همع الهوامع في شرح جمع الجوامع لَا النافية للْجِنْس
ص مَسْأَلَة ك إِن لَا لم تَتَكَرَّر وَقصد بهَا النَّفْي الْعَام فِي
نكرَة تَلِيهَا غير معمولة لغَيْرهَا لَكِن إِن كَانَ غير مُضَاف لوا
شبيهه ركب مَعهَا وَبني على مَا ينصب بِهِ وتمنعه الْبَاء غَالِبا
وَقيل مُعرب مُطلقًا وَقيل مثنى وجمعا وَقيل إِن ركبت لم تعْمل فِي
الْخَبَر قيل وَلَا الِاسْم وَهل يكسر الْمُؤَنَّث بتنوين أَو دونه أَو
يفتح أَقْوَال وَالأَصَح جَوَاز الْأَخيرينِ وَيجب تنكير الْخَبَر
وتأخيره وَلَو ظرفا وَذكره إِن جهل خلافًا لقوم وَإِلَّا فَحَذفهُ
غَالِبا وَالْتَزَمَهُ تَمِيم وَيكثر مَعَ إِلَّا وَيرْفَع تَالِيهَا
بَدَلا من مَحل الِاسْم وَقيل لَا مَعَه وَقيل ضمير الْخَبَر وَقيل خبر
ل لَا مَعَ اسْمهَا وَيجوز نَصبه خلافًا للجرمي وَرُبمَا حذف الِاسْم
دونه وَجوز مبرمان حذف لَا وَرُبمَا ركب مَعَ لَا الزَّائِدَة
وَالْجُمْهُور أَن لَا أَبَا لَك وَلَا يَدي لَك مُضَاف وَاللَّام
زَائِدَة وَابْن مَالك عومل كَهُوَ وَاللَّام مُتَعَلقَة مُقَدّر غير
خبر وَالْمُخْتَار وفَاقا لأبي عَليّ وَابْن يسعون وَابْن الطراوة على
لُغَة الْقصر وَلَك الْخَبَر وَلَا تحذف اللَّام اخْتِيَارا وَلَا تفصل
بظرف خلافًا ليونس وَقيل الْخلف فِي النَّاقِص وَيجوز باعتراض
وَالْجُمْهُور ينْزع تَنْوِين شبه مُضَاف وَجوزهُ ابْن مَالك بقلة
وَابْن كيسَان بِحسن وَبنى أهل بَغْدَاد النكرَة إِن عملت فِي ظرف
والكوفية المطول وَلَا تعْمل فِي مفصول خلافًا للرماني وَمَعْرِفَة
خلافًا للكسائي فِي علم مُفْرد ومضاف لكنية وَللَّه والرحمن والعزيز
وللفراء فِي ضمير غَائِب وَإِشَارَة ش تعْمل لَا عمل إِن إِلْحَاقًا
بهَا لمشابهتها لَهَا فِي التصدير وَالدُّخُول على الْمُبْتَدَأ
وَالْخَبَر وَلِأَنَّهَا لتوكيد النَّفْي كَمَا أَن إِن لتوكيد
الْإِثْبَات فَهُوَ قِيَاس نقيض وإلحاقها بليس قِيَاس نَظِير
لِأَنَّهَا نَافِيَة مثلهَا فَهُوَ أقوى فِي الْقيَاس لَكِن عَملهَا
عمل إِن أفْصح وَأكْثر فِي الِاسْتِعْمَال وَله شُرُوط
(1/522)
الأول أَلا تكَرر فَإِن كررت لم يتَعَيَّن
إعمالها بل يجوز كَمَا سَيَأْتِي فِي التوابع الثَّانِي أَن يقْصد بهَا
النَّفْي الْعَام لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تخْتَص بِالِاسْمِ فَإِن لم
يقْصد الْعُمُوم فَتَارَة تلغى وَتارَة تعْمل عمل لَيْسَ الثَّالِث أَن
يكون مدخولها نكرَة فَلَا تعْمل فِي معرفَة بِإِجْمَاع الْبَصرِيين
لِأَن عُمُوم النَّفْي لَا يتَصَوَّر فِيهَا وَخَالف الْكُوفِيُّونَ
فِي هَذَا الشَّرْط فَأجَاز الْكسَائي إعمالها فِي الْعلم الْمُفْرد
نَحْو لَا زيد والمضاف لكنية نَحْو لَا أَبَا مُحَمَّد أَو لله أَو
الرَّحْمَن والعزيز نَحْو لَا عبد الله وَلَا عبد الرَّحْمَن وَلَا عبد
الْعَزِيز وَوَافَقَهُ الْفراء على لَا عبد الله قَالَ لِأَنَّهُ حرف
مُسْتَعْمل يُقَال لكل أحد عبد الله وَخَالفهُ فِي الْأَخيرينِ لِأَن
الِاسْتِعْمَال لم يلْزم فيهمَا كَمَا لزم عبد الله وَالْكسَائِيّ
قاسمها عَلَيْهِ وَجوز الْفراء إعمالها فِي ضمير الْغَائِب وَاسم
الْإِشَارَة نَحْو لَا هُوَ وَلَا هِيَ وَلَا هذَيْن لَك وَلَا هَاتين
لَك وكل ذَلِك خطأ عِنْد الْبَصرِيين وَأما مَا سمع مِمَّا ظَاهره
إعمالها فِي الْمعرفَة كَقَوْلِه
إِذا هلك كسْرَى فَلَا كسْرَى بعده وَإِذا هلك قَيْصر فَلَا قَيْصر
بعده وَقَوله قَضِيَّة وَلَا أَبَا حسن لَهَا وَقَول الشَّاعِر 546 -
(نَكِدْن وَلَا أُمَيّة فِي البلاَدِ ... )
(1/523)
وَقَوله 547 -
(لَا هَيْثَمَ اللّيلَةَ لَلْمَطِيِّ ... )
وَقَوله 548 -
(تُبَكِّي على زَيْدٍ وَلَا زَيْدَ مِثْلَهُ ... )
فمؤول باعتقاد تنكيره كَمَا تقدم فِي الْعلم بِأَن جعل الِاسْم وَاقعا
على مُسَمَّاهُ وعَلى كل من أشبهه فَصَارَ نكرَة لعمومه أَو بِتَقْدِير
مثل وَأم قَوْلهم لَا أَبَا لَك وَلَا أَخا لَك وَلَا يَدي لَك وَلَا
غلامي لَك قَالَ 549 -
(أَهَدموا بَيْتَك لَا أبَا لَكَا ... وَزَعَمُوا أنّك لَا أَخَا
لَكَا)
وَقَالَ 550 -
(لَا تُعْنَينَّ بِمَا أسبابُه عَسُرَتْ ... فَلَا يَدَيْ لامرئ إلاّ
بِمَا قُدِرَا)
فَفِيهِ أَقْوَال أَحدهَا وَعَلِيهِ الْجُمْهُور أَنَّهَا أَسمَاء
مُضَافَة إِلَى الْمَجْرُور بِاللَّامِ وَاللَّام زَائِدَة لَا
اعْتِدَاد بهَا وَلَا تعلق وَالْخَبَر مَحْذُوف وَالْإِضَافَة غير
مَحْضَة كهي فِي مثلك وَغَيْرك لِأَنَّهُ لم يقْصد فِي أَب أَو أَخ
معِين فَلم تعْمل لَا فِي معرفَة وزيدت اللَّام تحسينا للفظ لِئَلَّا
تدخل لَا على مَا ظَاهره التَّعْرِيف
(1/524)
الثَّانِي أَنَّهَا أَسمَاء مُفْردَة غير
مُضَافَة عوملت مُعَاملَة الْمُضَاف فِي الْإِعْرَاب وَالْمَجْرُور
بِاللَّامِ فِي مَوضِع الصّفة لَهَا وَهِي مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف
وَالْخَبَر أَيْضا مَحْذُوف وَعَلِيهِ هِشَام ابْن كيسَان وَاخْتَارَهُ
ابْن مَالك قَالَ لِأَنَّهَا لَو كَانَت مُضَافَة لكَانَتْ الْإِضَافَة
مَحْضَة إِذْ لَيْسَ صفة عاملة فَيلْزم التَّعْرِيف ورد بِعَدَمِ
انحصار غير الْمَحْضَة فِي الصّفة الثَّالِث أَنَّهَا مُفْردَة جَاءَت
على لُغَة الْقصر وَالْمَجْرُور بِاللَّامِ هُوَ الْخَبَر وَعَلِيهِ
الْفَارِسِي وَابْن يسعون وَابْن الطراوة وَإِنَّمَا اخترته لسلامته من
التَّأْوِيل وَالزِّيَادَة والحذف وَكلهَا خلاف الأَصْل وَكَانَ
الْقيَاس فِي هَذِه الْأَلْفَاظ لَا أَب لَك وَلَا أَخ لَك وَلَا يدين
لَك قَالَ 551 -
(أبي الْإِسْلَام لَا أَب لي سِوَاه ... )
وَقَالَ 552 -
(تأمّل فَلَا عَيْنَيْن للمرْء صارفًا ... )
إِلَّا أَنه كثر الِاسْتِعْمَال بِمَا تقدم مَعَ مُخَالفَة الْقيَاس
وَلم يرد فِي غير ضَرُورَة إِلَّا مَعَ اللَّام ورد بحذفها فِي
الضَّرُورَة قَالَ 553 -
(أَبالْمَوت الَّذِي لَا بُدَّ أنِّى ... مُلاَق لَا أَباكِ
تُخَوِّفينِى)
(1/525)
وَلَا يجوز أَيْضا فِي غير ضَرُورَة
الْفَصْل بَين اللَّام وَالِاسْم بظرف أَو مجررو آخر نَحْو لَا أَبَا
الْيَوْم لَك وَلَا يَدي بهَا لَك وَجوزهُ يُونُس فِي الِاخْتِيَار
كَذَا حَكَاهُ ابْن مَالك وَقَالَ أَبُو حَيَّان الَّذِي فِي كتاب
سِيبَوَيْهٍ أَن يُونُس يفرق فِي الْفَصْل بالظرف بَين النَّاقِص
والتام فيجيزه بِالْأولِ دون الثَّانِي ورده سِيبَوَيْهٍ بِأَنَّهُ لَا
يجوز بِوَاحِد مِنْهُمَا بَين إِن وَاسْمهَا وَلَا فِي بَاب كَانَ
فَلَا يجوز إِن عنْدك زيدا مُقيم وَإِن الْيَوْم زيدا مُسَافر وَكَذَا
فِي كَانَ فَإِذن لَا فرق بَين النَّاقِص والتام وَأَجَازَ سِيبَوَيْهٍ
الْفَصْل بجملة الِاعْتِرَاض نَحْو لَا أَبَا فَاعْلَم لَك الشَّرْط
الرَّابِع أَلا يفصل بَين لَا والنكرة بِشَيْء فَإِن فصل تعين الرّفْع
لِضعْفِهَا عَن دَرَجَة إِن نَحْو {لَا فِيهَا غول} الصافات 47 وَجوز
الرماني بَقَاء النصب حُكيَ لَا كَذَلِك رجلا وَلَا كزيد رجلا وَلَا
كالعشية زَائِرًا وَأجِيب بِأَن اسْم لَا فِي الْأَوَّلين مَحْذُوف أَي
لَا أحد ورجلا تَمْيِيز وَالثَّالِث على معنى لَا أرى الشَّرْط
الْخَامِس أَن تكون النكرَة غير معمولة لغير لَا بِخِلَاف نَحْو جِئْت
بِلَا زَاد فَإِن النكرَة فِيهِ معمولة للباء وَنَحْو لَا مرْحَبًا بهم
فَإِنَّهَا فِيهِ معمولة لفعل مُقَدّر فَإِن اجْتمعت هَذِه الشُّرُوط
نصبت الِاسْم وَرفعت الْخَبَر لَكِن إِنَّمَا يظْهر نصب الِاسْم إِذا
كَانَ مُضَافا نَحْو لَا صَاحب بر ممقوت أَو شبهه بِأَن يكون عَاملا
فِيمَا بعده عمل الْفِعْل نَحْو لَا طالعا جبلا حَاضر وَلَا رَاغِبًا
