حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفية ابن مالك ج / 4 ص -309-
الإمالة:
الألفَ المبدلَ من يا في طَرَفْ
أَمِلْ كَذَا الواقعُ منه اليَا خَلَفْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد تقدم في الحكاية.
خاتمة: وقف قوم بتسكين الروي الموصول بمدة؛ كقوله:
أقلي اللوم عاذلَ والعتابْ
وأثبتها الحجازيون مطلقًا فيقولون: العتابا، وإن ترنم
التميميون فكذلك، وإلا عوضوا منها التنوين مطلقًا؛ كقوله:
سُقيت الغيث أيتها الخِيَامَنْ
وكقوله:
يا صاحِ ما هاج العيون الذرفن
وكقوله:
لما تزل برحالنا وكأن قدن
والله أعلم.
الإمالة:
وتسمى الكسر والبطح والإضجاع، وقدمها في التسهيل
والكافية على الوقف، وما هنا أنسب؛ لأن أحكامه أهم، والنظر
في حقيقتها وفائدتها وحكمها ومحلها وأصحابها وأسبابها؛ أما
حقيقتها فإن يُنحى بالفتحة نحو الكسرة فتميل الألف إن كان
بعدها ألف نحو الياء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقفًا. قوله: "بتسكين الروي" أي: حقيقة أو حكمًا، فدخل في
الروي المعروض المصرعة، فلا اعتراض بأن العتاب في البيت
المستشهد به ليس رويًّا؛ بل هو عروض. قوله: "بمدة" أي: ألف
أو واو أو ياء. قوله: "وأثبتها الحجازيون مطلقًا" أي:
قصدوا الترنم أي: مد الصوت فوق حركتين أولًا بقرينة قوله:
وإن ترنم التميميون... إلخ أي: قصدوا الترنم، فعلم أن
الترنم غير لازم للمدة، وأن إبطال شيخنا تفسير الإطلاق بما
ذكر بأن الترنم لازم للألف باطل مع ما فيه من القصور.
قوله: "فكذلك" أي: أثبتوا المدة. قوله: "وإلا عوضوا منها"
أي: من المدة التنوين أي: ليقطعوا به الترنم مطلقًا أي:
بعد ضمه أو فتحه أو كسره بقرينة التمثيل.
الإمالة:
قوله: "وتسمى الكسر" أي: لما فيها من الإمالة إلى الكسر.
وقوله: والبطح أي: لما فيها من بطح الفتحة إلى الكسر أي:
إمالتها إليه وأصل بطح الشيء إلقاؤه ورميه ويلزمه إمالته.
قوله: "أهم" لأنه لا بد منه بخلاف الإمالة. قوله: "والنظر"
مبتدأ. وقوله: في حقيقتها... إلخ خبر، وكان عليه أن يزيد
الموانع وموانع الموانع. قوله: "فإن ينحى... إلخ" شامل
لإمالة الألف؛ لأن فيها أيضًا إمالة الفتحة نحو الكسرة كما
يفيده تقريره، وقضية صنيعه أنها عمل واحد يلزمه عند وجود
الألف عمل آخر، وهو ظاهر، بخلاف قول ابن الناظم: هي أن
تنحو بالفتحة نحو الكسرة، وبالألف نحو الياء مع
ج / 4 ص -310-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأما فائدتها فاعلم أن الغرض الأصلي منها هو التناسب، وقد
ترد للتنبيه على أصل أو غيره كما سيأتي. وأما حكمها
فالجواز. وأسبابها الآتية مجوزة لها لا موجبة. وتعبير أبي
علي ومن تبعه عنها بالموجبات تسمح، فكل ممال يجوز فتحه.
وأما محلها فالأسماء المتمكنة والأفعال. هذا هو الغالب.
وسيأتي التنبيه على ما أميل من غير ذلك. وأما أصحابها
فتميم ومَن جاورهم من سائر أهل نجد كأسد وقيس، وأما أهل
الحجاز فيفخمون بالفتح وهو الأصل، ولا يميلون إلا في مواضع
قليلة. وأما أسبابها فقسمان: لفظي ومعنوي، فاللفظي الياء
والكسرة، والمعنوي الدلالة على ياء أو كسرة، وجملة أسباب
إمالة الألف على ما ذكره المصنف ستة؛ الأول: انقلابها عن
الياء. الثاني: مآلها إلى الياء. الثالث: كونها بدل عين ما
يقال فيه فلت. الرابع: ياء قبلها أو بعدها. الخامس: كسرة
قبلها أو بعدها. السادس: التناسب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن قوله المذكور يخرج عنه أماله الفتحة التي ليس بعدها
ألف. قوله: "هو التناسب" أي: تناسب الأصوات وصيرورتها من
نمط واحد؛ بيان ذلك أنك إذا قلت: عابد، كان لفظك بالفتحة
والألف تصعدًا واستعلاء، وبالكسرة انحدارًا وتسفلًا، فيكون
في الصوت بعض اختلاف، فإذا أملت الألف قربت من الياء
وامتزج بالفتحة طرف من الكسرة، فتقارب الكسرة الواقعة بعد
الألف، وتصير الأصوات من نمط واحد، وهذا نظير إشمامهم
الصاد زايًا في نحو: يصدر للتناسب؛ لأن الصادر حرف مهموس،
والدال حرف مجهور، فبينهما نفرة، والزاي تشاكل الصاد في
الصفير والدال في الجهر، فإذا أشربوا الصاد زايًا حصل
تناسب الأصوات. حفيد. قوله: "أو غيره" كقلبها ياء في
التثنية وإن لم يكن أصلها الياء. قوله: "فكل مما يجوز
فتحه" أي: رجوعًا إلى الأصل. قال البعض: وكان الأحسن أن
يقول: يجوز عدم إمالته ليشمل الألف. اهـ. وجوابه ما سيصرح
به الشارح عند قول المصنف:
والكف قد يوجبه ما ينفصل
من أن المراد بالفتح ترك الإمالة. قوله: "فيفخمون بالفتح"
أي: وجوبًا في غير المواضع القليلة الآتية. قوله: "وجملة
أسباب إمالة الألف" أي: تفصيلًا بخلاف ما قبله فإجمال.
قوله: "على ما ذكره المصنف" فيه أنه لم يذكر في النظم بعض
الرابع؛ وهو الياء بعد الألف؛ إلا أن يقال: المراد ذكره في
الجملة أولًا بقيد هذا النظم.
قوله: "الأول: انقلابها عن الياء... إلخ" الأول والثاني
يرجعان إلى الدلالة على ياء؛ لأن انقلاب الألف عن الياء أو
إلى الياء في بعض الأحوال سبب للدلالة على الياء، ثم لا
يخفى أن سبب السبب سبب، فلا تنافي بين جعله أولًا الدلالة
سببًا وجعله ثانيًا الانقلاب سببًا، والثالث يرجع إلى
الدلالة على الكسرة؛ لأن كون الألف بدل عين ما يقال فيه
عند إسناده إلى ضمير المتكلم، قلت: سبب للدلالة على
الكسرة، ثم سبب السبب سبب، فلا تنافي أيضًا، والرابع
والخامس يرجعان إلى قسمي السبب اللفظي، والسادس لا يرجع
إلى خصوص واحد من قسمي اللفظي، ولا خصوص واحد من قسمي
المعنوي؛ بل يرجع في كل موضع بواسطة سبب إمالة ما لأجله
التناسب إلى هذا السبب أيًّا كان، فتدبر. قوله: "مآلها"
أي:
ج / 4 ص -311-
دُونَ مَزِيدٍ أو شُذوذٍ ولِمَا
تليه ها التأنيث ما
الها عَدِمَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهذه الأسباب كلها راجعة إلى الياء والكسر. واختلف في
أيهما أقوى؛ فذهب الأكثرون إلى أن الكسرة أقوى من الياء
وأدعى إلى الإمالة، وهو ظاهر كلام سيبويه، فإن قال في
الياء: لأنها بمنزلة الكسرة، فجعل الكسرة أصلًا.
وذهب ابن السراج إلى أن الياء أقوى من الكسرة، والأول أظهر
لوجهين؛ أحدهما: أن اللسان يتسفل بها أكثر من تسفله
بالياء. والثاني: أن سيبويه ذكر أن أهل الحجاز يميلون
الألف إلى الكسرة، وذكر في الياء أن أهل الحجاز وكثيرًا من
العرب لا يميلون للياء، فدل هذا من جهة النقل أن الكسرة
أقوى.
وقد أشار المصنف إلى السبب الأول بقوله: "الألف المبدل من
يا في طرف أمل" أي: سواء في ذلك طرف الاسم نحو: مرمى،
والفعل نحو: رمى. واحترز بقوله: في طرف، من الكائنة عينًا،
وسيأتي حكمها.
وأشار إلى السبب الثاني بقوله: "كذا الواقع منه اليا خلف
دون مزيد أو شذوذ" أي: تمال الألف إذا كانت صائرة إلى
الياء دون زيادة ولا شذوذ، وذلك ألف نحو: مغزى وملهى من كل
ذي ألف متطرفة زائدة على الثلاثة، ونحو: حبلى وسكرى من كل
ما آخره ألف تأنيث مقصورة، فإنها تمال؛ لأنها تؤول إلى
الياء في التثنية والجمع، فأشبهت الألف المنقلبة عن الياء.
واحترز بقوله: دون مزيد من رجوع الألف إلى الياء بسبب
زيادة كقولهم في تصغير قفا: قفي، وفي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أيلولتها أي: رجوعها. قوله: "راجعة إلى الياء والكسرة" قال
البعض: كان الأولى إلى الدلالة على الياء أو الكسرة. اهـ.
وهو ساقط؛ لأن ما ادعى أولويته لا يشمل الرابع والخامس،
بخلاف عبارة الشارح، وقد بينا آنفًا وجه الرجوع، فلا تغفل.
قوله: "وأدعى إلى الإمالة" لعله عطف تفسير. قوله: "يميلون
الألف للكسرة" أي: لأجل الكسرة. قوله: "لا يميلون للياء"
أي: لأجل الياء أي: فمن يميل الألف للكسرة أكثر ممن يميلها
للياء، فكانت أقوى. قوله: "من الكائنة عينًا" أي: ففيها
تفصيل، فإن كانت عين فعل كالألف في دان أميلت، وإن كانت
عين اسم كالألف في ناب لم تمل على خلاف سيأتي، ولأجل
التفصيل والخلاف قال وسيأتي حكمها. قوله: "دون مزيد" أي:
مزيد ليس على تقدير الانفصال، فلا يرد أن ألف نحو ملهى
إنما تقلب ياء بزيادة علامة التثنية والجمع؛ لأنها زيادة
على تقدير الانفصال. قوله: "فإنها" أي: ألف نحو: مغزى
وملهى ونحو: حبلى وسكرى. قوله: "والجمع" أي: بالألف
والتاء.
