشذوذ ينافي ما يتبادر من تعبير الشارح بقلة مرموي، وتعبير المصنف والشارح باختيار مرمي من اطراد مرموي مع مرجوحيته، فلعل في المسألة خلافًا، فتأمل. قوله: "ويعامل معاملة المقصور الثلاثي" أي: من قلب ثالثه ألفًا لتحركه وانفتاح ما قبله ثم واو لأجل ياء النسب. قوله: "حيوي" ولم يقلب حرف العلة الأوَّل في حيوي وطووي ألفًا لما يلزم من زيادة التغيير مع اللبس، أو لأن حركته عارضة ولا الثاني لسكون ما بعده ووجوب كسر متلو ياء النسب.
قوله: "رددته إلى أصله" أي: زيادة على ما تقدم من فتح ثانيه فقلب ثالثه ألفًا فواوًا. قوله: "واردده" أي: الثاني. قوله: "فسيأتي حكمها" أي: في قوله:

وألحقوا معلّ لام عريا

قوله: "فقد تقدم حكمها" أي: في قوله: ومثله مما حواه احذف. سم. قوله: "وعلم التثنية"

ج / 4 ص -258-                        وعَلَمَ التثنيةِ احذِفْ للنسَبْ        ومِثْلُ ذا في جَمْعِ تَصْحِيح وَجَبْ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جمع تصحيح وجب" فتقول في النسب إلى مسلِمَين ومسلِمِين ومسلمات مسلمي، وفي النسب إلى تمرات تمري بالإسكان، وحكم ما سمي به من ذلك على لغة الحكاية كذلك، وعلى هذا يقال في النسب إلى نصيبين: نصيبي، وإلى عرفات: عرفي. وأما من أجرى المثنى مجرى حمدان والجمع المذكر مجرى غسلين فإنه لا يحذف؛ بل يقول في النسب إلى من اسمه مسلمان: مسلماني، وفي النسب إلى نصيبين: نصيبيني، ومن أجرى الجمع المذكر مجرى هارون، أو مجرى عربون، أو ألزمه الواو وفتح النون، قال فيمن اسمه مسلمون: مسلموني، ومن منع صرف الجمع المؤنث نزل تاء منزلة تاء مكة، وألفه منزلة ألف جزى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: علامته احذف للنسب أي: لأجله؛ لأن المثنى والجمع قبل التسمية بهما إنما ينسب لمفردهما كما في التوضيح. قال الفارضي: فإن خفيف لبس جيء بقرينة. اهـ. فأما إذا كان المخوف الإجمال فلا تجب القرينة. قوله: "في جمع تصحيح" أي: لمذكر أو مؤنث كما سيأتي في الشرح. قوله: "مسلمي" أي: هذا اللفظ والمفرد المراد منه لفظه يعمل فيه القول، فلا حاجة إلى ما تكلفه البعض من جعله خبير مبتدأ محذوف أي: هذا مسلمي، والجملة مقول القول. نعم، رفعه حكاية لحاله في جملة وقع فيها مرفوعًا. قوله: "إلى تمرات" بالفوقية. وقوله: تمري بالإسكان أي: للميم؛ لأنه الموجود في المفرد المردود إليه الجمع عند النسب إليه. قوله: "على لغة الحكاية" أي: لغة إعرابه بعد التسمية كإعرابه قبلها. قوله: "كذلك" أي: كالمثنى والجمع غير المسمى بهما في حذف العلامة والرد إلى المفرد ثم لحاق ياء النسب. قوله: "مجرى حمدان" أي: في لزوم الألف والمنع من الصرف لزيادة الألف والنون. وفي الفارضي أن منهم من يجريه مجرى سرحان في لزوم الألف والصرف، وأن النسب إليه على هذا الوجه بثبوت الألف والنون، ويمكن إدراجه في قوله: مجرى حمدان، بأن يراد مجراه في لزوم الألف، وجعل الإعراب على النون أعم من أن يكون مصروفًا أو لا؛ لكن صرفه مشكل مع اجتماع العلمية وزيادة الألف والنون.
قوله: "مجرى هارون" أي: في لزوم الواو والمنع من الصرف للعلمية وشبه العجمة. قوله: "أو مجرى عربون" أي: في لزوم الواو والصرف. قوله: "أو ألزمه الواو وفتح النون" أي: فيكون معربًا عنده بحركات مقدَّرة على الواو منع من ظهورها حكاية أصله حالة رفعه التي هي أشرف أحواله، كما أن لزوم فتح النون لحكاية أصله لا الثقل؛ لأنه لا ينهض حالة النصب لخفة الفتحة على الواو.
قوله: "ومن منع صرف... إلخ" لما فرغ من التثنية وجمع المذكر السالم المسمى بهما أخذ يتكلم على جمع الإناث السالم المسمى به. قوله: "نزل تاءه... إلخ" هذا فيما ثانيه متحرك وألفه رابعة، وأما نحو: مسلمات وسرادقات، فهو وإن كان كذلك في حذف الألف والتاء إلا أنه سيذكره، فلو أدخلناه هنا لزم في كلامه تكرار، وأما نحو: ضخمات ففيه الحذف والقلب، كما سيأتي. يعني: وأما من أعربه إعراب أصله الذي هو جمع المؤنث السالم فيحذف الألف والتاء أيضًا؛ لكن لا لأجل التنزيل المذكور؛ بل لأن علامة جمع التصحيح تحذف عند النسب كما مر، ويقول: تمري بسكون الميم كما هو مقتضى قول الشراح سابقًا وحكم ما سمى به

ج / 4 ص -259-                              وثالثٌ من نحو طَيِّبٍ حُذِفْ    وشَذَّ طَائِيّ مَقُولًا بِالأَلِفْ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فحذفهما، فيقول فيمن اسمه تمرات: تمري بالفتح، وأما نحو: ضخمات ففي ألفه القلب والحذف؛ لأنها كألف حبلى، وليس في ألف نحو: مسلمات وسرادقات إلا الحذف، وحكم ما أُلحق بالمثنى والمجموع تصحيحًا حكمهما، فتقول في النسب إلى اثنين: اثني وثنوي، وإلى عشرين: عشري، وإلى أولات: أولي.
"وثالث من نحو طيب حذف" أي: إذا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من ذلك... إلخ، وبما ذكره من التنزيل يظهر وجه حذف علامة جمع المؤنث السالم المسمى به على غير لغة حكاية أصله وإبقاء علامة المثنى وجمع المذكر السالم المسمى بهما على غير لغة حكاية أصلهما، فتدبر. قوله: "وأما نحو: ضخمات" أي: مما ثانيه ساكن وألفه رابعة لا فرق بين الصفة كضخمات والاسم كهندات، فتقول: هندي وهندوي، كذا في الفارضي، وبه يعلم ما في كلام شيخنا والبعض من القصور.
قوله: "ففي ألفه القلب" أي: مع الفصل بالألف وبدونه فتقول: ضخماوي وضخموي كما في حبلى. قوله: "والحذف" قال الفارضي: وهو المختار. قوله: "وليس في ألف نحو: مسلمات وسرادقات" أي: مما ألفه خامسة فصاعدًا، سواء كان جمعًا لاسم أو صفة، ومعلوم من تصدير الشارح كلامه في الجمع المؤنث بقوله: ومن منع صرف الجمع المؤنث، أن فرض كلامه هنا في لغة من منع صرفه وإن وجب حذف الألف والتاء في نحو: مسلمات وسرادقات، على لغة من حكى أيضًا كما فهم من قوله سابقًا: وحكم ما سمي به من ذلك على لغة الحكاية كذلك. اهـ. فتقول على اللغتين: مسلمي وسرادقيّ؛ لأنك على اللغة الأولى تحذف التاء، وتجري مسلمًا وسرادقًا مجرى قرقرى ومستقصى في حذف الألف، وعلى الثانية تحذف الألف والتاء؛ لأن علامة جمع التصحيح تحذف عند النسب، كذا في الفارضي، فعلم أن نحو: تمرات، مما ألفه رابعة وثانيه متحرِّك كنحو: مسلمات وسرادقات، مما ألفه خامسة فصاعدًا في وجوب حذف الألف والتاء، وإن أوهم تغييره أسلوب التعبير خلافه.
قوله: "اثني وثنوي" أي: بالرد إلى المفرد المقدَّر؛ لكن الأوَّل نسب إليه على لفظه بإبقاء همزة الوصل وعدم ردِّ اللام؛ لأن همزة الوصل عوض عنها، والثاني نسب إليه على أصله؛ لأن أصل اثن المقدر ثنو، يؤخذ ما قررناه من قول الشارح في شرح قول المصنف: واجبر برد اللام... إلخ ما نصه: إذا نسب إلى ما حذفت لامه وعوض منها همزة الوصل جاز أن يجبر وتحذف الهمزة وألا يجبر وتستصحب فتقول في ابن واسم واست: بنوي وسموي وستهي على الأوَّل، وابني واسمي واستي على الثاني. اهـ. فعلم بطلان ما نقله شيخنا والبعض عن سم، وأقراه من أنه إذا سمي باثنان قيل: اثني، اعتبارًا بلفظه، وإذا لم يسم به قيل: ثنوي ردًّا إلى أصله، ثم ما ذكره الشارح من أنه يقال: اثني أو ثنوي؛ إنما هو في النسب إلى اثنان غير مسمى به أو مسمى به على لغة حكاية ما قبل التسمية. أما المسمى به على غير لغة الحكاية من إجرائه مجرى حمدان أو سرحان فيقال: اثناني بلزوم الألف والنون، هذا مقتضى قول الشارح وحكم ما ألحق بالمثنى والمجموع تصحيحًا حكمهما.

ج / 4 ص -260-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقع قبل الحرف المكسور لأجل ياء النسب ياء مكسورة مدغم فيها مثلها -حذفت المكسورة، فتقول في طيب: طيبي، وفي ميت: ميتي كراهة اجتماع الياءات والكسرة.
"وشذ" في النسب إلى طيئ "طائي مقولًا بالألف" إذ قياسه طيئي بسكون الياء كطيبي، فقلبوها ألفًا على غير قياس لأنها ساكنة، ولا تقلب ألفًا إلا المتحركة، فإن كانت الياء مفردة نحو: مُغيل، أو مشددة مفتوحة نحو: هبيخ، أو فصل بينها وبين المكسور نحو: مهييم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وإلى عشرين عشري" أي: سواء كان المنسوب إليه الذي هو عشرون غير مسمى به أو مسمى به لكن على لغة حكاية ما قبل التسمية، أما هو على غير لغة الحكاية من بقية الأوجه المتقدِّمة في المسمى بالجمع الحقيقي فيقال: عشريني بلزوم الياء والنون عند من يجري المسمى به غسلين وعشروني بلزوم الواو والنون عند من يجريه مجرى هارون أو عربون، أو يلزمه الواو وفتح النون، هذا مقتضى قول الشارح، وحكم ما ألحق بالمثنى والمجموع تصحيحًا حكمهما.
قوله: "وإلى أولات أولى" قد يقال: هلا قيل: أولوي؛ لأن الألف إما زائدة كالتاء ولام الكلمة محذوفة والأصل أوليات كما قيل، فترد اللام وتقلب ألفًا ثم واوًا عند النسب إليه وتحذف الألف والتاء المزيدتان كسائر الجموع بهما المحذوفة اللام، لا فرق في ذلك على هذا الوجه بين أن ينسب إليه قبل التسمية به أو بعدها على لغة الحكاية، وهو ظاهر، أو على لغة منع الصرف؛ لأنك ترد اللام وتحذف تاء التأنيث، ثم الألف إجراء لها مجرى ألف جمزى، كما سبق في الجمع، أو منقلبة عن اللام والأصل ألية كما قيل أيضًا؛ بل رجح على الأول لضعفه بأن أولات عليه جمع حقيقي، والمقرَّر أنه ملحق فتقلب ألفًا ثم واوًا عند النسب وتحذف التاء لا فرق في ذلك على هذا الوجه أيضًا بين أن ينسب إليه قبل التسمية به أو بعدها على لغة الحكاية أو منع الصرف؛ لأنه على هذا الوجه كفتاة. نعم، يظهر على الوجه الأوَّل جواز أولى أيضًا لجواز عدم رد اللام التي لم ترد في تثنية وجمع، ويصدق على لام أولات على الأوَّل أنها لم ترد في تثنية أو جمع، هكذا ينبغي تقرير هذا المحل، ومنه يعلم خلل تقرير الحواشي للإيراد، وخلل ما أجابوا به عنه فتنبه، والله الموفق.
قوله: "إذا وقع... إلخ" حاصله أن الشروط ثلاثة: كون الياء مشددة، وكونها مكسورة، وكونها متصلة بالحرف الأخير. قوله: "حذفت المكسورة" وهي الياء الثانية. قوله: "في طيب... إلخ" مثل بمثالين إشارة إلى أنه لا فرق بين أن تكون الياء المكسورة أصلية كما في طيب أو منقلبة عن أصل كما في ميت. قوله: "كراهة اجتماع الياءات والكسرة" أل للجنس؛ إذ فيه كسرتان. وعبارة الفارضي: لاجتماع كسرتين وأربع ياءات. قوله: "فإن كانت الياء مفردة" محترز قوله: مدغم فيها مثلها، وقوله: أو مشددة مفتوحة محترز قوله: مكسورة، وقوله: أو فصل... إلخ محترز قوله: قبل الحرف المكسور فيه لف ونشر مشوش.
قوله: "نحو: مغيل" ضبطه سم بضم الميم وسكون الغين المعجمة وكسر التحتية اسم فاعل من أغليت المرأة ولدها أرضعته وهي تؤتى أو وهي حامل، وفي القاموس ما يشهد له، ويؤيده بقية قوافي القصيدة؛ فيكون عدم إعلاله كمقيم ومبين سماعيًّا.
قوله: "نحو: هبيخ" هو الغلام الممتلئ شحمًا، وقيل: الغلام الناعم. قوله: "نحو: مهييم" لا

 