فِي الشَّرّ مَحْمُود فَإِن كَانَ مُفردا أَي غير مُضَاف وَلَا شبهه
ركب مَعهَا وَبني هَذَا مَذْهَب أَكثر الْبَصرِيين وَاخْتلف فِي مُوجب
الْبناء فَقيل تضمنه معنى من كَأَن قَائِلا قَالَ هَل من رجل فِي
الدَّار فَقَالَ مجيبه لَا رجل فِي الدَّار لِأَن نفي لَا عَام
فَيَنْبَغِي أَن يكون جَوَابا لسؤال عَام وَكَذَلِكَ صرح ب من فِي بعض
الْمَوَاضِع قَالَ 554 -
(ألاَ لاَ مِنْ سَبيل إِلَى هِنْد ... )
(1/526)
وَصَححهُ ابْن عُصْفُور ورد بِأَن المتضمن
معنى من هُوَ لَا لَا الِاسْم وَقيل تركيبه مَعهَا تركيب خَمْسَة عشر
بِدَلِيل زَوَاله عِنْد الْفَصْل وَصَححهُ ابْن الصَّائِغ وَنقل عَن
سِيبَوَيْهٍ وَقيل لتَضَمّنه معنى اللَّام الاستغراقية ورد بِأَنَّهُ
لَو كَانَ كَذَلِك لوصف بالمعرفة كَمَا قيل لَقيته أمس الدابر وَذهب
الْجرْمِي والزجاجي والسيرافي والرماني إِلَى أَن الْمُفْرد مَعهَا
مُعرب أَيْضا وَحذف التَّنْوِين مِنْهُ تَخْفِيفًا لَا بِنَاء ورد
بِأَن حذفه من النكرَة المطولة كَانَ أولى وَبِأَنَّهُ لم يعْهَد حذف
التَّنْوِين إِلَّا لمنع صرف أَو إِضَافَة أَو وصف الْعلم بِابْن أَو
ملاقاة سَاكن أَو وقف أَو بِنَاء وَهَذَا لَيْسَ وَاحِدًا مِمَّا قبل
الْبناء فَتعين الْبناء وَذهب الْمبرد إِلَى أَن الْمثنى وَالْجمع على
حَده معربان مَعهَا لِأَنَّهُ لم يعْهَد فيهمَا التَّرْكِيب مَعَ شَيْء
آخر بل وَلَا وجد فِي كَلَام الْعَرَب مثنى وَجمع مبنيان وَنقض
بِأَنَّهُ قَالَ ببنائهما فِي النداء فَكَذَا هُنَا وعَلى الأول فيبنى
مدخولها على مَا ينصب بِهِ فالمفرد وَجمع التكسير على الْفَتْح نَحْو
لَا رجل وَلَا رجال فِي الدَّار والمثنى وَالْجمع على الْيَاء
كَقَوْلِه 555 -
(تَعزّ، فَلَا إلْفَيْن بالعَيْش مُتِّعَا ... )
وَقَوله 556 -
(أَرَى الرَّبْعَ لَا أَهْلِين فِي عَرصَاته ... )
(1/527)
وَقَوله 557 -
(يُحْشَرُ النَّاسُ لَا بَنِينَ وَلَا آباءَ ... إلاَّ وقدْ عَنَتْهُمْ
شُؤونُ)
وَأما جمع الْمُؤَنَّث السَّالِم فَفِيهِ أَقْوَال أَحدهَا وجوب
بنائِهِ على الْكسر لِأَنَّهُ عَلامَة نَصبه الثَّانِي وجوب بنائِهِ
على الْفَتْح وَعَلِيهِ الْمَازِني والفارسي الثَّالِث جَوَاز
الْأَمريْنِ وَهُوَ الصَّحِيح للسماع فقد رُوِيَ بِالْوَجْهَيْنِ
قَوْله 558 -
(وَلَا لذّاتِ للشّيب ... )
وَقَوله 559 -
(لَا سابغاتٍ وَلَا جَأْواءَ باسِلَةً ... )
قَالَ أَبُو حَيَّان وَفرع من أَصْحَابنَا بِنَاء الْكسر وَالْفَتْح
على الْخلاف فِي حَرَكَة لَا رجل فَمن قَالَ إِنَّهَا حَرَكَة إِعْرَاب
أوجب هُنَا الْكسر وَمن قَالَ إِنَّهَا حَرَكَة بِنَاء أوجب الْفَتْح
للتركيب كخمسة عشر إِذْ الْحَرَكَة لَيست للذات خَاصَّة إِنَّمَا هِيَ
للذات وَلَا وَمن جوز الْوَجْهَيْنِ رَاعى الْأَمريْنِ ثمَّ إِذا بني
على الْفَتْح جَوَازًا أَو وجوبا فَلَا ينون كَمَا هُوَ ظَاهر
(1/528)
وَإِن بني على الْكسر فَقيل لَا ينون
وَعَلِيهِ الْأَكْثَرُونَ كَمَا لَا ينون فِي النداء نَحْو يَا مسلمات
وَبِه ورد البيتان السابقان وَقيل ينون وَعَلِيهِ ابْن الداهان وَابْن
خروف لِأَن التَّنْوِين فِيهِ كالنون فِي الْجمع فَيثبت كَمَا ثَبت فِي
لَا مُسلمين لَك فَإِن أضيف لفظا أَو تَقْديرا أعرب بِالْكَسْرِ وفَاقا
نَحْو لَا مسلمات زيد لَك أَو لَا مسلمات لَك وَيمْنَع التَّرْكِيب
غَالِبا دُخُول الْبَاء على لَا نَحْو بِلَا زَاد وَسمع جِئْت بِلَا
شَيْء بِالْفَتْح وَهُوَ نَادِر وَالْإِجْمَاع على أَن لَا هِيَ
الرافعة للْخَبَر عِنْد عدم التَّرْكِيب وَأما فِي التَّرْكِيب
فَكَذَلِك عِنْد الْأَخْفَش والمازني والميرد والسيرافي وَجَمَاعَة
وَصَححهُ ابْن مَالك إِجْرَاء لَهَا مجْرى إِن وَقيل إِنَّهَا لم تعْمل
فِيهِ شَيْئا بل لَا مَعَ النكرَة فِي مَوضِع رفع على الِابْتِدَاء
وَالْمَرْفُوع خبر الْمُبْتَدَأ وَصَححهُ أَبُو حَيَّان وَعَزاهُ
لسيبويه وَاسْتدلَّ لجَوَاز الإتباع هُنَا بِالرَّفْع قبل استكمال
الْخَبَر بِخِلَاف إِن وَذهب بَعضهم إِلَى أَنَّهَا لم تعْمل فِي
الِاسْم أَيْضا شَيْئا حَالَة التَّرْكِيب لِأَنَّهَا صَارَت مِنْهُ
بِمَنْزِلَة الْجُزْء وجزء الْكَلِمَة لَا يعْمل فِيهَا وَبَقِي فِي
الْمَتْن مسَائِل الأولى يجب تنكير خبر لَا لِأَن اسْمهَا نكرَة فَلَا
يخبر عَنْهَا بِمَعْرِِفَة وتأخره عَنْهَا وَعَن الِاسْم وَلَو كَانَ
ظرفا أَو مجرورا لِضعْفِهَا فَلَا يجوز الْفَصْل بَينهَا وَبَين
اسْمهَا لَا بِخَبَر وَلَا بأجنبي الثَّانِيَة حذف خبر هَذَا الْبَاب
إِن علم غَالب فِي لُغَة الْحجاز مُلْتَزم فِي لُغَة تَمِيم وطييء فَلم
يلفظوا بِهِ أصلا نَحْو {لَا ضير} الشُّعَرَاء 50 {فَلَا فَوت} سبأ 50
وَلَا ضَرَر وَلَا ضرار وَلَا عدوى وَلَا طيرة لَا بَأْس
(1/529)
وَإِنَّمَا كثر أَو وَجب لِأَن لَا وَمَا
دخلت عَلَيْهِ جَوَاب اسْتِفْهَام عَام والأجوبة يَقع فِيهَا الْحَذف
والاختصار كثيرا وَلِهَذَا يكتفون فِيهِ ب لَا وَنعم ويحذفون
الْجُمْلَة بعدهمَا رَأْسا وَأكْثر مَا يحذفه الحجازيون مَعَ إِلَّا
نَحْو {لَا إِلَه إِلَّا الله} الصافات 35 لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا
بِاللَّه وَإِن لم يعلم بِقَرِينَة قالية أَو حَالية لم يجز الْحَذف
عِنْد أحد فضلا عَن أَن يجب نَحْو لَا أحد أغير من الله قَالَ ابْن
مَالك وَمن نسب إِلَى تَمِيم الْتِزَام الْحَذف مُطلقًا فقد غلط لِأَن
حذف خبر لَا دَلِيل عَلَيْهِ يلْزم مِنْهُ عدم الْفَائِدَة وَالْعرب
مجمعون على ترك التَّكَلُّم بِمَا لَا فَائِدَة فِيهِ يُشِير إِلَى
الزَّمَخْشَرِيّ والجزولي وَرُبمَا حذف الِاسْم وَبَقِي الْخَبَر
قَالُوا لَا عَلَيْك أَي لَا بَأْس عَلَيْك وَجوز مبرمان حذف لَا
الثَّالِثَة إِذا وَقعت إِلَّا بعد لَا جَازَ فِي الْمَذْكُور بعْدهَا
الرّفْع وَالنّصب نَحْو لَا سيف إِلَّا ذُو الفقار وَذَا الفقار وَلَا
إِلَه إِلَّا الله وَإِلَّا الله فالنصب على الِاسْتِثْنَاء وَمنعه
الْجرْمِي قَالَ لِأَنَّهُ لم يتم الْكَلَام فكأنك قلت الله إِلَه ورد
بأنهه تضم بالإضمار وَالرَّفْع على الْبَدَل من مَحل الِاسْم وَقيل من
مَحل لَا مَعَ اسْمهَا وَقيل من الضَّمِير الْمُسْتَتر فِي الْخَبَر
الْمَحْذُوف وَقيل على خبر لَا مَعَ اسْمهَا لِأَنَّهُمَا فِي مَحل رفع
بِالِابْتِدَاءِ الرَّابِعَة ندر تركيب النكرَة مَعَ لَا الزَّائِدَة
تَشْبِيها بِلَا النافية كَقَوْلِه 560 -
(لَوْ لَمْ تَكُنْ غَطَفَانُ لَا ذُنوب لَهَا ... )
(1/530)
وَهَذَا من التَّشْبِيه الملحوظ فِيهِ
مُجَرّد اللَّفْظ وَهُوَ نَظِير تَشْبِيه مَا الموصولة ب مَا النافية
فِي زِيَادَة أَن بعْدهَا الْخَامِسَة الْجُمْهُور على أَن الِاسْم
الْوَاقِع بعد لَا إِذا كَانَ عَاملا فِيمَا بعده يلْزم تنوينه
وَإِعْرَابه مُطلقًا وَذهب ابْن كيسَان إِلَى أَنه يجوز فِيهِ
التَّنْوِين وَتَركه وَأَن التّرْك أحسن إِجْرَاء لَهُ مجْرى الْمُفْرد
فِي الْبناء لعدم الِاعْتِدَاد بالمفعول من حَيْثُ إِنَّه لَو أسقط
لصَحَّ الْكَلَام وَذهب ابْن مَالك إِلَى جَوَاز تَركه بقلة تَشْبِيها
بالمضاف لَا بِنَاء كَقَوْلِه 561 -
(أَرَانِي وَلَا كُفْرانَ للَّهِ أيَّةً ... )
وَذهب البغداديون إِلَى جَوَاز بنائِهِ إِن كَانَ عَاملا فِي ظرف أَو
مجرور نَحْو {وَلَا جِدَال فِي الْحَج} الْبَقَرَة 197 بِخِلَاف
الْمَفْعُول الصَّرِيح وَذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى جَوَاز بِنَاء
الِاسْم المطول نَحْو لَا قَائِل قولا حسنا وَلَا ضَارب ضربا كثيرا ص
