همع الهوامع في شرح جمع الجوامع [وجوب توسيط الْخَبَر أَو مَنعه]
ص ويجبان ويمنعان لما مر ش قد يجب توسيط الْخَبَر أَو تَقْدِيمه وَقد
يمْنَع كل من ذَلِك للأمور الْمُوجبَة أَو الْمَانِعَة فِي خبر
الْمُبْتَدَأ مِثَال وجوب التوسيط مَا كَانَ قَائِما إِلَّا زيد
وَمِثَال وجوب التَّقْدِيم أَيْن كَانَ زيد وَكم كَانَ مَالك وَمِثَال
وجوب أَحدهمَا على سَبِيل التَّخْيِير كَانَ فِي الدَّار ساكنها
وَكَانَ فِي الدَّار رجل يجوز تَقْدِيم الْخَبَر وتوسيطه وَلَا يجوز
تَأْخِيره
(1/430)
وَمِثَال منعهما وَوُجُوب التَّأْخِير
كَانَ بعل هِنْد حبيبها لأجل الضَّمِير وَصَارَ عدوي صديقي للإلباس ص
وَفِي تَأْخِير الْجُمْلَة ثَالِثهَا يجب إِن رفع ضمير الِاسْم
وَيمْنَع تَقْدِيم خبر تَأَخّر مرفوعه وَفِي مَنْصُوب لَا ظرف
ثَالِثهَا يقبح لَا ظَاهر إِعْرَاب مشارك عرفا ونكرا وَلَا يَليهَا
مَعْمُول خَبَرهَا كَغَيْرِهَا خلافًا للكوفية وَابْن السراج إِلَّا
ظرف وَيجوز مَعَ خبر وتقدمه ش فِيهِ مسَائِل الأولى اخْتلف فِي وجوب
تَأْخِير الْخَبَر هُنَا إِذا كَانَ جملَة على أَقْوَال أَحدهَا يجب
مُطلقًا وَلَا يجوز تَقْدِيمه وَلَا توسيطه سَوَاء كنت اسمية نَحْو
كَانَ زيد أَبوهُ قَائِم أم فعلية رَافِعَة ضمير الِاسْم نَحْو كَانَ
زيد يقوم أم غير رَافِعَة نَحْو كَانَ زيد يمر بِهِ عَمْرو ومستند
الْمَنْع فِي ذَلِك عدم سَمَاعه وَالثَّانِي لَا مُطلقًا فَيجوز
التَّقْدِيم والتوسيط وَذكر ابْن السراج أَنه الْقيَاس وَإِن لم يسمع
وَصَححهُ ابْن مَالك قَالَ لِأَنَّهُ وَإِن لم يسمع مَعَ كَانَ فقد سمع
مَعَ الِابْتِدَاء كَقَوْل الفرزدق 390 -
(إِلَى مَلِكٍ مَا أُمُّه من مُحَاربٍ ... أَبوهُ، وَلَا كَانَت كليبٌ
تُصَاهِرُهْ)
قَالَ وَيدل لجوازه مَعَ كَانَ تَقْدِيم معموله فِي قَوْله تَعَالَى
{أَهَؤُلَاءِ إيَّاكُمْ كَانُوا يعْبدُونَ} سبأ 40 {وأنفسهم كَانُوا
يظْلمُونَ} الْأَعْرَاف 177 وَتَقْدِيم الْمَعْمُول يُؤذن بِتَقْدِيم
الْعَامِل وَالثَّالِث الْمَنْع فِي الفعلية الرافعة لضمير الِاسْم
وَالْجَوَاز فِي غَيرهَا وَصَححهُ ابْن عُصْفُور وَقَالَ لِأَن الَّذِي
اسْتَقر فِي بَاب كَانَ أَنَّك إِذا حذفتها عَاد اسْمهَا وخبرها إِلَى
الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر وَلَو أسقطتها من كَانَ يقوم زيد على أَن يكون
يقوم خَبرا مقدما فَقلت يقوم زيد لم يرجع إِلَى الْمُبْتَدَأ
وَالْخَبَر
(1/431)
الثَّانِيَة لَا يجوز تَقْدِيم الْخَبَر
مَعَ تَأَخّر معموله الْمَرْفُوع فَلَا يُقَال قَائِما كَانَ زيد
أَبوهُ أَي كَانَ زيد قَائِما أَبوهُ لما فِيهِ من الْفَصْل بَين
الْعَامِل ومعموله الَّذِي هُوَ كجزء مِنْهُ فَإِن كَانَ معموله
مَنْصُوبًا نَحْو آكلا كَانَ زيد طَعَامك فَفِيهِ أَقْوَال ثَالِثهَا
يقبح التَّقْدِيم وَلَا يمْتَنع لِأَنَّهُ لَيْسَ بِجُزْء من ناصبه
لكَونه فضلَة فَإِن كَانَ ظرفا أَو مجرورا جَازَ بِلَا قبح إِجْمَاعًا
لِأَن الْعَرَب تتسع فِي الظّرْف وَالْمَجْرُور مَا لَا تتسع فِي
غَيرهمَا نَحْو مُسَافِرًا كَانَ زيد الْيَوْم وراغبا كَانَ زيد فِيك
الثَّالِثَة تقدم من صور امْتنَاع تَقْدِيم خبر الْمُبْتَدَأ أَن
يتساويا فِي التَّعْرِيف والتنكير وَلَا بَيَان وَلَا يجْرِي ذَلِك
هُنَا فِي ظَاهر الْإِعْرَاب لِأَن نصب الْخَبَر يُبينهُ فَيجوز كَانَ
أَخَاك زيد وَلم يكن خيرا مِنْك أحد فَإِن خَفِي الْإِعْرَاب وَجب
تَأْخِير الْخَبَر للإلباس نَحْو صَار عدوي صديقي وَكَانَ فتاك
مَوْلَاك الرَّابِعَة مَذْهَب أَكثر الْبَصرِيين أَنه لَا يجوز أَن
يَلِي كَانَ وَأَخَوَاتهَا مَعْمُول خَبَرهَا من مفعول وَحَال
وَغَيرهمَا إِلَّا الظّرْف وَالْمَجْرُور فَلَا يُقَال كَانَ طَعَامك
زيد آكلا وَلَا كَانَ طَعَامك آكلا زيد وَهَذَا الحكم غير مُخْتَصّ
بِبَاب كَانَ بل لَا يَلِي عَاملا من العوامل مَا نَصبه غَيره أَو
رَفعه فَإِن كَانَ مَعْمُول الْخَبَر ظرفا أَو مجرورا جَازَ أَن يَلِي
كَانَ مَعَ تَأْخِير الْخَبَر وتقديمه للتوسع فِي الظروف والمجرورات
وَجوز الْكُوفِيُّونَ وَطَائِفَة من الْبَصرِيين مِنْهُم ابْن السراج
أَن يَليهَا غير الظّرْف أَيْضا لوروده فِي قَوْله 391 -
(بِمَا كَانَ إيّاهم عطيّةُ عوّدا ... )
وَأجِيب بِأَن اسْم كَانَ ضمير الشَّأْن مستتر فِيهَا وعطية مُبْتَدأ
خَبره عودا
(1/432)
وَالْجُمْلَة خبر كَانَ فَلم يل الْعَامِل
كَانَ بل ضمير الشَّأْن وَجوز بَعضهم أَن تكون فِيهِ زَائِدَة فَإِن
تقدم مَعَ الْخَبَر على الِاسْم جَازَ إِجْمَاعًا نَحْو كَانَ آكلا
