رسالة الملائكة

القول في آية وغاية وثاية
للنحويين في آية ثلاثة أقوال الأول قول الخليل وهو ان آية وزنها فعلة بتحريك العين وأصلها ايية فلما قلبت الياء ألفا لانفتاح ما قبلها وحركتها في نفسا وجب ان تصبح الياء التي هي في موضع اللام.
فان قيل فما يمنع ان تكون آية فعلة أو فعلة لأنا إذا بنينا شيئا على هذا الوزن لزمنا فيه القلب إذ كان الذي يوجبه حركة المنقلب وانفتاح ما قبله ولو بنينا مثل معدة من باع وقال لقلنا باعة وقالة وكذلك لو بنينا مثل لبؤة. فالألفاظ الثلاثة تستوي في الانقلاب على حال الضم والفتح والكسر قيل لا يمتنع مثل ذلك ولكن الحمل على الأكثر هو القياس لانا نجد فعلا في ذوات الياء والواو كثير، اومع هذا فان باب خشبة أشيع في الكلام من باب سبعة ومعدة ولم تنقلب الياء التي بعد الألف في آية همزة كما انقلبت الياء في سقاء ووشاء لأنه من سقيت وشيت إذ كانت العرب لا تجمع على الحرف الواحد علة العين واللام ولكن يقتصرون على علة أحد الحرفين.
ولم يصرفوا الفعل من آية اعني فعل الثلاثة لانهم لو نطقوا به صاروا إلى ما يتثقلون إذ كانوا لو بنوه مثل بارع لزمهم ان يقولوا في الماضي آي فيجيئوا بآخر الفعل على هيئة لم تنطق بمثلها العرب ولو نطقوا بذلك لزمهم أن يردوا في المضارع الياء إلى اصلها كما ردوا في يبيع ويعيب وكانت تجتمع ياء آن في آخر الفعل المضارع ولا يجيز البصريون مثل ذلك وقد أجاز أهل الكوفة هو يحيى يعيى في يحيى ويعيى وانشد الفراء:

(/)


