شرح شافية ابن الحاجب الرضي الأستراباذي

قال: " الْجَمْعُ، الثُّلاَثِيُّ: الْغَالِبُ فِي نَحْوِ فَلْسٍ عَلَى أَفْلُسٍ وفُلُوسٍ، وَبَابُ ثَوْبٍ عَلَى أَثْوَاب، وَجَاءَ زِنَادٌ فِي غَيْر بَابِ سَيْلِ، وَرِئْلاَنٌ وَبُطْنَانٌ وَغِرَدَة وسُقُفٌ وأَنْجِدَةٌ شاذ ".
أَقول " اعلم أَن جموع التكسير أَكثرها محتاج إِلى السماع، وقد يغلب بعضها في بعض أَوزان المفرد، فالمصنف يذكر أَولاً ما هو الغالب، ويذكر بعد ذلك غير الغالب الذي هو كالشاذ.
قوله: " الجمع " لا إِعراب له، ولا لقوله: " الثلاثي "، لأنهما اسمان غير مركبين.
كما تقول: باب، فصل، ويجوز أَن يرتفعا على أَن كل واحد منهما خبر
__________
المؤلف ذلك في الطاعم وسلمه في الكاسى على ما تراه.
وتقول: لا وجه لانكار أن يكون الطاعم من باب النسبة ويكون من باب " عيشة راضية " و " ماء دافق " كما قاله في الكاسى.
وأنه رأى الفراء قد ذكر هذا في الكاسى وسكت عنه في الطاعم فظن أن له حكما آخر، قال الفراء: " الكاسى بمعنى المكسو، كما أن العاصم في قوله تعالى (لا عاصم اليوم من أمر الله) بمعنى المعصوم، ولا تنكرن أن يخرج المفعول على فاعل.
ألا ترى أن قوله تعالى (من ماء دافق) بمعنى مدفوق، و (عيشة راضية) بمعنى مرضية، يستدل على ذلك بأنك تقول: رضيت هذه العيشة، ودفق الماء، وكسى العريان، بالبناء للمفعول.
ولا تقول ذلك
بالبناء للفاعل " اه (*)

(2/89)


المبتدأ.
أَي: هذا باب الجمع، وهذا باب الثلائى كيف يجمع، ثم ابتدأَ وقال: " الغالب في نحو فلس أَن يجمع على أفلس " اعلم أَن الغالب أَن يجمع فَعْل المفتوح الفاء الساكن العين في القلة على أَفْعُل، إِلا أَن يكون أجوف واوياً أَو يائياً، فإِن الغالب في قلته أَفعال: كثَوْب وأَثواب وسوط وأَسْوَاط وبَيْت وأَبْيَات وشيخ وأشياخ، وذلك لانه لو قالوا فيه أَيضاً أَفْعُل نحو أَسْوُط وأَبْيُتٍ لثقلت الضمة على حرف العلة وإِن كان قبلها ساكن، لأن الجمع ثقيل لفظاً ومعنى فيستثقل فيه أَدنى ثقل، وقد جاء فيه أَفْعُل قليلاً نحو أَقْوُس وأَثْوُب وآيُر وأعين، وقد يجئ غير الأجوف في القلة على أَفعال أَيَضاً قليلاً كفَرْخ وأَفراخ وفَرْد وأَفْرَاد، لكن الأغلب في الأجوف وفيما سواه ما ذكرناه أَولاً، والغالب في كثرة فَعْل أَن يكون على فُعُول وفِعَال ككُعُوب (1) وكِعَاب وقد ينفرد أَحدهما عن صاحبه كبَطْن وبُطُون وبَغْل وبغَال، وكذا المضاعف نحو صَكّ وَصُكوك (2) وصِكَاك، والناقص: كدَلْوٍ وَدُلِيٍّ ودِلاء، وثُدْي وثُدِي (3) وظبي وظباء، وأَما الأجوف فإِن كان واوياً ففُعُول فيه قليل، والأكثر الْفِعَالَ لاستثقال الضمد على الواو في الجمع وبعده الواو، ولا يستثقل ذلك في المصدر
__________
(1) الكعوب: جمع كعب، وهو العظم الناشز فوق القدم، وكل مفصل للعظام كعب.
(2) الصك: الكتاب، وذكر في القاموس أنه جمع في القلة على أصك (بفتح الهمزة وضم الصاد، وأصله أصكك مثل أفلس، ثم نقلت صمة أول المثلين إلى الساكن قبله وأدغم المثلان) وعلى صكوك وصكاك كما قال المؤلف.
(3) الثدى: بفتح فسكون، أو بزنة العصا - خاص بالمرأة، وقيل: عام،
ويجمع على أثد، مثل أدل، وعلى فعول فيقال ثدي - بكسر الدال، وثاؤه مضمومة أو مكسورة.
(*)

(2/90)


كالغؤور (1) والسؤور (2) ، وقد يجئ في الجمع كالْفُؤُوج في جمع الْفَوْج، فأَما إِذا جمعته على فِعَال فإِن الكلمة تخف بانقلاب الواو ياء، ولما استبد الواوي بأَحد الجمعين المذكورين استبد اليائي بالآخر، أَعني فُعولاً، فلم يجئ فيه فِعَال، وأَيضاً لو قيل فيه بِيَات كحِيَاض لالتبس الواوي باليائي (وشَذَّ ضِيَافٌ في جمع ضَيْفٍ) وقد يزاد التاء على فُعُول وفِعَال لتأْكيد معنى الجمعية كعُمُومة وخُؤُولة وخُيُوطة وعُيُورة وفِحَالة.
فالوجه على ما قررنا أَن يقال: الغالب في قلة فَعْل أَفعُل في غير باب بيت وثوب، فإِنهما على أَثواب وأَبيات، وفي كثرته فُعُول، في غير باب ثَوْب، فإِنه على ثِياب، وفِعَالٌ، في غير باب سَيْل، فإِنه على سُيُول قال سيبويه: القياس في فعل ما ذكرناه، وما سوى ذلك يعلم بالسمع، فلو اضطر شاعر أَو ساجع في جمع فعل إلى شئ مما ذكرنا أَنه قياسه فلا عليه أَن يجمعه عليه، وإِن لم يسمع فالمسموع في قلة فَعْل في غير الأجوف أَفْعال كأَنْفٍ وآنافٍ، وفي كثرته فِعْلان كجحشان ورِئْلاَن (3) وفُعْلاَن كظَهْرَان وَبُطْنان (4) .
قال سيبويه: وَفِعْلانِ - بالكسر - أَقلهما، وفِعَلَة كغِرَدَة في غَرْد، وهو الكمأَة، وكذا جبأة وفقعة في جبء وفَقْع للكمأَة أَيضاً، وفُعُلٌ بضمتين كسُقُفٍ ودُهُنٍ (5)
__________
(1) الغؤور: مصدر غار يغور، ومثله الغور، ومعناه الدخول في الشئ، وذهاب الماء في الارض، وإتيان الغور، وغروب الشمس.
(2) السؤور: مصدر سار الشراب في رأس شاربه يسور، ومثله السور،
والسؤر، إذا دار وارتفع (3) الرئلان (بكسر فسكون) جمع رأل (بفتح فسكون) وهو ولد النعام (4) انظر (1: 11 و 16) من هذا الكتاب (5) الدهن (بفتح فسكون) وقد تضم داله: هو قدر ما يبل وجه الارض (*)

(2/91)


ويجوز أَن يخفف عند بني تميم كما في عنق، وهو في الجمع لثقلة أَولى، وأَفْعِلة في جمع فَعْل شاذ كأنْجِدَة في نَجْد، وهو المكان المرتفع، قال الجوهري: هو جمع نُجُود جمع نَجْد، جمع فُعْول على أَفْعِلة تشبيهاً له بفَعُول بفتح الفاء فإِنه يجمع عليه كعَمُود وأَعْمِدة، وأَما نحو الْكَليب والمعيز فهو عند سيبويه جمع، وعند غيره اسم الجمع، فَفعيلَ في فعل أقل من فِعَلة.
وفِعَلة أَقل من فِعْلان، بالكسر، وهو أَقل من فَعْلان بالضم وربما اقتصر في فَعْل على أَفْعل وأَفْعال في القلة والكثرة.
كالاكف والارآد (1) واعلم أَن جمع القلة ليس بأَصل في الجمع، لأنه لا يذكر إِلا حيث يراد بيان القلة، ولا يستعمل لمجرد الجمعية والجنسية كما يستعمل له جمع الكثرة.
يقال فلان حَسَن الثياب، في معنى حسن الثوب، ولا يحسن حسن الأثواب، وكم عندك من الثوب والثياب، ولا يحسن من الأثواب، وتقول: هو أَنبلَ الفتيان، ولا تقل أَنْبَلُ الفتية، مع قصد بيان الجنس قال: " ونحْوُ حِمْلٍ (2) عَلَى أَحْمَالٍ وحُمُول، وجاءَ علَى قِدَاحٍ (3) وأرجل
__________
من المطر، ويجمع على دهان مثل رجال، ولم نقف فيما بين أيدينا من كتب اللغة على أنه يجمع على فعل كما قال المؤلف، ولعل ما ذكر المؤلف أنه جمع ليس كما توهمه بل هو مفرد، وأصله دهن مثل قفل فأتبعت عينه لفائه فصار بضمتين
كعنق كما هو مذهب عيس بن عمر في نحو عسر ويسر.
(1) الارآد: جمع رأد، والرأد: الشابة الحسناء، وهو أيضا رونق الضحى، ويقال: هو ارتفاعه، والرأد أيضا: أصل اللحى النائئ تحت الاذن.
(2) الحمل - بكسر أوله - ما حملته على عاتقك أو نحوه، فإذا فتحت أوله فهو ما حملته الانثى في بطنها.
(3) القداح: جمع قدح بكسر أوله وسكون ثانيه، وهو السهم قبل ن يراش ويتصل.
(*)

(2/92)


وصِنْوَانٍ وذُؤْبَانٍ وقِرَدَةٍ " أَقول: اعلم أَن ما كان على فِعْل فإِنه يجمع في القلة على أَفْعَال، في الصحيح كان أَو في الأجوف أَو في غيرهما، وربما كان أَفْعال لقلة وكثرة كأَخْمَاسٍ (1) وأَشْبَارٍ، قال سيبويه: وفي الكثرد على فُعُول وفِعَال، والفُعول أَكثر، وربما اقتصروا على واحد منهما في القليل والكثير معاً، فإِن كان أَجوف يائياً لزمه الْفُعُول كالفُيُول والْجُيُود، ولا يجوز الْفِعَال كما مر في فَعْل، وإِن كان واوياً لزمه الْفِعال ولا يجوز الْفُعول كريح ورِيَاح، كما ذكرنا في فَعْل، هذا الذي ذكرناهُ في فِعْل هو الغالب، وقد يجئ على أَفْعُل كأَرْجُل، وعلى فِعلان كصِنْوَان (2) وقِنْوَان (3) وبعضهم يضم فاءهما، وعلى فُعْلان كذُؤْبان وصُرْمان في صِرْم وهو القليل من الإبل، وعلى فعلة كقردة، وجاء فيه فعيل كضريس (4) قال: " ونحو قرة عَلَى أَقْرَاءِ وقُرُوءِ (5) ، وجَاء على قِرَطَة وَخِفَاف وفُلْكٍ، وبَابُ عُودٍ على عيدان "
__________
(1) الاخماس: جمع خمس - بكسر فسكون - وهو من أظماء الابل، وذلك أن ترعى أربعة أيام ثم ترد الماء في الخامس.
(2) صنوان: جمع صنو، وهو الاخ الشقيق، والابن، والعم، والشئ يخرج مع آخر من أصل واحد.
(3) قنوان: جمع قنو، وهو من التمر بمنزلة العنقود من العنب.
(4) الضريس: جمع ضرس، ويقال: هو اسم جمع له، مثل المعيز والكليب، والضرس من الاسنان.
(5) القرء - بضم فسكون - الحيض والطهر، وهو من الاضداد، قال أبو عبيد: القرء يصلح للحيض والطهر، وأظنه من أقرأت النجوم إذا غابت، والجمع أقراء، وفى الحديث " دعى الصلاة أيام أقرائك " وقروء على فعول، وأقرؤ والاخيرة عن اللحياني، ولم يعرف سيبويه أقراء ولا أقرؤا، قال: استغنوا عنه بفعول (*)

(2/93)


أَقول: اعلم أَن فُعْلاً يكسر في القلة على أَفعال، في الأجوف كان أَو في غيره، وقد يجئ للقليل والكثير، نحو أَركان وأَجزاء، وقد شذ في قلته أَفعل كأَنْ؟ ؟ كُن، ويكسر في الكثرة على فِعَال وفعُول، وفُعول أَكثر كبروج وبرود وجنود، وفِعَال في المضاعف كثير كقِفَافٍ (1) وخِفافٍ وعِشَاشٍ (2) ، هذا هو الغالب في فُعْل.
وقد يجئ فيه فعلة كقِرَطَة (3) وجِحَرة (4) وخِرَجة (5) ، وفُعْلٌ كفُلْك في فُلْك، قال تعَالى في الواحد: (فِي الفلك المشحون) وفي الجمع: (حتى إِذَا كُنتُمْ فِي الفلك وجرين بهم) وذلك لأن فُعْلاً وَفَعَلاً يشتركان في أَنهما جُمعا على أَفْعال كصُلْب وأَصلاب وجمَل وأَجمال، وفَعَل يجمع في فعل كأسد وأسد، ففُعْل جمع عليه أَيضاً، وفُعْل وفَعَل يشتركان في كثير من المصادر، كالسُّقْم والسَّقَم والبُخْل والبَخَل، وفَعْل وفِعْل بفتح الفاء وكسرها وسكون عينهما كثيران في كلامهم
فتصرف في تكسيرهما أَكثر من التصرف في باقي جموع الثلاثي، وفُعْل بالضم قريب منهما في الكثرة قوله " وباب عود على عيدان " يعني أَن فُعْلاً إذا كان أَجوف لا يجمع في الكثرة إِلا على فِعْلاَن كعيدان وحيتان، وأَما في القلة فعلى أَفعال كما هو قياس
__________
(1) القفاف: جمع قف، وهو ما ارتفع من الأرض وصلبت حجارته ولم يبلغ أن يكون جبلا (2) العشاش: جمع عش، وهو وكر الطائر بجمعه من دقاق الحطب ويجعله في أفنان الشجر.
(3) القرطة: جمع قرط، وهو ضرب من حلى الاذن، وهو أيضا نبات، وهو أيضا شعلة النار، والضرع (4) الجحرة: جمع جحر، وهو ما تحتفره السباع أو الهوام لتسكنه (5) الخرجة: جمع خرج، وهو وعاء ذو جانبين (*)

(2/94)


الباب كأَكوَاز وأَكواب، ويشارك الأجوفَ في فِعْلان غيرهُ أَيضاً كحُشّ - وهو البستان - وحِشَّان، ويجمع حُشّان (1) بالضم على حَشَاشين كما جمع مُصْرَان وهو جمع مَصير على مَصَارِين، ولا يمتنع أَن يكون حِشَّان جمع حَشّ بالفتح، لأنه لغة في الحش بالضم كثور وثيران، والأول قول سيبويه.
قال: " ونَحْوُ جَمَلٍ عَلَى أَجْمَالٍ، وَبَابُ تَاجٍ عَلَى تِيجَانٍ، وَجَاءَ عَلَى ذُكُورٍ وَأَزْمُنٍ وَخِربَانٍ وَحُمْلاَنٍ وجِيرَةٍ وَحِجْلَى " أَقول: أَعلم أَن ما كان على فَعَل فإِنك تقول في قلته أَفْعَال، في الأجوف أَو في غيره، نحو أَجْمَالٍ (2) وأَتْوَاجٍ وأَقْوَاعٍ (3) وأَنياب، وجاء قلته على أَفْعُل نادراً كأَزْمُن وأَجْبلُ وأَعْصٍ في عَصاً، ويجوز أَن يكون أَزمن جمع زَمَان كأَمْكُن في مَكَان، وذلك لحمل فَعَال المذكر على فَعَال المؤنث، فإِن
أَفعُلَ فيه قياس، على ما يجئ، نحو عَنَاق (4) وأَعْنُق، وجاء في الأجوف اليائي أَنْيُب، وفي الواوي أَدْؤُر وأَنْؤُر (وأَسْوُق، قال يونس: إِذا كان فَعَل مونثا بغير تاء فجمعه على أَفعل هو القياس) (5) كما أَن فِعَالاً وفعيلاً إِن كانت مؤنثة
__________
(1) انإتصال هذا الكلام بما قبله غير واضح، والذى نعتقده أن في الكلام سقطا، وأن أصل العبارة هكذا: " كحش وهو البستان وحشان بالكسر، وقد جمع على حشان بالضم، ويجمع حُشّان بالضم على حَشَاشين كما جمع مصران - الخ " (2) في نسخة " أجبال " بالباء الموحدة، وهى صحيحة أيضا (3) الاقواع: جمع قاع، وهو الارض السهلة المطمئنة التى انفرجت عنها الجبال (4) العناق: الافئى ن أولاد المعز (5) سقطت هذه العبارة من جميع النسخ المطبوعة وهي في النسخ الخطية (*)

(2/95)


فقياسها أفعل كما يجئ، قال سيبويه: بل أَفْعُل فيه شاذ، وإِن كان مؤنثاً، ولو كان قياساً لما قيل روحي وأَرْحَاء وقَدَم وأَقدام وغَنَم وأَغْنَام، وتقول في كثرته فعلا وفُعُول في غير الأجوف، والْفِعَال أَكثر، وقد تزاد التاء كالحِجَارة والذِّكَارة والذُّكُورة لتأْكيد الجمعية، وأَما الأجوف فالقياس فيه الفِعْلاَن كالتِّيجَان والجيرَان والقِيعَان والسِّيجان (1) وقد جاء في الصحيح أَيضاً قليلا كالشِّبْثَان (2) وقد جاء في الأجوف فُعْل أَيضاً كالدُّور والسُّوق والنِّيب، كأَنهم أَرادوا أَن يُكسِّرُوا على فُعُول فاستثقلوا ضم حرف العلة في الجمع وبعدها الواو فَبَنَوْه على فُعْل، وجاء سُؤُوق أَيضاً على الأصل، لكنه همز الواو للاستثقال، وكل واو مضمومة ضمة غير إعرابية ولا للساكنين جاز همزها.
فألزمت ههنا
للاستثقال، وكذا جاء نُيُوب، وليس فُعُول فيه مستمراً، بل بابه فُعْل كما مر، وجاء في غير الأجوف فُعْل أَيضاً كأُسْد ووُثْن، وقال بعضهم: لفظ الجمع لابد أَن يَكون أَثقل من لفظ الواحد، فأُسْد أَصله أُسُود ثم أُسُد ثم أُسْد فخفف، والحق أن لا منه من كونه أَخف من الواحد كاحمر وحُمْر، وحِمَار (وحمُر) وغير ذلك، وأَصلُ نيبٍ فُعْل كالسُّوق قلبت الضمة كسرة لتصح الياء، وليس فعل من أبنية الجمع، ولم يَأْت في أَجوف هذا الباب فِعَال، كأَنه جعلَ فِعْلاَن عوض فِعَال وفُعْل عوض فُعُول، هذا الذي ذكرت قياس هذا الباب، ثم جاء في غير الأجوف فُعْلاَن أَيضاً كحُمْلاَن (3) وسُلْقَان في سَلَق وهو المطمئن من الأرض
__________
(1) السيجان: جمع ساح، وهو شجر، والساج أيضا: الطيلسان الاخضر أو الاسود (2) الشبثان: جمع شبث - بفتح الشين والباء - وهو دويبة ذات ست قوائم طوال، صفراء الظهر وظهور القوائم، سوداء الرأس، زرقاء العين (3) الحملان: جمع حمل، وهو الجذع من أولاد الظأن (*)

(2/96)


وفعلان كخربان (1) وبرقان (2) وشبثان، وفعلة كجبيرة وقيعة وإِخْوَة، وفِعْلَى كحِجْلى (3) وهو شاذٌّ لم يَأْتِ منه إِلا هذا (4) ، وقال الأصمعي.
بل هو لغة في الحَجَل، والصحيح أَنه جمع، ولم يَأْتِ في قلة المضاعف ولا كثرته إِلا أَفعال كأَمْدَاد (5) وأَفْنَان (6) ، وأَلْبَاب (7) ، كما لم يجاوزوا في بعض الصحيح ذلك كالأقْلاَم والأرسَانْ (8) والأغْلاَق (9) ، قال سيبويه: فإِن بنى المضاعف على فعل أَو فُعُول أَو فِعْلاَنَ (أَو فُعْلاَنَ) فهو القياس، ولم يذكر فيه شيئاً عن العرب، فلزوم فعل مفتوح العين لافعالى أكثر من
__________
(1) الخربان: جمع خرب - بفتحتين - وهو ذكر الحبارى، ويطلق على
الشعر يكون في الخاصرة ووسط المرفق (2) البرقان: جمع برق - بفتحتين - وهو الحمل وزنا ومعنى (3) الحجل - بفتح الحاء المهملة والجيم -: طائر على قدر الحمام كالقطا أحمر المنقار والرجلين ويسمى الكروان أيضا.
(انظر ج 1 ص 199) (4) قول المؤلف " وهو شاذٌّ لم يَأْتِ منه إِلا هذا " إن أراد به أن هذا الوزن من الجموع غريب نادر لم يرد على سوى هذه الكلمة فغير مسلم، لانه قد ورد عليها ظربى في جمع ظربان، وهو دويبة منتنة الريح، وإن أراد أنه لم يأت من فعل - بفتح الفاء والعين - اسم جمع على فعلى سوى حجل وحجلي فهو كلام مستقيم لا غبار عليه.
ومن العلماء من ذهب إلى أن حجلى اسم للجمع (5) الامداد: جمع مدد، وهو العسكر تلحق بالغزاة (6) الافنان: جمع فنن، وهو الغصن (7) الالباب: جمع ليب، وهو موضع القلادة من الصدر وما يشد في صدر الدابة ليمنع تأخر الرحل (8) الارسان: جمع رسن، وهو الزمام إذا كان على الانف، ويطلق على الحبل (9) الاغلاق: جمع غلق، وهو مفتاح الباب (*)

(2/97)


لزوم فَعْل ساكن العين لأفعُل، وذلك لخفة فَعْل وكثرته فتوسعوا فيه أكثر من توصعهم في فَعَل، ولذلك كان الشاذ في جمع فَعَل مفتوح العين اَقلَّ من الشاذ في جمع فَعْل ساكنه قال: " وَنَحْوُ فَخِذٍ عَلَى أفخاذ فِيهِمَا، وَجَاءَ عَلَى نُمُورٍ وَنُمُرٍ " أَقول: يعني أَن فَعِلاً المكسور العين يكسر في الكثرة والقلة على أَفْعَال،
وذلك لأنه أَقل من باب فَعَل مفتوح العين بكثير، كما أَن فَعَلاً مفتوح العين أَقل من فَعْل ساكنه، والبناء إذ اكثر تُوُسع في جموعه، فلهذا جاء لمضاعف فَعْل ساكن العين بناء قلة وكثرة نحو صَكّ وأَصُكّ وصِكَاك وصُكوك، ولم يأْت لمضاعف فَعَل مفتوح العين إلا أَفعال في القلة والكثرة كأَمْدَاد وأَفنان وفَعِل بكسر العين أَقل من فَعَل بفتحها فَنقص تصرفه عنه بأَن لزم في جمعه أَفعال في قلة الصحيح وغيره وكثرتهما، وجاء نمور على التشبيه بباب الأسود، ونمر مخفف منه.
قال: " ونحو عَلَى أَعْجَاز، وَجَاء سِبَاعٌ، وَلَيْسَ رَجْلَةٌ بتكسير " أَقول: اعلم أَن فَعُلاً بضم العين أَقل من فَعِل بكسرها، فهو أَولى بأَن يكون قلته وكثرته على لفظ واحد، وهو أَفعال، وقد يجئ على فعال كسباع ورجال، وذلك لتشبيهه بفَعَل مفتوح العين.
قوله " رَجْلة " بفتح الراء وسكون الجيم " ليس بتكسير " بل هو اسم جمع، لأن فَعْلَة ليس من أَوزان الجموع وقياسه أَرْجَال كأَعجاز، رَجْلة للقليل، ورجال للكثير.
قال: " وَنَحْو عِنَبٍ عَلَى أَعْنَابٍ، وَجَاءَ أَضْلُعٌ وضُلوعٌ "

(2/98)


أَقول: قال سيبويه: باب عنب أَكثر من باب عجز، وباب كَبِد أَكثر من باب عِنَب، وباب جبَل أَكثر من باب كبد، وباب بَحْر أَكثر من باب جَبَل، فباب عنَب على أَفعَال في القلة والكثرة، وقد يجئ في القلة على أَفْعُل كأَضْلُع، قال سيبويه: شبه بالأزمن في جمع الزَّمن، وقد يجئ في الكثرة الفعول كالضلوع والأرُوم (1)
قال: " وَنَحْو إِبِلِ عَلَى آبَالٍ فيهما " أَقول: أَي في القليل والكثير، لِقلَّة فِعِل، وهو لغات معدودة كما ذكرنا.
قال: " وَنَحْو صُرَد عَلَى صِرْدَانٍ فِيهمَا، وَجَاءَ أَرْطَابٌ وَرِبَاع فِيهِما " أَقول: أَي في القلة والكثرة، لما اختص قعلبنوع من المسميات، وهو الحيوان كالنُّغَرِ والصُّرَد (2) ، خَصُّوه بجمع، وأَيضاً كأَنه منقوصٌ من فُعَال كغُرَاب وغِرْبان.
أَو مشبه به، وشذ منه رُبَع (وأرباع) (3) تشيها بجَمَل وأَجْمَال وجِمَال، لأنه منه، وأَمّا رُطَب وأرطاب ورطاب فليس رطب في الحقيقة من باب فعل الموضوع لواحد، لأنه جنس لرطبة، وأنه جَمْعها، ومثله مُصَع ومُصَعة لجَني الْعَوْسج (4) قال: " وَنَحْو عُنُقٍ عَلَى أعناق فيهما "
__________
(1) الاروم: جمع إرم - مثل ظلع وعنب - والارم: حجارة تنصب علما في المفازة، وفي الحديث " ما يوجد في آرام الجاهلية وخربها فيه الخمس " (2) أنظر (ج 1 ص 281 هـ 1 و 2) من هذا الكتاب (3) الربع: الفصيل ينتج في الربيع، هو أول النتاج (4) العوسج: شجر من شجر الشوك، وثمره أحمد مدور كأنه خرز العقيق (*)

(2/99)


أَقول: قال سيبويه باب عُنق كباب عَضُد في القلة، وجمعه أَفعال في القلة والكثرة قال: " وامْتَنَعُوا مِن أَفْعُل في الْمُعْتلِّ الْعيْنِ، وأَقْوُسٌ وأَثْوَبٌ وأَعْيُنٌ وأَنْيَبٌ شاذٌّ، وامْتَنَعُوا مِنْ فِعَالٍ في الْيَاء دُونَ الْوَاوِ، كفُعُولٍ في الواو دون الياء، وفؤوج وشؤوق شَاذٌّ "
أَقول: يعني أَن أَفْعُل لا يجئ في الأجوف من هذه الأمثلة العشرة المذكورة واوياً كان أَو يائيا، وفعالا لا يجئ في الأجوف اليائي من جميع الأمثلة المذكورة، وقد يجئ في الواوي كَحِيَاض وثِياب، وفُعُولاً يجئ في اليائي دون الواوي، كفُيُوح (1) وسُيُول، وقد ذكرنا ذلك في شرح جمع فَعْلٍ لما فرغ من جموع أَبنية الثلاثي المجرد إِذا كان اسماً مذكراً شرع في جموعها إِذا كانت مؤنثة بالتاء، فقال: " الْمُؤَنَّثُ: نحو قصْعَةٍ عَلَى قِصَاع وبُدُورٍ وبِدَرٍ وَنُوَبٍ، وَنَحْوُ لِقْحَةٍ عَلَى لِقَحٍ غَالِبَاً، وَجَاءَ عَلَى لِقَاحٍ وَأَنْعُمٍ، ونحْوُ بُرْقَةٍ عَلَى بُرَقٍ غَالِباً، وَجَاءَ عَلَى حُجُوز وبِرَامِ " أَقول: اعلم أَن فَعْلة تكسر في فِعالٍ غالباً في الصحيح وغيره، كقصاع
__________
(1) الفيوح: جمع فيح - بفتح الفاء وسكون اليا المثناة وآخره حاء مهملة - وهو خصب الربيع في سعة البلاد.
وفى نسخة " فيوج " - بالجيم مكان الحاء - وهى صحيحة أيضا، والفيوج: جمع فيج، وهو رسول السلطان الذى يسعى على رجله، أو هو المسرع في مشيه الذى يحمل الاخبار من بلد إلى بلد، قيل: هو فارسي معرب.
(*)

(2/100)


وركاء (1) ودِبَاب (2) ، وجاء على فِعَل وكأَنه مقصور فِعَالٍ نحو هَضبْةَ (3) وهِضَبٍ وحَلْقَةٍ (4) وحِلَقٍ، وقد جاء فيه فُعُول أَيضاً لأن فُعُولاً وفِعَالاً إِخوان في جمع فَعْلٍ مذكر فَعْلة إِلا أَن فُعُولاً ههنا قليل كمأَنة (5) ومُؤُون وبَدْرَةٍ (6) وبُدُور، وفي جمع فَعْلٍ كثير، لأن فَعْلاً أَخف من فَعْلة وأَكثر استعمالاً، فكان أَكثر تصرفاً، وإِنما غلب في فَعْلة فِعْالٌ دون فُعُول لأنه أَخف البناءين.
وإِذا كان فَعْلة أَجوف واوياً فقد يجمع على فُعَلٍ كَدُوَلٍ ونُوَب (7)
__________
(1) الركاء: جمع ركوة - مثلثة الراء - وهى إناء صغير من جلد يشرب فيه
الماء، وتجمع على ركوات أيضا (2) الدباب: جمع دبة بفتح الدال المهملة وتشديد الباء الموحدة - وهى الكثيب من الرمل (3) الهضبة: كل صخرة راسية صلبة ضخمة، وقيل: الجبل المنبسط على الارض (4) الحلقة - بفتح الحاء وسكون اللام -: كل شئ مستدير كحلقة الحديد والفضة والذهب والناس، وقد روى في اللام الفتح، قال في اللسان: " وقد حكى سيبويه في الحلقة فتح اللام وأنكرها ابن السكيت وغيره، وقال اللحيانى: حلقة الباب وحلقته بأسكان اللام وفتحها، وقال كراع: حلقة القوم وحلقتهم (باسكان اللام وفتحها) وحكى الاموى: حلقة القوم بالكسر (يريد كسر الحاء) ، قال: وهى لغة بنى الحرث بن كعب " اه بتصرف (5) المأنة: قيل: هي الخاصرة، وقيل: هي السرة وما حولها، وقيل: هي لحمة تحت السرة إلى العانة (6) البدرة: جلد السخلة إذا فطمت، وهى أيضا كيس فيه ألف أو عشرة آلاف درهم أو سبعة آلاف دينار (7) النوب: جمع نوبة - بفتح أوله وسكون ثانيه - وهى المصيبة من مصائب الدهر، قال ابن جنى: مجئ فعلة (بفتح فسكون) على فعل (بضم (*)

(2/101)


وجُوَبٍ (1) وليس هذا قياسَ فَعْلة - بفتْح الفاء - بل هو محمول في ذلك على فُعْلة - بضمها - نحو بُرْقة وبُرَق ودُوْلَة ودُوَل، وقد جاء في ناقصه فُعَلٌ أَيضاً شاذاً كقَرْيَة وقُرًى، قال أَبو علي: وبَرْوَةٍ (2) وَبُرًى، قال: وهو الذي يجعل في أَنف البعير، والمعروف في هذا المعنى البرَة، وفي كتاب سيبويه
نَزْوَةٌ (3) وَنُزًى - بالنون والزاي - ولا شك أَن أحدهما تصحيف الاخر
__________
ففتح) يريك كأنها إنما جاءت عندهم من فعلة فكان نوبة نوبة (الاولى بفتح فسكون والثانيد بضم فسكون) وإنما ذلك لان الواو مما سبيله أن يأتي تابعا للضمة، قال: وهذا يؤكد عندك ضعف حروف اللين الثلاثة " اه ملخصا من اللسان (1) الجوب: جمع جوبة - بفتح فسكون وهى الحفرة المستديرة الواسعة وكل فضاء أملس سهل بين أرضين (2) قال في اللسان: " والبرة الخلخال، حكاه ابن سيده فيما يكتب بالياء، والجمع براة (كقضاة) وبرى وبرين، وبرين (بضم الباء وكسرها) .
والبرة: الحلقة في أنف البعير وقال اللحياني: هي الحلقة من صفر أو غيره تجعل في لحم أنف البعير، وقال الاصمعي: تجعل في أحد جانبى المنخرين والجمع كالجمع (يريد أن جمعها بمعنى الحلقة كجمعها بمعنى الخلخال) على ما يطرد في هذا النحو، وحكى أبو علي الفارسي في الايضاح برود وبرى وفسرها بنحو ذلك، وهذا نادر، قال الجوهري: قال أبو علي: أصل البرة بروة، لانها جمعت على برى مثل قرية وقرى.
قال ابن برى رحمه الله: لم يحك بروة في برة غير سيبويه وجمعها برى ونظيرها قرية وقرى، ولم يقل أبو علي إن أصل برة بروة، لان أول برة مضموم وأول بروة مفتوح، وإنما استدل على أن لام برة واو بقولهم: بروة لغة في برة " اه بتصرف (3) النزوة: القصير، وجبل بعمان كما ذكره في القاموس، وقال ياقوت في معجم البلدان: " نزوة، بالفتح ثم السكون وفتح الواو - والنزو: الوثب، والمرة الواحدة نزوة: جبل بعمان وليس بالساحل، عنده عدة قرى كبار يسمى مجموعها بهذا الاسم، فيها قوم من العرب كالمعتكفين عليها وهم خوارج أباضية، يعمل فيها صنف من الثياب منمقة بالحرير جيدة فائقة لا يعمل في شئ من بلاد (*)

(2/102)


وإِذا كان أَجوف يائياً لم يجز ضم فائه في الجمع، بل يكسر كَحِيَم (1) وضِيَع (2) كما قيل في
الصحيح هِضَب، وليس هذا بقياس، لا في الصحيح ولا في غيره، وأَما فِعْلة فإِنه يكسر على فِعَل، في الصحيح كان أو في غيره، ككِسَر وقِدَد (3) ولِحًى ورِشًى (4) وذكر غير سيبويه فُعَلاً بضم الفاء كلُحًى وحُلًى، والكسر فيهما أَجود، قال سيبويه: الجمع بالألف والتاء قليل في فِعْلة، في الصحيح كان أو في غيره، لأن إِتباع العين للفاء فيما يجمع هذا الجمع هو القياس، وفعل كإبل بناء عزيز، بخلاف فُعُلات كخُطُوات، إِذ نحو عُنُقٍ وطُنُب (5) كثير، فَلهذا كان استعمال فِعَل في القلة أَكثر وأَحسن من استعمال فُعَل فيها، فَثلاثُ كسَر أَقوى من ثلاث غُرَف، بل الأولى ثلاث غُرُفات مع جواز ثلاث غُرَف أَيضاً، قال سيبويه: ولا يكادون يجمعون بالألف والتاء في الناقص واوياً كان أَو يائياً، يعني مع الاتباع، فلو قلت
__________
العرب مثلها، ومآزر من ذلك الصنف يبالغ في أثمانها رأيت منها واستحسنها " اه (1) الخيم: جمع خيمة وهى كل بيت مستدير من بيوت الاعراب من شعر أو غيره، أو كل بيت يبنى من عيدان الشجر (2) الضيع: جمع ضيعة - بفتح أوله وسكون ثانيه - وهى العقار، وحرفة الرجل وصناعته (3) القدد: جمع قدة وهى القطعة من الشئ والفرقة من الناس إذا كان هوي كل واحد على حده، ومنه قوله تعالى: (وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا) أي كنا جماعات متفرقين مسلمين وغير مسلمين (4) رشى: جمع رشوة - مثلثة الراء وهي الجعل.
قال ابن الاثير: الرشوة والرشوة (بكسر الراء وضمها) الوصلة إلى الحاجة بالمصانعة، وأصله من الرشاء الذي يتوصل به إلى الماء، فالراشي من يعطي الذي يعينه على الباطل، والمرتشي الاخذ، والرائش الذي يسعى بينهما يستزيد لهذا ويستنقص لهذا، فاما ما يعطى توصلا إلى أخذ حق أو دفع ظلم فغير داخل فيه " اه من اللسان بتصرف (5) الطنب - بضمتين أو بضم فسكون - حبل الخباء والسرادق (*)

(2/103)