وتفيد مَعَ الْهمزَة توبيخا وَكَذَا استفهاما خلافًا للشلوبين فَلَا
تغير وتمنيا فَلَا تلغى وَلَا خبر وَلَو مُقَدّر وَلَو إتباع إِلَّا
على اللَّفْظ خلافًا للمبرد
(1/531)
ش إِذا دخلت همزَة الِاسْتِفْهَام على لَا
كَانَت على معَان أَحدهَا أَن يُرَاد بهَا صَرِيح الِاسْتِفْهَام عَن
النَّفْي الْمَحْض دون تَقْرِير وَلَا إِنْكَار وَلَا توبيخ خلافًا
للشلوبين إِذْ زعم أَنَّهَا لَا تقع لمُجَرّد الِاسْتِفْهَام الْمَحْض
دون إِنْكَار وتوبيخ قَالَ أَبُو حَيَّان وَالصَّحِيح وجود ذَلِك فِي
كَلَام الْعَرَب لكنه قَلِيل كَقَوْلِه 562 -
(أَلا اصْطِبارَ لِسَلْمى أم لهَا جَلَدٌ ... )
الثَّانِي أَن يكون الِاسْتِفْهَام على طَرِيق التَّقْرِير
وَالْإِنْكَار والتوبيخ كَقَوْلِه 563 -
(أَلا طِعَان ألاَ فُرْسانَ عَادِيَةً ... )
وَقَوله 564 -
(أَلا أرْعِواء لمن ولت شَبيبتُهُ ... )
(1/532)
وَحكم لَا فِي هذَيْن لمعنيين حكمهَا لَو
لم تدخل عَلَيْهَا الْهمزَة من جَوَاز إلغائها وإعمالها عمل إِن وَعمل
لَيْسَ بِجَمِيعِ أَحْكَامهَا الثَّالِث أَن يدخلهَا معنى التَّمَنِّي
فمذهب سِيبَوَيْهٍ والخليل والجرمي أَنَّهَا لَا تعْمل إِلَّا عمل إِن
فِي الِاسْم خَاصَّة وَلَا يكون لَهَا خبر لَا فِي اللَّفْظ وَلَا فِي
التَّقْدِير وَلَا يتبع اسْمهَا إِلَّا على اللَّفْظ خَاصَّة وَلَا
يلغى بِحَال وَلَا تعْمل عمل لَيْسَ نَحْو أَلا غُلَام لي أَلا مَاء
بَارِدًا وَألا أُبَالِي أَلا غُلَام لي أَلا غلامين أَلا مَاء ولبنا
أَلا مَاء وَعَسَلًا بَارِدًا حلوا وَذهب الْمبرد والمازني إِلَى
جعلهَا كالمجردة فَيكون لَهَا خبر فِي اللَّفْظ أَو فِي التَّقْدِير
وَيتبع اسْمهَا على اللَّفْظ وعَلى الْموضع وَيجوز أَن تلْغي وَأَن
تعْمل عمل لَيْسَ وَالْفرق بَين المذهبين من جِهَة الْمَعْنى أَن
التَّمَنِّي وَاقع على اسْم لَا على الأول وعَلى الْخَبَر على
الثَّانِي وَمن شواهدها 565 -
(أَلا عُمْرِ ولَّى مُسْتطاعٌ رجُوعه ... فيَرْأب مَا أثْأت يَدُ
الغَفَلاتِ)
(1/533)
ومستطاع خبر رُجُوعه وَالْجُمْلَة صفة
[أَحْوَال تكْرَار لَا]
ص مَسْأَلَة يجب اخْتِيَارا خلافًا للمبرد تكْرَار لَا إِذا لم تعْمل
وَلم يكن مدخولها بِمَعْنى فعل وَفِي الْمُفْرد من خبر منفي بهَا ونعت
وَحَال ومضا لفظا وَمعنى وَقد يُغني حرف نفي ويعترض بَين جَار ومجرور
وزعمها الكوفية حِينَئِذٍ اسْما ك غير مُضَافا ش إِذا لم تعْمل لَا
إِمَّا لأجل الْفَصْل أَو لكَون مدخولها معرفَة فمذهب سِيبَوَيْهٍ
وَالْجُمْهُور لُزُوم تكرارها ليَكُون عوضا عَمَّا فاتها من مصاحبة ذِي
الْعُمُوم أَو لِأَن الْعَرَب جَعلتهَا فِي جَوَاب من سَأَلَ
بِالْهَمْزَةِ وَأم وَالسُّؤَال بهما لابد فِيهِ من الْعَطف فَكَذَلِك
الْجَواب وَأَجَازَ الْمبرد وَابْن كيسَان مَعَ الْفَصْل والمعرفة أَلا
تكَرر كَقَوْلِه 566 -
(بَكت أسفا واسترجعت ثمَّ آذَنت ... ركائبها أَن لَا إِلَيْنَا
رُجُوعهَا)
567 - وَقَوله
(لَا أَنْت شَائِيةٌ مِنْ شَأنِنا شَاني ... )
وَذَلِكَ عِنْد الْجُمْهُور ضَرُورَة نعم إِن كَانَ مدخولها فِي معنى
الْفِعْل لم تكَرر
(1/534)
نَحْو لَا نولك أَن تفعل لِأَنَّهُ ضمن
معنى لَا يَنْبَغِي لَك وَكَذَا لَا بك السوء لِأَنَّهُ فِي معنى لَا
يسوؤك الله لِأَنَّهَا لَا تكَرر مَعَ الْفِعْل الْمُضَارع كَمَا
سَيَأْتِي وَيلْزم تكرارها أَيْضا اخْتِيَارا إِذا وَليهَا مُفْرد منفي
بهَا خَبرا أَو نعتا أَو حَالا نَحْو زيد لَا قَائِم وَلَا قَاعد ومررت
بِرَجُل لَا قَائِم وَلَا قَاعد وَنظرت إِلَيْهِ لَا قَائِما وَلَا
قَاعِدا وَلم يُكَرر فِي ذَلِك ضَرُورَة فِي قَوْله 568 -
(حَياتُك لَا نَفْعٌ ومَوْتُكَ فَاجعُ ... )
وَقَوله 569 -
(قَهرْتُ العِدا لَا مُسْتَعِيناً بعُصبةٍ ... ولِكِنْ بأنواع
الخَدائِع والمَكْر)
وتتكرر أَيْضا فِي الْمَاضِي لفظا وَمعنى نَحْو زيد لَا قَامَ وَلَا
قعد فَلم يبْق شَيْء لَا تَتَكَرَّر فِيهِ سوى الْمُضَارع نَحْو زيد
لَا يقوم وَقد يُغني عَن تكرارها حرف نفي غَيرهَا وَهُوَ قَلِيل
كَقَوْلِه 570 -
(فَلَا هُوَ أبْداها وَلم يَتَجمْجَم ... )
وتزاد لَا بَين الْجَار وَالْمَجْرُور فيتخطاها الْجَار كَقَوْلِهِم
جِئْت بِلَا زَاد
(1/535)
ظن وَأَخَوَاتهَا
ص الرَّابِع الْأَفْعَال الدَّالَّة على ظن كحجا يحجو لَا لغَلَبَة
وَقصد ورد وسوق وكتم وَحفظ وَإِقَامَة وبخل وعد لَا لحساب وَأنْكرهُ
أَكثر البصرية وَزعم لَا لكفالة ورياسة وَسمن هزال وَجعل لَا لتصيير
وإيجاد وَإِيجَاب وترتيب ومقاربة وهب جَامِدا وَلَا تخْتَص بالضمير
خلافًا للحريري وَأنْكرهُ البصرية أَو يَقِين كعلم لَا لعلمة وعرفان
وَوجد لَا لإصابة وغنى وحزن وحقد وألفى كهي وأنكرها البصرية ودري لَا
لختل وأنكرها المغاربة وَتعلم كاعلم جَامِدا وَقَالَ أَبُو حَيَّان
تتصرف أَو هما كظن لَا لتهمة وَأنكر الْعَبدَرِي كَونهَا للْعلم وزعمها
الْفراء للكذب وَحسب لَا للون وخال يخال لَا لعجب وظلع وَرَأى لَا
لإبصار وَضرب رئة قَالَ الْفَارِسِي وَابْن مَالك وَلَا رأى وَمَا مر
قلبِي أَو تَحْويل كصير وأصار وَجعل وهب جَامِدا ورد وَكَذَا ترك
وَاتخذ وتخذ فِي الْأَصَح وَألْحق الْعَرَب بأرى العلمية الحلمية
والأخفش بِعلم سمع نعلقة بِعَين وخبرها فعل صَوت وَقوم بَصِير ضرب مَعَ
مثل وَابْن أبي الرّبيع مُطلقًا وَهِشَام عرف وَأبْصر وَابْن
درسْتوَيْه أصَاب وصادف وغادر وَابْن أَفْلح أَكَانَ وخطاب كل
مُتَعَدٍّ لوَاحِد ضمن تحويلا وَبَعض خلق والسكاكي توهم وتيقن وَشعر
وَتبين وَأصَاب واعتقد وَتمنى وود وهب كاحسب
(1/536)
ش الرَّابِع من النَّاسِخ الْأَفْعَال
الدَّاخِلَة على الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر فتنصبهما مفعولين وَهِي
أَرْبَعَة أَنْوَاع الأول مَا دلّ على ظن فِي الْخَبَر وَهُوَ خَمْسَة
أَفعَال أَحدهَا حجا والمضارع يحجو قَالَ 571 -
(قد كنت أحْجُوا أَبَا عَمْرو أَخا ثِقَةٍ ... )
أَي أَظن فَإِن كَانَت بِمَعْنى غلب فِي المحاجاة أَو قصد أَو رد أَو
سَاق أَو كتم أَو حفظ تعدت إِلَى وَاحِد فَقَط أَو بِمَعْنى أَقَامَ
أَو بخل فلازمة ثَانِيهَا عد أثبتها الْكُوفِيُّونَ وَبَعض الْبَصرِيين
وَوَافَقَهُمْ ابْن أبي الرّبيع وَابْن مَالك كَقَوْلِه 572 -
(فَلَا تَعْدُد الْمولَى شَريكَك فِي الغِنَى ... )
وَقَوله 573 -
(لَا أَعُدُّ الإقتار عُدْمًا وَلَكِن ... )
أَي لَا تظن وَلَا أَظن وأنكرها أَكْثَرهم فَإِن كَانَت بِمَعْنى حسب
من الْحساب
(1/537)
أَي الْعد الَّذِي يُرَاد بِهِ إحصاء
الْمَعْدُود تعدت إِلَى وَاحِد وَخرج عَلَيْهِ 574 -
(تَعُدُّون عَقْرَ النّيبِ أَفْضَل مَجْدِكُم ... )
على أَن أفضل بدل ثَالِثهَا زعم بِمَعْنى اعْتقد كَقَوْلِه 575 -
(زعمتني شَيخا وَلست بشيخ ... )
وَقَوله 576 -
(فَإِن تَزْعُمِيني كنتُ أَجْهَلُ فِيكُم ... )
ومصدره الزَّعْم والزعم وَذكر صَاحب الْعين أَن الْأَحْسَن أَن توقع
على أَن وَأَن وَلم يرد فِي
(1/538)
الْقُرْآن إِلَّا كَذَلِك قَالَ السيرافي
الزَّعْم قَول يقْتَرن بِهِ اعْتِقَاد صَحَّ أَو لم يَصح وَقَالَ ابْن
دُرَيْد أَكثر مَا يَقع على الْبَاطِل وَفِي الإفصاح زعم بِمَعْنى علم
فِي قَول سِيبَوَيْهٍ وَقَالَ غَيره يكون بِمَعْنى اعْتقد فقد يكون
علما وَقد يكون تنكرا وَيكون أَيْضا ظنا غَالِبا وَقيل يكون بِمَعْنى
الْكَذِب فَإِن كَانَت بِمَعْنى كفل تعدت إِلَى وَاحِد والمصدر الزعامة
كَقَوْلِه 577 -
(على اللَّهِ أَرزاقُ العِباد كَمَا زَعَمْ ... )
