همع الهوامع في شرح جمع الجوامع [وجوب كسر همزَة " إِن "]
ش ل إِن ثَلَاثَة أَحْوَال أَحدهَا مَا يجب فِيهِ الْكسر وَذَلِكَ إِذا
قدرت بِالْجُمْلَةِ وَذَلِكَ فِي مَوَاضِع الأول أَن تقع صلَة نَحْو
{وءاتيناه من الْكُنُوز مآ إِن مفاتحه لتنوء} الْقَصَص 76 الثَّانِي
أَن تقع حَالا نَحْو {كَمَا أخرجك رَبك من بَيْتك بِالْحَقِّ وَإِن
فريقا من الْمُؤمنِينَ لكارهون} الْأَنْفَال 5 الثَّالِث أَن تقع محكية
بالْقَوْل نَحْو {قَالَ إِنِّي عبد الله} مَرْيَم 30 الرَّابِع أَن تقع
قبل لَام معلقَة نَحْو {وَالله يعلم إِنَّك لرَسُوله} المُنَافِقُونَ 1
الْخَامِس أَن تقع خبر اسْم عين نَحْو زيد إِنَّه منطلق بِنَاء على
إجَازَة ذَلِك وَهُوَ رَأْي الْبَصرِيين والكوفيون يمْنَعُونَ صِحَة
هَذَا التَّرْكِيب أصلا فَالْخِلَاف عَائِد إِلَى أصل الْمَسْأَلَة لَا
الْكسر وهما متلازمان السَّادِس إِذا وَقعت مبدوءا بهَا نَحْو {إِنَّا
أَنزَلْنَاهُ} الْقدر 1 قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَيْسَ وجوب كسرهَا
حِينَئِذٍ مجمعا عَلَيْهِ فقد ذهب بعض النَّحْوِيين
(1/498)
إِلَى جَوَاز الِابْتِدَاء بِأَن
الْمَفْتُوحَة أول الْكَلَام فَتَقول أَن زيدا قَائِم عِنْدِي وَدخل
فِي المبدوء بهَا الْوَاقِعَة بعد حَيْثُ فتكسر لِأَنَّهَا لَا تُضَاف
إِلَّا إِلَى جملَة نَحْو اجْلِسْ حَيْثُ إِن زيدا جَالس وَمن أجَاز
إضافتها إِلَى مُفْرد أجَاز الْفَتْح السَّابِع إِذا وَقعت جَوَاب قسم
نَحْو وَالله إِن زيدا قَائِم هَذَا مَذْهَب الْبَصرِيين وَبِه ورد
السماع وَقيل يجوز فتحهَا مَعَ اخْتِيَار الْكسر وَقيل يجوزان مَعَ
اخْتِيَار الْفَتْح وَعَلِيهِ الْكسَائي والبغداديون وَقيل يجب
الْفَتْح وَعَلِيهِ الْفراء قَالَ فِي الْبَسِيط وأصل هَذَا الْخلاف
أَن جملتي الْقسم والمقسم عَلَيْهِ هَل إِحْدَاهمَا معمولة لِلْأُخْرَى
فَيكون الْمقسم عَلَيْهِ مَفْعُولا لفعل الْقسم أَو لَا وَفِي ذَلِك
خلاف فَمن قَالَ نعم فتح لِأَن ذَلِك حكم إِن إِذا وَقعت مَفْعُولا
وَمن قَالَ لَا وَإِنَّمَا هِيَ تَأْكِيد للمقسم عَلَيْهِ لَا عاملة
فِيهِ كسر وَمن جوز الْأَمريْنِ أجَاز الْوَجْهَيْنِ
[وجوب فتح همزَة " أَن "]
الْحَال الثَّانِي مَا يجب فِيهِ الْفَتْح وَذَلِكَ فِي مَوَاضِع الأول
بعد لَوْلَا نَحْو {فلولا أَنه كَانَ من المسبحين} الصافات 143
الثَّانِي بعد لَو نَحْو {وَلَو أَنهم صَبَرُوا} الحجرات 5 الثَّالِث
بعد مَا الظَّرْفِيَّة نَحْو لَا أُكَلِّمك مَا أَن فِي السَّمَاء نجما
الرَّابِع بعد حَتَّى غير الابتدائية وَهِي العاطفة والجارة نَحْو عرفت
أمورك حَتَّى أَنَّك فَاضل فَإِن قدرتها عاطفة كَانَ فِي مَوضِع نصب
أَو جَارة فَفِي مَوضِع جر أما الابتدائية فتكسر بعْدهَا نَحْو مرض
حَتَّى إِنَّه لَا يُرْجَى الْخَامِس بعد أما المخففة إِذا كَانَت
بِمَعْنى حَقًا فَإِن كَانَت بِمَعْنى أَلا الاستفتاحية كسرت بعْدهَا
وَرُوِيَ بِالْوَجْهَيْنِ قَوْلهم أما إِنَّك ذَاهِب فَخرجت على
الْمَعْنيين السَّادِس بعد لَا جرم غَالِبا قَالَ تَعَالَى {لَا جرم
أَن لَهُم النَّار} النَّحْل 62 أَي حَقًا وَبَعض الْعَرَب أجراها
مجْرى الْيَمين فَكسر إِن بعْدهَا
(1/499)
السَّابِع إِذا وَقعت فِي مَوضِع جر بِحرف
أَو إِضَافَة نَحْو {ذَلِك بِأَن الله} الْحَج 6 {مثل مَا أَنكُمْ}
الذاريات 23 الثَّامِن إِذا وَقعت فِي مَوضِع رفع بِفعل بِأَن تقع
فاعلة أَو نَائِبا عَنهُ نَحْو {أَو لم يَكفهمْ أَنا أنزلنَا عَلَيْك
الْكتاب} العنكبوت 51 {قل أُوحِي إِلَيّ أَنه اسْتمع} الْجِنّ 1 أَو
بابتداء بِأَن تقع مُبتَدأَة نَحْو {وَمن ءاياته أَنَّك ترى الأَرْض
خاشعة} فصلت 39 بِخِلَاف مَا إِذا وَقعت فِي مَوضِع رفع على الْخَبَر
فَإِنَّهَا تكسر كَمَا تقدم التَّاسِع إِذا وَقعت فِي مَوضِع نصب غير
خبر نَحْو {وَلَا تخافون أَنكُمْ} الْأَنْعَام 81 بِخِلَاف نَحْو حسبت
زيدا إِنَّه قَائِم فَإِنَّهَا فِي مَوضِع نصب لَكِنَّهَا خبر فِي
الْمَعْنى فتكسر وَهِي فِي هَذِه الْمَوَاضِع كلهَا مؤولة مَعَ معمولها
بصدر مُفْرد مَأْخُوذ من لفظ خَبَرهَا إِن كَانَ مشتقا نَحْو بَلغنِي
أَنَّك منطلق أَو تَنْطَلِق أَي انطلاقك وَمن الِاسْتِقْرَار إِن كَانَ
ظرفا أَو مجرورا نَحْو بَلغنِي أَن زيدا عنْدك أَو فِي الدَّار أَي
استقراره وَمن الْكَوْن إِن كَانَ اسْما جَامِدا نَحْو بَلغنِي أَن
هَذَا زيد أَي كَونه زيدا وَأنكر ذَلِك السُّهيْلي وَقَالَ إِنَّمَا
يؤول بِالْمَصْدَرِ أَن الناصبة للْفِعْل لِأَنَّهَا أبدا مَعَ
الْفِعْل الْمُتَصَرف وَأَن الْمُشَدّدَة إِنَّمَا تؤول بِالْحَدَثِ
لِأَن خَبَرهَا قد يكون جَامِدا وَهُوَ لَا يشْعر بِالْمَصْدَرِ
لِأَنَّهُ لَا فعل لَهُ وَأجِيب بِأَنَّهُ يقدر بالكون كَمَا تقدم
