همع الهوامع في شرح جمع الجوامع

حذف النداء اختصارا
(ص) مَسْأَلَة يحذف حرف النداء إِلَّا مَعَ الله والمستغاث والمتعجب وَالْمَنْدُوب وَمنعه البصرية اخْتِيَارا مَعَ اسْم الْجِنْس وَالْإِشَارَة وَفِي نكرَة لم تقصد وَحذف المنادى دونه خلف وَقد يفصل بِأَمْر (ش) يجوز حذف النداء اختصارا وَفِي التَّنْزِيل: {يُوسُف أعرض} [يُوسُف: 29] {رَبنَا لَا تزغ} [آل عمرَان: 8] {أَيُّهَ المُؤْمِنُونَ} [النُّور: 31] وَيسْتَثْنى صور لَا يجوز فِيهَا الْحَذف أَحدهَا: اسْم الله تَعَالَى إِذا لم تلْحقهُ الْمِيم نَحْو يَا الله الثَّانِي: المستغاث نَحْو يَا لزيد الثَّالِث: المتعجب مِنْهُ نَحْو يَا للْمَاء الرَّابِع: الْمَنْدُوب نَحْو يَا زيداه الْخَامِس: اسْم الْجِنْس السَّادِس: اسْم الْإِشَارَة السَّابِع: النكرَة غير الْمَقْصُودَة هَذَا مَذْهَب الْبَصرِيين وَذَهَبت طَائِفَة إِلَى جَوَاز حذفه فِي الثَّلَاثَة الْأَخِيرَة وَعَلِيهِ ابْن مَالك لحَدِيث
(ثوبي حجر) واشتدي أزمة تنفرجي وَقَول ذِي الرمة: 674 -
(بمثِلك هذَا لَوْعَةٌ وغَرَامُ ... )

(2/42)


وَقَوله تَعَالَى: {ثمَّ أَنْتُم هَؤُلَاءِ تقتلون} [الْبَقَرَة: 85] وَقَوله: 675 -
(لِتُحْسَبَ سيّدًا ضَبْعًا تبولُ ... )
أَي يَا ضبعا والأولون حملُوا ذَلِك على الشذوذ والضرورة إِلَّا الْآيَة فعلى الِابْتِدَاء وَالْخَبَر وَلَا نِدَاء وَأما الحَدِيث فَلم يثب كَونه الرَّسُول
كَمَا تقرر غير مرّة وَيُؤَيِّدهُ وُرُوده فِي بعض الطّرق بِلَفْظ يَا حجر أما حذف المنادى وإبقاء حرف النداء فَفِيهِ خلاف فَجزم ابْن مَالك بِجَوَازِهِ قبل الْأَمر وَالدُّعَاء وَخرج عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {أَلا يسجدوا} [النَّمْل: 25] وَقَول الشَّاعِر:

(2/43)


676 -
(يَا لَعْنةُ اللهِ والأقوام كُلّهمُ ... والصَّالحِين على سمْعَان مِنْ جَار)
أَي يَا قوم أَو يَا هَؤُلَاءِ قَالَ أَبُو حَيَّان وَالَّذِي يَقْتَضِيهِ النّظر أَنه لَا يجوز لِأَن الْجمع بَين حذف فعل النداء وَحذف المنادى إجحاف وَلم يرد بذلك سَماع من الْعَرَب فَيقبل و (يَا) فِي الْآيَة وَالْبَيْت وَنَحْوهمَا للتّنْبِيه وَقَالَ أبن مَالك حق المنادى أَن يمْنَع حذفه لِأَن عَامله حذف لُزُوما إِلَّا أَن الْعَرَب أجازت حذفه والتزمت إبْقَاء (يَا) دَلِيلا عَلَيْهِ وَكَون مَا بعده أمرا أَو دُعَاء لِأَنَّهُمَا داعيان إِلَى توكيد الْمَأْمُور والمدعو فَاسْتعْمل النداء قبلهمَا كثيرا حَتَّى صَار الْموضع منبها على المنادى إِذا حذف وَبقيت (يَا) فَحسن حذفه لذَلِك وَقد يفصل بَين حرف النداء والمنادى بِأَمْر كَقَوْل النخعية تخاطب أمهَا (لَطِيفَة) : 677 -
(أَلا يَا فابْك تَهْياماً لَطِيفَا ... )

(2/44)


أَرَادَت يَا لَطِيفَة فرخمت وفصلت
مَا لَا يُنَادى
(ص) وَالأَصَح لَا يُنَادى ضمير وَإِشَارَة بِحرف الْخطاب وَلَا مُضَاف لكاف وَلَا معرف ب (أل) فِي السعَة خلافًا للكوفية إِلَّا الله و (المحكي) قَالَ الْمبرد والموصول وَابْن سَعْدَان وَالْجِنْس الْمُشبه بِهِ لَا ذُو عهدية وَغَلَبَة ولمح بِحَال (ش) لَا يُنَادى الضَّمِير عِنْد الْجُمْهُور وَأما ضمير الْغَيْبَة والتكلم فلأنهما يناقضان النداء إِذْ هُوَ يَقْتَضِي الْخطاب وَأما ضمير الْمُخَاطب فَلِأَن الْجمع بَينه وَبَين النداء لَا يحسن لِأَن أَحدهمَا يُغني عَن الآخر وَجوز قوم نداءه تمسكا بقوله: 678 -
(يَا أبْجر بنَ أَبْجر يَا أنْتا ... )