وكأنها بين النساء سبيكة ... تمشي بسدة بيتها فتعي
ولو بنو من آية فعلا للزمهم ان يسقطوا فيها الجزم أو يدغموا كما أدغموا في يفر ومن شأنهم أن يتبعوا الشيء نظيره ليتجانس الكلام كما قالوا قام يقوم قياما فهو قائم فأعلوا في الألفاظ الأربعة فعلة قام كون الواو ألفا وعلة يقوم سكون الواو وعلة قيام كون الواو ياء وعلة قائم الهمزة ولو بنوا من آية على فعل يفعل للحقهم في ذلك أشد مما فروا منه في باع يبيع لأنهم لم يبنوا في هذا الباب شيئا على يفعل ولو رخمت رجلا أو امرأة اسمه آية لقلت فيمن قال ياحار يا آي فلم تقلب كما كنت فاعلا في شكاية ودراية إذا سميت بها الألف التي قبل الياء في آية معتلة ولان هذه الألف من نفس الحرف وألف شكاية ودراية زائدة وليست منقلبة عن شيء والقول الثاني في آية أصلها آية بالتشديد وأنهم فروا من المتشدد إلى الألف كما فروا إلى الياء في دينار وجمعه يدل على أن اصله دنار ولولا ذلك لقالوا ديانير ولم يقولوا دنانير واستثقالهم للياء أكثر من استثقالهم لغيرها من الحروف والألف أخف حروف اللين وكان القلب هاهنا أولى منه في قولهم حاري إذا نسبوا إلى الحيرة يقولون رجل حاري وانما القياس حيري ففروا إلى الألف قال امرؤ القيس:
فلما دخلناه أضفنا ظهورنا ... إلى كل حاري جديد مشطب
وهذا القول في آية قول الفراء وقد حكاه سيبويه عن قوم من النحويين لم يسمهم ولاشك ان الفراء تبعهم في ذلك. والقول لثالث في آية قول ينسب إلى الكسائي وهو أن آية أصلها فاعلة فإذا صح ذلك فلا بد من حذف ولا يكون المحذوف الهمزة إلا أحد حرفين الهمزة أو الياء فإذا قيل ان المحذوف همزة فاصلها آئية فحذفوا الهمزة وكان حذفها هاهنا أقيس منه في قولهم هو شاك السلاح ومكان هار. وقد حكى الخليل ان العرب قالت سؤته سواية والأصل سوائة فحذوا الهمزة لما فيها من الكلفة وقد قالوا ناس وأصلها أناس فحذفوا الهمزة وحذفها في آية إذا كانت فاعلة أقيس لأنها وقعت بعد الألف والألف مجانسة للهمزة وقبل تلك الألف همزة وبعد الهمزة المحذوفة ياء فكان الطرحُ كالواجب على فعل أميت كأنه في وزن باع من آية فقيل آيت تئي مثل آمت تئيم فهي آثمة فاعتلت الألف في الماضي كما اعتلت في آم وباع فهمزت في اسم الفاعل لما التقى ساكنان وهما ألف فاعل والألف التي كانت معتلة بالقلب في الماضي ولم يكونوا ليردوها إلى أصلها وقد أعلوها قي الفعل لأنهم يرغبون ان تكون الأفعال وأسماء الفاعلين مستوية في العلة أو في صحة فإذا صح أنهم حذفوا في شاك وبابه كان الحذف هاهنا ألزم وأحسن.
وإذا قيل ان المحذوف ياء فالعلة في ذلك انهم كرهوا اجتماع الحرفين المثلين اللذين يكره اجتماع مثلهما إذ كانا ليس ليسا كالدالين في راد وبابهلان الياء والواو لهما مزية في الإلقاء إذا كانتا مستثقلين ولم يجيء في كلامهم مثل حايية بالاظهار ولا مثل حاي بالادغام وفد كثر ذلك في غير الياء واستعملوا تضعيفا في الماضي دون المستقبل فقالوا حي وعي ولم يستعملوا مثل ذلك في الواو ولم يأت عنهم قو وان كان من القووة ولاحو إذا نطقوا الفعل من الحوة وكل ذلك لثقل الواو عليهم.
فإذا جمعت آية على قول الخليل على مثل آكم جمع أَكمٍ وأكمٍ وأكمٌ وجمع أكمة قلت في الرفع الخفض هذه آي به يافتى وعجبت من آي قرأهن فلان ولو نصبت لقلت سمعت آيياً فاتعظت غير ان هذأ شيء لم ينطق بمثله إلا أنه على باب أظب وأنت قائل في النصب رأيت، أظبيا ولا يمكنك أن تدغم إذا نصبت في قولك رأيت آييا لأنك تصير بالاسم إلى ما يستثقلون ولكنك تخفي ان شئت ومن أدغم يحيي ويعي على رأي الفراء كان الإدغام في رأيه أيسر منه في رأي الخليل لأنه لا يرى الإدغام في قولك رأيت محييا ومعييا ولكنه يرى الإخفاء والإظهار والمخفى عنده في وزن المظهر وكذلك عند غيره من أصحابه ألا ترى أن سيبويه أنشد هذا البيت على الإخفاء.
إني بما قد كلفتني عشيرتي ... من الذب عن أعراضها لحقيق
يخفى الباء في الميم في قوله بما ولا تكون الباء عنده إلا محتركةّ لأن سكونها كسر في رأيه ورأي غيره وكذاك قول الراجز:
وغير سُفعٍ مُثل يٍحامِم
أنشده سيبويه على الإخفاء وهذا لا يجوز إلا أن تكون الميم المخفاه متحركة.

(/)