في رِشْوَة رِشوَات لانقلبت الواو ياء فاجتزءوا بِفعَل في القلة والكثرة، وقد عرفت أَن الكسر في الصحيح قليل، فكيف في المعتل، قال السيرافي: وأَما نحو فِرْيَة ولِحْية فيجوز كسر العين في جمعهما بالألف والتاء، لأنه لا ينقلب حرف إلى حرف.
قلت: قال سيبويه أَولى لاستثقال الكسرتين مع الياء، وأَما المعتل العين فيجوز جمعه بالألف والتاء، إِذ يجب إِسكان عينه ولا يجتمع كسرتان نحو قِيمات ودِيمات (1) وقد جاء في فِعْلة فِعال كلِقاح (2) وحِقاق (3) ، كذا ذكره سيبويه، لكنه في غاية القلة، وذكر الجوهري أَن لِقاحاً جمع لَقُوح ومي الحَلُوب كقلاص وقلُوص (4) واللقحة بمعنى اللقوح، قال سيبويه: قد يجمع فِعْلة على أَفعل كأنْعُم وأَشُد في نِعْمة وشدَّة، وذلك قليل عزيز ليس بالأصل، وقيل: إِن أَشُدًّا جمع شَدّ في التقدير ككَلْب وأَكْلب أَو جمع شِدّ كذئْب وأَذْؤُب، ولم يستعمل شدٌّ ولاشد فيكون كأَبابيل (5) جمعاً لم يستعمل واحده، وقال المبرد: أَنعُم جمع نُعم على القياس، يقال: يوم بُؤْس ويوم نُعْم والجمع أَبَؤْسٌ وأَنْعُمٌ
__________
(1) الديمات: جمع ديمة، وهو المطر الدائم في سكون ليس فيه رعد ولا برق وأصلها دومة، فقلبت الواو ياء لسكونها إثر كسرة (2) لقاح: جمع لقحة، وهي الناقة القريبة العهد بالنتاج، ويقال: الغزيرة اللبن الحلوب، واللام مفتوحة أو مكسورة، والقاف ساكنة على الوجهين (3) الحقاق: جمع حقة، وهي الناقة التي استوفت ثلاث سنين ودخلت في الرابعة (4) القلوس: الناقة الشابة الفتية (5) الابابيل: الجماعات، وقد اختلف العلماء فيه، فذهب قوم إلى أنه جمع
لا واحد له من لفظه، وذهب جماعة آخرون إلى أن له واحدا، ثم قالوا: واحده أبول مثل عجول وعجاجيل، ويقال: وحده إبيل (*)

(2/104)


وأَما فُعَلة - بضم الفاء - فعلى فُعَل غالباً، وقد يستعمل في القليل أَيضاً نحو ثلاث غُرَف، وهو قليل كما ذكرنا، وربما كسر على فِعَال في غير الأجوف كبِرَام وبِرَاق وجفار (1) وهو كثير في المضاعف كخِلال (2) وقِلال (3) وجِباب (4) وقِباب (5) ، ويقتصر في الأجوف على فُعَل كسُوَر ودُوَل، وأَما الحُجُوز في جمع حُجْزة (6) السراويل: أي معقدها، فشاذ
__________
(1) البرام: جمع برمة (2: 79) والبراق: جمع برقة، وهى أرض غليظة مختلطة بحجارة ورمل، فإذا اتسعت فهي الابرق، والجفار: جمع جفرة، وهي بضم فسكون جوف الصدر، وقيل: ما يجمع البطن والجنين، وقيل: منحنى الضلوع، وجفره كل شئ: وسطه ومعظمه (2) الخلال: جمع خلة، بالضم، وهي الصداقة والمحبة، ويقال للصديق خلة أيضا، قال الحماسي: ألا أبلغا خلتى راشدا * وصنوى قديما إذا ما اتصل (3) القلال: جمع قلة، وهى الجرة العظيمة، وقيل: الجرة ما كانت، وقيل: الكوز الصغير (4) الجباب: جمع جبة، وهي ضرب من الثياب، وتطلق على الدرع وعلى ما دخل فيه الرمح من السنان (5) القباب: جمع قبة، وهى البناء من الادم، ويقال: بيت صغير مستدير وهو من بيوت العرب (6) في النسخة الخطية " الحجز " وفي المطبوعتين " الحجوز " بواو
بين الجيم والزاى، والذى في كتب اللغة الحجوز في جمع حجزة، وهو الذي أثبتناه وفيها جمعه على حجز - كدول وغرف - وهو غير شاذ، قال في اللسان: " وفي حديث عائشة رضي الله عنها لما نزلت سورة النور عمدن إلى مناطقهن فشققنها فاتخذنها خمرا، أرادت بالحجز المآزر، قال ابن الاثير: وجاء في سنن أبي داود حجوز أو حجور - بالشك، وقال الخطابي: الحجور بالراء لا معنى لها ههنا، وإنما هو بالزاى جمع حجز، فكأنه جمع الجمع، وأما الحجور بالراء فهو جمع حجر الانسان، وقال الزمخشري: واحد الحجوز حجز بكسر الحاء (*)

(2/105)


قال: " ونَحْوُ رَقبَةٍ عَلَى رِقَابٍ، وجَاءَ عَلَى أَيْنُقٍ وتِيَرٍ وبُدْنٍ، ونحْوُ معِدةٍ عَلَى مِعَدٍ، ونحوَ تُخَمَةٍ عَلَى تُخَمٍ " أَقول: أَعلم أَن فعَلةً كرقبة قياسه فِعال كرقاب ونِياق وإِماء، وجاء على أَفْعُل كآكُمٍ (1) في الصحيح وأَيْنُق (2) في الأجوف وآمٍ (3) في الناقص
__________
وهى الحجزة، ويجوز أن يكون واحدها حجزة " اه، فان قرئ ما في النسخة الخطية بضم الحاء المهملة وفتح الجيم كان صوابا في ذاته، ولكنه لا يتفق مع قول المؤلف إنه شاذ، وإن قرئ بضم الحاء والجيم جميعا كان موافقا لقوله إنه شاذ، ولكنه يعكر عليه أنا لم نجد هذا الجمع، فلعله ثابت فيما لم تقف عليه (1) الاكم: جمع أكمة - بفتحات - وهي التل من حجارة واحدة، وهى الموضع يكون أشد ارتفاعا من غيره، وأصل الجمع أأكم على أفعل كافلس فقلبت الهمزة الثانية ألفا لسكوتها إثر أخرى مفتوحة في أول الكلمة، وهذا إبدال واجب (2) أينق: جمع ناقة، وانظر في تصريفها الجزء الاول (ص 22 و 23) (3) آم: جمع أمة، وهى المملوكة.
قال الشاعر
تركت الطير حاجلة عليه * كما تردى إلى العرشات آم هصع حفض صفق عض قضه عصف وقال الكميت: تمشي بها ربد النعا * م تماشى الامي الزوافر وقال الاخر: محلة سوء أهلك الدهر أهلها * فلم يبو فيها غير آم خوالف وقال السليك بن السلكة: يا صاحبي ألا لاحى بالوادي * إلا عبيد وآم بين أذواد تردى: تحجل.
العرشات: جمع عرش - بضمتين - وهو جمع عريش والعريش: الخيمة، ويقال: الصواب في البيت العرسات جمع عرس - بضم فسكون - وهو طعام الوليمة.
وربد: جمع ربداء وهى السوداء المنقطة بحمرة (*)

(2/106)


وعلى فِعَل كتِيَر (1) وَقِيَم، وكأَن أَصله فِعال لقلبهم الواو ياء، وإِنما يكون ذلك قبل الألف كما يجئ في باب الإعلال، وجاء على فُعْل كبُدْن (2) وخُشْب (3) ونُوق ولُوب (4) وسُوح (5) ، وليس بالكثير، ويجوز في الصحيح ضم العين: إِما على أَنه فرع الإسكان، أَو أَصله، كما ذكرنا في أول هذا الكتاب وفعلة من الناقص كثير كقناة (6) وحصاة، وأكثر ما يستعمل في معنى الجمع منه محذوف التاء كالحصا والحصا والقنا والاضا (7) ، أو بالالف والتاء، وقد يجمع
__________
والزوافر: جمع زافرة وهى اسم فاعل من زفر - من باب ضرب - إذا ردد نفسه.
أذواد: جمع ذود، وهو جماعة الابل من ثلاثة إلى عشرة.
وأصل أمة أمو.
انظر تصريفها في (ص 30 من هذا الجزء) (1) التير - بكسر التاء وفتح الياء -: جمع تارة، وهي المرة، وجاء في جمعه تارات، قال الجوهري: " تير مقصور من تيار كما قالوا قامات وقيم " ووقع في
بعض نسخ الاصل " ثير " بالمثلثة وهو تصحيف (2) البدن: جمع بدنة، وهي ما يهدى إلى مكة من الابل والبقر، قال الجوهري: البدنة ناقة أو بقرة تنحر بمكة سميت بذلك لانهم كانوا يسمنونها (3) الخشب: جمع خشبة وهي قطعة الشجر (4) اللوب: جمع لابة، وهي أرض ذات حجارة سوداء، ومنه ما في الحديث " ما بين لابتيها أفقر منى " (5) السوح: جمع ساحد، وهو فضاء يكون بين الدور (6) القناة: هي من الرماح ما كان أجوف كالقصبة، وهي أيضا الابار التي تحفر في الارض متتابعة ليستخرج ماؤها ويسيح على وجه الارض، والقناة أيضا: القامة (7) الاضا: ام جنس جمعى، واحده أضاة، وهي الغدير أو الماء المستنقع من سيل أو غيره وتجمع على أضوات وإضاء وإضين (*)

(2/107)


على فعول كدوى (1) وصفي (2) في دواة وصفاة، وعلى فعال أيضا كإضاء وإماء، وجاء الاموال كالاخوان (3) وأَما الْفِعَلة - بفتح الفاء وكسر العين - كالمعدة، فيجمع بكسر الفاء وفتح العين، كالمِعَد والنِّقَم، قال السيرافي: ومثله قليل غير مستمر، لا يقال في كَلمة وخَلِفة (4) كِلَم وخِلَف، وإِنما جمع مَعِدة ونَقِمة على فِعل بكسر الفاء وفتح العين لأنهم يقولون فيهما عند بني تميم وغيرهم مِعدَة ونِقْمة ككِسْرة نحو كتِفْ في كتف، فجمعا على ذلك، فمِعَد ونِقَم في الحقيقة جمع فِعْلَة لا جمع فَعِلة، وأَما غيرهما نحو كلمة وخلفة فلا يجئ على وزن كِسْرة إِلا عند بني تميم وأَما فُعَلة نحو تخمة فعلى تُخم، شبهوا فُعَلة بضم الفاء وفتح العين بفعْلة
بضم الفاء وسكون العين، فجمع على فُعَلٍ، وليس ذلك مما يكون الفرق بين جمعه وواحده بالتاء كالرُّطَبة والرُّطَب، لأن الرطب مذكر كالبر والتمر، ونحو
__________
(1) دوى: جمع دواة، وهي ما يوضع فيها المداد للكتابة، وأصله دووى قلبت الواو ياء لاجتماعها مع الياء وسبق إحداهما بالسكون ثم أدغمت الياء في الياء ثم كسرت الواو الاولى لمناسبة الياء.
قال أبو ذؤيب عرفت الديار كرقم الدوى * يححبره الكاتب الحميرى (2) الصفى: جمع صفاة، وهي الصخرة الملساء، وأصل صفى صفوي فعل به ما تقدم في دوى (3) من ذلك قول الفتال الكلابي أنا ابن أسماء أعمامي لها وأبى * إذا ترامى بنو الاموان بالعار ويجمع على أموان بضم الهمزة أيضا (4) الخلقة: الحامل من النوق، وجمعها خلف - بكسر اللام - وقيل: جمعها مخاض من غير لفظه كما قالوا لواحد النساء امرأة.
قال ابن برى: شاهده قول الراجز: * مالك ترغين ولا ترغو الخلف * وقيل: الخلفة نى التى اتسكملت سنة بعد النتاج ثم حمل عليها فلقحت (*)

(2/108)


التُّخَم والتُّهَم مؤنث كالغُرف، وتصغير رُطَب رُطَيْب، وتصغير تُخَم وتهم لا يكون إِلا على تُخَيْمَات وتهيمات، بالرد إلى الواحد، فليسا إِذن كالرطب والمُصَع (1) إِذ هما جنسان كالتمر والتفاح (2) * قال: " وَإِذَا صَحَّ بَابُ تَمْرَةٍ قِيلَ تَمَرَاتٌ بالْفَتْحِ، والإِسْكانُ فيهِ ضَرُورَةٌ، والمُعْتلُ الْعَيْنِ سَاكِنٌ، وَهُذَيْلٌ تُسَوِّي، وَبَابُ كِسْرَةٍ عَلَى كِسَرَاتٍ بالْفَتْحِ والكسر، والعتل الْعَيْنِ والْمُعْتَلُّ الَّلام بالْواوِ يُسْكَنُ ويُفْتَحُ، وَنَحْوُ حَجْرَةٍ عَلَى حُجُرَاتٍ بالضَّمِّ والْفَتْحِ، والْمُعْتَلُّ الْعَيْنِ
والْمُعْتَلُّ الّلام بالْيَاءِ يُسَكَّنُ وَيُفْتَحُ وقَدْ يُسَكَّنُ في تمِيم نَحوُ حُجُرَاتٍ وكِسِرَات، والْمُضَاعَفُ سَاكِنٌ في الْجَمِيع، وأما الصفات فَبِالإِسكانِ وقالوُا لَجَبَاتٌ ورَبَعاتٌ لِلمْحِ اسْمِيَّةٍ أَصْلِيَّةٍ وحُكمُ أَرْضٍ وأَهْلٍ وعرس (3)
__________
(1) المصع: اسم جنس جمعى واحده مصعة - بوزان همزة وغرفة - وهى ثمرة العوسج (أي الشوك) وهي أيضا طائر أخضر (2) اعلم أنه إذا فرق بين الواحد وجماعته بالتاء فاما أن يكون اللفظ الدال على الجماعة على وزن من أوزان الجموع مثل غرفة وغرف ومدية ومدى وكسرة وكسرة وقربة وقرب وإما أن يكون اللفظ الدال على الجماعة على غير وزن من أوزان الجموع مثل كلمة وكلم وشجرة وشجر وبقرة وبقر وسمرة وسمر، فان كان اللفظ الدال على الجماعة من النوع الثاني فهو اسم جنس جمعى وإن كان من النوع الاول فاما أن يكون مذكرا مثل رطب ومصع وإما أن يكون مؤنثا كغرف وتخم وتهم وقرب (ويستبين ذلك بالضمير العائد عليها) فان كان مذكرا فهو اسم جنس جمعى، وإن كان مؤنثا فهو جمع، وسيأتي لذلك مزيد بحث للمؤلف في آخر هذا الباب (3) العرس - كقفل - طعام الوليمة، وربما قيل فيه عرس - كعنق - كما قال الراجز: إنَّا وَجَدْنَا عُرُسَ الحناط * لئيمة مذمومة الحواط (*)

(2/109)


وعِيْرٍ (1) كَذلِكَ، وَبَابُ سَنَة جَاءَ فيهِ سِنُونَ وقلون وثبؤن وجَاءَ قُلُونَ وسَنَواتٌ وعِضَواتٌ وثُبَاتٌ وهنات.
وجاء آم كآكُم " أَقول: قد مضى شرح جميع هذا في شرح الكافية *، فنقتصر على حل أَلفاظه
__________
وقد تقدم هذا الشاهد مشروحا (ج 1 ص 242
(1) العير - بكسر أوله -: القافلة، قال الله تعالى (ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون) ، أو هي الابل تحمل الميرة، أو كل ما امتير عليه إبلا أو حميرا أو بغالا (*) قال المؤلف في شرح الكافية (ج 2 ص 175) : " ولنذكر شيئا من أحكام المجموع بالالف والتاء وإن كان المصنف يذكره في قسم التصريف فنقول: كل ما هو على وزن فعل وهو مؤنث بتاء مقدرة أو ظاهرة كدعد وجفنة، فأن كان صفة كصعبة أو مضاعفا كمدة أو معتل العين كبيضة وجوزة وجب إسكان عينه في الجمع بالالف والتاء، وإن خلا من هذه الاشياء وجب فتح عينه فيه كتمرات ودعدات: والتزم في جمع لجبة لجبات - بفتح العين - لان في لجبة لغتين فتح العين، وإسكانها، والفتح أكثر، فحمل الجمع على المفرد المشهور، وقيل لما لزم التاء في لجبة لكونها صفة للمؤنث ولا مذكر لها، يقال: شاة لجبة، إذا قل لبنها، صار كالاسماء في لزوم التاء نحو جفنة وقصعة، وأجاز المبرد إسكان عين لجبات قياسا لا سماعا، وغلب الفتح في جمع ربعة لتجويز بعضهم فتح عين الواحد، وقيل: إنها كانت في الاصل اسما ثم وصف به فلوحظ فيه الاصل كما يقال في جمع امرأة كلبة: نسوة كلبات - بفتح العين - ولا يقاس عليه غيره نحو ضخمات وصعبات، خلافا لفطرب، ويجوز إسكان ما استحق الفتح من عين فعلات للضرورة، قال ذوالرمة: أبت ذكر عودن أحشا قلبه * خفوقا، ورقصات الهوى في المفاصل (*)

(2/110)


__________
وجاء في المعتل اللام نحو أخوات وجديات - بسكون عينهما وقد يقاس عليهما قصدا للتخفيف لاجل الثقل الحاصل م اعتلال اللام، ويجوز أيضا في القياس أن يقال: نسوة كلبات (بالسكون) اعتبارا للصفة العارضة كما تقول:
صعبات بفتح العين إذا سميت بصعبة.
وأهل في الاصل اسم دخله معنى الوصف فقيل في جمعه: أهلون، وأدخلوه التاء فقالوا: أهلة.
قال: وأهلة ود قد تبريت ودهم * وأبليتهم في الحمد جهدي ونائلى أي: وجماعة مستأهلة للود.
قال: فهم أهلات حول قيس بن عاصم * إذ أدلجوا بالليل يدعون كوثرا ويقال: أهلات أيضا - بسكون الهاء - اعتدادا بالوصف العارض.
وتفتح هذيل العين المعتلة كجوزات وبيضات.
وقال: * أخو بيضات رائح متأوب * وقرئ في الشواذ: (ثلاث عورات) .
وإنما سكن عين الصفة وفتح عين الاسم فرقا، وكان الصفة بالسكون أليق لثقلها باقتضائها الموصوف ومشابهتها للفعل، ولذلك كانت إحدى علل منع الصرف، وسكن المضاعف والمعتل العين استثقالا: أي فرارا من الثقل العارض بتحريك أول المثلين وتحريك الواو والياء.
فأن قيل: فلتقلبا ألفا لتحركهما وانفتاح ما قبلهما.
قلت: إن الحركة عارضة في الجمع، ولذلك لم تقلبهما هذيل مع تحريكهما كما لم تقلب واو خطوات المضموم ما قبلها ياء لعروض الضمة.
وأما فعلة - بضم الفاء وسكون العين - كغرفة، وكذا فعل المؤنث كجمل فأن كانت مضاعفة فالاسكان لازم مع الالف والتاء كغدات، وإن كانت معتلة العين - ولا تكون إلا بالواو - كسورة فلا يجوز الاتباع إجماعا، وقياس لغة هذيل جواز فتحها كما في بيضات وروضات، لانهم عللوه بخفة الفتحة على حرف العلة وبكونها عارضة، لكن سيبويه قال: لا تتحرك الواو في دولات، والظاهر أنه أراد بالضم.
وإن كانت صحيحة العين، فأن كانت صفة كحلوة فالاسكان (*)

(2/111)


قوله " والمعتل ساكن " كَجَوْزَات وبَيْضات (1) ، لاستثقال الحركة
__________
لا غير، وإن كانت اسما: فأن لم تكن اللام ياء جاز في العين الاسكان والفتح والاتباع، سواء كان اللام واوا كخطوات أولا كغرفات، والاتباع ههنا أكثر منه في فعلة وإن كان الكسر أخف، وذلك لان نحو عنق أكثر من نحو إبل، وإن كانت اللام ياء نحو كلية لم يجز الاتباع اتفاقا، للثقل، وأما الفتح فالمبرد نص على جوازه، وليس في كلام سيبويه ما يدل عليه.
وأما أم فلفظ أمهات في الناس أكثر من أمات، وفي غيرهم بالعكس.
والهاء زائدة بدليل الامومة.
وقيل: أصلية، بدليل تأمهت، لكونه على وزن تفعلت.
قال: * أمهتى خندف والياس أبى * ووزنها فعلة (بضم الفاء وتشديد العين مفتوحة) فحذف اللام وأما فعلة (بكسر الفاء - وفعل مؤنثا كهند: فأن كانت مضاعفة فلا يجمع بالالف والتاء إلا بسكون العين، نحو قدات، وإن كانت معتلة العين ولا تكون إلا ياء إما أصلية كبيعة أو منقلبة كديمة فلا يجوز فيه الاتباع إجماعا، ولا الفتح إلا على قياس لغة هذيل، وعيرات (بكسر أوله وفتح ثانيه) في جمع عير شاذ عند غير هذيل، وإن كانت صحيحة العين: فأن كانت صفة فالاسكان كعلجات، وإن كانت اسما: فأن كانت اللام واوا امتنع الاتباع اتفاقا للاستثقال وجاز الفتح والاسكان على ما نص المبرد كرشوات، ومنع الاندلسي الفتح، وإن كانت اللام ياء كلحية، جاز الفتح والاسكان، وأما الاتباع فمنعه سيبويه لقلة باب فعل (بكسر أوله وثانيه) في الصحيح فكيف بالمعتل اللام؟ وأجازه السيرافي، لعروض الكسر، وقياسا على خطوات، وإن صحت اللام نحو كسرة جاز الاتباع والفتح والاسكان، والفراء يمنع ضم العين مطلقا في المضمومة الفاء وكسرها في المكسورة الفاء صحت العين أولا إلا فيما سمع نحو خطوات وغرفات " اه كلامه
(1) البيضات: جمع بيضة، وهي بيضة الطائر، وما يلبس على الرأس من الحديد في الحروب للاحتماء به وغير ذلك، وقد جمع على بيضات - بالاسكان - (*)

(2/112)


على الواو والياء المفتوح ما قبلهما.
قوله " وهذيل تُسوِّي " أَي: تفتح في الأجوف كما تفتح في الصحيح، استخفافاً للفتحة، ولا تقلب الواو والياء ألفا، لعروض الحركة عليهما قوله " والمعتل العين والمعتل اللام بالواو يسكن ويفتح " أَما المعتل العين فنحو قِيمَات وريمات، ولا يكسر العين استثقالاً للكسرة على الياء المكسورة ما قبلها، وأَما الناقص الواوي فنحو رِشْوَات، ولا يكسر العين لئلا ينقلب الواو ياء فيلتبس، ولو خليت واواً لاستثقلت.
قوله " والمعتل العين والمعتل اللام بالياء يكسن ويتفح " أما المتعل العين فنحو دُولات (1) ولا يضم العين للاستثقال، وأَما الناقص اليائي فلا يضم عينه، لاستثقال الياء المضموم ما قبلها لاماً، وإِن قلبت واوا اعتدادا بالحركة العارضة لالتبس بالواوي.
قوله " وقد يسكن في تميم نحو حجرات وكسرات " بخلاف نحو تَمَرات، استثقالاً للضمتين والكسرتين اللتين هما أَكثر وأَظهر في هذين البابين.
قوله " والمضاعف ساكن في الجميع " نحو شَدَّات وغُدَّات (2) ورِدَّات.
وأَما الصفات فنحو صعبات وخلوات وعلجات (3) تسكن للفرق، وتسكينها
__________
كما هو القياس، وعلى بيضات - بالفتح - وهو شاذ، ومنه قول الشاعر: أخو بيضات رائح متأوب * رفيق بمسح المنكبين سبوح (1) الدولات: جمع دولة - بضم الدال - وهى ما يتداوله الناس بينهم، من فئ المال ومنه قوله تعالى: (كى لا يكون دولة بين الاغنياء منكم) .
انظر
(ص 105 من هذا الجزء) (2) الغدات: جمع غدة، وهى كل عقدة يحيط بها شحم في الجسد، ومنه المثل: غدة كغدة البغير وموت في بيت سلوليه.
أنظر (ج 1 ص 88) (3) العلجات: جمع علجة - بكسر أوله وسكون ثانيه - وهي مؤنت العلج، وهو (*)

(2/113)


أولى من تكسين الأسماء، لأن الصفات أَثقل.
قوله " لَجَبَات " (1) ورَبَعَات (2) لِلمْحِ اسْمِيَّةٍ أَصلية " لم أَر في موضع أَن لَجْبَة في الأصل اسم، بلى قيل ذل في ربعة.
__________
الرجل من كفار العجم، وهو أيضا الشديد الغليط.
أنظر شرح الشاهد الثامن والثلاثين (ح 1 ص 242) (1) اللحبة: هي الشاة التى قل لبنها.
قال في اللسان: " وشاة لجبة (كتمرة) ولجبة (كغرفة) ولجبة (كفرية) ولجبة (كشجرة) ولجبة (كنبقة) ولجبة (كعنبة) الاخيرتان عن ثعلب: مولية اللبن، وخص بعضهم به المعزى، قال الاصمعي: أذا أتى على الشاء بعد نتاجها أربعة أشهر فجف لبنها وقل فهى لجاب، ويقال منه: لجبت (ككرم) لجوبة، وشياه لجبات (بالتحريك) ويجوز لجبت (بالتضعيف) .
قال ابن السكيت: اللجبة النعجة التى قل لبنها، قال: ولا يقال للعنز لجبة، وجمع لجبة (بالتحريك) لجبات على القياس، وجمع لجبة (بالتسكين) لجبات بالتحريك وهو شاذ لان حقه التسكين إلا أنه كان الاصل عندهم أنه اسم وصف به، كما قالوا: امرأة كلبة، فجمع على الاصل، وقال بعضهم: لجبة ولجبات نادر، لان القياس المضطرد في جمع فعلة إذا كانت صفة تسكين العين.
قال سيبويه: وقالوا: شياه لجبات فحركوا الاوسط لان من العرب من يقول: شاة لجبة (بالتحريك) فانما جاءوا بالجمع على هذا "
اه بتصرف، والحاصل أن للعلماء في تخريج لجبات بالتحريك ثلاثة أوجه: أولها أنه جمع لجبة بالتحريك، وقد ترك في هذه اللغة جمع لجبة بالاسكان استغناء بالمحرك عن الساكن، ثانيها أن لجبات - بالتحريك - جمع لجبة - بالاسكان - نظرا إلى أنها في الاصل اسم كتمرات وزفرات، ثالثها: أن لجبات - بالتحريك - شاذ، وهذا تحريك الذى لا يلاحظ اسميتها في الاصل ولا مجئ المفرد محركا (2) الربعة - باسكان الباء وفتحها -: يوصف به الرجل والمرأة، يقال: رجل ربعة، وامرأة ربعة، وهو الذى ليس بالطويل ولا بالقصير.
قال في اللسان: " وصف المذكر بهذا الاسم المؤنث كما وصف المذكر بخمسة ونحوها حين (*)

(2/114)


قوله " وحكم أَرض " أَي أَن المؤنث بتاء مقدرة كالمؤنث بتاء ظاهرة، يجوز فيها الأوجه المذكورة.
قوله " وباب سنة " أَي: إِذا كان فعَلة محذوف اللام يجمع بالواو والنون، جَبْراً لما حذف منها، وقد تغير أَوائلها بكسر ما انضم منها أَو انفتح.
قوله " وسنوات وعِصَوَات (1) " أَي: قد يجمع بالألف والتاء مع رد اللام.
قوله " ثبات (2)
__________
قالوا: رجال خمسة، والمؤنث ربعة وربعة كالمذكر، وأصله له، وجمعهما جميعا ربعات، حركوا الثاني وإن كان صفة لان أصل ربعة اسم مؤنث وقع على المذكر والمؤنث فوصف به، وقد يقال ربعات بسكون الباء فيجمع على ما يجمع عليه هذا الضرب من الصفة، حكاه ثعلب عن ابن الاعرابي " اه (1) عضوات: جمع عضة، وهى الفرقة والقطعة من الشئ، والكذب، وقد اختلفوا في المحذوف من هذه الكلمة، فقال جماعة: المحذوف واو بدليل جمعهم إياها هاء بدليل قولهم في جمعه: عضاه، كما قالوا شفاه في جمع شفة، وبدليل قولهم: عضهه يعضهه عضها ورجل عاضه.
إذا جاءه بالافك والبهيتة، وقال الشاعر:
أعوذ بربي من النافثا * ت في عضه العاضه المعضه (2) ثبات: جمع ثبة، وهي الجماعة، قال الله تعالى (فانفروا ثبات أو انفروا جميعا " وهي مأخوذة من ثبيت بالتضعيف: أي جمعت، أو من ثاب يثوب: قال في اللسان: " قال ابن جنى: الذاهب من ثبة واوا، واستدل على ذلك بأن أكثر ما حذفت لامه إنما هن من الواو نحو أب وأخ وسنة وعضة فهذا أكثر مما حذفت لامه ياء، وقد تكون ياء على ما ذكر.
قال ابن برى: والاختيار عند المحققين أن ثبة من الواو وأصلها ثبوة (كغرفة) حملا على أخواتها لان أكثر هذه الاسماء الثنائية أن تكون لامها واوا نحو عزة وعضة، ولقولهم: ثبوت له خيرا خيرا أو شراء، إذا وجهته إليه.
قال الجوهري: والثبة وسط الحوض الذى يثوب إليه الماء، والهاء هاهنا عوض من الواو الذاهبة من وسطه، لان أصله ثوب كما (*)

(2/115)


وهنات (1) " أي: قد يجمع بالاف والتاء من غير رد اللام.
قوله " وجاءآم كإِكم " هو أَفْعُل، وأَصله أَأْموُ، قلبت الواو ياء والضمة كسرة كما في أَدْلٍ (2) وحذفت الياء كما في قاضٍ، وقلبت الهمزة الثانية ألفاً كما في آمن.
قال: " الصِّفَّة، نَحْوُ صَعْب عَلَى صِعَاب غَالِباً، وبَابُ شَيْخٍ عَلَى أَشْيَاخٍ، وجَاءَ ضِيفَانٌ ووُغْدَانٌ وكُهُولٌ ورِطَلَةٌ وشِيخَةٌ ووُرْدٌ وسُحُلٌ وسُمَحَاءُ، ونَحْوُ جِلْفٍ عَلَى أَجْلاَفٍ كَثِيراً، وأَجْلُفٌ نَادِرٌ، ونَحْوُ حُرّ عَلَى أَحْرارٍ " أَقول: اعلم أَن الأصل في الصفات أَن لا تكسر، لمشابهتها الأفعال وعملها عملها، فيلحق للجمع بأَواخرها ما يلحق بأَواخر الفعل، وهو الواو والنون، فيتبعه الألف والتاء، لأنه فرعه، وأَيضاً تتصل الضمائر المستكنة بها، والأصل أَن يكون في لفظها ما يدل على تلك الضمائر، وليس في التكسير ذلك، فالأولى أَن تجمع: بالواو والنون
ليدل على استكنان ضمير العقلاء الذكور، وبالألف والتاء ليدل على جماعة غيرهم، ثم إِنهم مع هذا كله كَسَّروا بعض الصفات لكونها أَسماء كالجوامد وإن شابهت
__________
قالوا أقام إقامة، وأصله إقواما، فعوضوا الهاء من الواو الذاهبة من عين الفعل " اه ومثل ثبة في الوزن وحذف اللام قلة، ولم يذكرها الرضى وإن كان ابن الحاجب قد ذكرها.
والقلة - بضم ففتح -: عودان يلعب بهما الصبيان، وقد اختلفوا في لامها المحذوفة، فقيل: واو، لان العرب قالت: قلوت القلة أقلوها قلوا، وقيل: ياء، لانهم قالوا: قليت أقلى قليا (1) هنات: جمع هنة، وهى اسم يكنى بع عن المرأة، فيقال: ياهنة أقبلي (2) أصل أدل أدلو، فلما وقعت الواو متطرفة مضموما ما قبلها ضما أصليا وذلك مما لا نظير له في العربية قلبوا الضمة كسرة والواو ياء ثم أعلت إعلال قاض (*)

(2/116)


الفعل، وتكسير الصفات المشبهة أَكثر من تكسير اسم الفاعل في الثلاثي، إِذ شبهها بالفعل أَقل من شبهة، وتكسير اسم الفاعل في الثلاثي أَكثر من تكسير اسم المفعول منه واسْمِ الفاعل والمفعول من غير الثلاثي، لأن الأخيرين أَكثر مشابهة لمضارعهما لفظاً من اسم الفاعل الثلاثي لمضارعه، وأَما اسم المفعول من الثلاثي فأُجْرِيَ لأجل الميم في أَوله مُجْرى اسمي الفاعل والمفعول من غير الثلاثي في قلة التكسير.
ثم نقول: فَعْلٌ يُكسَّر في الغالب على فِعَال، ولا يكسر على أَفْعُلٍ، لأن للوصف في الأغلب موصوفاً يبين القلة والكثرة، والأصل في الجموع جمع الكثرة كما مر، والغالب في الأجوف اليائي أفعال كأَشْيَاخ، وقد جاء فعْلاَن بكسر الفاء في الأجوف وغيره كِضِيفَانٍ ووِغْدَان بكسر الواو، كما جاء في الاسم ئلان، وقد جاء فعلان
كوغدان (1) ، كما جاء في الاسم ظُهْرَان، ويجوز أَن يكون نحو ضِيفَان وشيخَان في الأصل فُعْلاَن مضموم الفاء فكسِرَت لتسلم الياء، وجاء فيه ضُيُوف وشيوخ، دخل هنا فُعُول على فِعَال كما دخل في الأسماء نحو كِعَاب وكعوب، إلا أَن الاسم أَقعد في التكسير فكان التوسع فيه أَكثر، ففُعُول فيه أَكثر منه في الصفة، وقد جاء فيه فِعَلَة كرِطَلة في رَطْل، وهو الشابُّ الناعم، وجاء قعلة بسكون العين كشيخة، وجاء فعل نحو كث (2) وثط (3)
__________
(1) وغدان: جمع وغد، وهو الاحمق الضعيف العقل، وهو أيضا خادم القوم، وقيل: الذى يخدم بطعام بطنه، والوغد أيضا: قدح من سهام الميسر لا نصيب له (2) كث - بضم الكاف -: جمع كث - بفتح الكاف - وهو كثيف اللحية (3) ثط - بضم الثاء -: جمع ثط - بفتح الثاء - وهو الذي لا شعر على عارضيه (*)

(2/117)


وجُون (1) وخِيلٍ (2) ووُردٍ (3) ، وجاء فُعُل بضمتين، والظاهر أَن أَحد البناءين فرع الآخر، نحو سُحْل وسُحُل (4) وصدُقُ اللقاء (5) ، وربما لا يستعمل إِلا أَحدهما، وقالوا سُمَحَاء تشبيهاً لفَعْل وهو الصفة المشبهة باسم الفاعل بفاعل، فسَمْح وسُمَحاء كعالم وعُلَماء، أَو شُبِّهَ فَعْل بفَعيل فكأنه جمع سميح ككريم وكرماء، وإِذا استعمل بعضها استعمال الأسماء نحو عَبْد جمع على أَفعْل في القلة فقالوا أَعبْدُ، فإِن سمي بفَعْل أَو بغيره من الصفات جمعت جمع الأسماء وأَما فِعْلٌ فإِنه يكسر على أَفْعَال نحو أَجْلاَف في جِلْف، وهو الشاة
المسلوخة بلا رأَس ولا قوائم (6) ، وأَنْقَاض (7) وأَنْضَاء (8) ، وجاء أَجْلُف تشبيهاً بالأسماء كأَذْؤُب، وهو نادر في الصفات وأَما فُعْل فإِنه أَقل في الصفات من فِعْل، كما كان كذلك في الأسماء، ويجمع على ما جمع عليه فِعْل بالكسر كأَمْرَار وأَحْرَار، وفعل بالكسر أَقل من فَعْل بالفتح كما في الأسماء
__________
(1) جون: جون: جمع جون - بفتح الجيم - وهو الاسود المشرب حمرة، والاحمر الخالص، والابيض (2) خيل: جمع خيل - بفتح فسكون - وهو الكبر (3) ورد: جمع ورد - بفتح فسكون - وهو من الخيل بين الكميت والاشقر (4) سحل: جمع سحل - بفتح فسكون - وهو الثوب لا يبرم غزله، أو الابيض من القطن (5) صدق: جمع صدق - بفتح فسكون - وهو الثبت عند اللقاء، والصلب المستوى من الرماح والرجال، والكامل من كل شئ (6) ومن معاني الجلف الرجل الجافي في خلقه وخلقه (7) أنقاض: جمع نقض - بكسر فسكون - وهو البناء المنقوض (8) أنضاء: جمع نضو - بكسر فسكون - وهو المهزول من الابل وغيرها، وهو أيضا اسم لحديدة اللجام (*)

(2/118)


قال: " ونحْوُ بَطَلٍ عَلَى أَبْطَالٍ وَحِسَانٍ وَإِخْوَانٍ وَذُكْرَان ونُصُفٍ، وَنَحْوُ نَكِدٍ عَلَى أَنْكَادٍ ووِجَاعٍ وَخُشُنٍ، وَجَاءَ وَجَاعَى وَحَبَاطَي وحَذَارَى، وَنَحْوُ يَقُظٍ عَلَى أَيْقَاظٍ، وَبَابُهُ التَّصْحِيحُ، وَنَحْوُ جُنُبٍ عَلَى أَجْنَابٍ " أقول: ظاهر كلام سيبويه أَن الغالب في تكسير فعل في الصفات فِعَال، قال: وكسَّروا عليه كما يكسر فَعْل عليه، فقد اتفقا فيه كما اتفقا في
الأسماء نحو كَلْبِ وَكِلاَب وجَمَل وجِمال، قال: وربما كسروه على أَفعال، لأنه مما يكسر عليه فَعْل فاستغنوا به عن فِعَال، وأَما فِعْلاَن وفُعْلان كإِخْوَان وذُكْرَان فلاستعمال أَخ وذَكر استعمال الأسماء فهما كخِرْبَان (1) وحُمْلاَن (2) ، وكذا نُصُفٌ (3) بضمتين ونُصْف بسكون العين لكونه كالأسماء، وعده سيبويه في الأسماء، فهو كأَسَد وأُسد عنده، وما كان للمصنف أَن يعد الثلاثة في الصفات، لأنها إِنما كسرت عليها لاستعمالها كالأسماء من دون الموصوف، وفَعَل بفتح العين أَقل في الصفات من فَعْل بسكونها وأَما فَعِل فإِنه يكسر على أَفعال كأَنْكاد (4) ، فهو كأكباد في الأسماء واعلم أَن الأسماء أَشد تمكناً في التكسير، والصفات محمولة عليها، فإِذا اشتبه.
عليك تكسير شئ من الصفات، فإِن كنت في الشعر فاحملها على الأسماء وكسِّرها تكسيرها، وإِن كنت في غير الشعر فلا تجمع الا جمع السلامة.
__________
(1) الخربان: جمع خرب - كبطل - وهو ذكر الحبارى، وقد تقدم قريبا (ص 97) وجمع على أخراب أيضا (2) الحملان: جمع حمل - كبطل - وهو الجذع من ولد الضأن فما دونه، وجمع على أحمال أيضا (3) امرأة نصف - بفتح الاول والثاني - إذا كانت بين الحدثة والمسنه، وقيل: هي الكهلة، ويقال: امرأة نصفة - بالتاء أيضا - وقد جمع على أنصاف أيضا (4) أنكاد: جمع نكد - ككتف - وهو اللئيم المشئوم (*)

