حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفية ابن مالك ج / 4 ص -286-
الوقف:
تنوينًا اثْرَ فَتْحِ اجْعَلْ أَلِفَا
وَقْفًا وتِلْوَ غَيْرِ فَتْحٍ احْذِفَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: داور، ومنه قول الصلتان:
1250-
أنا الصلتاني الذي قد علمتم
إذا ما تحكَّم فهو بالْحُكْم صَادِعُ
والله أعلم.
الوقف:
"تنوينًا أثر فتح اجعل ألفا وقفًا وتلو غير فتح احذفا"
الوقف قطع النطق عند آخر الكلمة، والمراد هنا الاختياري،
وهو غير الذي يكون: استثباتًا، وإنكارًا، وتذكرًا،
وترنمًا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للتوبيخ. وقوله: قنسري نسبة إلى قنسرين بفتح النون وكسرها
كورة بالشام كما في القاموس. وقال في المغني: وأنت شيخ
كبير. قوله: "دواري" قال الدماميني: يحتمل كون الياء فيه
لتأكيد المبالغة كالتاء في علامة، والمثال الجيد للزائدة
غير اللازمة قول الصلتان المذكور. قوله: "قول الصلتان"
بفتح اللام. قوله: "تحكم" بالفوقية أوله وسكون الميم آخره
للوزن.
الوقف:
قوله: "تنوينا اثر فتح" بنقل حركة الهمزة إلى التنوين،
ومراده بالفتح ما يشمل الحركة الإعرابية. قال في التصريح:
وإنما أبدل التنوين بعد التفحة ألفًا؛ لأن التنوين يشبه
الألف من حيث إن اللين في الألف الغنة في التنوين، ولم
يبدل بعد الضمة واوًا بعد الكسرة ياء لثقل الواو والياء في
أنفسهما، وإذا اجتمعا مع الضمة والكسرة زاد الثقل. اهـ
باختصار. قوله: "وقفًا" أي لأجل الوقف أو واقفًا أو في
الوقف. قوله: "قطع النطق عند آخر الكلمة" أحسن من قول ابن
الحاجب: قطع الكلمة عما بعدها؛ لأنه قد لا يكون بعدها شيء.
قوله: "والمراد هنا الاختياري" بالتحتية أي: لا الاضطراري
ولا الاختياري بالموحدة؛ وبيان ذلك أن الوقف إن قصد لذاته
فاختياري بالتحتية، وإن لم يقصد أصلًا بل قطع النفس عنده
فاضطراري، وإن قصد لا لذاته؛ بل لاختبار حال الشخص هل يحسن
الوقف على نحو: عم وفيم وبم أو لا فاختباري.
قوله: "وهو" أي: الاختياري المراد هنا غير الذي يكون
استثباتًا... إلخ أي: لا مطلق الاختياري، فالاستثباتي هو
الواقع في الاستثبات، والسؤال المقصود به تعيين مبهم نحو:
منو ومنا ومني، لمن قال:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1250- البيت من الطويل، وهو في أمالي القالي 2/ 141،
والمحتسب 1/ 311.
ج / 4 ص -287-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وغالبه يلزمه تغييرات، وترجع إلى سبعة أشياء: السكون،
والروم، والإشمام، والإبدال، والزيادة، والحذف، والنقل.
وهذه الأوجه مختلفة في الحسن والمحل، وستأتي مفصلة. واعلم
أن في الوقف على المنون ثلاث لغات: الأولى -وهي الفصحى- أن
يوقف عليه بإبدال تنوينه ألفًا إن كان بعد فتحة، وبحذفه إن
كان بعد ضمة أو كسرة بلا بدل، تقول: رأيت زيدًا، وهذا زيد،
ومررت بزيد. والثانية: أن يوقف عليه بحذف التنوين وسكون
الآخر مطلقًا، ونسبها المصنف إلى ربيعة. والثالثة: أن يوقف
عليه بإبدال التنوين ألفًا بعد الفتحة، وواوًا بعد الضمة،
وياء بعد الكسرة، ونسبها المصنف إلى الأزد.
ننبيهات: الأول: شمل قوله: "اثر فتح" فتحة الإعراب نحو:
رأيت زيدًا، وفتحة البناء نحو: أيها وويها، فكلا النوعين
يبدل تنوينه ألفًا على المشهور.
الثاني: يستثنى من المنوب المنصوب ما كان مؤنثًا بالتاء
نحو: قائمة، فإن تنوينه لا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جاءني رجل، ورأيت رجلًا، ومررت برجل. وأيون وأيين لمن قال:
جاءني قوم، ورأيت قومًا، ومررت بقوم، والإنكاري هو الواقع
في السؤال المقصود به إنكار خبر المخبر، أو إنكار كون
الأمر على خلاف ما ذكر، فإن كانت الكلمة منونة كسرت
التنوين وتعينت الياء مدة نحو: أزيدنيه بضم الدال وكسر
النون لمن قال: جاءني زيد، وأزيدنيه بفتح الدال وكسر النون
لمن قال: رأيت زيدًا، وأزيدنيه بكسرهما لمن قال: مررت
بزيد. وإن لم تكن منونة أتيت بالمدة من جنس حركة آخر
الكلمة نحو: أعمروه وأعمراه وأحذامية لمن قال: جاءني عمرو
ورأيت عمرًا ومررت بحذام. والتذكري هو المقصود به تذكر
باقي اللفظ فيؤتى في آخر الكلمة بمدة من جنس حركة آخرها
نحو: قالا وتقولوا وفي الداري. ولو قصد الوقف لا للتذكر لم
يؤت بها والترنمي كالوقف في قوله:
أقلي اللوم عاذل والعتابن
بالتنوين المسمى تنوين الترنم. قوله: "وغالبه" احترز بالغالب
عن المقصور غير المنون كالفتى وحبلى، والمنقوص غير المنون
كالقاضي؛ إذ لا تغيير فيهما، وجمع التغييرات باعتبار أفراد
الوقف. قوله: "وترجع إلى سبعة أشياء" من رجوع الجزئيات إلى
كلياتها ولا يرد التضعيف؛ لأنه زيادة حرف مع إسكان، فلم
يخرج عن السبعة كما يشير إلى ذلك تعبيره بالرجوع.
قوله: "وهي الفصحى" ولهذا اقتصر المصنف عليها. قوله:
"مطلقًا" أي: ليجري الباب مجرى واحدًا. اهـ سم. قوله:
"ونسبها المصنف إلى ربيعة" قال ابن عقيل: والظاهر أن هذا
غير لازم في لغة ربيعة، ففي أشعارهم كثير الوقف على
المنصوب المنون بالألف، فكأن الذي اختصوا به جواز الإبدال.
سم. قوله: "شمل قوله: اثر فتح فتحة الإعراب" هذا الشمول
باعتبار المراد من الفتح هنا لا باعتبار ظاهره. قوله: "على
المشهور" مقابله الحذف بعد فتحة البناء فيقال: ويه. قوله:
"يستثنى... إلخ" قد يقال: لا يرد هذا على المصنف؛ لأنه نبه
عليه بعد قوله:
في الوقف تا تأنيث الاسم ها جعل
ج / 4 ص -288-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يبدل بل يحذف، وهذا في لغة من يقف بالهاء، وهي الشهيرة،
وأما من يقف بالتاء فبعضهم يجريها مجرى المحذوف فيبدل
التنوين ألفًا فيقول: رأيت قائمتا، وأكثر أهل هذه اللغة
يسكنها لا غير.
الثالث: المقصور المنون يوقف عليه الألف نحو: رأيت فتى،
وفي هذه الألف ثلاثة مذاهب؛ الأول: أنها بدل من التنوين في
الأحوال الثلاث، واستصحب حذف الألف المنقلبة وصلًا ووقفًا،
وهذا مذهب أبي الحسن والفراء والمازني، وهو المفهوم من
كلام الناظم هنا؛ لأنه تنوين بعد فتحة. والثاني: أنها
الألف المنقلبة في الأحوال الثلاثة، وأن التنوين حذف فلما
حذف عادت الألف، وهو مروي عن أبي عمرو والكسائي والكوفيين،
وإليه ذهب ابن كيسان والسيرافي، ونقله ابن الباذش عن
سيبويه والخليل، وإليه ذهب المصنف في الكافية. قال في
شرحها: ويقوي هذا المذهب ثبوت الرواية بإمالة الألف وقفًا
والاعتداد بها رويًّا وبدل التنوين غير صالح لذلك. ثم قال:
ولا خلاف في المقصور غير المنون أن لفظه في الوقف كلفظه في
الوصل، وأن ألفه لا تحذف إلا في ضرورة؛ كقول الراجز:
1251-
رَهْطُ ابْنِ مَرْجُومٍ ورَهْطُ ابْنِ الْمُعَلْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ورده سم بأنه يحتمل أن يكون ذكر حكم آخر لتاء التأنيث
زيادة على ما هنا، فلا ينافي دخولها في الحكم المذكور هنا،
ونظيره أن المنصوب يجوز فيه الروم فهو داخل في قوله الآتي:
أوقف رائم التحرك مع دخول المنون منه في قوله: تنوينًا اثر
فتح... إلخ. قوله: "ما كان مؤنثًا بالتاء" المراد الهاء،
فخرج المؤنث بالتاء نحو: بنت وأخت، فإنه يبدل فيه التنوين
ألفًا في النصب كغير المؤنث. سيوطي سم. قوله: "بل يحذف"
لثقل المؤنث بالتاء فخفف بحذف تنوينه في الوقف الذي هو
موطن تخفيف.
قوله: "قوله: يجريها مجرى المحذوف" أي: يجري الكلمة التي
فيها هاء التأنيث مجرى الكلمة المحذوف منها هاء التأنيث في
إبدال التنوين ألفًا نصبه، وفي بعض النسخ: مجرى الحروف،
وهكذا في المرادي أي: مجرى باقي الحروف في ذلك الإبدال.
قوله: "ثلاثة مذاهب" ثمرة هذا الخلاف تظهر في الإعراب؛
فعلى أنها بدل التنوين يعرب بحركات مقدرة على الألف
المحذوفة لالتقاء الساكنين، وعلى أنها المنقلبة عن الياء
يعرب بحركات مقدرة على الموجودة؛ لأنها حينئذٍ محل
الإعراب، فاحفظه. قوله: "ووقفًا" كان ينبغي حذف العاطف؛
ليكون معمولًا لاستصحب؛ إذ المعنى واستصحب في الوقف حذفها
في الوصل.
قوله: "ويقوي هذا المذهب" يقويه أيضًا كتابة الألف في
الإمام بالياء. أسقاطي. قوله: "بإمالة الألف وقفًا" كسدى
بالإمالة قراءة حمزة والكسائي. قوله: "غير صالح لذلك" أي:
للمذكور من الإمالة والرويّ. قوله: "رهط ابن مرجوم" بالجيم
كما هو في شواهد العيني، قال: ومن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1251- صدره:
وقبيل من لُكَيزٍ حاضرٍ من الرَّمَلْ
والرجز للبيد في شرح الشواهد للعيني 4/ 205.
ج / 4 ص -289-
واحْذِفْ لوَقْفٍ في سِوَى اضْطِرَارِ
صِلَة غَيْرِ الفَتْحِ
فِي الإِضْمَارِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أراد ابن المعلى. انتهى. ومثال الاعتداد بها رويًّا قول
الراجز:
إنك يابن جعفر نِعْمَ الفتى
إلى قوله:
1252-
ورُبَّ ضيفٍ طَرَقَ الحيَّ سُرًى
والثالث: اعتباره بالصحيح؛ فالألف في النصب بدل من التنوين،
وفي الرفع والجر بدل من لام الكلمة، وهذا مذهب سيبويه فيما
نقل أكثرهم، قيل: وهو مذهب معظم النحويين، وإليه ذهب أبو
علي في غير التذكرة، وذهب في التذكرة إلى موافقة المازني.