وإذا جمعت آياء على مثل أزمان وأجمال قلت آيا فقلبت الياء الآخرة همزة كما فعلت في سقاء وقضاء ولو صغرت على رأي الخليل لجاز لك أن تقول ثُديُّ وثديٌّ ولو صغرت على القول الآخر وهو مذهب من يرى أن أصلها إية بالتشديد لقلت كما قلت في القول الأول لأنه يرجع إلى مثل حاله فأما من زغم انها فاعلة في الأصل فيلزمه أن يقول في تصغيرها أوية لان الألف عنده الألف فاعلة وليست منقلبة عن الياء وإنما هي كألف ضارب وطالب وهذه الألف تصير واواً في التصغير والجمع فتقول طُويلب وغويلب وإذا سميت رجلاً طالبا قلت في جمعية طوالب ولوا ان الاشتقاق دلا على ان آية من ذوات الياءين لجاز ان يدعى فيها انها من أوى كأنها علامة يأوى إليها الضل فتكون الفها منقلبة من الواو وتصح الياء لأجل علة العين ولو صغرت على هذا الرأي لقيل أوية ترد إلى الأصل كما ترد الساحة إليه.
وغاية استدل على انها من ياءين بقولهم غييت غاية وهو نحو الراية وقالوا غياية للسحابة ولولا ذلك لجاز ان تقول في غاية إذا عني بها الراية انها من ذوات الواو مأخوذة من قولهم تغاوى القوم إذا اجتمعوا كأنهم يريدون الاجتماع إلى الراية المنصوبة.
ورابة يذكرها النحويون في هذا الباب وقد همزها بعض العرب وإذا همزت فهي من رأيت وليست من باب آية لأنها حينئذ فعلة بسكون العين ولم يجتمع في آية من الحروف العلة.
فإن قيل فقولهم للشجرة آءة وجمعها آء من قول زهير:
لهُ بالسيّ تنومُ ووآء
هل يجوز ان يكون مشتقا من أصل آية وقلبت الياء الآخرة همزة أو من اويتُ فقلب ت الواو الفاً واجتمعت في الحرف علتان قيل لا يجوز ذلك عند أهل القياس على ان شذوذ الحرف الواحد أو الحرفين لا ينبغي ان يمنع منه مانع بحال لأن الأشياء قد تخرج عن القياس والأقيس في آء ان يكون مبنيا من همزتين بينهما حرف عليل فيكون من باب غاغة وطاط وهو مما لما ينطقوا منه بالفعل لأنهم كرهوا ان يقولوا آء يوءوء مثل عاع يعوع وإذا اجتمعت الواو والياء في صدر الكلمة كرهوا ان يصرفوا منها الفعل وذلك مثل يوم وويح وويل وويس وويب والوين وهو العنب الأسود ويقال الزبيب لم يبنوا من هذا كله فعلا لأنهم لو فعلوا ذلك لم يكن لهم بعد من الاعلال فيقولون وآل بويل وواس بويس ويام ييوم ولعلهم كرهوا ذلك لأجل الهاء التي تلحق في المضارع ثم جعلوا حروف المضارعة تابعة للياء كما جعلوها تابعة لها في باب يعد ويزن ولم يفعلوا بالهمزة مثل ذلك ولكن أجروها مجرى الحروف الصحاح فقالوا آن الأمر يئين وآمت المرأة تئيم وآب الغائب يؤوب وكرهوا مثل ذلك في الأء لأنه أثقل من هذه الأشياء إذ كان طرفاه همزتين ولو صرفوا منه الفعل لوجب ان يقولوا في الأمر أؤفلم يكن لهم بد من تخفيف الهمزة فيجعلونها واوا لانضمام ما قبلها فيصيرون إذا خاطبوا الواحد بالأمر كأنهم خاطبوا الجماعة إذا أمروهم من وأى أي وعد لأنك تقول للواحد إو وعدأ حسنا كما تقول ق زيدا وللاثنين إيا وللجميع أو فكلما كثرت الحروف التي جرت عادتها بألا بدال والعلة كانوا في تركها أرغب ويحكم على آء انه من ذوات الواو لأنها الغالبة على هذا الباب وإذا جهل أصل شيء من ذاك فعليها يحمل فتقول في تصغير آءة أوية ولو جمعناء على مثال أبواب لقلنا آوآء ولو جمعناه على مثل انور لقلنا آوء ويا فتى فصححنا الواو كما صححناها في أنور وادور ومن كان من لغته ان يهمز هذه الواو فيقول أدور وأقوس فأنه لا يجوز له ان يهمز في آؤء لأنه يجمع بين همزتين ولكنه ان أراد ذلك خفف الهمزة الثانية فجعلها واوا ثم قلبها إلى الياء كما فعل في باب ادل وهذا لان الضمة التي اوجبت الهمزة للواو تحول إلى الكسرة ولو جمعت آء على مثل نيران لقلت إيآن فان حففت الخمزة الثانية قلت إو ان فرددت الياء اصلها ولو جمعت آيا على فعلان لقلت إيان فأما شاء فألفه منقلبة من واو وهمزته مبدلة من الهاء يدلك على ذلك قولهم شويهة في التصغير وشياه في الجمع وليس قولهم شوي في معنى شاء بدليل على ان الهمزة في شاء منقلبة من ياء لأنهم قد يخففون الشيء تخفيفا لازما كما فعلوا ذلك في برية ونبي وكأن العرب مجمعة على ترك الهمز في الشوي. قال الراجز:
ان بني يربوع أرباب الشوي ... قوم يلبون السويق بالمني
من يشرب المني يحبل بصيي