(2/119)


وأَما وِجَاع (1) فلحمل فَعِل بالكسر على فَعَل بالفتح كَحِسان، وقلَّ فيه فُعُل بضمتين كخُشُن، وهو محمول على الاسم كنُمُر.
قوله " وجاء وَجَاعَى " فَعَالى كثير في جمع فَعُلاَن، وفي مؤنثه الذي هو فعلى
نحو سكارى في سكران وسَكْرى، وليس بغالب، بل الغالب فيه فِعَال كغِرَاث (2) وجِياع في غَرْثان وغَرْثَى وجَوْعَان وجَوْعى، لكن لما شابه الألف والنون أَلف التأْنيث الممدودة نحو صحراء وقيامه في التكسير فعالى كما يجئ جُمع جمعه فحمل فَعل على فَعْلان المحمول على فَعْلاَء، وإِنما حمل فَعِل على فَعْلاَن لتشاركهما في باب فَعِل يَفْعَل في كثير من المواضع، نحو عَجِل وَعَجْلاَن وفَرِح وَفَرْحَان وَعَطِش وَعَطْشَان، وَالْحِبط: المنتفخ البطن من كثرة أَكل الربيع، وقالوا وَجْعَى أَيضاً في جمع وَجِع، مع أَن قياس فَعْلى أَن يكون جمع فعليل بمعنى مفعول كَقَتْلَى وَجَرْحَى، لكنه حمل وجع وميت وهالك وأَجرب ومريض وأَشباه ذلك عليه، لأن هذا أَمر يُبْتَلَوْن به إِذ دخلوا فيه وهم له كارهون، وفعيل بمعنى مفعول غالب في هذا المعنى كما يجئ، فلما كان معنى هذه الأمثلة معنى فعيل بمعنى مفعول كسرت تكسيره كما يجئ في موضعه، مثل وَجِع ووَجْعَى وهَرِم وهَرْمَى وضمن (3)
__________
(1) وجاع: جمع وجع - ككتف - وهو المريض وقال في اللسان: " الوجع: اسم جامع لكل مرض مؤلم، والجمع أوجاع، وقد وجع فلان يوجع (كعلم يعلم) وييجع وياجع فهو وجع، من قوم وجعى، ووجاعى، ووجعين، ووجاع، وأوجاع (2) غراث: جمع غرثان غرثان - كعطشان - وهو الجوعان، وتقول: غرث الرجل يغرث - كفرح يفرح - فهو غرث وغرثان، وامرأة غرثى وغرثانة، والجمع غرثى - كجرحى، وغراثى - كسكارى، وغراث - كعطاش.
(3) الضمن - ككتف -: العاشق، أو الزمن، أو المبتلى في جسده.
قال في (*)

(2/120)


وَضَمْنَى وزَمِن وَزَمْنى (1) .
قوله " ونحو يَقُظ (2) على أَيقاظ " ومثله نَجُد: أَي شجاع، وأَنجاد،
قيل: لم يجئ في هذا الباب مكسر إِلا هاتان اللفظتان، والباقي منه مجموع جمع السلامة، وإِنما جمعا على أَفعال حملا لفَعُل على فَعِل لاشتراكهما كيقظ وندس (3)
__________
اللسان: " رجل ضمن (كبطل) لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث: مريض، وكذلك ضمن (ككتف) ، والجمع ضمنون، وضمين والجمع ضمنى، كسر على فعلى وإن كانت إنما يكسر بها المفعول نحو قتلى وأسرى، لكنهم تجوزوه على لفظ فاعل أو فعيل على تصور معنى مفعول.
قال سيبويه: كسر هذا النحو على فعلى لانها من الاشياء التى أصيبوا بها وأدخلوا فيها وهم لها كارهون " اه (1) الزمن - ككتف -: ذو العاهة.
قال في اللسان: " زمن يزمن (من باب فرح) زمنا، وزمنة (كشهبة) وزمانة، فهو زمن والجمع زمنون ... وزمين والجمع زمنى، لانه جنس للبلايا التى يصابون بها ويدخلون فيها وهم لها كارهون، فطابق باب فعيل الذى بمعنى مفعول، وتكسيره على هذا البناء نحو جريح وجرحى، وكليم وكلمى " اه (2) اليقظ - ككتف، واليقظ - كرجل، واليقظان: ذو الفطنة والحذر قال في اللسان: " ورجل يقظ ويقظ كلاهما على النسب: أي متيقظ حذر، والجع أيقاظ، وأما سيبويه فقال: لا يكسر يقظ لقلة فعل (كرجل) في الصفات وإذا قل بناء الشئ قل تصرفه في التكسير، وإنما أيقاظ عنده جمع يقظ، لان فعلا (ككتف) في الصفات أكثر من فعل.
قال ابن برى: جمع يقظ (ككتف) أيقاظ وجمع يقظان يقاظ (كرجال) وجمع يقظى صفة المرأة يقاظى (كعذاري) " اه (3) رجل ندس - كرجل وضخم وفرح -: إذا كان فهما سريع السمع، وهو أيضا العالم بالامور والاخبار.
قال في اللسان: " قال سيبويه: الجمع ندسون (بضم الدال) ولا يكسر لقلة هذا البناء في الصفات، ولانه لم يتمكن فيها للتكسير كفعل (بكسر العين) فلما كان كذلك وسهلت فيه الواو والنون تركوا التكسير وجمعوه بالواو والنون " اه (*)

(2/121)


وفطن (1) ، وقد جاء أَفعال في جمع فَعُل اسماً أَيضاً كعَضُد وأَعضاد وعَجُز وأَعجاز، وحكى أَبو عمرو الشيباني يقظ ويقاظ كما في الاسم نحو سَبُع وسِبَاع، وهو في فَعُل الاسمي قليل كما ذكرنا فكيف بالصفة التي هي أَقل تمكناً منه في التكسير؟ والحق أَن يقاظاً جمع يَقْظان لكون فِعَال غالباً في فعلان كعِطاش وَجِيَاع في عَطْشان وجَوْعان.
قوله " ونحو جُنُب على أَجناب " فُعُل في الصفات في غاية القلة، فلا يكسر إِلا على أَفعال، وإِنما اختاروه لخفته، وحكى جِنَاب وَجُنْبَان.
فأَوزان الثلاثي من الصفات التي جاء لها تكسير سبعة، وأَعم جموعها أفعال، فانه يجئ لجميعها كما ذكرنا، نحو أَشْيَاخ وأَجْلاَف وأَحْرَار وأَبْطَال وأَيْقَاظ وأَنْكَاد وأَجناب، ثم فِعَالُ لمجيئه لثلاثة منها، نحو صِعَاب وحِسَان ووِجَاع، وبواقي جموعها متساوية: أَما الأمثلة الثلاثة الباقية من الصفات ففُعَل كَحُطَمٍ (2) وخُتَع (3) وفِعِل كأَتان إِبِدٍ: أي ولود، وامرأة باز: أي ضخمة، ولا غيرهما (4)
__________
(1) رجل فطن - كعضد وكتف وفلس - وفطين وفطون وفطونه.
كفروقة -: أي غير غبي، وقد جمعوه على فطن - بضم فسكون، (2) الحطم: الراعى الذي يعنف ويشتد في سوقه، وقال الراجز: قد لفها الليل بسواق حطم * ليس براعى إبل ولا غنم وفي المثل " شر الرعاء الحطمة " قال ابن الاثير: هو العنيف برعاية الابل في السوق والايراد والاصدار ويلقى بعضها على بعض ويعسفها.
ضربه مثلا لوالى السوء (3) الختع: الحاذق في الدلالة، وهو السريع المشي الدليل، ويقال: رجل ختع وختعة (بضم ففتح فيهما) وختع (ككتف) وخوتع (ككوثر)
(4) قوله " ولا غيرهما " أراد لم يأت على فعل - بكسر أوله وثانيه - من الصفات إلا هاتان الكلمتان (*)

(2/122)


وفِعَل كِسوًى (1) وعِدًى، (2) ولا غيرهما، (3) فلم يسمع فيها تكسير، وقولهم أَعداء جمع عَدُوّ كأَفْلاَء جمع (4) فلو، لا جمع عدى.
__________
(1) سوى: هو وصف في نحو قولهم: مكان سوى، قال الله تعالى: (فاجعل بيننا وبينك موعدا لا نخلفه نحو ولا أنت مكانا سوى) : أي مكانا معلما معروفا، وقالوا: هذا رجل سوى والعدم، يريدون وجوده وعدمه سواء، والسين مكسورة أو مضمومة فيهما، وقالوا: مكان سوى - بكسر السين وضما أيضا - وسواء: أي نصف عدل ووسط (2) عدى: هو وصف في نحو قولهم: قوم عدى.
قال شاعر الحماسة (يقال هو زرارة بين سبيع الاسدي، ويقال هو نضلة بن خالد الاسدي) : إذا كنت في قوم عدى لست منهم * فكل ما علفت من خبيث وطيب وقال الاخطل: ألا يا اسلمي يا هند هند بنى بدر * وإن كان حيانا عدى آخر الدهر وقد قال الاصمعي: " يقال هؤلاء قوم عدى مقصور يكون للاعداء وللغرباء ولا يقال قوم عدى (بضم أوله) إلا أن تدخل الهاء فتقول عداة في وزن قضاة " ويشهد للمعنى الاول بى الاخطل وللمعنى الثاني بيت الحماسي، وقد تكون اسم جمع قال في اللسان: " وأما عدى وعدى فاسمان للجمع لان فعلا وفعلا ليسا بصيغتي جمع إلا لفعلة أو فعلة (بكسر أوله وضمه) وربما كانت لفعلة وذلك قليل كهضبة وهضب، وبدرة وبدر " اه (3) " قوله ولا غيرهما " ليس صحيحا، فقد حكى كثير من العلماء منهم ابن برى
في حواشى الصحاح: ماء روى، وماء صرى، وملامة ثنى، وواد طوى، ولحم زيم، وسبي طيبة، وكل ذلك بكسر أوله وفتح ثانيه، وقد جاء في بعضه ضم أوله (4) الفلو - كعدو، وكسمو، وكقنو: الجحش والمهر إذا فطم.
قال (*)

(2/123)


قال: " ويجمع الجميع جمع السَّلاَمَةِ لِلْعُقَلاَءِ الذكُورِ، وأَمَّا مُؤنَّثُهُ فَبِالأَلِفِ وَالتَّاءِ لاَ غَيْرُ، نَحْوُ عَبْلاَتٍ وَحُلْوَاتٍ وَحَذِراتٍ، ويَقُظَاتٍ، إِلاَّ نَحْوُ عَبْلَةٍ وَكَمْشَة فَإِنَّهُ جَاءَ عَلَى عِبَالٍ وَكِمَاشٍ، وقَالُوا عِلَجٌ في جَمْعِ عِلْجَةٍ " أَقول: قال سيبويه: يجمع فَعَلةُ نحو حَسَنَة على حسان، ولا يجمع على فِعَال إِلا ما جمع مذكره عليه، كما تقول في جمع حَسَن وحَسَنَة: حِسَان، ولما لم يُقَل في جمع بَطَل بِطال لم يقل في جمع بطلد أَيضاً، فكل صفة على فَعَل جمعت على فِعَال يجمع مؤنثها أَيضاً عليه، فهذا الذي قاله سيبويه مخالف قول المصنف.
قوله " إِلا نحو عَبْلَة (1) " قال سيبويه: كل ما هو على فَعْلَة من الأوصاف يكسر على فِعَال نحو كَمْشَة وكِماشٍ، والكمش: السريع الماضي، وجَعْدَة وجِعَادٍ، (2) وذلك لكثرة مجئ هذا البناء، فتصرفوا في جمعه، وأَما عِلَج
__________
الجوهرى: لانه يفتلى: أي يفطم.
قال دكين كان لنا وهو فلو نرببه * مجعثن الخلق يطير زغبه ومعنى نرببه نربيه، وأصل نربيه نربيه بثلاث باءات فلما استثقلوا ثلاثة الامثال قلبوا ثالثها ياء، كما قالوا: تظنى وتقضى، في تظنن وتقضض، قال الراجز: * تقضى الباز هوى ثم كسر * ومعنى مجعثن الخلق غليظه، شبه بأصل الشجرة في غلظه، وأصل الشجرة
يقال له جعثن بزنة زبرج (1) العبلة: الضخمة من كل شئ، وتجمع على عبلات وعبال مثل ضخمة وضخمات وضخام (2) الجعد من الرجال: المجتمع بعضه إلى بعض، والسبط الذي ليس بمجتمع، وقيل: الجعد من الرجال الخفيف، والجعد من الشعر خلاف السبط، وقيل: هو القصير، والانثى جعدة، والجمع جعاد وجعدات (*)

(2/124)


في جمع عِلْجَة فلجريه مجرى الأسماء نحو كِسْرَة وكِسَر، والْعِلْجُ: العظيم من حمر الوحش.
قال: " وَمَا زيَادَتُهُ مَدَّةٌ ثالِثَةٌ في الاسْمِ نَحْوُ زَمَان عَلَى أَزْمِنَةٍ غَالِباً، وجاء قُذُلٌ وغِزْلانٌ وعُنُوقٌ، ونَحْوُ حِمَارٍ على أَحْمِرَةٍ وحُمُرٍ غالباً، وَجَاء صِيرَانٌ وَشَمَائلُ، ونَحْوُ غُرَاب عَلَى أَغْربَةً، وجَاءَ قرد وغربان وزقان، وَغِلْمَةٌ قَليل، وذُبُّ نَادِرٌ، وجَاءَ في مؤنَّثِ الثَّلاَثَةِ أَعْنُقٌ وَأَذْرُعٌ وأعقب، وأمكن شاذ " أَقول: اعلم أَن أَفْعِلة مطرد في قلة فَعَال، كأَزمنة وأَمكنة وأَفْدِنةٍ (1) وأقْذِلة (2) ، وقد يكون في بعض الأسماء للكثرة أَيضاً، كأَزمنة وأَمكنة، والغالب في كثرته فُعُل كقُذُل وفُدُن، وإِن شئت خففته في لغة تميم بإِسكان العين، وما كان منقوصاً كسماء وأَسمية، وهو المطر، ودواء وأَدوية، اقتصر في قلته وكثرته على أَفْعِلة كراهة التغير الذي يتأَدى الأمر إِليه لو جمع على فُعُل، إِذ كانوا يقولون سُم ودُوٍ، كأَدلٍ، فيكون الجمع الكثير على حرفين، فإِن قيل: فهلا خففوا بإِسكان العين كما في عنق، حتى لا يؤدي إِلى ما ذكرت، قيل: التخفيف ليس في كلام جميع العرب، وليس بلازم أَيضاً في كلام من يخفف، وأيضا فالمخفف
__________
(1) أفدنة: جمع فدان - بفتح الفاء وتخفيف الدال، وقد تشدد - وهو الذي يجمع أداة الثورين في القران للحرث، وقيل: هو الثوران يقرنان فيحرث عليهما، ولا يقال للواحد: فدان، وقيل: يقال، وجمع الفدان مخففا أفدنة، كأرغفة، وفدن، كسحب، وجمع المثقل فدادين (2) القذال - كسحاب -: ما بين الاذنين من الرأس، وجمعه أقذله وقذل، وتقول: قذله قذلا - من باب نصر، إذا ضرب قذاله أو عابه أو تبعه (*)

(2/125)


في حكم المثقل، إِلا ترى إِلى قولهم قَضْوَ الرَّجُل، بالواو التي كانت بدلاً من الياء للضمة، كيف بقيت مع حذف الضمة.
قوله: " وغِزْلاَن " جاء فِعْلاَن في فَعَال، وليس من بابه، لكنه لتشبيه فَعَال بفُعَال كغِربْان وحيرَان، في غُرَاب وحُوَار (1) .
قوله " وعُنُوق " ليس هذا موضعه، لأن الْعَنَاق مؤنث، وهو الأنثى من ولد المعز، يقال في المثل: " العنوق بعد النوق (2) " في الى يفتقر بعد الغنى، وقد أَورده سيبويه على الصحة في جمع فَعَال المؤنث، قال: حق فعال في المؤنث أَفعُل كعَنَاق وأَعنق، لكن فُعُولاً لما كان مؤاخياً لأفُعل في كثير من المواضع، إِذ هو في الكثير كأَفْعُل في القليل، جمعوه في الكثير على عنوق، وكذا قالوا في سماء بمعنى المطر: سُمِيٌّ، لأنه يذكر ويؤنث، يقال: أَصابتنا سماء: أَي مطر.
قوله " ونحو حِمَار على أَحمرة " فِعَال وفَعَال يتساويان في القليل والكثير، إِذ لا فرق بينهما إِلا بالفتحة والكسرة المتقاربتين، فأَحْمِرَة للقلة، وحُمُر للكثرة وقد يخفف فُعُل في تميم، وقد يستغنى بجمع الكثرة عن جمع القلة، نحو ثلاثة جُدُر وأَربعة كُتُب، ولا يقال: أَجْدِرَة، ولا أكتبة، والمضاعف منه
__________
(1) الحوار - كغراب وككتاب -: ولد الناقة ساعة يولد، وقيل: إلى أن يفصل عن أمه، وجمعه أحورة، وحيران، وحوران، وفي المثل: " حرك لها حوارها تحن " (2) قال في اللسان: " قال ابن سيده، وفى المثل " هذه العنوق بعد النوق "، يقول: مالك العنوق بعد النوق، يضرب للذي ينحط من علو إلى سفل، والمعنى أنه صار يرعى العنوق بعد ما كان يرعى الابل، وراعى الشاء عند العرب مهين ذليل، وراعى الابل عزيز شريف " اه (*)

(2/126)


لا يجئ إلا على أَفعِلَة في القلة والكثرة، نحو خِلاَل (1) وأَخِلَّة، وعِنَان (2) وأَعِنَّة، لاستثقالهم التضعيف المفكوك، ولا يجوز الادغام لما يجئ في بابه، وكذا الناقص واوياً كان أو يائيا، لا يجئ إلا على أفعلة كما ذكرنا في فَعَال بفتح الفاء، قال سيبويه: وَفَعَال بفتح الفاء في جميع الاشياء بمنزلة فعال بالكسر، والاجوف الواو منه مسكن العين: كأَخْوِنَة (3) وخون، وأَبْوِنة (4) وبُون، استثقلت الضمة على الواو، وقد يضطر الشاعر فيردها إِلى أَصله من الضم قال: 56 - عَنْ مبرقات بالبرين وتب * - دو بِالأَكُفِّ اللاَّمِعَاتِ سُوُرْ (5) وإن كان الأجوف يائياً بقيت الياء مضمومة، إِذ الضمة عليها ليست في ثقل الضمة على الواو، فيقال في جمع عِيَان، وهو حديدة الْفَدَان: " عُيُن " كما قالوا في
__________
(1) الخلال: ما تخلل به الاسنان، وهو أيضا عود يجعل في لسان الفصيل لئلا يرضع (2) العنان: سير اللجام الذى تمسك به الدابة (3) الخوان - ككتاب وغراب -: ما يوضع عليه الطعام، وضع بالفعل أو لم يوضع، والمائدة: ما يكون عليه الطعام بالفعل، وقيل: هما واحد، وانظر
(ج 1 ص 110) (4) البوان - ككتاب وغراب -: أحد أعمدة الخباء، (5) هذا البيت من قصيدة لعدي بن زيد العبادي أولها قوله: قَدْ حَانَ إنْ صَحَوْتَ أنْ تُقْصِرْ * وَقَدْ أتى لما عهدت عصر وبعده بيت الشاهد، ثم قوله: بِيضٌ عَلَيْهِنَّ الدِّمَقْسُ وَفِي ال * أَعْنَاقِ مِنْ تَحْتِ الأَكُفَّةِ دُر حان: قرب، صحوت: أفقت من السكر، تقصر: تقلع وتكف عما أنت عليه، وعصر - بضمتين - لغة في العصر - بفتح فسكون - وقوله: " عن مبرقات " متعلق بتقصر، ومبرقات: جمع مبرقة اسم فاعل من أبرقت المرأة إذا تحسنت، والبرين: جمع برة - بضم ففتح - وهى الخلخال، والسور: جمع سوار (*)

(2/127)


بَيُوض: بُيُضٌ (1) ومن خفف من بني تميم كسر الضم لتسلم الياءُ، فتقول: عينٌ، كما قالوا بيضٌ في جميع أَبيض، وجاء فيه فِعْلان كصيرَانٍ في صِوَار، وهو القطيع من بقر الوحش، حملاً على فُعَال، لأن فِعْلاَن بابه فُعَال بالضم، وما حمل عليه من فُعَل كصِرْدان ونِغْرَان (2) كما ذكرنا قوله " وَشمَائل " ليس هذا موضع ذكره كما قلنا في عُنٌوق، لأن شمالاً مؤنث بمعنى اليد، والقياس أَشْمُل كأَذرع، وفعائل في جمع فِعَال جمع لم يحذف من مفرده شئ، فشمال وشَمَائل كقِمَطْر (3) وقَمَاطر، وهو جمع ما لحقته التاء من هذا المثال كرسالة ورسائل، ولما كان شِمَال في تقدير التاء جعل كأن التاء فيه ظاهرة فجمع جمعه قوله " ونحو غُرَاب على أَغربة " وهو يساوي في القلة أخويه (4) : أي
__________
وهو ما تلبسه المرأة في ساعدها.
يقول: قد حان لك أن تكف عن الصبوة إلى
النساء اللائى يتجملن بالخلاخيل والاسورة، والاستشهاد بالبيت على أن ضم الواو في " سور " لضرورة الشعر (1) تقول: دجاجة بيوض وبياضة، ودجاج بيض، إذا كانت تبيض كثيرا.
(2) الصرد: طائر ضخم الرأس.
أنظر (ج 1 ص 35، 281) والنغر: طائر أحمر المنقار كالعصفور، وأهل المدينة يسمونه البلبل،.
أنظر (ج 1 ص 281) (3) القمطر: الجمل القوى السريع، وهو أيضا ما تصان فيه الكتب، أنظر (ج 1 ص 3، 5) (4) يريد أن فعالا - كغراب - يساوى في القلة أخويه، وهما فعال بالفتح - وفعال - بالكسر - وقد وقع في بعض النسخ " أخونة " وهو جمع خوان.
وليس بشئ (*)

(2/128)


يجمع على أَفعلة كأَغْرِبَة وأَخْرِجَة (1) وأَبْغثَة (2) وبابه في الكثير فِعْلاَن كغِلْمان وخِرْجَان وغِرْبَان وذِبَّان (3) وجاء على فُعْلاَن مضموم الفاء لغتان فقط وهما حُوران وزُقَان، في حوار وزقاق، والباقي مكسورها، وقد يقتصر في بعض ذلك على أفعلة للقلة والكثرة كأَفئِدَة، وقد يحمل فُعَال بالضم على فِعال بالكسر لتناسب الحركتين، فيقال قُرُد في قُرَاد كَجُدُر في جِدَار، وهو قليل نادر، ومثله ذُبٌّ وأَصله ذُبُبٌ، والإدغام بناء على مذهب بني تميم في تخفيف نحو عنق وإِلا فحق فُعُل أَن لا يدغم كما يجئ في باب الإدغام، وأَما عِلْمة فنائب عن أَغلمة لتشابههما في كونهما للقلة في اللفظ، والدليل على نيابته عنه أَنك إِذا صغرت غِلْمة رجعت إِلى القياس نحو أُغَيْلِمة، وجاء في فعال فواعل شاذا، كدواخن
وعواثن، في دُخَان وعُثَان، بمعناه، وليس لهما ثالث قوله " وجاء في مؤنث الثلاثة أَفْعُل " فرقوا بين مذكرها ومؤنثها، ولما كان تاء التأْنيث فيها مقدراً كما في العدد القليل نحو ثَلاَث وأَربع جمعوها جمع القلة غالباً، وأَثبتوا التاء في جمع قلة المذكر فقالوا أَفعلة، وحذفوها في جمع قلة المؤنث فقالوا أَفْعل، كما في العدد، وإِذا ظهر التاء في الأمثلة الثلاثة كجمالة (4)
__________
(1) أخرجة: جمع خراج - كغراب - وهو ما يخرج في البدن من القروح (2) أبغثة: جمع بغاث، وهو ضرب من الطير أبيض بطئ الطيران صغير دوين الرحمة: (أنظر ج 1 ص 111) (3) الذبن - بكسر الذال -: جمع ذباب بغير هاء، ولا يقال: ذبابة، وجمع أيضا على أذبة، مثل غراب وأغربة وغربان، قال النابغة: * ضرابة بالمشفر الاذبه * (4) الجمالة بتثليث أوله: الطائفة من الجمال، وقيل: هي القطعة من النوق لا جمل فيها، وقال ابن السكيت: يقال للابل إذا كانت ذكورة ولم يكن فيها أنثى: هذه جمالة بنى فلان (*)

(2/129)


وذؤابة (1) وصَلاَية (2) لم يكسر جَمْعَ (القلة) إِذ لا يشابه العدد القليل في تقدير التاء، بل يجمع: إِما بالألف والتاء، أَو يكسر على فعائل أفعل كما يجئ قوله " وأمكن شاذ " ويجوز أَن يكون أَزمن مثله مع زَمَان لا جمع زمن، وإِنما جاز جمعهما على أَفْعُل لحملهما على فَعَال المؤنث مع تذكيرهما، كما حمل شِمَال المؤنث المجرد عن التاء على ذي التاء نحو رِسَالة فقيل شَمَائل كرَسَائل، وحمل أَيضاً على فِعَال المذكر فقيل شُمُل، قال: 57 - * في أَقْوُسٍ نَازَعَتْها أَيْمُنٌ شُمُلاَ (3)
وكذا حُمل فُعَال المؤنث كعقاب على المذكر نحو غُرَاب فقيل: عِقْبَان كغِرْبَان
__________
(1) الذؤابة - بضم أوله - الناصية، أو منبتها من الرأس، وشعر في أعلى ناصية الفرس، وأعلى كل شئ (أنظر: 1 - 213) (2) الصلاية: مدق الطيب، وكل حجر عريض يدق عليه، وهي أيضا الجبهة، وجمعه وصلى - بضم أوله وكسره - ويقال: صلاءة، بقلب الياء همزة والقياس سلامتها لكون الكلمة قد بنيت عليها، وسيأتي للرضى في باب الاعلال أن يذكر أن ذلك القلب شائع مقيس في كل ما كان مختوما بتاء الوحدة من أسماء الاعيان كعباية وعباءة وعظاية وعظاءة (3) هذا عجز بيت للازرق العنبري وهو من شواهد سيبويه، وصدره قوله: - * طرن انقطاعد أوتار محظربة * والبيت في وصف طير، شبه صوتها في سرعة طيرانها بصوت الاوتار وقد انقطع عن القوس عند الجذب، وانقطاعة: مصدر مبين للنوع، وهو مفعول مطلق، والمحظربة: المحكمة القتل، والاقواس جمع قوس، والايمن: جمع يمين، والشمل: جمع شمال مثل جدار وجدر، والاستشهاد بالبيت في " شمل " حيث جمع شمالا عليه، والمستعمل أشمل في القليل وشمائل في الكثير (*)

(2/130)


ومؤنث فَعِيل المجرد عن التاء كمؤنث الثلاثة المذكورة، نحو يَمين وأَيْمُن، وقد كسر على أَيمان أَيضاً، لاشتراك أَفْعُل وأَفْعَال في كثير من أَبواب الثلاثي كأَفرخ وأَفراخ قال: " وَنَحْوُ رَغِيفٍ عَلَى أَرْغِفَةٍ وَرُغُفٍ وَرُغْفَانٍ غَالِباً، وَجَاءَ أَنْصِبَاءُ وَفِصَالٌ (1) وأَفَائِلُ، وَظِلْمَانٌ قَلِيلٌ، وَرُبَّمَا جَاءَ مُضَاعفُهُ عَلَى سُرُرٍ، وَنَحْوُ عَمُودٍ
عَلَى أَعْمِدَةٍ وعمد، وَجَاءَ قِعْدَانٌ (2) وَأَفْلاَءٌ وَذَنَائِبُ " أَقول: اعلم أَن فعيلاً مثل فَعَال في أَن الزيادة فيه مدة ثالثة، وفي عدد الحروف، فقلْته كقلتها، نحو أجربة (3) وأقفزة (4) وأَرْغِفَة، وأَما صِبْيَة فنائب عن أَصْبِيَة كما قلنا في أَغْلِمة، ولهذا يصغر (صِبيَةٌ) على أصيبيد ويكسَّر في الكثرة على فُعُل كما يكسر فَعَال بفتح الفاء وكسرها عليه، نحو قُذُل وحُمُر، وذلك نحو قُضُب (5) وعُسُب (6) ورُغُف وسُرُر، ويكسر على فُعْلاَن أَيضاً
__________
(1) الفصال: جمع فصيل، وهو ولد الناقة إذا فصل عن أمه (2) القعدان: جمع قعود - كعمود - وهو من الابل البكر الذكر إذا أتى عليه سنتان (3) الاجربة: جمع جريب وهو المزرعة، والوادى، ومكيال يسع أربعة أقفزة، ومقدار معلوم من الارض يساوى ما يحصل من ضرب ستين ذراعا في نفسها: أي ستمائة ذراع وثلاثة آلاف ذراع (4) الاقفزة: جمع قفيز، وهو مكيال يسع ثمانية مكاكيك، والمكوك: مكيال يسع صاعا ونصف صاع، والقفيز من الارض قدر مائة وأربع وأربعين ذراعا (5) القضب: جمع قضيب، وهو السهم الدقيق، والناقة التى لم ترض، وهن الانسان وغيره من الحيوان (6) العسب: جمع عسيب، وهو عظم الذنب، والجريدة من النخل (*)

(2/131)


وهو في الغلبة كفُعُل سواء، نحو رُغْفَان وكُثْبان (1) وقُلْبان (2) وربما كسر على أَفْعِلاء كأَنْصِبَاء (3) وأخمساء، وعلى فِعَال أَيضاً كإِفالٍ (4) تشبيهاً بفَعِيل في الوصف نحو ظِرَاف ورام، وأَما أَفائل (5) ونظائره فلحمل فعيل المذكر على
فَعِيلة ذي التاء كما حمل عيلة على فعيل المذكر في نحو صُحُف وسفُن جمع صحيفة وسفينة قوله " وظِلْمَان (6) قليل " حكى أَحمد بن يحيى ظَلِيم وظلْمان وعَرِيض - وهو التيس - وعِرْضَان، وجاء صبي وصِبْيَان، وقال بعضهم في ضَرِير (7) : ضِرَّان، والضم فيه أَشهر قوله " وربما جاء مضاعه " يعني أَن الأصل أَن يكسر على فعل - بضمتين، ولكن حكى أَبو زيد وأَبو عبيدة ن ناسا فتحوا عين سرر فقالوا: سُرَر، والأشهر الضم وجاء شاذاً في فعيل المذكر أَفعُل حملاً على المؤنث، قال: 58 - * حَتَّى رَمَتْ مَجْهُولَهُ بالأَجْنُنِ (8) *
__________
(1) الكثبان: جمع كثيب، وهو ما اجتمع واحدودب من الرمل (2) القلبان: جمع قليب، وهى البئر (3) الانصباء: جمع نصيب، وهو الحظ من كل شئ (4) الاخمساء: جمع خميس، وهو أحد أيام الاسبوع، والجيش.
وقيل: الجرار منه، وقيل: الخشن منه (5) الافال والافائل: جمع أفل - كرغيف، وهو ابن المخاض فما فوقه، والفصيل، وفي المثل: إن الفرم من الافيل: أي إن الكبير من الصغير (6) الظلمان: جمع ظليم، وهو الذكر من النعام (7) الضرير: ذاهب البصر، والمريض المهزول، وكل شى خالطه ضر فهو ضرير.
(8) هذا بيت من الرجز المشطور من أرجوزة طويلة لرؤبة بن العجاج (*)

(2/132)


قوله " ونحو عَمُود " فَعُول يكسر في القلة على أَفْعِلة كفَعيل سواء،
والغالب في كثرته فُعُل وفُعْلان في غير الناقص الواوي، كما في فَعيل، وأَما الناقص فبابه أَفْعال كأَفْلاء وأَعْداء، وجاء فيه فُعُول قليلاً، نحو فُلِيٌّ بضم الفاء وكسرها، وإِنما لم يقولوا فيه فُعُل بضمتين لما ذكرنا في باب سماء ورداء، ولم يجئ أَيضاً فُعْلان كُفلْوان للاستثقال، وحق باب عَدُوّ أَن يجمع بالواو والنون، لكنه لما استعمل الأسماء كسر تكسيرها، والمؤنث منه فعائل كذَنُوب (1) وَذَنَائب، ويجمع على فُعُل، فصار فَعُول في المؤنث مخالفا لفعال وفعيل
__________
يمدح فيها بلال بن أبى بردة، وفبل الشاهد قوله: واجتزن في ذى نسع ممحن * تفتن طول البلد المفتن وبعده بيت الشاهد، ثم قوله: سرين أو عاجوا بلا ملهن * وخلطت كل دلاث علجن يصف قطعه المفاوز على ناقته حتى وصل إلى الممدوح، وهو بلال بن أبي بُردة بن أبي موسى الاشعري والنسع: جمع نسعة، وهي السير بضفر على هيئة أعنة النعال تشد به الرحال، والمحن: الممدد، وتفتن: تشق، والمفتن: الذي على غير جهة واحدة، والاجنن جمع جنين، ويروى في مكانه " الاجبن " بالباء الموحدة من تحت، وهو جمع جبين، والمهلن: مصدر ميمى بمعنى التلهين، وهو إعطاء اللهنة - كغرفة - وهي الزاد يتعلل به قبل الغداء، ويراد منه هنا الزاد مطلقا، فهو يعنى أنه يعود بغير صلة.
والدلاث - بكسر الدال -: اللينة الاعطاف، والعلحن: الناقة المكتنزة اللحم، وقد استشهد المؤلف بالبيت على أنه جمع جنينا على أجنن شذوذا لان أفعل إنما يجمع عليه فعيل وشبهه إذا كان مؤنثا نحو ذراع وأذرع وعناق وأعنق ويمين وأيمن، وكذلك هو في الرواية التى أخبرناك خبرها، إذ الجبين ليس مؤنثا حتى يجمع على أجبن (1) الذنوب: الحظ والنصيب.
قال تعالى: (فأن للذين ظلموا ذنوبا مثل (*)

(2/133)


مؤنثات، وذلك لأنه أُلحق بذي التاء، أَعني فعولة، في الجمع لكونه أَثقل من أَخواته بسبب الواو، فكأَن مؤنثه المجرد عن التاء ذو تاء نحو تَنُوفة وتَنَائف (1) ، بخلاف الأربعة المذكورة، وقيل في قَدُوم وهو مذكر: قَدَائم (2) ، تشبيهاً بالمؤنث نحو ذَنُوب، والأصل الْقُدُم، كما جاء في نظير نَظَائر، وهو شاذ، قال علي رضي الله تعالى عنه: حتى صرتُ أُقْرَنُ إِلى هذه النظائر، وإِن اتفقت التاء في الأمثلة المذكورة، نحو رِسَالة وتَنُوفة وجُفالة (3) وكَتِيبة (4) وكَفَالة، فلا يكسر إِلا على فعائل، ولم يذكره المصنف، وإذا سمى بشئ من هذه الأبنية ولم يعلم تكسيرها كسرت على القياس، كما تقول مثلاً في بَهَاء وَنِدَاء علمين: أَبهية وأَندية، وقس عليه قال: " الصفد.
نحو جَبَانٍ عَلَى جُبَنَاء وَصُنُع وجِيَاد، ونَحْوُ كناز على
__________
ذنوب أصحابهم) وقال أبو ذؤيب: لعمرك والمنايا غالبات * لكل بنى أب منها ذنوب والذنوب أيضا الدلو فيها ماء، وقيل: هي التي يكون الماء دون مثلها، وقيل: هي الدلو الملاءى، وقيل: هي الدلو ما كانت (1) التنوفة: القفر من الارض، قال الشاعر وكان قد أتى صنما اسمه سعد يستقسم عنده فلم يحمده: وما سعد إلا صخرة بتنوفة * من الارض لا يدعوا لغى ولا رشد وقيل: التنوفة: التي لا ماء بها من الفلوات ولا أنيس وإن كانت معشبة على قدائم قياس مثل حلوبة وحلائب، وقلوس وقلائس، وفي القاموس ما يؤيد ذلك حيث قال: " القدوم آلة للنجر مؤنثة.
الجمع قدائم وقدم " اه، فقول المؤف إن جمعه على قدائم شاذ لكونه مذكرا غير مسلم
(3) الجفالة - بضم أوله -: الجماعة من الناس ذهبوا أو أتوا (4) الكتيبة: الجيش، أو القطعة العظيمة منه (*)