طَعَامك زيد وَكَذَا يجوز تقدمه على كَانَ نَحْو طَعَامك كَانَ زيد
آكلا وَعَلِيهِ قَوْله تَعَالَى {وأنفسهم كَانُوا يظْلمُونَ}
الْأَعْرَاف 177 وَاعْلَم أَنه يَتَأَتَّى فِي كَانَ زيد آكلا طَعَامك
أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ تركيبا وَقد سقتها فِي الْأَشْبَاه والنظائر
وَكلهَا جَائِزَة عِنْد الْبَصرِيين إِلَّا كَانَ طَعَامك زيد آكلا
وَكَانَ طَعَامك آكلا زيد وآكلا كَانَ طَعَامك زيد
[اجْتِمَاع معرفتين فِي بَاب كَانَ]
ص وَإِذا اجْتمع معرفتان فأقوال الْمُبْتَدَأ وَقيل الْخَبَر غير
الأعرف إِلَّا إِشَارَة مَعَ غير ضمير وَإِلَّا أَن وَأَن وَقيل مَا
يُرَاد ثُبُوته مُطلقًا وَقيل إِن قَامَ مقَامه أَو شبه بِهِ وَقيل مَا
صَحَّ جَوَابا أَو نكرتان بمسوغ تخير وَفِي الْإِخْبَار هُنَا وَإِن
بِمَعْرِِفَة عَن نكرَة ثَالِثهَا سَائِغ إِذْ أَفَادَ والنكرة غير صفة
مَحْضَة ش إِذا اجْتمع فِي بَاب كَانَ معرفتان فَفِي مَا يتَعَيَّن
اسْما وخلافه خَبرا الْأَقْوَال السَّابِقَة فِي الْمُبْتَدَأ
وَالْخَبَر مَعَ زِيَادَة أَقْوَال أخر فَقيل تخير فَأَيّهمَا شِئْت
جعلته الِاسْم وَالْآخر الْخَبَر وَعَلِيهِ الْفَارِسِي وَابْن طَاهِر
وَابْن خروف ابْن مضاء وَابْن عُصْفُور وَهُوَ ظَاهر كَلَام
سِيبَوَيْهٍ فَإِنَّهُ قَالَ وَإِذا كَانَا معرفتين فَأَنت
بِالْخِيَارِ أَيهمَا مَا جعلته فَاعِلا رفعته ونصبت الآخر وَقيل تنظر
إِلَى الْمُخَاطب فَإِن كَانَ يعرف أحد المعرفتين ويجهل الآخر جعل
الْمَعْلُوم الِاسْم والمجهول الْخَبَر نَحْو كَانَ أَخُو بكر عمرا
إِذا قدرت أَن الْمُخَاطب يعلم أَن لبكر أَخا ويجهل كَونه عمرا وَكَانَ
عَمْرو أَخا بكر إِذا كَانَ يعلم عمرا ويجهل كَونه أَخا بكر وعَلى
هَذَا السيرافي وَابْن الباذش وَابْن
(1/433)
4 - الضائع وحملوا كَلَام سِيبَوَيْهٍ على
مَا إِذا اسْتَويَا عِنْد الْمُخَاطب فِي الْعلم وَعَدَمه وَقيل إِن لم
يستويا فِي رُتْبَة التَّعْرِيف جعل الأعرف مِنْهُمَا الِاسْم وَالْآخر
الْخَبَر نَحْو كَانَ زيد صَاحب الدَّار وَقيل الْخَبَر غير الأعرف
إِلَّا إِذا اجْتمع إِشَارَة مَعَ غير ضمير فَإِنَّهُ يَجْعَل
الْإِشَارَة الِاسْم وَإِن كَانَ مَعَ أعرف مِنْهُ كَالْعلمِ والمضاف
إِلَى الضَّمِير نَحْو كَانَ هَذَا أَخَاك لِأَن الْعَرَب اعتنت
بِتَقْدِيم الْإِشَارَة لمَكَان التَّنْبِيه الَّذِي فِيهِ أما مَعَ
الْمُضمر فَلَا وَلِهَذَا كَانَ هَا أَنا ذَا أفْصح من هَا ذَا أَنا
وَإِلَّا إِن كَانَ أَحدهمَا أَن وَأَن المفتوحتين فَإِن الِاخْتِيَار
جَعلهمَا الِاسْم وَالْآخر الْخَبَر وَلِهَذَا قَرَأَ أَكثر الْقُرَّاء
{فَمَا كَانَ جَوَاب قومه إِلَّا أَن قَالُوا} النَّمْل 56 بِنصب
جَوَاب للشبههما بالمضمر من حَيْثُ إنَّهُمَا لَا يوصفان كَمَا لَا
يُوصف فعوملا مُعَامَلَته إِذا اجْتمع مَعَ معرفَة غَيره فَإِن
الِاخْتِيَار جعله الِاسْم لِأَنَّهُ أعرف وَقيل الْخَبَر مَا يُرَاد
إثْبَاته مُطلقًا نَحْو كَانَ عُقُوبَتك عزلك وَكَانَ زيد زهيرا وَقَول
الشَّاعِر 392 -
(فَكَانَ مُضَلِّي مَنْ هُدِيت برُشْدِهِ ... )
أثبت الْهِدَايَة لنَفسِهِ وَلَو قَالَ فَكَانَ هادي من أضللت بِهِ
لأثبت الإضلال وعَلى هَذَا ابْن الطراوة وَقيل الْخَبَر مَا يُرَاد
إثْبَاته بِشَرْط أَن يكون أَحدهمَا قَائِما مقَام الآخر أَو مشبها
بِهِ كالمثالين الْأَوَّلين مَا إِذا كَانَ هُوَ نَفسه كالبيت وَقيل
مَا صَحَّ مِنْهُمَا جَوَابا فَهُوَ الْخَبَر وَالْآخر الِاسْم حكى
هَذِه الْأَقْوَال أَبُو حَيَّان ثمَّ اخْتَار تبعا لجَماعَة تقسيما
يجمعها فَقَالَ إِذا اجْتمع معرفتان فِي هَذَا الْبَاب فَإِن كَانَ
أَحدهمَا قَائِما مقَام الآخر أَو مشبها بِهِ فَالْخَبَر مَا يُرَاد
إثْبَاته وَإِن
(1/434)
كَانَ هُوَ نَفسه فَإِن عرف الْمُخَاطب
أَحدهمَا دون الآخر فالمعلوم هُوَ الِاسْم وَالْآخر الْخَبَر وَإِن
عرفهما أَو جهلهما فَإِن كَانَ أَحدهمَا أعرف من الآخر فَهُوَ الِاسْم
وَالْآخر الْخَبَر إِلَّا الْمشَار مَعَ الضَّمِير وَإِن اسْتَويَا فِي
التَّعْرِيف فَأَنت بِالْخِيَارِ وَإِن كَانَ أَحدهمَا أَن أَو أَن
المصدريتين فَإِنَّهُ يتَعَيَّن جعله الِاسْم قَالَ وَضمير النكرَة
وَإِن كَانَ معرفَة فَإِنَّهُ فِي بَاب الْإِخْبَار يُعَامل مُعَاملَة
النكرَة إِذا اجْتمعت مَعَ الْمعرفَة لِأَن تَعْرِيفه لَفْظِي من
حَيْثُ علم على من يعود أما أَن تعلم من هُوَ فِي نَفسه فَلَا وَإِذا
اجْتمع نكرتان فَإِن كَانَ لكل مِنْهُمَا مسوغ للابتداء فلك الْخِيَار
