حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفية ابن مالك

ج / 4 ص -331-        التصريف:

حَرْفٌ وشِبْهُهُ من الصَّرْفِ بري                      وما سِوَاهما بتَصْرِيف حري


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومنهم من يميل، وإن كان في وسطها ألف نحو: كاف وصاد، فلا خلاف في الفتح والآخر كثرة الاستعمال، وذلك إمالتهم الحجاج علمًا في الرفع والنصب، وكذلك العجاج في الرفع والنصب، ذكره بعض النحويين. وإمالة الناس في الرفع والنصب. قال ابن برهان في آخر شرح اللمع: روى عبد الله بن داود عن أبي عمرو بن العلاء إمالة الناس في جميع القرآن مرفوعًا ومنصوبًا ومجرورًا، قاله في شرح الكافية. قال: وهذه رواية أحمد بن يزيد الحلواني عن أبي عمر الدوري عن الكسائي ورواية نصر وقتيبة عن الكسائي. انتهى. واعلم أن الإمالة لهذين السببين شاذة لا يقاس عليها؛ بل يقتصر في ذلك على ما سمع، والله أعلم.
التصريف:
اعلم أن التصريف في اللغة: التغيير، ومنه:
{وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ} [البقرة: 164، الجاثية: 5] أي: تغييرها. وأما في الاصطلاح فيطلق على شيئين؛ الأول: تحويل الكلمة إلى أبنية مختلفة لضروب من المعاني كالتصغير والتكسير واسم الفاعل واسم المفعول، وهذا القسم جرت عادة المصنفين بذكره قبل التصريف كما فعل الناظم، وهو في الحقيقة من التصريف. والآخر: تغيير الكلمة لغير معنى طارئ عليها؛ ولكن لغرض آخر. وينحصر في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مبتدأ خبره قوله: إن كان في آخرها ألف فمنهم... إلخ، وفي كلامه حذف مضاف أي: وأسماء حروف التهجي، وقول البعض: إن حروف التهجي معطوف على را وما أشبهها إن لم يكن فاسدًا بالكلية، فهو تعسف لا حاجة إليه، فتأمل. قوله: "من يفتح" أي: لا يميل. قوله: "علمًا" بخلاف ما إذا كان صفة للمبالغة فإنه لا يمال؛ لأنه لم يكثر استعماله. دماميني. قوله: "في الرفع والنصب" أي: لا في الجر؛ فإن الإمالة فيه قياسية لوجود سببها وفي الكسرة. قوله: "شاذة" أي: قياسًا، فلا ينافي قراءة بعض السبعة بالإمالة في فواتح السور، قاله شيخنا السيد.
التصريف:
قوله: "على شيئين" بل على ثلاثة، ثالثها العلم بأحكام بنية الكلمة كما سينقله عن ابن الناظم. قوله: "إلى أبنية" أي صيغ. قوله: "كالتصغير... إلخ" إن كان تمثيلًا للضروب من المعاني احتاج قوله: واسم الفاعل واسم المفعول إلى تقدير مضاف أي: ودلالة اسم الفاعل... إلخ، وإن كان تمثيلًا للأبنية المختلفة كان التصغير والتكسير بمعنى الصيغتين المعروفتين. قوله: "بذكره" أي: بذكر متعلقه الذي هو تلك الأبنية المختلفة؛ إذ هي المذكورة قبل هذا الباب لا نفس التحويل. وقوله: قبل التصريف بالمعنى الآخر الآتي، فافهم. قوله: "وهو في الحقيقة من التصريف" إن أراد من التصريف اللغوي فهو غير محتاج إليه لوضوحه من تعريف التصريف لغة واصطلاحًا، وإن أراد من التصريف بالمعنى الاصطلاحي الآتي فباطل لتغاير المعنيين الاصطلاحيين، كما ينطق به كلامه أو

 

ج / 4 ص -332-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الزيادة والحذف والإبدال والقلب والنقل والإدغام. وهذا القسم هو المقصود هنا بقولهم: التصريف. وقد أشار الشارح إلى الأمرين بقوله: تصريف الكلمة هو تغيير بنيتها بحسب ما يعرض لها من المعنى؛ كتغيير المفرد إلى التثنية والجمع، وتغيير المصدر إلى بناء الفعل واسمي الفاعل والمفعول. ولهذا التغيير أحكام كالصحة والإعلال. ومعرفة تلك الأحكام وما يتعلق بها تسمى علم التصريف؛ فالتصريف إذن هو العلم بأحكام بنية الكلمة بما لحروفها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالمعنى الاصطلاحي السابق فباطل أيضًا؛ إذ لا معنى لكون الشيء من نفسه، فتدبر. قوله: "تغيير الكلمة" أي: عن أصل وضعها. قوله: "ولكن لغرض آخر" كاللإلحاق، والتخلص من التقاء الساكنين، والتخلص من اجتماع الواو والياء، وسبق إحداهما بالسكون. قوله: "وينحصر" أي: هذا التغيير.
قوله: "وقد أشار الشارح إلى الأمرين بقوله... إلخ" نظر فيه سم بأن هذا القول ليس فيه أن التصريف يطلق بمعنى تغيير الكلمة لغير معنى... إلخ، وعارضه البعض فقال: أشار إلى الأول بقوله: هو تغيير بنيتها... إلخ، وإلى الثاني بقوله: ولهذا التغيير أحكام؛ فإن تلك الأحكام ما عدا الصحة تغييرات مخصوصة لأغراض فسقط تنظير بعضهم بأنه ليس فيه إشارة إلى المعنى الثاني. اهـ. وأنت خبير بأن المعنى الثاني تغيير الكلمة لغير معنى طارئ عليها؛ ولكن لغرض آخر، وينحصر في الأنواع الستة المتقدمة، فليس هو لمعنى طارئ للتغيير لمعنى طارئ على الكلمة وليس منه الصحة. والأحكام التي جعل ابن الناظم معرفتها علم التصريف جلعها أحكامًا؛ لأنه المشار إليه بقوله: ولهذا التغيير أحكام وأدخل فيها الصحة؛ حيث قال: كالصحة والإعلال، فمن أين يكون قوله: ولهذا التغيير أحكام إشارة إلى المعنى الثاني، فالحق مع من نظر في كلام الشارح بما ذكر. نعم، يمكن أن يتكلف تصحيح كلام الشارح بجعل اسم الإشارة راجعًا إلى التغيير لا بقيد كونه لمعنى طارئ -بل مطلقًا- وجعل الصحة والإعلال حكمين للتغيير لمعنى طارئ والإعلال فقط بأنواعه الستة حكمًا للتغيير لغرض آخر، والله الموفق للصواب.
قوله: "هو تغيير بنيتها" أي: تحويل بنيتها إلى صيغ مختلفة، ولا يخفى أن هذا التعريف بمعنى التعريف الأول في كلام شارحنا. قوله: "إلى التثنية والجمع" قال زكريا: الأنسب إلى المثنى والمجموع. اهـ. والجواب أن التثنية والجمع يطلقان على المثنى والمجموع. قوله: "ولهذا التغيير" أي: ولمتعلق هذا التغيير من المغير والمغير إليه؛ إذ الصحة مثلًا صفة للفظ لا للتغيير، وبهذا يعرف ما في كلام شيخنا والبعض. قوله: "كالصحة والإعلال" الظاهر أن الكاف استقصائية؛ إذ الإعلال التغيير وهو صادق بالأنواع الستة المتقدمة. قوله: "وما يتعلق بها" كشروطها. قوله: "فالتصريف" أي: فعلم التصريف ليطابق قوله: تسمى علم التصريف بمعنى العلم. وقوله: إذن أي: إذا استعمل بمعرفة تلك الأحكام ثم إذا أطلق التصريف بمعنى العلم ففيه الأوجه الثلاثة في غيره من أسماء الفنون؛ وهي كونه بمعنى الملكة أو المسائل أو الإدراكات؛ وعلى هذا الثالث قول الشارح؛ فالتصريف إذن هو العلم بأحكام بنية الكلمة... إلخ.

 

ج / 4 ص -333-                             وليس أدنى من ثلاثي يُرَى    قابل تصريفٍ سِوَى ما غُيرا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من أصالة وزيادة وصحة وإعلال وشبه ذلك. اهـ. ولا يتعلق التصريف إلا بالأسماء المتمكنة والأفعال المتصرفة. وأما الحروف وشبهها، فلا تعلق لعلم التصريف بها؛ كما أشار إلى ذلك بقوله: "حرف وشبهه من الصرف بري وما سواهما بتصريف حري" أي: حقيق. والمراد يشبه الحرف الأسماء المبنية والأفعال الجامدة، وذلك عسى وليس ونحوهما؛ فإنها تشبه الحرف في الجمود. وأما لحوق التصغير ذا والذي، والحذف سوف وإن، والحذف والإبدال لعل، فشاذ يوقف عند ما سمع منه.
تنبيه: التصريف وإن كان يدخل الأسماء والأفعال إلا أنه للأفعال بطريق الأصالة لكثرة تغيرها ولظهور الاشتقاق فيها.
"وليس أدنى من ثلاثي يرى قابل تصريف سوى ما غيرا" يعني: أن ما كان على حرف واحد أو حرفين فإنه لا يقبل التصريف إلا أن يكون ثلاثيًّا في الأصل، وقد غير بالحذف؛ فإن ذلك لا يخرجه عن قبول التصريف. وقد فهم من ذلك أمران؛ أحدهما: أن الاسم المتمكن والفعل لا ينقصان في أصل الوضع عن ثلاثة أحرف؛ لأنهما يقبلان التصريف، وما قبل التصريف لا يكون من أصل الوضع على حرف واحد ولا على حرفين. والآخر: أن الاسم والفعل قد ينقصان عن الثلاثة بالحذف؛ أما الاسم فإنه قد يرد على حرفين بحذف لامه نحو: يد، أو عينه نحو: سه، أو فائه نحو: عدة، وقد يرد على حرف واحد نحو: م الله عند من يجعله محذوفًا من ايمن الله، وكقول بعض العرب: شربت ما، وذلك قليل. وأما الفعل فإنه قد يرد على حرفين نحو: قل وبع وسل،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "بما لحروفها" بدل من قوله بأحكام. قوله: "وشبه ذلك" قال زكريا وأقره شيخنا والبعض: أي: كالإخفاء والإظهار والإدغام. اهـ. وفيه أن الإخفاء والإدغام من الإعلال، والإظهار من الصحة؛ إلا أن يخصا، فتدبر. قوله: "ولا يتعلق التصريف" أي: بمعناه المقصود بقولهم: التصريف، كما سبق بقرينة كلامه في التنبيه الآتي، فلا ينافي أن بعض الأسماء المبنية يثنى ويجمع ويصغر كأسماء الإشارة والموصولات، على أن تصغيرها شاذ وتثنيتها وجمعها صوريان لا حقيقيان على التحقيق.
قوله: "والأفعال المتصرفة" أي: غير الجامدة. قوله: "الأسماء المبنية" ككم ومن ولم يمثل لها لكثرتها. قوله: "ونحوهما" كنعم وبئس. قوله: "وأما لحوق التصغير ذا والذي" فيه أن هذا لا يرد إلا لو أريد بالتصريف المتكلم عليه التغيير لمعنى طارئ، وقد أسلف الشارح أن المقصود هنا التصريف بمعنى التغيير لغير معنى طارئ، فليس منه التصغير حتى يرد علينا تصغير ذا والذي.
قوله: "وليس أدنى من ثلاثي... إلخ" إن قلت: هذا البيت مستغنى عنه بما قبله لاستلزام نفي قبول الحرف للتصريف نفي قبول أدنى من ثلاثي وضعًا له؛ لأن الأدنى المذكور لا يكون إلا حرفًا. قلت: ليس مستغنى عنه بالنسبة إلى المبتدئ الذي لا يعرف أن الأدنى المذكور لا يكون إلا حرفًا. قوله: "ثلاثيًّا في الأصل" أي: فصاعدًا نحو: م عند من يجعله مختصرًا من: ايمن.
قوله: "عند من يجعله محذوفًا" أي: مختصرًا. قوله: "شربت ما" أي: بالقصر منونًا؛ ليكون

ج / 4 ص -334-                                ومُنْتَهَى اسمٍ خَمْسٌ انْ تَجَرَّدَا        وإِنْ يُزَدْ فيه فَمَا سبعا عَدَا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد يرد على حرف واحد نحو: عِ كلامي وقِ نفسك وذلك فيما أعلت فاؤه ولامه فيحذفان في لأمر.
"ومنتهى اسم خمس إن تجردا وإن يزد فيه فما سبعًا عدا" أي: ينقسم الاسم إلى مجرد وهو الأصل، وإلى مزيد فيه وهو فرعه، فغاية ما يصل إليه المجرد خمسة أحرف نحو: سفرجل، وغاية ما يصل إليه المزيد فيه بالزيادة سبعة أحرف، فالثلاثي الأصول نحو: اشهيباب مصدر اشهاب، والرباعي الأصول نحو: احرنجام مصدر احرنجمت الإبل أي: اجتمعت. وأما الخماسي الأصول، فإنه لا يزاد فيه غير حرف مد قبل الآخر أو بعده مجردًا أو مشفوعًا بهاء التأنيث نحو: عضرفوط وهو العظاءة الذكر، وقبعثرى وهو البعير الذي كثر شعره وعظم خلقه، والمشفوع نحو: قبعثراة، وندر قَرَعْبلانة؛ لأنه زيد فيه حرفان وأحدهما نون. قيل: إنه لم يسمع إلا من كتاب العين فلا يلتفت إليه. والقرعبلانة دويية عريضة عظيمة البطن محبنطية، وقالوا في تصغيرها: قريعبة. وذكر بعضهم أنه زيد في الخماسي حرف مد قبل الآخر نحو: مغناطيس، فإن صح ذلك وكان عربيًّا جعل نادرًا، وقد حكاه ابن القطاع أعني: مغناطيس.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على حرف واحد.
قوله: "ومنتهى اسم" أي: حروف اسم. قوله: "فالثلاثي الأصول" أي: فالمزيد فيه الثلاثي الأصول. قوله: "مصدر اشهاب" بتشديد الموحدة إذا صار أشهب من الشهبة بضم الشين وهي بياض يخالطه سواد. قوله: "مجرَّدًا... إلخ" حال من ضمير حرف المد المستكن في بعده، فهو راجع إلى بعده فقط. قوله: "وهو العظاءة الذكر" عبارة القاموس: العضرفوت العذفوط أو ذكر العظاء أو هو من دواب الجن وركائبهم والجمع عضارف وعضرفوطات. اهـ. وقال في محل آخر: العذفوط بالضم دويبة بيضاء ناعمة تشبه بها أصابع الجواري. اهـ. وقال في محل آخر: العظاية دويبة كسامّ أبرص والجمع عظاء. اهـ. وسامّ أبرص بتشديد الميم قال في القاموس: من كبار الوزغ. اهـ. وفي المصباح أن العظاءة بالمد لغة أهل العالية والعظاية لغة تميم، وأن جمع الأولى عظاء وجمع الثانية عظايا.
قوله: "والمشفوع نحو: قبعثراة" الأنسب بقوله نحو: عضرفوط أن يقول: ونحو قبعثراة. قوله: "قرعبلانة" بفتح القاف والراء وسكون العين المهملة وفتح الموحدة. قوله: "لأنه زيد فيه حرفان" أي: غير الهاء.
قوله: "إلا من كتاب العين" المحشوّ بالخطأ. قوله: "محبنطية" بضم الميم وسكون الحاء المهملة وفتح الموحدة وسكون النون وكسر الطاء المهملة وتخفيف التحتية أي: منتفخة البطن كما في القاموس، ولعل المراد بمنتفخة البطن عظيمة البطن؛ فيكون تأكيدًا لما قبله. قوله: "قريعبة" أي: بحذف الخامس كما هو قاعدة تصغير الخماسي الأصول. قوله: "وذكر بعضهم... إلخ" مقابل قوله: لا يزاد فيه غير حرف مد. قوله: "نحو: مغناطيس" بفتح الميم كما يفيده صنيع القاموس. قوله: "وكان عربيًّا" يظهر أنه عطف سبب على مسبب. قوله: "أعني: مغناطيس" لعله منعه من

ج / 4 ص -335-                          وغَيْرَ اخِرِ الثلاثي افْتَحْ وضُم      واكْسِرْ وزِدْ تسكينَ ثانية تعُم

وفِعلٌ أُهمل والعكسُ يَقِل                       لقَصْدِهِمْ تخصيصَ فِعْلٍ بفُعِلْ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيهان: الأول: إنما لم يستثن هنا هاء التأنيث وزيادتي التثنية وجمع التصحيح والنسب كما فعل في التسهيل فقال: والمزيد فيه إن كان اسمًا لم يجاوز سبعة إلا بهاء التأنيث أو زيادتي التثنية أو التصحيح؛ لما علم من أن هذه الزوائد غير معتد بها؛ لكونها مقدرة الانفصال.
الثاني: إنما قال: خمس وسبعًا ولم يقل: خمسة وسبعة؛ لأن حروف الهجاء تذكر وتؤنث، فباعتبار تذكيرها تثبت الهاء في عددها، وباعتبار تأنيثها تسقط التاء من عددها.
"وغير آخر الثلاثي افتح وضم واكسر وزد تسكين ثانيه تعم" تقدم أن المجرد ثلاثي ورباعي وخماسي؛ فالثلاثي تقتضي القسمة العقلية أن تكون أبنيته اثني عشر بناء؛ لأن أوله يقبل الحركات الثلاث ولا يقبل السكون؛ إذ لا يمكن الابتداء بساكن. وثانيه يقبل الحركات الثلاث ويقبل السكون أيضًا، والحاصل من ضرب ثلاثة في أربعة اثنا عشر، فهذه جملة أوزان الثلاثي من المجرد، كما أشار إلى ذلك بقوله: تعم.
"وفعل" بكسر الفاء وضم العين "أهمل" من هذه الأوزان لاستثقالهم الانتقال من كسر إلى ضم، وأما قراءة بعضهم:
{وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ} [الذاريات: 7] بكسر الحاء وضم الباء، فوجهت على تقدير صحتها بوجهين؛ أحدهما: أن ذلك من تداخل اللغتين في جزأي الكلمة؛ لأنه يقال: حبك بضم الحاء والباء وحبك بكسرها، فركب القارئ منها هذه القراءة. قال ابن جني: أراد أن يقرأ بكسر الحاء والباء، فبعد نطقه بالحاء مكسورة مال إلى القراءة المشهورة فنطق بالباء مضمومة. قال في شرح الكافية: وهذا التوجيه لو اعترف به من عزيت هذه القراءة له لدل على عدم الضبط ورداءة التلاوة، ومن هذا شأنه لا يعتمد على ما سمع منه لإمكان عروض ذلك له، والآخر: أن يكون بكسر الحاء اتباعًا لكسرة تاء ذات، ولم يعتد باللام الساكنة؛ لأن الساكن حاجز غير حصين، قيل: وهذا أحسن.
"والعكس" وهو فعل بضم الفاء وكسر العين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الصرف ميلا إلى احتمال عجمته مع كونه علمًا على اللفظ؛ لأن المراد لفظه. قوله: "إلا بهاء التأنيث" كقرعبلانة. سم. قوله: "أو زيادة التثنية" كقولك في تثنية اشهيباب: اشهيبابان، وفي جمعه: اشهيبابون، عند التسمية به، وفي النسب نحو: اشهيبابي. دماميني.
قوله: "إلى ضم" أي: ضم لازم فخرج نحو: يضرب؛ إذ الضمة تزول نصبًا وجزمًا.
قوله: "وأما قراءة بعضهم" هو أبو السمال بفتح السين وتشديد الميم آخره لام. قوله: "
{وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ}" في القاموس: الحبك من السماء طرائق النجوم واحدها حبيكة. قوله: "على تقدير صحتها" إنما قال ذلك لأنه قد قيل: إنها لم تثبت. قوله: "من تداخل اللغتين... إلخ" اعترض بأن التداخل في جزأي الكلمة الواحدة غير معهود؛ إنما المعهود التداخل في الكلمتين نحو: كدت بضم الكاف أكاد؛ فإن كدت بالضم على لغة من قال: كاد يكود وأكاد على لغة من قال: كاد يكاد. قوله: "قيل: وهذا أحسن" قائله أبو حيان، واعترض بأن أداة التعريف كلمة منفصلة؛ ومن

ج / 4 ص -336-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"يقل" في لسان العرب "لقصدهم تخصيص فعل بفعل" فيما لم يسم فاعله نحو: ضرب وقتل، والذي جاء منه دئل اسم دويبة سميت بها قبيلة من كنانة، وهي التي ينسب إليها أبو الأسود الدؤلي، وأنشد الأخفش لكعب بن مالك الأنصاري:
1264-

جاءوا بجيش لو قِيسَ مُعرسه                        ما كان إلا كعُمْرَس الدُّئِلِ

والرئم اسم للاست، والوُعِل لغة في الوَعِل، حكاه الخليل؛ فثبت في هذه الألفاظ أن هذا البناء ليس بمهمل خلافًا لمن زعم ذلك. نعم، هو قليل كما ذكر.
تنبيه: قد فُهم من كلامه أن ما عدا هذين الوزنين مستعمل كثيرًا أي: ليس بمهمل ولا نادر وهي عشرة أوزان؛ أولها: فَعْل ويكون اسمًا نحو: فلس، وصفة نحو: سهل. وثانيها: فَعَل ويكون اسمًا نحو: فرس، وصفة نحو: بطل. وثالثها: فَعِل ويكون اسمًا نحو: كبد، وصفة نحو: حذر. ورابعها: فعل ويكون اسمًا نحو: عضد، وصفة نحو: يقظ. وخامسها: فِعْل ويكون اسمًا نحو: عدل، وصفة نحو: نكس. وسادسها: فِعَل ويكون اسمًا نحو: عنب، قال سيبويه: ولا نعلمه جاء صفة إلا في حرف معتل يوصف به الجمع وهو قولهم: عدا. وقال غيره: لم يأتِ من الصفات على فعل الأزيم بمعنى متفرق، وعدا اسم جمع. وقال السيرافي: استدرك على سيبويه قيمًا في قراءة من قرأ:
{دِينًا قِيَمًا} [الأنعام: 16] ولعله يقول: إنه مصدر بمعنى القيام. اهـ. واستدرك بعض النحاة على سيبويه ألفاظًا أخر، وهي سوى في قوله تعالى:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثم امتنع القراء من ضم أول الساكنين إتباعًا لضم ثالثه في نحو:
{إِنِ الْحُكْمُ} و{قُلِ الرُّوحُ} و{غُلِبَتِ الرُّومُ} ولم يلحقوها بـ{قُلِ انْظُرُوا} فالساكن المذكور حاجز حصين على أنه لا يجري في غير الآية. اهـ. وقد يقال: اعتراضه بما ذكر لا ينافي أحسنيته مما قبله، مع أن قوله: على أنه لا يجري في غير الآية لا يرد؛ إذ لم يسمع في غير الآية. قوله: "تخصيص فعل بفعل" الباء داخلة على المقصور.
قوله: "فيما لم يسم فاعله" صفة لفعل أي: الكائن في أوزان ما لم يسم فاعله. قوله: "جاءوا بجيش... إلخ" قاله كعب بن مالك الأنصاري يصف جيش أبي سفيان حين غزا المدينة بالقلة والحقارة. وقوله: معرسه بضم الميم وسكون العين المهملة وفتح الراء أي: مكان نزوله، ويقال: معرس كمحمد؛ لأن الفعل أعرس وعرس بالتشديد، والشاهد في الدئل فإنه بضم فكسر فيكون هذا الوزن مستعملًا. قوله: "والرئم" براء فهمزة. وقوله: اسم للاست أي: الدبر. قوله: "لغة في الوعل" أي: بفتح الواو وهو التيس الجبلي. قوله: "الأزيم" بزاي فتحتية. وقوله: بمعنى متفرق يقال: منزل زيم أي: متفرق النبات. قوله: "في قراءة من قرأ" وهو الكوفيون وابن عامر. قوله: "ولعله يقول... إلخ" ظاهر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1264- البيت من المنسرح، وهو لكعب بن مالك في ديوانه ص251، وشرح شواهد الشافية ص12، والمقاصد النحوية 4/ 562، وبلا نسبة في أدب الكاتب ص586، والاشتقاق ص170، إصلاح المنطق ص166، وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 37، والمنصف 1/ 20.

 

ج / 4 ص -337-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{مَكَانًا سُوًى} [طه: 58] ورجل رضُى، وماء روًى، وماء صرًى، وسبى طِيَبَة. ومنهم من تأولها. وسابعها: فِعِل ويكون اسمًا نحو: إبل. ولم يذكر سيبويه من فعل إلا إبلًا، وقال: لا نعلم في الأسماء والصفات غيره. وقد استدرك عليه ألفاظ؛ فمن الأسماء إطل وهي الحاصرة ذكره المبرد، وروي قول امرئ القيس له إطلا ظبي بالكسر. وقيل: كسر الطاء إتباع، ووِتِد ومشط ودبس لغة في الأطل والوتد والمشط والدبس. وقالوا: بأسنانه حبرة أي: قلح. وقالوا للعبة الصبيان: حِلِج بِلِج وجِلِن بِلِن. وقالوا: حبك لغة في الحبك كما تقدم، وعيل اسم بلد. ومن الصفات قولهم: تان إبد وأمه إبد أي: ولود، وامرأة بلز أي: ضخمة. قال ثعلب: ولم يأتِ من الصفات على فعل إلا حرفان: امرأة بلز وأتان إبد، وأما قوله:
1265-

علمها إخوانُنا بنو عِجِلْ                    شُرْبَ النبيذ واصطفافًا بالرجل

فهو من النقل للوقف، أو من الإتباع فليس بأصل. وثامنها: فُعْل ويكون اسمًا نحو: قفل، وصفة نحو: حلو. وتاسعها: فُعَل ويكون اسمًا نحو: صرد، وصفة نحو: حطم. وعاشرها: فُعُل ويكون اسمًا نحو: عنق، وصفة وهو قليل. والمحفوظ منه جنب وشلل، وناقة صرخ أي:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صنيعه أن مثل ذلك لا يأتي في زيم. قوله: "وماء روى" أي: كثير مرو، ويقال: رواء كسماء. قوله: "وماء صرى" كذا في نسخ بكسر الصاد المهملة وفتحها أي: طال مكثه، كذا في القاموس، وفي نسخة هرى بالهاء، ولعله تحريف؛ فإني لم أجده في اللغة.
قوله: "وسبى" بسين مهملة فموحدة في المصباح سبيت العدوَّ سبيًا، والاسم السباء مثل كتاب، والقصر لغة. اهـ. وفي القاموس: السبي ما يسبى والجمع سبي، والنساء لأنهن يسبين القلوب أو يسبين فيملكن. اهـ. وقوله: طيبة بوزن عنبة كما في القاموس، وفيه الشاهد، ومعناه: نالوه نالوه بلا غدر ونقض عهد، كما في القاموس. وتوهم البعض أن الشاهد في سبي فقال بعد نقل عبارة المصباح: وأنت خبير بأن هذا لا دلالة فيه على كونه وصفًا. قوله: "ومنهم من تأولها" أي: بأنها مصادر وصف بها. قوله: "إطل" بالطاء المهملة. قوله: "في الإطل" أي: بكسر فسكون والوتد أي: بفتح فكسر أو فتح والمشط أي: بتثليث أوله فسكون وبفتح فكسر وبضمتين مع تخفيف الطاء وتشديدها كما في القاموس. والدبس أي: بكسر فسكون، وجعل البعض المشط كالدبس بكسر فسكون قصور. قوله: "حبرة" أي: بحاء مهملة فموحدة وقوله: قلح بقاف فلام فحاء مهملة هو صفرة الأسنان. قوله: "حلج" بحاء مهملة فلام فجيم بلج بموحدة فلام فجيم على ما في النسخ، ولم أرهما في القاموس، وجلن بجيم فلام فنون بلن بموحدة فلام فنون كما في القاموس. قوله: "عيل" بعين مهملة فتحتية.
قوله: "وأما قوله... إلخ" ليس متعلقًا بكلام ثعلب؛ لأن عجلا ورجلا ليسا وصفين؛ بل هو دفع

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1265- الرجز بلا نسبة في شرح الشواهد للعيني 4/ 240.

