شرح قطر الندى وبل الصدى

الْقسم السَّادِس الْمُضَاف
ش النَّوْع السَّادِس من المعارف مَا أضيف إِلَى وَاحِد من الْخَمْسَة الْمَذْكُورَة نَحْو غلامي وَغُلَام هَذَا وَغُلَام الَّذِي فِي الدَّار وَغُلَام القَاضِي ورتبته فِي التَّعْرِيف كرتبة مَا أضيف إِلَيْهِ فلمضاف إِلَى الْعلم فِي رُتْبَة الْعلم والمضاف إِلَى الْإِشَارَة فِي رُتْبَة الْإِشَارَة وَكَذَا الْبَاقِي إِلَّا الْمُضَاف إِلَى الْمُضمر فَلَيْسَ فِي رُتْبَة الْمُضمر وَإِنَّمَا هُوَ فِي رُتْبَة الْعلم وَالدَّلِيل على ذَلِك أَنَّك تَقول مَرَرْت بزيد صَاحبك فتصف الْعلم بِالِاسْمِ الْمُضَاف إِلَى الْمُضمر فَلَو كَانَ فِي رُتْبَة الْمُضمر لكَانَتْ الصّفة أعرف من الْمَوْصُوف وَذَلِكَ لَا يجوز على الْأَصَح
الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر
ص بَاب الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر مرفوعان ك الله رَبنَا وَمُحَمّد نَبينَا ش الْمُبْتَدَأ هُوَ الِاسْم الْمُجَرّد عَن العوامل اللفظية للاسناد ف الِاسْم جنس يَشْمَل الصَّرِيح كزيد فِي نَحْو زيد قَائِم والمؤول فِي نَحْو وَأَن تَصُومُوا فِي قَوْله تَعَالَى وَأَن تَصُومُوا خير لكم فَإِنَّهُ مُبْتَدأ مخبر عَنهُ بِخَير وَخرج ب الْمُجَرّد نَحْو زيد فِي كَانَ زيد عَالما فَإِنَّهُ لم يتجرد عَن العوامل

(1/116)


اللفظية وَنَحْو ذَلِك فِي الْعدَد وَاحِد اثْنَان ثَلَاثَة فَإِنَّهَا تجردت لَكِن لَا رسناد فِيهَا وَدخل تَحت قَوْلنَا للاسناد مَا إِذا كَانَ الْمُبْتَدَأ مُسْندًا إِلَيْهِ مَا بعده نَحْو زيد قَائِم وَمَا إِذا كَانَ الْمُبْتَدَأ مُسْندًا إِلَى مَا بعده نَحْو أقائم الزيدان وَالْخَبَر هُوَ الْمسند الَّذِي تتمّ بِهِ مَعَ الْمُبْتَدَأ فَائِدَة فَخرج بِقَوْلِي الْمسند الْفَاعِل فِي نَحْو أقائم الزيدان فَإِنَّهُ وَإِن تمت بِهِ مَعَ الْمُبْتَدَأ الْفَائِدَة لكنه مُسْند إِلَيْهِ لَا مُسْند وبقولي مَعَ الْمُبْتَدَأ نَحْو قَامَ فِي قَوْلك قَامَ زيد وَحكم الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر الرّفْع ص وَيَقَع الْمُبْتَدَأ نكرَة إِن عَم أَو خص نَحْو مَا رجل فِي الدَّار أإله مَعَ الله ولعَبْد مُؤمن خير من مُشْرك وَخمْس صلوَات كتبهن الله ش الأَصْل فِي الْمُبْتَدَأ أَن يكون معرفَة لَا نكرَة لِأَن النكرَة مَجْهُولَة غَالِبا وَالْحكم على الْمَجْهُول لَا يُفِيد وَيجوز أَن يكون نكرَة إِن كَانَ عَاما

(1/117)


أَو خَاصّا فَالْأول كَقَوْلِك مَا رجل فِي الدَّار وَكَقَوْلِه تَعَالَى أإله مَعَ الله فالمبتدأ فيهمَا عَام لوُقُوعه فِي سِيَاق النَّفْي والاستفهام وَالثَّانِي كَقَوْلِه تَعَالَى ولعَبْد مُؤمن خير من مُشْرك وَقَوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام خمس صلوَات كتبهن الله فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة فالمبتدأ فيهمَا خَاص لكَونه مَوْصُوفا فِي الْآيَة ومضافا فِي الحَدِيث وَقد ذكر بعض النُّحَاة لتسويغ الِابْتِدَاء بالنكرة صورا وأنهاها بعض الْمُتَأَخِّرين إِلَى نَيف وَثَلَاثِينَ موضعا وَذكر بَعضهم أَنَّهَا كلهَا ترجع للخصوص والعموم فَلْيتَأَمَّل ذَلِك ص وَالْخَبَر جملَة لَهَا رابط ك زيد أَبوهُ قَائِم وولباس التَّقْوَى ذَلِك خير والحاقه مَا الحاقه وَزيد نعم الرجل إِلَّا فِي نَحْو قل هُوَ الله أحد ش أَي وَيَقَع الْخَبَر جملَة مرتبطة بالمبتدأ برابط من روابط أَرْبَعَة أَحدهَا الضَّمِير وَهُوَ الأَصْل فِي الرَّبْط كَقَوْلِك زيد أَبوهُ قَائِم فزيد مُبْتَدأ أول وَأَبوهُ مُبْتَدأ ثَان وَالْهَاء مُضَاف إِلَيْهِ وقائم خبر الْمُبْتَدَأ الثَّانِي والمبتدأ الثَّانِي وَخَبره خبر الْمُبْتَدَأ الأول والرابط بَينهمَا الضَّمِير الثَّانِي الْإِشَارَة كَقَوْلِه تَعَالَى ولباس التَّقْوَى ذَلِك خير فلباس مُبْتَدأ وَالتَّقوى مُضَاف إِلَيْهِ وَذَلِكَ مُبْتَدأ ثَان وخي خبر الْمُبْتَدَأ الثَّانِي والمبتدأ الثَّانِي وَخَبره خبر الْمُبْتَدَأ الأول والرباط بَينهمَا الْإِشَارَة

