همع الهوامع في شرح جمع الجوامع

1 - الْكتاب الثَّانِي فِي الفضلات
الْمَفْعُول بِهِ التحذير الإغراء الِاخْتِصَاص المنادى الْمَنْدُوب الاستغاثة التَّرْخِيم الْمَفْعُول الْمُطلق الْمَفْعُول لَهُ الْمَفْعُول فِيهِ الْمَفْعُول مَعَه الْمُسْتَثْنى الْحَال التَّمْيِيز نواصب الْمُضَارع

(2/4)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
1 - الْكتاب الثَّانِي فِي الفضلات

الْمَفْعُول بِهِ
(ص) الْكتاب الثَّانِي فِي الفضلات الْمَفْعُول بِهِ اخْتلف فِي ناصبه فالبصرية عَامل الْفَاعِل وَقيل الْفَاعِل وَقيل هما وَقيل كَونه مَفْعُولا وَقيل ينصب الْكل تَشْبِيها بِهِ وَسمع رَفعه وَنصب الْفَاعِل ورفعهما ونصبهما وَهُوَ الْوَاقِع عَلَيْهِ الْفِعْل (ش) بدأت من الفضلات بالمفعول بِهِ وَقد حَده صَاحب الْمفصل وَغَيره بِأَنَّهُ مَا وَقع عَلَيْهِ فعل الْفَاعِل وَالْمرَاد بالوقوع التَّعَلُّق ليدْخل نَحْو أوجدت ضربا وأحدثت قتلا وَمَا ضربت زيدا وَقد اخْتلف فِي ناصب الْمَفْعُول بِهِ فالبصريون على أَنه عَامل الْفَاعِل الْفِعْل أَو شبهه وَقَالَ هِشَام من الْكُوفِيّين هُوَ الْفَاعِل وَقَالَ الْفراء هُوَ الْفِعْل وَالْفَاعِل

(2/5)


مَعًا وَقَالَ خلف معنى المفعولية أَي كَونه مَفْعُولا كَمَا قَالَ فِي الْفَاعِل إِن عَامله كَونه فَاعِلا وَقَوْلِي وَقيل ينصب الْكل تَشْبِيها بِهِ أَشرت إِلَى مَا ذكره أَبُو حَيَّان فِي شرح التسهيل أَن انقسام الْمَفْعُول إِلَيّ مفعول مُطلق ومفعول بِهِ وَله وَفِيه وَمَعَهُ هُوَ مَذْهَب الْبَصرِيين وَأما الْكُوفِيُّونَ فزعموا أَن الْفِعْل إِنَّمَا لَهُ مفعول وَاحِد وَهُوَ الْمَفْعُول بِهِ وباقيها عِنْدهم لَيْسَ شَيْء مِنْهَا مَفْعُولا وَإِنَّمَا مشبه بالمفعول وَسمع رفع الْمَفْعُول بِهِ وَنصب الْفَاعِل حكوا خرق الثَّوْب المسمار وَكسر الزّجاج الْحجر وَقَالَ الشَّاعِر 641 -
(مثلُ القنافذِ هَدَّاجوان قد بَلَغَت ... نَجْران أَو بَلَغَتْ سوآتهم هَجَرُ)
والسوءات هِيَ الْبَالِغَة وَسمع أَيْضا رفعهما قَالَ

(2/6)


642 -
(كَيْف مَن صَادَ عَقْعَقَان وبُومُ ... )
ونصبهما قَالَ 643 -
(قد سالَمَ الحيّاتِ مِنْهُ القَدَما ... )
والمبيح لذَلِك كُله فهم الْمَعْنى وَعدم الإلباس وَلَا يُقَاس على شَيْء من ذَلِك (ص) وَيجب تَقْدِيمه إِن تضمن شرطا أَو استفهاما خلافًا للكوفية فِيمَا قصد بِهِ استثبات أَو أضيف إِلَيْهِمَا أَو نَصبه فاصلا جَوَاب أما أَو أَمر فِيهِ الْفَاء أَو كَانَ مَعْمُول مُفَسّر الْجَواب أَو كم الخبرية إِلَّا فِي لغية وتأخيره إِن كَانَ أنّ أَو أَن أَو مَعَ فعل تعجبي وموصول بِحرف أَو جازم لَا إِن قدم عَلَيْهِ وَلَام الِابْتِدَاء أَو قسم أَو قد أَو سَوف أَو قَلما أَو رُبمَا وَنَحْو مَا زيد عمرا إِلَّا يضْرب

(2/7)


قَالَ الرندي وَضرب الْقَوْم بَعضهم بَعْضًا (وَقوم) مفعول الْأَمر وَالنَّهْي وَيجوز فِيمَا عدا ذَلِك وَإِذا قدم أَفَادَ الِاخْتِصَاص خلافًا لِابْنِ الْحَاجِب مَا لم يكن مُسْتَحقّا وَالْمُخْتَار أَنه غير الْحصْر وفَاقا للسبكي (ش) الأَصْل فِي الْمَفْعُول بِهِ التَّأَخُّر عَن الْفِعْل وَالْفَاعِل وَقد يقدم على الْفَاعِل جَوَازًا ووجوبا كَمَا تقدم فِي بَابه وَقد يقدم على الْفِعْل جَوَازًا نَحْو {فريقا هدى وفريقا حق عَلَيْهِم الضَّلَالَة} [الْأَعْرَاف: 30] {ففريقا كَذبْتُمْ وفريقا تقتلون} [الْبَقَرَة: 87]
أوجه وجوب تَقْدِيم الْمَفْعُول بِهِ على الْفِعْل
وَقد يجب تَقْدِيمه عَلَيْهِ وَذَلِكَ فِي صور أَحدهَا إِذا تضمن شرطا نَحْو من تكرم أكْرمه وأيهم تضرب أضربه ثَانِيهَا إِذا أضيف إِلَى شَرط نَحْو غُلَام من تضرب أضْرب ثَالِثهَا إِذا تضمن استفهاما نَحْو من رَأَيْت وأيهم لقِيت وَمَتى قدمت وَأَيْنَ أَقمت سَوَاء كَانَ فِي ابْتِدَاء الِاسْتِفْهَام أم قصد بِهِ الاستثبات هَذَا مَذْهَب الْبَصرِيين