فَمَا شِئْت جعلته الِاسْم وَالْآخر الْخَبَر نَحْو كَانَ رجل قَائِما
أَو كَانَ قَائِم رجلا وَإِن كَانَ لأَحَدهمَا مسوغ دون الآخر
فَالَّذِي لَهُ المسوغ هُوَ الِاسْم وَالْآخر الْخَبَر نَحْو كَانَ كل
أحد قَائِما وَلَا يجوز كَانَ قَائِم كل أحد وَإِذا اجْتمع نكرَة
وَمَعْرِفَة فالمعرفة الِاسْم والنكرة الْخَبَر وَلَا يعكس إِلَّا فِي
الشّعْر هَذَا مَذْهَب الْجُمْهُور وَجوز ابْن مَالك الْعَكْس
اخْتِيَارا بِشَرْط الْفَائِدَة وَكَون النكرَة غير صفة مَحْضَة قَالَ
لِأَنَّهُ لما كَانَ الْمَرْفُوع هُنَا مشبها بالفاعل والمنصوب مشبها
بالمفعول جَازَ أَن يُغني هُنَا تَعْرِيف الْمَنْصُوب عَن تَعْرِيف
الْمَرْفُوع كَمَا جَازَ فِي بَاب الْفَاعِل وَمن وُرُوده قَوْله 393 -
(كَانَ سُلاَفةً من بَيت رَأس ... يكونُ مِزاجَها عَسَلٌ وماءُ)
وَقَوله 394 -
(وَلَا يَكُ موقِفٌ مِنْكِ الودَاعا ... )
(1/435)
قَالَ وَقد حمل هَذَا الشّبَه فِي بَاب إِن
على أَن جعل فِيهِ الِاسْم نكرَة وَالْخَبَر معرفَة كَقَوْلِه 395 -
(وإنّ حَرَامًا أَن أَسُبَّ مُجَاشِعاً ... بآبائىَ الشُّمِّ الْكِرَام
الخضَارم)
وَأَجَازَ سِيبَوَيْهٍ إِن قَرِيبا مِنْك زيد ص وَإِن قصد إِيجَاب خبر
مَا قرن بإلا إِن قبل وَلَو قرن بتنفيس أَو قد أَو لم خلافًا للفراء
لَا زَالَ وَإِخْوَته وَلَا يكون اسْم هَذِه نكرَة وَثَالِثهَا يجوز
مَعَ الْمَاضِي وَيكثر فِي لَيْسَ وَكَانَ بعد نفي وَشبهه ش فِيهِ
مَسْأَلَتَانِ الأولى إِذا قصد إِيجَاب خبر منفي أيا كَانَ قرن بإلا
إِن قبل ذَلِك نَحْو كَانَ زيد إِلَّا قَائِما وَلَيْسَ زيد إِلَّا
قَائِما وَسَوَاء هَذَا الْبَاب وَغَيره نَحْو مَا ظَنَنْت زيدا إِلَّا
قَائِما فَإِن لم يقبل ذَلِك بِأَن كَانَ الْخَبَر لَا يسْتَعْمل
إِلَّا منفيا لم يجز دُخُول إِلَّا عَلَيْهِ نَحْو مَا كَانَ مثلك
إِلَّا أحدا وَمَا كَانَ زيد إِلَّا زائلا ضَاحِكا وَكَذَلِكَ لَا تدخل
على خبر زَالَ وَإِخْوَته لِأَن نَفيهَا إِيجَاب فَإِن قَوْلك مَا
زَالَ زيد عَالما فِيهِ إِثْبَات الْعلم لزيد فهر كَقَوْلِك كَانَ زيد
عَالما وَهَذَا لَا يدْخل عَلَيْهِ إِلَّا فَكَذَلِك ذَاك وَأما قَول
ذِي الرمة 396 -
(حَرَاجيجُ لَا تَنْفَكّ إِلَّا مُناخَةً ... على الخَسْفِ أَو نَرْمى
بهَا بَلَداً قَفْرا)
(1/436)
فَقيل خطأ مِنْهُ وَلِهَذَا لم يحْتَج
الْأَصْمَعِي بِشعرِهِ ولكثرة ملازمته الْحَاضِرَة فسد كَلَامه وَقيل
مؤول على زِيَادَة إِلَّا أَو تَمام يَنْفَكّ ومناخة حَال وَلَا يجوز
دُخُول إِلَّا على خبر مقرون ... . الثَّانِيَة يكثر وُقُوع اسْم
لَيْسَ نكرَة مَحْضَة لِأَن فِيهَا معنى النَّفْي المسوغ للابتداء
بالنكرة كَقَوْلِه 397 -
(كَمْ قد رأيْتُ، وَلَيْسَ شىء بَاقِيا ... مِنْ زائر طَيْف الهَوى،
ومَزُور)
ويشاركه فِي ذَلِك كَانَ بعد نفي أَو شبهه كَقَوْلِه 398 -
(إِذا لم يكن أحدٌ بَاقِيا ... فإنَّ التأسِّى دَواءُ الأًسَى)
وَقَوله 399 -
(وَلَو كَانَ حىٌّ فى الْحَيَاة مخَلَّداً ... خَلَدْتَ، وَلَكِن
لَيْسَ حىٌّ بخالدِ)
وَقد يلْحق بهَا فِي ذَلِك بَاب زَالَ وَإِخْوَته ص وترادف كَانَ لم
يزل وتزاد وسطا قيل وآخرا فمضارعة وَقيل فاعلها ضمير مصدرها وشذ بَين
جَار ومجرور وَزَاد الكوفية أصبح وأمسي وَالْفراء يكون وَالْبَاقِي إِن
لم ينقص الْمَعْنى وَقوم كل فعل لَازم ش فِيهِ مَسْأَلَتَانِ الأولى
تخْتَص كَانَ بمرادفة لم يزل كثيرا أَي أَنَّهَا تَأتي دَالَّة على
الدَّوَام وَإِن كَانَ الأَصْل فِيهَا أَن يدل على حُصُول مَا دخلت
عَلَيْهِ فِيمَا مضى مَعَ انْقِطَاعه
(1/437)
عِنْد قوم وَعَلِيهِ الْأَكْثَر كَمَا
قَالَ أَبُو حَيَّان أَو سكُوتهَا عَن الِانْقِطَاع وَعَدَمه عِنْد
آخَرين وَجزم بِهِ ابْن مَالك وَمن الدَّالَّة على الدَّوَام
الْوَارِدَة فِي صِفَات الله تَعَالَى نَحْو {وَكَانَ الله سميعا
بَصيرًا} النِّسَاء 134 أَي لم يزل متصفا بذلك الثَّانِيَة تخْتَص
أَيْضا بِأَنَّهَا تزاد بِشُرُوط أَن تكون بِلَفْظ الْمَاضِي متوسطة
بَين مُسْند ومسند إِلَيْهِ نَحْو مَا كَانَ أحسن زيدا وَلم ير كَانَ
مثلهم وَمِنْه حَدِيث أَو بني كَانَ آدم وَجوز الْفراء زيادتها بِلَفْظ
الْمُضَارع كَقَوْلِه 400 -
(أنْتَ تكُون ماجدٌ نَبيلُ ... )
وَجوز أَيْضا زيادتها آخرا نَحْو زيد قَائِم كَانَ قِيَاسا على
إِلْغَاء ظن آخرا ورد بِعَدَمِ سَمَاعه وَالزِّيَادَة خلاف الأَصْل
فَلَا تُبَاح فِي غير موَاضعهَا الْمُعْتَادَة وشذ زيادتها بَين
الْجَار وَالْمَجْرُور فِي قَوْله 401 -
(سُرَاةُ بنى أَبى بكر تسامَى ... على كَانَ المسوَّمةِ العِراب)
قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا يحفظ فِي غير هَذَا الْبَيْت وَجوز
الْكُوفِيُّونَ زِيَادَة أصبح وَأمسى وحكوا مَا أصبح أبردها وَمَا
أَمْسَى أدفأها وَحمل على ذَلِك أَبُو عَليّ قَوْله
(1/438)
402 -
(عدوّ عَيْنَيْكَ وشَانِيهما ... أصْبَحَ مشغولٌ بمشْغُول)
وَقَوله 403 -
(أعاذِلَ قُولِى مَا هَويتِ فأّوبى ... كثيرا أَرى أَمْسى لَديْك
ذُنُوبى)
وَأَجَازَ الْفراء زِيَادَة سَائِر أَفعَال هَذَا الْبَاب وكل فعل
لَازم من غير هَذَا الْبَاب إِذا لم ينقص الْمَعْنى نَحْو مَا أضحى
أحسن زيدا وَزيد أضحى قَائِم وَاسْتدلَّ على ذَلِك بِأَن الْعَرَب قد
زَادَت الْأَفْعَال فِي نَحْو قَوْله 404 -
(فاليوم قرّبْت تهجونا وتشتِمُنا ... فاذْهب فَمَا بك والأيّام من
عَجَبِ)
وَلم يرد أَن يَأْمُرهُ بالذهاب وَالصَّحِيح أَن ذَلِك كُله لَا يجوز
لاحْتِمَال التَّأْوِيل وَمَا لَا يحْتَملهُ من ذَلِك من الْقلَّة
بِحَيْثُ لَا يُقَاس عَلَيْهِ وَقد اخْتلف فِي كَانَ المزيدة هَل لَهَا
فَاعل فَذهب السيرافي والصيمري إِلَى أَنَّهَا رَافِعَة لضمير الْمصدر
الدَّال عَلَيْهِ الْفِعْل كَأَنَّهُ قيل كَانَ هُوَ أَي كَانَ
الْكَوْن وَذهب الْفَارِسِي إِلَى أَنَّهَا لَا فَاعل لَهَا لِأَن
الْفِعْل إِذا اسْتعْمل اسْتِعْمَال مَا لَا يحْتَاج إِلَى فَاعل
استغني عَنهُ بِدَلِيل أَن قَلما فعل وَلما استعملته الْعَرَب للنَّفْي
لم يحْتَج إِلَيْهِ إِجْرَاء لَهُ مجْرى حرف النَّفْي وَاخْتَارَهُ
ابْن مَالك وَوَجهه بِأَنَّهَا تشبه الْحَرْف الزَّائِد فَلَا يُبَالِي
بخلوها من الْإِسْنَاد
(1/439)
[حذف كَانَ وَاسْمهَا]
ص وَيجوز حذف كَانَ وَاسْمهَا إِن علم بعد إِن وَلَو بِكَثْرَة وهلا
وَإِلَّا بقلة وَيجوز رفع تَالِيهَا إِن حسن التَّقْدِير فِيهِ أَو
مَعَه وَإِلَّا فَلَا وَجوز يُونُس وَابْن مَالك جر مقورن ب إِن لَا
أَو إِن عَاد اسْم كَانَ على مجرور بِحرف وَجعل تالي الْفَاء جَوَاب
إِن خبر مُبْتَدأ أولى من خبر كَانَ مضمرة أَو حَال أَو مفعول بلائق
وإضمار النَّاقِصَة قبلهَا أولى وَقل بعد لدن وَنَحْوهَا وَيجب بعد أَن
وَقل بعد أَن معوضا مِنْهَا مَا وَقيل هِيَ التَّامَّة والمنصوب حَال
وَقيل الْعَامِل مَا وَقيل غير عوض فيظهران ش تخْتَص كَانَ أَيْضا من
بَين سَائِر أخواتها بِأَنَّهَا قد تعْمل محذوفة وَلذَلِك أَقسَام
الأول مَا يجوز بِكَثْرَة وَذَلِكَ بعد إِن وَلَو الشرطيتين فتحذف هِيَ
وَاسْمهَا إِذا كَانَ ضمير مَا علم من غَائِب أَو حَاضر مِثَاله بعد
إِن مَعَ الْغَائِب قَوْله 405 -
(قد قِيل ذَلِك إِن حقًّا وإنْ كَذِبا ... فَمَا اعتذارُكَ من قَوْل
إِذا قِيلا)
وَمَعَ الْمُتَكَلّم قَوْله 406 -
(حَدِبَتْ علىَّ بطونُ ضنّة كلُّها ... إنْ ظالِمًا فِيهم وإنْ
مَظْلوما)
وَمَعَ الْمُخَاطب قَوْله 407 -
(لَا تقربَنَّ الدَّهْرَ آلَ مُطَرِّفٍ ... إنْ ظالِمًا أَبداً وإنْ
مَظْلُومَا)
(1/440)
ومثاله بعد لَو مَعَ الثَّلَاثَة قَوْله
408 -
(لَا يَأْمَنُ الدَّهرَ ذُو بَغْى وَلَو مَلِكاً ... جُنُودُه ضَاقَ
عَنْهَا السّهْلُ والجَبَلُ)
وَقَوله 409 -
(علمْتُك منّانًا فلسْتُ بآمل ... نَداك، وَلَو غَرْثَانَ ظَمْآنَ
عَاريا)
وَقَوله 410 -
(انْطقْ بحقٍّ وَلَو مُسْتَخْرجاً إحَنًا ... فإنّ ذَا الحقّ غلاّبٌ
وإنْ غُلِبَا)
وَلَو أظهر الْفِعْل فِي نَحْو هَذِه الْمثل لجَاز قَالَ سِيبَوَيْهٍ
وَإِن شِئْت أظهرت الْفِعْل وَلَا يجوز عِنْد عدم الْإِظْهَار إِلَّا
نصب التَّالِي على أَنه خبر كَانَ وَرُبمَا يجوز فِيهِ الرّفْع والجر
فَالْأول إِذا حسن هُنَاكَ تَقْدِير فِيهِ أَو مَعَه أَو نَحْو ذَلِك
كَقَوْلِهِم النَّاس مجزيون بأعمالهم إِن خيرا فَخير وَإِن شرا فشر
والمرء مقتول بِمَا قتل بِهِ إِن سَيْفا فسيف وَإِن خنجرا فخنجر
فانتصاب خيرا وشرا وسيفا وخنجرا على تَقْدِير إِن كَانَ الْعَمَل خيرا
وَإِن كَانَ الْمَقْتُول بِهِ سَيْفا وارتفاعها على أَنَّهَا الِاسْم
على تَقْدِير إِن كَانَ فِي أَعْمَالهم خير وَإِن كَانَ مَعَه سيف أَو
على تَقْدِير كَانَ التَّامَّة وَالْأول أولى وَهُوَ معنى قَوْلنَا
وإضمار النَّاقِصَة قبلهَا أَي الْفَاء أولى أَي من التَّامَّة وَعلله
ابْن مَالك بِأَن إِضْمَار النَّاقِصَة مَعَ النصب مُتَعَيّن وَهُوَ
مَعَ الرّفْع مُمكن فَوَجَبَ تَرْجِيحه ليجري الِاسْتِعْمَال على سنَن
وَاحِد وَلَا يخْتَلف الْعَامِل
(1/441)
ومثاله بعد لَو الْإِطْعَام وَلَو تَمرا
فالنصب على تَقْدِير وَلَو يكون الطَّعَام تَمرا وَالرَّفْع على
