شرح الكافية الشافية

باب النداء
مدخل
...
باب النداء: 1
"ص"
وللمنادى الناء أو كالناء "يا" ... وهكذا "أي" و"هيا" ثم"أيا"
وهمزة مفتوحة لمن دنا ... و"وا" بمندوب خصوصا قرنا2
"ش"
حروف التي ينبه بها المنادى عند البصريين خمسة: "يا" و"أيا" و"هيا" و"أيْ" الهمزة:
فمذهب سيبويه3أن الهمزة وحدها للقريب4 المصغي، وغيرها للبعيد مسافة، أو حكمًا.
__________
1سقط العنوان من هـ.
2 هكذا ورد هذا البيت في الأصل أما في باقي النسخ، فقد جاء كما يلي:
والدان همزا ذا انفتاح أعطيا ... وألزم المندوب "وا" أو لفظ "يا"
3 ينظر الكتاب 1/ 325.
4 هـ "للقرب".

(3/1288)


ومذهب المبرد1، ومن وافقه أن "أيا" و"هيا" للبعيد، و"أي" والهمزة للقريب، و"يا" لهما.
وزعم ابن برهان أن "أيا" و"هيا" للبعيد، والهمزة للقريب و"أي" للمتوسط، و"يا" للجميع.
وأجمعوا على جواز نداء القريب بما للبعيد على سبيل التوكيد، ومنعوا العكس.
وخصوا "وا"2 بالمندوب، وأجاز المبرد3 استعمالها في نداء البعيد، وزاد الكوفيون في نداء البعيد "آ" و"آي".
"ص"
و"يا" مع "الله"، ومضمر لزم ... ومع ذي استغاثة -أيضًا- حتم
واسم إشارة، وجنس يفرد ... والجنس في التعيين قد يجرد
وذو إشارة كـ"ثوبي حجر" ... و"ذا ارعواء" نحو ذين يندر4
__________
1 ينظر المتقضب 4/ 233.
2 هـ سقط "وا".
3 المقتضب 4/ 233.
4 هكذا ورد هذا البيت في جميع النسخ ما عدا الأصل، فقد جاء هذا البيت في الحاشية، وجاء موضعه في صلب النسخة بيت آخر هو:
كافتد مخنوق، وثوبي حجر ... وقصر ذا على سماع ينصر
وهذا من المواضع التي اختلف رأي المصنف فيها في كتاب واحد، فجاء الأصل برأي وجاءت باقي النسخ برأي آخر.

(3/1289)


وغير ذي الخمسة ناده بـ"يا" ... أو غيرها أو أوله تعريا
"ش" يجوز الاستغناء عن حروف النداء إن لم يكن المنادى "الله" ولا مضمرا، ولامستغاثا به، ولا سم إشارة1، ولا اسم جنس مفردا غير معين.
فإن كان أحد هذه الخمسة2 لزمه "يا" نحو: "يا الله" و"يا إياك" و:
876-
يا لبكر انشروا لي كليبا ... .........................
و"يا هذا" [و "يا رجلا" إذا لم يتعين.
فإن قصدت واحد معينا، فالأكثر ألا يحذف الحرف.
وقد يحذف الكلام الفصيح كقول النبي -صلى الله عليه وسلم- مترجما عن موسى -صلى الله عليه وسلم3:
__________
1 هـ سقط "ولا اسم إشارة".
2 هـ "هذه الأربعة".
3 أخرجه مسلم في كتاب الفضائل باب فضائل موسى -صلى الله عليه وسلم- كما أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق.
876- صدر بيت من المديد قاله مهلهل "الأغاني 4/ 194، سيبويه 1/ 318، الخصائص 3/ 229، الخزانة 1/ 300، العقد الفريد 5/ 478، حديث البسوس 52". وعجز البيت:
........................... ... يا لبكر أين أين الفرار
النشر: الإحياء.

(3/1290)


"ثوبي حجر".
وكقوله -صلى الله عليه وسلم1:
"اشتدي أزمة تنفرجي".
وفي هذين الحديثين غنى عن غيرهما من الشواهد نثرًا ونظما.
والبصريون يرون هذا شاذا لا يقاس عليه.
الكوفيون يقيسون عليه -وقولهم في هذا أصح.
وكذا2 يجيزون نداء اسم الإشارة بحذف حرف النداء، ويشهد لصحة قولهم قول ذي الرمة:
877-
إذا هملت عيني لها قال صاحبي ... بمثلك هذا لوعة وغرام
__________
1 أخرجه الديلمي في مسند الفردوس عن علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه- كما أخرجه في الجامع الصغير ص38. الأزمة: الشدة والقحط.
2 هـ "وكذلك".
877- من الطويل نسبه المصنف لذي الرمة، وهو في ديوانه ص 563 والرواية فيه:
......................... ... هذا فتنة................
هملت عينه: فاض دمعها، اللوعة: وجع القلب من المرض والحب والحزن. والغرام: الحب والشوق، وقال الزجاج: الغرام: أشد العذاب.

(3/1291)


ومثله قول الآخر:
878-
إن الأولى وصفوا قومي لهم فبهم ... هذا اعتصم تلق من عاداك مخذولا
ومثله:
879-
ذا ارعواء فليس بعد اشتعال الـ ... ـرأس شيبا إلى الصبا من سبيل] 1
__________
1 سقط ما بين القوسين من الأصل وجاء موضعه.
"ويا رجل إذا قصدت واحدا بعينه.
وقد يجاء بهذا الآخر دون "يا" نحو قولهم "أصبح ليل" و"افتد مخنوق". وفي الحديث: ثوبي حجر.
والكوفيون يقيسون على هذا، فيجيزون "غلام هلم" و"هذا تعال".
البصريون لا يقسيون عليه بل يقصرونه على السماع، وقولهم أصح لقلة ما ورد من ذلك، وتابع المتنبي الكوفيين بقوله:
هذي برزت لنا فهجت رسيسا ... ...............................
فاستثقله المحققون من أهل العربية وأنكروه، وحمله بعض متعصبية على أنه أراد هذه البرزة برزت فلم يأت بشيء؛ لأن العرب لا تشير إلى المصدر إلا متبوعا بلفظ المصدر، كقولك: "ضربته ذلك الضرب" و"أهنته تلك الإهانة"، ولا يوجد في كلامهم "ضربته ذلك" و"لا أهنته تلك".
878- من الشواهد المجهولة القائل، وهو من البحر البسيط وقد نسبه المصنف في شرح التسهيل 1/ 100 لرجل من طيئ، ولم ينسبه في شرح عمدة الحافظ، ولا في شواهد التوضيح والتصحيح.
879- من الخفيف قال العيني 4/ 230 لم أقف على اسم قائله. وهو من شواهد الأشموني 3/ 136.
الارعواء: الرجوع. يقال: ارعوى يرعوى ارعواء: نزع وحسن رجوعه.