(2/45)


وَقَول الْأَحْوَص (يَا إياك قد كفيتك) وَأجَاب الْأَولونَ بندوره وَلَا يُنَادى اسْم الْإِشَارَة الْمُتَّصِل بِحرف الْخطاب نَحْو يَا ذَاك قَالَ السيرافي وَغَيره وَأَجَازَهُ ابْن كيسَان وَنقل عَن سِيبَوَيْهٍ وَلَا يُنَادى مُضَاف لكاف الْخطاب نَحْو يَا غلامك لِأَن المنادى حِينَئِذٍ غير من لَهُ الْخطاب فَكيف يُنَادى من لَيْسَ بمخاطب وَلَا يُنَادي الْمُعَرّف ب (أل) فَلَا يُقَال يَا الرجل إِلَّا فِي الضَّرُورَة لِأَنَّهُ فِي ذَلِك جمعا بَين أداتي التَّعْرِيف وَجوزهُ الْكُوفِيُّونَ فِي الِاخْتِيَار وَمن وُرُوده فِي الشّعْر قَوْله: 679 -
(فيا الْغُلامان اللّذان فَرّا ... )

(2/46)


وَقَوله: 680 -
(عبّاسُ يَا الْملك المتوَّجُ والّذي ... عَرَفَتْ لَهُ بَيْتَ العُلا عَدْنَانُ)
وَقَوله: 681 -
(مِن أجْلِك يَا الَّتي تيّمتِ قَلبي ... )

(2/47)


واستثني البصريون شَيْئَيْنِ أحدهم اسْم الله تَعَالَى فَيُقَال يَا ألله لِأَن (أل) للزومها فِيهِ كَأَنَّهَا من بنية الْكَلِمَة فَيجوز حِينَئِذٍ قطع همزه وَوَصله وَالثَّانِي الْجُمْلَة المسمي بهَا كَأَن تسمي (يَا الرجل قَائِم) فَإِذا ناديته قلت (يَا الرجل قَائِم أقبل) لِأَنَّهُ سمي بِهِ على طَرِيق الْحِكَايَة وَاسْتثنى الْمبرد ثَالِثا وَهُوَ الْمَوْصُول إِذا سمي بِهِ نَحْو (يَا الَّذِي قَامَ) لمسمى بِهِ وَوَافَقَهُ ابْن مَالك قَالَ أَبُو حَيَّان وَالَّذِي نَص عَلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ الْمَنْع وَفرق بَينه وَبَين الْجُمْلَة أَنَّهَا سمي فِيهَا بشيئين كل وَاحِد مِنْهُمَا اسْم تَامّ و (الَّذِي) بصلته بِمَنْزِلَة اسْم وَاحِد كالحارث فَلَا يجوز فِيهِ النداء وَاسْتثنى مُحَمَّد بن سَعْدَان اسْم الْجِنْس الْمُشبه بِهِ فَأجَاز نداءه مَعَ (أل) نَحْو (يَا الْأسد شدَّة) و (يَا الْخَلِيفَة هَيْبَة) وَوَافَقَهُ ابْن مَالك لِأَن تَقْدِيره يَا مثل الْأسد وَيَا مثل الْخَلِيفَة فَحسن لتقدير دُخُول (يَا) على غير الْألف وَاللَّام وَلَا يُنَادى مَا فِيهِ (أل) الْعَهْد وَلَا الَّتِي للغلبة وَلَا الَّتِي للمح الصّفة بِحَال بل إِذا نُودي هَذَا النَّوْع حذفت مِنْهُ (أل) قَالَ: 682 -
(إنّكَ يَا حَارثُ نِعْمَ الحَارثُ ... )

(2/48)


وَقَالَ: 683 -
(غَمز ابْن مُرَّةَ يَا فرزدقُ كَيْنَها ... )

نِدَاء اسْم الْإِشَارَة
(ص) مَسْأَلَة إِذا نُودي إِشَارَة وَوصف بِذِي أل مَرْفُوع فَإِن استغني عَنهُ جَازَ نَصبه أَو (أَي) ضم وتلي ب (هَاء) التَّنْبِيه عوضا من الْإِضَافَة مَفْتُوحَة وَقد تضم وَذي أل الجنسية مَرْفُوعا وَجوز الْمَازِني نَصبه وَصفا وَابْن السَّيِّد بَيَانا وزعمه ملك النحات مُبينًا وأل بَدَلا من (يَا) أَو بموصول بِغَيْر خطاب أَو بِإِشَارَة بِلَا كَاف قيل أَو بهَا قَالَ ابْن الضائع إِن نعت بِذِي أل وَلَا يتبع بغَيْرهَا وَلَا يقطع عَنْهَا وَيُؤَنث لتأنيث صفته وَقيل (هَا) مبقاة من الْإِشَارَة وَقيل (أَي) مَوْصُولَة بالمرفوع خبر الْمَحْذُوف (ش) إِذا نُودي اسْم الْإِشَارَة وَجب وَصفه بِمَا فِيهِ (أل) من اسْم جنس أَو مَوْصُول نَحْو يَا هَذَا الرجل يَا هَذَا الَّذِي قَامَ أَبوهُ وَيجب رفع هَذَا الْوَصْف إِذا قدر اسْم الْإِشَارَة وصلَة إِلَى نِدَاء مَا فِيهِ (أل) فَإِن استغني عَنهُ بِأَن اكْتفي بِالْإِشَارَةِ فِي النداء ثمَّ جِيءَ بِالْوَصْفِ بعد ذَلِك جَازَ فِيهِ الرّفْع على اللَّفْظ وَالنّصب على الْموضع

