شرح الأشموني على ألفية ابن مالك

ج / 3 ص -367-        كيفِية تَثنيةِ المَقصورِ والمَمدودِ وجَمعهما تَصْحيحًا:
إنما اقتصر عليهما لوضوح تثنية غيرهما وجمعه.
778-

آخر مقصور تثني اجعله يا                          إن كان عن ثلاثة مرتقيا

779-

كذا الذي اليا أصله نحو الفتى                      والجامد الذي أميل كمتى

780-

في غير ذا تقلب واوا الألف                        وأولها ما كان قبل قد ألف

 

"آخِرَ مَقصورٍ تُثَنِّي اجْعَلْهُ يَا                        إنْ كَانَ عَنْ ثَلاثَةٍ مُرْتَقَبَا"

ياء كان أصله أو واوًا، رابعًا كان نحو: حبلى ومعطى، أو خامسًا نحو: مصطفى وحبارى، أو سادسًا نحو: مستدعى وقبعثرى، تقول: جبليان ومعطيان، ومصطفيان وحباريان، ومستدعيان وقبعثريان، وشذ من الرباعي قولهم لطرفى الألية: مذروان، والأصل مذريان لأنه تثنية مذرى في التقدير، ومن الخماسي قولهم: قهقران وخوزلان بالحذف في تثنية قهقرى وخوزلى.
"كَذَا الَّذِي اليَا أَصلهُ" أي أصل ألفه "نحو الفتَى" قال تعالى:
{وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ}1، وشذ قولهم في حمى: "حموان" بالواو. "والجامِدُ الذي أُمِيلَ كَمتى" وبلى إذا سمي بهما؛ فإنك تقول في تثنيتهما: متيانِ وبليانِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 يوسف: 36.

 

ج / 3 ص -368-        و"في غيرِ ذَا" المذكور أنه تقلب ألفه ياء "تُقلَبُ واوًا الألِفْ" وذلك شيئان:
الأول: أن تكون ألفه ثالثة بدلا من واو نحو: عصا وقفا ومنا لغة في المن الذي يوزن به فتقول عصوان وقفوان ومنوان، قال "من الوافر":
1164-

وَقَدْ أَعْدَدتُ لِلْعُذَّالِ عِنْدِي                       عَصا فِي رَأسِهَا مَنَوا حَدِيْدِ

وشذ قولهم في رضا رضيان بالياء مع أنه من الرضوان.
والثاني: أن تكون غير مبدلة ولم تمل نحو: "ألا" الاستفتاحية و"إذا"، تقول إذا سميت بهما ألوان وإذوان.
تنبيهان: الأول: في الألف التي ليست مبدلة وهي الأصلية، والمراد بها ما كانت في حرف أو شبهه، والمجهولة الأصل ثلاثة مذاهب: الأول وهو المشهور أن يعتبر حالهما بالإمالة، فإن أميلا ثنيا بالياء، وإن لم يمالا فبالواو، وهذا مذهب سيبويه وبه جزم هنا.
والثاني: إن أميلا أو قلبا ياء في موضع ما ثنيا بالياء، وإلا فبالواو، وهذا اختيار ابن عصفور، وبه جزم في الكافية، فعلى هذا يثنى "على" وإلى و"لدى" بالياء لانقلاب ألفهنّ ياء مع الضمير، وعلى الأول يثنين بالواو، والقولان عن الأخفش، والثالث الألف الأصلية والمجهولة يقلبان ياء مطلقًا.
الثاني: قد يكون للألف أصلان باعتبار لغتين؛ فيجوز فيها وجهان كرحى فإنها يائية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1164- التخريج: البيت بلا نسبة في شرح التصريح 2/ 295.
شرح المفردات: أعددت: هيأت. العذال: ج العاذل وهو اللائم. منوا: مثنى "منا"، وهو مكيال يساوي رطلين.
الإعراب: "وقد": الواو بحسب ما قبلها، "قد": حرف تحقيق. "أعددت": فعل ماض، والتاء ضمير في محل رفع فاعل. "للعذال": جار ومجرور متعلقان بـ"أعددت". "عندي": ظرف مكان متعلق بـ"أعددت"، وهو مضاف، والياء ضمير في محل جر بالإضافة. "عصا": مفعول به منصوب. "في رأسها": جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، وهو مضاف، و"ها" ضمير في محل جر بالإضافة. "منوا": مبتدأ مرفوع بالألف لأنه مثنى، وهو مضاف. "حديد" مضاف إليه مجرور بالكسرة.
وجملة "أعددت" بحسب ما قبلها. وجملة: "في رأسها منوا حديد" في محل نصب نعت "عصا".
الشاهد: قوله: "منوا"، مثنى "منا" حيث قلبت الألف واوا.

 

ج / 3 ص -369-        في لغة من قال: رحيت، وواوية في لغة من قال: رحوت، فلمن ثناها أن يقول: رحيان ورحوان، والياء أكثر1
"وأَوْلِها مَا كانَ قَبْلُ قَدْ أُلِفْ" أي أول الواو المنقلبة إليها الألف ما ألف في غير هذا من علامة التثنية المذكورة في باب الإعراب.
781-

وما كصحراء بواو ثنيا                            ونحو علباء كساء وحيا

782-

بواو أو همز وغير ما ذكر                     صحح وما شذ على نقل قصر

"وما كصَحْرَاءَ" مما همزته بدل من ألف التأنيث "بِواوٍ ثُنِّيا" نحو: صحراوان وحمراوان بقلب الهمزة واوًا. وزعم السيرافي أنه إذا كان قبل ألفه واو يجب تصحيح الهمزة لئلا يجتمع واوان ليس بينهما إلا الألف، فتقول في عشواء: عشواءان بالهمز، ولا يجوز عشواوان، وجوّز الكوفيون في ذلك الوجهين، وشذ حمرايان بقلب الهمزة ياء، وحمراءان بالتصحيح، كما شذ قاصعان وعاشوران في قاصعاء وعاشوراء بحذف الهمزة والألف معًا، والجيد الجاري على القياس قاصعاوان وعاشوراوان.
"ونحو علباء" وقوباء مما همزته بدل من حرف الإلحاق -والعلباء عصبة العنق- وهما علباوان بينهما منبت العرف، والقوباء داء معروف ينتشر ويتسع ويعالج بالربق، وأصلهما علباي وقوباي بياء زائدة لتلحقهما بقرطاس وقرناس، ونحو: "كِساء" مما همزته بدل من أصل هو واو؛ إذ أصله كساو "وَ" نحو: "حَيَا" مما همزته بدل من أصل هو ياء؛ إذ أصله حَيَاي، يثنى "بِواوٍ أوْ هَمْزٍ" فتقول: علباوان وكساوان وحياوان، وعلباءان وكساءان وحياءان، نعم، الأرجح في الأول الإعلال، وفي الأخيرين التصحيح، هكذا ذكره المصنف وفاقًا لبعضهم، نص سيبويه والأخفش -وتبعهما الجزولي- على أن التصحيح مطلقًا أحسن، إلا أن سيبويه ذكر أن القلب في التي للإلحاق أكثر منه في المنقلبة عن أصل، مع

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ومنه قول المهلهل "من الوافر":

كأنا غدوة وبني أبينا                           بجنب عنيزة رحيا مدير

"أدب الكاتب ص257؛ وجمهرة اللغة ص642؛ وخزانة الأدب 8/ 327؛ ولسان العرب 14/ 312 "رحا"".

 

ج / 3 ص -370-        اشتراكهما في القلة، وشذ كسايان بقلب الهمزة ياء، كما شذ ثنايان لطرفي العقال، قالوا: عقل بعيره بثنايين، والقياس بثناوين أو بثناءين، لأنه تثنية ثناء على وزن كساء تقديرًا.
"وغيرَ ما ذُكِرْ" من المهموز وهو ما همزته أصلية أي غير مبدلة من نحو: قرّاء ووضّاء "صَحِّحْ" في التثنية فتقول قراءان ووضاءان، والقراء: الناسك، والوضاء: الوضيء، وشذ قراوان بقلب الهمزة الأصلية واوًا.
"وما شَذَّ" في تثنية المقصور والممدود مما تقدم التنبيه عليه في مواضعه "عَلَى نقلٍ قُصِرْ" فلا يقاس عليه.
تنبيه: جملة ما شذ من المقصور ثلاثة أشياء:
الأول: قولهم مذروان والقياس مذريان كما تقدم، وعلة تصحيحه أنه لم يستعمل إلا مثنى، فلما لزمته التثنية صارت الواو كأنها من حشو الكلمة، ومثله في الممدود ثنايان، قال: في التسهيل: وصححوا مذروين وثنايين تصحيح شَقاوة وسِقْاية للزوم على التثنية والتأنيث، يعني أنه لم ينطق بمذروين وثنايين إلا مثنى، ولم ينطق بشقاوة وسقاية إلا بتاء التأنيث، فلما بنيت الكلمة على ذلك قويت الواو والياء لكونهما حشوا، وبعدا عن التطرف فلم يعلا لكن حكى أبو عبيد عن أبي عمرو: مذرى مفردًا، وحكي عن أبي عبيدة: مذرى ومذريان على القياس.
الثاني: خوزلان وقهقران، وقاس عليه الكوفيون.
الثالث: رضيان، وقاس عليه الكسائي، فأجاز تثنية رضى وعلا من ذوات الواو المكسور الأول والمضمومة بالياء.
والذي شذ من الممدود خمسة أشياء:
الأول: حمراءان بالتصحيح، حكى ابن النحاس أن الكوفيين أجازوه.
والثاني: حمرايان بالياء وحكى بعضهم أنها لغة فزارة.
والثالث: نحو قاصعان بحذف الهمزة والألف وقاس عليه الكوفيون.
والرابع: كسايان وقاس عليه الكسائي ونقله أبو زيد عن لغة فزارة.
والخامس: قراوان بقلب الألف الأصلية واوًا، وفي كلام بعضهم ما يقتضي أنه لم يسمع.

 

ج / 3 ص -371-        783-

واحذف من المقصور في جمع على                      حد المثنى ما به تكملا

784-

والفتح أبق معشرا بما حذف                             وإن جمعته بتاء وألف

785-

فالألف اقلب قلبها في التثنيه                        وتاء ذي التا ألزمن تنحيه

 

"واحْذِفْ مِنَ المقصورِ في جمعٍ عَلَى                     حَدِّ المُثَنَّى ما بهِ تَكَمَّلاَ"

يعني إذا جمعت المقصور الجمع الذي على حد المثنى -وهو جمع المذكر السالم- حذفت ما تكمل به -وهو الألف- لالتقاء الساكنين "والفتحَ" أي الذي قبل الألف المحذوفة "أَبْقِ مُشْعِرا بِمَا حُذِفْ" وهو الألف نحو: {وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ} {وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ}2.
تنبيهات: الأول: أفهم إطلاقه أنه لا فرق فيما ذكره بين ما ألفه زائدة وما ألفه غير زائدة، وهذا مذهب البصريين، وأما الكوفيون فنقل عنهم أنهم أجازوا ضم ما قبل الواو وكسر ما قبل الياء مطلقًا، ونقله المصنف عنهم في ذي الألف الزائدة نحو: حبلى مسمى به، قال في شرح التسهيل: فإن كان أعجميًا نحو: عيسى أجازوا فيه الوجهين لاحتمال الزيادة وعدمها.
الثاني إنما يذكر حكم الممدود إذا جمع هذا الجمع إحالة على ما علم في التثنية فإن الحكم فيهما فيه على السواء، فتقول في وُضّاء وُضّاءون بالتصحيح، وفي حمراء علمًا لمذكر حمراوون بالواو، ويجوز الوجهان في نحو: علباء وكساء علمي مذكر.
الثالث: كان ينبغي أن ينبه على أن ياء المنقوص تحذف في هذا الجمع وكسرُها3، فيضم ما قبل الواو ويكسر ما قبل الياء، نحو: جاء القاضون ورأيت القاضين.
"وإنْ جَمعتَهُ" أي المقصور "بِتَاءٍ وألِف فَالألِفَ اقْلِبْ قَلبهَا في التثنية" الألف مفعول به لـ"اقلب" مقدمًا، و"قلبها" نصب على المصدرية، يعني أن المقصور إذا جمع بالألف والتاء قلبت ألفه مثل قلبها إذا ثني، فتقول حبليات، ومصطفيات، ومستدعيات،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 آل عمران: 139، ومحمد: 35.
2 ص: 47.
3 قال محيي الدين عبد الحميد: "وكسرها: يجوز أن يقرا بالضم عطفًا على الضمير المستتر في "تحذف" وبالنصب على أنه مفعول معه، وبالجر عطفًا على المصدر المنسبك من أن ومعمولها، وعلى كل حال فالعبارة غير مستقيمة؛ لأن المكسور هو ما قبل الياء، لا الياء نفسها".

 

ج / 3 ص -372-        وفَتَيَات، ومَتَيَات في جمع "متى" مسمى بها أنثى بالياء، وتقول: في جمع "عصا" و"ألا" و"إذا" مسمى بهن إناث: عَصَوات وأَلَوات وإذَوات بالواو؛ لما عرفت في المثنى.
تنبيه: حكم الممدود والمنقوص إذا جمع هذا الجمع كحكمهما إذا ثنيا أيضا، فلم يذكرهما إحالة على ذلك، وإنما ذكر المقصور وإن كان كذلك لاختلاف حكمه في جمعي التصحيح كما عرفت.
"وتاء ذي التا ألزمن تنحيه" "تاء": مفعول أول بـ"ألزمن"، و"تنحيه": مفعول ثان، أي ما آخره تاء من المقصور وغيره تحذف تاؤه عند جمعه هذا الجمع، لئلا يجمع بين علامتي تأنيث، ويعامل الاسم بعد حذفها معاملة العاري منها؛ فتقول في مُسْلمة: مُسلمات، وإذا كان قبلها ألف قلبت على حد قلبها في التثنية، فتقول في فتاة: فتيات، وفي قناة: قنوات، وفي معطاة: معطيات، وإذا كان قبلها همزة تلي ألفا زائدة صححت إن كانت أصلية، نحو: "قُرّاءة وقُرّاءات"، وجاز فيها القلب والتصحيح إن كانت بدلا من أصل، نحو: نباءة، فيقال: نباءات ونباوات كما في التثنية.
786-

والسالم العين الثلاثي اسما أنل                      إتباع عين فاءه بما شكل

787-

إن ساكن العين مؤنثا بدا                            مختتما بالتاء أو مجردا

788-

وسكن التالي غير الفتح أو                       خففه بالفتح فكلا قد رووا

 

"والسالم العين الثلاثي اسما أنل                    إتباع عين فاءه بما شكل"

"إن ساكن العين مؤنثا بدا" يعني أن ما جمع بالألف والتاء وحاز هذه الشروط المذكورة تتبع عينه فاءه في الحركة مطلقا.
والشروط المذكورة خمسة:
الأول: أن يكون سالم العين، واحترز به عن شيئين؛ أحدهما: المشددة، نحو: جَنّة وجِنّة وجُنّة؛ فليس فيه إلا التسكين، والآخرُ: ما عينه حرف علة، وهو ضربان: ضرب قبل حرف العلة فيه حركة مجانسة، نحو: تارة ودولة وديمة؛ فهذا يبقى على حاله، وضرب قبل حرف العلة فيه فتحة، نحو: جوزة وبيضة، وهذا فيه لغتان: لغة هذيل فيه الإتباع، ولغة غيرهم الإسكان، وسيأتي ذكره.