[أوجه جَوَاز الْأَمريْنِ]
الْحَال الثَّالِث مَا يجوز فِيهِ الْأَمْرَانِ فباعتبار تقديرها جملَة
تكسر وَبِاعْتِبَار تقديرها بمصدر تفتح وَذَلِكَ فِي مَوَاضِع الأول
بعد إِذا الفجائية كَقَوْلِه 516 -
(وَكنت أرى زيدا كَمَا قيل سَيِّداً ... إِذا إنّه عَبْدُ القَفَا
واللهازم)
(1/500)
روى بِالْكَسْرِ على عدم التَّأْوِيل
وبالفتح على معنى إِذا عبوديته حَاصِلَة الثَّانِي بعد فَاء الْجَزَاء
نَحْو {من عمل مِنْكُم سوءا بِجَهَالَة ثمَّ تَابَ من بعده وَأصْلح
فَأَنَّهُ غَفُور رَحِيم} الْأَنْعَام 54 قرئَ بِالْكَسْرِ وبالفتح على
معنى فالغفران حَاصِل وَمِنْه نَحْو أما فِي الدَّار فَإِن زيدا قَائِم
الثَّالِث بعد أَي المفسرة الرَّابِع إِذا وَقعت إِن خَبرا عَن قَول
وخبرها قَول وفاعل الْقَوْلَيْنِ وَاحِد نَحْو أول مَا أَقُول أَو أول
قولي أَنِّي أَحْمد الله فالفتح على تَقْدِير حمد الله الْخَامِس بعد
مذ ومنذ نَحْو مَا رَأَيْته مذ أَو مُنْذُ أَن الله خلقني أجَاز
الْأَخْفَش الْكسر وَصَححهُ ابْن عُصْفُور لِأَن مذ ومنذ يليهما الْجمل
وَمنعه بَعضهم لِأَن الْجُمْلَة بعْدهَا بِتَأْوِيل الْمصدر وَصرح
سِيبَوَيْهٍ وَابْن السراج بِجَوَاز الْفَتْح ساكتين عَن إجَازَة
الْكسر وامتناعه وَلم يقل أحد يتَعَيَّن الْكسر وَامْتِنَاع الْفَتْح ص
وَالأَصَح أَن الْمَفْتُوحَة فرع الْمَكْسُورَة وَثَالِثهَا أصلان
وَالْمُخْتَار وفَاقا للزمخشري وَابْن الْحَاجِب أَنَّهَا بعد لَو
فَاعل ثَبت مُقَدرا قَالَ سِيبَوَيْهٍ مُبْتَدأ لَا خبر لَهُ أَو
مُقَدّر قبل أَو بعد أَقْوَال وَلَا يجب كَون الْخَبَر بعْدهَا فعلا
خلافًا للزمخشري والسيرافي مُطلقًا وَلابْن الْحَاجِب فِي الْمُشْتَقّ
ش فِيهِ مَسْأَلَتَانِ الأولى الْأَصَح أَن إِن الْمَكْسُورَة الأَصْل
والمفتوحة فرع عَنْهَا لِأَن الْكَلَام مَعَ الْمَكْسُورَة جملَة غير
مؤولة بمفرد وَمَعَ الْمَفْتُوحَة مؤول بمفرد وَكَون الْمَنْطُوق بِهِ
جملَة من كل وَجه أَو مُفردا من كل وَجه أصل لكَونه جملَة من وَجه
ومفردا من وَجه وَلِأَن الْمَكْسُورَة مستغنية بمعمولها عَن زِيَادَة
والمفتوحة لَا تَسْتَغْنِي عَن زِيَادَة والمجرد من الزِّيَادَة أصل
وَلِأَن الْمَفْتُوحَة تصير مَكْسُورَة بِحَذْف مَا تتَعَلَّق بِهِ
وَلَا تصير الْمَكْسُورَة مَفْتُوحَة إِلَّا بِزِيَادَة والمرجوع
إِلَيْهِ بِحَذْف أصل المتوصل إِلَيْهِ بِزِيَادَة وَلِأَن
الْمَكْسُورَة تفِيد معنى وَاحِدًا وَهُوَ التَّأْكِيد والمفتوحة تفيده
وَتعلق مَا بعْدهَا بِمَا قبلهَا وَلِأَنَّهَا أشبه إِذْ هِيَ عاملة
غير معمولة والمفتوحة
(1/501)
عاملة ومعمولة وَلِأَنَّهَا مُسْتَقلَّة
والمفتوحة كبعض اسْم إِذْ هِيَ وَمَا عملت فِيهِ بتقديره وَقَالَ قوم
الْمَفْتُوحَة أصل الْمَكْسُورَة وَقَالَ آخَرُونَ كل وَاحِدَة أصل
برأسها حَكَاهُمَا أَبُو حَيَّان الثَّانِيَة إِذا وَقعت أَن بعد لَو
فمذهب سِيبَوَيْهٍ وَأكْثر الْبَصرِيين أَنَّهَا فِي مَحل رفع
بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر مَحْذُوف لَا يجوز إِظْهَاره كحذفه بعد
لَوْلَا وَذهب بَعضهم إِلَى أَنه مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ وَلَا خبر
لَهُ لطوله وجريان الْمسند والمسند إِلَيْهِ فِي الذّكر وَذهب
الْكُوفِيُّونَ والمبرد والزجاج والزمخشري وَابْن الْحَاجِب إِلَى أَنه
فَاعل بِفعل مُقَدّر بعد لَو تَقْدِيره ثَبت وَهَذَا الْمُخْتَار
لإغنائه عَن تَقْدِير الْخَبَر وإبقاء لَو على حَالهَا من الِاخْتِصَاص
بِالْفِعْلِ ثمَّ ذهب قوم مِنْهُم الزَّمَخْشَرِيّ والسيرافي إِلَى
أَنه يجب وُقُوع خبر أَن وَالْحَالة هَذِه فعلا ليَكُون جبرا لما فَاتَ
لَو من إيلائها الْفِعْل ظَاهرا نَحْو {وَلَو أَنهم صَبَرُوا} الحجرات
5 وَلَا يجوز لَو أَن زيدا أَخُوك لأكرمتك وَقَالَ ابْن الْحَاجِب
هَذَا إِذا كَانَ مشتقا فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يتَعَيَّن فعليته فَإِن
كَانَ اسْما جَامِدا جَازَ وَجوز الخضراوي وَغَيره وُقُوع خَبَرهَا
جَامِدا ومشتقا غير فعل وَهُوَ الصَّوَاب لوروده قَالَ تَعَالَى {وَلَو
أَنما فِي الأَرْض من شَجَرَة أَقْلَام} لُقْمَان 27 وَقَالَ الشَّاعِر
517 -
(لَو أَن حَيّاً مُدْركُ الفَلاح ... أَدركهُ مُلاّعِبُ الرِّماح)
ص مَسْأَلَة تدخل اللَّام اسْم الْمَكْسُورَة المفصول والعماد
وَالْخَبَر الْمُؤخر وَأول جزأي الاسمية أولى وَفِي معموله متوسطا ظرفا
(1/502)
ثَالِثهَا الْأَصَح إِن جرد الْخَبَر قيل
وَحَالا ومفعولا بِهِ وَتوقف أَبُو حَيَّان لَا مُتَأَخِّرًا وَجوزهُ
الزّجاج مَعَ دُخُولهَا على الْخَبَر فَإِن تَأَخّر عَنهُ دون الِاسْم
فَأَجَازَهُ ابْن خروف قِيَاسا وَلَا شرطا وَجوزهُ ابْن الْأَنْبَارِي