(2/49)


وَإِذا نُودي (أَي) وَجب بناءها على الضَّم وإيلاؤها هَاء التَّنْبِيه إِمَّا عوضا من مضافها الْمَحْذُوف أَو تَأْكِيدًا لِمَعْنى النداء ووصفها إِمَّا بِذِي أل الجنسية مَرْفُوعا نَحْو يَا أَيهَا الْإِنْسَان يَا أَيهَا النَّبِي وَقيل إِنَّه عطف بَيَان لَا وصف قَالَه ابْن السَّيِّد لِأَنَّهُ لَيْسَ مشتقا وَقيل إِنَّه يجوز نَصبه قَالَ الْمَازِني حملا على مَوضِع (أَي) ورد بِأَن الْحمل على الْموضع إِنَّمَا يكون بعد تَمام الْكَلَام والنداء لم يتم ب (يَا أَيهَا) فَلم يجز الْحمل على موضعهَا وَبِأَن الْمَقْصُود بالنداء هُوَ الرجل وَهُوَ مُفْرد وَإِنَّمَا أُتِي ب (أَي) ليتوصل بهَا إِلَى نداءه وَمن ثمَّ زعم ملك النُّحَاة أَبُو نزار أَنه مَبْنِيّ وَأَن اللَّام فِيهِ بدل من (يَا) وَلَا يجوز الْوَصْف بِمَا فِيهِ (أل) الَّتِي للْعهد أَو الَّتِي للغلبة أَو الَّتِي للمح وَلَا مَا فِيهِ (أل) من مثنى أَو مَجْمُوع كَانَ علما قبل دُخُولهَا فَلَا يُقَال يَا أَيهَا الزيدان وَلَا يَا أَيهَا الزيدون وَإِمَّا بموصول مصدر ب (أل) خَال من خطاب نَحْو: {يَا أَيهَا الَّذِي نزل عَلَيْهِ الذّكر} [الْحجر: 6] {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا} [الْمَائِدَة: 1 وَغَيرهَا] وَلَا يجوز يَا أَيهَا الَّذِي رَأَيْت كَمَا لَا يجوز أَن يُنَادى وَإِمَّا باسم إِشَارَة عَار من الْكَاف نَحْو: 684 -
(أيهذان كُلا زادَيْكُما ... )

(2/50)


685 -
(أَلا أيّهذا الزَّاجري أحضُرَ الوغَى ... )
وَلَا يجوز مَا فِيهِ الْكَاف كَمَا لَا يجوز نداؤه وَجوزهُ ابْن كيسَان نَحْو (يَا أَيهَا ذَلِك الرجل) وَشرط أَبُو الْحسن بن الضائع لجَوَاز وصف (أَي) باسم الْإِشَارَة أَن يكون اسْم الْإِشَارَة منعوتا بِمَا فِيهِ الْألف وَاللَّام كالبيت السَّابِق وَقَوله: 686 -
(أَلا أيّهذا السّائلي أَيْن يَمّمتْ ... )
وَلَا يجوز إتباع (أَي) بِغَيْر هَذِه الثَّلَاثَة فَلَا يُقَال يَا أَيهَا صَاحب الْفرس مثلا وَلَا يقطع عَن الصّفة فَلَا يُقَال يَا أَيهَا بِدُونِ مَا ذكر

(2/51)


وَيُؤَنث لتأنيث الصّفة قَالَ تَعَالَى: {يَا أيتها النَّفس المطمئنة} [الْفجْر: 27] وَفِي (البديع) أَن ذَلِك أولى لَا وَاجِب فَيجوز يَا أَيهَا الْمَرْأَة وَلَا يلْحقهَا من عَلامَة الْفُرُوع غير التَّاء لَا عَلامَة تَثْنِيَة وَلَا جمع قَالَ تَعَالَى: {أَيُّهَ الثَّقَلاَنِ} [الرَّحْمَن: 31] {أَيُّهَ المُؤمِنُونَ} [النُّور: 31] وَحكم هَاء التَّنْبِيه الْفَتْح عِنْد أَكثر الْعَرَب ويحوز ضمهَا مَعهَا فِي لُغَة بني أَسد وَقُرِئَ فِي السَّبع: {يَا أَيُّهُ السَّاحِرُ} [الزخرف: 49] وَيَقُولُونَ يَا أيته الْمَرْأَة وَقيل: إِن هَاء التَّنْبِيه فِي يَا أَيهَا الرجل لَيست مُتَّصِلَة ب (أَي) بل مبقاة من اسْم الْإِشَارَة وَالْأَصْل يَا أَي هَذَا الرجل ف (أَي) مُنَاد لَيْسَ بموصوف وَهَذَا الرجل اسْتِئْنَاف بِتَقْدِير هُوَ لبَيَان إبهامه وَحذف (ذَا) اكْتِفَاء بهَا من دلَالَة الرجل عَلَيْهَا وَعَلِيهِ الْكُوفِيُّونَ وَقيل (أَي) مَوْصُولَة وَالْمَرْفُوع خبر لمبتدأ مَحْذُوف وَالْجُمْلَة صلَة أَي وَعَلِيهِ الْأَخْفَش ورده الْمَازِني وَابْن مَالك بِأَنَّهَا لَو كَانَت مَوْصُولَة لوصلت بالظرف وَالْمَجْرُور وَالْجُمْلَة الفعلية وَأجِيب أَن ذَلِك لَا يلْزم إِذْ لَهُ أَن يَقُول إِنَّهُم التزموا فِيهَا ضربا من الصِّلَة كَمَا التزموا فِيهَا ضربا من الصّفة على رَأْيكُمْ ورده ابْن مَالك أَيْضا بِأَنَّهُ لَو صَحَّ مَا قَالَ لجَاز ظُهُور الْمُبْتَدَأ وَأجَاب أَبُو حَيَّان بِأَن لَهُ أَن يَقُول إِنَّهُم التزموا حذفه فِي هَذَا الْبَاب لِأَن النداء بَاب حذف وَتَخْفِيف بِدَلِيل جَوَاز التَّرْخِيم فِيهِ بِخِلَاف غَيره