 

ج / 3 ص -373-        الثاني: أن يكون ثلاثيًا، واحترز به من الرباعي نحو: جعفر وخرنق وفستق أعلامًا لإناث فإنه يبقى على حاله.
الثالث: أن يكون اسمًا واحترز به من الصفة نحو: ضخمة وجلفة وحلوة فليس فيه إلا التسكين.
الرابع: أن يكون ساكن العين، واحترز به من متحركها نحو: شجرَة ونبِقة وسمُرة؛ فإنه لا يغير، نعم يجوز الإسكان في نحو: نبقات وسمرات كما كان جائزًا في المفرد، لا أن ذاك حكم تجدد حالة الجمع.
الخامس: أن يكون مؤنثًا، واحترز به من المذكر، نحو: بكر؛ فإنه لا يجمع هذا الجمع، فلا يكون فيه الإتباع المذكور.
ولا يشترط للإتباع المذكور أن يكون فيه تاء التأنيث كما أشار إلى ذلك بقوله: "مُختَتِمًا بالتاءِ أوْ مُجرَّدًا" فمثال المستكمل للشروط المذكورة مختتمًا بالتاء: جفنة وسدرة.
الثاني: فهم من كلامه جواز الإسكان والفتح، في نحو:
789-

ومنعوا إتباع نحو ذروه                           وزبية وشد كسر جروه

"ذروة وزبية" إذ لم يتعرض لمنع غير الإتباع، وبه صرّح في شرح الكافية.
الثالث: فهم منه أيضًا جواز اللغات الثلاث في نحو: خطوة ولحية، ومنع بعض البصريين الإتباع في نحو: لحية؛ لأن فيه توالي كسرتين قبل الياء، وعليه مشى في التسهيل، ومنع الفراء إتباع الكسرة مطلقًا فيما لم يسمع، والصحيح الجواز مطلقًا. قال ابن عصفور: كما لم يحفلوا باجتماع ضمتين والواو كذلك لم يحفلوا باجتماع كسرتين والياء.
790-

"ونَادِرٌ أوْ ذُو اضْطِرَارٍ غَيْرُ مَا                          قَدَّمْتُهُ أوْ لأُنَاس انتمَى"

أي: ما ورد من هذا الباب مخالفًا لما تقدم فهو إما نادر وإما ضرورة وإما لغة قوم من العرب.

ج / 3 ص -374-        فمن النادر قول بعضهم: كَهَلات بالفتح، حكاه أبو حاتم، وقياسه الإسكان لأنه صفة ولا يقاس عليه خلافًا لقطرب، ولا حجة في قولهم لَجَبات ورَبَعات في جمع لجبة وربْعة لأن من العرب من يقول لجبة وربعة فاستغني بجمع المفتوح عن جمع الساكن.
ومن النادر أيضًا قول جميع العرب "عِيَرات" بكسر العين وفتح الياء جمع "عير"، وهي الإبل التي تحمل الميرة، والعير مؤنثه، وذهب المبرد والزجاج إلى أنه عَيرات بفتح العين، قال: المبرد: جمع عير وهو الحمار، وقال: الزجاج: جمع عير الذي في الكتف أو القدم وهو مؤنث، ومنه أيضًا جِرَوات كما تقدم.
ومن الضرورة قوله "من الطويل":
1165-

وحمِّلْتُ زَفْرَاتِ الضُّحَى فَأطَقْتُهَا                   وَمَا لِي بزَفْرَاتِ العَشيِّ يَدَانِ

وقول الراجز:

فَتَسْتَرِيحُ النَّفْسُ مِنْ زَفْرَاتِهَا1

وقياسه الفتح.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1165- التخريج: البيت لعروة بن حزام في خزانة الأدب 3/ 380؛ والدرر 1/ 86؛ ولأعرابي من بني عذرة في شرح التصريح 2/ 298؛ والمقاصد النحوية 4/ 519؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص634؛ وهمع الهوامع 1/ 24.
شرح المفرادت: حملت: كلفت. الزفرات: ج الزفرة، وهي خروج النفس ممتدًا من أنين.
 الضحى: وقت ارتفاع الشمس. أطقتها: تحملتها. ما لي يدان: كناية عن عجزه.
الإعراب: "وحملت": الواو بحسب ما قبلها، "حملت": فعل ماض للمجهول، والتاء ضمير في محل رفع نائب فاعل. "زفرات": مفعول به ثان منصوب بالكسرة لأنه جمع مؤنث سالم، وهو مضاف.
"الضحى": مضاف إليه مجرور. "فأطقتها": الفاء حرف عطف، "أطقتها": فعل ماض، والتاء ضمير في محل رفع فاعل، و"ها": ضمير في محل نصب مفعول به. "وما": الواو حرف استئناف، "ما": حرف نفي. "لي": جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. "بزفرات": جار ومجرور متعلقان بـ"يدان" لتضمنها معنى "قدرة"، وهو مضاف. "العشي": مضاف إليه مجرور. "يدان": مبتدأ مؤخر مرفوع بالألف لأنه مثنى.
وجملة: "حملت": بحسب ما قبلها. و جملة: "أطقتها": معطوفة على الجملة السابقة فهي مثلها لا محل لها من الإعراب. وجملة: "ما لي بزفرات العشي يدان" استئنافية لا محل لها من الإعراب.
الشاهد فيه قوله: "زفرات" مرتين، بتسكين الفاء، والقياس فتحها، وقد سكنها الشاعر للضرورة الشعرية.
1 تقدم بالرقم 1040.

 

ج / 3 ص -375-        ومن المنتمي إلى قوم من العرب الإتباع في نحو: بيضة وجوزة من المعتل العين؛ فإنها لغة هذيل، ومنه قول شاعرهم "من الطويل":
1166-

أَخُو بَيَضَاتٍ رَائِحٌ مُتَأوِّبُ                  "رفيق بمسح المنكبين سبوح"

وبلغتهم قرئ: "ثَلاثُ عَوَرَاتٍ لَكُمْ"1، ومن المنتمي إلى قوم أيضًا ظبيات وأهْلات بإسكان العين كما تقدم.
خاتمة: يتم في التثنية والجمع بالألف والتاء من المحذوف اللام ما يتم في الإضافة، وذلك نحو: قاض وشج وأب وأخ وحم وهن من الأسماء الستة؛ تقول: قاضيان وشجيان وأبوان وأخوان وحموان وهنوان، كما تقول هذا قاضيك وشجيك وأبوك وأخوك وحموك وهنوك، وشذ أبان وأخان، وما لا يتم في الإضافة لا يتم في التثنية، وذلك نحو: اسم وابن ويد ودم وحر وغد وفم، فتقول: اسمان وابنان ويدان ودمان وحران وغدان وفمان، كما تقول: اسمك وابنك ويدك ودمك وحرك وغدك وفمك، وشذ فموان وفميان، وأما قوله: "من الكامل":
1167-

يَديَان بَيْضَاوَانِ عِنْدَ مُحَلِّمٍ                   "قد تمنعانك أن تضام وتضهدا"


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1166- التخريج: البيت لأحد الهذليين في الدرر 1/ 85؛ وشرح التصريح 2/ 299؛ وشرح المفصل 5/ 30؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص355؛ وخزانة الأدب 8/ 102، 104؛ والخصائص 3/ 184؛ وسر صناعة الإعراب ص778؛ وشرح الشافية ص132؛ ولسان العرب 7/ 125 "بيض"؛ والمحتسب 1/ 85؛ والمنصف 1/ 343؛ وهمع الهوامع 1/ 23.
شرح المفردات: بيضات: ج بيضة. رائح: عائد في العشي. متأوب: عائد في أول الليل. مسح المنكبين: تحريك اليدين. السبوح: الحسن الجري.
المعنى: يشبه الشاعر سير مطيته بطائر يعود بسرعة إلى احتضان بيضه عند العشاء.
الإعراب: "أخو": خبر لمبتدأ محذوف مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الستة، تقديره: "هو"، وهو مضاف. "بيضات": مضاف إليه مجرور. "رائح": نعت "أخو"، أو خبر ثان للمتبدأ مرفوع. "متأوب": نعت "أخو" أو خبر للمبتدأ. "رفيق": نعت "أخو" أو خبر. "بمسح": جار ومجرور متعلقان بـ"رفيق"، وهو مضاف. "المنكبين": مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنى. "سبوح": نعت "أخو": أو خبر المبتدأ.
الشاهد فيه قوله: "بيضات" حيث فتح العين فيها على لغة هذيل التي تفتح العين في جمع "فعله" صحيحًا كان أو معتلا، والقياس التسكين في المعتل.
1 النور: 58.
1167- التخريج: البيت بلا نسبة في خزانة الأدب 7/ 476، 485، وشرح شواهد الشافية =

 

ج / 3 ص -376-        وقوله "من الوافر":
1168-

"فلو أنا على حجر ذبحنا"                      جرى الدميان بالخبر اليقين


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= ص13؛ وشرح المفصل 5/ 83، 6/ 5، 10/ 56؛ ولسان العرب 15/ 420 "يدي"؛ والمقرب 2/ 42؛ والمنصف 1/ 64، 2/ 148.
اللغة: له يد بيضاء: أي حاذق أو كريم. تضام: تذل وتظلم. تضهد: تقهر وتذل.
المعنى: يقول: العمل الخير عند إنسان عاقل يمنعه من أن يكون ذليلا.
الإعراب: يديان: مبتدأ مرفوع بالألف لأنه مثنى. بيضاوان: نعت "يديان" مرفوع بالألف لأنه مثنى.
 عند: ظرف مكان متعلق بصفة ثانية لـ"يديان"، وهو مضاف. محلم: مضاف إليه مجرور بالكسرة. قد: حرف تحقيق. تمنعانك: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون، و"الألف": ضمير في محل رفع فاعل، و"الكاف": ضمير في محل نصب مفعول به، أن: حرف نصب ومصدري. تضام: فعل مضارع للمجهول منصوب، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: "أنت". وتضهدا: "الواو": حرف عطف، "تضهد": معطوف على "تضام"، و"الألف": للإطلاق.
وجملة "يديان بيضاوان قد تمنعانك": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "قد تمنعانك": في محل رفع خبر المبتدأ. والمصدر المؤول من "أن تضام": في محل نصب مفعول به. والمصدر المؤول من "أن تضهدا": معطوف على سابقه. وجملة "تضام": صلة الموصول لا محل لها، وعطف عليها جملة "تضهد".
الشاهد فيه قوله: "يديان": حيث أعاد إليه الحرف المحذوف عند التثنية وهذا شاذ، أو ضرورة والقياس "يدان".
1168- التخريج: البيت للمثقب العبدي في ملحق ديوانه ص283؛ والأزهية ص141؛ والمقاصد النحوية 1/ 192؛ ولعلي بن بدال في أمالي الزجاجي ص20؛ وخزانة الأدب 1/ 267؛ وشرح شواهد الشافية ص112؛ وللمثقب أو لعلي بن بدال في خزانة الأدب 7/ 482، 485، 488؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص686، 1307؛ ورصف المباني ص242؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 395؛ وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 64؛ وشرح شواهد الإيضاح ص281؛ وشرح لمفصل 4/ 151، 152، 5/ 84، 6/ 5، 9/ 24؛ ولسان العرب 17/ 21 "أخا"؛ 268 "دمي"؛ والمقتضب 1/ 23، 238.
المعنى: كانت العرب تعتقد أن دماء العدوين تسيل كل في جهة حتى لو ذبحا على حجر واحد، وهو هنا يشير إلى هذا الاعتقاد. لو أننا ذبحنا على حجر لسار دمي بعيدًا عن دمك مخبرًا عن عدواتنا.
الإعراب: "فلو": "الفاء": بحسب ما قبلها، "لو": حرف شرط غير جازم. "أنا": "أن": حرف مشبه بالفعل، "نا": ضمير متصل في محل نصب اسمها. "على حجر": جار ومجرور متعلقان بـ"ذبحنا" "ذبحنا": فعل ماض مبني للمجهول على السكون، و"نا": ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل.
"جرى": فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف. "الدميان": فاعل "جرى" مرفوع بالألف لأنه مثنى. "بالخبر": جار ومجرور متعلقان بـ"جرى". "اليقين": صفة مجرورة بالكسرة. =

 

ج / 3 ص -377-        فضرورة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= وجملة "لو أنا": بحسب ما قبلها. وجملة "ذبحنا": في محل رفع خبر "إن". وجملة "جرى الدميان": جواب شرط غير جازم لا محل لها.
والشاهد فيه قوله: "الدميان" حيث أعاد إليه الحرف المحذوف وهذا شاذ، أو ضرورة والقياس "دمان".

 

ج / 3 ص -378-        جَمعُ التكسيرِ:
جمع التكسير: هو الاسم الدال على أكثر من اثنين بصورة تغيير لصيغة واحدة لفظًا أو تقديرًا.
وقسم المصنف التغيير الظاهر إلى ستة أقسام؛ لأنه إما بزيادة كصنو وصنوان، أو بنقص كتخمة وتخم، أو تبديل شكل كأسد وأسد، أو بزيادة وتبديل شكل كرجل ورجال، أو بنقص وتبديل شكل كقضيب وقضب، أو بهن كغلام وغلمان.
وإنما قلت "بصورة تغيير" لأن صيغة الواحد لا تتغير حقيقة؛ لأن الحركات التي في الجمع غير الحركات التي في المفرد.
والتغيير المقدر في نحو: فلك ودلاص وهجان وشمال للخلقة، قيل: ولم يرد غير هذه الأربعة، وذكر في شرح الكافية من ذلك عفتان وهو القوي الجافي، فهذه الألفاظ الخمسة1 على صيغة واحدة في المفرد والمجموع، ومذهب سيبويه أنها جموع تكسير فيقدر زوال حركات المفرد وتبدلها بحركات مشعرة بالجمع، ففلك إذا كان مفردًا كقفل وإذا كان جمعًا كبدن، وعفتان إذا كان مفردًا كسرحان، وإذا كان جمعًا كغلمان وكذا باقيها، ودعاه إلى ذلك أنهم ثنوها فقالوا: فلكان ودلاصان، فعلم أنهم لم يقصدوا بها ما قصدوا بنحو: جنب مما اشترك فيه الواحد وغيره حين قالوا: هذا جنب، وهذان جنب،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 زاد بعضهم على هذه الخمسة لفظ "كناز" في قولهم: "ناقة كناز": و"نوق كناز"؛ وزاد بعضهم أيضًا لفظ "إمام" في قولهم: "هذا إمام"، و"هؤلاء إمام".

 

ج / 3 ص -379-        وهؤلاء جنب؛ فالفارق عنده بين ما يقدر تغييره وما لا يقدر تغييره وجود التثنية وعدمها، وعلى هذا مشى المصنف في شرح الكافية، وخالفه في التسهيل فقال: والأصح كونه -يعني باب فلك- اسم جمع مستغنيًا عن تقدير التغيير.
تنبيه: لا يرد على التعريف المذكور نحو: جفنات ومصطفين؛ فإن التغيير فيهما لا دخل له في الدلالة على الجمعية، فإن تقدير عدمه لا يخل بالجمعية.
واعلم أن جمع التكسير على نوعين: جمع قلة وجمع كثرة، فمدلول جمع القلة بطريق الحقيقة ثلاثة إلى عشرة، ومدلول جمع الكثرة بطريق الحقيقة ما فوق العشرة إلى ما لا نهاية له ويستعمل كل منهما موضع الآخر مجازًا كما سيأتي، وللأول أربعة أبنية، وللثاني ثلاثة وعشرون بناء، وقد بدأ بالأول فقال:
791-

"أفعِلةٌ أفعلُ ثم فعلَه                            ثُمَّتَ أَفعالٌ جُموعُ قِلَّه"

أي: كأسلحة وأفلُس وفتية وأفراس.
تنبيهات: الأول: ذهب الفراء إلى أن جموع القلة فعل، نحو: ظلم، وفعل، نحو: نعم، وفعلة، نحو: قردة، وذهب بعضهم إلى أن منها فعلة، نحو: بررة، نقله ابن الدهان وذهب أبو زيد الأنصاري إلى أن منها أفعلاء نحو: أصدقاء نقله عنه أبو زكريا التبريزي والصحيح أن هذه كلها من جموع الكثرة.
الثاني: ذهب ابن السراج إلى أن فعلة اسم جمع لا جمع تكسير وشبهته أنه لم يطرد.
الثالث: يشارك هذه الأبنية في الدلالة على القلة جمعا التصحيح.
الرابع: إذا قرن جمع القلة بـ"أل" التي للاستغراق أو أضيف إلى ما يدل على الكثرة انصرف بذلك إلى الكثرة نحو:
{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ}1، وقد جمع الأمرين قول

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الأحزاب: 35.