قوله: "فأشبهت الألف المنقلبة عن الياء" أي: بجامع
الارتباط بالياء في كل. قوله: "في تصغير قفا قفي... إلخ"
أصل المصغر قفيو، اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما
بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء، وأصل
الجمع قفوو قلبت الواو الأخيرة ياء كراهة اجتماع واوين
فصار قفوي، فاجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون
فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء وقلبت ضمة الفاء
كسرة لأجل الياء، وضمة القاف كسرة لإتباع كسرة الفاء،
ومثله عصا، قاله
ج / 4 ص -312-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تكسيره قفي فلا يمال قفا لذلك. واحترز بقوله: أو شذوذ من
قلب الألف ياء في الإضافة إلى ياء المتكلم في لغة هذيل؛
فإنهم يقولون في عصا وقفا: عصي وقفي، ومن قلب الألف ياء في
الوقف عند بعض طيئ نحو عصي وقفي؛ فلا تسوغ الإمالة لأجل
ذلك. وخلف في كلامه حال من الياء ووقف عليه بالسكون لأجل
النظم، ويجوز في الاختيار على لغة ربيعة.
تنبيهات: الأول: هذا السبب الثاني هو أيضًا من الألف
الواقع طرفًا كالأول.
الثاني: قد علم مما تقدم أن نحو قفا وعصا من الاسم الثلاثي
لا يمال؛ لأن ألفه عن واو، ولا يؤول إلى الياء إلا في شذوذ
أو بزيادة. وقد سمعت إمالة العشا مصدر الأعشى؛ وهو الذي لا
يبصر ليلًا ويبصر نهارًا. والمكا -بالفتح- وهو حجر الثعلب
والأرنب، والكبا -بالكسرة- الكناسة، وهذه من ذوات الواو
لقولهم: ناقة عشواء، وقولهم: المكو والمكوة بمعنى المكا،
ولقولهم: كبوت البيت إذا كنسته، والألفاظ الثلاثة مقصورة،
وهذا شاذ. لا يقال: لعل إمالة الكبا لأجل الكسرة فلا تكون
شاذة؛ لأن الكسرة لا تؤثر في المنقلبة عن واو، وأما الربا
فإمالتهم له وهو من ربا يربو لأجل الكسرة في الراء، وهو
مسموع مشهور، وقد قرأ به الكسائي وحمزة.
الثالث: يجوز إمالة الألف في نحو دعا وغزا من الفعل
الثلاثي، وإن كانت عن واو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصرح. قوله: "من قلب الألف ياء في الإضافة إلى ياء
المتكلم في لغة هذيل" نظر فيه الشاطبي بأنه كيف يصح إطلاق
الشاذ على لغة شهيرة، واستقرب أنه احتراز عن قلب الألف ياء
في الوقف عند بعض طيئ ومن تثنية رضا على رضيان لندور كل.
قوله: "مما تقدم" أي: من التقييد بعدم الشذوذ. قوله: "من
الاسم الثلاثي" أي: المنقلبة ألفه المتطرفة عن الواو بخلاف
نحو: ملهى ومغزى من الاسم المجاوز ثلاثة أحرف المنقلبة
ألفه المتطرفة عن الواو لرجوعها ياء دون زيادة وشذوذ.
قوله: "العشا" بالفتح والقصر. قوله: "لقولهم" تعليل لقوله:
وهذه أي: الثلاثة من ذوات الواو. قوله: "لأن الكسرة" أي:
كسرة غير الراء بدليل ما بعده. قوله: "لأجل الكسرة في
الراء" أي: لأنها لم تؤثر في إمالة الواوي، سواء تقدمت على
الألف كما في الربا، أو تأخرت عنها كما في الدار، نقله سم
عن الجاربردي. قوله: "مسموع مشهور" قد يوهم أنه غير مقيس،
وليس كذلك، وممن صرح بأنه مقيس شيخ الإسلام في شرح
الشافية.
قوله: "يجوز إمالة الألف في نحو دعا... إلخ" قال الموضح:
على هذا يشكل قول الناطم: إن إمالة ألف تلا في قوله تعالى:
{وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا} [الشمس: 2] لمناسبة ألف جلا،
وقول ابنه: إن إمالة ألف سجا لمناسبة ألف قلا؛ بل إمالتهما
لقولك: تلا وسجا، وسيأتي في الشرح عند قول المصنف: وقد
أمالوا لتناسب... إلخ أن تمثيله بتلا إنما هو على رأي غير
سيبويه كالمبرد وطائفة، فلا تغفل. وفي القاموس: سجا سجوا
سكن. اهـ. وحينئذ ففي الآية مجاز عقلي؛ لأن السكون في
الحقيقة
ج / 4 ص -313-
وهكذا بَدَلُ عَيْنِ الفِعْلِ إِنْ
يؤل إلى فِلْت كماضي خَفْ
ودِنْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لأنها تؤول إلى الياء في نحو: دعي وغزي من المبني للمفعول،
وهو عند سيبويه مطرد، وبهذا ظهر الفرق بين الاسم الثلاثي
والفعل الثلاثي إذا كانت ألفهما عن واو. وقال أبو العباس
وجماعة من النحاة: إمالة ما كان من ذوات الواو على ثلاثة
أحرف نحو: دعا وغزا قبيحة، وقد تجوز على بعد. اهـ. وأشار
بقوله: "ولما تليه ها التأنيث ما الها عدما" إلى أن للألف
التي قبل هاء التأنيث في نحو: مرماة وفتاة من الإمالة؛
لكونها منقلبة عن الياء ما للألف المتطرفة؛ لأن هاء
التأنيث غير معتد بها، فالألف قبلها متطرفة تقديرًا. وأشار
إلى السبب الثالث بقوله: "وهكذا بدل عين الفعل إن يؤل إلى
فلت" أي: تمال الألف أيضًا إذا كانت بدلًا من عين فعل تكسر
فاؤه حين يسند إلى تاء الضمير، سواء كانت تلك الألف منقلبة
عن واو مكسورة.
"كماضي خف" وكد، وهو خاف وكاد، أم عن ياء نحو ماضي بع
"ودن" وهو باع ودان، فإنك تقول فيها: خفت وكدت وبعت ودنت،
فيصيران في اللفظ على وزن فلت، والأصل فعلت، فحذفت العين
وحركت الفاء بحركتها، وهذا واضح في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للناس في الليل لا له. قوله: "ظهر الفرق... إلخ" لأن الفعل
الثلاثي الواوي تؤول ألفه إلى الياء دون مزيد وشذوذ، بخلاف
الاسم الثلاثي الواوي.
قوله: "وقال أبو العباس" أي: المبرد، وهذا مقابل قوله:
"وهو عند سيبويه مطرد". فقوله: وقد تجوز على بعد أي: عن
القياس، فهي غير مطردة، ودفع به ما قد يوهمه قوله: قبيحة،
من عدم سماعها أصلًا يدل على كونه مقابلة قول الشارح في
شرح قول المصنف: وقد أمالوا لتناسب... إلخ ليس بخافٍ أن
تمثيله بتلا إنما هو على رأي غير سيبيويه كالمبرد وطائفة؛
أما سيبيويه فقد تقدم أنه يطرد عنده إمالة نحو: غزا
ودعا... إلخ، فقول البعض: إن هذا تأييد لما قبله غفلة عن
صريح كلام الشارح فيما يأتي، وأيضًا كيف يقال في المطرد:
إنه قبيح، وقد يجوز على بعد. قوله: "ولما تليه... إلخ"
يرجع للألف المنقلبة عن ياء والألف الصائرة ياء، وإن أوهمت
عبارة الشارح قصره على الأولى. وقوله: ما الها، على تقدير
مضاف أي: حكم ما الها، والها مفعول مقدم لعدم بفتح فكسر
أي: فقد.
قوله: "من الإمالة" بيان لما للألف المتطرفة فقوله: لكونها
أي: الألف المتطرفة منقلبة عن الياء تعليل لثبوت الإمالة
للألف المتطرفة. وقوله: لأن هاء التأنيث... إلخ تعليل
لثبوت ما للألف المتطرفة من الإمالة للألف التي قبل هاء
التأنيث فاستقامت عبارته؛ لكن في قوله: لكونها منقلبة عن
الياء قصور، ولو قال: منقلبة عن الياء أو تؤول إلى الياء
لشمل نحو: مغزاة وملهاة، فتدبر. قوله: "إن يؤول إلى فلت"
من ذلك: مات، على لغة من يقول: مت بكسر الميم، بخلافه على
لغة من قال: مت بضمها.
قوله: "وهو خافٍ وكاد" والدليل على أن ألفها منقلبة عن واو
الخوف والكود. قال في الصحاح: كاد يفعل كذا يكاد كودًا
ومكادة. قوله: "أم عن ياء" أي: مفتوحة كما في باع ودان، أو
مكسورة كما في هاب. قوله: "فيصيران في اللفظ على وزن فلت"
هذا لا يتفرع على مجرد حذف العين لصدقه مع ضم الفاء أيضًا،
فكان الأولى أن يقول بحذف عين الكلمة ونقل حركتها
ج / 4 ص -314-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأولين. وأما الأخيران فقيل: يقدر تحويله إلى فعل بكسر
العين ثم تنقل الحركة. هذا مذهب كثير من النحويين. وقيل:
لما حذفت العين حركت الفاء بكسرة مجتلبة للدلالة على أن
العين ياء، ولبيان ذلك موضع غير هذا. واحترز بقوله: إن يؤل
إلى فلت من نحو: طال، وقال: فإنه لا يؤول إلى فلت بالكسر؛
وإنما يؤول إلى فلت بالضم نحو: طلت وقلت.
والحاصل أن الألف التي هي عين الفعل تمال إن كانت عن ياء
مفتوحة نحو: دان، أو مكسورة نحو: هاب، أو عن واو مكسورة
نحو: خاف، فإن كانت عن واو مضمومة نحو: طال، أو مفتوحة
نحو: قال، لم تمل.
تنبيهات: الأول: اختلف في سبب إمالة نحو: خاف وطاب، فقال
السيرافي وغيره: إنها للكسرة العارضة في فاء الكلمة؛ ولهذا
جعل السيرافي من أسباب الإمالة كسرة تعرض في بعض الأحوال،
وهو ظاهر كلام الفارسي. وقال: وأمالوا خاف وطاب مع
المستعلى طلبًا للكسر في خفت، وقال ابن هشام الخضراوي:
الأولى أن الإمالة في طاب؛ لأن الألف فيها منقلبة عن ياء،
وفي خاف؛ لأن العين مكسورة، أرادوا الدلالة على الياء
والكسرة.
الثاني: نقل عن بعض الحجازيين إمالة نحو: خاف وطاب، وفاقًا
لبني تميم، وعامتهم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلى الفاء فيصيران... إلخ، ولو اقتصر على قوله: فإنك تقول
فيهما: خفت ودنت، على وزن فلت، والأصل... إلخ لو في
بالمراد وسلم مما مر. قوله: "فحذفت العين" لأنها لما نقلت
حركتها إلى الفاء التقت ساكنة مع اللام، فحذفت لالتقاء
الساكنين، فعلم أن الحذف بعد النقل؛ لكن الشارح نظر إلى أن
الواو لا تقتضي الترتيب، فعطف بالواو النقل على الحذف.
قوله: "وهذا" أي: تحريك الفاء بحركة العين واضح في الأولين
أي: خاف وكاد؛ لأن أصلهما خوف وكود بكسر الواو. وقوله:
وأما الأخيران أي: باع ودان. وقوله: فقيل: تحويله، مقتضى
الظاهر تحويلهما، ولعله أفرد باعتبار كل أو المذكور.