(2/134)


كنز وهجان، ونَحْوُ شُجَاع عَلَى شُجَعَاءَ وشُجْعَانٍ وشِجْعَةٍ، وَنَحْوُ كريم على رماء وكِرَامٍ وَنُذُرٍ وَثُنْيَانٍ وَخِصْيَانٍ وَأَشْرَافٍ وَأَصْدِقَاءٍ وَأَشِحَّةٍ وظُرُوفَ، ونَحْوُ صَبُورٍ عَلَى صُبُرٍ غَالِباً، وَعَلَى وُدَدَاءَ وَأَعْدَاء " أَقول: جعل سيبويه فُعُلاً هو الأصل في جمع فَعَال الصفة، قال: فَعَالٌ بمنزلة فعول، قالوا: جَمَاد وجُمُد كصَبُور وصُبر، وجاء في بنات الواو فُعْل بسكون العين نحو نَوَار (1) ونُور وَعَوَان (2) وعُون، سكن والأصل الضم، ثم قال سيبويه: رجل جَبَان وقوم جُبَنَاء، شبهوه بفَعِيل لكونه مثله في الصفة والزنة والزيادة، وأَيضاً يمتنع مثلهُ من التاء، وقال بعضهم: امرأَة جبانة، فعلى هذا لا يمتنع جمعه بالواو والنون، فجبناء كظُرَفاء، وجاء على فِعَال قليلاً كَجَواد للفرس وحِيَاد قوله " ونحو كِنَاز " هو المكتنز اللحم، يستوي فيه المذكر والمؤنث، نحو ناقة كِنَاز وجمل كِنَاز، وكذا رجُل لكَاك: أَي قليل اللحم، وامرأَة لِكَاك، وجمل دِلاَث، وهو السريع السير، وناقة دلان، وجمعه كجمع فَعَال بالفتح على فُعُل في الغالب قوله " وهِجَان " هذا هو مذهب الخليل وسيبويه، تقول: هذا هجان: أَي كريم خالص، وهذان هجانان، وهؤلاء هجان، شبهوا هجاناً الواحد بفَعيل، فكما يجمع فَعيل على فِعَال ككريم على كِرَام جمعوا فِعالاً على فِعَال، ففعال في المفرد ككتاب وفي الجمع كرجال، وذكر الجرمي هذا هِجان وهذان هجان
__________
(1) النوار: المرأة النفور من الريبة، وقيل: هي النفور من الظباء والوحش
وغيرها، وجمعها نور - بسكون الواو - وأصله نون - بضم الواو - كقذال وقذل، إلا أنهم كرهوا الضمة على الواو فحذفوها (2) العوان - كسحاب -: هي من البقر وغيرها النصف في سنها: أي التي بين الصغيرة والمسنة.
انظر (ج 1 ص 95) (*)

(2/135)


وهؤلاء هجان، المفرد والمثنى والمجموع بلفظ واحد، لجريه مجرى المصدر، وفي دِلاَص ما في هجان من المذهبين، وكذا شِمَال في الأسماء بمعنى الطَّبْع واحد وجمع، كما قال أَبو الخطاب (1) ومنه قوله 59 - وما لومي أخي من شماليا (2) أي: من شمائلي، ويجمع شِمَال على شمائل، كجمع هِجَان على هَجَائن، حملاً للمذكر على المؤنث، ويجوز أن يكونا جمعين لمفردين وللجمعين قوله " ونحو شُجَاع على شجَعَاء وشُجْعَان " قال سيبويه: فُعَال بمنزلة فَعِيل، لأنهما أَخوان في بعض المواضع، نحو طُوَال وطَوِيل وبُعاد وبَعِيد وخُفاف وخَفيف، ويدخل في مؤنثه التاء كما يدخل في مؤنث فعيل، نحو امرأَة طَويلة وطُوَالة، فلما كان بمعناه وعديله جمععلى فعلان وفعلاء كما يجمع فعليل عليهما هذا قوله، والظاهر أَن فُعَالاً مبالغة فَعيل في المعنى، فطول أَبلغ من طُوِيل، وإِذا أَردت زيادة المبالغة شَدَّدْتَ العين فقلت طوال
__________
(1) أبو الخطاب: هو الاخفش الكبير شيخ سيبويه (2) هذه قطعة من بيت لعبد يغوث الحارثي، وهو مع بيت سابق عليه ألا لا تلوماني كفى اللوم مابيا * فمَالَكُمَا فِي اللَّوْمِ خَيْرٌ وَلا لِيَا ألَمْ تَعْلَمَا أنَّ الْمَلاَمَةَ نَفْعُهَا * قَلِيلٌ وَمَا لَوْمِي أخِي من شماليا والاستشهاد بالبيت على أن شمالاً بمعنى الطبع يكون واحداً وجمعاً، والمراد هنا الجمع، قال سيبويه: " وزعم أبو الخطاب أن بعضهم يجعل الشمال جمعاً "
اه.
وقال السيرافي هو في هذا البيت جمع، وتبعه ابن جني فقال في سر الصناعة: " وقالوا أيضاً في جمع شمال وهي الخليقة والطبع: شمال.
قال عبد يغوث * وما لومي أخي من شماليا * أي: من شمائلي " اه، وإنما قيدوا الشمال بمعنى الطبع للاحتزاز عن الشمال بمعنى الريح فأنه لم يقل أحد إنها تكون جمعاً ومفرداً وفي شينها الفتح والكسر، بخلافها بمعنى الطبع، فان شينها مكسورة لا غير (*)

(2/136)


قوله " ونحو كريم على كُرَمَاء وكرام " هذا غالبان فيه، والمضاعف من فَعِيل يكسر على أَفْعِلاَء بدلَ فُعَلاء نحو شَدِيد وَشِدَاد وأَشِدَّاء وشَحِيح وشِحَاح وأَشِحَّاء استثقالاً لفك الإدغام لو قالوا شُحَحَاء، وأَفْعِلاء في الصحيح قليل كأصدقاء، وقد يكسر المضاعف على أَفْعِلَة أَيضاً، إِذ هو نظير أَفْعِلاَء، إِلا أَن بدل أَجْربة وأَكْثِبة، وكذا عدلوا في الناقص الواوي واليائي من فُعلاَء إِلى أَفعلاء كأَغْنِياء وأَشْقِياء وأَقْوِياء، استثقالاً لفُعَلاء في مثله، قالوا: وشذ تقي وتُقَوَاء، ولما شذ غيروا الياء فيه إِلى الواو، وحكى الفراء سَرِيّ وسُرَوَاء وأَسْرِياء (1) ، وما كان في هذا البناء من الأجوف، واوياً كان أَو يائياً، فلا يبنى على فُعَلاَء وعلى أَفْعِلاء، بل عَلى فِعَال كطِوَال وقِوَام، في طويل وقويم (2) وكسر فَعِيلٌ على فُعُل تشبيهاً بفَعيل الاسمي، وذلك نحو نُذُر وجدد (3) وسدس (4)
__________
(1) قال في اللسان: " ورجل سري من قوم أسرياء وسرواء كلاهما عن اللحيانى، والسراة (بفتح السين) اسم للجمع وليس بجمع عند سيبويه.
قال ودليل ذلك قولهم سروات " اه، يريد أنه لو كان سراة جمعا لما جمع على سروات فجمعه على ذلك يدل على أنه ليس بجمع لان جمع الجمع خلاف القياس، وجمع اسم الجمع قيس كأقوام وأنفار وأرهط.
ثم ذكر مذهبا آخر في سراة فقال: " وقولهم قوم سراة جمع سرى جاء على غير قياس أن يجمع فعيل على فعلة (بفتحات)
قال: ولا يعرف غيره، والقياس سراة مثل قضاة ودعاة وعراة " (2) القويم: المستقيم، تقول: دين قويم ورمح قويم، وقالوا: رجل قويم - ككريم، وقوام - كشداد، إذا كان حسن القامة، والجمع لكل ذلك قوام كجبال (3) الجديد: ضد القديم، والرجل العظيم الحظ، ووجه الارض، والاتان السمينة، والجمع جدد - كسر جمع سرير (4) " السديس ": يقال ناقفسديس؟ ؟، إذا أتت عليها السنة السادسة، ويقال: (*)

(2/137)


كما قيل في الاسم: كُثُب، وكذا قيل في المضاعف: لذُذٌ ولُذٌّ (1) ، على حد رُسُل ورُسْل، ومثل ذلك في الناقص اليائي ثَنيٌّ وثُنٍ (2) والأصل ثُنُيٌ كسُدُس، وقد يخفف فيقال ثُنْي كسُدْس وكسر على فُعْلاَن كثُنْيان وشُجْعَان، تشبيها بالاسم كجريان (3) ورُغْفَان وعلى فِعْلاَن كخِصْيَان تشبيهاً بظِلمان وجاء فيه أَفعال كَشرِيف وأَشْرَاف وأَبِيل وآبال (4) تشبيهاً بشَاهد وأَشْهَاد وصاحب وأَصحاب، لأن فعيلاً وفاعلا متساويان في العِدَّة والزيادتين مع اختلاف موضعيهما في البناءين وأَما ظُرُوف فقد قال الخليل: هو جمع ظَرْف بمعنى ظريف، وَإِن لم يستعمل ظرف بمعنى ظريف، إِلا أَن هذا قياسه، كما أَن مذَاكير جمع مِذكار بمعنى ذكَرٍ، وإِن لم يستعمل، وقال الجرمي: ظُرُوف جمع ظَريف، وإِن كان غير قياسي، قال: والدليل على أنه جمعه أنك إذا صغرته قلت: ظريفون.
أقول: ولا
__________
ثوب سديس، إذا كان طوله ستة أذرع، والسديس أيضا: الجزء من ستة أجزاء وهو ضرب من المكاكيك، والجمع في الكل سدس - كسرر،
(1) اللذيد: اسم من أسماء الخمر، وتقول: هذا شئ لذيذ، فيكون وصفا، وجمعه لذذ - كسرر - فان سكنت لم يكن بد من الادغام، فتقول: لذ - كقوم لد، (2) الثنى من البعران: ما طعن في السادسة، ومن الخيل ما دخل في الرابعة ومن الشاء والبقر ما دخل في الثالثة، والثني من الاضراس: الاربع التي في مقدم الفم: ثنتان من فوق وثنتان من أسفل، (3) الجربان: جمع جريب.
انظر (ص 131 من هذا الجزء) (4) الابيل: العصا، والحزين بالسريانية، ورئيس النصارى أو الراهب أو صاحب الناقوس، وجمعه آبال - كأجمال، وأبل - كحمر، (*)

(2/138)


دليل فيما قال، لما ذكرنا في بابَ التصغير أَن مَشَابه (1) يصغر على شُبَيْه، وإِن كان خالف فيه أَبو زيد وقالوا في سَريّ: سَرَاة، والظاهر أَنه اسم جمع لا جمع، كما يأتي وقد جاء شى من فعيل بمعنى فاعل مستوياً فيه المذكر والمؤنث، حملاً على نعيل بمعنى مفعول، نحو جدَيد، وسَدِيس، وريح خَرِيق (2) ، ورحمة الله قريب، ويلزم ذلك في سَدِيس وخريق.
قوله " ونحو صبور على صُبُر غالباً " سواء كان للمذكر أَو للمؤنث، ويستوي في هذا البناء المذكر والمؤنث، والتاء في فَرُوقه (3) وملولة (4) للمبالغة، فمن يقال فروقة قال فَرُوقات، ومن قال فروق قال في جمعه فُرُق، كما ذكرنا في شرح الكافية في باب الجمع.
وقد يجمع مؤنث فعول المجرد على فَعَائل كعجُوز وعَجَائز وقلوص وقلائص ونجدود وجَدَائد (5) وذلك لأن علامة التأْنيث فيه مقدرة، فكأَنه فعولة كما ذكرنا في فَعِيل الاسمي، وفَعَائل أَكثر فيه من فُعُل، ولا سيما فيما اختص بالمؤنث
__________
(1) قد مضى هذا الكلام كما ذكر هنا، ومضى مذهب أبى زيد مع ردنا عليه في (ح 1 ص 269) (2) تقول: ريح خريق، إذا كانت باردة شديدة هبابة، وإذا كانت لينة سهلة، فهو ضد ومثله وريح خروق، والجمع فيهما خرائق وخرق - كسرر -، ويقع في بعض النسخ: ريح حريق - بالمهملة أوله، وهي التي تحرق النبات لشدتها (3) تقول: رجل فروقة، وأمرأة فروقة، ورجل فاروقة، وامرأة فاروقة، ورجل فرق - ككتف وكعضد - إذا كان شديد الفزع (4) تقول: رجل ملول - كصبور، ورجل ملولة ومالولة، وملالة - كفهامة وامرأة ملول وملولة، إذا كان شديدالسأم (5) الجدود: - بفتح الجيم - النعجة التي قل لبنها (*)

(2/139)


كقلوص وجَدُود، ولا يجمع فَعُول جمع السلامة كما ذكرنا في شرح الكافية وقالو: صَفِيٌ، للناقة الغزيرة وصفَايا، فيجوز أَن يكون فَعُولاً جمع عَلَى فعائل كقلوس وقَلاَئص، وأَن يكون فعيلاً حمل على فعيل لكونه مؤنثاً وقالوا: وُدَدَاء، في جمع وَدُود، وهو شاذ من وجهين: أَحدهما أَن فَعُولاً لا يجمع على فُعَلاء بل هو قياس فعيل، لكنه شبه به لموافقته له حركة وسكوناً، والثاني أَن المضاعف لا يأْتي فيه فُعَلاَء في فعيل أَيضاً، بل أَفعلاء نحو شديد وأَشِدَّاء، لكنه لما شذ الشذوذ الأول احتملوا الثاني، فصاروا وُدَدَاء كَخُشَشَاء (1) في الاسم المفرد، وإِنما أَدخلوا التاء عَدُوَّة وإِن كان يستوي المذكر والمؤنث في هذا البناء حملاً له على صديقة، وقالوا في الجمع عَدُوٌّ وصَدِيق، قال تعالى: " فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لى) وقال الشاعر: 60 - * ودعها فما النجوى مِنْ صَدِيقِها (2) *
وجمع عَدُوَّ على أعداء، وإن لم يكن بابه، لاستعماله استعمال الأسماء كما مر قبل
__________
(1) الخششاء - كالرحضاء -: العظم الناتئ خلف الاذن وهما خششاوان ويقال في الواحد: خشاء بالادغام (2) هذا بيت من الرجز المشطور لرؤبة بن العجاج، وقبله قوله: تَنَحَّ لِلْعَجُوزِ عَنْ طَرِيقِها * قدْ أقْبَلَتْ رَائِحَةً من سوقها وكان رؤبة يقعدُ بعد صلاة الجمعة في رَحْبة بني تميم فينشد ويجتمع الناس إليه فازدحموا يوماً فضيَّقوا الطريق فأقبلت عجوز معها شئ تحمله فقال هذه الابيات، والاستشهاد به على أن صديقا في قوله من صديقها مما يستوى فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث، وهو في البيت للجمع من قبل أن " من " للتبعيض وليس يجوز أن يكون النحوي بعض صديق واحد فتعين أن يكون بعض أصدقاء وهذا هو المراد، ومما يدل على ذلك قول قعنب ابن أم صاحب مَا بَالُ قَوْمٍ صَدِيقٍ ثُمَّ لَيْسَ لَهُمْ دِيْنٌ وَلَيْسَ لَهُمْ عهد إذا اؤتمنوا (*)

(2/140)


قال: " وَفَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ بَابُهُ فَعْلَى كَجَرْحَى وَأَسْرَى وَقَتْلَى، وَجَاءَ أُسارَى، وشذَّ قُتَلاَء وَأُسَرَاء، وَلاَ يُجْمَعُ جَمْعَ الصَّحِيح، فَلاَ يُقَالُ جَرِيحُونَ وَلا جَرِيحَات لِيَتَمَيَّزَ عَنْ فعيا الأَصْلِ، وَنَحْوُ مَرْضَى مَحْمُولٌ عَلَى جَرْحَى، وَإِذَا حملُوا عَلَيْهِ هَلْكَى وَمَوْتَى وجَرْبَى فِهذَا أَجْدَرُ كَمَا حملوا أيامى ويتامى على وجاعى وَحَبَاطَى " أقول: اعلم أن فَعيلاً إذا كان بمعنى مفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث، إلا إذا لم تجر على صاحبها، كما مضى في شرح الكافية (1) ، وليس يجمع كل
__________
وقول جرير: دَعَوْنَ الْهَوَى ثُمَّ ارْتَمَيْنَ قُلُوبَنَا * بِأَعْيُنِ أَعْدَاءٍ وهن صديق وقول الاخر:
فلو أنك في يوم الرخاء سألتنى * طلاقك لم أبخل وأنت صديق ومن هنا تعلم أن قول من قال إن " صديقا " في البيت كالكليب والعبيد من صيغ الجموع غير سديد، لانه قد أخبر به عن الواحدة كما في البيت الثالث، ولو كان كالعبيد والكليب لم يستعمل إلا في الجمع، ويجب حمل كلام المؤلف على ما ذكرنا (1) الذى ذكره في شرح الكافية خاصا بهذا الموضوع هو قوله: " إن أصل التاء في الاسماء أن تكون في الصفات فرقا بين مذكرها ومؤنثها، وإنما تدخل على الصفات إذا دخلت في أفعالها، فالصفات في لحاق التاء بها فرع الافعال: تلحقها إذا لحقت الافعال نحو قامت فهى قائمة، وضربت فهي ضاربة، فإذا قصدوا فيها الحدوث كالفعل قالوا: حاضت فهي حائضة، لان الصفة حينئذ كالفعل في معنى الحدوث، وإذا قصدت الاطلاق لا الحدوث فليست بمعنى الفعل، بل هي بمعنى النسب وإن كانت على صورة اسم الفاعل كلابن وتامر، فكما أن معناهما ذو لبن وذو تمر مطلقا لا بمعنى الحدوث: أي لبنى وتمري، كذلك معنى طالق وحائض ذات طلاق وذات حيض " ثم قال بعد كلام: " ومما يستوي فيه المذكر والمؤنث ولا يلحقه التاء فعيل بمعنى مفعول، إلا أن يحذف موصوفه نحو (*)

(2/141)


فَعِيل بمعنى مفعول على فَعْلَى، بل إنما يجمع عليه من ذلك ما كان متضمناً للآفات والمكاره التي يُصَاب بها الحي، كالقتل وغيره، حتى صار هذا الجمع يأتي أيضاً لغير فَعِيل المذكور إذا شاركه في المعنى المذكور كما يتبين، فإن أتى شئ منه بغير هذا المعنى لم يجمع هذا الجمع، نحو رجل حَميد، ومنه سَعِيد في لغة من قال سُعِدَ - بضم السين على بناء ما لم يسم فاعله (1) فلا - يقال: حَمْدَى ولا سَعْدَى، وكذلك لا يقال فَعْلَى في جمع ما انتقل إلى الاسمية من هذا الباب وهو
ما دخله التاء، كالذَّبيحة والأكيلة والضَّحية والنَّطيحة، وإنما قلنا انتقلت إلى الاسمية لأن الذبيحة ليست بمعنى المذبوح فقط حتى يقع على كل مذبوح كالمضروب الذي
__________
هذه قتيلة فلان وجريحته، ولشبهه لفظا بفعيل بمعنى فاعل قد يحمل عليه فيلحقه التاء مع ذكر الموصوف أيضا نحو امرأة قتيلة، كما يحمل فعيل بمعنى فاعل عليه فيحذف منه التاء نحو ملحفة جديد، من جد يجد جدة عند البصرية، وقال الكوفية: هو بمعنى مجدود من جده: أي قطعه، وقيل: إن قوله تعالى (إن رحمة الله قريب) منه، وبناء فعيل بمعنى مفعول مع كثرته غير مقيس، وقد يجئ بمعنى مفعل قليلا كالمذكر الحكيم أي المحكم على تأويل، وبمعنى مفاعل كثيرا كالجليس والجليف " اه (1) قال في اللسان: " سعد يسعد سعادة فهو سعيد: نقيض شقى، مثل سلم فهو سليم، وسعد - بالضم - فهو مسعود، والجمع سعداء، والانثى بالهاء.
قال الازهرى: وجائز أن يكون سعيد بمعنى مسعود من سعده الله (بفتح العين) ، ويجوز أن يكون من سعد يسعد (كفرح يفرح) فهو سعيد " اه والحاصل أن سعيدا يجوز أن يكون فعيلا بمعنى فاعل فيكون مأخوذا من الفعل اللازم الذى من باب فرح ويجوز أن يكون فعيلا بمعنى مفعول فيكون مأخوذا من الفعل المتعدى الذى من باب فتح، فقول المؤلف.
" في لغة من قال سعد بضم السين " لا يريد أنه مأخوذ من المبنى للمجهول لان المبنى للمجهول ليس هو أصل المشتقات إجماعا، ولان من بنى الفعل للمجهول جاء باسم المفعول على مفعول فقال: مسعود، وإنما يريد بهذه العبارة الاشارة إلى الفعل المتعدى، لان المبنى للمجهول لا يكون إلا من متعد (*)

(2/142)


يقع على كل من يقع عليه الضرب، بل الذبيحة مختص بما يصلح للذبح ويُعَدّلة من النعم، وكذا الأكيلة ليس بمعنى المأكول، إذ لو كان كذا لكان يسمى
الخبز والبقل أكيلة إذا أكل، بل الأكيلة مختص بالشاة، وكذا الضحية مختص بالنعم، والرَّميَّة بالصيد، والنطيحة بالشاة الميتة بالنطح، وليس كل منطوح أو كل شاة منطوحة نطيحة، فهذه هي العلة في خروجها عن مذهب الأفعال إلى حيز الأسماء بسبب اختصاصها ببعض ما وقعت عليه في الأصل وغلبتها فيه، كما قلنا في الآلة نحو المُنْخُل وَالْمُدْهُن والْمُسْعُط، والموضع كالمَسْجِد، والدليل عليه أن نحو الذبيحة والأكيلة ليس بمعنى اسم المفعول، لأن حقيقة اسم المفعول هو ما وقع عليه الفعل وأما ما لم يقع ويقع بعد عليه فالظاهر أن اسم المفعول فيه مجاز (1) ، فالمضروب ظاهر فيمن وقع عليه الضرب لا فيمن سيضرب أو يصلح للضرب، والأكيلة ما يعد للاكل وإن لم يؤكل، والضحية كالمنخل والمدهن والمسجد، ونحوه مما ذكرنا قبل، وأيضاً اسم المفعول في الحقيقة هو ما وقع عليه الفعل (1) والذبيحة
__________
(1) ظاهر قوله " اسم المفعول في الحقيقة هو ما وقع عليه الفعل " أنه يرى أن الوصف إذا وقع مدلوله وانقضى فهو حقيقة، وهو أحد ثلاثة آراء في المسألة ونحن نذكر لك ذلك على التفصيل فنقول: قال العلامة العضد (1: 172) من شرحه على مختصر بن لحاجب: " المشتق عند وجود معنى المشتق منه كالضارب لمباشر الضرب حقيقة اتفاقا، وقبل وجوده كالضارب لمن لم يضرب وسيضرب مجاز اتفاقا، وبعد وجوده منه وانقضائه كالضارب لمن قد ضرب قبل الان وهو الان لا يضرب قد اختلف فيه على ثلاثة أقوال: أولها مجاز مطلقا، وثانيها: حقيقة مطلقا، وثالثها: إن كان مما يمكن بقاؤه (كالقيام والقعود) فمجاز، وإلا (أي وإن لم يكن بقاؤه كالتكلم والاخبار ونحوهما) فحقيقة " اه كلامه، فان كان قول الرضى " هو ما وقع عليه الفعل " قد أراد به ما وقع وانقضى فهو من موضع الخلاف على ما قدمنا، وإن كان المراد ما وقع عليه الفعل وهو مستمر الوقوع (*)

(2/143)


والأكيلة والنطيحة ما سيذبح وسيؤكل، وكذا الضحية ما يصلح للتضحي وإن لم يضح به بعد، ومثله الْقَتُوبَة (1) والحلوبة لما يصلح للقَتَب والْحَلْب، فلما خرجت الكلمات المذكورة من حير الصفات إلى حيز الأسماء لم تجمع على فَعلى، وما لم يخرج منه من هذه الأسماء جاز جمعه على فَعْلى، كما حكى سيبويه شاة ذَبِيح وغَنَم ذَبْحى، فيما ذُبح فإذا تقرر هذا قلنا: أصل فَعْلَى أن يكون جمعاً لِفَعيل في معنى مفعول بمعنى مصاب بمصيبة، ثم حمل عليه ما وافقه في هذا المعنى، فأقرب ما يحمل عليه فَعِيل بمعنى الفاعل، نحو مَرِيض ومَرْضَى، لمشابهته له لفظاً ومعنى، ويحمل عليه فَعِل كَزَمِنٍ وَزَمْنَى، وَفَيْعِل كميِّت ومَوْتَى، وأفْعَلُ كحَمْقَى وجَرْبى، وفاعل كهلكى، وفلان كرجل سكران وقوم سَكْرى ورجل رَوْبَان (2) ، وهو الذي أثخنه
__________
فهو مما اتفق على أنه حقيقة، وهذا هو الذي يشعر به قوله في مقابل ما تقدم.
" لا فيمن سيضرب أو يصلح للضرب " إذ ذلك خاص بحالة ما قبل الوقوع (1) قال في اللسان: " القتوبة من الابل: الذي يقتب بالقتب إقتابا، قال اللحيانى: هو ما أمكن أن يوضع عليه القتب، وإنما جاء بالهاء لانها للشئ مما يقتب.
وفي الحديث " لا صدقة في الابل القتوب ".
القتوبة بالفتح التى توضع الاقتاب على ظهورها، فعولة بمعنى مفعولة كالركوبة والحلوبة، أراد ليس في الابل العوامل صدقة، قال الجوهرى: وإن شئت حذفت الهاء فقلت: القتوب، ابن سيده وكذلك كل فعولة من هذا الضرب من الاسماء " اه (2) قال في اللسان: " راب الرجل روبا ورءوبا: تحير وفترت نفسه من شبع أو نعاس، وقيل: سكر من النوم، وقيل: إذا قام عن النوم خائر البدن والنفس.
ورجل رائب وأروب وروبان، والانثى رائبة، عن اللحياني، لم يزد على ذلك، من قوم روبي إذا كانوا كذلك، وقال سيبويه: هم الذين أثخنهم السفر والوجع (*)

(2/144)


السفر، وقوم رَوْبَى، ولا يبعد أن يكون سَكْرى ورَوْبى في مثل هذا الموضع مفرداً مؤنثاً لِفعَلان، وذلك لأن مؤنث فَعْلاَن الصفة من باب فَعِلَ يَفْعَلُ قياسه فَعْلَى وصفة المفرد المؤنث تصلح للجمع المؤنث والقوم يؤنث كقوله تعالى: (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ) وأما قولهم كَيْسَى (1) فمحمول على الحمقى، بالضدية، وليس هذا الحمل مطرداً، فلا يقال بَخْلَى ولا سَقْمَى قوله " كما حملوا أيامى ويتامى على وجَاعى وحَبَاطى " اعلم أن أصل فَعَالَى في جمع المذكر أن يكون جمع فَعْلاَن فعلى كما يجئ، نحو سكران وسكارى، وفَعْلاَن كما مر في باب الصفة المشبهة بابه فَعِلَ يَفْعَلُ مما يدل على حرارة الباطن والامتلاء، وفَعِلٌ من هذا الباب فيما يدل على الهيجانات والعيوب الباطنة، فلما تقارب معناهما واتّحد مبناهما، أعني باب فعِلَ يَفْعَل، تشاركا في كثير من
__________
فاستثقلوا نوما، ويقال: شربوا من الرائب فسكروا، قال بشر: فأما تميم تميم بن مر * فألفاهم القوم روبى نياما وهو في المجمع شبيه بهلكى وسكرى، واحدهم روبان، وقال الاصمعي: واحدهم رائب مثل مائق وموقى وهالك وهلكى " اه (1) قال في اللسان: " الكيس الخفة والتوقد، كاس كيسا، وهو كيس وكيس (بالتخفيف والتشديد) والجمع أكياس، قال الحطيئة: والله ما معشر لاموا امرأ جنبا * في آل لاى بن شماس بأكياس وقوله، وأنشده ثعلب: فكن أكيس الكيسى إذا كنت فيهم * وإن كنت في الحقى فكن أنت أحمقا إنما كسره هنا على كيسى لمكان الحمقى، أجرى الضد مجرى ضده " اه والبيت الذى أنشده ثعلب هو لعقيل بن علفة المرى، وهو من شعر الحماسة
وانظره في باب الادب (ج 3 ص 86 من شرح التبريزي طبع بولاق) (*)

(2/145)


المواضع، نحو عَطِشَ وعَطْشَان وصَدٍ وَصَدْيَان وعَجِلٍ وعَجْلاَن، ثم حمل فَعِل في بعض المواضع في الجمع على فعلان، فقيل في جمع وَجِعٍ وحَبِطٍ: وَجَاعَى وَحَبَاطَى، حملاً على نحو سكران وسكارى وعرثان وغراثى، ثم شارك أيِّم ويتِيمٌ باب فَعِلَ من حيث المعنى لان الايمة واليتم لابد فيهما من الحزن والوجع، ويقربان أيضاً منه من حيث اللفظ، فجمع على أيَامَى وَيَتَامى، فهما محمولان على فَعِلٍ المحمول على فَعْلاَن، وفي الكشاف: أصل أيَامَى ويَتَامى يتائم وأيائم فقلب (1) ، وليس بوجه، لأن إبدال الياء ألفاً في مثله نحو
__________
(1) قال جار الله الزمخشري في أول تفسير سورة النساء من الكشاف: " فأن قلت: كيف جمع اليتيم وهو فعيل كمريض على يتامى؟ قلت: فيه وجهان: أن يجمع على يتمى كأسرى، لان اليتم من وادى الافات والاوجاع، ثم يجمع فعلى على فعالى كأسارى، ويجوز أن يجمع على فعائل لجرى اليتيم مجرى الاسماء نحو صاحب وفارس، فيقال يتائم ثم يتامى على القلب " اه وقال في تفسير سورة النور: " الايامي والتيامى أصلهما أيائم ويتائم فقلبا، والايم للرجل والمرأة، وقد آم وآمت وتأيما، إذا لم يتزوجا، بكرين كانا أو ثيبين، قال: فإن تنكحي أنح وأن تتأيمى * وإن كنت أفتى منكم أتأيم وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم إنا نعوذ بك من العيمة والغيمة والايمة والكزم والقرم " اه وقد تبعه على ذلك في الموضعين القاضي البيضاوى في تفسيره، وقال العلامة الشهاب في حاشيته على تفسير البيضاوى في تفسير سورة النساء: " وجمع على يتامى وإن لم يكن فعيل يجمع على فعالى، بل على فعال
وفعلاء وفعل وفعلى، نحو كرام وكرماء ونذر ومرضى، فهو إما جمع يتمى جمع يتيم إلحاقا له بباب الافات والاوجاع، فأن فعيلا فيها يجمع على فعلى، ووجه الشبه ما فيه من الذل والانكسار المؤلم، وقيل: لما فيه من ساء الادب المشبه بالافات، كما جمع أسير على أسرى ثم على أسارى - بفتح الهمزة، أو هو مقلوب يتائم، فان فعيلا الاسمى يجمع على فعائل كأفيل وأفائل، وقل ذلك في الصفات (*)

(2/146)


مَعَايا (1) جمع مُعْيٍ شاذ كما يجئ في هذا الباب، وأيضاً جَمْع فعيل المدكر
__________
لكن يتيم جرى مجرى الاسماء كصاحب وفارس، ولذا قلما يجرى على موصوف، ثم قلب فقيل يتامى - بالسكر - ثم خفف بقلب الكسرة فتحة، فقلبت اليا ألفا، وقد جاء على الاصل في قوله: * أأطلال حسن في البراق اليتائم * اه وقال في الحاشية المذكورة في تفسير سورة النور: " ذهب المصنف تبعا للزمخشري ومن تابعه إلى أن أيامي مقلوب أيائم لان فعيلا وعيعلا لا يجمعان على فعالى، فأصل يتامى يتائم وأصل أيامي أيائم فقدمت الميم وفتحت للتخفيف فقلبت الياء ألفا لتحركها.
وانفتاح ما قبلها، ويتيم أيضا جرى مجرى الاسماء الجامدة، لان فعيلا الوصفى يجمع على فعال ككريم وكرام لا على فعائل وقد مر في تفسير سورة النساء أنه لما يجرى مجرى الاسماء الجامدة كفارس وصاحب جمع على يتائم ثم قلب فقيل: يتامى، أو جمع على يتمى كأسرى، لانه من باب الافات، ثم جمع يتمى على يتامى.
وذهب ابن مالك ومن تبعه إلى أنه شاذ لا قلب فيه، وهو ظاهر كلام سيبويه، وذهب ابن الحاجب إلى أنهم حملوا يتامى وأيامى على وجاعى وحباطى، لقرب اللفظ والمعنى " اه ويريد بقرب اللفظ أن منشأهما وهو الفعل بابه في الجميع واحد، وبقرب المعنى أن الجميع من
الافات على ما ذكره الرضى ونقول: إن نسبة القول بالقلب في يتامى وأيامى إلى الزمخشري لا تخلو عن مسامحة، فانه وإن كان قائلا بذلك مسبوق بهذا القول، وأصله لابي علي الفارسي أحد علماء النصف الاول من القرن الرابع الهجرى، فقد قال في اللسان: " وأما أيامى فقيل: هو من باب الوضع، وضع على هذه الصيغة، وقال الفارسى: هو مقلوب موضع العين إلى اللام " اه (1) قال في اللسان: " أعيا السير البعير ونحوه: أكله وطلحه، وإبل معايا: معيية، قال سيبويه: سألت الخليل عن معايا، فقال: الوجه معاى.
وهو المطرد، وكذلك قال يونس، وإنما قالوا معايا كما قالوا مدارى وصحارى، (*)

(2/147)


صفة على فَعَائل شاذ (1) كنظائر قوله " وإذا حمل نحو هالك وميِّت وأجرب على نحو قتيل " أي: إذا حملت عليه مع أن وزنها خلاف وزنه لمجرد المشاركة في المعنى فَلأَنْ يحمل عليه مريض مع مشاركته له في اللفظ والمعنى أجدر قوله " ليتميز عن فَعِيل الأصلِ " يعني أن الأصل فَعِيل بمعنى فاعل لكونه أكثر من فَعِيل بمعنى مفعول، ولأن الفاعل مقدم على المفعول، والذي بمعنى الفاعل يجمع جمع السلامة نحو رَحيمون ورَحِيمات وكَريمون وكريمات، فلم يجمع الذي بمعنى المفعول جمع السلامة فرقاً بينهما (2) قوله: " شذ قُتلاء وأسراء " وجه ذلك مع شذوذهما أن فَعِيلاً بمعنى المفعول حمل على فَعِيل بمعنى الفاعل، نحو كريم وكرماء
__________
وكانت مع الياء أثقل إذ كانت تستثقل وحدها " اه وقوله " الوجه معاى " أصله معايى بياءين أولاهما مكسورة، فحذفت الثانية بعد حذف حركتها، وقوله
" وإنما قالوا معايا " يريد فتحوا الياء الاولى فانقلبت الثانية ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وذلك كما فتحوا الراء في مدارى وصحارى، لقصد التخفيف، وقوله " وكانت مع الياء أثقل " يريد وكانت الكسرة معا لياء في معاني أشد ثقلا منها وحدها في مدار وصحار، لا سيما أن بعد الياء ياء أخرى (1) قد علمت مما نقلناه لك آنفا عن الكشاف ومن تابعه أن الزمخشري ذهب إلى ما ذهب إليه لانه اعتبر يتيما اسما.
وفعيل إذا كان اسما جمع على فعائل مثل أفيل وأفائل، فلا محل لقول المؤلف " وأيضا جمع فعيل المذكر اسما على فعائل شاذ " (2) ذكر ابن يعيش وجها آخر لعدم جمع فعيل بمعنى مفعول جمع التصحيح قال في شرح المفصل (ح 5 ص 51) : " ولا يجمع شئ من ذلك إذا كان مذكرا بالواو والنون كمالم يجمع مؤنثه بالالف والتاء، فلا يقال: قتيلون ولا جريحات، لانهم لم يفصلوا في الواحد بين المذكر والمؤنث بالعلامة فكرهوا أن يفصلوا بينهما في الجمع فيأتوا في الجمع بما كرهوا في الواحد، فاعرفه " اه (*)

(2/148)