(3/1292)


فإن لم يكن المنادى بعد الخمسة المذكورة فلك بإجماع أن تصبحه "يا" أو غيرها من حروف النداء.
ولك أن تأتي به1 عاريا منها كقوله تعالى: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} 2. و {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي} 3. [و {رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي 4 إِلَيْهِ} 5] و {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلان} 6.
"ص" وابن المعرف المنادى المفردا ... على الذي في رفعه قد عهدا
كـ"يا ابن" "يا زيدان" "يا عبدان" "يا ... زيدون" "يا بنون"7 "يا زيد ائتيا"8
__________
1 هـ "تأتي ذو".
2 من الآية رقم "29" من سورة "يوسف".
3 من الآية رقم "151" من سورة "الأعراف".
4 من الآية رقم "33" من سورة "يوسف".
5 هكذا في هـ وسقط ما بين القوسين من باقي النسخ.
6 من الآية رقم "31" من سورة "الرحمن"، الثقلان: الجن والإنس.
7 ط "ينون".
8 هكذا في الأصل وفي ط "يا عيسى عيا"، وفي س ع ك هـ "يا موسى عيا" وفي س، "يا موسى ائتيا".

(3/1293)


والمفرد المنكور والمضاف مع ... شبه المضاف النصب فيها يتبع1
كـ"يا فتى خذ بيدي" و"يا أبا2 ... زيد" و"يا مراعيا ما وجبا"3
وكمضاف ما به سميت ذا ... عطف كـ"يا زيدا وعمرا ابن ذا"
المفرد4 المعروف يعم ما كان له تعريف قبل النداء، وما حدث تعريفه في النداء بالقصد إليه.
والمراد هنا بالمفرد5: ما ليس مضافا، ولا شبيها به.
فيدخل في المفرد6 نحو: "يا رجال" و"يا معد يكرب" لعدم الإضافة وشبهها.
والحاصل أن استحقاق المنادى البناء7 بتعريفه وإفراده8.
__________
1 هكذا في الأصل وهـ -وفي س ش ط ع ك "متبع".
2 ط "وأ ي أيا".
3 ط "وجب".
4 هـ سقط "المفرد".
5 هـ "بالمفرد البناء".
6 ع ك "فيدخل في المفرد".
7 هـ سقط "البناء".
8 هـ سقط "وإفراده".

(3/1294)


ويبنى على ما كان يرفع به قبل أن ينادي فيقال: "يا زيد". و"يا زيدان". و"يا زيدون" و"يا بنون"1.
كما كان يقال في الرفع2: "جاء زيد" و"ذهب3 الزيدان والزيدون".
ومثلت بـ"يا ابن"4 و"يا زيد"5 و"يا عبدان" و"يا زيدان"6، و"يا زيدون" ويا بنون" ليعلم7 تساوي 8 [الحادث التعريف والسابقة في البناء9] على ما كانا يرفعان به.
وتعريف نحو10: "يا رجل" عند سبيويه11 كتعريف أسماء12 الإشارة؛ لأنه قال: "وصار كالأسماء التي هي للإشارة"13.
__________
1 هـ والأصل سقط "يا بنون".
2 الأصل، وهي "كما كان يقال في رفعه".
3 ع ك سقط "ذهب".
4 ع سقطت الألف من "ابن".
5 ع ك "يا موسى".
6 ع ك سقط "يا زيدان".
7 ع ك "ليعم".
8 في الأصل "ليعلم تساوي المعرفين في بنائهما".
9 سقط ما بين القوسين من الأصل.
10 ع ك سقط "نحو".
11سقط من الأصل "عند سيبويه".
12 ع ك "اسم".
13 ينظر كتاب سيبويه 1/ 309.

(3/1295)


وجعل الاستغناء بـ"يا رجل" عن "يا أيها الرجل" نظير الاستغناء بـ"اضرب" عن "لتضرب"1.
ثم بينت أن المنادى إذا لم يجتمع فيه التعريف، والإفراد فحقه النصب وذلك:
إما مفرد نكرة كقول الأعمى، "يا رجلا خذ بيدي".
وإما مضاف نحو: "يا أبانا"2.
وإما شبيه3 بمضاف لكون ما يليه متمما له، بعمل نحو: "يا لطيفا بالعباد"، أو بعطف نحو قولك لمن سمي بـ"زيد وعمرو": "يا زيدا وعمرًا"4.
"ص"
والعلم المضموم قد يفتح في ... نحو: "يا مجاشع بين حنتف"
والضم حتم إن يكن غير علم ... تال "ابن" أو متلوه فيلتزم
كذا إذا لم يل الابن العلما ... كـ"يا سعيد المحسن بن خضما"
__________
1 نفس المرجع والصفحة.
2 من الآية رقم "63" من سورة "يوسف".
3 ع ك هـ "وإما مشبه بمضاف".
4 في الأصل "نحو قولك فيمن سمي بمعطوف ومعطوف عليه: يا زيدا وعمرا".

(3/1296)


وألف "ابن" واقع كذا حذف ... خطا وذا دون الندا -أيضا- عرف
مع حذف تنوين الذي قبل "ابن" ... وكـ"ابن": "ابنة" ولا أستثني
وفي الذي يوصف بالبنت ثبت ... وجهان في غير الندا بلا عنت
وقد يعامل الذي "ابن" خبره ... بما لمنعوت ونظم أكثره
وقوله: "من قيس بن ثعلبه" ... ضرورة في سعة مجتنبه
"ش" يجوز في العلم المضموم في النداء أن يفتح إذا وصف بـ"ابن" متصل، مضاف إلى علم نحو: "يا زيد بن عمرو".
ولا يمتنع الضم، وهو عند المبرد أولى من الفتح؛ لأنه أنشد1 بالفتح2:
880-
يا حكم بن المنذر بن الجارود
881-
سرادق المجد عليك ممدود
__________
1ع وك "وأنشد".
2 هـ سقط "بالفتح".
880-881- رجز ينسب إلى رؤبة بن العجاج، وهو في زيادات الديوان ص 172. وينظر: سيبويه 1/ 313، شرح المفصل 2/ 5، العيني 4/ 210، التصريح 2/ 169. اللسان "سردق".
الحكم هذا هو أحد بني المنذر بن الجارود العبدي من عبد القيس بن أقصى بن دعمي.
السرادق: ما أحاط بالشيء من حائط أو مضرب، أو خباء.

(3/1297)


ثم قال: "ولو1 قال: "يا حكم بن المنذر" كان أجود"2.
فلو فصل "ابن" أو كان الموصوف به، أو المضاف هو إليه غير علم تعين الضم.
فالفضل نحو: "يا سعيد المحسن بن خضم". وعدم علمية الموصوف نحو: "يا غلام ابن زيد". وعدم علمية المضاف إليه نحو: "يا زيد ابن أخينا".
[ثم نبهت على أن ألف "ابن" تحذف خطا إذا وقع بين علمين على الوجه الذي دعا إليه الفتح3] .
ثم نبهت على أن حذف تنوين منعوت "ابن" لفظا، وألفه خطا لازم في غير النداء إذ كان المنعوت علما متصلا بـ"ابن" [و "ابن" مضافا إلى علم نحو: "جاء زيد بن عمرو".
ثم نبهت على أن كل ما نشأ عن النعت بـ4 "ابن"] ينشأ عن النعت بـ"ابنة"، فيقال: "يا هند بنة قيس" و"جاءت هند بنة قيس" في لغة من يصرف.
__________
1 في الأصل "فلو".
2 ينظر المقتضب 4/ 232.
3 سقط ما بين القوسين من ع.
4 هـ سقط ما بين القوسين.

