رسالة الملائكة

القول في قول الراجز


أين الشظاظان وأين المربعه ... وأين وسق الناقة الجلنفعه
الابيات التي يسال عنها على أربعة أضرب بيت فارد وهو الذي ليس بعده شيئ ولا قبله وبيت فاتح وهو المبتدأ به وبعده بيت اخر وبيت واسط وهو الذي قبله بيت وبعده بيت وبيت خاتم وهو الذي يكون آخر الأبيات وكل بيت يسأل عنه فانه لا يخلو من أحد امرين اما إن يكون معناه قد كمل فيه واما أن يكون معناه يكمل في الذي بعده أو الذي قبله أو فيهما جميعاً وإنما قدمت ذلك لان هذا الشعر الذي سأل عنه يتردد في كتب اللغة وهو على ما ذكر ليس قبله شيء ولا بعده وهو بيتان لان قوله: (أين الشطاظان وأين المرْبعَه) بيت على رأي النحويين المتقدمين والمتأخرين ألا ترى الذين عدوا شواهد كتاب سيبويه عدوا قول العجاج:
قواطفا مكة من ورق الحمي
بيتا وكذلك قول الآخر ... دار لسعدى إذه من هواكا
وعدوا قول الآخر: رُبَّ ابن عم لسليمى مُشمعل طباخ ساعات الكرى زاد الكسل بيتين وكذلك جميع ما تسميه العرب رجزا إذا عده أهل العلم بالعربية جرى عدده على ما تقدم ذكره والشظاظان تثئية شظاظ وهو عود يُدخل في عروة الجوالق قال الراجز:
نهبت يممونا بأشمذين ... فقال لي وأن أنتين
أماترى ما قد أصاب عيني ... من الشظاظ ومن الحنوين
والمربعة عصا قصيرة تدخل تحت الجوالق ويأخذ الرجلان برطفيها إذا أراد رفعه يقال ربعنا الحمل وارتبعناه. وفي الحديث أنه مر بقوم يرتبعن حجرأ يرفعونه ويقال رابعتُ الرجل والمرأة إذا فعلت أنت وأحدهما ذلك بحمل أو حجر وأنشد ابن الاعرابي:
يا ليت أم الغمر كانت صاحبي ... مكان من أنشا على الركائب
ورابعتني تحت ليل ضارب ... بساعدٍ فعمٍ وكفّ خاضب
وقيل رابعتنى أي أخذت بيدي. والوَسق الحمل وفيه لغتان فتح الواو وكسرها والجلنفعة الغليظة الجافية ومن روى المطبعة فانه يعني التى قد أثقل حملها يقال طبعتُ الناقة والسفينة إذا أوقرتهما ولذلك قالوا للنهر المملوء ماء طبع قال الهذلي:
وما حمل البختي عام غياره ... عليه الوسوق بُرها وشعيرها
أتى قرية كانت كثيرا طعامها ... كرفع التراب كل شيء يميرها
فقيل تحمل فوق طوقك إنها ... مطبعة من يأتها لا يضيرها
يعني أن هذه القرية مملوؤة من الطعام ويجوز أن تكون المطبعة في البيت قد وقعت في طبع وهو النهر لأن الابل قد توحل كما جرت عادتها ألا ترى إلى قول لبيد:
فتولوا فاتراً مشيهم ... كروايا الطبع همت بالوحل