شرح قطر الندى وبل الصدى النكرَة
ص فصل الِاسْم ضَرْبَان نكرَة وَهُوَ مَا شاع فِي جنس مَوْجُود كَرجل
أَو مُقَدّر كشمس وَمَعْرِفَة وَهِي سِتَّة الضَّمِير وَهُوَ مَا دلّ
على مُتَكَلم أَو مُخَاطب أَو غَائِب وَهُوَ إِمَّا مستتر كالمقدر
وجوبا فِي نَحْو أقوم ونقوم أَو جَوَازًا فِي نَحْو زيد يقوم أَو بارز
وَهُوَ إِمَام مُتَّصِل كتاء قُمْت وكاف أكرمك وهاء غُلَامه أَو
مُنْفَصِل ك أَنا وَهُوَ وإياي وَلَا فصل مَعَ إِمْكَان الْوَصْل
إِلَّا فِي نَحْو الْهَاء من سلنيه بمرجوحية وظننتكه وكنته برجحان ش
يَنْقَسِم الِاسْم بِحَسب التنكير والتعريف إِلَى قسمَيْنِ نكرَة وَهِي
الأَصْل وَلِهَذَا قدمتها وَمَعْرِفَة وَهِي الْفَرْع وَلِهَذَا أخرتها
فَأَما النكرَة فَهِيَ عبارَة عَمَّا شاع فِي جنس مَوْجُود أَو مُقَدّر
فَالْأول كَرجل فَإِنَّهُ مَوْضُوع لما كَانَ حَيَوَانا ناطقا ذكرا
فَكلما وجد من هَذَا الْجِنْس وَاحِد فَهَذَا
(1/93)
الِاسْم صاق عَلَيْهِ وَالثَّانِي كشمس
فَإِنَّهَا مَوْضُوعَة لما كَانَ كوكبا نهاريا ينْسَخ ظُهُوره وجود
اللَّيْل فحقها أَن تصدق على مُتَعَدد كَمَا أَن رجلا كَذَلِك
وَإِنَّمَا تخلف ذَلِك من جِهَة عدم وجود أَفْرَاد لَهُ فِي الْخَارِج
وَلَو وجدت لَكَانَ هَذَا اللَّفْظ صَالحا لَهَا فَإِنَّهُ لم يوضع على
أَن يكون خَاصّا كزيد وَعَمْرو وَإِنَّمَا وضع وطبع أَسمَاء
الْأَجْنَاس
الْمعرفَة وأقسامها
وَأما الْمعرفَة فَإِنَّهَا تَنْقَسِم سِتَّة أَقسَام
الْقسم الأول الضَّمِير البارز والمستتر
الْقسم الأول الضَّمِير وَهُوَ أعرف السِّتَّة وَلِهَذَا بدأت بِهِ
وعطفت بَقِيَّة المعارف عَلَيْهِ بثم وَهُوَ عبارَة عَمَّا دلّ على
مُتَكَلم كأنا أَو مُخَاطب كَأَنْت أَو غَائِب كَهُوَ وينقسم إِلَى
مستتر وبارز لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون لَهُ صُورَة فِي
اللَّفْظ أَولا فَالْأول البارز كتاء قُمْت وَالثَّانِي الْمُسْتَتر
كالمقدر فِي نَحْو قَوْلك قُم ثمَّ لكل من البارز والمستتر انقسام
بِاعْتِبَار فَأَما الْمُسْتَتر فينقسم بِاعْتِبَار وجوب الاستتار
وجوازه إِلَى قسمَيْنِ وَاجِب الاستتار وجائزه ونعني بِوَاجِب الاستتار
مَا لَا يُمكن قيام الظَّاهِر مقَامه وَذَلِكَ كالضمير الْمَرْفُوع
بِالْفِعْلِ الْمُضَارع المبدوء بِالْهَمْزَةِ كأقوم أَو بالنُّون
كنقوم أَو بِالتَّاءِ كتقوم أَلا ترى أَنَّك لَا تَقول أقوم زيد وَلَا
تَقول نقوم عَمْرو ونعني بالمستتر جَوَازًا مَا يُمكن قيام الظَّاهِر
مقَامه وَذَلِكَ كالضمير الْمَرْفُوع بِفعل الْغَائِب نَحْو زيد يقوم
أَلا ترى أَنه يجوز لَك أَن تَقول زيد يقوم غُلَامه
(1/94)
وَأما البارز فَإِنَّهُ يَنْقَسِم بِحَسب
الِاتِّصَال والانفصال إِلَى قسمَيْنِ مُتَّصِل ومنفصل فالمتصل هُوَ
الَّذِي لَا يسْتَقلّ بِنَفسِهِ كتاء قُمْت والمنفصل هُوَ الَّذِي
يسْتَقلّ بِنَفسِهِ كأنا وَأَنت وَهُوَ وينقسم الْمُتَّصِل بِحَسب