فِي الْجَواب وماضيا متصرفا قَالَ سِيبَوَيْهٍ وجامدا إِلَّا بقد
وَأطلق خطاب وَلَا معموله ونفيا وواو مَعَ وَحَالا سادة وواو فِي الْكل
ومنعها الكوفية فِي تَنْفِيس وَالْفراء فِي شَرط معترض وأظن وَإِلَى
وَحَتَّى ومذ ومنذ وَجوز دُخُول اللامين وَهِي لَام الِابْتِدَاء أخرت
كَرَاهَة توالي توكيدين وَقَالَ ثَعْلَب ومعاذ مُقَابلَة للباء فِي مَا
وَهِشَام والطوال دَوَاب قسم مُقَدّر وَقد تدخل على كَانَ وشذت فِي خبر
مُبْتَدأ وَأمسى وَزَالَ وَرَأى وَمَا وَفِي لهنك مَعَ تَأَكد الْخَبَر
ودونه وَقيل هِيَ لَام قسم وَقيل أَصله لَهُ أَنَّك فَإِن صَحِبت نون
توكيد بعد إِن أَو مَاضِيا متصرفا دون قد نوي قسم وَفتحت ش تدخل
اللَّام بعد إِن الْمَكْسُورَة على اسْمهَا المفصول إِمَّا بالْخبر
نَحْو {وَإِن لَك لأجرا} الْقَلَم 3 أَو بمعمول الْخَبَر نَحْو إِن
فِيك لزيدا رَاغِب أَو بمعمول الِاسْم نَحْو إِن فِي الدَّار لساكنا
زيد وعَلى ضمير الْفَصْل نَحْو {إِن هَذَا لَهو الْقَصَص الْحق} آل
عمرَان 62 وعَلى الْخَبَر الْمُؤخر عَن الِاسْم نَحْو {وَإِن رَبك لذُو
فضل} النَّمْل 73 بِخِلَاف الْمُقدم عَلَيْهِ فَلَا يُقَال إِن لعندك
زيدا فَإِن كَانَ الْخَبَر جملَة اسمية جَازَ دُخُولهَا على أول جزأيها
وعَلى الثَّانِي وَالْأول أولى لتعينه فِي الفعلية نَحْو {وَإِنَّا
لنَحْنُ الصافون} الصافات 165 وَمن دُخُولهَا على الثَّانِي قَوْله 518
-
(فَإنَّك مَنْ حَاربتَهُ لمُحَارَبٌ ... شَقِىٌ، ومَنْ سَالَمْتَهُ
لَسَعِيدُ)
وَفِي دُخُولهَا على مَعْمُول الْخَبَر إِذا كَانَ متوسطا بَين الِاسْم
وَالْخَبَر وَهُوَ ظرف أَو مجرورا أَقْوَال
(1/503)
أَحدهَا الْجَوَاز مُطلقًا وَإِن دخلت على
الْخَبَر أَيْضا وَعَلِيهِ الْمبرد وَصَححهُ ابْن مَالك وَأَبُو
حَيَّان حُكيَ إِن زيدا لبك لواثق وَإِنِّي لبحمد الله لصالح وأنشدوا
519 -
(إنّي لِعِنْدَ أذَى المَوْلى لَذُو حَنَق ... )
وَالثَّانِي الْمَنْع مُطلقًا وَالثَّالِث وَهُوَ الْأَصَح عِنْدِي
تبعا للسيرافي وَابْن عُصْفُور الْجَوَاز إِن لم تدخل على الْخَبَر
كَقَوْلِه 520 -
(إِن امْرأ خصّنى عمدا مودّته ... على التَّنَائِى لعندي غَيْرُ
مَكْفُور)
وَالْمَنْع إِن دخلت عَلَيْهِ لِأَن الْحَرْف إِذا أُعِيد للتَّأْكِيد
لم يعد إِلَّا مَعَ مَا دخل عَلَيْهِ أَو مَعَ ضَمِيره وَلَا يُعَاد
مَعَ غَيره إِلَّا فِي ضَرُورَة فَإِن كَانَ حَالا أَو مَفْعُولا بِهِ
فَقيل يجوز إجراؤهما مجْرى الظّرْف نَحْو إِن زيدا لضاحكا مقبل وَإِن
زيدا لطعامك آكل قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يسمع ذَلِك فيهمَا
فَيَنْبَغِي أَن يتَوَقَّف فِيهِ وَلَا يَصح الْقيَاس على الظّرْف
وَالْمَجْرُور لِأَنَّهُ يتوسع فيهمَا مَا لَا يتوسع فِي غَيرهمَا
وَمِمَّنْ نَص على الْجَوَاز فِي الْمَفْعُول بِهِ الزّجاج وَابْن ولاد
وَابْن مَالك وَنَصّ الْأَوَّلَانِ على الْمَنْع فِي الْحَال بل نَقله
أَبُو حَيَّان عَن نَص الْأَئِمَّة وَحكى صَاحب الْبَسِيط فِيهِ
الْخلاف بِلَا تَرْجِيح وَقَالَ من رَاعى أَنه فضلَة كالظرف أجَاز وَمن
رَاعى أَنه لَا يكون خَبرا بِخِلَاف الظّرْف لم يجوز ثمَّ قَالَ
وَيَنْبَغِي أَلا يجوز فِي الْمَفْعُول انْتهى قَالَ أَبُو حَيَّان
وَأم إِذا كَانَ الْمَعْمُول مصدرا أَو مَفْعُولا لَهُ نَحْو إِن زيدا
لقياما قَائِم وَإِن زيدا لإحسانا يزورك فَهُوَ مندرج فِي عُمُوم
قَوْلهم إِنَّهَا تدخل على مَعْمُول الْخَبَر وَيَنْبَغِي أَن
يتَوَقَّف فِي ذَلِك وَلَا يقدم عَلَيْهِ إِلَّا بِسَمَاع
(1/504)
وَإِن تَأَخّر مَعْمُول الْخَبَر عَنهُ
وَعَن الِاسْم فَإِن جرد الْخَبَر من اللَّام لم يجز دُخُولهَا
عَلَيْهِ وَإِن لم يجرد فَقَوْلَانِ أَحدهمَا الْجَوَاز وَعَلِيهِ
الزّجاج نَحْو إِن زيدا لقائم لفي الدَّار وَالثَّانِي وَهُوَ
الصَّحِيح وَعَلِيهِ الْمبرد الْمَنْع لِأَنَّهُ لم يسمع وَإِن تَأَخّر
عَن الْخَبَر دون الِاسْم فَقَالَ ابْن خروف الْقيَاس أَن يجوز
دُخُولهَا عَلَيْهِ لتَعَلُّقه بِمَا قبل الِاسْم نَحْو إِن عِنْدِي
لفي الدَّار زيدا وَإِن عِنْدِي لقائما صَاحبك وَلَا تدخل اللَّام على
الْخَبَر إِذا كَانَ أَدَاة الشَّرْط فَلَا يُقَال إِن زيدا لَئِن
أكرمني أكرمته حذرا من التباسها بالموطئة فَإِنَّهَا تصْحَب أَدَاة
الشَّرْط كثيرا وَلذَلِك جوز ابْن الْأَنْبَارِي دُخُولهَا على جَوَابه
لِأَنَّهُ غير صَالح للتوطئة نَحْو إِن زيدا من يَأْته ليحسن إِلَيْهِ
قَالَ ابْن مَالك إِلَّا أَنه لم يسمع فالأجود أَلا يحكم بِجَوَازِهِ
وَوَافَقَهُ أَبُو حَيَّان وَقَالَ إِن الْكسَائي وَالْفراء أَيْضا نصا
على مَنعه وَنَصّ الْفراء أَيْضا على منع دُخُولهَا على الشَّرْط
الْمُعْتَرض بَين اسْم إِن وخبرها نَحْو إِن زيدا لَئِن أَتَاك محسن