تَقْدِير وَلَو يكون عنْدكُمْ تمر أَو على تَقْدِير كَانَ تَامَّة
فَإِن لم يحسن تَقْدِير مَا ذكر امْتنع الرّفْع كالأبيات السَّابِقَة
وَمثله سِيبَوَيْهٍ بِقَوْلِك امرر بِأَيِّهِمْ أفضل إِن زيدا وَإِن
عمرا وَالثَّانِي بعد إِن فَقَط إِذا عَاد اسْم كَانَ على مجرور بِحرف
سَوَاء اقترنت إِن ب لَا أم لَا كَقَوْلِهِم مَرَرْت بِرَجُل صَالح إِن
لَا صَالحا فطالح وامرر بِأَيِّهِمْ أفضل إِن زيدا وَإِن عمرا فَصَالح
وَزيد بِالنّصب على تَقْدِير إِن لَا يكن صَالحا وَإِن يكن زيدا وَحكى
يُونُس فِيهِ الْجَرّ على تَقْدِير إِن لَا أَمر بِصَالح أَو إِلَّا
أكن مَرَرْت بِصَالح فقد مَرَرْت بطالح وَأَجَازَهُ فِي زيد على
تَقْدِير إِن مَرَرْت بزيد وَإِن مَرَرْت بِعَمْرو فوافقه ابْن مَالك
على اطراده وقصره غَيرهمَا على السماع لِأَن الْجَرّ بالحرف
الْمَحْذُوف مسموع غير منقاس قَالَ أَبُو حَيَّان وَالصَّوَاب مَعَ
الْجُمْهُور لما فِي الأول من التَّكَلُّف وَلم يسمع مثل ذَلِك بعد لَو
أصلا وَقَوْلِي وَجعل تالي الْفَاء إِلَى آخِره أَشرت بِهِ إِلَى أَن
قَوْلهم فَخير من الْمِثَال السَّابِق يجوز فِيهِ أَيْضا الرّفْع
وَالنّصب وَالْأول أرجح لِأَن الْمَحْذُوف مَعَه شَيْء وَاحِد وَهُوَ
الْمُبْتَدَأ وَمَعَ النصب شَيْئَانِ وَلِأَن وُقُوع الاسمية بعد فَاء
الْجَزَاء أَكثر وَالتَّقْدِير فِي الرّفْع فَالَّذِي يجزى بِهِ خير
وَالنّصب على حذف كَانَ وَاسْمهَا أَي كَانَ الَّذِي يجزى بِهِ خيرا
أَو على الْحَال أَي فَهُوَ يلقاه خيرا أَو على الْمَفْعُول بِفعل
لَائِق أَي فَهُوَ يجزى أَو يعْطى خيرا وَعلم من ذَلِك أَن فِي
مَسْأَلَة إِن خيرا فَخير أَرْبَعَة أوجه أحْسنهَا نصب الأول وَرفع
الثَّانِي وأضعفها عَكسه وَبَينهمَا نصبهما ورفعهما ثمَّ قَالَ الشوبين
إنَّهُمَا متكافئان لِأَن مَا فِي نصب الأول من الْحسن يُقَابله قبح
رَفعه وَمَا فِي نصب الثَّانِي من الْقبْح يُقَابله حسن رَفعه وَقَالَ
ابْن عُصْفُور بل رفعهما أحسن لقلَّة الْإِضْمَار فيهمَا بِالنِّسْبَةِ
إِلَى نصبهما
(1/442)
الْقسم الثَّانِي مَا يجوز بقلة وَذَلِكَ
فِي ثَلَاث صور الأولى وَالثَّانيَِة بعد هلا وَألا قَالَ أَبُو
حَيَّان يجرى مجْرى لَو غَيرهَا من الْحُرُوف الدَّالَّة على الْفِعْل
إِذا تقدم مَا يدل عَلَيْهِ لكنه لَيْسَ بِكَثِير الِاسْتِعْمَال
الثَّالِثَة بعد لدن كَقَوْلِه 411 -
(من لَد شَوْلاً فَإِلَيَّ إتْلاَئِها ... )
أَي من لد أَن كَانَت شولا والشول بِفَتْح الْمُعْجَمَة الَّتِي
ارْتَفَعت أَلْبَانهَا من النوق وَاحِدهَا شَائِلَة أَو شائل وإتلاؤها
أَن يتلوها أَوْلَادهَا وَقَوْلِي وَنَحْوهَا وَقَول التسهيل وَشبههَا
مِثَاله قَوْله 412 -
(أَزمانَ قومى والْجَمَاعَةَ كالتى ... لزم الرِّحالةَ أَن تَمِيل
مَمِيلا)
قَالَ سِيبَوَيْهٍ أَرَادَ أزمان كَانَ قومِي مَعَ الْجَمَاعَة الْقسم
الثَّالِث مَا يجب وَذَلِكَ فِي صُورَتَيْنِ الأولى بعد أَن المصدرية
إِذا عوض مِنْهَا مَا كَقَوْلِه 413 -
(أَبا خُراشَة أَمّا أَنْت ذَا نَفَر ... )
(1/443)
أَي لِأَن كنت فَحذف اللَّام اختصارا ثمَّ
كَانَ كَذَلِك فانفصل الضَّمِير وَجِيء ب مَا عوضا عَنْهَا وَالْتزم
حذف كَانَ لِئَلَّا يجمع بَين الْعِوَض والمعوض مِنْهُ وَالْمَرْفُوع
بعد مَا اسْم كَانَ والمنصوب خَبَرهَا هَذَا هُوَ الصَّحِيح فِي
الْمَسْأَلَة وَبَقِي فِيهَا أَقْوَال أخر فَزعم بَعضهم أَن كَانَ
المحذوفة فِيهَا تَامَّة والمنصوب حَال وَزعم أَبُو عَليّ وَابْن جني
أَن مَا هى الرافعة الناصبة لكَونهَا عوضا من الْفِعْل فنابت منابة فى
الْعَمَل وَزعم الْمبرد أَن مَا زَائِدَة لَا عوض فَيجوز إِظْهَار
كَانَ مَعهَا نَحْو أما كنت مُنْطَلقًا انْطَلَقت ورد بِأَن هَذَا
كَلَام جرى مجْرى الْمثل فَيُقَال كَمَا سمع وَلَا يُغير وَلَيْسَ
هَذَا الْموضع من مَوضِع قِيَاس زِيَادَة مَا الثَّانِيَة بعد إِن
الشّرطِيَّة إِذا عوض مِنْهَا مَا وَذَلِكَ قَلِيل بِالنِّسْبَةِ
للْأولِ كَقَوْلِهِم افْعَل هَذَا إِمَّا لَا أَي إِن كنت لَا تفعل
غَيره وَقَول الراجز 414 -
(أرعت الأَرْض لَوَ أنّ مَالا ... لَوْ أنّ نُوقًا لَك أَو جمَالا)
(أوثَلَّةً من غَنم إمّالا ... )
أَي إِن كنت لَا تَجِد غَيرهَا وَمَا عوض من كَانَ وَإِنَّمَا كَانَ
هَذَا قَلِيلا لِكَثْرَة الْحَذف وَلَا يحذف مَعَ الْمَكْسُورَة معوضا
مِنْهَا مَا إِلَّا فِي هَذَا وَلَو قلت إِمَّا كنت مُنْطَلقًا
انْطَلَقت كَانَت مَا زَائِدَة لَا عوضا وَلَا يجوز إِمَّا أَنْت
مُنْطَلقًا انْطَلَقت بِحَذْف كَانَ
(1/444)
[حذف نون كَانَ تَخْفِيفًا]