(1/118)


الثَّالِث إِعَادَة الْمُبْتَدَأ بِلَفْظِهِ نَحْو الحاقة مَا الحاقة فالحاقة مُبْتَدأ أول وَمَا مُبْتَدأ ثَان والحاقة خبر الْمُبْتَدَأ الثَّانِي والمبتدأ الثَّانِي وَخَبره خبر الْمُبْتَدَأ الأول والرابط بَينهمَا إِعَادَة الْمُبْتَدَأ بِلَفْظِهِ الرَّابِع الْعُمُوم نَحْو زيد نعم الرجل فزيد مُبْتَدأ وَنعم الرجل جملَة فعلية خَبره والرابط بَينهمَا الْعُمُوم وَذَلِكَ لِأَن أل فِي الرجل للْعُمُوم وَزيد فَرد من أَفْرَاده فَدخل فِي الْعُمُوم فَحصل الرَّبْط وَهَذَا كُله إِذا لم تكن الْجُمْلَة نفس الْمُبْتَدَأ فِي الْمَعْنى فَإِن كَانَت كَذَلِك لم يحْتَج إِلَى رابط كَقَوْلِه تَعَالَى قل هُوَ الله أحد فَهُوَ مُبْتَدأ وَالله أحد مُبْتَدأ وَخَبره وَالْجُمْلَة خبر الْمُبْتَدَأ الأول وَهِي مرتبطة بِهِ لِأَنَّهَا نَفسه فِي الْمَعْنى لِأَن هُوَ بِمَعْنى الشَّأْن وكقوفه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل مَا قلته أَنا والنبيون من قبلي لَا إِلَه إِلَّا الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وظرفا مَنْصُوبًا نَحْو والركب أَسْفَل مِنْكُم وجارا ومجرورا ك الْحَمد لله رب الْعَالمين وتعلقهما بمستقر أَو اسْتَقر محذوفين ش

(1/119)


أَي وَيَقَع الْخَبَر ظرفا مَنْصُوبًا كَقَوْلِه تَعَالَى والركب أَسْفَل مِنْكُم وجارا ومجرورا كَقَوْلِه تَعَالَى الْحَمد لله رب الْعَالمين وهما حِينَئِذٍ متعلقان بِمَحْذُوف وجوبا تَقْدِيره مُسْتَقر أَو اسْتَقر وَالْأول اخْتِيَار جُمْهُور الْبَصرِيين وحجتهم أَن الْمَحْذُوف هُوَ الْخَبَر فِي الْحَقِيقَة وَالْأَصْل فِي الْخَبَر أَن يكون اسْما مُفردا وَالثَّانِي اخْتِيَار الْأَخْفَش والفارسي والزمخشري وحجتهم أَن الْمَحْذُوف عَامل النصب فِي لفظ الظّرْف وَمحل الْجَار وَالْمَجْرُور وَالْأَصْل فِي الْعَامِل أَن يكون فعلا ص وَلَا يخبر بِالزَّمَانِ عَن الذَّات وَاللَّيْلَة الْهلَال متأول ش يَنْقَسِم الظّرْف إِلَى زماني ومكاني والمبتدأ إِلَى جَوْهَر كزيد وَعَمْرو وَعرض كالقيام وَالْقعُود فَإِن كَانَ الظّرْف مكانيا صَحَّ الْإِخْبَار بِهِ عَن الْجَوْهَر وَالْعرض تَقول زيد أمامك وَالْخَيْر أمامك وَإِن كَانَ زمانيا صَحَّ الْإِخْبَار بِهِ عَن الْعرض دون الْجَوْهَر تَقول الصَّوْم الْيَوْم وَلَا يجوز زيد الْيَوْم فَإِن وجد فِي كَلَامهم مَا ظَاهره ذَلِك وَجب تَأْوِيله كَقَوْلِهِم اللَّيْلَة الْهلَال فَهَذَا على حذف مُضَاف وَالتَّقْدِير اللَّيْل طُلُوع الْهلَال

(1/120)