وَلَا تدخل على فعل مَاض متصرف خَال من قد فَلَا يُقَال إِن زيدا لقد
قَامَ بِخِلَاف الْمُضَارع فَإِنَّهَا تدخل عَلَيْهِ نَحْو إِن زيدا
ليقوم لشبهه بِالِاسْمِ الَّذِي هُوَ الأَصْل فِيهَا وَبِخِلَاف
الْمَاضِي الْمُتَصَرف مَعَ قد نَحْو إِن زيدا لقد قَامَ فَإِن قد
قرينَة فِي الْحَال فَأشبه الْمُضَارع وَبِخِلَاف الجامد نَحْو إِن
زيدا لنعم الرجل لِأَنَّهُ لكَونه للإنشاء يسْتَلْزم الْحُضُور فَأشبه
الْمُضَارع ولكونه لَا يتَصَرَّف أشبه الِاسْم والمتصرف الْخَالِي من
قد خَال من الشّبَه بِكُل طَرِيق هَذَا مَا ذكره ابْن عُصْفُور وَابْن
مَالك وَنقل أَبُو حَيَّان كالصفار وَابْن السَّيِّد عَن سِيبَوَيْهٍ
أَنه منع دُخُولهَا على الجامد أَيْضا وَأَن الْجَوَاز مَذْهَب
الْأَخْفَش لما تقدم وَالْفراء لِأَن نعم وَبئسَ عِنْده اسمان وَعَسَى
لكَونهَا لَا مضارع لَهَا بِمَنْزِلَة الْمُضَارع إِذا كَانَت بِلَفْظ
وَاحِد لَهُ وَلغيره وَوَافَقَهُمَا أَكثر الْكُوفِيّين والأندلسيين
وَذهب خطاب بن يُوسُف الماردي صَاحب التوشيح إِلَى أَنَّهَا لَا تدخل
(1/505)
على الْمَاضِي مُطلقًا لَا مَعَ قد وَلَا
خَالِيا عَنْهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ معنى اسْم الْفَاعِل قَالَ
وَمَا سمع من ذَلِك فَاللَّام فِيهِ لَام الْقسم لَا الِابْتِدَاء
وَلَا تدخل أَيْضا على مَعْمُول الْمَاضِي الْمُتَصَرف الْخَالِي من قد
فَلَا يُقَال إِن زيدا لطعامك آكل وَأَجَازَهُ الْأَخْفَش وَالْفراء
ورد أَن دُخُولهَا على الْمَعْمُول فرع دُخُولهَا على الْخَبَر وَهِي
لَا تدخل على الْخَبَر الْمَذْكُور فَكَذَا معموله وَإِلَّا يلْزم
تَرْجِيح الْفَرْع على الأَصْل وَلَا تدخل على خبر منفي قَالَ ابْن
مَالك لِأَن أَكثر النَّفْي بِمَا أَوله لَام فكره دُخُول اللَّام على
لَام ثمَّ جرى النَّفْي على سنَن وَاحِد وَأَجَازَهُ بَعضهم لقَوْله
521 -
(وأعْلَمُ إنّ تَسْلِيماً وتَرْكًا ... لَلاَ مُتَشَبهَان وَلَا
سَوَاءُ)
وَأجِيب بِأَنَّهُ نَادِر وَلَا تدخل أَيْضا على وَاو مَعَ الْمُغنيَة
عَن الْخَبَر وَجوزهُ الْكسَائي وَحكى إِن كل ثوب لَو ثمنه وَلَا تدخل
أَيْضا على الْحَال السَّادة مسد الْخَبَر وَأَجَازَهُ الْكُوفِيُّونَ
نَحْو إِن أكلي التفاحة لنضيجة وَلَا على وَاو الْحَال السَّادة مسد
الْخَبَر وَأَجَازَهُ الْكسَائي نَحْو إِن شتمي زيدا لَو النَّاس
ينظرُونَ وَلَا تدخل على خبر أَن الْمَفْتُوحَة وَجوزهُ الْمبرد
وَقُرِئَ {إِلَّا إِنَّهُم ليأكلون} الْفرْقَان 20 يفتح الْهمزَة
وأنشدوا 522 -
(ألَمْ تَكُن حَلَفْتَ باللَّه العلِىِّ ... أَن مَطَايَاكَ لَمِنْ
خَيْر المَطِىِّ)
وخرجه الْجُمْهُور على الزِّيَادَة أَو الشذوذ وَلَا على خبر لَكِن
وَجوزهُ الْكُوفِيُّونَ لقَوْله 523 -
(ولَكِنَّني من حُبِّها لَعَمِيدُ ... )
(1/506)
وَأجِيب بِمَا تقدم وَمنع الْكُوفِيُّونَ
دُخُولهَا على حرف التَّنْفِيس وغلطهم البصريون لوروده فِي قَوْله
تَعَالَى {ولسوف يعطيك رَبك فترضى} الضُّحَى 5 وَقَالَ بعض المغاربة
امْتنعت الْعَرَب من إِدْخَال اللَّام على السِّين كَرَاهَة توالى
الحركات فِي سيتدحرج وطرد الْبَاقِي وَمنع الْفراء نَحْو إِن زيدا
لأَظُن قَائِم وَإِن زيدا لَئِن شَاءَ الله قَائِم قَالَ ابْن كيسَان
لِأَنَّهُ كَلَام معترض بِهِ من إخبارك عَن نَفسك كَيفَ وصفت الْخَبَر
عَن زيد شكا كَانَ عنْدك أَو يَقِينا والتوكيد إِنَّمَا هُوَ لخَبر زيد
لَا لخبرك عَن نَفسك لِأَن إِن لَا تتَعَلَّق بخبرك وَهِي متجاوزة
إِلَى الْخَبَر وَبَقِي فِي الْمَتْن مسَائِل الأولى أجَاز الْفراء
الْجمع بَين لامين نَحْو إِن زيدا للقد قَامَ وَأنْشد 524 -
(فلئن يَوْمًا أَصَابُوا عِزّةً ... وَأَصَبْنَا من زمَان رنَقَا)
(لَلَقَدْ كَانُوا لَدَى أَزْمَانِنا ... بصَنِيعَين لِبأس وتُقَى)
وَمنع ذَلِك البصريون وَقَالُوا الرِّوَايَة فَلَقَد الثَّانِيَة
اخْتلف فِي اللَّام الدَّاخِلَة على خبر إِن فالبصريون على أَنَّهَا
لَام الِابْتِدَاء الَّتِي فِي قَوْلك لزيد أَخُوك أخرت لِأَنَّهَا
للتَّأْكِيد وَإِن للتَّأْكِيد فكرهوا توالي حرفين لِمَعْنى وَاحِد
وَالْعرب لَا تجمع بَين حرفين لِمَعْنى وَاحِد إِلَّا فِي ضَرُورَة
وَإِذا أَرَادوا ذَلِك فصلوا بَينهمَا قَالَ الْأَخْفَش وَإِنَّمَا
بدءوا بإن لقوتها من حَيْثُ إِنَّهَا عاملة وَاللَّام غير عاملة
فَجعلُوا الْأَقْوَى مُتَقَدما فِي اللَّفْظ
(1/507)
وَقَالَ ابْن كيسَان أخرت لِئَلَّا يبطل
عمل إِن لَو وليتها لِأَنَّهَا تقطع مدخولها عَمَّا قبله وَذهب معَاذ
الهراء وثعلب إِلَى أَنَّهَا جِيءَ بهَا بِإِزَاءِ الْبَاء فِي
خَبَرهَا فقولك إِن زيدا منطلق جَوَاب مَا زيد مُنْطَلقًا وَإِن زيدا
لمنطلق جَوَاب مَا زيد بمنطلق وَذهب هِشَام وَأَبُو عبد الله الطوَال