ج / 4 ص -261-                            وفَعَليُّ في فَعِيلَة التُزِمْ          وفُعْلِي في فُعَيْلَة حُتِمْ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تصغير مهيام مفعال من هام لم تحذف؛ بل يقال في النسب إلى هذه: مغيلي وهبيخي ومهييمي؛ لنقص الثقل بعدم الإدغام وبالفتح وبالفصل بالمد.
تنبيه: دخل في إطلاق الناظم نحو: غزيل تصغير غزال، فتقول فيه: غزيلي، وقد نص على ذلك جماعة، وإن كان سيبويه لم يمثل إلا بغير المصغر، ودخل فيه أيضًا أيم، فيقال فيه: أيمي، وهو مقتضى إطلاق سيبويه والنحاة، وقال أبو سعيد في كتابه المستوفى: وتقول في أيم أيمي؛ لأنك لو حذفت الياء المتحركة لم يبقَ ما يدل عليها، قيل: وليس بتعليل واضح، ولو علل بالالتباس بالنسب إلى أيم لكان حسنًا.
"وفعلي في فعيلة التزم" أي: التزم في النسبة إلى فعيلة حذف التاء والياء وفتح العين كقولهم في النسبة إلى حنيفة: حنفي، وإلى بجيلة: بجلي، وإلى صحيفة: صحفي، حذفوا تاء التأنيث أولًا ثم حذفوا الياء ثم قلبوا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقال: اجتمع ثلاث ياءات ولم تحذف إحداها فيخالف ما تقدم؛ لأنا نقول: إذا اجتمعت طرفا حقيقة أو حكما. سم. قوله: "تصغير مهيام" أو تصغير مهوم من هوم الرجل إذا هز رأسه من النعاس أو تصغير مهيم اسم فاعل من هيمه الحب إذا جعله هائمًا. تصريح. قوله: "من هام إذا عطش" أو من هام على وجهه إذا ذهب من شدة العشق. تصريح.
قوله: "دخل في إطلاق الناظم" أي: نحو طيب؛ حيث لم يقيده بكون يائه متأصلة أو عارضة؛ بسبب تصغير مثلا، ولا ينافي الدخول قوله: ثالث؛ لما سأذكره من أنه بيان للواقع في طيب. قوله: "وقد نص على ذلك جماعة" فلا يشترط كون هذه الياء المحذوفة ثالثة؛ بل الرابعة فأكثر كذلك، كما قاله الفارضي، ونقله عن غير واحد كابن عقيل في شرح التسهيل. فقول المصنف: وثالث، ليس تقييدًا؛ بل بيان الواقع في طيب؛ إذ الواقع أن الياء في طيب ثالثة، وإن وقعت في بعض صور نحوه رابعة مثلًا كغزيل، وإليه يشير قول الشارح: دخل في إطلاق الناظم. ولو قال المصنف: ونحو ثالث لطيب حذف؛ لكان أوفَى بالمراد. قوله: "أيم" هو مَن لا زوج لها ومَن لا امرأة له كما في القاموس.
قوله: "لم يبقَ ما يدل عليها" أي: فيلتبس بالنسب إلى أيم بسكون الياء، فهذا التعليل في الحقيقة بمعنى التعليل الثاني؛ لكن لما حذف منه محط العلة، وهو ما يترتب على عدم الدلالة على حذف الياء من الالتباس المذكور اعترضه بعضهم بعدم الوضوح. قوله: "ولو علل بالالتباس... إلخ" يرد عليه أنه موجود في ميتي بالتخفيف نسبة إلى ميت بالتشديد لالتباسه بالمنسوب إلى ميت بالتخفيف، على أن سم جعل اللازم في أيم بسكون الياء إجمالًا لا إلباسًا، فلا يرد على مقتضى إطلاق سيبويه، وقد ينازع فيه، فتأمل.
قوله: "إلى أيم" بفتح الهمزة وسكون التحتية مصدر آم بمد الهمزة كباع أي: صار أيِّمًا بالتشديد. قوله: "وفعلي في فعيلة التزم" ذكر الشيخ خالد أن كلًّا من فعيلة وفعيلة ممنوع من الصرف للعلمية على الوزن والتأنيث كما قدمه في نظيرهما أفعلة.
قوله: "حذفوا تاء التأنيث أولًا" أي: لأنها لا تجامع ياء النسب. قوله: "ثم حذفوا الياء" أي: فرقًا بين المؤنث والمذكر كحنيفي وشريفي في النسب إلى حنيف وشريف، كما سيأتي، ولم يعكسوا؛ لأن المؤنث حذفت منه تاء التأنيث في النسب، فحذفت الياء تبعًا لها. اهـ فارضي. ويقال

ج / 4 ص -262-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكسر فتحًا، وأما قولهم في سليمة: سليمي، وفي عميرة -كلب- عميري، وفي السليقة: سليقي -والسيلقي الذي يتكلم بأصل طبيعته معربًا- قال الشاعر:
1241-

ولست بنحوي يَلُوكُ لسانُه                      ولكنه سَلِيقِيٌّ أقول فأُعرب

فإن هذه الكلمات جاءت شاذة للتنبيه على الأصل المرفوض، وأشذ منه قولهم: عبدي وجذمي بالضم في بني عبيدة وجذيمة.
تنبيه: ألحق سيبويه فعولة بفعيلة صحيح اللام كان أو معتلها، فتقول في النسب إلى فروقة وعدوة: فرقي وعدوي، وحجته في ذلك قول العرب في النسب إلى شنوءة: شنئي، وهذا عند المبرد من الشاذ؛ فلا يقاس عليه؛ بل يقول في كل ما سواه من فعولة فعولى، كما يقول الجميع في فعول صحيحًا كان كسلول، أو معتلًّا كعدو؛ إذ لا يقال فيهما باتفاق الأسلولي وعدوي؛ وإنما قاس سيبويه على شنئيّ ولم يسمع في ذلك غيره؛ لأنه لم يرد ما يخالفه.
"وفعلي في فعيلة حتم" أي: حتم في النسبة إلى فعيلة حذف الياء والتاء أيضًا كقولهم في النسب إلى جهينة: جهني، وإلى قريظة: قرظي، وإلى مزينة: مزني، حذفوا تاء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مثل هذا في حذف ياء فعيلة بضم الفاء. فإن قلت: هذا مقتضٍ لإبقاء ياء فعيل وفعيل المعتلي اللام، فلِمَ حذفت؟ قلت: اجتمع مع هذا المقتضي مانع وهو اجتماع أربع ياءات كما سيأتي؛ فلذا حذفوا الياء تغليبًا للمانع؛ ولذا لم يحذفوا في نحو: طويلة وجليلة. قوله: "ثم قلبوا الكسر فتحًا" أي: لئلا تتوالى كسرتان وياء النسب. قوله: "في سليمة" يعني: سليمة الأزد. أما سليمة غير الأزد فيقال: سلمي على القياس. تصريح.
قوله: "معربًا" حال من ضمير يتكلم. قوله: "يلوك لسانه" لاك الشيء في فمه علكه. عيني. قوله: "فإن هذه الكلمات" خبر عن قولهم: والعائد محذوف أي: فيه. قوله: "وأشذ منه قولهم: عبدي وجذمي" أي: بضم العين والجيم في بني عبيدة وجذيمة أي: بفتحها، وإنما كان أشذ مما قبله. قال المرادي: لأن ما تقدم رجوع إلى أصل مرفوض، وأما الضم فلا وجه له.
قوله: "فرقي" أي: بفتح الراء وعدوي أي: بفتح الدال كما صرح بذلك الفارضي، وعبارته إذا نسب إلى اسم فيه واو رابعة فصاعدًا قبلها ضمة حذفت الواو، فتقول في النسب إلى مرموة وقمحدوة: مرمي وقمحدي، فإن كانت الواو ثالثة وقبلها ضمة حذفت كذلك عند سيبويه كفرقي وعدوي في قروقة وعدوة بفتح عين الكلمة، كما يقال حنفي في حنيفة. اهـ مع بعض حذف. فعلى مذهب سيبويه يفارق النسب إلى عدوة النسب إلى عدو؛ لأن النسب إلى عدو باتفاق كما يأتي عدوي بضم الدال وتشديد الواو. قوله: "شنوءة" حي من اليمن. اهـ خالد. قوله: "كسلول" في القاموس: وسلول فخذ من قيس، وهم بنوة مرة بن صعصعة وسلول أمهم. قوله: "ولم يسمع" أي:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1241- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في شرح التصريح 2/ 331، وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 28، ولسان العرب 10/ 161 "سلق"، والمقاصد النحوية 4/ 43.

 

ج / 4 ص -263-                        وألحقُوا مُعَلَّ لامٍ عَرِيَا     منَ المثالَيْنِ بما التا أَوْلِيَا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التأنيث ثم حذفوا الياء، وشذ من ذلك قولهم في ردينة: رديني، وفي خزينة: خزيني، وخزينة من أسماء البصرة.
تنبيهان: الأول: لو سُمي باسم شذت العرب في النسب إليه لم ينسب إليه إلا على ما يقتضيه القياس.
الثاني: ما تقدم من أنه يقال في فَعِيلة فعَلى، وفي فُعيلة فُعلى له شرطان: عدم التضعيف، وعدم اعتلال العين واللام صحيحة، وسيأتي التنبيه على هذين الشرطين، وهما معتبران أيضًا في فعولة على رأي سيبويه.
"وألحقوا معل لام عريا" من التاء "من المثالين" أي: فعيلة وفعيلة "بما التا أوليا" منهما في حذف الياء وفتح ما قبلها إن كان مكسورًا، فقالوا في النسب إلى عدي وقصي: عدوي وقصوي، كما قالوا في النسب إلى غنية وأمية: غنوي وأموي، وظاهر كلامه أن هذا الإلحاق واجب، قد صرح بذلك في الكافية وصرح به أيضًا ولده، وذكر بعضهم فيهما وجهين: الحذف كما مثل، والإثبات نحو: قصيي وعديي، وهو أثقل لكثرة الدال، وتناول كلامه نحو: كسي تصغير كساء، وفيه وجهان، قال بعضهم: يجب فيه الإثبات فيقال فيه: كسيي بياءين مشددتين، وأجاز بعضهم كسوي، فإن كانا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سيبويه، والجملة حالية. قوله: "في ردينة" أي: في النسب إلى ردينة وهي امرأة السمهري كانا يقومان الرماح. قوله: "شرطان" في التصريح: إن عدم اعتلال العين يعني: إذا كانت اللام صحيحة ليس شرطًا في فعيلة بالضم؛ لأن حرف العلة إذا انضم ما قبله لا ينقلب ألفًا فلا يلزم المحذور يعني: كثرة التغيير مع اللبس كما سيأتي. قوله: "عدم التضعيف" خرج نحو: جليلة وقليلة مما عينه ولامه من جنس حرف واحد. وقوله: وعدم اعتلال العين... إلخ خرج نحو: طويلة.
قوله: "واللام صحيحة" الجملة حالية، فلو كانت اللام معتلة لم يؤثر اعتلال العين فتقول في النسب إلى طوية وحيية: طووي وحيوي، كما قاله الدماميني، وسيأتي في الشرح. قوله: "وسيأتي التنبيه... إلخ" أي: في قوله: وتمموا... إلخ. قوله: "معل لام" يعني: معتلها. وقوله: في المثالين أي: من موازنهما حال من معل لام أو من ضميره في عريا. قوله: "في حذف الياء" أي: الزائدة وقلب الأخرى واوًا بدليل أمثلته الآتية. سم. قوله: "وظاهر كلامه أن هذا الإلحاق واجب" ولم تقلب الواو في المنسوب هنا ألف مع أنها تحركت وانفتح ما قبلها؛ لئلا يتوالى إعلالان على الكلمة الواحدة، أو لأن الياء المشددة تكف الإعلال كما سيأتي في التصريف. فارضي. قوله: "فيهما" أي: في فعيل وفعيل. قوله: "وهو" أي: عديي أثقل من قصيي. قوله: "قال بعضهم... إلخ" هو الراجح.
قوله: "يجب فيه الإثبات" قال أبو حيان: وعلة ذلك أنه اجتمع ثلاث ياءات: ياء التصغير، والياء المنقلبة عن الألف، والياء المنقلبة عن لام الكلمة، فحذفت الياء المنقلبة عن الألف وهي الوسطى يعني: تخفيًا، وإلا فإبقاؤها لا يخل ببناء التصغير -كما لا يخفى- وأدغمت ياء التصغير في الياء الأخيرة، فبقي كسيي كأخي، فإذا دخلت ياء النسبة قيل: كسي، ولا يجوز أن تحذف إحدى الياءين الباقيتين؛ لأنك إذا حذفت ياء التصغير لم يجز؛ لأنها لمعنى، والمعنى باقٍ، وإن حذفت الياء الأخيرة لم يجز؛ لما فيه من توالي إعلالين؛ لأنه قد حذفت الياء المنقلبة عن ألف كساء مع ما

ج / 4 ص -264-                              وتَمَّمُوا ما كان كالطَّويلَهْ       وهكذا ما كان كالجليلهْ

وهَمْزُ ذي مدٍّ يُنالُ في النَّسَبْ                    ما كان في تثنيةٍ له انْتَسَبْ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحيحي اللام اطرد فيهما عدم الحذف؛ كقولهم في عقيل وعقيل، وعَقيلي وعُقيلي، هذا مذهب سيبويه وهو مفهوم قوله: معل لام، وذهب المبرد إلى جواز الحذف فيهما، فالوجهان عندهما مطردان قياسًا على ما سمع من ذلك، ومن المسموع بالحذف قولهم في ثقيف: ثقفي، وقولهم في سليم: سلمي، وفي قويم: قومي، وفي قريش: قرشي، وفي هذيل: هذلي، وفي فقيم كنايته: فقمي؛ ليفرقوا بينه وبين فقيمي في فقيم تميم، وفي مليح خزاعة: ملحي؛ ليفرقوا بينه وبين مليحي في مليح بني عمرو بن ربيعة ومليح بن الهون بن خزيمة، ووافق السيرافي المبرد وقال: الحذف في هذا خارج من الشذوذ، وهو كثير جدًّا في لغة أهل الحجاز.
قيل: وتسوية المبرد بين فَعيل وفُعيل ليست بجيدة؛ إذ سمع الحذف في فعيل كثيرًا، ولم يسمع في فعيل إلا في ثقيف، فلو فرق بينهما لكان أسعد بالنظر. "وتمموا" أي: لم يحذفوا "ما كان" من فعيلة معتل العين صحيح اللام "كالطويله" أي: مما هو صحيح اللام فقالوا: طويلي؛ لأنهم لو حذفوا الياء وقالوا: طولي؛ لزم قلب الواو ألفًا لتحركها وتحرك ما بعدها وانفتاح ما قبلها، وألحق بفعيلة في ذلك فعيلة بالضم من نحو: لويزة ونويرة فقالوا: لويزي ونويري، ولم يقولوا: لوزي ونوري لنبت، والطويلة حتي، والاحتراز بصحيح اللام من نحو: طويلة وحيية، فإنه يقال فيهما: طووي وحيوي. "وهكذا" تمموا "ما كان" من فعيلة وفعيلة مضاعفًا "كالجليلة" والقليلة فقالوا: جليلي وقليلي، ولم يقولوا: جللي وقللي؛ كراهة اجتماع المثلين.
تنبيه: ومثل فعيلة -فيما ذكر- فعولة نحو: قوولة وصرورة، فيقال فيهما: قوولي وصروري لا قولي وصرري لما ذكر.
"وهمز ذي مد ينال في النسب ما كان في التثنية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يلزم عليه من تحريك ياء التصغير وهي لا تحرك؛ فلهذا التزم فيه التثقيل قال: وما كان مثل الكساء مصغرًا ثم نسب إليه فإنه لا يحذف أصلًا. سيوطي.
قوله: "وأجاز بعضهم كسوي" أي: بحذف ياء التصغير وقلب الثانية ألفًا ثم قلبها واوًا... إلخ، هذا ضعيف. قوله: "فيهما" أي: في فعيل وفعيل. قوله: "قويم" بقاف. وقوله: "فقيم" بقاف فقاف. وقوله: "مليح" بحاء مهملة. وقوله: "الهون" قال شيخنا: السيد بضم الهاء كما يفهم من القاموس. قوله: "فقيم كنانة" أي: فقيم الذين هم من كنانة، وكذا يقال فيما بعد. قوله: "ليفرقوا... إلخ" هذا الفرق كنظيره الآتي حكمه بعد الوقوع لا علة وإلا لم يحذفوا؛ حيث لا تعدد، وحذفوا كلما وجد التعدد، وكلاهما منتفٍ كما يؤخذ من أمثلة الشارح. قوله: "أسعد" يصح قراءته بصيغة الماضي المبني للمجهول أي: سُوعد، وبصيغة أفعل التفضيل. قوله: "كالطويله وهكذا ما كان كالجليله" وظاهر أن مجردهما

