همع الهوامع في شرح جمع الجوامع [استعمالات القَوْل وَمَا تصرف مِنْهُ]
ص مَسْأَلَة يحْكى بالْقَوْل وتصريفه الْجمل وَفِي لفظ الملحونة خلف
وَلَا يلْحق بِهِ مَعْنَاهُ خلافًا للكوفية وَابْن عُصْفُور وَينصب
مُفْرد كهي مَفْعُولا وَقيل نعت مصدر وَمُرَاد لَفظه خلافًا لقوم ويحكى
غَيره مُقَدرا متم جملَة وَقد يُضَاف قَول وَقَائِل إِلَى محكي ويغني
عَنهُ وحذفه كثير وَيُزَاد وَيعْمل كظن مُطلقًا لَكِن فِي لُغَة وَقيل
شَرطهَا تضمن مَعْنَاهُ وبشرط الِاسْتِفْهَام فَقَط فِي لُغَة وَفِي
الْمَشْهُور اتِّصَاله أَو فَصله بظرف أَو مَعْمُول قَالَ الْأَكْثَر
أَو أَجْنَبِي وَكَونه مضارعا لمخاطب قَالَ ابْن مَالك وَحَالا وَمنع
أَبُو حَيَّان والسهيلي وَألا يعدى بِاللَّامِ لمعمول وَجوزهُ السيرافي
فِي مَاض والكوفية فِي امْر فَإِن ققد شَرط فالحكاية وَيجوز مَعَه بل
يجب فِي أَتَقول زيد منطلق لمن بلغت عَنهُ ش فِي القَوْل وَمَا تصرف
مِنْهُ استعمالات أَحدهَا أَن يحْكى بِهِ الْجمل نَحْو {قَالَ إِنِّي
عبد الله} مَرْيَم 30 {يَقُولُونَ ربنآ ءامنا} الْمَائِدَة 83 {قُولُوا
ءامنا} الْبَقَرَة 136 {وَإِن تعجب فَعجب قَوْلهم أءذا كُنَّا تُرَابا}
الرَّعْد 5 الْآيَة {والقائلين لإخوانهم هَلُمَّ إِلَيْنَا}
(1/563)
الْأَحْزَاب 18 مقول لديهم لَا زكا مَال
ذِي بخل وَالْأَصْل أَن يحْكى لفظ الْجُمْلَة كَمَا سمع وَيجوز أَن
يحْكى على الْمَعْنى بِإِجْمَاع فَإِذا قَالَ زيد عَمْرو منطلق فلك أَن
تَقول قَالَ زيد عَمْرو منطلق أَو المنطلق عَمْرو فَإِن كَانَت
الْجُمْلَة ملحونة حكيت على الْمَعْنى بِإِجْمَاع فَتَقول فِي قَول زيد
عَمْرو قَائِم بِالْجَرِّ قَالَ زيد عَمْرو قَائِم بِالرَّفْع وَهل
تجوز الْحِكَايَة على اللَّفْظ قَولَانِ صحّح ابْن عُصْفُور الْمَنْع
قَالَ لأَنهم إِذا جوزوا الْمَعْنى فِي المعربة فَيَنْبَغِي أَن
يلْتَزم فِي الملحونة وَإِذا حكيت كَلَام مُتَكَلم عَن نَفسه نَحْو
انْطَلَقت فلك أَن تحكيه بِلَفْظِهِ فَتَقول قَالَ فلَان انْطَلَقت
وَلَك أَن تَقول قَالَ فلَان انْطلق أَو إِنَّه انْطلق وَهُوَ منطلق
وَهل يلْحق بالْقَوْل فِي ذَلِك مَعْنَاهُ كناديت وجعوت وقرأت ووصيت
وَأوحى قَولَانِ أَحدهمَا نعم وَعَلِيهِ الْكُوفِيُّونَ نَحْو
{وَنَادَوْا يامالك ليَقْضِ علينا رَبك} الزخرف 77 {فَدَعَا ربه أَنِّي
مغلوب فانتصر} الْقَمَر 10 بِالْكَسْرِ {فَأوحى إِلَيْهِم رَبهم