 

ج / 4 ص -338-                                وافتح وضم واكسر الثاني من          فعل ثلاثي وزِدْ نحو ضُمِنْ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سريعة.
"وافتح وضم واكسر الثاني من فعل ثلاثي" أي: للفعل الثلاثي المجرد ثلاثة أبنية؛ لأنه لا يكون إلا مفتوح الأول، وثانيه يكون مفتوحًا ومكسورًا ومضمومًا، ولا يكون ساكنًا؛ لئلا يلزم التقاء الساكنين عند اتصال الضمير المرفوع. الأول: فعل ويكون متعديًا نحو: ضرب، ولازمًا نحو: ذهب، ويرد لمعانٍ كثيرة ويختص بباب المغالبة، وقد يجيء فعل مطاوعًا لفعل بالفتح فيها، ومنه قوله:

قد جبر الدين الإله فجبر

والثاني: فعل ويكون متعديًا نحو: شرب، ولازمًا نحو: فرح، ولزومه أكثر من تعديه،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لتوهم استدراكهما أيضًا على سيبويه. قوله: "من فعل ثلاثي" أي: مبني للفاعل بدليل قوله: وزد نحو: ضمن. قوله: "لا يكون إلا مفتوح الأول" أي: لا ساكنًا لرفضهم الابتداء بالساكن ولا مقصورًا ولا مضمومًا إلا عند البناء للمفعول كما سيأتي لثقلهما وثقل الفعل. قوله: "ولا يكون ساكنًا" أي: أصالة فلا يرد نحو: رد وشم ولب، ولا نحو: قال وخاف وطال، ولا نحو: علم بالسكون مخفف، ولا نعم وبئس، وليس لأن أصل عين الكل الحركة؛ لأن الكلام في الأفعال الغير الجامدة والثلاثة الأخيرة جامدة فلا ينالها التصريف.
قوله: "الأول فعل" ولا تفتح عين مضارعه دون شذوذ كأبَى يأبى وسلا يسلى وقلا يقلى، وقيل: الفتح لكسر عين الماضي في لغة؛ فيكون ذلك من تداخل لغتين؛ إلا إذا كانت العين أو اللام حرفًا حلقيًّا كسأل يسأل ومدح يمدح؛ بل يخير فيها بين الكسر والضم، ولم يشتهر أحد الأمرين، فإن اشتهر أحدهما تعين كالكسر في يضرب والضم في يقتل. وقال ابن عصفور: بل يجوز الأمران مع اشتهار أحدهما. وقال ابن جني: يتعين الكسر عند عدم الاشتهار، وما لم يلتزم أحدهما لسبب يقتضي ذلك كالتزام الكسر عند غير بني عامر فيما فاؤه واو كوجد يجد. أما بنو عامر فلم يلتزموا الكسر في ذلك فقالوا: يجد بالضم. وعند الجميع فيما عينه ياء كباع يبيع، وفيما لامه ياء وعينه غير حلقية كرمى يرمي، فإن كانت عينه حلقية فتحت كسعى يسعى ونهى ينهي، وفي المضاعف غير المسموع ضمه كحن يحن وأنَّ يئن بخلاف ما سمع ضمه فقط كمر يمر ورد يرد، أو مع كسره كصد يصد ويصد وشط يشط ويشط، وكالتزام الضم فيما عينه واو كقام يقوم وشذتاه وطاح يطيح في لغة من قال: ما أتوهه وما أطوحه، وفيما لامه واو ليست عينه حلقية كغزا يغزو بخلاف ما عينه حلقية كمحا يمحي في إحدى لغاته، وفي المضاعف المتعدي غير المسموع كسره كرد يرد، بخلاف ما سمع كسره فقط وهو حبه يحبه، أو مع ضمه كشده يشده ويشده، وفيما هو للغلبة كسابقني فسبقته أسبقه ما لم يكن فيه ملزم الكسر كواعدني فوعدته أعده وبايعني فبعته أبيعه ورماني فرميته أرميه ولا تأثير لحلقي في ذي الغلبة خلافًا للكسائي، فتقول: فاخرني ففخرته أفخره بالضم، وقد يجيء ذو الحلقي غير ذي الغلبة بكسر كنزع بنزع، أو بضم كدخل يدخل وبكسر وفتح كمنح يمنح ويمنح وبضم وفتح كمحا يمحو ويمحا، وبالتثليث كرجح يرجح ويرجح ويرجح، والمعتمد في ذلك السماع، فإذن فقد رجع إلى الفتح. دماميني باختصار.
قوله: "ويكون متعديًا" وتعديه أكثر من لزومه عكس فعل بكسر العين. دماميني. قوله: "ويرد

ج / 4 ص -339-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولذلك غلب وضعه للنعوت اللازمة والأعراض والألوان وكبر الأعضا نحو: شنب وفلج، ونحو: برئ ومرض، ونحو: سود وشهب، ونحو: أذن وعين. وقد يطاوع فعل بالفتح نحو: خدعه فخدع. والثالث: فعل نحو: ظرف، ولا يكون متعديًا إلا بتضمين أو تحويل؛ فالتضمين نحو: رحبتكم الدار، وقول علي: إن بشرًا قد طلع اليمن ضمن الأول معنى وسع والثاني معنى بلغ. وقيل: الأصل رحبت بكم، فحذف الخافض توسعًا. والتحويل نحو: سدته؛ فإن أصله سودته بفتح العين، ثم حُوِّل إلى فعل بضم العين، ونقلت الضمة إلى فائه عند حذف العين، وفائدة التحويل الإعلام بأنه واوي العين؛ إذ لو لم يحول إلى فعل وحذفت عينه لالتقاء الساكنين عند انقلابها ألفًا لالتبس الواوي باليائي. هذا مذهب قوم منهم الكسائي،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لمعانٍ كثيرة" منها: السلب يقال: قررته وأقررته أي: أزلته عن مقره، ومنها: الغلبة والمطاوعة، ونبه الشارح على هذين. قوله: "ويختص بباب المغالبة" الباء داخلة على المقصور، والمراد بباب المغالبة إسناد الغلبة في فعل بين اثنين إلى الغالب فيه منهما نحو: ضاربني زيد فضربته أي: غلبته في الضرب. قوله: "مطاوعًا" أي: مشعرًا بتأثر فاعله بفعل آخر ملاقٍ له في الاشتقاق. قوله: "فجبر" أي: انجبر. قوله: "والثاني فعل" وحق عين مضارعه الفتح وكسرت في ألفاظ قليلة كورث يرث وومق يمق، وأما فضل بالكسر يفضل بالضم من الفضلة فمن باب التداخل. قوله: "ولذلك" أي: لكون لزومه أكثر من تعديه. وقوله: للنعوت اللازمة أي: الصفات اللازمة للذوات القائمة هي بها، فالمراد النعت اللغوي. وقوله: والأعراض... إلخ أي: وكل من المذكورات لا يطلب زيادة على قيامه بمحله فلم يتعد. قوله: "نحو: شنب... إلخ" في كلامه لف ونشر مرتب، والشنب بالتحريك ماء ورقة وبرد وعذوبة في الأسنان، وشنب كفرح فهو شانب وشنيب وأشنب وهي شنباء. قاموس. قوله: "وفلج" بالفاء والجيم كما رأيته في نسخ وهو كفرح من الفلج وهو تباعد الأسنان، وقضية كلام شيخنا -بل صريحه- أنه بالقاف والحاء المهملة كفرح من القلح وهو صفرة الأسنان، ولعل الأول هو المناسب لكونه مثالًا للنعوت اللازمة.
قوله: "إلا بتضمين أو تحويل" قال الدماميني: وتبعه شيخنا والبعض وشيخنا السيد أي: مصاحبًا لذلك، فالباء للمصاحبة، ولا يجوز أن تكون سببية لعطفه التحويل على التضمين، والتحويل ليس سببًا للتعدي قطعًا، ولا يعطف على السبب إلا سبب. اهـ. ومنشؤه ملاحظتهم في قوله: أو تحويل المحول عنه إليه دون المحول، والأنسب بالسياق العكس بأن يكون المراد أو تحويل عن فعل بالفتح؛ وحينئذ يصلح سببًا؛ لأن حاصله مراعاة الأصل، والله الهادي.
قوله: "ثم حول" أي: واستصحب التعدي الثابت له قبل التحويل. دماميني. قوله: "عند حذف العين" أي: عند إرادة حذفها، وإلا فالنقل متقدم على الحذف. قوله: "لالتقاء الساكنين" هما الألف المنقلبة عن العين لتحركها وانفتاح ما قبلها وآخر الفعل الساكن عند اتصال تاء المتكلم به. قوله: "لالتبس الواوي باليائي" أي: واوي العين بيائيها؛ لأن الفتح لا يدل على أحدهما، ولعل المراد بالالتباس هنا الإجمال وهو أيضًا معيب في مقام البيان كما حققناه سابقًا.

 

ج / 4 ص -340-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وإليه ذهب في التسهيل. وقال ابن الحاجب: وأما باب سدته فالصحيح أن الضم لبيان بنات الواو لا للنقل، ولا يرد فَعُل إلا لمعنى مطبوع عليه من هو قائم به نحو: كرم ولؤم، أو كمطبوع نحو: فقه وخطب، أو شبهه نحو: جنب شبه بنجس؛ ولذلك كان لازمًا لخصوص معناه بالفاعل. ولا يرد يائي العين إلا هبؤ، ولا متصرفًا يائي اللام إلا نهو؛ لأنه من النهية وهو العقل، ولا مضاعفًا إلا قليلًا مشروكًا نحو: لبب وشرر، وقالوا: لبب وشرر بكسر العين أيضًا، ولا غير مضموم عين مضارعه إلا بتداخل لغتين كما في كدت تكاد، والماضي من لغة مضارعه تكون حكاه ابن خالويه، والمضارع ماضيه كدت بالكسر، فأخذ الماضي من لغة والمضارع من أخرى. وأشار بقوله: "وزد نحو: ضُمن" إلى أن من أبنية الثلاثي المجرد الأصلية فعل ما لم يسم فاعله نحو: ضمن، فعلى هذا تكون أبنية الثلاثي المجرد أربعة، وإلى كون صيغة ما لم يسم فاعله أصلًا ذهب المبرد وابن الطراوة والكوفيون، ونقله في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "هذا" أي: ما ذكر من أن ضم فاء نحو: سدته لثقل حركة عينه إليها بعد تحويله إلى فعل بالضم. قوله: "أن الضم" أي: ضم الفاء وقوله: لبيان بنات الواو أي: فروعها أي: الكلمات الواوية العين. قوله: "أو كمطبوع" أي: أو لمعنى غير مطبوع؛ بل طرأ بالاكتساب؛ لكنه كالمطبوع في عدم المفارقة. قوله: "أو شبهه" الضمير يرجع إلى الكاف الاسمية التي بمعنى مثل في قوله: أو كمطبوع أي: أو شبه مثل المطبوع، ووجه الشبه طروه كمثل المطبوع، هذا هو اللائق في حل عبارته، ولا ينافيه قوله: شبه بنجس؛ لأن المراد النجاسة المعنوية اللازمة بعد اكتسابها كملكة إتقان المكر فسقط ما للبعض، وأما إرجاع شيخنا والبعض الضمير إلى نحو: فقه. والمعنى أن مثل المطبوع قسمان ما لا يزول نحو: فقه، وما يزول نحو: جنب، فغفلة عما يلزم ذلك من كون نحو: جنب كالمطبوع، فيكون غير زائل، والفرض أنه زائل كما اعترفا به، فاعرفه.
قوله: "ولذلك" أي: لكون فعل لا يرد إلا لمعنى مطبوع عليه... إلخ. وقوله: لخصوص معناه بالفاعل أي: اختصاصه به وعدم طلبه زائدًا عليه، وهذا علة للعلية. قوله: "ولا يرد يائي العين" أي: استثقالًا للضمة على الياء. دماميني. قوله: "إلا هيؤ" أي: حسنت هيئته. قوله: "ولا متصرفًا... إلخ" احترز بمتصرفًا من نحو: قضو بمعنى ما أقضاه؛ فإنه مطرد في باب التعجب كما مر، وذكر شيخنا والبعض زهو مع قضو تبعًا للدماميني غير مناسب؛ لأن زهو واوي اللام والكلام في يائيها. قوله: "الأنهو" أصله نهي كما يشير إليه قول الشارح؛ لأنه من النهية أبدلت الياء واوًا لمناسبة الضمة قبلها. قوله: "مشروكًا" بالشين المعجمة كما في عبارة التسهيل أي: مشروكًا بغيره من الأوزان كما بينه الدماميني ونبه عليه الشارح بقوله: وقالوا لبب... إلخ، ووقع في نسخ متروكًا بالفوقية، وهو تحريف منافٍ لقوله: قليلًا. قوله: "لبب" أي: صار لبيبًا، وشرر أي: صار ذا شر.
قوله: "كما في كدت" أي: بضم الكاف. وقوله: تكاد أي: وقياس مضارع كدت بالضم تكود؛ إلا أنهم استغنوا بمضارع كدت بالكسر وهو تكاد عن مضارع كدت بالضم وهو تكود كما في ابن عقيل على التسهيل. قوله: "والماضي" المناسب فاء التعليل، وقول البعض فاء التفريع غير ظاهر.

 

ج / 4 ص -341-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شرح الكافية عن سيبويه والمازني. وذهب البصريون إلى أنها فرع مغيرة عن صيغة الفاعل، ونقله غير المصنف عن سيبويه وهو أظهر القولين، وذهب إليه المصنف في باب الفاعل من الكافية وشرحها.
تنبيهات: الأول: لما لم يتعرض لبيان حركة فاء الفعل فهم أنها غير مختلفة وأنها فتحة؛ لأن الفتح أخف من الضم والكسر، فاعتباره أقرب.
الثاني: ما جاء من الأفعال مكسور الأول أو ساكن الثاني، فليس بأصل؛ بل مغير عن الأصل نحو: شهد وشهد وشهد.
الثالث: مذهب البصريين أن فعل الأمر أصل برأسه، وأن قسمة الفعل ثلاثية. وذهب الكوفيون إلى أن الأمر مقتطع من المضارع، فالقسمة عندهم ثنائية؛ فعلى الأول الصحيح كان من حق المصنف؛ إذ ذكر فعل ما لم يسم فاعله أن يذكر فعل الأمر أو يتركهما معًا كما فعل في الكافية، قال في شرحها: جرت عادة النحويين ألا يذكروا في أبنية الفعل المجرد فعل الأمر ولا فعل ما لم يسم فاعله، مع أن فعل الأمر أصل في نفسه اشتق من المصدر ابتداء كاشتقاق الماضي والمضارع منه، ومذهب سيبويه والمازني أن فعل ما لم يسم فاعله أصل أيضًا؛ فكان ينبغي على هذا إذا عدت صيغ الفعل المجرد من الزيادة أن يذكر للرباعي ثلاث صيغ: صيغة للماضي المصوغ للفاعل كدَحرَج، وصيغة له مصوغًا للمفعول كدُحرج، وصيغة للأمر كدَحرِج، إلا أنهم استغنوا بالماضي الرباعي المصوغ للفاعل عن الآخرين لجريانها على سنن مطرد، ولا يلزم من ذلك انتفاء أصالتهما، كما لا يلزم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وذهب البصريون" أي: جمهورهم. قوله: "ما جاء من الأفعال... إلخ" وارد على قوله هنا: وأنها فتحة، وقوله سابقًا: ولا يكون أي: ثاني الفعل الثلاثي ساكنًا. قوله: "أو ساكن الثاني" أو مانعة خلوّ، فتجوز الجمع كما في شهد بكسر فسكون.
فائدة: تسكين عين فعل المكسور العين أو المضمومها من الأفعال كعلم وظرف، والأسماء ككتف ورجل للتخفيف لغة تميمية كما في التسهيل.
قوله: "كما فعل في الكافية" راجع لقوله: أو يتركهما معًا. قوله: "أبنية الفعل المجرد" ثلاثيًّا كان أو رباعيًّا. قوله: "ومذهب سيبويه والمازني" المناسب قراءته بالنصب عطفًا على فعل الأمر. قوله: "أن يذكر" بالبناء للمفعول. وقوله: للرباعي كان عليه أن يقول للمجرد أو يزيد والثلاثي؛ لأن الأمر من الثلاثي قد يكون مجردًا نحو: قم وبع ودع. قوله: "إلا أنهم... إلخ" اعتذار عن عدم ذكر النحويين الماضي المصوغ للمجهول، وفعل الأمر لا عن ترك المصنف فعل الأمر دون المصوغ للمجهول؛ لأنه لا يصلح اعتذارًا عنه كما هو واضح. قوله: "لجريانها" أي: الصيغ الثلاث للرباعي على سنن مطرد أي: طريق غير مختلف بخلافها في الثلاثي، فبيان إحداها بيان للأخريين. قوله: "ولا يلزم من ذلك" من الاستغناء

 

ج / 4 ص -342-                       ومُنْتَهَاهُ أرْبَعٌ إِنْ جُرِّدَا      وإِنْ يُزِدْ فيه فما ستًّا عَدَا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من الاستدلال على المصادر المطردة بأفعالها انتفاء أصالتها، هذا كلامه.
"ومنتهاه" أي: الفعل "أربع إن جردا" وله حينئذ بناء واحد وهو فعلل، ويكون متعديًا نحو: دحرج، ولازمًا نحو: عربد. وقال الشارح: له ثلاثة أبنية؛ واحد للماضي المبني للفاعل نحو: دحرج، وواحد للماضي المبني للمفعول نحو: دُحرج، وواحد للأمر نحو: دَحرِج، وفيه ما تقدم من أن عادة النحويين الاقتصار على بناء واحد وهو الماضي المبني للفاعل كما سبق.
"وإن يزد فيه فما ستًّا عدا" أي: جاوز؛ لأن التصرف فيه أكثر من الاسم فلم يحتمل من عدة الحروف ما احتمله الاسم، فالثلاثي يبلغ بالزيادة أربعة نحو: أكرم، وخمسة نحو: اقتدر، وستة نحو: استخرج. والرباعي يبلغ بالزيادة خمسة نحو: تدحرج، وستة نحو: احرنجم.
تنبيهات: الأول: قال في التسهيل: وإن كان فعلًا لم يتجاوز ستة إلا بحرف التنفيس أو تاء التأنيث أو نون التأكيد، وسكت هنا عن هذا الاستثناء، وهو أحسن؛ لأن هذا في تقدير الانفصال.
الثاني: لم يتعرض الناظم لذكر أوزان المزيد من الأسماء أو الأفعال لكثرتها، ولأنه سيذكر ما به يعرف الزائد. أما الأسماء فقد بلغت بالزيادة في قول سيبويه ثلاثمائة بناء وثمانية أبنية، وزاد الزبيدي عليه نيفًا على الثمانين؛ إلا أن منها ما يصح، ومنها ما لا يصح. وأما الأفعال فللمزيد فيه من ثلاثيها خمسة وعشرون بناء مشهورة، وفي بعضها خلاف؛ وهي: أفعل نحو أكرم، وفعّل نحو فرّح، وتفعل نحو تعلم، وفاعل نحو ضارب، وتفاعل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالماضي، وجعل بيانه بيانًا للآخرين. قوله: "كما لم يلزم من الاستدلال على المصادر... إلخ" كاستدلالنا بكون الفعل على وزن فعل بفتح العين لازمًا على كون مصدره الفعول. وقوله: انتفاء أصالتها أي: المصادر. قوله: "ومنتهاه أربع" وإنما لم يتجاوزها إلى الخمس؛ لئلا يساوي الاسم، وهو نازل عنه بدليل احتياجه إليه واشتقاقه منه، قاله الدماميني. قوله: "كما سبق" الكاف بمعنى لام التعليل أي: لما سبق من جريانها على سنن واحد.
قوله: "لأن التصرف فيه أكثر" لعل مراده بالتصرف التغير، ويشهد له كلامه قبيل قول المصنف: وليس أدنى من ثلاثي يرى... إلخ. قوله: "من الاسم" أي: من التصرف فيه. قوله: "نحو: احرنجم" أي: اجتمع. قوله: "وإن كان" أي: المزيد فيه. قوله: "سيذكر ما به يعرف الزائد" أي: وهذا يغني عن ذكر أوزانها لتضمنه معرفتها. قوله: "نيفًا على الثمانين" أي: قدرًا زائدًا عليها أي: أكثر منها. قوله: "وهي أفعل" يجيء لمعانٍ منها التعدية كأخرج زيد عمرًا، وللكثرة كأضب المكان أي: كثر ضبابه، وأعال الرجل أي: كثرت عياله، وللصيرورة كأغدّ البعير أي: صار ذا غدة، والإعانة على ما اشتق الفعل منه كأحلبت زيدًا أي: أعنته على الحلب، والتعريض له كأبعت العبد أي: عرضته للبيع ولسلبه كأقسط زيد أي: أزال عن نفسه القسوط وهو الجور، وأشكيت زيدًا أي: أزلت شكايته، ووجدان المفعول متصفًا به كأبخلت زيدًا أي: وجدته بخيلًا، وبلوغه كأمأت الدراهم أي: بلغت مائة

ج / 4 ص -343-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نحو تضارب، وافتعل نحو اشتمل، وانفعل نحو انكسر، واستفعل نحو استغفر، وافعلّ نحو

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأنجد زيد أي: بلغ نجدًا، والمطاوعة ككببته فأكب. دماميني باختصار.
قوله: "وفعل" بتشديد العين، واختلف في الزائد منه؛ فالخليل وسيبويه على أنه الأول؛ لأنه في مقابلة الياء من بيطر. وقال آخرون: الزائد هو الثاني؛ لأنه في مقابلة الواو في جهور، وكلا الوجهين حسن، قيل: وهذا الخلاف في الزائد من كل مكرر، ويجيء فعل لمعانٍ منها: تعدية اللازم أو ذي الواحد كفرّحت زيدًا وخوفته عمرًا، والتكثير في الفعل كطوف زيد أي: كثر طوافه، أو الفاعل كبركت الإبل أو المفعول كغلقت الأبواب والسلب كقرّدت البعير أي: أزلت قراده والتوجه كشرق وغرب أي: توجه إلى الشرق والغرب، ونسبة المفعول إلى ما اشتق الفعل منه كفسقته أي: نسبته إلى الفسق، والصيرورة كعجزت المرأة أي: صارت عجوزًا، ولأصل الفعل كفكر أي: تفكر، ومن فعل ما صيغ من المركب لاختصار حكايته نحو: هلل إذا قال: لا إله إلا الله، وأمَّن إذا قال: وايه إذا قال: أيها الرجل ونحوه. دماميني باختصار.
قوله: "وتفعل" يجيء لمعانٍ؛ منها: المطاوعة ككسرته فتكسر وعلمته فتعلم، وفي المثال الثاني كلام أسلفناه في باب تعدي الفعل ولزومه والتكلف أي: معاناة الفاعل الفعل ليحصل كتشجع أي: تكلف الشجاعة وعاناها لتحصل فهو يريد وجودها وإرادة حصول الأصل هنا وعدمها في تفاعل هي الفارقة بينهما مع كون كل لإظهار الأصل بلا حقيقة، والتجنب كتأثم أي: تجنب الإثم والصيرورة كتأيمت المرأة أي: صارت أيمًا، والاتخاذ كتبنيته أي: اتخذته ابنًا، والطلب كتعجل الشيء أي: طلب عجلته وتبينه أي: طلب بيانه. دماميني باختصار. ولأصل الفعل كتفكر أي: فكر. قوله: "وفاعل" هو لاقتسام الفاعلية والمفعولية لفظًا والاشتراك فيهما معنًى، فزيد وعمرو من ضارب زيد عمرًا قد اقتسما الفاعلية والمفعولية بحسب اللفظ؛ فإن أحدهما فاعل والآخر مفعول، واشتركا فيهما بحسب المعنى؛ إذ كل منهما ضارب لصاحبه ومضروب له؛ ولهذا جوز بعضهم إتباع مرفوعه بمنصوب والعكس، وقد جاء لأصل الفعل كباعدته أي: أبعدته، وسافر زيد وقاتله الله وبارك فيه.
قوله: "وتفاعل" هو للاشتراك في الفاعلية لفظًا وفيها وفي المفعولية معنى، وقد جاء لأصل الفعل كتعالَى الله، وتخييل الاتصاف به كتجاهل، والمطاوعة كباعدته فتباعد. قوله: "وافتعل" يجيء لمعانٍ منها التسبب في الشيء والسعي فيه تقول: اكتسبت المال إذا حصلته بسعي وقصد، وتقول: كسبته إن لم يكن بسعي وقصد كالمال الموروث، ولأصيل الفعل كالتحى أي: طلعت لحيته، والمطاوعة كأوقدت النار فاتقدت، ومعنى تفاعل كاقتتلوا واختصموا. دماميني باختصار.
قوله: "وانفعل" هو لمطاوعة الفعل ذي العلاج أي: التأثير المحسوس كقسمته فانقسم، فلا يقال: علمت المسألة فانعلمت، ولا ظننت ذلك حاصلًا فانظن؛ لأن العلم والظن مما يتعلق بالباطن، وليس أثرهما محسوسًا. وأما نحو: فلان منقطع إلى الله تعالى، وانكشفت لي حقيقة المسألة، وحديث: "أنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلي"، فمن باب التجوز سلمنا أنه حقيقة؛ لكن لا نسلم أنه مطاوع؛ بل هو من باب انطلق زيد، وجاء لأصل الفعل كانطلق أي: ذهب ولبلوغ الشيء كانحجز أي: بلغ الحجاز، واستغنوا عن انفعل بافتعل فيما فاؤه لام كلويته فالتوى، أو راء كرفعته فارتفع، أو واو

 

ج / 4 ص -344-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
احمر، وافعال نحو اشهاب الفرس، وافعوعل نحو اغدودن الشعرن وافعوّل نحو اعلوط فرسه إذا اعروراه، وافعولل نحو اخشوشن، وافعيل نحو اهبيخ، وفوعل نحو حوقل إذا أدبر عن النساء، وفعول نحو هرول، وفعلل نحو شملل إذا أسرع، وفيعل نحو بيطر، وفعيل نحو طشيأ رأيه، وهيأ إذا غلط، وفعلى نحو سلقاه إذا ألقاه على قفاه، وافعنلى نحو اسلنقى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كوصلته فاتصل، أو نون كنقلته فانتقل، وكذا الميم غالبًا كملأته فامتلأ، وسمع محوته فامحى ومزته فاماز، والأصل انمحى وانماز، فقلبت النون ميمًا وأدغمت. وقد يستغنون عنه به في غير ذلك كاستتر واستد، وقد يتشاركان في غير ذلك كحجبت الشيء فانحجب واحتجب. دماميني باختصار.
قوله: "واستفعل" يجيء لمعانٍ منها الطلب كاستغفرت الله وعد الشيء متصفًا بالفعل كاستسمنت زيدًا أي: عددته سمينًا، والصيرورة كاستحجر الطين أي: صار حجرًا، ولوجدان الشيء متصفًا بالفعل كاستوبأت الأرض وجدتها وبيئة، والمطاوعة كأرحته فاستراح، وتقدم في باب تعدي الفعل ولزومه مزيد. قوله: "وافعلّ" بتشديد اللام وكذا افعال وأكثر مجيئهما للألوان ثم العيوب الحسية، وقد يجيئان لغيرهما كانقض الطائر أي: سقط، وإملاس الشيء من الملامسة، والأكثر في ذي الألف العروض وفي ساقطها اللزوم، وقد يكون الأول لازمًا كقوله تعالى في وصف الجنتين:
{مُدْهَامَّتَانِ} [الرحمن: 64] والثاني عارضًا كاحمر وجهه خجلًا. دماميني باختصار. واختلف في أيهما الأصل كما في الهمع.
قوله: "نحو اشهاب الفرس" أي: غلب سواده على بياضه، ومثله اشهب، نقله شيخنا السيد عن شرح الشافية. قوله: "افعوعل" يجيء لمعانٍ منها المبالغة نحو اخشوشن الشعر أي: عظمت خشونته، واعشوشب المكان كثر عشبه، والصيرورة نحو احلولى الشيء أي: صار حلوًا. دماميني.
قوله: "نحو اغدودن" بغين معجمة فدال مهملتين بينهما واو أي: طال. قوله: "وافعول" بتشديد الواو. وقوله: "نحو اعلوط فرسه" بعين وطاء مهملتين. وقوله: إذا اعرورواه أي: ركبه عريا، والذي في القاموس: اعلوط البعير تعلق وعلاه أو ركبه بلا خطام أو عريا. اهـ. قوله: "وافعولل نحو اخشوشن" فيه أن اخشوشن كاعدودن وهو بوزن افعوعل، كما مر في كلام الشارح لا افعولل؛ بل مر عن الدماميني أن اخشوشن بوزن افعوعل، ومعنى اخشوشن الشعر عظمت خشونته، كما مر. قوله: "نحو اهبيخ" بخاء معجمة يقال: اهبيخ الغلام أي: امتلأ.
قوله: "نحو شملل" بالشين المعجمة فالميم فاللامين كما في القاموس. قوله: "نحو بيطر" أي: عمل صنعة البيطرة وهي معالجة الدواب. قوله: "إذا غلط" بالطاء المهملة وهو راجع إلى الفعلين قبله كما قاله شيخنا السيد، ولم يذكر في القاموس الفعل الأول أصلًا؛ وإنما ذكر الرهيأة وفسرها بمعانٍ منها الضعف والتواني وفساد الرأي. قوله: "وافعنلى" مذهب سيبويه عدم تعدي هذا البناء، وخالفه أبو عبيدة وابن جني فقالا: قد يجيء متعديًا كقوله:

قد جعل النعاس يغر نديني                        أدفعه عني ويسر نديني

قال الزبيدي: أحسب هذا مصنوعًا، ومعنى هذين الفعلين واحد أي: يغلبني. دماميني. قوله:

 

ج / 4 ص -345-                               لاسم مُجَرَّدٍ رُبَاعٍ فَعْلَلُ       وفِعلِلٌ وفِعْلَلٌ وفُعْلُلُ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وافعنلأ نحو احبنطأ لغة في احبنطى إذا نام على بطنه، وافعنلل نحو اخرنطم إذا غضب، وفنعل نحو سنبل الزرع، وتمفعل نحو تمندل إذا مسح يده بالمنديل والكثير تندل، ويجيء كل واحد من هذه الأوزان لمعانٍ متعددة لا يحتمل الحال إيرادها هنا، والمزيد من رباعيها ثلاثة أبنية: تفعلل نحو تدحرج، وافعنلل نحو احرنجم، وافعلل نحو اقشعر، وهي لازمة. واختلف في هذا الثالث؛ فقيل: هو بناء مقتضب، وقيل: هو ملحق باحرنحم زادوا فيه الهمزة وأدغموا الأخير فوزنه الآن افعلل ويدل على إلحاقه باحرنجم مجيء مصدره كمصدره.
"لاسم مجرد رباع فعلل وفعلل وفعلل وفعلل ومع فعل فُعْلَل" أي: للرباعي المجرد ستة أبنية؛ الأول: فعلل بفتح الأول والثالث ويكون اسمًا نحو جعفر وهو النهر الصغير، وصفة ومثلوه بسهلب وشجعم، والسهلب الطويل، والشجعم الجريء. وقيل: إن الهاء في سهلب والميم في شجعم زائدتان، وجاء بالتاء عجوز شهربة وشهبرة للكبيرة، وبهكنة للضخمة الحسنة. الثاني: فعلل بكسرالأول والثالث ويكون اسمًا نحو زبرج وهو السحاب الرقيق، وقيل: السحاب الأحمر، وهو من أسماء الذهب أيضًا، وصفة نحو خرمل. قال الجرمي:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"وافعنلأ نحو احبنطأ" بهمزة بعد اللام وبعد الطاء. قوله: "نحو اخرنطم" بخاء معجمة فراء فنون فطاء مهملة، ويظهر لي أنه كاحرنجم، فيكون من مزيد الرباعي. قوله: "بالمنديل" بفتح الميم وكسرها. قوله: "والكثير تندل" بل هو الفصيح. وأما تمندل وتمنطق ونحوهما فشاذ، ذكره شيخنا السيد. قوله: "ويجيء كل واحد... إلخ" يرد عليه أن منها ما لم يوضع لإفادة معنى من المعاني التي تفاد بالأبنية كفوعل وفعول وفيعل وفعيل. قوله: "من رباعيها" أي: الأفعال. قوله: "وقيل: هو ملحق باحرنجم" فأصله قشعر كحرجم زادوا فيه الهمزة وإحدى الراءين، فصار اقشعرر، ثم نقلوا إلى العين فتحة الراء الأولى توصلًا إلى إدغامها في الثانية، ورد هذا القول بأن الملحق به إذا كانت فيه زيادة يجب اشتمال الملحق عليها واقعة فيه موقعها في الأصل، والنون من احرنجم منتفية من اقشعر، وبأنه لا يجوز في الملحق الإدغام مطلقًا ولا الإعلال في الآخر، ومجرد مجيء مصدره كمصدر احرنجم لا يدل على الإلحاق؛ بل لا بد من استيفاء شرائط الإلحاق.
قوله: "وأدغموا الأخير" لو قال: والراء وأدغموا الأخير فيها؛ لكان أوضح، وفي قوله: وأدغموا الأخير إشارة إلى أن الراء الأولى هي الأصلية، وفي ذلك خلاف. قوله: "فوزنه الآن أفعللل" ووزنه قبل ذلك كدحرج. قوله: "رباع" بحذف الثانية من ياءي النسب تخفيفًا ثم حذف الأولى لالتقاء الساكنين، وإن شئت قلت: حذفت ياء النسب برمتها للضرورة. قوله: "ومع فعل فعلل" الواو عاطفة لفعلل على المبتدأ ومع فعل حال من فعلل أو من مجموع الأوزان الخمسة. قوله: "ستة أبنية" ومقتضى القسمة أن تكون ثمانية وأربعين بضرب اثني عشر في أربعة أحوال اللام الأولى؛ لكن لم يأتِ أكثرها لالتقاء الساكنين أو للثقل أو لتوالي أربع متحركات، ومقتضى القسمة أن تكون أبنية الخماسي مائة واثنين وتسعين بضرب ثمانية وأربعين في أربعة أحوال اللام الثانية؛ لكن لم يأتِ أكثرها لما مر. همع. قوله: "وبهكنة" بموحدة فهاء فكاف فنون. قوله: "نحو خرمل" بخاء معجمة

ج / 4 ص -346-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخرمل المرأة الحمقاء مثل الخذعل، ونحو: ناقة دلقم، قال الجوهري: هي التي أكلت أسنانها من الكبر. الثالث: فعلل بكسر الأول وفتح الثالث، ويكون اسمًا نحو درهم، وصفة نحو هبلع للأكول. الرابع: فعلل بضم الأول والثالث، ويكون اسمًا نحو برثن، وهو واحد براثن السباع، وهو كالمخلب من الطير، وصفة نحو جرشع للعظيم من الجمال، ويقال: الطويل. الخامس فعل بكسر الأول وفتح الثاني ويكون اسمًا نحو قمطر وهو وعاء الكتب، وفطحل وهو الزمان الذي كان قبل خلق الناس. قال أبو عبيدة: والأعراب تقول: زمن كانت الحجارة فيه رطبة، قال العجاج:
1266-

وقد أتاه زمن الفطحل                       والصخر مبتل كطين الوحل

وقال آخر:

زمن الفطحل إذ السلام رطاب

وصفة نحو سبطر وهو الطويل الممتد، وجمل قمطر أي: صلب، ويوم قمطر أي: شديد. السادس: فعلل بضم الأول وفتح الثالث ويكون اسمًا نحو جخدب لذكر الجراد، وصفة نحو جرشع بمعنى جرشع بالضم.
تنبيهات: الأول: مذهب البصريين غير الأخفش أن هذا البناء السادس ليس ببناء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فراء فميم فلام كما في القاموس. قوله: "المرأة الحمقاء" أي: وصف المرأة الحمقاء.
قوله: "مثل الخذعل" بخاء معجمة مكسورة فذال معجمة ساكنة فعين مهملة فلام كما في القاموس، وما في كلام شيخنا مما يخالف ذلك فيه نظر. قوله: "دلقم" بدال مهملة فلام فقاف. قوله: "التي أكلت أسنانها" من باب فرح أي: تكسرت كذا في القاموس. قوله: "نحو هبلع" بهاء فموحدة فلام فعين مهملة، وقيل: الهاء فيه زائدة. قوله: "نحو برثن" بموحدة فراء ففوقية على ما في التصريح، وضبطه زكريا بالمثلثة بدل الفوقية، وصوَّبه يس. قوله: "نحو جرشع" بجيم فراء فشين معجمة فعين مهملة. تصريح. قوله: "وهو وعاء الكتب" قال الشاعر:

ليس بعلم ما حوى القمطر                       ما العلم إلا ما وعاه الصدر

قوله: "وفطحل" بالفاء والطاء والحاء المهملتين. تصريح. قوله: "وهو الزمان... إلخ" وقال المصرح: وهو زمن الطوفان وزمن خروج نوح من السفينة. قوله: "قال العجاج" تبع فيه المرادي. قال العيني: وهو غير صحيح؛ وإنما قاله رؤبة. قوله: "إذ السلام" بكسر السين المهملة أي: الحجارة جمع سلمة بفتح فكسر، والرطاب بكسر الراء جمع رطبة بفتحها كقصاع وقصعة. قوله: "نحو جخدب" بجيم فخاء معجمة فدال مهملة. تصريح. قوله: "بالضم" أي: ضم اللام. وقوله: لأن جميع

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1266- الرجز لرؤبة في ديوانه ص128، ولسان العرب 11/ 527 "فطحل"، وله أو للعجاج في الحيوان 4/ 202، وليس في ديوان العجاج، وبلا نسبة في الحيوان 6/ 116.