ج / 4 ص -265-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
له انتسب" أي: حكم همزة الممدود في النسب كحكمها في التثنية القياسية، فإن كانت بدلًا من ألف التأنيث قلبت واوًا؛ كقولك في صحراء: صحراوي، وإن كانت أصلية سلمت، تقول في قراء: قرائي، وإن كانت بدلًا من أصل أو للإلحاق جاز فيها أن تسلم وأن تقلب واوًا، فتقول في كساء وعلباء: كسائي وعلبائي، وإن شئت قلت: كساوي وعلباوي، وفي الأحسن منهما ما سبق؛ وإنما قيدت التثنية بالقياسية احترازًا من التثنية الشاذة نحو: كسايين، فإنه لا يقاس على ذلك في النسب، كما صرح به في شرح الكافية فلا يقال: كسائي.
تنبيهات: الأول: مقتضى كلامه هنا وفي شرح الكافية أن الأصلية تتعين سلامتها،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كذلك. اهـ سم. أي: لأنه مما خرج بقوله: معل لام.
قوله: "أي: مما هو صحيح اللام" هذا مكرر مع قوله قريبًا: صحيح اللام. قوله: "لزم قلب الواو ألفًا" فيكثر التغيير مع اللبس، ولو لم يقلبوا لزم الاستثقال، قاله الجاربردي. تصريح. قوله: "وألحق بفعيلة في ذلك فعيلة" هذا يخالف ما مر عن التصريح، ونقله سم عن السيوطي من اختصاص شرط صحة العين إذا كانت اللام صحيحة بفعيلة وفعولة دون فعيلة بالضم؛ لأن التعليل المتقدم لا يأتي فيه؛ لأن حرف العلة إذا انضم ما قبله لا يقلب ألفًا، فلا يلزم المحذور؛ لكن ما في الشرح هو الموافق لما في الهمع. قوله: "لنبت" كذا في النسخ، ولم أجد في القاموس أن لويزة أو نويرة أو لويزي أو نويري اسم لنبت، والذي فيه أن نويرة اسم لناحية بمصر، فجعل البعض قوله: لنبت، راجعًا للثاني يحتاج لنقل صحيح. قوله: "والطويلة حي" كذا في بعض النسخ، ولم أجده في القاموس، والذي فيه أن الطويلة اسم لروضة مخصوصة.
قوله: "فإنه يقال فيهما: طووي وحيوي" قدمنا في الكلام على شرح قول المصنف: ونحو: حي... إلخ علة عدم قلب حرف العلة فيهما ألفًا مع تحركه وانفتاح ما قبله. قوله: "كراهة اجتماع المثلين" لما فيه من الثقل مع عدم الإدغام؛ لأن الإدغام فيما ذكر ممتنع؛ لأن وزن الأول فعل بفتحتين وهو واجب الفك كلبب. والثاني: فعل بضم ففتح وهو واجب الفك أيضًا كصفف جمع صفة. قوله: "لما ذكر" أي: من اللزوم قلب الواو ألفًا بالنسبة لقولي، وكراهة اجتماع المثلين بالنسبة لصرري. ولا شك في تقدم ذكر اللزوم والكراهة المذكورين وإن كان اللزوم فيما سبق مرتبًا على حذف الياء وهنا على حذف الواو، فجعل البعض التقدير لنظير ما ذكر غير محتاج إليه.
قوله: "يُنال" بالبناء للمفعول أي: يُعطى، فما مفعول ثانٍ، أو بالبناء للفاعل أي: يصيب، فما مفعوله. قوله: "قلبت واوًا" لكون الهمزة أثقل من الواو، ولم تقلب ياء؛ لئلا يجمع ثلاث ياءات مع الكسرة. تصريح. ومن العرب من يقر هذه الهمزة، قال في التوضيح: وذلك قليل رديء. اهـ همع. قوله: "سلمت" أي: من القلب لقوَّتها بأصالتها. قوله: "في قراء" بضم القاف وتشديد الراء مع المدِّ المتنسك كما في المختار. قوله: "وفي الأحسن منهما ما سبق" من أن القلب أولى فيما ألفه للإلحاق كعلباوي، والتصحيح أولى فيما همزته بدل من أصل كحيائي وكسائي.

 

ج / 4 ص -266-                                    وانْسُبْ لصَدْرِ جُمْلَةٍ وصَدْرِ مَا       رُكِّبَ مَزْجًا ولثانٍ تَمَّمَا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وصرح بذلك الشارح فقال: وإن كانت أصلًا غير بدل وجب أن تسلم، وذكر في التسهيل فيها الوجهين، وقال: أجودهما التصحيح.
الثاني: إذا لم تكن الهمزة للتأنيث ولكن الاسم مؤنث نحو: السماء، وحراء، وقباء، إذا أردت البقعة ففيه وجهان: القلب، والإبقاء وهو الأجود؛ للفرق بينه وبين صحراء، وإن جعلت حراء وقباء مذكرين كانا كرداء وكساء.
الثالث: إذا نسبت إلى ماء وشاء، فالمسموع قلب الهمزة واوًا نحو: ماوي وشاوي، ومنه قوله:
1242-

لا ينفع الشاوِيَّ فيها شَاتُه                                ولا حِمَارُه ولا أداتُه

فلو سمى بماء أو شاء لجرى في النسب إليه على القياس فقيل: مائي وماوي، وشائي وشاوي.
"وانسب لصدر" ما سمي به من "جملة" وهو المركب الإسنادي نحو: برق نحره، وتأبط شرًّا، فتقول: برقي وتأبطي، وأجاز الجرمي النسب إلى العجز، فيقول:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "تتعين سلامتها" فتقول في النسب إلى قراء: قرائي. قوله: "الوجهين" أي: التصحيح والقلب واوًا. قوله: "إذا لم تكن الهمزة للتأنيث" بأن كانت لام الكلمة كما في الأمثلة، فإن سماء فعال بالفتح وحراء فعال بالكسر وقباء فعال بالضم، وفي كل من حراء وقباء المد والقصر والتذكير باعتبار المكان فيصرف، والتأنيث باعتبار البقعة فيمنع من الصرف.
قوله: "إذا أردت البقعة" راجع للأخيرين فقط. وأما السماء فليس فيها إلا التأنيث كما يؤخذ من اقتصاره على الأخيرين في قوله: وإن جعلت... إلخ. قوله: "كانا كرداء وكساء" فيجوز فيهما التصحيح والقلب واوًا، والتصحيح أجود كما تقدم؛ وحينئذ فلا معنى لهذا التفصيل؛ إذ لا فرق حينئذ بين أن يكونا مؤنثين أو مذكرين.
قوله: "إذا نسبت إلى ماء... إلخ" قال ابن هشام: إذا نسب إلى ماء نسب إليه كما ينسب إلى كساء فتقول: مائي وماوي؛ لأن الهمزة بدل غاية ما فيه أن المبدل منه مختلف فيهما، فهو في كساء واو، وفي ماء هاء؛ لأن أصله موه. اهـ يس. أي: فأطلق ابن هشام جواز الوجهين، وفصل الشارح بين ما قبل التسمية، فيتعين القلب وقوفًا على ما سمع وما بعدها، فيجوز الوجهان. قوله: "ولا أداته" بفتح الهمزة أي: آلته.
قوله: "على القياس" أي: قياس ما همزته بدل من أصل من جواز الوجهين. قوله: "وانسب لصدر... إلخ" بقي أنهم قالوا: لو سمي بعامل ومعمول كقائم أبوه أعرب قائم بحسب العوامل وبقي معموله بحاله، وأنه لو سمي بتابع ومتبوع نحو: رجل عاقل، أُعرب الأول وتبعه الثاني في إعرابه، وسكتوا فيما علمت عن بيان النسبة إليهما، ولا يبعد أن ينسب إلى الجزء الأول منهما والمركب المزجي وقالوا: لو سمي بعاطف ومعطوف نحو: وزيد أو ثم زيد حكى، فانظر كيف النسبة إليه. سم باختصار. قوله: "وأجاز الجرمي... إلخ" وأجاز أبو حاتم السجستاني النسب إليهما معًا فيقال: تأبطي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1242- الرجز لمبشر بن هذيل الشمخي في لسان العرب 14/ 448 "شوا"، وبلا نسبة في شرح المفصل 5/ 156، وفيهما "علاتُه" بدل "أداتُه".

ج / 4 ص -267-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نحري وشري. وشذ قولهم في الشيخ الكبير: كنتي نسبة إلى كنت، ومنه قوله:

أصبحتُ كنتيًّا وأصبحتُ عاجنًا

والقياس كوني "و" انسب إلى "صدر ما رك مزجًا" نحو: بعلبك وحضرموت، فتقول: بعلي وحضري، وهذا الوجه مقيس اتفاقًا، ووراؤه أربعة أوجه؛ الأول: أن ينسب إلى عجزه نحو: بكي، أجازه الجرمي وحده ولا يجيزه غيره. الثاني: أن ينسب إليهما معًا مزالًا تكريبهما نحو: بعلي بكي، أجازه قوم منهم أبو حاتم قياسًا على قوله:
1243-

تزوجتُها راميَّةً هُرْمُزِية

الثالث: أن ينسب إلى مجموع المركب نحو: بعلبكي. الرابع: أن يبنى من جزأي المركب اسم على فعلل وينسب نحو: حضرمي، وهذان الوجهان شاذان لا يقاس عليهما.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شري، كما أجازه في المزجي والعددي، كذا في الهمع. قال سم: الظاهر أن معنى كل منهما حينئذ المنسوب إلى تأبط شرًّا؛ إلا أن الأول منسوب إلى تأبط، والثاني إلى شرًّا؛ وحينئذ فهما مترادفان، فلو قيل: هذا تأبطي شري، فهل كل منهما خبر، أو الخبر أحدهما، والثاني تأكيد له، ويحتمل أن مجموعهما هو المنسوب إلى تأبط شرًّا لا كل منهما، فيكونان خبرًا واحدًا، كما في هذا حلو حامض، فليراجع. اهـ. ويلزم على الاحتمال الأخير وقوع ياء النسب حشوًا، وما ذكره يجري في النسب إلى جزأي المزجي والعددي معًا.
قوله: "كنتي" سمي الشيخ الكبير بذلك لكثرة قوله: كنت وكنت، والعاجن الذي يعتمد على ظهر أصابع يديه عند قيامه من الكبر. قوله: "نسبة إلى كنت" أي: إلى هذا اللفظ وما قصد لفظه يصير علمًا لنفسه فصح كونه من أفراد ما سمي به من جملة كما هو موضوع المسألة. قوله: "والقياس كوني" بضم الكاف المنقول إليها من الواو بعد نقل الفعل عند إرادة إسناده إلى ضمير الرفع المتحرك من فعل بالفتح وزن كان أصالة إلى فعل بالضم؛ وإنما كان القياس كونيًّا برد الواو لزوال سبب حذفها؛ وهو التقاؤها ساكنة مر النون المسكنة لاتصال ضمير الرفع المتحرك بها. قوله: "مزجا" أي: تركيب مزج أو حال كون ما ركب ممزوجًا. قوله: "فتقول: بعلي" وتقول في معدي كرب: معدي ومعدوي؛ لأنه كقاضٍ، وينبغي أن يكون الراجح هنا الحذف كما هناك. زكريا.
قوله: "وهذا الوجه مقيس اتفاقا" قد يشعر هذا مع قوله الآتي: وهذان الوجهان شاذان... إلخ بأن الوجهين الأولين من الأربعة مختلَف في شذوذهما وقياسيتهما لا برجحان قياسيتهما أيضًا وإن ادعى ذلك شيخنا والبعض. قوله: "رامية هرمزية" نسبة إلى رام هرمز بلدة بنواحي خورستان. قوله:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1243- عجزه:

بفضل الذي أعطى الأميرُ من الرِّزْقِ

والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة في شرح التصريح 2/ 332، وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 72، وشرح شواهد الشافية ص115، والمقرب 2/ 58.