أَو بِمَعْنى رَأس تعدّدت تَارَة إِلَى وَاحِد وَأُخْرَى بِحرف جر أَو
بِمَعْنى سمن أَو هزل فلازمة يُقَال زعمت الشَّاة بِمَعْنى سمنت
وَبِمَعْنى هزلت رَابِعا جعل بِمَعْنى اعْتقد نَحْو {وَجعلُوا
الْمَلَائِكَة الَّذين هم عباد الرَّحْمَن إِنَاثًا} الزخرف 19 أَي
اعتقدوهم فَإِن كَانَت بِمَعْنى صير فستأتي فِي أَفعَال التصيير
وَبِمَعْنى أوجد نَحْو {وَجعل الظُّلُمَات والنور} الْأَنْعَام 1 أَو
أوجب نَحْو جعلت لِلْعَامِلِ كَذَا أَو ألْقى نَحْو جعلت بعض متاعي على
بعض تعدت إِلَى وَاحِد أَو بِمَعْنى المقاربة فقد مرت فِي بَاب كَاد
خَامِسهَا هَب أثْبته الكوفية وَابْن عُصْفُور وَابْن مَالك كَقَوْلِه
578 -
(فَقلت أجرْنى أَبَا خالدٍ ... وإلاّ فهبنى امْرأ هَالِكا)
(1/539)
أَي ظنني وَقَوله 579 -
(فهبها أُمّة هلَكتَ ضَياعًا ... يزيدُ أميرها وَأَبُو يَزيدِ)
وَهِي جامدة وَلم يسْتَعْمل مِنْهَا سوى الْأَمر لَا مَاض وَلَا مضارع
وَلَا وصف وَلَا أَمر بِاللَّامِ ويتصل بِهِ الضَّمِير الْمُؤَنَّث
والمثنى وَالْجمع وَزعم الحريري ... ... ... . النَّوْع الثَّانِي مَا
دلّ على يَقِين وَهُوَ خَمْسَة أَيْضا أَحدهَا علم نَحْو {فَإِن
علمتموهن مؤمنات} الممتحنة 10 فَإِن كَانَت بِمَعْنى عرف تعدت لوَاحِد
نَحْو {لَا تعلمُونَ شَيْئا} النَّحْل 78 أَو بِمَعْنى علم علمة فَهُوَ
أعلم أَي مشقوق الشّفة الْعليا فلازمة ثَانِيهَا وجد نَحْو {وَإِن
وجدنَا أَكْثَرهم لفاسقين} الْأَعْرَاف 102 ومصدرها وجدان عَن
الْأَخْفَش وَوُجُود عَن السيرافي فَإِن كَانَت بِمَعْنى أصَاب تعدت
لوَاحِد نَحْو وجد فلَان ضالته وجدانا أَو بِمَعْنى استغني أَو حزن أَو
حقد فلازمة ومصدر الأولى وجد مثلث الْوَاو وَالثَّانيَِة وجد
بِالْفَتْح وَالثَّالِثَة موجدة ثَالِثهَا ألفى بِمَعْنى وجد أثبتها
الكوفية وَابْن مَالك كَقَوْلِه 580 -
(قد جَرَّبوه فَألفوه المُغيِثَ إذَا ... )
(1/540)
وأنكرها البصرية وَابْن عُصْفُور وَقَالُوا
الْمَنْصُوب ثَانِيًا حَال وَالْألف وَاللَّام فِيهِ فِي الْبَيْت
زَائِدَة رَابِعهَا درى بِمَعْنى علم عدهَا ابْن مَالك كَقَوْلِه 581 -
(دُريتَ الوَفِيّ العَهْدَ يَا عَرْوَ فَاغْتَبطْ ... )
قَالَ وَأكْثر مَا تسْتَعْمل معداة بِالْبَاء كَقَوْلِه دَريت بِهِ
فَإِن دخلت عَلَيْهَا همزَة النَّقْل تعدت إِلَى وَاحِد بِنَفسِهَا
وَإِلَى آخر بِالْبَاء كَقَوْلِه تَعَالَى {وَلَا أدراكم بِهِ} يُونُس
16 وَقَالَ أَبُو حَيَّان لم يعدها أَصْحَابنَا فِيمَا يتَعَدَّى
لاثْنَيْنِ وَلَعَلَّ الْبَيْت من بَاب التَّضْمِين ضمن دَريت بِمَعْنى
علمت والتضمين لَا ينقاس وَلَا يَنْبَغِي أَن يَجْعَل أصلا حَتَّى يكثر
وَلَا يثبت ذَلِك بِبَيْت نَادِر مُحْتَمل للتضمين فَإِن كَانَت
بِمَعْنى ختل تعدت لوَاحِد نَحْو درى الذِّئْب الصَّيْد إِذا استخفى
لَهُ ليفترسه خَامِسهَا تعلم بِمَعْنى اعْلَم كَقَوْلِه 582 -
(تَعلّمْ شِفَاءَ النّفْس قَهْرَ عَدُوِّهَا ... )
قَالَ ابْن مَالك وَهِي جامدة لَا يسْتَعْمل مِنْهَا إِلَّا الْأَمر
قَالَ أَبُو حَيَّان وتابع فِيهِ الأعلم وَلَيْسَ بِصَحِيح لِأَن
يَعْقُوب حكى تعلمت فلَانا خَارِجا بِمَعْنى
(1/541)
علمت أما تعلم لَا بِمَعْنى اعْلَم من تعلم
يتَعَلَّم فمتصرف بِلَا نزاع وَيَتَعَدَّى لوَاحِد النَّوْع الثَّالِث
مَا اسْتعْمل فِي الْأَمريْنِ الظَّن وَالْيَقِين وَهُوَ أَرْبَعَة
أَفعَال أَحدهَا ظن فَمن اسْتِعْمَالهَا بِمَعْنى الظَّن {إِن نظن
إِلَّا ظنا وَمَا نَحن بمستيقنين} الجاثية 32 وَبِمَعْنى الْيَقِين
{الَّذين يظنون أَنهم ملاقوا رَبهم} الْبَقَرَة 46 وَزعم أَبُو بكر
مُحَمَّد بن عبد الله بن مَيْمُون الْعَبدَرِي أَن اسْتِعْمَالهَا
بِمَعْنى الْعلم غير مَشْهُور فِي كَلَام الْعَرَب وَأبقى الْآيَة
وَنَحْوهَا على بَاب الظَّن لِأَن الْمُؤمنِينَ حَتَّى الصديقين مَا
زَالُوا وجلين خَائِفين النِّفَاق على أنفسهم وَزعم الْفراء أَن الظَّن
يكون شكا ويقينا وكذبا أَيْضا وَأكْثر الْبَصرِيين يُنكرُونَ الثَّالِث
فَإِن كَانَت ظن بِمَعْنى اتهمَ تعدت لوَاحِد نَحْو ظَنَنْت زيدا
{وَمَا هُوَ على الْغَيْب بظنين} التكوير 24 ثَانِيهَا حسب فَمن الظَّن
{وَيَحْسبُونَ أَنهم على شَيْء} المجادلة 18 وَمن الْيَقِين 583 -
(حَسِبْتُ التّقَى والجودَ خَيْرَ تِجَارَةٍ ... )
(1/542)
والمصدر حسبان فَإِن كَانَت للون من نَحْو
حسب الرجل إِذا احمر لَونه وابيض أَو كَانَ ذَا شقرة فلازمة ثَالِثهَا
خل يخال فَمن الظَّن قَوْله 584 -
(إخَالُك إنْ لَمْ تَغْضُض الطّرْف ذَا هوى ... )
وَمن الْيَقِين قَوْله 585 -
(دعانى العذَارَى عمّهنّ وخِلْتُنى ... لىَ اسمٌ، فَلَا أُدعَى بِهِ
وَهُوَ أَوّلُ)
والمصدر خيلا وخالا وخيلة ومخالة وخيلانا ومخيلة وخيلولة واشتقاقها من
الخيال وَهُوَ الَّذِي لَا يتَحَقَّق فَإِن كَانَت بِمَعْنى تكبر أَو
ظلع من خَال الْفرس ظلع والمضارع مِنْهُمَا أَيْضا يخال فلازمة
رَابِعهَا رأى قَالَ تَعَالَى {إِنَّهُم يرونه بَعيدا} أَي
يَظُنُّونَهُ {ونراه قَرِيبا} المعارج 6، 7 أَي نعلمهُ فَإِن كَانَت
بِمَعْنى أبْصر أَو ضرب الرئة تعدت لوَاحِد قَالَ الْفَارِسِي وَابْن
مَالك وَكَذَا الَّتِي بِمَعْنى اعْتقد قَالَ أَبُو حَيَّان وَذهب
غَيرهمَا إِلَى أَن الَّتِى بِمَعْنى اعْتقد تتعدى إِلَى اثْنَيْنِ
وَيدل لَهُ قَوْله 586 -
(رأى النّاسَ إلاّ من رأى مِثْل رَأْيهِ ... خَوَارجَ ترّاكين قَصْدَ
الْمَخَارج)
(1/543)
وأفعال هَذِه الْأَنْوَاع الثَّلَاثَة تسمى
قلبية وَهِي المرادة حَيْثُ قيل أَفعَال الْقُلُوب النَّوْع الرَّابِع
مَا دلّ على تَحْويل وَهِي ثَمَانِيَة أَفعَال صير وأصار المنقولان من
صَار إِحْدَى أَخَوَات كَانَ بالتضعيف والهمز قَالَ 587 -
(فَصُيِّرُوا مِثْلَ كَعَصْفٍ مأكُولْ ... )
وَجعل بِمَعْنى صير نَحْو {فجعلناه هباء} الْفرْقَان 23 ووهب حكى ابْن
الْأَعرَابِي وهبني الله فداءك أَي صيرني وَلَا يسْتَعْمل بِمَعْنى صير
إِلَّا الْمَاضِي فَقَط ورد نَحْو {لَو يردونكم من بعد إيمَانكُمْ
كفَّارًا} الْبَقَرَة 109 وَترك كَقَوْلِه 588 -
(وَرَبّيْتُهُ حَتَّى إذَا مَا تَرَكْتُهُ ... أَخا الْقَوْم،
وَاسْتَغْنَى عَن الْمَسْح شَاربُهْ)
وتخذ وَاتخذ كَقَوْلِه تَعَالَى {لتخذت عَلَيْهِ أجرا} الْكَهْف 77
وَفِي قِرَاءَة لتخذت {وَاتخذ الله إِبْرَاهِيم خَلِيلًا} النِّسَاء
125 وَأنكر بَعضهم تعدِي ترك وتخذ وَاتخذ إِلَى اثْنَيْنِ وَقَالَ
إِنَّمَا يتَعَدَّى إِلَى وَاحِد والمنصوب الثَّانِي حَال قَالَ ابْن
مَالك وَألْحق ابْن أَفْلح بأصار أَكَانَ المنقولة من كَانَ بِمَعْنى
صَار قَالَ وَمَا حكم بِهِ جَائِز قِيَاسا لَا أعلمهُ مسموعا وَقَالَ
أَبُو حَيَّان لَا أعلم أحدا من النُّحَاة يُقَال لَهُ ابْن أَفْلح
لَكِن فِي شرح الأعلم رجل اسْمه مُسلم بن أَحْمد بن أَفْلح الأديب يكنى
أَبَا بكر أَخذ كتاب سِيبَوَيْهٍ عَن أبي عمر بن الْحباب قَالَ وَمَا
قَالَه
(1/544)
ابْن مَالك من أَنه جَائِز قِيَاسا
مَمْنُوع فَإِن مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ أَن النَّقْل بِالْهَمْز قِيَاس
فِي اللَّازِم سَماع فِي الْمُتَعَدِّي وَكَانَ بِمَعْنى صَار تجْرِي
مجْرى المتعدى فَلَا يكون النَّقْل فِيهِ بِالْهَمْز قِيَاسا وَألْحق
الْعَرَب ب رأى العلمية الحلمية فأدخلوها على الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر
ونصبوهما بهَا مفعولين إِجْرَاء لَهَا مجْراهَا من حَيْثُ أَن كلا
مِنْهُمَا إِدْرَاك بالباطن كَقَوْلِه 589 -