قوله " وجاء أُسارى " اعلم أن أصل فَعَالَى في المذكر كما ذكرنا أن يكون جمع فَعْلاَن، وقد يضم فاء فَعَالَى الذي هو جمع فَعْلاَن فَعْلى خاصة كما يجئ، نحو سُكارى وكُسالى، دون المحمول عليه، إلا أُسارى، وذلك لأنه لما حمل أسير على حَرّان ولهفان لانه لا يخلو من حرارة الجوف ضموا أوله كما يُضَم أول فَعَالَى جمع فَعْلان، والتزموا الضم في هذا المحمول واعلم أنه قد يجئ الفَعِِيلَة بمعنى الآلة كالْوَسِيلَة لما يُتَوَسَّلُ به: أي يُقَرَّب، والذريعة لما يُتَذَرَّع به، والدَّرِيئة للبعير (1) وشبهه يُدْرَى به الصيد: أي يختل قال: " المُؤَنَّث، نَحْوُ صَبِيحَة عَلَى صِبَاحٍ وَصَبَائِحَ، وَجَاءَ خُلَفَاءُ،
وجعلته جَمْعَ خَلِيفٍ أَوْلَى، وَنَحْوُ عَجُوزٍ عَلَى عَجَائِزَ " أقول: إذا لحقت التاء فَعيلاً في الوصف فإنه يجمع على فِعَال، كما جمع قبل لحاقه، فيقال: صِبَاح وظِرَاف، في جمع صبيح وصبيحة وظريف وظريفة،
__________
(1) قال في اللسان: " والدريئة: الحلقة التى يتعلم الرامى الطعن والرمى عليها قال عمرو ب معديكرب: ظللت كأني للرماح دريئة * أقاتل عن أبناء جرم وفرت قال الاصمعي: هو مهموز.
وفي حديث دريد بن الصمة في غزوة حنين: " دريئة أمام الخليل " الدريئة: حلقة يتعلم عليها الطعن.
وقال أبو زيد: الدريئة مهموز: البعير أو غيره الذي يستتر به الصائد من الوحش يختل حتى إذا أمكن رميه رمى " اه، وتقول: دريت الصيد أدريه دريا مثل رميته أرميه رميا، وادريته على افتعلت، وتدريته على تفعلت، إذا ختلته، قال الشاعر: فإن كنت لا أدرى الظباء فإننى * أدس لها تحت التراب الدواهيا وقال الاخطل: فإن كنت قد أقصدتنى إذ رميتني * بسهمك، فالرامي يصيد ولا يدرى (*)

(2/149)


ويختص ذو التاء - سواء كان بمعنى المفعول كالذبيحة أولاً كالكبيرة - بفَعَائِل، دون المذكر المجرد، وقد شذ نَظَائِرُ في نظير، وكَرَائه في كريه، بمعنى مكروه، وهو جمع من غير حذف شئ من واحده، فهو في الصفة نظير صحيفة وصحائف في الاسم، وقد يستغنى عن فَعَائل بفِعَال كصِغَار وَكِبَار وسمان، في صغيرة وكبيرة وسمينة، ولم يقولوا نسوة كَبَائر وصغائر وسَمَائنْ، وجاء فيه حرفان فقط على فُعْلاَء، نحو نسوة فُقَرَاء وسُفَهَاء، قالوا: وإنما جاء خُلَفَاء في جمع خليفة، لأنه وإن كان فيه التاء إلا أنه للمذكر، فهو بمعنى المجرد ككريم وكرماء،
فكأنهم جمعوا خليفاً على خلفاء، وقد جاء خليفٌ، أيضاً، فيجوز أن يكون الخلفاء جمعه، إلا أنه اشتهر الجمع دون مفرده، قال: 61 - إن من القوم موجودا خليفته * وما خليف أبي وهب بموجود (1)
__________
يرى ولا يختل ولا يستتر.
وقال سحيم بن وثيل الرياحي: وماذا يدرى الشعراء منى * وقد جاوزت حد الاربعين وقال أيضا: أتتنا عامر من أرض رام * معلقة الكنائن تدرينا (1) هذا البيت لاوس بن حجر من كلمة له يرثى فيها عمرو بن مسعود بن عدى الاسدي، وكان النعمان بن المنذر اللخمي قد قتله.
والذي في جميع النسخ " أبى موسى " والموجود في شعر أوس وفي شرح الشواهد للبغدادي وفي اللسان (خ ل ف) وفي شرح المفصل لابن يعيش " وما خليف أبي وهب " كما أثبتنا وأبو وهب كنية عمرو بن مسعود.
والاستشهاد في البيت على أنه قد ورد عنهم خليف بغير تاء بمعنى خليفة بالتاء، والخليفة الذي يخلف غيره: أي يعقبه ويقوم مقامه ويعنى غناءه وإن لم يستخلفه، وإذا صح خلائف جمع خليفة كظريفة وظرائف، قال في بعض شروح إيضاح الفارسي: " إن كان لم يثبت خليف بمعنى خليفة الا في هذا البيت - وهو الاظهر - فلا حجة فيه، لانه يحتمل أن يكون ممارخم في غير النداء ضرورة نحو قوله (*)

(2/150)


وقياس جمع فُعَالة كامرأة طُوَالة، أن يكون كجمع فَعِيلة، لمساواة مذكره مذكرَهُ كما ذكرنا.
قوله " ونحو عجوز " فَعُول لا يدخله التاء كما مر، والذي هو بمعنى المؤنث من هذا الوزن يجمع على فعائل، حملاً على فعيلة، نحو عجوز وعجائز (1) ، ونَخُوصٍ ونخائص (2) ، وإذا دخله التاء للمبالغة كفَرُوقة جمع بالألف والتاء
واعلم أنه قد جاء في فِعَال المؤنث من غير تاء فَعَائل، وهو قليل، كَهَجَائِن في جمع ناقة هِجَان، حملاً على فِعَالة، ولم يثبت جمع فَعَال المؤنث المجرد كامرأة جَبَان على فَعَائل، بل مذكره ومؤنثه في الجمع سواء قال: " وَفَاعِلٌ الاسْمُ، نَحْوُ كِاهِلٍ عَلَى كَوَاهِلَ، وَجَاء حُجْرَانٌ وَجِنَّانٌ، والْمُؤَنَّثُ نَحْوُ كَاثِبَة عَلَى كَوَاثِبَ، وَقَدْ نَزَّلُوا فَاعِلاَء مَنْزِلَتَهُ فَقَالُوا قَوَاصِعُ وَنَوَافِق وَدَوَامُّ وَسَوَابٍ " أقول: قياس فَاعِلَ - بفتح العين وكسرها - في الاسم، فواعل، قياساً لا ينكسر، وقد جاء فَوَاعِيل بإشباع الكسر كطوابيق (3) ودوانيق (4) وخواتيم،
__________
* لِيَوْم رَوْعٍ أو فَعَالِ مكرُمِ * يريد مكرمة " اه (1) العجوز: " قال في القاموس: الشيخ والشيخة، ولا تقل عجوزة، أو هو لغية رديئة، الجمع عجائز وعجز " اه (2) النخوض: التى أضعفها الكبر، تقول: عجوز ناخص، وعجوز تخوص، إذا نخصها الكبر.
أي أضعفها وأذهب لحمها (3) طوابيق: جمع طابق - بفتح الباء وكسرها - وهو العضو من أعضاء الانسان كاليد والرجل ونحوها.
ويجمع على طوابق، وقد جاء فيه طوابيق باشباع الكسرة (4) انق - بفتح النون وكسرها - من الاوزان، وهو سدس الدرهم والدينار، وربما قالوا: داناق، فإذا صح كان الدوانيق قياسا، وكان جمعا لداناق، كما قال المؤلف في الخواتيم (*)

(2/151)


وليس بمطرد، وقيل: خواتيم جمع خاتام، قال: 62 - * أخَذْتِ خَاتَامِي بِغَيْرِ حق (1) *
فخواتم على هذا قياس، قال الفراء: قد جاء في كلام المولدين بَوَاطيل في جمع باطل وقد جاء فُعْلاَن كحُجْران (2) وَفِعْلاَن كجِنَّان (3) ، والأول أكثر: أي مضموم الفاء، ويجوز أن يكون حِيطان من الأول قلبت الضمة كسرة لتسلم الياء وإذا انتقل فاعل من الصفة إلى الاسم، كراكب الذي هو مختص براكب البعير كما قلنا في أَكِيلة ونطيحة وَقَتُوبة وحَلُوبة، وفَارِس المختص براكب الفرس، ورَاعٍ المختص برعي نوع مخصوص، ليست كما ترى على طريق الفعل من العموم، فإنه يجمع في الغالب على فُعْلان كحُجْرَان في الاسم الصريح، وقد يكسر هذا الغالب على فِعَال أيضاً كرِعَاء وصِحَابٍ، وذلك لأن فاعِلاً
__________
(1) هذا بيت من الرجز المشطور، وقبله * يامى ذات الجورب المنشق * ويقال: خَاتَم - بفتح التاء وكسرها - وخَيْتَام بوزن ديار - بتشديد الياء - وخاتام - كساباط - وهو نوع من الحلى، وهو أيضا ما يوضع على الطين ويختم به الكتاب.
ورواية ابن برى في البيت: خيتامى، قال في اللسان: " وشاهد الخاتام ما أنشده الفراء لبعض بنى عقيل: لئن كان ما حدثته اليوم صادقا * أصم في نهار القيظ للشمس باديا وأركب حمارا بين سرج وفروة * وأعر من الخاتام صغرى شماليا قال سيبويه: الذين قالوا خواتيم إنما جعلوه تكسير فاعال وإن لم يكن في كلامهم، وهذا دليل على أن سيبويه لم يعرف خاتاما " اه (2) حجران: جمع حاجر، وهو مكان مسدير يمسك الماء من شفة الوادي (3) جنان: جمع جان، وهو نوع من العالم، سموا بذلك لاجتنانهم عن الابصار فلا يرون (*)

(2/152)


شبه بِفَعِيل حين جمع على فُعْلان كجريب وجربان، وفَعِيل يجمع على فِعَال كأفيل وإفال، فأجيز ذل في فاعل أيضاً، قال سيبويه: ولا يجوز في هذا الوصف الغالب فَوَاعل، كما كان في الاسم الصريح، لأن له مؤنثاً يجمع على فوعل، ففرقوا بين جمع المذكر وجمع المؤنث، قال: وقد شذ فَوَارس، وقال غيره: جاء هَوَالِك أيضاً، يقال: فلان هالك في الهَوَالِك، قال السيرافي: وجاء في الشعر 63 - وَمِثْلي في غَوَائِبِكُمْ قَلِيلُ (1) وذكر المبرد أن فَوَاعل في فاعل الغالب أصل، وأنه في الشعر سائغ حسن قال: 64 - وَإِذَا الرِّجَالُ رَأوْا يزيد رأيتهم * خضع الرقاب نواكس الابصار (2)
__________
(1) هذا عجز بيت لعتيبة بن الحرص، وصدره قوله: * أُحَامِي عَنْ ذِمَارِ بَنِي أبيكمْ * وأحامى: مضارع من الحماية وهو الحرص.
والذمار - ككتاب -: ما يجب على الرجل أن يحميه، وقالوا: فلان حامى الذممار، وحامى الحقيقة.
والغوائب: جمع غائب.
روى أن عتيبة بن الحرث قال لجزء بن سعد هذا البيت فقال له جزء: نعم وفي شواهدنا.
والشواهد: جمع شاهد، وهو مثل الغوائب.
والاستشهاد بالبيت في قوله " غوائبكم " حيث جمع فاعلا على فواعل شذوذا، وسيأتي في شرح الشاهد التالى مزيد بحث لذلك (2) البيت من كلمة رائية للفرزدق يمدح بها آل المهلب بن أبى صفرة وبخاصة يزيد بن المهلب، وأولها: فلا مدحن بنى المهلب مدحة * غراء ظاهرة على الاشعار وقد وقع في النسخ المطبوعة كلها * نواكس الاذقان * وقد عرفت أن
القصيدة رائية، فالذي في النسخ تحريف، وخضع: جمع أخضع مثل حمر في جمع أحمر، والاخضع الذي في عنقه تطامن في أصل الخلقة، ويروى " خضع " (*)

(2/153)


قلت: لا دليل في جمع ما ذكروا، إِذ يجوز أن يكون الْهَوَالِك جمع هالكة: أي طائفة هالكة، وكذا غيره كقولهم " الخوارج " أي الفرق الخوارج، كقوله تعالى: (والصافات صفا) أي: طوائف الملائكة وإذا سمي بفاعل الوصف كضارب فقياسه فواعل كالاسم الصريح، إذ لا مؤنث له يشتبه جمعاهما، وقد كسر فاعل الاسم على أفْعِلَة كواد وأوْدِيَة، كأنهم استثقلوا الواوين في أول الكلمة لو جمعوه على فواعل، وانضمام الواو وانكسارها لو جمع على فُِعْلاَن قوله " والْمُؤَنَّثُ نَحْوُ كَاثِبَة عَلَى كَوَاثِبَ (1) " لم يخافوا في الاسم التباس جمع المذكر بجمع المؤنث مع كون كل منهما على فواعل، كما خافوا في الصفة ذلك، فلم يجمعوهما معاً على فواعل، لأن لفظ المذكر والمؤنث في الصفة لا فرق بينهما إلا التاء، فإذا حذفتها وجمعتَ حصل الالتاس، وأما الاسم فلا يتلاقى مذكره ومؤنثه، ألا ترى أنك لا تقول (للمذكر) كاثب وللمؤنث كاثبة، حتى يلتبسا في كواثب
__________
بضمتين، وهو جمع خضوع صيغة لخاضع نحو غفور وغفر، والنواكس: جمع ناكس، وهو المطأطئ رأسه، ويروى: نواكس الابصار: على أنه جمع مذكر سالم لجمع التكسير، والاستشهاد بالبيت هنا في قوله: نواكس، حيث جمع ناكسا وهو وصف لمذكر عاقل على فواعل وذلك شاذ لم يرد إلا في حروف قليلة منها: حارس وحوارس، وحاجب - من الحجابة - وحواجب، وحواج بيت الله ودواجه، جمع حاج وداج، وهو المكارى ورافد وروافد، وفارس وفوارس،
وهالك وهوالك، وخاشع وخواشع، وناكس ونواكس، وغائب وغوائب، وشاهد وشواهد (1) الكاثبة: اسم لما بين كتفي الفرس قدام السرج، قال النابغة: لهن عليهم عادة قد عرفنها * إذا عرض الخطي فوق الكواثب وفي الحديث: يضعون رماحهم على كواثب خيلهم.
(*)

(2/154)


قوله " قد نزلوا فاعلاء منزلته " وذلك لإجرائهم ألف التأْنيث مجرى تائه لكونها علامة التأنيث مثله كما يجئ بعد: النَّافِقَاء وَالْقَاصِعَاءُ وَالدَّامَّاءُ جحرة من جحر اليربوع (1) ، والسابياء: الجلدة التي تخرج مع الولد، وعلى ذلك قالوا في خُنْفُسَاء: خَنَافِس، كما قالوا في قُنْبُرَة: قَنَابِر (2) قال: " الصفة، نحو جَاهِلٍ عَلَى جُهَّلٍ وَجُهَّالٍ غَالِباً، وَفَسَقَةٍ كَثِيراً، وَعَلَى قَضَاةٍ في الْمُعْتَلِّ اللاَّمِ، وَعَلَى بُزُلٍ وشُعَرَاءَ وصُحْبَان وتِجَار وَقُعُودٍ، وأمَّا فَوَارِس فَشَاذٌّ، وَالمُؤَنَّثُ نَحْوُ نَائِمَةٍ عَلَى نَوَائِمَ ونُوَّمٍ، وَكَذَلِكَ حَوَائِضُ وَحُيَّضٌ " أقول: اعلم أن الغالب في فاعِل الوصف فُعَّلٌ، كشُهَّد وغُيَّب ونُزَّل وصُوَّم وقوم، وقيل: صميم وقيم، كما يجئ في باب الإعلال، وقيل: صِيَّم وقِيَّم.
وليس بخارج عن فُعَّل بضم الفاء، وكسرها لأجل الياء، كشُِيُوخ وشِيَيْخ وتقول في الناقص: غز وغزى
__________
(1) قال في اللسان: " قال بن الاعرابي: قصعة اليربوع - بضم ففتح - أن يحفر حفيرة ثم يسد بابها بترابها، ويسمى ذلك التراب الداماء، ثم يحفر حفرا آخر يقال له: النافقهاء والنفقة (بضم ففتح) والنفق (بفتحتين) ، فلا ينفذها، ولكنه يحفرها حتى ترق، فإذا أخذ عليه بقاصعائه عدا إلى النافقاء فضربها برأسه ومرق منها، قال ابن برى: جحرة اليربوع سبعة: القاصعاء، والنافقاء،
والداماء، والراهطاء، والعانقاء، والحاثياء، واللغز (بضم ففتح) وهى اللغيزى أيضا " اه بتصرف (2) القنبرة، ويقال: القبرة - بضم القاف وتشديد الباء مفتوحة - وهو أفصح: ضرب من الطير يكنى الذكر منه أبا صابر وأبا الهيثم، وتكنى أنثاه أم العلعل، قال طرفة: يالك من قبرة بمعمر * خلا لك الجو فبيضي واصفرى ونقرى ما شئت أن تنقري * قد ذهب الصياد عنك فابشرى (*)

(2/155)


ويكسر أيضاً كثيراً على فُعَّال، كزُوَّار وغُيَّاب، وهما أصل في جمع فاعل الوصف، أعني فُعَّلاً وفعالا ويجئ على فعلة أيضا كثيرا، لكن لا كالأولين، نحو عَجَزَة وفَسَقَة وكَفَرة وبَرَرَة وخَوَنَة وحَوَكَة، ويقال: حَاكَةٌ وباعة أيضا، كما يجئ في الإعلال وإذا كسر على فَعَلَة في المعتل اللام يضُمُّ الفاء، لتعتدل الكلمة بالثقل في أولها والخفة بالقلب في الأخير، وقال الفراء: أصله فعل بشديد العين فاستثقل ذلك، فأبدل الهاء من أحد المثلين، وذهب المبرد إلى أنه اسم جمع كفُرْهَة (1) وغَزِيّ (2) وليس بجمع، وذلك لعدم فُعَلَة جمعاً في غير هذا النوع
__________
(1) قال في اللسان: " فره الشئ - بالضم - يفره فراهة وفراهية، وهو فاره بين الفراهة والفروهة، إذا كان حاذقا بالشئ، وإذا كان نشيطا قويا أيضا، قال الجوهرى: فاره نادر مثل حامض، وقياسه فريه وحميض مثل صغر فهو صغير وملح فهو مليح، ويقال للبرذون والبغل والحمار: فاره بين الفروهة والفراهية والفراهة، والجمع فرهة مثل صاحب وصحبة، وفره أيضا مثل بازل
وبزل وحائل وحول.
قال ابن سيده: وأما فرهة فاسم للجمع عند سيبويه وليس بجمع، لان فاعلا ليس مما يكسر على فعلة.
قال: ولا يقال للفرس: فاره، إنما يقال في البغل والحمار والكلب وغير ذلك.
وفي التهذيب: يقال: برذون فاره وحمار فاره، إذا كانا سيورين، ولا يقال للفرس إلا جواد، ويقال له: رائع، وفي حديث جريج دابة فارهة: أي نشيطة حادة قوية " اه بتصرف.
والجمع القياسي لفاره فره مثل ركع، وفرهة مثل سكرة، وقد ذكرهما صاحب القاموس (2) اختلفت كلمة العلماء في الغزى - بفتح فكسر - فقال ابن سيده: الغزى: اسم للجمع، قال الشاعر (وهو امرؤ القيس) سريت بهم تكل غزيهم * وحتى الحياد ما يقدن بأرسان (*)

(2/156)


ويجمع كثيراً على فُعُل بضمتين، كَبُزُل (1) وشُرُف (2) ، تشبيهاً بِفَعول لمناسبته له في عدد الحروف ثم يخفف عند بني تميم بإسكان العين، وأما الأجوف نحو عُوطٍ (3) وحُولٍ (4) ، جمع عائط وحائل فيحب عند الجميع إسكان واوه للاستثقال، وأما عِيطٌ بمعنى عُوطٍ فإنه من اليائي، كسر الفاء لتسلم الياء كما في بيض جمع أبْيَض ويكسر على فُعَلاَء كجهلاء وشُعَرَاء، تشبيهاً له بِفَعِيل نحو كريم وكرما، ففُعُل وفُعَلاَء ليسا بمتمكنين في هذا الباب، بل هما للتشبيه بباب آخر كما مر وأكثر ما يجئ فُعَلاء في هذا الباب وغيره إذا دلَّ على سجية مدح أو ذم
__________
ويجمع غاز على غزاء - بالمد - مثل فاسق وفساق.
قال تأبط شرا: فيوما بغزاء ويوما بسرية * ويوما بخشخاش من الرجل هيضل وعلى غزاة، مثل قاض وقضاة، وعلى الغزى، مثل راكع وركع، قال الله
تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لاخوانهم إذا ضربوا في الارض أو كانوا غزى الاية) وقال الازهرى: رجل غاز من قوم غزى مثل سابق وسبق، فجعل الغزى جمعا ونسب مثله لسيبويه " اه عن لسان العرب بتصرف (1) البزل - بضمتين -: جمع بازل، والبازل أصله الجمل إذا طلع نابه، وذلك إذا كن في السنة التاسعة، وقالوا: رجل بازل، إذا كان كاملا، على التشبيه، (2) الشرف - بضمتين -: جمع شارف، وهو من السهام العتيق، ومن النوق الهرمة المسنة، وجمع أيضا على شوارف، وعلى شرف - كركع، وعلى شروف كعدول.
(3) العوط: جمع عائط، وهى التى لم تحمل سنين من غير عقر، يقال: عاطت المرأة والناقة تعوط وتعيط، (4) الحول: جمع حائل، وهى التى حمل عليها فلم تلقح، أو التى لم تلقح سنتين أو سنوات، ويجمع أيضا على حيال.
(*)

(2/157)


كجهلاء وجبناء وشجعاء، ويجئ أيضاً فُعَلاَء كثيراً جمعاً لفعيل بمعنى مُفَاعل كجُلَسَاء وحُلَفَاء وجاء فاعل على فُعْلان أيضاً كشُبَّان ورُعْيَان، تشبيهاً بفاعل الاسم كحُجْرَان وجاء على فِعَال كَجِيَاع ونِيَام ورِعَاء وصِحَاب، وعلى فُعُول كِشُهُود وَحُضُور ورُكُوع، وذلك فيما جاء مصدره على فُعُول أيضاً قوله " وأما فوارس فشاذ " قد ذكرنا أن ذلك لغلبته وإذا كان فاعل وصفاً لغير العقلاء جاز جمعه على فَوَاعل قياساً، لإلحاقهم
غير العقلاء بالمؤنث في الجمع، كما مر في شرح الكافية في باب التذكير والتأنيث، فيقال جِمَال بَوَازِل، وأيام مَوَاضٍ وإذا كان في فاعل الوصف تاء ظاهرة كضاربة أو مقدرة كحائض فقياسه فَوَاعل وفُعَّل بحذف التاء.
قال " المؤنَّثُ بِالأَلِفِ رَابِعَةً: نَحْوُ أُنْثَى عَلَى إِنَاثٍ، وَنَحْو صَحْرَاء عَلَى صَحَارى، والصِّفَةُ نَحْوُ عَطْشَى عَلَى عِطَاشٍ، وَنَحْوُ حَرْمَى عَلَى حَرَامَى، وَنَحْوُ بَطْحَاء عَلَى بِطَاحٍ، وَنَحْوُ عُشَرَاء على عِشَارٍ، وفُعْلَى أَفْعل كالصُّغْرَى على الصُّغَرِ، وبالأَلِفْ خَامِسَةً نَحْوُ حُبَارَى على حُبَارَياَتٍ " أقول: اعلم أن ألف التأنيث الممدودة أو المقصورة إما أن تكون رابعة، أو فوقها، فما ألفه رابعة: إذا لم يكن فُعْلَى أفعل، ولا فَعْلاَء أفعل، يَطَّرِد جمعه بالألف والتاء، ويجوز أيضاً جمعه مُكَسَّراً، لكن غير مطرد، وتكسيره على ضربين: الأول أن يجمع الجمع الأقصى، وذلك إذا اعتد بالألف لكون وضعها على اللزوم، فيقال في المقصورة فَعَالٍ وفَعَالَى في الاسم كَدَعَاوٍ ودَعَاوَى، وفي الصفة فَعَالَى بالألف لا غير كحبالى وخنائي، والألف في فعالى مبدلة من الياء على ما يجئ،

(2/158)


ويقال في الممدودة فَعَالَى بالألف المبدلة وفَعَالٍ كجوارٍ في الأحوال الثلاث، ويجوز فَعَالِيٌّ قليلاً، وهو الاصل كما يجئ بيانه، والثاني: أن يجمع على فِعَالٍ كإناث وعِطَاش، وبِطَاح وعِشَار، في أُنْثَى وَعَطْشَى وبَطْحَاء وعُشْرَاء (1) ، وإنما يجئ هذا الجمع فيما لا يجئ فيه الجمع الأقصى، فلما قالوا إناث لم يقولو أناثى، ولما قالوا خنائى لم يقولوا خِنَاث (2) ، وكان الأصل في هذا الباب الجمعَ الأقصى اعتداداً بألف التأنيث للزومها، فتجعل كلام الكلمة، وأما حذفها في الجمع على فِعَال فنظراً إلى كون الألف علامة للتأنيث فيكون كالتاء فيجمع الكلمة بعد إسقاطه
كما في التاء، فيجعل نحو عَطْشَى وبطحاء (3) وأُنْثَى كَقَصْعَة وبُرْمَة، فيكون عِطَاش وبِطَاح وإناث كقَصَاع وبرام، وإنما اختير هذا من بين سائر جموع فَعْلَة وفُعْلة لكونه أشبه بفَعَالى الذي هو الأصل كما تقرر، وحمل نحو نُفَساء وعُشَرَاء على فُعْلَى فجمعا على فِعَال وإن لم يكسر فُعَلة بضم الفاء وفتح العين على فِعَال، لما قلنا من مناسبته لَفَعَالى التي هي الأصل في مثله لما ذكرنا، ولم يجمع نحو نفساء الجمعَ الأقصى كما جمع الساكن العين لكون الألف كالخامسة بسبب حركة العين.
كما عرفت في النسب في نحو حبارى (4) وجمزى (5)
__________
(1) العشراء من النوق: التى أتى على حملها عشرة أشهر، وقيل: ثمانية أشهر، وقيل: هي كالنفساء من النساء.
(2) حكي صاحب القاموس أنه قد قيل: أناثى أيضا في جمع الانثى كما حكى في اللسان أن خنثى جمع على خناث كاناث - وأنشد شاهدا لذلك قول الشاعر: لعمرك ما الخناث بنو قشير * بنسوان يلدن ولا رجال ولعل العذر للمؤنث في نفيه أن الجوهري لم يذكره في صحاحه (3) البطحاء والابطح: مسيل واسع فيه دقاق الحصى (4) انظر (ص 36 هـ 5 من هذا الجزء) (5) جمزى: ضرب من السير دون الجرى الشديد.
انظر (ص 39 من هذا الجزء) (*)

(2/159)


ولم يسمع بجمع فُعَلَى كأُرَبَى (1) وشُعَبَى (2) ولا فَعَلى كالمَرَطَى (3) وَالدَّقَرى (4) ولا فَعْلاَء كالثأدَاء (5) ، لا على صيغة الأقصى ولا على فِعَال، ولو كسرت فالقياس فِعَال كما ذكرنا في نحو نُفَسَاء، مع أن الأولى جمع الجميع
بالألف والتاء، وإنما وجب في الوصف الذي ألفه مقصورة قلب الياء في الجمع ألفاً دون الاسم كما ذكرنا لأن الوصف أثقل من الاسم من حيث المعنى فالتخفيف به أنسب، والألف في الاسم أيضاً أكثر من الياء (6) ، والدليل على أن ألف فَعَالَى في الأصل ياء أنا لو سمينا بحَبَالى وصغرناه لم نفعل به ما فعلنا بحُبَارى، وذلك أنا جوزنا هناك حُبَيْرى وحُبَيِّرا، كما بين في باب التصغير، بل يجب ههنا أن نقول: " حُبَيْلٍ " بحذف الألف المتوسطة كما نقول في تصغير جوار ومساجد علمين: جوير ومُسَيْجِد، وإنما فروا في هذه الجموع من الياء إلى الألف بخلاف نحو جَوَاءٍ في جائية، تطبيقاً للجمع بالواحد في الموضعين، أعني حَبَالَى وَجَوَاءٍ، فرقاً بين ألف التأنيث وغيره: من الألف المنقلبة كما في مهلى، وألف الالحاق كما في
__________
(1) الاربى - بضم الهمزة وفتح الراء -: اسم للداهية (2) شعبى - بضم ففتح وآخره ألف مقصورة -: اسم موضع بعينه في جبل طئ، قال جرير يهجو العباس بن زيد الكندي أعبدا حل في شعبي غريبا * ألؤما لا أبالك واغترابا (3) المرطى - بفتحات -: أصله ضرب من العدو فوق التقريب ودون الاهذاب، وقد يوصف به، فيقال: فرس مرطى، وناقة مرطى، إذا كانت سريعة.
(4) الدقرى: الروضة الحسناء العميمة النبات (5) التأداء: المرأة الحمقاء، وقيل: الامة، قال الكميت: وما كنا بنى ثأداء لما * شفينا بالاسنة كل وتر (6) يريد أن قبل الياء ألفا في الاسم أكثر من بقائها، مع جواز الوجهين.
(*)

(2/160)


أرطى (1) ، وهذا كما يجئ في باب الإعلال من تطبيق الجمع بالمفرد، نحو
شَائِيَةٍ وَشَوَاءٍ وإدَاوَةٍ (2) وأدَاوَى، بخلاف بَريَّة وَبَرَايَا، لما كان الألف في شائِية وإداوة ثابتة كما في الجمع بخلاف بَرِيَّة، هذا، وقد جاء في بعض ما آخره ألف منقلبة ما جاء في ألف التأْنيث من قلب الياء ألفاً تشبيهاً له به، وذلك نحو مِدْرًى وَمَدَارٍ (3) وَمَدَارَى، بالألف، وذلك ليس بمطرد، وقال السيرافي: هو مطرد، سواء كان الألف في المفرد منقلبة أو للإِلحاق، وإن كان الأصل إبقاء الياء، فتقول على هذا في مَلْهًى: مَلاَهٍ ومَلاهَى، وفي أرْطًى: أرَاطٍ وأرَاطَى، وقال: إنه لا يقع فيه إشكال، والأولى الوقوف على ما سمع وأما ذو الممدودة الرابعة فإنه جاء فيه ثلاثة أوجه مع أن الأكثر فيه فَعَالَى بالألف، وذلك لأنك تقلب في الجمع الأقصى ألفه التي قبل الهمزة ياء لأجل كسرة ما قبلها كما في مَصَابيح فترجع الهمزة إلى أصلها من الألف، وذلك لأنها في الأصل ألف تأنيث عند سيبويه كما في حبلى زيدت قبلها ألف إذ صارت باللزوم كلام الكلمة كما زيدت في كِتَاب وحِمَار فاجتمع ألفان فحركت الثانية دون الأولى، لأنها للمد كما في حمار، ولم تحذف الأولى للساكنين خوفاً من نقض الغرض، ولم تقلب الثانية عند الاحتياج إلى تحريكها واواً ولا ياء مع أن انقلاب حروف العلة بعضها إلى بعض أكثر، لشدة تناسبها بالوصف مع تباينها في المخارج، وذلك لأن الواو والياء في مثل هذا الموضع تقلبان ألفا كما في كِسَاء وردَاء، فلم يبق بعد الواو والياء حرف أنسب إلى الألف من الهمزة لكونهما من الحلق، فلما انقلبت الألف قبلها ياء رجعت الهمزة إلى أصلها من الألف لزوال موجب انقلابها همزة،
__________
(1) أرطى: انظر (ج 1 ص 57) (2) إداوة: انظر (ج 1 ص 31) (3) مدرى: انظر (ج 2 ص 40) (*)

(2/161)


أعني الألف، ثم انقلبت ياء لأن انقلاب حروف العلة بعضها إلى بعض أولى كما يجئ في باب الاغلال ثم أدغمت الياء في الياء، فيجوز على قلة استعمال هذا الأصل، قال: * لَقَدْ أغْدُو على أشْقَ * رَ يَغْتَالُ الصَّحَارِيَّا * (1) والأكثر أن يحذف الياء الأولى لاستثقال الياء المشددة في آخر الجمع الأقصى، ولا سيما إذا لم تكن في الواحد حتى تحتمل في الجمع للمطابقة كما في كرسِي وكراسيّ، وأيضاً الحذف في مثله تَسَبُّب إِلى جعل الياء ألفا كما كان، وإذا كانوا يحذفون المد من نحو الكَرَابيس (2) والْقَرَاقِير (3) فيقولون: الكرابِسُ والْقَرَاقر فما ظنك به مع الياءين؟ ألا ترى إلى قولهم أثَافٍ (4) وعَوَارٍ وكَرَاسٍ
__________
(1) قد تقدم شرح هذا البيت في (ج 1 ص 194) (2) الكرابيس: جمع كرباس - بكسر الكاف - وهو ثوب من القطن أبيض معرب فارسيته بالفتح، غيروه لغزه فعلال (3) القراقير: جمع قرقور - كعصفور - وهو السفينة مطلقا، أو الطويلة خاصة أو العظيمة (4) الاثافي - بتخفيف الياء - جمع أثفية - بضم الهمزة وسكون الثاء بعدها فاء مكسورة فياء مشددة وقد تخفف - وهي حجر يوضع عليه القدر، وهي ثلاثة أحجار، وبعض العرب يقول: أثفيت القدر - مثل أكرمت، وبعضهم يقول: ثفيت - بتضعيف الوسط، وبعضهم يقول: أثفت - بتشديد الثاء، وبعضهم يقول: أثفت على أفعل، كل ذلك يقولونه في معنى نصبت لها الحجارة لتضعها عليها، وتقول على الاول: قدر مثفاة، وربما قالوا مؤثفاة على الاصل كما قال خطام المجاشعى: * وصاليات ككما يؤثفين * (انظر ج 1 ص 139)
وتقول على الثاني: قدر مثفاة - بتشديدين عين الكلمة - وأصله مثفية - (*)

(2/162)


في أثافيّ وعَوَارِيّ وكراسيّ، فيبقى إذن صحارٍ كجوارٍ سواء في جميع أحوالها، والأَوْلَى بعد الانتقال إلى هذا الحال الانتقال إلى درجة ثالثة، وهي قلب الياء ألفاً لصيرورته كَدَعَاوٍ، بسقوط المد الذي كان قبل ألف التأنيث، فتقول: صَحَارَى وعَذَارَى وصَلاَفَى (1) ، ولا يجوز هذا في ألف الألحاق، لا تقول في حرباء: حَرَابَى (2) ، بل يب في مثله حرابيُّ، مشدداً أو مخففاً، وذلك لأن جعلها ألفاً إنما كان لتصير الياء ألفاً كما كان، وألف التأنيث أولى بالمحافظة عليها لكونه علامة، من ألف الإلحاق، وأناسي جمع إنسيٍّ ككراسي جمع كرسي، وقيل: هو جمع إنسان، قلبت نونه يا كَظَرابيّ جمع ظربان وقد ألحق بباب صحارى وإن لم يكن في المفرد ألف التأنيث لفظان، وهما
__________
كمقتلة - قلبت الياء ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها، وتقول على الثالث: قدر مؤثفة - بتشديد الثاء، وتقول على الرابع: قدر مؤثفة - كمكرمة: فوزن " أثفية " في لغة من قال: ثفيت - أفعولة، وفى لغة الباقين:: فعلية، وأصلها على كل حال أثفوية، فاجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت اليا في اليا ثم كسر ما قبلها لمناسبتها (1) الصلافي: جمع صلفاء، وهي الارض الغليظة الشديدة، وقد ذكر في القاموس أنه يقال في جمعه: صلافى - بكسر ما قبل آخره - (2) الحرباء: مسمار الدرع، وقيل: هو رأس المسمار في حلقة الدرع، قال لبيد: أحكم الجنثى من عوراتها * كل حرباء إذا أكره صل والحرباء أيضا: الظهر، والحرباء أيضا: الذكر من أم حبين، وقيل:
هو دويبة نحو العظاءة (أنظر ص 55 من هذا الجزء) (*)

(2/163)


بَخَاتَى (1) وَمَهَارَى (2) ، فجوز فيهما الأوجه الثلاثة، والتشديد أولى، ولا يقاس عليهما، فلا يقال في أُثفِيَّة وعَارِيَّة: أثَافَى وعَوَارَى (3) بالألف، وألحق
__________
(1) البخاتى: جمع بختى - ككرسي - قال في اللسان: " البخت والبختية دخيل في العربية أعجمى معرب، وهى الابل الخراسانية، تنتج من عربية وفالج، وبعضهم يقول: إن البخت عربي، وينشد لابن قيس الرقيات يمدح مصعب بن الزبير: ن يعش معصب فإنا بخير * قد أتانا من عيشنا ما نرجى يهب الالف والخيول ويسقى * لبن البخت في قصاع الخلنج الواحد بختى، جمل بختى وناقة بختية، وفي الحديث " فأتى بسارق قد سرق بختية "، البختية: الانثى من الجمال البخت، وهى جمال طوال الاعناق، ويجمع على بخت وبخات، وقيل: الجمع بخاتى (بياء مشددة) غير مصروف، ولك أن تخفف الياء فتقول: البخاتى (بكسر التاء) وقيل في جمعها: بخاتى (بفتح التاء) اه بتصرف (2) المهارى - بزنة الصحارى، ويقال: مهارى بزنة الكراسي، ومهار - كجوار -: جمع مهرية، وهى الابل المنسوبة إلى مهرة - بفتح فسكون، وقد قيل: مهرة قبيلد أبوها مهرة بن حيدان، وقيل: مهرة مخلاف في اليمن (أنظر ج 1 ص 256) (3) العواري - بشديد الياء، وقد تخفف -: جمع عارية - مشددة أو مخففة - وهى اسم للشئ تستعيره من غيرك، وكأن العارية - بالتشديد - منسوبة إلى العار لكونها مما يجلبه، قال في اللسان: " الازهري: وأما العارية والاعارة
والاستعارة فان قول العرب فيها: هم يتعاورون العوارى، ويتعورونها - بالواو المشددة - كأنهم أرادوا تفرقة بين ما يتردد من ذات نفسه وبين ما يردد، قال: والعارية منسوبة إلى العارة، وهو اسم من الاعارة، تقول: أعدته الشئ أعيره إعارة وعارة، كما قالوا: أطعته إطاعة وطاعة، وأجبته إجابة وجابة، قال: وهذا كثير في ذوات الثلاث: منها العارة والدارة والطاقة وما أشبهها، ويقال: استعرت (*)