 

ج / 4 ص -268-                      إضافة مبدوءة بابنٍ أَوَ ابْ  أو ما له التعريف بالثاني وَجَبْ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيهان: الأول: حكم لولا وحيثما مسمى بهما حكم المركب الإسنادي في النسب إليهما، فتقول: لوي -بالتخفيف- وحيثي، وحكم نحو: خمسة عشر حكم المركب المزجي، فتقول: خمسي.
الثاني: قوله: وانسب لصدر جملة، أجود من قوله في التسهيل: ويحذف لها -يعني ياء النسب- عجز المركب؛ لأنه لا يقتصر في الحذف على العجز؛ بل يحذف ما زاد على الصدر، فلو سميت بخرج اليوم زيد قلت: خرجي.
"و" انسب "لثان تمما إضافة مبدوءة بابن أو اب أو ما له التعريف وجب" هذا الأخير من عطف العام على الخاص أي: يجب أن يكون النسب إلى الجزء الثاني من المركب الإضافي في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"حكم لولا وحيثما" أي: ونحوهما كلوما وأينما. وقوله: في النسب إليهما متعلق بقوله: حكم لولا وحيثما، فكان الأحسن تقديمه على قوله: حكم المركب الإسنادي. قوله: "بالتخفيف" أي: تخفيف الواو، ولا ينافي هذا قوله الآتي: وضاعف الثاني من ثنائي؛ لأن المراد بالثنائي فيه الثنائي وضعًا كما صرح به الشارح، ثم والمنسوب إليه هنا رباعي وضعًا وصيرورته هنا ثنائيًّا عرضت له عند النسب. قوله: "وحكم نحو: خمسة عشر" أي: مسمى به، نقله شيخنا عن ابن غازي، وفي الفارضي ما يقتضي الإطلاق. وقوله: حكم المركب المزجي أي: حكم بقية أفراد المركب المزجي، فوافق ما في المرادي من أن العددي من المزجي. قوله: "فتقول: خمسي" أي: وإن ألبس بالنسبة إلى خمسة وخمس؛ لأنهم لا يراعون الإلباس في هذا الباب، كما ستعرفه.
قوله: "وانسب لثان... إلخ" شروع في النسب إلى المركب الإضافي. وعبارة التسهيل مع شرحه للدماميني: ويحذف لها صدر المضاف أن تعرف بالثاني تحقيقًا كابن الزبير وابن عمر فتقول: زبيري وعمري، أو تقديرًا: كأبي بكر وأبي حفصٍ؛ حيث لا بكر ولا حفصٍ؛ وإلا فهما من القسم الأول فتقول: بكري وحفصي، وإلا يتعرف بالثاني لا تحقيقًا ولا تقديرًا فعجزه أي: فيحذف لها عجزه وينسب إلى صدره، وذلك مثل امرئ القيس فتقول: امرئي ومرئي؛ لأنه لم يتعرف صدره بعجزه؛ إذ لم يسبق له إضافة قبل استعماله علمًا، وقد يحذف صدره خوف اللبس أي: لأجل خوف اللبس كالنسبة إلى عبد القيس وعبد الأشهل وعبد مناف، فإنهم قالوا في ذلك: قيسي وأشهلي ومنافي. ومراد المصنف بالمضاف ما كان علمًا أو غالبًا لا مثل غلام زيد مما ليس علمًا، فإنه ينسب فيه إلى غلام وإلى زيد، فيكون من قبيل النسبة إلى المفرد لا إلى المضاف؛ إذ ليس للمجموع معنى مفرد ينسب إليه بخلاف ابن الزبير ونحوه، كذا قال الشارح. اهـ. يعني المرادي.
قوله: "أو اب" بنقل حركة همزة أب إلى الواو أي: أوأم. قال السيوطي في البهجة: وهل يلحق بما ذكر المبدوء ببنت إذا قلنا: إنه كنية أو لا؟ لم أرَ مَن ذكره. اهـ. ثم رأيته بخط بعض الأفاضل عن تصريح الشاطبي، فيقال في النسب إلى بنت غيلان: غيلاني. قوله: "أو ما له" أي: أو مبدوءة بما ثبت له التعريف بالثاني قبل العلمية بالغلبة. قوله: "هذا الأخير من عطف العام على الخاص" أي: لشموله الابن والأب وغيرهما من كل ما يتعرف بالإضافة، والمناسب لعدم ارتضائه فيما بعد كونه من عطف العام على الخاص إسقاط هذا الكلام هنا كما في كثير من النسخ، ولعل ذكره في نسخ أخرى مجاراة لما مشى عليه ابن الناظم، بقي أنه يرد عليه أن عطف العام على الخاص إنما

ج / 4 ص -269-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثلاثة مواضع، ذكر منها هذا البيت موضعين، وسيذكر الثالث؛ الأول: أن تكون الإضافة كنية؛ كأبي بكر وأم كلثوم. والثاني: أن يكون الأول علمًا بالغلبة؛ كابن عباس وابن الزبير، فتقول: بكري وكلثومي، وعباسي وزبيري.
تنبيه: كان الأحسن أن يقول:

إضافة من الكنى أو اشتهر                          مضافها غلبة كابن عمر

لأن عبارته توهم أن ما له التعريف بالثاني قسم برأسه، فشمل نحو: غلام زيد، وليس كذلك، قال في شرح الكافية: وإذا كان الذي ينسب إليه مضافًا، وكان معرفًا صدره بعجزه، أو كان كنية -حذف صدره ونسب إلى عجزه؛ كقولك في ابن الزبير: زبيري، وفي أبي بكر: بكري، كذا قال الشارح؛ إلا أنه زاد في المثل: غلام زيد، وعلى هذا فقول الناظم: أو ما له التعريف بالثاني من عطف العام على الخاص؛ لاندراج

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يكون بالواو.
قوله: "الأول: أن تكون الإضافة كنية" أي: والمصنف ذكر هذا بقوله: أو اب. وقوله: والثاني: أن يكون الأول... إلخ أي: والمصنف ذكر هذا بقوله: إضافة مبدوءة بابن، وبقوله: أو ما له... إلخ، فالمراد منهما واحد على ما قاله شيخنا، وسيأتي ما فيه، وفي كلامه مسامحة؛ إذ الكنية والعلم بالغلبة المركب الإضافي لا الإضافة ولا الأول وحده. قوله: "لأن عبارته توهم... إلخ" ولأنها ليست صريحة في المراد بالإضافة المبدوءة بالابن أو الأب كهذا البيت. قوله: "قسم برأسه" أي: مغاير للكنية والعلم الغلبي المبدوء بابن؛ لأن العطف خصوصًا بأو يقتضي المغايرة. قوله: "فشمل نحو: غلام زيد" اعلم أن كونه قسما برأسه صادق بأن يكون عامًّا يشمل نحو: غلام زيد، والإضافة المبدوءة بابن أو أب وصادق بأن يكون مباينًا مرادًا منه جميع ما عدا المبدوءة بابن أو أب، أو مرادًا منه بعض لا يشمل نحو: غلام زيد؛ وحينئذ فتفريع الشارح الشمول المذكور على كونه قسمًا برأسه صادق بأن يكون عامًّا يشمل نحو: غلام زيد، والإضافة المبدوءة بابن أو أب وصادق بأن يكون مباينًا مرادًا منه جميع ما عدا المبدوءة بابن أو أب أو مرادًا منه بعض لا يشمل نحو: غلام زيد؛ وحينئذٍ فتفريع الشارح الشمول المذكور على كونه قسمًا برأسه لا يخلو من نظر.
قوله: "وليس كذلك" أي: ليس قسمًا برأسه؛ بل المراد منه خصوص العلم الغلبي المبدوء بابن الذي ذكره المصنف بقوله: إضافة مبدوءة بابن لتعرف أوله بثانيه قبل صيرورته علمًا بالغلبة، وإن كان تعرف المجموع الآن بالعلمية بالغلبة، فالمراد من قوله: إضافة مبدوءة بابن، وقوله: أو ما له... إلخ واحد على ما قاله شيخنا، وسيأتي ما فيه.
قوله: "قال في شرح الكافية" استدلال على قوله: وليس كذلك؛ لأن مراد شارح الكافية بالمعرف صدره بعجزه خصوص العلم بالغلبة كما يشعر به التمثيل. قوله: "وكان معرفًا صدره بعجزه" يعني: قبل صيرورته علمًا، أما بعدها فتعرف المجموع بالعلمية. قوله: "وعلى هذا" أي: زيادة ابن الناظم في المثل: غلام زيد، وليس المراد على ما في

 

ج / 4 ص -270-                          فيما سِوَى هذا انْسُبَنْ للأوَّل    ما لم يُخَفْ لَبْسٌ كعبد الأشهل


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر بابن فيه، وهو تمثيل فاسد؛ لأنهم يعنون بالمضاف هنا ما كان علمًا أو غالبًا، لا مثل: غلام زيد؛ فإنه ليس لمجموعه معنى مفرد ينسب إليه؛ بل يجوز أن ينسب إلى غلام وإلى زيد، ويكون ذلك من قبيل النسب إلى المفرد لا إلى المضاف، وإن أراد غلام زيد مجعولًا علمًا فليس من قبيل ما تعرف فيه الأول بالثاني؛ بل هو من قبيل ما ينسب إلى صدره ما لم يخف لبس.
"فيما سوى هذا" المذكور أنه ينسب فيه إلى الجزء الثاني من المركب الإضافي "انسبن للأول" منهما نحو: عبد القيس وامرئ القيس -وهما قبيلتان- تقول: امرئي وعبدي، وإن شئت قلت: مرئي. قال ذو الرمة:
1244-

ويسقط بينها المرئي لغوا                     كما ألغيتَ في الدبة الْحُوارا

وهذا "ما لم يخف" بالنسب إلى الأول "لبس" فإن خيف لبس نسب إلى الثاني

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شرح الكافية، وإن مشى عليه شيخنا والبعض. قوله: "لأنهم يعنون بالمضاف هنا" أي: في المركب الإضافي الذي ينسب إلى عجزه. وقوله: ما كان علمًا أي: كنية. وقوله: أو غالبًا أي: علمًا بالغلبة؛ وحينئذ فالمناسب أن يراد بما له التعريف بالثاني وجب خصوص العلم بالغلبة المبدوء بابن لتعرف أوله بثانيه قبل الغلبة، فيكون المراد من قوله: مبدوءة بابن، وقوله: أو ما له... إلخ واحدًا كذا قال شيخنا. والأولى أن يراد بالإضافة المبدوءة بابن الكنية المصدرة بابن لمغايره المعطوف أعني المبدوءة بما تعرف بالثاني المراد منها العلم الغلبي المبدوء بابن، والفرق بينهما أن علمية الكنية بالوضع وعلمية العلم الغالب بالغلبة، فتدبر.
قوله: "بلى يجوز أن ينسب إلى غلام وإلى زيد" أي: بحسب الحال. قوله: "فليس من قبيل ما تعرف فيه الأول بالثاني" أي: بل مما تعرف فيه المجموع بالعلمية، وأورد عليه شيخنا أن المراد تعرف الأول بالثاني قبل العلمية كما مر. وأشار البعض إلى جوابه بأن المراد ليس منه في هذا المقام؛ لأن المراد به خصوص العلم بالغلبة، فتأمل.
قوله: "نحو: عبد القيس... إلخ" قضية صنيعه أن النسب إلى صدر عبد القيس لا لبس فيه بخلاف النسب إلى صدر عبد الأشهل وعبد مناف ففيه ليس ولا يخفى فساده؛ فإن النسب إلى الصدر في جميع ما بدئ بعبد فيه لبس، فالصواب عندي إسقاط التمثيل بعبد القيس، كما في كثير من النسخ ونصها: كامرئ القيس فتقول: امرئي ومرئي، وهذا ما لم يخف... إلخ ولا اعتراض عليها. قوله: "مرئي" قال المصرح والفارضي: بفتح الميم والراء. قوله: "ويسقط... إلخ" قال البعض: ليس بنظم، وانظر ما ضبطه وما معناه فأني لم أقف عليه. اهـ. لكن وجد في بعض النسخ على وجه كونه نظمًا من بحر الوافر ولفظه:

ويسقط منهما المرئي لقوا                     كماء العنب في الدبة الحواء

بضمير التثنية في منهما وضبط لقوا كغزو، وسكون نون العنب، وتخفيف باء الدبة وواو

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1244- البيت من الوافر، وهو في ديوان ذي الرمة ص1379، وشرح المفصل 6/ 8.

ج / 4 ص -271-                                      واجْبُرْ بِرَدِّ اللامِ ما منه حُذِفْ      جَوَازًا إن لم يَكُ رَدُّهُ أَلِفْ

في جَمْعَي التصحيح أو في التثنيهْ                     وحَقُّ مجبورٍ بِهَذِي تَوْفِيَهْ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"كعبد الأشهل" وعبد مناف؛ حيث قالوا فيهما: أشهلي ومنافي، ولم يقولوا: عبدي.
تنبيه: شذ بناء فعلل من جزأي الإضافي منسوبًا إليه كما شذ ذلك في المركب المزجي، والمحفوظ من ذلك: تيملي وعبدري ومرقسي وعبقسي وعبشمي، في تيم اللات وعبد الدار وامرئ القيس ابن حُجر الكندي وعبد القيس وعبد شمس؛ وإنما فعلوا ذلك فرارًا من اللبس، وقالوا: تعبشم وتقعيس، وأما عبشمس بن زيد مناة، فقال أبو عمرو بن العلاء: أصله عب شمس أي: حب، والعين مبدلة من الحاء، وحب الشمس ضوؤها. وقال الأعرابي: أصله عبء شمس، والعبء والعدل واحد، أي هو نظير شمس.
"واجبر برد اللام ما" اللام "منه جوازًا إن لم يك رده" أي: اللام "ألف في جمعي التصحيح أو في التثنيه وحق مجبور" برد لامه إليه "بهذي" المواضع الثلاثة أي: فيها "توفيه" بردها إليه في النسب إليه، ويحتمل أن يكون هذي إشارة إلى اللام أي: حق المجبور بهذي اللام أي:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحواء، وفي كثير من النسخ إسقاطه كما قدمناه في القولة قبله. قوله: "ما لم يخف لبس" قال ابن هشام: ينبغي بل يجب ألا يجتنب اللبس؛ بل يقال: عبدي، كما قال الشاعر:

وهم صلبوا العبدي

وذلك لأنهم لم يجتنبوه في النسب إلى مصطفى ومصطفين، وإلى ضارب وضاربين، وإلى مسجد ومساجد، وإلى زيد وزيدين، وإلى خمسة وخمسة عشر. ثم قال: وبالجملة فالقول بمراعاة الإلباس هادم لقواعد الباب أو مقتضٍ لترجيح أحد المتساويين، وفي المقرب مثلما قال الناظم، وفي كلام ابن الخباز ما يخالفه، كذا في يس.
قوله: "ولم يقولوا: عبدي" أي: للإلباس، وفيه أن هذا إجمال لا إلباس، وقد يقال: القصد بالنسب إيضاح المنسوب، فلا يليق الإجمال أيضًا؛ لأن محل عدم كون الإجمال عيبًا إذا لم يكن المقام مقام بيان، فاعرفه.
قوله: "بناء فعلل" أي: منحوتًا من الكلمتين. وقوله: كما شذ ذلك أي: بناء فعلل في المركب المزجي أي: في النسب إليه؛ حيث قالوا: حضرمي في النسب إلى حضرموت. قوله: "ابن حجر" بحاء مهملة فجيم، قال في القاموس: حُجر بالضم وبضمتين والد امرئ القيس وجده. قوله: "وقالوا: تعبشم" أي: فكما وقع النحت في النسب وقع في الفعل، ومعنى تعبشم انتسب إلى عبد شمس. وقوله: وتقعيس، كذا في النسخ بتقديم القاف، والقياس تقديم العين؛ لأنه نسبة إلى عبد القيس.
قوله: "وأما عبشمس" بسكون الباء. وقوله: أصله عب شمس بتشديد الباء أي: فخفف بحذف الباء الثانية وليس من باب النحت. وقوله: وقال ابن الإعرابي: أصله عبء شمس، لعله بكسر العين مع الهمزة آخره واحد الأعباء فخفف بقلب الكسرة فتحة وحذف الهمزة، وليس من باب النحت على هذا أيضًا.
قوله: "واجبر برد اللام... إلخ" يجوز تقييد المسألة بما إذا لم يعوض عن اللام بدليل قوله الآتي: وبأخ أختا... إلخ، ويجوز أن يطلق بحيث يشمل هذا الآتي، ويكون ذكره للتنبيه على خلاف يونس. سم. قوله: "جوازًا" أي: جبرًا جائزًا أو ذا جواز. قوله: "في جمعي التصحيح" أي: جمع