(2/52)


ورده الزّجاج بِأَنَّهَا لَو كَانَت مَوْصُولَة لوَجَبَ أَلا تضم لِأَنَّهُ لَا يبْنى فِي النداء مَا يُوصل لِأَن الصِّلَة من تَمَامه وَأجِيب بِأَن ذَلِك إِنَّمَا يلْزم إِذا قدرت معربة قبل النداء لَا إِذا قدرت قبله ثمَّ التزموا فِيهَا فِي النداء مَا كَانَ قبله ورده بَعضهم بِأَن أيا الموصولة لَا تكون إِلَّا مُضَافَة لفظا أَو نِيَّة وَالْإِضَافَة منتفية فِي هَذِه بوجهيها وَأجِيب بِأَن (هَا) عوضت فِيهَا من الْمُضَاف الْمَحْذُوف فجرت مجْرَاه فَكَأَنَّهَا مُضَاف
نِدَاء الْعلم الْمَوْصُوف ب (ابْن) مُتَّصِل مُضَاف إِلَى علم
(ص) مَسْأَلَة إِذا نُودي علم وصف ب (ابْن) مُتَّصِل مُضَاف لعلم قَالَ الكوفية أَو بِغَيْرِهِ جَازَ فَتحه وَفِي الأجود وَتَقْدِير فتح الْمُقدر خلف وَقد يضم الابْن اتبَاعا وَزعم الْجِرْجَانِيّ فَتحه بِنَاء وَمثله فلَان بن فلَان وضل بن ضل وَألْحق الكوفية كل مَا اتّفق فِيهِ لفظ المنادى والمضاف إِلَيْهِ وَيجب فِيهِ فِي غير النداء حذف تنوينه إِلَّا لضَرُورَة وزعمه أَبُو عَليّ مركبا ومتلوه تَابعا كمرء وَالأَصَح أَن الْوَصْف ب (ابْنة) ك (ابْن) وَفِي بنت - لَا فِي النداء - وَجْهَان (ش) إِذا كَانَ المنادى علما مَوْصُوفا ب (ابْن) مُتَّصِل مُضَاف إِلَى علم نَحْو يَا زيد بن عَمْرو جَازَ فِي المنادى مَعَ الضَّم الْفَتْح إتباعا لحركة (ابْن) إِذْ بَينهمَا سَاكن وَهُوَ حاجز غير حُصَيْن وَاخْتلف فِي الأجود فَقَالَ الْمبرد الضَّم لِأَنَّهُ الأَصْل وَقَالَ ابْن كيسَان الْفَتْح لِأَنَّهُ الْأَكْثَر فِي كَلَام الْعَرَب فَإِن كَانَ مِمَّا يقدر فِيهِ الْحَرَكَة نَحْو يَا عِيسَى بن مَرْيَم فَقَالَ ابْن مَالك يتَعَيَّن تَقْدِير الضمة وَلَا ينوى بدلهَا فَتْحة إِذْ لَا فَائِدَة فِي ذَلِك وَأَجَازَ الْفراء تَقْدِير الضمة والفتحة

(2/53)


وَلَو كَانَ المنادى غير علم نَحْو يَا غُلَام ابْن زيد أَو علما بعده (ابْن) لكنه غير صفة بل بدل أَو بَيَان أَو منادى أَو مفعول بمقدر أَو صفة لكنه غير مُتَّصِل نَحْو يَا زيد الْفَاضِل ابْن عَمْرو أَو مُتَّصِل لكنه غير مُضَاف إِلَى علم نَحْو يَا زيد ابْن أخينا أَو وصف بِغَيْر (ابْن) نَحْو يَا زيد الْكَرِيم تعين الضَّم فِي الصُّور كلهَا وَلم يجز الْفَتْح وَأَجَازَ الْكُوفِيُّونَ الْفَتْح فِي الْأَخير وَهُوَ مَا إِذا وصف بِغَيْر (ابْن) مستدلين بقوله: 687 -
(بأجْوَد مِنْك يَا عُمَرَ الجَوادا ... )
عَليّ أَن الرِّوَايَة بِفَتْح الرَّاء وعللوه بِأَن الِاسْم ونعته كالشيء الْوَاحِد فَلَمَّا طَال النَّعْت بالمنعوت حركوه بِالْفَتْح

(2/54)