لَنهْلكَنَّ الظَّالِمين} إِبْرَاهِيم 13 قَرَأت {الْحَمد لله رب
الْعَالمين} الْفَاتِحَة 2 وَاخْتَارَهُ ابْن عُصْفُور وَابْن
الصَّائِغ وَأَبُو حَيَّان لسلامته من الْإِضْمَار وَالثَّانِي لَا
وَعَلِيهِ البصريون وَقَالُوا الْجمل بعد مَا ذكر محكية بقول مُضْمر
للتصريح بِهِ فى {نَادَى ربه نِدَاء خفِيا قَالَ رب} مَرْيَم 3، 4
{ونادى نوح ربه فَقَالَ رب} هود (45) {ونادى أَصْحَاب الْأَعْرَاف
رجَالًا يعرفونهم بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أغْنى} الْأَعْرَاف 48
وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك الثَّانِي أَن ينصب الْمُفْرد وَهُوَ
نَوْعَانِ أَحدهمَا الْمُؤَدِّي معنى الْجُمْلَة كالحديث وَالشعر
وَالْخطْبَة كقلت حَدِيث وشعرا وخطبة ونصبه على الْمَفْعُول بِهِ
لِأَنَّهُ اسْم الْجُمْلَة وَالْجُمْلَة إِذا حكيت فِي مَوضِع
الْمَفْعُول بِهِ فَكَذَا مَا بمعناها وَقيل على أَنه نعت مصدر
مَحْذُوف أَي قولا الثَّانِي المُرَاد بِهِ مُجَرّد اللَّفْظ وَهُوَ
الَّذِي لَا يكون اسْما للجملة نَحْو قلت كلمة هَذَا مَا ذهب إِلَيْهِ
الزجاجي والزمخشري وَابْن خروف وَابْن مَالك وَجعلُوا
(1/564)
مِنْهُ {يُقَال لَهُ إِبْرَاهِيم}
الْأَنْبِيَاء 60 أَي يَقُول لَهُ النَّاس إِبْرَاهِيم أَي يطلقون
عَلَيْهِ هَذَا الِاسْم وَذهب جمَاعَة مِنْهُم ابْن عُصْفُور إِلَى
أَنه لَا ينصب بالْقَوْل بل يحْكى أما الْمُفْرد غير مَا ذكر فَلَيْسَ
فِيهِ إِلَّا الْحِكَايَة على تَقْدِير متم الْجُمْلَة كَقَوْلِه 612 -
(إِذا ذُقْتُ فاها قلت طْعْمُ مُدَامَةٍ ... )
أَي طعمه مدامة وَقد يُضَاف لفظ قَول وَلَفظ قَائِل إِلَى الْكَلَام
المحكى كَمَا يُضَاف سَائِر المصادر وَالصِّفَات كَقَوْلِه 613 -
(قَوْلُ يَا للّرجال يُنْهضُ مِنّا ... مُسْرعِين الكُهولَ
والشُّبّانا)
وَقَوله 614 -
(وأجبت قَائِل كَيْفَ أَنْتَ بصَالِح ... )
وَقد يُغني القَوْل عَن المحكى بِهِ بِأَن يحذف لظُهُوره كَقَوْلِه 615
-
(لنَحْنُ الأُلَى، قُلْتُمُ فأنّى مُلِئْتُمُ ... بِرُؤْيَتِنا قبل
اهتمامٍ بِكُمْ رُعْبَا)
أَي قُلْتُمْ نقاتلهم وَقد يحذف القَوْل دون المحكي بِهِ وَهُوَ كثير
حَتَّى قَالَ وَمِنْه (فَأَما الَّذين
(1/565)
اسودت وُجُوههم أكفرتم} آل عمرَان 106 أَي
فَيُقَال لَهُم أكفرتم الثَّالِث أَن يعْمل عمل ظن فينصب المفعولين
