شرح الأشموني على ألفية ابن مالك
ج / 3 ص -332-
كَمْ وَكأَيِّنْ، وكذا:
هذه ألفاظ يكنى بها عن العدد، ولهذا أردف بها
باب العدد.
أما "كم" فاسم لعدد مبهم الجنس والمقدار، وهي على قسمين:
استفهامية بمعنى أيّ عدد، وخبرية بمعنى عدد كثير، وكل
منهما يفتقر إلى تمييز: أما الأولى فمميزها كمميز "عشرين"
وأخواته في الإفراد والنصب، وقد أشار إلى ذلك بقوله:
746-
"مَيِّز في الاستِفهامِ "كم" بمثلِ مَا
مَيَّزْتَ عِشرينَ كَكم شَخصًا
سَما"
747-
وأجز ان تجره "من" مضمرا
إن وليت "كم" حرف جر مظهرا
أما الإفراد فلازم مطلقًا، خلافًا للكوفيين فإنهم يجيزون
جمعه مطلقًا، وفصل بعضهم فقال: إن كان السؤال عن الجماعات،
نحو: "كم غلمانًا لك" إذا أردت أصنافًا من الغلمان جاز،
وإلا فلا، وهو مذهب الأخفش.
وأما النصب ففيه أيضًا ثلاثة مذاهب: أحدها أنه لازم
مطلقًا، والثاني: ليس بلازم، بل يجوز جره مطلقًا حملا على
الخبرية، وإليه ذهب الفراء والزجاج والسيرافي، وعليه حمل
أكثرهم: "من الكامل":
كَمْ عمَّةٍ لكَ يا جَرِيرُ وخالة
"فدعاء قد حلبت علي عشاري"1
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 تقدم بالرقم 151.
ج / 3 ص -333-
والثالث: أنه لازم إن لم يدخل على "كم" حرف
جر، وراجح على الجر إن دخل عليها حرف جر، وهذا هو المشهور،
ولم يذكر سيبويه جره إلا إذا دخل عليها حرف جر وإلى هذا
الإشارة بقوله:
"وأَجِزَ انْ تجرَّه مِن مُضْمَرا
إنْ وَلِيَتْ كم حرفَ جر مُطهرا"
فيجوز في "بكم درهم اشتريت" النصب وهو الأرجح، والجر أيضًا
وفيه قولان؛ أحدهما: أنه بـ"من" مضمرة كما ذكر، وهو مذهب
الخليل وسيبويه والفراء وجماعة، والثاني أنه بالإضافة وهو
مذهب الزجاج.
وأما الثانية -وهي الخبرية- فمميزها يستعمل تارة كمميز
"عشرة" فيكون جمعًا مجرورًا وتارة كمميز "مائة" فيكون
مفردًا مجرورًا، وقد أشار إلى ذلك بقوله:
748-
"واستعملنها مُخبرًا كعشَرَه
أو مِائة ككم رِجالٍ أو مَرَه"
749-
ككم كأين وكذا وينتصب
تمييز ذين أو به صل "من" تصب
ومن الأول قوله "من المديد":
1141-
كَمْ مُلوكٍ بادَ مُلْكُهُمُ
"ونعيم سوقه بادوا"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1141- التخريج: البيت بلا نسبة في الدرر 4/ 47؛ وشرح شواهد
المغني 1/ 511؛ والمقاصد النحوية 4/ 49؛ وهمع الهوامع 1/
254.
اللغة: باد: هلك. السوقة: الرعية من دون الملك، وكل من لم
يكن ذا سلطان فهو سوقة وهم سوقة.
المعنى: لقد هلك الكثير من الملوك، وتقوضت عروشهم، وكذلك
الناس غير الملوك تهلك أيضًا، أي أن الحياة اللينة لا تدوم
لأحد.