 

ج / 4 ص -347-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أصلي؛ بل هو فرع على فعلل بالضم فتح تخفيفًا؛ لأن جميع ما سمع فيه الفتح سمع فيه الضم نحو: جخدب وطحلب وبرقع في الأسماء، وجرشع في الصفات. وقالوا للمخلب: برثن، ولشجر البادية: عرفط، ولكساء مخطط: برجد، ولم يسمع فيها فعلل بالفتح. وذهب الكوفيون والأخفش إلى أنه بناء أصلي، واستدلوا لذلك بأمرين؛ أحدهما: أن الأخفش حكى جؤذرا ولم يحكِ فيه الضم، فدل على أنه غير مخفف، وهو مردود؛ فإن الضم فيه منقول أيضًا، وزعم الفراء أن الفتح في جؤذر أكثر.
وقال الزبيدي: إن الضم في جميع ما ورد منه أفصح، والآخر: أنهم قد ألحقوا به فقالوا: عندد، يقال: ما لي عن ذلك عندد أي بد، وقالوا: عاطت الناقة عوطط إذا اشتهت الفحل، وقالوا: سودد، فجاءوا بهذه الأمثلة مفكوكة، وليست من الأمثلة التي استثني فيها فك المثلين لغير الإلحاق، فوجب أن يكون للإلحاق.
وأجاب الشارح بأنا لا نسلم أن فك الإدغام للإلحاق بنحو جخدب؛ وإنما هو لأن فعللا من الأبنية المختصة بالأسماء فقياسه الفك كما في جدد وظلل وحلل، وإن سلمنا أنه للإلحاق فلا نسلم أنه لا يلحق إلا بالأصول، فإنه قد ألحق بالمزيد فيه فقالوا: اقعنسس فألحقوه باحرنجم، فكما ألحق بالفرع بالزيادة فكذا يلحق بالفرع بالتخفيف. الثاني: ظاهر كلام الناظم هنا موافقة الأخفش والكوفيين على إثبات أصالة فعلل.
وقال في التسهيل: وتفريع فعلل على فعلل أظهر من أصالته. الثالث: زاد قوم من النحويين في أبنية الرباعي ثلاثة أوزان وهي: فعلل بكسر الأول وضم الثالث، وحكى ابن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما سمع فيه الفتح أي: فتح اللام. قوله: "عرفط" بعين مهملة فراء ففاء فطاء مهملة. قوله: "برجد" فراء فجيم فدال مهملة.
قوله: "ولم يسمع فيها" أي: الثلاثة المذكورة في قوله: وقالوا... إلخ فعلل بالفتح أي: فقد انفرد الضم دون الفتح، وذلك يدل على أصالة الضم. قوله: "حكى جؤذرا" أي: بفتح الذال المعجمة وهو ولد البقرة الوحشية كالجيذر بالياء والجوذر بالواو مع ضم الجيم أو فتحها أو مع فتحها وكسر الذال، كذا في القاموس. قوله: "وزعم الفراء... إلخ" دليل لكون الضم منقولًا كما قاله شيخنا، وكذا قوله: وقال... إلخ؛ لكن كان الأنسب حذف الواو من: وزعم. قوله: "أنهم قد ألحقوا به" أي: والإلحاق به يدل على أصالته؛ إذ لا يلحق إلا بأصلي. سم. قوله: "عندد" بإهمال العين والدالين. وقوله: عاطت بإهمال العين والطاء. وقوله: سودد في داله الأولى الضم أيضًا. قوله: "التي استثني فيها" أي: من وجوب إدغام المثلين في غير الملحق.
قوله: "وأجاب الشارح" أي: عن الاستدلال بالأمر الآخر. قال سم: وكأن حاصل الجواب الأول منع أنه ليس من الأمثلة التي استثني فيها فك المثلين لغير الإلحاق. قوله: "بالزيادة" الباء

 

ج / 4 ص -348-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جني أنه يقال لجوز القطن الفاسد: خرفع، ويقال أيضًا لزئبِر الثوب: زئبُر، وللضِّئبل -وهو من أسماء الداهية- ضئبل، وفعل بضم الأول وفتح الثاني نحو: خبعث ودلمز، وفعلل بفتح الأول وكسر الثالث نحو: طحربة، ولم يثبت الجمهور هذه الأوزان، وما صح نقله منها فهو عنده شاذ، وقد ذكر الأول من هذه الثلاثة في الكافية فقال: وربما استعمل أيضًا فعلل، والمشهور في الزئبر والضئيل كسر الأول والثالث.
الرابع: قد علم بالاستقراء أن الرباعي لا بد من إسكان ثانيه أو ثالثه، ولا يتوالى أربع حركات في كلمة؛ ومن ثَم لم يثبت فعلل. وأما عبلط للضخم من الرجال وناقة علبطة أي: عظيمة، فذلك محذوف من فعالل، وكذلك دودم وهو شيء يشبه الدم يخرج من شجر السمر، ويقال حينئذ: حاضت السمرة، وكذلك لبن عثلط وعجلط أي: ثخين خاثر ولا فعلل. وأما عرثن لنبت يدبغ به فأصله عرنثن مثل قرنفل، ثم حذفت منه النون كما حذفت الألف في علابط، واستعملوا الأصل والفرع، وكذلك عَرَقُصَان أصله عرنقصان، حذفوا النون وبقي على حاله وهو نبت ولا فعلل.
وأما جندل فإنه محذوف من جنادل، والجندل الموضع فيه حجارة. وجعله الفراء وأبو علي فرعًا على فعليل وأصله جنديل، واختاره الناظم؛ لأن جندلًا مفرد فتفريعه على المفرد أولى. وقد أورد بعضهم هذه الأوزان على أنها من الأبنية الأصول وليست محذوفة،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سببية متعلقة بالفرع، وكذا قوله: بالتخفيف. قوله: "خرفع" بخاء معجمة فراء ففاء فعين مهملة، كما في التصريح. قوله: "لزئبر الثوب" بكسر الزاي وسكون الهمزة وكسر الموحدة؛ وهو ما يعلو الثوب الجديد. وقوله: زئبر أي: بضم الموحدة. قوله: "وللضئبل" بكسر الضاد المعجمة وسكون الهمزة وكسر الموحدة. وقوله: ضئبل أي: بضم الموحدة. قوله: "نحو خبعث" بخاء معجمة فعين مهملة فمثلثة اسم للضخم وقيل: الشديد العظيم الخلق. قوله: "ودلمز" بدال مهملة فلام فميم فزاي اسم للصلب الشديد. قوله: "نحو طحربة" بطاء فحاء مهملتين فراء فموحدة، وفيه ثلاثة أوجه أخرى هي التي اقتصر عليها صاحب القاموس فقال: بفتح الطاء والراء وهو الأشهر وبكسرهما وبضمهما القطعة من الغيم. قوله: "ولا يتوالى" المناسب التفريع. قوله: "لم يثبت فعلل" أي: بضم ففتح فكسر.
قوله: "فذلك محذوف" أي: مختصر. قوله: "دودم" بدالين مهملتين. قوله: "عثلط وعجلط وعكلط" بإهمال عين كل من الثلاثة وطائه، وقيل: اللام من الأول مثلثة ومن الثاني جيم ومن الثالث كاف. قوله: "أي: ثخين خاثر" يرجع لكل من الثلاثة قبله، وفي القاموس: خثر اللبن ويثلث خثرًا وخثورًا وخثارة وخثورة وخثرانًا غلظ. اهـ. فقول الشارح: خائر تأكيد لقوله: ثخين. قوله: "ولا فعلل" أي: بفتح الفاء والعين وضم اللام الأولى. قوله: "عرثن" بعين فراء مهملتين فمثلثة. قوله: "عرقصان" بعين فراء مهملتين مفتوحتين فقاف مضمومة فصاد مهملة. قوله: "ولا فعلل" أي: بفتح الفاء والعين وكسر اللام الأولى. قوله: "على فعليل" أي: عنه. قوله: "وليست محذوفة" أي: مختصرة من

 

ج / 4 ص -349-                        ومَعْ فِعَلٍّ فُعْلَلٌ وإِنْ عَلا   فمَعْ فَعَلَّلٍ حَوَى فَعْلَلِيلا

كذا فُعْلِّلٌ وفِعْلَلٌّ وما                            غَايَرَ للزيد أو النقص انْتَمَى


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وليس بصحيح لما سبق.
"وإن علا" الاسم المجرد عن أربعة وهو الخماسي "فمع فعلل حوى فعلللا كذا فعلل وفعلل" فالأول من هذه الأبنية فعلل، وهو بفتح الأول والثاني والرابع يكون اسمًا نحو سفرجل، وصفة نحو شمردل للطويل، والثاني وهو بفتح الأول والثالث وكسر الرابع. قالوا: لم يجئ إلا صفة نحو جحمرش للعظيمة من الأفاعي. وقال السيرافي: هي العجوز المسنة، وقهبلس للمرأة العظيمة، وقيل: لحشفة الذكر، وقيل: لعظيم الكمرة فيكون اسمًا. والثالث: وهو بضم الأول وفتح الثاني وكسر الرابع يكون اسمًا نحو خزعبل للباطل وللأحاديث المستطرفة، وقذعمل يقال: ما أعطاني قذعملًا أي: شيئًا، وصفة يقال: جمل قذعمل للضخم والقذعملة من النساء القصيرة، وجمل خبعثن وهو الضخم أيضًا، وقيل: الشديد الخلق العظيم، وبه سمي الأسد. والرابع: وهو بكسر الأول وفتح الثالث يكون اسمًا نحو قرطعب وهو الشيء الحقير، وصفة نحو جردحل وهو الضخم من الإبل، وحنزقر وهو القصير.
تنبيه: زاد ابن السراج في أوزان الخماسي فعلل نحو هندلع اسم بقلة، ولم ثبته

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شيء آخر. قوله: "لما سبق" أي: من امتناع توالي أربع متحركات في كلمة. قوله: "الاسم المجرد" فيه إشارة إلى أن الضمير في علا يرجع إلى الاسم المجرد مجردًا عن وصفه بالرباعي ليصح الإسناد، فافهم.
قوله: "عن أربعة" عن بمعنى على. قوله: "فمع فعلل" الظرف حال من مفعول حوى والضمير في حوى يرجع إلى الاسم الخماسي الأصول. قوله: "نحو شمردل" بإعجام الشين فقط. قوله: "جحمرش" بجيم فحاء مهملة فميم فراء فشين معجمة. قوله: "وقهبلس" بقاف فهاء فموحدة فلام فسين مهملة. قوله: "لعظيم الكمرة" أي: للرجل العظيم الكمرة أي: حشفة الذكر ليناسب قوله: فيكون اسمًا. قوله: "فيكون اسمًا" أي: على القولين الأخيرين. قوله: "خزعبل" بخاء معجمة فزاي فعين مهملة فموحدة. قوله: "المستطرفة" يحتمل ضبطه بالطاء المهملة وبالظاء المشالة. قوله: "وقذعمل" بقاف فذال معجمة فعين مهملة. قوله: "وجمل خبعثن" بخاء معجمة أوله لا قاف، كما وقع في بعض النسخ فموحدة فعين مهملة فمثلثة. قوله: "قرطعب" بقاف فراء فطاء فعين مهملتين فموحدة.
قوله: "وهو الشيء الحقير" هذا التفسير على وزان تفسيره القهبلس بالمرأة العظيمة، فلما جعل قرطعب بمعنى الشيء الحقير اسمًا وقهبلس بمعنى المرأة العظيمة صفة؛ إلا أن يدعي عدم اعتبار الحقارة في مفهوم قرطعب دون العظم في مفهوم قهبلس، ولا يخفى ما فيه.
قوله: "جردحل" بجيم فراء فدال فحاء مهملتين. قوله: "وحنزقر" بحاء مهملة فنون فزاي فقاف فراء كما في القاموس. قوله: "فعلل" بضم فسكون فثلاث لامات، أولاها مفتوحة، وثانيتها مكسورة، وكان مقتضى الظاهر نصبه بزاد، ولعله رفعه حكاية لحالة رفعه. قوله: "هندلع" بهاء فنون فدال مهملة فلام

ج / 4 ص -350-                            والحرفُ إن يَلْزَم فأَصْلٌ الذي    لا يَلْزَمُ الزائد مثل تا احْتُذِي


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سيبويه، والصحيح أن نونه زائدة وإلا لزم عدم النظير، وأيضًا فقد حكي كراع في الهندلع بكسر الهاء، فلو كانت النون أصلية لزم كون الخماسي على ستة أوزان، فيفوت تفضيل الرباعي عليه هو مطلوب، ولأنه يلزم على قوله: أصالة نون كنهبل؛ لأن زيادتها لم تثبت إلا لأن الحكم بأصالتها موقع في عدم النظير، مع أن نون هندلع ساكنة ثانية، فأشبهت نون عنبر وحنظل ونحوهما، ولا يكاد يوجد نظير كنهبل في زيادة نون ثانية متحركة، فالحكم على نون هندلع بالزيادة أولى. وزاد غيره للخماسي أوزانًا أخر لم يثبتها الأكثرون؛ لندورها واحتمال بعضها للزيادة، فلا نطيل بذكرها.
"وما غاير" من الأسماء المتمكنة ما سبق من الأمثلة "للزيد أو النقص انتمى" نحو يد وجندل واستخراج، وكان ينبغي أن يقول: أو الندور؛ لأن نحو طحربة مغاير للأوزان المذكورة، ولم ينتمِ إلى الزيادة ولا النقص؛ ولكنه نادر كما سبق؛ ولهذا قال في التسهيل: وما خرج عن هذه المثل فشاذ، أو مزيد فيه، أو محذوف منه، أو شبه الحرف، أو مركب، أو أعجمي.
"والحرف إن يلزم" الكلمة في جميع تصاريفها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فعين مهملة. قوله: "وإلا لزم عدم النظير" حاصل ما ذكره في توجيه زيادة النون ثلاثة أوجه. قوله: "كراع" بضم الكاف اسم عالم لغوي. قوله: "فيفوت تفضيل الرباعي عليه" لأنه على ستة أوزان كما مر. قوله: "ولأنه يلزم" لو قال: وأيضًا يلزم؛ لناسب ما قبله. قوله: "كنهبل" بفتح الكاف والنون وسكون الهاء وفتح الموحدة وضمها، قال في القاموس: الكنهبل وتضم باؤه شجر عظام كالكهبل والشعير الضخم السنبلة.
قوله: "لم تثبت إلا لأن الحكم بأصالتها... إلخ" فيه أن الحكم بزيادتها موقع أيضًا في عدم النظير، كما سيذكره بقوله: ولا يكاد... إلخ إلا أن يقال في التعليل: حذف تقديره مع كون باب الزيادة أوسع، كما سيأتي في الشرح. قوله: "وزاد غيره" أي: غير ابن السراج. قوله: "واحتمال بعضها للزيادة" أي: لكون بعض حروفه زائدًا. قوله: "من الأسماء المتمكنة" هكذا قيد غيره أيضًا، وعمم بعض الشراح فجعل المراد ما غاير من الأسماء والأفعال؛ لأنه تكلم فيما سبق على الأفعال أيضًا وهو أوجه، وإن وجه سم الأول بما فيه نظر ظاهر، وإن أقره شيخنا والبعض. قوله: "نحو: يد وجندل واستخراج" نقص من يد أصل وهو الياء؛ إذ أصله يدي، ومن جندل بفتح الجيم والنون وكسر الدال زائد وهو الألف أو الياء؛ إذ أصله جنادل أو جنديل على الخلاف السابق في الشرح، وزيد في استخراج همزة الوصل والسين والتاء والألف. قوله: "أو الندور" أي: الشذوذ. قوله: "نحو طحربة" تقدم ضبطها وتفسيرها.
قوله: "أو محذوف منه" أي: فاؤه كعدة، أو عينه كسه، أو لامه كيد، أو شبه الحرف كمن، أو مركب كحضرموت، أو أعجمي كبلخش بفتح الموحدة واللام وسكون الخاء المعجمة وبالشين المعجمة اسم حجر معروفة؛ وإنما لم ينبه المصنف على هذه الثلاثة؛ لأن كلامه هنا في الأسماء المتمكنة البسيطة العربية؛ ولهذا لم يعترض الشارح عليه إلا بعدم التنبيه على النادر. قوله: "والحرف" مبتدأ وجملة الشرط وجوابه في محل رفع خبر. قوله: "حذا

ج / 4 ص -351-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"فأصل والذي لا يلزم" بل يحذف في بعض التصاريف فهو "الزائد مثل تا احتذي" لأنك تقول: حذا حذوه، فتعلم بسقوط التاء أنها زائدة في احتذي، يقال: احتذى به أي: اقتدى به، ويقال أيضًا: احتذى أي: انتعل. قال:

كل الحذاء يحتذي الحافي الوقع

والحذاء النعل. وأما الساقط لعلة من الأصول كواو يعد فإنه مقدر الوجود، كما أن الزائد اللازم كنون قرنفل وواو كوكب في تقدير السقوط؛ ولذا يقال: الزائد ما هو ساقط في أصل الوضع تحقيقًا أو تقديرًا. واعلم أن الزيادة تكون لأحد سبعة أشياء: للدلالة على معنى كحرف المضارعة وألف المفاعلة، وللإلحاق كواو كوثر وجدول، وياء صيرف وعثير، وألف أرطى ومعزى، ونون جحنفل ورعشن، وللمد كألف رسالة وياء صحيفة وواو

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حذوه" قال في القاموس: حذا حذو زيد فعل فعله. قوله: "ويقال أيضًا: احتذى أي: انتعل" ويقال أيضًا: احتذاه أي: ألبسه الحذاء أي: النعل. قال في القاموس: حذا النعل حذوًا وحذاء قدرها وقطعها والرجل نعلا ألبسه إياها كاحتذاه. اهـ. قوله: "كل الحذاء" مفعول مطلق إن جعل مصدرًا بمعنى الاحتذاء ومفعول به إن جعل بمعنى النعل وهو الأقرب. وقول البعض مده للضرورة خطأ محض؛ إذ هو ممدود وضعًا كما مر في باب المقصور والممدود.
قوله: "وأما الساقط... إلخ" دفع به الاعتراض على المصنف بأن كلا من تعريفي الأصل والزائد غير جامع وغير مانع. أما عدم جمع تعريف الأصل فلخروج نحو واو وعد مما هو أصل، ويسقط في بعض تصاريف الكلمة لعلة. وأما عدم منعه فلدخول نحو نون قرنفل مما هو زائد، ولا يسقط أصلًا. وأما عدم جمع تعريف الزائد ومنعه فلخروج الثاني عنه ودخول الأول فيه. وحاصل الجواب أن المراد باللزوم اللزوم لفظًا أو تقديرًا، والساقط لعلة كالثابت، وبالسقوط السقوط لفظًا أو تقديرًا، ونحو نون قرنفل في تقدير السقوط. قوله: "من الأصول" حال من الساقط.
قوله: "فإنه مقدر الوجود" أي: فلا يرد على تعريف الأصل جمعًا والزائد منعًا. سم. في تقدير السقوط أي: فلا يرد على تعريف الأصل منها الزائد جمعًا. سم. قوله: "ولذا" أي: لكون الساقط لعلة كالثابت والزائد اللازم في تقدير السقوط. قوله: "وللإلحاق" هو جعل ثلاثي أو رباعي موازنًا لما فوقه كما في التسهيل. قال الدماميني: والمراد الموازنة بحسب الصورة، وإلا فالوزن مختلف بحسب الحقيقة، ألا ترى أن وزن جعفر مثلًا فعلل ووزن كوثر فوعل. اهـ. وقد أفرد الناظم في تسهيله الزائد للإلحاق بفصل ينبغي مراجعته مع شرحه للدماميني. قوله: "كواو كوثر وجدول" الكوثر يطلق على معانٍ؛ منها: الخير الكثير، ونهر في الجنة، والجدول كجعفر ودرهم النهر الصغير كذا في القاموس. قوله: "وياء صيرف وعثير" الصيرف والصيرفي المحتال في الأمور، والعثير التراب والعجاج والأثر الخفي، كذا في القاموس. قوله: "وألف أرطى ومعزى" الأرطَى نبت والمعزى بالقصر ويمد خلاف الضأن كذا في القاموس، وميمه مكسورة كما يفيده قول الدماميني أن ألفه للإلحاق بدرهم. قوله: "ونون جحنفل ورعشن" الجحنفل بفتح الجيم والحاء المهملة

 

ج / 4 ص -352-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حلوبة، وللعوض كتاء زنادقة وإقامة وسين يستطيع وميم اللهم، وللتكثير كميم ستهم وزرقم وابنم زيدت لتفخيم المعنى وتكثيره، ومن هذا المعنى ألف قبعثرى وكمثرى، وللإمكان كألف الوصل؛ لأنه لا يمكن أن يبتدأ بساكن وهاء السكت في نحو: عه وقه؛ لأنه لا يمكن أن يبتدأ بحرف ويوقف عليه، وللبيان كهاء السكت في نحو: ما ليه، ويا زايده، زيدت لبيان الحركة وبيان الألف.
تنبيهان: الأول: الزائدة نوعان؛ أحدهما: أن يكون تكرير أصل لإلحاق أو لغيره، فلا يختص بأحرف الزيادة، وشرطه أن يكون تكرير عين إما مع الاتصال نحو قتل، أو مع الانفصال بزائد نحو عقنقل، أو تكرير لام كذلك نحو جلبب وجلباب، أو فاء وعين مع

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وسكون النون وفتح الفاء الغليظ الشفة والجيش العظيم، كما يأتي في الشرح، والرعشن المرتعش. قوله: "كتاء زنادقة" فإنها عوض عن ياء زنديق. سم.
قوله: "وإقامة" فإن التاء عوض عن عين الكلمة المنقلبة ألفًا أو عن ألف الإفعال الزائدة على الخلاف السابق في المحذوف من الألفين. قوله: "وسين يستطيع" فإنها عوض عن حركة العين، كما سيأتي قبيل فصل في زيادة همزة الوصل في شرح قوله: واللام في الإشارة المشتهرة. سم. قوله: "وللتكثير" أراد بالتكثير ما يشمل تفخيم المعنى وتكثير اللفظ بقرينة قوله بعد: لتفخيم المعنى وتكثيره أي: تكثير داله. قوله: "ستهم" في القاموس: الستهم بالضم الكبير العجز. اهـ. وفيه أيضًا الزرق محركة والزرقة لون معروف زرقت عينه كفرح، ثم قال: والزرقم بالضم الشديد الزرق للمذكر والمؤنث. قوله: "ألف قبعثرى وكمثرى" القبعثرى الجمل الضخم، والفصيل المهزول، ودابة تكون في البحر. اهـ قاموس. والكمثرى بضم الكاف وفتح الميم. قوله: "ويوقف عليه" أي: وقفًا جاريًا على وجهه السابق في بابه، فلا يقال: يمكن أن يبتدأ بحرف ويوقف عليه باقيًا على حركته دون زيادة. قوله: "ويا زيداه" عطفًا على ما ليه كما لا يخفى، وإن جعله الأسقاطي عطفًا على هاء السكت.
قوله: "لبيان الحركة وبيان الألف" فيه لف ونشر مرتب، والمراد كمال بيان الألف. قوله: "أو لغيره" كالتعدية. قوله: "فلا يختص بأحرف الزيادة" أي: المصطلح عليها، وهي حروف أمان وتسهيل. قوله: "إما مع الاتصال" أي: اتصال الزائد بالأصل الذي هو تكرير له. قوله: "نحو قتل" أي: بالتشديد، وهل الزائد التاء الأولى أو الثانية؟ خلاف كما في التصريح، والخلاف في اقعنسس أيضًا كما في الهمع، واختار ابن مالك في التسهيل أن الثاني أَوْلَى بالزيادة في باب اقعنسس، والأول أولى في باب علم. قوله: "نحو عقنقل" بفتح العين المهملة والقافين بينهما نون ساكنة وهو الكثيب العظيم المتداخل الرمل، وربما سموا مصارين الضب عقنقلا، قاله الجوهري.
قوله: "أو تكرير لام كذلك" أي: مع الاتصال أو الانفصال، ولا يأتي فيه التفصيل بين الانفصال بزائد والانفصال بأصل؛ لأن تكرير اللام لا يفصل بأصل أبدًا. قوله: "جلبب" بزيادة الباء الثانية للإلحاق

 