وَذَلِكَ فِي لُغَة بني سليم مُطلقًا يَقُولُونَ قلت زيدا قَائِما من
غير اعْتِبَار شَرط من الشُّرُوط الْآتِيَة وَاخْتلف هَل يَعْمَلُونَهُ
بَاقِيا على مَعْنَاهُ أَو لَا يَعْمَلُونَهُ حَتَّى يضمن معنى الظَّن
على قَوْلَيْنِ اخْتَار ثَانِيهمَا ابْن جني وعَلى الأول الأعلم وَابْن
خروف وَصَاحب الْبَسِيط وَاسْتَدَلُّوا بقوله 616 -
(قَالَت وكُنْتُ رَجُلاً فَطِينَا ... هَذَا ورَبّ الْبَيْت
إسْرَائِينَا)
(1/566)
إِذا لَيْسَ الْمَعْنى على ظَنَنْت وَفِي
لُغَة الْجُمْهُور الْعَرَب بِشُرُوط تقدم اسْتِفْهَام بِالْهَمْزَةِ
أَو بغَيْرهَا من الأدوات واتصاله بِهِ وَكَونه فعلا مضارعا لمخاطب
كَقَوْلِه 617 -
(مَتى تقولُ القُلُص الرَّواسِمَا ... يَحْمِلْنَ أُمّ قَاسم
وقَاسِمَا)
وَقَوله 618 -
(عَلاَم تَقُولُ الرُّمْحَ يُثْقِلُ عَاتِقي ... )
(1/567)
وَحكى الْكسَائي أَتَقول للعميان عقلا أَي
تظن فَإِن فقد شَرط مِمَّا ذكر تعيّنت الْحِكَايَة بِأَن لَا يتَقَدَّم
اسْتِفْهَام أَو يفصل بَينه وَبَينه نعم يسْتَثْنى الْفَصْل بالظرف
والمعمول مَفْعُولا أَو حَالا كَقَوْلِه 619 -
(أَبَعْدَ بُعْدٍ تَقُولُ الدارَ جَامِعةً ... شَمْلِى بهم أم تقولُ
البُعْدَ مَحْتُومَا)
وَقَوله 620 -
(أَجُهّالاً تَقول بنى لُؤَيٍّ ... لَعَمْرُ أَبيكِ أَمْ مُتجَاهلينَا)
وَنَحْو أَفِي الدَّار تَقول زيدا وأمحمدا تَقول هندا واصلة قَالَ
أَبُو حَيَّان وَكَذَا مَعْمُول الْمَعْمُول نَحْو أهندا تَقول زيدا
ضَارِبًا وَقيل لَا يضر الْفَصْل مُطلقًا وَلَو بأجنبي نَحْو أَأَنْت
تَقول زيدا مُنْطَلقًا وَعَلِيهِ الْكُوفِيُّونَ وَأكْثر الْبَصرِيين
مَا عدا سِيبَوَيْهٍ والأخفش وَكَذَا تتَعَيَّن الْحِكَايَة فِي غير
الْمُضَارع والمضارع لغير الْمُخَاطب وَذهب السيرافي إِلَى جَوَاز
إِعْمَال الْمَاضِي بِشُرُوط الْمُضَارع وَذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى
جَوَاز إِعْمَال الْأَمر بِشُرُوطِهِ أَيْضا وَذكر ابْن مَالك لإعمال
الْمُضَارع شرطا خَامِسًا وَهُوَ أَن يكون للْحَال لَا للاستقبال
وَأنْكرهُ أَبُو حَيَّان وَقَالَ لم يذكرهُ غَيره وَشرط السُّهيْلي
أَلا يعدى الْفِعْل بِاللَّامِ نَحْو أَتَقول لزيد عَمْرو منطلق
لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يبعد عَن معنى الظَّن لِأَن الظَّن من فعل الْقلب
وَهَذَا قَول مسموع
(1/568)
وَإِذا اجْتمعت الشُّرُوط فالإعمال جَائِز