إِلَى أَنَّهَا جَوَاب قسم مُقَدّر قبل إِن وعَلى القَوْل بِأَنَّهَا
للتَّأْكِيد هَل هِيَ لتأكيد الْجُمْلَة بأسرها أَو للْخَبَر وَحده
وَإِن توكيد للاسم البصريون على الأول وَالْكسَائِيّ على الثَّانِي
الثَّالِثَة شَذَّ دُخُول اللَّام فِي غير خبر إِن وَذَلِكَ فِي
مَوَاضِع خبر الْمُبْتَدَأ كَقَوْلِه 525 -
(أُمُّ الحُلَيْس لَعَجُوزٌ شَهْرَبَهْ ... )
وَخبر أَمْسَى كَقَوْلِه 526 -
(فَقالَ مَنْ سُئِلوا أَمْسَى لَمَجْهُودا ... )
وَخبر زَالَ كَقَوْلِه 527 -
(وَمَا زلْتُ من لَيْلى لدن أَن عَرَفْتُهَا ... لكَالْهَائِم
المُقْصَى بكُلِّ مَرَادِ)
(1/508)
وَخبر رَأْي حكى قطرب أَرَاك لشاتمي وَخبر
مَا كَقَوْلِه 528 -
(وَمَا أَبانُ لَمِنْ أَعْلاج سُودَان ... )
وَقيل همزَة إِن مبدلة هَاء مَعَ تَأْكِيد الْخَبَر أَو تجريده
كَقَوْلِه 529 -
(لَهنّكِ من عَبْسِيّةٍ لَوَسِيمَةٌ ... )
وَقَوله 530 -
(لَهنَّكَ مِنْ بَرْق عَلَىّ كَريمُ ... )
هَذَا مَا اخْتَارَهُ ابْن جني وَابْن مَالك من أَنَّهَا فِي هَذِه
الْكَلِمَة لَام الِابْتِدَاء جَازَ دُخُولهَا على إِن لتغير لَفظهَا
بِالْبَدَلِ وَجمع بَينهمَا تَنْبِيها بهَا على موضعهَا الْأَصْلِيّ
(1/509)
وَذهب سِيبَوَيْهٍ وَابْن السراج إِلَى
أَنَّهَا لَام قسم مُقَدّر لَا لَام إِن قَالَ سِيبَوَيْهٍ وَهَذِه
كلمة تَتَكَلَّم بهَا الْعَرَب فِي حَال الْيَمين وَذهب قطرب وَالْفراء
والمفضل بن سَلمَة والفارسي وَصَححهُ ابْن عُصْفُور إِلَى أَن الأَصْل
لَهُ إِنَّك فهما كلمتان وَمعنى لَهُ وَالله وَإِن جَوَاب الْقسم وَقد
سمع لَهُ رَبِّي لَا أَقُول يُرِيد وَالله رَبِّي فحذفت الْهمزَة
تَخْفِيفًا كَمَا حذفت فِي نَحْو {إِنَّهَا لإحدى الْكبر} المدثر 35
وَضعف أَبُو حَيَّان الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلين بِلُزُوم الْجمع بَين
أداتي تَأْكِيد وَالثَّالِث بِأَن فِيهِ أَرْبَعَة شذوذات حذف حرف
الْقسم وإبقاء الْجَرّ من غير عوض وَحذف أل وَالْألف بعد اللَّام من
الله والهمزة من إِن وَبِأَنَّهُ لم يَجِيء مَعَ إِقْرَار الْهمزَة فِي
مَوضِع قَالَ أَبُو حَيَّان وَيجوز دُخُول اللَّام على كَأَن كَقَوْلِه
531 -
(وَقمت تَعْدُوا لَكأنْ لَم تَشْعُر ... )
الرَّابِعَة إِذا صَحِبت اللَّام بعد إِن نون تَأْكِيد أَو مَاضِيا
متصرفا عَارِيا من قد نوي قسم وَيكون اللَّام جَوَابه لَا لَام
الِابْتِدَاء نَحْو إِن زيدا ليقومن وَإِن زيدا لقام وَحِينَئِذٍ
يمْتَنع الْكسر إِذا تقدم على إِن مَا يطْلب موضعهَا نَحْو علمت أَن
زيدا ليقومن أَو لقام وَإِنَّمَا امْتنع الْكسر لِأَن اللَّام
حِينَئِذٍ فِي موضعهَا غير منوي بهَا التَّقْدِيم قبل إِن بِخِلَافِهَا
فِي علمت إِن زيدا لمنطلق فَإِنَّهَا تكسر مَعهَا لِأَنَّهَا مُقَدّمَة
فِي النِّيَّة معلقَة للْفِعْل عَن فتح إِن وَإِنَّمَا أخرت
لِلْعِلَّةِ السَّابِقَة ص مَسْأَلَة ترد إِن كنعم خلافًا لأبي
عُبَيْدَة فتهمل ش اخْتلف هَل تَأتي إِن حرف جَوَاب معنى نعم فَأثْبت
ذَلِك سِيبَوَيْهٍ والأخفش وَصَححهُ ابْن عُصْفُور وَابْن مَالك
وَأنْكرهُ أَبُو عُبَيْدَة وَمن شَوَاهِد من أثبت قَول ابْن الزبير لمن
قَالَ لَهُ لعن الله نَاقَة حَملتنِي إِلَيْك إِن وراكبها وَلَا عمل
لَهَا حِينَئِذٍ وَخرج الْأَخْفَش عَلَيْهَا قِرَاءَة {إِن هَذَانِ
لساحران} طه 63
(1/510)
[تَخْفيف " إِن " الْمَكْسُورَة]
ص وتخفف فتهمل غَالِبا وَتلْزم اللَّام إِن خيف لبس بالنافية وَهِي
الابتدائية وَثَالِثهَا إِن دخلت على اسمية فَهِيَ وَإِلَّا غَيرهَا
وعَلى الْأَصَح تكسر فِي إِن كنت لمؤمنا وَلَا تعْمل فِي ضمير وَلَا
يَليهَا غَالِبا فعل إِلَّا متصرف نَاسخ مَاض أَو مضارع خلافًا لِابْنِ
مَالك وقاس كالأخفش إِن قتلت لمسلما وَلَا تخفف وخبرها مَاض وَلَا
تعملها الكوفية بل نَافِيَة وَاللَّام كإلا وَقَالَ الْكسَائي إِن دخلت
على فعلية وَإِلَّا عملت وَالْفراء هِيَ كقد ش تخفف إِن الْمَكْسُورَة
فَيبْطل اختصاصها بِالْجُمْلَةِ الابتدائية ويغلب إهمالها وَقد تعْمل
على قلَّة وحالها إِذا أعملت كحالها وهى مُشَدّدَة إِلَّا أَنَّهَا لَا
تعْمل فِي الضَّمِير إِلَّا فِي ضَرُورَة بِخِلَاف الْمُشَدّدَة تَقول
إِنَّك قَائِم بِالتَّشْدِيدِ وَلَا يجوز إِنَّك قَائِم بِالتَّخْفِيفِ
وَأما فِي دُخُول اللَّام وَغير ذَلِك من الْأَحْكَام فهى كالمشددة
سَوَاء وَإِذا أهملت لَزِمت اللَّام فِي ثَانِي الجزأين بعْدهَا فرقا
بَينهَا وَبَين إِن النافية لالتباسها حِينَئِذٍ بهَا نَحْو إِن زيد
لقائم وَمن ثمَّ لَا تلْزم مَعَ الإعمال لعدم الإلباس وَلَا تدخل فِي
مَوضِع لَا يصلح للنَّفْي كَقَوْلِه 532 -
(أَنا ابنُ أُبَاةِ الضَّيم من آل مَالِكٍ ... وإنْ مالِكٌ كَانَت
كِرامَ المَعَادن)