ص ويحذف نونها سَاكِنة جزما والتامة أقل مَا لم يُوصل بضمير أَو سَاكن
خلافًا ليونس ش يجوز حذف نون كَانَ تَخْفِيفًا بِشُرُوط أَن يكون من
مضارع بِخِلَاف الْمَاضِي وَالْأَمر مَجْزُومًا بِالسُّكُونِ بِخِلَاف
الْمَرْفُوع والمنصوب والمجزوم بالحذف وَألا توصل بضمير نَحْو إِن يكنه
فَلَنْ تسلط عَلَيْهِ وَلَا بساكن نَحْو {لم يكن الَّذين كفرُوا}
الْبَيِّنَة 1 مِثَال مَا اجْتمعت فِيهِ الشُّرُوط {وَلم أك بغيا}
مَرْيَم 20 {لم نك من الْمُصَلِّين} المدثر 43 {وَلَا تَكُ فِي ضيق}
النَّحْل 127 {فَلم يَك يَنْفَعهُمْ} غَافِر 85 وَسَوَاء فِي ذَلِك
النَّاقِصَة كَمَا مثلنَا والتامة لَكِن الْحَذف فِيهَا أقل نَحْو
{وَإِن تَكُ حَسَنَة} النِّسَاء 40 قَالَ أَبُو حَيَّان وَحذف هَذِه
النُّون شَاذ فِي الْقيَاس لِأَنَّهَا من نفس الْكَلِمَة لَكِن سوغه
كَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَشبه النُّون بحروف الْعلَّة وَإِنَّمَا لم
يجز عِنْد ملاقاة الضَّمِير لِأَن الضَّمِير يرد الشَّيْء إِلَى أَصله
كَمَا رد نون لد إِذا أضيفت إِلَيْهِ فَقيل لَدنه وَلَا يجوز لده وَلَا
عِنْد السَّاكِن لِأَنَّهَا تحرّك حِينَئِذٍ فيضعف الشّبَه وَأَجَازَ
يُونُس حذفهَا مَعَ السَّاكِن وَوَافَقَهُ ابْن مَالك تمسكا بِنَحْوِ
قَوْله
(1/445)
415 -
(لم يَكُ الحَقُّ سِوَى أَن هَاجَهُ ... رَسْمُ دَار قد تَعفّتْ
بالسَّرَرْ)
وَقَوله 416 -
(فَإِن لم تَكُ الْمرْآة أبدت وَسَامةً ... )
وَقَوله 417 -
(إِذا لم تَكُ الْحَاجَات من هِمّة الْفَتى ... )
وَالْجُمْهُور قَالُوا إِن ذَلِك ضَرُورَة وَمَا قَالَه ابْن مَالك من
أَن النُّون حذفت للتَّخْفِيف وَثقل اللَّفْظ والثقل بثبوتها قبل
السَّاكِن أَشد فَيكون الْحَذف حِينَئِذٍ أولى رده أَبُو حَيَّان بِأَن
التَّخْفِيف لَيْسَ هُوَ الْعلَّة إِنَّمَا الْعلَّة كَثْرَة
الِاسْتِعْمَال مَعَ شبهها بحروف الْعلَّة وَقد ضعف الشّبَه كَمَا تقدم
فَزَالَ أحد جزأيها وَالْعلَّة المركبة تَزُول بِزَوَال بعض
أَجْزَائِهَا
(1/446)
مَا ألحق بليس
ص مَسْأَلَة ألحق ب لَيْسَ أحرف أَحدهَا مَا النافية عِنْد أهل الْحجاز
وَزعم الكوفية النصب بعْدهَا بِإِسْقَاط الْبَاء وَشَرطه بَقَاء
النَّفْي لَا إِن نقض بإلا أَو إِنَّمَا وَثَالِثهَا ينصب إِن نزل
الثَّانِي منزلَة الأول وَرَابِعهَا إِن كَانَ صفة وَلَا بدل مِنْهُ
خلافًا للصفار لَا بِغَيْر وَجوز الْفراء رَفعه وفقد إِن وَجوز الكوفية
نَصبه وَهِي كَافَّة لَا نَافِيَة خلافًا لَهُم وَمَا خلافًا لقوم
وَتَأْخِير الْخَبَر خلافًا للفراء مُطلقًا والأخفش مَعَ إِلَّا وَقيل
نَصبه لُغَة ومعموله خلافًا لِابْنِ كيسَان وَمنعه الرماني مَرْفُوعا
أَيْضا وَفِي تقدم الظّرْف ثَالِثهَا الْأَصَح عِنْدهم يجوز مَعْمُولا
لَا خَبرا وَعِنْدِي عَكسه وَلَا يقدم مَعْمُول على مَا بِحَال
وَثَالِثهَا يجوز إِن قصد الرَّد ش أصل الْعَمَل للأفعال بِدَلِيل أَن
كل فعل لابد لَهُ من فَاعل إِلَّا مَا اسْتعْمل زَائِدا نَحْو كَانَ
أَو فِي معنى الْحَرْف نَحْو قَلما أَو تركب مَعَ غَيره نَحْو حبذا
وَمَا عمل من الْأَسْمَاء فلشبهه بِالْفِعْلِ وَأما الْحَرْف فَتقدم
أَنه إِن اخْتصَّ بِمَا دخل عَلَيْهِ وَلم ينزل منزلَة الْجُزْء مِنْهُ
عمل فِيهِ فَإِن لم يخْتَص أَو اخْتصَّ وَلَكِن تنزل منزلَة الْجُزْء
مِنْهُ لم يعلم فِيهِ لِأَن جُزْء الشَّيْء لَا يعْمل فِي الشَّيْء
وَمَا من قبيل غير الْمُخْتَص وَلها شبهان أَحدهمَا هَذَا وَهُوَ عَام
فِيمَا لَا يعْمل من الْحُرُوف وراعاه بَنو تَمِيم فَلم يعملوها
وَالثَّانِي خَاص وَهُوَ شبهها بليس فِي كَونهَا للنَّفْي وداخلة على
الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر وتخلص الْمُحْتَمل للْحَال كَمَا أَن لَيْسَ
كَذَلِك وراعى هَذَا الشّبَه أهل الْحجاز فأعملوها عَملهَا فَرفعُوا
بهَا الْمُبْتَدَأ اسْما لَهَا ونصبوا بِهِ الْخَبَر خَبرا لَهَا قَالَ
تَعَالَى {مَا هَذَا بشرا} يُوسُف 31 {مَا هن أمهاتهم} المجادلة 2
هَذَا مَذْهَب الْبَصرِيين وَزعم الْكُوفِيُّونَ أَن مَا لَا تعْمل
شَيْئا فِي لُغَة الْحِجَازِيِّينَ وَأَن الْمَرْفُوع بعْدهَا بَاقٍ
على مَا كَانَ قبل دُخُولهَا والمنصوب على إِسْقَاط الْبَاء لِأَن
الْعَرَب لَا تكَاد تنطق بهَا إِلَّا بِالْبَاء فَإِن حذفوها عوضوا
مِنْهَا النصب كَمَا هُوَ الْمَعْهُود عِنْد
(1/447)
حذف حرف الْجَرّ وليفرقوا بَين الْخَبَر
الْمُقدر فِيهِ الْبَاء وَغَيره ورد بِكَثِير من الْحُرُوف الجارة حذفت