الإعراب: كم: اسم بمعنى كثير من محل رفع مبتدأ. ملوك:
تمييز "كم" مجرور بالكسرة "لأنه مضاف إلى كم، أو بمن
مقدرة". باد: فعل ماض مبني على الفتح. ملكهم: فاعل مرفوع
بالضمة، و"الهاء": ضمير متصل في محل جر بالإضافة. والميم
علامة جمع الذكور العقلاء. ونعيم: "الواو": للعطف، "نعيم":
اسم معطوف على "ملوك" مجرور مثله بالكسرة. سوقة: نعت مجرور
بالكسرة. بادوا: فعل ماض مبني على الضم، و"الواو": ضمير
متصل في محل رفع فاعل. =
ج / 3 ص -334-
ومن الثاني قوله "من الطويل":
1142-
وَكَمْ لَيْلَةٍ قَدْ بِتّهَا غَيْرَ آثِمٍ
"بساجية الحجلين ريانة القلب"
وقوله: "من الكامل":
كَمْ عَمَّةٍ لَكَ يَا جَرِيرُ وَخَالَةٍ
فَدْعَاءَ قَدْ حَلَبَتْ عَلَيّ عِشَاري1
ويروى هذا البيت بالنصب والرفع أيضًا؛ أما النصب فقيل: إن
لغة تميم نصب تمييز الخبرية إذا كان مفردًا، وقيل على
تقديرها استفهامية استفهام تهكم، أي: أخبرني بعدد عماتك
وخالاتك اللاتي كنّ يخدمنني فقد نسيته، وعليهما فكم مبتدأ
خبره "قد حلبت"، وأفرد الضمير حملا على لفظ "كم" وأما
الرفع فعلى أنه مبتدأ وإن كان نكرة لأنها قد وصفت بـ"لك"،
وبـ"فدعاء" محذوفة مدلول عليها بالمذكورة، كما حذفت "لك"
من صفة خالة مدلولا عليها بـ"لك" الأولى، والخبر "قد
حلبت"، ولا بد من تقدير "قد حلبت" أخرى، لأن المخبر عنه
حينئذٍ متعدد لفظًا ومعنى، نظير: "زينب وهند قامت"، و"كم"
على
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= وجملة "كم ملوك باد ملكهم": ابتدائية لا محل لها. وجملة
"باد": في محل رفع خبر "كم". وجملة "بادوا": في محل رفع
خبر لـ"كم" مقدرة واقعة خبر مبتدأ. وجملة "كم نعيم سوقة
بادوا": معطوفة على جملة "كم ملوك باد ملكهم".
والشاهد فيه قوله: "كم ملوك" حيث جاء تمييز "كم" جمعًا
مجرورًا.
1142- التخريج: البيت بلا نسبة في المقاصد النحوية 4/ 496.
اللغة: الآثم: المذنب، امرأة ساجية: فاترة الطرف، أي ساكنة
النظر. الحجلان؛ الخلخالان أو القيدان. ريانة القلب: قلبها
نابض بالحب.
المعنى: كثيرًا من الليالي قضيتها بصحبة امرأة هادئة، لا
تحرك خلاخيلها، وقلبها نابض بالحب.
الإعراب: وكم: "الواو": بحسب ما قبلها، و"كم": الخبرية في
محل نصب نائب ظرف زمان، وهو مضاف. ليلة: مضاف إليه مجرور.
قد: حرف تحقيق. بتها: فعل ماض تام و"التاء": ضمير في محل
رفع فاعل، و"ها": ضمير في محل نصب مفعول به. غير: حال
منصوب، وهو مضاف. آثم: مضاف إليه مجرور. بساجية: جار
ومجرور متعلقان بـ"بت"، وهو مضاف. الحجلين: مضاف إليه
مجرور بالياء لأنه مثنى. ريانة: صفة لـ"ساجية"، وهو مضاف.
القلب: مضاف إليه.
وجملة "كم ليلة بتها": ابتدائية لا محل لها من الإعراب.
وجملة "قد بتها": في محل جر صفة لـ"ليلة".
الشاهد فيه قوله: "كم ليلة" حيث ورد مميز "كم" مفردًا
مجرورًا.
1 تقدم بالرقم 151.
ج / 3 ص -335-
هذا الوجه ظرف أو مصدر والتمييز محذوف: أي
كم وقت أو حلبة.
تنبيهات: الأول إفراد تمييز الخبرية أكثر وأفصح من جمعه،
وليس الجمع بشاذ كما زعم بعضهم.
الثاني: الجر هنا بإضافة "كم" على الصحيح؛ إذ لا مانع
منها، وقال الفراء: إنه بـ"من" مقدرة، ونقل عن الكوفيين.
الثالث: شرط جر تمييز "كم" الخبرية الاتصال، فإن فصل نصب
حملا على الاستفهامية فإن ذلك جائز فيها في السعة، وقد جاء
مجرورًا مع الفصل بظرف أو مجرور، كقوله "من البسيط":
1143-
كَمْ دُوْنَ مَيَّةَ موماة يُهَالُ لَهَا
إذَا تَيَمَّمَهَا الخِرِّيتُ ذُو الجَلَدِ
وقوله: "من الرمل":
1144-
كَمْ بِجودٍ مُقْرِفٍ نَالَ العُلاَ
وَكَرِيْمٍ بُخْلُهُ قَدْ وَضَعَه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1143- التخريج: البيت لذي الرمة في المقاصد النحوية 4/ 496
"وفي الحاشية أنه لمعاوية بن الأصغر والد دريد بن الصمة"؛
وبلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص534.
اللغة: مية: اسم محبوبة الشاعر. الموماة: الصحراء: يهال:
يخاف. تيممه: قصدها. الخريت: الدليل الماهر، ذو الجلد:
القوي.