لِأَنَّهُ للمدح وَلَو كَانَت نَافِيَة كَانَ هجوا وَلَا حَيْثُ كَانَ
بعْدهَا نفي نَحْو إِن زيد لن يقوم أَو لم يقم أَو لما يقم أَو لَيْسَ
قَائِما أَو مَا يقوم لعدم الإلباس فِي الْجَمِيع وَاخْتلف فِي هَذِه
اللَّام فَذهب سِيبَوَيْهٍ والأخفش الْأَوْسَط وَالصَّغِير وَأكْثر
(1/511)
نحاة بَغْدَاد وَابْن الْأَخْضَر وَابْن
عُصْفُور إِلَى أَنَّهَا لَام الِابْتِدَاء الَّتِي تدخل مَعَ
الْمُشَدّدَة لَزِمت للْفرق وَذهب الْفَارِسِي وَابْن أبي الْعَافِيَة
والشلوبين وَابْن أبي الرّبيع إِلَى أَنَّهَا لَام أُخْرَى غير تِلْكَ
الَّتِي اجتلبت للْفرق لِأَن تِلْكَ منوية التَّأْخِير من تَقْدِيم
وَهَذِه بِخِلَافِهَا إِذْ تدخل فِي الْجُمْلَة الفعلية بِخِلَاف
تِلْكَ وَلِأَن هَذِه يعْمل مَا قبلهَا فِيمَا بعْدهَا بِخِلَاف تِلْكَ
لَا يُقَال إِنَّك قتلت لمسلما وَلِأَنَّهَا تدخل على غير الْمُبْتَدَأ
وَالْخَبَر ومعموله من الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِخِلَاف ذَلِك وَأجَاب
الْأَولونَ بِأَن ذَلِك كُله إِنَّمَا جَازَ تبعا وتسمحا على خلاف
الأَصْل لضَرُورَة الْفرق فَإِنَّهَا تبيح أَكثر من ذَلِك وَذهب بَعضهم
إِلَى التَّفْضِيل بَين أَن تدخل على الْجُمْلَة الاسمية فَتكون لَام
الِابْتِدَاء أَو الفعلية فَتكون الفارقة قَالَ أَبُو حَيَّان
وَثَمَرَة الْخلاف تظهر عِنْد دُخُول علمت وَأَخَوَاتهَا فَإِن كَانَت
للْفرق لم تعلق وَإِن كَانَت لَام الِابْتِدَاء علقت وَاخْتلف فِي
الحَدِيث الْمَشْهُور وَقد علمنَا إِن كنت لمؤمنا الْأَخْفَش الصَّغِير
والفارسي ثمَّ ابْن الْأَخْضَر وَابْن أبي الْعَافِيَة فَقَالَ
الْأَخْفَش وَابْن الْأَخْضَر لَا يجوز فِي إِن إِلَّا الْكسر بِنَاء
على أَن اللَّام للابتداء فعلقت فعل الْعلم عَن الْعَمَل وَقَالَ
الْفَارِسِي وَابْن أبي الْعَافِيَة لَا يجوز إِلَّا الْفَتْح بِنَاء
على أَنَّهَا غَيرهَا فَلم تعلقه وَلَا يَلِي المخففة فِي الْغَالِب من
الْأَفْعَال إِلَّا مَا كَانَ متصرفا نَاسِخا مَاضِيا كَانَ أَو مضارعا
نَحْو {وَإِن كَانَت لكبيرة} الْبَقَرَة 143 {وَإِن وجدنَا أَكْثَرهم
لفاسقين} الْأَعْرَاف 102 {وَإِن يكَاد الَّذين كفرُوا} الْقَلَم 51
{وَإِن نظنك لمن الْكَاذِبين} الشُّعَرَاء 186 وَقَرَأَ أبي {وَإِن
إخالك يَا فِرْعَوْن لمثبورا} الْإِسْرَاء 102 وَزعم ابْن مَالك أَنه
لَا يَليهَا إِلَّا الْمَاضِي وَأَن مَا ورد من الْمُضَارع يحفظ
(1/512)
وَلَا يُقَاس عَلَيْهِ قَالَ أَبُو حَيَّان
وَلَيْسَ بِصَحِيح وَلَا أعلم لَهُ مُوَافقا انْتهى وندر إيلاؤها غير
النَّاسِخ فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود {إِن لبثتم لقليلا} الْإِسْرَاء
52 وَقَول الشَّاعِر 533 -
(شَلّتْ يَمِينْك إنْ قَتَلْتَ لَمُسْلِماً ... )
وَمَا حكى إِن قنعت كاتبك لسوطا وَإِن يزينك لنَفسك وَإِن يشينك لهيه
فالبصريون إِلَّا الْأَخْفَش على أَن ذَلِك من الْقلَّة بِحَيْثُ لَا
يُقَاس عَلَيْهِ وَذهب الْأَخْفَش إِلَى جَوَاز الْقيَاس عَلَيْهِ
وَوَافَقَهُ ابْن مَالك وَلَا تخفف وخبرها مَاض متصرف فَلَا يُقَال إِن
زيدا لذهب لعدم سَماع مثله وَلِأَنَّهُ يلْزم مِنْهُ أحد محذورين
إِمَّا دُخُول اللَّام على الْمَاضِي أَو عدم لُزُوم اللَّام
وَكِلَاهُمَا مُمْتَنع هَذَا كُله مَذْهَب الْبَصرِيين وَذهب
الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَن الْمُشَدّدَة لَا تخفف أصلا وَأَن أَن
المخففة إِنَّمَا هِيَ حرف ثنائي الْوَضع وَهِي النافية فَلَا عمل
لَهَا أَلْبَتَّة وَلَا توكيد فِيهَا وَاللَّام بعْدهَا للْإِيجَاب
بِمَعْنى إِلَّا ويجيزون دُخُولهَا على النَّاسِخ وَغَيره وَذهب
الْكسَائي إِلَى أَنَّهَا إِن دخلت على الِاسْم كَانَت مُخَفّفَة من
الْمُشَدّدَة عاملة كَمَا قَالَ البصريون وَإِن دخلت على الْفِعْل
كَانَت للنَّفْي وَاللَّام بِمَعْنى إِلَّا
(1/513)
كَمَا قَالَ الْكُوفِيُّونَ وَذهب الْفراء
إِلَى أَن إِن المخففة بِمَنْزِلَة قد إِلَّا أَن قد تخْتَص بالأفعال
وَإِن تدخل عَلَيْهَا وعَلى الْأَسْمَاء وكل ذَلِك لَا دَلِيل عَلَيْهِ
ومردود بِسَمَاع الإعمال نَحْو {وَإِن كلا لما ليوفينهم} هود 111 {إِن
كل نفس لما عَلَيْهَا حَافظ} الطارق 4 قرئا بِالنّصب وَسمع إِن عمرا
لمنطلق
[إِن الْمَفْتُوحَة المخففة]
ص وتخفف أَن فثالثها الْأَصَح تعْمل جَوَازًا فِي مُضْمر لَا ظَاهر
وَلَا يلْزم أَن يكون الشَّأْن على الْأَصَح وَالْخَبَر جملَة اسمية
مُجَرّدَة أَو مَعَ لَا أَو شَرط أَو رب أَو فعلية فَإِن تصرف وَلم يكن
دُعَاء قرن غَالِبا بِنَفْي أَو لَو أَو قد أَو تَنْفِيس ش تخفف أَن
الْمَفْتُوحَة وَفِي إعمالها حِينَئِذٍ مَذَاهِب أَحدهَا إِنَّهَا لَا