وَلم ينصب مَا بعْدهَا وعَلى الأول لإعمالها عمل لَيْسَ شُرُوط أَحدهَا
بَقَاء النَّفْي فَإِن انتفض بإلا بَطل الْعَمَل نَحْو {وَمَا مُحَمَّد
إِلَّا رَسُول} آل عمرَان 144 وَكَذَا إِذا أبدل من الْخَبَر بدل مصحوب
بإلا نَحْو مَا زيد شَيْء إِلَّا شَيْء لَا يعبأ بِهِ لِاتِّحَاد حكم
الْبَدَل والمبدل مِنْهُ وَخَالف قوم فِي هَذَا الشَّرْط فَيجوز يُونُس
والشلوبين النصب مَعَ إِلَّا مُطلقًا لوروده فِي قَوْله 418 -
(وَمَا الدّهر إلاّ منجنوناً بأَهْله ... وَمَا صَاحِبُ الحَاجَاتِ
إلاّ مُعذّبًا)
وَقَوله 419 -
(وَمَا حَقٌ الَّذِي يَعْثُو نَهَارا ... ويَسْرقُ لَيْلَهُ إلاّ
نكَالا)
وَأجِيب بِأَنَّهُ نصب على الْمصدر أَي ينكل نكالا ويعذب معذبا أَي
تعذيبا ويدور دوران منجنون أَي دولاب وَقَالَ قوم يجوز النصب إِن كَانَ
الْخَبَر هُوَ الِاسْم فِي الْمَعْنى نَحْو مَا زيد إِلَّا أَخَاك أَو
منزلا مَنْزِلَته نَحْو مَا زيد إِلَّا زهيرا وَقَالَ آخَرُونَ يجوز
إِن كَانَ صفة نَحْو مَا زيد إِلَّا قَائِما
(1/448)
وَقَالَ الصفار فِي الْبَدَل يجوز نَصبه
لَكِن على الِاسْتِثْنَاء لَا الْبَدَلِيَّة وَإِن انْتقض بِغَيْر
إِلَّا لم يُؤثر فَيجب النصب عِنْد الْبَصرِيين نَحْو مَا زيد غير
قَائِم وَأَجَازَ الْفراء الرّفْع الشَّرْط الثَّانِي فقد إِن فَإِن
زيدت بعد مَا بَطل الْعَمَل كَقَوْلِه 420 -
(فَمَا إِن طِبُّنَا جُبْنٌ ولَكِنْ ... )
وَقَوله 421 -
(بنى غُدَانَة مَا إِن أَنْتُم ذَهبٌ ... وَلَا صَريفٌ وَلَكِن أَنْتُم
الخَزَفُ)
قَالَ ابْن مَالك لما كَانَ عمل مَا اسْتِحْسَانًا لَا قِيَاسا شَرط
فِيهِ الشُّرُوط الْمَذْكُورَة لِأَن كلا مِنْهَا حل أُصَلِّي فالبقاء
عَلَيْهَا تَقْوِيَة والتخلي عَنْهَا أَو عَن بَعْضهَا توهين وَألْحق
الْأَرْبَعَة بِلُزُوم الوهن عِنْد عَدمه الْخُلُو من مُقَارنَة إِن
لِأَن مُقَارنَة إِن تزيل شبهها بليس لِأَن لَيْسَ لَا يَليهَا إِن
فَإِذا وليت مَا تباينا فِي الِاسْتِعْمَال وَبَطل الإعمال انْتهى
(1/449)
وَذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى جَوَاز النصب
مَعَ إِن وَرووا قَوْله مَا إِن أَنْتُم ذَهَبا وَلَا صريفا بِالنّصب
والبصريون على أَن إِن الْمَذْكُورَة زَائِدَة كَافَّة وزعمها
الْكُوفِيُّونَ نَافِيَة كَذَا حكوه وعندى أَن الْخلاف فِي إعمالها
يَنْبَغِي أَن يكون مُرَتبا على هَذَا الْخلاف الشَّرْط الثَّالِث أَن
لَا تؤكد ب مَا فَإِن أكدت بهَا بَطل الْعَمَل نَحْو مَا مَا زيد
قَائِم قَالَ فِي الْغرَّة وَهِي كَافَّة وَحكى هُوَ والفارسي عَن
جمَاعَة الْكُوفِيّين إجَازَة النصب كَقَوْلِه 422 -
(لَا يُنْسِكَ الأسَى تَأسِّيًا فَمَا ... مَا من حِمام أحدٌ
مُعْتَصِما)
وَأجِيب بِأَنَّهُ شاد أَو مؤول أَي فَمَا يجدى الْحزن ثمَّ ابْتَدَأَ
مَا فَلَيْسَتْ مُؤَكدَة الشَّرْط الرَّابِع تَأْخِير الْخَبَر فَإِن
تقدم ارْتَفع كَقَوْلِه 423 -
(وَمَا حَسَنٌ أَن يمدح المرْءُ نَفْسَهُ ... )
وَجوز الْفراء نَصبه مُطلقًا نَحْو مَا قَائِما زيد وَجوزهُ الْأَخْفَش
مَعَ إِلَّا نَحْو مَا قَائِما إِلَّا زيد وَحكى الْجرْمِي أَن ذَلِك
لغية سمع مَا مسيئا من أَعتب وَقَالَ الفرزدق 424 -
(إذْ هم قُرَيشٌ وإذْ مِثْلَهُم بَشَرُ ... )
(1/450)
وَقَالَ الآخر 425 -
(نجَرانُ إذْ مَا مِثْلَها نَجْرانُ ... )
وَالْجُمْهُور أولو ذَلِك على الْحَال نَحْو فِيهَا قَائِما رجل
وَالْخَبَر مَحْذُوف وَهُوَ الْعَامِل فِيهَا أَي مثلهم فِي الْوُجُود
وَإِذا امْتنع النصب فِي حَال تقدم الْخَبَر فَفِي تقدم معموله أولى
نَحْو مَا طَعَامك زيد آكل وَأَجَازَ الْكُوفِيُّونَ وَابْن كيسَان
نَصبه قِيَاسا على لَا وَلنْ وَلم فَإِن تقدم الْخَبَر أَو معموله
وَهُوَ ظرف أَو جَار ومجرور نَحْو مَا فِي الدَّار أَو مَا عنْدك زيد
وَمَا بِي أَنْت معنيا فأقوال أَحدهَا منع النصب كغيرهما وَالثَّانِي
الْجَوَاز للتوسع فيهمَا وَالثَّالِث جَوَاز النصب إِن كَانَ الظّرْف
الْمُقدم مَعْمُول الْخَبَر وَالْمَنْع إِن كَانَ هُوَ الْخَبَر وَهُوَ
ظَاهر كَلَام ابْن مَالك فِي كتبه وَصرح بِهِ فِي الكافية الْكُبْرَى
وَشَرحهَا وَابْن هِشَام فِي الْجَامِع وَعِنْدِي عكس هَذَا وَهُوَ
النصب إِن كَانَ الظّرْف الْمُقدم الْخَبَر وَالْمَنْع إِن كَانَ
معموله ص وَمَا عطف على خَبَرهَا بلكن وبل رفع وَنصب غَيرهمَا أَجود
وَمنع قوم نصب مَعْطُوف لَيْسَ مُطلقًا وَلَا يُغير مَا الْهَمْز وَلَا
تحذف خلافًا للكسائي وَلَا اسْمهَا وخبرها مَا لم تكف ب إِن وشذ بِنَاء
النكرَة مَعهَا
(1/451)
ش فِيهِ مسَائِل الأولى إِذا عطف على خبر