ج / 4 ص -353-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مباينة اللام نحو مرمريس، وهو قليل، أو عين ولام مع مباينة الفاء نحو صمحمح، أما مكرر الفاء وحدها كقرقف وسندس، أو العين المفصولة بأصلي كحدرد فأصلي، والآخر: ألا يكون تكرير أصل، وهذا لا يكون إلا أحد الأحرف العشرة المجموعة في أمان وتسهيل، وهذا معنى تسميتها حروف الزيادة، وليس المراد أنها تكون زائدة أبدًا؛ لأنها قد تكون أصولًا وذلك واضح، وأسقط المبرد من حروف الزيادة الهاء، وسيأتي الرد عليه.
الثاني: أدلة زيادة الحرف عشرة؛ أولها: سقوطه من أصل كسقوط ألف ضارب في أصله أعني: المصدر ثانيها سقوطه من فرع كسقوط ألف كتاب في جمعه على كتب، ثالثها: سقوطه من نظيره كسقوط ياء أيطل في إطل والإيطل الخاصرة، وشرط الاستدلال بسقوط الحرف من أصل و فرع أو نظير على زيادته أن يكون سقوطه لغير علة، فإن كان سقوطه لعلة كسقوط واو وعد في يعد أو في عدة لم يكن دليلًا على الزيادة. رابعها: كون الحرف مع عدم الاشتقاق في موضع يلزم فيها زيادته مع الاشتقاق، وذلك كالنون إذا وقعت ثالثة ساكنة غير مدغمة وبعدها حرفان نحو وزنتل وهو الشر، وشَرَنْبَث وهو الغليظ الكفين والرجلين، وعَصَنْصَر وهو جبل، فالنون في هذه ونحوها زائدة؛ لأنها في موضع لا تكون فيه مع المشتق إلا زائدة نحو جحنفل مع الجحفلة، وهي لذي الحافر كالشفة للإنسان،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بدحرج. قال في القاموس: الجلباب كسرداب وسنمار القميص وثوب واسع للمرأة دون الملحفة، أو ما تغطي به ثيابها من فوق كالملحفة أو هو الخمار، وقد جلببه فنجلبب. اهـ. ويطلق الجلباب مصدرًا أيضًا لجلبب كما في التصريح مثل الجلببة. قوله: "مع مباينة اللام" أي: للمكرر. وقوله: نحو مرمريس بفتح الميمين وسكون الراء الأولى هو الداهية ووزنه فعفعيل. قوله: "نحو صمحمح" بمهملات على وزن سفرجل وهو الشديد الغليظ، ووزنه عند البصريين فعلعل، وستأتي بقية الأقوال فيه. قوله: "كقرقف" بقافين مفتوحتين بينهما راء ساكنة وهو الخمر ووزنه فعفل. قوله: "وسندس" هو رقيق الديباج ووزنه فعلف. قوله: "كحدرد" بمهملات على وزن جعفر اسم رجل. قال في التصريح: ولم يجئ على فعلع بتكرير العين غيره. قوله: "المجموعة في أمان وتسهيل" الواو من جملة المجموع فيه، وجمعها في التسهيل بقوله: سألتمونيها. قال الدماميني: وهذه العبارة وقعت لبعض النحاة، وقد سأله أصحابه عن حروف الزيادة فقال: سألتمونيها، فقالوا: نعم، فقال: أحببتكم.
قوله: "وهذا" أي: كون الزائد غير تكرير الأصل لا يكون إلا أحد الأحرف العشرة معنى تسميتها... إلخ هكذا أفهم العبارة، واستغني به عما وقع للبعض من التعسف البارد المبني على الفهم الكاسد. قوله: "في إطل" أي: وهو كأيطل معنى ومادة. قوله: "في يعد أو في عدة" الأول نظير وعد، والثاني أصله ولم يمثل للسقوط من فرع. قوله: "مع عدم الاشتقاق" أي: اشتقاق الكلمة التي هو فيها. قوله: "ورنتل" بفتح الواو والراء وسكون النون وفتح الفوقية. وقوله: وشرنبث بفتح الشين المعجمة والراء وسكون النون وفتح الموحدة آخره مثلثة. وقوله: وعصنصر بفتح العين والصادين

 

ج / 4 ص -354-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والجحنفل العظيم الشفة، وهو أيضًا الجيش العظيم.
خامسها: كونه مع عدم الاشتقاق في موضع يكثر فيه زيادته مع الاشتقاق كالهمزة إذا وقعت أولًا وبعدها ثلاثة أحرف؛ فإنها يحكم عليها بالزيادة، وإن لم يعلم الاشتقاق فإنها قد كثرت زيادتها إذا وقعت كذلك فيما علم اشتقاقه، وذلك نحو: أرنب وأفكل، يحكم بزيادة همزته حملًا على ما عرف اشتقاقه نحو: أحمر، والأفكل الرعدة.
سادسها اختصاصه بموضع لا يقع فيه إلا حرف من حروف الزيادة كالنون من كنتأو، ونحو حنطأو، وسندأو، وقندأو، فالكنتأو الوافر اللحية، والحنطأو العظيم البطن، والسندأو والقندأو الرجل الخفيف.
سابعها: لزوم عدم النظير بتقدير الأصالة في تلك الكلمة نحو تتفل بفتح التاء الأولى وضم الفاء وهو ولد الثعلب، فإن تاءه زائدة؛ لأنها لو جعلت أصلًا لكان وزنه فعلل وهو مفقود.
ثامنها: لزوم عدم النظير بتقدير الأصالة في نظير الكلمة التي ذلك الحرف منها نحو تتفل على لغة من ضم التاء والفاء، فإن تاءه أيضًا زائدة على هذه اللغة وإن لم يلزم من تقدير أصالتها عدم النظير؛ فإنها لو جعلت أصلًا كان وزنه فعلل وهو موجود نحو برثن؛ لكن يلزم عدم النظير في نظيرها أعني: لغة الفتح، فلما ثبتت زيادة التاء في لغة الفتح حكم بزيادتها في لغة الضم أيضًا؛ إذ الأصل اتحاد المادة.
تاسعها: دلالة الحرف على معنى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المهملات وبين الصادين نون وآخره راء. قوله: "مع المشتق" أي: ولو من اسم عين لا مصدر بدليل ما بعده، فالاشتقاق بمعنى مطلق الأخذ. قوله: "نحو جحنفل" تقدم ضبطه قريبًا.
قوله: "وإن لم يعلم الاشتقاق" الواو للحال؛ فلا ينافي قوله: كونه مع عدم الاشتقاق. قوله: "فإنها قد كثرت زيادتها... إلخ" مقتضاه أنها قد تكون في هذا الموضع أصلية، فانظره. قوله: "سادسها اختصاصه... إلخ" لا وجه للتعبير بالاختصاص؛ إلا أن يراد به الوجود، ولو قال: كونه بموضع... إلخ كما عبر به في نظائره لكان واضحًا. وقوله: بموضع... إلخ إن أجري على إطلاقه الشامل للمشتق نحو كنثأ وبمثلثة بعد النون الزائدة من كثأت لحيته كمنع أي: طالت وكثرت، كما في القاموس، وغير المشتق كما في الأمثلة الأربعة التي في الشرح، وأريد بنحو الأربعة ما يتناول كنثأوا بالمثلثة كان الدليل الرابع مندرجًا في السادس وإن قصر على غير المشتق أخذًا من الأمثلة التي ذكرها، وأريد بنحو الأربعة مثل حنظأ وبالظاء المشالة المعجمة وهو الحنطأ وبالطاء المهملة كان الدليل الرابع نفس السادس، فتأمل. ففي المقام صعوبة ما وأن أهملوه.
قوله: "من كنتأ" بفوقية بعد النون الزائدة ويرادفه الكنثأ وبمثلثة بعد النون؛ لكن الذي بالفوقية غير مشتق والذي بالمثلثة مشتق كما يستفاد من القاموس كما مر، فلا تغتر بما يقتضي خلاف ذلك. وقوله: ونحو حنطأو وسندأو بإهمال أولهما وثالثهما، ولو قدم الشارح على نحو كنتأو لكان أجزل. وقوله: وقندأو بقاف ثم دال مهملة، وأول كل من الألفاظ مكسور المذكورة وثالثه مفتوح. قوله: "في تلك الكلمة" متعلق بلزوم. قوله: "نحو برثن" تقدم ضبطه وتفسيره.

 

ج / 4 ص -355-                                 بضِمْنِ فِعْلِ قَابِل الأصول في           وَزْنٍ وزائد بلفظه اكْتُفِي


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كحروف المضارعة. وألف اسم الفاعل.
عاشرها: الدخول في أوسع البابين عند لزوم الخروج عن النظير، وذلك في كنهبل فإن وزنه على تقدير أصالة النون فعلل كسفرجل بضم الجيم وهو مفقود، وعلى تقدير زيادتها فعنلل، وهو مفقود أيضًا؛ ولكن أبنية المزيد فيه أكثر، ومن أصولهم المصير إلى الكثير، ذكر هذا ابن إياز وغيره.
وقال المرادي: هو مندرج في السابع انتهى.
"بضمن فعل قابل الأصول في وزن" يعني: إذا أردت أن تزن كلمة لتعلم الأصل منها والزائد فقابل أصولها بأحرف فعل الأول بالفاء والثاني بالعين والثالث باللام، مسويًا بين الميزان والموزون في الحركة والسكون، فتقول في فلس: فعل، وفي ضرب: فعل بفتح الفاء والعين، وكذلك في قام وشد؛ لأن أصلهما قوم وشدد، وفي علم فعل، وكذلك في هاب ومل، وفي ظرف فعل، وكذلك في طال وحب.
"وزائد بلفظه اكتفي" عن تضعيف أصله من الميزان، فتقول في أكرم وبيطر وجوهر وانقطع واجتمع واستخرج وانقطاع واجتماع واستخراج: أفعل وفيعل وفوعل وانفعل وافتعل واستفعل وانفعال وافتعال واستفعال، واستثني من الزائد نوعان لا يعبر عنهما بلفظهما؛ أحدهما: المبدل من تاء الافتعال؛ فإنه يعبر عنه بالتاء التي هي أصله، فيقال في وزن اصطبر: افتعل؛ وذلك لأن المقتضي للإبدال مفقود في الميزان، الآخر: المكرر لإلحاق أو غيره؛ فإنه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "عند لزوم الخروج عن النظير" أي: على تقدير الأصالة وعلى تقدير الزيادة. قوله: "وذلك في كنهبل" أي: على لغة من ضم الباء بدليل ما بعد، وقد تقدم ضبطه وتفسيره. قوله: "فعلل كسفرجل بضم الجيم" لو قال: فعلل بضم اللام الأولى لسلم من تكلف الخطأ في ضم الجيم. قوله: "فعنلل" كذا في النسخ بتقديم العين على النون، والصواب فنعلل بتقديم النون على العين. قوله: "ومن أصولهم" أي: قواعدهم. قوله: "هو مندرج في السابع" أي: لزوم عدم النظير بتقدير الأصالة بأن يراد به ما هو الأعم من أن يعدم النظير بتقدير الزيادة أيضًا أو يوجد، فاندفع ما ذكره شيخنا. قوله: "بضمن فعل" أي: ما تضمنه من الحروف، ولم يقل بفعل؛ لأن المقصود مادة فعل دون هيئته؛ إذ الميزان لا يلزم هذه الهيئة. وقوله: في وزن المراد به المعنى المصدري أي: في وقت وزن. قال في الهمع: وإنما اصطلحوا على الوزن بهذه المادة لتناولها جميع الأفعال من أكل وشرب ومشي وغيرها، وحمل ما لا يدل عليها من الأسماء كرجل وأسد على ما يدل عليها. اهـ بإيضاح.
قوله: "لتعلم الأصل منها والزائد" فيه نظر؛ لأن الوزن فرع معرفة الأصل والزائد؛ فإن قرئ لتعلم بوزن تكلم صح. سم. قوله: "وكذلك في قام وشد" فيوزنان بفعل بفتح العين؛ نظرًا لأصلهما قبل الإعلال والإدغام. قوله: "وكذلك في هاب ومل" أي: أصلهما هيب وملل بكسر ثانيهما.
قوله: "وكذلك في طال وحب" أي: لأن أصلهما طول وحبب بضم ثانيهما. قوله: "وزائد" أي: حرف زائد في الموزون. وقوله: عن تضعيف أصله أي: عن مقابلته بضعف أصل من ميزان الكلمة التي هو منها، فإضافة الأصل إلى ضمير الزائد لأدنى ملابسة، فلا يقال في وزن أكرم مثلًا: ففعل. قوله: "لأن المقتضي للإبدال" أي: لإبدال تاء الافتعال طاء، وهو وقوعها بعد حرف من

ج / 4 ص -356-                            وضَاعِفِ اللام إذا أَصْلٌ بَقِي     كراءِ جَعْفَرٍ وقَافِ فُسْتُقِ

وإِنْ يَكُ الزائدُ ضِعْفَ أَصْلٍ                          فاجْعَلْ في الوَزْنِ ما للأَصْلِ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقابل بما يقابل به الأصل كما يأتي بيانه.
"وضاعف اللام" من الميزان "إذا أصل بقي" من الموزون بأن يكون رباعيًّا أو خماسيًّا "كراء جعفر وقاف فستق" وجيم ولام سفرجل، وميم ولام قذعمل، فتقول في وزن الأول فعلل، وفي الثاني فعلل، والثالث فعلل، والرابع فعلل.
"وإن يك الزائد ضعف أصل فاجعل له في الوزن" من أحرف الميزان "ما للأصل" الذي هو ضعفه منها، فإن كان ضعف الفاء قوبل بالفاء، وإن كان ضعف العين قوبل بالعين، وإن كان ضعف اللام قوبل باللام، فتقول في حلتيت: فعليل، وفي سحنون: فعلول، وفي مرمريس: فعفعيل، وفي اغدودن: افعوعل، وفي جلبب: فعلل. وأجاز بعضهم مقابلة هذا الزائد بمثله فتقول في حلتيت: فعليت، وفي سحنون: فعلون، وفي مرمريس: فعمريل، وفي اغدودن: افعودل، وفي جلبب: فعلب، ويلزم من هذا المذهب أمران مكروهان؛ أحدهما: تكثير الأوزان مع إمكان الاستغناء بواحد في نحو صبر وقتر وكثر؛ فإن وزن هذه وما شاكلها على القول المشهور فعل، ووزنها على القول المرغوب عنه فعيل وفعتل وفعثل، وكذا إلى آخر الحروف، وكفى بهذا الاستثقال منفرًا، والآخر: التباس ما يشاكل تفعيلًا بما يشاكل مصدره فعللة، وذلك

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حروف الإطباق. قوله: "أو غيره" أي: كالتعدية. قوله: "كما يأتي بيانه" أي: في قوله: وإن يك الزائد ضعف أصل... إلخ. سم. قوله: "وضاعف اللام... إلخ" هذا مذهب البصريين. وأما الكوفيون فذهبوا إلى أن نهاية أصول الكلمة ثلاثة، وما زاد عليها حكموا بزيادته، فيزنون ما كان ثلاثيًّا بلفظ فعل وما زاد عليه نحو جعفر اختلفوا فيه فقيل: لا يوزن؛ لأنه لا يدرى كيفية وزنه، وقيل: يوزن ويقابل آخره بلفظه، وقيل: يوزن ويقابل ما قبل آخره بلفظه فوزن جعفر إما فعلل كما يقول البصريون، أو فعلر بزيادة الراء، أو فعفل بزيادة الفاء، أو لا يدرى ما هو، أقوال أربعة، كذا في التصريح. قوله: "فستق" بضم الفوقية وفتحها كما نقله الفارضي عن الجلال المحلي. قوله: "قذعمل" تقدم ضبطه وتفسيره في الشرح.
قوله: "فاجعل له... إلخ" لا يقال يلزم التباس الأصل بالزائد حينئذ؛ لأنا نقول: نعم؛ ولكن يزول بالضابط السابق في قوله: والحرف إن يلزم... إلخ. قوله: "من أحرف الميزان" من تبعيضية حال من ما للأصل. فقوله ثانيًا منها تأكيد، هذا هو التحقيق، ومن جعل قوله: من أحرف الميزان متعلقًا باجعل كشيخنا والبعض فقد تسمح، فتأمل. وقوله: الذي هو أي: ذلك الحرف الزائد ضعفه أي: ضعف الأصل منها أي: من أحرف الميزان. قوله: "في حلتيت" بحاء مهملة مكسورة ففوقيتين بينهما تحتية، وهو صمغ الأنجذان بفتح الهمزة وضم الجيم وإعجام الذال نبات جيد لوجع المفاصل. قوله: "وفي سحنون" بضم السين المهملة وسكون الحاء المهملة بعدها نونان بينهما واو، وهو أول المطر والريح، قاله شيخنا السيد. قوله: "وفي مرمريس" تقدم ضبطه وتفسيره. قوله: "وفي اغدودن" بإعجام الغين وإهمال الدالين، يقال: اغدودن الشعر إذا طال، واغدودن النبت إذا خضر. تصريح. قوله: "وما شاكلها" كفجر وفحر وفخر، وهكذا إلى آخر حروف الهجاء.
قوله: "إلى آخر الحروف" فيقال في نحو فجر: فعجل، وهكذا. قوله: "التباس ما" أي: فعل

ج / 4 ص -357-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن الثلاثي المعتل العين قد تضعف عينه للإلحاق ولغير الإلحاق ويتحد اللفظ به كبين مقصودًا به الإلحاق ومقصودًا به التعدية، فعلى القصد الأول مصدره تبينة مشاكل دحرجة، وعلى القصد الثاني مصدره تبيين، ولا يعلم امتياز المصدرين إلا بعد العلم باختلاف وزني الفعلين، واختلاف وزن الفعلين فيما نحن بصدده ليس إلا على المذهب المشهور.
تنبيهات: الأول: إذا لم يكن الزائد مع حروف أمان وتسهيل فهو ضعف أصل كالباء من جلبب، وإن كان منها قد يكون ضعفًا نحو سأل، وقد يكون غير ضعف؛ بل صورته صورة الضعف؛ ولكن دل دليل على أنه لم يقصد به تضعيف فيقابل في الوزن بلفظه نحو سمنان، وهو ماء لبني ربيعة فوزنه فعلان لا فعلال؛ لأن فعلالا بناء نادر لم يأتِ منه غير المكرر نحو الزلزال، إلا خزعال وهو ناقة بها ظلع، وقهقار للحجر، وأما بهرام وشهرام فعجميان.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يشاكل مصدره تفعيلًا على حذف مضاف أي: موازن تفعيل، أخذًا من قوله الآتي: مصدره تبينة مشاكل دحرجة. قوله: "أن الثلاثي المعتل العين" أي: كبان. قوله: "مشاكل دحرجة" أي: كمصدر الملحق به كدحرج. سم. قوله: "واختلاف وزني الفعلين فيما نحن بصدده" أي: نحو بين بوجهيه ليس إلا على المذهب المشهور. قال سم: وأقره شيخنا والبعض كأن مقصوده أن وزن المقصود به التعدية فعل؛ لأنه يذكر الزائد إذا كان تكرير أصل بما يذكر به ذلك الأصل. وأما المقصود به الإلحاق بالرباعي فعلى المشهور يكون وزنه فعلل؛ لأن الملحق وزنه وزن الملحق به، وحينئذ يختلف وزن الفعلين وعلى غير المشهور وزنه فعيل في الحالين فلم يختلف الوزن، فتأمل. اهـ. وفيه عندي نظر لتصريح الشارح سابقًا بأن المكرر للإلحاق أو لغيره يقابل بما يقابل به الأصل؛ وحيئنذ فوزن بين مطلقًا فعل قلم يختلف وزن فعلين على المذهب الشمهور أيضًا، فتدبر. قوله: "فقد يكون ضعفًا نحو سأل" بتشديد الهمزة. سم.
قوله: "وقد يكون غير ضعف... إلخ" ليس في كلامه حصر في القسمين فلا ينافي وجود قسم ثالث وهو ما ليس ضعفًا ولا على صورته كالهمزة في أكرم مثلًا. قوله: "ولكن دل الدليل" كندور فعلال غير مكرر الفاء والعين. قوله: "على أنه لم يقصد به تضعيف" أي: بل قصد مجرد زيادة الحرف، وإن وافق لفظه لفظ أصلي. قوله: "فيقابل في الوزن بلفظه" مفرع على قوله: وقد يكون غير ضعف... إلخ. قوله: "نحو سمنان... إلخ" الذي في القاموس أن مفتوح السين المهملة موضع ومكسورها بلد ومضمومها جبل، فلعل مراده موضع فيه الماء الذي ذكره الشارح، فيتوافق كلامهما. قوله: "لأن فعلالا" أي: بفتح الفاء. قوله: "غير المكرر" المراد بالمكرر ما كررت فاؤه وعينه فخرج نحو قهقار؛ لأنه مكرر الفاء فقط. قوله: "إلا خزعال" بخاء معجمة فزاي فعين مهملة بدل من غير المكرر على المختار، كما قال المصنف:
وبعد نفي أو كنفي انتخب

إتباع ما اتصل............

قوله: "بها ظلع" بإعجام الظاء وإهمال العين أي: عرج. قوله: "وقهقار" بقافين

 

ج / 4 ص -358-                                 واحْكُمْ بتأصِيلِ حُرُوفِ سِمْسِمِ        ونحوه والخُلْفُ في كَلَمْلِمِ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الثاني: المعتبر في الوزن ما استحقه الموزون من الشكل قبل التغيير، فيقال في وزن رد ومرد: فعل ومفعل؛ لأن أصلهما ردد ومردد.
الثالث: إذا وقع في الموزون قلب تقلب الزنة؛ لأن الغرض من الوزن التنبيه على الأصول والزوائد على ترتيبها، فتقول في وزن آدُر أعفل؛ لأن أصله أدور قدمت العين على الفاء، وتقول في ناء: فلع؛ لأنه من النأي، وفي الحادي: عالف؛ لأنه من الوَحْدَة، وكذلك إذا كان في الموزون حذف وزن باعتبار ما صار إليه بعد الحذف، فتقول في وزن قاض: فاع، وفي بع: فل، وفي يعد: يعل، وفي عدة: علة، وفي عه -أمر من الوعي- عه، إلا إذا أريد بيان الأصل في المقلوب والمحذوف، فيقال: أصله كذا ثم أعل. انتهى.
"واحكم بتأصيل" أصول "حروف" الرباعي التي تكررت فاؤه وعينه، وليس أحد المكررين فيه صالحًا للسقوط كحروف "سمسم ونحوه" لأن أصالة أحد المكررين فيه واجبة تكميلًا لأقل الأصول، وليس أصالة أحدهما أولى من أصالة الآخر، فحكم بأصالتهما معًا "والخلف في" الرباعي المذكور الذي أحد المكررين فيه صالح للسقوط "كلملم"

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زاد في القاموس: القسطال بالقاف فالسين فالطاء المهملتين وهو الغبار، والخرطال بالخاء المعجمة فالراء فالطاء المهملة وهو حب معروف. قوله: "وأما بهرام وشهرام فعجميان" أي: علمان عجميان؛ فالأول علم لرجل ولفرس النعمان بن عتبة العتكي كما في القاموس، وذكر شيخنا السيد أن في بائه الموحدة الفتح والكسر. قوله: "الثاني المعتبر... إلخ" هذا التنبيه مكرر مع ما أسلفه في شرح قول الناظم: بضمن فعل... إلخ حيث قال: وكذا في قام وشد؛ لأن أصلهما قوم وشدد، وكذلك في هاب ومل. ثم قال: وكذلك في طال وحب، فاعرفه، فإنه مما لم يتنبه له. قوله: "قلب" أي: مكاني؛ كأن قدمت العين على الفاء أو اللام على الفاء والعين. قوله: "على ترتيبها" أي: الواقع في الموزون.
قوله: "فتقول في وزن آدر" بمدة قبل الدال المضمومة جمع دار أصله أدور على وزن أفعل، استثقلت الضمة على الواو، فقدمت العين على الفاء، ثم قلبت الواو ألفًا، فصار وزنه أعفل، وقيل: أبدلت الواو قبل التقديم همزة، ثم قدمت فأبدلت ألفًا قياسًا، قاله الفارضي. قوله: "قدمت العين على الفاء" أي: وقلبت ألفًا. سم. قوله: "وتقول في ناء" بنون فألف فهمزة وأصله نأي، فقدمت اللام وهي الياء على العين وهي الهمزة فصار نيأ على وزن فلع، فقلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصار ناء، كذا في التصريح. والظاهر أنه يجوز كون قلب الياء ألفًا قبل تقديمها على الهمزة. قوله: "وفي الحادي" أصله واحد فأخرت الفاء وهو الواو عن اللام وهي الدال، ولا يمكن الابتداء بالألف، فقدمت الحاء عليها فصار حادو فقلبت الواو ياء لتطرفها إثر كسرة فصار حادي. قوله: "بتأصيل أصول حروف" لا وجه لزيادة الشارح. أصول. قوله: "الرباعي الذي تكررت فاؤه وعينه" سواء كان اسمًا كمثاله، أو فعلًا كزلزل ووسوس. قوله: "المكررين" هما في مثاله السين الثانية والميم الثانية.
قوله: "كحروف سمسم" بكسر السينين الحب المعروف وبفتحهما الثعلب، قاله الفارضي. قوله: "والخلف... إلخ" ظاهره أنه لا خلاف في القسم الأول، مع أن فيه خلافًا أشار إليه بعضهم

ج / 4 ص -359-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أمر من لملم، وكفكف أمر من كفكف، فاللام الثانية والكاف الثانية صالحان للسقوط بدليل صحة كف ولم فقيل: إنه كالنوع الأول حروفه كلها محكوم بأصالتها وإن مادة لملم وكفكف غير مادة لم وكف، فوزن هذا النوع فعلل كالنوع الأول، وهذا مذهب البصريين إلا الزجاج. وقيل: إن الصالح للسقوط زائد، فوزن كفكف على هذا فعكل، وهذا مذهب الزجاج. وقيل: إن الصالح للسقوط بدل من تضعيف العين، فأصل لملم لمم فاستثقل توالي ثلاثة أمثال، فأبدل من أحدها حرف يماثل الفاء، وهذا مذهب الكوفيين واختاره الشارح، ويرده أنهم قالوا في مصدره: فعللة، ولو كان مضاعفًا في الأصل لجاء على التفعيل، فإن تكرر في الكلمة حرفان وقبلهما حرف أصلي كصمحمح وسمعمع حكم فيه بزيادة الضعفين الأخيرين؛ لأن أقل الأصول محفوظ بالأولين والسابق، كذا قاله في شرح الكافية. وقال في التسهيل: فإن كان في الكلمة أصل غير الأربعة حكم بزيادة ثاني المتماثلات. وثالثها نحو صمحمح، وثالثها ورابعها في نحو مرمريس. انتهى. فاتفق كلامه في نحو مرمريس، واختلف في نحو صمحمح، فوزنه في كلامه الأول على طريقة من يقابل الزائد بلفظه فعلمح، وفي كلامه الثاني فعحمل، واستدل بعضهم على زيادة الحاء الأولى في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سيوطي. قوله: "في الرباعي المذكور" أي: الذي تكررت فاؤه وعينه. قوله: "حروفه كلها محكوم بأصالتها" أورد عليه أن هذا منافٍ لقوله في بيان محل الخلاف الذي أحد المكررين فيه صالح للسقوط. وأجيب بأن قوله صالح للسقوط أي: ولو في مادة أخرى من المعنى، أو أنه مبني على غير القول الأول. قوله: "وقيل: إن الصالح للسقوط" أي: الذي هو الحرف الثالث. قوله: "فوزن كفكف على هذا فعكل" جرى الشارح هنا على المذهب المرغوب عنه من مقابلة تكرير الأصل بلفظه، ولو جرى على المشهور لقال: فعلل، وكذا يقال في نظائره الآتية.
قوله: "ولو كان مضاعفًا في الأصل... إلخ" قال أبو حيان: يمكن الجواب عن هذا بأنه إنما كان يلزم ذلك لو بقي على إدغامه، فأما بعد الإبدال والتفكيك فقد أشبه في الصورة ما ألحق بالرباعي نحو: جلبب، فجاء مصدره على وزان مصدره. قوله: "فإن تكرر في الكلمة حرفان... إلخ" محترز قوله: الرباعي الذي تكررت فاؤه وعينه. قوله: "كصمحمح وسمعمع" بإهمال حروفهما. والصمحمح الشديد الغليظ كما مر، والسمعمع صغير اللحية والرأس، ويطلق على غير ذلك كما في القاموس. قوله: "ثاني المتماثلات وثالثها" يعني: الحاء الأولى والميم الثانية. قوله: "فاتفق كلامه في نحو مرمريس" إنما كان يحسن هذا لو نقل الشارح كلامًا للمصنف في نحو مرمريس غير كلامه في التسهيل. قوله: "واستدل بعضهم على زيادة الحاء الأولى... إلخ" قال شيخنا والبعض: هذا إشارة إلى قول مغاير للقولين قبله؛ لأنه اقتصر على أن الزائد هو الحاء الأولى فقط، فوزن صمحمح على هذا فعحلل، ولا دليل عليه؛ بل الأقرب أنه تأييد لكلام المصنف في التسهيل؛ وإنما خص الحاء الأولى بالذكر؛ لأنها التي ينتج دليله زيادتها؛ إذ لا يحذف في التصغير غيرها.