"واحذف لوقف في سوى اضطرار صلة غير الفتح في الإضمار"
يعني: إذا وقف على هاء الضمير فإن كانت مضمومة أو مكسورة
حذفت صلتها ووقف على الهاء ساكنة، تقول: له وبه بحذف الواو
والياء، وإن كانت مفتوحة نحو: رأيتها وقف على الألف ولم
تحذف. واحترز بقوله: "في سوى اضطرار" من وقوع ذلك في
الشعر؛ وإنما يكون ذلك آخر الأبيات. وذكر في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رواه بالحاء المهملة فقد صحفه. قوله: "سرى" هو بضم السين
السير ليلًا، فالكلام على حذف مضاف أي: زمن السرى، أو
المراد به الليل على التجريد، وهذا محل الشاهد لا الفتى؛
لأنه غير منون، والكلام في المنون؛ وإنما ذكر الشطر الأول
دفعًا لتوهم أن الروي الراء، ولا حاجة إلى ما تكلفه البعض.
قوله: "اعتباره بالصحيح" أي: قياسه عليه. قوله: "واحذف"
أي: وجوبًا. وقوله: "لوقف" إيضاح لعلم كون الحذف للوقف من
المقام. وقوله: "في سوى اضطرار" أي: وأما في الاضطرار فلا
يجب الحذف؛ بل يجوز الإثبات، ومن هذا يعلم رد توجيه الغزى
قول المصنف: لوقف، وإن تبعه شيخنا والبعض.
قوله: "صلة غير الفتح" أي: المفتوح. وقوله: "في الإضمار"
في بمعنى من البيانية الغير مشوبة بتبعيض، والإضمار بمعنى
المضمر، هذا هو الأحسن. قوله: "فإن كانت مضمومة أو مكسورة"
أي: وكان ما قبلها متحركًا، فخرج ما إذا كان قبل الهاء
ساكن ثابت أو محذوف للجزم أو للبناء؛ فإنه يجوز حذف صلتها
في الاختيار وإثباتها فتقول: منه ومنهو وعليه وعليهي ولم
يدعه ولم يدعهو ولم يرمه ولم يرمهي وادعه وادعهو وارمه
وارمهي. شاطبي.
قوله: "حذفت صلتها ووقف على الهاء ساكنة" أفاد أن الكلام
في هاء الضمير المتصلة؛ فلا يجوز حذف واو هو وياء هي
لتعاصيهما بالحركة عن الحذف؛ بل يوقف عليهما بسكون الواو
والياء. قوله: "من وقوع ذلك" أي: ثبوت صلة غير الفتح
وقفًا. قوله: "وإنما يكون ذلك" أي: ثبوت صلة غير الفتح
وقفًا في الشعر. وقوله: "آخر الأبيات" إنما خصه بآخر
الأبيات؛ لأنه المعد للوقف اتفاقًا بخلاف آخر الأشطار
الأول فليس معدًّا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1252- صدره:
وخيرهم لطارق إذا أتى
والرجز للشماخ في شرح الشواهد للعيني 4/ 205.
ج / 4 ص -290-
وأَشْبَهَتْ إِذًا مُنَوَّنًا نُصِبْ
فَأَلِفًا في الوَقْفِ نُونُهَا قُلِبْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التسهيل أنه قد يحذف ألف ضمير الغائبة منقولًا فتحه إلى ما
قبله اختيارًا؛ كقول بعض طيئ: والكرامة ذات أكرمكم الله
بَهْ، يريد: بها، واستشكل قوله: اختيارًا؛ فإنه يقتضي جواز
القياس عليه، وهو قليل.
"وأشبهت إذًا منونًا نصب فألفًا في الوقف نونها قلب" اختلف
في الوقف على إذًا؛ فذهب الجمهور إلى أنه يوقف عليها
بالألف لشبهها بالمنون المنصوب، وذهب بعضهم إلى أنه يوقف
عليها بالنون؛ لأنها بمنزلة أن، ونقل عن المازني والمبرد.
واختلف في رسمها على ثلاثة مذاهب:
أحدها: أن تكون بالألف، قيل: وهو الأكثر، وكذلك رسمت
بالمصحف.
والثاني: أنها تكتب بالنون، وقيل: وإليه ذهب المبرد
والأكثرون، وصححه ابن عصفور. وعن المبرد: أشتهي أن أكوي يد
من يكتب إذن بالألف؛ لأنها مثل أن ولن، ولا يدخل التنوين
الحرف.
والثالث: التفصيل؛ فإن ألغيت كتبت بالألف لضعفها، وإن
أعملت كتبت بالنون لقوتها، قاله الفراء. وينبغي أن يكون
هذا الخلاف مفرعًا على قول مَن يقف بالألف، وأما من يقف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للوقف اتفاقًا، وإن كان حكمه في الوقف عليه كحكم آخر
الأبيات عند المبرد ومن تبعه، كما أسلفته في عوامل الجزم،
فاندفع اعتراض يس، وتبعه شيخنا والبعض بأن كلامه يقتضي أنه
لا يكون في آخر المصراع الأول مع أنه قد يكون فيه؛ كقوله:
ومهمه مغبرة أرجاؤه
كأن لون أرضه سماؤه
على أنه يجوز أن يكون ما استشهد به من مشطور
الرجز، فيكون أرجاؤه آخر بيت لا آخر شطر أول. قوله: "يريد
بها" أي: فحذف الألف ونقل حركة الهاء إلى الباء. قوله:
"واستشكل قوله: اختيارًا... إلخ" لا إشكال عندي أصلًا،
ودعواه اقتضاء قوله: اختيارًا، جواز القياس عليه ممنوعة،
فكم لفظ شاذ وقع اختيارًا. وقوله: وهو قليل، جملة حالية
أي: والحال أنه قليل، كما يفيده التعبير بقد الداخلة على
المضارع.
قوله: "وأشبهت... إلخ" كان اللائق أن يلصق هذا البيت
بالبيت الأول. يس. قوله: "اختلف" أي: في غير القرآن، أما
فيه فيوقف عليها وتكتب بالألف إجماعًا، كما في الإتقان
وغيره. قوله: "يوقف عليها بالنون" اختاره ابن عصفور،
وإجماع القراء السبعة على خلافه. توضيح. قوله: "بمنزلة أن"
أي: الناصبة للمضارع. قوله: "أشتهي أن أكوي... إلخ" قال
سم: وأقره غيره، كيف هذا مع رسمها في المصحف بالألف كما
تقدم؟ اهـ. ولك أن تقول: خط المصحف لا يُقاس عليه؛ بل هو
طريقة متبعة، وكلام المبرد فيما يطلب يطلب فيه اتباع
القياس. قوله: "لأنها مثل أن ولن... إلخ" صريح في أنها
حرف، وهو الصحيح، قال المصرح: وذهب أبو سعيد على ابن مسعود
في المستوفى إلى أن أصل إذن إذًا لما يستقبل، ثم ألحق
النون عوضًا عن المضاف إليه كما في يومئذ، وعلى هذا يتضح
وجه الوقف عليها بالألف. اهـ. أي: ووجه كتابتها بها.
قوله: "فإن ألغيت كتبت بالألف... إلخ" مثله في الهمع في
خاتمة الخط، والذي في المغني وفي باب النواصب من هذا الشرح
عن الفراء هو العكس؛ لأنها عند إلغائها تلتبس بإذا
الشرطية، وعند إعمالها لا تلتبس بها، فافهم. قوله: "وينبغي
أن يكون هذا الخلاف" أي: الجاري في رسمها
ج / 4 ص -291-
وحَذْفُ يا المنقوصِ ذي التنوينِ ما
لم يُنْصَب اولَى من
ثُبوت فاعْلَمَا
وغَيْرُ ذي التنوينِ بالعكسِ وفِي
نَحْوِ مُرٍ لزوم ردِّ اليا اقْتُفِي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالنون فلا وجه لكتابتها عنده بغير النون.
"وحذف يا المنقوص ذي التنوين ما لم ينصب أولى من ثبوت
فاعلما" أي: إذا وقف على المنقوص المنون، فإن كان منصوبًا
أبدل من تنوينه ألف نحو: رأيت قاضيًا، وإن كان غير منصوب
فالمختار الوقف عليه بالحذف، فيقال: هذا قاضٍ ومررت بقاضٍ،
ويجوز الوقف عليه برد الياء؛ كقراءة ابن كثير:
{وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}
[الرعد: 7]،
{وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} [الرعد: 1]،
{وَمَا عِنْدَ اللَّهِ
بَاقٍ} [النحل: 96]، ومحل ما ذكر إذا لم يكن
المنقوص محذوف العين، فإن كان تعين الرد كما سيأتي في
قوله: وفي
نحو مر لزوم رد الياء اقتفي
وأما غير المنون، فقد أشار إليه بقوله: "وغير ذي التنوين
بالعكس" أي: المنقوص غير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مفرعًا على قول من يقف بالألف فيه عندي نظر؛ لأن المبرد من
أهل هذا الخلاف، وهو قائل بالوقف عليها بالنون، ولأن مَن
يقف بالألف لا يسعه أن يكتبها بالنون؛ لأن العبرة في الرسم
بحال الوقف، كما أن من يقف بالنون لا يسعه أن يكتبها
بالألف -كما قاله الشارح- للعلة المذكورة، وبهذا يبحث فيما
حكي عن الجمهور من كتابتها بالنون مع قولهم بالوقف عليها
بالألف، ولعل هذا وجه تصدير الشارح حكايته عنهم بقيل، وقد
عزا الشارح في باب النواصب كتابتها بالألف إلى الجمهور،
فالذي ينبغي أن القولين الأولين في رسمهما مبنيان على
الخلاف الأول، فمن يقف بالألف يكتبها بالألف، ومن يقف
بالنون يكتبها بالنون. وأما القول الثالث المفصل، فلا يظهر
تفريعه على قول من قولي الخلاف؛ بل هو قول مستقل غير مبني
على قول آخر. نعم، هو لا يتجه إلا إن وقف قائله بالألف إن
أهملت وبالنون إن أعملت، فليراجع، وبما ذكرته يُعلم ما في
كلام البعض.
قوله: "وحذف يا المنقوص" أي: عدم ردها كما سيشير إليه
الشارح، وإلا فهي محذوفة قبل الوقف لالتقاء الساكنين. وأما
ياء الفعل المعتل وواوه فإن كانتا متحركتين نحو: لن يرمي
ولم يدعو سكنا وقفًا أو ساكنتين نحو: يرمي ويدعو بقيا
بحالهما ولا يحذفان إلا في قافية أو فاصلة؛ كوقف نافع وأبي
عمرو على:
{وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ}
بحذف الياء وسكون الراء مراعاة للفواصل. وأما ياء المتكلم
فإن كانت ساكنة أو محذوفة بقيت بحالها وسكن ما قبل
المحذوفة، وإن كانت متحركة سكنت وقفًا أو بقيت بحركتها
ملحقًا بها هاء السكت. همع باختصار وزيادة.
قوله: "ما لم ينصب اولى" بنقل حركة همزة أولى إلى ما
قبلها، وأفهم بتقييد الأولوية بعدم النصب أنه إذا نصب لا
يكون الحذف أولى؛ بل حكمه في قوله سابقًا:
تنوينًا اثر فتح اجعل ألفا
وقفًا لأن هذا منه. قوله: "فالمختار الوقف عليه
بالحذف" هذا مذهب سيبويه والمتأخرين؛ لأن الياء غير ثابتة
وصلًا، فلما قصد الوقف عليه حذفت حركته وتنوينه قياسًا على
الصحيح، ولأن الوقف محل راحة، فلا يليق أن يُؤتى فيه بما
لم يكن في الوصل. يس. قوله: "محذوف العين" أي: أو محذوف
الفاء، كما سيذكره الشارح في شرح قوله: وفي نحو مر... إلخ.