مواقعه فِي الْإِعْرَاب إِلَى ثَلَاثَة أَقسَام مَرْفُوع الْمحل
ومنصوبه ومخفوضه فمرفوعه كتاء قُمْت فَإِنَّهُ فَاعل ومنصوبه ككاف
أكرمك فَإِنَّهُ مفعول ومخفوضه كهاء غُلَامه فَإِنَّهُ مُضَاف إِلَيْهِ
وينقسم الْمُنْفَصِل بِحَسب مواقعه فِي الْإِعْرَاب إِلَى مَرْفُوع
الْموضع ومنصوبه فَالْمَرْفُوع اثْنَتَا عشرَة كلمة أَنا نَحن أَنْت
أَنْت أَنْتُمَا أَنْتُم أنتن هُوَ هِيَ هما هم هن ومنصوبه اثْنَتَا
عشرَة كلمة أَيْضا إيَّايَ إيانا إياك إياك إياكما إيَّاكُمْ إياكن
إِيَّاه إِيَّاهَا إيَّاهُمَا إيَّاهُم إياهن فَهَذِهِ الاثنتا عشرَة
كلمة لَا تقع إِلَّا فِي مَحل النصب كَمَا أَن تِلْكَ الأول لَا تقع
إِلَّا فِي مَحل الرّفْع تَقول أَنا مُؤمن فَأَنا مُبْتَدأ والمبتدأ
حكمه الرّفْع وَإِيَّاك أكرمت فإياك مفعول مقدم وَالْمَفْعُول حكمه
النصب وَلَا يجوز أَن يعكس ذَلِك فَلَا تَقول إيَّايَ مُؤمن وَأَنت
أكرمت وعَلى ذَلِك فقس الْبَاقِي وَلَيْسَ فِي الضمائر الْمُنْفَصِلَة
مَا هُوَ محفوض الْموضع بِخِلَاف الْمُتَّصِلَة وَلما ذكرت أَن الضمر
يَنْقَسِم إِلَى مُتَّصِل ومنفصل أَشرت بعد ذَلِك إِلَى أَنه مهما أمكن
أَن يُؤْتى بالمتصل فَلَا يجوز الْعُدُول عَنهُ إِلَى الْمُنْفَصِل لَا
تَقول قَامَ أَنا وَلَا أكرمت اياك لتمكنك من أَن تَقول قُمْت وأكرمتك
بِخِلَاف قَوْلك مَا قَامَ الا أَنا وَمَا أكرمت الا اياك فَإِن
الِاتِّصَال هُنَا مُتَعَذر لِأَن الا مَانِعَة مِنْهُ فَلذَلِك جِيءَ
بالمنفصل ثمَّ استثنيت من هَذِه الْقَاعِدَة صُورَتَيْنِ يجوز فيهمَا
الْفَصْل مَعَ التَّمَكُّن من الْوَصْل وَضَابِط الأولى أَن يكون
الضَّمِير ثَانِي ضميرين أَولهمَا أعرف من الثَّانِي وَلَيْسَ
مَرْفُوعا نَحْو سلنيه وخلتكه يجوز أَن تَقول فيهمَا سلني
(1/95)
إِيَّاه وخلتك إِيَّاه وَإِنَّمَا قُلْنَا
الضَّمِير الأول فِي ذَلِك أعرف لِأَن ضمير الْمُتَكَلّم أعرف من ضمير
الْمُخَاطب وَضمير الْمُخَاطب أعرف من ضمير الْغَائِب وَضَابِط
الثَّانِيَة أَن يكون الضَّمِير خَبرا لَكَانَ أَو احدى اخواتها سَوَاء
كَانَ مَسْبُوقا بضيمر أم لَا فَالْأول نَحْو الصّديق كنته وَالثَّانِي
نَحْو الصّديق كانه زيد يجوز أَن تَقول فيهمَا كنت اياه وَكَانَ اياه
زيد وَاتَّفَقُوا على أَن الْوَصْل أرجح فِي الصُّورَة الأولى اذا لم
يكن الْفِعْل قلبيا نَحْو سلنيه وأعطنيه وَلذَلِك لم يَأْتِ فِي
التَّنْزِيل إِلَّا بِهِ كَقَوْلِه تَعَالَى أنلز مكموها إِن يسألكموها
فَسَيَكْفِيكَهُم الله وَاخْتلفُوا فِيمَا اذا كَانَ الْفِعْل قلبيا
نَحْو خلكه وظننتكه وَفِي بَاب كَانَ نَحْو كنته وكانه زيد فَقَالَ
الْجُمْهُور الْفَصْل أرجح فِيهِنَّ وَاخْتَارَ ابْن مَالك فِي جَمِيع
كتبه الْوَصْل فِي كَانَ وَاخْتلف رَأْيه فِي الْأَفْعَال القلبية
فَتَارَة وَافق الْجُمْهُور وَتارَة خالفهم
الْقسم الثَّانِي الْعلم وانقسامه إِلَى اسْم وكنية ولقب