قوله: "فقيل... إلخ" في تقديمه على القول بعده وعزوه لكثير
من النحويين إشعار بترجيحه، ويرجحه أيضًا ظهور سبب حذف
العين عليه دون ما بعده، فتأمل. قوله: "ثم تنقل الحركة"
يصح قراءته بالنصب بأن مضمرة عطفًا على تحويله أي: ثم يقدر
نقل الحركة وبالرفع عطفًا على يقدر أي: ثم تنقل الحركة
المقدرة والمآل واحد. قوله: "لما حذفت العين" أي: بلا نقل
حركتها. قوله: "عن ياء مفتوحة... إلخ" لعل اقتصاره في
الياء على الفتح والكسر مع ذكرهما وذكر الضم في الواو لعدم
الضم في الياء، ثم رأيت شيخنا السيد جزم به. قوله: "إنها
للكسرة" أي: لوجودها في بعض أحوال الكلمة. قوله: "مع
المستعلى" أي: الخاء والطاء، وهذا القيد لبيان الواقع في
المثالين، وللإشارة إلى أن حرف الاستعلاء غير مانع هنا من
الإمالة، وإن منع منها في مواضع أخر، كما سيأتي. قوله:
"طلبًا للكسرة" أي: للدلالة عليها. وقوله: في خفت أي:
وطبت.
قوله: "إمالة نحو: خاف وطاب" أي: لأجل الكسرة العارضة في
بعض أحوالهما، لا لأجل
ج / 4 ص -315-
كذاكَ تِالِي اليَا والفَصْلُ اغْتُفِرْ
بحَرْفٍ أو مع هَا كجَيْبَهَا أدِرْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يفرقون بين ذوات الواو نحو: خاف فلا يميلون، وبين ذوات
الياء نحو: طاب فيميلون.
الثالث: أفهم قوله: بدل عين الفعل، أن بدل عين الاسم لا
تمال مطلقًا. وفصل صاحب المفصل بين ما هي عن ياء نحو: ناب
وعاب بمعنى العيب فيجوز، وبين ما هي عن واو نحو: باب ودار
فلا يجوز؛ لكنه ذكر بعد ذلك فيما شذ عن القياس إمالة عاب،
وصرح بعضهم بشذوذ إمالة الألف المنقلبة عن ياء عينًا في
اسم ثلاثي، وهو ظاهر كلام سيبويه، وصرح ابن إياز في شرح
فصول ابن معطي بجواز إمالة المنقلبة عن الواو المكسورة
كقولهم: رجل مال أي: كثير المال، ونال أي: عظيم العطية،
والأصل: مول ونول، وهما من الواواي لقولهم: أموال وتمول
والنول، وانكسار الواو لأنهما صفتان مبنيتان للمبالغة،
والغالب على ذلك كسر الغين.
وأشار إلى السبب الرابع بقوله: "كذاك تالي اليا والفصل
اغتفر بحرف أو مع ها كجيبها أدر" أي: تمال الألف التي تتلو
ياء أي: تتبعها متصلة بها نحو: سيال بفتحتين لضرب من شجر
العضاه، أو منفصلة بحرف نحو: شيبان، أو بحرفين ثانيهما هاء
نحو: جيبها أدر، فإن كانت منفصلة بحرفين ليس أحدهما هاء،
أو بأكثر من حرفين امتنعت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الياء في طاب لما أسلفه الشارح من أن أهل الحجاز يميلون
لأجل الكسرة لا لأجل الياء، وبهذا يترجح مذهب السيرافي
المتقدم على مذهب ابن هشام الخضراوي. قوله: "فلا يميلون"
لعله لعدم تقوي الكسرة العارضة في بعض أحوال الكلمة
بالياء، بخلاف الكسرة في ذوات الياء؛ فإنها متقوية بالياء.
قوله: "لا تمال مطلقًا" أي: سواء كانت منقلبة عن ياء أو
واو، وسواء كانت منقلبة عن حرف مكسور أو غير مكسور. قوله:
"وصرح بعضهم" تأييد للاستدراك. وقوله: وصرح ابن إياز...
إلخ قول ثالث. قوله: "وتمول" بصيغة الماضي أو المصدر، وإن
اقتصر شيخنا والبعض على الأول. قوله: "والنول" بفتح النون
وسكون الواو. قوله: "والغالب على ذلك كسر العين" كأنه
احتراز من الوصف بالمصدر الساكن العين للمبالغة نحو: رجل
عدل، ولعل المانع منه في نال انقلاب عينه ألفًا؛ إذ لو
كانت عينه وهي الواو ساكنة لكان قلبها ألفًا خلاف القياس،
فتدبر.
قوله: "كذاك" أي: كالسابق في جواز الإمالة الألف تالي
الياء. قوله: "أو مع ها" قال المكودي: معطوف على مقدر
التقدير بحرف وحده أو مع ها. وقال الشاطبي: معطوف على حرف؛
لكن على تقدير: أو حرف مع ها؛ كأنه قال: مع حرف واحد أو
حرف مع ها. قوله: "لضرب من شجر العضاه" بكسر العين المهملة
آخره هاء جمع عضاهة. قال في القاموس: العضاهة بالكسر أعظم
الشجر أو الخمط أو كل ذات شوك أو ما عظم منها وطال كالعضه
كعنب، والعضهة كعنبة، والجمع عضاه وعضون وعضوات. اهـ.
قوله: "ثانيهما هاء" هذا التعبير مخالف لعبارة الناظم هنا
موافق لعبارته في التسهيل الآتية في كلام الشارح، ولو قال:
أحدهما هاء؛ لكان أولى؛ لأنه الموافق لعبارة المصنف هنا
ولقول الشارح بعد: والظاهر جواز إمالة... إلخ فعلم فساد
جعل شيخنا قوله: ثانيهما هاء من المبادرة بالإصلاح، وهي من
الصلاح. قوله: "بحرفين ليس أحدهما هاء" نحو: بيننا، أو
بأكثر من حرفين نحو: عيشتنا. قوله:
ج / 4 ص -316-
كَذَاكَ ما يَلِيهِ كَسْرٌ أو يَلِي
تَالِي كَسْر أو سُكون
قَدْ وَلِي
كَسْرًا وفَصْلُ الها كَلا فصل يُعَد
فدِرْهَمَاكَ مَنْ يُمِلْهُ لم يُصَد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإمالة.
تنبيهات: الأول: إنما اغتفر الفصل بالهاء لخفائها، فلم تعد
حاجزًا.
الثاني: قال في التسهيل: أو حرفين ثانيهما هاء، وقال هنا:
أو مع ها، فلم يقيد بكون الهاء ثانة، وكذا فعل في الكافية.
والظاهر جواز إمالة هاتان شويهتاك؛ لما سيأتي من أن فصل
الهاء كلا فصل، وإذا كانت الهاء ساقطة من الاعتبار
فشويهتاك مساوٍ لنحو شيبان.
الثالث: أطلق قوله: أو مع ها، وقيده غيره بألا يكون قبل
الهاء ضمة نحوك هذا جيبها؛ فإنه لا يجوز فيه الإمالة.
الرابع: الإمالة للياء المشددة في نحو: بياع أقوى منها في
نحو: سيال، والإمالة للياء الساكنة في نحو: شيبان أقوى
منها في نحو: حيوان.
الخامس: قد سبق أن من أسباب الإمالة وقوع الياء قبل الألف
أو بعدها، ولم يذكر هنا إمالة الألف لياء بعدها وذكرها في
الكافية والتسهيل، وشرطها إذا وقعت بعد الألف أن تكون
متصلة نحو: بايعته وسايرته، ولم يذكر سيبويه إمالة الألف
للياء بعدها، وذكرها ابن الدهان وغيره، وأشار إلى السبب
الخامس بقوله: "كذاك ما يليه كسر أو يلي تالي كسر أو سكون"
أي: أو يلي تالي سكون "قد ولي كسرا وفصل الها كلا فصل يعد
فدرهماك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"بألا يكون قبل الهاء ضمة" أي: عند تأخر الهاء عن الحرف
الآخر، ولا يبعد -كما قاله سم- أن يكون ضم الهاء عند
تقدمها كضم ما قبلها في اقتضاء المنع له. قوله: "فإنه لا
يجوز فيه الإمالة" لأن الضمة فيها ارتفاع في النطق،
والإمالة فيها انخفاض، فتدافعتا. همع. قوله: "الإمالة
للياء المشددة... إلخ" أي: لتكرر السبب وهو الياء. وقوله:
والإمالة للياء الساكنة... إلخ أي: لأن انخفاض الصوت
بالساكنة أظهر منه في المتحركة. اهـ تصريح. أي: فالساكنة
أقرب من المتحركة للكسرة.
قوله: "أو بعدها" قال الحفيد: مراده بالياء بعد الألف
الياء المفتوحة؛ لأن المكسورة كما في مبايع لا تأثير لها
في الإمالة؛ وإنما التأثير فيها للكسرة، بدليل جواز
الإمالة مع وجود الكسرة وعدم الياء. اهـ. ولم يصرح في
المضمومة بشيء، وظاهر كلامه أولًا أنها لا تؤثر الإمالة،
وظاهر كلامه آخرًا تأثيرها، ويرد على تعليله أنه يجوز
اجتماع السببين وانفرادهما، فتدبر. قوله: "أن تكون متصلة"
ينبغي أو منفصلة بالهاء كشاهين. سم.
قوله: "ولم يذكر سيبويه... إلخ" أي: فالناظم تبع سيبويه.
قوله: "كذاك ما" أي: ألف والهاء في يليه والضمير في أو يلي
يرجعان إلى ما، والضمير في ولي يرجع إلى السكون. قوله:
"فدرهماك... إلخ" وذكر ابن الحاجب أن إمالة ذلك شاذة، وهو
ظاهر؛ لأن أقلَّ درجات الساكن والهاء أن ينزلا منزلة حرف
واحد متحرك غيرهما، ولا إمالة مع الفصل بمتحركين، قاله
المصرح.
ج / 4 ص -317-
وحَرْفُ الاستعلا يَكُفُّ مُظْهَرَا
من كَسْرٍ او يَا وكذا
تكف زَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من يمله لم يصد" أي: كذا تمال الألف إذا وليها كسرة نحو:
عالم ومساجد، أو وقعت بعد حرف يلي كسرة نحو: كتاب، أو بعد
حرفين وليا كسرة أولهما ساكن نحو: شملال، أو كلاهما متحرك
ولكن أحدهما هاء نحو: يريد أن يضربها، أو ثلاثة أحرف أولها
ساكن وثانيها هاء نحو: هذان درهماك، وهذا والذي قبله
مأخوذان من قوله: وفصل الها كلا فصل يعد. فإنه إذا سقط
اعتبار الهاء من الفصل ساوى أن يضربها نحو: كتاب ودرهماك
نحو: شملال. وفهم من كلامه أن الفصل إذا كان بغير ما ذكر
لم تجز الإمالة.
تنبيه: أطلق في قوله: وفصل الها كلا فصل، وقيده غيره بألا
ينضم ما قبلها احترازًا من نحو: يضربها؛ فإنه لا يمال، وقد
تقدم مثله في الياء.