وَحكي الْأَخْفَش أَن من الْعَرَب من يضم نون الابْن إتباعا لضم المنادى وَهُوَ نَظِير من قَرَأَ الحمدُ لُلَّهِ بِضَم اللَّام وَزعم الْجِرْجَانِيّ أَن فَتْحة (ابْن) بِنَاء قَالَ ابْن مَالك وَألْحق بِالْعلمِ الْمَذْكُور فِي جَوَاز الْفَتْح نَحْو (يَا فلَان بن فلَان) و (يَا ضل بن ضل) و (يَا سيد بن سيد) لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال كَالْعلمِ قَالَ أَبُو حَيَّان وَالَّذِي ذكره أَصْحَابنَا أَن الْمَسْأَلَة مَفْرُوضَة فِيمَا إِذا كَانَ المنادى والمضاف إِلَيْهِ (ابْن) غير علم لكنه مَا اتّفق فِيهِ لفظ المنادى وَلَفظ مَا أضيف إِلَيْهِ ابْن نَحْو يَا كريم بن كريم أَو ابْن الْكَرِيم وَيَا شرِيف بن شرِيف أَو ابْن الشريف وكلب بن كلب أَو ابْن الْكَلْب وَذكروا فِي ذَلِك خلافًا فالبصريون يضمون المنادى وينصبون ابْنا والكوفيون وَابْن كيسَان يجرونه مجْرى يَا زيد بن عَمْرو فِي جَوَاز الضَّم وَالْفَتْح كَمَا أجرت الْعَرَب ذَلِك فِي غير النداء فِي حذف التَّنْوِين من الْمَوْصُوف قَالَ الْكُمَيْت: 688 -
(تنَاولهَا كلبُ بنُ كَلْبٍ فأصْبَحَتْ ... )
وَقَالَ آخر:

(2/55)


689 -
(فإنّ أباكُمُ ضُلُّ بنُ ضُل ... )
وَمَا ذكره البصريون هُوَ الْقيَاس إِذْ الْأَعْلَام أقبل للتغيير من غَيرهَا انْتهى ثمَّ الصُّورَة الَّتِي يجوز فِيهَا فتح المنادى يجب فِيهَا فِي غَيره حذف تنوينه لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال والتقاء الساكنين نَحْو قَامَ زيد بن عَمْرو وَقَامَ فلَان بن فلَان بِخِلَاف غُلَام ابْن زيد أَو زيد ابْن أخينا نعم ألحق بَعضهم مَا إِذا أضيف ابْن إِلَى مُضَاف إِلَى علم نَحْو قَامَ زيد ابْن أخي عَمْرو وَشرط بَعضهم فِي الْمُضَاف إِلَيْهِ (ابْن) التَّذْكِير لأَنهم لَا ينسبوه الرجل إِلَى أمه فَلَا يحذف التَّنْوِين من مثل زيد ابْن علية وَشرط بَعضهم فِي العلمين التنكير قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ بَاطِل إِنَّمَا ذَلِك فِي (ابْن) وَإِثْبَات التَّنْوِين فِيمَا اجْتمع فِيهِ الشُّرُوط ضَرُورَة قَالَ: 690 -
(جاريَةٌ من قيس بن ثَعْلَبَهْ ... )
إِلَّا أَن يحمل على أَن (ابْن) بدل لَا صفة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَقَالَت الْيَهُود عُزَيْر ابْن الله} [التَّوْبَة: 30] فِيمَن نون (عَزِيزًا) لِأَن (ابْن) خبر وَزعم أَبُو عَليّ الْفَارِسِي أَن حذف التَّنْوِين من نَحْو قَامَ زيد بن عَمْرو للتركيب وَأَنَّهُمْ بنوا الصّفة مَعَ الْمَوْصُوف وَأَن نون (ابْن) حرف إِعْرَاب

(2/56)