ص ثمَّ الْعلم وَهُوَ إِمَّا شخصي كزيد أَو جنسي كأسامة وَإِمَّا اسْم
كَمَا مثلنَا أَو لقب كزين العابدين وَقْفَة أَو كنية كَأبي عَمْرو
وَأم كُلْثُوم وَيُؤَخر اللقب عَن الِاسْم تَابعا لَهُ مُطلقًا أَو
مخفوضا بإضافته إِن أفردا كسعيد كرز ش الثَّانِي من أَنْوَاع المعارف
الْعلم وَهُوَ مَا علق على شَيْء بِعَيْنِه غير متناول مَا أشبهه
(1/96)
وينقسم باعتبارات مُخْتَلفَة إِلَى أَقسَام
مُتعَدِّدَة فينقسم بِاعْتِبَار تشخص مُسَمَّاهُ وَعدم تشخصه إِلَى
قسمَيْنِ علم شخص وَعلم جنس فالأؤل كزيد وَعَمْرو وَالثَّانِي كأسامة
للأسد وثعالة للثعلب وذؤالة للذئب فَإِن كلا من هَذِه الْأَلْفَاظ يصدق
على كل وَاحِد من أَفْرَاد هَذِه الْأَجْنَاس تَقول لكل أَسد رَأَيْته
هَذَا أُسَامَة مُقبلا وَكَذَا الْبَوَاقِي وَيجوز أَن تطلقها
بِإِزَاءِ صَاحب هَذِه الْحَقِيقَة من حَيْثُ هُوَ فَتَقول أُسَامَة
أَشْجَع من ثعالة أَي صَاحب هَذِه الْحَقِيقَة اشجع من صَاحب هَذِه
الْحَقِيقَة وَلَا يجوز أَن تطلقها على شخص غَائِب لَا تَقول لمن
بَيْنك وَبَينه عهد فِي اسد خَاص مَا فعل اسامة وَبِاعْتِبَار ذَاته
إِلَى مُفْرد ومركب فالمفرد كزيد واسامة والمركب ثَلَاثَة أقسم مركب
تركيب إِضَافَة كعبد الله وَحكمه ان يعرب الْجُزْء الأول من جزءيه
بِحَسب العوامل الداخلية عَلَيْهِ ويخفض الثَّانِي بالاضافة دَائِما
ومركب تركيب مزج كبعلبك وسيبويه وَحكمه ان يعرب بالضمة رفعا وبالفتحة
نصبا وجرا كَسَائِر الْأَسْمَاء الَّتِي لَا تَنْصَرِف هَذَا إِذا لم
يكن مَخْتُومًا بويه كبعلبك فَإِن ختم بهَا بني على الْكسر كسيبويه
ومركب تركيب إِسْنَاد وَهُوَ مَا كَانَ جملَة فِي الأَصْل كشاب قرناها
وَحكمه ان العوامل لَا تُؤثر فِيهِ شَيْئا بل يحْكى على مَا كَانَ
عَلَيْهِ من الْحَالة قبل النَّقْل وينقسم إِلَى اسْم وكنية ولقب
وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِن بُدِئَ بأب أَو ام كَانَ كنية
(1/97)
كَأبي بكر وَأم بكر وَأبي عَمْرو وَأم عَمْرو وَإِلَّا فَإِن أشعر
برفعة الْمُسَمّى كزين العابدين أوضعته كقفة وبطة وأنف النَّاقة فلقب
وَإِلَّا فاسم كزيد وَعَمْرو وَإِذا اجْتمع الِاسْم مَعَ اللقب وَجب
فِي الْأَفْصَح تَقْدِيم الِاسْم وَتَأْخِير اللقب ثمَّ إِن كَانَا
مضافين كَعبد الله زين العابدين أَو كَانَ الأول مُفردا وَالثَّانِي
مُضَافا كزيد زين العابدين أَو كَانَ الْأَمر بِالْعَكْسِ كَعبد الله
قفة وَجب كَون الثَّانِي تَابعا للْأولِ فِي إعرابه إِمَّا على أَنه
بدل مِنْهُ أَو عطف بَيَان عَلَيْهِ وَإِن كَانَا مفردين كزيد قفة
وَسَعِيد كرز فالكوفيون والزجاج يجيزون فِيهِ وَجْهَيْن أَحدهمَا إتباع
اللقب للإسم كَمَا تقدم فِي بَقِيَّة الْأَقْسَام وَالثَّانِي إِضَافَة
الِاسْم إِلَى اللقب وَجُمْهُور الْبَصرِيين يوجبون الْإِضَافَة
وَالصَّحِيح الأول والإتباع أَقيس من الاضافة والاضافة أَكثر |