الإعراب: كم: الخبرية في محل رفع مبتدأ. دون: ظرف مكان
متعلق بخبر المبتدأ، وهو مضاف. مية: مضاف إليه. موماة:
مضاف إليه "كم" مجرور. يهال: فعل مضارع مبني للمجهول
مرفوع. لها: جار ومجرور متعلقان بـ"يهال". إذا: ظرف زمان
متعلق بـ"يهال". تيممها: فعل ماض، و"ها": ضمير في محل نصب
مفعول به. الخريت: فاعل مرفوع. ذو: نعت "الخريت" مرفوع
بالواو لأنه من الأسماء الستة، وهو مضاف، الجلد: مضاف إليه
مجرور بالكسرة.
وجملة "كم دون مية": ابتدائية لا محل لها من الإعراب.
وجملة "يهال لها": في محل جر نعت "موماة". وجملة "تيممها":
في محل جر بالإضافة.
الشاهد فيه قوله: "كم دون مية موماة": حيث فصل بين "كم"
ومميزها المجرور بفاصل هو "دون مية"، فالواجب هنا النصب.
1144- التخريج: البيت لأنس بن زنيم في ديوانه ص113؛ وخزانة
الأدب 6/ 471؛ والدرر 4/ 49؛ وشرح شواهد الشافية ص53؛
والمقاصد النحوية 4/ 493؛ ولعبد الله بن كريز في الحماسة
البصرية 2/ 10؛ وبلا نسبة في الدرر 6/ 204؛ وشرح أبيات
سيبويه 2/ 30؛ وشرح عمدة الحافظ ص534؛ وشرح المفصل 4/ 132؛
والكتاب 2/ 167؛ والمقتضب 3/ 61؛ والمقرب 1/ 313؛ وهمع
الهوامع 1/ 255، 2/ 156. =
ج / 3 ص -336-
وقوله "من الكامل":
1145-
كم في بني بكر بن سعد سيد
ضخم الدسيعة ماجد نفاع
والصحيح اختصاصه بالشعر، ومثل فصل تمييز العدد المركب وشبهه،
وقد مر، وذهب الكوفيون إلى جوازه في الاختيار. وقيل: إن
كان الفصل بناقص، نحو: "كم اليوم جائع أتاني"، و"كم بك
مأخوذ جاءني " جاز، وإن كان بتام لا يجوز، وهو مذهب يونس،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= اللغة: المقرف: النذل اللئيم الأب. وضعه: جعله وضيعًا
منحطًا.
المعنى: إن الجود والكرم يرفع الدنيء اللئيم، والبخل يحط
من منزلة السيد الشريف.
الإعراب: "كم": اسم كناية في محل رفع مبتدأ. "بجود": جار
ومجرور متعلقان بـ"نال". "مقرف": مضاف إليه مجرور بالكسرة.
"نال": فعل ماض مبني على الفتح، و"الفاعل": ضمير مستتر
تقديره "هو". "العلا": مفعول به منصوب بفتحة مقدرة على
الألف. و"كريم": "الواو": للعطف، "كريم": معطوف على مجرور،
مجرور مثله. "بخله": مبتدأ مرفوع بالضمة، و"الهاء": ضمير
متصل في محل جر بالإضافة. "قد": حرف تحقيق "وضعه": فعل ماض
مبني على الفتح، و"الهاء": ضمير متصل في محل نصب مفعول به،
و"الفاعل": ضمير مستتر تقديره "هو".
وجملة "كم مقرف نال العلا": ابتدائية لا محل لها. وجملة
"نال العلا": في محل رفع خبر لـ"كم" الخبرية. وجملة "بخله
قد وضعه": في محل جر صفة لـ"كريم". وجملة "قد وضعه": في
محل رفع خبر لـ"بخله".
والشاهد فيه قوله: "كم بجود مقرف" حيث فصل بين "كم"
ومميزها المجرور بفاصل وهو "بجود"، فالواجب هنا النصب.
1145- التخريج: البيت للفرزدق في خزانة الأدب 6/ 476؛ وشرح
المفصل 4/ 132؛ والكتاب 2/ 168؛ والمقاصد النحوية 4/ 492؛
وبلا نسبة في خزانة الأدب 6/ 469؛ وشرح المفصل 4/ 130؛
واللمع ص229؛ والمقتضب 3/ 62.
اللغة: الدسيعة، العطية، أو الجفنة، نفاع: صيغة مبالغة من
النفع.
المعنى: كثر هم السادة في بني بكر بن سعد، الكرماء
الأسخياء الشرفاء.
الإعراب: "كم": اسم كناية في محل رفع مبتدأ. "في بني": جار
ومجرور بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، متعلقان بخبر
"كم" المحذوف. "بكر": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "بن": صفة
"بكر" مجرورة بالكسرة. "سعد": مضاف إليه مجرور بالكسرة.
"سيد": مضاف إليه مجرور بالكسرة "مميز كم". "ضخم":صفة
مجرورة بالكسرة. "الدسيعة": مضاف إليه مجرور بالكسرة.