قوله: "وغير ذي التنوين
ج / 4 ص -292-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المنون بالعكس من المنون، فإثبات الياء فيه أولى من حذفها،
وليس الحذف مخصوصًا بالضرورة خلافًا لبعضهم. وقد دخل تحت
قوله: غير ذي التنوين أربعة أشياء:
الأول: المقرون بأل وهو إن كان منصوبًا فهو كالصحيح نحو:
رأيت القاضي، فيوقف عليه بإثبات الياء وجهًا واحدًا، وإن
كان مرفوعًا أو مجرورًا فكما ذكر، فالمختار: جاء القاضي
ومررت بالقاضي بالإثبات، ويجوز: القاض بالحذف.
والثاني: ما سقط تنوينه للنداء نحو: يا قاض؛ فالخليل يختار
فيه الإثبات، ويونس يختار فيه الحذف، ورجح سيبويه مذهب
يونس؛ لأن النداء محل حذف؛ ولذلك دخل فيه الترخيم، ورجح
غيره مذهب الخليل؛ لأن الحذف مجاز ولم يكثر فيرجح بالكثرة.
والثالث: ما سقط تنوينه لمنع الصرف نحو: رأيت جواري نصبًا،
فيوقف عليه بإثبات الياء كما تقدم في المنصوب.
والرابع: ما سقط تنوينه للإضافة نحو: قاضي مكة، فإذا وقف
عليه جاز فيه الوجهان الجائزان في المنون، قالوا: لأنه لما
زالت الإضافة بالوقف عليه عاد إليه ما ذهب بسببها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالعكس" أي: فإثبات يائه ما لم ينصب أولى من حذفها؛ وإنما
قلنا: ما لم ينصب؛ لأن الأصل مقيد به فيكون العكس كذلك،
فاندفع اعتراض الشارح الآتي بأن المصنف لم يستثنِ المنصوب.
قوله: "فهو كالصحيح" أي: غير المنون كالرجل في إسكان آخره
للوقف.
قوله: "وجهًا واحدًا" قال المرادي: وينبغي لمن قدر فتحة
الياء في النصب أن يقف بالوجهين. قوله: "فكما ذكر" أي: في
المتن من جواز الأمرين وأولوية الإثبات؛ ولذا قال:
فالمختار جاء القاضي... إلخ، ولا ترد قراءة غير ابن كثير
بالحذف في قوله تعالى:
{الْكَبِيرُ
الْمُتَعَالِ} [الرعد: 9] وقوله:
{يَوْمَ التَّنَادِ}
[غافر: 32] لأن الأكثر قد يتفقون على الوجه المرجوح؛ بل
جوز بعضهم اتفاق السبعة على المرجوح. قوله: "فالخليل يختار
فيه الإثبات" لعل المصنف وافق الخليل فأطلق رجحان الإثبات،
فلا يرد هذا القسم على المصنف.
قوله: "لأن الحذف مُجاز" بضم الميم أي: أجازه النحاة على
خلاف الأصل. وقوله: ولم يكسر أي: حتى يكون راجحًا. قوله:
"نحو: رأيت جواري" المناسب لصنيعه في القسم الأول أن يقول:
وهو إن كان منصوبًا نحو: رأيت جواري وقف عليه... إلخ.
قوله: "نصبا" وأما رفعًا وجرًا، ففي الهمع أن الإثبات
والحذف جائزان، وأن الأفصح الإثبات. قوله: "بإثبات الياء"
أي: وجوبًا. وقوله: كما تقدم في المنصوب أي: المقرون بأل
نحو: رأيت القاضي. قوله: "قالوا: لأنه لما زالت الإضافة...
إلخ" وبنوا على ذلك فرعًا وهو أن ما سقطت نونه للإضافة إذا
وقف عليه ردت نونه نحو: هؤلاء قاضو زيد، فإذا وقفت عليه
قلت: قاضون؛ لزوال سبب حذفها. فأما وقف القراء على قوله
تعالى:
{غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ} [المائدة: 1] بحذف النون،
فاتباع للرسم، قلت: وفي هذا نظر. مرادي.
قوله: "عاد إليه ما ذهب بسببها" وهو التنوين؛ وحينئذ لا
يكون داخلًا في قوله: وغير ذي
ج / 4 ص -293-
وغيرها التأنيث من مُحرَّكِ
سَكِّنْهُ أَوْ قِفْ
رَائِمَ التَّحَرُّكِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهو التنوين، فجاز فيه ما جاز في المنون. فقد بان لك أن
كلام الناظم معترض من وجهين؛ أحدهما: أن عبارته شاملة لهذه
الأنواع الأربعة وليس حكمهما واحدًا، والآخر: أنه لم
يستثنِ المنصوب وهو متعين الإثبات كما ذكر ذلك في الكافية.
"وفي نحو مر لزوم رد اليا اقتفي" يعني: إذا كان المنقوص
محذوف العين نحو: مر اسم فاعل من أرأى يرئي، أصله مرئي على
وزن مُفعل، فأعل إعلال قاض وحذفت عينه وهي الهمزة بعد نقل
حركتها، فإنه إذا وقف عليه لزم رد الياء، وإلا لزم بقاء
الاسم على أصل واحد وهو الراء، وذلك إجحاف بالكلمة. ومثله
في ذلك محذوف الفاء كيف علمًا، فتقول: هذا مري ويفي، ومررت
بمري ويفي.
"وغيرها التأنيث من محرك سكنه أو قف رائم التحرك" في الوقف
على المتحرك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التنوين؛ بل يدخل في قوله: وحذف يا المنقوص ذي التنوين...
إلخ، فلا اعتراض عليه بهذا القسم، قاله سم. قال: وقضية ذلك
أي: عود ما ذكر أنه يبدل التنوين في النصب ألفًا، والسابق
إلى الفهم أنه غير مراد. اهـ. أي: لضعف التنوين العائد
بعدم ظهوره عن التنوين الظاهر الذي يبدل في النصب ألفًا.
قوله: "فجاز فيه ما جاز في المنون" أي: مع رجحان الحذف
كالمنون. قوله: "معترض من وجهين" قد عرفت اندفاع الاعتراض
بالوجه الأول بمنع شمول عبارته للرابع، وعدم ضرر شمولها
للثلاثة الأولى، غاية ما فيه أنه مشى في الثاني على مذهب
الخليل الذي رجحه غير سيبويه، واندفاع الاعتراض بالوجه
الثاني بأنه أخرج المنصوب في ضمن قوله: بالعكس، كما مر
بيانه.
قوله: "أحدهما: أن عبارته... إلخ" فيه أن كون عبارته شاملة
للأنواع الأربعة مع أن حكمها ليس واحدًا يتضمن وجهي
الاعتراض لدخول منصوبها فيها، فكان ينبغي أن يقول أحدهما:
إن عبارته شاملة لهذه الأنواع الأربعة رفعًا وجرًّا، وليس
حكمها واحدًا. قوله: "فأعل إعلال قاض" أي: حذفت ياؤه
لالتقائها ساكنة مع التنوين. قوله: "بعد نقل حركتها" أي:
إلى الراء. قوله: "وذلك إجحاف بالكلمة" فإن قلت: هذا لازم
في حالة الوصل أيضًا، قلت: لا يمكن إثباتها وصلًا لما يلزم
من الجمع بين ساكنين، مع أن في إبقاء التنوين وصلًا جبرًا
للكلمة بخلاف الوقف. مرادي. قوله: "ومثله" أي: مثل محذوف
العين من المنقوص في ذلك أي: في لزوم رد يائه وقفًا محذوف
الفاء من المنقوص وإن لم ينون، فليس الكلام في خصوص
المنقوص المنون حتى يردَّ على تمثيله بيف علما اعتراض
الدماميني بأنه ممنوع من الصرف للعلمية ووزن الفعل، فلا
تنوين فيه، والكلام في المنقوص المنون، على أنا لو سلمنا
أن الكلام في المنقوص المنون فلا نسلم أن نحو يف علما غير
منون؛ بل هو وإن كان ممنوعًا من الصرف منون تنوين عوض، كما
يفيده قول الناظم فيما سبق:
وما يكون منه منقوصًا ففي
إعرابه نهج جوار يقتفى
قوله: "وغيرها التأنيث... إلخ" لما ذكر الناظم
حكم الوقف على ما ينبغي ذكره من الساكن أخذ يذكر المتحرك
فقال: وغير... إلخ. اهـ مرادي. ودخل في الغير تاء بنت
وأخت، فيجوز فيها غير الإسكان، وقول البعض: فيتعين فيها
الإسكان، خطأ واضح. ودخل أيضًا ميم الجمع إذا وصل به واو
ج / 4 ص -294-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خمسة أوجه: الإسكان، والروم، والإشمام، والتضعيف، والنقل.
ولكل منها حد وعلامة؛ فالإسكان عدم الحركة وعلامته "خ" فوق
الحرف، وهي الخاء من خف أو خفيف، والإشمام ضم الشفتين بعد
الإسكان في المرفوع والمضموم للإشارة للحركة من غير صوت،
والغرض به الفرق بين الساكن والمسكن في الوقف، وعلامته
نقطة قدام الحرف هكذا "."، والروم وهو أن تأتي بالحركة مع
إضعاف صوتها، والغرض به هو الغرض بالإشمام إلا أنه أتم في
البيان من الإشمام، فإنه يدركه الأعمى والبصير، والإشمام
لا يدركه إلا البصير؛ ولذلك جعلت علامته في الخط أتم. وهو
خط قدام الحرف هكذا "-"، والتضعيف تشديد الحرف الذي يوقف
عليه، والغرض به الإعلام بأن هذا الحرف متحرك في الأصل،
والحرف المزيد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أو ياء نحو: بكم وبهم؛ لكن قال ابن الحاجب: الأكثر ألا روم
ولا إشمام فيها كهاء التأنيث. قال زكريا: وفي معنى ميم
الجمع الضمير المذكر إذا ضم ما قبله أو كسر أو كان واوًا
أو ياء نحو: يضربه وبه وضربوه وفيه. قوله: "من محرك" أي:
من حرف موقوف عليه محرك أي: قبل الوقف أي: حركة غير عارضة،
كما قيد بذلك في العمدة؛ لأن ذا الحركة العارضة في حكم
الساكن، فلا يوقف عليه إلا بالسكون المحض كتاء تأنيث الفعل
في
{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} وذال يومئذ، كما في شرح العمدة. قوله: "رائم التحرك" أي: آتيًا في
التحرك بالروم.
قوله: "في الوقف على المتحرك" أي: جنس المتحرك بقطع النظر
على خصوص كونه هاء التأنيث أو غيرها بدليل تفصيله هذا
الإجمال بعد بقوله: فإن كان المتحرك هاء التأنيث... إلخ.
وقوله: وإن كان غيرها... إلخ، فافهم. والمراد المتحرك غير
المنصوب المنون عند من يبدل تنوينه ألفًا؛ إذ هو لا يأتي
فيه شيء من الخمسة على خلاف في النقل يأتي، كذا في الهمع
وغيره. قوله: "وعلامة" أي: وجوديه أو عدميه، فلاءم قوله في
الخامس، وعلامته عدم العلامة، وفي عبارته حذف الواو مع ما
عطفت أي: وغرض؛ لكنه سكت عن الغرض من الإسكان وهو مزيد
الاستراحة لظهوره.
قوله: "وعلامته خ... إلخ" وقال الموضح: إنما هي رأس جيم أو
رأس ميم، وكلاهما مختصر من اجزم. اهـ. والظاهر أنها رأس
حاء مهملة مختصرة من استرح؛ لما مر من أن الوقف استراحة.