(أَرَاهُم رُفْقَتِى حتّى إِذا مَا ... تَولّى اللّيْلُ، وانْخَزَل
انْجزَالا)
وَفِي التَّنْزِيل {إِنِّي أَرَانِي أعصر خمرًا} يُوسُف 36 فأعمل مضارع
رَأْي الحلمية فِي ضميرين متصلين لمسمى وَاحِد وَذَلِكَ خَاص ب علم
ذَات المفعولين وَمَا جرى مجْراهَا وَألْحق الْأَخْفَش بِعلم سمع
الْمُعَلقَة بِعَين الْمخبر بعْدهَا بِفعل دَال على صَوت نَحْو سَمِعت
زيدا يتَكَلَّم بِخِلَاف الْمُعَلقَة بمسموع نَحْو سَمِعت كلَاما
وَسمعت خطْبَة وَوَافَقَهُ على ذَلِك الْفَارِسِي وَابْن بابشاذ وَابْن
عُصْفُور وَابْن الصَّائِغ وَابْن أبي الرّبيع وَابْن مَالك
وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهَا لما دخلت على غير مسموع أُتِي لَهَا بمفعول
ثَان يدل على المسموع كَمَا أَن ظن دخلت على غير مظنون أُتِي بعد ذَلِك
بمفعول ثَان يدل على المظنون وَالْجُمْهُور أَنْكَرُوا ذَلِك وَقَالُوا
لَا تتعدى سَمِعت إِلَّا إِلَى مفعول وَاحِد فَإِن كَانَ مِمَّا يسمع
فَهُوَ ذَلِك وَإِن كَانَ عينا فَهُوَ الْمَفْعُول وَالْفِعْل بعده فِي
مَوضِع نصب على الْحَال وَهُوَ على حذف مُضَاف أَي سَمِعت صَوت زيد فِي
حَال أَنه يتَكَلَّم وَهَذِه الْحَالة مبينَة وَاحْتج ابْن السَّيِّد
لقَولهم بِأَنَّهَا من أَفعَال الْحَواس وأفعال الْحَواس كلهَا تتعدى
إِلَى وَاحِد وَأَنَّهَا لَو تعدت لاثْنَيْنِ لكَانَتْ إِمَّا من بَاب
أعْطى أَو من بَاب ظن وَيبْطل الأول كَون الثَّانِي فعلا وَالْفِعْل
لَا يكون فِي مَوضِع الثَّانِي من بَاب أعْطى وَيبْطل الثَّانِي
أَنَّهَا لَا يجوز إلغاؤها وَبَاب ظن يجوز فِيهِ الإلغاء
(1/545)
وَألْحق قوم ب صير ضرب مَعَ الْمثل نَحْو
{ضرب الله مثلا عبدا مَمْلُوكا} النَّحْل 75 {أَن يضْرب مثلا مَا
بعوضة} الْبَقَرَة 26 {وَاضْرِبْ لَهُم مثلا أَصْحَاب الْقرْيَة} يس 13
فَقَالُوا هِيَ فِي الْآيَات وَنَحْوهَا متعدية إِلَى اثْنَيْنِ قَالَ
ابْن مَالك وَالصَّوَاب أَلا يلْحق بِهِ لقَوْله تَعَالَى {ضرب مثل
فَاسْتَمعُوا لَهُ} الْحَج 73 فبنيت للْمَفْعُول واكتفت بالمرفوع وَلَا
يفعل ذَلِك بِشَيْء من أَفعَال هَذَا الْبَاب قَالَ أَبُو حَيَّان
وَهُوَ اسْتِدْلَال ظَاهر إِلَّا أَنه يُمكن تَأْوِيله على حذف
الْمَفْعُول لدلَالَة الْكَلَام عَلَيْهِ أَي مَا يذكر وَذهب ابْن أبي
الرّبيع إِلَى أَن ضرب بِمَعْنى صير مُتَعَدٍّ لاثْنَيْنِ مُطلقًا مَعَ
الْمثل وَغَيره نَحْو ضربت الْفضة خلخالا وَمَال إِلَيْهِ أَبُو
حَيَّان وَألْحق هِشَام بِأَفْعَال هَذَا الْبَاب عرف وَأبْصر وَألْحق
بهَا ابْن درسْتوَيْه أصَاب وصادف وغادر وَألْحق بهَا بَعضهم خلق
بِمَعْنى جعل كَقَوْلِه {وَخلق الْإِنْسَان ضَعِيفا} النِّسَاء 28
وَالْجُمْهُور أَنْكَرُوا ذَلِك وَجعلُوا الْمَنْصُوب الثَّانِي فِي
الْجَمِيع حَالا وَزعم جمَاعَة من الْمُتَأَخِّرين مِنْهُم خطاب
الماردي أَنه قد يجوز تضمين الْفِعْل الْمُتَعَدِّي إِلَى وَاحِد معنى
صير وَيجْعَل من هَذَا الْبَاب فَأجَاز حفرت وسط الدَّار بِئْرا وَلَا
يكون بِئْرا تمييزا لِأَنَّهُ لَا يحسن فِيهِ من وَكَذَا بنيت الدَّار
مَسْجِدا وَقطعت الثَّوْب قَمِيصًا وَالْجَلد نعلا وصنعت الثَّوْب
عماما لِأَن الْمَعْنى فِيهَا صيرت قَالَ أَبُو حَيَّان وَالصَّحِيح
أَن هَذَا كُله من بَاب التَّضْمِين الَّذِي يحفظ وَلَا يُقَاس
عَلَيْهِ وَذكر السكاكي فِي الْمِفْتَاح فِيمَا يتَعَدَّى إِلَى
اثْنَيْنِ توهمت
(1/546)
وتيقنت وشعرت ودريت وتبينت وأصبت واعتقدت
وتمنيت ووددت وهب بِمَعْنى احسب نَقله عَنهُ فِي الارتشاف ثمَّ قَالَ
وَيحْتَاج فِي نقل هَذِه من هَذَا الْبَاب إِلَى صِحَة نقل عَن
الْعَرَب ص مَسْأَلَة مدخولها ككان أَو ذُو اسْتِفْهَام وَأنكر
السُّهيْلي دُخُولهَا على جزأي ابْتِدَاء وتنصبهما مفعولين وَقيل
الثَّانِي شبه حَال ش مَا دخلت عَلَيْهِ كَانَ دخلت عَلَيْهِ هَذِه
الْأَفْعَال وَمَا لَا فَلَا إِلَّا الْمُبْتَدَأ الْمُشْتَمل على
اسْتِفْهَام نَحْو أَيهمْ أفضل وَغُلَام من عنْدك فَإِنَّهُ لَا تدخل
عَلَيْهِ كَانَ لِأَن الِاسْتِفْهَام لَهُ الصَّدْر فَلَا يُؤَخر
وَتدْخل عَلَيْهِ ظَنَنْت ويتقدم عَلَيْهَا نَحْو أَيهمْ ظَنَنْت أفضل
وَغُلَام من ظَنَنْت عنْدك وَإِذا دخلت على الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر
نصبتهما مفعولين وَكَانَ الأَصْل أَلا تُؤثر فيهمَا لِأَن العوامل
الدَّاخِلَة على الْجُمْلَة لَا تُؤثر فِيهَا إِلَّا أَنهم شبهوها
بأعطيت فَنصبت الاسمين هَذَا مَذْهَب الْجُمْهُور وَزعم الْفراء أَن
هَذِه الْأَفْعَال لما طلبت اسْمَيْنِ أشبهت من الْأَفْعَال بِمَا
يطْلب اسْمَيْنِ أَحدهمَا مفعول بِهِ وَالْآخر حَال نَحْو أتيت زيدا
ضَاحِكا وَاسْتدلَّ بِوُقُوع الْجمل والظروف والمجرورات موقع
الْمَنْصُوب الثَّانِي هُنَا كَمَا تقع موقع الْحَال وَلَا يَقع شَيْء
من ذَلِك موقع الْمَفْعُول بِهِ فَدلَّ على انتصابه على التَّشْبِيه
بِالْحَال لَا على التَّشْبِيه بالمفعول بِهِ قَالَ أَبُو حَيَّان
وَلَا يقْدَح فِي ذَلِك كَون الْكَلَام هُنَا لَا يتم بِدُونِهِ
وَلَيْسَ ذَلِك شَأْن الْحَال لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَال حَقِيقِيّ بل
مشبه بهَا والمشبه بالشي لَا يجْرِي مجْرَاه فِي جَمِيع أَحْكَامه أَلا
ترى أَنه على قَول الْبَصرِيين لَا يتم أَيْضا بِدُونِهِ وَلَيْسَ
ذَلِك شَأْن الْمَفْعُول من حَيْثُ إِنَّه لَيْسَ بمفعول حَقِيقِيّ بل
مشبه بِهِ عِنْدهم وَاسْتدلَّ البصريون بِوُقُوعِهِ معرفَة ومضمرا
واسما جَامِدا كالمفعول بِهِ وَلَا يكون شَيْء من ذَلِك حَالا وَلَا
يقْدَح وُقُوع الْجُمْلَة والظروف موقعه لِأَنَّهَا قد تنصب على
التَّشْبِيه بالمفعول بِهِ فِي نَحْو قَالَ زيد عَمْرو منطلق ومررت
بزيد
(1/547)
وَأنكر السُّهيْلي دُخُولهَا على
الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر أصلا قَالَ بل هِيَ بِمَنْزِلَة أَعْطَيْت فِي
أَنَّهَا اسْتعْملت مَعَ مفعولها ابْتِدَاء قَالَ وَالَّذِي حمل
النَّحْوِيين على ذَلِك أَنهم رَأَوْا أَن هَذِه الْأَفْعَال يجوز أَلا
تذكر فَيكون من مفعوليها مُبْتَدأ وَخبر قَالَ وَهَذَا بَاطِل بِدَلِيل
أَنَّك تَقول ظَنَنْت زيدا عمرا وَلَا يجوز أَن تَقول زيد عَمْرو
إِلَّا على جِهَة التَّشْبِيه وَأَنت لم ترد ذَلِك مَعَ ظَنَنْت إِذْ
الْقَصْد أَنَّك ظَنَنْت زيدا عمرا نَفسه لَا شبه عَمْرو قَالَ أَبُو
حَيَّان وَالصَّحِيح قَول النَّحْوِيين وَلَيْسَ دليلهم مَا توهمه بل
دليلهم رُجُوع المفعولين إِلَى الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر إِذا ألغيت
هَذِه الْأَفْعَال ص وتسد عَنْهُمَا أَن ومعمولاها وتقديمهما كمجردين
وَثَانِيهمَا كَخَبَر كَانَ ش فِيهِ مسَائِل الأولى تسد عَن المفعولين
فِي هَذَا الْبَاب أَن الْمُشَدّدَة ومعمولاها نَحْو ظَنَنْت أَن زيدا
قَائِم {أعلم أَن الله على كل شَيْء قدير} الْبَقَرَة 259 وَإِن كَانَت
بِتَقْدِير اسْم مُفْرد للطول ولجريان الْخَبَر والمخبر عَنهُ بِالذكر
فِي الصِّلَة ثمَّ لَا حذف فِيهِ عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَذهب الْأَخْفَش
والمبرد إِلَى أَن الْخَبَر مَحْذُوف وَالتَّقْدِير أَظن أَن زيدا
قَائِم ثَابت أَو مُسْتَقر وَكَذَا يسد عَنْهُمَا أَن وصلتها نَحْو
{أَحسب النَّاس أَن يتْركُوا} العنكبوت 2 لتضمن مُسْند ومسند إِلَيْهِ
مُصَرح بهما فِي الصِّلَة الثَّانِيَة حكم هذَيْن المفعولين فِي
التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير كَمَا لَو كَانَا قبل دُخُول هَذِه