ج / 4 ص -272-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بردها إليه في المواضع المذكورة التوفية بردها إليه في النسب. اعلم أنه إذا نسب الثلاثي المحذوف منه شيء فلا يخلو؛ إما أن يكون المحذوف الفاء أو العين أو اللام، فإن كان محذوف الفاء أو العين فسيأتي. وإن كان محذوف اللام فإما أن يجبر في تثنية أو جمع تصحيح أو لا، فإن جبره في النسب، فتقول: أبوي، وأخوي، وعضوي أو عضهي، وسنوي أو سنهي، على الخلاف في المحذوف؛ لأنك تقول: أبوان وأخوان، وعضوات وسنوات، أو عضهات وسنهات، على الوجهين. وإن لم يجبر لم يجب جبره في النسب؛ بل يجوز فيه الأمران نحو: حر وغد، وشفة وثبة، فتقول فيها: حري وغدي، وشفي وثبي بالحذف، وحرحي وغدوي، وشفهي وثبوي، بالجبر برد المحذوف، وهو من حر الحاء، ومن غد الواو ومن شفة الهاء، ومن ثبة الياء.
تنبيهات: الأول: لا تظهر فائدة لذكر جمع تصحيح المذكر، وقد اقتصر في التسهيل، وشرح الكافية على التثنية والجمع بالألف والتاء.
الثاني: أطلق قوله: جوازًا إن لم يك رده ألف، وهو مقيد بألا تكون العين معتلة، فإن كانت عينه معتلة وجب جبره، كما ذكره في الكافية والتسهيل، وإن لم يجبر في التثنية وجمع التصحيح، احترازًا من نحو: شاة، وذي بمعنى صاحب، فتقول في شاة: شاهي، وعلى أصل الأخفش الآتي بيانه: شوهي، وفي ذي: ذووي، اتفاقًا؛ لأن وزنه عند الأخفش

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التصحيح لمذكر وجمع التصحيح لمؤنث. قوله: "ويحتمل أن يكون... إلخ" فعلى هذا يكون المجبور به مذكورًا صريحًا، والمجبور فيه محذوفًا للعلم به من قوله: في جمعي... إلخ. وعلى الأول يكون المجبور فيه مذكورًا صريحًا، والمجبور به محذوفًا للعلم به من قوله: برد اللام. قوله: "فسيأتي" أي: في قوله: وإن يكن كشية ما الفا عدم... إلخ وفي شرحه.
قوله: "بل يجوز فيه الأمران" أي: الجبر وعدمه. قوله: "وحرحي وغدوي" بفتح الراء في الأول والدال المهملة في الثاني عند سيبويه والأكثر وإسكانهما عند الأخفش كما يأتي. قوله: "وثبوي" أي: سواء قلنا: إن لامها ياء، وهو ما سيقتصر عليه، فتكون الياء قلبت ألفًا، ثم الألف واوًا أو لامها واوًا، وهو ظاهر. قوله: "ومن شفة الهاء" أي: على الراجح بدليل شافهت والشفاه. قال الموضح: ومن قال: إن لامها واو قال: إذا رد شفوي. قوله: "ومن ثبة الياء" أي: على أحد الوجهين، وقيل: الواو، كما مر.
قوله: "لا تظهر فائدة لذكر جمع تصحيح المذكر" أي: لإغناء ذكر التثنية عن ذكره؛ لأن كل ما يرد فيه من غير عكس كلام أب وأخ، فإنها ترد في التثنية دون الجمع إلا أن يدعى أنها ردت فيه ثم حذفت للإعلال. قوله: "احترازًا" علة لقوله: مقيد.
قوله: "شاهي" برد اللام وهي الهاء؛ لأن الأصل شوهة بسكون الواو بدليل شياه، فحذفت الهاء تخفيفًا ففتحت الواو لأجل التاء ثم قلبت ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، كذا في الفارضي. ويرد عليه أن حركة الواو عارضة؛ وإنما تقلب الواو والياء ألفًا للحركة الأصلية. قوله: "وعلى أصل الأخفش" هو تسكين ما أصله السكون.

 

ج / 4 ص -273-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فعل بالفتح.
الثالث: إذا نسب إلى يد ودم، جاز الوجهان عند من يقول: يدان ودمان، ووجب الرد عند من يقول: يديان ودميان.
الرابع: إذا نسب إلى ما حذفت لامه وعوض منها همزة الوصل جاز أن يجبر وتحذف الهمزة، وألا يجبر وتستصحب، فتقول في ابن واسم واست: بنوي وسموي وستهي على الأول، وابني واسمي واستي على الثاني.
الخامس: مذهب سيبويه وأكثر النحويين أن المجبور تفتح عينه وإن كان أصله السكون، وذهب الأخفش إلى تسكين ما أصله السكون، فتقول في يد ودم وغد وحر على مذهب الجمهور: يدوي ودموي وغدوي وحرحي بالفتح، وعلى مذهب الأخفش: يديي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "شوهي" أي: بسكون الواو كما في التصريح، فترد الألف إلى أصلها؛ وهو الواو الساكنة. قوله: "ذووي" برد اللام وفتح العين والفاء؛ لأن أصلهما الفتح كما تقدم بسطه في باب الإعراب، فقلبت اللام ألفًا ونسب إليه كما نسب إلى فتى، قاله الدماميني. قوله: "جاز الوجهان" فتقول: يدي ويدوي. سم.
قوله: "ووجب الرد عند من يقول: يديان ودميان" أي: برد اللام بالتثنية. قال الفارضي: هكذا أطلقوا. والوجه أن يدًا ودمًا يلزمان الألف مطلقًا في لغة كفتى، فيكون يديان ودميان تثنيتهما على هذه اللغة كما تقول في فتى: فتيان. اهـ.
قوله: "ودميان" قال البعض: بفتح الميم اتفاقًا، فعد الشارح دمًا فيما سيأتي فيما أصله السكون سبق قلم. اهـ. ويبطله قول التصريح ما نصه: وأصل يد ودم وشفة فعل بسكون العين. أما يد فلا خلاف فيها. وأما دم فعلى الصحيح عند سيبويه والأخفش. وذهب المبرد إلى أنه فعل بفتح العين، وضعفه الجاربردي. وأما شفة فنص صاحب الضياء على أنها بسكون الفاء، وإذا ثبت أن هذه الثلاثة أصلها السكون، فيأتي فيها الخلاف بين سيبويه والأخفش من الرد إلى السكون الأصلي وعدمه. اهـ. وكما قيل: دميان، قيل: دموان، كما في التسهيل.
قوله: "وتحذف الهمزة" أي: وجوبًا؛ لئلا يلزم الجمع بين العوض والمعوض. قوله: "فتقول في ابن واسم... إلخ" وتقول في ابنم: ابنمي وابني وبنوي. همع. قوله: "وسموي" بكسر السين وضمها، وأما الميم فمفتوحة على رأي سيبويه ساكنة على رأي الأخفش، كما ستعرفه من التنبيه الخامس.
قوله: "أن المجبور" أي: برد اللام بقرينة الأمثلة، وإن الكلام فيه فسقط اعتراض أرباب الحواشي تبعًا للدماميني على إطلاق قوله: تفتح عينه، وإن كان أصله بالسكون بأن ذلك مقيد بما إذا لم يكن مضعفًا، فإن كان مضعفًا لم تفتح عينه كرب بتخفيف الباء، فإنك إذا نسبت إليها قلت: ربي بتشديد الباء اتفاقًا، ووجه سقوطه أن رب المخففة محذوفة العين كما سيصرح به الشارح، فجبرها عند النسب إليها برد عينها لا برد لامها، والكلام في المجبور برد لامه، فتنبه.
قوله: "ودم" صريح في أنه ساكن العين وهو الصحيح عند سيبويه والأخفش، كما مر عن التصريح، وبه تعلم

 

ج / 4 ص -274-                 وبأخٍ أختًا وبابنٍ بنتا ألحق ويونس أبَى حَذْفَ التا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ودميي وغدوي وحرحي بالسكون؛ لأنه أصل العين في هذه الكلمات، والصحيح مذهب سيبويه وبه ورد السماع قالوا في غد: غدوي، وحكى بعضهم عن الأخفش أنه رجع إلى مذهب سيبويه. انتهى.
"وبأخ أختًا وبابن بنتا ألحق ويونس أبَى حذف التا" أي: اختلف في النسب إلى بنت وأخت، فقال سيبويه: كالنسب إلى أخ وابن بحذف التاء ورد المحذوف، فتقول: أخوي وبنوي، كما يقال في المذكر. وقال يونس: ينسب إليهما على لفظهما ولا تحذف التاء فتقول: أختي وبنتي، وألزمه الخليل أن ينسب إلى هنت ومنت بإثبات التاء، وهو لا يقول به، وله أن يفرق بأن التاء فيهما لا تلزم، بخلاف بنت وأخت؛ لأن التاء في هنت في الوصل خاصة، وفي منت في الوقف خاصة، وحكم نظائر أخت وبنت حكمهما، وهي ثنتان وكلتا، وذيت وكيت، فالنسب إليها عند سيبويه كالنسب إلى مذكراتها، فتقول:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سقوط اعتراض شيخنا والبعض تبعًا لسم بأن دمًا ليس أصله السكون، فافهم.
قوله: "يدوي" برد المحذوف وهو الياء وقلبه ألفًا ثم واو كراهة اجتماع الكسرة والياءات. اهـ تصريح. قوله: "ألحق" أي: في ثبور الجبر برد اللام بقطع النظر عن وجوبه وجوازه، فلا اعتراض بأن مقتضى إلحاق بنت بابن جواز الجبر وعدمه في بنت كما في ابن، مع أن جبر بنت واجب كجبر أخت. قوله: "أخوي وبنوي" أي: بفتح أولهما وثانيهما؛ لأنه أصلهما.
قوله: "ولا تحذف التاء" أي: لأنها وإن أشعرت بالتأنيث أشبهت تاء جبت وسحت في سكون الحرف الصحيح قبلها والوقف عليها بالتاء لا بالهاء وكتابتها مجرورة، فكأنها لم تشعر بالتأنيث، وأورد عليه أنهم عاملوا بنتًا وأختًا معاملة المؤنث بالهاء؛ حيث جمعوهما على بنات وأخوات دون بنتات وأختات، والفرق بين النسب والجمع بأن الجمع لا لبس فيه بخلاف النسب؛ إذ حذف التاء فيه يلبس المنسوب إلى المؤنث بالمنسوب إلى المذكر إنما ينهض إذا قلنا بضرر اللبس في هذا الباب، وقد أسفلنا ما فيه.
قوله: "إلى هنت ومنت" بسكون النون فيهما كما ضبطه الشارح بخطه، وهنت كناية عن المرأة، وقيل: عن الفعلة القبيحة، وقضية كلام الشارح كغيره أن هنت ومنت مما حذفت لامه وعوض عنها التاء، وهو ظاهر في هنت؛ لأن أصله كالهن هنو، وأما منت فأصلها من، فهي ثنائية وضعًا.
قوله: "وهو لا يقول به" بل يقول في النسب إلى هنت: هنوي، وانظر ماذا يقول في النسب إلى منت، ومقتضى ما سيصرح به الشارح من جواز تضعيف ثاني الثنائي الصحيح وعدمه أن يقال: مني بالتخفيف، ومني بالتشديد. قوله: "في الوصل خاصة" أي: وتبدل هاء في الوقف فليست بلازمة. اهـ تصريح. وظاهر سكونه على النون عند إبدال التاء هاء في الوقف بقاؤهما على السكون كما في الوصل، فتأمل.
قوله: "في الوقف خاصة" أي: على غير اللغة الفصحى؛ إذ اللغة الفصحى في الوقف على منت إبدال التاء هاء، كما تقدم في قول المصنف: وقل لمن قال: أتت بنت منه أي: وأما في الوصل، فتذهب التاء فيقال: من يا هذا، كما مر في الحكاية.
قوله: "كالنسب إلى مذكراتها" مقتضى التشبيه فتح المثلثة من ثنوي؛ لأنه حركة النسب