"ماجد": صفة مجرورة بالكسرة نفاع: صفة مجرورة بالكسرة. =
ج / 3 ص -337-
فإن كان الفصل بجملة، كقوله "من البسيط":
1146-
كم نالني منهم فضلا على عدم
إذا لا أكاد من الإقتار أحتمل"
أو بظرف وجار ومجرور معًا، كقوله "من المتقارب":
1147-
تؤم سنانا وكم دونه
من الأرض محدودبا غارها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= والشاهد فيه قوله: "كم في بني بكر في سعد سيد" حيث فصل
بين "كم" الخبرية وبين مميزها "سيد" بالجار والمجرور "في
بني بكر بن سعد".
1146- التخريج: البيت للقطامي في ديوانه ص30 ؛ وخزانة
الأدب 6 / 477، 478، 483 والدرر 4/ 49؛ وشرح المفصل 4/
131؛ والكتاب 2/ 165؛ واللمع ص227؛ والمقاصد النحوية 3/
289، 4/ 494؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 283؛
وخزانة الأدب 6/ 469؛ وشرح عمدة الحافظ ص535؛ والمقتضب 3/
60، وهمع الهوامع 1/ 255.
اللغة: على عدم: على فقر وحاجة. الإقتار: الفقر. أحتمل:
أرتحل طالبا رزقا.
المعنى: كثيرًا ما أفضلوا علي عندما كنت محتاجًا، حتى أكاد
لا أرتحل طلبًا للرزق من شدة فقري وحاجتي.
الإعراب: كم": اسم كناية في محل رفع مبتدأ. "نالني": فعل
ماض مبني على الفتح، و"النون": للوقاية، و"الياء": ضمير
متصل في محل نصب مفعول به. و"الفاعل": ضمير مستتر تقديره
"هو".
"منهم": جار ومجرور متعلقان بـ"نالني". "فضلا": تمييز
منصوب بالفتحة. "على عدم": جار ومجرور متعلقان بـ"نالني".
"إذا": ظرف زمان في محل نصب مفعول فيه، متعلق بـ"نال".
"لا": حرف نفي. "أكاد": فعل مضارع ناقص، و"اسمها": ضمير
مستتر تقديره "أنا". من الإقتار": جار ومجرور متعلقان
بـ"أحتمل". "أحتمل": فعل مضارع مرفوع بالضمة، و"الفاعل":
ضمير مستتر تقديره "أنا".
وجملة "كم نالني": ابتدائية لا محل لها. وجملة "نالني": في
محل رفع خبر لـ"كم". وجملة "لا أكاد أحتمل": في محل جر
بالإضافة. وجملة "أحتمل": في محل نصب خبر "أكاد".
والشاهد فيه قوله: "كم نالني فضلا" حيث فصل بين "كم"
الخبرية وبين تمييزها "فضلا" بالفعل "نالني منهم" فنصبه
وجوبًا في رأي البصريين.
1147- التخريج: البيت لزهير بن أبي سلمى في شرح المفصل 4/
131؛ والكتاب 2/ 165؛ وليس في ديوانه؛ وللأعشى في المحتسب
1/ 138؛ وليس في ديوانه؛ ولزهير أو لكعب أو للأعشى في شرح
شواهد الإيضاح ص197؛ وبلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص535؛
وشرح المفصل 4/ 129؛ ولسان العرب 5/ 35 "غور".
اللغة: تؤم: تقصد. سنان: اسم الحصن الرومي الذي قصده.
الغار: كل ما اطمأن من الأرض. =
ج / 3 ص -338-
تعين النصب، قاله المصنف، وهو مذهب سيبويه.
الرابع: الاستفهامية والخبرية يتفقان في سبعة أمور
ويفترقان في ثمانية أمور:
فيتفقان في أنهما اسمان، ودليله واضح، وأنهما مبنيان، وأن
بناءهما على السكون، وقد سبق ذلك في أول الكتاب، وأنهما
يفترقان إلى مميز لإبهامهما، وأنهما يجوز حذف مميزهما إذا
دل عليه دليل خلافًا لمن منع حذف تمييز الخبرية، وأنهما
يلزمان الصدر فلا يعمل فيهما ما قبلهما إلا المضاف وحرف
الجر، وأنهما على حد واحد في وجوه الإعراب، فـ"كم" بقسميها
إن تقدم عليها حرف جر أو مضاف فهي مجرورة، وإلا فإن كانت
كناية عن مصدر أو ظرف فهي منصوبة على المصدر أو على الظرف،
وإلا فإن لم يلها فعل أو وليها وهو لازم أو رافع ضميرها أو
سببيها فهي مبتدأ، وإن وليها فعل متعد ولم يأخذ مفعوله فهي
مفعولة، وإن أخذه فهي مبتدأ إلا أن يكون ضميرًا يعود عليها
ففيها الابتداء والنصب على الاشتغال.