(3/1298)


كما يقال: "يا بن عمرو" و"جاء زيد بن عمرو".
ولا يقال: "يا هند ابنة أخينا". ولا "جاءت هند ابنة أخينا". إلا في لغة من لا يصرف.
كما لا يقال: "يا زيد بن أخينا"، ولا "جاء زيد بن أخينا"؛ لأن شرط ذلك مفقود.
وفي النعت بـ"بنت" في غير النداء وجهان حكاهما سيبويه.
فيقال: "هذه1 هند بنت عمرو" و"هند بنت عمرو" سمع ذلك ممن يصرف "هندا"2.
وأما النعت بـ"بنت" في النداء فلا أثر له.
ثم نبهت على أن المخبر عنه بـ"ابن" قد يعامل معاملة المنعوت فيسقط تنوينه، وأكثر ما يقع ذلك في الشعر كقوله:
__________
1 ع سقط "هذه".
2 قال سيبويه في الكتاب 2/ 148.
"قال يونس: من صرف "هندا" قال: "هذه هند بنت زيد" فنون "هندا"؛ لأن هذا موضع لا يتغير فيه الساكن، ولم تدركه علة، وهكذا سمعت من العرب.
وكان أبو عمرو يقول: "هذه هند بنت عبد الله"، فيمن صرف ويقول: لما كثر في كلامهم حذفوه كما حذفوا "لا أدر" و"لم يك" و"لم أبل" و"خذ" و"كل" وأشباه ذلك. وهو كثير.

(3/1299)


882-
لعمرك ما أدري وإن كانت داريا ... شعيث بن سهم أم شعيث بن منقر
ومما جاء في نثر قراءة غير عاصم والكسائي1: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} 2.
فإنه متبدأ وخبر، و"عزير" منصرف فحذف تنوينه لالتقاء الساكنين، ولشبهه بتنوين3 العلم المنعوت بـ"ابن".
وحذف التنوين هنا أحسن من حذف التنوين في قراءة عبد الوارث4: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ} 5 من ثلاثة أوجه:
أحدها: أن اتصال "عزير" بـ"ابن"؛ لأنهما جزءا6 جملة
__________
1 هم نافع وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة.
2 من الآية رقم "30" من سورة "التوبة".
3 ع، ك "ولشبه تنوين العلم".
4 عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان أبو عبيدة التنوري العنبري، البصري، إمام حافظ مقرئ، متقن، ثقة ولد سنة 102هـ، وعرض القرآن على أبي عمرو ورافقه، ومات بالبصرة سنة 180هـ "طبقات القراء 1/ 478".
5 الآيتان 1، 2 من سورة "الإخلاص".
وقد نسب هذه القراءة -أيضا- ابن خالويه إلى نصر بن عاصم، وأبو عمرو ص182.
6 ع "جزء".
882- من الطويل واحد من أبيات ثلاث، وردت في ديوان أوس بن حجر ص49، والنحاة ينسبون البيت للأسود بن يعفر.
وقد سبق الحديث مفصلا عن هذا البيت في باب العطف.

(3/1300)


واحدة ألزم من اتصال "أحد" بـ"الله"؛ لأنهما من جملتين.
الثاني: أن حذف تنوين1 "عزير" في الإخبار عنه بـ"ابن" شبيه" بحذفه في النعت به.
بخلاف حذف تنوين "أحد".
[الثالث: أن حذف تنوين "عزير" يخلص من ثقل لا يلزم مثله من ثبوت تنوين "أحد"2] .
وذلك أن تنوين "عزير" إذا لم يحذف تحرك لالتقاء الساكنين، فيلزم من تحريكه وقوع كسرة بين ضمتين.
أولاهما في حرف تكرار قبله ياء ساكنة.
ولا يلزم ذلك ولا قريب منه إذا لم يحذف تنوين "أحد".
فكان حذف تنوين "عزير" أحسن وأولى.
وإنما حكمت بإنصراف "عزير"؛ لأن عاصما والكسائي قرآ به، فصح كونه منصرفا.
إما؛ لأنه عربي الأصل، وإما؛ لأن أصله "عازر" أو "عيزار"، ثم صغر تصغير الترخيم حين عرب فصرف لصيرورته ثلاثيا.
ولا اعتداد بياء التصغير؛ لأن "نوحا" لو صغر لبقي مصروفا.
__________
1 هـ سقط "تنوين".
2 هـ سقط ما بين القوسين.

(3/1301)


ولأن سيبويه حكى في تصغير إبراهيم" و"إسماعيل" "بريها"1، "سمعيا" مصروفين"2.
ثم بينت أن تنوني العلم المنعوت بـ"ابن" متصل مضاف إلى علم قد ثبت في الضرورة كقول الراجز:
883-
جارية من قيس بن ثعلبه
884-
كأنها حلية سيف مذهبه
"ص"
واضمم أو انصب ما اضطرارا3 نونا ... مما له استحقاق ضم بينا
__________
1 هـ سقط "بريها" ع "بريهما".
2 قال سيبويه في الكتاب 2/ 134 -يتحدث عن الخليل:
"وزعم أنه سمع في "إبراهيم" و"إسماعيل": "بريه" و"سميع".
3 ط "اضطرار".
883-884- هذا رجز ينسب للأغلب العجلي من أرجوزة يذكر فيها امرأة كان يهاجيها تسمى "كلبة"، وقد عناها بقوله "جارية".
وورد البيت الثاني بروايات مختلفة منها ما ذكر المصنف هنا.
ومنها: تزوجت شيخا غليظ الرقبة.
ومنها: كريمة أنسابها والعصبة.
ومنها: كرمية أخوالها والعصبة.
ومنها: بيضاء ذات سرة مقببة.
وقيس بن ثعلبة بن عكابة قبيلة عظيمة معروفة.
"سيبويه 2/ 148، المقتضب 2/ 315، الخصائص 2/ 391 ابن الشجري 1/ 382، ابن يعيش 2/ 6، المقرب 147، الخزانة 1/ 332، همع الهوامع 1/ 176".

(3/1302)


والضم فيما كان منه علما ... أولى، وغيره بعكس فاعلما1
قد تقدم أن المنادى المستحق للضم ضربان:
أحدهما: علم.
والآخر: اسم جنس قصد تعينه2.
والمراد هنا التنبيه على ما يعاملان به إذا اضطر إلى تنوينهما. فأشرت إلى أن فيهما وجهين:
أحدهما: الضم تشبيها بمرفوع اضطر إلى تنوينه، وهو مستحق لمنع الصرف.
والثاني: النصب تشبيها بالمضاف لطوله بالتنوين.
وبقاء الضم في العلم أولى من النصب، والنصب في غير العلم أولى من الضم؛ لأن سبب البناء في العلم أقوى منه في اسم الجنس المعين.
ولأن نصب العرب العلم المضطر إلى تنوينه قليل، ونصبهم اسم الجنس المضطر إلى تنوينه كثير.
ولم يسمع سيبويه3 في قول الشاعر:
__________
1 س، ش، ع، ك "علما".
2 ع ك "تعيينه".
3 ينظر الكتاب 1/ 313 قال سيبويه: "وكان عيسى بن عمر يقول: "يا مطرا" يشبهه بقوله: "يا رجلا" ولم نسمع عربيا يقوله، وله وجه من القياس إذا نون وطال كالنكرة".