مَا ب لَكِن أَو بل تعين فِي الْمَعْطُوف الرّفْع نَحْو مَا زيد
قَائِما لَكِن قَاعد أَو بل قَاعد على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي
هُوَ وَلَا يجوز النصب لِأَن الْمَعْطُوف بهما مُوجب وَمَا لَا تعْمل
إِلَّا فِي الْمَنْفِيّ أما الْمَعْطُوف بِغَيْرِهِمَا فَيجوز فِيهِ
الْأَمْرَانِ وَالنّصب أَجود نَحْو مَا زيد قَائِما وَلَا قَاعِدا
وَيجوز وَلَا قَاعد على إِضْمَار هُوَ وَأوجب قوم الرّفْع فِي
الْمَعْطُوف على خبر لَيْسَ مُطلقًا سَوَاء كَانَ بلكن وبل أَو
بِغَيْرِهِمَا نَحْو لَيْسَ زيد قَائِما لَكِن قَاعد أَو وَلَا قَاعد
وَالْمَعْرُوف خِلَافه الثَّانِيَة إِذا دخلت همزَة الِاسْتِفْهَام على
مَا الحجازية لم تغيرها عَن الْعَمَل نَحْو أما زيد قَائِما كَمَا
تَقول أَلَسْت قَائِما الثَّالِثَة أجَاز الْكسَائي إِضْمَار مَا
فَأَنْشد 426 -
(فَقلت لَهَا، وَالله يدْرِي مُسافِرٌ ... إِذا أضمرته الأَرْض مَا
الله صانع)
أَي مَا يدْرِي وَمنع البصريون ذَلِك الرَّابِعَة لَا يجوز حذف اسْم
مَا قِيَاسا على لَيْسَ وَأَخَوَاتهَا لَا تَقول زيد مَا مُنْطَلقًا
تُرِيدُ مَا هُوَ وَلَا خَبَرهَا كَذَلِك فَإِن كفت بإن جَازَ
تَشْبِيها ب لَا كَقَوْلِه 427 -
(لناموا فَمَا إِن من حَديثٍ وَلَا صَال ... )
التَّقْدِير فَمَا حَدِيث وَلَا صال منتبه أَي ذُو حَدِيث
(1/452)
الْخَامِسَة شَذَّ بِنَاء النكرَة مَعَ مَا
تَشْبِيها ب لَا سمع مَا بَأْس عَلَيْك كَمَا قَالُوا لَا بَأْس
عَلَيْك وَأنْشد الْأَخْفَش 428 -
(وَمَا بأسَ لَو ردّت علينا تحيّةً ... قليلٌ مَن يَعْرفُ الحَقّ
عابُها)
(إِن النافية)
ص الثَّانِي إِن النافية عِنْد أهل الْعَالِيَة بِشَرْط تَرْتِيب وَعدم
نقض وأنكرها أَكثر البصرية وَقيل لَا تَأتي إِلَّا مَعَ إِلَّا ش إِن
النافية أَيْضا من الْحُرُوف الَّتِي لَا تخْتَص فَكَانَ الْقيَاس أَلا
تعْمل فَلذَلِك منع إعمالها الْفراء وَأكْثر البصرية والمغاربة وعزي
إِلَى سِيبَوَيْهٍ وَأَجَازَ إعمالها الْكسَائي وَأكْثر الْكُوفِيّين
وَابْن السراج والفارسي وَابْن جني وَابْن مَالك وَصَححهُ أَبُو
حَيَّان لمشاركتها ل مَا فِي النَّفْي وَكَونهَا لنفي احال وللسماع
وَحكي عَن أهل الْعَالِيَة إِن ذَلِك نافعك وَلَا ضارك وَإِن أحد خيرا
من أحد إِلَّا بالعافية وَسمع الْكسَائي أَعْرَابِيًا يَقُول إِنَّا
قَائِما فأنكرها عَلَيْهِ وَظن أَنَّهَا إِن الْمُشَدّدَة وَقعت على
قَائِم قَالَ فاستثبته فَإِذا هُوَ يُرِيد إِن أَنا قَائِما فَترك
الْهمزَة وأدغم على حد {لَكنا هُوَ الله رَبِّي} الْكَهْف 38 وَقَرَأَ
سعيد بن جُبَير {إِن الَّذين تدعون من دون الله عبادا أمثالكم}
الْأَعْرَاف 194 وَقَالَ الشَّاعِر 429 -
(إنْ هُوَ مُسْتَوْلِيًا عَلَى أَحَدٍ ... )
(1/453)
وَقَالَ 430 -
(إِن المرءُ مَيْتًا بانْقَضاء حَياتِه ... وَلَكِن بأنْ يُبْغَى
عَلَيْهِ فَيُخْذَلا)
وَذهب بَعضهم إِلَى أَنَّهَا إِذا دخلت على الِاسْم فَلَا بُد أَن يكون
بعْدهَا إِلَّا نَحْو {إِن الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غرور} الْملك 20
وَيَردهُ مَا تقدم
[بَقِيَّة مَعَاني إِن النافية]
ص وتزاد أَيْضا بعد مَا الموصولة والمصدرية وَإِلَّا وَقبل همزَة
الْإِنْكَار وضرورة بعد مَا التوقيتية قَالَ قطرب وَترد بِمَعْنى قد
والكوفية إِذْ ش هَذَا استطراد إِلَى ذكر بَقِيَّة مَعَاني إِن
فَإِنَّهَا تكون نَافِيَة كَمَا ذكر وشرطية كَمَا سَيَأْتِي وزائدة
وَذَلِكَ فِي مَوَاضِع أَحدهَا بعد مَا النافية كَمَا تقدم وأشرت
إِلَيْهِ بِقَوْلِي أَيْضا ثَانِيهَا بعد مَا الموصولة كَقَوْلِه 431 -
(يُرْجَى الْمَرْء مَا إنْ لَا يَرَاهُ ... )
أَي الَّذِي لَا يرَاهُ ثَالِثهَا بعد مَا المصدرية كَقَوْلِه
(1/454)
432 -
(ورجّ الْفَتى للخير مَا إنْ رأيْتَهُ ... )
رَابِعهَا بعد أَلا الاستفتاحية كَقَوْلِه 433 -
(أَلا إنْ سَرَى لَيْلِي فَبتُّ كَئِيبا ... )
خَامِسهَا قبل همزَة الْإِنْكَار قيل لأعرابي أتخرج إِن أخصبت
الْبَادِيَة فَقَالَ أأنا إنيه مُنْكرا أَن يكون رَأْيه على خلاف ذَلِك
وَزعم قطرب أَن إِن تَأتي بِمَعْنى قد وَخَرجُوا عَلَيْهِ {فَذكر إِن
نَفَعت الذكرى} الْأَعْلَى 9 وَزعم الْكُوفِيُّونَ أَنَّهَا تَأتي
بِمَعْنى إِذْ وَخَرجُوا عَلَيْهِ {لتدخلن الْمَسْجِد الْحَرَام إِن
شآء الله ءامنين} الْفَتْح 27 وَالْجُمْهُور أَنْكَرُوا الْأَمريْنِ
وَقَالُوا هِيَ فِي الْآيَتَيْنِ شَرْطِيَّة وَالْقَصْد فِي الأولى
التهييج وَفِي الثَّانِيَة التَّبَرُّك
(1/455)
|