ويفترقان في أن تمييز الاستفهامية أصله النصب وتمييز
الخبرية أصله الجر، وفي أن تمييز الاستفهامية مفرد وتمييز
الخبرية يكون مفردًا وجمعًا، وفي أن الفصل بين الاستفهامية
وبين مميزها جائز في السعة، ولا يفصل بين الخبرية ومميزها
إلا في الضرورة على ما مر، وفي أن الاستفهامية لا تدل على
تكثير والخبرية للتكثير، خلافًا لابن طاهر وتلميذه ابن
خروف، وفي أن الخبرية تختص بالماضي كـ"رب"؛ فلا يجوز كم
غلمان لي سأملكهم، كما لا يجوز "رب غلمان سأملكهم، ويجوز
كم عبد سأشتريه" وفي أن الكلام مع الخبرية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= المعنى: إن ناقتي تقصد حصن سنان رغم ما يفصلها عنه من
مسافات من الأرض المحدودبة المختلفة التضاريس.
الإعراب: "تؤم": فعل مضارع مرفوع بالضمة، و"الفاعل": ضمير
مستتر تقديره "هي". "سنانا": مفعول به منصوب بالفتحة.
"وكم": "الواو": واو الحال، "كم": اسم كناية في محل رفع
مبتدأ. "دونه": مفعول فيه طرف مكان منصوب بالفتحة متعلق
بمحذوف خبر "كم"، و"الهاء": ضمير متصل في محل جر بالإضافة.
"من الأرض": جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر "كم".
"محدودبًا": تمييز منصوب بالفتحة. "غارها": فاعل لاسم
الفاعل "محدودب" مرفوع بالضمة، و"ها": ضمير متصل في محل جر
بالإضافة.
وجملة "تؤم سنانًا": ابتدائية لا محل لها. وجملة "وكم
محدودب غارها": في محل نصب حال.
والشاهد فيه قوله: "كم دونه من الأرض محدودبًا" حيث فصل
بين "كم" و"محدودبًا" بالظرف والجار والمجرور، فوجب نصبه
وامتنع الجر في رأي البصريين.
ج / 3 ص -339-
محتمل للتصديق والتكذيب بخلافه مع
الاستفهامية، وفي أن الكلام مع الخبرية لا يستدعي جوابًا
بخلافه مع الاستفهامية، وفي أن الاسم المبدل من الخبرية لا
يقترن بالهمزة بخلاف المبدل من الاستفهامية، فيقال في
الخبرية كم عبيد لي خمسون بل ستون، وفي الاستفهامية كم
مالك أعشرون أم ثلاثون، اهـ.
"كَكَمْ" يعني هذه، أي الخبرية في الدلالة على تكثير عدد
مبهم الجنس والمقدار "كَأيِّنْ وكذا وينتصِبْ تَمييزُ
ذَيْنِ أو بِهِ صِلْ مِنْ تصِبْ" بخلاف تمييز "كم"
الخبرية؛ فتقول: "كأين رجلا رأيت"، ومنه قوله "من الطويل":
1148-
وَكَائِنْ لنَا فَضْلا عَلِيْكُمْ وَمِنَّةً
قَدِيْما وَلاَ تَدْرُونَ مَا مَنَّ مُنْعِمُ
وقوله "من الخفيف":
1149-
اطْرُدِ الْيَأسَ بِالرَّجاءِ فَكَائِنْ
آلِمًا حُمَّ يُسْرُهُ بَعْدَ عُسْرِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1148- التخريج: البيت بلا نسبة في الدرر 4/ 51؛ وشرح شواهد
المغني 2/ 513؛ وهمع الهوامع 1/ 255.
اللغة: المنة: الإنعام والإحسان: من عليه يمن: أحسن وأنعم.
المعنى: كثيرًا ما كان لنا فضل وإحسان قدمناه لكم منذ
القديم، ولكنكم لا تعرفون معنى أن يحسن إليكم، فأنتم
جاحدون.
الإعراب: وكائن: "الواو": بحسب ما قبلها، "كائن": اسم
بمعنى كثير في محل رفع مبتدأ. لنا: جار ومجرور متعلقان
بخبر "كائن" المحذوف. فضلا: تمييز "كائن" منصوب بالفتحة.
عليكم: جار ومجرور متعلقان بـ"فضلا". ومنة: "الواو" للعطف،
"منة": معطوف على "فضلا" منصوب مثله بالفتحة. قديمًا صفة
لمفعول فيه ظرف زمان محذوف منصوب بالفتحة. ولا: "الواو":
حالية، "لا": نافية. تدرون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون،
و"الواو": ضمير متصل في محل رفع فاعل. ما مصدرية. منّ: فعل
ماض مبني على الفتح. منعم: فاعل "منّ" مرفوع بالضمة،
والمصدر المؤول من "ما" والفعل "منّ" مفعول به للفعل
"تدرون".
وجملة "وكائن لنا": ابتدائية لا محل لها، أو بحسب ما
قبلها، وجملة "ولا تدرون": حالية محلها النصب. وجملة "منّ
منعم": صلة الموصول لا محل لها.