تصريح. قوله: "ضم الشفتين" أي: مع بعض انفراج بينهما يخرج
من النفس. دماميني. قوله: "قدام الحرف" أي: بعده ولم تكن
فوقه كسابقه لدفع توهم أنها جزمة، كما أن علامة الروم لم
تكن فوقه لدفع توهم أنها نصبة؛ وإنما قال هنا هكذا لصدق
النقطة بالصغيرة جدًّا وغيرها وبالمجوفة وغيرها، كما أنه
قال: هكذا في علامة الروم لصدق الخط بالقائم والنائم.
قوله: "مع إضعاف صوتها" أي: إخفائه؛ لأنك تروم الحركة
مختلسًا لها ولا تتمها، نقله المصرح عن الجاربردي، قال في
الهمع: فيكون حالة متوسطة بين الحركة والسكون.
قوله: "يدركه الأعمى والبصير" لأن فيه مع حركة الشفة صوتًا
يكاد الحرف يكون به متحركًا. دماميني. أي: متحركًا حركة
محضة، فلا ينافي أنه متحرك حركة غير محضة. قوله: "المزيد
للوقف" أي: لتضعيف الوقف أي: للتضعيف المأتي به للوقف.
وقوله: قبله أي: قبل الحرف
ج / 4 ص -295-
أَوْ أَشْمِمِ الضمةَ أَوْ قِفْ مُضْعِفًا
ما ليس هَمْزًا أو عَلِيلًا إِنْ قَفَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للوقف هو الساكن الذي قبله وهو المدغم، وعلامته "ش" فوق
الحرف، وهي الشين من شديد، والنقل تحويل الحركة إلى الساكن
قبلها، والغرض به إما بيان حركة الإعراب أو الفرار من
التقاء الساكنين، وعلامته عدم العلامة، وسيأتي تفصيل ذلك،
فإن كان المتحرك هاء التأنيث لم يوقف عليها إلا بالإسكان،
وليس لها نصيب في غيره؛ ولذلك قدم استثناءها، وإن كان
غيرها جاز أن يوقف عليه بالإسكان وهو الأصل، وبالروم
مطلقًا أعني: في الحركات الثلاث، ويحتاج في الفتحة إلى
رياضة لخفة الفتحة؛ ولذلك لم يجزه أكثر القراء في المفتوح
ووافقهم أبو حاتم. ويجوز الإشمام والتضعيف والنقل؛ لكن
بالشروط الآتية.
وقد أشار إلى الإشمام بقوله: "أو أشمم الضمة" أي: إعرابية
كانت أو بنائية، وأما غير الضمة -وهو الفتحة والكسرة- فلا
إشمام فيهما، وأما ما ورد من الإشمام في الجر عن بعض
القراء، فمحمول على الروم؛ لأن بعض الكوفيين يسمي الروم
إشمامًا، ولا مشاحة في الاصطلاح.
ثم أشار إلى التضعيف بقوله: "أو قف مضعفًا ما ليس همزًا أو
عليلًا إن قفا"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الذي يوقف عليه، وهو المدغم فيه. قوله: "وعلامته ش" عبارة
التصريح: رأس ش. وقوله: من شديد المناسب؛ لقوله سابقًا: من
خف أو خفيف أن يزيد أو شدد. قوله: "أو الفرار... إلخ" قال
شيخنا وتبعه البعض: أو لمنع الخلو فتجوز الجمع. اهـ. وما
ادعياه من منع الخلو ممنوع؛ لأن من لغة لخم -كما سيأتي في
الشرح- الوقف على هاء الغائبة بحذف الألف ونقل فتحة الهاء
إلى المتحرك قبلها، وهذا النقل ليس لواحد من الأمرين، فإن
قيل: كلامهما باعتبار اللغة المشهورة، قلنا: لم يصح حينئذ
قولهما: فتجوز الجمع لتلازمهما على اللغة المشهورة، فالجمع
واجب لا جائز؛ وإنما يكون جائزًا على لغة لخم من نقل
الحركة إلى المتحرك؛ لأن الغرض من هذا النقل بيان الحركة
فقط؛ إلا أن يقال: المراد بجواز الجمع عدم امتناعه، فتدبر.
قوله: "وسيأتي تفصيل ذلك" أي: بذكر الشروط والمحال.
قوله: "فإن كان المتحرك هاء التأنيث" تسميته هاء مجاز
باعتبار حالة الوقف التي هو فيها ساكن، وإن كان باعتبار
حالة الوصل التي هو فيها متحرك تاء لا هاء. قوله: "ولذلك
قدم استثناءها" لأن تقديمه يؤذن بأن المستثنى لم يحكم عليه
بجميع الأحكام المذكورة، وهذا صادق بالحكم عليه ببعضها،
وهو هنا التسكين. قوله: "وهو الأصل" إنما كان الإسكان
أصلًا؛ لأن الحرف الموقوف عليه ضد المبدوء به، فينبغي أن
تكون صفته مضادة لصفته، أو لأن المقصود من الوقف الاستراحة
وسلب الحركة أبلغ في تحصيل هذا المقصود. دماميني. قوله:
"إلى رياضة" أي: تؤدة وتأنٍّ. قوله: "لخفة الفتحة" وسرعتها
في النطق، ولا تكاد تخرج إلا على حالها في الوصل. دماميني.
قوله: "أو أشمم الضمة" أي: أشمم الحرف الضمة أي: اجعله
شامًّا لها بأن تهيئ العضو للنطق بها على الحرف.
قوله: "ما ليس همزًا... إلخ" زاد بعضهم شرطًا آخر؛ وهو ألا
يكون منصوبًا منونًا، وقيل: لا يحتاج إلى اشتراطه؛ لأن
المنصوب المنون يبدل تنوينه ألفًا، فيكون الحرف الموقوف
عليه الألف لا
ج / 4 ص -296-
مُحَرَّكًا وحَرَكَاتٍ انْقُلا
لساكنٍ تَحْرِيكُهُ لن يُحْظَلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: تبع.
"محركًا" كقولك في جعفر: جعفرّ، وفي وعل: وعلّ، وفي إضارب:
ضاربّ. واحترز بالشرط الأول من نحو: بناء وخطاء، فلا يجوز
تضعيفه؛ لأن العرب اجتنبت إدغام الهمزة ما لم تكن عينًا،
وبالشرط الثاني من نحو: سرو وبقي والقاضي والفتى فلا يجوز
تضعيفه، وبالثالث من نحو: بكر، فلا يجوز تضعيفه. ثم أشار
إلى النقل بقوله: "وحركات انقلا لساكن تحريكه لن يحظلا"
أي: يجوز نقل حركة الحرف الموقوف عليه إلى ما قبله بشرطين؛
أحدهما: أن يكون ساكنًا، والآخر: أن يكون تحريكه لن يحظل
أي: لن يمنع، فتقول في نحو بكر: هذا بكر ومررت ببكر، ومنه
قوله:
1253-
عجبتُ والدهرُ كثيرٌ عَجَبُهْ
مِنْ عَنَزِيٍّ سَبَّنِي لَمْ أَضْرِبُهْ
أراد: لم أضربه، فنقل ضمة الهاء إلى الباء، فإن
لم يكن المنقول إليه ساكنًا، أو كان ولكن غير قابل
للتحريك، إما لكون تحريكه متعذرًا كما في نحو: ناب وباب،
أو متعسرًا كما في نحو: قنديل وعصفور وزيد وثوب، لثقل
الحركة على الياء والواو، أو مستلزمًا لفك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما قبلها، والكلام في الموقوف عليه المحرك، وفيه أن المراد
بالمحرك في قول المصنف: وغيرها التأنيث من محرك المحرك
وصلًا، فهو المتكلم عليه بالأوجه الخمسة، وهو بإطلاقه يشمل
المنصوب المنون، فلا بد من قيد يخرجه كما أسلفنا، ويمتنع
في المنصوب المنون الروم أيضًا، قاله السيوطي، ولم ينقل
التضعيف عن أحد من القراء إلا عن عاصم في مستطر في سورة
القمر، كما في شرح التوضيح للشارح، وكما في الهمع للسيوطي
عن أبي حيان. ثم قال السيوطي: قال أبو حيان: ولم ينقل
النقل عن أحد من القراء إلا ما روي عن أبي عمرو أنه قرأ:
{وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}
[البلد: 17] بكسر الباء، وعن سلام أنه قرأ:
{وَالْعَصْرِ}
[العصر: 1] بكسر الصاد، قال: بخلاف الإسكان والروم
والإشمام؛ فإنها مروية عنهم.
قوله: "ما لم تكن عينًا" نحو: سآل. قوله: "والقاضي والفتى"
الأولى حذفهما؛ لأن الكلام في المحرك وهما ساكنان. قوله:
"لن يحظلا" أي: لن يمنع لغة، سواء أمكن نطقًا كالمتعسر
تحريكه والمستلزم تحريكه فك إدغام تمنع اللغة فكه أو لم
يمكن نطقًا كالمتعذر تحريكه، كما سيذكره الشارح. قوله:
"هذا بكر ومررت ببكر" ولم يمثل بالمنصوب؛ لأن فيه خلافًا
يأتي في قوله: ونقل فتح... إلخ. قوله: "من غير عنزي" أي:
قصير.
قوله: "فإن لم يكن المنقول إليه ساكنًا" لو قال: فإن لم
يكن ما قبله ساكنًا لكان أولى؛ لأن ما قبله إذا لم يكن
ساكنًا لا يكون منقولًا إليه؛ إلا أن يؤول المنقول إليه
بما يراد النقل إليه. قوله: "كما في نحو: قنديل... إلخ"
مثل بأربعة أمثلة؛ لأن ما قبل الياء أو الواو تارة
يجانسهما وتارة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1253- الرجز لزياد الأعجم في ديوانه ص45، والدرر 6/ 303،
وشرح شواهد الإيضاح ص286، وشرح شواهد الشافية ص261،
والكتاب 4/ 180، ولسان العرب 12/ 554 "لمم"، وبلا نسبة في
سر صناعة الإعراب 1/ 389، وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 322،
وشرح عمدة الحافظ ص974، وشرح المفصل 9/ 70، والمحتسب 1/
196، وهمع الهوامع 2/ 208.
ج / 4 ص -297-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إدغام ممتنع الفك في غير الضرورة، كما في نحو: جد وعم،
امتنع النقل.
تنبيهات: الأول: يجوز في لغة لخم الوقف بنقل الحركة إلى
المتحرك كقوله:
1254-
مَن يأتمر للخير فيما قصده
تُحْمَد مساعيه ويُعْلَم رَشَدُه
ومن لغتهم الوقف على هاء الغائبة بحذف الألف ونقل فتحة الهاء
إلى المتحرك قبلها؛ كقوله:
1255-
كنت في لَخْم أَخَافَهُ
أراد: أخافها ففعل ما ذكر.
والثاني: أطلق الحركات وهو شامل للإعرابية والبنائية،
والذي عليه الجماعة اختصاصه بحركة الإعراب، فلا يقال: من
قبل ولا من بعد ولا مضى أمس؛ لأن حرصهم على معرفة حركة
الإعراب ليس كحرصهم على معرفة حركة البناء. وقال بعض
المتأخرين: بل الحرص على حركة البناء آكد؛ لأن حركة
الإعراب كحرصهم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا. قوله: "أو مستلزمًا... إلخ" ظاهر ذكره بعد المتعذر
والمتعسر مغايرته لهما، وصريح كلام المصرح أنه من المتعذر؛
إلا أن التعذر في الألف ذاتي، وفي المدغم عرضي، ولجعله من
المعسر وجه. قوله: "تنبيهان... إلخ" ترك الشارح من المرادي
تنبيهين لا بأس بذكرهما؛ الأول: الذي يظهر في حركة النقل
أنها الحركة التي في الحرف الأخير نقلت إلى الساكن، نص على
ذلك قوم من النحويين. وقال أبو البقاء العكبري: لا يريدون
أنها حركة الإعراب صيرت على ما قبل الحرف؛ إذ الإعراب لا
يكون قبل؛ إنما يريدون أنها مثلها. الثاني: لم يؤثر الوقف
بالنقل عن أحد من القراء إلا ما روي عن أبي عمرو أنه وقف
على قوله تعالى:
{وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [البلد: 17] بكسر الباء.