ولما فرغ من ذكر الغالب من أسباب الإمالة شرع في ذكر
موانعها فقال: "وحرف الاستعلا يكف مظهرا" أي: يمنع تأثير
سبب الإمالة الظاهر "من كسر أو يا وكذا تكف را" يعني: أن
موانع الإمالة ثمانية أحرف، منها سبعة تسمى أحرف
الاستعلاء، وهي ما في أوائل هذه الكلمات: "قد صاد ضرار
غلام خالي طلحة ظليمًا". والثامن الراء غير المكسورة، فهذه
الثمانية تمنع إمالة الألف وتكف تأثير سببها إذا كان كسرة
ظاهرة على تفصيل يأتي. وعلة ذلك أن السبعة الأولى تستعلي
إلى الحنك؛ فلم تمل الألف معها طلبًا للمجانسة، وأما الراء
فشبهت بالمستعلية؛ لأنها مكررة. وقيد بالمظهر للاحتراز من
السبب المنوي؛ فإنها لا تمنعه، فلا يمنع حرف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "إذا وليها كسرة" أي: ظاهرة كما مثل، أو مقدرة كما
في حاد؛ إذ أصله حادد. قوله: "نحو: شملال" بالشين المعجمة
وهي الناقة الخفيفة. تصريح. قوله: "من ذكر الغالب" قيد به؛
لأن من أسباب الإمالة التناسب، وسيذكره بعد، والياء بعد
الألف ولم يذكرها. قوله: "أي: يمنع تأثير" أشار إلى أن قول
المصنف: يكف مظهرا على حذف مضاف أي: يكف تأثير مظهر.
قوله: "وكذا تكف را" أي: عند جمهور العرب، وبعضهم يميل ولا
يلتفت إلى الراء. همع. قوله: "وهي ما في أوائل هذه
الكلمات" اعترضه البعض تبعًا لشيخنا بأن فيه ظرفية الشيء
في نفسه، ويمكن دفعه بأن المراد بالأوائل ما قابل الأواخر،
فتكون الظرفية من ظرفية الجزء في الكل. قوله: "ظليمًا"
مفعول صاد والظليم كأمير ذكر النعام. قوله: "إذا كان كسرة
ظاهرة" اقتصر عليها مع ذكر المصنف للياء أيضًا للنزاع فيها
كما سيأتي. قوله: "لأنها مكررة" أي: قابلة للتكرير إذا
شددت أو سكنت؛ فكأنها أكثر من حرف واحد، فلها قوة. قوله:
"من السبب المنوي" هو في قاض وقفا وماص كسرة زائلة للوقف
والإدغام في خاف وطاب كسرة تعرض في بعض أحوالهما أو كسرة
الواو المنقلبة ألفًا في خاف والياء المفتوحة المنقلبة
ألفًا في طاب على الخلاف السابق في الشرح، والمراد بكون
الكسرة والياء في خاف وطاب منويتين كونهما غير ظاهرتين
واعتبارهما؛ لكن إجراء كلامه هنا على الوجه الأول هو
الموافق لاقتصار الشارح على الكسرة، وإجراؤه على الثاني هو
الموافق لذكر المصنف الكسرة والياء. قوله: "فإنها لا
تمنعه" لأنه خفي، فلو منعته لانتفى
ج / 4 ص -318-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاستعلاء إمالة الألف في نحو: هذا قاض في الوقف، ولا هذا
ماص أصله ماصص، ولا إمالة باب خاف وطاب كما سبق.
تنبيهات: الأول: قوله: أو يا، تصريح بأن حرف الاستعلاء
والراء غير المكسورة تمنع الإمالة إذا كان سببها ياء
ظاهرة، وقد صرح بذلك في التسهيل والكافية؛ لكنه قال في
التسهيل: الكسرة والياء الموجودتين، وفي شرح الكافية:
الكسرة الظاهرة والياء الموجودة، ولم يمثل لذلك. وما قاله
في الياء غير معروف في كلامهم؛ بل الظاهر جواز إمالة نحو:
طغيان وصياد وعريان وريان. وقد قال أبو حيان: لم نجد ذلك
يعني: كف حرف الاستعلاء والراء في الياء؛ وإنما يمنع مع
الكسرة فقط.
الثاني: إنما يكف المستعلي إمالة الاسم خاصة. قال الجزولي:
ويمنع المستعلي إمالة الألف في الاسم ولا يمنع في الفعل من
ذلك نحو: طاب وبغى، وعلته أن الإمالة في الفعل تقوى ما لا
تقوى في الاسم؛ ولذلك لم ينظر إلى أن ألفه من الياء أو من
الواو؛ بل أميل مطلقًا.
الثالث: إنما لم يقيد الراء بغير المكسورة للعلم بذلك من
قوله بعد: وكف مستعل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما يدل عليه من الإمالة بخلاف الظاهر؛ فإنه غني بظهوره عن
دلالة الإمالة عليه.
قوله: "ولا إمالة باب خاف وطاب" كذا في بعض النسخ، ولا
إشكال فيها. وفي أخرى: ولا إمالة ناب وخاف وطاب، فيكون ذكر
ناب بناء على ما قدمه عن الزمخشري من جواز إمالة عين الاسم
إذا كانت عن ياء. قوله: "لكنه قال في التسهيل... إلخ"
استدراك على قوله: صرح، دفع به إيهامه أن المصنف في
التسهيل والكافية عبر بالظهور في جانبي الكسرة والياء،
والمراد بالوجود الظهور كما يصرح به مقابلته في التسهيل
الموجودتين بالمنويتين، فالاختلاف في العبارة فقط، وعبارة
التسهيل: فإن تأخر عن الألف مستعل متصل أو منفصل بحرف أو
حرفين غلب في غير شذوذ الياء والكسرة الموجودتين، إلى أن
قال: لا المنويتين. اهـ. قال الدماميني: المراد بغلبته
منعه من الإمالة. قوله: "ولم يمثل لذلك" عبارة الفارضي:
ولم يمثل للياء بشيء. قوله: "نحو: طغيان... إلخ" وكذا نحو:
بياض، وهذا أبيارك مما تأخر فيه حرف الاستعلاء والراء عن
الألف.
قوله: "وإنما يمنع" أي: ما ذكر من حرف الاستعلاء والراء
غير المكسورة مع الكسرة فقط، هذا يقتضي أن الياء أقوى من
الكسرة، وتقدم أن الراجح العكس، ويمكن أن يكون هذا هو
الحامل للناظم على زيادة الياء. قوله: "من ذلك نحو: طاب
وبغى" استشكله سم بأن السبب فيهما مقدر، ولا يمنع المانع
الإمالة لأجله لا في الاسم ولا في الفعل حتى يفرق بين
الاسم والفعل؛ وإنما الكلام في السبب الظاهر. فما ذكره
الجزولي لا يخالف ما قاله المصنف. قوله: "تقوى ما لا تقوى
في الاسم" يكفي دليلًا على ذلك ما ذكره بعد: وقول البعض:
إنه لا يجدي نفعًا غير مسلم. قوله: "إلى أن ألفه" أي:
الفعل. قوله: "للعلم بذلك من قوله... إلخ" وجه العلم أن
المكسورة مانعة
ج / 4 ص -319-
إِنْ كان ما يَكُفُّ بَعْدُ مُتصِلْ
أو بعد حرفٍ أو بحرفين فُصِلْ
كذا إذا قُدِّمَ ما لم يَنكسِرْ
أو يَسْكُنِ اثْر الكسر كالْمِطْوَاع مِرْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وراء ينكف بكسر را.
وأشار بقوله: "إن كان ما يكف بعد متصل او بعد حرف أو
بحرفين فصل" إلى أنه إذا كان المانع المشار إليه -وهو حرف
الاستعلاء أو الراء- متأخرًا عن الألف، فشرطه أن يكون
متصلًا نحو: فاقد وناصح وباطل وباخل، ونحو: هذا عذارك
ورأيت عذارك، أو منفصلًا نحو: منافق ونافخ وناشط، ونحو:
هذا عاذرك ورأيت عاذرك، أو بحرفين نحو: مواثيق ومنافيخ
ومواعيظ، ونحو: هذه دنانيرك وأريت دنانيرك، أما المتصل
والمنفصل بحرف فقال سيبويه: لا يميلهما أحد إلا من يؤخذ
بلغته. وأما المنفصل بحرفين فنقل سيبويه إمالته عن قوم من
العرب لتراخي المانع. قال سيبويه: وهي لغة قليلة. وجزم
المبرد بالمنع في ذلك، وهو محجوج بنقل سيبويه. وقد فهم مما
سبق أن حرف الاستعلاء أو الراء لو فصل بأكثر من حرفين لم
يمنع الإمالة. وفي بعض نسخ التسهيل الموثوق بها: وربما غلب
المتأخر رابعًا، ومثال ذلك يريد أن يضربها بسوط، فبعض
العرب يغلب في ذلك حرف الاستعلاء وإن بعد.
وأشار بقوله: "كذا إذا قدم ما لم ينكسر أو يسكن اثر الكسر
كالمطواع مر" إلى أن المانع المذكور إذا كان متقدمًا على
الألف اشترط لمنعه ألا يكون مكسورًا ولا ساكنًا بعد كسرة،
فلا تجوز الإمالة في نحو: طالب وصالح وغالب وظالم وقاتل
وراشد، بخلاف نحو: طلاب وغلاب وقتال ورجال، ونحو: إصلاح
ومقدام ومطواع وإرشاد.
تنبيهات: الأول: من أصحاب الإمالة من يمنع الإمالة في هذا
النوع وهو الساكن إثر الكسر لأجل حرف الاستعلاء، ذكره
سيبويه. ومقتضى كلامه في التسهيل والكافية أن الإمالة فيه
وتركها على السواء. وعبارة الكافية:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للمانع فلا تكون مانعة للإمالة. قوله: "بعد" حال، ومتصل
خبر كان وقف عليه بالسكون على لغة ربيعة، هذا ما قاله
شيخنا تبعًا لغيره، وهو أنسب بالمقصود من العكس الذي صنعه
البعض. قوله: "أو بحرفين" هل يغتفر هنا الفصل بحرفين وهاء
أخذًا مما سبق أولًا، أخذًا من إطلاقه وإطلاق الشارح، توقف
في ذلك شيخنا وغيره، وتطلبته في همع الهوامع وشرح التسهيل
وغيرهما فلم أجده.
قوله: "فنقل سيبويه... إلخ" أي: فيكون قول المصنف: أو
بحرفين باعتبار لغة الجمهور. قوله: "قال سيبويه" من وضع
الظاهر موضع المضمر. قوله: "وجزم المبرد بالمنع في ذلك"
أي: عند جميع العرب بقرينة قوله: وهو محجوج... إلخ. قوله:
"كذا متعلق بمحذوف" أي: يمنع ما يكف إذا قدم كذا أي:
كالمتأخر المفهوم من قوله: إن كان ما يكف بعد إذا قدم أي:
ما يكف، وأو لنفي الأمرين معًا، كما هو شأنها بعد النفي
والنهي. قوله: "كالمطواع" أي: كثير الطوع مر من ماره أي:
أتاه بالميرة وهي الطعام، أو أعطاه مطلقًا، وهو أشهر، قاله
الشاطبي. قوله: "ورجال" الصواب إسقاطه؛ إذ لا مانع فيه؛
لأن الراء المانعة هي الراء غير المكسورة كما مر، ولو قال:
بدله ورشاد لكان مناسبًا.
ج / 4 ص -320-
وكَفُّ مُستعلٍ وَرَا يَنْكَفُّ
بكسر رَا كغَارِمًا لا أَجْفُو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كذا إذا قدم ما لم ينكسر
وخير إن سكن بعد منكسر
كذا في شرحها. وإن سكن بعد كسر جاز أن يمنع وألا يمنع نحو:
إصلاح، وهو يخالف ما هنا.