(3/1303)


885-
سلام الله يا مطر عليها ... وليس عليك يا مطر السلام
إلا الرفع. وروي قول الشاعر:
886-
ضربت صدرها إلي وقالت: ... يا عديا لقد وقتك الأواقي
بالنصب ومثله قول الآخر:
__________
885- من الوافر من قصيدة للأحوص الأنصاري "عبد الله بن محمد" "الديوان 173"، وقد ذكر العيني القصيدة التي منها الشاهد.
قال الأعلم في شرح أبيات سيبويه:
وهذا مذهب الخليل وأصحابه.
"وأبو عمرو، ومن تابعه يختارون النصب مع التنوين.
لمضارعته النكرة بالتنوين ...
وكلا المذهبين مسموع من العرب".
886- من الخفيف ينسب إلى عدي بن ربيعة، وهو المهلهل "أمالي الشجري 2/ 9، جمل الزجاجي 166، الأغاني 4/ 147، المقتضب 4/ 214، الخزانة 2/ 143، العيني 4/ 211"، ورواه القالي في الأمالي 1/ 300،
رفعت رأسها............. ... .........................
وقال الصاغاني في التكملة: ليس البيت لمهلهل، وإنما هو لأخيه عدي.

(3/1304)


887-
......................... ... يا عديا لقلبك المهتاج
وأما1 اسم الجنس المعين2 بالقصد، فقلما ورد إلا منصوبا كقول الشاعر:
888-
أعبدا حل في شعبي غريبا ... ألؤما لا أبا لك واغترابا
ومن الوارد مضموما قول الشاعر:
889-
ليت3 التحية كانت لي فأشكرها ... مكان "يا جمل": "حييت يا رجل"
__________
1 هـ سقط "وأما".
2 ع سقط "المعين".
3 هـ سقط "ليت"، وترك الكاتب فراغا مكان الكلمة، لعل النسخة التي اعتمد عليها الناسخ كانت مخرومة.
887- شطر بيت من الخفيف، استشهد به المبرد في المقتضب 4/ 215، ولم يعزه لقائل، ولم يذكر له تتمة، وسار المصنف على نهجه.
وقد نسب في حاشيته على النسخة ك إلى المثقب العبدي، ولم أجده في ديوانه، المهتاج: الثائر.
888- من الوافر قاله جرير "الديوان 62" يعير العباس بن يزيد الكندي بحوله في "شعبي"؛ لأنه كان حليفا لبني فزارة، وشعبي من بلادهم "معجم البلدان، شعبي".
وقد مر الحديث عن هذا البيت في "باب المفعول المطلق".
889- من البسيط من قصيدة لكثير عزة "الديوان 1/ 159 سببها أن محبوبته هجرته، وحلفت لا تكلمه، فلما تفرق الناس من "منى" لقيته فحيت جمله، ولم تحيه فقال:
حيتك عزة بعد الهجر وانصرفت ... فحي -ويحك- من حياك يا جمل
ليت التحية ... ... ويروى "يا جملا" -بالنصب.

(3/1305)


هكذا الرواية المشهورة "يا جمل"1 -بالضم- والله أعلم2.
"ص"
وباضطرار خص جمع "يا" و"آل" ... إلا مع "الله" ففيه يحتمل3
والأكثر "اللهم" بالتعويض ... وشذ "يا اللهم" في قريض
نحو: "إذا ما حدث ألما ... أقول: يا اللهم يا اللهم"4
وفي الذي كـ"الشهم زيد" علما ... عمور بجمع "يا" و"آل" قد حكما
لا يجتمع "يا" والألف واللام في غير الاضطرار إلا مع "الله" خاصة؛ لأن الألف واللام لا يفارقانه بوجه ما فكانتا فيه بمنزلة
__________
1 ع ك هـ سقط "يا جمل".
2 سقط "والله أعلم" من الأصل وهـ.
3 س، ش، ع، ك "محتمل".
4 سقط هذا البيت من س، ش، ط، هـ والأصل، وورد فقط في ع، ك.

(3/1306)


الحروف الأصلية، وإذا دخلت عليهما "يا" قيل: "يا الله"، -بالوصل- و"يا ألله" -بالقطع.
والأكثر أن يقال: "اللهم" فتجعل الميم المشددة عوضا من "يا".
ولكونها عوضا منها لم يجمع بينهما1 إلَّا في اضطرار2 كقول الراجز3:
890-
إني إذا ما حدث ألما
891-
أقول يا اللهم يا اللهما
__________
1 هـ "بينها".
2 هـ "في الاضطرار".
3 في الأصل "كقول الشاعر الراجز".
890-891- هذا رجز اختلف في نسبته وروايته، فقد نسبه قوم إلى أبي خراش وليس في شعره، ونسبه آخروه إلى أمية بن أبي الصلت، وليس في ديوانه.
واضطراب البغدادي ففي 3/ 229 نسبه لأبي خراش، وفي 1/ 358 أنكر ذلك وقال: "هذا البيت المتداول في كتب العربية لا يعرف قائله ولا بقيته"، ثم قال: وعم العيني 4/ 216، أنه لأبي خراش الهذلي وقال: وقبله:
إن تغفر الله تغفر جما
وأي عبد لك لا ألما
قال البغدادي: وهذا خطأ...."
أما عن روايته فقد روي بروايات منها "دعوت اللهما"، وهي رواية المبرد في المقتضب 4/ 242.
وروي "إني إذا ما مطعم ألما"، وهي رواية قطرب أثبتها صاحب اللسان 17/ 392.

(3/1307)


وقد شبه الألف واللام للزومهما1 في "التي" بالألف واللام في "الله" من قال:
892-
من أجلك يا التي تيمت قلبي ... وأنت بخيلة بالوصل عني
وأما قول الآخر:
893-
فيا الغلامان اللذان فرا
894-
إياكما أن تكسبانا شرا
فمحمول على أنه أراد: "فيأيها الغلامان"؛ لأن الألف واللام في "الغلامان"2 لا يشبهان الألف واللام في "الله".
والبغداديون [يقيسون على هذا فيجزون "يا الرجل".
ويقولون: "لم نر موضعا يدخله التنوين3] يمتنع من
__________
1 ع، ك "في لزومهما".
2 هـ والأصل "في الغلام".
3 هـ سقط ما بين القوسين.
892- من الوافر لا يعلم له قائل ولا ضميمة "سيبويه 1/ 310 الخزانة 1/ 358، الإنصاف 209 ابن يعيش 2/ 8، همع 1/ 174، الخزانة 1/ 358".
893-894- رجز لا يعلم قائله "أسرار العربية 230، شرح التسهيل 2/ 202، شرح المفصل 2/ 9، همع الهوامع 1/ 174، العيني 4/ 215، الخزانة 1/ 358، البهجة المرضية 133، المكودي وابن حمدون 2/ 37".

(3/1308)


الألف واللام.
[وأجاز سيبويه اجتماع "يا" و"ال" فيما سمي به من نحو: "الرجل ينطلق"1.
وإليه أشرت بقولي:
وفي الذي كـ"الشهم زيد" علما ... ...................2]
__________
1 قال سيبويه 2/ 68.
"وإذا سميت رجلا "الذي رأيته" أو"الذي رأيت" لم تغيره عن حاله قبل أن يكون اسما.
ولو سميته "الرجل منطلق" جاز أن تناديه تقول: "يا الرجل منطلق".
لأنك سميته بشيئين كل واحد منهما اسم تام.
والذي مع صلته بمنزلة اسم واحد نحو "الحارث".
وأما "الرجل منطلق" فبمنزلة "تأبط شرا"؛ لأنه لا يتغير عن حاله؛ لأنه قد عمل بعضه في بعض".
وكان سيبوبه قد قال 1/ 309.
"وزعم الخليل -رحمه الله- أن الألف واللام إنما معنهما أن يدخلا في النداء من قبل أن كل اسم في النداء مرفوع معرفة، وذلك أنه إذا قال: "يا رجل" و"يا فاسق"، فمعناه كمعنى "يأيها الفاسق" و"يأيها الرجل".
وصار معرفة؛ لأنك أشرت إليه وقصدت قصده، واكتفيت بهذا عن الألف واللام، وصار كالأسماء التي هي للإشارة نحو "هذا" وما أشبه ذلك، وصار معرفة بغير ألف ولام؛ لأنك إنما قصدت شيء بعينه، وصار هذا بدلا في النداء من الألف واللام، واستغنى به عنهما".
2 سقط ما بين القوسين من الأصل.