(2/164)


بنحو فَتَاوٍ وفَتَاوَى لفظ واحد من المنقوص، وهو قولهم: جمل معى وناقة معيية وجِمَالٌ أو نوق مَعَايٍ (1) ومَعَايا وإنما أبقيت المقصورة الرابعة في التصغير بحالها نحو حُبَيْلى وقلبت في الجمع الأقصى ياء ثم ألفاً، لان بنية التصغير تم قبل الألف بخلاف بنية الجمع الأقصى، ولذلك قيل في التصغير: أُنَيعَام، وفي التكسير: أنَاعيم، لأن بعض أبنية التصغير تم قبل الألف وهو فُعَيْل، فجاز المحافظة على الألف التي هي علامة الجمع، بخلاف بناء الجمع الأقصى فلم يكن بد من قلب الألف فيه وإن كانت ألف التأنيث خامسةً فالممدودة يجوز جمع ما هي فيه بالألف والتاء، ويجوز أن تحذف ويجمع الاسم أقصى الجموع، كَقَواصع وخَنَافس في قَاصِعَاء (2) وخُنْفُساء، وكذا قرائث وبرائك وجلائل في قربثاء (3) وبراكاء (4) وجلولاء (5) وأما المقصورة كحُبَارى فقال سيبويه: لا يجمع ما هي فيه إلا بالألف والتاء، إذ لو قالوا حَبَائر وحَبَارَى كما قيل في التصغير حُبَيِّر وحُبَيْرَى، لالتبس حبائر بجمع فَعالة ونحوها، وَحَبَارَى بجمع فُعْلى وفُعْلاَء، وفي التعليل نظر، لأن حُبَيِّرا في التصغير يلتبس بنحو حُمَيِّر.
وقواصَع في الجمع يلتبس بجمع فاعله، ولم يُبَال
__________
منه عارية فأعارينها، قال الجوهري: العارية بالتشديد كأنها منسوبة إلى العار،
لان طلبها عار وعيب " اه (1) معاى: جمع معى، وهو اسم فاعل من أعيا إذا كل وتعب (أنظر ص 147 من هذا الجزء) (2) أنظر (ص 155 من هذا الجزء) (3) أنظر (ح 1 ص 248) (4) أنظر (ح 1 ص 248) (5) أنظر (ح 1 ص 248) وانظر (ص 58 من هذا الجزء) (*)

(2/165)


في الوضعين، فنقول: السماع كما ذهب إليه سيبويه، لكن لايمنع القياس - كما ذكر المالكي - أن يقال في نحو حُبَارى حَبَائر وحَبَارَى، كما في التصغير، وكذا لا يمنع القياس أن يقال في جمع عرضى (1) عَرَاضِن، وإنما لم يجز في نحو قريثاء وبراكاء وجلولاء حذفُ المد المتوسط كما جاز مع المقصورة لأن المقصورة أشد اتصالاً بالكلمة لكونها ساكنة على حرف واحد، والممدودة على حرفين ثانيهما متحرك، وذلك قيل عَرَيْضِن في تصغير عِرَضْنَى بحذف الألف لكونها كاللام، وخنيفساء لكون الالف كالكلمة المنفصلة كما في نحو بَعْلَبَك، وإنما لم يجز خُنَافِسَاء وَزَعَافِرَان كما جاز خُنَيْفِسَاء وزُعَيْفِران للثقل المعنوي في الجمع، فصار التخفيف اللفظي به أليق، فلا يكاد يجئ بعد بنية أقصى الجموع إلا ما هو ظاهر الانفكاك، كتاء التأنيث في نحو مَلاَئكة وإن كانت الألف فوق الخامسة كما في حَوْلايَا (2) فالحذف لا غير، نحو حَوَالٍ وأما فُعْلى أفعل وفَعْلاَء أفعل فلم يجمعا أقصى الجموع، فرقا بينهما وبين نحو أنثى وصحراء.
ولما كانا أكثر من غيرهما طلب تخفيفهما فاقتصر في فَعْلاَء على فُعَل إتباعاً لمذكره، نحو أحمر وحمراء وحُمْر، وفي الْفُعْلَى على الْفُعْل تشبيهاً لألفه بالتاء، فالكُبْرَ في الْكُبْرَى كالْغُرَف في الْغُرْفَة، والْفُعَل في الفُعْلى غيرِ فُعْلَى أفعل شاذ، كالرُّؤَى في الرؤيا، خلافاً للفراء وكان حق رُبَّى (3) أن يجمع على رِبَاب - بكسر الراء - لكنه قيل: رباب
__________
(1) أنظر (ح 1 ص 245) (2) أنظر (ح 1 ص 246، 249) (3) ربى - كحبلى -: هي الشاة إذا ولدت، وإذا مات ولدها أيضا، والحديثة النتاج، والاحسان، والنعمة، والحاجة، والعقدة المحكمة (*)

(2/166)


بالضم، وليس بجمع، بل هو اسم جمع كرُخَال (1) وتُؤَام (2) وأرى أن صَحْرَاء (في الأصل فَعْلاَء أفْعَل، كان أصله أرض صَحْرَاء: أي في أولها صُحْرَة، كما تقول: حمار أصحر، وأتان صحراء) (3) فتوغل في باب الاسمية، فلم يجمع على فُعْل، بل على فعال، وكذا البطحاء أصله باب حَمْراء، ألا ترى إلى قولهم: الأبطح، فغلبت الاسمية عليهما حتى لا يعتبر الوصف الأصلي في أبطح، كما اعتبر في أسْوَد وأرْقَم (4) ، بل يُصْرَف، وحتى لم يجمعا على الْبُطْح، بل جمع الأبطح على الأباطح والبطحاء على البِطَاح، وكذا حَرْمَى في الأصل من باب عَطْشَى، أعني فَعْلَى فَعْلاَن، من " حَرِمت النعجة " إذا اشتهت البضاع، فلو لم يمنع المعنى مجئ فَعْلاَن منه لكنت تقول حَرْمَان وحَرْمَى وإنما جمع فعلان كسَكْرَان على فَعَالى، تشبيهاً للألف والنون بالألف الممدودة، فسكران وسكارى كصحراء وصحارى
__________
(1) رخال - كغراب -: اسم جمع واحده رخل - بكسر فسكون - وهي
الانثى من ولد الضأن، وقد جمع على أرخل - كأرجل، ورخال - كقداح، (2) التؤام - كغراب -: اسم جمع واحده توءم، وهو الذى يولد مع غيره في بطن، من الاثنين فأكثر، وجمع التؤام توائم.
قال في اللسان: " قال الازهري: ومثل تؤام غنم رباب وإبل ظؤار، وهو من الجمع العزيز " اه (3) هذه العبارة في النسخ الخطية، والموجودة في المطبوعات " وأرى أن صحرء من باب حمراء فتوغل الخ " (4) الاسود: العظيم من الحيات وفيه سواد، وأصله وصف فسمى به، ويقال لانثاه: أسودة، نظرا لما طرأ من الاسمية، ويجمع الاسود على أساود، نظرا لذلك، وربما قيل: أساويد، باشباع الكسرة، وتجمع الاسودة على أسودات أيضا.
والارقم: أخبث الحيات وفيه سواد وبياض، وأصله وصف فسمى به أيضا (*)

(2/167)


قال: " وأفْعَلُ: الاسْمُ كَيْفَ تَصَرَّفَ نحو أحدل وإصْبَع وَأحْوَصٍ، عَلَى أجَادِلَ وأصَابِعَ وَأحَاوِصَ، وَقَوْلُهُمْ حُوصٌ لِلَمْح الْوَصْفِيَّةِ الأَصْلِيَّةِ، وَالصِّفة نَحْوُ أحْمَرَ عَلَى حُمْرَانٍ وَحُمْرٍ، وَلاَ يُقَالُ أحْمَرُونَ لِتُمَيِّزَهُ عَنْ أفْعَلِ التَّفْضِيلِ، وَلاَ حَمْرَاوَاتٌ لأنه فَرْعُهُ، وجَاءَ الْخَضْرَاوَاتُ لِغَلَبَتِهِ اسْماً، وَنَحْوُ الأَفْضَلِ عَلَى الأَفَاضِلِ وَالأَفْضَلِينَ " أقول: قوله " كيف تصرف " أي: تصرف حركة همزته وعينه قوله " أحاوص (1) " جمع أحْوَصَ، وأحوصُ في الأصل من باب أحمر حمراء، فجمعه فُعْلٌ، ولكن لما جعل أفعل فعلاء اسماً جاز جمعه على أفاعل كأفعل الاسمي، وجاز جمعه على فُعْلٍ نظراً إلى الأصل، وعلى أفْعَلُون إذا كان علماً للعاقل، وعلى أفْعَلاَت إذا كان علماً للمؤنث
قوله " والصفة نحو أحمر على حُمْران وحُمْر " الوصف إما أن يكون (على) أفعل فَعْلاَء، وأفْعَل فُعْلى، والأول أظهر في باب الوصف، لصحة تقديره بالفعل، نحو " مررت برجل أحمر " أي برجل أحر، وليس لأفعل التفضيل فعل منه بمعناه، كما مر في بابه، ولهذا لا يرفع الظاهر إلا بشروط، ولضعف معنى الوصفية في أفعل التفضيل لا خلاف في صرفه إذا نكر بعد التسمية، كما اختلف في نحو أحْمَرَ إذا نكر
__________
(1) أصل الاحوص: الذى به الحوص - بفتح الحاء والواو - وهو ضيق في مؤخر العين، وبابه حول، وسمي بالاحوص جماعة: منهم الا حوض بن جعفر ابن كلاب، وجمعوا على الاحاوص، نظرا لما عرض من الاسمية، وقد قيل: أحاوصة - بزيادة التاء عوضا عن ياء النسب كالاشاعرة والمهالبة.
كأنه جعل كل واحد أحوصيا - وجمعوا أيضا على الحوص، نظرا إلى الاصل، وقد جمع الاعشى بين الجمعين في قوله: أتَانِي وَعِيدُ الْحُوصِ مِنْ آلِ جَعْفَرٍ * فَيَا عَبْدَ عَمْرٍو لَوْ نهيت الاحاوصا (*)

(2/168)


بعد العلمية (1) والمطرد في تكسير أفعل فعلاء وفي مؤنثه فُعْل، ولا يضم عينه إلا
__________
(1) جاء في الكافية وشرحها متعلقا بهذا قول ابن الحاجب: (ح 1 ص 60) " وخالف سيبويه الاخفش في مثل أحمد علما ثم ينكر اعتبارا للصفة بعد التنكير، ولا يلزمه باب حاتم، لما يلزم من إيهام اعتبار متضادين في حكم واحد " وقول الرضى في شرح هذا الكلام: قوله " ولا يلزمه باب حاتم " هذا جواب عن إلزام الاخفش لسيبويه في اعتبار الصفة بعد زوالها، وتقريره أن الوصف الاصلى لو جاز اعتباره بعد زواله لكان باب حاتم غير منصرف للعلمية الحالية والوصف الاصلى فأجاب المصنف عن سيبويه بأن هذا الالزام لا يلزمه، لان في حاتم ما يمنع من اعتبار ذلك الوصف الزائد، بخلاف أحمر المنكر، وذلك المانع اجتماع
المتضادين وهما الوصف والعلمية، إذ الوصف يقتضى العموم والعلمية الخصوص، وبين العموم والخصوص تناف.
قوله " في حكم واحد " يعنى في الحكم بمنع الصرف، لانك تحتاج في هذا الحكم إلى اجتماع سببين فتكون قد جمعت المتضادين، في حالة واحدة، ولو لم يكن اعتبار المتضادين في حكم واحد جاز، إذ لا يلزم اجتماعهما في حالة واحدة، كما إذا حكمنا بجمع أحمر على حمر لان أصله صفه وعلى أحامر لاجل العلمية فقد حصل في هذه اللفظة متضادان لكن بحكمين، فلم يجتمعا في حالة، فإذا نكر أحمر فانه يصح اعتبار الوصف، وليس معنى الاعتبار أنه يرجع معنى الصفة الاصلية حتى يكون معنى رب أحمر رب شخص فيه معنى الحمرة، بل معنى رب أحمر رب شخص مسمى بهذا اللفظ سواء كان أسود أو أبيض أو أحمر فمعنى اعتبار الوصف الاصلى بعد التنكير أنه كالثابت مع زواله، لكونه أصليا، وزوال ما يضاده وهو العلمية، فصار اللفظ بحيث لو أراد مريد إثبات معنى الوصف الاصلى فيه لجاز بالنظر إلى اللفظ، لزوال المانع، هذا، والحق أن اعتبار ما زال بالكلية ولم يبق منه شئ خلاف الاصل إذ المعدوم من كل وجه لا يؤثر بمجرد تقدير كونه موجودا، فالاولى أن يقال: إن اعتبر معنى الوصف الاصلى في حال التسمية كما لو سمى مثلا بأحمر من فيه حمرة وقصد ذلك ثم نكر جاز اعتبار الوصف بعد التنكير لبقائه في حال العلمية أيضا، لكنه لم يعتبر فيها، لان المقصود الاهم في وضع الاعلام المنقولة غير ما وضعت له لغة، ولذلك تراها في الاغلب مجردة (*)

(2/169)


لضرورة الشعر، ويجئ فُعْلاَن أيضاً كثيراً كسُودَانٍ وبيضان قوله: " ولا يقال أحمرون لتميزه عن أفعل التفضيل " قد ذكرنا علة امتناعه من جمع التصحيح في شرح الكافية (1) ويجوز أفْعَلُون وفَعْلاَوَات لضرورة الشعر.
قال:
__________
عن المعنى الاصلى كزيد وعمرو، وقليلا ما يلمح ذلك، وإن كان لم يعتبر في وضع العلم الوصف الاصلى بل قطع النظر عنه بالكلية كما لو سمي بأحمر أسود أو أشقر لم يعتبر بعد التنكير أيضا، وقال الاخفش في كتاب الاوسط: إن خلافه في نحو أحمر إنما هو في مقتضى القياس، وأما السماع فهو على منع الصرف، هذا كله في أفعل فعلاء، وكذا فعلان فعلى، وأما أفضل التفضيل نحو أعلم، فانك إذا سميت به ثم نكرته: فان كان مجردا من من التفضيلية انصرف إجماعا، ولا يعتبر فيه سيبويه الوصف الاصلى كما اعتبر في نحو أحمر، وإن كان مع من لم يصرف إجماعا بلا خلاف من الاخفش كما كان في أحمر أما الاول فلضعف أفعل التفضيل في معنى الوصف ولذا لا يعمل في الظاهر كما يعمل أفعل فعلاء، فإذا تجرد من من التبس بأفعل الاسمى الذى لا معنى للوصف فيه كأفكل وأيدع، ولا يظهر فيه معنى الوصف، وأما أفعل فعلاء، فلثبوت عمله في الظاهر قبل العلمية وإشعار لفظه بالالوان والخلق الظاهرة في الوصف يكفى في بيان كونه موضوعا صفة، فإذا اتصل أفعل بمن فقد تميز عن نحو أفكل وظهر فيه معنى التفضيل الذى هو وصف وأما الثاني: فانما رافق الاخفش سيبويه في منع الصرف مع من لظهور وصفه إذن كما ذكرنا، ولكون من مع مجروره كالمضاف إليه، ومن تمام افعل التفضيل من حيث المعني الوضعي، فلو نون لكان الثاني متصلا منفصلا، لان التنوين يشعر بالانفصال بسبب وجود علامته للوصف أعنى من، بخلاف باب أحمر لعريه عن العلامة الدالة على الوصف " اه (1) قال في شرح الكافية (ج 2 ص 169) : " وأما الخاص من شروط الجمع بالواو والنون فشيئان: العلمية، وقبول تاء التأنيث، أما العلمية فمختصة بالاسماء، وأما قبول التاء فمختص بالصفات، فلم يجمع هذا الجمع أفعل فعلاء (*)

(2/170)


64 - فما وجدت بنات بني نزار * خلائل أسودين وأحمرينا (1)
__________
وفعلان فعلى وما يستوى مذكره ومؤنثه كما ذكرنا في باب التذكير والتأنيث وإنما اعتبر في الصفات قبول التاء لان الغالب في الصفات أن يفرق بين مذكرها ومؤنثها بالتاء لتأديتها معنى الفعل، والفعل يفرق بينهما فيه بالتاء، نحو الرجل قام والمرأة قامت، وكذا في المضارع التاء وإن كان في الاول نحو تقوم، والغالب في الاسماء الجوامد أن يفرق بين مذكرها ومؤنثها بوضع صيغة مخصوصة لكل منهما كعير وأتان، وجمل وناقة، وحصان وحجراء، ويستوى مذكرها ومؤنثها كبشر وفرس، هذا هو الغالب في الموضعين، وقد جاء العمس أيضا في كليهما نحو أحمر وحمراء والافضل والفضلي وسكران وسكرى في الصفات، وكامرئ وامرأة ورجل ورجلة في الاسماء، فكل صفة لا يلحقها التاء فكأنها من قبيل الاسماء، فلذا لم يجمع هذا الجمع أفعل فعلاء وفعلان فعلى، وأجاز ابن كيسان أحمرون وسكرانون، واستدل بقوله: فما وجدت بنات بنى نزار * حلائل أسودين وأحمرينا وهو عند غيره شاذ، وأجاز أيضا حمراوات وسكريات، بناء على تصحيح جمع المذكر، والاصل ممنوع فكذا الفرع " (1) هذا البيت من قصيدة لحكيم الاعور بن عياش أحد شعراء الشام يهجو بها مضر وخص من بينهم الكميت بن زيد الاسدي وامرأته، و " بنات " فاعل وجدت، و " حلائل " جمع حليل - بالحاء المهملة - وهو الزوج، ويقال للزوجة: حليلة، وسميا بذلك لان كل واحد منهما يحل للاخر أو يحل منه محلا لا يحل فيه سواه، وهو مفعول " وجدت "، و " أسودين " جمع أسود، و " أحمرين " جمع أحمر، وهما صفتان لحلائل، والاستشهاد بالبيت في
قوله " أسودين وأحمرين " حيث جمع أسود وأحمر جمع المذكر السالم بالواو والنون وهو عند ابن كيسان مما يسوغ القياس عليه، وعند عامة النحاة أن القياس على ذلك لا يجوز وأنه خاص بضرورة الشعر (*)

(2/171)


وأجاز ذلك ابن كيسان اختياراً قوله " وجاء الْخَضْرَاوَات لغلبته اسماً " غلب الْخَضْرَاوَات في النباتات التي تؤكل رطبة، فكما يجوز جمع فَعْلاَء بالألف والتاء مع العلمية لزوال الوصف جاز مع الغلبة لأن الغلبة تقلل معنى الوصفية أيضاً، ويجوز في نحو أرْمَل (1) وأرْمَلَة أرملون وأرْمَلاَت، لأنه مثل ضاربون وضاربات قال: " وَنَحْوُ شَيْطَانٍ وَسُلْطَانٍ وَسِرْحَانٍ عَلَى شَيَاطِينَ وَسَلاَطِينَ وسَرَاحِينَ، وَجَاءَ سِرَاحٌ، الصِّفَةُ نَحْوُ غَضْبَان عَلَى غِضَابٍ وسَكَارَى، وَقَدْ ضُمَّتْ أرْبَعَة كُسَالَى وسُكَارَى وعُجَالَى وغُيَارى ".
أقول: كل اسم على فَِعْلاَن مثلث الفاء ساكن العين كان أو متحركة، كَوَرَشَان (2) والسَّبُعَان (3) والظَّرِبان (4) ، يجمع على فَعَالين، إلا أن يكون علماً مرتجلاً، كسَلْمَان وَعُثْمَان وَعَفَّان وحمدان وعطفان، وذلك لان التكسير في المترتجل مستغرب، بخلافه في المنقول، إذ له عهد بالتكسير، ولا سيما إذا كان في المرتجل ما ينبغي أن يحافظ عليه من الألف والنون لشبهه بألف التأنيث.
كما مر في التصغير، وإنما تصرف في ألف نحو صحراء بالقلب حين قالوا " صَحَارٍ " مع كونها أصلاً للألف والنون للضرورة الملجئة إليه لما قصدوا بناء الجمع الأقصى لخلوه من الاستغراب المذكور، ألا ترى أنه قيل في التصغير " صحيراء " لما لم
__________
(1) الارمل: الرجل العزب، والمحتاج المسكين، والانثى أرملة - بالتاء قيل: الارمل خاص بالنساء، وليس بشئ فقد قال جرير: هذى الارامل قد قضيت حاجتها * فمن لحاجة هذا الارمل الذكر
(2) الورشان: طائر شبه الحمامة (انظر ج 1 ص 199) (3) السبعان: اسم مكان بعينه (انظر ج 1 ص 198) (4) الظربان: دويبة منتنة الريح (انظر ج 1 ص 198) وانظر أيضا (ص 97 من هذا الجزء) (*)

(2/172)


يكن مثل تلك الضرورة لتمام بناء فُعَيْل الألف، فلهذا قالوا " ظُرَيْبَان " في التصغير، و " ظرابين " في الجمع، وللمحافظة على االالف والنون في المرتجل قالوا في تصغير سلمان " سليمان " وفي تصغير سلطان " سليطين ".
واعلم أنهم قالوا في جمع ظربان " ظِرْبَى " أيضاً كحِجْلَى في جمع حَجَل، ولم يأت في كلامهم مكسر على هذا الوزن غيرهما، وإنما جاء في سَرْحَان (1) وضِبْعَان (2) سِرَاح وضِبَاع تشبيهاً بغَرْثَان وغِرَاث.
قوله " الصفة " اعلم أن الوصف إذا كان على فَعْلاَن بفتح الفاء سواء كان له فَعْلى، كسكران وسكرى، أو لم يكن، كندمان وندمامة، جاز جمعه وجمع مؤنثه على فَعَالى، وكذا فِعَال، لمشابهة فَعْلاَن لفَعْلاَء بالزيادتين والوصف، وليس شئ من الجمعين مطردا، لا في فَعْلاَن فَعْلَى ولا في فَعْلاَن فَعْلانة، وقد يجمع في فعلان فعلانة بينهما كنَدَامى ونِدَام، ومع ألف التأنيث لم يجمع بينهما كما ذكرنا فقيل بَطَاح دون بَطَاحَى، وصَحَارَى دون صِحَارٍ، بالكسر.
وإذا كان صفة على فعلان بالضم كعريان وخُمْصَان (3) ، لم تجمع على فَعَالى، لأن فُعْلاَء بسكون العين لم يجئ مؤنثاً حتى يشبه فُعْلاَن به، فقالوا في خُمْصَان وخُمْصَانَة " خِمَاصٌ " تشبيهاً بغَرْثَان وغِرَاث (4) ، وقال بعض العرب
__________
(1) السرحان: الذئب (انظر ح 1 ص 201) (2) الضبعان - بكسر فسكون - الذكر من الضباع، والانثى ضبع - كعضد -
وضبعانة - كسرحانه - وضبعة، وقيل: لا يقال: ضبعة، وجمع الضبع أضبع وضباع، وجمع الضبعان ضباعين وضبعانات (3) الخمصان - بضم فسكون -: الضامر البطن، وهى خمصانة - بالتاء - قال الراجز: أعجب بشرا حور في عيني * وساعد أبيض كاللجين ودونه مسرح طرف العين * خمصانة ترفل في حجلين (4) الغرثان: الجائع أيسر الجوع، ويقال: هو الجائع أشد الجوع، (*)

(2/173)


" خُمْصَانُونَ وخمصانات " نظراً إلى أنه لا يستوي مذكره ومؤنثه، وكذا قالوا " نَدْمَانون ونَدْمَانات ".
وأما فَعْلاَن فَعْلَى فلا يجمع جمع السلامة إلا لضرورة الشعر، كما قلنا في أفعل فعلاء، وقد مضى هذا كله في شرح الكافية (1) .
ولم يجئ في عُرْيَان عِرَاء، اكتفاء بعُرَاة جمع عَارٍ، لأن العُرْيَان والْعَاري بمعنى واحد، فاكتفى أحدهما عن جمع الآخر.
وجاء الضم في جمع بعض فَعْلاَن الذي مؤنثه على فَعْلى خاصة، وهو في كُسَالى وسُكَارى أرجح من الفتح، وإنما ضم في جمع فَعْلاَن خاصةً لكون تكسيره على أقصى الجموع خلاف الأصل، وذلك لأنه إنما كسر عليه لمشابهة الألف والنون فيه لألف التأنيث، فغير أول الجمع غير القياسي عما كان ينبغي أن يكون عليه، لينبه من أول الأمر على أنه مخالف للقياس، وأنبع جمع المؤنث جمعَ المذكر في ضم الأول وإن لم يكن مخالفا للقياس، وأوجب الضم في قُدَامَى الطير: أي قَوَادم (2) ريشه، وفي أُسَارى، جمع قَادِمَة وأسِير، وإلزام الضم فيهما دلالة على شدة مخالفتهما لما كان ينبغي أن يكسرا عليه، ولا يجوز الضم في غير ما ذكرنا،
__________
والفعل غرث - كفرح - والانثى غرثى - كسكرى، وغرثانة - كندمانة انظر (ح 1 ص 144) وانظر (ص 120 من هذا الجزء) (1) قد نقلنا لك قريبا (ص 170) عبارته التي تعلق بهذا عن شرح الكافية (2) ريش جناح الطائر أربعة أنواع: القوادم، وهي أوائل ريش الجناح مما يلى رأسه، ثم المناكب، وهى اللاتي تليها إلى أسفل الجناح، ثم الخوافي، وهي التي بعد المناكب: ثم الاباهر، وهي التي تلى الخوافي، والاشهر أن القوادم أربع ريشات في مقدم الجناح، ويقال: عشر ريشات، وواحدة القوادم قادمة، وقد يقال في الواحدة: قدامى - مثل حبارى - ويقال قدامى للجمع أيضا فيكون مثل سكارى (*)

(2/174)


وقال بعض النحاة - لما رأى مخالفته لأقصى الجموع بضم الأول -: إنه اسم جمع كَرُبَاب وَقَوْم ورَهْط ونَفَر، وليس بجمع، وقال آخرون: إن نحو عُجَالى ليس جمع فَعْلى على توفية حروفه، وعَجَالى بالفتح جمعه على توفية حروفه، فالأول: كقِلاَص في قَلُوص، والثاني كقَلاَئص، حذف الزائد في عَجْلَى فبقي عَجل فجمع، وجعل ألف الجمع في الوسط وألف التأنيث في الأخير، وأما ألف عَجَالى بالفتح فليست للتأنيث بل منقلبة عن ياء هي ياء منقلبة عن ألف التأنيث كما تقدم، فالألف في عُجَالى بالضم مجلوبة للتأْنيث كما في ضَمْنَى وَزَمْنَى (1) جمع ضمِن وَزَمنٍ، قال السيرافي: هذا أقوى القولين، أقول: وأول الأقوال أرجح عندي قوله " وقد ضمت أربعة " لم أر أحداً حصر المضموم الأول في أربعة، بلى في المُفَصَّل أن بعض الرب يقول: كُسَالى، وسُكَارى، (وعُجَالى) وغُيَارى، بالضم، ولا تصريح فيه أيضاً بالحصر، وقد ذكر في الكشاف في قوله تعالى:
(ذرية ضعاف) أنه قرئ ضعافي كسكارى وسكارى (2) قال: " وفَيْعِلٌ نَحْوُ مَيِّتٍ عَلَى أمْوَاتٍ وَجِيَادٍ وَأَبْيِنَاء، وَنَحْوُ شَرَّابُونَ وَحُسَّانُونَ وفِسِّيقُون وَمَضْرُوبُونَ وَمُكْرِمُونَ ومُكْرَمُونَ، اسْتُغْنِيَ فِيهَا بِالصَّحِيحِ، وَجَاءَ عَوَاوِيرُ وَمَلاَعِينُ (ومَيَامِينُ) وَمَشَائِيمُ وَمَيَاسِيرُ وَمَفَاطِيرُ ومَنَاكِيرُ وَمَطَافِل وَمَشَادِن " أقول: اعلم أن فيعلا بكسر العين لا يجئ إلا في المعتل العين كسَّيِّد، وبفتحها لا يجئ إلا في الصحيح كَصَيْقَلٍ وَحَيْدَرٍ، إلا حرفاً واحدا، قال:
__________
(1) انظ (ص 120، 121 من هذا الجزء) (2) في الكشاف (ح 1 ص 162 طبع بولاق) : " قرئ ضعفاء، وضعافى، وضعافى نحو سكارى وسكارى " اه، ولم نجد رواية هذه القراءات لغيره (*)

(2/175)


* ما بال عينى كالشيعيب العين * (1) وهذا مذهب سيبويه، قال: ويختص بعض الأوزان ببعض الانواع كاختصاص فعلة المضمون وفاؤه بجمع الناقص، كَقُضَاة، وفَعَلة بفتح الفاء في غيره ككَفَرَة وَبَرَرَة، ومذهب الفراء أن وزن مَيِّتٍ فعليل ككريم، والأصل مَوِيت، أعلت عينه كما أعلت في الماضي والمضارع، فقدم وأخر، ثم قلبت الواو ياء لاجتماعهما وسكون الاولى، وطَوِيل عنده شاذ، قال: وأما ما ليس مبنياً على فِعْلٍ معل فانه لا يُعَل بالقلب، نحو سَوِيق (2) وعَوِيل (3) وحَويل (4) وسيجئ الكلام فيه في باب الإعلال، وكذا قال الفراء في قضاة: إنه في الأصل مضعف العين نحو كُفَّر، وأصله قُضًّى، فحذف التضعيف وعوض عنه التاء كما مر قل (5) ، واستدل الفراء على كون ميت في الأصل فِعْيلاً بنحو أهْوَنَاء وأبْيناء، في هين وبين، والمشهور في أفعلاء أن يكون جمع فعيل،
وقال سيبويه: إنما جُمعا على أفْعِلاء لمناسبة فيعل لفعيل في عدد الحروف، كما حمل في سادة وجياد على فاعل نحو بَرَرَة وصيام، وفي أموات وأكياس وأقوال جمع قَيْلٍ (6) مخفف قَيِّلٍ على فعل كحوض وأحواض، إذ كثيرا ما
__________
(1) قد سبق قولنا في شرح هذا الشاهد فانظره (ح 1 ص 150) (2) السويق: ما يتخذ من الحنطة والشعير، وهو الخمر أيضا، قال الشاعر: تكلفني سويق الكرم جرم * وما جرم؟ وما ذاك السويق؟ (3) العويل: البكاء مع رفع الصوت، وقد أعول الرجل وأعولت المرأة إعوالا، وعول - بالتضعيف - أيضا (4) الحويل: الشاهد، وهو الكفيل أيضا.
(5) انظر (ص 156 من هذا الجزء) (6) القيل: الملك، أو هو خاص بملوك حمير، وهو عندهم خاص بما دون (*)

(2/176)


يخفف فَيْعِل بحذف العين فيصير كفَعْل في الحركة والسكون، وكذا نحو مَيْتٍ وسَيْد وَلَيْن وَهَيْن، ومن قال في جمع قَيْل أقيال فقد حمله على لفظه، والأول أكثر.
وأصل فَيْعِل أن يجمع جمع السلامة: في المذكر بالواو والنون، وفي المؤنث بالألف والتاء، وكذا إذا خفف بحذف العين، نحو الميتون والميتات، ويجمع المذكر والمؤنث منه على أفْعَال كأموات في جمع مَيْت ومَيْتة، كما قيل أحياء في جمع حَيّ وحَيَّة، وهذا كما يقال: أنقاض في جمع نِقْض (1) ونِقْضَة، وأنضاء في جمع نضوة (2) ونِضْوة.
وجاء رَيِّض (3) للمذكر والمؤنث سواء، حملاً عَلَى فَعِيل بمعنى مفعول، لأنها في معنى مَرُوضة.
__________
الملى الاعلى، وأصله قيل - بتشديد الياء كسيد - فخفف بحذف إحدى الياءين،
وأصل اشتقاقه من القول.
سمى بذلك لانه يقول ما يشاء فينفذ ما يقول، ويجمع على أقوال نظر إلى أصله، وعلى أقيال نظرا إلى لفظه، وعلى مقاول ومقاولة وكأنهم في هذين جمعوا مقولا لكونه بمعناه.
قال لبيد: لها غلل من رازق وكرسف * بأيمان عجم ينصفون المقاولا وقال الاعشى: ثم دانت بعد الرباب وكانت * كعذاب عقوبة الاقوال (1) النقض: المنقوض من غزل أو بناء أو غيرهما، والمهزول بسبب السير ناقة أو جملا (2) النضو: حديدة اللجام، وسهم فسد من كثرة ما رمى به، والثوب الخلق، والمهزول من الابل وغيرها (3) الريض - كسيد -: الناقة إذا كانت في أول عهدها بالرياضة، وهى صعبة بعد، وقال في اللسان: " الريض من الدواب: الذى لم يقبل الرياضة، ولم يمهر المشية، ولم يذل لراكبه.
قال ابن سيده: والريض من الدواب والابل (*)

(2/177)


قوله " شَرَّابون وحُسَّانون " (1) بضم الفاء وفتحها، وفِسِّيْقُون، أبنية للمبالغة لا يستوي فيها المذكر والمؤنث، فيجمع الجميع جمع الصحة: المذكر بالواو والنون.
والمؤنث بالألف والتاء، وإنما دخلتها الهاء لمشابهتها مُفَعِّلاً: لفظاً بالتضعيف، ومعنى بالمبالغة، فهذه الأوزان الثلاثة لا تكسر، وإنما قالوا في عُوَّار (2) وهو الجبان: عَوَاوير، لجريه مجرى الأسماء، لأنهم لا يقولون للمرأة: عُوَّارة، لأن الشجاعة والجبن في الأغلب مما يوصف به الرجال الذين يحضرون في القتال، فشبهوا عوارا
__________
ضد الذلول، الذكر والانثى في ذلك سواء، قال الراعى: فكأن ريضها إذا استقبلتها * كانت معاودة الركاب ذلولا
قال: وهو عندي على وجه التفاؤل، لانها إنما تسمى بذلك قبل أن تمهر الرياضة " اه (1) حسانون: جمع حسان - بضم الحاء واتشديد السين - وهو بمعنى الحسن إلا أنه يدل على الزيادة في الحسن، وحسان - بتخفيف السين - أقل منه في معنى الحسن، والحسن أقل منهما جميعا، وتقول للانثى: حسانة - بتشديد السين - وهذا معنى قول المؤلف " لا يستوي فيها المذكر والمؤنث ".
وقال ذو الاصبع العدواني: كأنا يوم قرى إنما نقتل إيانا * قياما بينهم كل فتى أبيض حسانا وقال الشماح: دار الفتاة التى كنا نقول لها * باظبية عطلا حسانة الجيد (2) العوار: الضعيف الجبان، وجمعه عواوير، قال الاعشى: غير ميل ولا عواوير في الهي * - جا ولا عزل ولا أكفال قال سيبويه: لم يكتف فيه بالواو والنون لانهم قلما يصفون به المؤنث، فصار كمفعال ومفعيل، ولم يصر كفعال (كشداد) ، وقال الجوهري: العوار: الجبان، وجمعه العواوير، وإن شئت قلت: العواور، في الشعر، قال لبيد يخاطب عمه ويعاتبه: وفي كل يوم ذى حفاظ بلوتنى * فقمت مقاما لم تقمه العواور (*)

(2/178)


وعواوير بكُلاَّب (1) وكلاليب، وكذا فُعَّل كزُمَّل (2) وجُبَّأ (3) وفُعَّيْل كزُمَّيْل وسُكَّيْت (4) ، مثالاً مبالغة تدخلهما التاء للمؤنث، ولا يجمعان إلا جمع التصحيح بالواو والنون وبالألف والتاء، وأما بناء المبالغة الذي على مِفْعَال كمِهْدَاء (5) ومِهْذار (6) ، أو على مِفْعِيل كمِحْضير (7) ومِعْطِير (8) ، أو على مِفْعَل كَمِدْعَس (9) ومِطْعَن، أو على فَعَال كصنَاع (10) وحَصَان (11) ، أو على
__________
(1) الكلاب: المهماز، وهو الحديدة التي على خف الرائض، ويرادفه
كلوب - بفتح الكاف وتشديد اللام - (2) الزمل، والزميل: الجبان الضعيف الرذل، قال أحيحة بن الجلاح: ولا وأبيك ما يغنى غنائي * من الفتيان زميل كسول (3) الجبأ، ويمد: الجبان، قال الشاعر: ما عاب قط إلا لئيم فعل ذى كرم * ولا جفا قط إلا جبا بطلا وقال مفروق بن عمرو الشيباني: فما أنا من ريب الزمان بجبأ * ولا أنا من سيب الاله بيائس (4) السكيت - وتخفف الكاف -: العاشر من الخيل الذى يجئ في آخر الحلبة من العشر المعدودات (انظر ص 281 ج 1) (5) المهداء: المرأة الكثيرة الاهداء (6) المهذار: الكثير الهذر، والهذر: الكلام الذي لا يعبا به (7) المحضير: الكثير الحضر - بضم فسكون -، والحضر: ارتفاع الفرس في العدو (8) المعطير: الكثير التعطر (9) المدعس - كمنبر -: الطعان: أي الكثير الطعن، والمدعس أيضا اسم للالة التى يدعس بها: أي يطعن (10) الصناع - بفتح الصاد وتخفيف النون -: الصانع الحاذق.
يقال: رجل صناع وامرأة صناع، إذا كان كل منهما حاذقا ماهرا (انظر ج 1 ص 197) (11) " الحصان ": تقول: امرأة حصان.
وحاصن وحصناء، إذا كان عفيفة (*)