تعْمل شَيْئا لَا فِي ظَاهر وَلَا فِي مُضْمر وَتَكون حرفا مصدريا
مهملا كَسَائِر الْحُرُوف المصدرية وَعَلِيهِ سِيبَوَيْهٍ والكوفيون
الثَّانِي أَنَّهَا تعْمل فِي الْمُضمر وَفِي الظَّاهِر نَحْو علمت أَن
زيدا قَائِم وقرى {أَن غضب الله عَلَيْهَا} النُّور 9 وَعَلِيهِ
طَائِفَة من المغاربة الثَّالِث أَنَّهَا تعْمل جَوَازًا فِي مُضْمر
لَا ظَاهر وَعَلِيهِ الْجُمْهُور قَالَ ابْن مَالك فَإِن قيل مَا
الَّذِي دَعَا إِلَى تَقْدِير اسْم لَهَا مَحْذُوف وَجعل الْجُمْلَة
بعْدهَا فِي مَوضِع خَبَرهَا وهلا قيل إِنَّهَا ملغاة وَلم يتَكَلَّف
الْحَذف فَالْجَوَاب أَن سَبَب عَملهَا الِاخْتِصَاص بِالِاسْمِ فَمَا
دَامَ الِاخْتِصَاص يَنْبَغِي أَن يعْتَقد أَنَّهَا عاملة وَكَون
الْعَرَب تستقبح وُقُوع الْأَفْعَال بعْدهَا إِلَّا بفصل ثمَّ لَا
يلْزم أَن يكون ذَلِك الضَّمِير الْمَحْذُوف ضمير الشَّأْن كَمَا زعم
بعض المغاربة بل إِذا أمكن عوده إِلَى حَاضر أَو غَائِب مَعْلُوم كَانَ
أولى وَلذَا قدر سِيبَوَيْهٍ فِي {أَن يَا إِبْرَاهِيم قد صدقت
الرُّؤْيَا} الصافات 104، 105 أَنَّك وَلَا يكون خَبَرهَا مُفردا بل
جملَة إِمَّا اسمية مُجَرّدَة صدرها الْمُبْتَدَأ نَحْو {وءاخر دعوئهم
أَن الْحَمد لله} يُونُس 10 أَو الْخَبَر نَحْو
(1/514)
534 -
(أنْ هَالِكٌ كلُّ مَنْ يَحْفى وَيَنْتَعِلُ ... )
أَو مقرونة بِلَا نَحْو {وَأَن لَا إِلَه إِلَّا هُوَ} هود 14 أَو
باداة شَرط نَحْو {أَن إِذا سَمِعْتُمْ ءايات الله} النِّسَاء 140 أَو
بِرَبّ نَحْو 535 -
(تَيَقّنْتُ أنْ رُبَّ امْريء خِيلَ خَائِناً ... أمينٌ، وخَوّان
يُخَالُ أَمِينَا)
أَو فعلية فَإِن كَانَ فعلهَا جَامِدا أَو دُعَاء لم يحْتَج إِلَى
اقتران شَيْء نَحْو {وَأَن لَيْسَ للْإنْسَان إِلَّا مَا سعى} النَّجْم
39 {وَأَن عَسى أَن يكون} الْأَعْرَاف 185 536 -
(أّنْ نِعْم مُعْتَركُ الجيَاع إذَا ... )
{وَالْخَامِسَة أَن غضب الله عَلَيْهَا} النُّور 9 وَإِن كَانَ متصرفا
غير دُعَاء قرن غَالِبا بِنَفْي نَحْو {أَفلا يرَوْنَ أَلا يرجع
إِلَيْهِم قولا} طه 89 {ألن نجمع عِظَامه} الْقِيَامَة 3 {أَن لم يره
أحد} الْبَلَد 7 قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يحفظ فِي مَا وَلَا فِي لما
فَيَنْبَغِي أَن لَا يقدم على جَوَازه حَتَّى يسمع أَو بلو نَحْو {أَن
لَو نشَاء أصبناهم} الْأَعْرَاف 100 {وألوا استقاموا على الطَّرِيقَة}
الْجِنّ 16 {أَن لَو كَانُوا يعلمُونَ الْغَيْب} سبأ 14 {أَن لَو يشآء
الله لهدى النَّاس} الرَّعْد 31
(1/515)
أَو بقد نَحْو {ونعلم أَن قد صدقتنا}
الْمَائِدَة 113 أَو بِحرف تَنْفِيس نَحْو {علم أَن سَيكون} المزمل 20
وندر خلوها من جَمِيع مَا ذكر كَقَوْلِه 537 -
(عَلِمُوا أَنْ يُؤَمِّلُونَ فجَادُوا ... )
وَخرج عَلَيْهِ قِرَاءَة {لمن أَرَادَ أَن يتم الرضَاعَة} الْبَقَرَة
233 بِالرَّفْع وَكَذَا ندر إعمالها فِي بارز كَقَوْلِه 538 -
(فَلَو أّنْكِ فِي يَوْم الرخَاء سَألْتنِي ... )
[كَأَن المخففة]
ص وَكَأن فأقوالها وَيَأْتِي خَبَرهَا مُفردا واسمية وفعلية مَعَ لم
أَو لما أَو قد ش تخفف كَأَن وَفِي إعمالها حِينَئِذٍ الْأَقْوَال
الثَّلَاثَة فِي أَن أَحدهَا الْمَنْع وَعَلِيهِ الْكُوفِيُّونَ
وَالثَّانِي الْجَوَاز مُطلقًا فِي الْمُضمر والبارز كَقَوْلِه 539 -
(كأنْ ثَدْيَيْهِ حُقّان ... )
(1/516)
وَكَقَوْلِه 540 -
(كَأَن ظَبْيَة تَعْطُو ... )
فِي رِوَايَة النصب فيهمَا وَالثَّالِث الْجَوَاز فِي الْمُضمر لَا فِي
البارز وَلَا يلْزم أَن يكون ضمير الشَّأْن أَيْضا كَمَا فِي أَن
وَيزِيد عَلَيْهَا بِجَوَاز كَون خَبَرهَا مُفردا كَقَوْلِه كَأَن
ظَبْيَة فِي رِوَايَة الرّفْع وَجُمْلَة اسمية كَقَوْلِه كَأَن ثدياه
حقان فِي رِوَايَة الرّفْع وفعلية مصدرة بلم نَحْو {كَأَن لم تغن
بالْأَمْس} يُونُس 24 أَو بلما الجازمة قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يسمع
وَيَنْبَغِي أَن يتَوَقَّف فِي جَوَازه أَو بقد نَحْو 541 -
(لما تَزُلْ برحَالِنَا وكأنْ قَدِ ... )
(1/517)
أَي وَكَأن قد زَالَت
[لَكِن المخففة]
ص وَلَكِن فَلَا تعْمل خلافًا ليونس ش تخفف لَكِن فَلَا تعْمل أصلا
لعدم سَمَاعه وَعلل بمباينة لَفظهَا للفظ الْفِعْل وبزوال مُوجب
إعمالها وَهُوَ الِاخْتِصَاص إِذْ صَارَت يَليهَا الِاسْم وَالْفِعْل
وَأَجَازَ يُونُس والأخفش إعمالها قِيَاسا على إِن وَأَن وَكَأن
[لَعَلَّ المخففة]
ص لَا لَعَلَّ وَجوزهُ أَبُو عَليّ وَيَنْوِي الشَّأْن ش لَا تخفف
لَعَلَّ وَقَالَ الْفَارِسِي تخفف وتعمل فِي ضمير الشَّأْن محذوفا ص
مَسْأَلَة تلِي مَا لَيْت فتعمل وتهمل وَلَا يَليهَا الْفِعْل بِحَال
فِي الْأَصَح وَالْبَاقِي فَلَا تعْمل وَجوزهُ الزجاجي فِيهَا والزجاج