قوله: "يجوز في لغة لخم... إلخ" كذا في التسهيل، واستشهد
له المصنف بقول الشاعر: من يأتمر... إلخ واعترض بأنه لا
حجة فيه؛ لاحتمال أن يكون الأصل قصدوه حملًا على معنى من
ثم حذف الواو اكتفاء بالضمة؛ كقوله:
فلو أن الاطبا كان حولي
ويجاب بأنه لم يراعِ المعنى في مساعيه ورشده. اهـ سم. أي:
ولو كان راعَى المعنى في قصده لراعاه بعد؛ إذ لا تجوز
مراعاة اللفظ بعد مراعاة المعنى، كما تقدم في باب الموصول.
قوله: "فيما قصده" هذا هو محل الشاهد؛ لأنه نقل حركة الهاء
إلى الدال، وهي متحركة قبل. قوله: "لأن حرصهم... إلخ"
المناسب أن يقول: لأن حرصهم على معرفة حركة البناء كحرصهم
على
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1254- الرجز بلا نسبة في الدرر 6/ 304، والمقاصد النحوية
4/ 552، وهمع الهوامع 2/ 208.
1255- تمامه:
فإني قد رأيتُ بدارِ قومي
نوائبَ كنت في لحم أخَافَه
والبيت من الوافر، وهو بلا نسبة في الإنصاف 2/ 568.
ج / 4 ص -298-
ونَقْلُ فَتْح مِنْ سِوَى الْمَهْمُوزِ لا
يراه بَصْرِيٌّ وكُوفٍ نَقَلا
والنقلُ إن يُعْدَمْ نَظِيرٌ مُمْتَنِعْ
وذاك في المهموز ليس يَمْتَنِعْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على معرفة حركة البناء. وقال بعض المتأخرين: بل الحرص على
حركة البناء آكد؛ لأن حركة الإعراب لها ما يدل عليها وهو
العامل. انتهى. وقد بقي للنقل شرط مختلف فيه، أشار إليه
بقوله: "ونقل فتح من سوى المهموز لا يراه بصري وكوف نقلا"
يعني: أن البصريين منعوا نقل الفتحة إذا كان المنقول عنه
غير همزة، فلا يجوز عندهم: رأيت بكَر، ولا ضربت الضرَب؛
لما يلزم على النقل حينئذ في المنون من حذف ألف التنوين
وحمل غير المنون عليه، وأجاز ذلك الكوفيون. ونقل عن الجرمي
أنه أجازه. وعن الأخفش أنه أجازه في المنون على لغة من
قال: رأيت بكَر. وأشار بقوله: من سوى المهموز إلى أن
المهموز يجوز نقل حركته وإن كانت فتحة فيقال: رأيت الخبَأ
والردَأ والبطَأ في رأيت الخبء والردء والبطء، وإنما اغتفر
ذلك في الهمزة لثقلها. وإذا سكن ما قبل الهمزة الساكنة كان
النطق بها أصعب.
"والنقل إن يعدم نظير ممتنع" فلا تنقل ضمة إلى مسبوق
بكسرة، ولا كسرة إلى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معرفة حركة الإعراب أي: لشرفها. قوله: "شرط مختلف فيه" وهو
ألا تكون الحركة فتحة غير همزة. قوله: "وكوف" أصله كوفي،
فحذف الياء الأخيرة تخفيفًا ثم الأولى لالتقاء الساكنين،
أو حذف الأولى ثم سكن الثانية لثقل الضمة ثم حذفها لالتقاء
الساكنين، والأول أقل كلفة، والثاني أقيس، هكذا ظهر لي.
قوله: "لما يلزم على النقل... إلخ" هذا وإن جرى في المهموز
المنون نحو: رأيت ردءًا؛ إلا أنهم اغتفروا ذلك فيه لشدة
ثقل الهمزة الساكنة التي قبلها ساكن. قوله: "حينئذ" أي:
حين إذ نقلت الفتحة. وقوله: من حذف ألف التنوين أي: الألف
المبدلة من تنوين المنون المنصوب؛ لأنك إذا نقلت الفتحة
إلى ما قبلها في نحو: رأيت عبدًا، تحذف الألف وتنقل فتحة
الدال إلى الباء.
قوله: "وحمل غير المنون" من الممنوع الصرف كهند على الأفصح
من صرفه والمحلى بأل. قوله: "ونقل عن الجرمي أنه أجازه"
أي: مطلقًا كالكوفيين. قوله: "وعن الأخفش أنه أجازه في
المنون... إلخ" يعلم منه أنه يجيزه في غير المنون لانتفاء
المحذور فيه. قوله: "على لغة من قال: رأيت بكَر" وهم ربيعة
-كما مر- أي: لانتفاء المحذور السابق على لغة هؤلاء،
ومتقضى كلام الشارح أن الأخفش يتوقى هذا المحذور وكلام
الموضح يخالفه؛ حيث قال: وأجاز ذلك -يعني: نقل الفتحة عن
غير الهمزة- الكوفيون والأخفش. اهـ. فجعل الأخفش مطلقًا
للجواز كالكوفيين. قوله: "رأيت الخبء... إلخ" بفتح الخاء
المعجمة وسكون ما خبئ، والردء بكسر الراء وسكون الدال
المعين والمهموز المنون كغير المنون في جواز نقل فتحة
همزته -كما مر- وإن لم يمثل للمنون.
قوله: "وإذا سكن... إلخ" من تمام العلة. قوله: "إن يعدم
نظير" أي: أصلًا كما في فعل بكسر فضم، وفعل بضم فكسر على
القول بإهماله، أو نظير كثير كما في فعل بضم فكسر على
القول بندوره، وهو التحقيق لوجوده في الوعل بضم فكسر لغة
في الوعل بفتح فكسر؛ وهو التيس
ج / 4 ص -299-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مسبوق بضمة، فلا يجوز النقل في نحو: هذا بِشر، بالاتفاق
لما يلزم عليه من بناء فعل، ولا في نحو: انتفعت بقفل
خلافًا للأخفش؛ لما يلزم عليه من بناء فعل، وهو مهمل في
الأسماء أو نادر، هذا في غير المهموز، وأما المهموز فيجوز
فيه ذلك، كما أشار إليه بقوله: "وذاك في المهموز ليس
يمتنع" فتقول: هذا ردء، ومررت بكفء؛ لما مر التنبيه عليه
من ثقل الهمزة، وهذه لغة كثير من العرب منهم تميم وأسد،
وبعض تميم يقرون من هذا النقل الموقع في عدم النظير إلى
اتباع العين للفاء فيقولون: هذا رديء مع كفيء، وبعضهم يتبع
ويبدل الهمزة بعد الاتباع فيقول: هذا ردي مع كفو.
تنبيهان: الأول: لجواز النقل شرط رابع وهو أن يكون المنقول
منه صحيحًا، فلا ينقل من نحو: ظبي ودلو.
الثاني: إذا نقلت حركة الهمزة حذفها الحجازيون واقفين على
حامل حركتها كما يوقف عليه مستبدًا بها، فيقولون: هذا الخب
بالإسكان والروم والإشمام وغير ذلك بشروطه. وأما غير
الحجازيين، فلا يحذفها؛ بل منهم من يثبتها ساكنة نحو: هذا
البُطؤ ورأيت البطَأ ومررت بالبطِئ، ومنهم من يبدلها
بمجانس الحركة المنقولة فيقول: هذا البطو ورأيت البطا
ومررت بالبطي، وقد تبدل الهمزة بمجانس حركتها بعد سكون
باقٍ نحو: هذا البطْؤ ومررت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجبلي. قوله: "في الأسماء" أي: غير الأعلام، فخرج الفعل
كضرب والعلم كدئل. قوله: "أو نادر" أو لتنويع الخلاف، وهذا
القول هو الراجح لوجوده في الاسم غير العلم كما أسلفناه.
قوله: "هذا" أي: امتناع النقل المؤدي إلى عدم النظير.
قوله: "وذاك" أي: النقل المؤدي إلى عدم النظير. قوله: "من
ثقل الهمزة" أي: وزيادة الصعوبة بسكون ما قبل الهمزة
الساكنة. قوله: "منهم تميم" أي: بعض تميم، بدليل ما بعده.
قوله: "يتبع ويبدل الهمزة" أي: بمجانس حركة الاتباع قبلها.
قوله: "شرط رابع" لم يقل خامس إلغاء للشرط الثالث المختلَف
فيه. قوله: "فلا ينقل من نحو: ظبي ودلو" لتأديته إلى تلو
الياء ضمة وكون الآخر واوًا قبلها ضمة في المرفوع، وقلب
الواو ياء لوقوعها بعد كسرة في المخفوض، وحمل اليائي
المخفوض على غيره. قوله: "على حامل حركتها" أي: بالقوة؛
لأنه لم يحمل بالفعل عند الحجازيين إلا السكون، فتنبه.
قوله: "كما يوقف عليه" كذا في بعض النسخ بتذكير الضمير أي:
على حامل الحركة، وفي بعضها: كما بخط الشارح عليها، بتأنيث
الضمير الراجع إلى حامل الحركة لاكتسابه التأنيث من المضاف
إليه، كذا قال شيخنا، وفيه أن شرط الاكتساب وهو صلاحية
المضاف للحذف غير موجود هنا، فتأمل.
قوله: "مستبدًّا بها" حال من مجرور على الراجع إلى الحامل
وضمير بها للحركة أي: مستقلًّا بها بأن كانت له أصالة.
قوله: "وغير ذلك" لو قال: والتضعيف؛ لكان أولى لشمول الغير
للنقل، مع أنه غير مراد؛ لأنه لا يجري فيه على اللغة
المشهورة. أما على لغة لخم من النقل إلى المتحرك فلا يبعد
الجواز، فراجعه. قوله: "وقد تبدل الهمزة... إلخ" على هذا
الوجه، والذي
ج / 4 ص -300-
في الوَقْفِ تا تأنيث الاسمِ ها جُعِلْ
إِنْ لَمْ يَكُنْ بسَاكِنٍ
صَحَّ وُصِلْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالبطْئ. وأما في الفتح فيلزم فتح ما قبلها، وقد يبدلونها
كذلك بعد حركة غير منقولة فيقولون: هذا الكو ومررت بالكلي،
وأهل الحجاز يقولون: الكلا في الأحوال كلها؛ لأنهم لا
يبدلون الهمزة بعد حركة إلا بمجانسها؛ ولذلك يقولون في
أكمؤ: أكمو، وفي ممتلئ: ممتلي.
"في الوقف تا تأنيث الاسم ها جعل إن لم يكن بساكن صح وصل"
نحو: فاطمة وحمزة وقائمة. واحترز بالتأنيث من تاء لغيره؛
فإنها لا تغير. وشذ قول بعضهم: قعدنا على الفراء، وبالاسم
من تاء الفعل نحو: قامت؛ فإنها لا تغير، وبعدم الاتصال
بساكن صحيح من تاء بنت وأخت ونحوهما؛ فإنها لا تغير. وشمل
كلامه ما قبله متحرك كما مثل وما قبله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعده لا يكون في الكلمة نقل أصلًا. قوله: "باق" احتراز عن
النقل والاتباع. اهـ سم. لكن صرح الفارضي بأن السكون على
هذه اللغة لا يبقى؛ بل يبدل بمثل حركة الهمزة فقال: ولا
أثر لكون ما قبل الهمزة ساكنًا كما في الخبء فيقولون: مررت
بالخبي بإبدال الهمزة المكسورة ياء، فتكسر الباء الساكنة
لأجلها، ورأيت الخبا بإبدال الهمزة ألفًا وفتح الباء
لأجلها، وهذا الخبو بإبدال الهمزة واوًا وضم الباء لأجلها.