وَالدَّال تَابِعَة للنون بِمَنْزِلَة الرَّاء فِي قَوْلهم هَذَا امْرُؤ وَرَأَيْت امْرأ ومررت بامرئ وَلما كَانَت الدَّال غير حرف إِعْرَاب لم ينون لِأَن التَّنْوِين لَا يكون وسطا قَالَ ابْن مَالك وَهَذَا مَرْدُود بِالْإِجْمَاع على فتح الْمَجْرُور الَّذِي لَا ينْصَرف نَحْو صلى الله على يُوسُف بن يَعْقُوب وَلَو كَانَ كَمَا قَالَ لكسروا وَإِذا كَانَ الْمَوْصُوف علما مؤنثا نعت ب (ابْنة) مُضَافا إِلَى علم فَحكمه فِي النداء من جَوَاز الْفَتْح وَفِي غَيره من وجوب حذف التَّنْوِين حكم الْمُذكر الْمَوْصُوف ب (ابْن) نَحْو يَا هِنْد ابْنة زيد وَقَامَت هِنْد ابْنة عمر وَهَذَا مَا جزم بِهِ ابْن مَالك وَغَيره وحجتهم الْقيَاس على (ابْن) وَذهب قوم إِلَى الْمَنْع لِأَن السماع إِنَّمَا ورد فِي (الابْن) وَهُوَ خُرُوج عَن الأَصْل فَلَا يُقَاس عَلَيْهِ وَفِي الْوَصْف ب (بنت) فِي غير النداء وَجْهَان رَوَاهُمَا سِيبَوَيْهٍ عَن الْعَرَب نَحْو هَذِه هِنْد بنت عَاصِم بِالتَّنْوِينِ وبحذفه لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال فَقَط وَلَيْسَ فِيهِ التقاء الساكنين الَّذِي فِي (ابْن) و (ابْنة) وَلَو كَانَ المنادى الْمُؤَنَّث مَبْنِيا فِي الأَصْل نَحْو (يَا رقاش ابْنة عَمْرو) لم تغير حَرَكَة الْبناء الْأَصْلِيَّة وَيكون فتح الإتباع تَقْديرا ذكره أَبُو حَيَّان
تكْرَار لفظ المنادى مُضَافا
(ص) وَإِذا كرر لفظ المنادى مُضَافا نَحْو يَا تيم تيم عدي نصب الثَّانِي نِدَاء أَو بإضمار أَعنِي أَو بَيَانا قَالَ ابْن مَالك أَو تَأْكِيدًا والسيرافي أَو نعتا وَضم الأول أَو نصب إِضَافَة لمتلو الثَّانِي مَعَه أَو هُوَ مقحم أَو لمثله مُقَدرا أَو مركبا أَو إتباعا أَقْوَال وَأَسْمَاء الْجِنْس والوصفان كالعلمين خلافًا للكوفية (ش) إِذا ذكرت مُنَادِي مُضَافا وكررت الْمُضَاف إِلَيْهِ فَلَا إِشْكَال نَحْو يَا تيم عدي تمّ عدي وَهُوَ توكيد مَحْض وَإِن كررت الْمُضَاف وَحده نَحْو يَا تيم تيم عدي فلك أَن تضم الأول على أَنه منادى مُفْرد وتنصب الثَّانِي على أَنه مُنَادِي مُضَاف مُسْتَأْنف أَو مَنْصُوب بإضمار أَعنِي أَو على أَنه عطف بَيَان أَو بدل زَاد ابْن مَالك أَو على أَنه توكيد

(2/57)


قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يذكرهُ أَصْحَابنَا وَهُوَ مَمْنُوع لِأَنَّهُ لَا معنوي كَمَا هُوَ وَاضح وَلَا لَفْظِي لاخْتِلَاف جهتي التَّعْرِيف لِأَن الأول معرف بالعلمية أَو النداء وَالثَّانِي بِالْإِضَافَة لِأَنَّهُ لم يضف حَتَّى سلب تَعْرِيف العلمية وَأَجَازَ السيرافي نَصبه على النَّعْت وَتَأَول فِيهِ معنى الِاشْتِقَاق وَهُوَ ضَعِيف وَلَك فِي الأول أَيْضا النصب لَكِن الضَّم أوجه وَأكْثر فِي كَلَامهم وَاخْتلف فِي وَجه النصب فَقَالَ سِيبَوَيْهٍ هُوَ على الْإِضَافَة إِلَى متلو الثَّانِي وَالثَّانِي مقحم بَين الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ وَالْأَصْل يَا تيم عدي تيمه حذف الضَّمِير من الثَّانِي وأقحم قَالُوا وَلَا يجوز الْفَصْل بَين المتضايفين بِغَيْر الظّرْف إِلَّا فِي هَذِه الْمَسْأَلَة خَاصَّة وَقَالَ الْفراء هُوَ وَالثَّانِي مَعًا مضافان إِلَى الْمَذْكُور أخذا من قَوْله (قطع الله يَد وَرجل من قَالَهَا) أَن الاسمين مضافان إِلَى من وَلم يُصَرح بِهِ هُنَا وَقَالَ الْمبرد هُوَ على نِيَّة الْإِضَافَة إِلَى مُقَدّر مثل الْمُضَاف إِلَيْهِ الثَّانِي وَالثَّانِي توكيد أَبُو بَيَان أَو بدل وَقَالَ الأعلم هُوَ على التَّرْكِيب وَفتح الأول وَالثَّانِي بِنَاء لَا إعرابا جعلا اسْما وَاحِدًا وأضيفا كَمَا قُولُوا: (مَا فعلت خَمْسَة عشرك) وَقَالَ السيرافي هُوَ على الإتباع وَالتَّخْفِيف مثل يَا زيد بن عَمْرو لِأَن الثَّانِي صفة مثل (ابْن) وَلَيْسَ دونه فِي الْكَثْرَة فَهَذِهِ خَمْسَة أَقُول وَلَا تخْتَص الْمَسْأَلَة بالعلمين عِنْد الْبَصرِيين فَيجوز النصب فِي اسْمِي الْجِنْس نَحْو يَا رجل رجل الْقَوْم وَفِي الوصفتين نَحْو يَا صَاحب صَاحب زيد وَخَالف الْكُوفِيُّونَ فأوجبوا فِي اسْمِي الْجِنْس ضم الأول وَفِي الوصفين ضمه بِلَا تَنْوِين أَو نَصبه منونا نَحْو يَا صاحبا صَاحب زيد
أَسمَاء لازمت النداء
(ص) مَسْأَلَة لزم النداء من الْأَسْمَاء (فل) و (فلة) وهما كِنَايَة عَن نكرَة وَقيل علم وَقيل ترخيم فلَان وفلانة وجر ضَرُورَة ومكرمان وملأمان ومخبثان ومكذبان وملكعان ومطيبان وملأم ولؤمان ونومان وهناه