 

ج / 3 ص -380-        حسان "من الطويل":
1169-

لَنَا الْجَفَنَاتُ الْغُرُّ يَلْمَعْنَ فِي الْضُّحَى               وَأسْيَافُنَا يَقْطُرْنَ مِنْ نَجْدَةٍ دَمَا

792-

وبعْضُ ذِي بِكَثْرَةٍ وَضعًا يَفِي                    كأرجُلٍ والعكسُ جَاءَ كالصُّفِي

"وبعْضُ ذِي بِكَثْرَةٍ وَضعًا يَفِي" أي: بعض هذه الأبنية يأتي في كلام العرب للكثرة "كأرجُلٍ" في جمع رجل، فإنهم لم يجمعوه على مثال كثرة، ونظيره عنق وأعناق وفؤاد وأفئدة "والعكْسُ" من هذا وهو الاستغناء ببناء الكثرة عن بناء القلة "جَاءَ" وضعًا "كالصُّفِي" جمع صفاة وهي الصخرة الملساء، وكرجل ورجال، وقلب وقلوب، وصرد وصردان.
تنبيهان: الأول كما يغني أحدهما عن الآخر وضعًا، كذلك يغني عنه أيضًا استعمالا لقرينة مجازًا نحو:
{ثَلاثَةَ قُرُوءٍ}1.
الثاني: ليس الصفي مما أغنى فيه جمع الكثرة عن جمع القلة؛ لورود جمع القلة،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1169- التخريج: البيت لحسان بن ثابت في ديوانه ص131؛ ولسان العربية ص356؛ وخزانة الأدب 8/ 106، 107، 110، 116؛ وشرح شواهد الإيضاح ص521؛ وشرح المفصل 5/ 10؛ والكتاب 3/ 578؛ ولسان العرب 14/ 136 "جدا"؛ والمحتسب 187؛ والمقاصد النحوية 4/ 527؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 135؛ والخصائص 2/ 206؛ والمقتضب 2/ 188.
اللغة: الجفنات: ج الجفنة، وهي القصعة. الغر: البيض من كثرة الشحم.
المعنى: يصف الشاعر قومه بالكرم  فيقول: إن موائدهم معدة للأضياف، وسيوفهم تقطر دمًا لكثرة خوضهم الحروب.
الإعراب: لنا: جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. الجفنات: مبتدأ مؤخر مرفوع. الغر: نعت "الجفنات" مرفوع. يلمعن: فعل مضارع مبني على السكون، و"النون": ضمير في محل رفع فاعل.
 في الضحى: جار ومجرور متعلقان بـ"يلمعن". وأسيافنا: "الواو": حرف عطف، ,"أسيافنا": مبتدأ مرفوع، وهو مضاف "و"نا" ضمير في محل جر بالإضافة. يقطرن: "فعل مضارع مبني على السكون، و"النون": ضمير في محل رفع  فاعل. من نجدة: جار ومجرور متعلقان بـ"يقطرن". دمًا: مفعول به.
وجملة "لنا الجفنات": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "يلمعن": في محل نصب حال. وجملة "أسيافنا يقطرن": معطوفة على جملة "لنا الجفنات" لا محل لها من الإعراب. وجملة "يقطرن": في محل رفع خبر المبتدأ.
الشاهد فيه قوله: "الجفنات" حيث أجرى جمع القلة مجرى التكثير عندما قرنها بـ"أل" التي للاستغراق وقوله: "أسيافنا" حيث أجرى كذلك جمع القلة مجرى جمع التكثير حيث أضاف "أسياف" إلى ضمير الجماعة "نا".
1 البقرة: 228.

 

ج / 3 ص -381-        حكى الجوهري وغيره صفاة وأصفاء.
واعلم أن اصطلاح النحويين في الجموع أن يذكروا المفرد ثم يقولون: يجمع على كذا وكذا، وعكس المصنف واصطلح على أن يذكر الجمع فيقول: هذا الوزن يطرد في كذا وكذا، ولكل وجه، وقد شرع في ذلك على طريقته المذكورة فقال:
793-

لفعل اسما صح عينا أفعل                      وللرباعي اسما أيضًا يجعل

794-

إن كان كالعناق والذراع في                           مد وتأنيث وعد الأحرف

 

"لِفَعْلٍ اسما صَحَّ عيْنا أفعُلُ                     ولِلرّباعي اسمًا أيضًا يُجعلُ"

يعني أن أفعلا أحد جموع القلة يطرد في نوعين من المفردات:
الأول: ما كان على فَعل بشرطين: أن يكون اسمًا وأن يكون صحيح العين، فشمل نحو: فلس وكف ودلو وظبي ووجه، فتقول في هذه: أفلس وأكف وأدل وأظب وأوجه، واحترز بقوله "اسمًا" من الصفة نحو: ضخم فلا يجمع على أفعل، وأما "عبد" و"أعبد" فلغلبة الاسمية، وبقوله صح عينًا عن معتل العين نحو: باب وبيت وثوب؛ فلا يجمع على أفعل، وشذ قياسًا قولهم: "أعين"، وقياسًا وسماعًا قوله "من الراجز":
1170-

لِكُلِّ دَهْر قَدْ لَبَسْتُ أثْوَابا                         "رياطة واليمنة المعصبا"

"حتى اكتسى الرأس قناعا أشيبا"


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1170- التخريج: الرجز لمعروف بن عبد الرحمن في شرح أبيات سيبويه 2/ 390؛ ولسان العرب 1/ 245 "ثوب"؛ وله لحميد بن ثور في شرح التصريح 2/ 301؛ والمقاصد النحوية 4/ 522؛ وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب 2/ 804 ؛ والكتاب 3/ 588؛ ولسان العرب 2/ 602 "ملح"؛ ومجالس ثعلب ص439؛ والمقتصب 1/ 29، 132، 2/ 199؛ والممتع في التصريف 1/ 336؛ والمنصف 1/ 284، 3/ 47.
الإعراب: "لكل": جار ومجرور متعلق بـ"لبست"، وهو مضاف. "دهر": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "قد": حرف تحقيق. "لبست": فعل ماض والتاء في محل رفع فاعل. "أثوبا": مفعول به منصوب.
الشاهد فيه قوله: "أثوبا" جمع "ثوب"، حيث جمعه تشبيهًا بالصحيح، والأكثر تكسيره على "أثواب"، ويروى: "أثوبا" على لغة بعض العرب لاستثقال الضمة على الواو.

 

ج / 3 ص -382-        وقوله "من البسيط":
1171-

كَأنَّهُمْ أَسْيُفٌ بِيْضٌ يَمَانِيَة                   "عضب مضاربها باق بها الأثر"

والثاني: ما كان رباعيًا بأربعة شروط: أن يكون اسمًا، وأن يكون قبل آخره مدة، وأن يكون مؤنثًا، وأن يكون بلا علامة، وقد أشار إلى بقية هذه الشروط بقوله: "إنْ كَانَ" أي الاسم الرباعي "كالعَنَاقِ والذِّرَاعِ في مَد وتأنيثٍ وعَدِّ الأحرُفِ" فشمل ذلك نحو: عناق وذراع وعقاب ويمين، فيقال: فيها أعنق وأذرع وأعقب وأيمن، فإن كان الرباعي صفة نحو: شجاع، أو بلا مدة نحو: خنصر، أو مذكرًا نحو: حمار، أو بعلامة التأنيث نحو: سحابة لم يجمع على أفعل، وندر من المذكر طحال وأطحل، وغراب وأغرب، وعتاد وأعتد، وجنين وأجنن، وأنبوب وأنبب1 ونحوها.
تنبيهات: الأول: ما ذكرته من الشروط وغيرها مأخوذ من كلامه؛ ففهم من تمثيله بالعناق والذراع أن حركة الأول لا يشترط أن تكون فتحة ولا غيرها لتمثيله بالمفتوح والمكسور، وفهم من إطلاق قوله في مدّ أن الألف وغيرها من أحرف المد في ذلك سواء، وفهم الشرط الرابع وهو التعري من العلامة من قوله: "وعد الأحرف"، إذ لولا غرض التنبيه على ذلك لم تكن له فائدة؛ لأنه صرح أوّلا بالرباعي.
الثاني: مما حفظ فيه أفعل من الأسماء فَعَل نحو: جبل وأجبل، وفعُلَ نحو: ضبع

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1171- التخريج: البيت بلا نسبة في شرح التصريح 2/ 301؛ ولسان العرب 4/ 8، 9 "أثر"، 9/ 166 "سيف"؛ والمقاصد النحوية 4/ 523.
شرح المفردات: العضب: القاطع. الأثر: جوهر السيف.
الإعراب: "كأنهم": حرف مشبه بالفعل، و"هم": ضمير في محل نصب اسم "كان". "أسيف": خبر "كأن" مرفوع بالضمة، "بيض": نعت "أسيف" مرفوع بالضمة. "يمانية": نعت ثان لـ"أسيف". "عضب": نعت "أسيف" مرفوع. "مضاربها": فاعل لـ"عضب" مرفوع، وهو مضاف، و"ها" ضمير متصل في محل جر بالإضافة. "باق": خبر مقدم مرفوع بالضمة المقدرة على الياء المحذوفة. "بها": جار ومجرور متعلقان بـ"باق". "الأثر": مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة، وجملة المبتدأ أو الخبر  في محل رفع نعت لـ"أسيف".
وجملة: "كأنهم سيف" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "باق بها الأثر"  في محل رفع نعت ثالث لـ"أسيف".
الشاهد فيه قوله: "أسيف" جمعًا لـ"سيف" والقياس "أسياف".
1 الكلام على الرباعي، وحروف هذه الكلمة خمسة أحرف.

 

ج / 3 ص -383-        وأضبع، وفُعْل نحو: قفل وأقفل، وفُعُل نحو: قرط وأقرط1، وفِعَل نحو: ضلع وأضلع، وفَعَلَة نحو: أكمة وآكم، وفِعْلة نحو: نعمة وأنعم، وفي فِعْل مطلقًا أي اسمًا وصفة نحو: ذئب وأذؤب، وجلف وأجلف فلا يقاس عليها، ولم يسمع فعل بكسر الفاء والعين، ولا في فعل بضم الفاء وفتح العين إلا قولهم رُبَع وأربع.
الثالث: ليس التأنيث مصححًا لاطراد أفعل في فعل نحو: قدم خلافًا ليونس، ولا في فِعْل نحو: قدر، ولا في فِعَل نحو: ضلع، ولا ما قبله نحو: قدم وضبع وغول وعنق خلافًا للفراء.
795-

وغير ما أفعل فيه مطرد                      من الثلاثي اسما بأفعال يرد

796-

وغالبًا أغناهم فعلان                         في فعل كقولهم صردان

 

"وغيرُ ما أفعُلُ فيه مُطَّردْ                     مِنَ الثّلاَثِي اسمًا بأفعال يَرِدْ"

يعني أن أفعالا يطرد في جمع اسم ثلاثي لم يطرد فيه أفعل، وهو فعل الصحيح العين، فاندرج في ذلك فعل المعتل العين نحو: باب وثوب وسيف، وغير فعل من أوزان الثلاثي وهو فِعْل نحو: حزب وأحزاب، وفُعل نحو: صلب وأصلاب، وفَعَل نحو: جمل وأجمال، وفَعْل نحو: وعل وأوعال، وفَعُل نحو: عضد وأعضاد، وفُعُل نحو: عنق وأعناق، وفُعَل نحو: رطب وأرطاب، وفِعِل نحو: إبل وآبال، وفِعَل نحو: ضلع وأضلاع، واحترز بقوله "اسمًا" من الوصف فإنه لا يجمع على أفعال إلا ما شذ مما سيأتي التنبيه عليه.
تنبيهات: الأول: جعل في التسهيل أفعالا قليلا في "فعل" المعتل العين، نحو: باب ومال، ونادرًا في فُعَل، نحو: رُطَب ورُبَع، ولازمًا في فِعِل، نحو: إبل، وغالبًا في الباقي.
الثاني: لا يؤخذ من كلامه هنا حكم جمع "فعل" الصحيح العين على "أفعال"، وقد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أخطأ الشارح في التمثيل هنا، لأن "القرط" ساكن الوسط، فهو على وزن "فعل"، وكان عليه أن يتمثل بـ"عنق" ونحوه.

 

ج / 3 ص -384-        سمع منه قوله "من البسيط":
1172-

ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ                   زغب الحواصل لا ماء ولا شجر

وقوله "من المقارب":
1173-

وجدت إذا أصلحوا خيرهم                               وزندك أثقب أزنادها


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1172- التخريج: البيت للحطيئة في ديوانه ص164؛ والأغاني 2/ 156؛ وأوضح المسالك 4/ 310؛ وخزانة الأدب 3/ 294؛ والخصائص 3/ 59؛ وشرح التصريح 2/ 302؛ والشعر والشعراء 1/ 334؛ ولسان العرب 2/ 532 "طلح"؛ ومعجم ما استعجم ص892؛ والمقاصد النحوية 4/ 524؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص349؛ وشرح المفصل 5/ 16؛ والمقتضب 2/ 196.
شرح المفردات: الأفراخ: ج الفرخ، وهو صغير الطائر، والمراد هنا أولاد الشاعر. ذو مرخ: اسم واد. الزغب: الريش الصغير. الحواصل: ج الحوصلة، وهي معدة الطائر. وزغب الحواصل: كناية عن ضعفهم.
الإعراب: "ماذا": اسم استفهام مبني في محل نصب مفعول به مقدم. "تقول": فعل مضارع مرفوع بالضمة، وفاعله ضمير مستتر تقديره: "أنت". "لأفراخ": جار ومجرور متعلقان بـ"تقول". "بذي": جار ومجرور متعلقان بمحذوف نعت لـ"أفراخ"، وهو مضاف. "مرخ": مضاف إليه مجرور. "زغب": نعت سبي لـ"أفراخ"، وهو مضاف. "الحواصل": مضاف إليه مجرور. "لا": حرف نفي. "ماء": مبتدأ مرفوع خبره محذوف. "ولا": الواو حرف عطف، "لا": حرف لتوكيد النفي. "شجر": معطوف على "ماء".
الشاهد فيه قوله: "أفراخ": جمعًا لـ"فرخ"، وهذا شاذ عند جمهرة النحاة. وقد أثبت الأب أنستاس الكرملي أنه قياسي. راجع مجلة اللغة العربية بالقاهرة ج26، ص223:
1173- التخريج: البيت للأعشى في ديوانه ص123؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 359؛ وشرح التصريح 2/ 303؛ والكتاب 3/ 568؛ وبلا نسبة في شرح المفصل 5/ 16؛ والمقاصد النحوية 4/ 526؛ والمقتضب 2/ 196.
شرح المفردات: الزند: العود الذي تقدح به النار. ثقب الزند: خرجت ناره.
الإعراب: "وجدت": فعل ماض للمجهول، والتاء ضمير في محل رفع فاعل. "إذا": ظرف زمان يتضمن معنى الشرط، متعلق بجوابه. "أصلحوا": فعل ماض، والواو ضمير في محل رفع فاعل. "خيرهم": مفعول به ثان لـ"وجد"، وهو مضاف، و"هم": ضمير في محل جر بالإضافة؟
"وزندك": الواو حرف استئناف، "زندك": مبتدأ مرفوع، وهو مضاف، والكاف في محل جر بالإضافة. "أثقب": خبر المبتدأ مرفوع، وهو مضاف. "أزنادها": مضاف إليه مجرور، وهو مضاف، و"ها": ضمير في محل جر بالإضافة.
وجملة: "وجدت": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "أصلحوا" في محل جر بالإضافة.
الشاهد فيه قوله: "أزنادها"، وهو جمع "زند"، وهذا الجمع شاذ عند النحاة، وقياسي على التصحيح كما بين الأب أنستاس الكرملي "راجع مجلة اللغة العربية بالقاهرة ص223 وما بعدها".