ص ويغنى عَن الْخَبَر مَرْفُوع وصف مُعْتَمد على اسْتِفْهَام أَو نفي نَحْو أقاطن قوم سلمى وَمَا مَضْرُوب الْعمرَان ش إِذا كَانَ الْمُبْتَدَأ وَصفا مُعْتَمدًا على نفي أَو اسْتِفْهَام اسْتغنى بمرفوعه عَن الْخَبَر تَقول أقائم الزيدان وَمَا قَائِم الزيدان فالزيدان فَاعل بِالْوَصْفِ وَالْكَلَام مستغن عَن الْخَبَر لِأَن الْوَصْف هُنَا فِي تَأْوِيل الْفِعْل أَلا ترى أَن الْمَعْنى أيقوم الزيدان وَمَا يقوم الزيدان وَالْفِعْل لَا يَصح الْإِخْبَار عَنهُ فَكَذَلِك مَا كَانَ فِي مَوْضِعه وَإِمَّا مثلت بقاطن ومضروب ليعلم انه لَا فرق بَين كَون الْوَصْف رَافعا للْفَاعِل أَو النَّائِب عَن الْفَاعِل وَمن شَوَاهِد النَّفْي قَوْله
(خليلي مَا واف بعهدي أَنْتُمَا ... إِذا لم تَكُونَا لي على من أقاطع)

(1/121)


وَمن شَوَاهِد الِاسْتِفْهَام قَوْله أقاطن قوم سلمى أم نووا ظعنا إِن يظعنوا فعجيب عَيْش من قطنا

(1/122)


ص وَقد يَتَعَدَّد الْخَبَر نَحْو وَهُوَ الغفور الْوَدُود ش يجوز أَن يخبر عَن الْمُبْتَدَأ بِخَبَر وَاحِد وَهُوَ الأَصْل نَحْو زيد قَائِم أَو بِأَكْثَرَ كَقَوْلِه تَعَالَى وَهُوَ الغفور الْوَدُود ذُو الْعَرْش الْمجِيد فعال لما يُرِيد وَزعم أَن الْخَبَر لَا يجوز تعدده وَقدر لما عدا الْخَبَر الأول فِي هَذِه الْآيَة مبتدآت أَي وَهُوَ الْوَدُود وَهُوَ ذُو الْعَرْش وَأَجْمعُوا على عدم التَّعَدُّد فِي مثل زيد شَاعِر وَكَاتب وَفِي نَحْو الزيدان شَاعِر وَكَاتب وَفِي نَحْو هَذَا حُلْو حامض لِأَن ذَلِك كُله لَا تعدد فِيهِ فِي الْحَقِيقَة أما الأول فَلِأَن الأول خبر وَالثَّانِي مَعْطُوف عَلَيْهِ وَأما الثَّانِي فَلِأَن كل وَاحِد من الشخصين مخبر عَنهُ بِخَبَر وَاحِد وَأما الثَّالِث فَلِأَن الْخَبَرَيْنِ فِي معنى الْخَبَر الْوَاحِد إِذْ الْمَعْنى هَذَا مر ص وَقد يتَقَدَّم نَحْو فِي الدَّار زيد وَأَيْنَ زيد ش قد يتَقَدَّم الْخَبَر من الْمُبْتَدَأ جَوَازًا أَو وجوبا فَالْأول نَحْو فِي الدَّار زيد وَقَوله تَعَالَى سَلام هِيَ وَآيَة لَهُم اللَّيْل وَإِنَّمَا لم يَجْعَل الْمُقدم فِي الْآيَتَيْنِ مُبْتَدأ والمؤخر خَبرا لأدائه إِلَى الْإِخْبَار عَن النكرَة بالمعرفة وَالثَّانِي كَقَوْلِك فِي الدَّار رجل وَأَيْنَ زيد وَقَوْلهمْ على التمرة مثلهَا زبدا وَإِنَّمَا وَجب فِي ذَلِك تَقْدِيمه لِأَن تَأْخِيره فِي الْمِثَال الأول يَقْتَضِي التباس الْخَبَر بِالصّفةِ فَإِن طلب النكرَة الْوَصْف لتختص بِهِ طلب حثيث فالتزم تَقْدِيمه دفعا لهَذَا الْوَهم وَفِي الثَّانِي إِخْرَاج مَاله صدر الْكَلَام وَهُوَ

(1/124)


الِاسْتِفْهَام عَن صدريته وَفِي الثَّالِث عود الضَّمِير على متأخره لفظا ورتبة ص وَقد يحذف كل من الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر نَحْو سَلام قوم منكرون أى عَلَيْكُم أَنْتُم ش وَقد يحذف كل من الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر لدَلِيل يدل عَلَيْهِ فَالْأول نَحْو قَوْله تَعَالَى قل أفأنبئكم بشر من ذَلِكُم النَّار أَي هِيَ النَّار وَقَوله تَعَالَى سُورَة أنزلناها أَي هَذِه سُورَة وَالثَّانِي كَقَوْلِه تَعَالَى أكلهَا دَائِم وظلها أَي دَائِم وَقَوله تَعَالَى قل أأنتم أعلم أم الله أَي أم الله أعلم وَقد اجْتمع حذف كل مِنْهُمَا وَبَقَاء الآخر فِي قَوْله تَعَالَى سَلام قوم منكرون فسلام مُبْتَدأ حذف خَبره أَي سَلام عَلَيْكُم وَقوم خبر حذف مبتدؤه أَي أَنْتُم قوم ص وَيجب حذف الْخَبَر قبل جوابي لَوْلَا وَالْقسم الصَّرِيح وَالْحَال الْمُمْتَنع كَونهَا خَبرا وَبعد وَاو المصاحبة الصَّرِيحَة نَحْو لَوْلَا أَنْتُم لَكنا مُؤمنين لعمرك لَأَفْعَلَنَّ وضربي زيدا قَائِما وكل رجل وضيعته ش يجب حذف الْخَبَر فِي أَربع مسَائِل إِحْدَاهَا قبل جَوَاب لَوْلَا نَحْو قَوْله تَعَالَى لَوْلَا أَنْتُم لَكنا