لَا وَاجِب فَتجوز الْحِكَايَة أَيْضا مُرَاعَاة للْأَصْل نَحْو
أَتَقول زيد منطلق وَكَذَا إعماله مُطلقًا فِي لُغَة بني سليم جَائِز
لَا وَاجِب
[همزَة التَّعْدِيَة]
ص مَسْأَلَة تدخل الْهمزَة على علم وَرَأى فتنصب ثَلَاثَة أَولهَا
الْفَاعِل وَحكم الثَّانِي وَالثَّالِث بَاقٍ وَمنع الْأَكْثَر
التَّعْلِيق وَقوم الإلغاء وَثَالِثهَا إِن لم يبن للْمَفْعُول ش تدخل
الْهمزَة الْمُسَمَّاة بِهَمْزَة النَّقْل وهمزة التَّعْدِيَة على علم
وَرَأى المتعديين لمفعولين فتعديهما إِلَى ثَلَاثَة مفاعيل أَولهَا
الَّذِي كَانَ فَاعِلا وَذَلِكَ أقْصَى مَا يتَعَدَّى إِلَيْهِ
الْفِعْل من الْمَفْعُول بِهِ نَحْو أعملت زيدا عمرا قادما وأرأيت زيدا
عمرا كَرِيمًا وَللثَّانِي وَالثَّالِث من هَذِه المفاعيل مَا كَانَ
لَهما فِي بَاب علم وَرَأى من جَوَاز الإلغاء وَالتَّعْلِيق وَغَيرهمَا
وَمنع قوم الإلغاء وَالتَّعْلِيق هُنَا سَوَاء بنيت للْفَاعِل أم
للْمَفْعُول وَعَلِيهِ ابْن القواس وَابْن أبي الرّبيع لِأَن مبْنى
الْكَلَام عَلَيْهِمَا وَلَا يَجِيء بعد مَا مضى الْكَلَام على
الِابْتِدَاء ومنعهما آخَرُونَ إِن بنيت للْفَاعِل وَعَلِيهِ
الْجُزُولِيّ لما فِيهِ من إعمالها فِي الْمَفْعُول الأول وإلغائها
بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَخيرينِ وَذَلِكَ تنَاقض لِأَنَّهُ حكم
بِقُوَّة وَضعف مَعًا بِخِلَاف مَا إِذا بنيت للْمَفْعُول بِهِ وَمنع
آخَرُونَ التَّعْلِيق دون الإلغاء وَعَلِيهِ الْأَكْثَرُونَ وَمنع قوم
إِلْغَاء أعلم دون أرى وَعَلِيهِ الشلوبين لِأَن أعلم مُؤثر فَلَا يلغى
كَمَا لَا تلغى الْأَفْعَال المؤثرة وَأرى بِمَعْنى أَظن فوافقه فِي
الإلغاء كَمَا وَافقه فِي الْمَعْنى ورد بِأَن أعلم وَعلم أَيْضا
متوافقان فِي الْمَعْنى فَيلْزم تساويهما فِي الإلغاء وَقد ورد السماع
بإلغائهما حُكيَ الْبركَة أعلمنَا الله مَعَ الأكابر وَقَالَ الشَّاعِر
621 -
(وَأَنْتَ أَرَانِي اللَّهُ أمْنَعُ عاصِم ... )
(1/569)
وَاسْتدلَّ ابْن مَالك للتعليق بقوله
تَعَالَى {ينبئكم إِذا مزقتم كل ممزق} سبأ 7 الْآيَة وَقَول الشَّاعِر
622 -
(حَذَار فقد نُبِّئْتُ إنّكَ لَلّذي ... سَتُجْزَى بِمَا تَسْعَى،
فتسعد أَو تشقى)
(1/570)
[جَوَاز حذف هَذِه المفاعيل الثَّلَاثَة
أَو بَعْضهَا]
ص وحذفها وأحدها لدَلِيل جَائِز وَأما دونه فَمنع سِيبَوَيْهٍ وَابْن