 

ج / 3 ص -385-        فجمع "فرخ" على "أفراخ" وزند على أزناد، ومذهب الجمهور أنه لا ينقاس وعليه مشى في التسهيل1، وذهب الفراء إلى أنه ينقاس فيما فاؤه همزة نحو: ألف، أو واو نحو: وهم، وظاهر كلامه في شرح الكافية موافقته على الثاني فإنه قال: إن أفعالا أكثر من أفعل في فعل الذي فاؤه واو كوقت وأوقات، ووصف وأوصاف، ووقف وأوقاف، ووكر وأوكار، ووعر وأوعار، ووغد وأوغاد، ووهم وأوهام، فاستثقلوا ضم عين أفعل بعد الواو فعدلوا إلى أفعال كما عدلوا إليه فيما عينه معتلة، وكما شذ في المعتل أعين وأثوب كذلك شذ فيما فاؤه واو: أوجه، هذا لفظه بحروفه. ثم قال: إن المضاعف من فعل كالذي فاؤه واو في أن أفعالا في جمعه أكثر من أفعل كعم وأعمام، وجدّ وأجداد، ورب وأرباب، وبر وأبرار، وشت وأشتات، وفن وأفنان، وفذ وأفذاذ هذا أيضًا لفظه.
الثالث: مما حفظ فيه "أفعال" فعيل بمعنى فاعل، نحو: شهيد وأشهاد، وفاعل نحو: جاهل وأجهال، وفعال نحو: جبان وأجبان، وفعول نحو: عدوّ وأعداء، وفعلة نحو: هضبة وأهضاب، وفعلة نحو: نضوة وأنضاء، وفُعلة نحو: بركة وأبراك، والبركة طائر من طير الماء، وفَعِلة نحو: نمرة وأنمار2، وقالوا: أيضًا جلف وأجلاف، وحر وأحرار، وقماط وأقماط، وغثاء وأغثاء، وأغيد وأغياد، وخريدة وأخراد، ووأد وأوآد، وذُوطة وأذواط3 لضرب من العناكب تلسع وقالوا: أيضًا أموات لجمع ميت وميتة، وكل ذلك شاذ لا يقاس عليه.

"وغالبًا أغْناهُمُ فِعْلاَنُ                        في فُعَلٍ كقَوْلهم صِرْدَانُ"

أي أن الغالب في فُعَل -بضم الفاء وفتح العين- أن يجمع على فِعلان بكسر الفاء كقولهم في صرد: صردان وفي جرذ: جرذان وفي نغر: نغران، وأشار بقوله: "غالبًا" إلى ما شذ من ذلك، نحو: رُطَب وأَرْطَاب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 برهن الأب أنستاس الكرملي أن ما سمع عن الفصحاء من جموع "فَعْل" على "أفعال" أكثر مما سمع من جموعه المطردة على أفْعُل أو فِعال أو فُعول، ولذلك أجاز مجمع اللغة العربية في القاهرة قياس جمع "فَعْل" على "أَفْعال". انظر: مجلة مجمع اللغة العربية، ج26، ص223.
2 النمرة: ضرب من البسط.
3 ضبط الدماميني "الذوطة" بضم الذال وسكون الواو، والذي يستنتج من القاموس المحيط أنه بفتح الذال.

 

ج / 3 ص -386-        تنبيه: نص في غير هذا الكتاب على أن فعلان مطرد في فُعَل وكلامه هنا غير موف بذلك.
797-

في اسم مذكر رباعي بمد                           ثالث افعلة عنهم اطرد

798-

والزمه في فَعَال أو فِعَال                         مصاحبي تضعيف أو إعلال

 

"في اسْمٍ مُذكَّرٍ رُبَاعي بِمَد                          ثالثٍ افْعِلَةُ عنهُمُ اطَّرَدْ"

"أفعلة": مبتدأ، و"اطرد": خبره، وفي اسم وعنهم: يتعلقان بـ"اطرد"، وبـ"مدّ": في موضع جر صفة لاسم، و"ثالث": صفة لـ"مدّ".
يعني أن "أفعلة" يطرد في جمع اسم مذكر رباعي بمدّ قبل آخره نحو: طعام وأطعمة ورغيف وأرغفة وعمود وأعمدة، واحترز بالاسم من الصفة، وبالمذكر من المؤنث، وبالرباعي من الثلاثي، وبالمد الثالث من العاري عنه: فلا يجمع شيء من ذلك على أفعلة إلا ما شذ من قولهم شحيح وأشحة، وهو صفة، وعقاب، وأعقبة، وهو مؤنث، وقدح وأقدحة، وهو ثلاثي، وجائز وأجوزة، وليس مده ثالثًا، والجائز الخشبة الممدودة في أعلى السقف، ومما شذ من ذلك مما لم يستكمل الشروط فيحفظ ولا يقاس عليه قولهم: نجد وأنجدة، وصلب وأصلبة، وباب وأبوبة، ورمضان وأرمضة، وعَيْل وأعولة، وجزة وأجزة، ونضيضة وأنضة، وقنّ وأقنة، وخال وأخولة، وقفا وأقفية، والجزة صوف شاة مجزوزة، والنضيضة المطرة القليلة.
"والْزَمْهُ" أي الجمع على أفعلة "في فَعَالٍ" بالفتح "أوْ فِعَال" بالكسر "مُصاحِبَيْ تَضْعِيْفٍ أوْ إعْلالِ" فالأول نحو: بتات وأبتة وزمام وأزمة، والثاني نحو: قباء وأقبية وإناء وآنية، وشذ من الأول عنان وعنن وحجاج وحجج، ومن الثاني قولهم في جمع سماء بمعنى المطر سُمِيّ وسمع أيضًا أسمية على القياس، وسيأتي تقييد كلامه هنا بما ذكرته في قوله: "ما لم يضاعف في الأعم ذو الألف".
799-

فعل لنحو أحمر وحمرا                           وفعلة جمعا بنقل يدرى

 

ج / 3 ص -387-        "فُعْلٌ" بضم الفاء وسكون العين -جمع كثرة، وهو على قسمين: قياسي، وسماعي فالقياسي ما كان جمعًا "لِنحو أحمَر وحَمْرَا" وصفين متقابلين؛ فتقول فيهما حمر، أو لأفعل وفعلاء وصفين منفردين لمانع في الخلقة نحو: أكمر للعظيم الكمرة، وآدر ورتقاء وعفلاء؛ فتقول فيها: كمر وأدر ورتق وعفل، فإن كانا منفردين لمانع في الاستعمال خاصة نحو: رجل آلى وامرأة عجزاء، إذ لم يقولوا: رجل أعجز ولا امرأة ألياء، وفي أشهر اللغات؛ ففي اطراد فعل حينئذٍ خلاف: نص في شرح الكافية على اطراده وتبعه الشارح، ونص في التسهيل على أن فعلا فيه محفوظ، وإطلاقه هنا يوافق الأول.
تنبيهات: الأول يجب كسر فاء هذا الجمع فيما عينه ياء، نحو: بيض لما سيذكر في التصريف.
الثاني: يجوز في الشعر ضم عينه بثلاثة شروط: صحة عينه وصحة لامه وعدم التضعيف كقوله: "من البسيط":
1174-

"طوى الجديدان ما قد كنت أنشره"                 وَأنْكَرَتْنِي ذَوَاتُ الأعْيُنِ النُّجُلِ

وهو كثير؛ فإن اعتلت عينه، نحو: بيض وسود، أو لامه نحو: عمي وعشو، أو كان مضاعفًا نحو: غرّ جمع أغرّ، لم يجز الضم.
الثالث: من قسم السماعي من هذا الجمع قولهم: بَدَنة وبُدْن، وأَسَد وأُسْد، وسَقْف

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1174- التخريج: البيت لأبي سعد المخزومي في ديوانه ص51؛ وأمالي القالي 14/ 259؛ والدرر 6/ 275؛ وبلا نسبة في المقاصد النحوية 4/ 530؛ وهمع الهوامع 2/ 175.
اللغة: الجديدان: الليل والنهار. النجل: ج النجلاء، وهي الواسعة.
الإعراب: طوى: فعل ماض. الجديدان: فاعل مرفوع بالألف مثنى. ما: اسم موصول في محل نصب مفعول به. قد: حرف تحقيق. كنت: فعل ماض ناقص، و"التاء": ضمير في محل رفع اسم "كان".
أنشره: فعل مضارع مرفوع، و"الهاء": ضمير في محل نصب مفعول به، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: "أنا". وأنكرتني: "الواو": حرف عطف، و"أنكرتني": فعل ماض، و"التاء": للتأنيث، و"النون": للوقاية، و"الياء": ضمير متصل في محل نصب مفعول به. ذوات: فاعل مرفوع، وهو مضاف. الأعين: مضاف إليه مجرور. النجل: نعت "الأعين" مجرور.
وجملة "طوى" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "قد كنت...": صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. وجملة "أنشره": في محل نصب خبر "كان". وجملة "أنكرتني": معطوفة على "طوى".
الشاهد فيه قوله:"النجل": حيث ضمت الجيم ومن حقها السكون وجاز هذا في الشعر لتوفر الشروط: صحة العين وصحة اللام وعدم التضعيف.

 

ج / 3 ص -388-        وسُقف، وثِنْي وثُنَي، وعَفَو وعُفْو، ونَمُوم ونُمّ، وعَمِيمة وعُم، وبَازل وبُزل، وعَائذ وعُوذ، وحاج وحُج، وأظَل وظُل، ونَقُوق ونُق والنقوق: الضفدعة الصياحة والنموم: النمام والعميمة: النخلة الطويلة، والأظل: باطن القدم، والعائذ: الناقة القريبة العهد بالنتاج.
"وفعلَةٌ جَمعًا بِنقلٍ يُدْرَى" فعلة: مبتدأ خبره "يدرى"، و"جمعًا": مفعول ثان بيدرى.
أي من جموع القلة فعلة كما عرفت، ولم يطرد في شيء من الأبنية بل محفوظ في ستة أوزان: فَعِيل نحو: صبي وصبية، وفَعَل نحو: فتى وفتية، وفَعْل نحو: شيخ وشيخة، وثور وثيرة، وفُعَال نحو: غلام وغلمة، وفَعَال نحو: غزال وغزلة، وفَعِل نحو: ثني وثنية والثني: هو الثاني في السيادة ومرجع ذلك كله النقل لا القياس كما أشار إليه بقوله: بنقل يدرى.
تنبيهان: الأول فائدة قوله "جمعًا" التعريض بقول ابن السراج المنبه عليه أول الباب ولذلك لم يقل مثل هذا في غيره من جموع القلة إذ لا خلاف فيها.
الثاني: لو قدم قوله: "وفعلة جمعًا بنقل يدرى" على قوله: "فعل لنحو أحمر وحمرا"، لكان أنسب لتوالي جموع القلة.
800-

وفُعُلٌ لاسم رباعي بمد                        قد زيد قبل لام اعلالا فقد

801-

ما لم يضاعف في الأعم ذو الألف                        وفُعَلٌ جمعا لفُعلَة عرف

802-

ونحو كبرى ولِفِعْلَة فِعَل                      وقد يجيء جمعة على فُعَل

 

"وفُعُلٌ لاِسْمٍ رُبَاعي بِمَدْ                        قَدْ زِيدَ قَبْلَ لامٍ اعْلالا فَقَدْ

"مَا لَمْ يُضَاعَفْ في الأعَمِّ ذُو الألِفْ" أي: من أمثلة جمع الكثرة فُعُل -بضمتين- وهو يطرد في اسم رباعي بمدة قبل لامه صحيح اللام، وهو المراد بقوله "اعلالا فقد"، فإعلالا مفعول مقدم، فإن كانت مدته ياء أو واوًا لم يشترط فيه غير الشروط المذكورة، نحو: قضيب وقضب وعمود وعمد، وإن كانت ألفًا اشترط فيه مع ذلك أن لا يكون مضاعفًا،

 

ج / 3 ص -389-        نحو: قَذَال وقُذُل وحِمَار وحُمُر، واحترز بالاسم عن الصفة فإنها لا تجمع على فُعُل، وشذ في وصف على فَعَال نحو: صَنَاع وصُنُع، وفعِالَ نحو: ناقة كِناز ونوق كُنُز، وحكى ابن سيدة أن من العرب من يقول: نوق كِناز بلفظ الإفراد فيكون من باب دِلاص، وقد سبق الكلام عليه أوّل الباب، وعلى فَعِيل نحو: نذير ونذر، ويرد عليه فَعُول لا بمعنى مفعول نحو: صبور وغفور فإنه يطرد فيه فُعُل نحو: صبر وغفر وسيأتي التنبيه عليه. واحترز بالرباعي من غيره نحو: نار وفيل وسور، ونحو: قنطار وقطمير وعصفور فإنه لا يجمع على فُعُل شيء منها، واحترز بالمدّ عن الخالي منه فإنه لا يجمع على فُعُل، وشذ نمرة ونمر، وبكونه قبل اللام من نحو: دانق وعيسى وموسى فلا يجمع على فُعُل، وبصحة اللام عن معتلها نحو: سقاء وكساء فإنه لا يجمع على فُعُل، وبعدم التضعيف في ذي الألف عن نحو: بتات وزمام فإن قياسه أفعلة كما مر، وشذ عنان وعنن وحجاج وحجج ووطاط ووطط كما أشار إليه بقوله في الأعم، وفهم من تخصيص ذلك بذي الألف أن المضاعف من ذي الياء نحو: سرير وذي الواو نحو: ذلول يجمع على فعل نحو: سرر وذلل.
تنبيهات: الأول: لا فرق في الاسم الرباعي الجامع للشروط بين أن يكون مذكرًا كما مثل أو مؤنثًا مثل أتان وأتن وقلوص وقلص وكلاهما يطرد فيه فعل.
الثاني: ما مدته ألف على ثلاثة أقسام: مفتوح الأول ومكسوره ومضمومه، أما الأول والثاني: ففعل فيهما مطرد وتقدم تمثيلهما، وأما الثالث فظاهر إطلاقه هنا اطراد فُعُل فيه، وبه صرّح في شرح الكافية فإنه مثل بقراد وقرد وكراع وكرع في المطرد وتبعه الشارح، وذكر في التسهيل أن فُعُلا نادر في فُعَال وهو الصحيح فلا يقال: في غُرَاب غُرُب ولا في عُقَاب عُقُب، وإذا قلنا باطراده فيشترط أن لا يكون مضاعفًا كما شرط ذلك في أخويه.
الثالث يجب في غير الضرورة تسكين عين هذا الجمع إن كانت واوًا نحو: سِوَار وسور، ومن ضمها في الضرورة قوله "من المتقارب":
1175-

أَغَرُّ الْثَّنَايَا أَحَمُّ اللِّثَاتِ                          يُحَسِّنُهَا سُوكُ الإسْحلِ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الوطاط: الضعيف.
1175- التخريج: البيت لعبد الرحمن بن حسان في ديوانه ص48، ولسان العرب 10/ 446 =

 

ج / 3 ص -390-        ويجوز تسكين عينه إن لم تكن واوًا نحو: قُذْل وحُمْر، وإن كانت ياء كسرت الفاء عند التسكين فتقول في سيال سُيُل وسِيل، فإن كان مضاعفًا لم يجز تسكينه لما يؤدي إليه من الإدغام، وندر قولهم: ذباب وذب والأصل ذبب.
الرابع: فُعُل يطرد في نوعين أحدهما المتقدم، والآخر وصف على فعول لا بمعنى مفعول نحو: صبور وصبر، فإن كان بمعنى مفعول لم يجمع على فعل نحو: ركوب، ولم يذكره هنا فأوهم أنه غيره مقيس، وليس كذلك.
"وفُعَلٌ جَمْعًا لِفُعلَةٍ عُرِفْ ونحو كُبْرَى" أي من أمثلة جمع الكثرة فُعَل بضم ثم فتح، ويطرد في نوعين:
الأول: فُعْلة -بضم الفاء- اسمًا نحو: غرفة وغرف، فإن كان صفة نحو: ضحكة لم يجمع على فُعَل، وشذ قولهم رجل بهمة ورجال بهم. الثاني: الفعلى أنثى الأفعل نحو: الكبرى والكبر، فإن لم يكن أنثى الأفعل نحو: بهمى ورجعى لم يجمع على فُعَل.
تنبيهات: الأول أخل باشتراط الإسمية في فعلة، وهو شرط كما عرفت، وأما اشتراط كون فعلى أنثى الأفعل فأعطاه بالمثال.
الثاني: اقتصر هنا وفي الكافية على هذين النوعين وقال: في شرحها بعد ذكرهما: وشذ فيما سوى ذلك يعني فعلا، وزاد في التسهيل نوعًا ثالثًا وهو فُعُلة اسمًا نحو: جُمُعة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
=  "سوك"؛ وبلا نسبة في شرح المفصل 10/ 84؛ ولسان العرب 11/ 573 "قول"؛ والمقاصد النحوية 4/ 530؛ والمقتضب 1/ 113؛ والممتع في التصريف 2/ 467؛ والمنصف 1/ 338.
اللغة: أغر: أبيض. الثنايا: ج الثنية، وهي الأسنان في مقدمة الفم. الأحم: اللون بين الأسود والأحمر. اللثاث: ج اللثة، وهي ما حول الأسنان من لحم. السوك: ج السواك وهو ما ينظف به الأسنان. الإسحل: شجر يتخذ منه المساويك.
الإعراب: أغر: خبر مبتدأ محذوف تقديره: "هو"، وهو مضاف. "الثنايا: مضاف إليه مجرور. أحم: خبر ثان، وهو مضاف، اللثاث: مضاف إليه مجرور. يحسنها: فعل مضارع مرفوع، و"ها" ضمير متصل في محل نصب مفعول به. سوك: فاعل مرفوع، وهو مضاف. الإسحل: مضاف إليه مجرور.
وجملة "هو أغر..." ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "يحسنها": في محل جر نعت.
الشاهد فيه قوله: "سوك الإسحل" حيث ضمت الواو ومن حقها السكون، وذلك للضرورة.