(1/125)


مُؤمنين أَي لَوْلَا أَنْتُم صددتمونا عَن الْهدى بِدَلِيل أَن بعده أَنَحْنُ صددناكم عَن الْهدى بعد إِذْ جَاءَكُم الثَّانِيَة قبل جَوَاب الْقسم الصَّرِيح نَحْو قَوْله تَعَالَى لعمرك إِنَّهُم لفي سكرتهم يعمهون أَي لعمرك يَمِيني أَو قسمي واحترزت بِالصَّرِيحِ عَن نَحْو عبد الله فَإِنَّهُ يسْتَعْمل قسما وَغَيره تَقول فِي الْقسم عهد الله لَأَفْعَلَنَّ وَفِي غَيره عهد الله يجب الْوَفَاء بِهِ فَلذَلِك يجوز ذكر الْخَبَر تَقول عَليّ عهد الله الثَّالِثَة قبل الْحَال الَّتِي يمْتَنع كَونهَا خَبرا عَن الْمُبْتَدَأ كَقَوْلِهِم ضربي زيدا قَائِما أَصله ضربي زيدا حَاصِل إِذا كَانَ قَائِما فحاصل خبر وَإِذا ظرف للْخَبَر مُضَاف إِلَى كَانَ التَّامَّة وفاعلها مستتر فِيهَا عَائِد على مفعول الْمصدر وَقَائِمًا حَال مِنْهُ وَهَذِه الْحَال لَا يَصح كَونهَا خَبرا عَن هَذَا الْمُبْتَدَأ فَلَا تَقول ضربي قَائِم لِأَن الضَّرْب لَا يُوصف بِالْقيامِ وَكَذَلِكَ أَكثر شربي السويق ملتوتا وأخطب مَا يكون الامير قَائِما تَقْدِيره حَاصِل إِذا كَانَ ملتوتا أَو قَائِما وعَلى ذَلِك فقس الرَّابِعَة بعد وَاو المصاحبة الصَّرِيحَة كَقَوْلِهِم كل رجل وضيعته أَي كل رجل مَعَ ضيعته مقرونان وَالَّذِي دلّ على الاقتران مَا فِي الْوَاو من معنى الْمَعِيَّة
نواسخ الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر
ص بَاب النواسخ لحكم المبتداء وَالْخَبَر ثَلَاثَة أَنْوَاع أَحدهَا كَانَ وَأمسى وَأصْبح وأضحى وظل وَبَات وَصَارَ وَلَيْسَ وَمَا زَالَ

(1/126)


وَمَا فتئ وَمَا انْفَكَّ وَمَا برح وَمَا دَامَ فيرفعن الْمُبْتَدَأ اسْما لَهُنَّ وينصبن الْخَبَر خَبرا لَهُنَّ نَحْو وَكَانَ رَبك قَدِيرًا ش النواسخ جمع نَاسخ وَهُوَ فِي اللُّغَة من النّسخ بِمَعْنى الْإِزَالَة يُقَال نسخت الشَّمْس الظل إِذا أزالته وَفِي الِاصْطِلَاح مَا يرفع حكم الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر وَهُوَ ثَلَاثَة أَنْوَاع مايرفع الْمُبْتَدَأ وَينصب الْخَبَر وَهُوَ كَانَ وَأَخَوَاتهَا وَمَا ينصب الْمُبْتَدَأ وَيرْفَع الْخَبَر وَهُوَ إِن وَأَخَوَاتهَا وَمَا ينصبهما مَعًا وَهُوَ ظن وَأَخَوَاتهَا وَيُسمى الأول من بَاب كَانَ اسْما وفاعلا وَيُسمى الثَّانِي خَبرا ومفعولا وَيُسمى الأول من معمولي بَاب إِن اسْما وَالثَّانِي خَبرا وَيُسمى الأول من معمولي بَاب ظن مَفْعُولا أَولا وَالثَّانِي مَفْعُولا ثَانِيًا
كَانَ وَأَخَوَاتهَا
وَالْكَلَام الْآن فِي بَاب كَانَ وَأَلْفَاظه ثَلَاث عشرَة لَفْظَة وَهِي على ثَلَاثَة أَقسَام مَا يرفع الْمُبْتَدَأ وَينصب الْخَبَر بِلَا شَرط وَهِي ثَمَانِيَة كَانَ وَأمسى وَأصْبح وأضحى وظل وَبَات وَصَارَ وَلَيْسَ وَمَا يعْمل هَذَا الْعَمَل بِشَرْط أَن يتَقَدَّم عَلَيْهِ نفي أَو شبهه وَهُوَ أَرْبَعَة زَالَ وبرح وفتئ وانفك فالنفي نَحْو قَوْله تَعَالَى وَلَا يزالون مُخْتَلفين وَشبهه هُوَ النَّهْي وَالدُّعَاء