الْأَفْعَال فَالْأَصْل تَقْدِيم الْمَفْعُول الأول وَتَأْخِير
الثَّانِي وَيجوز عَكسه وَقد يجب الأَصْل فِي نَحْو ظَنَنْت زيدا صديقك
وَقد يجب خِلَافه فِي نَحْو مَا ظَنَنْت زيدا إِلَّا بَخِيلًا
وَأَسْبَاب الْوُجُوب فِي الشقين مَعْرُوفَة فِي بَاب الِابْتِدَاء
الثَّالِثَة للْمَفْعُول الثَّانِي هُنَا من الْأَقْسَام وَالْأَحْوَال
مَا لخَبر كَانَ وَذَلِكَ مَعْرُوف مِمَّا هُنَاكَ
(1/548)
[حذف المفعولين أَو أَحدهمَا]
ص وَيجوز حذفهما لدَلِيل لَا أَحدهمَا دونه وفَاقا وَيجوز لَهُ فِي
الْأَصَح لَا هما دونه وفَاقا للأخفش والجرمي وَجوزهُ الْأَكْثَر
مُطلقًا والأعلم فِي الظَّن لَا الْعلم وَإِدْرِيس سَمَاعا فِي ظن وخال
وَحسب فَإِن وَقع مَحلهمَا ظرف أَو ضمير أَو إِشَارَة لم يقْتَصر إِن
كَانَ أَحدهمَا وَلَا دَلِيل لَا إِن لم يكنه ش الْحَذف لدَلِيل يُسمى
اختصارا ولغير دَلِيل يُسمى اقتصارا فَحذف المفعولين هُنَا لدَلِيل
جَائِز وفَاقا كَقَوْلِه 590 -
(بأيّ كتابٍ أم بأيَّة سُنّةٍ ... تَرى حبّهم عاراً علىّ، وتَحْسِبُ)
أَي وتحسب حبهم عارا على وَأما حذفهما لغير دَلِيل كاقتصارك على أَظن
أَو أعلم من أَظن أَو أعلم زيدا مُنْطَلقًا دون قرينَة فَفِيهِ
مَذَاهِب أَحدهَا الْمَنْع مُطلقًا وَعَلِيهِ الْأَخْفَش والجرمي
وَنسبه ابْن مَالك لسيبويه وللمحققين كَابْن طَاهِر وَابْن خروف
والشلوبين لعدم الْفَائِدَة إِذْ لَا يَخْلُو الْإِنْسَان من ظن مَا
وَلَا علم مَا فَأشبه قَوْلك النَّار حارة الثَّانِي الْجَوَاز مُطلقًا
وَعَلِيهِ أَكثر النَّحْوِيين مِنْهُم ابْن السراج والسيرافي وَصَححهُ
ابْن عُصْفُور لوروده قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {أعنده علم
الْغَيْب فَهُوَ يرى} النَّجْم 35 أَي يعلم وَقَالَ {وظننتم ظن السوء}
الْفَتْح 12 وَحكى سِيبَوَيْهٍ من يسمع يخل أَي يَقع مِنْهُ خيلة وَمَا
ذكر من عدم الْفَائِدَة مَمْنُوع لحصولها بِالْإِسْنَادِ إِلَى
الْفَاعِل الثَّالِث الْجَوَاز فِي ظن وَمَا فِي مَعْنَاهَا دون علم
وَمَا فِي مَعْنَاهَا وَعَلِيهِ الأعلم وَاسْتدلَّ بِحُصُول
الْفَائِدَة فِي الأول دون الثَّانِي وَالْإِنْسَان قد يَخْلُو من
الظَّن فَيُفِيد قَوْله ظَنَنْت أَنه وَقع مِنْهُ ظن وَلَا يَخْلُو من
علم إِذْ لَهُ أَشْيَاء يعلمهَا ضَرُورَة كعلمه أَن الِاثْنَيْنِ أَكثر
من الْوَاحِد فَلم يفد قَوْله علمت شَيْئا ورد بِأَنَّهُ يُفِيد وُقُوع
علم مَا لم يكن يعلم
(1/549)
الرَّابِع الْمَنْع قِيَاسا وَالْجَوَاز
فِي بَعْضهَا سَمَاعا وَعَلِيهِ أَبُو الْعلَا إِدْرِيس فَلَا
يتَعَدَّى الْحَذف فِي ظَنَنْت وخلت وحسبت لوروده فِيهَا وَأما حذف
المفعولين اقتصارا فَلَا يجوز بِلَا خلاف لِأَن أَصلهمَا الْمُبْتَدَأ
وَالْخَبَر وَذَلِكَ غير جَائِز فيهمَا وَإِمَّا اختصارا فَيجوز نَقله
عَن الْجُمْهُور وَمنعه طَائِفَة مِنْهُم ابْن الْحَاجِب وَصَححهُ ابْن
عُصْفُور وَأَبُو إِسْحَاق بن ملكون كالاقتصار وَقِيَاسًا على بَاب
كَانَ وَفرق الْجُمْهُور بِأَن مَرْفُوع كَانَ كالفاعل وخبرها كالحدث
لَهَا فَصَارَ عوضا عَنهُ فَلذَلِك امْتنع الْحَذف هُنَاكَ بِخِلَافِهِ
هُنَا وَقد ورد السماع هُنَا بالحذف قَالَ 591 -
(وَلَقَد نزلْتِ فَلَا تَظُنِّى غَيْرَه ... مِنِّى بِمَنْزِلَة
المُحبِّ المُكْرم)
أَي وَاقعا أَو حَقًا وَعلل بَعضهم الْمَنْع بِأَنَّهُمَا متلازمان
لافتقار كل مِنْهُمَا إِلَى صَاحبه إِذْ هما مُبْتَدأ وَخبر فِي
الأَصْل فَلم يجز حذف أَحدهمَا دون الآخر وَفرق بَينهمَا وَبَين
الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر حَيْثُ يجوز حذف أَحدهمَا بِأَنَّهُ لَا
يُؤَدِّي فيهمَا إِلَى لبس وَهنا يؤحدي إِلَى التباس مَا يتَعَدَّى
مِنْهُمَا إِلَى اثْنَيْنِ بِمَا يتَعَدَّى إِلَى وَاحِد فَإِن وَقع
موقع المفعولين ظرف نَحْو ظَنَنْت عنْدك أَو مجرور نَحْو ظَنَنْت لَك
أَو ضمير نَحْو ظننته أَو إِشَارَة نَحْو ظَنَنْت ذَلِك امْتنع
الِاقْتِصَار عَلَيْهِ إِن كَانَ أَحدهمَا وَلم يعلم الْمَحْذُوف لما
تقرر من أَن حذف أَحدهمَا اقتصارا مَمْنُوع وَإِن لم يكن أَحدهمَا
بِأَن أُرِيد بالظرف مَكَان حُصُول الظَّن وَتلك الْعلَّة وبالضمير
ضمير الْمصدر وَالْإِشَارَة إِلَيْهِ أَو كَانَ أَحدهمَا وَعلم
الْمَحْذُوف جَازَ الِاقْتِصَار عَلَيْهِ وَيكون الضَّمِير حذف للْعلم
بِهِ
(1/550)
[الإلغاء]
ص وَخص متصرف القلبي بالإلغاء آخرا ووسطا وَالْأَكْثَر يُخَيّر وَهُوَ
أولى آخرا وَفِي الْوسط خلف لَا مقدما خلافًا للكوفية والأخفش
وَيَنْوِي الشَّأْن فِي موهمه وَيجوز بِضعْف بعد مَعْمُول فعلى
الْأَصَح يجوز ظَنَنْت يقوم زيدا وَنعم الرجل زيدا وآكلا زيدا طَعَامك
وَقد يَقع ملغى بَين معمولي إِن وعطفين وسوف وَلَا يجب إِلْغَاء مَا
بَين الْفِعْل ومرفوعه خلافًا للكوفية وتوكيد ملغى بمصدر نصب قَبِيح
ومضاف لياء ضَعِيف وفوقه ضمير فإشارة وتؤكد جملَة بمصدر الْفِعْل
بَدَلا من لَفظه مَنْصُوبًا فَلَا يقدم خلافًا لقوم فعلى الْأَصَح لَا
يعْمل وَكَذَا على الآخر عِنْد أَكْثَرهم وَثَالِثهَا يقدم وَيعْمل
مَعَ مَتى فَإِن جعلت خَبره رفع وَعمل حتما ش يخْتَص الْمُتَصَرف من
الْأَفْعَال القلبية وَهُوَ مَا عدا هَب وَتعلم من الْأَنْوَاع
الثَّلَاثَة بالإلغاء وَهُوَ ترك الْعَمَل لغير مَانع لفظا أَو محلا
وَإِنَّمَا يجوز إِذا تَأَخّر الْفِعْل عَن المفعولين نَحْو زيد قَائِم
ظَنَنْت أَو توَسط بَينهمَا نَحْو زيد ظَنَنْت قَائِم لضَعْفه
حِينَئِذٍ بتقدم الْمَعْمُول عَلَيْهِ كَمَا هُوَ شَأْن الْعَامِل إِذا
تَأَخّر وَالْجُمْهُور أَنه على سَبِيل التَّخْيِير لَا اللُّزُوم فلك
الإلغاء والإعمال وَذهب الْأَخْفَش
إِلَى أَنه على سَبِيل اللُّزُوم وَاخْتَارَهُ ابْن أبي الرّبيع فَإِن
بدأت التحبر بِالشَّكِّ أعلمت على كل حَال وَإِن بدأت وَأَنت تُرِيدُ
الْيَقِين ثمَّ أدركك الشَّك رفعت بِكُل حَال وعَلى الأول فالإلغاء
للتأخر أولى من إعماله وَفِي الْمُتَوَسّط خلاف قيل إعماله أولى لِأَن
الْفِعْل أقوى من الِابْتِدَاء إِذْ هُوَ عَامل لَفْظِي وَقيل هما
سواهُ لِأَنَّهُ عَادل قوته تَأْخِيره فضعف لذَلِك فقاومه الِابْتِدَاء
بالتقديم وَمن شَوَاهِد إِلْغَاء الْمُتَأَخر قَوْله 592 -
(هُمَا سَيِّدَانَا يَزْعُمان وإنّما ... )
(1/551)
والمتوسط قَوْله 593 -
(وَفِي الأراجيز خِلْتُ اللُّؤمُ والفشَلُ ... )
أما إِذا تصدر الْفِعْل فَلَا يجوز فِيهِ الإلغاء عِنْد الْبَصرِيين
وَجوزهُ الْكُوفِيُّونَ والأخفش وَأَجَازَهُ ابْن الطراوة إِلَّا أَن
الإعمال عِنْده أحسن وَاسْتَدَلُّوا بقوله 594 -
(أنِّي رَأيْتُ مِلاَكُ الشِّيمةِ الأدَبُ ... )
وَقَوله 595 -
(وَمَا إخَالُ لَدَيْنَا مَنْكِ تَنْويلُ ... )
(1/552)
وَقَوله 596 -
(وإخَال إنّي لاَحِقٌ مُسْتَتْبعُ ... )
بِالْكَسْرِ والبصريون خَرجُوا ذَلِك على تَقْدِير ضمير الشَّأْن
لِأَنَّهُ أولى من إِلْغَاء الْعَمَل بِالْكُلِّيَّةِ وَيتَفَرَّع على
الْخلاف الْمَذْكُور مسَائِل أَحدهَا نَحْو ظَنَنْت يقوم زيدا وظننت
قَامَ زيدا فَعِنْدَ الْكُوفِيّين والأخفش لَا يجوز نصب زيد وَعند
الْبَصرِيين يجوز لِأَن النِّيَّة بِالْفِعْلِ التَّأْخِير الثَّانِيَة
أَظن نعم الرجل زيدا يجوز نَصبه عِنْد الْبَصرِيين دون الْكُوفِيّين
الثَّالِثَة أَظن آكلا زيدا طَعَامك يجوز على قَول الْبَصرِيين دون
الْكُوفِيّين فَإِن تقدم الْفِعْل على المفعولين وَلكنه تقدمه مَعْمُول