ج / 4 ص -275-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثنوي وكلوي وذَيوي وكَيوي، وعند يونس تقول: ثنتي وكلتي أو كلتوي وذيتي وكيتي، وذكر بعضهم في النسب إلى كلتا على مذهب يونس: كلتي وكلتوي وكلتاوي، كالنسب إلى حبلى بالأوجه الثلاثة. وذهب الأخفش في أخت وبنت ونظائرهما إلى مذهب ثالث، وهو حذف التاء وإقرار ما قبلها على سكونه، وما قبل الساكن على حركته، فتقول: أُخوي وبِنْوي وكِلْوي وثِنْوي؛ وقياس مذهبه في كيت وذيت -إذا رد المحذوف- أن ينسب إليهما كما ينسب إلى حي، فتقول: كيوي وذيوي.
تنبيهان: الأول: قد اتضح مما سبق أن أختًا وبنتًا حذفت لامهما؛ لأن النحويين ذكروهما فيما حذفت لامه، فالتاء إذن فيها عوض من اللام المحذوفة؛ وإنما حذفت في النسب على مذهب سيبويه لما فيها من الإشعار بالتأنيث، وإن لم تكن متمحضة للتأنيث،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلى المذكر كما تقدم، وهو كذلك كما يدل عليه قول التسهيل مع شرحه للدماميني ما نصه: والنسب إلى أخت ونظائرها كبنت وثنتان وكلتا وكيت وذيت كالنسب إلى مذكراتها، فتقول في أخت: أخوي، وفي بنت: بنوي، كما تقول ذلك في النسب إلى أخ وابن، وكذا البواقي والقرائن تدفع اللبس. اهـ. فضبط البعض ثنويا نسبة إلى ثنتان بكسر أوله خطأ، ثم مقتضى قوله: إلى مذكراتها أي: لكيت وذيت أيضًا مذكرًا، ولعل مراده به أصلهما قبل لحوق التاء.
قوله: "فتقول: ثنوي" ما ذكره من الخلاف في النسب إلى ثنتان؛ إنما يظهر في ثنتان قبل التسمية به وكذا بعدها على لغة الحكاية أما بعدها على لغة إجرائه مجرى حمدان في لزوم الألف والمنع من الصرف، أو مجرى سرحان في لزوم الألف والصرف، فينبغي أن يقال فيه قول واحد: اثنتاني، كما يؤخذ من النظائر السابقة.
قوله: "وكلوي" مقتضى صنيعه أن هذه الواو هي لام كلتا المحذوفة منها، فتكون ألف تأنيثها حذفت عند النسب، قاله سم. ويظهر لي توجيه حذفها بأن سيبويه يفتح عين المجبور وهي في كلتا اللام، فلو لم تحذف بل قلبت واوًا لزم اجتماع أربع متحركات فيما هو كالكلمة الواحدة، وقيل: وجهه أن سيبويه يفتح العين وإذا فتحت مع ردِّ اللام صار اللفظ كلوي بثلاث حركات قبل الألف، فتكون الألف رابعة فيما ثانيه متحرك كجمزي، وشأنها السقوط عند النسب، كما مر.
قوله: "وهو حذف التاء" أي: مع ردِّ اللام المحذوفة. قوله: "وإقرار ما قبلها على سكونه" أي: إن لم تقتضِ القواعد تحريكه كما في النسب إلى كيت وذيت كما سيبينه، وقد أشار إلى هذا القيد بقوله: وقياس... إلخ. قوله: "فتقول: كيوي وذيوي" أي: لأنك إذا حذفت التاء لإظهارها بالتأنيث، ثم رددت اللام أعني الياء المحذوفة صارا كيا وذيا كحي؛ وإنما فتحت الياء لاقتضاء سكونها قلب الواو ياء؛ لأن الواو والياء إذا اجتمعتا وسبقت إحداهما بالسكون قلبت الواو ياء، فيلزم اجتماع أربع ياءات مع الكسرة.
قوله: "لما فيها من الإشعار بالتأنيث" أي: وتاء التأنيث تحذف للنسب. سم. قوله: "وإن لم تكن متمحضة للتأنيث" بل له وللعوضية وللإلحاق بقفل وجذع، كما في التصريح. قوله: "كتاء بنت وأخت" أي: في العويضة عن اللام المحذوفة، وفي الإشعار بالتأنيث كما سيصرح به، ويرد عليه أنه يلزم اجتماع علامتي تأنيث؛ إلا أن يقال: الممتنع اجتماع علامتين

 

ج / 4 ص -276-                               وضَاعِفِ الثانِيَ من ثُنَائي    ثانيه ذُو لِينٍ كَلا وَلائِي


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وظاهر مذهب سيبويه أن تاء كلتا كتاء بنت وأخت، وأن الألف للتأنيث، وعلى هذا ينبني ما سبق، وذهب الجرمي إلى أن التاء زائدة، والألف لام الكلمة، ووزنه فعتل وهو ضعيف؛ لأن التاء لا تزاد وسطًا، فإذا نسب إليه على مذهبه قيل: كلتوي، والمشهور في النقل عن جمهور البصريين، ونقله ابن الحاجب في شرح المفصل عن سيبويه أن التاء في كلتا بدل من الواو التي هي لام الكلمة، ووزنها فعلي، أبدلت الواو تاء إشعارًا بالتأنيث، وإذا كان هذا مذهب الجمهور فالذي ينبغي أن يقال في النسب إليه: كلتاوي، وأيضًا لا ينبغي على هذا القول أن يعد فيما حذفت لامه؛ لأن ما أبدلت لامه لا يقال فيه: محذوف اللام في الاصطلاح، وإلا لزم أن يقال في ماء: محذوف اللام، والذي يظهر من مذهب سيبويه ومن وافقه أن لام كلتا محذوفة كلام أخت وبنت، والتاء في الثلاثة عوض من اللام المحذوفة كما قدمته أولًا، ولا يمتنع أن يقال: هي بدل من الواو إذا قصد هذا المعنى، كما قال بعض النحويين في تاء بنت وأخت: أنها بدل من لام الكلمة، وأما إن أريد البدل الاصطلاحي فلا؛ لأن بين الإبدال والتعويض فرقًا يذكر في موضعه.
الثاني: النسب إلى ابنة: ابني وبنوي، كالنسب إلى ابن اتفاقًا؛ إذ التاء فيها ليست عوضًا كتاء بنت. اهـ.
"وضاعف الثاني من ثنائي ثانيه ذو لين كلا ولائي" إذا نسب إلى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
متمحضين للتأنيث، مع أن الألف تقلب ياء حال النصب والجر فيحتاج إلى التاء.
قوله: "وعلى هذا" أي: ظاهر مذهب سيبويه ينبني ما سبق من أن سيبويه يقول في النسب إلى كلتا: كاوي برد اللام وحذف التاء. وأما حذف ألف التأنيث، فقد أسلفنا توجيهه. قوله: "إلى أن التاء زائدة" أي: لا عوض عن أصل هو اللام. قوله: "والمشهور في النقل... إلخ" مغاير لما سبق أنه ظاهر مذهب سيبويه؛ لأن اللام على هذا موجودة أصلها واو فأبدلت تاء وعلى ما سبق محذوفة والتاء عوض. قوله: "التي هي لام الكلمة" فأصلها كلوي، وقيل: كليا، فأصلها ياء. فارضي. قوله: "إشعارًا بالتأنيث" ولم يكتفوا في التأنيث بالألف؛ لأن الألف تقلب ياء في النصب والجر. فارضي. قوله: "فالذي ينبغي... إلخ" فيه أنه حينئذ مثل حبلى، فيجوز فيه كلتوي وكلتاوي أيضًا؛ إلا أن يقال: الحصر إضافي بالنسبة إلى منع كلوي. قوله: "ولا يمتنع أن يقال... إلخ" يحتمل أن يكون جوابًا عما وقع في كلام مَن جرى على ظاهر مذهب سيبويه من التعبير بالبدل، ويحتمل أنه توفيق بين هذا المذهب وما قدمه عن جمهور البصريين، ونقل أيضًا عن سيبويه، وقوله: إذا قصد هذا المعنى أي: العوضية.
قوله: "فرقًا يذكر في موضعه" حاصل هذا الفرق الآتي: أن العوض يكون في غير موضع المعوض عنه كهمزة ابن وياء سفيريج بخلاف البدل. قال شيخنا: هذا وإن كان حاصل ما يأتي إلا أنه لا يناسب هنا؛ لأن التاء في كلتا في موضع الواو، وسواء قلنا: إنها بدل أو عوض، ولعل المناسب هنا الفرق بأن الحرف إذا حذف وجعل موضعه حرف آخر كان عوضًا وإن لم يحذف بل قلب إلى حرف آخر كان بدلًا. قوله: "كلا ولائي" تمثيل للمنسوب والمنسوب إليه.

ج / 4 ص -277-                                 وإِنْ يَكُنْ كَشِيَةٍ ما الفا عَدِمْ           فجَبْرُهُ وفَتْحُ عَيْنِهِ التُزِمْ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الثنائي وضعًا، فإن كان ثانيه حرفًا صحيحًا جاز فيه التضعيف وعدمه، فتقول في كم: كمي وكمي، وإن كان ثانيه حرف لين ضعف بمثله إن كان ياء و واوًا، فتقول في كي ولو: كيوي ولووي؛ لأن كي لما ضعف صار مثل حي، ولو لما ضعف مثل دوّ. وإن كان ألفًا ضوعفت وأبدل ضعفها همزة، فتقول فيمن اسمه لا: لائي، وإن شئت أبدلت الهمزة واوًا فقلت: لاوي.
"وإن يكن كشية" معتل اللام "وما الفا عدم فجبره" برد فائه إليه "وفتح

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "فإن كان ثانيه حرفًا صحيحًا... إلخ" اعلم أنه قد تقرر أن الكلمة الثنائية إذا جعلت علمًا للفظ، وقصد إعرابها شدد الحرف الثاني منها، سواء كان حرفًا صحيحًا أو حرف علة نحو: أكثرت من الكم ومن الهل ومن اللو؛ لتكون على أقل أوزان المعربات. وأما إذا جعلت علمًا لغير اللفظ قصد إعرابها، فلا يشدد ثانيها إذا كان صحيحًا نحو: جاءني كم ورأيت منا؛ لئلا يلزم التغيير في اللفظ والمعنى معًا من غير ضرورة، فإن كان الثاني حرف علة كلو وفي ولا زيد حرف من جنسه، وإن لزم منه التغيير في اللفظ والمعنى معًا للاضطرار إلى الزيادة؛ لأن عدمها يؤدي إلى سقوط حرف العلة لا لبقائه ساكنًا مع التنوين، فيبقى المعرب على حرف واحد، وهو مرفوض في كلامهم، وإن جعلت علمًا للفظ أو لغيره ولم يقصد إعرابها فيهما، فلا زيادة أصلًا. هذا ملخص ما في الرضي وشرح اللباب للسيد مع زيادة. إذا علمت ذلك ظهر لك أن قوله: فإن كان ثانيه حرفًا صحيحًا؛ جاز فيه التضعيف وعدمه فيه نظر؛ إذ الثنائي الذي جعل علمًا للفظ وقصد إعرابه يجب تضعيف ثانيه صحيحًا أو معتلًّا، فيجب حينئذ في النسب إليه التضعيف والثنائي الذي جعل علمًا لغير اللفظ وقصد إعرابه يجب فيه عدم التضعيف إذا كان ثانيه حرفًا صحيحًا، فيجب حينئذ في النسب إليه عدم التضعيف، ويمكن الاعتذار بتوزيع كلام الشارح على الحالين المذكورين؛ لكن مر عن الفارضي في باب الحكاية تقييد وجوب تضعيف ثاني المجعول علمًا للفظ بما إذا كان حرف علة ففي المسألة خلاف، فتأمل.
قوله: "ولووي" عبارة المرادي والتوضيح والدماميني على التسهيل لوي، كما يقال في النسبة إلى دو وجو: دوي وجوي، ووجه الإدغام اجتماع المثلين بخلاف كيوي؛ لعدم اجتماعهما كحيوي؛ وإنما لم يدغم طووي؛ لأنه نسبة إلى طيئ، وما آخره ياء مشددة مسبوقة بحرف يجب فتح ثانيه ويعامل معاملة المقصور، كما تقدم في قول المصنف:

ونحو حي فتح ثانيه يجب

والاعتذار عن الشارح بأنه قصد بيان الأصل قبل الإدغام غير ناهض. "قوله: مثل دو" الدو بفتح الدال المهملة وتشديد الواو الفلاة كما في القاموس. قوله: "فقلت: لاوي" لأن الهمزة إذا كانت بدلًا من أصل جاز فيها التصحيح والقلب واوًا. قال في التصريح نقلًا عن ابن الخباز: وأما من قال: زدنا همزة من أول الأمر فيقول: لائي لا غير، ولا يجوز عنده لاوي؛ إلا على قول بعضهم: قراوي.
قوله: "كشية" هي كل لون يخالف معظم لون الفرس وغيره وأصلها وشي نقلت كسرة الواو إلى الشين بعد سلب سكونها، ثم حذفت الواو عوض عنها هاء التأنيث. قوله: "معتل اللام"

ج / 4 ص -278-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عينه التزم" عند سيبويه، فتقول على مذهبه في شية ودية وشوي وودوي؛ لأنه لا يرد العين إلى أصلها من السكون؛ بل يفتح العين مطلقًا ويعامل اللام معاملة المقصور، والأخفش يرد العين إلى سكونها إن كان أصلها السكون، فتقول على مذهبه: وِشْي ووِدْيي، فإن كان المحذوف الفاء صحيح اللام لم يجبر، فتقول في النسب إلى عدة: عدي، وإلى صفة: صفي.
تنبيه: بقي من المحذوف قسم ثالث لم يبين حكمه وهو محذوف العين. وحكمه أنه إن كانت لامه صحيحة لم يجبر؛ كقولك في سه ومذ -مسمى بهما- سهي ومذي، وأصلهما سته ومنذ، كذا أطلق كثير من النحويين، وليس كذلك؛ بل هو مقيد بألا يكون من المضاعف نحو رب المخففة بحذف الباء الأولى إذا سمي بها ونسب إليها، فإنه يقال: ربي برد المحذوف، نص عليه سيبويه ولا يعرف فيه خلاف. وإن كانت لامه معتلة نحو: المري ويرى -مسمى بهما- جبر، فتقول فيهما: المرئي والبَرَئي برد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خبر ثانٍ ليكن بين به وجه الشبه، ولو قال: في اعتلال اللام؛ لكان أوضح. قوله: "وشوي" بكسر الواو وفتح الشين. قوله: "بل يفتح العين مطلقًا" أي: سواء كان أصلها السكون أو الفتح. قوله: "ويعامل اللام معاملة المقصور" أي: بقلبها ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها ثم واوًا كالمقصور. قوله: "وشيي ووديي" بكسر أولهما وسكون ثانيهما. قوله: "لم يبين حكمه" أي: لقلته جدًّا في كلام العرب. شاطبي. قوله: "وحكمه أنه إن كانت... إلخ" أي: فهو على حد محذوف الفاء. قوله: "سه" بسين مهملة مفتوحة وهاء هو الدبر. قوله: "بحذف الياء الأولى" فيكون محذوف العين. قوله: "المري ويرى" المري اسم فاعل أرى ويرى مضارع رأى وأصلهما المرئي ويرأى نقلت حركة الهمزة إلى الراء ثم حذفت الهمزة وهي العين.
قوله: "فتقول فيهما المرئي" أي: برد المحذوف، واعترضه الدماميني بأنه لا وجه لرد العين؛ إذ ينبغي جعل المري كالشجي فيكون النسب إليه بقلب كسرة الراء فتحة والياء ألفًا ثم هذه الألف واوًا فيقال: مروي. لا يقال: قاسوه على دية وشية؛ لأنا نقول: هذا قياس مع الفارق؛ لأن دبة وشية بقيا على حرفين ثانيهما لين، وهذا بقي على ثلاثة ثالثها لين، فلا حاجة لرد الهمزة، ولئن سلمنا ردها لكان اللائق جواز قلب الياء واوًا؛ لأنه حينئذ كالقاضي، وهو يجوز فيه الوجهان، ولا نعلم أحدًا أوجب رد العين المحذوفة بحال إلا المصنف ومن قلده، وكأنه نزل الميم لزيادتها منزلة العدم، فبقي الاسم على حرفين لين فوجب رد المحذوف، وهذا كما قال في لم يع بوجوب هاء السكت. اهـ. ويمكن أيضًا أن يقال: الاقتصار على المرئي بحذف الياء لرجحانه على المرأوي بقلبها واوًا لا لتعينه، ومثل ما ذكر يجري في يرئي أيضًا فيقال: ينبغي جعله كفتى فيكون النسب إليه بقلب ألفه واوًا بلا رد الهمزة.
قوله: "واليرئي" أي: بفتحتين على الياء والراء ورد العين على قول سيبويه من إبقاء الحركة