والحريري فِي لَعَلَّ وَكَأن وَأوجب الْفراء فِي لَيْت وَلَعَلَّ وَهِي
زَائِدَة كَافَّة وَقيل نكرَة يُفَسِّرهَا مَا بعْدهَا خَبرا وَقيل
نَافِيَة وَالْأَكْثَر أَن إِن مَعهَا تفِيد الْحصْر وَأنْكرهُ أَبُو
حَيَّان قَالَ التنوخي والزمخشري والبيضاوي وَإِن
(1/518)
ش توصل لَيْت ب مَا فَيجوز إبْقَاء إعمالها
وإهمالها كفا ب مَا وَرُوِيَ بِالْوَجْهَيْنِ قَوْله 542 -
(قَالَت: ألاَ لَيْتَمَا هَذَا الحمامُ لنَا ... )
ويوصل بهَا الْبَاقِي فتكفها عَن الْعَمَل وَتلْزم الإهمال نَحْو
{إِنَّمَا الله إِلَه وَاحِد} النِّسَاء 171 {أَنما إِلَهكُم إِلَه
وَاحِد} الْكَهْف 110 وَالْفرق بَينهَا وَبَين لَيْت أَن لَيْت أشبه
بالأفعال مِنْهَا وَلذَا لزمتها نون الْوِقَايَة بِخِلَاف الْبَوَاقِي
وَأَنَّهَا بَاقِيَة الِاخْتِصَاص بالأسماء فَلَا تدخل على الْأَفْعَال
بِخِلَاف الْبَوَاقِي فَإِنَّهَا تدخل عَلَيْهَا مَعًا نَحْو {إِنَّمَا
يُوحى إِلَيّ} الْأَنْبِيَاء 108 {أَنما خَلَقْنَاكُمْ عَبَثا}
الْمُؤْمِنُونَ 115 {كَأَنَّمَا يساقون إِلَى الْمَوْت} الْأَنْفَال 6
543 -
(وَلَكِنّما أَسْعَى لِمَجْدٍ مُؤَثَّل ... )
(1/519)
544 -
( ... ... ... ... . لَعَلّمَا ... أَضاءت لَك النّارُ الحِمَارَ
المُقَيّدا)
فَلهَذَا تعين فِيهَا الإلغاء وَجَاز فِي لَيْت الإعمال رَاعيا لقُوَّة
اختصاصها والإهمال إِلْحَاقًا بأخواتها قَالَ أَبُو حَيَّان ووقفت على
كتاب تأليف طَاهِر الْقزْوِينِي فِي النَّحْو ذكر فِيهِ أَن ليتما
تَلِيهَا الْجُمْلَة الفعلية بل نَقله أَبُو جَعْفَر الصفار عَن
الْبَصرِيين لَكِن الْأَخْفَش على سَعَة حفظه قَالَ إِنَّه لم يسمع قطّ
ليتما يقوم زيد وَنقل أَبُو حَيَّان عَن الْفراء أَنه جَوَاز إِيلَاء
الْفِعْل لَيْت لِأَنَّهَا بِمَعْنى لَو وَأنْشد حفظه الله 545 -
(فَلَيْتَ دَفَعْتَ الهمّ عَنِّي سَاعَةً ... )
وخرجه البصريون على حذف الِاسْم وَقد أَشرت إِلَى الْخلاف فِي
الْحَالين بِقَوْلِي وَلَا يَليهَا الْفِعْل بِحَال أَي لَا مَعَ مَا
وَلَا مُجَرّدَة يحصل من جَمِيع الْمَسْأَلَتَيْنِ ثَلَاثَة أَقْوَال
وَذهب الزجاجي إِلَى أَنه يجوز الإعمال فِي الْجَمِيع حكى إِنَّمَا
زيدا قَائِم وَيُقَاس فِي الْبَاقِي وَوَافَقَهُ الزَّمَخْشَرِيّ
وَابْن مَالك وَنَقله عَن ابْن السراج وَذهب الزّجاج وَابْن أبي
الرّبيع إِلَى أَنه يجوز فِي لَيْت وَلَعَلَّ وَكَأن خَاصَّة
(1/520)
وَيتَعَيَّن الإلغاء فِي إِن وَأَن وَلَكِن
وعزي إِلَى الْأَخْفَش وَوجه باشتراك الثَّلَاثَة الأول فِي تَغْيِير
معنى الْجُمْلَة الابتدائية بِخِلَاف الْأُخَر فَإِنَّهُنَّ لَا يغيرن
مَعَ الِابْتِدَاء وَذهب الْفراء إِلَى وجوب الإعمال فِي لَيْت
وَلَعَلَّ وَلم يجوز فيهمَا الإلغاء وَعِنْدِي جَوَاز الْوَجْهَيْنِ
فِي لَيْت وَإِن قصرا على السماع وَتعين الإلغاء فِي الْبَوَاقِي لعدم
سَماع الإعمال فِيهَا ثمَّ مَا الْمَذْكُورَة زَائِدَة كَافَّة عَن
الْعَمَل مهيئة لدُخُول هَذِه الأحرف على الْجمل هَذَا هُوَ
الْمَعْرُوف وَزعم ابْن درسْتوَيْه وَبَعض الْكُوفِيّين أَنَّهَا نكرَة
مُبْهمَة بِمَنْزِلَة الضَّمِير الْمَجْهُول لما فِيهَا من التفخيم
وَالْجُمْلَة الَّتِي بعْدهَا فِي مَوضِع الْخَبَر ومفسرة لَهَا
كَالَّتِي بعد ضمير الشَّأْن ورد بِأَنَّهَا لَو كَانَت كَذَلِك
لاستعملت مَعَ جَمِيع النواسخ كضمير الشَّأْن وَزعم أَبُو عَليّ
الْفَارِسِي أَنه نَافِيَة وَاسْتدلَّ بِأَنَّهَا أفادت مَعهَا الْحصْر
نَحْو {إِنَّمَا الله إِلَه وَاحِد} النِّسَاء 171 كإفادة النَّفْي
وَالْإِثْبَات بإلا وَمَا ذكر من إفادتها الْحصْر قَول الْأَكْثَرين
وَأنْكرهُ طَائِفَة يسيرَة من النُّحَاة مِنْهُم أَبُو حَيَّان وَألْحق
الزَّمَخْشَرِيّ بإنما الْمَكْسُورَة أَنما الْمَفْتُوحَة فَقَالَ
إِنَّهَا تفِيد الْحصْر لِأَنَّهَا فرعها وَمَا ثَبت للْأَصْل ثَبت
للفرع وَقد اجْتمعَا فِي قَوْله تَعَالَى {قل إِنَّمَا يُوحى إِلَيّ
أَنما إِلَهكُم إِلَه وَاحِد} الْأَنْبِيَاء 108 فَالْأولى لقصر الصّفة
على الْمَوْصُوف وَالثَّانيَِة بِالْعَكْسِ قَالَ أَبُو حَيَّان
وَهَذَا شَيْء انْفَرد بِهِ قَالَ وَدَعوى الْحصْر فِي الْآيَة
بَاطِلَة لاقتضائها أَنه لم يُوح إِلَيْهِ غير التَّوْحِيد وَأجِيب
بِأَنَّهُ حصر مُقَيّد إِذْ الْخطاب مَعَ الْمُشْركين أَي مَا يُوحى
إِلَى فِي شَأْن الربوبية إِلَّا التَّوْحِيد لَا الْإِشْرَاك فَهُوَ
قصر قلب على حد {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول} آل عمرَان 144 إِذْ
لَيست صِفَاته
منحصرة فِي الرسَالَة وَإِن كَانَ قصر إِفْرَاد وَقد وَافق
الزَّمَخْشَرِيّ على ذَلِك الْبَيْضَاوِيّ وَسَبقه التنوخي فِي
الْأَقْصَى الْقَرِيب وَلم يعْتَرض لَهُ سواهُم فِيمَا علمت
(1/521)
|