جَازَ الإلغاء بِضعْف نَحْو مَتى ظَنَنْت زيد قَائِم وَقد يَقع الملغى
بَين معمولي إِن كَقَوْلِه 597 -
(إنّ المُحِبَّ عَلِمْتُ مُصْطَبرُ ... )
وَبَين مَعْطُوف ومعطوف عَلَيْهِ كَقَوْلِه 598 -
(وَلَكِن دَعاك الخُبْزُ أَحْسَبُ والتّمْرُ ... )
(1/553)
وَبَين سَوف ومصحوبها كَقَوْلِه 599 -
(وَمَا أَدْري وسَوْف إخَالُ أَدْري ... )
فَإِن وَقع بَين الْفِعْل ومرفوعه نَحْو قَامَ أَظن زيد وَيقوم أَظن
زيد فالإلغاء جَائِز عِنْد الْبَصرِيين وَاجِب عِنْد الْكُوفِيّين
وَيُؤَيّد الْبَصرِيين قَوْله 600 -
(شجَاك أَظن رَبْعُ الظّاعنِينا ... )
رُوِيَ بِرَفْع ربع ونصبه قَالَ أَبُو حَيَّان وَالَّذِي يَقْتَضِيهِ
الْقيَاس أَنه لَا يجوز إِلَّا الإلغاء لِأَن الإعمال مترتب على كَون
الجزأين كَانَا مُبْتَدأ وخبرا وليسا هُنَا كَذَلِك وَإِلَّا لأدي
إِلَى تَقْدِيم الْخَبَر وَالْفِعْل على الْمُبْتَدَأ ويقبح توكيد
الملغى بمصدر مَنْصُوب نَحْو زيد ظَنَنْت ظنا منطلق لِأَن الْعَرَب
تقيم الْمصدر إِذا توَسط مقَام الْفِعْل وتحذفه فَكَانَ كالجمع بَين
الْعِوَض والمعوض عَنهُ وَلَا يجوز الْجمع بَين الْعِوَض والمعوض ويضعف
توكيده بمصدر مُضَاف للياء نَحْو زيد ظَنَنْت ظَنِّي قَائِم وبضمير أقل
ضعفا نَحْو زيد ظننته مُنْطَلقًا أم ضعفه فإجراء لَهُ مجْرى الْمصدر
الصَّرِيح وَأما كَونه أقل ضعفا مِنْهُ فَلِأَن المجعول عوضا إِنَّمَا
هُوَ الْمصدر لَا ضَمِيره وَمثله توكيده باسم إِشَارَة نَحْو زيد
ظَنَنْت ذَاك منطلق
(1/554)
قَالَ أَبُو حَيَّان وَاتَّفَقُوا على أَنه
أحسن من الْمصدر وَاخْتلفُوا هَل هُوَ أحسن من الضَّمِير أَو الضَّمِير
أحسن مِنْهُ أَو هما سَوَاء وَجه الأول أَن الضَّمِير يتَوَهَّم مِنْهُ
رُجُوعه إِلَى زيد وَوجه الثَّانِي أَن اسْم الْإِشَارَة ظَاهر
مُنْفَصِل فَهُوَ أشبه بِلَفْظ الْمصدر وتؤكد الْجُمْلَة بمصدر
الْفِعْل بَدَلا من لقطه مَنْصُوبًا نَحْو زيد منطلق ظَنك أَي ظَنك زيد
منطلق نَاب ظَنك مناب ظَنَنْت وَنصب نصب الْمصدر الْمُؤَكّد للجمل
فَلَا يجوز تَقْدِيمه عِنْد الْجُمْهُور كَمَا لَا يقدم حَقًا من
قَوْلك زيد قَائِم حَقًا لِأَن شَأْن الْمُؤَكّد التَّأْخِير وَجوز قوم
مِنْهُم الْأَخْفَش تَقْدِيمه فعلى الأول لَا يجوز إعماله وفَاقا
لِأَنَّهُ لَو عمل لَاسْتَحَقَّ التَّقْدِيم لكَون عَاملا
وَالتَّأْخِير لكَونه مؤكدا وَاسْتِحْقَاق شَيْء وَاحِد تَقْدِيمًا
وتأخيرا فِي حَال وَاحِد محَال وَاخْتلف مجيزو التَّقْدِيم فِي إعماله
فأكثرهم على الْمَنْع لَو عمل لِأَنَّهُ لَو لم يعْمل لم يكن على
الْفِعْل الْمَحْذُوف دَلِيل وَمِنْهُم من أجَاز فَيُقَال ظَنك زيدا
قَائِما وَفِي التَّقْدِيم قَول ثَالِث أَنه يجوز مَعَ مَتى نَحْو مَتى
ظَنك زيدا ذَاهِبًا قِيَاسا على مَتى تظن زيدا ذَاهِبًا قَالَ أَبُو
حَيَّان من أجَاز الإعمال فِي ظَنك زيدا قَائِما كَانَ عِنْده هُنَا
أجوز لِأَن أدوات الِاسْتِفْهَام طالبة للْفِعْل فَجَاز إِضْمَار
الْفِعْل بعْدهَا كَذَلِك وَمِمَّنْ ذهب إِلَى إجَازَة الإعمال هُنَا
وَمنعه فِي ظَنك زيدا قَائِما ابْن عُصْفُور فَإِن جعلت مَتى خبر
الظَّن رفع وَعمل وجوبا نَحْو مَتى ظَنك زيدا قَائِما لِأَنَّهُ
حِينَئِذٍ لَيْسَ بمصدر مُؤَكد وَلَا بدل من اللَّفْظ بِالْفِعْلِ
وَإِنَّمَا هُوَ مُقَدّر بِحرف مصدري وَالْفِعْل
[التَّعْلِيق]
ص وَخص أَيْضا بِالتَّعْلِيقِ وَهُوَ عمله معنى لَا لفظا فِي ذِي
اسْتِفْهَام أَو مُضَاف لَهُ أَو تال مَا أَو إِن النافية أَو لَام
ابْتِدَاء قَالَ ابْن مَالك أَو قسم أَو لَو وَابْن السراج أَو لَا
وَأَبُو عَليّ أَو لَعَلَّ وَأنكر ثَعْلَب تَعْلِيق الظَّن وَقيل
الْقسم مُقَدّر فِيهَا مُعَلّق وَقيل فِي إِن وَلَا وَقيل هُوَ
وَجَوَابه الْمَعْمُول وَقيل يجوز الْعَمَل مَعَ مَا وَاخْتلف هَل
يخْتَص بالتميمية
(1/555)
ش يخْتَص أَيْضا الْمُتَصَرف من
الْأَفْعَال القلبية بِالتَّعْلِيقِ وَهُوَ ترك الْعَمَل فِي اللَّفْظ
لَا فِي التَّقْدِير لمَانع وَلِهَذَا يعْطف على الْجُمْلَة
الْمُعَلقَة بِالنّصب لِأَن محلهَا نصب وَالْمَانِع كَون أحد المفعولين
اسْم اسْتِفْهَام نَحْو علمت أَيهمْ قَامَ {لنعلم أَي الحزبين أحصى}
الْكَهْف 12 أَو مُضَافا إِلَيْهِ نَحْو علمت أَبُو من زيد أَو
مَدْخُولا لَهُ نَحْو علمت أَزِيد قَائِم أم عَمْرو أَو مَدْخُولا ل
مَا النافية نَحْو {وظنوا مَا لَهُم من محيص} فصلت 48 {لقد علمت مَا
هَؤُلَاءِ ينطقون} الْأَنْبِيَاء 65 أَو لإن النافية نَحْو {وتظنون إِن
لبثتم إِلَّا قَلِيلا} الْإِسْرَاء 52 أَو للام الِابْتِدَاء نَحْو
{وَلَقَد علمُوا لمن اشْتَرَاهُ} الْبَقَرَة 102 وَوجه الْمَنْع فِي
الْجَمِيع أَن لَهَا الصَّدْر فَلَا يعْمل مَا قبلهَا فِيمَا بعْدهَا
وعد ابْن مَالك من المعلقات لَام الْقسم كَقَوْلِه 601 -
(وَلقَدْ عَلمْتُ لَتأتينّ منيّتي ... )
(1/556)
قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يذكرهَا أَكثر
أَصْحَابنَا بل صرح ابْن الدهان فِي الْغرَّة بِأَنَّهَا لَا تعلق وعد
ابْن مَالك أَيْضا لَو كَقَوْلِه 602 -
(وَقد عَلِم الأقْوامُ لَو أنّ حَاتِمًا ... أَرَادَ ثَراءَ المَال
كانَ لَهُ وَفْرُ)
وعد ابْن السراج فِيهَا لَا النافية وَذكرهَا النّحاس نَحْو أَظن لَا
يقوم زيد قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يذكرهَا أَصْحَابنَا وعد أَبُو
عَليّ الْفَارِسِي مِنْهَا لَعَلَّ نَحْو {وَمَا يدْريك لَعَلَّه
يزكّى} عبس 3 {وَمَا يدْريك لَعَلَّ السَّاعَة قريب} الشورى 17
وَوَافَقَهُ أَبُو حَيَّان لِأَنَّهُ مثل الِاسْتِفْهَام فِي أَنه غير
خبر وَأَن مَا بعده مُنْقَطع مِمَّا قبله وَلَا يعْمل بِهِ وَذهب
ثَعْلَب والمبرد وَابْن كيسَان إِلَى أَنه لَا يعلق من الْأَفْعَال
إِلَّا مَا كَانَ بِمَعْنى الْعلم وَأما الظَّن وَنَحْوه فَلَا يعلق
وَرجحه الشلوبين وَوَجهه إِدْرِيس بِأَن آلَة التَّعْلِيق فِي الأَصْل
حرف الِاسْتِفْهَام وحرف التَّأْكِيد أما التَّحْقِيق فَلَا يكون بعد
الظَّن لِأَنَّهُ نقيضه وَأما الِاسْتِفْهَام فتردد وَالظَّن أَيْضا
تردد فَلَا يدْخل على مثله وَذهب بَعضهم إِلَى أَن الْقسم مُقَدّر بعد
هَذِه الْأَفْعَال مَعَ جَمِيع المعلقات الْمَذْكُورَة وَأَنه هُوَ
الْمُعَلق لَا هِيَ وَقوم إِلَى أَنه مُقَدّر فِي إِن وَلَا وَقوم
إِلَى أَن الْقسم الْمُضمر وَجَوَابه فِي مَوضِع مَعْمُول الْفِعْل
(1/557)
وَذهب بَعضهم إِلَى أَنه يجوز الإعمال مَعَ
مَا نَحْو علمت زيدا مَا أَبوهُ قَائِم ثمَّ قيل هَذَا خَاص بالتميمية
لِأَن الحجازية كالفعل وَالْفِعْل لَا يدْخل على الْفِعْل فَلَا يُقَال
علمت لَيْسَ زيدا قَائِما وَقيل عَام فيهمَا لِأَنَّهَا لَيست بِفعل ص
وَألْحق مَعَ اسْتِفْهَام أبْصر وتفكر وَسَأَلَ قَالَ قوم وَنظر وَابْن
مَالك وَنسي وَمَا قاربها لَا غَيرهَا خلافًا ليونس وَنصب علمت زيدا
أَبُو من هُوَ أرجح وأوجبه ابْن كيسَان وَيجب على الْأَصَح بعد
أَرَأَيْت بِمَعْنى أَخْبرنِي وَلِذِي اسْتِفْهَام مَعهَا مَا لَهُ
دونهَا ثمَّ الْمُعَلق إِن تعدى لاثْنَيْنِ فالجملة مسدهما وَالثَّانِي
إِن ذكر الأول أَو بِحرف فنصب بإسقاطه أَو لوَاحِد فَهِيَ هُوَ فَإِن
ذكر فبدل كل وَقيل اشْتِمَال وَقيل حَال وَقيل ثَان على تَضْمِينه ش
فِيهِ مسَائِل الأولى ألحق بالأفعال الْمَذْكُورَة فِي التَّعْلِيق
لَكِن مَعَ الِاسْتِفْهَام خَاصَّة أبْصر نَحْو {فستبصر ويبصرون بأييكم
الْمفْتُون} الْقَلَم 5، 6 وتفكر كَقَوْلِه 603 -
(تفكر آإيَّاهُ يَعْنُون أم قِرْدَا ... )