 

ج / 4 ص -360-                             فبِأَلِفٌ أَكْثَرَ من أَصْلَيْنِ           صَاحَبَ زائدٌ بِغَيْرِ مَيْنِ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نحو: صمحمح، والميم الثانية في نحو: مرمريس بحذفهما في التصغير؛ حيث قالوا: صميمح ومريريس، ونقل عن الكوفيين في صمحمح أن وزنه فعلل، وأصله صمحح، أبدلوا الوسطى ميمًا.
ولما فرغ من بيان ما يعرف به الزائد من الأصلي شرع في بيان ما تطرد زيادته من الحروف العشرة فقال: "فبألف أكثر من أصلين صاحب زائد بغير مين" ألف مبتدأ، والجملة بعده صفة له، وزائد خبره. والمين الكذب أي: إذا صحبت الألف أكثر من أصلين حكم بزيادتها؛ لأن أكثر ما وقعت الألف فيه، كذلك دل الاشتقاق على زيادتها فيه، فيحمل عليه ما سواه، فإن صحبت أصلين فقط لم تكن زائدة؛ بل بدلًا من أصل ياء أو واو نحو: رمى ودعا ورحا وعصا وباع وقال وناب وباب. وما ذكره إنما هو في الأسماء المتمكنة والأفعال، أما المبنيات والحروف فلا وجه للحكم بزيادتها فيها؛ لأن ذلك إنما يعرف بالاشتقاق وهو مفقود، وكذلك الأسماء الأعجمية كإبراهيم وإسحاق. واعلم أن الألف لا تزاد أولًا لامتناع الابتداء بها وتزاد في الاسم ثانية نحو: ضارب، وثالثة نحو: كتاب، ورابعة نحو: حبلى، وسرادح. وخامسة نحو: انطلاق، وحلبلاب. وسادسة نحو: قبعثرى، وسابعة نحو:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "أن وزنه فعلل" بثلاث لامات.
قوله: "من بيان ما يعرف به الزائد من الأصلي" اعترض بأن ما يعرف به ذلك هو قوله: والحرف إن يلزم البيت، وما عداه زائد على ما يعرف به ذلك، فكان المناسب أن يزيد وما يتبعه. قوله: "فألف" أراد الألف اللينة، وأما الهمزة فستأتي. قوله: "كذلك" أي: مصاحبة أكثر من أصلين. قوله: "فيه" أي: في أكثر ما وقعت فيه الألف كذلك. قوله: "فيحمل عليه ما سواه" أي: على الأكثر ما سوى الأكثر. قوله: "نحو رمى ودعا" لا تخفى على نبيه حكمة تَعْدَاد الأمثلة. قوله: "وما ذكره" أي: من منطوق قوله: فألف أكثر... إلخ، ومفهومه وملخصه أن كون الألف إما زائدة أو منقلبة عن أصل؛ إنما هو في الأسماء المتمكنة والأفعال. أما الحروف والمبنيات نحو: بلى وإلى وعلى، ونحو: متى ومهما، فليست الألف فيها زائدة ولا منقلبة عن أصل؛ إذ لا اشتقاق فيها؛ بل هي أصلية غير منقلبة، كذا قال شيخنا عازيًا للطبلاوي وتبعه البعض، وفيه أن اقتصار الشارح على نفي زيادتها في قوله: فلا وجه للحكم... إلخ ظاهر في أن مراده ما ذكره المصنف من منطوق قوله: فألف أكثر... إلخ فقط وكون المعنى، فلا وجه للحكم بزيادتها فيها ولا بانقلابها عن أصل لا دليل عليه من كلامه؛ إلا أن يقال تعليله بقوله: لأن ذلك... إلخ يشعر بهذه الضميمة.
قوله: "في الأسماء المتمكنة" أي: المعربة، وكان عليه أن يزيد العربية؛ إلا أن يقال: تركه اتكالًا على أخذه مما بعده. قوله: "لأن ذلك إنما يعرف بالاشتقاق وهو مفقود" فيه أن مقتضى قوله: فيحمل عليه ما سواه، أن يحمل على المشتق ما ليس مشتقًّا ولو حرفًا أو اسمًا غير متمكن أو اسمًا أعجميًّا؛ إلا أن يراد بما سواه خصوص ما ليس مشتقًّا من الأسماء المتمكنة العربية. قوله:

ج / 4 ص -361-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أربعاوي. وتزاد في الفعل ثانية نحو قاتل، وثالثة نحو تغافل، ورابعة نحو سلقى، وخامسة نحو اجأوى، وسادسة نحو اغرندى.
تنبيهان:
الأول: يستثنى من كلامه نحو عَاعى وضوضى من مضاعف الرباعي؛ فإن الألف فيه بدل من أصل وليست زائدة.
الثاني: إذا كانت الألف مصاحبة لأصلين والثالث يحتمل الأصالة والزيادة، فإن قدرت أصالته فالألف زائدة، وإن قدرت زيادته فالألف غير زائدة؛ لكن إن كان المحتمل همزة أو ميمًا مصدرة أو نونًا ثالثة ساكنة في خماسي كان الأرجح الحكم عليه بالزيادة، وعلى الألف بأنها منقلبة عن أصل نحو: أفعى وموسى وعقنقى إن وجد في كلامهم، ما لم يدل دليل على أصالة هذه الأحرف، وزيادة الألف كما في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"وسرداح" بإهمال حروفه وكسر أوله الناقة الطويلة. قوله: "وحلبلاب" بكسر الحاء المهملة واللام وهو اللباب، كذا في القاموس، ولا وجود له فيه بالجيم. قوله: "نحو أربعاوي" بضم الهمزة والموحدة قعدة المتربع كما في القاموس، وقد أسلفنا في باب ألفي التأنيث عن السيوطي والدماميني ضبطه بفتح الهمزة. قوله: "نحو سلقى" في القاموس سلق فلانًا طعنه كسلقاه. قوله: "نحو اجأوى" قال في الصحاح: الجؤوة حمرة تضرب إلى سواد. وفي القاموس: أنه يقال: جؤوة كحمرة وجؤة كثبة وجأى كجوى والفعل جئي الفرس وجأى واجأوى والنعت أجوى وجأواء. قوله: "نحو اغرندى" بالغين المعجمة فالراء أي: علا.
قوله: "نحو عاعى" بعينين مهملتين أي: زجر الضأن فقال: عا أوعو أوعاى، ويقال أيضًا في الفعل: عوعى وعيعى، كما في القاموس. قوله: "وضوضى" بضادين معجمتين، قال في القاموس في باب الهمزة: الضأضاء والضوضاء أصوات الناس في الحرب، ورجل مضوض مصوت، وقال في باب الألف اللينة: الضوّة الجلبة كالضوضاة. اهـ. والجلبة بفتح الجيم واللام الأصوات. قوله: "من مضاعف الرباعي" يعني: لامه الأولى من جنس فائه ولامه الثانية من جنس عينه. قوله: "فإن الألف" أل للجنس؛ إذ كل من ألفي عاعى الأولى والثانية وألف ضوضى بدل من أصل؛ لأن وزنهما فعلل. قوله: "الثاني: إذا كانت الألف... إلخ" يؤخذ من هذا التنبيه أن قول المصنف: أكثر من أصلين أي: محققًا أصالة جميعه؛ فإن كان فيه ما ليس محققها؛ بل محتملها فقط، ففيه تفصيل. قوله: "والثالث يحتمل الأصالة والزيادة" كما في أبان؛ فإنه يحتمل أن وزنه فعال بزيادة الألف وأصالة الهمزة أو أفعل بالعكس. قوله: "مصدرة" يرجع لكل من الهمزة والميم. قوله: "منقلبة عن أصل" قال شيخنا: انظر هل هو ياء أو واو؟
قوله: "نحو أفعى" نظر الدماميني في التمثيل به بأن منع صرفه أي: للوصفية المتخلية ووزن الفعل دل على زيادة همزته أي: فليس مما زيادة همزته راجحة الذي الكلام فيه؛ بل مما زيادة همزته متعينة. قوله: "وموسى" مراده موسى الحديد لا اسم النبي. اهـ دماميني. أي: لأنه أعجمي. قوله: "وعقنقى" لم أجده في القاموس، ولعل ذلك نكتة قول الشارح إن وجد في كلامهم، ومقتضى الحكم على ألفه بأنها منقلبة عن أصل أن وزنه فعنعل. قوله: "ما لم يدل دليل... إلخ"

 

ج / 4 ص -362-                            واليَا كَذَا والواوُ إِنْ لَمْ يَقَعَا       كَمَا هُمَا فِي يُؤْيُؤٍ وَوَعْوَعَا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أرطى عند من يقول: أديم مأروط أي: مدبوغ بالأرطي، وكما في معزى لقولهم: معز ومعز، وإن كان المحتمل غير هذه الثلاثة حكمنا بأصالته وزيادة الألف. انتهى.
"واليا كذا والواو" أي: مثل الألف في أن كلا منهما إذا صحب أكثر من أصلين حكم بزيادته "إن لم يقعا" مكررين "كما هما في يؤيؤ" اسم طائر ذي مخلب يشبه الباشق "ووعوعا" إذا صوّت، فهذا النوع يحكم فيه بأصالة حروفه كلها كما حكم بأصالة حروف سمسم، والتقسيم السابق في الألف يأتي هنا أيضًا. فتقول: كل من الياء والواو له ثلاثة أحوال:
فإن صحب أصلين فقط فهو أصل كبيت وسوط، وإن صحب ثلاثة فصاعدًا مقطوعًا بأصالتها فهو زائد إلا في الثنائي المكرر كما تقدم في المتن، وإن صحب أصلين وثالثًا محتملًا، فإن كان المحتمل همزة أو ميمًا مصدرة حكم بزيادة المصدر منهما وأصالة الياء والواو نحو أيدع ومزود؛ إلا أن يدل دليل على أصالة المصدر وزيادتهما كما في أُولق عند من يقول: أُلق فهو مألوق أي: جن فهو مجنون، وكما في أيطل لما تقدم من قولهم فيه أطل، أو أصالة الجميع كما في مريم ومدين؛ فإن وزنهما فعلل لا فعيل؛ لأنه ليس في الكلام، ولا مفعل، وإلا وجب الإعلال.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قيد في قوله: كان الأرجح الحكم عليه بالزيادة. قوله: "عند من يقول: أديم مأروط" بخلافه عند من يقول: أديم مرطى؛ لدلالة الدليل عنده على زيادة: وأصالة الألف. قوله: "حكمنا بأصالته وزيادة الألف" ظاهره تعين ذلك. اهـ أسقاطي. وأقره غيره، وفيه أنه كيف تتعين أصالته مع فرض أنه يحتمل الأصالة والزيادة؛ إلا أن يقال: معنى احتماله للزيادة أنه من الأحرف العشرة التي قد تُزاد.
قوله: "إذا صحب أكثر من أصلين" كما في قتيل ومقتول. قوله: "إن لم يقعا... إلخ" أي: ولم تصدر الواو مطلقًا عند الجمهور ولا الياء قبل أربعة أصول في غير المضارع، كما سيذكر الشارح كل ذلك. قوله: "كما هما... إلخ" أي: وقوعًا مثل الوقوع الذي هما واقعان عليه في يؤيؤ ووعوعا إن جعلت ما موصولًا اسميًّا أو وقوعًا كوقوعهما في يؤيؤ ووعوعا إن جعلت موصولًا حرفيًّا. قوله: "إلا في الثنائي المكرر" هو المعبر عنه آنفًا بمضاعف الرباعي. قوله: "مصدرة" راجع لكل من الهمزة والميم، ولم يقل: أو نونًا ثالثة ساكنة في خماسي، كما قال في الألف؛ لعله لعدم الظفر بمثاله هنا. قوله: "نحو أيدع" بفتح الهمزة وسكون التحتية وفتح الدال المهملة بعدها عين مهملة، له معانٍ منها الزعفران. قوله: "ومزود" المزود كمنبر وعاء الزاد وهو طعام المسافر. قوله: "كما في أولق" هو اسم على وزن جوهر بمعنى الجنون. قوله: "عند من يقول ألق" بالبناء للمجهول لزومًا كما في القاموس أي: وأما عند من يقول: ولق بالبناء للفاعل أي: أسرع كما في القاموس، فالواو أصلية والهمزة زائدة. قوله: "كما في مريم" مقتضاه أن مريم اسم عربي؛ وإلا لم يأتِ فيه حكم بأصالة أو زيادة لما قدمه الشارح. قوله: "وإلا وجب الإعلال" بأن يقال: مرام ومدان بنقل حركة الياء إلى الساكن قبلها ثم قلبها ألفًا لتحركها بحسب الأصل وانفتاح ما قبلها الآن.

ج / 4 ص -363-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وإن كان المحتمل غيرهما حكم بأصالته وزيادة الياء والواو ما لم يدل دليل على خلاف ذلك؛ كما في نحو: يهير؛ وهو الحجر الصلب. وقال ابن السراج: اليهير اسم من أسماء الباطل، قال: وربما زادوه ألفًا فقالوا: يهيرّى، وقيل: هو السراب، يقال: أكذب من اليهير أي: من السراب؛ فإنه قضى فيه بزيادة الياء الأولى دون الثانية؛ لأنه ليس في الكلام فعيل، ولا خفاء في زيادتها ي نحو: يحمر، وكما في عِزويت وهو اسم موضع. وقيل: هو القصير أيضًا؛ فإنه قضى فيه بأصالة الواو وزيادة الياء والتاء؛ لأنه لا يمكن أن يكون وزنه فعويلًا لأنه ليس في الكلام، ولا فعويتًا لأن الكلمة تصير بغير لام؛ فتعين أن يكون وزنه فعليتًا مثل عفريت.
واعلم أن الياء تزاد في الاسم: أولى نحو يلمع، وثانية نحو ضيغم، وثالثة نحو قضيب، ورابعة نحو حِذرية، وخامسة نحو سُلحفية. قيل: وسادسة نحو مغناطيس، وسابعة نحو خُنزوانية. وتزاد في الفعل: أولى نحو يضرب، وثانية نحو بيطر، وثالثة عند من أثبت فعيل في أبنية الأفعال نحو رهيأ، ورابعة نحو قلسيت، وخامسة نحو تقلسيت، وسادسة نحو اسلنقيت. والواو تزاد في الاسم: ثانية نحو كوثر، وثالثة نحو عجوز، ورابعة نحو عرقوة، وخامسة نحو قلنسوة، وسادسة نحو أربعاوي. وتزاد في الفعل: ثانية نحو حوقل،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وإن كان المحتمل غيرهما" أي: غير الهمزة والميم المصدرتين. قوله: "كما في نحو يهير" بتشديد الراء مثال للمنفي أعني: ما دل الدليل على خلاف ما تقدم أي: على أصالة الياء أو الواو، وزيادة المحتمل والمحتمل فيه، لولا دليل الزيادة هو الياء الأولى. قوله: "ولا خفاء... إلخ" كأنه تعليل في المعنى لمحذوف، والتقدير: لأنه ليس في الكلام فعيل بخلاف يفعل؛ إذ لا خفاء فيه. قوله: "وكما في عزويت" عطف على قوله: كما في نحو يهيرّ، وهو بكسر العين المهملة وسكون الزاي آخره فوقية. قوله: "بأصالة الواو وزيادة الياء والتاء" أي: لا بأصالة الواو والتاء معًا على وزن فعليل، ولا بزيادتهما معًا على وزن فعويت، ولا بالعكس على وزن فعويل، فالقسمة رباعية، وذكره الياء التحتية غير ضروري؛ إذ لا تتوهم أصالتها.
قوله: "نحو يلمع" بالعين المهملة وهو السراب. قوله: "نحو حذرية" بكسر الحاء المهملة وسكون الذال المعجمة وكسر الراء وتخفيف التحتية القطعة الغليظة من الأرض. قوله: "نحو سلحفية" بضم السين المهملة وفتح اللام وسكون الحاء المهملة وكسر الفاء حيوان معروف. قوله: "مغناطيس" بفتح الميم كما يفيده صنيع القاموس. قوله: "نحو خنزوانية" بضم الخاء المعجمة وسكون النون وضم الزاي وبعد الألف نون مكسورة فتحتية مخففة التكبر. قوله: "نحو رهيأ" أي: غلظ كما قدمه الشارح، وفسر في القاموس الرهيأ بمعانٍ؛ منها: الضعف والتواني وفساد الرأي. قوله: "نحو قلسيت... إلخ" يقال: قلسيته فتقلسى أي: ألبسته القلنسوة فلبسها، ويقال أيضًا: قلنسته فتقلنس، كما في القاموس. قوله: "نحو اسلنقيت" أي: نمت على ظهري. قوله: "عرقوة" بعين مهملة مفتوحة فراء ساكنة فقاف مضمومة إحدى خشبتي الدلو اللتين على فمه كالصليب. قوله: "نحو أربعاوي" تقدم تقريبًا ضبطه وتفسيره.

 

ج / 4 ص -364-                                 وهَكَذَا هَمْزٌ ومِيمٌ سَبَقَا     ثلاثةً تأصيلُها تَحَقَّقَا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وثالثة نحو جمهور، ورابعة نحو اغدودن.
تنبيهان: الأول: مذهب الجمهور أن الواو لا تزاد أولًا، قيل: لثقلها، وقيل: لأنها إن زيدت مضمومة اطرد همزها، أو مكسورة فكذلك، وإن كان همز المكسورة أقل، أو مفتوحة فيتطرق إليها الهمز؛ لأن الاسم يُضم أوله في التصغير، والفعل يضم أوله عند بنائه للمفعول، فلما كانت زيادتها أولًا تؤدي إلى قلبها همزة رفضوه؛ لأن قلبها همزة قد يوقع في اللبس. وزعم قوم أن واو ورنتل زائدة على سبيل الندور؛ لأن الواو لا تكون أصلًا في بنات الأربعة وهو ضعيف؛ لأنه يؤدي إلى بناء وفنعل وهو مفقود. والصحيح أن الواو أصلية، وأن اللام زائدة مثلها في فحجل بمعنى فحج، وهِدْمِل بمعنى هدم؛ فإن لزيادة اللام آخرًا نظائر، بخلاف زيادة الواو أولًا.
الثاني: إذا تصدرت الياء وبعدها ثلاثة أصول فهي زائدة كما سبق في يلمع، وإذا تصدرت وبعدها أربعة أصول في غير المضارع فهي أصل كالياء في يستعور وهو اسم مكان بالحجاز، وهو أيضًا اسم شجر يُستاك به؛ لأن الاشتقاق لم يدل على الزيادة في مثله إلا في المضارع. انتهى.
"وهكذا همز وميم سبقا ثلاثة تأصيلها تحققا" أي: الهمزة والميم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "نحو جهور" أي: رفع صوته، وأما جهور كجعفر فاسم موضع. قوله: "نحو اغدودن" تقدم ضبطه وتفسيره. قوله: "اطرد همزها" أي: قلبها همزة.
قوله: "قد يوقع في اللبس" أي: بما همزته أصلية غير منقلبة، كما في وكل بالتخفيف؛ فإنه إذا بني للمجهول تطرق إليه قلب الواو همزة، فيلبس بأكل الذي همزته أصلية، وجعل شيخنا اللبس باعتبار احتمال انقلاب الهمزة عن ياء وعن واو غير ظاهر؛ إذ مثل هذا إجمال لا لبس. قوله: "ورنتل" تقدم ضبطه وتفسيره في شرح قول المصنف: والحرف إن يلزم... إلخ. قوله: "في فحجل" بفاء فحاء مهملة فجيم كجعفر. وقوله: بمعنى فحج، عبارة القاموس: ذكر النحاة الفحجل وفسروه بالأفحج، وقال في محل آخر: فحج كمنع تكبر وفي مشيته تداني صدور قدميه وتباعد عقباه. اهـ. وقال شيخنا: الفحج المتباعد الساقين واللام للإلحاق أي: بجعفر. وعبارة الشارح بعد في مبحث زيادة اللام، وقد سمع من كلامهم قولهم في عبد: عبدل، وفي الأفحج -وهو المتباعد الفخذين- فحجل. اهـ. قوله: "وهدمل" بكسر الهاء وسكون الدال المهملة وكسر الميم واللام للإلحاق بزبرج. وقوله: بمعنى هدم هو الثوب الخلق.
قوله: "فإن لزيادة اللام... إلخ" تعليل لقوله: والصحيح... إلخ. قوله: "في يستعور" بفتح التحتية وسكون السين المهملة وفتح الفوقية وضم العين المهملة آخره راء على وزن فعللول كما في التصريح. قوله: "إلا في المضارع" كيدحرج. قوله: "وهكذا همز... إلخ" اعترض بأنه كان ينبغي أن يقول: ثلاثة فقط؛ ليخرج ما سبق أكثر كإصطبل ومرزجوش، وبأنه كان مقتضى استثنائه فيما سبق نحو: يؤيؤ ووعوع، بعد تنصيصه أولًا على مسألة سمسم أن يستثني هنا مرمر، وبأنه كان ينبغي أن

ج / 4 ص -365-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
متساويتان في أن كلًّا منهما إذا تصدر وبعده ثلاثة أحرف مقطوع بأصالتها فهو زائد نحو: أحمد ومسجد؛ لدلالة الاشتقاق في أكثر الصور على الزيادة، فحمل عليه ما سواه، فخرج بقيد التصدر الواقع منهما حشوًا أو آخره؛ فإنه لا يقضى بزيادته إلا بدليل كما سيأتي بيانه، وبقيد الثلاثة نحو: أكل ومهد، ونحو: إصطبل ومرزجوش، وبقيد الأصالة نحو: أمان ومعزى، وبقيد التحقق نحو: أرطى؛ فإنه سمع في المدبوغ به مأروط ومرطى، فمن قال: مأروط جعل الهمزة أصلية والألف زائدة، ومن قال: مرى جعل الهمزة زائدة والألف بدلًا من ياء أصلية، فوزنه على الأول فعلى وألفه زائدة للإلحاق، فلو سمي به لم ينصرف للعلمية وشبه التأنيث، ووزنه على الثاني أفعل، فلو سمي به لم ينصرف للعلمية ووزن الفعل، والقول الأول أظهر؛ لأن تصاريفه أكثر؛ فإنهم قالوا: أرطت الأديم إذا دبغته بالأرطى، وأرطت الإبل إذا أكلته

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ينص على أن الميم التي في أول اسم فاعل الفعل الحاوي أربعة أحرف فأكثر واسم مفعوله والمصدر الميمي واسمي الزمان والمكان زائدة، سواء كان بعدها ثلاثة أصول أم أكثر، وأن الهمزة تقع في أول الفعل زائدة، ولو كان بعدها أكثر من ثلاثة أصول. قوله: "فإنه لا يقضى بزيادته إلا بدليل" كميم دلامص وزرقم؛ لقيام الدليل على زيادتها فيهما -كما سيذكره الشارح- بخلاف ميم ضرغام مثلًا؛ لعدم قيام الدليل على زيادتها.
قوله: "كما سيأتي" أي: في التنبيه الثاني. قوله: "نحو: أكل ومهد... إلخ" أي: فلا يحكم بزيادتهما؛ بل يحكم بأصالتهما. أما إذا سبقا أصلين فقط فتكميلًا لأقل الأبنية. وأما إذا سبقا أربعة فإن الاشتقاق لم يدل على الزيادة في نحو ذلك إلا في فعل، أو محمول عليه نحو: أدحرج ومدحرج، فوزن إصطبل فعلل، وورن مرزجوش فعللول، وقياس إبراهيم وإسماعيل أن تكون همزتهما أصلية ولو كانا غير عربيين. اهـ مرادي. فإن سبقا أربعة أحرف، وكان بعضها زائدًا فهما أيضًا زائدان كإكرام وانطلاق ومضروب ومنطلق. قوله: "ونحو إصطبل ومرزجوش" أي: لأن قيد الثلاثة يخرج الأقل منه والأكثر، والإصطبل بقطع الهمزة معروف، والمرزجوش بفتح الميم وسكون الراء وفتح الزاي وضم الجيم آخره شين معجمة وهو المردقوش بميم وراء ودال مهملة وقاف ثم شين معجمة على وزن الأول بقلة طيبة الرائحة، وكلا اللفظين فارسي معرب كما في زكريا. ويقال للمرزجوش: مرزنجوش بزيادة نون ساكنة قبل الجيم كما في القاموس.
قوله: "وبقيد التحقق نحو أرطى... إلخ" وقوله فيما يأتي الثالث أفهم قوله: تأصيلها تحققا... إلخ كلاهما يتعلق بمفهوم قوله: تأصيلها تحققا، فكان ينبغي ذكر حاصلهما في محل واحد، ثم عبارته توهم أن أحد الأحرف الثلاثة التي بعد همزة أرطى يحتمل الأصالة والزيادة، وهو ممنوع لتحقق أصالة الثلاثة عند من يقول مرطيّ، وتحقق زيادة الألف عند من يقول: مأروط، كما يؤخذ ذلك من قوله: فمن قال: مأروط... إلخ إلا أن يراد باحتمال الحرف لهما ما يشمل اختلاف العرب في أصالته وزيادته. قوله: "ومرطيّ" أصله مرطوي اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وكسر ما قبلها لمناسبتها وأدغمت الياء في الياء. قوله: "وشبه التأنيث" أي: شبه

 

ج / 4 ص -366-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وآرطت الأرض إذا أنبتته، وقيل أيضًا: أرطت الأرض إذا أنبتت الأرطى، وكذا الأولق؛ لأنه قيل: هو من أُلِق فهو مألوق إذا جُن، فالهمزة أصل والواو زائدة، وقيل: هو من وَلق إذا أسرع، فالهمزة زائدة والواو أصل ووزنه أفعل والأول أرجح، وكذا الأوتكى لنوع من التمر رديء دائر بين أن يكون وزنه أفعلى كأجفلى وفوعلى كخوزلى، ويخرج به أيضًا نحو: موسى؛ فإن ميمه محتملة الأصالة والزيادة؛ ولكن الأرجح الزيادة كما مر.
تنبيهات: الأول: محل الحكم بزيادة ما استكمل القيود المذكورة من الحرفين المذكورين ما لم يعارضه دليل على الأصالة من اشتقاق ونحوه، فإن عارضه دليل على الأصالة عمل بمقتضى الدليل، كما في ميم مِرجل ومغفور ومرعزى، حكم بأصالتها على أن بعدها ثلاثة أصول؛ أما مرجل فمذهب سيبويه وأكثر النحويين أن ميمه أصل لقولهم: مرجل الحائك الثوب إذا نسجه موشى بوشي يقال له: المراجل، قال ابن خروف: الممرجل ثوب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ألف التأنيث وهو ألف الإلحاق. قوله: "وآرطت الإبل" لم أرَ نصًّا في ضبطه، وكتب شيخنا عقبه: اسم الفاعل آرِط. قوله: "وآرطت الأرض" أي: بهمزة فألف مبدلة من همزة ساكنة، وبهذا يحصل الفرق بينه وبين ما بعده. وقول البعض: بهمزتين ذكر في القاموس: آرطت الأرض أخرجت الأرطى كأرطت إرطاء أو هذه لحن للجوهري. اهـ. ولعل اللغة الثانية هي مراد الشارح بقوله: وقيل أيضًا: أرطت الأرض.
قوله: "وكذا الأولق لأنه قيل... إلخ" على هذا القول اقتصر في القاموس فقال: الأولق الجنون أو شبهه، ألق كعنى فهو مألوق ومؤلق. اهـ. قوله: "من ألق" بالبناء للمجهول كما مر. قوله: "وقيل: هو من ولق" بالبناء للفاعل، قال في القاموس: ولق يلق أسرع، وفلان طعنه خفيفًا وبالسيف ضربه، وفي السير أو الكذب استمر. قوله: "ووزنه أفعل" أي: على الثاني، وأما على الأول فوزنه فوعل. قوله: "وكذا الأوتكى" بفوقية بين الواو والكاف وألفه زائدة قطعًا، فليس الكلام فيها؛ وإنما الكلام في الهمزة مع الواو. قوله: "كأجفلى... إلخ" تقدم ضبط أجفلى وخوزلى وتفسيرهما في باب ألف التأنيث. قوله: "فإن ميمه... إلخ" كان المناسب للسياق أن يقول: فإن ألفه محتملة للأصالة والزيادة؛ ولكن الأرجح الأصالة؛ فيكون الأرجح زيادة ميمه. قوله: "ونحوه" كالتصغير والجمع واللغات كما سيأتي في دلامص.
قوله: "كما في ميم مرجل ومغفور ومرعزى" المرجل بكسر الميم وسكون الراء وفتح الجيم المشط والقدر من الحجارة والنحاس، والمغفور بضم الميم وسكون الغين المعجمة وضم الفاء شيء ينضحه الثمام والعشر والرمث كالعسل، والمرعزى والمرعز بكسر الميم وسكون الراء وكسر العين المهملة وتشديد الزاي فإن خففتها مددت وقد تفتح الميم في الكل: الزغب الذي تحت شعر العنز، كذا في القاموس، وبه يعم ما في كلام البعض من الخلل. قوله: "على أن" أي: مع أن. قوله: "لقولهم: مرجل... إلخ" أي: ولو كانت الميم زائدة لقالوا: رجل الحائك الثوب بحذفها.

 

ج / 4 ص -367-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يعمل بدارات كالمراجل وهي قدور النحاس، وقد ذهب أبو العلاء المعري إلى زيادة ميم مرجل اعتمادًا على الأصل المذكور، وجعل ثبوتها في التصريف كثبوت ميم تمسكن من المسكنة، وتمندل من المنديل، وتمدرع إذا لبس المِدرعة والميم فيها زائدة، ولا حجة له في ذلك؛ لأن الأكثر في هذا تسكن وتندل وتدرع، قال أبو عثمان: هو الأكثر في كلام العرب. وأما مغفور فعن سيبويه فيه قولان؛ أحدهما: أن الميم زائدة، والآخر: أنها أصل لقولهم: ذهبوا يتمغفرون أي: يجمعون المغفول وهو ضرب من الكمأة. وأما مرعزى فذهب سيبويه إلى أن ميمه زائدة، وذهب قوم -منهم الناظم- إلى أنها أصل لقولهم: كساء ممرعزى دون مرعز، وكما في همزة إمعة وهو الذي يكون تبعًا لغيره لضعف رأيه، والذي يجعل دينه تبعًا لدين غيره ويقلده من غير برهان حكم بأصالة همزته على أن بعدها ثلاثة أصول، فوزنه فعلة لا أفعلة؛ لأنه صفة وليس في الصفات أفعلة، وإمرة مثل إمعة وزنًا ومعنًى وحكمًا؛ وهو الذي يأتمر لكل من يأمره لضعف رأيه، ويقال أيضًا: إمع وإمر.
الثاني: أفهم قوله سبقًا: أنهما لا يحكم بزيادتهما متوسطتين ولا متأخرتين إلا بدليل، ويسثنى من ذلك الهمزة المتأخرة بعد الألف، وقبلها أكثر من أصلين، كما سيأتي في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "موشى" حال من ضمير الثوب أي: مزينًا. قوله: "يقال له: المراجل" أي: يطلق عليه ذلك أي: على طريق المجاز أو حذف أداة التشبيه كما تفيده عبارة ابن خروف الآتية. قوله: "وهي قدور النحاس" أي: أو قدور الحجارة، كما يدل عليه ما نقلناه آنفًا عن القاموس. قوله: "اعتمادًا على الأصل المذكور" أي: القاعدة المذكورة في قول الناظم: وهكذا همز وميم سبقا... إلخ. قوله: "إذا لبس المدرعة" بكسر الميم وسكون الدال المهملة وفتح الراء نوع من الثياب الصوف كما في القاموس.
قوله: "لأن الأكثر في هذا تسكن... إلخ" أي: فليست الميم في هذا ثابتة في التصريف لزومًا بخلاف الميم في مرجل، فقياس مرجل على هذا قياس مع الفارق. قوله: "لقولهم: ذهبوا يتمغفرون" أي: ولو كانت ميمه زائدة لقالوا: يتغفرون. قوله: "منهم الناظم" أي: في غير هذا الكتاب، قال المرادي: وألزم المصنف سيبويه أن يوافق على الأصالة في مرعزى أو يخالف في الجميع. قوله: "ممرعز دون مرعز" بتشديد الزاي فيهما. قوله: "وكما في همزة إمعة" عطف على قوله: كما في ميم مرجل، وهو بهمزة مكسورة فميم مشددة فعين مهملة. قوله: "وهو الذي يكون تبعًا لغيره... إلخ" زاد الشارح في شرح التوضيح: والذي يتبع الناس إلى الطعام من غير أن يُدعى، والذي يقول أنا مع الناس. قوله: "على أن بعدها" أي: مع أن بعدها. قوله: "وحكمًا" فيحكم بأصالة همزته كإمعة.
قوله: "وهو الذي يأتمر... إلخ" لا حاجة إليه بعد قوله: ومعنى؛ إلا أن يجعل معنى آخر أخص مما سبق لإمعة، فتأمل. قوله: "بعد ألف وقبلها أكثر من أصلين" أي: كما في حمراء؛ فإن همزته

 