(3/1309)


فصل:
"ص"
تابع ذي الضم المضاف دون "ال" ... ألزمه نصبا، واعص من رفعا نقل
وما سواه ارفع أو انصب، واجعلا ... كمستقل نسقا1 وبدلا
وإن يك المنسوق2 مقرونا بـ"أل" ... فهو برفع أو بنصب يحتمل
وسيبويه3 والخليل فضلا ... رفعا، ونصبا يونس وابن العلا
كـ"يونس": "محمد" في كـ"الصنع" ... وهو كسيبويه فيما كـ"اليسع"
ونحو "زيد" في النداء إن نسقا4 ... ينصب عند المازني مطلقا
وتابع المضاف غير البدل ... والنسق5 الذي كـ"عمرو وعلي"
ينصب حتما6 نحو: "يا ابني الشهم يا ... فتاي نفسه" وبالكاف ائتيا
__________
1 ط "أو".
2 ط "المسبوق".
3 هـ سقط الواو من "والخليل".
4 هـ "إن سبقا".
5 هـ "والسبق".
6 هـ سقط "حتما".

(3/1310)


إن شئت فالحضور في أمثال ذا ... والغيب جائزان فادر المأخذا1
"ش" حق تابع المنادى المضموم أن ينصب، مفردا كان أو غير مفرد؛ لأن متبوعه مبني اللفظ منصوب المحل.
فما نصب منه فعلى الأصل.
وما رفع فلشبه متبوعه بمرفوع في اطراد الهيئة.
ولا يرفع إلا وهو مفرد، أو مضاف يشبه2 المفرد لكون إضافته غير محضة نحو: "يا زيد الحسن الوجه".
ولأصالة نصب التابع في هذا الباب فضل على الرفع بأن اشترك معه في التابع المفرد والشبيه به.
وخص بالتابع المضاف إضافة محضة، وإلى هذا الاختصاص أشرت بقولي:
تابع ذي الضم المضاف دون "أًلْ" ... ألزمه نصبا...................
__________
1 هكذا في الأصل فقط أما باقي النسخ، فقد سقط هذان البيتان وجاء موضعهما:
ينصب حتما نحو "يا ابني الأكبرا" ... وأعط غيبا أو حضورا مضمرا
يلي مؤكد الندا كـ"يا مضر ... كلهم" أو "كلكم" فادر الصور
وقد أثبت هذان البيتان في الحاشية من نسخة الأصل.
2 هـ "شبه".

(3/1311)


وأشرت بقولي:
....وأعص من رفعا نقل
إلى ما يراه أبو بكر بن الأنباري من جواز رفع صفة المضموم إذا كانت مضافة، وإلى ما روى1 ابن خالويه من أن الأخفش حكى: "يا زيد بن عمرو" -بضم النون.
فهذه من الشاذ الذي لا يلتفت إليه، ولا يعرج عليه.
ثم قلت:
وما سواه ارفع أو2 انصب ... ..........................
أي: ما سوى المضاف المجرد من "أل".
فدخل في ذلك المفرد، والمضاف والمقرون بـ"ال" فلهما النصب حملا على المواضع، والرفع حملًا على اللفظ لشبهه بالمرفوع.
فيقال: "يا زيد الحسن، والكريم الأب" -بالرفع3.
و"يا زيد الحسن، والكريم الأب" -بالنصب.
وإنما لحق هذا المضاف بالمفرد في جواز الرفع؛ لأن إضافته غير محضة فعومل المفرد. وقد تناول التابع من
__________
1 ع ك "ما رواه".
2 هـ "وانصب".
3 هـ سقط "بالرفع".

(3/1312)


قولي:
تابع ذي الضم....... ... ...................
ما قصد من نعت نحو: "يا زيد الحسن والحسن".
ومن توكيد نحو: "يا تميم أجمعون، وأجمعين".
1 ومن عطف بيان نحو: "يا غلام بشر، وبشرا".
وأوهم تناول ما لم يقصد، وهو البدل، والمعطوف نسقًا. فإنهما مفتقران إلى كلام يخصهما.
وذلك أن البدل كله، والمنسوق الخالي من "ال" حكمهما 2 في الإتباع حكمهما في الاستقلال.
ولا فرق في ذلك بين الواقع بعد مضموم، والواقع بعد منصوب.
فما كان منهما مفردا ضم كما يضم لو وقع بعد "يا".
وما كان منهما مضافا نصب كما ينصب بعد "يا".
وإنما كانا كذلك؛ لأن البدل يقدر معه مثل عامل المبدل منه.
والمعطوف بحرف شبيه به لصحة تقدير العامل قبله، ولاستحسان ظهوره توكيدا، كما يظهر مع البدل.
__________
1 ع ك "أو من عطف بيان".
2 هـ "حكمها".

(3/1313)


فإن قرن المعطوف بـ "ال" امتنع تقدير حرف النداء قبله، أشبه النعت، وجاز يه الرفلع والنصب 1، كما يجوز في النت المفرد، واختلف في المختار منهما.
فقال الخليل، وسيبويه2، والمازني: هو الرفع.
وال أبو عمرو، وعيسى بن عمر، ويونس، والجرمي:
النصب وقال محمد بن زيد المبرد3: إن كانت "ال" معرفة كما هي ي "الصنع"4 فالمختار: النصب؛ لأن المعرف باألف والام يشبه5 المضاف.
__________
1 ع ك "وجاز فيه النصب والرفع".
2 ينظر الكتاب 1/ 305.
3 جاء في المقتضب 4/ 12، وما بعدها:
فإن عطفت اسما فيه ألف ولام على مضاف أو مفرد فإن فيه اختلافًا:
أما اخليل وسيبويه والمازني فيخارون ارفع فيقولون: "يا زيد والحارث أقبلا".
أبو عمرو، وعيسى بنعمر، ويونس، وأبو عمر الجرمي فيختارون النصب ...
ثم قال المبرد؛ وكلا القولين حسن. والنصب عندي حسن على قراءة الناس ...
وبهذا يعلم أن المبرد لم يفصل التفصيل الذي ذكره الصنف، وإنما الذي أورده هذا: ابن يعيش في شرح المفلصل 2/3، وابن السراج في الأصول 1/ 409.
وينظر في هذه المسألة: شرح الكافية للرضي 1/ 127.
4 الرجل الصنع: الحاذق الدرب بالصع.
5 ع "شبيه".