(1/127)


فَالْأول كَقَوْلِه صَاح شمر وَلَا تزل ذَاكر الْمَوْت فنسيانه ضلال مُبين وَالثَّانِي كَقَوْلِه أَلا يَا اسلمي يَا دَار مي على البلي وَلَا زَالَ منهلا بجرعائك الْقطر

(1/128)


وَمَا يعمله بِشَرْط أَن يتَقَدَّم عَلَيْهِ مَا المصدرية الظَّرْفِيَّة وَهُوَ دَامَ كَقَوْلِه تَعَالَى وأوصاني بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة مَا دمت حيآ أَي مُدَّة دوامي حَيا وَسميت مَا هَذِه مَصْدَرِيَّة لِأَنَّهَا تقدر بِالْمَصْدَرِ وَهُوَ الدَّوَام وظرفية لِأَنَّهَا تقدر بالظرف وَهُوَ الْمدَّة ص وَقد يتوسط الْخَبَر نَحْو فَلَيْسَ سَوَاء عَالم وجهول ش يجوز فِي هَذَا الْبَاب أَن يتوسط الْخَبَر بَين الِاسْم وَالْفِعْل كَمَا يجوز فِي بَاب الْفَاعِل أَن يتَقَدَّم الْمَفْعُول على الْفَاعِل قَالَ الله تَعَالَى وَكَانَ حَقًا

(1/129)


علينا نصر الْمُؤمنِينَ أَكَانَ للنَّاس عجبا أَن أَوْحَينَا وَقَرَأَ حَمْزَة وَحَفْص لَيْسَ الْبر أَن توَلّوا وُجُوهكُم بِنصب الْبر وَقَالَ الشَّاعِر سَلِي إِن جهلت النَّاس عَنَّا وعنهم فَلَيْسَ سَوَاء عَالم وجهول

(1/130)


وَقَالَ الآخر لَا طيب للعيش مَا دَامَت منغصة لذاته باد كار الْمَوْت والهرم

(1/131)


وَعَن ابْن درسْتوَيْه أَنه منع تَقْدِيم خبر لَيْسَ وَمن ابْن معط فِي ألفيته تَقْدِيم خبر دَامَ وهما محجوجان بِمَا ذكرنَا من الشواهد وَغَيرهَا ص وَقد يتَقَدَّم الْخَبَر إِلَّا خبر دَامَ وَلَيْسَ ش للْخَبَر ثَلَاثَة أَحْوَال أَحدهَا التَّأْخِير عَن الْفِعْل واسْمه وَهُوَ الأَصْل كَقَوْلِه تَعَالَى وَكَانَ رَبك قَدِيرًا الثَّانِي التَّوَسُّط بَين الْفِعْل واسْمه كَقَوْلِه تَعَالَى وَكَانَ حَقًا علينا نصر الْمُؤمنِينَ وَقد تقدم شرح ذَلِك

(1/132)


وَالثَّالِث التَّقَدُّم على الْفِعْل واسْمه كَقَوْلِك عَالما كَانَ زيد وَالدَّلِيل على ذَلِك قَوْله تَعَالَى أَهَؤُلَاءِ إيَّاكُمْ كَانُوا يعْبدُونَ فإياكم مفعول يعْبدُونَ وَقد تقدم على كَانَ وَتقدم الْمَعْمُول يُؤذن بِجَوَاز تقدم الْعَامِل وَيمْتَنع ذَلِك فِي خبر لَيْسَ ودام فَأَما امْتِنَاعه فِي خبر دَامَ فبالاتفاق لِأَنَّك إِذا قلت لَا أصحبك مَا دَامَ زيد صديقك ثمَّ قدمت الْخَبَر على مَا دَامَ لزم من ذَلِك تَقْدِيم مَعْمُول الصِّلَة على الْمَوْصُول لِأَن مَا هَذِه مَوْصُول حر فِي يقدر بِالْمَصْدَرِ كَمَا قدمْنَاهُ وَإِن قَدمته على دَامَ دون مَا لزم الْفَصْل بَين الْمَوْصُول الْحرفِي وصلته وَذَلِكَ لَا يجوز لَا تَقول عجبت مِمَّا زيدا تصْحَب وَإِنَّمَا يجوز ذَلِك فِي الْمَوْصُول الأسمي غير الْألف وَاللَّام تَقول جَاءَنِي الَّذِي زيدا ضرب وَلَا يجوز فِي نَحْو جَاءَ الضَّارِب زيدا أَن تقدم زيدا على ضَارب وَأما امْتنَاع ذَلِك فِي خبر لَيْسَ فَهُوَ اخْتِيَار الْكُوفِيّين والمبرد وَابْن السراج وَهُوَ الصَّحِيح لِأَنَّهُ لم يسمع مثل ذَاهِبًا لست وَلِأَنَّهَا فعل جامد فَأَشْبَهت عَسى وخبرها لَا يتَقَدَّم بِاتِّفَاق وَذهب الْفَارِسِي وَابْن جني إِلَى الْجَوَاز مستدلين بقوله تَعَالَى أَلا يَوْم يَأْتِيهم لَيْسَ مصروفا عَنْهُم وَذَلِكَ لِأَن يَوْم مُتَعَلق بمصروفا وَقد تقدم على لَيْسَ وَتقدم الْمَعْمُول يُؤذن بِجَوَاز تقدم الْعَامِل وَالْجَوَاب أَنهم توسعوا فِي الظروف مَا لم يتوسعوا فِي غَيرهَا وَنقل عَن سِيبَوَيْهٍ القَوْل بِالْجَوَازِ وَالْقَوْل بِالْمَنْعِ ص وتختص الْخَمْسَة الأول بمرادفة صَار ش يجوز فِي كَانَ وَأمسى وَأصْبح وأضحى وظل أَن تسْتَعْمل