(/)


فكان الشوي اصله الهمز لأنه في معنى الشاء كما ان المعيز في معش المعز والضئين في معنى الضأن والشوي موافق فعيلا من شويت لأنا نقول شويت الحم فهو مشوي وشوي والقياس ان يجعل شوي من لفظ الشاء لا من لفظ شويت لأنه إذا جعل من لفظ الشاء كان مخصوصا بالتسمة ولة جعل من شويت لشركه في ذلك جميع المشويات لانه قد يُشوى لحم الجزور ولحم الضائنة ولحم الماعر ويدخل في ذلك الحيتان وغيرها من الطير وجميع ما يؤكل من أصناف الحيوان فإذا قيل إن شاء من لفظ شاة وان الهمزة فيه منقلبة من الهاء فيجوز إن يقال اشتقاق شاه من الشوه وهو من الأضداد يكون في معنى القبح وفي معنى الحسن فأما القبح فهو الظاهر في كلامهم يقولون شوه الله خلقه وشاه وجهه وأما كونه في معنى الحسن فقولهم فرس شوهاء أي حسنةٌ، وكذلك فسروا قول ابى داود:
فهي شوهاءُ كالجوالق فوها ... مستجاف يضل فيه الشكيم
وقيل الشوهاءُ الواسعة الفم ويقال للذي يصيب بالعين اشوَه ومن قال في تصغير شاة شويهة وجعل شاءً كالجمع لشاة فانه يجب إن تقول في التصغير شوية لأن شاة عند فعلة من شاه يشةه فحذفت الهاء الأصلية وأعلت الواو ومن زعم إن شاءً همزته ليست مبدلة من هاءٍ وانها اصل في الباب فانه يقول التصغير شوي إذا ذهب به مذهب قوم فان ذهب به مذهب إبل وخيل قال شوية وإذا كن على مذهب شاة لم يجزان يحمل في التصغير إلا على باب نخل وقبر وذلك ان ما كان بينه وبين واحده لهاء من المجموع جاز فيه التذكير والتأنيث فإذا صغر وجب انايلزم فيه التذكير ليقع الفرق بين التصغير الواحد والجمع فمن قال هذه نخل حسنة قال في التصغير نخيل ليفرق بين تصغيره ةتصغير نخلة.
واما طاية وهي السطح فهي من باب آية في ان لامها صحت لأجل علة للعين وكأنها من طويت فانقلبت الواو الفا، قال الشاعر:
كأن المحال الغر في حجراتها ... عذارى على طايات مصر
فلو صغرت طاية لقلت طوية وثاية إذا أردت مراوح الابل وهي عازبة فإنها من هذا الباب ويجب إن يكون اشتقاقها من ثويت بالموضع إذا أقمت الا ان ثبت انها من ذوات الياء ولو جمعت طاية على طاي وثاية على ثاي ثم جمعته على أفعل مثل أزمن وآكم لقلت في الرفع والخفض هذه اطو ومررت بأطو وهذه اثو ومررت بأثو فإذا نصبت قلت رأيت أطوياً وأثويا إلا ان تثبت انها من ذوت الياء فتجريها مجرى آية وقد مر ذكرها وقد زعم قوم ان شاء شاذ فهذا يدل على جمعهم بين العلتين فأما الماء لمشروب فهو مثل شاء إذا قلنا إن همزته من الهاء وليس البدل عندهم كالعلة ولولا ذلك لم يجمعوا بين بدل اللام وعلة العين وحروف المعجم التي هي باء وتاء وثاء انما هي أصوات محكية في الأصل فإذا عُربت فإنما نُقلت من بأب إلى باب وإنما قالوا باء فنطقوا بلفظ الحرف ثم قووه بألف ليمكن النطق به ثم مدوا ارادة للبيان فلما اجتمعت الفان هُمزت الأخرى منهما فهذه الحروف ما دامت في بابها جارية مجرى الأصوات التي هي على هذا الوزن مثل غاق وواق ونحو ذلك فإذا أخرجتهن إلى باب الأسماء أجريت الألف مجرى المنقلبة كما انك إذا أخرجت ترخيم حارث في قول من قال يا حارُ إلى باب الأسماء أجريت الفه مجرى ألف باب ونار والراء اسم شجر يجري في التصغير مجرى غيره فيحكم على الفه بأنها واو في الأصل حتى يثبت السماع بغير ذلك همزته انها أصلية ليست بالمنقلبة.