ج / 4 ص -368-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كلامه. فمثال ما حكم فيه بزيادة الهمزة وهي غير مصدرة: شمأل واحبنطأ، ومثال ما حكم فيه بزيادة الميم وهي غير مصدرة: دلامص وزرقم وبابه، أما الشمأل فالدليل على زيادة همزتها سقوطها في بعض لغاتها، وفيها عشر لغات: شمأل وشأمل بتقديم الهمزة على الميم، وشَمَال على وزن قذال، وشمول بفتح الشين، وشَمَل بفتح الميم، وشَمْل بإسكان الميم، وشيمل على وزن صيقل، وشِمَال على وزن كتاب، وشَمِيل على وزن طويل، وشَمْأَلّ بتشديد اللام، واستدل ابن عصفور وغيره على زيادة همزة شمأل بقولهم: شملت الريح إذا هبت شمالًا، واعترض بأنه يحتمل أن يكون أصله شمألت، فنقل؛ فلا يصح الاستدلال به.
وأما احبنطأ فالدليل على زيادة همزته سقوطها في الحبط يقال: حبط بطنه إذا انتفخ. وأما دلامص ويقال فيه: دمالص ودملص ودميلص وهو البرّاق، فلقولهم: درع دلاص ودليص ودلصته أنا، وذهب أبو عثمان إلى أن الميم في دلامص أصل وإن وافق دلاصًا في المعنى، فهو عنده من باب سبط وسبطر. وأما زرقم وبابه نحو: ستهم ودلقم وضِرزم وفُسحم ودِرْدم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زائدة وإن كانت في الآخر. وقوله: كما سيأتى في كلامه أي: في قوله: كذاك همز آخر بعد ألف... إلخ. قوله: "واحبنطأ" بالحاء والطاء المهملتين أي: انتفخ بطنه. قوله: "دلامص" بضم الدال المهملة وتخفيف اللام آخره صاد مهملة، وسيفسره الشارح. قوله: "وفيه عشر لغات" زاد في القاموس: شوملًا كجوهر. قوله: "وزن قذال" بفتح القاف وتخفيف الذال المعجمة مؤخر الرأس ومعقد العذار من الفرس خلف الناصية كما في القاموس. قوله: "على وزن صيقل" بفتح الصاد المهملة وسكون التحتية وفتح القاف جلاء السيوف. قوله: "بتشديد اللام" أي: مع فتح الشين وسكون الميم وفتح الهمزة. قوله: "شملت الريح" أي: تحولت شمالًا وبابه دخل. اهـ مختار. قوله: "فنقل" أي: نقلت حركة الهمزة إلى الميم ثم حذفت الهمزة. قوله: "في الحبط" بفتحتين؛ وهو أن تأكل الماشية فتكثر حتى تنتفخ لذلك بطونها، ولا يخرج عنها ما فيها. وقال ابن السكيت: هو أن ينتفخ بطنها من أكل الزرق وهو الحندقوق. صحاح. قوله: "حبط بطنه" من باب فرح.
قوله: "ويقال فيه: دمالص ودملص" كذا في نسخ، وفي نسخ أخرى: ودلمص بتقديم اللام وكل صحيح؛ إذ كل منهما لغة في دلامص كما سيعلم من كلامه في التنبيه الرابع؛ فكان ينبغي ذكرهما معًا هنا، وكل بضم الأول وفتح الثاني مخففًا وكسر ما قبل الآخر. قوله: "وهو البراق" بفتح الموحدة وتشديد الراء. قوله: "دلاص ودليص" الأول ككتاب والثاني كأمير، كما في القاموس. قوله: "ودلصته أنا" ظاهر قول القاموس التدليص التليين والتمليس أن لام دلصته مشددة. قوله: "في دلامص" زاد المرادي وأخوانه. قوله: "من باب سبط وسبطر" الأول ككتف والثاني كهزبر كما في القاموس أي: من المترادفات المتفقة في معظم الحروف، فليست الراء زائدة؛ بل هي أصلية؛ إذ هي ليست من حروف سألتمونيها ولا ضعف أصل.
قوله: "وأما زرقم وبابه" أي: كل ثلاثي زيد في آخره ميم تكثيرًا للفظ ومبالغة في المعنى، والزرقم بضم الزاي وسكون الراء وضم القاف الشديد الزرقة، والستهم بوزن الزرقم الكبير العجز

 

ج / 4 ص -369-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فلأنها من الزرقة والستة والاندلاق وهو الخروج والضرِّز وهو البخيل، يقال: ناقة ضرزة أي: قليلة اللبن، والانفساح والدرد وهو عدم الأسنان، والوصف منه أدرد ودرد.
الثالث: أفهم قوله: تأصيلها تحققًا أنهما إذا سبقا ثلاثة لم يتحقق تأصيل جميعها؛ بل كان في أحدها احتمال أنه لا يقدم على الحكم بزيادتهما إلا بدليل، وهو ما جزم به في التسهيل، وهو المعروف من أن الهمزة والميم إذا سبقا ثلاثة أحرف أحدها يحتمل الأصالة والزيادة أنه يحكم بزيادة الهمزة والميم وأصالة ذلك المحتمل؛ إلا أن يقوم دليل بخلاف ذلك؛ ولذلك حُكم بزيادة همزة أفعى وأيدع، وميم موسى ومزود، وجاء في ميم مجن عن سيبويه قولان أصحهما أنها زائدة، فإن دل الدليل على أصالة الهمزة والميم وزيادة ذلك المحتمل حُكم بمقتضاه كما حكم بأصالة همزة أرطى فيمن قال: أديم مأروط، وهمزة أولق فيمن قال: ألق، فهو مألوق كما سبق، وبأصالة ميم مهدد ومأجج، وزيادة أحد المثلين؛ إذ لو

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والدلقم بدال مهملة مكسورة ولام ساكنة وقاف مكسورة العجوز والناقة المسنة المتكسرة الأسنان، والضرزم بضاد معجمة فراء فزاي، قال في القاموس: كزبرج وجعفر المسنة من النوق أو وفيها بقية شباب أو الكبيرة القليلة اللبن، وأفعى ضرزم كزبرج شديدة العض، وقال في الصحاح: قال ابن السكيت: الضرزم من النوق القليلة اللبن مثل الضمرز. قال: ونرى أنه من قولهم: رجل ضرز إذا كان بخيلًا والميم زائدة. وقال غيره: الضمرز الناقة القوية. وأما الضرزم فالمسنة وفيها بقية شباب. اهـ. فعلم من كلام القاموس أن قول البعض بكسر الضاد والراء وتشديد الزاي خطأ. والفسحم بضم الفاء وسكون السين المهملة وضم الحاء المهملة يقال: مكان فسح كقفل وفسحم متسع، ورجل فسح كقفل وفسحم واسع الصدر. والدردم بالإهمال وكسر الدالين وسكون الراء المرأة التي تجيء وتذهب بالليل والناقة المسنة.
قوله: "والسته" بفتحتين وهو الدبر. قوله: "والضرز" ضبطه الشارح بخطه بكسر الضاد والراء وتشديد الزاي وكذا في القاموس. قوله: "والدرد" بفتحتين. قوله: "ودرد" على وزن فرح. قوله: "أنه لا يقدم... إلخ" الصواب حذف أنه كما في عبارة المرادي؛ لأن جواب إذا لا يصدر بأن المفتوحة والتكلف لتصحيحه بأنه على حذف الفاء، وجعل أن المفتوحة ومعموليها في تأويل مصدر مبتدأ، والخبر محذوف، أو على حذف الفاء، وقراءة إن بالكسر يعكر عليه أن حذف الفاء في مثله لا يجوز في الاختيار. قوله: "أنه يحكم... إلخ" فيه ما قدمناه. قوله: "ولذلك" أي: للحكم بزيادة الهمزة والميم وأصالة المحتمل عند عدم الدليل على خلاف ذلك. قوله: "وأيدع" تقدم ضبطه وتفسيره في شرح قوله: إن لم يقعا كما هما... إلخ. قوله: "مجن" بكسر وفتح الجيم وتشديد النون الترس. قوله: "فيمن قال" أي: في لغة من قال: أديم مأروط أي: وأما في لغة من قال: أديم مرطى فبالعكس.
قوله: "وبأصالة ميم مهدد ومأجج" الأول بدالين مهملتين من أسمائهن، والثاني بجيمين

 

ج / 4 ص -370-                        كَذَلكَ هَمْز آخِر بعد أَلِفْ  أَكْثَرَ من حرفين لَفْظُهَا رَدِف


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كانت ميمه زائدة لكان مفعلًا، فكان يجب إدغامه، وأجاز السيرافي في مهدد ومأجج أن تكون الميم زائدة، ويكون فكهما شاذًّا كما فك الأجل في قوله:

الحمد لله العلي الأجلل

الرابع: تزاد الهمزة في الاسم أولى كأحمر، وثانية كشأمل، وثالثة كشمأل، ورابعة كحطائط وهو القصير، وخامسة كحمراء، وسادسة كعقرباء وهي بلد، وسابعة كبرناساء والبرناساء الناس. والميم تزاد أولى كمرحب، وثانية كدملص، وثالثة كدلمص، ورابعة كرزقم، وخامسة كضبارم؛ لأنه من الضبر وهو شدة الخلق، وذهب ابن عصفور إلى أنها في ضبارم أصلية، قال في الصحاح: الضبارم بالضم الشديد الخلق من الأسد. اهـ.
"كذلك همز آخر بعد ألف أكثر من حرفين لفظها ردف" أي: يحكم بزيادة الهمزة أيضًا باطراد إذا وقعت آخرًا بعد ألف قبل تلك الألف أكثر من حرفين نحو: حمراء وعلباء وقرفصاء، فخرج بقيد الآخر  الهمزة الواقعة في الحشو، وبقيد قبلها ألف الواقعة آخرًا وليست بعد ألف؛ فإنه لا يقضى بزيادة هاتين إلا بدليل كما سبق في حطائط واحنبطأ، وبقيد أكثر من حرفين نحو: ماء وشاء وكساء ورداء، فالهمزة في ذلك ونحوه أصل أو بدل من أصل لا زائدة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
موضع وكلاهما بوزن جعفر، كذا في القاموس. قوله: "وزيادة أحد المثلين" أي: للإلحاق بجعفر، ولو قال: ثاني المثلين لكان أوضح. قوله: "إذ لو كانت ميمه" أي: المذكور من مهدد ومأجج. قوله: "كحطائط" بضم الحاء المهملة وتخفيف الطاء المهملة. قوله: "كعقرباء" بفتح العين المهملة وسكون القاف وفتح الراء بعدها موحدة. قوله: "كبرناساء" بفتح الموحدة وسكون الراء بعدها نون ثم سين مهملة، كذا في الدماميني وغيره. فقول البعض: بضم الباء وفتح الراء غير صحيح. قوله: "كضبارم" بضم الضاد المعجمة وفتح الموحدة مخففة وكسر الراء. قوله: "وهو شدة الخلق" بفتح الخاء المعجمة وسكون اللام. قوله: "من الأسد" على صيغة الجمع. قوله: "أكثر" مفعول ردف. وقوله: لفظها أي: الألف. قوله: "بزيادة الهمزة" إما للإلحاق كعلباء وقوباء، أو للإبدال من ألف التأنيث لالتقائها ساكنة مع الألف قبلها كصحراء وحمراء. قوله: "نحو حمراء... إلخ" عدد الأمثلة إشارة إلى أنه لا فرق بين همزة الإلحاق وهمزة التأنيث، ولا بين ما قبل ألفه ثلاثة أصول وما قبل ألفه أربعة، ولا بين مفتوح الأول ومكسوره ومضمومه.
قوله: "كما سبق في حطائط" الذي سبق له في حطائط إنما هو ذكر زيادة همزته دون الدليل على زيادتها كما توهمه عبارته، والدليل على زيادة همزته سقوطها في بعض التصاريف كالحط والمحطوط. وقوله: واحبنطأ، هذا سبق له ذكر زيادة همزته، وأن الدليل على زيادة الهمزة والنون قولهم: حبط بطنه. قوله: "فالهمزة في ذلك ونحوه أصل" كما في شاء جمع شاة، أو بدل من أصل كما في ماء وكساء ورداء؛ فإن همزة ماء بدل من هاء، وهمزة كساء بدل من واو، وهمزة رداء بدل من ياء، كذا قال سم، وأقره شيخنا والبعض. وفي كون همزة شاء أصلًا غير منقلبة عن

ج / 4 ص -371-                                  والنونُ في الآخِرِ كالهمز وَفِي        نحو غَضَنْفَرٍ أَصَالَةً كُفِي


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه: مقتضى قوله: أكثر من حرفين، أن الهمزة يحكم بزيادتها في ذلك، سواء قطع بأصالة الحروف التي قبل الألف كلها أن قطع بأصالة حرفين واحتمل الثالث وليس كذلك؛ لأن ما آخره همزة بعد ألف بينها وبين الفاء حرف مشدد نحو: سُلاء وحواء، أو حرفان أحدهما لين نحو: زِيزاء وقوباء، فإنه محتمل لأصالة الهمزة وزيادة أحد المثلين أو اللين وللعكس، فإن جعلت الهمزة أصلية كان سلاء فعالًا وحواء فعالًا من الحواية، وإن جعلت زائدة كان سلاء فعلاء وحواء فعلاء من الحوة، فإن تأيد أحد الاحتمالين بدليل حكم به وأُلغي الآخر؛ ولذلك حكم على حواء بأن همزته زائدة إذا لم يصرف، وبأنها أصل إذا صرف نحو حواء للذي يعاني الحيات، والأولى في سلاء أن تكون همزته أصلًا؛ لأن فعالًا في النبات أكثر من فعلاء، فلو قال الناظم: أكثر من أصلين لكان أجود. اهـ.
"والنون في الآخر كالهمز" أي: فيقضى بزيادتها بالشرطين المذكورين في الهمزة؛ وهما أن يسبقها ألف وأن يسبق تلك الألف أكثر من أصلين نحو: عثمان وغضبان، بخلاف نحو: أمان وزمان ومكان، ويشترط لزيادة النون مع ما ذكر أن تكون زيادة ما قبل الألف على حرفين ليست بتضعيف أصل، فالنون في نحو: جنجان أصل لا زائدة. وهذا الشرط مستفاد من قوله

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شيء نظر؛ فإن الظاهر أنها منقلبة عن هاء، والأصل شوه قلبت الواو ألفًا والهاء همزة، بدليل قوله في المفرد: أصله شوهة؛ وحينئذ يكون قول الشارح: أصل بالنظر إلى بعض نحو ذلك لا إلى ذلك، أو يقرأ شاء في عبارته بصيغة الفعل الماضي، فتدبر.
قوله: "نحو سلاء" بضم السين المهملة وتشديد اللام شوك النخل واحده سلاءة. قال الدماميني: ولا يصح التمثيل بسلاء لزوال الاحتمال عنه بحكاية أبي زيد سلأت النخل سلأ إذا نزعت ملاءه أي: شوكه. قوله: "زيزاء" بزايين معجمتين مكسور أولاهما الأرض الغليظة.
قوله: "وزيادة أحد المثلين" أي: في نحو سلاء وحواء، أو اللين أي: في نحو زيزاء وقوباء. قوله: "من الحواية" لم أظفر بنص في ضبط الحاء، وقول البعض: بفتح الحاء لا يعتمد عليه وحده لكثرة تساهله، كما لا يفخى على ممارس حاشيتنا؛ بل النفس الآن أميل إلى الكسرة لكثرته في أمثال هذه اللفظة كالهداية والوقاية والحماية والعناية والرعاية والرماية والسراية والولاية. قوله: "من الحوة" بضم الحاء المهملة وتشديد الواو سواد إلى خضرة أو حمرة إلى سواد. قوله: "إذا لم يصرف" لأن منع الصرف يدل على كونها همزة التأنيث وهي زائدة.
قوله: "فلو قال الناظم: أكثر من أصلين لكان أجود" أي: ليخرج ما ردفت فيه الألف ثلاثة أحدها محتمل، واعترضه البعض بأن هذا أيضًا لا يفيد اشتراط تحقق أصالة الثلاثة؛ لأن قوله: أكثر من أصلين صادق لكون الثالث غير محقق الأصالة، ويدفع بأن المعنى أصولًا أكثر من أصلين بقرينة قوله: من أصلين؛ فيستفاد منه الاشتراط المذكور، فتأمل.
قوله: "أن تكون زيادة... إلخ" الظاهر إتيان هذا الشرط في الهمزة أيضًا مع أنه لم يذكره فيها. قوله: "ليست بتضعيف أصل" يعني: الفاء لا مطلق أصل؛ وإلا لم يتم قوله: وهذا الشرط

ج / 4 ص -372-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سابقًا:

واحكم بتأصيل حروف سمسم

وقد اقتضى إطلاقه أنه يقضي بزيادة النون عينًا فيما يتوسط فيه بين الألف والفاء حرف مشدد نحو: حسان ورمان، أو حرف لين نحو: عقيان وعنوان، وهذا الإطلاق على وفق ما ذهب إليه الجمهور؛ فإنهم يحكمون بزيادة النون في مثل: حسان وعقيان؛ إلا أن يدل دليل على أصالتها، بدلالة منع صرف حسان على زيادة نونه في قول الشاعر:
1267-

ألا من مبلغ حسان عني                          مغلغلة تدب إلى عكاظ

لكنه ذهب في التسهيل والكافية إلى أن النون في ذلك كالهمزة في تساوي الاحتمالين، فلا يلغى أحدهما إلا بدليل، فكان ينبغي له أن يقيد إطلاقه بذلك، وهذا مذهب لبعض المتقدمين، وزاد بعضهم لزيادتها آخرًا شرطًا آخر؛ وهو ألا تكون في اسم مضموم الأول مضعف الثاني اسمًا لنبات نحو رمان، فجعلها في ذلك أصلًا؛ لأن فعالًا في أسماء النبات أكثر من فعلال، وإلى هذا ذهب في الكافية حيث قال:

فمل عن الفعلال والفعلاء                       في النبت للفعال كالسلاء

ورد بأن زيادة الألف والنون آخرًا أكثر من مجيء النبات على فعال، ومذهب الخليل وسيبويه أن نون رمان زائدة، قال سيبويه: وسألته -يعني الخليل- عن الرمان إذا سمي به، فقال: لا أصرفه في المعرفة، وأحمله على الأكثر؛ إذ لم يكن له معنى يعرف به، وقال
 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مستفاد... إلخ، فتأمل. قوله: "في نحو جنجان" بكسر الجيم الأولى، وأصله جنجن كسمسم، قال في القاموس: الجناجن عظام الصدر الواحد جنجن وجنجنة بكسرهما ويفتحان وجنجون بالضم. قوله: "وهذا الشرط مستفاد من قوله... إلخ" أي: لأن أصل جنجان جنجن كسمسم على ما مر. قوله: "بزيادة النون عينًا" أي: زيادة متعينة. قوله: "نحو عقيان" بكسر العين المهملة وسكون القاف وفتح التحتية ذهب ينبت كما في القاموس. قوله: "بدلالة" متعلق بيحكمون، وفي بعض النسخ باللام، وفي بعضها بالكاف، وهي للتعليل أو مجرد التنظير. قوله: "ألا من مبلغ... إلخ" قاله أمية بن خلف الخزاعيّ من قصيدة من الوافر يهجو بها حسانًا -رضي الله تعالى عنه- وألا للتنبيه، ومن استفهامية مبتدأ، ومبلغ خبره، والرسالة المغلغلة المحمولة من بلد إلى بلد، وعكاظ سوق من أسواق الجاهلية. اهـ عيني. ومغلغلة بغينين ومعجمتين، وتدب بضم الدال المهملة تسير.
قوله: "فكان ينبغي له" أي: على ما ذهب إليه في التسهيل والكافية. وقوله: بذلك أي: بألا يتوسط بين الألف والفاء حرف مشدد أو لين. وقوله: وهذا أي: ما ذهب إليه في التسهيل والكافية. قوله: "لزيادتها" أي: النون. قوله: "وأحمله على الأكثر" عطف علة على معلول أي: إنما منعته

 

ج / 4 ص -373-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخفش: نونه أصلية مثل: قُرَّاص وحُمَّاض؛ لأن فعالًا أكثر من فعلال -يعني في النبات- والصحيح ما ذهب إليه لا لما ذكره؛ بل لثبوتها في الاشتقاق قالوا: أرض مرمنة لكثرة الرمان، ولو كانت النون زائدة لقالوا مرمة.
"و" النون "في نحو غصنفر" وعقنقل وقرنفل وحبنطأ وورنتل مما هو فيه متوسط وتوسطه بين أربعة أحرف بالسوية وهو ساكن وغير مدغم "أصالة كُفي" كفي مجهول فيه ضمير النون هو المفعول الأول عن الفاعل ناب، وأصالة نصب بالمفعول الثاني أي: اطردت زيادة النون فيما تضمن القيود المذكورة لثلاثة أمور:
أولها: أن النون في ذلك واقعة موقع ما تيقنت زيادته كياء سَميذع وواو فدوكس وألف عذافر وجحادب.
ثانيها: أنها تعاقب حرف اللين غالبًا لقولهم للغليظ الكفين: شَرنبث وشُرابث، وللضخم: جرنفش وجرافش ولنبت عرنقصان وعريقصان.
ثالثها: أن كل ما عرف له اشتقاق

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الصرف إذا كان علمًا حملًا على الأكثر وهو زيادة الألف والنون. وقوله: إذ لم يكن... إلخ كذا بخط الشارح على أنه تعليل للحمل على الأكثر أي: لأنه ليس له علامة يعرف بها حال نونه، وفي نسخ: إذا. قوله: "مثل قراص" بضم القاف وتشديد الراء آخره صاد البابونج وعشب ربعي والورس، قاله في القاموس. قوله: "وحماض" بضم الحاء المهملة وتشديد الميم آخره ضاد معجمة. قوله: "لا لما ذكره" أي: لرده كما مر بأن زيادة الألف والنون آخرًا أكثر من مجيء النبات على فعال. قوله: "لقالوا مرمة" نقل شيخنا عن الشارح أنه ضبطه بخطه بفتح الميم والراء والميم الثانية مع تشديدها قال: وقياس ضبطه مرمنة بفتح الميمين وسكون الراء. اهـ. وبه جزم شيخنا السيد. قوله: "وعقنقل" بعين مهملة وقافين بينهما نون يطلق على الوادي العظيم المتسع وعلى الكثيب المتراكم. قوله: "وورنتل" بفتح الواو والراء وسكون النون وفتح الفوقية الداهية والأمر العظيم وموضع كذا في القاموس.
قوله: "لثلاثة أمور" ليس من مدخول أي: لعدم تضمن كلام المصنف أن الاطراد لتلك الأمور الثلاثة، وقول البعض: إلا أن يقال: هو مستفاد من لفظ نحو لا يخفى فساده. قوله: "كياء سميذع" بفتح السين المهملة والميم وسكون التحتية وفتح الذال المعجمة بعدها عين مهملة السيد الكريم الموطأ الأكناف والشجاع والذئب والخفيف في حوائجه والسيف. قوله: "وواو فدوكس" بفتح الفاء والدال المهملة وسكون الواو وفتح الكاف بعدها سين مهملة الأسد والرجل الشديد كذا في القاموس، وفي محل آخر منه أن الأسد يقال له: دوكس أيضًا بلا فاء، فعلم ما في كلام البعض من الخبط. قوله: "وألف عذافر" بضم العين المهملة وتخفيف الذال المعجمة وكسر الفاء بعدها راء الأسد والعظيم الشديد من الإبل. قوله: "وجخادب" بضم الجيم وتخفيف الخاء المعجمة وكسر الدال المهملة بعدها موحدة عظيم الخلق. قوله: "شرنبث" بفتح الشين والراء وسكون النون وفتح الموحدة بعدها مثلثة. قوله: "وشرابث" بضم الشين وتخفيف الراء وكسر الموحدة كعلابط. قوله: "جرنفش" بفتح الجيم والراء وسكون النون وفتح الفاء بعدها شين

 

ج / 4 ص -374-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أو تصريف وجدت فيه زائدة فيحمل غيره عليه، وقد خرج بالقيد الأول النون الواقعة أولًا؛ فإنها أصل نحو نهشل؛ إلا أن يقضي بزيادتها دليل كما في نحو نرجس؛ لأنها لو كانت أصلًا لكان وزنه فعلل وهو مفقود، وبالقيد الثاني نحو: قنطار وقنديل وعنقود وخندريس وعندليب؛ فإنها أصل إلا أن يقضي دليل بالزيادة كما في نحو عنبس؛ لأنه من العبوس وحنظل لقولهم: حظلت الإبل وعنسل؛ لأنه من العسلان وعرند لأنه من قولهم: شيء عرد أي: صُلْب، وكنهبل لقولهم فيه كهبل، ولعدم النظير على تقدير الأصالة، وبالقيد الثالث نحو غرنيق وهو السيد الرفيع، وخرنوب وكُنأبيل، فالنون أصلية؛ إذ ليس في الكلام فعنيل ولا فعنول ولا فنعليل، وبالرابع نحو عجنس فإنه تعارضت فيه زيادة النون مع زيادة التضعيف فغلب التضعيف لأنه أكثر وجعل وزنه فعلل كعدبس، قال أبو حيان: والذي أذهب إليه أن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معجمة. قوله: "وجرافش" على وزن علابط. قوله: "عرنقصان" بفتح العين المهملة والراء وسكون النون وفتح القاف بعدها صاد مهملة. قوله: "وعريقصان" بضم العين وفتح الراء وسكون التحتية وكسر القاف.
قوله: "أن كل ما عرف له اشتقاق... إلخ" نحو جحنفل فإن اشتقاقه من الجحفلة كما مر، يدل على زيادة نونه فيحمل عليه غيره كشرنبث. قوله: "نحو نهشل" بنون فهاء فشين معجمة كجعفر الذئب. قوله: "لكان وزنه فعلل" بكسر اللام الأولى. قوله: "وخندريس" بفتح الخاء المعجمة وسكون النون وفتح الدال المهملة وكسر الراء بعدها تحتية فسين مهملة من أسماء الخمر. قوله: "وعندليب" بفتح العين المهملة وسكون النون وفتح الدال المهملة وكسر اللام بعدها تحتية فموحدة طائر يصوت أنوانًا يقال له الهزار جمعه عنادل وعنادب كما في القاموس. قوله: "حظلت الإبل" في القاموس حظل البعير كفرح أكثر من أكل الحنظل. قوله: "وعنسل" بفتح العين المهملة وسكون النون وفتح السين المهملة. قوله: "من العسلان" بالتحريك وهو الاضطراب. قوله: "وعرند" بفتح العين المهملة وسكون الراء وفتح النون بعدها دال مهملة. قوله: "شيء عرد" بفتح العين وسكون الراء. قوله: "وكنهبل" بفتح الكاف والنون وسكون الهاء وفتح الموحدة وضمها شجر عظيم والشعير الضخم السنبلة قاله في القاموس.
قوله: "لقولهم فيه كهبل" أي: بفتح الباء. قوله: "ولعدم النظير" أي: مع دخول أضيق البابين؛ وإلا فعدم النظير لازم على تقدير الزيادة أيضًا؛ إذ كما ليس في الأوزان فعلل بضم اللام الأولى المشددة ليس فيها فنعلل بضم اللام الأولى؛ لكن باب الزيادة أوسع كما مر. قوله: "نحو غرنيق" بضم الغين المعجمة وسكون الراء وفتح النون وسكون التحتية بعدها قاف طير من طيور الماء، ويطلق على غير ذلك كما في القاموس. قوله: "وكنأبيل" بكاف مضمومة فنون مفتوحة فهمزة ساكنة فموحدة مكسورة فتحتية ساكنة فلام اسم موضع باليمن كذا في التصريح. قوله: "عجنس" بفتح العين المهملة والجيم وتشديد النون بعدها سين مهملة الجمل الضخم الشديد. قوله: "كعدبس" بفتح العين والدال المهملتين وتشديد الموحدة بعدها سين مهملة الشديد من الإبل

 

ج / 4 ص -375-                             والتاءُ في التأنيثِ والمضارعَهْ  ونحو الاستفعال والمطاوعَهْ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النونين زائدتان ووزنه فعنل، والدليل على ذلك أنا وجدنا النونين مزيدتين فيما عرف له اشتقاق نحو: ضَفَنّط وزونك، ألا ترى أنه من الضفاطة والزوك فيه عمل ما لا يعرف له اشتقاق على ذلك.
تنبيهات: الأول: بقي مما تزاد فيه النون باطراد ثلاثة مواضع: المضارع كنضرب، والانفعال وفروعه كالانطلاق، والافعنلال كالاحرنجام؛ وإنما سكت عنها لوضوحها.
الثاني: إنما لم يذكر التنوين ونون التثنية والجمع وعلامة الرفع في الأمثلة الخمسة ونون الوقاية ونون التوكيد؛ لأن هذه زيادة متميزة ومقصود الباب تمييز الزيادة المحتاجة إلى تمييز لاختلاطها بأصول الكلمة حتى صارت جزءًا منها.
الثالث: اعلم أن النون تزاد أولى نحو نضرب، وثانية نحو حنظل، وثالثة نحو غضنفر، ورابعة نحو رعشن، وخامسة نحو عثمان، وسادسة نحو زعفران، وسابعة نحو عبوثران.
"والتاء" تزاد في أربعة مواضع "في التأنيث" كضربت وضاربة وضربة وأنت وفروعه على المشهور "و" في "المضارعه" كتضرب "و" في "نحو الاستفعال" من المصادر وذلك الافتعال

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وغيرها، والشرس الخلق والضخم الغليظ، وضبطه شيخنا السيد بنون بدل الموحدة، وهو خلاف ما في نسخ القاموس الصحيحة. قوله: "نحو ضفنط" بفتح الضاد المعجمة والفاء وتشديد النون آخره طاء مهملة كما في القاموس والدماميني، وصحفه البعض فضبطه بالغين المعجمة بدل الفاء. قوله: "وزونك" بفتح الزاي والواو وتشديد النون بعدها كاف. قوله: "من الضفاطة" وهي الجهل وضعف الرأي وضخامة البطن والفعل ككرم. اهـ قاموس.
قوله: "والزوك" بفتح الزاي وسكون الواو مشي الغراب وتحريك المنكبين في المشي والتبختر. قوله: "عبوثران" بفتح العين والموحدة وسكون الواو وفتح المثلثلة وضمها ويقال له: عبيثران بالتحتية مكان الواو نبات طيب الرائحة.
قوله: "والتاء في التأنيث... إلخ" قد يفهم اقتصاره على ما ذكر أن تاء ترجمان بفتح التاء والجيم وضمهما وفتح التاء وضم الجيم وهو المفسر للسان أصلية وهو الأصح الذي يدل عليه ثبوتها في بقية تصاريف الكملة، وهو معرب، وقيل: عربي. قوله: "كسربت" حمل الشارح التأنيث في النظم على ما يعم تأنيث الاسم وتأنيث الفعل، وكان عليه حينئذ أن يدخل فيه تأنيث الحرف أيضًا كربت وثمت ولات. قال ابن هشام: عندي أن تاء قامت ونحوها لا تعد في هذا الباب؛ لأنها كلمة مستقلة قائمة بنفسها بخلاف تاء مسلمة ومسلمات؛ فإنها جزء كلمة؛ ولهذا يحلها الإعراب. قوله: "وضربه" كذا في نسخ بالتاء المربوطة بمعنى المرة من الضرب، وفي نسخ بتاء مجرورة على أنه فعل مبني للمجهول، وقوله قبله: كضربت بالبناء للفاعل فلا تكرار، وأما ما يتوهم من أنه بتاء خطاب مكسورة فغلط؛ إذ هذه التاء اسم؛ لأنها فاعل، والكلام في الحروف الزائدة.
قوله: "على المشهور" مقابله قولان؛ الأول: أن التاء هي الاسم الضمير وأن حرف عماد وكون التاء على هذا ليست حرفًا زائدًا ظاهر. الثاني: أن المجموع هو الضمير فتكون التاء جزءه، وقد يقال: كونها جزء الاسم لا ينافي زيادتها كما لا يخفى، فتأمل. قوله: "والمضارعه" قال ابن