(1/133)


بِمَعْنى صَار كَقَوْلِه تَعَالَى وبست الْجبَال بسا فَكَانَت هباء منبثا وكنتم أَزْوَاجًا ثَلَاثَة فأصبحتم بنعمته إخْوَانًا ظلّ وَجهه مسودا وَقَالَ الشَّاعِر أمست خلاء وَأمسى أَهلهَا احتملوا أخنى عَلَيْهَا الَّذِي أخنى على لبد

(1/134)


وَقَالَ الآخر أضحى يمزق أثوابي ويضربني أبعد شيبي يَبْغِي عِنْدِي الأدبا ص

(1/135)


وَغير لَيْسَ وفتئ وَزَالَ بِجَوَاز التَّمام أَي الِاسْتِغْنَاء عَن الْخَبَر نَحْو وَإِن كَانَ ذُو عسرة فنظرة إِلَى ميسرَة فسبحان الله حِين تمسون وَحين تُصبحُونَ خَالِدين فِيهَا مَا دَامَت السَّمَوَات وَالْأَرْض ش وَيخْتَص مَا عدا فتئ وَزَالَ وَلَيْسَ من أَفعَال هَذَا الْبَاب بِجَوَاز اسْتِعْمَاله تَاما وَمعنى التَّمام أَن يسْتَغْنى بالمرفوع عَن الْمَنْصُوب كَقَوْلِه تَعَالَى وَإِن كَانَ ذُو عسرة فسبحان الله حِين تمسون وَحين تُصبحُونَ خَالِدين فِيهَا مَا دَامَت السَّمَوَات وَالْأَرْض وَقَالَ الشَّاعِر تطاول ليلك بالإثمد وَبَات الخلي وَلم ترقد وَبَات وباتت لَهُ لَيْلَة كليلة ذِي العائر الأرمد وَذَلِكَ من نباء جَاءَنِي وخبرته عَن بني الْأسود

(1/136)


وَمَا فسرنا بِهِ التَّمام هُوَ الصَّحِيح وَعَن أَكثر الْبَصرِيين أَن معنى تَمامهَا دلالتها على الْحَدث وَالزَّمَان وَكَذَلِكَ الْخلاف فِي تَسْمِيَة مَا ينصب الْخَبَر نَاقِصا لم سمي نقصا فعلى مَا اخترناه سمي نَاقِصا لكَونه لم يكتف بالمرفوع وعَلى قَول الْأَكْثَرين لِأَنَّهُ سلب الدّلَالَة على الْحَدث وتجرد للدلالة على الزَّمَان وَالصَّحِيح الأول

(1/137)


ص وَكَانَ يجواز زيادتها متوسطة نَحْو مَا كَانَ أحسن زيدا ش ترد كَانَ فِي الْعَرَبيَّة على ثَلَاثَة أَقسَام نَاقِصَة فتحتاج إِلَى مَرْفُوع ومنصوب نَحْو وَكَانَ رَبك قَدِيرًا وتامة فتحتاج إِلَى مَرْفُوع دون مَنْصُوب نَحْو وَإِن كَانَ ذُو عشرَة وزائدة فَلَا تحْتَاج إِلَى مَرْفُوع وَلَا إِلَى مَنْصُوب وَشرط زيادتها أَمْرَانِ أَحدهمَا أَن تكون بِلَفْظ الْمَاضِي وَالثَّانِي أَن تكون بَين شَيْئَيْنِ متلازمين ليسَا جارا ومجرورا كَقَوْلِك مَا كَانَ أحسن زيدا أَصله مَا أحسن زيدا فزيدت كَانَ بَين مَا وَفعل التَّعَجُّب وَلَا نعني بزيادتها أَنَّهَا لم تدل على معنى أَلْبَتَّة بل أَنَّهَا لم يُؤْت بهَا للإسناد ص وَحذف نون مضارعها المجزوم وصلا إِن لم يلقها سَاكن وَلَا ضمير نصب مُتَّصِل ش تخْتَص كَانَ بِأُمُور مِنْهَا مجيئها زَائِدَة وَقد تقدم وَمِنْهَا جَوَاز حذف آخرهَا وَذَلِكَ بِخَمْسَة شُرُوط وَهِي أَن تكون بِلَفْظ الْمُضَارع وَأَن تكون مجزومة وَأَن لَا تكون مَوْقُوفا عَلَيْهَا وَلَا مُتَّصِلَة بضمير نصب وَلَا بساكن وَذَلِكَ كَقَوْلِه تَعَالَى وَلم أك بغيا أَصله أكون فحذفت الضمة للجازم وَالْوَاو للساكنين وَالنُّون للتَّخْفِيف وَهَذَا الْحَذف جَائِز والحذفان الْأَوَّلَانِ واجبان وَلَا يجوز الْحَذف فِي نَحْو لم يكن الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب لأجل اتِّصَال السَّاكِن بهَا فَهِيَ مَكْسُورَة لأَجله فَهِيَ متعاصية على الْحَذف لقوتها بالحركة وَلَا فِي نَحْو إِن يكنه فَلَنْ تسلط عَلَيْهِ