 

ج / 3 ص -391-        وجُمَع، فإن كان صفة نحو: امرأة شُلُلة -وهي السريعة- لم يجمع على فُعَل، واستثقل بعض التميميين والكلبيين ضم عين فُعَل في المضاف وجعلوا مكانها فتحة فقالوا: جُدَد وذُلَل بدل جُدُد وذُلُل، فهذا نوع رابع على هذه اللغة يطرد فيه فُعَل.
الثالث: اختلف في ثلاثة أنواع أخر؛ أولها فعلى مصدرًا نحو: رجعى، وثانيها فعلة فيما ثانيه واو ساكنة نحو: جوزة، فقاسه الفراء في هذين النوعين فتقول في جمعهما: رُجَع وجُوَز كما قالوا: في رؤيا ونوبة رُؤَى ونُوَب، وغيره يجعل رؤى ونوب مما يحفظ ولا يقاس عليه، وثالثها فُعْل مؤنث بغير تاء نحو: جُمْل فهذا يجمع على فعل قياسًا عند المبرد، وغيره يقصره على السماع، وكلامه في الكافية وشرحها يقتضي موافقة المبرد فإنه قال: فيها:

وَهِنْدُ مِثْلُ كَسْرَةٍ فِي فُعَلِ                        وَجُمْلُ مِثْلُ بُرْمَةٍ فِي فَعَلِ

وقال: في شرحها: ويلحق فِعْل وفُعْل مؤنثين بفعلة وفعلة، فيقال: هِنْد وهِنَد وجُمْل وجُمَل.
الرابع: مما حفظ فيه فُعَل قولهم تخمة وتخم، وقرية وقرى، وعدوّ وعدى، ونقوق ونقق، وحكى ابن سيدة في جمع نفساء نُفَسا بالتخفيف ونُفَّسا بالتشديد، وعلامة جمعية فعل الذي له واحد على فعلة أن لا يستعمل إلا مؤنثًا نص على ذلك سيبويه، فَرُطَب عنده اسم جنس لقولهم هذا رطب وأكلت رطبًا طيبًا وتخم عنده جمع؛ لأنه مؤنث، اهـ.
"ولِفِعْلَةٍ فِعَلْ" أي من أمثلة جمع الكثرة فعلٌ -بكسر أوّله وفتح ثانيه- وهو مطرد في فعلة اسمًا تاما كما قيده في التسهيل بذلك نحو: كسرة وكسر، وحجة وحجج، ومرية ومرى، والاحتراز بالاسم عن الصفة نحو: صِغْرة وكبرة وعجزة في ألفاظ ذكرت في المخصص، وذكر أنها تكون هكذا للمفرد والمثنى والمجموع، وشذ رجل صِمّة ورجال صمم، وامرأة ذربة ونساء ذرب، والصمة الشجاع والذربة الحديدة اللسان، وبالتام عن نحو: رقة فإن أصله ورق ولكن حذفت فاؤه فإنه لا يجمع على فعل، وإنما لم يقيد فعله هنا بهذين القيدين لقلة مجيئها صفة حتى ادعى بعضهم أنها لم تجئ صفة وإن كان الأصح خلافه كما عرفت، ولأن نحو: رقة لم يبق على وزن فعلة فلا حاجة للاحتراز عنه.
تنبيهات: الأول قاس الفراء فعلا في فعلى اسمًا نحو: ذكرى وذكر، وفي فعلة يائي العين نحو: ضيعة وضيع كما قاس فعلا في نحو: رؤيا ونوبة، وقاسه المبرد في نحو:

 

ج / 3 ص -392-        هِنْد. كما قاس فُعَلا في نحو: جمل وقد تقدم، ومذهب الجمهور أن ما ورد من ذلك يحفظ ولا يقاس عليه.
الثاني: قال في التسهيل: ويحفظ -يعني فُعَلا- باتفاق في فِعْلَة واحد فِعَل أي نحو: سدرة وسدر، والمعوض من لامه تاء أي نحو: لثة ولثى وفي نحو: معدة وقشع وهضبة وقامة وهِدْم وصُورة وذربة وعدوّ وحدأة، والقشع: الجلد البالي، والهدم: الثوب الخلق.
الثالث: لا يكون فِعَل ولا فِعال لما فاؤه ياء، إلا ما ندر كَيعارَ قاله في التسهيل، واليعار جمع يَعْر ويَعْرة واليعر الجدي يربط في الزبية للأسد.
"وقد يجيءُ جمعُهُ" أي فعلة بالكسر "عَلَى فُعَلْ" بالضم قال: في شرح الكافية وقد ينوب فُعَل عن فِعَل، وفِعَل عن فُعَل فالأول كحلية وحلى ولحية ولحى، والثاني كصورة وصور وقوة وقوى.
803-

في نحو رام ذو اطراد فُعَلَه                           وشاع نحو كامل وكَمَلَه

"في نحو:ِ رَامٍ ذُو اطِّرادٍ فُعَلَه" فعلة: مبتدأ خبره ذو اطراد.
أي: من أمثلة جمع الكثرة فُعَلَة -بضم الفاء- وهو مطرد في فاعل وصفًا لمذكر عاقل معتل اللام نحو: رام ورماة، وقاض وقضاة وغاز وغزاة، وقد أشار إلى ذلك بالتمثيل، فخرج نحو: مشتر وواد ورامية وضار -وصف أسد- وضارب، فلا يجمع شيء من ذلك على فُعَلة وشذ كمي وكماة، وباز وبزاة، وهادر وهدرة وهو الرجل الذي لا يعتد به كما ندر غوى وغواة وعريان وعراة وعدو وعداة ورذى ورذاة1.
"وشَاعَ نحو كامِلٍ وكَمَلَة" أي من أمثلة جمع الكثرة فَعَلة بفتح الفاء وهو مطرد في فاعل وصفًا لمذكر عاقل صحيح اللام، نحو: كامل وكملة وبار وبررة، وقد أشار أيضًا بالمثال إلى الشروط، فخرج نحو: حذر وواد وحائض وسابق وصف فرس، ورام فلا يجمع شيء منها على فَعَلة، وشذ سيد وسادة وخبيث وخبثة وبر وبررة وناعق ونعقة وهي الغربان.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الرذي: البعير المنقطع من الإعياء.

 

ج / 3 ص -393-        تنبيه: لا يلزم من كونه شائعًا أن يكون مطردًا، فكان الأحسن أن يقول "كذاك نحو كامل وكمله".
804-

"فَعْلى لِوصف كَقتيل وزَمِنْ                           وهالِكٍ وميِّتٌ بِهِ قَمِنْ"

أي من أمثلة جمع الكثرة فعلى وهو مطرد في وصف على فعيل بمعنى مفعول دال على هلك أو توجع أو تشتت، نحو: قتيل وقتلى، وجريح وجرحى، وأسير وأسرى، ويحمل عليه ما أشبهه في المعنى من فعل: كزمن وزمنى، وفاعل: كهالك وهلكى، وفيعل: كميت وموتى، وفعيل لا بمعنى مفعول: كمريض ومرضى، وأفعل كأحمق وحمقى، وفعلان: كسكران وسكرى، وبه قرأ حمزة والكسائي: {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى}1، وما سوى ذلك محفوظ كقولهم: كيس وكيسى فإنه ليس فيه ذلك المعنى، وسنان ذرب وأسنة ذربى، ومنه قوله "من الكامل":
1176-

إنِّي امْرُؤٌ مِنْ عُصْبَةٍ سَعْدِيَّة                       ذَرِبُ الأسِنَّةِ كُلَّ يَوْمِ تَلاَقِ

805-

"لِفُعْلٍ اسمًا صَحَّ لاَما فِعَلَهْ                     والوَضْعُ في فَعْلٍ وفِعْلٍ قَلَّلَهْ"


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الحج: 2.
1176- التخريج: لم أقع عليه فيما عدت إليه من مصادر.
اللغة: الذرب: الحاد. الأسنة: ج السنان، وهو نصل الرمح.
الإعراب: إني: حرف مشبه بالفعل، و"الياء": ضمير في محل نصب اسم "إن". امرؤ: خبر "إن" مرفوع. من عصبة: جار ومجرور متعلقان بـ"امرؤ". سعدية. نعت "عصبة" مجرور. ذربى: نعت "عصبة" مجرور، وهو مضاف. الأسنة: مضاف إليه مجرور. كل: نائب ظرف متعلق بـ"ذربى"، وهو مضاف. يوم: مضاف إليه مجرور، وهو مضاف. تلاق: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة المقدرة على الياء المحذوفة.
وجملة "إني امرؤ..." ابتدائية لا محل لها.
الشاهد فيه قوله: "ذربى" حيث جاء على وزن "فَعْلَى".

 

ج / 3 ص -394-        أي: من أمثلة جمع الكثرة فِعَلة، وهو لاسم صحيح اللام على فُعْل كثيرًا نحو: دُرْج ودِرَجة، وكوز، وكوزة، ودب وديبة، وعلى فَعْل وفِعْل قليلا، فالأول نحو: غرد وغردة وزوج وزوجة، والثاني نحو: قرد وقردة وحسل وحسلة والحسل الضب، وهو محفوظ في هذين كما يحفظ في غير ذلك كقولهم لضد الأنثى: ذَكَر وذِكَرة، وقولهم: هادر وهِدَرة.
واحترز بالاسم من الصفة، وندر في عِلْج عِلَجَة، وبالصحيح اللام من نحو: عُضو وظبي ونِحْي فلا يجمع شيء من ذلك على فِعَلَة.
806-

وفُعَّل لفاعل وفاعله                         وصفين نحو عاذل وعاذله

807-

ومثله الفعال فيما ذكرا                         وذان في المعل لاما ندرا

 

"وفُعَّلٌ لِفَاعِلٍ وَفَاعِلَه                        وَصْفَيْنِ نحوُ عَاذِلٍ وعَاذِلَهْ"

أي من أمثلة جمع الكثرة فُعَّل، وهو مطرد في وصف صحيح اللام على فاعل أو فاعلة نحو: عاذل وعُذّل، وعاذلة وعُذّل.
واحترز بوصفين في الاسمين نحو: حاجب العين وجائزة البيت فلا يجمعان على فُعَّل.
"ومِثْلُهُ" أي مثل فُعّل "الفُعَّالُ فِيما ذُكِّرَا" أي في المذكر خاصة فيطرد في وصف صحيح اللام على فاعل نحو: عاذل وعذال، وندر في المؤنث كقوله "من البسيط":
1177-

أَبْصَارُهنَّ إلَى الشُّبَّانِ مَائِلَةٌ                      وقَدْ أَرَاهُنَّ عَني غَيْرَ صُدَّادِ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1177- التخريج: البيت للقطامي في ديوانه ص79؛ وأمالي القالي ص59؛ والأشباه والنظائر 5/ 51 ؛ وشرح التصريح 2/ 308؛ ولسان العرب 3/ 245 "صدد"؛ والمقاصد النحوية 4/ 521؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص640.
شرح المفردات: الأبصار: الأعين. صد عنه: انحرف.
الإعراب: "أبصارهن": مبتدأ مرفوع بالضمة، وهو مضاف، "هن": ضمير في محل جر بالإضافة.
"إلى الشبان": جار ومجرور متعلقان بـ"مائلة". "مائلة": خبر المبتدأ مرفوع بالضمة. و"قد": الواو حالية، "قد" حرف تحقيق. "أراهن": فعل مضارع مرفوع. و"هن": ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به. =

 

ج / 3 ص -395-        وتأوّله بعضهم على أن "صداد" في البيت جمع صادّ وجعل الضمير للأبصار لأنه يقال: بصر صاد كما يقال: بصر حاد.
"وَذَانِ" أي فُعّل وفُعّال "فِي الْمُعَلِّ لاَما نَدَرَا" نحو: غاز وغزى وغزاء، وندر أيضًا في سَخْل سُخَّل وسُخّال، وفي نفساء نفس ونفاس، وندر فُعّل أيضًا في نحو: أعزل وعزل، وسَروء وسرّأ، وخريدة وخرد.
تنبيه: سمي في التسهيل المعتل اللام منهما قليلا وما بعده نادرًا.
808-

فَعْل وفَعْلَة فِعَال لهما                         وقل فيما عينه اليا منهما

"فَعْلٌ وفَعْلَةٌ فِعَالٌ لَهُمَا" باطراد اسمين كانا أو وصفين نحو: كعب وكعاب، وصعب وصعاب، وقصعة وقصاع، وخدلة وخدال "وقَلَّ فِيْمَا عَيْنُهُ اليَا منهُمَا" أي نحو: ضيف وضياف، وضيعة وضياع.
تنبيه: قل أيضًا فيما فاؤه الياء منهما، ومن القليل قولهم في جمع يعر ويعرة يعار كما قدمته، وقد ذكره في التسهيل وشرح الكافية.
809-

وفَعَل أيضا له فِعَال                       ما لم يكن في لامه اعتلال

810-

أو يك مضعفًا ومثل فَعَل                       ذو التا وفِعْل مع فُعْل فاقبل

 

"وفَعَلٌ أَيْضًَا لَهُ فِعَالُ                      مَا لَمْ يَكُنْ فِي لاَمِهِ اعتِلاَلُ"

أي يطرد فِعال أيضًا في فَعَل نحو: جبل وجبال، وجمل وجمال.
وإنما يطرد فِعال في فعل بشروط ثلاثة: الأول أن يكون صحيح اللام، فلا يطرد في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= وفاعله ضمير مستتر تقديره: "أنا". "عني": جار ومجرور متعلقان بـ"صداد". "غير": مفعول به ثان لـ"أرى" إذا اعتبرتها قلبية، أو حال إذا اعتبرتها بصرية، وهو مضاف. "صداد": مضاف إليه مجرور.
وجملة "أبصارهن مائلة" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "وقد أراهن" في محل نصب حال.
الشاهد فيه قوله: "صداد": جمعًا لـ"صادة"، بدليل ضمير الإناث في "أبصارهن" و"أراهن"؛ وجمع "فاعله" على "فعال" نادر.