(3/1314)


وإن كنت غير معروفة كما هي في "اليسع" فالمختار: الرفع؛ لأن الألف واللام إذا لم تعرف1 لم يشبه ما هي فيه المضاف.
ثم أشرت بقولي:
ونحو "زيد" في الندا إن نسقا ... ينصب عند المازني مطلقا
إلى أن المازني يجيز أن يقال: "يا زيد وعمرا" و"يا عبد الله" وزيد". [وهذا مذهب الكوفيين.
قال ابن السراج:
"وزعم أبو عثمان أنه يجوز: "يا زيد وعمرا2] أقبلا" على الموضع- كما جاز: "يا زيد زيدا أقبل" -بعطف "زيدا" الثاني على الموضع عطف بيان"3.
ثم أشرت إلى أن المنادى المضاف يجب نصب تابعه؛ لأن رفع التابع إنما جاز إذا كان لفظ متبوعه شبيها4 بالمرفوع.
واستثنيت البدل؛ لأنه لا ينصب إلا إذا5 كان مضافا.
والمعطوف الذي كـ"عمرو"؛ لأنه لا ينصب إلا عند
__________
1 الأصل "يعرف".
2 هـ سقط ما بين القوسين.
3 أصول ابن السراج 1/ 454.
4 هـ "شبها".
5 ع ك "إن كان مضافا".

(3/1315)


المازني، والكوفيين كما سبق.
ثم أشرت إلى أن للمنادى اعتبار حضور من قبل ما عرض له من المواجهة، واعتبار غيبة؛ لأنها الأصل.
فباعتبار العارض يقال: "يا تميم1 كلكم" و"يا زيد نفسك".
وباعتبار الأصل يقال: "يا تميم2 كلهم" و"يا زيد نفسه". وقد اجتمع الاعتباران في قول الشاعر:
895-
فيأيها المهدي الخنا من كلامه ... كأنك يضعو في إزارك خرنق
"ص"
و"أيها" وصل ندا ما فيه "أل" ... والتاء في التأنيث زد تكف العذل
و"ها" لتنبيه وما بعد صفه ... يلزمها الرفع لدى ذي المعرفه
__________
1 هـ "يا مضر".
2 ع ك هـ "مضر".
895- من الطويل لم ينسب إلى قائل معين، ورواية السيوطي في الهمع 2/ 134.
.................... ... .........في ثيابك ...
يضغو: يصوت.
خرنق: بكسر الخاء المعجمة، والنون: ولد الثعلب.

(3/1316)


والمازني نصبها أجاز1 لا ... نقلا، ولكن بقياس عملا
وهي لدى الأخفش تكميل صله ... و"أي" موصول حر بالتكمله2
و"أيهذا" "أيها الذي" ورد ... ووصف "أي"بسوى هذا يرد
ومثل "أي" ما به أشرت في ... لزوم رفع صفة لا تكتفي
بدونها، وما بدون الوصف تم ... حين ينادى انعته نعتك العلم
وتابع التابع محمول على ... ما جازه في لفظه محصلا
كـ"أيها الجاهل ذو التنزي ... لا توعدني حية3 بالنكز"
"ش" إذا قلت: "أيها الرجل" فـ"أي"4 و"الرجل" كاسم واحد.
__________
1 س ش ط ع ك "جوز".
2 سقط هذا البيت من الأصل، ومن س وش وط وهـ.
3 ع "حبة".
4 هـ "وأي".

(3/1317)


و"أي" مدعو، والرجل" نعت له ملازم؛ لأن "أيا" مبهم لا يستعمل بغير صلة إلا في الجزاء1 أو الاستفهام.
فلما لم يوصل ألزم الصفة لتبينه كما تبينه2 الصلة.
و"ها": حرف تنبيه.
فإذا قلت: "أيها3 الرجل" لم يصلح في "الرجل" إلا الرفع؛ لأنه المنادى حقيقة، و"أي" متوصل به إليه.
وإن قصد مؤنث زيدت التاء كقوله تعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} 4.
وأجاز المازني، والزجاج نصب صفة "أي" قياسا على صفة غيره من المناديات المضمومة.
وقد يوصف "أي" باسم إشارة أو موصول فيه الألف، واللام كقوله تعالى:5 {وَقَالُوا 6 يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} 7.
__________
1 هـ "في الخبر".
2 ع ك "بينته".
3 هـ "يأيها".
4 الآية رقم "27" من سورة "الفجر".
5 الآية رقم "6" من سورة الحجر.
6 سقط من الأصل "قالوا".
7 سقط من الأصل "إنك لمجنون".

(3/1318)


وكقول الشاعر:
896-
ألا أيهذا الباخع الوجد نفسه ... لأمر نحته عن يديه المقادر
ومن وصف "أيا" بغير ما أشرت إليه فقد أخطأ.
وإلى ذا1 أشرت بقولي:
..................... ... ووصف "أي" بسوى هذا يرد
ويجوز أن توصف2 صفتها، ولا تكون إلا مرفوعة: مفردة كانت أو مضافة كقول الراجز:
897-
يأيها الجاهل ذو التنزي
898-
[لا توعدني حية بالنكز] 3
ومثل "أي" في لزوم رفع صفتها، وعدم الاستغناء عنها صفة اسم الإرشاة إذا جعل سببا إلى نداء ما فيه الألف واللام،
__________
1 ع ك "ذلك".
2 في الأصل "يوصف".
3 سقط من ع وك.
896 - هذا بيت من الطويل قاله ذو الرمة "الديوان 338" الباخع: القاتل، نحته المقادر: حرفته.
897-898- هذا رجز لرؤبة "الديوان ص 63".
التنزي: التسرع والتوثب. وقيل في الشر خاصة.
النكز: نكزته الحية لسعته بأنفها، فإذا عضته قيل: نشطته.

(3/1319)


كما فعل بـ"أي". فتقول: "يا هذا الرجل" -بالرفع لا غير- إذا أردت ما أردت بقولك: "يأيها الرجل".
فإن قدرت الوقف على هذا ولم تجعله وصلة، وكان مستغنيا بإفراده جاز نصب صفته ورفعها.
وهذا أردت بقولي:
............. وما بدون الوصف تم ... حين تنادي انعته نعتك العلم1
"ص"
وبانتصاب الثان فه والأول ... من "زيد زيد اليعملات الذبل"
ونحوه وإن ضممت الأولا ... والثاني منصوب فعلت الأمثلا
"ش" إذا كرر2 اسم مضاف في النداء نحو قول الراجز:
899-
يا زيد زيد اليعملات الذبل
900-
تطاول الليل عليك فانزل
__________
1 حاشة في الأصل:
"واستغنى عن صفة اسم الإرشاة في النداء في قول الشاعر:
أيهذان كلا زاديكما ... ودعاني واغلا فيمن وغل
تمت".
2 ع ك "تكرر".
899-900- هذا رجز ينسب إلى عبد الله بن رواحة -رضي الله عنه- "الديوان ص99-100". =

(3/1320)