الثاني: ظاهر قوله -كذا إذا قدم- أنه يمنع ولو فصل عن
الألف، والذي ذكره سيبويه وغيره أن ذلك إذا كانت الألف
تليه نحو: قاعد وصالح.
"وكف مستعل وراء ينكف بكسر را كغارمًا ولا أجفو" يعني: أنه
إذا وقعت الراء المكسورة بعد الألف كفت مانع الإمالة، سواء
كان حرف استعلاء أو راء غير مكسورة، فيمال نحو:
{وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ} وغارم وضارب وطارق، ونحو:
{دَارُ الْقَرَارِ} ولا أثر فيه لحرف الاستعلاء ولا للراء غير
المكسورة؛ لأن الراء المكسورة غلبت المانع وكفته عن المنع،
فلم يبقَ له أثر.
تنبيهات: الأول: من هنا علم أن شرط كون الراء مانعة من
الإمالة أن تكون غير مكسورة؛ لأن المكسورة مانعة للمانع،
فلا تكون مانعة.
الثاني: فهم من كلامه جواز إمالة نحو:
{إِلَى حِمَارِكَ} بطريق الأولى؛ لأنه إذا كانت الألف تمال
لأجل الراء المكسورة مع وجود المقتضي لترك الإمالة -وهو
حرف الاستعلاء أو الراء التي ليست مكسورة- فإمالتها مع عدم
المقتضي لتركها أولى.
الثالث: قال في التسهيل: وربما أثرت -يعني الراء منفصلة-
تأثيرها متصلة، وأشار
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "ظاهر قوله... إلخ" أي: حيث أطلق؛ بل هو صريح مثاله
واشتراطه عدم كسر المانع وعدم سكونه بعد كسر؛ إذ لو شرط
الاتصال للغا اشتراطه ما ذكر؛ إذ لا يتصور مع اتصال المانع
انكساره ولا سكونه بعد كسر حتى يشترط عدمهما. قوله: "إذا
كانت الألف تليه" فالفصل لا يغتفر في المتقدم ويغتفر في
المتأخر على ما مر؛ لأن المنع بالمتأخر أقوى من المنع
بالمتقدم لصعوبة التصعد بعد التسفل بخلاف العكس. قوله:
"ورا" أي: وكف را بالتنوين ولا بد؛ كقولهم: شربت ما، وترك
تنوينه خطأ، كذا قال الشاطبي، وتقدم عند قوله: وبيا اجرر
وانصب... إلخ نحو ذلك، وأنه لا يحذف التنوين إلا ضرورة،
وقدمنا أنه يحذف أيضًا للوصل بنية الوقف، وسيأتي عند قوله:
ذو اللين فاتا في افتعال أبدلا
مزيد كلام فيه. قوله: "ينكف بكسر را" لأن الراء
المكسورة بمنزلة حرفين مكسور فقوت جنب الإمالة، وهذا عند
جمهور العرب، وبعضهم يجعل الراء المكسورة مانعة من الإمالة
كالمفتوحة والمضمومة. همع. قوله: "بعد الألف" فإن كانت
قبلها لم تؤثر كما في
{وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال: 60] لئلا يلزم التصعد بعد التسفل.
سم. قوله: "كفت مانع الإمالة" محل كف الراء المكسورة حرف
الاستعلاء إذا تقدم على الألف دون ما إذا تأخر عنها لسهولة
التسفل بعد التصعد وصعوبة العكس، كذا في همع الهوامع
وغيره. قال سم: وحينئذ يشكل تمثيل الشارح بطارق. اهـ. ولم
يتعرضوا لهذا التقييد في الراء غير المكسورة، وقضية
تعليلهم عدم التقييد فيها لعدم استعلائها، فتأمل. قوله:
"ونحو:
{دَارُ الْقَرَارِ}"
الشاهد في القرار. قوله: "وربما أثرت... إلخ" هذه العبارة
تفيد أن
ج / 4 ص -321-
ولا تُمِلْ لسببٍ لَمْ يَتَّصِلْ
والكَفُّ قد يُوجِبُهُ ما يَنْفَصِلْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بذلك إلى أن الراء إذا تباعدت عن الألف لم تؤثر إمالة في
نحو:
{بِقَادِرٍ} أي: لا تكف مانعها وهو القاف،
ولا تفخيمًا في نحو: هذا كافر. ومن العرب من لا يعتد بهذا
التباعد فيميل الأول ويفخم الثاني. ومن إمالة الأول قوله:
1263-
عسى الله يُغني عن بلاد ابن قادر
قال سيبويه: والذين يميلون كافر أكثر من الذين يميلون بقادر.
"ولا تمل لسبب لم يتصل" بأن يكون منفصلًا من كلمة أخرى،
فلا تمال ألف سابور للياء قبلها في قولك: رأيت يدي سابور،
ولا ألف مال للكسرة قبلها في قولك: لهذا الرجل مال. وكذلك
لو قلت: ها إن ذي عذرة، لم تمل ألف ها لكسرة أن؛ لأنها من
كلمة أخرى. والحاصل أن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الراء إذا انفصلت لم تؤثر غالبًا، وأنها قد تؤثر مع الفصل،
وقد ذكر الشارح الأول بقوله: إن الراء إذا تباعدت... إلخ،
وذكر الثاني بقوله: ومن العرب... إلخ. قوله: "يعني الراء"
أي: سواء كانت مانعة للإمالة وهي غير مكسورة، أو كافة
لمانع الإمالة وهي المكسورة كما يدل عليه ما بعده. قوله:
"إذا تباعدت عن الألف" أي: ولو بحرف كما يفهم من المثال،
ومن هنا يعلم أن كلام المتن في راء متصلة. سم.
قوله: "ولا تفخمًا في نحو: هذا كافر" أي: لا تمنع هذه
الراء المضمومة إمالة الألف لكسرة الفاء؛ بل تمال، ومقتضى
كلام التسهيل المذكور وتقرير الشارح له أن الإمالة في نحو:
هذا كافر هي اللغة المشهورة، وأن التفخيم لغة قليلة، ولا
يخفى -وإن لم ينتبه له شيخنا والبعض- أن هذا مصادم لما
ذكره الشارح نقلًا عن سيبويه عند قول المصنف: إن كان ما
يكف... إلخ، من أن المانع المتصل بالألف نحو: ناصح وهذا
عذارك، والمنفصل بحرف نحو: ناشط وهذا عاذرك، لا يميل معهما
أحد؛ إلا مَن يؤخذ بلغته، وقول شيخنا السيد: الكثرة هنا
إضافية، فلا تنافي ما مر، لا يخفى ما فيه؛ لكن المصرح به
في التوضيح وحواشي زكريا وغيرهما أن الاتصال شرط أي: أغلبي
في منع الراء غير المكسورة للإمالة، وفي كف المكسورة لمانع
الإمالة، وهو موافق لما في الشرح هنا.
قوله: "والذين يميلون كافر" برفع كافر على الحكاية. قوله:
"لسبب لم يتصل" أي: سواء كان كسرة أو ياء، وسواء تقدم على
الألف أو تأخر؛ ولهذا عدد الشارح الأمثلة؛ لكن ترك مثال
الياء المتأخرة. قوله: "ها إن ذي عذرة" قال شيخنا السيد
نقلًا عن المختار: العذرة بكسر العين المهملة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1263- عجزه:
بمنهمر جَوْنِ الرباب سكوب
والبيت من الطويل، وهو لهدبة بن خشرم في ديوانه
ص76، وخزانة الأدب 9/ 328، والكتاب 3/ 159، 4/ 139،
ولسماعة النعافي في شرح أبيات سيبويه 2/ 141، وشرح التصريح
2/ 351، ولسان العرب 15/ 55 "عا" ولسماعة أو لرجل من باهلة
في شرح شواهد الإيضاح ص620، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/
358، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص678، وشرح المفصل 7/
117، 9/ 62، واللمع ص333، والمقتضب 3/ 48، 69.
ج / 4 ص -322-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شرط تأثير سبب الإمالة أن يكون من الكلمة التي فيها الألف.
تنبيهان: الأول: يستثنى من ذلك ألف ها التي هي ضمير
المؤنثة في نحو: لم يضربها، وأدرجيبها؛ فإنها قد أميلت
وسببها منفصل أي: من كلمة أخرى.
الثاني: ذكر غير المصنف أن الكسرة إذا كانت منفصلة عن
الألف؛ فإنها قد تمال الألف لها، وإن كانت أضعف من الكسرة
التي معها في الكلمة. قال سيبويه: وسمعناهم يقولون لزيد
مال فأمالوا للكسرة، فشبهوه بالكلمة الواحدة، فقد بان لك
أن كلام المصنف ليس على عمومه، فكان اللائق أن يقول:
وغيرها ليا انفصال لا تمل
وإنما كان ذلك دون الكسرة لما سبق من أن الكسرة أقوى من
لياء.
"والكف قد يوجبه ما ينفصل" من الموانع، كما في نحو: يريد
أن يضربها، قيل: فلا تمال الألف؛ لأن القاف بعدها وهي
مانعة من الإمالة، وإنما أثر المانع منفصلًا ولم يؤثر
السبب منفصلًا؛ لأن الفتح -أعني ترك الإمالة- هو الأصل
فيصار إليه لأدنى سبب، ولا يخرج عنه إلا لسبب محقق.
تنبيهات: الأول: فهم من قوله: قد يوجبه أن ذلك ليس عند كل
العرب، فإن من العرب من لا يعتد بحرف الاستعلاء إذا ولي
الألف من كلمة أخرى فيميل، إلا أن الإمالة عنده في نحو:
مررت بمال ملق، أقوى منها في نحو: بمال قاسم.
الثاني: قال في شرح الكافية: إن سبب الإمالة لا يؤثر إلا
متصلًا، وإن سبب المنع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العذر وبضمها البكارة. قوله: "ألف ها... إلخ" قال سم: هذه
الألف يعلم استثناؤها من قول المصنف السابق كجيبها أدر،
فذاك مخصص لهذا بغير ألف ها، كما أن هذا مخصص لذاك بغير
المنفصل. اهـ. وقال ابن غازي: لا حاجة إلى استثنائها؛ إذ
مثل هذا يعد متصلًا. قوله: "فإنها قد تمال الألف لها"
للمصنف أن يحمله على الشذوذ. قوله: "وإن كانت أضعف" أي: في
اقتضاء الإمالة، ولا وجه لأفعل التفضيل؛ إذ لا ضعف في
الكسرة المتصلة، واعتذار شيخنا عنه بأنه على غير بابه يمنع
منه اقترانه بمن. قوله: "ليس على عمومه" أي: بل دخله
تخصيصان. قوله: "وغيرها ليا انفصال لا تمل" أي: لا تمل غير
كلمة ها لأجل ياء منفصلة. قوله: "لسبب محقق" المناسب لسبب
قوي.