الباذش وَابْن طَاهِر حذف الأول والاقتصار عَلَيْهِ وَجوز الْأَكْثَر
حذف الأول دونهمَا أَو هما دونه والشلوبين حذفه دونهمَا والجرمي عَكسه
(1/571)
ش يجوز حذف هَذِه المفاعيل الثَّلَاثَة
وَبَعضهَا لدَلِيل كَقَوْلِك لمن قَالَ أأعلمت زيدا بكرا قَائِما أعلمت
وَأما الِاقْتِصَار وَهُوَ الْحَذف لغير دَلِيل فَفِيهِ مَذَاهِب
أَحدهَا وَعَلِيهِ الْأَكْثَر مِنْهُم الْمبرد وَابْن كيسَان وَرجحه
ابْن مَالك وخطاب يجوز حذف الأول بِشَرْط ذكر الآخرين أَو الآخرين
بِشَرْط ذكر الأول كَقَوْلِك أعلمت كبشك سمينا بِحَذْف الْمعلم أَو
أعلمت زيدا بِحَذْف الثَّانِي وَالثَّالِث إِن لم يخل الْكَلَام من
فَائِدَة بِذكر الْمعلم بِهِ فِي الصُّورَة الأولى والمعلم فِي
الثَّانِيَة الثَّانِي وَعَلِيهِ سِيبَوَيْهٍ وَابْن الباذش وَابْن
طَاهِر وَابْن خروف وَابْن عُصْفُور لَا يجوز حذف الأول وَلَا
الِاقْتِصَار عَلَيْهِ وَحذف الآخرين بل لابد من الثَّلَاثَة لِأَن
الأول كالفاعل فَلَا يحذف وَالْآخر كهما فِي بَاب ظن وَقد منع
هَؤُلَاءِ حذفهما فِيهِ اقتصارا الثَّالِث وَعَلِيهِ الشلوبين يجوز حذف
الأول فَقَط مَعَ ذكر الآخرين نَحْو أعلمت كبشك سمينا وَلَا يجوز حذف
الآخرين دون الأول وَلَا حذف الثَّلَاثَة وَلَا حذف الأول وَأحد
الآخرين وَلَا حذف أحد الآخرين فَقَط الرَّابِع وَعَلِيهِ الْجرْمِي
وَاخْتَارَهُ ابْن القواس يجوز حذف الآخرين فَقَط لِأَنَّهُمَا فِي حكم
مفعولي ظن دون الأول لِأَنَّهُ فِي حكم الْفَاعِل
[الْأَفْعَال الَّتِي تتعدى إِلَى ثَلَاثَة]
ص وَألْحق سِيبَوَيْهٍ بِأَعْلَم نبأ وَاللَّخْمِيّ أنبأ وَعرف وأشعر
وأدري وَالْفراء خبر وَأخْبر والكوفية والمتأخرون حدث والأخفش وَابْن
السراج أَظن أَحسب وأخال وأزعم وأوجد وَابْن مَالك وَقوم أرى الحلمية
والحريري علم والجرجاني استعطى وَبَعْضهمْ أكسى ش الْمجمع على تعديته
إِلَى ثَلَاثَة أعلم وَأرى وَزَاد سِيبَوَيْهٍ نبأ كَقَوْلِه 623 -
(ونبئت قيسا، وَلم أَبْلُهُ ... كَمَا زَعَمُوا خَيْر أَهْل اليَمَنْ)
(1/572)
وَزَاد ابْن هِشَام اللَّخْمِيّ أنبأ وَعرف
وأشعر وأدرى وَزَاد الْفراء فِي مَعَانِيه خبر بِالتَّشْدِيدِ
كَقَوْلِه 624 -
(وَخُبِّرْتُ سوداءَ القُلوب مَريضةً ... )
وَقَوله 625 -
(وَمَا عَلَيْك إذَا خُبِّرْتِنِي دَنفِاً ... )
وَزَاد الْكُوفِيُّونَ حدث وتبعهم الْمُتَأَخّرُونَ كالزمخشري وَابْن
مَالك وَقَالَ أَبُو حَيَّان وَأكْثر أَصْحَابنَا كَقَوْلِه 626 -