والشاهد فيه قوله: "كائن لنا فضلا" حيث جاء تمييز "كأين"
منصوبًا، وجاءت "كائن" مخففة عن "كأين".
1149- التخريج: البيت بلا نسبة في الدرر 4/ 51؛ وشرح
التصريح 2/ 281؛ وشرح شواهد المغني 22/ 513؛ والمقاصد
النحوية 4/ 495؛ وهمع الهوامع 1/ 255؛ ومغني اللبيب 1/
186.
شرح المفردات: اطرد: ابعد نفسك: اليأس: القنوط: حم: قدر. =
ج / 3 ص -340-
وتقول: "كأين من رجل لقيت"، ومنه:
{وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ
رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ}1،
{وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ
عَلَيْهَا}2، وتقول "رأيت كذا رجلا".
تنبيهات: الأول: توافق كل واحدة من "كأين" و"كذا" "كم" في
أمور، وتخالفها في أمور:
أما "كأين" فإنها توافق كم في خمسة؛ أمور، وتخالفها في
خمسة؛ فتوافقها في الإبهام، والافتقار إلى التمييز،
والبناء، ولزوم التصدير، وإفادة التكثير تارة وهو الغالب
والاستفهام أخرى وهو نادر، ولم يثبته إلا ابن قتيبة وابن
عصفور والمصنف، واستدل له بقول أبيّ بن كعب لابن مسعود:
"كأين تقرأ سورة الأحزاب آية" فقال: ثلاثًا وسبعين.
وتخالفها في أنها مركبة و"كم" بسيطة على الصحيح، وتركيبها
من كاف التشبيه و"أي" المنونة، ولهذا جاز الوقف عليها
بالنون؛ لأن التنوين لما دخل في التركيب أشبه النون
الأصلية، ولهذا رسم في المصحف نونًا ومن وقف بحذفه اعتبر
حكمه في الأصل وهو الحذف في الوقف، وفي أن مميزها مجرور
بـ"من" غالبًا، حتى زعم ابن عصفور لزوم ذلك، ويرده ما سبق،
وفي أنها لا تقع استفهامية عند الجمهور وقد مضى، وفي أنها
لا تقع مجرورة خلافًا لابن قتيبة، وابن عصفور أجاز "بكأين
تبيع هذا الثوب"، وفي أن مميزها لا يقع إلا مفردًا.
وأما "كذا" فتوافق كم في أربعة أمور، وتخالفها في أربعة؛
فتوافقها في البناء،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= المعنى: يقول: لا تستسلم لليأس، وكن متفائلا متدرعًا
بالأمل والرجاء، فكم من إنسان تبدلت أيامه من العسر إلى
اليسر.
الإعراب: "اطرد": فعل أمر مبني على السكون، وحرك بالكسر
منعًا من التقاء الساكنين، وفاعله ضمير مستتر تقديره:
"أنت". "اليأس": مفعول به منصوب. "بالرجاء": جار ومجرور
متعلقان بـ"اطرد". "فكائن": الفاء حرف استئناف، "كائن":
اسم مبني في محل رفع مبتدأ. "آلما": تمييز منصوب. "حم":
فعل ماض للمجهول. "يسره": نائب فاعل مرفوع، وهو مضاف،
والهاء ضمير في محل جر بالإضافة. "بعد": ظرف زمان منصوب،
متعلق بـ"حم"، وهو مضاف. "عسر": مضاف إليه مجرور بالكسرة.
وجملة: "اطرد" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة:
"كائن حم..." استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة
"حم..." في محل رفع خبر المبتدأ.
الشاهد فيه قوله: مجيء مميز "كائن" منصوبًا.
1 آل عمران: 146.
2 يوسف: 105.
ج / 3 ص -341-
والإبهام، والافتقار إلى المميز، وإفادة
التكثير. وتخالفها في أنها مركبة وتركيبها من كاف التشبيه
و"ذا" الإشارية، وأنها لا تلزم التصدير؛ فتقول: "قبضت كذا
وكذا درهمًا"؛ وأنها لا تستعمل غالبًا إلا معطوفًا عليها
كقوله "من الطويل":
1150-
عِدِ الْنَّفْسَ نُعْمَى بَعْدَ بُؤسَاكَ ذَا ذَاكِرا
كَذَا وَكَذَا لُطْفًَا بِهِ نُسِيَ الْجُهْدُ
وزعم ابن خروف أنهم لم يقولوا "كذا درهمًا" ولا "كذا كذا
درهمًا" بدون عطف، وذكر الناظم أن ذلك مسموع ولكنه قليل،
وعبارة التسهيل: وقل ورود كذا مفردًا ومكررًا بلا واو
وأنها يجب نصب تمييزها، فلا يجوز جره بـ"من" اتفاقًا، ولا
بالإضافة خلافًا للكوفيين فأنهم أجازوا في غير تكرار ولا
عطف أن يقال: كذا ثوب وكذا أثواب، قياسًا على العدد
الصريح، ولهذا قال فقهاؤهم: إنه يلزمه بقوله: "عندي كذا
درهم" مائة، وبقوله: "كذا دراهم" ثلاثة، وبقوله: "كذا كذا
درهمًا" أحد عشر، وبقوله: "كذا درهمًا" عشرون، وبقوله:
"كذا وكذا درهمًا" أحد وعشرون، حملا على المحقق من نظائرهن
من العدد الصريح، ووافقهم على هذه التفاصيل غير مسألتي
الإضافة المبرد والأخفش وابن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1150- التخريج: البيت بلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/
281؛ والدرر 4/ 54؛ وشرح شواهد المغني 2/ 514؛ والمقاصد
النحوية 4/ 497؛ وهمع الهوامع 1/ 256.