(1/138)


لاتصال الضَّمِير الْمَنْصُوب بهَا والضمائر ترد الْأَشْيَاء إِلَى أُصُولهَا وَلَا فِي الْمَوْقُوف عَلَيْهَا نَص على ذَلِك ابْن خروف وَهُوَ حسن لِأَن الْفَصْل الْمَوْقُوف عَلَيْهِ إِذا دخله الْحَذف حَتَّى بَقِي على حرف وَاحِد أَو حرفين وَجب الْوَقْف عَلَيْهِ بهاء السكت كَقَوْلِك عه وَلم يعه ف لم يَك بِمَنْزِلَة لم يع فالوقف عَلَيْهِ بِإِعَادَة الْحَرْف الَّذِي كَانَ فِيهِ أولى من اجتلاب حرف لم يكن وَلَا يُقَال مثله فِي لم يع لِأَن إِعَادَة الْيَاء تُؤدِّي إِلَى إِلْغَاء الْجَازِم بِخِلَاف لم يكن فَإِن الْجَازِم اقْتضى حذف الضمة لَا حذف النُّون كَمَا بَينا ص وحذفها وَحدهَا معوضا عَنْهَا مَا فِي مثل أما أَنْت ذَا نفر وَمَعَ اسْمهَا فِي مثل إِن خيرا فَخير وَالْتمس وَلَو خَاتمًا من حَدِيد ش من خَصَائِص كَانَ جَوَاز حذفهَا وَلها فِي ذَلِك حالتان فَتَارَة تحذف وَحدهَا وَيبقى الِاسْم وَالْخَبَر ويعوض عَنْهَا مَا وَتارَة تحذف مَعَ اسْمهَا وَيبقى الْخَبَر وَلَا يعوض عَنْهَا شَيْء فَالْأول بعد أَن المصدرية فِي كل مَوضِع أُرِيد فِي تَعْلِيل فعل بِفعل كَقَوْلِهِم أما أَنْت مُنْطَلقًا انْطَلَقت أَصله انْطَلَقت لِأَن كنت مُنْطَلقًا فَقدمت اللَّام وَمَا بعْدهَا على الْفِعْل للاهتمام بِهِ أَو لقصد الِاخْتِصَاص فَصَارَ لِأَن كنت مُنْطَلقًا انْطَلَقت ثمَّ حذف الْجَار اختصارا كَمَا يحذف قِيَاسا من أَن كَقَوْلِه تَعَالَى فَلَا جنَاح عَلَيْهِ أَن يطوف بهما أَي فِي أَن يطوف بهما ثمَّ حذفت كَانَ اختصارا أَيْضا فانفصل الضَّمِير فَصَارَ أَن أَنْت ثمَّ زيد مَا عوضا فَصَارَت أَن مَا أَنْت ثمَّ أدغمت النُّون فِي الْمِيم فَصَارَ أما أَنْت وعَلى ذَلِك قَول الْعَبَّاس بن مرداس

(1/139)


أَبَا خراشة أما أَنْت ذَا نفر فَإِن قومِي لم تأكلهم الضبع أَصله لِأَن كنت فَعمل فِيهِ مَا ذكرنَا

(1/140)


وَالثَّانِي بعد إِن وَلَو الشرطيتين مثلا ذَلِك بعد إِن قَوْلهم الْمَرْء مقتول بِمَا قتل بِهِ إِن سَيْفا فسيف وَإِن خنجرا فخنجر وَالنَّاس مجزيون بأعمالهم إِن خيرا فَخير وَإِن شرا فشر وَقَالَ الشَّاعِر لَا تقربن الدَّهْر آل مطرف إِن ظَالِما أبدا وَإِن مَظْلُوما

(1/141)


أَي إِن كَانَ مَا قتل بِهِ سَيْفا فَالَّذِي يقتل بِهِ سيف وَإِن كَانَ عَمَلهم خيرا فجزاؤهم خير وَإِن كنت ظَالِما وَإِن كنت مَظْلُوما ومثاله بعد لَو قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام التمس وَلَو خَاتمًا من حَدِيد وَقَول الشَّاعِر لَا يَأْمَن الدَّهْر ذُو بغي وَلَو ملكا جُنُوده ضَاقَ عَنْهَا السهل والجبل أَي وَلَو كَانَ مَا تلتمس خَاتمًا من حَدِيد وَلَو كَانَ الْبَاغِي ملكا
مَا النافية
ص وَمَا النافية عِنْد الْحِجَازِيِّينَ كليس إِن تقدم الإسم