اهـ.
قوله: "وأما في الفتح" أي: وأما إبدالها بمجانس حركتها في
الفتح، ولو قال: في النصب؛ لكان أحسن. وفي بعض النسخ: وأما
في غير الفتح، وهو خطأ. قوله: "فيلزم فتح ما قبلها" أي:
فيلزم فيه فتح ما قبلها لمناسبة الألف لا للنقل لعدمه على
هذه اللغة، كما في الدماميني. قوله: "وقد يبدلونها كذلك"
أي: بمجانس حركتها. قوله: "فيقولون" أي: في الوقف على
الكلأ الذي هو الحشيش: هذا الكلو ومررت بالكلي أي: بفتح
اللام وسكون الواو والياء. قوله: "إلا بمجانسها" أي: مجانس
هذه الحركة. قوله: "في الوقف... إلخ" هذا مفهوم قوله:
وغيرها التأنيث. سندوبي. قوله: "تا تأنيث الاسم" أي: ولو
بحسب الوضع فقط لتدخل تاء المبالغة كما في راوية، وتاء
زيادتها كما في علامة، وقيد في التسهيل التاء بكونها في
آخر الاسم احترازًا من نحو: قائمتان، ويغني عنه كون الكلام
في الحرف الموقوف عليه، وينبغي أن يراد بالاسم هنا ما يعم
جمع التصحيح والملحق به وغيرهما، وبالجعل ما يعم الجعل
القليل والجعل الكثير، فيكون قوله: بعد وقل ذا البيت،
تفصيلًا للإجمال هنا.
قوله: "من تاء الفعل" وكذا تاء الحرف نحو: ربت عند
الجمهور، كما سيشير إليه الشارح؛ وإنما التزمت التاء في
الفعل والحرف خوف اللبس بالضمير نحو: ضربه وربه، وحمل ما
لا لبس فيه على ما فيه لبس، وفي الخاطريات لابن جني قال
سيبويه: لو سميت رجلًا بضربت ثم حقرته لقلت: ضريبه، فيوقف
عليها بالهاء؛ لأنه قد انتقل من الفعل إلى الاسم. اهـ
تصريح. وقوله: خوف اللبس، بحث في التعليل بخوف اللبس بأنه
يقتضي ألا يوقف على نحو: ضاربه بالهاء؛ لوجود لبسها
بالضمير. وقوله: ثم حقرته... إلخ قال يس: أما قبل التحقير
فهل يوقف عليه بالهاء ظاهر تعليله. نعم، وظاهر كلامه لا،
وانظر ما الحكم إذا سمي بثمت وربت ولات، وقد يقال: لا يوقف
قبل التحقير بالهاء؛ لتقوى جانب الفعلية والحرفية حينئذ
فيبقى على سكون التاء وقفًا. اهـ.
قوله: "من تاء بنت وأخت" كون تائهما للتأنيث لا ينافي
كونها للتعويض عن لام الكلمة
ج / 4 ص -301-
وقَلَّ ذا في جَمْعِ تَصْحِيحٍ وما
ضَاهَى وغَيْرُ ذَيْن بالعَكْسِ انْتَمَى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ساكن غير صحيح، ولا يكون إلا ألفًا نحو: الحياة والفتاة،
والأعرف في هذين النوعين إبدال التاء هاء في الوقف؛ وإنما
جعل حكم الألف حكم المتحرك؛ لأنها منقلبة عن حرف متحرك.
"وقل ذا في جمع تصحيح وما ضاهى" أي: قل جعل التاء هاء في
جمع تصحيح المؤنث نحو: مسلمات، وما ضاهاه أي: شابهه، وأراد
بذلك هيهات وأولات كما صرح به في شرح الكافية، فالأعرف في
هذا سلامة التاء، وقد سمع إبدالها هاء في قول بعضهم: دفن
البناه من المكرماه، يريد: دفن البنات من المكرمات، وكيف
بالأخوة والأخواه، وسمع: هيهاه وأولاه، ونقل بعضهم أنها
لغة طيئ، وقال في الإفصاح: شاذ لا يقاس عليه.
تنبيه: إذا سمي رجل بهيهات على لغة من أبدل فهي كطلحة تمنع
من الصرف للعلمية والتأنيث. وإذا سمي به على لغة من لم
يبدل فهي كعرفات يجري فيها وجوه المؤنث السالم إذا سمي به.
"وغير ذين بالعكس انتمى" الإشارة إلى جمع الصحيح ومضاهيه
يعني: أن غيرهما يقل فيه سلامة التاء بعكسهما، سواء كان
مفردًا كمسلمة أو جمع تكسير كغلمة، ومن إقرارها تاء قول
بعضهم: يأهل سورة البقرت، فقال مجيب: ما أحفظ منها ولا
آيت. وقوله:
1256-
الله أنجاكَ بكَفَّي مَسْلَمَتْ
مِنْ بَعْدِ مَا وبَعْدِ ما وبَعْدِ مَتْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أيضًا. وقوله: ونحوهما أي: كهنت. قوله: "ولا يكون" أي:
الساكن الذي هو غير صحيح الواقع قبل التاء. قوله: "والأعرف
في هذين النوعين" أي: ما قبله متحرك وما قبله ساكن غير
صحيح إبدال التاء هاء في الوقف، وهذا مستغنى عن ذكره بقول
المصنف: وغير ذين... إلخ.
قوله: "وقل ذا" أي: جعل التاء هاء في جمع تصحيح يعني: ما
جمع بألف وتاء مزيدتين. قوله: "وما ضاهى" أي: شابه جمع
التصحيح في الدلالة على متعدد حالًا كأولات، وفي الأصل
كعرفات، أو في التقدير كهيهات؛ فإنه في التقدير جمع هيهيا،
ثم سمي به الفعل وهو بعد كما في التوضيح، فقوله: وأراد
بذلك هيهات وأولات قاصر عن نحو: عرفات وأذرعات. قوله: "في
قول بعضهم دفن البناه من المكرماه" يوهم أنه ليس بحديث،
وفي تمييز الطيب من الخبيث حديث دفن البنات من المكرمات،
رواه الطبراني في الكبير والأوسط وغيرهما عن ابن عباس؛ إلا
أن يقال: راعى الشارح خصوص الوقف بالهاء. يس.
قوله: "وكيف بالإخوة والأخواه" الباء زائدة في المبتدأ
وأسقطها في التوضيح. قوله: "إذا سمي رجل بهيهات" الظاهر أن
مثله أولات لجريان اللغتين الإبدال وعدمه فيه أيضًا. قوله:
"من بعد ما" أي: من بعد ما كادت، وما بين ذلك توكيد.
وقوله: "وبعد مت" أصل مت، قال ابن جني: ما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1256- الرجز لأبي النجم الراجز في الدرر 6/ 230، وشرح
التصريح 2/ 344، ولسان العرب 15/ 472 "ما"، ومجالس ثعلب 1/
326، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 113، وأوضح المسالك
4/ 348، وخزانة الأدب 4/ 177، 7/ 333، والخصائص 1/ 304،
والدرر 6/ 305، ورصف المباني ص162، وسر صناعة الإعراب 1/
160، 163، 2/ 563، وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 289، وشرح قطر
الندى ص325، وشرح المفصل 5/ 89، 9/ 81، والمقاصد النحوية
4/ 559، وهمع الهوامع 2/ 157، 209.
ج / 4 ص -302-
وَقِفْ بها السكت على الفِعْلِ الْمُعَل
بِحَذْفِ آخِرٍ كأَعْطِ مَنْ سَأَلْ
وليسَ حَتْمًا في سِوَى مَا كَعِ أو
كيَعِ مجزومًا فرَاعِ مَا رعَوْا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كادت نفوس القوم عند الغَلْصَمَتْ
وكادت الحرة أن تدعَى أمَتْ
وأكثر من وقف بالتاء يسكنها ولو كانت منونة
منصوبة. وعلى هذه اللغة بها كتب في المصحف
{إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ} و{امْرَأَتَ
نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ} وأشباه ذلك، فوقف عليها بالتاء نافع وابن عامر وعاصم وحمزة،
ووقف عليها بالهاء ابن كثير وأبو عمرو والكسائي، ووقف
الكسائي على لات بالهاء، ووقف الباقون بالتاء. قال في شرح
الكافية: ويجوز عندي أن يوقف بالهاء على ربت وثمت قياسًا
على قولهم في لات: لاه.
"وقف بها السكت على الفعل المعل بحذف آخر كأعط من سأل"
يعني: أن هاء السكت من خواص الوقف، وأكثر ما تزاد بعد
شيئين؛ أحدهما: الفعل المعتل المحذوف الآخر جزمًا نحو: لم
يعطه، أو وقفًا نحو: أعطه. والثاني: ما الاستفهامية إذا
جرت بحرف نحو: على مه ولمه، أو باسم نحو: اقتضاء مه،
ولحاقها كل من هذين النوعين واجب وجائز. أما الفعل المحذوف
الآخر، فقد نبه عليه بقوله: "وليس حتمًا في سوى ما كع أو
كيع مجزومًا فراعِ ما رعوا" يعني: أن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فأبدل الألف هاء ثم أبدل الهاء تاء تشبيهًا لها بهاء
التأنيث فوقف عليها بالتاء. وقوله: عند الغلصمت بفتح الغين
المعجمة والصاد المهملة أي: رأس الحلقوم. قوله: "وأكثر من
وقف بالتاء... إلخ" وبعضهم يقف على المؤنث بالهاء المنون
المنصوب كما يقف على المنون المنصوب المجرد. قوله: "وأشباه
ذلك" نقل شيخنا السيد: أن كل امرأة ذكرت في القرآن مع
زوجها تُرسم بالتاء المجرورة. قوله: "فوقف عليها بالتاء...
إلخ" اعلم أن التاء إن رسمت هاء وقف عليها كل القراء
بالهاء، وإن رسمت تاء فمنهم من يقف بالهاء مراعاة للأصل،
ومنهم من يقف بالتاء موافقة للرسم العثماني، قاله شيخنا
السيد. قوله: "على لات بالهاء" مثلها ذات، كما قاله
الفارضي وغيره.
قوله: "قياسًا على قولهم... إلخ" فيه أن الوقف على لات
بالهاء ليس قياسًا، فكيف يقاس عليه؟ حفيد. قوله: "وقف بها
السكت... إلخ" أي: للتوصل إلى بقاء الحركة في الوقف كما
اجتلبت همزة الوصل للتوصل إلى بقاء السكون في الابتداء،
وسميت هاء السكت؛ لأنه يسكت عليها دون آخر الكلمة. اهـ
تصريح. ومواضع اطرادها ثلاثة، تأتي في النظم: الفعل المعتل
المحذوف الآخر، وما الاستفهامية، والمبني على حركة بناء
لازم. قوله: "بحذف آخر" أي: فقط كما في أعط، أو مع حذف
الفاء كما في لم يفِ ولم يعِ، أو العين كما في لم يرَ.
قوله: "المعتل" أخذه من المثال ومن لزوم الاعتلال للإعلال.
قوله: "أو وقفًا" ليس المراد به هنا مقابل الوصل؛ إذ يلزم
عليه أن الحكم المذكور في المحذوف الآخر جزمًا لا يختص
بالوقف، وليس كذلك؛ بل المراد به البناء، وبه عبر ابن
هشام. زكريا. قوله: "فقد نبه عليه" أي: على حكم لحاق الهاء
له من الوجوب والجواز. وقوله: بقوله أي: بمنطوقه في الجواز
ومفهومه في الوجوب. قوله: "مجزومًا" حال من يع.