(2/58)


والمعدول إِلَى فعل فِي سبّ مُذَكّر وفعال مَبْنِيا على الْكسر لسب مؤنث إِلَّا لضَرُورَة وَسمع رجل مكرمان وملأمان وَقدر أَبُو حَيَّان القَوْل وينقاس فعال سبا وأمرا على الْأَصَح فِي ثلاثي مُجَرّد تَامّ متصرف وقاس ابْن طَلْحَة الْأَمر من أفعل (ش) من الْأَسْمَاء أَسمَاء لازمت النداء فَلم يتَصَرَّف فِيهَا بِأَن لَا تسْتَعْمل مُبْتَدأ وَلَا فَاعِلا وَلَا مَفْعُولا وَلَا مجرورا بل لَا تسْتَعْمل إِلَّا فِي النداء وَهِي قِسْمَانِ مسموح وَمقيس فَمن المسموع فل للرجل وفلة للْمَرْأَة يُقَال يَا فل وَيَا فلة وَقد جر (فل) فِي الضَّرُورَة قَالَ: 691 -
(فِي لَجَّةٍ أَمْسِكْ فُلاناً عَن فُل ... )

(2/59)


وَاخْتلف فيهمَا فَقيل هما منقوصان من (فلَان) و (فُلَانَة) بِحَذْف الْألف وَالنُّون ترخيما وَبِه جزام ابْن مَالك وَنسبه أَبُو حَيَّان للكوفيين وَقيل هما كنايتان عَن علم من يعقل وَعَلِيهِ ابْن عُصْفُور وَصَاحب الْبَسِيط قَالَ أَبُو حَيَّان وَمذهب سِيبَوَيْهٍ أَنَّهُمَا كنايتان عَن نكرَة من يعقل بِمَعْنى يَا رجل وَيَا امْرَأَة و (فل) مِمَّا حذف مِنْهُ حرف وَبني على حرفين بِمَنْزِلَة دم وتركيبه ف - ل - ي بِدَلِيل أَنه إِذا سمي بِهِ ثمَّ صغر قيل فلي وَلَيْسَ أَصله فلَانا فَذَاك تركيبه ف - ل - ن و (فل) كِنَايَة لمنادى و (فلَان) كِنَايَة عَن اسْم سمي بِهِ الْمُحدث عَنهُ خَاص غَالب فهما مُخْتَلفا الْمَعْنى والمادة وفل الَّذِي فِي الشّعْر السَّابِق هُوَ (فلَان) صيره الشَّاعِر كَذَلِك ضَرُورَة وَلَيْسَ هُوَ الْمُخْتَص بالنداء انْتهى وَمِنْهَا (هَناه) قَالَ ابْن مَالك يُقَال للمنادى الْمُصَرّح باسمه فِي التَّذْكِير يَا هن وَيَا هنان وَيَا هنون وَفِي التَّأْنِيث يَا هنت وَيَا هنتان وَيَا هَنَات وَقد يَلِي أواخرهن مَا يَلِي أَوَاخِر الْمَنْدُوب من الْألف وهاء السكت فَيُقَال يَا هَناه بِسُكُون الْهَاء وَكسرهَا لالتقاء الساكنين وَضمّهَا تَشْبِيها بهاء الضَّمِير وَيَا هنتاه وَيَا هنانيه وَيَا هنتانيه وَيَا هنوناه وَيَا هنانوه وَمِنْهَا ملأم ولؤمان ونومان فِي نِدَاء الْكثير اللؤم وَالنَّوْم وَلَا يُقَاس عَلَيْهَا قطعا قَالَ: 692 -
(إِذا قلت: يَا نومانُ لم يَجْهَل الّذي ... أريدُ وَلم يأخُذْ بشيءٍ سوى حَجْلِي)

(2/60)


وَمِنْهَا مفعلان فِي الْمَدْح والذم ذكر الْأَكْثَر أَنه مسموع لَا يُقَاس على مَا جَاءَ مِنْهُ وَالَّذِي سمع مِنْهُ سِتَّة الفاظ مكرمان للعزيز المكرم وملأمان ومخبثان وملكعان ومطيبان ومكذبان وَذكر بعض المغاربة أَنه منقاس وَأَنه يُقَال فِي الْمُؤَنَّث بِالتَّاءِ وَحكى ابْن سَيّده: رجل مكرمان وملأمان وَامْرَأَة ملأمانة وَحكى أَبُو حَاتِم هَذَا زيد ملأمان فَمنهمْ من أجَاز اسْتِعْمَاله فِي غير النداء بقلة وَقَالَ أَبُو حَيَّان الَّذِي أذهب إِلَيْهِ فِي تَخْرِيجه أَنه على إِضْمَار القَوْل وحرف النداء وَالتَّقْدِير رجل مقول فِيهِ أَو مدعُو يَا مكرمان وَحذف القَوْل كثير وَحذف حرف النداء مُنَاسِب لحذف القَوْل وَمِنْهَا فعل المعدول فِي سبّ الْمُذكر جزم ابْن مَالك بِأَنَّهُ لَا ينقاس والمسموع مِنْهُ يَا لكع وَيَا فسق وَيَا خبث وَيَا غدر وَهِي معدولة عَن ألكع وفاسق وخبيث وغادر قَالَ أَبُو حَيَّان وأصحابنا نصوا على الْقيَاس فِيهِ وَقَالَ الْمبرد إِذا أردْت ب (فعل) مَذْهَب الْمعرفَة جَازَ أَن تبنى فِي النداء فِي كل فعل فعل وَأما حَدِيث
(لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يكون أسعد النَّاس فِي الدُّنْيَا لكع بن لكع) فَلَيْسَ هَذَا الْمُخْتَص بالنداء وَلَا معدولا لِأَنَّهُ مَصْرُوف فَهُوَ وصف كحطم وَأما قَوْله: 693 -
(شَهَادَة بَيدَيْ مِلْحادة غُدَر ... )
فضرورة