(2/179)


فِعَال كهِجَان (1) ، أو على فَعُول كصَبُور، فيستوي في جميعها المذكر والمؤنث، ولا يجمع شئ منها جمع السلامة، إلا في ضرورة الشعر، وقد ذكرنا تكسير
فِعَال وفَعَال وفَعُول صفات، وأما تكسير مِفْعَال ومِفْعِيل فعلى مفاعيل كمقاليت ومآشير في مِقْلاَت (2) ومِئْشير (3) ، وجمع مفعل كمداعس في جمع مِدْعَس، وأما قولهم: مسكينون ومسكينات، فلقولهم: مسكين ومسكينة، تشبيهاً بفقير وفقيرة.
قوله " مَضروبون ومكرِمون ومكرَمون " أي: كل ما جرى على الفعل من اسمي الفاعل والمفعول وأوله ميم فبابه التصحيح لمشابهة الفعل لفظاً ومعنى، وجاء
__________
وإذا كانت متزوجة أيضا.
قال حسان: حصان رزان ما تزن بريبة * وتصبح غرثى من لحوم الغوافل وقال الاخر: وحاصن من حاصنات ملس * من الاذى ومن قراف الوقس ولا يقال: رجل حصان، وإنما يقال: رجل محصن، كما يقال: امرأة محصنة (1) انظر (ص 135 من هذا الجزء) (2) المقالات: القليلة الولد، ويقال: هي التى لا يعيش لها ولد، قال الشاعر: (ويقال: هو كثير) : بغاث الطير أكثرها فراخا * وأم الصقر مقلات نزور قال في اللسان: " وامرأة مقلات، وهي التي ليس لها إلا ولد واحد، وأنشد: وجدى بها وجد مقالات بواحدها * وليس يقوى محب فوق ما أجد وأقلتت المرأة، إذا هلك ولدها " اه (3) تقول: رجل مئشير وامرأة مئشير - بغير هاء - وتقول: ناقة مئشير وجواد مئشير، يستوى فيه المذكر والمؤنث، وهو مبالغة من الاشر، وهو المرح وهو أيضا البطر أو أشده (*)

(2/180)


في اسم المفعول من الثلاثي نحو ملعون ومشئوم وميمون مَلاَعين ومشائيم (1) ومَيَامين (2) ، تشبيهاً، بمُغْرُود (3) ومُلْمُول (4) ، وكذا قالوا في مَكْسُور: مكاسير، وفي مَسْلوخة: مساليخ، وقالوا أيضاً في مُفْعِل المذكر كمُوسِر ومُفْطِر، وفي مُفْعَل كمُنْكَر: مَيَاسير (5) ومَفَاطير ومناكير، وإنما أوجبوا الياء فيهما مع
__________
(1) المشائيم: جمع مشئوم، وهو ضد الميمون، قال الشاعر: مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة * ولا ناعب إلا ببين غرابها (2) الميامين: جمع ميمون، وهو صفة من اليمن وهو البركة، تقول: رجل أيمن وميمون ويامن ويمين، وقالوا: يمن الرجل - على بناء المجهول - فهو ميمون، ويمن الرجل - بفتح الميم - قومه فهو يامن، إذا صار مباركا عليهم، وجمعوا الايمن على أيامن، قال خزر - كعمر - بن لوذان - كعدنان -: ولقد غدوت وكنت لا * أغدو على واق وحاتم فإذا الاشائم كالايا * من والايامن كالاشائم (3) المغرود: ضرب من الكمأة (انظر ح 1 ص 187) (4) الملمول: المكحال، والحديدة التى يكتب بها في ألواح الدفتر (5) جعل المؤلف المياسير جمع موسر الذي هو اسم فاعل من أيسر، وأصل الموسر ميسر فقلبت الياء واوا لسكونها إثر ضمة فلما أريد الجمع رجعت الياء إلى أصلها لزوال مقتضى قلبها واوا، وهذه الياء التى قبل الطرف مزيدة للاشباع كما قالوا في طوابيق وخواتيم - على رأى - (انظر ص 151، 152 من هذا الجزء) وكلمة مياسير نحتمل غير ما ذكره وجهين: الاول أن تكون جمع ميسور وهو اسم مفعول جاء على غير فعله إن كان من يسره بالتضعيف، وعلى فعله ان كان من قولهم يسر فلان فرسه فهو ميسور، إذا سمنه، الثاني: أن يكون جمع ميسور مصدرا بمعنى اليسر عند غير سيبويه (انظر ح 1 ص 174) وجمع المصدر جائز إذا أريد به
الانواع وقد جاء في هذه الكلمة بعينها، قال الشاعر: استقدر الله خيرا وارضين به * فبينما العسر إذ دارت مياسير (*)

(2/181)


ضعفها في نحو معاليم جمع مُعْلَم ليتبين أن تكسيرهما خلاف الأصل، والقياسُ التصحيح، والأغلب في الْمُفْعِل المختص بالمؤنث التجرد عن التاء، فلا يصحح، بل يجمع على مَفَاعل كالْمَطَافل والْمَشَادن (1) والْمَرَاضع، لما مر في شرح الكافية في باب المذكر والمؤنث، وقد يجئ هذا الباب بالتاء أيضاً، نحو ناقة مُتْلٍ ومُتْلِيهْ للتي يتلوها ولدها، وكلبة مُجْرٍ ومُجْرِية للتي لها جَرْو، وإنما أثبتوا الهاء في الناقص خوف الإجحاف بحذف علم التأنيث ولام الكلمة في المنون، وجوزوا في جمع هذا المؤنث زيادة الياء أيضاً ليكون كالعوض من الهاء المقدرة فتقول: مطافيل، ومراضيع، ومشادين، ويجوز تركه، قال تعالى: (وَحَرَّمْنَا عليه المراضع) وقال: - 65 - * حى النحل في ألبان عوذ مطافل * (2) قال " وَالرُّبَاعِيُّ نَحْوُ جَعْفَرٍ وَغَيْرِهِ عَلَى جَعَافِرَ قِيَاساً، وَنَحْوُ قِرْطَاسٍ عَلَى قَرَاطِيسَ، وَمَا كَانَ عَلَى زِنَتِهِ مُلْحَقاً أوْ غَيْرَ مُلْحَقٍ بِغَيْرِ مَدَّةٍ أوْ مَعَهَا يَجْرِي مَجْرَاهُ نَحْوُ كَوْكَبٍ وجَدْوَلٍ وَعِثْيَرٍ وتنضب ومدعس وقرواح
__________
(1) المشادن: جمع مشدن وهو اسم فاعل من قولهم: أشدنت الطبية، إذا قوى ولدها واستغنى عن أمه (انظر ح 1 ص 190) (2) هذا عجز بيت من قصيدة لابي ذؤيب الهذلي، وصدره قوله: * وَإن حَدِيثاً مِنْكِ لَوْ تَبْذُلِينَهُ * الجنى: أصله الثمر المجتنى، واستعاره هنا للعسل.
والعوذ: جمع عائذ وهى الحديثة النتاج من الابل والظباء.
والمطافل: جمع مُطْفِل وهي التي معها طفلها ويقال فيه: مطافيل أيضا كما قال المؤلف.
ومعنى البيت إن حلاوة حديثك لو
تفضلت به هي حلاوة العسل مشوبا بألبان الابل الحديثة العهد بالنتاج والتى خلفها طفلها، والاستشهاد بالبيت على أنهم جوزوا في جمع مفعل إذا كان وصفا لمؤنث حذف الياء كما في البيت وزيادتها كما في قول أبى ذؤيب أيضا - وهو من قصيدة الشاهد السابق ويليه في ترتيبها -: مَطَافِيلَ أبْكَارٌ حَدِيثٌ نَتَاجُهَا * تُشَابُ بِمَاءٍ مِثْلِ ماء المفاصل (*)

(2/182)


وقرطاط ومصباح، ونحو جواربة وأشاعة في الأَعْجَمِيِّ وَالْمَنْسُوبِ " أقول " قوله جعفر وغيره " أي: غير هذا الوزن من أوزان الرباعي كدِرْهَم وزِبْرِج وبُرْثُن وَقِمَطْر وَبُرْقَع (1) ، على قول الأخفش، جميعُه على فَعَالل، سواء كان للقلة أو للكثرة، إذ لا يُحْذَف من حروفه الاصلية شئ حتى يرد بسببه إلى جمع القلة، وأما ذو التاء من الرباعي فقيل: يكسر في الكثرة على ما كسر عليه المذكر، وفي القلة يجمع جمع السلامة بالألف والتاء، نحو جَمَاجِم وجُمْجُمَات في جُمْجُمَة، وكذا ما هو على عدد حروفه من ذي زيادة الثلاثي غير المذكور قبل، كَمَكْرُمَة ومَكْرُمَات ومكارم وأُنْمُلَة وأنملات وأنامل قوله " ونحو قرطاس على قراطيس " أي: كل رباعي قبل آخره حرف مد كعُصْفُور وَقِرْطَاس وقنديل، فإنك تجمعه على فعاليل قوله " وما كان على زنته " أي: زنة الرباعي، أعني عدد حروفه، سواء كان مثله في الحركات المعينة والسكنات كجدول وكَوْثَر، أو لا كتَنْضُب (2) ، وهذا القول منه تَجُوُّز، لأنه يعتبر في الوزن الحركات المعينة والسكنات، فلا يقال: تَنْضُب على زنة جَعْفَر نظراً إلى مطلق الحركات إلا على مجاز بعيد، وكذا يعتبر في الزنة زيادة الحروف وأصالتها، كما مر في صدر الكتاب (3) ،
لكن يتجوز تجوزا قريباً في الملحق فيقال: إنه على زنة الملحق به، فيقال
__________
(1) انظر في شرح هذه الالفاظ كلها (ح 1 ص 51) (2) التنضب: شجر له شوك قصار وليس من شجر الشواهق تألفه الحرابى، أنشد سيبويه للنابغة الجعدى: كأن الدخان الذي غادرا * ضحيا دواخن من تنضب (3) انظر (ح 1 ص 13 وما بعدها) (*)

(2/183)


جَدْوَل وكَوْثَر على زنة جعفر، ولا يقال إن حِمَاراً على زنة قمطر، لما لم يكن ملحقاً به قوله " ملحَقَاً " يعني نحو كوثر وجَدْوَل وعِثْير (1) قوله " أو عير ملحق " يعني نحو تَنْضُب ومِدْعَس قوله " بغير مدة " من تمام قوله: أو غير ملحق، لأن المدة عندهم لا تكون للإلحاق كما مر في موضعه: أي لا يكون ملحقاً بالرباعي، لكن يساويه في عدد الحروف، بشرط أن لا تكون المساواة بسبب زيادة المدة، احترازاً عن مثل فَاعَل وفَعَال وَفَعُول وفَعِيل، فإن هذه تساوي الرباعي بسبب زيادة المدة، وليست للإلحاق، وإنما احترز عن مثل هذه الأمثلة لأن تسكيرها قد لا يكون كتكسير الرباعي، بل لها جموع معينة كما مرّ قوله " وقِرْوَاح (2) وَقُرْطَاط (3) ومصباح " يعني هذه الأمثلة تكسيرها كتكسير الرباعي الذي قبل آخره مدة، نحو قِرْطَاس، وإن لم تكن رباعية، وكذا غير ما ذكره المصنف من الثلاثي المزيد فيه حرفان أحَدُهما حرف لين رابعة مدة كانت نحو كلُّوب وكُلاَّب (4) وَإصْبَاح وإِجْفِيل (5) وأملود (6) ،
__________
(1) العثير: الغبار، وقيل: هو كل ما قلبت من تراب أو مدر أو طين بأطراف أصابع رجليك، إذا مشيت لا يرى من القدم أثر غيره
(2) القرواح - بكسر أوله وسكون ثانيه -: الناقة الطويلة القوائم، والجمل يعاف الشرب مع الكبار فإذا جاءت الصغار شرب معها، والنخلة الطويلة الملساء، والبارز الذي لا يستره من السماء شئ (3) القرطاط - بضم أوله وكسره مع سكون ثانيه فيهما -: الداهية، وما يوضع تحت رجل البعير (انظر ح 1 ص 17) (4) قد مضى قريبا شرح الكلوب والكلاب فانظره في (ص 179 من هذا الجزء) (5) الاجفيل - بكسر فسكون -: الظليم ينفر من كل شئ، وهو أيضا الجبان.
والقوس البعيدة السهم، والمرأة المسنة (6) الاملود - بضم فسكون -: الناعم اللين من الناس ومن الغصون (*)

(2/184)


أو غير مدة كسِنَّوْر (1) وَسُكَّيْت، وعلى ما قاله سيبويه في تصغير مُسَرْوَل (2) مسيريل ينبغي أن يكسر إذا كسر على مَسَارِيل، وكذا في كَنَهْوَر كناهير (3) كما يقال في تصغيره: كُنَيْهِير، ولو قال " ونحو قِروَاح وقُرْطَاط ومصباح كقِرْطَاس " لكان أوضح، لكنه أراد وما كان على زنة الرباعي بلا مدة رابعة كجَعْفَر أو معها كقِرْطَاس يجري مجراه، ثم مثل من قوله نحو كَوْكَب إلى قوله مِدْعَس بما يوازن الرباعي بلا مدة رابعة، ومن قوله قِرْواح إلى مِصْباح بما يوازن الرباعي مع مدة رابعة قوله " ونحو جواربة (4) وأشاعثة (5) في الأعجمي والمنسوب " اعلم أن كل جمع أقصى واحدُه مُعَرَّب كجَوْرَب (4) أو منسوب كأَشْعَثي (5) فإنهم يلحقونه الهاء، أما الأول فعلى الأغلب، وأما الثاني فوجوباً، وذلك نحو مَوَازجة (6)
__________
(1) السنور: حيوان، وهو الهر (2) (انظر ح 1 ص 250 هـ 3)
(3) الكنهور - كسفرجل -: الضخم من الرجال، والمتراكم من السحاب (4) الجورب: معرب.
قال ابن إياز: معرب " كوربا " وترجمته الحرفيه قبر الرجل (القدم) ، وجمعه جوارب وجواربة (انظر شفاء الغليل ص 68 طبعة الوهبية) (5) الاشاعثة: جمع أشعثي، والاشعثى المنسوب إلى أشعث، والاشاعثة قوم من الخوارج منسوبون إلى الاشعث بن قيس الكندى، وابنته جعدة بنت الاشعث هي التي سمت الحسن بن علي رضي الله تعالى عنه، وكان زوجه فحرضها معاوية على ذلك.
(6) الموازجة: جمع موزج - ككوثر - وهو الخف، فارسي معرب، والجمع موازج، وموازجة ألحقوا الهاء للعجمة.
قال ابن سيده: وهكذا وجد أكثر هذا الضرب الاعجمي مكسرا بالهاء فيما زعم سيبويه، وأصل الموزج بالفارسية " موزه " (*)

(2/185)


وصوالجة (1) وطيالسد (2) وَجَوَاربة في المعرب، وقد جاء كَيَالج (3) وَجَوَارِب تشبيهاً بالجمع العربي كالمساجد، ونحو أشَاعِثة ومَهَالِبة (4) ومشاهدة (5) في المنسوب، واحدها أشْعَثِيّ ومُهَلَّبِي وَمَشْهَدِي، وقد اجتمع العجمة والنسبة في بَرَابرة جمع بَرْبَريّ، وسَيَابِجَةٍ جمع سَيْبَجِيّ، على وزن دَيْلَمِيّ، وهم قوم من الهند يبذقون المراكب (6) في البحر، وقد يقال " سَابَج " بألف كخاتم،
__________
(1) الصوالجة: جمع واحده صولج وصولجان وصولجانة، وهو العود المعوج، فارسي معرب، قال الازهرى في التهذيب: الصولجان: عصا يعطف طرفها يضرب بها الكرة على الدواب، فأما العصا التي اعوج طرفاها خلقة في شجرتها فهي محجن، (2) الطيالسة: جمع طيلسان - بفتح اللام وضمها - وطيلس أيضا -
كزينب - وهو ضرب من الاكيسة أسود، فارسي معرب، وجاء في جمعه طيالس أيضا (3) قال في اللسان: " قال ابن الاعرابي الكيلجة: ميكال، والجمع كيالج وكيالجة أيضا، والهاء للعجمة " اه، وقال في الشفاء (ص 193 طبعة الوهبية) : " كيلجة، وكيلقة، وكيلكة، وجمعه كيالج وكيالجة " اه (4) المهالبة: جمع مهلبى - بتشديد اللام مفتوحة - وهو المنسوب إلى المهلب، والمهالبة فرقة نسبت إلى المهلب ابن أبي صفرة (5) المشاهدة: جمع مشهدي، وهو المنسوب إلى المشهد، وهو مفعل من الشهود: أي الحضور، فمعناه محضر الناس.
ومشاهد مكة: المواطن التى يحضرها الناس (6) يبذرقون المراكب: أي يخفرونها، وصنيع الشارح يقتضى أن السيابجة بياء مثناة تحتية، وهو الموجود في شفاء الغليل (ص 120 الطبعة الوهبية) وفي سيبويه (ج 2 ص 101) وصنيع الصحاح يقتضى أنها سبابجة - بباء موحدة - قال في (س ب ج) : " والسبابجة قوم من السند كانوا بالبصرة جلاوزة وحراس السجن، والهاء للعجمة والنسب، قال يزيد بن مفرغ الحميري: وطماطيم من سبابيج خزر * يلبسوني مع الصباح القيودا " اه (*)

(2/186)


والتاء عند سيبويه في جمع المنسوب عوض من ياء النسبة المحذوفة في الجمع حذفاً لازماً، وإنما حذفت فيه لكون أقصى الجموع ثقيلاً لفظاً ومعنى فلا يركب إذا
__________
وتبعه في اللسان قال: " والسبابجة قوم ذوو جلد من السند والهند يكونون مع رئيس السفينة البحرية يبذرقونها، واحدهم سبيجى (بياء النسب) ، ودخلت الهاء للعجمة والنسب كما قالوا: البرابرة، وربما قالوا: السابج، قال هميان:
لو لقى الفيل بأرض سابجا * لدق منه العنق والدوارجا وإنما أراد هميان سابجا (بفتح الباء) فكسر لتسوية الدخيل، لان دخيل هذه القصيدة كلها مكسور.
قال ابن السكيت: السبابجة قوم من السند يستأجرون ليقاتلوا فيكونون كالمبذرقة، فظن هميان أن كل شئ من ناحية السند سبيج فجعل نفسه سبيجا " اه ونحن ننقل لك عبارة سيبويه في هذا الموضوع، فان جميع ألفاظ هذا الفصل قد أخذها المؤلف عنه، قال (ح 2 ص 201) : " هذا باب ما كان من الاعجمية على أربعة أحرف وقد أعرب فكسرته على مثال مفاعل..زعم الخليل أنهم يلحقون جمعه الهاء إلا قليلا، وكذلك وجدوا أكثره فيما زعم الخليل، وذلك موزج وموازجة، وصولج وصوالجة، وكربج وكرابجة، وطيلسان وطيالسة، وجورب وجواربة، وقد قالوا: جوارب، جعلوها كالصوامع والكواكب، وقد أدخلوا الهاء فقالوا: كيالجة، ونظيره في العربية صيقل وصياقلة، وصيرف وصيارفة، وقشعم وقشاعمة، فقد جاء إذا أعرب كملك وملائكة، وقالوا: أناسية لجمع إنسان.
وكذلك إذا كسرت الاسم وأنت تريد آل فلان أو جماعة الحى أو بنى فلان، وذلك قولك: المسامعة والمناذرة والمهالبة والاحامرة والازارقة، وقالوا: الدياسم وهو ولد الذئب، والمعاول، كما قالوا: جوارب، شبهوه بالكواكب حين أعرب، وجعلوا الدياسم بمنزلة الغيالم والواحد غيلم، ومثل ذلك الاشاعر، وقالوا البرابرة والسيابجة فاجتمع فيها الاعجمية وأنها من الاضافة إنما يعنى البربريين والسيبجيين كما أردت بالمسامعة المسمعيين، فأهل الارض كالحي " اه (*)

(2/187)


ركب وجعل مع شئ كاسم واحد، إلا مع ما هو خفيف، والتاء أخف من الياء
المشددة وبينهما مناسبة كما مر في أول باب النسبة، فلذا اختيرت للعوض، وأما جمع الأعجمي فليست التاء عوضاً من شياء، فلذا لم تلزم كما لزمت في جمع المنسوب، بل هي فيه دليل على كون واحده معرباً، وقد يبدل التاء في أقصى الجموع من ياء غير ياء النسبة، نحو جحا جحة في (1) جَحْجَاح، والأصل جحاجيح، والتاء في زَنَادقة (2)
__________
(1) الجحجاح: السيد السمح، وقيل: الكريم، ويقال فيه: جحجح أيضا، وجمع الاول جحاجحة وجحاجيح أيضا، وجمع الثاني جحاجح لا غير، وقد يجمع الجحجاح على الجحاجح كما جمع المفتاح على المفاتح، وكما قالوا: طوابق في جمع طاباق، قال في اللسان: " والجحجح السيد السمح..وفي حديث سيف بن ذى يزن * بيض مغالبة غلب جحاجحة * جمع جحجاح، والهاء فيه لتأكيد الجمع، وجحجحت المرأة: جاءت بجحجاح، وجحجح الرجل: ذكر جحجاحا من قومه.
قال: * إن سرك العز فجحجج بجشم * وجمع الجحجاح جحاجح، وقال الشاعر: ماذا يبدر فالعقنقل من مرازبة جحاجح وإن شئت جحاجحة، وإن شئت جحاجيح، والهاء عوض من الياء المحذوفة، لابد منها أو من الياء، ولا يجتمعان " اه بتصرف (2) الزنادقة: جمع زنديق، وهو من لا يؤمن بالاخرة وبالربوبية، أو من يبطن الكفر ويظهر الايمان، قال في شفاء الغليل (ص 112) : " الزنديق ليس من كلاب العرب، إنما تقول العرب: رجل زندق وزندقى: أي شديد البخل، وإذا أرادوا ما تقول له العامة: ملحد، قالوا.
دهري (بفتح الدال
نسبة إلى الدهر، وكأنهم نسبوا إليه لقولهم: وما يهلكنا إلا الدهر) ، وإذ أرادوا (*)

(2/188)


وفرازنة (1) يجوز أن يكون بدلامن الياء، إذ يقال: زناديق، وفرازين،
__________
المسن قالوا: دهري - بالضم - للفرق بينهما، والهاء في زنادقة وفرازنة عوض عن الياء عند سيبويه، وقال أبو حاتم: هو فارسي معرب " زنده كرد ": أي عمل الحياة، لانه يقول ببقاء الدهر ودوامه، وقال الرياشي: هو مأخوذ من قولهم: رجل زندقي: أي نظار في الامور، وقال غيره: معرب " زند ": أي الحياة، وقيل: هو معرب " زندي " أي متدين بكتاب يقال له: زند، ادعى المجوس أنه كتاب زرادشت، ثم استعمل في العرف لمبطن الكفر، وهم أصحاب مزدك الذي ظهر في أيام قباذ بن فيروز، وقال الجوهري: الزنادقة الثنوية، وتزندق الرجل، والاسم الزندقة.
وفى القاموس: هو معزب " زن دين " وقيل: هو وهم، والصوب معرب " زنده ".
وفى المغرب: هو من لا يؤمن بالوحدانية والاخرة، وعن ثعلب: هو والملحد: الدهرى، وعن ابن دريد هو القائل بدوام الدهر معرب " زندة " كتاب لمزدك.
اه، وقال المسعودي في مروج الذهب: " وفي أيام مانى ظهر اسم الزندقة أضيف إليه الزنادقة، وذلك أن الفرس حين أتاهم زرادشت بكتابهم المعروف ب (النسناه) باللغة الاولى من الفارسية، وعمل له التفسير وهو الزند، وعمل لهذا التفسير شرحا سماه البازند، وكان الزند بالتأويل غير المقدم المنزل، وكان من أورد في شريعتهم شيئا بخلاف المنزل الذي هو النسناه وعدل إلى التأويل الذى هو الزند قالوا: هذا زندي، فأضافوه إلى التأويل وأنه منحرف عن الظواهر من المنزل إلى تأويل هو بخلاف التنزيل، فلما أن جاءت العرب أخذت هذا المعنى من الفرس وقالوا: نزديق، وعربوه، والثنوية هم الزنادقة، ولحق بهؤلاء سائر من
اعتقد القدم وأبى حدوث العالم " اه (انظر ح 1 ص 212 طبعة دار الرجاء) (1) قال في اللسان: " الفرزان: من لعب الشطرنج، أعجمى معرب، وجمعه فرازين " اه.
وقال في القاموس: " فرزان الشظرنج معرب فرزين، والجمع فرازين " اه وليس في اللسان ولا في القاموس أن الفرزان يجمع على الفرازنة إلا أن القياس لا يأباه كما يعلم مما أثبتناه عن اللسان في جمع جحجاح (انظر ص 188 من هذا الجزء) (*)

(2/189)


وزنادقة، وفرازنة، وأن تكون دليل العجمة.
وقد تكون التاء في أقصى الجموع لتأكيد الجمعية، نحو مَلاَئكة وصَيَاقلة (1) وقَشَاعمة (2) ، كما تكون في غيره من الجموع نحو حِجَارة وعُمُومة، والتاء في " أنَاسِيَة "، قيل: عوض من إحدى (3) ياءَيْ أناسيّ، قال تعالى: (وَأَنَاسِيَّ كَثِيراً) وقيل: لتأكيد الجمعية كما في ملائكة، على أنه جمع إنسان وأصله إنْسِيَان، فحذفت الألف والنون في الجمع، كما يقال في زَعْفَرَان: زعافر، وقيل في جمع المنسوب نحو أشَاعِثَة: إن التاء ليست عوضاً من الياء، إذ ليست في واحدة الياء، بل التاء في الجمع دليل على أنك سميت كل واحد من المنسوب باسم المنسوب إليه، فهو جمع أشْعَثَ على تسمية كل واحد من الحي باسم الأب (الأكبر) كما قيل في إلْيَاسين (4)
__________
(1) الصياقلة: جمع صيقل، وهو الذي يشحذ السيوف ويجلوها.
فيعل.
من الصقل (2) القشاعمة: جمع قشعم كجعفر، وهو المسن من الرجال والنسور، وهو الضخم أيضا، والاسد.
وأم قشعم: الحرب، والداهية، والضبع، والعنكبوت، وقرية النمل (3) قال أبو سيعد السيرافي: " في هذا الجمع وجهان: أحدهما أن تكون الهاء
عوضا من إحدى ياءى أناسى، وتكون الياء الاولى منقلبة من الالف التى بعد السين، والثانية من النون، والثانى: أن تحذف الالف والنون في إنسان تقديرا ويؤتى بالياء التى تكون في تصغيره إذا قالوا: أنيسيان، فكأنهم ردوا في الجمع الياء التي يردونها في التصغير فيصير أناسى، ويدخلون الهاء لتحقيق التأنيث.
وقال المبرد: أناسية جمع إنسى، والهاء عوض من الياء المحذوفة، لانه كان يجب أناسي " اه (4) قال العلامة البيضاوى في تفسير سورة الصافات: " إل ياسين لغة في إلياس (*)

(2/190)


والأشعرون (1) : إن الاسم المنسوب إليه أطلق على كل واحد من الجماعة المنسوبة،
__________
كسيناء وسينين: وقيل: جمع له مراد به وأتباعه كالمهلبين، لكن فيه أن العلم إذا جمع يجب تعريفه باللام، أو للمنسوب إليه بحذف ياء النسب كالاعجمين، وهو قليل ملبس.
وقرأ نافع وابن عامر ويعقوب على إضافة " آل " إلى " ياسين " لانهما في المصحف مفصولان فيكون ياسين أبا إلياس " اه.
وقال الشهاب: قوله " كسيناء وسينين " وجه الشبه بينهما أن الاول علم غير عربي تلاعبوا به فجعلوه بصيغة الجمع، أو أن زيادة الياء والنون في السريانية لمعنى كما في الكشاف لا في الوزن، وإلا لكان حقه أن يقول: كميكال: وميكائيل، واختار هذه اللغة على هذا رعاية للفاصلة.
قوله " وقيل: جمع له " على طريق التغليب باطلاقه عليه وعلى أتباعه وقومه، كما يقال: المهالبة، لمهلب وقومه، وضعفه بما ذكره النحاة من أن العلم إذا جمع أو ثنى وجب تعريفه بالالف واللام جبرا لما فاته من العلمية ولا فرق فيه بين التغليب وغيره كما صرح به ابن الحاجب في شرح المفصل، فالاعتراض بأن النحاة إنما ذكروه فيما إذا قصد به مسماه أصالة - وهذا ليس منه - وهم، وإنما يرد هذا على من لم يجعل لان الياس للتعريف، لكن
هذا غير متفق عليه.
قال ابن يعيش في شرح المفصل: يجوز استعماله نكرة بعد التثنية والجمع ووصفه بالنكرة نحو زيدان كريمان وزيدون كريمون، وهو مختار عبد القاهر.
قوله " أو للمنسوب " معطوف على قوله: له: أي قيل: إنه جمع إلياسى فخفف بحذف ياء النسب لاجتماع الياءات في الجر والنصب كما قيل أعجمين في أعجميين ... وضعفه بقلته والتباسه بالياس إذا جمع، وإن قيل: حذف لام إلياس مزيل للالباس لما مر " اه (1) الاشعرون: جمع مذكر سالم مفرده أشعرى، وهو المنسوب إلى الاشعر، وهو أبو قبيلة باليمن منهم أبو موسى الاشعري، قال في القاموس " ويقولون: جاءتك الاشعرون بحذف ياء النسب " اه ونقول: إنما وجب أن يكون الاشعرون جمع الاشعري لا الاشعر - بغير ياء - لان الاشعر وصف بمعنى كثير الشعر ومؤنثه شعراء، وقد علمنا فيما مضى قريبا أن أفعل فعلاء لا يجمع جمع المذكر السالم على ما هو مذهب البصريين والفراء من الكوفيين.
فأن (*)

(2/191)


وفي هذا الوجه ضعف، لأنه لا يطرد ذلك في المنسوب إلى المكان، نحو الْمَشَاهِدة والْبَغَادِدة (1) ، إذ الشخص لا يسمى باسم بلده كما يسمى باسم أبيه، مع قلة ذلك أيضاً واعلم أنك تحذف من الثلاثي المزيد فيه نحو مُنْطَلِق ومُسْتَخْرِج ومُقْعَنْسِس وقَلَنْسُوَة (2) وحَبَنْطىً واسْتِخْرَاج وغير ذلك، ومن الرباعي المزيد فيه نحو مُدَحْرَج ومُحْرَنْجم واحْرِنْجَام، ما حذفت في التصغير سواء: بأن تخلى الفُضْلَى من الزوائد وتحذف غيرها مما يخلُّ وجوده ببناء مَفَاعل وَمَفَاعيل، وإن لم يكن لإحداها الفضل كنت مُخَيَّراً كما في أرْطًى (3) وحَبَنْطًى، كما فعلت في التصغير سواء، ولك بعد الحذف زيادة الياء رابعة عوضاً من المحذوف كما مر في التصغير.
قال " وَتَكْسِيرُ الْخُمَاسِيِّ مُسْتَكْرَهٌ كَتَصْغِيرِهِ بِحَذْفِ خَامِسِهِ ".
أقول: إنما استكره تصغير الخماسي وتكسيره لأنك تحتاج فيهما إلى حذف حرف أصلي منه، ولا شك في كراهته، فلا تصغره العرب ولا تكسره في سعة
__________
جاز جمع هذا الوصف كما هو مذهب بقية الكوفيين صح أن يكون الاشعرون جمع الاشعر، ومثل ذلك الاعجمون في قوله تعالى (ولو نزلناه على بعض الاعجمين فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين) (1) البغاددة: جمع بغدادي، وهو المنسوب إلى بغداد (2) أنظر في شرح " مقعنسس " (ح 1 ص 54) وانظر في " قلنسوة " ح 1 ص 68) وأنظر في " حبنطى " (ح 1 ص 54، 255) (3) أخطأ المؤلف في جعل " أرطى " من هذا النوع، فليس هو ذا زيادتين ولكنه ذو زيادة واحدة، غاية ما في الباب أنه اختلف في المزيد فيه: أهو الهمزة أوله فيكون على أفعل، أم الالف التي في آخره فيكون على فعلى، كما سيأتي قريبا في باب ذى الزيادة، وانظر (ح 1 ص 57) تجد المؤلف نفسه قد ذكره في الثلاث الذي زيد عليه حرف واحد لالحاقه بالرباعي (*)

(2/192)


كلامهم، لكن إذا سُئِلُوا: كيف قياس كلامكم لو صغرتموه أو كسرتموه؟ قالوا: كذا وكذا، ولك زيادة ياء العوض كما في التصغير.
قال " نحو تمر وحنظل وبطيخ مما يتمير واحده بالتاء ليس بمجمع عَلَى الأَصَحِّ، وَهُوَ غَالِبٌ فِي غير الْمَصْنُوعِ، وَنَحْوُ سَفِينٍ وَلَبَنٍ وَقَلَنْسٍ لَيْسَ بِقِيَاسٍ، وكمأة وكمء وجبأة وجبء عَكْسُ تَمْرَةٍ وَتَمْر ".
أقول: اعلم أن الاسم الذي يقع على القليل والكثير بلفظ المفرد فإذا قصد التنصيص على المفرد جئ فيه بالتاء، يسمى باسم الجنس، وقد ذكرنا في شرح الكافية حاله (1) .
__________
(1) صدر المؤلف رحمه الله كلامه في شرح الكافية بذكر وجوه الفرق
بين الجمع واسم الجمع، وتتلخص هذه الفروق في ثلاثة أوجه: الاول أن الجمع على صيغة خاصة من صيغ معدودة معروفة، وهذه الصيغة تغاير صيغة المفرد: إما؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ وإما تقديرا، فالمغايرة الظاهرة: إما بالحركات كأسد وأسد ونمر ونمر، وإما بالحروف كرجال وكتب، والمغايرة المقدرة كهحان وفلك، ومن المغايرة الظاهرة الجمع السالم مذكرا أو مؤنثا، والثاني أن للجمع واحدا من لفظه وليس لاسم الجمع واحد من لفظه، بل له واحد من معناه، فواحد الابل بعير أو ناقة، وواحد الغنم شاة، والثالث أن الجمع يرد الى واحده في النسب مطلقا وفى التصغير إن كان جمع كثرة، وأما اسم الجمع فلا يرد، لانه إما أن لا يكون له واحد حتى يرد إليه، وإما أن يكون له واحد لكن لا يصح الرد إليه لان اسم الجمع لم يكن على صيغة من صيغ الجمع فهو كالمفرد في اللفظ ثم قال في بيان اسم الجنس والفرق بينه وبين الجمع واسم الجمع ما نصه: " ويخرج عن الجمع أيضا اسم الجنس: أي الذى يكون الفرق بينه وبين مفرده: إما بالتاء نحو تمرة وتمر، أو بالياء نحو رومى وروم، وذلك لانها لا تدل على آحاد، إذ اللفظ لم يوضع للاحاد، بل وضع لما فيه الماهية المعينة سواء كان واحدا أو مثنى أو جمعا، ولو سلمنا الدلالة عليها فانه لا يدل عليها بتغيير حروف مفرده فان قيل: أليس آحاده أخذت وغيرت حروفها بحذف التاء أو الياء؟ قلت: (*)

(2/193)


وهو عند الكوفيين جمعٌ مكسَّر واحده ذو التاء، وقولهم فاسد من حيث
__________
ليس ذو التاء ولا ذو الياء مفردين لاسم الجنس للاوجه الثلاثة المذكورة في اسم الجمع، ونزيد عليه أن اسم الجنس يقع على القليل والكثير، فيقع التمر على التمرة والتمرتين والتمرات، وكذا الروم، فان أكلت تمرة أو تمرتين وعاملت روميا أو روميين جاز لك أن تقول: أكلت التمر وعاملت الروم،
ولو كانا جمعين لم يجز ذلك كما لا يقع رجال على رجل ولا رجلين، بلى قد يكون بعض أسماء الاجناس مما اشتهر في معنى الجمع فلا يطلق على الواحد والاثنين وذلك بحسب الاستعمال لا بالوضع كلفظ الكليم، وعند الاخفش جميع أسما الجموع التي لها آحاد من تركيبها كجامل وباقر وركب جمع خلافا لسيبويه، وعند الفراء كل ما له واحد من تركيبه سواء كان اسم جمع كباقر وركب أو اسم جنس كتمر وروم فهو جمع، وإلا فلا، وأما اسم الجمع واسم الجنس اللذان ليس لهما واحد من لفظهما فليسا بجمع اتفاقا نحو إبل وتراب، وإنما لم يجئ لمثل تراب وخل مفرد بالتاء إذ ليس له فرد متميز عن غيره كالتفاح والتمر والجوز والفرق بين اسم الجمع واسم الجنس - مع اشتراكهما في أنهما ليسا على أوزان جموع التكسير لا الخاصة بالجمع كأفعلة وأفعال ولا المشهورة فيه كفعلة نحو نسوة - أن اسم الجمع لا يقع على الواحد والاثنين بخلاف اسم الجنس، وأن الفرق بين واحد اسم الجنس وبينه فيما له واحد متميز: إما بالياء وإما بالتاء، بخلاف اسم الجمع " اه والحاصل أن الجمع يكون البتة دالا على الجماعة، ويكون البتة على صيغة من صيغ الجموع المعروفة في باب الجمع، ويكون البتة مغايرا في اللفظ أو التقدير لمفرده، ويكون له مفرد من لفظه غالبا، وأما اسم الجمع فهو البتة دال على الجماعة ولا يجوز استعماله في الوحد ولا في الاثنين، وليس له واحد من لفظه غالبا، بل له واحد من معناه، فان كان له واحد من لفظه فرق بين الواحد وبينه بغير الياء والتاء، وهو البتة لا يكون على وزن من أوزان الجموع المعروفة، وأما اسم الجنس الجمعى فانه ليس مختصا بالدلالة على الجماعة من حيث الوضع بل هو من (*)