ج / 4 ص -303-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقف بهاء السكت على الفعل المعل بحذف الآخر ليس واجبًا
في غير ما بقي على حرف واحد أو حرفين أحدهما زائد، فالأول
نحو: عه أمر من وعى يعي، ونحو: ره أمر من رأى يرى، والثاني
لم يعه ولم يره؛ لأن حرف المضارعة زائد، فزيادة هاء السكت
في ذلك واجبة لبقائه على أصل واحد، كذا قاله الناظم. قال
في التوضيح: وهذا مردود بإجماع المسلمين على وجوب الوقف
على: لم أكْ، من تقْ بترك الهاء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "نحو: عه" أصله اوعه، حذفت الواو التي هي فاء
الكلمة، فحذفت همزة الوصل؛ لعدم الاحتياج إليها، فالباقي
عين الكلمة. وقوله: "ونحو: ره" أصله إرأه، نقلت حركة
الهمزة إلى الراء، ثم حذفت وحذفت همزة الأصل لما مر،
فالباقي فاء الكلمة، وفي الدماميني على المغني أن حذف هاء
السكت في مثل هذين الفعلين حالة الوصل؛ إنما هو في اللفظ
لا في الخط، ومثلهما إ أمر من وأى يئي وأيًا بمعنى وعد،
وإذا وقع قبله ساكن من كلمة ونقلت حركة الهمزة إليه على
غير قياس تخفيف الهمزة قلت: قل بالخير يا زيد، وهند قالت
بالخير يا عمرو، فلم يبقَ من الفعل إلا الكسرة في لام قل
وتاء قالت، وتقول على هذا: يا زيد قلي بالخير يا هند، فلم
يبقَ إلا حركة. وأما الياء فضمير الفاعل الذي كان متصلًا
بالهمزة، وقد قيل في ذلك:
في أي لفظ يا نحاة المله
حركة قامت مقام الجملة
ومن ذلك اللغز المشهور:
إِنَّ هندُ المليحة الحسناء
وأي من اضمرت لخل وفاء
فأصل إن إين حذفت ياء الفاعل لالتقائها ساكنة مع نون
التوكيد، وهند منادى، والمليحة نعت له على اللفظ، والحسناء
نعت له على المحل، وأي مصدر مبين للنوع أي: عدن يا هند وعد
امرأة أضمرت وفاء لخلها.
قوله: "واجبة" قد يقال: هلا كانت جائزة فقط في الثاني؛ لأن
حرف المضارعة كالجزء كما جازت فقط في ما الاستفهامية
المجرورة بالحرف؛ لأنه كالجزء. اهـ سم. بل كون حرف
المضارعة كالجزء أقوى من كون حرف الجر كالجزء من ما؛ لأن
حرف المضارعة لا تقوم بنية المضارع إلا به. قوله: "قال في
التوضيح: وهذا مردود بإجماع المسلمين... إلخ" أجيب بأجوبة
مردودة؛ منها: أن أك ليس معتل الآخر والكلام فيه، ومنها:
أن القراءة سنة متبعة، فلا ينهض حجة على المصنف. ويرد
الأول بأن كون أك غير معتل الآخر لا يفيد؛ لأن المصنف علل
ببقاء الفعل على أصل واحد، وهو موجود في أك، وكونه غير
معتل الآخر لا أثر له على أن كون الكلام في معتل الآخر غير
مسلم؛ بل هو في المعل بحذف الآخر وأك منه. ويرد الثاني بأن
القراءة الصحيحة لا تخالف العربية، ولا تأتي على ما تمنعه؛
وحينئذ فوقف جميع المسلمين على: لم أك، ومن تق بترك الهاء
دليل قاطع على عدم وجوبها. نعم، يرد على ابن هشام أنه وافق
المصنف في أواخر باب كان من شرح القطر، وقال بمقالته فيرد
عليه ما أورده على المصنف.
قوله: "على وجوب الوقف" أي: حيث أريد الوقف وجب ما ذكر؛
وإلا فالوقف على موضع بخصوصه ليس واجبًا. حفيد. قوله:
"بترك الهاء" وإنما يوقف على أك وتق بسكون الكاف والقاف.
ج / 4 ص -304-
وما في الاستفهام إن جُرَّتْ حُذِفْ
أَلِفُهَا وأَوْلِهَا الها إِنْ تَقِفْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه: مقتضى تمثيله أن ذلك إنما يجب في المحذوف الفاء؛
وإنما أراد بالتمثيل التنبيه على ما بقي على حرف واحد أو
حرفين أحدهما زائد كما سبق، فمحذوف العين كذلك كما سبق في
التمثيل بنحو: ره ولم يره. وفهم منه أن لحاقها لما بقي منه
أكثر من ذلك نحو: أعطه ولم يعطه جائز لا لازم.
"وما في الاستفهام إن جُرَّت حُذف ألفها" وجوبًا، سواء جرت
بحرف أو اسم. وأما قوله:
1257-
على ما قام يشتمني لئيم
فضرورة. واحترز بالاستفهامية عن الموصولة والشرطية والمصدرية
نحو: مررت بما مررت به، وبما تفرح أفرح، وعجبت مما تضرب
فلا يحذف ألف شيء من ذلك. وزعم المبرد أن حذف ألف ما
الموصولة بشئت لغة، ونقله أبو زيد أيضًا. قال أبو الحسن في
الأوسط: وزعم أبو زيد أن كثيرًا من العرب يقولون: سل عم
شئت، كأنهم حذفوا لكثرة استعمالهم إياه. وفهم من قوله: إن
جرت أن المرفوعة والمنصوبة لا تحذف ألفها، وهو كذلك. وأما
قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "مقتضى تمثيله... إلخ" أي: لأن عادته الغالبة إعطاء
الحكم بالمثال. قوله: "جائز لا لازم" لكن الأجود الإتيان
بالهاء محافظة على دليل اللام المحذوفة أعني: حركة ما قبل
اللام. قوله: "سواء جرّت بحرف" نحو: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} أو اسم نحو: مجيء من جئت. وقال الشاطبي: حذف الألف من المجرور باسم
جائز لا لازم، ونقله عن سيبوبه. تصريح. قوله: "على ما قام
يشتمني" من باب ضرب ونصر، كما في القاموس. قوله: "فضرورة"
أي: بناء على أنها ما وقع في الشعر مما لا يقع مثله في
النثر؛ وإلا فللشاعر مندوحة عن إثبات الألف بحذفها غاية ما
يلزم عليه العقل، وهو جائز في الوافر بصلوح، وحكاه الشيخ
خالد لغة، وعليها قراءة بعضهم: "عما يتساءلون".
قوله: "قال أبو الحسن في الأوسط" دليل لقوله: ونقله أبو
زيد أيضًا. قوله: "لكثرة استعمالهم إياه" أي: التركيب
المذكور. قوله: "أن المرفوعة" نحو: ما هذا والمنصوبة نحو:
ما اشتريت. قال سم: وقد يفرق بين المجرورة وغيرها بأن
الجار يتصل بها اتصال الجزء، فكان كالعوض من حذف الألف ولا
كذلك غير المجرورة. اهـ. وهو واضح في المجرورة بالحرف دون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1257- عجزه:
كخنزير تمرَّغ في رماد
والبيت من الوافر، وهو لحسان بن ثابت في ديوانه
ص324، والأزهية ص86، وخزانة الأدب 5/ 130، 6/ 99، 101،
102، 104، والدرر 6/ 314، وشرح التصريح 2/ 345، وشرح شواهد
الشافية ص224، ولسان العرب 12/ 497 "قوم"، والمحتسب 2/
347، ومغني اللبيب 1/ 299، والمقاصد النحوية 4/ 554،
ولحسان بن منذر في شرح شواهد الإيضاح ص271، وشرح شواهد
المغني 2/ 709، وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص404، وشرح
شافية ابن الحاجب 2/ 297، وشرح المفصل 4/ 9، وهمع الهوامع
2/ 217.
ج / 4 ص -305-
وليس حتمًا في سوى ما انْخَفَضَا
باسم كقولك اقتضاء مَ
اقتضى
ووَصْلَ ذي الهاء أَجِزْ بكل ما
حُرِّك تحريك بناء لَزِمَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1258-
ألام تقول الناعيات ألامه
ألا فاندبا أهل الندى والكرامه
فضرورة.
تنبيهات: الأول: أهمل المصنف من شروط حذف ألفها ألا تركب
مع ذا، فإن ركبت معه لم تحذف الألف نحو: على ماذا
تلومونني، وقد أشار إليه في التسهيل، نقله المرادي.
الثاني: سبب هذا الخلاف إرادة التفرقة بينها وبين الموصولة
والشرطية، وكان أولى بالحذف لاستقلالها بخلاف الشرطية؛
فإنها متعلقة بما بعدها، وبخلاف الموصولة؛ فإنها والصلة
اسم واحد.
الثالث: قد ورد تسكين ميمها في الضرورة مجرورة بحرف كقوله:
1259-
يا أسديًّا لم أكلته لِمَهْ
"وأولها الها إن تقف" أي: جوازًا إن جرت بحرف نحو: عمه،
ووجوبًا إن جرت باسم نحو: اقتضاء مه؛ ولهذا قال: "وليس
حتمًا في سوى ما انخفضا باسم كقولك اقتضاء م اقتضى" أي:
وليس إيلاؤها الهاء واجبًا في سوى المجرورة بالاسم وقد
مثله، وعلة ذلك أن الجار الحرفي كالجزء لاتصاله بها لفظًا
وخطًّا بخلاف الاسم، فوجب إلحاق الهاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المجرورة بالاسم؛ إلا أن يقال: حملت المجرورة بالاسم على
المجرورة بالحرف. قوله: "ألام" فما مفعول تقول؛ لأنه في
معنى الجملة أي: أيّ كلام تقول، والناعيات جمع ناعية، وفي
بعض النسخ: الناعيان بصيغة تثنية ناعي، وهو الأنسب بقوله:
ألا فاندبا. نعم، العرب تخاطب الواحد والجمع بصيغة
التثنية. قوله: "فضرورة" أي: بناء على ما مر؛ وإلا فللشاعر
مندوحة عن حذف الألف بإثباتها ولا يلزم شيء؛ بل يكون الجزء
سالمًا من الزحاف.
قوله: "أهمل المصنف" قد يقال: لا إهمال؛ لأن المصنف أشار
إليه بكون المحدث عنه في كلامه لفظ ما فيخرج لفظ ماذا؛ لأن
لفظ ما غير لفظ ماذا؛ لما تقرر أن الشيء مع غيره غيره في
نفسه. قوله: "وبين الموصولة والشرطية" أي: والمصدرية، أو
أراد بالموصولة ما يعمها، فكلامه هنا على نمط قوله سابقًا:
واحترز بالاستفهامية... إلخ. قوله: "اسم واحد" أي: كالاسم
الواحد. قوله: "تسكين ميمها" أي: وصلًا؛ إذ تسكين ميمها
وقفًا جائز نظمًا ونثرًا، أفاده سم. قوله: "يا أسديا لم
أكلته لمه" كأنه لم يقصد معينًا من بني أسد فنسب ونكر. قال
العيني: وأنشده أبو الفتح: يا فقعسى، والشاهد في لم أكلته؛
حيث سكن الميم وصلًا للضرورة. قوله: "وقد مثله" أي: الاسم
الجار. قوله: "لاتصاله بها لفظًا" أي: اتصالًا قويًّا
بدليل عدم وقفهم على الجار بدون مجروره بخلاف المضاف.
قوله: "وخطًّا" أي: غالبًا، فلا يرد حتام وإلام وعلام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1258- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الدرر 6/ 318،
والمقاصد النحوية 4/ 553، وهمع الهوامع 2/ 217.
1259- الرجز لسالم بن دارة في الحيوان 1/ 267، ولسان العرب
2/ 461 "روح"، وبلا نسبة في الإنصاف ص299، ولسان العرب 12/
564 "لوم" والمقاصد النحوية 4/ 555.
ج / 4 ص -306-
ووَصْلُها بِغَيْرِ تَحْرِيك بِنَا
أدِيم شَذَّ في الْمُدَامِ اسْتُحْسِنَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للمجرورة بالاسم لبقائها على حرف واحد.