( ... ... ... ... ... فَمَنْ حُدِثْتمُوهُ ... لَهُ عَلَيْنا
العَلاَءُ)
(1/573)
وَزَاد الحريري فِي شرح اللمحة علم
المنقولة بالتضعيف قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم تُوجد فِي لِسَان الْعَرَب
متعدية إِلَى ثَلَاثَة وَزَاد ابْن مَالك أرى الحلمية كَقَوْلِه
تَعَالَى {إِذْ يريكهم الله فِي مَنَامك قَلِيلا وَلَو أراكهم كثيرا}
الْأَنْفَال 43 وَزَاد الْأَخْفَش وَابْن السراج أَظن وأحسب وأخال
وأزعم وأوجد قِيَاسا على أعلم وَأرى وَلم يسمع وَزَاد الْجِرْجَانِيّ
استعطى وَزَاد بَعضهم أكسى فبلغت أَفعَال الْبَاب تِسْعَة عشر
وَالْجُمْهُور منعُوا ذَلِك وَأولُوا المستشهد بِهِ على التَّضْمِين
أَو حذف حرف الْجَرّ أَو الْحَال ص وَمَا بني للْمَفْعُول فكظن ش مَا
بني للْمَفْعُول من أَفعَال هَذَا الْبَاب صَار كظن فَمَا جَازَ فِي ظن
جَازَ فِيهِ قَالَ ابْن مَالك إِلَّا الِاقْتِصَار على الْمَرْفُوع
فَإِنَّهُ غير جَائِز فِي ظن لعدم الْفَائِدَة جَائِز هُنَا لحُصُول
الْفَائِدَة وَقد تقدم الْخلاف فِي ذَلِك فِي الْبَابَيْنِ فأغنى عَن
التَّصْرِيح باستثباته
(1/574)
الْفَاعِل
ص الْفَاعِل ونائبه الْفَاعِل المفرغ لَهُ عَامل على جِهَة وُقُوعه
مِنْهُ أَو قِيَامه بِهِ ش لما كَانَ الْكَلَام ينْعَقد من مُبْتَدأ
وَخبر وينشأ عَنهُ نواسخ وَمن فعل وفاعل وينشأ عَنهُ النَّائِب عَن
الْفَاعِل انحصرت الْعمد فِي ذَلِك وَقد تمّ الْكَلَام على النَّوْع
الأول بِمَا ينشأ عَنهُ وَهَذَا هُوَ النَّوْع الثَّانِي فالفاعل
مَا أسْند إِلَيْهِ عَامل مفرغ على جِهَة وُقُوعه مِنْهُ أَو قِيَامه
بِهِ فالعامل يَشْمَل الْفِعْل نَحْو قَامَ زيد وَمَا ضمن مَعْنَاهُ
كالمصدر وَاسم الْفَاعِل وَالصّفة المشبهة والأمثلة اسْم الْفِعْل
والظرف وَالْمَجْرُور والمفرغ يخرج نَحْو {وأسروا النَّجْوَى الَّذين
ظلمُوا} الْأَنْبِيَاء 3 وَقَوْلنَا على جِهَة وُقُوعه مِنْهُ كضرب زيد
وقيامه بِهِ كمات زيد
[رَافع الْفَاعِل]
ص وَزعم هِشَام رافعه الْإِسْنَاد وَقوم شبهه للمبتدأ وَخلف معنى
الفاعلية وَقوم إحداثه الْفِعْل وَالْكسَائِيّ كَونه دَاخِلا فِي
الْوَصْف وَنصب الْمَفْعُول بِخُرُوجِهِ وَالْجُمْهُور يجب تَأْخِيره
وَذكره ويحذف مَعَ عَامله أَو الْمصدر أَو فعل المؤنثة أَو الْجَمَاعَة
الْمُؤَكّدَة وَيقدر فِي نَحْو {ثمَّ بدا لَهُم} يُوسُف 35 مُنَاسِب