فلا بد من نصب الثاني.
وفي الأول وجهان: الضم، والفتح.
فإن ضم؛ فلأنه منادى مفرد معرفة، ونصب الثاني حينذ؛ لأنه منادى مضاف، أو توكيد، أو عطف بيان، أو بدل، أو منصوب بإضمار "أعني".
وإن فتح الأول فهو على مذهب سيبويه1: منادى مضاف إلى ما بعد الثاني، والثاني مقحم بين المضاف والمضاف إليه.
ومذهب المبرد2 أن الأول منادى مضاف إلى محذوف دل عليه الآخر.
__________
= ولكنه نسب في كتاب سيبويه 1/ 315 إلى بعض ولد جرير، ونسب في الكامل 7/ 146 لعمر بن لجأ.
زيد: قيل هو زيد بن أرقم، وكان في حجر عبد الله بن رواحة يتيمًا.
اليعملات: الإبل القوية على العمل.
الذبل: الضامرة من طول السفر.
1 ينظر الكتاب 1/ 314.
2 قال المبرد في المقتضب 4/ 227 وما بعدها:
"هذا باب الاسمين اللذين لفظهما واحد والآخر مضاف، وذلك قولك: "يا زيد زيد عمرو" و"يا تيم تيم عدي".
فالأجود في هذا أن تقول: "يا تيم تيم عدي" فترفع الأول؛ لأنه مفرد، وتنصب الثاني؛ لأنه مضاف، وإن شئت كان بدلا من الأول، وإن شئت كان عطفا، عليه عطف البيان. فهذا أحسن الوجهين. والوجه الآخر أن تقول: يا تيم تيم عدي، ويا زيد زيد عمرو ...
ثم قال المبرد: وينشدون هذا البيت لجرير على الوجهين وهو قوله:
يا تيم تيم عدي لا أبا لكم ... لا يلقينكم في سوأة عمر
والأجود يا تيم تيم عدي -لأنه لا ضرورة فيه ولا حذف، ولا إزالة شيء عن موضعه".

(3/1321)


والثاني مضاف إلى الآخر، ونصبه من خسمة أوجه -كما سبق".
ومن النحويين من جعل الاسمين عند فتح الأول مركبين تركيب "خمسة عشر"1.
__________
1 يقصد المصنف بذلك السيرافي، فقد قال عند شرحه لقول سيبويه "هذا باب يكرر فيه الاسم في حال الإضافة، ويكون الأول بمنزلة الآخر....".
قال السيرافي.
"وعندي وجه ثالث لم أعلم أحد ذكره، وهو قوي في نفسي، وذلك أن تجعل أصله: "يا زيد زيد عمرو"، فيكون زيد عمر الثاني نعتا للأول مثل قولنا: "يا زيد بن عمرو" ثم تتبع حركة الأول المبني حركة الثاني المعرب".

(3/1322)


فصل في: المنادى المضاف إلى ياء المتكل م 1
"ص"
واجعل2 منادى إن أضفته لـ"يا" ... كـ"عبد" "عبدي" "عبد" "عبدا" "عبديا"
والضم مع نية ياء النفس قد ... رووا كـ"رب السجن" فاحفظ3 ما ورد
و"يا بني" "يا بني" في "بني" ... قل وسوى هذين ممنوع لدي
"ش" حذف الياء التي أضيف إليها المنادى أكثر من ثبوتها، وثبوتها ساكنة أكثر من ثبوتها متحركة، وقلبها ألفا أكثر من حذف الألف، وإبقاء الفتحة دليلا عليها.
فهذه خمسة أوجه.
وذكروا -أيضا- وجها سادسا وهو الاكتفاء من الإضافة بنيتها، وجعل الاسم مضوما كالمنادى المفرد، ومنه قراءة بعض القراء4: {رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ} 5.
وحكى يونس عن بعض العرب: "يا أم لا تفعلي"6.
وبعض العرب يقول: "يا رب اغفر لي" و"يا قوم لا تفعلوا".
وإذا كان آخر المضاف إلى ياء المتكلم ياء مشددة كـ
__________
1 هـ "سقط العنوان".
2 ط "فاجعل".
3 س ش ط ع ك "فاعرف".
4 لم أعثر على سم هذا القارئ، وإن كان ابن جني في المحتسب نسب قراءة مثلها إلى أبي جعفر في الآية رقم "112" من سورة "الأنبياء"، وهو قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ} .
5 من الآية رقم "33" من سورة "يوسف".
6 ينظر كتاب سيبويه 2/ 317، 318.

(3/1323)


"بني" قيل: "يا بني" و"يا بني" -لا غير:
فالكسر على التزام حذف ياء المتكلم فرارا من توالي الياءات مع أن الثالثة كان يختار حذفها قبل وجود1 الثنتين، وليس بعد اختيار الشيء إلا لزومه.
والفتح على وجهين:
أحدهما: أن تكون ياء المتكلم أبدلت ألفا ثم التزم حذفها؛ لأنها بدل مستثقل2.
الثاني: أن تكون3 ثانية ياءي "بني" حذفت4، ثم أدغمت أولاهما في ياء المتكلم ففتحت؛ لأن أصلها الفتح، كما فتحت5 في "يدي"، ونحوه. والله أعلم6.
"ص"
وفتح أو كسر وحذف اليا اشتهر7 ... في "يا ابن أمي" "يا ابن عمي" وندر
كسر وفتح مع ياء أو ألف ... كـ"يا ابن أمي" "ابنة عما" فاعترف
"ش" إذا نودي المضاف إلى مضاف إلى ياء المتكلم لم تحذف الياء، كما تحذف إذا نودي المضاف إليها؛ لأنها إذا نودي
__________
1 ع، ك "دخول الثنتين".
2 هـ "مستقل".
3 في الأصل "يكون".
4 سقط "حذفت" من الأصل.
5 هـ "حذفت".
6 هـ والأصل سقط "والله أعلم".
7 هـ "استمر".

(3/1324)


المضاف إليها أشبهت التنوين لوقوعها موقعه1، فحذفت كما يحذف2؟
فإذا كان المنادى مضافا إلى مضاف إليه لم تحذف لعدم وقوعها موقع تنوين منادي. فيقال: "يا ابن أخي" و"يا ابن خالي".
وكان أصل "ابن الأم"3 و"ابن العم" إن يقال فيهما4: "يا ابن أمي" و"يا ابن عمي" إلا أنهما كثر5 استعمالهما في النداء، فخصا بحذف الياء، وبقاء الكسرة دليلا عليها في قول من قال: "يا ابن أم" و"يا ابن عم".
وبإبدال الياء ألفا وحذفها، وبقاء الفتحة دليلا عليها في قول من قال: "يا ابن أم" و"يا ابن عم".
ولا يكادون يثبوت الياء والألف6 إلا في ضرورة كقول الشاعر:
901-
يا ابن أمي ويا شقيق نفسي ... أنت خليتني لدهر شديد
__________
1 هـ "لوقوعه موقعه".
2 الأصل "تحذف".
3 هـ "اللام".
4 ع ك "فيها".
5 هـ "لم يكثر".
6 هـ سقط "والألف".
901- هذا بيت من الخفيف قاله أبو زبيد الطائي "الديوان ص48"، والرواية في الديوان. =

(3/1325)


وكقول الراجز:
902-
يا ابنة1 عما لا تلومي واهجعي
"ص"
"أبت" أو2 "أبت" في "أبي" شهر ... والتاء للتعويض من ذي3 اليا ذكر
لذا4 أبوا "يا أبتي" و"أبتا" ... ما فيه من مد لبعض ثبتا
ومثل هذا قد فشا مطردا ... في كل ما ناديته إن بعدا
__________
=
يا ابن حسناء شق نفسي يالجـ ... لاج خليتني لدهر شديد
وهو من قصيدة قالها أبو زبيد في رثاء ابن أخته اللجلاج الذي مات عطشا في طريق مكة.
ورواية المصنف هي رواية سيبويه 1/ 319، والزجاجي في الجمل 173، والشجري في الأمالي 2/ 20، وصاحب اللسان "شقق"، وفرائد القلائد 312، وهمع الهوامع 2/ 54، والتاج "شقق" والدر اللوامع 2/ 70.
خليتني: تركتني وحيدا.
1 ع "يا بنت".
2 ع "وأبت".
3 س ش ك "ذا اليا".
4 هو "كذا".
902- من أرجوزة لأبي النجم العجلي "النوادر 19، ابن يعيش 2/ 12، 13 العيني 4/ 224، همع الهوامع 2/ 54. الهجوع: النوم ليلا. كأنها كانت تلومه بالليل.