(/)


وإذا نسبوا إلى آية فانهم يجيزون ثلاثة أوجه آئي بالهمزة وآوي بقلب الياء واوا وآبي على الأصل فبعضهم يرى إن الهمز هو الوجه وبعضهم يختار الياء لأنهم قد كثر في كلامهم مثل هذا إذ كانوا يقولون رجل عبي وحيى وهذا مكان محبيي فيه وأمر معيي به وأما قلبهم إلى الواو فلأجل الياآت والهمز فروا إليه لاجتماع الحروف التي جرت عادتها بان تعتل ولقائل أن يقول الأصل آيي بلا امتراء فالهمزة هل حدثت عن الياء أم عن الواو فيقال له كل ذلك يجوز فان شئت قلت قلبوا الياء واوا ثم همزوا الواو لأنها مكسورة كما قالوا في وشاح إشاح وكان هذا الزم لأن بعد الواو ياءين ألا ترى إن همزة بعدها ياء مشددة قد جاءت في كلامهم صدرا للكلمة فقالوا إياك وإيل للذي في الجبل وليس في كلامهم واو مكسورة بعدها ياء مشددة في صدر كلمة البتة وقد جاءوا بالهمزة المفتوحة وبعدها الياء المشددة في مواضع كثيرة ولما يفعلوا ذلك في الواو ألا تراهم قالوا للرجل أيم وللمرأة ايم وقالوا أي القوم معك ورجل ايد وايده الله وليس في كلامهم مثل ويل ولا ويرو أما قلبهم الياء إلى الهمزة فكما قلبوها في قولهم يدي وادي وهو العيش الواسع ويلنجوج وألنحوج والياء إذا كانت متحركة بالكسر وقبلها ما يُسكتُ عليه فهي جارية مجرى ما يبتدأ به في بعض الجهات ولا ريب في انهم آثروا الابتداء بالهمزة على الابتداء بالياء إلا ترى إن أفعل في الأسماء أكثر من يفعل فباب احمر وأصفر لا يقاس به في الكثرة باب يرمع ويلمع واليرمع حجارة رقاق تنفت باليد واليلمع البرق والسراب وقالوا إصبع أبلم ولم يقولوا يرمع وقد حكي يعفر على الاتباع وقال بعض أهل اللغة ليس في كلامهم اسم أوله ياء مكسورة إلا قولهم اليسار ليد هكذا قال ابن دريد وغيره يقول يسار بالفتح فإذا كان ذلك على ما تعرفه العامة فقد فقدت ياء مكسورة في أول الأسماء إلا إن يجيء في مصدر فاعلتُ فانهم يضطرون إلى ذلك إذا قالوا ياسرت الرجل يسارا وقد استغنوا بالمياسرة وكذلك قالوا يا منتُ أي أتيت اليمن ولعلهم يجتنبون اليمان في المصدر ويفرون منه إلى الميامنة ويدلك على ان الكسرة عندهم مع الهمزة أيسر منها مع الياء انهم يقولون إعلم وإستعين وإخال فيكسرون مع الهمزة كما يكسرون مع التاء والنون وقد قرأت بذلك القراء يحيى ابن وثاب وغيره ويروى انه قرأ فأمتعه قليلا ثم اضطره بكسر الهمزة من اضطره وكذلك يفعل في غيرها من حروف المضارعة فقرأ يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وهذه لغة للعرب فيما كان على فعل يفعل وما جاوز الاربعة نحو اسود واقشعر وإذا صاروا إلى الياء فروا إلى الفتح فلم يقولوا يعلم كذلك يقول سيبويه وقد حكاها الفراء عن قوم مات العرب وأن صحت فهي شاذة وليس هذا من باب ينحل وقرأ أصحاب القراءة التي مر ذكرها إن تكونوا تيلمون فانهم يألمون كما تيلمون فكسروا مع التاء ولم يكسروا مع الياء فهذا يبين حال آية في النسب والحد لله وهذه الأسماء التي ظهرت فيها الياء وهي على مثل آية تجري في النسب مجراها.