وَقد يجر ب من أَو الْبَاء الزَّائِدَة وثعلب فِي كفى قَالَ ابْن
الزبير إِن كَانَت بِمَعْنى حسب ش فِيهِ مسَائِل الأولى فِي رفع
الْفَاعِل أَقْوَال أَحدهَا وَعَلِيهِ الْجُمْهُور أَنه الْعَامِل
الْمسند إِلَيْهِ من فعل أَو مَا ضمن مَعْنَاهُ كَمَا فهم من الْحَد
لِأَنَّهُ طَالب لَهُ
(1/575)
الثَّانِي أَن رَافِعَة الْإِسْنَاد أَي
النِّسْبَة فَيكون الْعَامِل معنويا وَعَلِيهِ هِشَام ورد بِأَنَّهُ
لَا يعدل إِلَى جهل الْعَامِل معنويا إِلَّا عِنْد تعذر اللَّفْظِيّ
الصَّالح وَهُوَ هُنَا مَوْجُود الثَّالِث شبهه بالمبتدأ من حَيْثُ
إِنَّه يخبر عَنهُ بِفِعْلِهِ كَمَا يخبر عَن الْمُبْتَدَأ بالْخبر ورد
بِأَن الشّبَه معنوي والمعاني لم يسْتَقرّ لَهَا عمل فِي الْأَسْمَاء
الرَّابِع كَونه فَاعِلا فِي الْمَعْنى وَعَلِيهِ خلف كَمَا نَقله
أَبُو حَيَّان ورد بقوله مَاتَ زيد وَمَا قَامَ عَمْرو الْخَامِس ذهب
قوم من الْكُوفِيّين إِلَى أَنه يرْتَفع بإحداثه الْفِعْل كَذَا نَقله
ابْن عمرون وَنقل عَن خلف أَن الْعَمَل فِيهِ معنى الفاعلية
الثَّانِيَة الصَّحِيح وَعَلِيهِ البصريون أَنه يجب تَأْخِير الْفَاعِل
عَن عَامله وَجوز الكوفية تَقْدِيمه نَحْو زيد قَامَ مستدلين بِنَحْوِ
قَوْله 627 -
(مَا لِلْجمَال مَشْيُها وَئِيدَا ... )
أَي وئيدا مشيها وتأوله البصريون على الِابْتِدَاء وإضمار الْخَبَر
الناصب وئيدا أَي ظهر أَو ثَبت وَثَمَرَة الْخلاف تظهر فِي نَحْو
الزيدان أَو الزيدون قَامَ الثَّالِثَة الصَّحِيح أَيْضا وَعَلِيهِ
البصريون أَنه يجب ذكر الْفَاعِل وَلَا يجوز حذفه وَفرقُوا بَينه
وَبَين خبر الْمُبْتَدَأ بِأَنَّهُ كالصلة فِي عدم تأثره بعامل متلوه
وكالمضاف إِلَيْهِ فَإِنَّهُ يعْتَمد الْبَيَان وكعجز الْمركب فِي
الامتزاج بمتلوه وَلُزُوم تَأْخِيره وَالْخَبَر مباين للثَّلَاثَة
وَهُوَ مُعْتَمد الْفَائِدَة لَا مُعْتَمد الْبَيَان وَبِأَن من
الْفَاعِل مَا يسْتَتر فَلَو حذف لالتبس الْحَذف بالاستتار بِخِلَاف
الْخَبَر
(1/576)
وَذهب الْكسَائي إِلَى جَوَاز حذف
الْفَاعِل لدَلِيل كالمبتدأ وَالْخَبَر وَرجحه السُّهيْلي وَابْن مضاء
وَيسْتَثْنى على الأول صور يجوز فِيهَا الْحَذف أَحدهَا مَعَ رافعه
تبعا لَهُ كَقَوْلِك زيدا لمن قَالَ من أكْرم وَالتَّقْدِير أكْرم زيدا
فَحذف الْفَاعِل مَعَ الْفِعْل ثَانِيهَا فَاعل الْمصدر يجوز حذفه