اللغة: عد النفس: أملها. النعمى: ضد بؤسى. الجهد: المشقة
والتعب.
المعنى: إن أصابك الشر والفقر، فأمل نفسك خيرًا، واذكر لطف
الله -جل وعز- بك ورحمته لك، تنس التعب والمشقة وما أنت
فيه.
الإعراب: عد: فعل أمر مبني على السكون، وحرك بالكسرة منعًا
لالتقاء الساكنين، و"الفاعل": ضمير مستتر تقديره: "أنت".
النفس: مفعول به منصوب بالفتحة. نعمى: مفعول به ثان منصوب
بفتحة مقدرة على الألف. بعد: مفعول فيه ظرف زمان منصوب
بالفتحة، متعلق بصفة لـ"نعمى". بؤساك: مضاف إليه مجرور
بكسرة مقدرة على الألف، و"الكاف": ضمير متصل في محل جر
مضاف إليه. ذاكرًا: حال منصوبة بالفتحة. كذا: اسم مبني على
السكون في محل نصب مفعول به لاسم الفاعل "ذاكرًا"،
و"الواو": للعطف، و"كذا": اسم معطوف على الأول في محل نصب
مثله. لطفًا: تمييز لـ"كذا" منصوب بالفتحة. به: جار ومجرور
متعلقان بـ"نسي". نسي: فعل ماض مبني للمجهول مبني على
الفتح الظاهر على الياء.
الجهد: نائب فاعل مرفوع بالضمة.
وجملة "عد النفس": ابتدائية لا محل لها. وجملة "نسي
الجهد": في محل نصب صفة لـ"لطفًا".
والشاهد فيه قوله: "ذاكرًا كذا وكذا لطفًا" حيث جاءت "كذا"
اسمًا مركبًا مكنيا بها عن العدد، وجاء تمييزها "لطفًا"
منصوبًا، كمنا جاءت مكررة.
ج / 3 ص -342-
كيسان والسيرافي وابن عصفور، ووهم ابن
السيد فنقل اتفاق النحويين على إجازة ما أجازه المبرد ومن
ذكر معه، وعبارة التسهيل: وكنى بعضهم بالمفرد المميز بجمع
عن "ثلاثة" وبابه، وبالمفرد المميز بمفرد عن "مائة" وبابه،
وبالمكرر دون عطف عن "أحد عشر" وبابه، وبالمكرر مع عطف عن
"أحد وعشرين" وبابه.
الثاني: قد بان لك أن قوله: "أو به صِل مِن تُصِبْ" راجع
إلى تمييز "كأين" دون "كذا"؛ فلو قال:
ككم كأين وكذا ونصبا
وقيل كائن بعده من وجبا
لكان أحسن من أوجه؛ أحدها: التنصيص على الخلف السابق،
ثانيها: التنبيه على اختصاص "كأين" بـ"من" دون "كذا"،
ثالثها: إفهام أن وجود "من" بعد "كأين" أكثر من عدمها
لجريان خلف في وجوبها، رابعها: إفادة أن "كائن" لغة في
"كأين" وفيها خمس لغات أفصحها "كأين" وبها قرأ السبعة إلا
ابن كثير، ويليها "كائن" على وزن "كاعن" وبها قرأ ابن كثير
وهي أكثر في الشعر من الأولى وإن كانت الأولى هي الأصل،
ومنه البيتان السابقان، وقوله "من الوافر":
1151-
وَكَائِنْ بِالأبَاطِحِ مِنْ صَدِيْقٍ
يَرَانِي لَوْ أُصِبْتُ هُوَ الْمُصَابَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1151- التخريج: البيت لجرير في خزانة الأدب 5/ 397، 401؛
والدرر 1/ 224؛ وشرح شواهد الإيضاح ص200؛ وشرح شواهد
المغني ص875؛ ولم أجده في ديوانه، وهو بلا نسبة في أمالي
ابن الحاجب ص662؛ وخزانة الأدب 4/ 53، 5/ 139؛ ورصف
المباني ص130؛ وشرح المفصل 3/ 110، 4/ 135؛ وهمع الهوامع
1/ 68، 256، 2/ 76.