قوله: "نحو: مررت بمال ملق" استشكل هذا التمثيل بأن السياق
لمن لا يعتد من العرب بحرف الاستعلاء مع اعتداد غيره به،
وحرف الاستعلاء في هذا المثال لا يعتد به من يعتد بحرف
الاستعلاء لانفصاله بأكثر من حرفين، ولا اعتداد بما هو
كذلك كما تقدم، كذا قال شيخنا وتبعه البعض، وزاد أن عدم
الاعتداد بالمنفصل بالأكثر مجمع عليه، وهو غفلة عما أسلفه
الشارح نقلًا عن بعض نسخ التسهيل الموثوق بها من أنه قد
يؤثر حرف الاستعلاء منع الإمالة مع كونه رابعًا نحو: يريد
أن يضربها بسوط؛ وحينئذ يستقيم كلام الشارح هنا، فتدبر.
قوله: "قال في شرح الكافية... إلخ"
ج / 4 ص -323-
وقد أمالوا لتناسب بلا
داعٍ سواها كعِمَادَا وتَلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قد يؤثر منفصلًا، فيقال: أتى أحمد بالإمالة، وأتى قاسم
بترك الإمالة، وتبعه الشارح في هذه العبارة، وفي التمثيل
بأتى قاسم نظر، فإن مقتضاه أن حرف الاستعلاء يمنع إمالة
الألف المنقلبة عن ياء، وليس كذلك، فلعل التمثيل بأيا التي
هي حرف نداء فصحفها الكتاب بأتى التي هي فعل.
الثالث: في إطلاق الناظم منع السبب المنفصل مخالفة لكلام
غيره من النحويين. قال ابن عصفور في مقربه: وإذا كان حرف
الاستعلاء منفصلًا عن الكلمة لم يمنع الإمالة إلا فيما
أميل لكسرة عارضة نحو: بمال قاسم، أو فيما أميل من الألفات
التي هي صلات الضمائر نحو: أراد أن يعرفها قبل، انتهى.
ولولا ما في شرح الكافية لحملت قوله في النظم: والكف قد
يوجبه... إلخ على هاتين الصورتين؛ لإشعار قد بالتقليل.
"وقد أمالوا لتناسب بلا ذاع سواه كعمادا وتلا" هذا هو
السبب السادس من أسباب الإمالة وهو التناسب، وتسمى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المقصود منه قوله: فيقال أتى أحمد بالإمالة، وأتى قاسم
بترك الإمالة. قوله: "أتى أحمد" اعترض بأن السبب لا يقال
فيه متصل أو منفصل إلا إذا كان خارجًا عن الألف الممالة
بأن كان قبلها أو بعدها، والسبب هنا قائم بنفس الألف وهو
إبدالها عن الياء في الطرف، وبأنه لا حاجة لذكر أحمد؛ بل
ذكره يوهم توقف الإمالة عليه كتوقف منع الإمالة على قاسم
مع أنه ليس كذلك.
قوله: "وليس كذلك" لما مر من أن حرف الاستعلاء لا يكف مع
اتصاله السبب المقدر، فكيف يكفه مع انفصاله والمثال الجيد
كتاب قاسم. قوله: "بأيا التي هي حرف نداء" أي: فقاف قاسم
تمنع إمالة الألف للياء الظاهرة قبلها؛ لكن هذا إنما يصح
على ما مر في النظم، لا على ما قدمه الشارح من أن حرف
الاستعلاء إنما يكف الكسرة الظاهرة ولا يكف الياء مطلقًا،
بقي أنه سيأتي أن الحروف لا تمال إلا ألفاظ سمعت إمالتها
شذوذًا ذكروا منها يا كما سيذكره الشارح، ولم أرَ بعد
المراجعة من ذكر منها أيا، ومن المعلوم أن الشاذ لا يقاس
عليه؛ فحينئذ لا تصح إمالة ألف أيا حتى يستقيم كلام
الشارح، وبهذا يعلم ما في كلام البعض من الخلل، فتأمل.
قوله: "في إطلاق الناظم... إلخ" تبع فيه صاحب التوضيح، ولا
يخفى أن مجرد كلام ابن عصفور لا ينهض حجة على المصنف، ولا
يقتضي أن نصوص النحويين بخلاف ما قاله. اهـ سم.
قوله: "إلا فيما أميل لكسرة عارضة نحو: بمال قاسم" فإن
الكسرة فيه عارضة بدخول عامل الجر؛ وإنما غلب المنفصل
الكسرة العارضة لضعفها فيكفها أدنى مانع. وقوله: أو فيما
أميل... إلخ أي: لأن الضمير مع ما قبله كالكلمة الواحدة.
قوله: "ولولا ما في شرح الكافية... إلخ" هذا كلام الموضح
عقب نقله كلام ابن عصفور، ولا يخفى أن ما في شرح الكافية
لا يمنع صحة حمل كلامه هنا على الصورتين لجواز أن يكون
الناظم مخالفًا هنا لما في شرح الكافية كما يقع ذلك كثيرًا
له ولغيره من الأئمة.
قوله: "على هاتين الصورتين" أي: صورة الكسرة العارضة وصورة
الألفات التي هي صلات الضمائر. قوله: "بلا داع سواه"
فائدته بيان أن التناسب سبب مستقل؛ إذ لو اقتصر على ما
قبله لم
ج / 4 ص -324-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإمالة للإمالة، والإمالة لمجاورة الممال. وإنما أخره
لضعفه بالنسبة إلى الأسباب المتقدمة. ولإمالة الألف لأجل
التناسب صورتان؛ إحداهما: أن تمال لمجاورة ألف ممالة
كإمالة الألف الثانية في رأيت عمادًا؛ فإنها لمناسبة الألف
الأولى؛ فإنها ممالة لأجل الكسرة، والأخرى أن تمال لكونها
آخر مجاور ما أميل آخره كإمالة ألف تلا من قوله تعالى:
{وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا} [الشمس: 2] فإنها إنما أميلت لمناسبة ما بعدها مما ألفه عن ياء
أعني: جلاها ويغشاها.
تنبيهان: الأول: ليس بخافٍ أن تمثيله بتلا إنما هو على رأي
سيبويه كالمبرد وطائفة. أما سيبويه فقد تقدم أنه يطرد عنده
إمالة نحو: غزا ودعا من الثلاثي، وإن كانت ألفه عن واو
لرجوعها إلى الياء عند البناء للمفعول، فإمالته عنده لذلك
لا للتناسب، وقد مثل في شرح الكافية لذلك بإمالة ألفي:
{وَالضُّحَى، وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} [الضحى: 1، 2] فأما سجا فهو
مثل تلا ففيه ما تقدم، وأما الضحى فقد قال غيره أيضًا: إن
إمالة ألفه للتناسب، وكذا
{وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} [الشمس: 1] والأحسن أن يقال: إنما أميل من أجل أن من العرب من يثنى
ما كان من ذوات الواو إذا كان مضموم الأول أو مكسوره
بالياء نحو: الضحى والربا فيقول: ضحيان وربيان، فأميلت
الألف لأنها قد صارت ياء في التثنية؛ وإنما فعلوا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يفد ذلك صراحة؛ وإنما قال سواه ليصح نفي الداعي؛ إذ
التناسب داع، فلا يصح نفيه على الإطلاق. سم. قوله:
"كعمادا" بالنصب بلا تنوين على إرادة الوقف، كما نبه عليه
المكودي، وقد قرئ: اليتامى والنصارى بإمالتين، فأميلت
الألف الأخيرة لقلبها ياء في التثنية على إرادة الجماعتين،
وأميلت الأولى لمناسبة الثانية عكس ما سبق في عمادا. قوله:
"لمجاروة الممال" سواء كان في كلمتها كما في الصورة الأولى
أو لا كما في الثانية؛ إذ آخر المجاور مجاور، فبان دخول
الصورة الثانية من صورتي التناسب واندفع ما للبعض، فتدبر.
قوله: "لمجاورة ألف ممالة" أي: في كلمتها. قوله: "لكونها
آخر مجاورة ما أميل... إلخ" أي: آخر تركيب مجاورة لتركيب
أميل آخره، كذا قال البعض، ويحتمل أن المعنى لكونها آخر
لفظ مجاور للفظ أميل آخره؛ إذ المجاورة هنا تصدق مع عدم
التلاصق.
قوله: "على رأي غير سيبويه" لو حمل قوله: بلا داع سواه،
على معنى بلا اعتبار داع سواه، أعم من أن يكون داع أو لا
أمكن كونه على مذهب سيبويه. اهـ سم. ومقتضاه صحة اعتبار
السبب الضعيف فقط مع وجود القوى ولا يخفى بعده. قوله: "لا
للتناسب" أي: لأن التناسب سبب ضعيف؛ إنما يعتبر عند عدم
غيره، فاندفع قول البعض: قد يقال: ما المانع من كونها
للسببين معًا؟ نعم يؤيده كلام سم السابق قريبًا مع ما فيه.
قوله: "إن إمالة ألفه" أي: مع أنها عن واو بدليل الضحوة.
وقوله: للتناسب أي: لمناسبة ألف سجا وقلى وما بعدهما.
قوله: "والأحسن أن يقال... إلخ" فيه نظر، وإن أقره أرباب
الحواشي، فإن تثنية هؤلاء الجماعة ما كان من ذوات الواو
مضموم الأول أو مكسوره بالياء شاذة، وانقلاب الألف ياء في
بعض أحوال الكلمة إنما يكون سببًا في الإمالة إذا لم يكن
شاذًّا كما تقدم في قوله: كذا الواقع منه اليا خلف دون
مزيد أو شذوذ. قوله: "والربا" إنما
ج / 4 ص -325-
ولا تُمِلْ ما لم يَنَلْ تَمَكُّنَا
دُونَ سَمَاعٍ غيرها وغيرنَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذلك استثقالًا للواو مع الضمة والكسرة، فكان الأحسن أن
يمثل بقوله تعالى:
{شَدِيدُ الْقُوَى} [النجم: 5].
الثاني: ظاهر كلام سيبويه أنه يقاس على إمالة الألف
الثانية في نحو: رأيت عمادًا لمناسبة الأولى، فإن قال:
وقالوا مغزانا، في قول من قال: عمادًا، فأمالهما جميعًا،
وذا قياس.
"ولا تمل ما لم ينل تمكنا دون سماع غيرها وغيرنا" أي:
الإمالة من خواص الأفعال والأسماء المتمكنة؛ فلذلك لا تطرد
إمالة غير المتمكن نحو: إذا وما، إلا هاونا نحو: مر بها
ونظر إليها، ومر بنا ونظر إلينا، فهذان تطرد إمالتهما
لكثرة استعمالهما. وأشار بقوله: دون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أتى به للتمثيل لمكسورة الأول من ذوات الواو لا للتمثيل
لما أميل لانقلاب ألفه ياء في التثنية على لغة بعض العرب
كما لا يخفى، فسقوط قول البعض قد يقال: إن سبب إمالته أي:
الربا كسرة الراء، فلا حاجة إلى اعتبار رجوع ألفه إلى
الياء في التثنية.