 

ج / 3 ص -396-        نحو: فتى، وإلى ذلك أشار بعجز البيت، والثاني: أن لا يكون مضعفًا، فلا يطرد في نحو: طلل، والثالث: أن يكون اسمًا لا صفة، نحو: بطل، وإلى الثاني الإشارة بقوله: "أوْ يَكُ مُضْعَفًَا" وأما الثالث فذكره في التسهيل.
"ومِثْلُ فَعَل ذُو التَّا" منه نحو: فَعَلَة فيجمع على فِعال باطراد نحو: رقبة ورقاب، ويشترط فيها ما يشترط في فَعَل "وفِعْلٌ مَعَ فُعْلٍ" أي يطرد فيهما أيضًا فِعَال "فَاقْبَلِ" نحو: قِدح وقداح، ورمح ورماح، ويشترط لاطراده فيهما أن يكونا اسمين كما مثل احترازًا من نحو: جلف وحلو، ويشترط في ثانيهما أن لا يكون واوي العين كحوت، ولا يائي اللام كمُدْي.
811-

وفي فعيل وصف فاعل ورد                         كذاك في أنثاه أيضًا اطرد

"وفي فَعِيْلٍ وَصْفَ فَاعِلٍ وَرَدْ" أيضًا فِعَال "كَذَاكَ في أُنْثَاهُ" أي أنثى فعيل يعني فعيلة "أيضًا اطَّرَدْ" بشرط صحة لامهما نحو: ظريف وظراف وظريفة وظراف، واحترز عن فعيل وصف مفعول وأنثاه نحو: جريح وجريحة فلا يقال: فيهما جراح، والاحتراز بصحة اللام عن نحو: قوي وقوية فلا يقال: فيهما قواي.
812-

وشاع في وصف على فَعْلانا                           أو أنثييه أو على فُعْلانا

813-

ومثله فُعْلانة والزمه في                            نحو طويل وطويلة تفي

"وَشَاعَ": أي كثر فِعَال "فِي وَصْفٍ عَلَى فَعْلانا" بفتح الفاء "وَأُنْثَيَيْهِ" أي أنثى فَعْلان وهما فَعْلى وفَعْلانة نحو: غضبان وغضاب وغضبى وغضاب، وندمانة وندام "أوْ" وصف "عَلَى فُعْلاَنَا" بضم الفاء "ومِثْلُهُ" أنثاه "فُعْلاَنَةٌ" نحو: خمصان وخماص وخمصانة وخماص.
تنبيه: أفهم بقوله "وشاع" أنه لا يطرد فيها وهو ما صرح به في شرح الكافية، وكلامه في التسهيل يقتضي الاطراد.
"وَالْزَمْهُ" أي فِعَالا "في نحو طَوِيلٍ وَطَوِيلَةٍ تَفِي" والمراد بنحوهما ما كان عينه واوًا ولامه صحيحة من فعيل بمعنى فاعل وفعيلة أنثاه؛ فتقول فيهما: طوال، ومعنى اللزوم أنه

 

ج / 3 ص -397-        لا يجاوز في نحو: طويل وطويلة إلا إلى التصحيح نحو: طويلين وطويلات.
تنبيه: قد اتضح مما تقدم أن فعالا مطرد في ثمانية أوزان: فَعْل كصعب، وفَعْلة كقصعة، وفَعَل كجبل، وفَعَلة كرقبة، وفِعْل كذئب، وفُعْل كرمح، وفعيل وفعيلة، وشائع في خمسة أوزان: فعلان كغضبان، وفعلى كغضبى، وفعلانة كندمانة، وفعلان كخمصان، وفعلانة كخمصانة، ومما يحفظ فيه: فعول كخروف وخراف، وفِعْلة كلقحة ولقاح، وفِعْل كنمر ونمار، وفِعْلة كنمرة ونمار، وفَعَالة كعباءة وعباء، وفي وصف على فاعل كصائم وصيام، أو فاعلة كصائمة وصيام، أو فعلى كرُبَّى ورباب، أو فعال كجواد وجياد، أو فعال كهجان للمفرد والجمع، أو فعيل كخير وخيار، أو أفعل كأعجف وعجاف، أو فعلاء كعجفاء وعجاف، أو فعيل بمعنى مفعول كربيط ورباط، وفي اسم على فُعْلة كبرمة وبرام، أو فَعْل كربع ورباع، أو فُعُل كجُمُد وجماد، أو فعلان كسرحان وسراح، أو فعيل كفصيل وفصال، أو فَعُل كرجل ورجال.
814-

وبفعول فَعِل نحو كبد                            يخص غالبًا كذاك يطرد

815-

في فَعْل اسما مطلق الفا وفَعَل                       له، وللفُعَال فِعلانٌ حصل

816-

وشَاعَ في حوت وقاع مع ما                      ضاهاهما وقل في غيرهما

"وبِفُعُولٍ فَعِلٌ نحو كَبِدْ يُخَصُّ غَالِبا" أي من أمثلة جمع الكثرة فعول، وهو مطرد في اسم على فَعِل نحو: كبد وكبود ونمر ونمور، وأشار بقوله "يخص" إلى أنه لا يجاوز فعولا إلى غيره من جموع الكثرة غالبًا، وأشار بقوله "غالبًا" إلى أنه قد يجمع على غير فعول نادرًا نحو: نَمِر ونُمُر ونمار أيضًا كما مر "كَذَاكَ يطَّرِدْ فِي فَعْلٍ اسْمًا مُطْلَقَ الفَا" أي يطرد أيضًا فعول في اسم على فَعل أو فُعل أو فِعل، وهو معنى قوله مطلق الفا نحو: كعب وكعوب، وحمل وحمول، وجند وجنود، واحترز بالاسم عن الوصف نحو: صعب وجلف وحلو، فلا يجمع على فعول إلا ما شذ من ضيف وضيوف.
تنبيه: اطراد فعول في فعل مشروط بأن لا تكون عينه واوًا، كحوض وشذ فووج في فوج، ومشروط في فعل بأن لا تكون عينه واوًا أيضًا كحوت، ولا لامه ياء كمدي، وأن لا

 

ج / 3 ص -398-        يكون مضاعفًا، نحو: خف، وشذ نُئِي في نُؤْي، ومنه قالت "من الوافر":
1178-

خَلَتْ إلا أيَاصِرَ أوْ نُئيا                       "محافرها كأشربة الإضينا"

والنؤي: حفيرة حول الخباء لئلا يدخله ماء المطر، وشذ حص وحصوص والحص -بالمهملتين- وهو الورس.
"وَفَعَلْ لَهُ" فعل مبتدأ، وله: خبره، والضمير لفُعُول، أي فَعَل من أفراد فُعُول، نحو: أسد وأسود، وشجن وشجون، وندب وندوب، وذكر وذكور.
تنبيهات: الأول تردد كلام المصنف في أن فُعُولا مقيس في فَعل أو محفوظ، فمشى في التسهيل على الأول، وفي شرح الكافية على الثاني وبه جزم الشارح، وظاهر كلامه هنا موافقة التسهيل فإنه لم يذكر في هذا النظم غالبًا إلا المطرد ولما1 يذكر غيره يشير إلى عدم اطراده غالبًا بقد أو نحو: قلّ أو ندر، وأما قول الشارح ويحفظ فعول في فعل ولذلك قال: يعني المصنف وفَعَل له يعني له فُعُول ولم يقيده باطراد فعلم أنه محفوظ، ففيه نظر؛ لأن مثل هذه العبارة إنما يستعملها المصنف في الغالب في المطرد على ما هو بين من صنيعه.
الثاني: إذا قلنا إن فُعُولا مقيس في فعَل فذلك بشرطين: أن يكون اسمًا، وأن لا يكون

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1178- التخريج: البيت للطرماح في لسان العرب 14/ 38 "أضا"، وليس في ديوانه.
شرح المفردات: الأياصر: ج الأيصر، وهو العشب اليابس. النئي: ج النؤي، وهو حفيرة تجعل حول الخيمة لئلا يدخلها المطر. المحافر: ج المحفر، وهو المسحاة. وما يحفر به. الإضين: ج الأضاة، وهي الماء المستنقع من سيل أو غيره.
الإعراب: "خلت":  فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر تقديره: "هي"، والتاء للتأنيث. "إلا": حرف استثناء. "أياصر": اسم منصوب على الاستثناء. "أو": حرف عطف. "نئيا": معطوف على "أياصر". "محافرها": مبتدأ مرفوع، وهو مضاف، و"ها" ضمير في محل جر بالإضافة. "كأشربة": جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، وهو مضاف. "الإضينا": مضاف إليه مجرور بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، والألف للإطلاق.
وجملة: "خلت" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "محافرها كأشربة الإضينا" في محل نعت صفة لـ"أياصر".
الشاهد فيه قوله: "نئيا" في جمع "نؤي" وأصله "نؤوي" فاجتمعت الواو والياء في كلمة، وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء، ثم أدغمت الياء بالياء.
1 هذا التعبير عامي.

 

ج / 3 ص -399-        مضاعفًا، فلا يقال: في نَصَف نصوف، ولا في لبب لبوب، وشذ في طلل طلول.
الثالث: جعل المصنف فعولا في التسهيل على ثلاث مراتب: مقيسًا في الأوزان الأربعة المذكورة في النظم بشروطها المذكورة، ومسموعًا في فاعل وصفًا غير مضاعف كراد ولا معتل العين كقائم نحو: شاهد وشهود وفي نحو: فسل وفوج وساق وبدرة وشعبة وقنة، وشاذًا في نحو: ظريف وأنسة وحص وأسِينة1.
"وَلِلْفُعَالِ فِعْلاَنٌ حَصَلْ" أي من أمثلة جمع الكثرة فعلان -بكسر الفاء- وهو مطرد في اسم على فعال نحو: غراب وغربان وغلام وغلمان وقد تقدم عند قوله: "وغالبًا أغناهم فعلان في فعل" التنبيه على اطراده في فُعل نحو: صرد وصردان "وَشَاعَ" أي كثر فعلان "فِي حُوتٍ وقاع مَعَ مَا ضاهَاهُمَا" من كل اسم على فُعْل أو على فَعَل واوي العين، فالأول نحو: حوت وحيتان، ونون ونينان، وكوز وكيزان، والثاني نحو: قاع وقيعان، وتاج وتيجان، وجار وجيران.
تنبيه: هو مطرد في الأول من هذين كما صرح به في شرح الكافية واقتضاه كلام التسهيل.
"وَقَلَّ فِي غَيْرِهِمَا" أي مجيء فعلان في غير ما ذكر قليل يحفظ ولا يقاس عليه، فمن ذلك في الأسماء قنو وقنوان، وصوار وصيران -والصوار قطيع بقر الوحش- وغزال وغزلان، وخروف وخرفان، وظليم وظلمان -والظليم ذكر النعام- وحائط وحيطان، ونسوة ونسوان، وعيد وعيدان، وبُركة وبركان -والبركة بالضم اسم لبعض طير الماء- وقضفة وقضفان -والقضفة بالفتح الأكمة- وفي الأوصاف: شيخ وشيخان، وشجاع وشجعان.
تنبيه: مقتضى كلامه هنا وفي شرح الكافية -وعليه مشى الشارح- أن فعلانًا لا يطرد في فعل صحيح العين كخرب وخربان، وأخ وإخوان ومقتضى كلامه في التسهيل اطراده فيه والحرب ذكر الحبارى.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الأسينة: السير يضفر ليتخذ عنانًا.

 

ج / 3 ص -400-        817-

"وَفَعْلا اسْمًا وَفَعِيلا وَفَعَلْ                     غيْرَ مُعَلِّ العيْنِ فُعْلاَنٌ شَمَلْ"

أي من: أمثلة جمع الكثرة فعلان -بضم الفاء- وهو مقيس في اسم على فعل نحو: بطن وبطنان، وظهر وظهران، أو فعيل نحو: قضيب وقضبان، ورغيف ورغفان، أو فعل صحيح العين نحو: ذكر وذكران، وجمل وجملان، وخرج بقوله اسمًا نحو: ضخم وجميل وبطل، وبقوله غير معل نحو: فود، فلا يجمع شيء منها على فُعْلان.
تنبيهات: الأول ذكر المصنف في شرح الكافية وتبعه الشارح في أمثلة فعل نحو: جذع وجذعان وذكر في التسهيل أن فعلان يحفظ في جذع ولا يقاس عليه لأنه صفة، الثاني اقتضى كلامه أن نحو: ذئب وذؤبان غير مقيس، وصرح في شرح الكافية بأنه قليل لكنه في التسهيل عدّه من المقيس.
الثالث: اقتضى كلامه أيضًا أن فَعلان مقيس في نحو: سيف وقوس وقاع وعويل لأنه لم يشترط صحة العين إلا في الأخير وهو فعل بفتحتين.
الرابع: مما يحفظ فيه فعلان فاعل كحاجز وحجزان، وأفعل فعلاء كأسود وسودان وأعمى وعميان، وفعال كحوار وحوران وزقاق وزقان ذكرها سيبويه، وفعلة كقضفة وقضفان، وفعول كقعود وقعدان.
818-

ولكريم وبخيل فُعَلا                        كذا لما ضاهاهما قد جُعِلا

819-

وناب عنه أفْعِلاء في المعل                        لاما ومضعف وغير ذاك قل

 

"وَلِكَرِيمٍ وَبخيلٍ فُعَلاَ                       كَذَا لِمَا ضَاهَاهُمَا قَدْ جُعِلاَ"

أي: من أمثلة جمع الكثرة "فُعَلاء"، وهو مقيس في فعيل وصفًا لمذكر عاقل بمعنى اسم فاعل غير مضاعف ولا معتل اللام، فشمل الذي بمعنى اسم الفاعل ما كان بمعنى فاعل، نحو: كريم وبخيل وظريف، وما كان بمعنى مفعل نحو: سميع بمعنى مسمع، وما كان بمعنى مفاعل نحو: خليط بمعنى مخالط، فكلها تجمع على فعلاء فيقال: كرماء وبخلاء وظرفاء وسمعاء وخلطاء، وخرج بالوصف الاسم نحو: قضيب

 

ج / 3 ص -401-        ونصيب فلا يقال: قضباء ولا نصباء، وبالمذكر المؤنث نحو: رميم وشريفة فلا يقال: عظام رمماء ولا نساء شرفاء، وأما خلفاء في جمع خليفة ونساء سفهاء فبطريق الحمل على المذكر، وبالعاقل غير العاقل نحو: مكان فسيح فلا يقال: في جمعه فسحاء، وبكونه بمعنى فاعل نحو: قتيل وجريح فلا يقال: قتلاء ولا جرحاء، وشذ دفين ودفناء، وسجين وسجناء، وجليب وجلباء، وستير وستراء، حكاهن اللحياني، وندر أسير وأسراء، وبكونه غير مضاعف نحو: شديد ولبيب فلا يقال: شدداء ولا لبباء، وبكونه غير معتلّ اللام نحو: غني وولي فلا يجمع على فعلاء، وندر تقي وتقواء، وسخي وسخواء، وسري وسرواء.
تنبيهات: الأول أشار بذكر المثالين إلى استواء وصف المدح والذم مما استكمل الشروط في الجمع على فُعَلاء.
الثاني: قوله "كذا لما ضاهاهما" أي شابههما يشمل ثلاثة أمور: المشابهة في اللفظ والمعنى نحو: ظريف وشريف وخبيث ولئيم، والمشابهة في اللفظ دون المعنى نحو: قتيل وجريح وهذا غير صحيح لما عرفت والمشابهة في المعنى دون اللفظ نحو: صالح وشجاع وفاسق وخُفاف بمعنى خفيف، من كل وصف دلّ على سجية مدح أو ذم، وهذا صحيح أيضًا وعليه حمل الشارح معنى كلام الناظم، لكنه يوهم أن كل وصف دلّ على سجية مدح أو ذم يجمع على فعلاء وأن ذلك مطرد فيه، وليس كذلك فيهما. أما الأول فواضح البطلان، وأما الثاني فإن المصنف ذكر في التسهيل أنه لا يقاس منه إلا ما كان على فاعل أو فعال كما مثلت، وذكر فيه وفي شرح الكافية أن نحو: جبان وسمح وخِلم وهو الصديق مما ندر جمعه على فعلاء، وكذلك قولهم في جمع رسول رسلاء، وفي جمع ودود ودداء، فكل هذا مقصور على السماع.
الثالث: ما ذكرته من أن كل وصف دلّ على سجية مدح أو ذم وهو على فاعل أو فعال حكمه حكم فعيل المذكور في الجمع على فعلاء هو ما في التسهيل كما تقدم، واقتصر في شرح الكافية وتبعه الشارح على فاعل وعلى معنى المدح بل ذكر في الكافية أن فَعَالا مما يقتصر فيه على السماع انتهى.
"ونَابَ عَنْهُ" أي عن فعلاء "أَفْعِلاَءُ فِي المُعَلْ لاَمًا ومُضْعَفٍ" من فعيل المتقدم ذكره، فالمعتل نحو: غني وأغنياء وولي وأولياء، والمضعف نحو: شديد وأشداء وخليل