 

ج / 4 ص -279-                           والواحدَ اذكُرْ نَاسِبًا للجَمْعِ       إِنْ لَمْ يُشَابِهْ واحدًا بالوَضْعِ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحذوف، وفي فتح العين وسكونها المذهبان.
"والواحد اذكر ناسبًا للجمع إن لم يشابه" الجمع "واحدًا بالوضع" الواحد مفعول باذكر، وناسبًا حال من الضمير المستتر في اذكر، يعني أنك إذا نسبت إلى جمع له واحد قياسي، وهو معنى قوله: إن لم يشابه واحدًا بالوضع جيء بواحده، وأنسب إليه، فتقول في النسب إلى فرائض وكتب وقلانس: فرضي وكتابي وقلنسي، وقول الناس: فراضي وكتبي وقلانسي خطأ؛ فإن شابه الجمع واحدًا بالوضع نسب إلى لفظه، وشمل أربعة أقسام:
الأول: ما لا واحد له كعباديد، فتقول فيه: عباديدي؛ لأن عباديد بسبب إهمال

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد رد المحذوف؛ وذلك لأنه يصير بعد الرد يرأي بوزن جمزي، فيجب حينئذ حذف الألف؛ لأنها رابعة كلمة ثانيها متحرك، وقياس أبي الحسن الأخفش من عدم إبقاء الحركة بعد الرد يرئي بسكون الراء وحذف الألف، ويرأوى بسكون الراء وقلب الألف واوًا كما تقول: ملهي وملهوي، كذا في التصريح.
قوله: "وفي فتح العين وسكونها" لا يخفى أن عين المرئي واليرئي الهمزة وهي لكونها قبل ياء النسب واجبة الكسر اتفاقًا؛ وإنما الوجهان في فاء الكلمة وهي الراء، فكان الصواب التعبير بالفاء بدل العين كما في التصريح وغيره؛ إلا أن يقال: أراد بالعين الراء وسماها عينًا لتوسطها كالعين. قوله: "المذهبان" أي: مذهب سيبويه ومذهب الأخفش. قوله: "والواحد اذكر... إلخ" قال أبو حيان: بشرط ألا يكون رد الجمع إلى الواحد يغير المعنى، فإن كان كذلك نسب إلى لفظ الجمع كأعرابي؛ إذ لو قيل فيه عربي ردًّا إلى المفرد لتبادر الأعم والقصد الأخص لاختصاص الأعراب بسكان البوادي وعموم العرب. اهـ همع. وتمثيله مبني على أحد القولين: إن الأعراب جمع عرب.
قوله: "للجمع" قاله الشاطبي وتبعه أرباب الحواشي، أراد بالجمع الجمع اللغوي، فيدخل التثنية كالمكسر والسالمين. اهـ. وفيه أنه لا حاجة إلى ذلك لعلم حكم التثنية؛ بل والسالمين من قوله: وعلم التثنية احذف للنسب... إلخ مع أنه يدخل في الجمع اللغوي اسم الجمع والنسب إليه على لفظه، كما في التسهيل واسم الجنس الجمعي. قال الدماميني: ولا يعلم ما المنسوب إليه منه أهو المفرد أم الجمع إلا الله تعالى؛ لأن تاء التأنيث لا بد من سقوطها ألبتة.
قوله: "بالوضع" متعلق بيشابه والباء بمعنى في. قوله: "له واحد قياسي" أي: بحسب الآن ليخرج ما له واحد قياسي بحسب الأصل، وهو الجمع المسمى به واحد، أو الغالب على الواحد، فصح كلامه بعده، فافهم. قوله: "فرضي" لأن واحد الفرائض فريضة، ومر أن النسب إلى فعيلة فعلي. قوله: "وقلنسي" نسبة إلى قلنسوة بحذف الواو كما هو قاعدة المنسوب إلى اسم فيه واو رابعة فصاعدًا قبلها ضمة، كما قدمناه عن الفارضي. قوله: "خطأ" فيه نظر بالنسبة إلى الأول فقد نقل الدنوشري عن بعض الأفاضل أن الفرائض من قبيل العلم كأنمار وكلاب الآتيين؛ بل قال في الهمع: أجاز قوم أن ينسب إلى الجمع على لفظه مطلقًا أي: سواء كان له واحد قياسي من لفظه أو لا، وخرج عليه قول الناس فرائضي وكتبي وقلانسي. اهـ. قوله: "كعباديد" هم الفرق من الناس والخيل الذاهبون في كل وجه

ج / 4 ص -280-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
واحده شابه نحو: قوم، ورهط، مما لا واحد له.
الثاني: ما له واحد شاذ كملامح، فإن واحده لمحة، وفي هذا القسم خلاف؛ ذهب أبو زيد إلى أنه كالأول ينسب إلى لفظه فتقول: ملامحي، وحكي أن العرب قالت في المحاسن: محاسني، وغيره ينسب إلى واحده وإن كان شاذًّا، فيقول في النسب إلى ملامحك: لمحي، وعلى ذلك مشى الناظم في بقية كتبه. وعبارته في التسهيل: وذو الواحد الشاذ كذي الواحد القياسي لا كالمهمل الواحد خلافًا لأبي زيد، وقد يحتمله كلامه هنا.
الثالث: ما سمي به من الجموع نحو: كلاب وأنمار ومدائن ومعافر، فتقول فيه: كلابي وأنماري، ومدائني ومعافري، وقد يرد الجمع المسمى به إلى الواحد إذا أمن اللبس، ومثال ذلك الفراهيد -علم على بطن من أسد- قالوا فيه: الفراهيدي بالنسب إلى لفظه، والفرهودي النسب إلى واحده؛ لأن اللبس لأنه ليس لنا قبيلة تسمى بالفرهود؛ وإنما قالوا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والآكام والطرق البعيدة واسم موضع وكعباديد أبابيل وأعراب، وقيل: إن أعرابًا جمع عرب.
قوله: "ما له واحد شاذ" في نسبة الشذوذ إلى الواحد تسمح فيما يظهر؛ إذ الواحد هو الأصل، والجمع فرع عنه، فاللائق نسبة الشذوذ إليه بأن يقال: ملامح جمع شاذ للمحة، ويشهد لما قلناه صنيعهم في غير هذا الموضع، فتدبر. قوله: "لمحة" بفتح اللام كما يؤخذ من القاموس. قوله: "ذهب أبو زيد إلى أنه كالأول... إلخ" يتبادر منه أن أبا زيد يوجب النسب إلى لفظه، وهو خلاف المتبادر من قول الهمع: وأجازه أي: النسب إلى لفظ الجمع أبو زيد فيما له واحد شاذ كمذاكير ومحاسن. اهـ. قوله: "في المحاسن" جمع حسن على غير قياس، وقيل: جمع لا واحد له كأعراب وأبابيل، ذكر ذلك المصنف في العمدة. اهـ فارضي. قوله: "وقد يحتمله كلامه هنا" بأن يكون المراد بما شابه الواحد ما لا واحد له لا قياسًا ولا شذوذًا، أو سمي به أو غلب. سم.
قوله: "والثالث ما سمي به" اعترض بأن هذا ليس مما نحن فيه؛ لأنه واحد لا جمع يشابه الواحد، ويجاب بأنه جمع بحسب الأصل ومشابه الآن للواحد أصالة، فهو مما نحن فيه بالاعتبار المذكور. قوله: "نحو: كلاب وأنمار" اسمان لقبيلتين، ومدائن اسم بلد بالعراق، ومعافر بعين مهملة ثم فاء فراء هو ابن مر أخو تميم بن مر. قوله: "لأنه ليس لنا قبيلة تسمى بالفرهود" كذا قال الشارح وغيره، وتعقبه الدماميني بأنه قد نقل غير واحد من أهل اللغة أن الفرهود ولد الأسد وولد الوعل، واللبس يحصل إذا كانت كلمة فرهود مستعملة لشيء آخر وإن لم يكن قبيلة؛ إذ لا دليل على أن الفرهودي نسبة إلى القبيلة لجواز أن يكون نسبة إلى غيرها؛ وحينئذ فاللبس باقٍ، وتعقبه المصرح أيضًا بأن في الصحاح أن الفرهود بالضم الغليظ، وحيّ من نجد وهو بطن من الأزد، فاللبس حاصل.
قوله: "وإنما قالوا... إلخ" قال البعض: هذا جواب عما يرد على قولهم: إن الجمع المسمى به ينسب إلى لفظه. وحاصل الجواب أنه باقٍ على جمعيته. اهـ. وفيه أن ظاهر قوله: فلما اجتمعوا وصاروا يدًا واحدة قيل لهم: الرباب. إن الرباب صار علمًا بالغلبة على مجموع القبائل

 

ج / 4 ص -281-                  ومَعَ فاعلٍ وفَعَّالٍ فَعِلْ           في نَسَبٍ أَغْنَى عن اليا فقُبِلْ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في النسب إلى الرِّباب: رُبي؛ لأن الرباب ليس باسم لواحد؛ وإنما الرباب ضبة، وعكل وتميم وثور وعدي. والربة: الفرقة، فلما اجتمعوا وصاروا يدًا واحدة قيل لهم: الرباب.
والرابع: ما غلب فجرى مجرى الاسم العلم؛ كقولهم في الأنصار: أنصاري، وفي الأنبار -وهم قبائل من بني سعد بن عبد مناة بن تميم- أنباري.
تنبيه: إذا نسب إلى تمرات وأرضين وسنين باقية على جمعيتها قيل: تمري وأرضي وسنَهي أو سنَوي، على الخلاف في لامه. وإذا نسب إليها أعلامًا التزم فتح العين في الأولين وكسر الفاء في الثالث.
"ومع فاعل وفعال فعل في نسب أغنى عن اليا فقبل" أي:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخمس، ويؤيده أن لفظ الرباب إذا أطلق لا ينصرف إلا إليهم، فينبغي أن حاصل الجواب أن الرباب لما لم يصر علمًا لواحد؛ بل لمجموع قبائل خمس أشبه ما لم يصر علمًا مما هو باقٍ على جمعيته فعومل معاملته؛ لكن يرد أنه يكون حينئذ من القسم الرابع كالأنصار والأنبار فهلا قالوا: ربابي، كما قالوا: أنصاري وأنباري، تدبر.
قوله: "إلى الرباب" بكسر الراء جمع ربة بضمها كما في الصحاح. قوله: "ربي" بضم الراء كما في الصحاح. قوله: "تنبيه... إلخ" قال شيخنا: هذا تقدم في شرح قوله: وعلم التثنية إلى آخره، فلينظر ما حكمة إعادته. اهـ. قال البعض: أعاده هنا تمهيدًا لقوله: وإذا نسب إليها أعلامًا... إلخ؛ لأن هذا لم يتقدم. اهـ. وهو باطل لتقدم حكم النسب إلى ما سمي به من ذلك أيضًا، نعوذ بالله من التساهل. ويمكن أن يقال: المقصود بالذات فيما تقدم بيان حذف علامة التثنية والجمع هنا بيان غير ذلك، فتأمل. قوله: "إذا نسب إلى تمرات... إلخ" وكذا إذا نسب إلى سدرات وغرفات باتباع عينهما لفائهما باقيين على الجمعية قيل: سدري وغرفي بالإسكان، أو علمين قيل: سدري وغرفي بالتحريك؛ لكن مع إبدال كسرة عين الأول فتحة كما تقول: إبلي بكسر الهمزة وفتح الموحدة، كذا في الهمع. قوله: "قيل: تمري... إلخ" أي: بسكون عين الأولين وفتح فاء الثالث بوجهيه؛ لأن النسب إلى الجمع يرده إلى واحده. قال الأسقاطي وتبعه غيره: وينبغي أن الحكم كذلك إذا نسب إليها أعلامًا بناء على لغة الحكاية، كما علم مما مر.
قوله: "وسنهي أو سنوي... إلخ" هذا إذا أعربت سنين كالجمع، فإن جعلت الإعراب على النون مثل حين نسبت إليه على لفظه؛ لأنه حينئذ مفرد لفظًا جمع معنى فصار مثل قوم فتقول: سنيني. سم. قوله: "التزم فتح العين... إلخ" أي: لأنه لا يتصرف في العلم المنقول عن جمع التصحيح أو الملحق به إلا بحذف علامة الجمع كلها أو بعضها، على ما مر تفصيله للفرق بين النسبة إليها أعلامًا، والنسبة إليها جموعًا. وقد علم تقييد ما ذكره في صورة العلمية بغير لغة الحكاية، وأن صورة العلمية على لغة الحكاية كصورة الجمعية.
قوله: "ومع فاعل... إلخ" فعل مبتدأ خبره أغنى، ومع فاعل حال من الضمير في أغنى أو من فعل على قول سيبويه بجواز الحال من المبتدأ والمعية في الحكم وفي نسب متعلق بأغنى، والفرق بين اسم الفاعل وفاعل في النسب

ج / 4 ص -282-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يستغنى عن ياء النسب غالبًا بصوغ فاعل، مقصودًا به صاحب الشيء، قوله:

وغررتني وزعمْتَ أنك لابن في الصيفِ تامر

قال سيبويه: أي: صاحب لبن وتمر. وقالوا: فلان طاعم كاس أي: ذو طعام وكسوة، ومنه قوله:
1245-

واقْعُد فإنك أنت الطاعمُ الكاسي

وقوله:
1246-

كِلِينِي لهم يا أميمةَ نَاصِب

أي: ذي نصب، ويصوغ فعال مقصودًا به الاحتراف كقولهم: بزاز وعطار، وقد يقوم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العلاج وقبول تاء التأنيث في الأول دون الثاني، نقله شيخنا السيد عن شرح الشافية. قوله: "غالبًا" سيأتي محترزة أي: في قوله: وقد يؤتى بياء النسب في بعض ذلك... إلخ.
قوله: "أي: صاحب لبن وتمر" أي: عنده لبن وتمر، وليس المراد أنه يبيعهما ويحترف فيهما؛ وإلا كان من معنى فعال. قوله: "أي: ذو طعام وكسوة" أي: عنده ذلك وليس المراد أنه يأكل ويكسو؛ وإلا كانا اسمي فاعل، وتعبيره تارة بصاحب، وتارة بذي للتفنن. قوله: "ومنه قوله... إلخ" إن أرجع الضمير في منه إلى طاعم كاس في قوله: وقالوا فلان... إلخ كان وجه الفصل بمنه ظاهرًا، وكان قوله: وقوله: كليني... إلخ بالجر عطفًا على مجرور الكاف السابق، وإن أرجع إلى فاعل المقصود به صاحب الشيء لم يظهر وجه الفصل، وكان قوله: وقوله: كليني... إلخ بالرفع عطفًا على قوله: في قوله، ومنه قوله... إلخ. قوله: "كليني لهمّ يا أميمة ناصب" تقدم الكلام على هذا البيت في النداء. قوله: "أي: ذي نصب" أي: يتسبب عنه النصب، فليس هو اسم فاعل؛ لأن الهم متعب لا تاعب. قوله:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1245- صدره:

دَعِ المكارمَ لاترحل لبُغْيتها

والبيت من البسيط، وهو للحطيئة في ديوانه ص54، والأزهية ص175، والأغاني 2/ 155، وخزانة الأدب 6/ 299، وشرح شواهد الشافية ص120، وشرح شواهد المغني 2/ 916، وشرح المفصل 6/ 15، والشعر والشعراء ص334، ولسان العرب 10/ 108 "ذوق"، 12/ 364 "طعم"، 15/ 224 "كسا"، وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص418، وخزانة الأدب 5/ 115، وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 88.
1246- عجزه:

وليل أقاسيه بطيء الكواكب

والبيت من الطويل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص40، والأزهية ص237، وخزانة الأدب 2/ 321، 325، 3/ 272، 4/ 392، 5/ 74، 75، 11/ 22، والدرر 3/ 57، وشرح أبيات سيبويه 1/ 445، والكتاب 2/ 207، 3/ 382، وكتاب السلامات ص102، ولسان العرب 1/ 721 "كوكب"، 758 "نصب"، 6/ 6 "أسس"، 8/ 172 "شبع"، والمقاصد النحوية 4/ 303، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص121، وجمهرة اللغة ص350، 982، ورصف المباني ص161، وشرح المفصل 2/ 107.