(2/8)


وَوَافَقَهُمْ الْكُوفِيُّونَ فِي الأول وجوزوا فِي الثَّانِي أَلا يلْزم الصَّدْر لما حكوا من قَوْلهم (ضرب من منا) و (تفعل مَاذَا) و (تصنع مَاذَا) و (إِن أَيْن المَاء والعشب) جوبا لمن قَالَ إِن فِي مَوضِع كَذَا مَاء وعشبا والبصريون حكمُوا بشذوذ ذَلِك رَابِعهَا إِذا أضيف إِلَى اسْتِفْهَام نَحْو غُلَام من رَأَيْت خَامِسهَا إِذا نَصبه جَوَاب (أما) نَحْو {فَأَما الْيَتِيم فَلَا تقهر} [الضُّحَى: 9] سادسها إِذا نَصبه فعل أَمر دخلت عَلَيْهِ الْفَاء نَحْو زيدا فَاضْرب سابعها إِذا كَانَ مَعْمُول (كم) الخبرية نَحْو كم غُلَام ملكت أَي كثيرا من الغلمان ملكت وَحكى الْأَخْفَش أَنه يجوز تَأْخِيره عَن الْفَاعِل فِي لُغَة رَدِيئَة نَحْو ملكت كم غُلَام
أوجه وجوب تَأْخِير الْمَفْعُول بِهِ عَن الْفِعْل
وَقد يمْنَع تَقْدِيمه عَلَيْهِ وَذَلِكَ فِي صور أَحدهَا أَن يكون أَن الْمُشَدّدَة أَو المخففة نَحْو عرفت أَنَّك أَو أَنَّك منطلق قَالَ أَبُو حَيَّان وَقِيَاس مَا أجَازه الْفراء من الِابْتِدَاء ب (أَن) الْمُشَدّدَة وَمَا أجَازه هِشَام من أَن أَن زيدا قَائِم حَقه جَوَاز التَّقْدِيم

(2/9)


ثَانِيهَا أَن يكون مَعَ فعل تعجبي نَحْو مَا أحسن زيدا ثَالِثهَا أَن يكون مَعَ فعل مَوْصُول بِحرف نَحْو من الْبر أَن تكف لسَانك رَابِعهَا أَن يكون مَعَ فعل مَوْصُول بجازم نَحْو لم أضْرب زيدا فَلَا يقدم على الْفِعْل فاصلا بَينه وَبَين الْجَازِم فَإِن قدم على الْجَازِم جَازَ خَامِسهَا إِلَى ثامنها أَن يكون مَعَ فعل مَوْصُول بلام الِابْتِدَاء أَو لَام الْقسم أَو قد أَو سَوف نَحْو ليضْرب زيد عمرا وَالله لَأَضرِبَن زيدا وَالله قد ضربت زيدا سَوف أضْرب زيدا تاسعها أَن يكون مَعَ فعل مُؤَكد بالنُّون فَلَا يُقَال زيدا أضربن قَالَ الرضي وَلَعَلَّ ذَلِك لكَون تقدم الْمَنْصُوب على الْفِعْل دَلِيلا على أَن الْفِعْل غير مُهِمّ وَإِلَّا لم يُؤَخِّرهُ من مرتبته وتوكيد الْفِعْل يُؤذن بِكَوْنِهِ مهام فيتنافران فِي الظَّاهِر وَإِذا قدم الْمَفْعُول أَفَادَ الِاخْتِصَاص عِنْد الْجُمْهُور نَحْو {إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين} [الْفَاتِحَة: 5] أَي لَا غَيْرك {بل الله فاعبد} [الزمر: 66] أَي لَا غَيره وَخَالف فِي ذَلِك ابْن الْحَاجِب وَوَافَقَهُ أَبُو حَيَّان فَقَالَا الِاخْتِصَاص الَّذِي يتوهمه كثير من النَّاس من تقدم الْمَفْعُول وهم وعَلى الأول شَرطه أَن يكون التَّقْدِيم مُسْتَحقّا كالصور المبدوء بهَا وَالْمَشْهُور أَن الِاخْتِصَاص والحصر مُتَرَادِفَانِ وَاخْتَارَ السُّبْكِيّ التَّفْرِقَة بَينهمَا وَأَن الْحصْر نفي غير الْمَذْكُور وَإِثْبَات الْمَذْكُور والاختصاص قصر الْخَاص من جِهَة خصوصه من غير تعرض لنفي وَغَيره

(2/10)


وَهَاتَانِ المسألتان من علم الْبَيَان لَا النَّحْو فليطلب بسط الْكَلَام فيهمَا من كتَابنَا شرح ألفية الْمعَانِي وَكتاب الإتقان