 

ج / 3 ص -402-        وأخلاء، وهذا لازم إلا ما ندر، وتقدم أنه ندر تقي وتقواء وسخي وسخواء وسري وسرواء، وأشار بقوله "وغيرُ ذَاكَ قَلّ" إلى أن ورود أفعلاء في غير المضعف والمعتل قليل، نحو: صديق وأصدقاء وظنين وأظناء ونصيب وأنصباء وهين وأهوناء، فلا يقاس عليه بخلاف الأول.
820-

فواعل لفوعل وفاعل                             وفاعلاء مع نحو كاهل

821-

وحائض وصاهل وفاعله                    وشذ في الفارس مع ما ماثله

 

"فَوَاعِلٌ لِفَوْعَلٍ وفَاعَلِ                            وفَاعِلاَءَ مَعَ نحوِ كَاهِلِ"

"وحَائِضٍ وصَاهِلٍ وفَاعِلَهْ" أي من أمثلة جمع الكثرة فواعل، وهو مطرد في هذه الأنواع السبعة: أولها فوعل نحو: جوهر وجواهر، وثانيها فاعل -بفتح العين- نحو: طابع وطوابع، وثالثها فاعلاء نحو: قاصعاء وقواصع، ورابعها فاعل اسمًا علمًا أو غير علم نحو: جابر وجوابر وكاهل وكواهل، وإلى هذا التنويع الإشارة بلفظ "نحو"، وخامسها فاعل صفة مؤنث عاقل نحو: حائض وحوائض، وسادسها فاعل صفة مذكر غير عاقل نحو: صاهل وصواهل، وسابعها فاعلة مطلقًا نحو: ضاربة وضوارب وفاطمة وفواطم وناصية ونواص، وزاد في الكافية ثامنًا وهو فوعلة نحو: صومعة وصوامع، وذكر في التسهيل ضابطًا لهذه الأنواع فقال: فواعل لغير فاعل الموصوف به مذكر عاقل مما ثانيه ألف زائدة أو واو غير ملحقة بخماسي، واحترز بقوله غير ملحقة بخماسي من نحو: خورنق، فإنك تقول في جمعه خرانق بحذف الواو، ولا خلاف في اطراد فواعل في هذه الأنواع إلا السادس، فقال: جماعة من المتأخرين إنه شاذ، ونسبهم في شرح الكافية إلى الغلط في ذلك، وقال: نص سيبويه على اطراد فواعل في فاعل صفة لمذكر غير عاقل، قال: وإنما الشاذ في نحو: فارس وفوارس، يعني فيما كان الفاعل صفة لمذكر عاقل، وقد أشار إلى هذا بقوله: "وَشَذَّ فِي الْفَارِسِ مَعْ مَا مَاثَلَهْ" وذلك قولهم في فارس وناكس وهالك وغائب وشاهد: فوارس ونواكس وهوالك وغوائب وشواهد، وكلها صفات للمذكر العاقل، وتأول بعضهم ما ورد من ذلك على أنه صفة لطوائف فيكون على القياس، فيقدر في قولهم هالك في الهوالك في الطوائف الهوالك، قيل وهو ممكن إن لم يقولوا رجال هوالك.

 

ج / 3 ص -403-        تنبيه: شذ أيضًا فواعل في غير ما ذكر، نحو: حاجة وحوائج ودخان ودواخن وعثان وعواثن.
822-

"وَبِفَعَائِلَ اجْمَعَنْ فَعَالَه                            وَشِبْهَهُ ذا تَاء اوْ مُزَالَهْ"

أي: من أمثلة جمع الكثرة فعائل، وهو لكل رباعي مؤنث بمدة قبل آخره مختومًا بالتاء أو مجردًا منها، فتلك عشرة أوزان: خمسة بالتاء، وخمسة بلا تاء: فالتي بالتاء فَعَالة نحو: سحابة وسحائب، وفِعَالة نحو: رسالة ورسائل، وفُعَالة نحو: ذؤابة وذوائب، وفَعُولة نحو: حمولة وحمائل، وفَعِيلة نحو: صحيفة وصحائف، والتي بلا تاء: فَعَال نحو: شمال وشمائل، وفُعال نحو: عقاب وعقائب، وفَعُول نحو: عجوز وعجائز، وفَعيل نحو: سعيد علم امرأة يقال: في جمعه سعائد، قال: في شرح الكافية: وأما فعائل جمع فعيل من هذا القبيل فلم يأت اسم جنس فيما أعلم، لكنه بمقتضى القياس يكون لعلم مؤنث كسعائد جمع سعيد اسم امرأة.
تنبيهات: الأول شرط هذه المثل المجردة من التاء أن تكون مؤنثة، فلو كانت مذكرة لم تجمع على فعائل إلا نادرًا كقولهم جزور وجزائر وسماء بمعنى المطر وسمائي ووصيد ووصائد.
الثاني: شرط ذوات التاء من هذه المثل سوى فعيلة الاسمية كما في المثل المذكورة، كذا في التسهيل، ولعله للاحتراز عن امرأة جبانة وفروقة وناقة جلالة بضم الجيم أي عظيمة، فلا تجمع هذه الأوصاف على فعائل، وشرط فعيلة أن لا تكون بمعنى مفعولة احترازًا من نحو: جريحة وقتيلة فلا يقال: جرائح ولا قتائل، وشذ قولهم ذبيحة وذبائح.
الثالث: ظاهر كلامه هنا وفي الكافية اطراد فعائل في هذه الأوزان العشرة، وذكر في التسهيل أن المجردات من التاء سوى فعيل يحفظ فيها فعائل وأن أحقهن به فعول، وأما فعيل فلم يذكره في التسهيل لأنه لم يحفظ فيه فعائل كما تقدم، وهذا يدل على أن فعائل غير مطرد في الأوزان المجردة وتبعه في الارتشاف.
الرابع: ذكر في التسهيل أن فعائل أيضًا لنحو: جُرائض، وقَريثاء وبَراكاء وجَلولاء،

 

ج / 3 ص -404-        وحبارى، وحَزابية إن حذف ما زيد بعد لاميهما1، ولنحو: ضَرة، وطَنة2، وحرة، وظاهره الاطراد فيما وازن هذه الألفاظ، وإنما قيد حبارى وحزابية بحذف ثاني زائديهما للاحتراز عن حذف أول الزائدين فتقول عند حذفهما حبائر وحزائب وإن حذفت الأول فقط قلت حبارى وحزابى، اهـ.
823-

"وَبِالْفَعَالِي وَالْفَعَالَى جُمِعَا                   صَحْرَاءُ وَالعَذْرَاءُ وَالْقَيْسَ اتْبَعَا"

أي من أمثلة جمع الكثرة الفعالِي بالكسر والفعالي بالفتح ولهما اشتراك وانفراد.
فيشتركان في أنواع: الأول فعلاء اسمًا نحو: صحراء وصحار وصحارى، والثاني فعلى اسمًا نحو: عَلقى وعلاق وعلاقى، الثالث فعلى اسمًا نحو: ذِفرى وذفار وذفارى، والرابع: فعلى وصفا لأنثى أفعل نحو: حبلى وحبال وحبالى، والخامس فعلاء وصفًا لأنثى نحو: عذراء وعذار وعذارى، هذه كلها مقيسة كما أشار إليه بقوله: والقيس اتبعا، إلا فعلاء وصفًا لأنثى نحو: عذراء فإن الفعالي والفعالى غير مقيسين فيه بل محفوظان كما نص عليه في التسهيل، بخلاف ما اقتضاه كلامه هنا، وفي شرح الكافية: ويشتركان أيضًا في جمع مَهرى قالوا: مهار ومهارى، ولا يقاس عليهما.
وينفرد الفعالِي بالكسر في نحو: حِذرية وسِعلاة وعَرقُوة والمأقى، وفيما حذف أول زائديه من نحو: حَبَنْطَى وَعَفَرْنى وعَدَوْلى وقَهَوْباة وبُلَهْنِيَة وقلنسوة وحبارى، وندر في أهل، وعشرين، وليلة، وكيكة، وهي البيضة.
وينفرد فعالى بالفتح في وصف على فعلان نحو: سكران وغضبان، وعلى فعلى نحو: سكرى وغضبى، ويحفظ في نحو: حَبِطَ ويتيم وأيِّم وطاهر وشاة ورئيس وهي التي أصيب رأسها.
واعلم أن فعالى -بضم الفاء- في جمع نحو: سكران وسكرى راجح على فعالى بفتحها، وفي غير يتيم من نحو: قديم وأسير مستغنى به عنه، وفي غير ذلك مستغنى عنه.
تنبيهات: الأول إنما لم يذكر هنا ما ينفرد به فعالى من نحو: حذرية وما بعدها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 لام "حبارى" الراء، ولا "حزابية" الباء.
2 الطنة: ضرب من الرطب.

 

ج / 3 ص -405-        لأنه مستفاد من قوله بعد: "وبفعالل وشبهه انطقا" وسيأتي بيانه، ولكنه أخل بفعالى بضم الفاء فلم يذكره.
الثاني: قالوا في جمع صحراء وعذراء أيضًا صحاريّ وعذاري بالتشديد وسيأتي.
الثالث: فعالي -بالتشديد- هو الأصل في جمع صحراء ونحوها وإن كان محفوظًا لا يقاس عليه؛ لأن وزن صحراء فعلال فجمعه على فعاليل يقلب الألف التي بين اللامين ياء لانكسار ما قبلها، ويقلب ألف التأنيث -وهي الثانية في نحو: صحراء- ياء وتدغم الأولى فيها، ثم أنهم آثروا التخفيف فحذفوا إحدى الياءين، فمن حذف الثانية قال: الصحاري بالكسر وهذا هو الغالب، ومن حذف الأولى قال: الصحارى بالفتح وإنما فتح الراء وقلب الياء ألفًا لتسلم من الحذف عند التنوين.
824-

"وَاجْعَلْ فَعَالِيَّ لِغَيْرِ ذِي نَسَبْ                     جُدِّدَ كالْكُرْسِيِّ تَتْبَعِ الْعَرَبْ"

أي من أمثلة جمع الكثرة فعاليّ، وهو لثلاثي ساكن العين مزيد آخره ياء مشددة لغير تجديد نسب، نحو: كرسي وكراسي، وكركي وكراكي.
واحترز بقوله "لغير ذي نسب جدد" من نحو: تركي؛ فلا يقال: فيه تراكي. وأما أناسي فجمع إنسان لا إنسي وأصله أناسين فأبدلوا النون ياء كما قالوا: ظربان وظرابي، وعلامة النسب المتجدد جواز سقوط الياء، وبقاء الدلالة على معنى مشعور به قبل سقوطها.
تنبيهات: الأول قد تكون الياء في الأصل للنسب الحقيقي ثم يكثر استعمال ما هي فيه حتى يصير النسب منسيًا أو كالمنسي فيعامل الاسم معاملة ما ليس منسوبًا، كقولهم في مهرى: مهاري، وأصله البعير المنسوب إلى مهرة قبيلة باليمن، ثم كثر استعماله حتى صار اسمًا للنجيب من الإبل.
الثاني: ذكر في التسهيل أن هذا الجمع أيضًا لنحو: علباء وقوباء وَحَوْلايا، وأنه يحفظ في نحو: صحراء وعذراء وإنسان وظربان.
الثالث: هذا آخر ما ذكره في النظم من أمثلة تكسير الثلاثي المجرد والمزيد فيه غير

 

ج / 3 ص -406-        الملحِق والشبيه به، وجملة الأبنية الموضوعة للكثرة منها أحد وعشرون بناء.
وزاد في الكافية أربعة أبنية: فُعالى وفعيل وفُعال وفعلى.
أما فعالى فنحو سكارى، وهو لوصف على فعلان وفعلى، وقد تقدم ذكره وأنه يرجح على فعالى بالفتح في هذين الوصفين.
وأما فعيل وفعال بضم الفاء نحو: عبيد جمع عبد وظؤار جمع ظئر ففيهما خلاف ذكر بعضهم أنهما اسما جمع على الصحيح، وقال: في التسهيل الأصح أنهم مثالا تكسير لا اسما جمع، فإن ذكر فعيل فهو اسم جمع لا جمعكما سيأتي بيانه.
وأما فعلى فلم يسمع جمعًا إلا في حجلى جمع حجل وظربى جمع ظربان، ومذهب ابن السراج أنه اسم جمع لا جمع، وقال: الأصمعي: الحجلى لغة في الحجل.
وذهب الأخفش إلى أن نحو: ركب وصحب جمع تكسير، ومذهب سيبويه أنه اسم جمع وهو الصحيح لأنه يصغر على لفظه، وذهب الفراء إلى أن كل ما له واحد موافق في أصل اللفظ نحو: ثمر وثمار جمع تكسير وليس بصحيح.
825-

وبفعالل وشبه انطقا                   في جمع ما فوق الثلاثة ارتقى

826-

من غير ما مضى ومن خماسي                        جرد الآخر انف بالقياس

827-

والرابع الشبيه بالمزيد قد                       يحذف دون ما به تم العدد

828-

وزائد العادي الرباعي احذفه ما                       لم يك لينا إثره اللذ ختما

 

"وَبِفَعَالِلَ وَشِبْهِهِ انْطِقَا                  فِي جَمْعِ مَا فَوْقَ الثَّلاَثَةِ ارْتَقَى"

أي: من أمثلة جمع الكثرة فعالل وشبهه، والمراد بشبهه ما يماثله في العدة والهيئة وإن خالفه في الوزن نحو: مفاعل وفياعل، أما فعالل فيجمع عليه كل ما زادت أصوله على ثلاثة، وأما شبهه فيجمع عليه كل ثلاثي مزيد إلا ما أخرجه بقوله "مِنْ غَيْرِ مَا مَضَى" أي: وهو باب كبرى وسكرى وأحمر وحمراء ورام وكامل ونحوها مما استقرّ تكسيره على غير هذا البناء.
وشمل قوله "ما فوق الثلاثة" الرباعي وما زاد عليه، أما الرباعي فإن كان مجردًا جمع

 

ج / 3 ص -407-        على فعالل نحو: جعفر وجعافر، وزبرج وزبارج، وبرثن وبراثن، وسبطر وسباطر، وجَحدب وجحادب، وإن كان بزيادة جمع على شبه فعالل سواء كانت زيادته للإلحاق نحو: جوهر وجواهر، وصيرف وصيارف، وعلقى وعلاق؛ أم لغيره نحو: أصبع وأصابع، ومسجد ومساجد، وسلم وسلالم، ما لم يكن مما تقدم استثناؤه، وأما الخماسي فهو أيضًا إما مجرد وإما بزيادة: فإن كان مجردًا فقد أشار إليه بقوله:
"وَمِنْ خُمَاسِي جُرِّدَ الآخِرَ انْفِ بِالْقِيَاس" "الآخر": مفعول مقدم لـ"انف"، ومن خماسي: متعلق بانف، وكذلك بالقياس: أي انف الآخر -أي: احذفه- من الخماسي المجرد عند جمعه قياسًا لتتوصل بذلك إلى بناء فعالل، فتقول في سفرجل سفارج، وفي فرزدق فرازد، وفي خورنق خوارن.
ثم إن كان رابع الخماسي شبيهًا بالزائد لفظًا أو مخرجًا جاز حذفه وإبقاء الخامس، وإلى ذلك الإشارة بقوله:

"وَالرَّابعُ الْشَّبِيهُ بِالمَزِيْدِ قَدْ                      يُحْذَفُ دُوْنَ مَا بِهِ تَمَّ الْعَدَدْ"

أي دون الخامس، مثال ما رابعه شبيه بالزائد لفظًا خورنق؛ فإن النون من حروف الزيادة، ومثال ما رابعه شبيه بالزائد مخرجًا فرزدق، فإن الدال من مخرج التاء وهي من حروف الزيادة، فلك أن تقول فيهما خوارق وفرازق، لكن خوارن وفرازد أجود، وهذا مذهب سيبويه، وقال: المبرد لا يحذف في مثل هذا إلا الخامس، وخوارق وفرازق غلط. وأجاز الكوفيون والأخفش حذف الثالث كأنهم رأوه أسهل لأن ألف الجمع تحل محله فيقولون خوانق وفرادق.
وأما الخماسي بزيادة فإنه يحذف زائده آخرًا كان أو غير آخر، نحو: سبطرى وسباطر1، وفدوكس وفداكس2، ومدحرج ودحارج كما أشار إليه بقوله:
"وَزَائِدَ الْعَادِي الرُّبَاعِي احْذِفْهُ" أي احذف زائد مجاوز الرباعي "مَا لَمْ يَكُ لَيْنا إثْرَهُ اللَّذْ خَتَمَا" "اللذ" لغة في الذي وهو مبتدأ وصلته ختمًا، وإثره: ظرف هو الخبر.
أي: إنما يحذف زائد الخماسي إذا لم يكن حرف لين قبل الآخر كما رأيت، فإن كان

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 السبطرى: مشية فيها تبختر، واسبطرت الإبل: أسرعت.
2 الفدوكس: الأسد، والرجل الشديد.