قوله: "فكان الأحسن أن يمثل" أي: لما أميل للتناسب بقوله
تعالى:
{شَدِيدُ الْقُوَى}
[النجم: 5] فيه نظر؛ فإن الجمع قد يثنى، فيجري
فيه ما جرى في الضحى؛ بل في هذا مقتضٍ آخر لقلب ألفه في
التثنية ياء وهو استثقال توالي واوين. قوله: "ظاهر... إلخ"
قال سم: لِمَ عبر بالظاهر مع قوله: وذا قياس؟ اهـ. وتبعه
أرباب الحواشي جازمين بأنه كان ينبغي أن يقول صريح كلام
سيبويه، وقد يقال: يحتمل أن الواو في قول سيبويه: وقالوا
مغزانا، راجعة إلى العرب، فيكون المعنى: وقال العرب:
مغزانا بإمالة الألفين جريًا على قولهم: عمادًا بإمالة
الألفين، ويكون قوله في قول من قال: من وضع الظاهر موضع
المضمر، وهذا -أي: الإمالة للإمالة في المثالين- أمر مقيس
عليه مطرد، ويحتمل أن المعنى: وقالوا أي: الناس أو النحاة
مغزانا بإمالة الألفين جريًا منهم على قول العرب: عمادًا
بإمالة الألفين، وهذا أي: الإمالة للإمالة في مغزانا قياس
منهم على ما سمع من العرب، وعلى الثاني يكون سيبويه حاكيًا
للقياس، ولا يلزم من حكايته أن يكون قائلًا به. نعم،
إقراره ظاهر في قوله به، فلأجل ما ذكر قال: ظاهر دون صريح،
وعلى الأول يكون مصرحًا بقياسية الإمالة للإمالة، فتأمل.
قوله: "لمناسبة... إلخ" علة لإمالة.
قوله: "وقالوا مغزانا" أي: بإمالة الألفين الأولى لرجوعها
إلى الياء في التثنية، والثانية لمناسبة الأولى. وقوله: في
قول أي: جارين على قول. وقوله: فأما لهما أي: ألفي عمادًا
عطف على قال. قوله: "مغزانا" قال البعض: بكسر الميم. اهـ.
والذي في المختار مغزانا بفتح الميم مقصدنا من الكلام.
قوله: "ولا تمل ما لم ينقل تمكنا" أي: من الأسماء بقرينة
قوله السابق: وهكذا بدل عين الفعل... إلخ. وقوله: كعمادًا
وتلا. قوله: "غيرها وغيرنا" مقتضاه أن إمالتهما ليست من
قسم المسموع، مع أنها منه وإن كثرت، فكان الأولى أن يقول:
إلا الذي سمع نحوها ونا. قوله: "نحو مر بها... إلخ" مثل
بمثالين في كل إشارة إلى أنه لا فرق بين أن يكون سبب
الإمالة الكسرة أو الياء. قوله: "فهذان تطرد إمالتهما" قال
سم: إن أراد به جواز إمالتهما في غير التركيب الذي سمعت
إمالتهما فيه، فالظاهر أن هذا ثابت في كل مسموع، وأن
وزانهما في الإمالة وزان غيرهما مما لم يتمكن وإن
ج / 4 ص -326-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سماع، إلى ما سمعت إمالته من الاسم غير المتمكن، وهو ذا
الإشارة ومتى وأنى، وقد أميل من الحروف بلى ويا في النداء،
ولا في قولهم: إمالًا؛ لأن هذا لأحرف نابت عن الجمل، فصار
لها بذلك مزية على غيرها. وحكى قطرب إمالة لا لكونها
مستقلة، وعن سيبويه ومن وافقه إمالة حتى، وحكيت إمالتها عن
حمزة والكسائي.
تنبيهات: الأول: لا تمنع الإمالة فيما عرض بناؤه نحو: يا
فتى ويا حبلى؛ لأن الأصل فيه الإعراب.
الثاني: لا إشكال في جواز إمالة الفعل الماضي وإن كان
مبنيًّا خلاف ما أوهمه كلامه. قال المبرد: وإمالة عسى
جيدة.
الثالث: إنما لم تمل الحروف؛ لأن ألفها لا تكون عن ياء ولا
تجاور كسرة، فإن سمي بها أميلت، وعلى هذا أميلت الراء من
المر الر، والهاء والطاء والحاء في فواتح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أوهمت عبارة الناظم خلافه، وإن أراد به أن إمالتهما لا ضعف
فيها، فالظاهر خلافه، وأن إمالة غير المتمكن مطلقًا ضعيفة
إلا الفعل الماضي كما يأتي. اهـ. ويمكن أن يكون أراد
بالاطراد الكثرة. قوله: "إمالة لا" أي: الجوابية. وقوله:
لكونها مستقلة أي: في الجواب كما في المرادي.
قوله: "فيما عرض بناؤه" لا يرد هذا على المصنف؛ لأنه إنما
منع الإمالة فيما لم ينل تمكنًا أي: بالكلية كما يقتضيه
وقوع النكرة في سياق النفي، وهذا نال تمكنًا في غير حالة
ندائه مثلًا. قوله: "خلاف ما أوهمه كلامه" يجاب بأن قوله:
وهكذا بدل عين الفعل... إلخ، وقوله: كعمادًا وتلا قرينة
على استثناء الماضي من كلامه هنا.
قوله: "ولا تجاور" بالراء المهملة وكلامه باعتبار الغالب،
وإلا فألف إلى مجاورة لكسرة الهمزة. قوله: "فإن سمي بها"
الضمير راجع إلى الحروف باعتبار عموم كونها كلمات لا
باعتبار خصوص كونها حروفًا لصيرورتها بالتسمية بها أسماء
لا حروفًا، أو يقال: سماها بعد التسمية بها حروفًا باعتبار
ما كان. قوله: "أميلت" أي: إذا وجد سبب الإمالة فلو سمي
بحتى أميلت؛ لأن الألف الرابعة في الاسم تقلب ياء في
التثنية، بخلاف ما لو سمي بإلى؛ لأن التسمية تجعله من
الواوي؛ لأنه أثر من اليائي؛ ولهذا تقول في تثنيته: إلوان،
نقله شيخنا السيد عن شرح الشافعية. قوله: "وعلى هذا" أي:
وبناء على ما ذكر من إمالة الحروف بعد التسمية بها أميلت
الراء من المر والر، وكما أميلت حروف المعاني بعد التسمية
بها أميلت حروف المباني بعد التسمية بها، وإن افترقتا
ببقاء حروف المعاني بعد التسمية على صورتها قبل التسمية
وعدم بقاء حروف المباني لزيادة ألف مقصورة أو ممدودة في
أسماء حروف التهجي، ومن هذا يؤخذ أنه كان على الشارح أن
يقول: أميلت را من المر والر وها وطا وحا في فواتح السور
بقصر الأربعة أي: لفظة را ولفظة ها... إلخ؛ لأن الراء
والهاء والطاء والحاء أسماء لا حروف أحادية، وهي ر هـ ط ح
مع أن الممال أحرف ثنائية هي را ها طا حا. وقوله: والر
ينطق به كما ينطق به في أول السور، فهو عطف على المر.
وقوله: والهاء عطف على فاعل أميلت، وكان عليه أن يزيد
والياء. واعلم أنه سيأتي
ج / 4 ص -327-
والفَتْحُ قَبْلَ كَسْرِ رَاءٍ في طَرَفْ
أَمِلْ كللأَيْسَرِ مِلْ تُكْفَ الكُلَفْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السور؛ لأنها أسماء ما يلفظ به من الأصوات المتقطعة في
مخارج الحروف، كما أن غاق اسم لصوت الغراب، وطيخ اسم لصوت
الضاحك، فلما كانت أسماء أصوات لهذه الأصوات ولم تكن كما
ولا، أرادوا بالإمالة فيها الإشعار بأنها قد صارت من حيز
الأسماء التي لا تمتنع فيها الإمالة. وقال الزجاج
والكوفيون: أميلت الفواتح؛ لأنها مقصورة والمقصور يغلب
عليه الإمالة، وقد رد هذا بأن كثيرًا من المقصور لا تجوز
إمالته. وقال الفراء: أميلت لأنها إذا ثنيت ردت إلى الياء،
فيقال: طيان وحيان، وكذلك إمالة حروف المعجم نحو: با وتا
وثا. اهـ.
"والفتح قبل كسر راء في طرف أمل" كما تمال الألف؛ لأن
الغرض الذي لأجله تمال الألف -وهو مشاكلة الأصوات وتقريب
بعضها من بعض- موجود في الحركة، كما أنه موجود في الحرف.
ولإمالة الفتحة سببان؛ الأول: أن تكون قبل راء مكسورة
متطرفة "كللأيسر مل تكف الكلف"
{تَرْمِي بِشَرَرٍ}،
{غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}. والثاني سيأتي.
تنبيهات: الأول: فهم من قوله: والفتح أن الممال في ذلك
الفتح لا المفتوح، وقول سيبويه: أمالوا المفتوح فيه تجوز.
الثاني: لا فرق بين أن تكون الفتحة في حرف استعلاء نحو: من
البقر، أو في راء نحو:
{بِشَرَرٍ}،
أو في غيرهما نحو:
{مِنَ الْكِبَرِ}.
الثالث: فهم من قوله: قبل كسر راء أن الفتحة لا تمال لكسرة
راء قبلها نحو: رمم،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الخاتمة أن الإمالة في فواتح السور وأسماء حروف التهجي
شاذة، فليحمل ما هنا عليه، وإن أوهم صنيعه هنا خلافه،
فاعرف هذه التدقيقات:
قوله: "في فواتح السور" نحو: كهيعص، حم عسق، طه، حم. قوله:
"فلما كانت" أي: الراء والهاء والطاء والحاء في فواتح
السور. قوله: "ولم تكن كما ولا" أي: في الحرفية. قوله:
"أرادوا بالإمالة فيها الإشعار... إلخ" حاصل ما ذكره في
علة إمالتها ثلاثة أقوال. قوله: "وكذلك إمالة حروف المعجم"
أي: أسماء حروف المعجم التي ليست في فواتح السور على لغة
قصر تلك الأسماء. قوله: "كسر راء" من إضافة الصفة إلى
الموصوف كما سيشير إليه الشارح. قوله: "وتقريب بعضها من
بعض" عطف تفسير. قوله: "موجود في الحركة" أي: في إمالة
الحركة. وقوله: كما أنه موجود في الحرف أي: في إمالة
الحرف. قوله: "كللايسر" أي: الأمر الأيسر. اهـ خالد. أي:
الأسهل. قوله: "ظاهر صنيعه" أي: حيث عبر بالقبلية المتبادر
منها الاتصال، وأتى بمثال فيه الفتحة متصلة بالراء، ومن
عادته إعطاء الحكم بالمثال، وعبر بالظاهر لصدق القبلية مع
الانفصال وجواز مخالفة تمثيله هنا لعادته؛ إذ هي أغلبية لا
كلية، وبهذا التحقيق يعلم سقوط ما اعترض به سم وتبعه أرباب
الحواشي.
قوله: "أن الفتحة لا تمال... إلخ" فرق شيخنا السيد بين
الفتحة والألف؛ حيث لم تمل الفتحة لكسرة راء قبلها وأمليت
الألف لياء قبلها أو بعدها كسرة كذلك بأن الألف أقبل
للإمالة من
ج / 4 ص -328-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد نص على ذلك.
الرابع: ظاهر صنيعه أن الفتحة لا تمال إلا إذا كانت متصلة
بالراء، فلو فصل بينهما لم تمل، وليس ذلك على إطلاقه؛ بل
فيه تفصيل: وهو أن الفاصل بين الفتحة والراء إن كان
مكسورًا أو ساكنًا غير ياء فهو مغتفر، وإن كان غير ذلك منع
الإمالة فتمال الفتحة في نحو: أشر، وفي نحو: عمرو، لا في
نحو: بجير، نص على ذلك سيبويه، ونبه عليه المصنف في بعض
نسخ التسهيل.