(1/142)


وَلم يسْبق بإن وَلَا بمعمول الْخَبَر إِلَّا ظرفا أَو جارا ومجرورا وَلَا اقْترن الْخَبَر بإلا نَحْو مَا هَذَا بشرا ش اعْلَم أَنهم أجروا ثَلَاثَة حُرُوف من حُرُوف النَّفْي مجْرى لَيْسَ فِي رفع الِاسْم وَنصب الْخَبَر وَهِي مَا وَلَا ولات وَلكُل مِنْهَا كَلَام يَخُصهَا وَالْكَلَام الْآن فِي مَا وإعمالها عمل لَيْسَ وَهِي لُغَة الْحِجَازِيِّينَ وَهِي اللُّغَة القويمة وَبهَا جَاءَ التَّنْزِيل قَالَ الله تَعَالَى مَا هَذَا بشرا مَا هن أمهاتهم ولإعمالها عِنْدهم ثَلَاثَة شُرُوط أَن يتَقَدَّم اسْمهَا على خَبَرهَا وَأَن لَا تقترن بإن الزَّائِدَة وَلَا خَبَرهَا بإلا فَلهَذَا أهملت فِي قَوْلهم فِي الْمثل مَا مسيء من أَعتب لتقدم الْخَبَر وَفِي قَول الشَّاعِر بني غُدَانَة مَا إِن أَنْتُم ذهب وَلَا صريف وَلَكِن أَنْتُم الخزف

(1/143)


لوُجُود إِن الْمَذْكُورَة وَفِي قَوْله تَعَالَى وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول قد خلت من قبله الرُّسُل وَمَا أمرنَا إِلَّا وَاحِدَة لاقتران خَبَرهَا بإلا وَبَنُو تَمِيم لَا يعْملُونَ مَا شَيْئا وَلَو استوفت الشُّرُوط الثَّلَاثَة فَيَقُولُونَ مَا زيد قَائِم ويقرءون مَا هَذَا بشر
لَا النافية
ص وَكَذَا لَا النافية فِي الشّعْر بِشَرْط تنكير معموليها نَحْو تعز فَلَا شَيْء على الأَرْض بَاقِيا وَلَا وزر مِمَّا قضى الله واقيا ش الْحَرْف الثَّانِي مِمَّا يعْمل عمل لَيْسَ لَا كَقَوْلِه تعز فَلَا شَيْء على الأَرْض بَاقِيا وَلَا وزر مِمَّا قضى الله واقيا

(1/144)


ولإعمالها أَرْبَعَة شُرُوط أَن يتَقَدَّم اسْمهَا وَأَن لَا يقْتَرن خَبَرهَا بإلا وَأَن يكون اسْمهَا وخبرها نكرتين وَأَن يكون ذَلِك فِي الشّعْر لَا فِي النثر فَلَا يجوز إعمالها فِي نَحْو لَا أفضل مِنْك أحد وَلَا فِي نَحْو لَا أحد إِلَّا أفضل مِنْك وَلَا فِي نَحْو لَا زيد قَائِم وَلَا عَمْرو وَلِهَذَا غلط المتنبي فِي قَوْله إِذا الْجُود لم يرْزق خلاصا من الْأَذَى فَلَا الْحَمد مكسوبا وَلَا المَال بَاقِيا

(1/145)


وَقد صرحت بالشرطين الْأَخيرينِ ووكلت معرفَة الْأَوَّلين إِلَى الْقيَاس على مَا لِأَن مَا أقوى من لَا وَلِهَذَا تعْمل فِي النثر وَقد اشْترطت فِي مَا أَن لَا يتَقَدَّم خَبَرهَا وَلَا يقْتَرن بإلا فَأَما اشْتِرَاط أَن لَا يقْتَرن الِاسْم بإن فَلَا حَاجَة لَهُ هُنَا لِأَن اسْم لَا لَا يقْتَرن بإن
لات النافية
ص ولات لَكِن فِي الْحِين وَلَا يجمع بَين جزءيها وَالْغَالِب حذف الْمَرْفُوع نَحْو ولات حِين مناص ش الثَّالِث مِمَّا يعْمل عمل لَيْسَ لات وَهِي لَا النافية زيدت عَلَيْهَا التَّاء لتأنيث اللَّفْظ أَو مُبَالغَة وَشرط إعمالها أَن يكون اسْمهَا وخبرها لفظ الْحِين وَالثَّانِي أَن يحذف أحد الجزءين وَالْغَالِب أَن يكون الْمَحْذُوف اسْمهَا كَقَوْلِه تَعَالَى فَنَادوا ولات حِين مناص وَالتَّقْدِير وَالله أعلم فَنَادَى بَعضهم بَعْضًا أَن لَيْسَ الْحِين حِين فرار وَقد يحذف خَبَرهَا وَيبقى اسْمهَا كَقِرَاءَة بَعضهم ولات حِين بِالرَّفْع