 

ج / 3 ص -408-        كذلك لم يحذف، بل يجمع على فعاليل ونحوه، نحو: عصفور وعصافير، وقرطاس وقراطيس، وقنديل وقناديل.
وشمل قوله وزائد العادي الرباعي نحو: قبعثرى مما أصوله خمسة، فهذا ونحوه إذا جمع حذف منه حرفان الزائد وخامس الأصول؛ فتقول فيه قباعث.
وشمل "لينًا" ما قبله حركة مجانسة كما مثل، وما قبله حركة غير مجانسة نحو: غُرْنَيْق وفردوس: فتقول فيهما غرانيق وفراديس، وخرج عن ذلك ما تحرك فيه حرف العلة نحو: كنهور وهَبيخ فإن حرف العلة فيه لا يقلب ياء بل يحذف: فتقول كناهر وهبائخ لأن حرف العلة حينئذٍ ليس حرف لين.
وخرج أيضًا نحو: مختار ومنقاد فإنه لا يقال: فيهما مخاتير ومناقيد بقلب الألف ياء لأنها ليست زائدة بل منقلبة عن أصل: فيقال: مخاتر ومناقد لما سبق.
829-

"وَالْسِّيْنَ وَالتا مِنْ كـ"مُسْتَدْعٍ" أَزِل                   إذْ بِبنَا الْجَمْعِ بَقَاهُمَا مُخِل"

يعني أنه إذا كان في الاسم من الزوائد ما يخل بقاؤه بمثالي الجمع -وهما فعالل وفعاليل- توصل إليهما بحذفه، فإن تأتي أحد المثالين بحذف بعض وإبقاء بعض أبقي ما له مزية في المعنى أو اللفظ: فتقول في مستدع: مداع بحذف السين والتاء معًا لأن بقاءهما يخل ببنية الجمع، وأبقيت الميم لأن لها مزية في المعنى عليهما لكون زيادتها لمعنى مختص بالأسماء بخلافهما فإنهما يزادان في الأسماء والأفعال. وكذلك تقول في استخراج تخاريج فتؤثر استخراج بالبقاء على سينه لأن التاء لها مزية في اللفظ على السين لأن بقاءها لا يخرج إلى عدم النظير لأن تفاعيل موجود في الكلام كتماثيل بخلاف السين فإنها لا تزاد وحدها، فلو أفردت بالبقاء لقيل سخاريج ولا نظير له لأنه ليس في الكلام سفاعيل.
ومن المزية اللفظية أيضًا قولك في جمع مرمريس: مراريس، بحذف الميم وإبقاء الراء؛ لأن ذلك لا يجهل معه كون الاسم ثلاثيًا في الأصل؛ ولو حذفت الراء وأبقيت الميم

 

ج / 3 ص -409-        فقلت مراميس لأوهم كون الاسم رباعيًا في الأصل وأنه فعاليل لا فعافيل.
830-

والميم أولى من سواه بالبقا                      والهمز واليا مثله إن سبقا

"وَالمِيْمُ أَوْلَى مِنْ سِوَاهُ بِالبَقَا" لما له من المزية على غيره من أحرف الزيادة، وهذا لا خلاف فيه إذا كان ثاني الزائدين غير ملحق كنون منطلق، فتقول في جمعه: مطالق بحذف النون وإبقاء الميم، أما إذا كان ثاني الزائدين ملحقًا كسين مُقْعَنْسِس فكذلك عند سيبويه، فيقال: مقاعس، وخالف المبرد فحذف الميم وأبقى الملحق وهو السين لأنه يضاهي الأصل، فيقال: قعاسس، ورجح مذهب سيبويه بأن الميم مصدرة وهي لمعنى يخص الاسم فكانت أولى بالبقاء.
تنبيه: لا يعني بالأولوية هنا رجحان أحد الأمرين مع جوازهما؛ لأن إبقاء الميم فيما ذكر متعين لكونه أولى فلا يعدل عنه.
"وَالْهَمْزُ وَاليَا مِثْلُهُ" أي مثل الميم في كونهما أولى بالبقاء "إن سَبَقَا" أي تصدرا كما في ألندَد ويَلَنْدد فتقول في جمعهما أَلاَد ويَلاَدّ بحذف النون وإبقاء الهمزة والياء لتصدرهما ولأنهما في موضع يقعان فيه دالين على معنى بخلاف النون فإنها في موضع لا تدل فيه على معنى أصلا.
تنبيه: إبقاء الميم والياء والهمز في المثل المذكورة من المزية المعنوية.
831-

والياء لا الواو احذف ان جمعت ما                    كـ"حيزبون" فهو حكم حتما

"وَالْيَاءَ لاَ الْوَاوَ احْذِفِ إن جَمَعْتَ مَا كَحَيْزَبُونٍ" وعيطموس "فَهْوَ حُكْمٌ حُتِمَا" فتقول حزابين وعطاميس، بحذف الياء وإبقاء الواو فتقلب ياء لانكسار ما قبلها، وإنما أوثرت الواو بالبقاء في ذلك لأن الياء إذا حذفت أغنى حذفها عن حذف الواو لبقائها رابعة قبل الآخر فيفعل بها ما فعل بواو عصفور، ولو حذفت الواو أولا لم يغن حذفها عن حذف الياء لأنها ليست في موضع يؤمنها من الحذف.

 

ج / 3 ص -410-        832-

وخيروا في زائدي سرندى                       وكل ما ضاهاه كـ"العلندى"

"وَخَيَّرُوا فِي زَائِدَيْ سَرَنْدَى" وهما النون والألف "وَكُلِّ مَا ضَاهَاهُ" أي شابهه في تضمن زيادتين لإلحاق الثلاثي بالخماسي "كَالعَلَنْدَى" والحبنطى والعفرنى، فلك أن تحذف ما قبل الألف وتبقى الألف فتقلب ياء؛ فتقول سراد وعلاد وحباط وعفار، ولك عكسه: فتقول سراند وعلاند وحبانط وعفارن، وإنما خيروا في هذين الزائدين لثبوت التكافؤ بينهما لأنهما زيدا معًا لإلحاق الثلاثي بالخماسي فلا مزية لأحدهما على الآخر.
خاتمة: تتضمن مسائل:
الأولى: يجوز تعويض ياء قبل الطرف مما حذف أصلا كان أو زائدًا: فتقول في سفرجل ومنطلق: سفاريج ومطاليق، وقد ذكر هذا أول التصغير كما سيأتي.
الثانية: أجاز الكوفيون زيادة الياء في مماثل مفاعل وحذفها من مماثل مفاعيل فيجيزون في جعافر جعافير وفي عصافير عصافر، وهذا عندهم جائز في الكلام، وجعلوا من الأول:
{وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ}1، ومن الثاني: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ}2، ووافقهم في التسهيل على جواز الأمرين، واستثنى فواعل فلا يقال: فيه فواعيل إلا شذوذًا كقوله "من الطويل":
1179-

"عليها أسود ضاريات لبوسهم"                  سَوَابِيْغُ بِيْضٌ لاَ يُخَرِّقُهَا النَّبْلُ


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 القيامة: 15.
2 الأنعام: 59.
1179- التخريج: البيت لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص103؛ والدرر 6/ 280؛ والمقاصد النحوية 4/ 533؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 2/ 182.
اللغة: عليها: أي على الخيل. اللبوس: الدروع. السوابيغ: الدروع الكاملة. البيض: الصقيلة.
النيل: السهم. يخرق: يمزق.
المعنى: يقول: على الخيل فرسان معودون على الحرب، يرتدون الدروع الواسعة التي لا ينفذها النبل.
الإعراب: عليها: جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. أسود: مبتدأ مؤخر. ضاريات: نعت "أسود" مرفوع. لبوسهم: مبتدأ مرفوع، وهو مضاف، و"هم": ضمير متصل في محل جر بالإضافة.
سوابيغ: خبر المبتدأ مرفوع. بيض: نعت "سوابيغ" مرفوع. لا: نافية. يخرقها: فعل مضارع مرفوع، و"ها": ضمير في محل نصب مفعول به. النبل: فاعل مرفوع.
وجملة "عليها أسود": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "لبوسهم سوابيغ": في محل رفع نعت "أسود". وجملة "لا يخرقها النبل": في محل رفع نعت "لبوس".
الشاهد فيه قوله: "سوابيع": مفردة "سابغة" على وزن "فاعله" وجمعه على وزن "فواعل" فالقياس فيه: "سوابغ"، ولكن الشاعر زاد الياء للضرورة.

 

ج / 3 ص -411-        ومذهب البصريين أن زيادة الياء في مثل مفاعل وحذفها في مثل مفاعيل لا يجوز إلا للضرورة.
الثالثة: قد تدعو الحاجة إلى جمع الجمع كما تدعو إلى تثنيته؛ فكما يقال في جماعتين من الجمال "جمالان" كذلك يقال: في جماعات "جمالات"، وإذا قصد تكسير مكسر نظر إلى ما يشاكله من الآحاد فيكسر بمثل تكسيره، كقولهم في أعبد: أعابد، وفي أسلحة: أسالح، وفي أقوال: أقاويل، شبهوها بأسود وأساود وأجردة وأجارد وإعصار وأعاصير، وقالوا في مصران: مصارين، وفي غربان: غرابين تشبيهًا بسلاطين وسراحين.
وما كان من الجموع على زنة مفاعل أو مفاعيل لم يجز تكسيره؛ لأنه لا نظير له في الآحاد فيحمل عليه، ولكنه قد يجمع بالواو والنون كقولهم في نواكس: نواكسون، وفي أيامن: أيامنون، أو بالألف والتاء كقولهم في حدائد: حدائدات وفي صواحب: صواحبات، ومنه الحديث: $"إنكنّ لأنتنّ صَواحباتُ يوسف".
الرابعة: إذا قصد جمع ما صدره ذو أو ابن من أسماء ما لا يعقل قيل فيه: ذوات كذا، وبنات كذا؛ فيقال في جمع ذي القعدة: ذوات القعدة، وفي جمع ابن عرس: بنات عرس، ولا فرق في ذلك بين اسم الجنس غير العلم كابن لبون وبين العلم كابن آوى، والفرق بينهما أن ثاني الجزءين من علم الجنس لا يقبل أل بخلاف اسم الجنس.
وإذا قصد جمع علم منقول من جملة كبرق نحره توصل إلى ذلك بأن يضاف إليه ذو مجموعًا؛ فيقال: هم ذوو برق نحره، وفي التثنية هما ذوا برق نحره، ويساوي الجملة في هذا المركب دون إضافة على الصحيح؛ فيقال: هذان ذوا سيبويه، وهؤلاء ذوو سيبويه، وهما ذوا معدي كرب، وهم ذوو معدي كرب.
وما صنع بالجملة المسمى بها يصنع بالمثنى والمجموع على حده إذا ثنيا أو جمعا: فيقال: في تثنية زيدين مسمى به: هذان ذوا زيدين كما يقال: في تثنية كلبتي الحداد: هاتان

 

ج / 3 ص -412-        ذواتا كلبتين، ويقال: في الجمع ذوو زيدين وذوات كلبتين وعلى هذا فقس.
الخامسة: الفرق بين الجمع واسم الجمع واسم الجنس الجمعي من وجهين: معنوي ولفظي.
أما المعنوي فهو أن الاسم الدالّ على أكثر من اثنين إما أن يكون موضوعًا لمجموع الآحاد المجتمعة دالا عليها دلالة تكرار الواحد بالعطف، وإما أن يكون موضوعًا لمجموع الآحاد دالا عليها دلالة المفرد على جملة أجزاء مسماه، وإما أن يكون موضوعًا للحقيقة ملغى فيه اعتبار الفردية؛ فالأول هو الجمع وسواء كان له واحد من لفظه مستعمل كرجال وأسود أم لم يكن كأبابيل، والثاني هو اسم الجمع سواء كان له واحد من لفظه كركب وصحب أم لم يكن كقوم ورهط، والثالث هو اسم الجنس الجمعي ويفرق بينه وبين واحد بالتاء غالبًا نحو: تمر وتمرة، وجوز وجوزة، وكلم وكلمة، وربما عكس نحو: الكمء والجبء للواحد والكمأة والجبأة للجنس، وبعضهم يقول للواحد كمأة وللجنس كمء على القياس، وقد يفرق بينه وبين واحده بياء النسب نحو: روم ورمي، وزنج وزنجي.
أما اسم الجنس الإفرادي نحو: لبن وماء وضرب فإنه ليس دالا على أكثر من اثنين، فإنه صالح للقليل والكثير، وإذا قيل ضربة فالتاء للتنصيص على الوحدة.
وأما اللفظي فهو أن الاسم الدال على أكثر من اثنين إن لم يكن له واحد من لفظه فإما أن يكون على وزن خاص بالجمع أو غالب فيه أولا، فإن كان على وزن خاص بالجمع نحو: أبابيل وعباديد، أو غالب فيه نحو: أعراب فهو جمع واحد مقدر، وإلا فهو اسم جمع نحو: رهط وإبل، وإنما قلنا إن أعرابًا على وزن غالب لأن أفعالا نادر في المفردات كقولهم برمة أعشار، هذا مذهب بعض النحويين، وأكثرهم يرى أن أفعالا وزن خاص بالجمع، ويجعل قولهم برمة أعشار من وصف المفرد بالجمع، ولذلك لم يذكر في الكافية غير الخاص بالجمع، وليس الأعراب جمع عرب لأن العرب يعم الحاضرين والبادين، والأعراب يخص البادين خلافًا لمن زعم أنه جمعه، وإن كان له واحد من لفظه، فإما أن يميز من واحده بياء النسب نحو: روم، أو بتاء التأنيث ولم يلتزم تأنيثه نحو: تمر أولا فإن ميز بما ذكر ولم يلتزم تأنيثه فهو اسم الجنس الجمعي، وإن التزم تأنيثه فهو جمع نحو: تخم وتهم، حكم سيبويه بجمعيتهما لأن العرب التزمت تأنيثهما، والغالب على اسم الجنس الممتاز واحده بالتاء

 

ج / 3 ص -413-        التذكير، وإن لم يكن كذلك فإما أن يوافق أوزان الجموع الماضية أو لا؛ فإن وافقها فهو جمع، ما لم يساو الواحد في التذكير والنسب إليه فيكون اسم جمع، فلذلك حكم على غَزِيّ بأنه اسم جمع لغاز لأنه يساوي الواحد في التذكير، وحكم أيضًا على ركاب بأنه اسم جمع لركوبة لأنهم نسبوا إليه فقالوا: ركابي والجموع ولا ينسب إليها إلا إذا غلبت أو أهمل واحدها كما سيأتي في بابه، وإن خالف أوزان الجمع الماضية فهو اسم جمع نحو: صحب وركب؛ لأن فَعْلا ليس من أبنية الجمع خلافًا لأبي الحسن، والله أعلم.