(2/194)


اللفظ والمعنى: وأما للفظ فلتصغير مثل هذا الاسم على لفظه، فلو كان جمعاً وليس على صيغة جمع القلة لكان يجب رده إلى واحده، وأيضاً لغلبة التذكير على المجرد من التاء فيها، نحو: تمر طيب، ونخل منقعر (1) ، ولا يجوز رِجَالٌ فاضل، وأما المعنى فلوقوع المجرد من التاء منه على الواحد والمثنى أيضاً، إذ يجوز لك أن تقول: أكلت عنباً أو تفاحاً، مع أنك لم تأكل إلا واحدة أو اثنتين، بلى قد يجئ شئ منه لا يطلق إلا على الجمع، وذلك من حيث الاستعمال لا من حيث الوضع، كالْكَلِم والاكم (2) ، وهو قليل.
__________
حيث ذلك صالح للواحد والاثنين والاكثر، لان وضعه لما توجد فيه الماهية كما قال المؤلف، فلا يحتاج إلى الفرق بينه وبين الجمع ولا اسم الجمع من حيث الوضع، لان معناهما مختلف، فان عرض بسبب الاستعمال تخصيصه بالدلالة على الجماعة كان الفرق بينه وبين الجمع من ثلاثة أوجه: الاول أن اسم الجنس ليس على وزن من أوزان الجموع غالبا، والثانى أنه يفرق بينه وبين واحده بالتاء أو الياء لا غير بخلاف الجمع، والثالث أن اسم الجنس مذكر والجمع مؤنث، والفرق بين اسم الجمع واسم الجنس من وجهين: الاول أن اسم الجنس لابد أن يكون له واحد من لفظه بخلاف اسم الجمع فقد يكون له واحد من لفظه وقد لا يكون، والثاني أن الفرق بين اسم الجنس وواحده لا يكون إلا بالياء أو التاء بخلاف اسم الجمع ومن اسم الجنس نوع يسمى اسم الجنس الافرادي، وهذا لا يعرض له بالاستعمال التخصيص بالكثير فلا يحتاج الى الفرق بينه وبين الجمع واسمه بقي أنه قد يقال: إن من الجموع مالا واحد له من لفظه كعباديد وشماطيط وعبابيد فما الفرق بين هذا النوع من الجموع وبين أسماء الجموع التى ليس لها آحاد من لفظها؟ والجواب حينئذ أن هذه الجموع التي ذكرت وما أشبهها لابد أن تكون على وزن من أوزان الجموع المعروفة، أما اسم الجمع
فلا يكون كذلك البتة (1) يقال: قعر النخلة فانقعرت، إذ قطعها من أسفلها فسقطت (2) الاكم: المواضع المرتفعة واحده أكمة (*)

(2/195)


فنقول: مثل هذا الاسم إذا قصدت إلى جمع قلته جمعته بالألف والتاء، وإذا قصدت الكثرة جردته من التاء، فيكون المجرد بمعنى الجمع الكثير، نحو نَمْلَة ونمل، ونَمَلاَت.
ثم هذه الأسماء في الثلاثي: إما فَعْل كتَمْر وطَلْح وَنَخْل وَنَمْل وَبَهْم (1) ، وقد يكسر ذوالتاء منه على فِعَال، نحو بَهْمَة وبِهَام وطَلْحَة وطِلاّح، تشبيهاً بقَصْعَة وقِصَاع، وقد قال بعضهم: صَخْرَة وصُخُور، تشبيهاً بمأتة ومُؤُون وبَدْرَةٍ وبُدُور (2) ، وكذا الأجوف منه قد يجمع على فِعَال كخِيَام (3) ورِيَاض (4) ، وكذا الناقص، نحو صِعَاء في جمع صَعْوَة (5) ، وليس التكسير فيه ولا في غيره من هذا الباب بمطرد.
وإما فِعْلَة بكسر الفاء، وحكمه حكم فَعْلَة بفتحها: في أن المجرد للكثرة والألف والتاء للقلة، وقد يكسر ذوالتاء منه على فِعَلٍ كَسِدْرَةٍ وسِدَرٍ، تشبيهاً بكِسْرة وكِسَر، وتقول في الأجوف: تينٌ وتِينَة وتِينَات.
وإما فُعْلَةَ كدُخْنَة (6) ودُرَّة وبُرَّة، وقد يجئ في ذي تائه فُعَل كدُرَر وثُوَم، تشبيهاً بغرف.
__________
(1) البهم: أولاد الضأن والمعز والبقر، واحده بهمة (2) أنظر في مأنة وبدرة (ص 101 من هذا الجزء) (3) الخيام: جمع خيمة، وهي كل بيت مستدير، أو كل بيت يبنى من عيدان الشجر
(4) الرياض: جمع روضة، وهى مستنقع الماء، والارض ذات الخضرة، والبستان الحسن، وتجمع على روضات، وريضان أيضا، وأما روض فهو اسم جنس.
(5) الصعوة: عصفور صغير، وقد جمعت على صعوات وصعاء، وأما الصعو فاسم الجنس (6) الدخنة: واحدة الدخن وهو حب يكثر زرعه في المناطق الجارة ويؤكل (*)

(2/196)


وإما فَعَلة كبَقَرَة وشَجَرَة وقد يكسر ذو التاء منه على فِعَال، كإكَام وثِمَار وحِدَاث (1) ، تشبيهاً بالرَّحَبَة والرِّحَاب (2) وعلى أفْعُل كآكُم، وعلى أفْعَال كآجَامٍ (3) وأشجَار، والتكسير في ناقصه قليل نادر، كحَصَاة وقذاة (4) ، قد جاء في أَضاة (5) ، إضَاء، قال سيبويه: قد جاء ذو التاء فَعْلَة بسكون العين والمجرد بفتحها، نحو حَلْقَة (6) وفَلْكَة (7) ، والجنس حَلَق وفَلَكَ، قال: خففوا الواحد بتسكين العين لما ألحقوه الزيادة: أي التاء، كما غيروا نحو نَمَرِيّ
__________
(1) الحداث: جمع حدثة - بفتحات - وهى الصغيرة الفتية من الناس والدواب (2) الرحاب: جمع رحبة - بفتحات - وهى من الوادي مسيل الماء، وأصلها المكان المتسع (3) الاجام: جمع أجمة - بفتحات - وهى الشجر الكثير الملتف، وجمعت على أجم - بضمتين - أيضا، واسم الجنس أجم - بفتحتين، (4) القذاة: واحدة القذى، وهو ما يقع في العين وفي الشراب، قالت الخنساء: قذى بعينك أم بالعين عوار؟ * أم أقفرت إذ خلت من أهلها الدار؟ وقال في اللسان: وجمعها قذى وأقذاء وقذى - كدلى، وكذلك جمعت الحصاة على حصى - كدلى، (5) الاضاة: الماء المجتمع من سيل أو غيره، وقد جمعت جمع السلامة على
أضوات وأضيات وإضين، وجمعت جمع التكسير على إضاء - كرقاب، (6) الحلقة: كل شئ مستدير من الحديد أو الفضة أو الذهب أو الناس، وقد اختلفوا في تحريك لامها، فأجازه قوم وعليه قول الشاعر: أقسم بالله نسلم الحلقة * ولا حريقا وأخته الحرقه وانظر في تمام ذلك (ص 101 من هذا الجزء) (7) الفلكة - بسكون اللام - المستدير من الارض في غلظ أو سهولة، وهي كالرحا، والفلك - بفتحتين - اسم الجنس، قال سيبويه: وليس بجمع، والجمع فلاك، كصحفة وصحاف.
(*)

(2/197)


لما لحقه ياء النسب، إذ التاء تناسب الياء كما ذكرنا في أول باب النسب، وحكي عن أبي عمرو في ذي التاء حَلَقَة بفتح العين فليس إذن بشاذ، ومن العرب من يقول حَلْقَة بسكون العين وحِلَق بكسر الفاء في المجرد وهو جمع تكسير، فيكون كبَدْرَة وبدَر، وتقول في الأجوف: هامة وهامات (1) وهام وراحة وراحات وراح، وإنما جعلنا المكسر في جميع هذا الباب لذي التاء لا للمجرد عنها، لأن المجرد في معنى الجمع الكثير، فالأولى أن لا يجمع.
وإما فَعِلَة كنَبِقَة وكَلِمَة، وإما فِعلة كعِنبة وحِدَأة، وإما فَعُلَة كسَمُرَة، وهو أقل من باب كَلِمَة وعِنَبَة، وإما فُعُلة بضمتين كهُدُبَة (2) وبُسُرة (3) ، وهو أيضاً قليل، وإما فُعَلة كعُشَرة (4) ورُطَبة، ومن الناقص مُهَاة، وهو ماء الفحل في رحم الناقة ومُهاً، والقياس في قلة جيمع هذه الأوزان كما ذكرنا أولاً أن تكون بالألف والتاء، وكثرته بحذف التاء وفي غير الثلاثي نحو نَعَام ونَعَامة، وسَفَرْجَل وسَفَرْجَلَة، وقد يكون اسم مفرد في آخره ألف تأنيث مقصورة أو ممدودة يقع على الجمع نحو حلفاء (5)
__________
(1) الهامة: رأس كل شئ، وطائر من طير الليل، وهو الصدى، ورئيس القوم، وجمعه هامات، واسم الجنس هام، قال ذو الاصبع: يا عمرو، إن لا تدع شتمى ومنقصتي * أضربك حيث تقول الهامة أسقوني (2) الهدبة - بضم فسكون، وبضمتين - واحدة الهدب.
وهو شعر أشفار العينين (3) البسرة - بضم فسكون، وبضمتين - واحدة البسر، وهو التمر قبل أن يصير رطبا، والغض من كل شئ (4) العشرة - بضم ففتح - واحدة العشر، وهو شجر يخرج من زهره وشعبه سكر، ويحشي في المخاد (5) الحلفاء: نبت من نبات الاغلاف، وهو اسم جنس، وواحدته حلفة (*)

(2/198)


وَطَرْفَاء (1) وبُهْمَى (2) ، فإذا قصدت الوحدة وصفته بالواحد نحو طَرْفَاء واحدة، وحَلْفَاء واحدة، وبُهْمَى واحدة، ولم يلحق التاء للوحدة إذ لا يجتمع علامتا تأنيث، وحُكي بُهْمَاة، وهو عند سيبويه شاذ، لأن الألف فيه عنده للتأنيث، والألف عند الأخفش للإلحاق ببرقَع، فَبُهْمًى عنده منون منصرف، وبُهْمَاة ليس بشاذ عنده، وقد ذكر أهل اللغة للطرفاء والحلفاء والقصباء واحدة على غير هذا اللفظ، فقالوا: طَرَفَة وقَصَبة بتحريك العين، واختلفوا في الْحَلْفَاء فقال الأصمعي: حَلِفَة بكسر العين، وقال أبو زيد: بفتحها كطَرَفة، وقد كسر حلفاء كصحراء على حَلاَفِي وحَلاَفَى، وإنما قالوا في أرْطًى وَعَلْقًى: أرطأة وعلقاة (3) لأن الفهما للإلحاق لا للتأنيث، ومن العرب من لا ينون علقى ويجعل الألف للتأنيث، فيقول: عَلْقى واحدة كقصباء واحدة والأغلب في الاسم الذي يكون التنصيص على الواحد فيه بالتاء أن يكون
في المخلوقات دون المصنوعات، قالوا: لأن المخلوقات كثيراً ما يخلقها الله سجية، يعني جملة، كالتمر والتفاح، فيوضع للجنس اسم، ثم إن احتيج إلى تمييز الفرد أدخل فيه التاء، وأما المصنوعات ففردها يتقدم على مجموعها، ففي اللفظ أيضاً يُقدم فردها على جمعها، وفيه نظر، لأن المجرد من التاء من الأسماء المذكورة ليس موضوعاً للجمع كما توهموا، حتى يستقيم تعليلهم، بل هو لمجرد الماهية، سواء كان مع القلة أو مع الكثرة
__________
- بفتح الحاء، واللام مكسورة أو مفتوحة - وقال الازهري: الحلفاء نبت أطرافه محددة كأنها أطراف سعف النخل والخوص ينبت في مغايص الماء والنزوز، قال سيبويه: الحلفاء واحد وجمع، وكذلك طرفاء وبهمى وشكاعى (1) الطرفاء: شجر، وذكر في القاموس أن واحدته طرفاءة وطرفة - بفتحات، وبها سمى طرفة بن العبد البكري (2) انظر (ح 1 ص 4) (3) انظر (ج 1 ص 195) (*)

(2/199)


وقد جاء شئ يسير منها في المصنوعات، كسفينة وسَفِين ولَبِنَة ولَبن وقَلَنْسُوَة وَقَلَنْس وبُرَة (1) وبُرَىً وليس أسماء الأجناس التى واحدها بالتاء فياسا، إلا في المصادر، نحو ضَرْبَة وضَرْب، ونصْرَة ونصر، لما مر والمشهور في كَمْأَةٍ (2) وَفِقَعَة (3) وجَبْأَة (4) أن ذا التاء للجمع والمجرد عنها
__________
(1) انظر (ج 2 ص 102 و 127) (2) الكمأة: نبات يتقب الارض، قال في اللسان: " الكمأة واحدها كمء على غير القياس، هو من النوادر، فان القياس العكس: والجمع أكمؤ،
وكمأة.
قال ابن سيده: هذا قول هل اللغة، قال سيبويه: ليست الكمأة بجمع كمء، لان فعلة ليس مما يكسر عليه فعل، إنما هو اسم للجمع، وقال أبو خيرة وحده: كمأة للواحد وكمء للجميع، وقال منتجع: كمء للواحد، وكمأة للجميع، فمر رؤبة، فسألاه، فقال: كمء للواحد، وكمأة للجميع، كما قال منتجع.
وقال أبو حنيفة: كمأة واحدة وكمأتان وكمآت، وحكى عن أبى زيد أن الكمأة تكون واحدا وجمعا، والصحيح من ذلك كله ما ذكره سيبويه " اه (3) قال في اللسان: " الفقع - بالفتح والكسر -: الابيض الرخو من الكمأة وهو أردؤها، قال الشاعر: بلاد يبز الفقع فيها قناعه * كما أبيض شيخ من رفاعة أجلح وجمع الفقع - بالفتح - فقعة مثل جبء وجبأة، وجمع الفقع - بالكسر - فقعة أيضا، مثل قرد وقردة، وفي حديث عاتكة قالت لابن جرموز: يا ابن فقع القردد، قال ابن الاثير: الفقع: ضرب من أردأ الكمأة، والقردد: أرض مرتفعة إلى جنب وهدة، وقال أبو حنيفة: الفقع يطلع من الارض فيظهر أبيض، وهو ردئ، والجيد ما حفر عنه واستخرج، والجمع أفقع وفقوع وفقعة، قال الشاعر: ومن جنى الارض ما تأنى الرعاء به * من ابن أوبر والمغرود والفقعة " اه كلامه (*)

(2/200)


للمفرد، وقد قيل عكس ذلك، كما مر في شرح الكافية قال " ونحو ركب وحاق وَجَامِلٍ وسَرَاةٍ وَفُرْهَةٍ وَغَزِيٍّ وَتُؤَامٍ لَيْسَ بِجَمْع " أقول: الذي مضى في الفصل المتقدم كان اسم الجنس، والذي يذكره هي هذا الفصل اسم الجمع،
والفرق بينهما من حيث المعنى أن المجرد من التاء من القسم الأول يقع على
__________
وقال في القاموس: " الفقع، ويكسر: البيضاء الرخوة من الكمأة، جمعه كعنبة ويقال للذليل: هو أذل من فقع بقرقرة، لانه لا يمتنع على من اجتناه " اه، ولم ينص أحد من أصحاب المعاجم التي اطلعنا عليها على الخلاف في هذه الكلمة، كما أن صيغة اللفظ الدال على الجمع وهو فقعة من أوزان الجموع، فوجب أن يكون جمعا لا اسم جنس، فان كان مفرده بالكسر كان قياسيا، وإن كان مفرده بالفتح كان شاذا مع كونه جمعا كما يأتي في جبء وجبأة.
(1) الجبء - بفتح فسكون - الكمأة الحمراء، وقال أبو حنيفة: الجبأة هنة بيضاء كأنهاكمء، ولا ينتفع بها، والجمع أجبؤ وجبأة كعنبة، مثل فقع وفقعة، قال سيبويه: " وليس ذلك بالقياس، يعنى تكسير فعل (بفتح فسكون) على فعلة (بكسر ففتح) وأما الجبأة (بفتح فسكون) فاسم للجمع كما ذهب إليه في كمء وكمأة، لان فعلا ليس مما يكسب على فعلة (بفتح فسكون فيهما) ، لان فعلة ليس من أبنية الجموع وتحقيره جبيئة على لفظه، ولا يرد إلى واحده ثم يجمع بالالف والتاء، لان أسماء الجموع بمنزلة الاحاد " اه كلامه، وقال في القاموس: " الجبء: الكمأة ولاكمة، ونقير يجتمع فيه الماء، والجمع أجبؤ، وجبأة كقردة، وجبأ كنبأ " اه، ولم نجد للعلماء في هذه الكلمة خلافا.
والحاصل أن نصوص أهل اللغة تدلى على أن الجبء - بفتح فسكون - مفرد، وأنه جمع على أجبؤ، مثل فلس وأفلس، كما جمع على جبأة مثل قردة، وهذا الجمع غير قياسي، لان فعلا - بفتح فسكون - لا ينقاس جمعه على فعلة، وورد له اسمان يدلان على الجمع: أحدهما جبأة بفتح فسكون، وثانيهما جبأ مثل نبأ (*)

(2/201)


الواحد والمثنى والمجموع، لأنه في الأصل موضوع للماهية، سواء كانت مشخصاتها
قليلة أو كثيرة، فالقلة والكثيرة فيه غير داخلتين في نظر الواضع، بل إنما وضعه صالحاً لهما، بخلاف اسم الجمع، فإنه اسم مفرد موضوع لمعنى الجمع فقط، ولا فرق بينه وبين الجمع إلا من حيث اللفظ، وذلك لأن لفظ هذا مفرد بخلاف لفظ الجمع، والدليل على إفراده جواز تذكير ضميره، قال: 66 - * مَعَ الصُّبْحِ رَكْبٌ مِنْ أُحَاظَةَ مُجْفِلُ (1) * وأيضاً تصغيره على لفظه كقوله: 67 - * أخْشَى رُكَيْباً أوْ رُجَيْلاً عاديا (2) *
__________
(1) هذا عجز بيت من لامية الشتفرى الطويلة المعروفة بلامية العرب، وصدره قوله: * فَعَبَّتْ غِشَاشاً ثُمَّ مَرَّتْ كَأنَّهَا * يصف قطاة وردت الماء وكان قد سبقها إليه فلما وردت شربت فضلته.
والعب: شرب الماء بلا مص، وفعله عب يعب - كخف يخف - والضمير المستتر فيه للقطا.
والغشاش - بزنة كتاب - يأتي لمعان: تقول: لقيته غشاشا: أي على عجلة، وتقول أيضا: انطلقت غشاشا: أي في الوقت الذي قبل الاسفار وقد بقي من ظلمة الفجر شئ، وتقول: كلمته غشاشا: أي قليلا، فإذا جريت على المعنى الاول جاز لك أن تجعل غشاشا حالا كأنه قال: عبت متعجلة، وجاز لك أن تجعله مفعولا مطلقا على حذف الموصوف وإبقاء صفته، فكأنه قال: عبت عبا عجلا، وجاز لك أن تجعله منصوبا على نزع الخافض وهو أضعف الوجوه الثلاثة، وإذا جريت على المعنى الثاني نصبت غشاشا في البيت على الظرفية الزمانية، وإذا جريت على المعنى الثالث نصبته على أنه مفعول مطلق ليس غير.
والركب: أصحاب الابل إذا كانوا عشرة فأكثر.
وأحاظة - بضم الهمزة -: قبيلة من الازد في اليمن.
ومجفل: اسم فاعل من أجفل بمعنى أسرع.
والاستشهاد بالبيت
على أن ركبا لفظه مفرد بدليل عود الضمير عليه مفردا في قوله " مجفل " (2) هذا بيت من الرجز المشطور لاحيحة بن الجلاح، وقبله قوله: (*)

(2/202)


وقال الاخفش: كل ما يفيد معنى الجمع على وزن فَعْل وواحده اسم فَاعِل كصَحْب وشَرْب في صاحب وشارب فهو جمع تكسير واحدُهُ ذلك الفاعل، فعلى هذا القول تصغّر لفظ الواحد ثم جمع السلامة كما في رجال ودُورٍ، فتقول في تصغير رَكْب وسَفْر: رُوَيْكبون وسُوَيْفِرُون، كما يقال: رجيلون ودُوَيْرَات، في تصغير رجال ودور، وقول الشاعر: * أخْشَى رُكَيْباً أوْ رُجَيْلاً عَادِيَا * رَدٌّ عليه.
واعلم أن فَعْلاً في فاعل ليس بقياس، فلا يقال جَلْس وكَتْب في جالس وكاتب، وقال الخليل - ونعم ما قال -: إن الكمأة اسم للجمع، فهو بالنسبة إلى كمء كركب إلى راكب، فعلى هذا لا يقع كمأة على القليل والكثير كتَمْر، بل هو مثل رجال في المعنى، ومثله فِقَعَة وَفَقْع وجَبْأَة وجبء (1) ومقتضى مذهب الأخفش - وإن لم يصرح به - أن يكون مثل صُحْبَةٍ في صاحب وظُؤَار في ظئر (2) وجامل في جمل (3)
__________
بَنَيْتُ بَعْدَ مُسْتَظَلّ ضاحيا * بَنَيْتُهُ بِعْصْبَةٍ مِنْ مَالِيَا وَالشَّرُّ مِمَّا يتبع القواضيا وكان أحيحة مسودا في قومه الأوس، وكان رجلاً صَنَعاً للمال ضيننا به حريصا عليه، وكان يتعامل بالربا حتى كاد يحيط بجميع أموال قومه.
والمستطل والضاحي: حصنان له.
والعصبة: مكان بعينه بقباء كانا يقعان فيه، فالباء في قوله " بعصبة " بمعنى في.
و" من ماليا " يتعلق ببنيته.
واسم الحصنين في الحقيقة المستظل والضيحان، ولكنه لما لم يستقم له الوزن غير الثاني كما ترى.
والقواضيا: أراد بها الاقضية المحتومة.
والاستشهاد بالبيت على أن رَكْباً اسم
جمع ولفظه مفرد بدليل تصغيره على لفظه كما تصغر المفردات (1) انظر (ص 201 من هذا الجزء) (2) ظؤار: اسم جمع واحده ظئر، وهى التى تعطف على ولد غيرها من الناس وغيرهم، ويقال للذكر أيضا: ظئر (3) الجامل: اسم جمع يقع على الجماعة من الابل ذكورا وإناثا، قال الحطيئة: (*)

(2/203)


وسَرَاة في سَرِيّ (1) وفُرْهة في فاره وغَزِيٍّ في غاز وتُؤَام في تَوْأم (2) وغيب وخدَم وأهَب في خادم وغائب وإهاب، وبَعَد في بعيد، ومَشْيُوخاء ومَعْيُورَاء ومَاتُوناء في شَيْخ وعَيْر وأتانٍ، ومَعيز وكلِيب في مَعْز وكَلب، ومَشْيَخَة في شيخ، وعَمَد في عَمُود، كل ذلك جمع سكسر؟ ؟، إذ هي مثل ركب وسفر ونحوهما، لأن للجميع من تركيبه لفظاً يقع على مفرده.
هذا، وإنما يعرف هذا النوع بأن لا يقع ذوالتاء منه على الواحد، ولا يكون من أبنية الجمع المذكورة، ولا يفيد إلا معنى الجمع، واستدل سيبويه على أنها ليست بجمع بتذكيرها في الأغلب، نحو رَكْب مشرع، وبمجئ التصغير على لفظها، وأما ما لا يجئ من تركيبه لفظ يقع على المفرد كالغَنَم والإبل والخيل والنفر والرهط والقوم، فلا خلاف في أنها اسم جمع، وليست بجمع، وفي الأصل في القائم كالركب في الراكب، إذ الرجال قَوَّامُون على النساء، وأكثر هذا النوع: أي الذي لم يأت له من لفظه واحد، مؤنث قال: " وَنَحْوُ أرَاهِطَ وأَبَاطِيلَ وأَحَادِيثَ وَأَعارِيضَ وأَقَاطِيعَ وَأَهَال ولَيَالٍ وحَمِيرٍ وَأَمْكُنٍ عَلَى غَيْرِ الْوَاحِدِ مِنْهَا " أقول: " أعلم أن هذه جموع لفظاً ومعنى، ولها آحاد من لفظها، إلا أنها
__________
فإن تك ذا مال كثير فإنهم * لهم جامل ما يهدأ الليل سامره ويقال: الجامل جماعة الابل معها رعيانها وأربابها، وقال ابن الاعرابي: الجامل
الجمال، وعلى هذا يختص بالذكور ويكون له واحد من لفظه وهو الجمل كما قال المؤلف (1) السراة: اسم جمع واحده سرى، انظر (ص 137 من هذا الجزء) (2) انظر في شرح فرهد وغزى (ص 156 من هذا الجزء) وانظر في شرح كلمة تؤام (ص 167 من هذا الجزء أيضا) (*)

(2/204)


جاءت على خلاف القياس الذي ينبغي أن يجئ عليه الجموع فأراهط جمع رَهْط، وكان ينبغي أن يكون جمع أرْهُطٍ، قيل: وجاء أرهط، قال: 86 - * وفَاضِح مُفْتَضِحٍ في أرْهُطِهْ (1) فهو إذن قياس وأباطيل: جمع باطل، والقياس (2) بواطل، وأحاديث: جمع حديث (3) ،
__________
(1) هذا بيت من الرجز المشطور أنشده الاصمعي ولم ينسبه إلى أحد بعينه، ولم نقف له بعد البحث على نسبة إلى قائل معين، والاستشهاد به على أن الاراهط في نحو قول الحماسي: يا بؤس للحرب التي * وضعت أراهط فاستراحوا جمع أرهط، وهو جمع رهط، ورهط الرجل: قومه وقبيلته دنية، والدليل أيضا على أن الرهط قد جمع على أرهط قول رؤبة: * وهو الذليل نفرا في أرهطه * وهذا يرد على أبي علي الفارسي حيث ذهب إلى أن اسم الجمع كرهط وطير وقوم لا يجمع جمع القلة (2) قياس جمع باطل بواطل كما قال المؤلف، وقياس أباطيل أن يكون
جمع أبطولة كأحدوثة وأكرومة، قال في اللسان: " والباطل نقيض الحق، والجمع أباطيل على غير قياس، كأنه جمع إبطال أو إبطيل، هذا مذهب سيبويه، وفي التهذيب: ويجمع الباطل بواطل، قال أبو حاتم: واحدة الاباطيل أبطولة، وقال ابن دريد: واحدتها إبطالة " اه (3) الاحاديث: جمع حديث جمعا غير قياسي، وقياس الحديث أن يجمع على حدث - كسرر - أو على حدثان - كرغفان - وقياس الاحاديث أن تكون جمع أحدوثة، وقد وردت الاحدوثة بمعنى الحديث، قال الشاعر: من الخفرات البيض ود جليسها * إذا ما نقضت أحدوثة لو تعيدها (*)

(2/205)


وأعاريض: جمع عروض (1) ، وأقاطيع: جمع قطيع، وأهَالٍ: جمع أهل، وقياسه أن يكون جمع أهْلاَة، وكذا قياس لَيَال أن يكون جمع لَيْلاة، ومثله في التصغير لُيَيْلِيَة، قيل: وقد جاء في الشعر: * فِي كُلِّ يَوْمٍ مَا وَكُلِّ لَيْلاَهْ (2) * وهو غريب وكذا قياس الارضي (3) أن يكون جمع أرضَاة، وأما حمير فهو عند سيبويه من صيغ الجموع، لكن كان القياس أن يكون جمع فَعْل ككَلِيب ومَعِيز وضَئِين، وقال غير سيبويه: إنه ليس من أبنية الجموع، فهو اسم جمع كرَكْب وفُرْهة (4) .
وعند سيبويه أيضاً فُعَال من أبنية الجموع، خلافاً لغيره، لكن قياسه عنده أن يكون جمع فِعْل كظُؤَار (5) في ظئر، وفَعِل كرُخَال في رخل (6) ، قال
__________
(1) الاعاريض: جمع غير قياسي للعروض، وهي آخر تفعيلة من الشطر الاول من بيت الشعر، وقياس العروض أن تجمع على عرائض كحلوب وحلائب وقلوص
وقلائص، كما أن قياس الاعاريض أن تكون جمعالا عراضة أو إعريضة أو أعروضة، قال ابن يعيش في شرح المفصل (ح 5 ص 73) : " والعروض ميزان الشعر، وهي مؤنثة لا تجمع، لانها كالجنس يقع على القليل والكثير، والعروض أيضا اسم لاخر جزء في النصف الاول من البيت، يجمع على أعاريض على غير قايس، كأنهم جمعوا إعريضا في معنى عروض ولم يستعمل " اه، وانظر (ح 1 ص 208 هـ 2) (2) قد سبق شرح هذا البيت في (ح 1 ص 277) فارجع إليه (3) الاراضي: جمع أرض جمعا غير قياسي، وقياسه أن يجمع على أرض، ككلب وأكلب، أو على إراض ككلاب، وقياس الاراضي أن تكون جمعا لارضاة كما قال المؤلف (4) انظر (ص 156 من هذا الجزء) (5) انظر (ص 203 من هذا الجزء) (6) الرخال: اسم جمع واحده رخل - ككتف - ورخل - كعجل - وهو الانثى من أولاد الضأن.
(*)

(2/206)


" وتؤام في توأم شاذ " وعند غيره هو اسم الجمع.
وأمْكُن وأزْمُن في جمع مكان وزمان شاذان، كما تقدم، وكذا مَحَاسن ومَشَابه جمع حُسْن وشَبَه، وكذا أكارع (1) في كُرَاع، وكذا دَوَانيق وخَوَاتيم (2) وزواريق في دَانَق وخَاتَم وزَوْرَق (3) ، والقياس ترك الياء، فالشذوذ في هذا إشباع الكسر، وقريب من هذا الباب ما يجمع بالألف والتاء من المذكرات التي لم تجمع جمع التكسير، كجِمَال (4) سِبَحْلاَت وربَحْلاَت (5) وحَمَّامَات وسُرَادِقَات، ولما قالوا فَرَاسن (6) وجَوَاليق (7) لم يقولوا فرسنات
__________
(1) الاكارع: جمع غير قياسي للكراع - كغراب - وهو من البقر والغنم بمنزلة الوظيف من الفرس، وهو مستدق الساق، وهو أيضا أنف يتقدم من الجبل، وطرف كل شئ أيضا، واسم يجمع الخيل والسلاح، والقياس في جمعه كرعان وأكرعة - كغربان وأغربة - وكأنهم جمعوا كراعا على أكرعة ثم جمعوا
الاكرعة على أكارع، فهو جمع الجمع، كما قالوا في أراهط: إنه جمع أرهط، وقد جمعوا بالفعل كراعا على أكرع في قولهم: أكرع الجوزاء، يريدون أواخرها، فلا يمتنع إذن أن يكون الاكارع جمعا للاكرع (2) انظر (ص 151، 152 من هذا الجزء) (3) الزورق: السفينة الصغيرة (4) السجلات: جمع سجل - كقمطر - وهو الضخم من بعير، وضب، وجارية، وسقاء (5) الربحلات: جمع ربحل - كقمطر - وهو التام الخلق من الناس والابل، ويقولون: جارية ربحلة، إذا كانت طويلة جيدة الخلق (6) الفراسن: جمع الفرسن - كالزبرج - وهو من البعر بمنزلة الخف من الدابة (انظر ح 1 ص 59) (7) الجواليق، والجوالق أيضا: جمع جوالق - بضم الجيم وفتح اللام أو كسرها، وبكسر الجيم واللام جميعا - وهو وعاء من اللبد، وقد نص في اللسان على موافقة كلام المؤلف حيث قال: " ولم يقولوا في جمع جوالق: جوالقات، (*)

(2/207)


ولا جُوَالِقَات، وقد جاء في بعض الأسماء المذكوة ذلك مع الكسير، نحو بوانات في بُِوان، وهو عمود (1) الخيمة.
مع قولهم بون، وإنا جمع بالألف والتاء في مثله مع أنه ليس قياسه لاضطرارهم إليه، لعدم مجئ التكسير، وامتناع الجمع بالواو والنون لعدم شرطه.
وقريبٌ من ذلك نحو الأرضين والْعِزين والثُّبِين (2) ، ونحو ذلك من المؤنثات المجموعة بالواو والنون وقد يجئ جمع لا واحد له أصلاً، لا قياسي ولا غير قياسي، كَعَبَادِيد
وعَبَابيد (3) ، وقد مضى القول في أكثر ذلك مبسوطاً في شرح الكافية في باب الجمع، فليرجع إليه.
" قَالَ وَقَدْ يُجْمَعُ الْجَمْعُ نَحْوُ أكاليب وَأَنَاعِيمَ وجَمَائِلَ وَجِمَالاَتٍ وَكلاَبَاتٍ وَبُيُوتَاتٍ وَحُمُرَاتٍ وَجُزُرَاتٍ " أقول: اعلم أن جمع الجمع ليس بقياس مطرد، كما قال سيبويه وغيره، سواء كسَّرته أو صححته، كأكالب وبُيُوتات، بل يقال فيما قالوا ولا يُتَجَاوَز، فلو قلت أفْلُسَات وأدْلِيَات في أفلس وأدل لم يجز، وكذلك أسماء الأجناس كالتمر والشعير لا تجمع قياساً، وكذا المصدر لأنه أيضاً اسم جنس، فلا يقال الشُّتُوم والنُّصُور في الشتم والنصر، بل يقتصر على ما سمع كالأشغال والحلوم والعقول، وكذا لا يقال الابار في جمع الْبُرّ، بل يقتصر في جميع ذلك على المسموع، إلا أن يضطر شاعر فيجمع الجمع، قال:
__________
لانهم قد كسروه فقالوا: جواليق " اه وفى القاموس أنهم اجمعوه بالالف والتاء فقالوا: جوالقات، (1) انظر (ص 127 من هذا الجزء) (2) انظر (ص 115، 116 من هذا الجزء) (3) انظر (ح 1 ص 268 ثم ص 78 من هذا الجزء) (*)

(2/208)


69 - * بأعْيُنَاتٍ لَمْ يُخَالِطْهَا الْقَذَى * (1) وقد سمع في أفعل وأفْعِلَة كثيراً، كالأَيْدي والأيادي والأوطب والأواطب (2) والأسقية والأساقي (3) ، مشبه بالأجدل والأجادل (4) والأنملة والأنامل، وقالوا: الأقوال والأقاويل، والأسورة والأساورة، (5) والأنعام والأناعيم (6) وقالوا في الصحيح: أعطيت (7) وأسقيات كأنملات، وجمعوا
__________
(1) لم نقف لهذا الشاهد على نسبة إلى قائل معين ولا على سابق له أولاحق عليه.
والاعينات: جمع أعين، وهو جمع عين.
والقذى: ما يسقط في العين أو غيرها من الوسخ.
والفعل قذى من باب فرح.
(2) الاوطب: جمع وطب - كفلس - وهو وعاء اللبن من جلد الجذع فما فوقه، وجمع الاوطب الاواطب، وقد أنشد سيبويه: * تحاسب منها ستة الاواطب * (3) الاسقية: جمع سقاء، وهو جلد السخلة إذا أجذعت (انظر ص 52 من هذا الجزء) والاساقي جمع الجمع، وقد جمع على أسقيات أيضا كأعطيات، (4) الاجدل: الصقر، وأصله من الجدل الذي هو الشدة ثم سمى به قال الشاعر كأن بنى الدعماء إذ لحقوا بنا * فراخ القطا لاقين أجدل بازيا (5) الاسورة: جمع سوار - بضم السين وكسرها - وهو حلية من الذهب أو الفضة تلبسها النساء في سواعدهن، والاساور جمع الجمع، قال تعالى: (يحلون فيها من أساور من ذهب) .
وقد يقولون: أساورة، بزيادة التاء لتأكيد الجمع، وقرئ (فلولا ألقي عليه أساورة من ذهب) .
وانظر (ص 127 من هذا الجزء) (6) الانعام: جمع نعم، وهو الابل والشاء، ويقال: هو خاص بالابل (7) الاعطيات: جمع أعطية، وهو جمع عطاء بالمد والقصر، والعطاء: الشئ المعطى، ومنه أعطيات الجند لارزاقهم، والعطية بمعنى العطاء، وجمعها عطايا (*)

(2/209)


أيضاً فِعَالاً على فَعَائِل كجمال وجمائل وشَمَائل، وصححوه ككِلاَبات ورجالات وجِمَالات، وقالوا في فُعُول نحو بُيُوتات، وفي فُعُل نحو جَزُرَات (1) وحُمُرَات
وطُرُقَات، وفي فُعْل نحو عُوذَات (2) ودُورَات جمع عائذ ودار، وإنما جمع الجمع بالألف والتاء لأن المكسر مؤنث، وقالوا في فعلان كَمَصارين وحَشَاشين جمع مُصْرَان جمع مَصِير وجمع حَشَّان جمع (3) حُشّ، فهو كسلطان وسلاطين، ولا يقاس على شئ من ذلك