اللغة: الأباطح: ج أبطح، هو السيل كثير الرمل والحصى
مائله.
المعنى: كم رجل على هذه الأرض يرى في مصابي مصابًا له،
فالذين يعرفوني كثر.
الإعراب: وكائن: "الواو": حسب ما قبلها، "كائن": اسم تكثير
بمعنى "كم" مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. بالأباطح:
جار ومجرور متعلقان بحال محذوفة. من صديق: "من": حرف جر
زائد، "صديق": اسم مجرور لفظًا منصوب محلا على أنه تمييز
لـ"كائن". يراني: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على
الألف للتعذر، و"النون": للوقاية، و"الياء": ضمير متصل في
محل نصب مفعول به، و"الفاعل": ضمير مستتر جوازًا تقديره
هو. لو: حرف امتناع لامتناع. أصبت: فعل ماض مبني للمجهول
مبني على السكون، و"التاء": ضمير متصل في محل رفع نائب
فاعل. هو: ضمير منفصل لا محل له من الإعراب. المصابا:
مفعول به ثان منصوب بالفتحة، و"الألف": للإطلاق.
وجملة "وكائن بالأباطح.. يراني": ابتدائية لا محل لها.
وجملة "يراني": في محل رفع خبر. وجملة =
ج / 3 ص -343-
والثالثة: كأين مثل كعين، وبها قرأ الأعمش
وابن محيصن، والرابعة: كيئن بوزن كيعِن، والخامسة: "كأن"
على وزن "كعن"، وسبب تلعبهم بهذه الكلمة كثرة الاستعمال.
الثالث: تأتي "كذا" هذه -أعني المركبة- كناية عن غير العدد
وهو الحديث، مفردة ومعطوفة، ويكنى بها عن المعرفة والنكرة،
ومنه الحديث "يقال للعبد يوم القيامة: أتذكر يوم كذا
وكذا"، وتكون "كذا" أيضًا كلمتين على أصلهما -وهما كاف
التشبيه و"ذا" الإشارية- نحو: "رأيت زيدًا فاضلا وعمرًا
كذا"، ومنه قوله "من مجزوء الوافر":
1152-
وَأَسْلَمَنِي الزَّمَانُ كَذَا
فَلاَ طَرَبٌ وَلاَ أُنْسُ
وتدخل عليها ها التنبيه نحو:
{أَهَكَذَا عَرْشُكِ}1.
خاتمة: يكنى عن الحديث أيضًا بـ"كَيت وكيت" و"ذَيت وذيت"،
بفتح التاء وكسرها، والفتح أشهر، وهما مخففتان من "كية"
و"ذية"، وقالوا على الأصل: "كان من الأمر كية وكية وذية
وذية"، وليس فيهما حينئذٍ إلا البناء على الفتح، ولا يقال:
"كان من الأمر كيت"، بل لا بد من تكررها، وكذلك "ذيت"؛
لأنها كناية عن الحديث، والتكرير مشعر بالطول.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= "لو أصبت": اعتراضية لا محل لها. وجملة "أصبت": فعل شرط
لا محل لها.
والشاهد فيه قوله: "وكائن بالأباطح" حيث استخدم الشاعر
"كائن" دون "كأين"، وهذا من الكثير.
1152- التخريج: البيت بلا نسبة في شواهج المغني 2/ 514.
اللغة: أسلمني: تركني دون حماية، خذلني ولم ينصرني.
المعنى: لقد خذلني الزمان، وأبقاني كما ترون بلا طرب ولا
رفيق أنيس.
الإعراب: وأسلمني: "الواو": بحسب ما قبلها، "أسلم": فعل
ماض مبني على الفتح، و"النون": للوقاية، و"الياء": ضمير
متصل في محل نصب مفعول به. الزمان: فاعل مرفوع بالضمة.
كذا: كناية منصوبة المحل على الحالية، والمعنى أسلمني
الزمان وحيدًا، أو منفردًا، ويمكن أن تكون الكاف اسما
بمعنى "مثل" مبني على الفتح في محل نصب مفعول مطلق للفعل
"أسلمني". و"ذا": اسم إشارة في محل جر بالإضافة. فلا:
"الفاء": للاستئناف، "لا": نافية. طرب: مبتدأ مرفوع
بالضمة، خبره محذوف بتقدير "فلا طرب موجود". ولا: "الواو":
للعطف، "لا": نافية. أنس: معطوف على "طرب" مرفوع مثله
بالضمة.
وجملة "أسلمني": بحسب ما قبلها. وجملة "فلا طرب":
استئنافية لا محل لها.
والشاهد فيه قوله: "أسلمني الزمان كذا" حيث جاءت "كذا"
مركبة من "كاف" الجر والتشبيه، و"ذا" الإشارية.
1 النمل: 42. |