نَحْو {أَو إطْعَام فِي يَوْم ذِي مسغبة يَتِيما} الْبَلَد 14، 15
ثَالِثهَا فَاعل فعل اثْنَيْنِ الْمُؤَنَّث أَو الْجَمَاعَة الْمُؤَكّد
بالنُّون نَحْو {لتبلون} آل عمرَان 186 {فإمَّا تَرين} مَرْيَم 26
فَإِن ضمير المخاطبة وَالْجمع حذف لالتقاء الساكنين فَإِن قلت قد ورد
مَا ظَاهره الْحَذف فِي غير هَذِه الْمَوَاضِع الْمَذْكُورَة نَحْو
قَوْله تَعَالَى {ثمَّ بدا لَهُم من بعد مَا رَأَوْا الْآيَات} يُوسُف
35 وَقَوله
لَا يشرب الْخمر حِين يشْربهَا وَهُوَ مُؤمن فَالْجَوَاب أَن الْفَاعِل
فِيهِ ضمير مُقَدّر رَاجع إِلَى مَا دلّ عَلَيْهِ الْفِعْل وَهُوَ
البداء فِي الْآيَة لدلَالَة بدا والشارب فِي الحَدِيث لدلَالَة يشرب
وَيُقَاس بذلك مَا أشبهه الرَّابِعَة قد يجر الْفَاعِل من الزَّائِدَة
نَحْو {مَا يَأْتِيهم من ذكر} الْأَنْبِيَاء 2 أَي ذكر أَو الْبَاء
الزَّائِدَة نَحْو {وَكفى بِاللَّه} النِّسَاء 6 وَالْمحل فِي
الصُّورَتَيْنِ رفع فَيجوز الإتباع بِالرَّفْع والجر مُرَاعَاة للمحل
وَاللَّفْظ وغلبت زِيَادَة الْبَاء فِي فَاعل كفى نَحْو {وَكفى
بِاللَّه وليا وَكفى بِاللَّه نَصِيرًا} النِّسَاء 45
[تجرد عَامل الْفِعْل]
ص ويجرد عَامله إِن كَانَ ظَاهرا من عَلامَة تَثْنِيَة وَجمع إِلَّا
فِي لُغَة أكلوني البراغيث وَقيل هُوَ خبر مقدم وَقيل الثَّانِي بدل
(1/577)
ش إِذا أسْند الْفِعْل إِلَى الْفَاعِل
الظَّاهِر فَالْمَشْهُور تجريده من عَلامَة التَّثْنِيَة وَالْجمع
نَحْو قَامَ الزيدان وَقَامَ الزيدون وَقَامَت الهندات وَمن الْعَرَب
من يلْحقهُ الْألف وَالْوَاو وَالنُّون على أَنَّهَا حُرُوف دوال كتاء
التَّأْنِيث لَا ضمائر وَهَذِه اللُّغَة يسميها النحويون لُغَة أكلوني
البراغيث وَمِنْهَا قَوْله 628 -
(وَقد أسلماه مبعدٌ وحميمُ ... )
وَقَوله 629 -
(يَلُومُونَنِى فِى اشْتِرَاء النّخِيل ... أهلى، فكُلُّهُمُ أَلْوَمُ)
وَقَوله
(نُتِجَ الرّبيعُ مَحَاسِناً ... أْلقَحْنَها غُرُّ السحائبِ)
وَقَوله 631 -
(بحَوْرَانَ يَعْصِرْن السّلِيطَ أَقَاربُهْ ... )
(1/578)
وَمن النَّحْوِيين من جعلهَا ضمائر ثمَّ اخْتلفُوا فَقيل مَا بعْدهَا
بدل مِنْهَا وَقيل مُبْتَدأ وَالْجُمْلَة السَّابِقَة خبر وَالصَّحِيح
الأول لنقل الْأَئِمَّة أَنَّهَا لُغَة وعزيت لِطَيِّئٍ وأزد شنُوءَة
وَكَانَ ابْن مَالك يسميها لُغَة يتعاقبون فِيكُم مَلَائِكَة وَهُوَ
مَرْدُود كَمَا بَينته فِي أصُول النَّحْو وَغَيره |