تنبيه: اتصال الهاء بالمجرورة بالحرف وإن لم يكن واجبًا
أجود في قياس العربية وأكثر؛ وإنما وقف أكثر القراء بغير
هاء اتباعًا للرسم.
"ووصلها بغير تحريك بنا أديم شذ في المدام استحسنا" يعني:
أن هاء السكت لا تتصل بحركة إعراب ولا شبيهة بها؛ فلذلك لا
تلحق اسم لا ولا المنادى المضموم، ولا ما بني لقطعه عن
الإضافة كقبل وبعد، ولا العدد المركب نحو: خمسة عشر؛ لأن
حركات هذه الأشياء مشابهة لحركة الإعراب. وأما قوله:
1260-
يا رُبَّ يوم لي لا أُظَلَّلُهْ
أُرْمَضُ من تحت وأُضْحَى من عَلُهْ
فشاذ؛ لأن حركة عل حركة بناء عارضة لقطعه عن الإضافة، فهي
كقبل وبعد، وإلى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وإن لم يكن واجبًا" جملة حالية. قوله: "أجود في
قياس العربية" لتكون الهاء عوضًا عن الألف المحذوفة. قوله:
"ووصلها بغير... إلخ" يوجد في بعض النسخ قبل هذا البيت بيت
آخر؛ وهو:
ووصل ذي الهاء أجز بكل ما
حرك تحريك بناء لزما
فيكون قوله: ووصلها بغير... إلخ تفصيلًا لإجمال هذا البيت.
قوله: "مشابهة لحركة الإعراب" أي: في العروض عند مقتضياتها
وزوالها عند عدمها. سم. قوله: "لا أظلله" بالبناء للمجهول
أي: لا أظلل فيه، ففيه حذف وإيصال. وقوله: أرمض... إلخ قال
زكريا: أرمض مجهول من رمضت قدمه إذا احترقت من حر الرمضاء؛
وهي الأرض التي بها حرارة الشمس، وأصل تحت تحتي، وأضحى
مجهول أيضًا من ضحيت للشمس بالكسر والفتح ضحى إذا برزت
لها. اهـ. وسبقه إلى ذلك العيني وتبعهما أرباب الحواشي،
ولا يخفي ما فيه من الخلل؛ لأن جعل الفعلين من رمضت قدمه
وضحيت للشمس ينافي كونهما مجهولين؛ لأن رمض بهذا المعنى
وضحى أو ضحا لازمان، كما يدل عليه كلام القاموس وغيره،
والمجهول الذي نائب فاعله غير ظرف وجار ومجرور ومصدر لا
يكون إلا من المتعدي بنفسه، فالذي ينبغي بناؤهما للفاعل،
وناقش الدماميني في الاستشهاد بالبيت لاحتمال أن الهاء
ضمير، وبنى على لإضافته إلى مبني. وأجاب عنه سم بأنه خلاف
الظاهر، وعندي في صحة ما ذكره من الاحتمال نظر؛ إذ المعهود
في المبني لإضافته إلى مبني البناء على الفتح لا الضم ومنه
قوله:
إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1260- الرجز لأبي مروان في شرح التصريح 2/ 346، ولأبي
الهجنجل في شرح شواهد المغني 1/ 448، ومجالس ثعلب ص489،
ولأبي ثروان في المقاصد النحوية 4/ 454، وبلا نسبة في أوضح
المسالك 4/ 351، وجمهرة اللغة ص1318، وخزانة الأدب 2/ 397،
والدرر 3/ 97، 6/ 305، وشرح عمدة الحافظ ص981، وشرح المفصل
4/ 87، ومغني اللبيب 1/ 154، وهمع الهوامع 1/ 203، 2/ 210.
ج / 4 ص -307-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا أشار بقوله: ووصلها بغير تحريكي بناء أديم شذ فحركة
على غير حركة بناء مدام؛ بل حركة بناء غير مدام. وأشار
بقوله: في المدام استحسنا، إلى أن وصل هاء السكت بحركة
المدام البناء أي: الملتزم جائز مستحسن، وذلك كفتحة هو وهي
وكيف وثم، فيقال في الوقف: هوه وهيه وكيفه وثمه.
تنبيهان: الأول: اقتضى قوله: ووصلها بغير تحريك بنا أديم
شذ أن وصلها بحركة الإعراب قد شذ أيضًا؛ لأن كلامه يشمل
نوعين؛ أحدهما: تحريك البناء غير المدام، والآخر: تحريك
الإعراب، وليس ذلك إلا في الأول.
الثاني: قوله: في المدام استحسنا يقتضي جواز اتصالها بحركة
الماضي؛ لأنها من التحريك المدام، وفي ذلك ثلاثة أقوال؛
الأول: المنع مطلقًا، والثاني: الجواز مطلقًا، والثالث:
الجواز إن أمن اللبس نحو: قعده، والمنع إن خيف اللبس نحو:
ضربه، والصحيح الأول وهو مذهب سيبويه، واختاره المصنف؛ لأن
حركته وإن كانت لازمة فهي شبيهة بحركة الإعراب؛ لأن الماضي
إنما بني على حركة لشبهه بالمضارع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بفتح مثل، فتأمل. قوله: "فحركة عل... إلخ" الفاء تعليلية.
قوله: "وثم" بفتح المثلثة وضمها فيما يظهر؛ لجواز لحوقها
كل متحرك حركة بناء دائمة إلا الماضي. قوله: "اقتضى قوله:
ووصلها بغير تحريك بنا أديم... إلخ" دفع بجعل النفي راجعًا
للقيد فقط وهو أديم، فكأنه قال: ووصلها بتحريك بناء غير
مدام، وبجعل إضافة غير إلى ما بعده للجنس على أن سيبويه
حكى: أعطني أبيضة، بلحوق الهاء للمعرب شذوذًا، واقتضى
أيضًا أن وصلها بحركة ليست بناء ولا إعرابًا، كما في
الزيدانه والمسلمونه شاذ؛ لشمول غير تحريك البناء المدام
لها مع أنه يجوز أن تلحقها الهاء بلا شذوذ، كما في الهمع
وغيره، واقتضى أن وصلها بالمبني على غير حركة شاذ لشمول
عبارته غير الحركة، مع أن منه ما يجوز وصله بالهاء باطراد،
كما يدل عليه قول الهمع. قال -أي: أبو حيان-: وكل مبني
آخره ألف نحوها وأولا، وهنا يجوز فيه ثلاثة أوجه: إبقاؤها
ألفًا كما في الوصل، وإبدالها همزة، وإلحاق هاء السكت
بعدها. وشذ قلب الألف هاء في قوله: من هاهنا ومن هنة إلا
في الاسم المندوب، فيتعين فيه الوجه الثالث نحو: يا زيداه،
ولا يوقف عليه بالألف فقط، ولا تبدل ألفه همزة. أما المعرب
فتلحقه هذه الهاء فلا يقال: موساه ولا عيساه؛ لئلا يلتبس
بالمضاف إلى الضمير. اهـ. والذي في باب الندبة من الشرح
والهمع وغيرهما أن الوقف على المندوب بالألف فقط جائز، وأن
الجمع بين الألف والهاء غالب لا واجب.
قوله: "يشمل نوعين" بل ثلاثة بل أربعة كما عرفت. قوله:
"وليس ذلك" أي: الشذوذ إلا في الأول أي: فلم يرد في
الثاني. اهـ سم. وقد عرفت ما فيه مما مر عن سيبويه. قوله:
"إن أمن اللبس" أي: لبس هاء السكت بهاء الضمير. وقوله: نحو
قعده أي: لأن قعد لازم، فلا يتعدى للمفعول به حتى تلتبس
هاء السكت بضمير المفعول به بخلاف ضربه، وقد يقال: هاء
قعده وإن لم تلتبس بضمير المفعول به تلتبس بضمير المصدر؛
إلا أن يقال: هو احتمال بعيد، أو الحاصل معه إجمال لا
ج / 4 ص -308-
ورُبَّما أُعطِي لَفْظُ الوَصْلِ ما
للوَقْفِ نثرًا وفَشَا
منتظِمًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المعرب في وجوه تقدمت في موضعها، فكان من حق المصنف أن
يستثنيه، كما فعل في الكافية فقال فيها:
ووصل ذي الهاء أجز بكل ما
حرك تحريك بناء لزما
ما لم يكن ذلك فعلًا ماضيًا.
"وربما أعطي لفظ الوصل ما للوقف نثرًا وفشا منتظمًا" أي:
قد يحكم للوصل بحكم الوقف، وذلك في النثر قليل، كما أشار
إليه بقوله: وربما، ومنه قراءة غير حمزة والكسائي:
{لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ} [البقرة: 259]،
{فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ قُلْ} [الأنعام: 90] ومنه أيضًا:
{مَا لِيَهْ، هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ، خُذُوهُ} [الحاقة: 29]،
{مَا هِيَهْ، نَارٌ
حَامِيَةٌ} [القارعة: 11]، ومنه قول بعض طيئ: هذه
حبلو يا فتى؛ لأنه إنما تبدل هذه الألف واوًا في الوقف،
فأجرى الوصل مجراه وهو في النظم كثير، من ذلك قوله:
1261-
مثل الحريق وافق القصبا
فشدد الباء مع وصلها بحرف الإطلاق وقوله:
1262-
أتَوْا ناري فقلتُ منون أنتم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لبس بخلاف ضربه. قوله: "في وجوه... إلخ" أي: في وقوعه صفة
وصلة وخبرًا وحالًا وشرطًا. قوله: "لفظ الوصل" الإضافة على
معنى في أي: اللفظ في الوصل. وقوله: ما للوقف أي: للفظ في
الوقف فحسنت المقابلة. قوله: "ما للوقف" أي: من إسكان مجرد
أو مع الروم أو مع الإشمام ومن تضعيف ونقل ومن اجتلاب هاء
السكت. تصريح. قوله: "وفشا" أي: الإعطاء المفهوم من أعطى.
وقوله: منتظمًا حال سببية على تقدير مضاف من فاعل فشا أي:
منتظمًا محله، وهو اللفظ الذي حصل فيه الإعطاء أو الضمير
راجع للفظ الوصل المعطي حكم لفظ الوقف والحال على هذا
ظاهرة.
قوله: "{لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ}"
قال شيخنا السيد: أشار بذكر وانظر إلى أن الخلاف في إثبات
الهاء؛ إنما هو في الوصل، أما في الوقف فثابتة وفاقًا.
اهـ. وكذا يقال فيما بعد. قوله: "إنما تبدل هذه الألف
واوًا في الوقف" أي: عند بعض طيئ المذكور، وعبارة الهمع:
ربما قلبت الألف الموقوف عليها همزة أو ياء أو واوًا نحو:
هذه أفعاء أو أفعى أو أفعو في هذه أفعى وهذه عصأ أو عصي أو
عصو، والأولى والأخيرة لغة بعض طيئ، والثانية لغة فزارة،
ونص سيبويه على أن هذه اللغات الثلاث في كل ألف في آخر
اسم، سواء كانت أصلية أو غير أصلية. وحكى الخليل أن بعضهم
يقول: رأيت رجلًا فيهمز؛ لأنها ألف في آخر الاسم.
قوله: "منون أنتم" والقياس من أنتم؛ لأن من لا يختلف لفظها
وصلًا فأجراها وصلًا مجراها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1261- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص169، وشرح شافية ابن
الحاجب 2/ 318، 320، ولربيعة بن صبح في شرح شواهد الإيضاح
ص264، ولأحدهما في شرح التصريح 2/ 346، والمقاصد النحوية
4/ 549، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 353، وخزانة الأدب
6/ 138، وشرح ابن عقيل ص673، وشرح المفصل 3/ 94، 139، 9/
68، 82.
1262- راجع التخريج رقم 1210. |