 

ج / 4 ص -283-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أحدهما مقام الآخر، فمن قيام فاعل مقام فعال قولهم: حائك في معنى حواك؛ لأنه من الحرف، ومن العكس قوله:
1247-

وليس بذي رُمْحٍ فيَطْعَنَنِي به                  وليس بذي سَيْفٍ وليس بنَبَّال

أي: وليس بذي نبل. قال المصنف: وعلى هذا حمل المحققون قوله تعالى: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: 46] أي: بذي ظلم. وقد يؤتى بياء النسب في بعض ذلك، قالوا لبياع العطر ولبياع البتوت -وهي الأكسية- عطار وعطري، وبتات وبتي، وبصوغ فعل مقصودًا به صاحب كذا؛ كقولهم: رجل طعِم ولبس وعمل، بمعنى ذي طعام وذي لباس وذي عمل، أنشد سيبويه:
1248-

ولستُ بلَيْلِي ولَكِنِّي نَهِرْ

أراد: ولكني نهاري أي: عامل بالنهار.
تنبيهات: الأول: قد يستغنى عن ياء النسب أيضًا بمفعال؛ كقولهم: امرأة مِعطار أي:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"بزاز" بزايين كما في أكثر النسخ أي: بياع البز وهو القماش. قوله: "قولهم: حائك" مثله صائغ في معنى صوّاغ. قال الدماميني: أي: ضرورة دعت إلى صرف هذين اللفظين عن كونهما اسمي فاعل من صاغ وحاك إلى النسب.
قوله: "فيطعنني" بضم العين وبالنصب في جواب النفي. في المختار أن الطعن في السن وبالرمح وبمعنى القدح من باب نصر، وأن الفراء أجاز فتح عين المضارع في الكل. قوله: "أي: وليس بذي نبل". قوله: "أي: وليس" المراد أنه ليس بصانع نبل بدليل ما قبله. قوله: "وعلى هذا حمل المحققون... إلخ" أي: فرارًا من الحمل على صيغة المبالغة الموهم انصباب النفي عليها ثبوت أصل الظلم مع أن الله تعالى منزه عن ذلك. وأجيب أيضًا على تسليم الحمل على صيغة المبالغة بأن المراد بها اسم الفاعل؛ لكن عدل عنه إليها تعريضًا بأن ثم ظلامًا للعبيد من ولاة الجور، وبأن العبيد جمع كثرة، فجيء في مقابلته بالكثرة.
قوله: "في بعض ذلك" أي: في بعض ما استعمل فيه فاعل وفعال للنسب. قوله: "ولبياع البتوت" بموحدة ففوقيتين بينهما واو. قوله: "نهاري أي: عامل بالنهار" تفسير نهر بنهاري بمعنى عامل بالنهار تفسير بما يؤول إليه المعنى؛ إذ معنى نهر ذو نهار أي: ذو عمل بالنهار. قوله: "كقولهم:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1247- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص33، وشرح أبيات سيبويه 3/ 221، وشرح شواهد المغني 1/ 341، وشرح المفصل 6/ 14، والكتاب 2/ 383، ولسان العرب 11/ 642 "نبل"، والمقاصد النحوية 4/ 540، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 339، ومغني اللبيب 1/ 111، والمقتضب 3/ 162.
1248- الرجز، بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 341، وشرح التصريح 2/ 337، وشرح ابن عقيل ص665، وشرح عمدة الحافظ ص900، والكتاب 3/ 384، ولسان العرب 5/ 238 "نهر"، 11/ 608 "ليل"، والمقاصد النحوية 4/ 518، والمقرب 2/ 55، ونوادر أبي زيد ص249.

 

ج / 4 ص -284-                     وغَيْرُ ما أسلفتُه مُقَرَّرَا      على الذي يُنْقَلُ منه اقْتُصِرَا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذات عطر، ومِفعيل كقولهم: ناقة محضير أي: ذات حضر، وهو الجري.
الثاني: هذه الأبنية غير مقيسة، وإن كان بعضها كثيرًا، هذا مذهب سيبويه. قال: لا يقال لصاحب الدقيق دقاق، ولا لصاحب الفاكهة فكاه، ولا لصاحب البر برار، ولا لصاحب الشعير شعار، والمبرد بقيس هذا. انتهى.
"وغير ما أسلفته مقررا على الذي ينقل منه اقتصر" يعني: أن ما جاء من النسب مخالفًا لما تقدم من الضوابط شاذ، يحفظ ولا يقاس عليه، وبعضه أشذ من بعض، فمن ذلك قولهم في النسب إلى البصرة: بصري بكسر الباء، وإلى الدهر: دهري بضم الدال، وإلى مرو: مروزي، وإلى الري: رازي، وإلى خراسان: خرسي وخرسي، وإلى جلولاء وحروراء -موضعين- جلولي وحروري، وإلى البحرين: بحراني، وإلى أمية: أموي بفتح الهمزة، وإلى السهل: سهلي بضم السين،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
امرأة معطار أي: ذات عطر" هذا لا ينافي أنهم يقولون أيضًا: امرأة معطار أي: كثيرة التعطر، حتى يتجه اعتراض الدماميني بقول الصحاح: رجل معطير كثير التعطر، وامرأة معطير كثيرته، وكذلك معطار. اهـ. وقد ذكر في الصحاح أن المعطير جاء بمعنى العطار أيضًا. قوله: "أي: ذات حضر" بضم الحاء المهملة وسكون الضاد المعجمة. قوله: "وإن كان بعضها كثيرًا" فيه إشارة إلى ما صرح به سابقًا من أن الكثرة لا تثبت القياس. قوله: "يقيس هذا" أي: نحو دقاق وفكاه وبرار وشعار على ما سمع كعطار وبزاز.
قوله: "مقررا" حال من الهاء في أسلفته، واقتصرا بصيغة الماضي المبني للمفعول خبر عن غير ونائب الفاعل قوله: على الذي ينقل منه قدم للضرورة، أو على قول أو ضمير مستتر في اقتصر يعود على مصدره المفهوم منه، أو بصيغة الأمر، والألف بدل من نون التوكيد الخفيفة لأجل الوقف؛ وعلى هذا فغير إما مبتدأ خبره فعل الأمر، أو منصوب على الاشتغال، واقتصر مفسر لناصب غير بطريق اللزوم أي: اقصد غير... إلخ مثلًا.
قوله: "وبعضه أشذ من بعض" لعله لكثرة التغيير المخرج عن القياس أو قوته، فمروزي أشذ من بصري بالكسر؛ لأن التغيير بالحرف أقوى من التغيير بالحركة، ونحو: رقباني أشذ منهما؛ لأن التغيير فيه بزيادة حرفين. قوله: "بصري بكسر الباء" اعلم أن باء البصرة مثلثة، والفتح أفصح، وسمع في المنسوب إليها الفتح والكسر ولم يسمع الضم؛ لئلا تلتبس النسبة إليها بالنسبة إلى بصري الشام كما قيل، وإن كان المتجه عندي جواز الضم بناء على عدم المبالاة باللبس في باب النسب، كما مر. إذا علمت ذلك علمت أنه يجوز حمل البصري بالكسر على النسبة إلى البصرة بالكسر والبصري بالفتح على النسبة إلى البصرة بالفتح، فلا يكون ثَمَّ شذوذ أصلًا، وأفصحية الفتح لا تمنع النظر إلى الكسر، فتدبر.
قوله: "جلولاء" بفتح الجيم وتخفيف اللام المضمومة وبالمد، وحروراء بفتح الحاء المهملة وتخفيف الراء المضمومة وبالمد. قوله: "جلولي وحروري" أي: وكان القياس جلولاوي وحروراوي بإبدال همزة المد واوًا. قوله: "بحراني" لك أن تقول: لِمَ لا يكون بحراني على لغة من جعل المثنى المسمى به جاريًا مجرى سلمان؟ زكريا. قوله: "أموي بفتح الهمزة" والقياس ضمها.

ج / 4 ص -285-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وإلى بني الحبلي -وهم حي من الأنصار منهم: عبد الله بن أبي سلول المنافق- وسمي أبوهم الحبلي لعظم بطنه، حبلي بضم الحاء وفتح الباء ومنه قولهم: رقباني، وشعراني، وجماني، ولحياني للعظيم الرقبة والشعر والجمة واللحية. وقولهم في النسب إلى الشأم واليمن وتهامة: رجل شآم ويمان وتهام، وكلها مفتوحة الأول، وقد تقدم من ذلك ألفاظ في أثناء الباب.
خاتمة: ألحقوا آخر الاسم ياء كياء النسب للفرق بين الواحد وجنسه، فقالوا: زنج وزنجي، وترك وتركي، بمنزلة تمر وتمرة، ونخل ونخلة، وللمبالغة فقالوا في أحمر وأشقر: أحمري وأشقري، كما قالوا: راوية ونسابة، وزائدة وزيادة لازمة نحو: كرسي وبرني، وهو ضرب من أجود التمر، ونحو: بردي بالفتح وهو نبت، وهذا كإدخال التاء فيما لا معنى فيه للتأنيث؛ كغرفة وظلمة، وزائدة زيادة عارضة؛ كقوله:
1249-

أطربًا وأنت قِنَّسْرِيّ                           والدَّهرُ بالإنسان دَوَّارِيّ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "ابن أبي سلول" اعلم أن اسم أبيه أُبي، واسم أمه سلول، فالذي ينبغي ابن أبي ابن سلول، وتكتب ألف ابن سلول، والذي بخط الشارح ابن أُبي رأس المنافقين. قوله: "والجمة" بضم الجيم وتشديد الميم شعر الرأس إذا وصل إلى المنكب. قوله: "شآم... إلخ" الأصل شامي ويمني وتهامي بكسر التاء، فحذفوا إحدى ياءي النسب وعوضوا منها في الأولين الألف وفي الأخير فتحة التاء؛ لتأدية التعويض فيه بالألف إلى اجتماع ألفين، فيضطر إلى حذف إحداهما؛ وحينئذ فلا معنى للتعويض بها، وسمع شذوذًا شآمي ويماني بتشديد الياء جمعًا بين العوض والمعوض. قال الدماميني نقلًا عن المرادي: لا يجيء ذلك إلا في الشعر. قوله: "وكلها مفتوحة الأول" لا حاجة إلى بيان فتح أول شآم ويمان؛ إذ لا شبهة فيه. قوله: "للفرق بين الواحد وجنسه" أي: اسم جنسة الجمعي، واستظهر الدماميني أن الياء في نحو: زنجي وتركي للنسب.
قوله: "كما قالوا: راوية ونسابة" أي: بتاء زائدة لأصل المبالغة في الأول وتأكيدها في الثاني. قوله: "وزائدة" أي: لا للنسب ولا للفرق ولا للمبالغة ومعطوف هذه الواو محذوف لدلالة ما قبلها عليه، ناصب زائدة على الحال أي: وتلحق زائدة إلى آخره. قوله: "وبرني" أي: بفتح الباء الموحدة وسكون الراء وبالنون وقوله: ونحو: بردي بالفتح أي: بفتح الباء فقط وبسكون الراء بالدال. قال في القاموس عقب ذكره أن البردي بفتح الباء وسكون الراء وبالدال نبات معروف ما نصه: وبالضم تمر جيد. اهـ. وظاهره أن ياء البردي بالضم أيضًا زائدة لازمة، وصنيع الشارح يوهم خلافه، وبما ذكرته يعلم ما في كلام البعض من الخلل.
قوله: "زيادة عارضة" أي: غير مقارنة للوضع على ما قاله البعض، أو غير لازمة على ما تفيده مقابلتها اللازمة، وسيأتي التعبير به في كلام الدماميني. قوله: "أطربا" أي: أتطرب طربًا، والهمزة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1249- الرجز للعجاج في ديوانه 1/ 480، وجمهرة اللغة ص1151، وخزانة الأدب 11/ 274، 275، والدرر 3/ 74، وشرح أبيات سيبويه 1/ 152، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1818، وشرح شواهد الإيضاح ص247، وشرح شاهد المغني 1/ 41، 2/ 722، والكتاب 1/ 338، ولسان العرب 5/ 93 "قسر"، 117 "قنسر"، والمحتسب 1/ 310، ومغني اللبيب 1/ 18، وبلا نسبة في خزانة الأدب 6/ 540، والخصائص 3/ 104، وشرح المفصل 1/ 123، 3/ 104، ومغني اللبيب 2/ 681، والمقتضب 3/ 228، 264، 289، والمقرب 1/ 162، 2/ 54، والمنصف 2/ 179، وهمع الهوامع 1/ 192، 2/ 198.