ج / 4 ص -376-                       والهاءُ وَقفًا كَلِمَهْ وَلَمْ نَرَهْ  واللامُ في الإشارةِ المشْتَهِرَهْ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كالاستخراج والاقتدار وفروعهما، والتفعيل والتفعال كالترديد والترداد دون فروعهما "و" في نحو "المطاوعه" كتعلم تعلمًا وتدحرج تدحرجًا وتغافل تغافلًا، ولا يقضى بزيادتها في غير ما ذكر إلا بدليل. واعلم أنه قد زيدت التاء أولًا وآخرًا وحشوًا؛ فأما زيادتها أولًا فمنه مطرد وقد تقدم، ومنه مقصور على السماع كزيادتها في تنضب وتتفل وتدرأ وتِحْلِئ.
وأما زيادتها آخرًا فكذلك منه مطرد وقد تقدم، ومنه مقصور على السماع كالتاء في رغبوت ورحموت وملكوت وجبروت، وفي تَرَنْموت وهو صوت القوس عند الرمي؛ لأنه من الترنم ووزنه تفعلوت، وفي عنكبوت ومذهب سيبويه أن نون عنكبوت أصل لقولهم في معناه العنكب فهو عنده رباعي، وذهب بعض النحاة إلى أنه ثلاثي ونونه زائدة، وأما زيادتها حشوًا فلا تطرد إلا في الاستفعال والافتعال وفروعهما، وقد زيدت حشوًا في ألفاظ قليلة ولقلة زيادتها حشوًا ذهب الأكثر إلى أصالتها في يستعور وإلى كونها بدلًا من الواو في كلتا.
"والهاء وقفًا كلمه ولم تره" أي: الهاء من حروف الزيادة كما سبق إلا أن زيادتها قليلة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هشام: لم يعد من حروف المضارعة إلا التاء ولا فرق بينها وبين غيرها. اهـ. قوله: "وذلك" أي: نحو الاستفعال، فاندفع قول ابن هشام أنها بقت عليه. نعم، فاته التنبيه على زيادة السين في الاستفعال، وسيجيب الشارح عن هذا. قوله: "وفروعهما" من الفعل والوصف. قوله: "دون فروعهما" لأن فروعهما كردد ومردد بدون تاء. قوله: "وفي نحو المطاوعة" كان ينبغي حذف وجعل المطاوعة عطفًا على نحو الاستفعال؛ إذ لا نحو لتاء المطاوعة تطرد زيادته، وأما تاء نحو ترمسه بمعنى رمسه فزيادتها غير مطردة، فتدبر.
قوله: "في تنضب وتتفل وتدرأ وتجلئ" الأول بفتح التاء وسكون النون وضم الضاد المعجمة آخره موحدة شجر حجازي شوكه كشوك العوسج وقرية قرب مكة. والثاني بتاءين ففاء كتنضب وقنفذ ودرهم وجعفر وزبرج وجندب ويقال: تفل كسكر الثعلب أو جروه، وكتنضب ما يبس من العشب أو الشجر أو نبات أخضر. والثالث ضم الفوقية وسكون الدال المهملة وفتح الراء يقال: رجل ذو تدرأ وتدرأة مدافع ذو عز ومنعة. والرابع بكسر الفوقية وسكون الحاء المهملة وكسر اللام شعر وجه الأديم ووسخه وسواده كالتحلئة وما أفسده السكين من الجلد إذا قشر. اهـ قاموس مع زيادة من الدماميني. وبه يعلم ما في كلام البعض من الخطأ تارة والقصور أخرى. قوله: "وفي ترنموت" بفتح فسكون ففتح فضم قاله شيخنا السيد. قوله: "فلا تطرد إلا في الاستفعال... إلخ" وتغييره الأسلوب يوهم أن زيادتها حشوًا باطراد أقل من زيادتها أولًا وآخرًا باطراد، وليس كذلك كما هو ظاهر.
قوله: "والهاء وقفًا" قال ابن هشام: قد تقرر في باب الوقف أن التاء في نحو طلحة ومسلمة أصل، وأنها منقلبة إلى الهاء، فلا تعد هاء طلحة ومسلمة وقفًا فيما زيدت فيه الهاء؛ بل تعد فيما زيدت فيه التاء؛ لأنها الأصل. قوله: "كلمة" ألغز فيه بعضهم فقال:

يا قارئًا ألفية ابن مالك                    وسالكًا في أحسن المسالك

 

ج / 4 ص -377-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في غير الوقف، ولم تطرد إلا في الوقف على ما الاستفهامية مجرورة نحو لمه، وعلى الفعل المحذوف اللام جزمًا أو وقفًا، وعلى كل مبني على حركة لازمة إلا ما تقدم استثناؤه في باب الوقف، وهي واجبة في بعض ذلك وجائزة في بعضه على ما تقدم في بابه، وأنكر المبرد زيادتها وقال: إنها إنما تلحق في الوقف بعد تمام الكلمة للبيان كما في نحو: ماليه ويا زيداه، وللإمكان كما في نحو: عه وقه -كما قدمته- فهي كالتنوين وباء الجر، والصحيح أنها من حروف الزيادة، وإن كانت زيادتها قليلة، والدليل على ذلك قولهم في أمات: أمهات، ووزنه فعلهات؛ لأنه جمع أم، وقد قالوا: أمات. والهاء في الغالب فيمن يعقل وإسقاطها فيما لا يعقل، وقالوا في أم: أمهة، ووزنها فعلهة، وأجاز ابن السراج أن تكون أصلية، وتكون فعلة مثل قبرة وأبهة، ويقوي قوله ما حكاه صاحب كتاب العين من قولهم: تأمهت أمًّا بمعنى اتخذت، ثم حذفت الهاء فبقي أم ووزنه فع، فإن ثبت هذا فأم وأمهة أصلان مختلفان

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في أيّ بيت جاء في كلامه                     لفظ بديع الشكل في نظامه

حروفه أربعة تضم                                  وإن تشأ فقل ثلاث واسم

وهو إذا نظرت فيه أجمع                         مركب من كلمات أربع

وصار بالتركيب بعد كلمة                        وقد ذكرت لفظه لتفهمه

قوله: "أو وقفًا" أراد بالوقف البناء لا مقابل الوصل. قوله: "وعلى كل مبني على حركة لازمة" أي: للكلمة نحو: هوه وكيفه، بخلاف المبني على حركة عارضة لسبب قد يزول كالمنادى واسم لا. قوله: "إلا ما تقدم استثناؤه" وهو الفعل الماضي. قوله: "وهي واجبة في بعض ذلك" يعني الوقف على ما الاستفهامية المجرورة بالاسم المضاف إليها نحو اقتضاء مه، والفعل الباقي بعد الحذف على حرف أو حرفين نحو عه ولم يعه. وقوله: وجائزة في بعضه يعني: ما عدا ذلك. قوله: "وأنكر المبرد زيادتها" أي: جنس الهاء لا خصوص هاء السكت، بدليل قوله فيما يأتي، ولا جواب للمبرد عن زيادتها في إهراق... إلخ. قوله: "للبيان" أي: بيان الحركة وبيان الألف أي: كمال بيانها كما تقدم في محله. وقوله: وللإمكان أي: إمكان الوقف الذي لا يكون إلا على ساكن. قوله: "فهي كالتنوين وباء الجر" أي: فهي زيادة متميزة ومقصود الباب تمييز الزيادة المختلطة بأصول الكلمة حتى صارت جزءًا منها؛ لأنها المحتاجة للتمييز. قوله: "والصحيح أنها" أي: جنس الهاء لكن في ضمن غير هاء السكت، فلا ينافي قوله الآتي: التحقيق ألا تذكر هاء السكت مع حروف الزيادة. قوله: "لأنه جمع أم" تعليل لدلالة قولهم المذكور على ذلك. قوله: "وقد قالوا: أمات" لما لم يكن قوله: في أمات نصًّا في سماعه نص على سماعه بقوله: وقد قالوا أمات تأييدًا لكون هاء أمهات زائدة؛ لأن سقوط الحرف في بعض التصاريف من علامات الزيادة كما مر.
قوله: "وقالوا في أم أمهة" يعني: فكما زادوا الهاء في الجمع زادوها في المفرد. قوله: "قبرة" طائر وأبهة هي العظمة والبهجة والكبر والنخوة. اهـ قاموس. قوله: "ويقوي قوله... إلخ" وجه التقوية أن الهاء لو لم تكن أصلية لقالوا: تأممت بميم مشددة فميم ساكنة. قوله: "ثم حذفت الهاء

 

ج / 4 ص -378-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كسبط وسبطر ودَمِث ودُمَثِر، فتكون أمهات على هذا جمع أمهة وأمات جمع أم. وما ذهب إليه ابن السراج ضعيف؛ لأنه خلاف الظاهر، وأما حكاية صاحب العين فلا يحتج بها لما فيه من الخطأ والاضطراب.
قال أبو الفتح: ذاكرت بكتاب العين يومًا شيخنا أبا علي فأعرض عنه ولم يرضه لما فيه من القول المردود والتصريف الفاسد. وزيدت الهاء في قولهم: أهرقت الماء فأنا أهريقه إهراقة، والأصل أراق يريق إراقة، وألف أراق منقلبة عن الياء. وأصل يريق يؤريق ثم أبدلوا من الهمزة هاء، وإنما قالوا: يهريقه وهم لا يقولون: أأريقة لاستثقالهم الهمزتين، وقالوا أيضًا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلخ" لعله عطف على محذوف والتقدير: فأصل أم أمهة ثم حذفت الهاء... إلخ، وجوز البعض أن يكون عطفًا على قوله: وقالوا في أم أمهة، وهو سهو ظاهر؛ لما يلزم عليه من التنافي الواضح بين المتعاطفين؛ لأن الشارح قال في جانب المعطوف عليه: ووزنها فعلهة، فصرح بأن الهاء زائدة، وقال في جانب المعطوف: فبقي أم ووزنه فع فصرح بأن الهاء أصلية. قوله: "فبقي أم" أي: بقي هذا اللفظ، ولو قال: فبقي أما بالنصب أي: فصار اللفظ أما لكان أوضح.
قوله: "فإن ثبت هذا" المتبادر رجوع اسم الإشارة إلى ما حكاه صاحب كتاب العين؛ وحينئذ ففي كلامه نظر؛ لأن ثبوت ما حكاه يقتضي أن أما فرع أمهة، وأن أمهة فقط هو الأصل، وعبارة المرادي عقب قوله: ووزنه فع، أو تكون أمهة وأم من باب سبط وسبطر. اهـ. وهي ظاهرة لتعبيره بأو. نعم، إن أرجع اسم الإشارة إلى ما حكاه وما يدل عليه الكلام السابق من أن وزن أم فعل صحت عبارته. قوله: "كسبط وسبطر" السبط ككتف الطويل، وكذا السبطر كهزبر كما في القاموس، وأما السبط بفتح فسكون وبفتحتين أو بفتح فكسر فليس بمعنى السبطر؛ بل هو نقيض الجعد كما في القاموس، فلا يناسب أن يكون مراد الشارح، وبهذا التحقيق تعلم ما في كلام شيخنا. قوله: "ودمث ودمثر" الدمث بمثلثة ككتف السهل، وكذا الدمثر بضم الدال المهملة وفتح الميم وكسر المثلثة وبكسر الدال وفتح الميم وسكون الميم وفتح المثلثة كذا في القاموس.
قوله: "لأنه خلاف الظاهر" لوجود ما يفيد الزيادة في أمهة وهو أم دون قبرة وأبهة مع قلة باب سبط وسبطر، قاله شيخنا السيد. قوله: "في قولهم: أهرقت الماء" بفتح الهاء وسكونها كما في زكريا على الشافية. قوله: "والأصل" أي: أصل أهراق يهريق إهراقة. قوله: "منقلبة عن الياء" أي: لتحركها بحسب الأصل وانفتاح ما قبلها الآن. قوله: "وأصل يريق يؤريق" إن كان مراده الأصل الأول كان يؤريق بسكون الراء وكسر الياء بعدها، وعليه يكون الشارح حذف تمام التصريف، وهو نقل كسرة الياء إلى الراء، وإن كان مراده الأصل الثاني كان يؤريق بكسر الراء وسكون الياء بعدها، وعليه يكون الشارح تاركًا للأصل الأول، وهذا أقرب إلى اقتصاره على قوله: ثم أبدلوا من الهمزة هاء بدون أن يقول: ونقلوا كسر الياء إلى الراء. قوله: "ثم أبدلوا من الهمزة هاء" هذا يفيد أن الهاء لم تزد في المضارع من أول وهلة؛ وإنما هي فيه بدل من مزيد بخلاف الماضي والمصدر، فتدبر.

 

ج / 4 ص -379-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أهرق الماء يهريقه إهراقًا، ولا جواب للمبرد عن زيادتها في إهراق إلا دعوى الغلط من قائله؛ لأنه لما أبدل الهمزة هاء توهم أنها فاء الكلمة فأدخل الهمزة عليها وأسكنها. وادعى الخليل زيادة الهاء في هِرْكَولة وأنها هفعولة وهي العظيمة الوركين؛ لأنها تركل في مشيها، والأكثرون على أصالتها وأنها فعلولة، وقال أبو الحسن: إنها زائدة في هِبْلَع وهو الأكول، وهجرع وهو الطويل، فهما عنده هفلع؛ لأن الأول من البلع والثاني من الجرع وهو المكان السهل. وحجة الجماعة أن العرب تقول في الهجرعين: هذا أهجر من هذا أي: أطول، وكذلك تقول في هلقامة وهو الأسد والضخم الطويل أيضًا. ويجوز أن تكون زائدة في سَهْلَب وهو الطويل؛ لأن السلب أيضًا الطويل، يقال: قرن سهلب وسلب أي: طويل، ويجوز

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وإنما قالوا يهريقه... إلخ" في عبارته عندي حزازة؛ لأن هذا الكلام إن كان جواب سؤال حاصله لِمَ أتوا بالهاء بدلًا من الهمزة مع رفضهم الهمزة بالكلية في مثل: يريق ويجيز ويكرم؟ فحق العبارة أن يقول: وإنما قالوا يهريقه وهم لا يقولون يؤريقه لخفة الهاء، وإن كان جواب سؤال حاصله لِمَ أبدلوا من الهمزة هاء؟ ولِمَ يبقوا الهمزة؟ فحق العبارة أن يقول: وإنما قالوا يهريقه ولم يقولوا يؤريقه استثقالًا للهمزتين في أأريقه، وطردًا للباب في بقية الصور، فتأمل. قوله: "وقالوا أيضًا... إلخ" بيان للغة ثالثة جاءت على وزن أفعل يفعل أفعالًا. قوله: "لما أبدل الهمزة" أي: التي في المضارع للعلة السابقة. وقوله: فأدخل الهمزة عليها أي: في الماضي والمصدر.
قوله: "وأسكنها" قدمنا عن زكريا أن في هاء أهراق السكون والفتح. قوله: "في هركولة" بكسر الهاء وسكون الراء وفتح الكاف كبرذونة كما في القاموس، فضبط شيخنا السيد والبعض له بغير ذلك فيه نظر. قوله: "لأنها تركل" في القاموس الركل ضربك الفرس برجلك ليعدو. اهـ. وبابه نصر كما يفيده قاعدة القاموس في ضبط مثل ذلك، ولا يخفى أن الركل بهذا المعنى لا يسند حقيقة إلى الدابة، فلعل الفعل في عبارة الشارح مبني للمجهول. وأما قول البعض: قوله: لأنها تركل في مشيها أي: تتأتى، ففيه نظر كما علمت من كلام القاموس.
قوله: "في هبلع" كدرهم وبفتح الهاء والباء وتشديد اللام ويقال: هبلاع كقرطاس. قوله: "وهجرع" بالراء كدرهم وجعفر، وأما هجزع بالزاي كدرهم، فالجبان هفعل من الجزع كذا في القاموس، وهذا مما يرد على منكر زيادة الهاء. قوله: "فهما هفلع" صوابه هفعل كما في بعض النسخ. قوله: "من الجرع" قال في الصحاح: الجرعة بالتحريك واحدة الجرع، وهي رملة مستوية لا تنبت شيئًا، وكذلك الجرعاء والأجرع. قوله: "وحجة الجماعة" أي: في أصالة هاء هجرع ووجه الحجية أن الهاء لو كانت زائدة لقالوا أجرع بحذف الزائد وإبقاء الأصل، فلما قالوا: أهجر علمنا أن الهاء أصل؛ وإنما حذفوا العين مع أنها أيضًا أصل بلا خلاف؛ لأن الحذف أليق بالأواخر.
قوله: "وكذلك تقول في هلفامة" أي: كما قلته لك في هجرع من الخلاف تقول: أنت في هلقامة بكسر فسكون. قوله: "في سهلب" كذا في النسخ بتقديم الهاء على اللام، والذي في القاموس تقديم اللام على الهاء، وكذا الصلهب بالصاد المهملة بمعنى السلب أيضًا، وكل منهما بوزن

 

ج / 4 ص -380-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن يكون من باب سبطر وسبط.
تنبيه: التحقيق ألا تذكر هاء السكت مع حروف الزيادة لما تقدم.
"واللام في الإشارة المشتهره" أي: من حروف الزيادة اللام، والقياس يقتضي ألا تزاد لبعدها من حروف المد؛ فلهذا كانت أقل الحروف زيادة، ولم تطرد زيادتها إلا في الإشارة نحو: ذلك وتلك وهنالك وأولالك، وما سواها فبابه السماع، وقد سمع من كلامهم قولهم في عبد: عبدل، وفي الأفحج وهو المتباعد الفخذين: فحجل، وفي الهيق وهو الظليم: هيقل، وفي الفَيْشة وهي الكمرة: فيشلة، وفي الطيس وهو الكثير: طيسل، ونقل عن أبي الحسن أن لام عبدل أصل وهو مركب من عبد الله كما قالوا عبشمي، ويبعده قولهم في زيد: زيدل، على أنه قال في الأوسط: اللام تزاد في عبدل وحده وجمعه عبادلة فيكون له قولان، نعم البواقي يحتمل أن تكون من مادتين كسبط وسبطر.
تنبيهان: الأول: حق لام الإشارة ألا تذكر مع أحرف الزيادة لما قلناه في هاء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جعفر، وأما ضبط البعض سهلب بكسر اللام فخطأ. قوله: "لأن السلب" بفتح السين وكسر اللام كما في القاموس. قوله: "واللام في الإشارة المشتهره" يصح أن يكون خبر المبتدأ جملة فعلية تقديره: تزاد في الإشارة المشتهرة، وإلى هذا أشار الشارح في قول المصنف: والتاء في التأنيث... إلخ، وعليه يتعين كون المشتهرة صفة لازمة للإشارة، ولا يصح كونها صفة للام لامتناع الإخبار قبل النعت، وأن يكون الخبر جارًّا ومجرورًا تقديره من أحرف الزيادة، وإلى هذا أشار الشارح هنا بقوله: أي من حروف الزيادة اللام، وعليه يصح أن يكون المشتهرة صفة لازمة للإشارة، وأن يكون صفة ثانية لازمة للام أي: اللام الكائنة في الإشارة المشتهرة هي أي: تلك الكلام، وعلى هذا يكون المراد المتشهرة في الجملة؛ لئلا يخرج اللام في أولى لك، ولا يصح على هذا عندي أن تكون للاحتراز عن اللام التي شذت زيادتها كما في عبدل وزيدل، وإن نقله السيوطي عن ابن هشام وأقره أرباب الحواشي؛ لخروج هذه اللام بالصفة الأولى أعني: قوله في الإشارة، فاعرفه.
قوله: "لبعدها من حروف المد" قد يمنع بأن ما فيها من الاستطالة يقربها من حروف المد. قوله: "وأولالك" بقصر أولى؛ لأن أولاء الممدود لا تلحقه اللام. قوله: "وما سواها" الإشارة. قوله: "وفي الأفحج" بتقديم الحاء المهملة على الجيم. قوله: "وفي الهيق" بفتح الهاء وسكون التحتية آخره قاف. قوله: "وهو الظليم" بالظاء المعجمة كأمير ذكر النعام. قوله: "وفي الفيشة" بفتح الفاء وسكون التحتية بعدها شين معجمة. قوله: "وهي الكمرة" بسكون الميم أي: حشفة الذكر. قوله: "وفي الطيس" بفتح الطاء وسكون التحتية آخره سين مهملة. قوله: "وهو الكثير" أي: الرمل الكثير كما في نسخ. قوله: "وحده" أي: دون البواقي من زيدل وغيره، وكأن أبا الحسن يقول: البواقي من باب سبط وسبطر. قوله: "فيكون له" أي: في عبدل. قوله: "نعم البواقي" أي: ما سوى عبدل. وقوله: يحتمل أن تكون من مدتين... إلخ أي: فيصبح قوله: تزاد في عبدل وحده.

 

ج / 4 ص -381-                         وامْنَعْ زيادةً بلا قَيْدٍ ثَبَتْ            إِنْ لَمْ تَبَيَّنْ حُجَّةٌ كحظلَتْ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السكت من أنها كلمة برأسها.
الثاني: ذكر في النظم من أحرف الزيادة تسعة وسكت عن السين وهي تزاد باطراد مع التاء في الاستفعال وفروعه، وقيل: وبعد كاف المؤنثة وقفًا نحو: أكرمتكس وهي الكسكسة، ويلزم هذا القائل أن يعد شين الكشكشة نحو: أكرمتكش، والغرض من الإتيان بهما بيان كسرة الكاف، فحكمهما حكم هاء السكت في الاستقلال، ولا تطرد زيادتها في غير ذلك؛ بل تحفظ كسين قُدموس بمعنى قديم، وأسطاع يسطيع بقطع الهمزة وضم أول المضارع؛ فإن أصله عند سيبويه أطاع يطيع، وزيدت السين عوضًا عن حركة عين الفعل؛ لأن أصل أطاع أطوع، والعذر للناظم أن السين لا تطرد زيادتها إلا في موضع واحد، وقد مثل به في زيادة التاء؛ إذ قال: ونحو الاستفعال، فكأنه اكتفى بذلك؛ ولهذا قال في الكافية في ذكره زيادة التاء:

ومع سين زيد في استفعال                   وفرعه كاستقص ذا استكمال

انتهى.
"وامنع زيادة بلا قيد ثبت" أي: متى وقع شيء من هذه الحروف العشرة خاليًا عما قيدت به زيادته فهو أصل "إن لم تبين حجة" على زيادته "كحظلت" الإبل إذا تأذت من أكل الحنظل، فسقوط النون في الفعل حجة على زيادتها في الحنظل مع أنها خلت من قيد الزيادة؛ وهو كونها آخرًا بعد ألف مسبوق بأكثر من أصلين، أو واقعة كما هي في نحو: غضنفر كما سبق بيانه، وقد تقدمت أمثلة كثيرة مما حكم فيه بالزيادة لحجة مع خلوه من قيد الزيادة، فليراجع.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "والغرض من الإتيان بهما... إلخ" اعتراض ثانٍ على هذا القائل. قوله: "قدموس" بضم القاف والميم وبينهما دال ساكنة وفي آخره سين مهملة العظيم، وهو ملحق بعصفور، وفي خط ابن المرحل قدموس على وزن قربوس. اهـ تصريح. أي: فيكون بفتح القاف والدال. قوله: "بقطع الهمزة... إلخ" احتراز من اسطاع يسطيع بوصل الهمزة وفتح أول المضارع بمعنى استطاع يستطيع. قوله: "وزيدت السين... إلخ" اعترض عليه المبرد بأن حركة العين لم تذهب؛ وإنما نقلت إلى الفاء؛ لأن أصله أطوع فنقلت حركة العين وهي الواو إلى فاء الكلمة فسكنت العين ثم قلبت حركته ألفًا لتحركها في الأصل وانفتاح ما قبلها الآن. وأجيب بأن التعويض إنما وقع من ذَهَاب حركة العين من العين لا من ذهاب الحركة مطلقًا. قوله: "ومع سين زيد" أي: التاء. قوله: "إن لم تبين" بفتح التاء الفوقية مبنيًّا للفاعل بحذف إحدى التاءين وحجة فاعله، ويجوز ضم التاء على أنه مضارع بين فيكون مبنيًّا للمفعول وحجة نائب الفاعل. اهـ غزي. قوله: "حجة" أي: دليل.
قوله: "كحظلت" مثال للحجة على الزيادة وبابه فرح كما مر عن القاموس. قوله: "فسقوط النون في الفعل" لم يقل فقولهم: حظلت بسقوط النون مع أنه أنسب بقول المنصف: كحظلت إشارة إلى أن الحجة في الحقيقة سقوط النون في حظلت لا نفس حظلت.

ج / 4 ص -382-        فصل في زيادة همزة الوصل:

للوَصْلِ هَمْزٌ سَابِقٌ لا يَثْبُتُ                       إلا إذا ابْتُدِي به كاسْتَثْبِتُوا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فصل في زيادة همزة الوصل:
هو من تتمة الكلام على زيادة الهمزة. وإنما أفرده لاختصاصه بأحكام، وقد أشار إلى تعريف همزة الوصل بقوله: "للوصل همز سابق لا يثبت إلا إذا ابتدي به كاستثبتوا" أي: همز الوصل كل همز ثبت في الابتداء وسقط في الدرج، وما يثبت فيهما فهو همز قطع. وقد اشتمل كلامه على فوائد:
الأولى: أن همزة الوصل وضعت همزة لقوله: للوصل همز، وهذا هو الصحيح، وقيل: يحتمل أن يكون أصلها الألف، ألا ترى إلى ثبوتها ألفًا في نحو آالرجل في الاستفهام لما لم يضطر إلى الحركة.
الثانية: أن همزة الوصل لا تكون إلا سابقة؛ لأنه إنما جيء بها وصلة إلى الابتداء بالساكن؛ إذ الابتداء به متعذر.
الثالثة: أنها لا تختص

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فصل في زيادة همزة الوصل:
قال الفارضي: تعرف همزة الوصل بسقوطها في التصغير كبني وسمي في ابن واسم، بخلاف همزة القطع كما تقول: أبي وأخي في أب وأخ، وإن كان أول المضارع مفتوحًا كيكتب ويستخرج فالهمزة من أمره وصل نحو: اكتب واستخرج، وإن كان مضمومًا كيكرم ويعطي فقطع نحو: أكرم وأعطِ، ولا تحذف همزة القطع إلا في الضرورة كقوله:

إن لم أقاتل فالبسوني برقعا

وإذا استفهمت عما هي أي: همزة القطع فيه تقول: أأكرمت يا زيد عمرًا، أو آأكرمت بألف بين همزتين كراهة اجتماعهما، أو آكرمت بألف بعد همزة الاستفهام، وتقول: أأعطيك يا زيد بهمزتين، أو أو أعطيك بقلب الثانية واوًا، أو آأعطيك بألف بين همزتين، أو آوعطيك بألف بين همزة وواو، وقرئ بالأوجه: {أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ} وتقول: أإنك ذاهب بهمزتين، أو أينك بقلب الثانية ياء، أو آإنك بألف بين همزتين، أو آينك بألف بين همزة وياء، وقرئ بالأوجه: {أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ}. اهـ باختصار.
قوله: "لاختصاصه" أي: الفصل أي: اختصاص المتكلم عليه فيه وهو الهمزة أو الضمير راجع للهمزة، وذكرها باعتبار أنها حرف، ولو قال: لاختصاصها لكان أوضح. قوله: "كاستثبتوا" ضبطه ابن المصنف بفتح التاء الأولى على أنه أمر، ويجوز ضمها على البناء للمفعول. اهـ غزي. ويصح فتح التاء الأولى والموحدة أيضًا على أنه ماضٍ مبني للفاعل.
قوله: "وما يثبت فيهما" يشمل همزة نحو: أكل وأخذ، فتكون همزتهما مع كونها فاء الكلمة همزة قطع، وفي كلام الفارضي السابق ما يدل عليه، ويحتمل أن يكون الوصل والقطع من عوارض الهمز الزائد؛ فلا تسمى همزة نحوهما همزة قطع كما لا تسمى همزة وصل، ويمكن إخراجها على هذا بإيقاع ما على همز زائد. قوله: "لقوله: للوصل همز" أي: دون أن يقول ألف. قوله: "وقيل: يحتمل... إلخ" عبارته في شرح التوضيح: وقيل: وضعت ألفًا في نحو آلرجل في

 

ج / 4 ص -383-                               وهو لفِعْلٍ ماضٍ احْتَوَى على           أَكْثَرَ من أربعةٍ نحوُ انْجَلَى


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقبيل؛ بل تدخل على الاسم والفعل والحرف، أخذ ذلك من إطلاقه، والمثال لا يخصص.
الرابعة: امتناع إثباتها في الدرج إلا لضرورة كقوله:
1268-

ألا لا أرى اثنين أحسن شيمة              على حدثان الدهر مني ومن جمل

واختلف في سبب تسميتها بهمزة الوصل مع أنها تسقط في الوصل؛ فقيل: اتساعًا، وقيل: لأنها تسقط فيتصل ما قبلها بما بعدها، وهذا قول الكوفيين، وقيل: لوصول المتكلم بها إلى النطق بالساكن، وهذا قول البصريين، وكان الخليل يسميها سلم اللسان.
ثم أشار إلى مواضعها مبتدئًا بالفعل؛ لأنه الأصل في استحقاقها لما سأذكره بعد فقال: "وهو لفعل ماضٍ احتوى على أكثر من أربعة" أما بها "نحو انجلى" وانطلق، أو سواها نحو

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاستفهام. اهـ. وبين العبارتين فرق، فانظر الموافق للواقع منهما. قوله: "إذ الابتداء به متعذر" أي: محال في كل لغة إجماعًا في الألف، وأما في غيرها فعلى ما نص عليه أبو الفتح وأبو البقاء العكبري وذهب السيد الجرجاني والكافيجي إلى أنه ممكن إلا أنه مستثقل، قاله السيوطي. قوله: "والحرف" يعني: أل وأم في لغة حمير على القول بأن الهمزة فيهما للوصل.
قوله: "والمثال" أي: قوله: كاستثبتوا. وقوله: لا يخصص أي: ليس نصًّا في التخصيص، فلا ينافي تبادر التخصيص من أمثلة المتن بسبب أن عادة المصنف الغالبة إعطاء الحكم بالمثال. قوله: "على حدثان الدهر" بفتح الحاء والدال أي: ما يحدث فيه من النوائب والنوازل، وجمل بضم الجيم وسكون الميم اسم امرأة، قاله العيني. قوله: "مع أنها تسقط في الوصل" أي: فكان المناسب أن تسمى همزة الابتداء. قوله: "فقيل اتساعًا" أي: تجوزًا لعلاقة الضدية فيما يظهر.
قوله: "فيتصل ما قبلها بما بعدها" اعلم أن الوصول مصدر وصل المتعدي والوصول مصدر وصل اللازم بمعنى اتصل، ومقتضى عبارة الشارح في هذا القول والذي بعده أنها للوصل؛ فكان ينبغي حينئذ تسميتها بهمزة الوصول لا بهمزة الوصل، ولو قيل في هذا القول؛ لأنها تسقط، فيصل المتكلم ما قبلها بما بعدها لوافق تسميتها بهمزة الوصل، فاعرف ذلك؛ فإنه مما غفل عنه مع وضوحه.
قوله: "لما سأذكره بعد" من أصالة الفعل في التصريف وبناء أوله في بعض الأمثلة على السكون. قوله: "لفعل ماضٍ... إلخ" ليس المراد لكل فعل ماضٍ احتوى... إلخ؛ فإن من الخماسي ما لا تدخل همزة الوصل فيه ولا في الأمر والمصدر منه نحو: تدحرج وتعلم، ثم المراد -كما هو ظاهر- الفعل الماضي وفعل الأمر الباقيان على فعليتهما، وأل الباقية على حرفيتها، فلو سميت شخصًا بشيء من ذلك، أو قصدت به لفظه؛ وجب قطع الهمزة على قياس همزات الأسماء الصرفة غير العشرة المستثناة الآتية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1268- البيت من الطويل، وهو لجميل بثينة في ديوانه ص182، وكتاب الصناعتين ص151، والمحتسب 1/ 248، ونوادر أبي زيد ص204، ولابن دارة في الأغاني 21/ 255، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 368، وخزانة الأدب 7/ 202، ورصف المباني ص41، وسر صناعة الإعراب 1/ 341، وشرح التصريح 2/ 366، وشرح المفصل 9/ 19، ولسان العرب 14/ 117 "ثَنَى"، والمقاصد النحوية 4/ 569.