وَسَأَلَ نَحْو {يسئلون أَيَّانَ يَوْم الدّين} الذاريات 12 وَزَاد
ابْن خروف نظر وَوَافَقَهُ ابْن عُصْفُور وَابْن مَالك نَحْو {أَفلا
ينظرُونَ إِلَى الْإِبِل كَيفَ خلقت} الغاشية 17 قَالَ ابْن الزبير
وَلم يذهب أحد إِلَى تَعْلِيقهَا سوى الْمَذْكُورين
(1/558)
وَزَاد ابْن مَالك نسي كَقَوْلِه 604 -
(ومَنْ أنْتُمُ إنّا نَسِينا مَن أنْتُم ... )
ونازعه أَبُو حَيَّان بِأَن من فِي الْبَيْت يحْتَمل الموصولية وَحذف
الْعَائِد أَي من هم أَنْتُم وَزَاد ابْن مَالك أَيْضا مَا قَارب
الْمَذْكُورَات من الْأَفْعَال الَّتِي لَهَا تعلق بِفعل الْقلب نَحْو
أما ترى أَي برق هُنَا على أَن رَأْي بصرية {ويستنبئونك أَحَق هُوَ}
يُونُس 53 لِأَن استنبأ بِمَعْنى استعلم فَهِيَ طلب للْعلم
{ليَبْلُوكُمْ أَيّكُم أحسن عملا} الْملك 2 ونازعه أَبُو حَيَّان بِأَن
رأى فِي الأول علمية وَأَيكُمْ فِي الْأَخير مَوْصُولَة حذف صدر صلتها
فبنيت وَهِي بدل من ضمير الْخطاب بدل بعض وَأَجَازَ يُونُس تَعْلِيق كل
فعل غير مَا ذكر وَخرج عَلَيْهِ {ثمَّ لننزعن من كل شيعَة أَيهمْ أَشد}
مَرْيَم 69 وَالْجُمْهُور لم يوافقوه على ذَلِك الثَّانِيَة إِذا تقدم
على الِاسْتِفْهَام أحد المفعولين نَحْو علمت زيدا أَبُو من هُوَ جَازَ
نَصبه بالِاتِّفَاقِ لِأَن الْعَامِل مسلط عَلَيْهِ وَلَا مَانع من
الْعَمَل وَاخْتلفُوا فِي رَفعه فَأَجَازَهُ سِيبَوَيْهٍ وَإِن كَانَ
الْمُخْتَار عِنْده النصب لِأَنَّهُ من حَيْثُ الْمَعْنى مستفهم عَنهُ
إِذْ الْمَعْنى علمت أَبُو من زيد وَهُوَ نَظِير قَوْلك إِن أحد إِلَّا
يَقُول ذَلِك أَلا ترى أَن أحدا إِنَّمَا يَقع بعد نفي لكنه لما كَانَ
ضَمِيره قد نفي عَنهُ الْفِعْل وَهُوَ وضميره وَاحِد صَار كَأَن
النَّفْي دخل عَلَيْهِ وَمنعه ابْن كيسَان لظَاهِر مُبَاشرَة الْفِعْل
ورد بِالسَّمَاعِ قَالَ 605 -
(فوَاللَّه مَا أَدْرِي غَريمٌ لَوَيْتُه ... أَيَشْتَدّ إنْ قاضاك أم
يتضرّعُ)
الثَّالِثَة يجب النصب بعد أَرَأَيْت بِمَعْنى أَخْبرنِي نَحْو أرأيتك
زيدا أَبُو من هُوَ وَلَا يجوز التَّعْلِيق فيرفع كَمَا جَازَ فِي علمت
زيدا أَبُو من هُوَ لِأَنَّهَا فِي معنى
(1/559)
أَخْبرنِي وَأَخْبرنِي لَا تعلق هَذَا
مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ ونازعه كَثِيرُونَ وَقَالُوا كثيرا مَا تعلق
أَرَأَيْت قَالَ تَعَالَى {قل أرءيتكم إِن أَتَاكُم عَذَاب الله أَو
أتتكم السَّاعَة أغير الله تدعون} الْأَنْعَام 40 {أرءيت إِن كذب
وَتَوَلَّى ألم يعلم بِأَن الله يرى} العلق 13، 14 فِي آيَات أخر
وَأجِيب بِأَنَّهُ حذف فِيهَا الْمَفْعُول اختصارا أَي أَرَأَيْتكُم
عذابكم وَقَالَ أَبُو حَيَّان هِيَ من بَاب التَّنَازُع فَإِن
أَرَأَيْت وَفعل الشَّرْط تنَازعا الِاسْم بعده فأعمل الثَّانِي وَحذف
من الأول لِأَنَّهُ مَنْصُوب أَي أرأيتكموه أَي الْعَذَاب ويضمر فِي
أَرَأَيْت مَعْمُول فعل الشَّرْط الَّذِي يُمكن تسليط أَرَأَيْت
عَلَيْهِ الرَّابِعَة للاسم المستفهم بِهِ والمضاف إِلَيْهِ مِمَّا
بعدهمَا مَا لَهما دون الْأَفْعَال الْمَذْكُورَة فَلَا تُؤثر فِيهِ
ظَنَنْت وأخواته بل يبْقى على حَاله من الْإِعْرَاب فَإِن كَانَ
مَرْفُوعا على الِابْتِدَاء بَقِي كَذَلِك وَإِن كَانَ مَفْعُولا بِهِ
بَقِي مَفْعُولا بِهِ أَو مصدرا أَو ظرفا أَو حَالا بَقِي كَذَلِك
مثالها عملت أَي النَّاس صديقك وأيهم ضربت وَأي قَامَ قُمْت وَمَتى
قَامَ زيد وَكَيف ضربت زيدا الْخَامِسَة الْجُمْلَة بعد الْمُعَلق فِي
هَذَا الْبَاب فِي مَوضِع المفعولين سادة مسدهما فَإِن كَانَ
التَّعْلِيق بعد اسْتِيفَاء الْمَفْعُول الأول كَمَا فِي علمت زيدا
أَبُو من هُوَ فَهِيَ فِي مَوضِع الْمَفْعُول الثَّانِي وَأما فِي غير
هَذَا الْبَاب فَإِن كَانَ الْفِعْل مِمَّا يتَعَدَّى بِحرف الْجَرّ
فالجملة فِي مَوضِع نصب بإسقاطه نَحْو فَكرت أَهَذا صَحِيح أم لَا
وَجعل ابْن مَالك مِنْهُ {فَلْينْظر أَيهَا أزكى طَعَاما} الْكَهْف 19
أَي إِلَى وَإِن كَانَ مِمَّا يتَعَدَّى لوَاحِد فَهِيَ فِي مَوْضِعه
نَحْو عرفت أَيهمْ زيد فَإِن كَانَ مَفْعُوله مَذْكُورا نَحْو عرفت
زيدا أَبُو من هُوَ فالجملة بدل مِنْهُ هَذَا مَا اخْتَارَهُ السيرافي
وَابْن مَالك ثمَّ قَالَ ابْن عُصْفُور هِيَ بدل كل من كل على حذف
مُضَاف وَالتَّقْدِير عرفت قصَّة زيد أَو أَمر زيد أَبُو من هُوَ
واحتيج إِلَى هَذَا التَّقْدِير لتَكون الْجُمْلَة هِيَ الْمُبدل
مِنْهُ فِي الْمَعْنى وَقَالَ ابْن الصَّائِغ هِيَ بدل الاشتمال وَلَا
حَاجَة إِلَى التَّقْدِير وَذهب الْمبرد والأعلم وَابْن خروف وَغَيرهم
إِلَى أَن الْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب
(1/560)
على الْحَال وَذهب الْفَارِسِي إِلَى
أَنَّهَا فِي مَوضِع الْمَفْعُول الثَّانِي لعرفت على تضمنه معنى علمت
وَاخْتَارَهُ أَبُو حَيَّان
[جَوَاز إِعْمَال الْمُتَصَرف من الْأَفْعَال القلبية فِي ضميرين]
ص وَخص أَيْضا وَرَأى بصرية وحلمية بِجَوَاز كَون فاعلها ومفعولها
ضميرين متصلين متحدي معنى وَالْأَكْثَر منع نفس مَكَانَهُ وَقد يشاركها
عدم وفقد وَوجد وَيمْنَع مُطلقًا إِن أضمر فَاعل مُتَّصِلا وَفسّر
بمفعول وَيجوز بمضاف إِلَيْهِ خلافًا للأخفش وَجوزهُ الْكسَائي إِن
أبرز ش يخْتَص أَيْضا الْمُتَصَرف من الْأَفْعَال القلبية بِجَوَاز
إعماله فِي ضميرين متصلين لمسمى وَاحِد أَحدهمَا فَاعِلا وَالْآخر
مَفْعُولا نَحْو ظننتني خَارِجا وَأَنت ظننتك خَارِجا وَزيد ظننته
خَارِجا قَالَ تَعَالَى {أَن رءاه اسْتغنى} العلق 7 وَقَالَ الشَّاعِر
606 -
(وخلتني لي اسْم ... )
وَقَالَ 607 -
(وَكنت إخالني لَا أجزع ... )
وَقَالَ 608 -
(قَدْ كُنْتُ أَحْسِبُنِي كأغْنَى وَاحِدٍ ... )
(1/561)
وَقَالَ 609 -
(وحِنْتَ وَمَا حَسِبْتُكَ أَنْ تَحِينَا ... )
وَقَالَ 610 -
(وخَالَهُ مُصَابا ... )
وَهل يجوز وضع نفس مَكَان الضَّمِير الأول نَحْو ظَنَنْت نَفسِي
عَالِمَة خلاف قَالَ ابْن كيسَان نعم وَالْأَكْثَرُونَ لَا وَلَا يجوز
مَا ذكر فِي سَائِر الْأَفْعَال لَا يُقَال ضربتني وَلَا ضربتك وَلَا
زيد ضَربته بالِاتِّفَاقِ وَعلله سِيبَوَيْهٍ بالاستغناء عَنهُ
بِالنَّفسِ نَحْو {قَالَ رب إِنِّي ظلمت نَفسِي} الْقَصَص 16 وَقَالَ
الْمبرد لِئَلَّا يكون الْفَاعِل مَفْعُولا وَقَالَ غَيره لِئَلَّا
يجْتَمع ضميران يرجعان إِلَى شَيْء وَاحِد أَحدهمَا رفع وَالْآخر نصب
وهما لشَيْء وَاحِد وَقَالَ الْفراء لما كَانَ الْأَغْلَب الْمُتَعَارف
تغاير الْفَاعِل وَالْمَفْعُول لم يُوقع فعلت على اسْمه إِلَّا
بِالْفَصْلِ نعم ألحق بِأَفْعَال هَذَا الْبَاب فِي ذَلِك رأى البصرية
والحلمية بِكَثْرَة وَعدم وفقد وَوجد بقلة كَقَوْل الشَّاعِر 611 -
(وَلَقَد أَراني للرِّمَاح دَريئةً ... )
(1/562)
وَقَوله تَعَالَى {إِنِّي أَرَانِي أعصر خمرًا} يُوسُف 36 وَحكى
الْفراء عدمتني وفقدتني ووجدتني وَذَلِكَ على سَبِيل الْمجَاز لَا
الْحَقِيقَة أما قَوْله قد بت أحرسني وحدي فشاذ إِذْ لم يقل أحرس
نَفسِي فَإِن كَانَ أحد الضميرين مُنْفَصِلا جَازَ فِي كل فعل نَحْو
مَا ضربت إِلَّا إياك وَيمْنَع الِاتِّحَاد مُطلقًا فِي بَاب ظن
وَغَيره إِن أضمر الْفَاعِل مُتَّصِلا مُفَسرًا بالمفعول نَحْو ظن زيدا
قَائِما وزيدا ضرب يُرِيد ظن نَفسه وَضرب نَفسه فَإِن أضمر مُنْفَصِلا
جَازَ نَحْو مَا ظن زيدا قَائِما إِلَّا هُوَ وَمَا ظن زيد قَائِما
إِلَّا إِيَّاه وَمَا ضرب زيدا إِلَّا هُوَ وَمَا ضرب زيد إِلَّا
إِيَّاه |