الخامس: اشتراط كون الراء في الطرف هو بالنظر إلى الغالب،
وليس ذلك باللازم؛ فقد ذكر سيبويه إمالة فتحة الطاء في
قولهم: رأيت خَبَط رياح، وذكر غيره أنه يجوز إمالة فتحة
العين في نحو: العرد، والراء في ذلك ليست بلام.
السادس: أطلق في قوله: أمل، فعلم أن الإمالة في ذلك وصلًا
ووقفًا بخلاف إمالة الفتحة للسبب الآتي؛ فإنها خاصة
بالوقف، وقد صرح به في شرح الكافية.
السابع: هذه الإمالة مطردة كما ذكره في شرح الكافية.
الثامن: بقي لإمالة الفتحة لكسرة الراء شرطان غير ما ذكر؛
أحدهما: ألا تكون على ياء، فلا تمال فتحة الياء في نحو: من
الغير، نص على ذلك سيبويه وذكره في بعض نسخ التسهيل،
والآخر: ألا يكون بعد الراء حرف استعلاء نحو: من الشرق؛
فإنه مانع من الإمالة، نص عليه سيبويه أيضًا، فإن تقدم حرف
الاستعلاء على الراء لم يمنع؛ لأن الراء المكسورة تغلب
المستعلي إذا وقع قبلها؛ فلهذا أميل نحو: من الضرر.
التاسع: منع سيبويه إمالة الألف في نحو: من المحاذر إذا
أميلت فتحة الذال، قال:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفتحة أي: فاحتمل فيها ما لم يحتمل في الفتحة. قوله: "غير
ياء" يرجع لساكنًا فقط، كما تفيده عبارة شرح التسهيل لعلي
باشا. قوله: "لا في نحو: بجير" مثال للفاصل بين الفتحة
والراء إذا كان ياء ساكنة، ولم يمثل للفاصل بينهما إذا كان
غير مكسور؛ بأن كان مضمومًا نحو: سمر وهو نوع من الشجر، أو
مفتوحًا نحو: شجر، فلا تمال الفتحة الأولى.
قوله: "في قولهم: رأيت خبط رياح" لعله بفتح الخاء المعجمة
والباء الموحدة آخره طاء مهملة أي: ورقًا نفضته الرياح من
الشجر كما يستفاد من القاموس، ويؤخذ من الإمالة في المثال
أنه لا يشترط في إمالة الفتحة بكسر راء بعدها كونهما في
كلمة واحدة. قوله: "والآخر: ألا يكون... إلخ" قال سم وتبعه
أرباب الحواشي: هذا الآخر قد يؤخذ من قوله في طرف. اهـ سم.
وإنما يتم الأخذ؛ إذ كان حرف الاستعلاء لا يمنع إمالة
الفتحة إلا إذا كان في كلمتها، وهو خلاف قياس إمالة الفتحة
على إمالة الألف التي قد يمنعها المنفصل، كما مر في قول
الناظم: والكف قد يوجبه ما ينفصل فحرره. قوله: "لأجل
إمالتها" أي: الفتحة.
ج / 4 ص -329-
كذا الذي تليه ها التأنيث في
وقف إذا ما كان غير ألف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولا تقوى على إمالة الألف أي: ولا تقوى إمالة الفتحة على
إمالة الألف لأجل إمالتها، وزعم ابن خروف أن من أمال
عمادًا لأجل إمالة الألف قبلها أمال هنا ألف المحاذر لأجل
إمالة فتحة الذال، وضعف بأن الإمالة للإمالة من الأسباب
الضعيفة، فينبغي ألا ينقاس شيء منها إلا في المسموع؛ وهو
إمالة الألف لأجل إمالة الألف قبلها أو بعدها.
"كذا" الفتح "الذي تليه ها التأنيث في وقف إذا ما كان غير
ألف" هذا هو السبب الثاني من سببي إمالة الفتحة، فتمال كل
فتحة تليها هاء التأنيث؛ إلا أن إمالتها مخصوصة بالوقف،
وبذلك قرأ الكسائي في إحدى الروايتين عنه، والرواية الأخرى
أنه أمال إذا كان قبل الهاء أحد خمسة عشر حرفًا يجمعها
قولك: "فجئت زينب لذود شمس" وفصل في أربعة يجمعها قولك:
"أكهر" فأمال فتحتها إذا كان قبلها كسرة أو ياء ساكنة على
ما هو معروف في كتب القراءات. وشمل قوله: ها التأنيث هاء
المبالغة نحو: علامة، وإمالتها جائزة. وخرج بها التأنيث
هاء السكت نحو: كتابيه، فلا تمال الفتحة قبلها على الصحيح.
واحترز بقوله: إذا ما كان غير ألف عما إذا كان قبل الهاء
ألف؛ فإنها لا تمال نحو: الصلاة والحياة.
تنبيهات: الأول: الضمير في قوله: يليه راجع إلى الفتح؛
لأنه الذي يمال لا الحرف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "أمال هنا ألف المحاذر... إلخ" ظاهر العبارة أن
إمالة الألف لإمالة الفتحة مسموعة؛ وحينئذ لا ينهض التضعيف
الآتي. قوله: "فينبغي ألا ينقاس" أي: لا يطرد شيء منها أي:
من أنواعها إلا في المسموع أي: لكن الاطراد في المسموع من
أنواعها يقبل، ولو قال: فينبغي ألا ينقاس شيء منها على
المسموع لكان أوضح. قوله: "قبلها" أي: كما في عمادًا أو
بعدها أي: كما في اليتامى. قوله: "مخصوصة بالوقف" لأنها في
الوصل تاء، والتاء لا تشبه الألف. قوله: "فجئت... إلخ" قال
في القاموس: جثا كدعا ورمى جثوًا وجثيًا بضمهما جلس على
ركبتيه وقام على أطراف أصابعه. اهـ. والذود بذال معجمة
مفتوحة وواو ساكنة ودال مهملة من معانيه السوق والطرد أي:
لأجل سوق الشمس ودفعها زينب بحرها، هذا ما ظهر لي. قوله:
"أكهر" قال في القاموس: الكهر القهر والانتهار والضحك
واستقبالك إنسانًا بوجه عابس تهاونًا به واللهو وارتفاع
النهار واشتداد الحر والمصاهرة والفعل كمنع. اهـ. فقول
الشاعر أكهر كأكرم من باب التعدية بالهمزة أو أفعل تفضيل.
قوله: "هاء المبالغة" لأنها هاء تأنيث في الأصل.
قوله: "فإنها لا تمال" إلا إذا كان فيها ما يوجب الإمالة
نحو: إمالة مرضاة وتقاة. اهـ همع. وارتضى البعض مما قيل في
علة عدم إمالة الألف قبل هاء التأنيث أن وقوع الألف قبل
الهاء أزال شبهها بألف التأنيث؛ لأن هاء التأنيث لا تقع
بعدها. ثم قال: ووقع في بعض الحواشي التعليل بغير هذا مما
لا معنى له فاحذره. اهـ. وفيه أن ما ارتضاه لا يصح إلا لو
جعلنا علة إمالة الألف شبهها بألف التأنيث ولا قائل به،
فهو أيضًا لا معنى له، فاللائق في التعليل ما ظهر لي ولله
الحمد من أن
ج / 4 ص -330-
................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الذي تليه هاء التأنيث، وإذا كان كذلك فلا وجه لاستثنائه
الألف بقوله: إذا ما كان غير ألف؛ إذ لم يندرج الألف في
الفتح، وهو إنما فعله لدفع توهم أن هاء التأنيث تسوغ إمالة
الألف كما سوغت إمالة الفتحة، فكان حق العبارة أن يقول
عاطفًا على ما تقدم:
وقبل ها التأنيث أيضًا أن تقف
ولا تمل لهذه الهاء الألف
الثاني: إنما قال: ها التأنيث، ولم يقل: تا التأنيث؛ لتخرج
التاء التي لم تقلب هاء؛ فإن الفتحة لا تمال قبلها.
الثالث: ذكر سيبويه أن سبب إمالة الفتحة قبل هاء التأنيث
شبه الهاء بالألف، فأميل ما قبلها كما يمال ما قبل الألف،
ولم يبين سيبويه بأي ألف شبهت، والظاهر أنها شبهت بألف
التأنيث.
خاتمة: ذكر بعضهم لإمالة الألف سببين غير ما سبق؛ أحدهما:
الفرق بين الاسم والحرف، وذلك في را وما أشبهها من فواتح
السور.قال سيبويه: وقالوا: را ويا وتا يعني: بالإمالة؛
لأنها أسماء ما يلفظ به، فليست كإلى وما ولا وغيرها من
الحروف المبنية على السكون، وحروف التهجي التي في أوائل
السور إن كان في آخرها ألف، فمنهم من يفتح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سبب إمالة الفتحة قبل هاء التأنيث كما سيأتي شبهها بألف
التأنيث، وألف التأنيث لا يقع قبلها ألف، فلما وقع قبل
الهاء ألف ضعف شبه الهاء بألف التأنيث، فلم تقتضِ إمالة ما
قبلها. قوله: "فلا وجه لاستثنائه الألف" أي: إخراجه إياه
من الفتح الراجع إليه هاء يليه بقوله: إذا ما كان... إلخ
لعدم شمول الفتح للألف، فعلم أن الاستثناء في كلامه
بالمعنى اللغوي. نعم، لو جعل المستثنى منه الضمير في كان
صح جعل الاستثناء اصطلاحيًّا؛ لكنه خلاف ظاهر صنيع الشارح،
ثم ما ذكره الشارح من عدم وجه الاستثناء. قال سم: مبني على
أن موصوف الموصول الفتح، وليس بلازم؛ لجواز أن يكون موصوفه
الشيء الشامل للفتح والألف اللذين لا يكون قبل الهاء إلا
أحدهما، فيتجه الاستثناء على أنه يمكن جعل كان تامة بمعنى
وجد وغير ألف حال على معنى المغايرة في الحكم. والتقدير:
يمال الفتح إذا وجد حال كونه مغايرًا للألف في هذا الحكم،
فلا يكون هناك استثناء أصلًا.
قوله: "التي لم تقلب هاء" يشمل تاء نحو: فاطمة ورحمة عند
من يقف بالتاء فلا يمال حينئذ، كما صرح به غيره، وتاء
التأنيث المتصل بالفعل نحو: باعت. قوله: "أنها شبهت بألف
التأنيث" أي: المقصورة لاتفاقهما في المخرج، وهو أقصى
الحلق. وفي المعنى: وهو الدلالة على التأنيث وفي الزيادة
على أصول الكلمة وفي التطرف في آخرها وفي الاختصاص
بالأسماء الجامدة والمشتقة. تصريح. قوله: "قال سيبويه...
إلخ" استدلال على قوله: أحدهما الفرق... إلخ. قوله: "لأنها
أسماء ما يلفظ به" أي: من الحروف ويؤخذ منه أن ذا الألف من
أسماء حروف التهجي كالباء يقصر كما يمد، وبه صرحوا؛ بل قال
في الهمع: يجوز قصره ومده بالإجماع، وجمعه على القصر بيات
مثلًا بقلب الألف المقصورة ياء، وعلى المد باءات بإقرار
الهمزة. قوله: "وحروف التهجي" |