ج / 4 ص -384-                            والأمرِ والمصدرِ منه وكَذَا         أمرُ الثلاثي كاخْشَ وامْضِ وانْفُذَا

وفي اسمٍ استٍ ابنٍ ابنمٍ سُمِعْ               واثنين وامرئ وتأنيث تَبِعْ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
استخرج.
"والأمر والمصدر منه" أي: من المحتوى على أكثر من أربعة: نحو انجلى انجلاء، وانطلق انطلاقًا، واستخرج استخراجًا "وكذا أمر الثلاثي" الذي يسكن ثاني مضارعه لفظًا، سواء في ذلك مفتوح العين ومكسورها ومضمومها "كاخش وامض وانفذا" فإن تحرك ثاني مضارعه لم يحتج إلى همزة الوصل، ولو سكن تقديرًا كقولك في الأمر من يقوم: قم، ومن يعد: عد، ومن يرد: رد. ويستثنى خذ وكل ومر؛ فإنها يسكن ثاني مضارعها لفظًا، والأكثر في الأمر منها حذف الفاء والاستغناء عن همزة الوصل.
"وفي اسم است ابن ابنم سمع واثنين وامرئ وتأنيث تبع وايمن" فهذه عشرة أسماء؛ لأن قوله: وتأنيث تبع عني به ابنة واثنتين وامرأة، ونبه بقوله: سمع على أن افتتاح هذه الأسماء العشرة بهمز الوصل غير مقيس؛ وإنما طريقه السماع؛ وذلك أن الفعل لأصالته في التصريف استأثر بأمور:
منها: بناء أوائل بعض أمثلته على السكون، فإذا اتفق الابتداء بها صدرت بهمزة الوصل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وبقولنا: الصرفة أي: التي ليست جارية مجرى الفعل لا يرد نحو: الانطلاق والاقتدار والاستخراج؛ وإنما أبقيت همزة الوصل على حالها فيما إذا سميت أو قصدت اللفظ بنحو: الانطلاق، أو اسم من العشرة مع تغير المعنى؛ لأن الكلمة لم تنقل من قبيل إلى قبيل فاستصحب ما كان بخلاف مثل: انجلى واستمع واضرب وأل؛ فإن فيه نقل الكلمة من الفعلية أو الحرفية إلى الاسمية، قاله الدماميني.
قوله: "نحو: انجلى وانطلق أو سواها نحو استخرج" كذا في نسخ، وهو الصواب، وفي نسخ: نحو انجلى أو سواها نحو انطلق واستخرج، وهو خطأ. قوله: "وهو الأمر والمصدر" مخفوضان بالعطف على فعل. قوله: "الذي يسكن ثاني مضارعه لفظًا" لم يقيد بمثل ذلك أمر ما زاد على أربعة، لعله لأن مضارعه لا يكون إلا ساكنًا بالاستقراء، فيحتاج دائمًا إلى همزة الوصل، كذا قال سم، وأقره أرباب الحواشي، ويرد عليه نحو: تدحرج وتعلم، فتدبر. قوله: "فإن تحرك ثاني مضارعه" أي: لفظًا كما عرف.
تنبيه: ذكر أمر ما زاد على أربعة وأمر الثلاثي وسكت عن أمر الرباعي كأنه لأن ثاني مضارعه لا يكون إلا متحركًا كقاتل يقاتل ودحرج يدحرج، فلا حاجة إلى همزة الوصل. سم. قوله: "ويستثنى" أي: من قوله: وكذا أمر الثلاثي الذي يسكن ثاني مضارعه لفظًا. قوله: "خذ وكل ومر" فالقياس في الثلاثة: اؤخذ واؤكل واؤمر؛ لكنهم حذفوا الهمزة الأصلية لكثرة الاستعمال، ثم همزة الوصل لعدم الاحتياج إليها لزوال الابتداء بالساكن، وهذا حذف غير قياسي. قوله: "والأكثر في الأمر منها... إلخ" جملة حالية، وما ذكره الشارح من أن الحذف في كل وخذ أكثر فقط لا واجب، يخالفه ما في شرح تصريف العزى لسعد الدين التفتازاني: أن الحذف فيهما واجب بخلاف ما مر؛ لأنهما أكثر استعمالًا. قوله: "وفي اسم است... إلخ" وكمفردهما مثناها فتقول: اسمان واستان بهمزة الوصل، وكذا البقية.
قوله: "لأصالته في التصريف" تقدم تعليله في أول التصريف. قوله: "بعض أمثلته" هو

ج / 4 ص -385-                       وايْمُنُ هَمْزُ أل كَذَا ويُبْدَلُ مَدًّا في الاستفهامِ أو يُسَهَّلُ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للإمكان، ثم حملت مصادر تلك الأفعال عليها في إسكان أوائلها واجتلاب الهمز، وهذه الأسماء العشرة ليست من ذلك، فكان مقتضى القياس أن تبنى أوائلها على الحركة ويستغنى عن همزة الوصل؛ وإنما شذت عن القياس لما سأذكره:
أما اسم فأصله سيبويه سِمْوٌ كقنو، وقيل: سمو كقفل، فحذفت لامه تخفيفًا وسكن أوله، وقيل: نقل سكون الميم إلى السين وأتي بالهمزة توصلًا وتعويضًا؛ ولهذا لم يجمعوا بينهما؛ بل أثبتوا أحدهما فقالوا في النسبة إليه: اسمي أو سموي كما عرف في موضعه. واشتقاقه عند البصريين من السمو، وعند الكوفيين من الوَسْم؛ ولكنه قلب فأخرت فاؤه فجعلت بعد اللام، وجاءت تصاريفه على ذلك، والخلاف في هذه المسألة شهير فلا نطيل بذكره.
وأما است فأصله سَتَةٌ لقولهم ستيهة وأستاه، وزيد أسته عن عمرو، حذفت اللام وهي الهاء تشبيهًا بحروف العلة، وسكن أوله وجيء بالهمزة لما ذكر، وفيه لغتان أخريان: سَهٌ بحذف العين فوزنه فل، وسَتٌ بحذف اللام فوزنه فع، والدليل على كون الأصل ستة بفتح الفاء فتحها في هاتين اللغتين، والدليل على التحريك والفتح في العين ما

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخماسي والسداسي وأمر الثلاثي بشرطه السابق. قوله: "فإذا اتفق الابتداء بها" أي: بهذا البعض وأنت ضميره مراعاة للمعنى؛ لأن بعض الأمثلة أمثلة ثلاثة كما عرفت. قوله: "للإمكان" أي: إمكان الابتداء بها. قوله: "عليها" أي: على ذلك البعض، وفي تأنيث الضمير ما قلناه. قوله: "ليست من ذلك" أي: من مصادر تلك الأفعال وتذكير اسم الإشارة باعتبار المذكور. قوله: "فأصله عند سيبويه سمو... إلخ" بدليل جمعه على أسماه وتصغير على سمي. وقوله: في عله سميت والأصل أسماو وسميو وسموت، فاقتضى القانون التصريفي قلب الواو همزة في الأول وياء في الأخيرين، ولو كان أصله وسما بكسر الواو كما يقول الكوفيون لقيل أوسام ووسيم ووسمت، وادعاء القلب المكاني بعيد.
قوله: "وقيل سمو كقفل" مقتضى صنيعه ألا قائل بأن أصله سمو بفتح السين، ووجهه أن فعلا بالفتح لا يجمع على أفعال. قوله: "فحذفت لامه تخفيفًا" وقيل: لثقل تعاقب الحركات الإعرابية على الواو. قال الدماميني: وهو غير مستقيم بدليل دلو وقنو وشلو ونحوها. قوله: "وسكن أوله" يعلم منه، ومن قوله: فأصله عند سيبويه سمو أن قولهم: اسم من الكلمات العشر التي بنيت أوائلها على السكون، معناه: وضعت وضعًا ثانويًّا لا أوليًّا. قوله: "وتعويضًا" أي: عن اللام المحذوفة. قوله: "ولهذا لم يجمعوا بينهما" أي: بين اللام والهمزة. قوله: "أو سموي" أي: بكسر السين أو ضمها مع فتح الميم فيهما، وأجاز بعضهم سكونها كما مر في محله. قوله: "واشتقاقه" قال شيخنا السيد: المراد به اللغوي وهو مجرد الأخذ. قوله: "من السمو" لعلوه على قسيميه الفعل والحرف بوقوعه في ركني الإسناد. قوله: "من الوسم" لأنه علامة على مسماه. قوله: "لقولهم ستيهة" ظهور تاء التأنيث في التصغير يدل على أن الاست مؤنث، وهو ما يفيد صنيع القاموس. قوله: "على كون الأصل ستة" برفع ستة حكاية لقوله سابقًا: فأصله ستة.

ج / 4 ص -386-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يذكر في ابن. وأما ابن فأصله بَنَوٌ كقلم فعل به ما سبق في اسم واست، ودليل فتح فائه قولهم في جمعه: بنون، وفي النسب: بنوي بفتحها، ودليل تحريك العين قولهم في جمعهم: أبناء، وأفعال إنما هو جمع فعل بتحريك العين، ودليل كونها فتحة كون أفعال في مفتوح العين أكثر منه في مضمومها كعضد وأعضاد، ومكسورها ككبد وأكباد، والحمل على الأكثر. ودليل كون لامه واوًا لا ياء ثلاثة أمور:
أحدها: أن الغالب على ما حذف لامه الواو ولا الياء.
والثاني: أنهم قالوا في مؤنثه: بنت، فأبدلوا التاء من اللام، وإبدال التاء من الواو أكثر من إبدالها من الياء، كما ستعرفه في موضعه.
والثالث: قولهم البنوة.
ونقل ابن الشجري في أماليه أن بعضهم ذهب إلى أن المحذوف ياء واشتقه من بنى بامرأته يبني، ولا دليل في البنوة؛ لأنها كالفتوة وهي من الياء. ولو بنيت من حميت فعولة لقلت: حموة. وأجاز الزجاج الوجهين. وأما ابنم فهو ابن زيدت فيه الميم للمبالغة كما زيدت في زرقم. قال الشاعر:
1269-

وهل لي أُمٌّ غيرها إن ذكرتُها                    أبَى الله إلا أن أكون لها ابْنَمَا

وليست عوضًا من المحذوف؛ وإلا لكان المحذوف في حكم الثابت، ولم يحتج لهمزة الوصل.
وأما اثنان فأصله ثنيان بفتح الفاء والعين؛ لأنه من ثنيت، ولقولهم في النسبة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "والفتح" عطف خاص على عام. قوله: "فأصله بنو كقلم... إلخ" قال في المصباح: وقيل: أصله بنو بكسر الباء مثل حمل بدليل قولهم: بنت، وهذا القول يقل فيه التغيير، وقلة التغيير تشهد بالأصالة. اهـ. يعني تغيير بنت، فافهم. قوله: "ما سبق في اسم واست" أي: من حذف لامه وتسكين فائه واجتلاب الهمزة. قوله: "بفتحها" أي: في الجمع والنسب. قوله: "ودليل تحريك العين" أي: بعد ثبوت فتح الفاء فلا يرد ما اعترض به شيخنا على الدليل وتبعه البعض من أن جمع اسم أسماء ولم يدل على تحريك عينه.
قوله: "والحمل على الأكثر" مبتدأ وخبر. قوله: "واشتقه من بنى بامرأته" لأن الابن مسبب عن بناء الأب والأم. قوله: "وهي من الياء" لكن قلبت الياء واوًا لمناسبة الضمة والواو اللتين قبلها وأدغمت الواو في الواو. قوله: "للمبالغة" لأن تكثير الحروف يدل على زيادة المعنى.
قوله: "وإلا لكان المحذوف في حكم الثابت" أي: للتعويض عنه بالميم. قوله: "لم يحتج لهمزة الوصل" أي: للتعويض بالميم وعدم تسكين الفاء حينئذ. قوله: "لأنه من ثنيت" تعليل لكون اللام ياء. وقوله: ولقولهم في النسبة إليه: ثنوي أي: بفتحتين تعليل لفتح الفاء والعين، ويرد عليه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1269- البيت من الطويل، وهو للمتلمس في ديوانه ص30، والأصمعيات ص245، وخزانة الأدب 10/ 58، 59، والمقاصد النحوية 4/ 568، والمقتضب 2/ 93، وبلا نسبة في الخصائص 2/ 182، وسر صناعة الإعراب 1/ 115، وشرح المفصل 9/ 133، والمنصف 1/ 58.

 

ج / 4 ص -387-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إليه: ثنوي، فحذفت لامه وسكن أوله وجيء بالهمز. وأما امرؤ فأصله مرء فخفف بنقل حركة الهمزة إلى الراء، ثم حذفت الهمزة وعوض عنها همزة الوصل، ثم ثبتت عند عود الهمزة؛ لأن تخفيفها سائغ أبدًا فجعل المتوقع كالواقع. وأما تأنيث ابن واثنين وامرئ، فالكلام عليها كالكلام على مذكراتها، والتاء في ابنة واثنتين للتأنيث كالتاء في امرأة كما أفهمه كلامه، بخلاف التاء في بنت وثنتين؛ فإنها فيهما بدل من لام الكلمة؛ إذ لو كانت للتأنيث لم تسكن ما قبلها، ويؤيد ذلك قول سيبويه: لو سميت بهما رجلًا لصرفتهما يعني بنتًا وأختًا، وإفهام التأنيث مستفاد من أصل الصيغة لا من التاء. وأما ايمن المخصوص بالقسم فألفه للوصل عند البصريين، والقطع عند الكوفيين؛ لأنه عندهم جمع يمين، وعند سيبويه اسم مفرد من اليمن وهو البركة، فلما حذفت نونه فقيل: أيم الله، أعاضوه الهمزة في أوله ولم يحذفوها لما أعادوا النون؛ لأنها بصدد الحذف كما قلنا في امرئ. وفيه اثنتا عشرة لغة جمعها الناظم في هذين البيتين:

همز ايم وأيمن فافتح واكسر أو إم قل             أو قل مِ أو من بالتثليث قد شكلا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن قولهم: ثنوي لا يمنع سكون العين في الأصل؛ لأنك تقول في النسبة إلى اسم سموي بفتح الفاء والعين على الصحيح كما تقدم في باب النسب، فتأمل. قوله: "ثم حذفت الهمزة وعوض عنها همزة الوصل" أي: وسكنت الميم كما في نظائره. قوله: "لأن تخفيفها" أي: الهمزة التي هي اللام بنقل حركتها إلى الساكن قبلها مع أل كما في التصريح ثم حذفها. قوله: "فجعل المتوقع" أي: التخفيف المتوقع كالواقع فاستصحبت همزة الوصل. قوله: "وأما تأنيث ابن واثنين وامرئ" أي: مؤنثاتها يعني ابنة واثنتين وامرأة. وقوله: فالكلام عليها... إلخ أي: فالأصل بنوة وثنيتان ومرأة. قوله: "لو سميت بها رجلًا لصرفتهما" فلو سميت بهما امرأة لجاز الصرف وعدمه، وهو أولى كما مر في محله.
قوله: "وإفهام التأنيث... إلخ" هذا ينافي ما أسلفه في غير هذا الباب من أن تاء بنت وأخت للتعويض والإشعار بالتأنيث؛ إلا أن يحمل ما هنا على أنها لا تفهم التأنيث أصالة أو صراحة، فلا ينافي أنها تفهمه عروضًا وإشعارًا، فتأمل. قوله: "المخصوص بالقسم" احتراز عن أيمن في نحو قولهم: بر القوم في أيمنهم، فليس فيه الخلاف الآتي؛ بل هو جمع يمين اتفاقًا. قوله: "لأنه عندهم جمع يمين" رد بأن همزته سمع كسرها وحذفها وصلًا وميمه سمع فتحها. قوله: "وعند سيبويه" أي: وغيره من البصريين. قال في المغني: ويلزمه أي: ايمن الرفع بالابتداء وحذف الخبر أي: ايمن الله قسمي، وإضافته إلى اسم الله تعالى، وجوز ابن درستويه جره بواو القسم، وابن مالك إضافته إلى الكعبة وكاف الضمير والذي، وابن عصفور كونه خبرًا والمحذوف مبتدأ أي: قسمي ايمن الله. اهـ بتلخيص وزيادة من الدماميني.
قوله: "أعاضوه الهمزة في أوله" إن كانت الهمزة موجودة قبل الحذف فالمعنى قصدوا كونها عوضًا، وإن كان أصله يمن بلا همزة فحذفت النون واجتلبت الهمزة عوضًا عنها، فينبغي أن

 

ج / 4 ص -388-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وإيمن اختم به والله كلا اضف                  إليه في قسم تستوف ما نقلا

ثم أشار إلى ما بقي مما يدخل عليه همزة الوصل بقوله: "همز أل كذا" أي: همز وصل معرفة كانت أو موصولة أو زائدة. ومذهب الخليل أن همزة أل قطع وصلت لكثرة الاستعمال، واختاره الناظم في غير هذه الكتاب، ومثل أل أم في لغة أهل اليمن.
تنبيهان: الأول: علم من كلامه أن همزة الوصل لا تكون في مضارع مطلقًا، ولا في حرف غير أل، ولا في ماضٍ ثلاثي ولا رباعي، ولا في اسم إلا مصدر الخماسي والسداسي والأسماء العشرة المذكورة.
الثاني: كان ينبغي أن يزيد ايم لغة في ايمن؛ فتكون الأسماء غير المصادر اثني عشر. فإن قيل: هي ايمن حذفت اللام، يقال: وابنم هو ابن وزيدت الميم. انتهى. "ويبدل"

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقول: فلما حذفت نونه أعاضوه الهمزة في أوله فقيل: ايم الله. قوله: "همز ايم وايمن" بنصب همز على المفعولية ووصل همزة ايم وايمن، ونقل حركة همزة أو إلى راء كسر وكسر همزة إم وضم ميمها. وقوله: فافتح واكسر أي: مع ضم الميم فيهما. وقوله: أو من بضم النون. وقوله: بالتثليث أي: تثليث الميم راجع لم ومن. وقوله: وإيمن اختم به أي: بكسر الهمزة وفتح الميم، والحاصل أن همزة ايمن إن فتحت تعين ضم الميم وإن كسرت جاز ضمها وفتحها. اهـ يس على الفاكهي مع زيادة من الفارضي. ونقل شيخنا السيد عن شرح الشافية أم بفتح الهمزة وضم الميم، وأيمن بفتح الهمزة والميم بدل إيمن بكسر الهمزة وفتح الميم، وعلى هذا لا يتعين في أيمن مفتوح الهمزة ضم الميم، وتحصل من مجموع ذلك أربع عشرة لغة، وقد أسلفنا في أول حروف الجر عن الهمع عدها عشرين. وقوله: كلا اضف بنقل حركة أضف إلى تنوين كلا.
قوله: "ومذهب الخليل... إلخ" مقابل لقول المصنف: همز أل كذا. قوله: "في غير هذا الكتاب" أي: وأما في هذا الكتاب فلم يصرح باختيار قول. قوله: "ولا في حرف غير أل" أي: المعرفة أو الزائدة. وأما الموصولة فهي اسم على الراجح؛ ولهذا قال الشارح: فتكون الأسماء غير المصادر اثني عشر. قوله: "كان ينبغي أن يزيد ايم" خص ايم بالزيادة دون أم، وهذا يوهم أن همزتها همزة قطع، فتأمل. قوله: "اثني عشر" هي الأسماء العشرة المذكورة في قوله: وفي اسم... إلخ، وأل الموصولة الداخلة في قوله: همز أل كذا وايم. قوله: "يقال: وابنم هو ابن... إلخ" لهم أن يتخلصوا بالفرق بأن ابنما حدث له بزيادة الميم إتباع النون للميم في حركاتها بحسب العوامل، فصار كالكلمة الأصلية حتى ذهب الكوفيون إلى أنه معرب من مكانين، بخلاف ايم في لغة ايمن؛ فإنه لم يصر حينئذ بهذه المثابة، ثم لا خصوصية للمعارضة بذكر ابنم؛ فإن مؤنثات هذه الأسماء هي مذكراتها بزيادة التاء. اهـ تصريح. وعندي في هذا الفرق -وإن أقروه- نظر؛ لأن ايمًا أيضًا حدث له بالنقص جعل الإعراب على الميم، فكل من ابنم وايم تغير محل إعرابه؛ لكن الأول بسبب الزيادة، والثاني بسبب النقص، وتخالفهما بهذا غير مؤثر، فتدبر.

 

ج / 4 ص -389-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
همز الوصل المفتوح "مدا في الاستفهام" وهو الأرجح "أو يُسهل" بين الهمزة والألف مع القصر، ولا يحذف كما يحذف المضموم من نحو قولك: اضطر الرجل، وكما يحذف المكسور في نحو:
{أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا} [ص: 63] {أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ} [المنافقون: 6] لئلا يلتبس الاستفهام بالخبر ولا يحقق؛ لأن همز الوصل لا يثبت في الدرج إلا لضرورة كما مر، فتقول: آلحسن عندك وآيمن الله يمينك، بالمد راجحًا، وبالتسهيل مرجوحًا، ومنه قوله:
1270-

آلحقُّ إِنْ دَارُ الربابِ تَبَاعَدَتْ                      أو انبَتَّ حَبْلٌ أَنَّ قَلْبَكَ طَائِرُ

وقد قرئ بالوجهين في مواضع من القرآن نحو: {آلذَّكَرَيْنِ}، {آلْآنَ}.
خاتمة: في مسائل: الأولى: اعلم أن لهمزة الوصل بالنسبة إلى حركتها سبع حالات: وجوب الفتح وذلك في المبدوء بها أل، ووجوب الضم وذلك في نحو: انطلق واستخرج مبنيين للمفعول، وفي أمر الثلاثي المضموم العين في الأصل نحو: اقتل واكتب، بخلاف

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "همز الوصل المفتوح" وذلك في أل وأم بدلها في لغة حمير وايمن وايم، ولعل الشارح أرجع الضمير في يبدل إلى همز الوصل المفتوح مع أن الظاهر من صنيع المصنف رجوعه إلى همز أل فقط؛ لأن ما فعله الشارح أكثر فائدة. قوله: "أو يسهل" أو هذه للتخيير والتسهيل، وإن كان مرجوحًا هو القياس؛ لأن الإبدال مدا شأن الهمزة الساكنة كذا في التصريح. قال شيخنا السيد: لا يتوهم من كون التسهيل مرجوحًا أنه لم يقرأ به؛ إذ لا منافاة بين كونه مرجوحًا وكونه فصيحًا. وقد صرح السعد في حواشي الكشاف بأن القراء قد يجمعون على وجه مرجوح عربية؛ كما في قوله تعالى:
{وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} [القيامة: 9].
قوله: "أضطر الرجل" بالاقتصار على همزة الاستفهام المفتوحة وحذف همزة الوصل المضمومة بعدها. قوله: "لئلا يلتبس... إلخ" علة لقوله: ولا يحذف. قوله: "ولا يحقق" بقافين عطف على قوله: يبدل. قوله: "وبالتسهيل مرجوحًا" لكنه القياس كما مر. قوله: "ومنه" أي: من التسهيل. قوله: "آلحق... إلخ" ألحق مرفوع بالابتداء وإن شرطية وأن قلبك طائر خبره وجواب الشرط محذوف للعلم به من جملة المبتدأ والخبر، وقيل: منصوب بالظرفية في محل الخبر، والرباب براء وموحدتين كسحاب اسم امرأة، وانبتّ انقطع، والحبل العهد.
قوله: "وذلك في المبدوء بها أل" أي: لكثرة الاستعمال. قوله: "وفي أمر الثلاثي... إلخ" أي: كراهة للخروج من الكسر إلى الضم؛ لأن الحاجز الساكن غير حصين، وربما كسرت قبل الضمة الأصلية، حكاه ابن جني في المنتصف عن بعض العرب، ووجهه أنه الأصل، ولم تلتقِ الكسرة والضمة لفصل الساكن بينهما، والوجهان مرجعهما الاعتداد بالساكن وعدم الاعتداد به. اهـ تصريح. وفي الفارضي أن الكسر لغة رديئة. قوله: "في الأصل" متعلق بالمضموم ومعنى كون الضم في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1270- البيت من الطويل، وهو لعمرو بن أبي ربيعة في ديوانه ص133، والأغاني 1/ 127، وخزانة الأدب 10/ 277، والكتاب 3/ 136، ولجميل في ملحق ديوانه ص237، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 369، وشرح التصريح 2/ 366، وشرح ابن عقيل ص689.

 

ج / 4 ص -390-        ................................................................

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
امشوا وامضوا، ورجحان الضم على الكسر، وذلك فيما عرض جعل ضمة عينه كسرة نحو اغزى، قاله ابن الناظم.
وفي تكملة أبي علي أنه يجب إشمام ما قبل ياء المخاطبة وإخلاص ضمة الهمزة، وفي التسهيل أن همزة الوصل تشم قبل الضم المشم، ورجحان الفتح على الكسر وذلك في ايمن وايم، ورجحان الكسر على الضم وذلك في كلمة اسم، وجواز الضم والكسر والإشمام وذلك في نحو: اختار وانقاد مبنيين للمفعول، ووجوب الكسر وذلك فيما بقي وهو الأصل.
الثانية: قد علم أن همزة الوصل إنما جيء بها للتوصل إلى الابتداء بالساكن. فإذا تحرك ذلك الساكن استغنى عنها نحو استتر إذا قصد إدغام تاء الافتعال فيما بعدها نقلت حركتها إلى الفاء فقيل ستر، إلا لام التعريف إذا نقلت حركة الهمزة إليها في نحو الأحمر، فالأرجح إثبات الهمزة، فتقول: ألحمر قائم، وبضعف لحمر قائم، والفرق أن النقل للإدغام أكثر من النقل لغير الإدغام.
الثالثة: إذا اتصل بالمضمومة ساكن صحيح، أو جار مجراه جاز كسره وضمه نحو:
{أَنِ اقْتُلُوا}، {أَوِ انْقُصْ}.
الرابعة: مذهب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأصل أنه أصل غير عارض. قوله: "بخلاف امشوا وامضوا" فإن الهمزة فيهما مكسورة؛ لأن عينهما في الأصل مكسورة، والأصل امشيوا وامضيوا، استثقلت الضمة على الياء فحذفت، ثم الياء لالتقاء الساكنين، وضمت العين لمناسبة الواو، وإن شئت قلت: فنقلت منها إلى ما قبلها، ثم حذفت لالتقاء الساكنين، فالضمة على الأول مجتلبة، وعلى الثاني منقولة. تصريح باختصار. والثاني أشهر.
قوله: "نحو اغزى" بضم الهمزة راجحًا وكسرها مرجوحًا؛ لأن الأصل اغزوى استثقلت الكسرة على الواو فنقلت، ثم حذفت الواو لالتقاء الساكنين، فالضم نظرًا إلى الأصل، والكسر نظرًا إلى الحالة الراهنة، ومرجع الوجهين الاعتداد بالعارض وعدم الاعتداد به، ولم يجز هذان الوجهان في امشوا؛ لأن الأصل كسر الهمزة، وقد عضد بأصل كسر العين، فألغي العارض لمعارضة أصلين، ولا كذلك اغزى؛ لأن هذا العارض داعٍ لأصل هو الكسر، فجاز الاعتداد به دون الضم في امشوا. اهـ تصريح باختصار. قوله: "وفي تكملة أبي علي... إلخ" مخالف لما قاله ابن الناظم في حكم الهمزة. قوله: "أنه يجب إشمام... إلخ" المراد بالإشمام هنا ما يُسمى عند القراء رومًا، وهو أن يُنحي بالضمة نحو الكسرة لا ما تقدم من ضم الشفتين من غير صوت؛ وإنما وجب ذلك تنبيهًا على الضم الأصلي.
قوله: "أن همزة الوصل تشم قبل الضم المشم" يعني: إذا أشممت الثالث أشممت الهمزة، وإلا فلا، ففيه مخالفة لكلام أبي علي من وجهين: الإشمام وإخلاص ضم الهمزة. اهـ تصريح. قوله: "في نحو: اختار وانقاد مبنيين للمفعول" فتقول: اختير وانقيد بضم الهمزة والثالث وكسرهما وإشمامهما، قاله الدماميني. قوله: "فيما بقي" أي: من الأسماء العشرة والمصادر والأفعال. تصريح. قوله: "وهو الأصل" أي: الكسر هو الأصل. قوله: "فقيل: ستر" أي: بفتح السين وتشديد التاء، ويظهر الفرق بين هذا وستر من التستير في المضارع والمصدر؛ لأنك تفتح حرف المضارعة من هذا وتضمه في الثاني، وتقول في مصدر هذا: ستارًا بكسر السين، وفي مصدر الثاني: تستيرًا. قوله: "أن