(3/1326)


ومثل "يا أبت" يا أمت"1 جا ... في كل ما ذكرت فادر المنهجا
التاء في "يا أبت"2 تاء تأنيث3 عوضت من ياء المتكلم، وكسرها أكثر من فتحها، وبفتحها قرأ ابن عامر. وقرأ الباقون بكسرها.
ولكونها تاء تأنيث وقف بإبدالها هاء ابن كثير وابن عامر.
ووقف الباقون بالتاء4 مراعاة للرسم، ولكونها عوضا من الياء لم يجمع بينهما لفظا.
وقولهم: "يا أبتا": الألف فيه هي الألف التي يوصل5 بها آخر المنادى إذا كان بعيدا، أو مستغاثا به، أو مندوبا.
وليست بدلا من ياء المتكلم كما هي في، "يا حسرتى"6 "ويا أسفى"7؛ لأن ياء8 المتكلم لا تجامع هذه التاء فلا تجامع9 بدلها.
وقالوا -أيضا- في الأم: "يا أمت" كما قالوا في الأب "يا أبت".
__________
1 س ش ك "يا أبت".
2 من الآية رقم "4" من سورة "يوسف".
3 هـ سقط "تاء تأنيث".
4 في الأصل "بالياء".
5 هـ "توصل".
6 من الآية رقم "56" من سورة "الزمر".
7 من الآية رقم "84" من سورة "يوسف".
8 هـ سقط "ياء".
9 هـ "لا تحتاج".

(3/1327)


فصل: الأسماء المختصة بالنداء
"ص"
وخص بالنداء أسماء فقل ... "فلة" للأنثى1 وفي التذكير "فل"
و"ملأم" لؤمان"2 "ملأمان" ... كذاك "نومان" و"مكرمان"
كذا الذي إلى "فعال" عدلا ... في سب الأنثى3 وقياسا جعلا
عند أبي بشر كـ"يا خباث" ... والأمر هكذا من الثلاثي
والكسر حتم فيها و"فعل" ... سب مذكر منادى يجعل
نقلا وبعض ما مضى قد يرد ... غير منادى مثل ما قد أنشدوا
__________
1 ط "في الأنثى".
2 ط "لومان".
3 س ش ع ك "أنثى".

(3/1328)


"في لجة أمسك فلانا عن فل" ... ونحو ذا اخصص باضطرار تعدل
وقيل: "يا هن" و"يا هناه" ... كذاك "يا هنت" و"يا هنتاه"
وأصل ذا الهاء سكون وكسر ... وضم -أيضا- بشذوذ اغتفر
"هنان" "هنتان" المثنى وجمع ... "هنون" مع "هنات" فاسمع وأطع
والحركات أشبع إن شئت وزد ... ها السكت ساكنا وفي وقف1 يرد
"ش" خصوا بالنداء أسماء لا تستعمل في غيره إلا في ضرورة2.
فمن ذلك قولهم للرجل: "يا فل" -بمعنى يا فلان.
وللمرأة "يا فلة" -بمعنى يا فلانة.
وقولهم: "يا فلة" دليل على أن "يا فل" ليس ترخيم "يا3 فلان". مع أنه لو كان ترخيما لوجب أن يقال فيه: "يا فلا" كما يقال في "عماد": "يا عما"؛ لأن الترخيم لا يحذف فيه مدة ثالثة.
__________
1 ط "الوقف".
2 ع ك "في الضرورة".
3 سقط من الأصل "يا".

(3/1329)


ومما خصوه بالنداء فلا يستعمل في غيره قولهم: "يا ملأم" و1"يا لؤمان" و"يا ملأمان"2 -بمعنى يا عظيم اللؤم- و"يا مكرمان" بمعنى يا عظيم الكرم- و"يا نومان" -بمعنى يا كثير النوم.
وهذه صفات مقصورة3 على السمع بإجماع.
ومثلها في الاختصاص بالنداء والقصر على السماع: ما عدل إلى "فعل" في ذم الرجال نحو: "يا غدر" و"يا فسق".
وأما ما عدل إلى "فعال" في ذم النساء نحو: "يا خباث" و"يا لكاع".
فهو و"فعال" بمعنى الأمر كـ"نزال" عند سيبويه مقيسان في الثلاثي.
وهما مبنيان على الكسر بلا خلاف ما لم ينقلا إلى العلمية.
فإن نقلا إليها فهما عند بني تميم معربان غير منصرفين4.
وعند الحجازيين مبنيان كما كانا.
__________
1 ك "يا ملأمان ويا لؤمان".
2 ع سقط "يا لومان".
3 هـ "مقصورات".
4 هـ "مصروفين".

(3/1330)


1ونظير اختصاص هذه الأسماء بالنداء اختصاص الترخيم به، فكما أن الضرورة تبيح ترخيم ما ليس منادى كذلك تبيح وقوع بعض هذه الأسماء في غير نداء كقول الراجز:
903-
في لجة أمسك فلان عن فل
[وكقول الشاعر:
904-
أطوف ما أطوف ثم آوي ... إلى بيت قعيدته لكاع"2
ويقال في نداء المجهول والمجهولة: "يا هن" و"يا هنت".
__________
1 ع سقط الواو من "ونظير".
2 هـ سقط ما بين القوسين.
903- هذا بيت من مشطور الرجز من أرجوزة طويلة لأبي النجم العجلي، وصف فيها أشياء كثيرة يقال: إنه أنشدها هشام بن عبد الملك، فجعل يصفق لها استحسانا "الخزانة 1/ 177 شرح شواهد المغني 154، العيني 4/ 228، أمالي الشجري 2/ 101، سمط اللائي 257".
اللجة -بفتح اللام وتشديد الجيم: كثرة الأصوات واختلاطها.
أمسك فلانا عن فل: أي: احجز بينهم.
904- بيت مفرد ورد في ديوان الحيطئة قاله من البحر الطويل في هجاء امرأته "تكلمة ديوان الحطيئة ص256".
قعيدة الرجل: امرأته. لكاع: خبيثة، أو سيئة الخلق.

(3/1331)


وفي التثنية والجمع: "يا هنان" و"يا هنتان" و"يا هنون"1 و"يا هنات". ويقال -أيضا- "يا هناه" و"يا هنتاه" بضم الهاء وكسرها.
وفي التثنية والجمع: "يا هنا نيه" و"يا هنتانيه" و"ياهنوناه" و"يا2 هناتوه"3.
__________
1 سقط "يا هنون" من الأصل هـ.
2 ع ك هـ "هنانوه".
3 جاء في الورقة 61 أفي الأصل ما يلي:
حاشية:
"ذكر نداءهن بوجوهه ابن السراج والجوهري، وعزوا ذلك إلى الأخفش" تمت.

(3/1332)