(2/61)


والمقيس فعال المعدول فِي سبّ الْمُؤَنَّث نَحْو يَا لكاع وَيَا خباث وَيَا فساق وَأما قَوْله: 694 -
(إِلَى بَيْت قَعيدَتُهُ لَكَاع ... )
فضرورة على أَنه أول بإضمار القَوْل أَو الدُّعَاء أَو حرف النداء أَي يُقَال لَهَا أَو تَدعِي يَا لكاع وَهَذَا النَّوْع مَبْنِيّ على الْكسر لمضارعته حذام من جِهَة الْعدْل والتأنيث وَالْوَزْن وينقاس فعال فِي السب بِلَا خلاف وَفِي الْأَمر وفَاقا لسيبويه وَخِلَافًا للمبرد من كل فعل ثلاثي مُجَرّد تَامّ متصرف نَحْو يَا لآم وَيَا قذار بِمَعْنى يَا لئيمة وَيَا قذرة وجلاس ونطاق وقوام بِمَعْنى اجْلِسْ وانطق وقم فَلَا يَبْنِي من غير ثلاثي وَلَا من مزِيد بل يقْتَصر فِيهِ على مَا سمع نَحْو دراك من أدْرك خلافًا لِابْنِ طَلْحَة وَلَا من نَاقص فَلَا يجوز كوان مُنْطَلقًا وَلَا بيات ساهرا بِمَعْنى كن وَبت وَلَا من جامد فَلَا يجوز وذار وَلَا وداع زيدا بِمَعْنى ذَر ودع

(2/62)


لَفْظَة (اللَّهُمَّ) فِي النداء
(ص) وَمِنْهَا اللَّهُمَّ وَالْمِيم عوض حرف النداء وَمن ثمَّ لَا تباشره فِي سَعَة خلافًا للكوفية وَمنع سِيبَوَيْهٍ وَصفه وَجوزهُ الْمبرد بمرفوع ومنصوب وشذ فِي غير نِدَاء وَحذف لامه وَقد يسْتَعْمل تمكينا للجواب ودليلا على الندرة (ش) من الْأَسْمَاء الْخَاصَّة بالنداء سَمَاعا اللَّهُمَّ وشذ اسْتِعْمَاله فِي غَيره قَالَ الْأَعْشَى: 695 -
(كَحَلْفَة من أبي ريَاح ... يَسْمَعُها لاَهُم الكبَارُ)
وشذ أَيْضا حذف (أل) مِنْهُ قَالَ: 696 -
(لاهُمّ إنْ كُنْتَ قَبلْتَ حَجَّتِجْ ... )
وَأَصله الْجَلالَة زيدت فِيهِ الْمِيم الْمُشَدّدَة عوضا من حرف النداء وَمن ثمَّ لَا يجمع بَينهمَا إِلَّا فِي الضَّرُورَة كَقَوْلِه: 697 -
(إنّي إِذا مَا حَدثٌ أَلمّا ... أَقُول: يَا اللهُمّ اللهُمّا)

(2/63)


هَذَا مَذْهَب الْبَصرِيين وَجوز الْكُوفِيُّونَ الْجمع بَينهمَا بِنَاء على رَأْيهمْ أَن الْمِيم لَيست عوضا مِنْهُ بل بَقِيَّة من جملَة محذوفة وَهِي أمنا بِخَير وَمذهب سِيبَوَيْهٍ والخليل أَن هَذَا الِاسْم وَهُوَ اللَّهُمَّ لَا يُوصف لِأَنَّهُ صَار عِنْدهم مَعَ الْمِيم بِمَنْزِلَة الصَّوْت يَعْنِي غير مُتَمَكن فِي الِاسْتِعْمَال وَقَالا فِي قَوْله: {اللَّهُمَّ فاطر السَّمَاوَات} [الزمر: 46] إِنَّه على نِدَاء آخر أَي يَا فاطر وَذهب الْمبرد والزجاج إِلَى جَوَاز وَصفه بمرفوع على اللَّفْظ ومنصوب على الْموضع وَجعلا: {فاطر} صفة لَهُ وَقَالَ أَبُو حَيَّان وَالصَّحِيح مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ لِأَنَّهُ لم يسمع فِيهِ مثل اللَّهُمَّ الرَّحِيم ارحمنا وَالْآيَة وَنَحْوهَا مُحْتَملَة للنداء قَالَ المطرزي فِي شرح المقامات وَقد يسْتَعْمل اللَّهُمَّ لغير النداء تمكينا للجواب وَمِنْه الحَدِيث:
(اللَّهُمَّ أرسلك قَالَ اللَّهُمَّ نعم) ودليلا على الندرة كَقَوْل الْعلمَاء (لَا يجوز أكل الْميتَة اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يضْطَر فَيجوز)

(2/64)