همع الهوامع في شرح جمع الجوامع الْمَنْدُوب
(ص) مَسْأَلَة الندبة إعلان المتفجع باسم من فَقده لمَوْت أَو غيبَة
وَلها (وَاو) و (يَا) مَعَ الْأَمْن وللمندوب حكم النداء وَلَا ينْدب
مُضْمر وَإِشَارَة وَكَذَا مَوْصُول إِلَّا بصلَة تعينه وَاسم جنس
مُفْرد على الصَّحِيح قَالَ السيرافي ومضاف لضمير خطاب والكوفية وَجمع
السَّلامَة (ش) الْمَنْدُوب نوع من المنادى والندبة مصدر ندب الْمَيِّت
إِذا تفجع عَلَيْهِ وَألْحق بِهِ الْغَائِب وَيخْتَص من حُرُوف النداء
بحرفين (وَا) وَهِي الأَصْل و (يَا) وَلَا تسْتَعْمل إِلَّا عِنْد أَمن
اللّبْس بالمنادى غير الْمَنْدُوب كَأَن ينْدب مَيتا اسْمه زيد وبحضرتك
من اسْمه زيد وَحكم الْمَنْدُوب حكم المنادى من نَصبه إِذا كَانَ
مُضَافا أَو شبهه نَحْو وَا عبد الله وَا ضَارِبًا عمرا وضنمه إِذا
كَانَ مُفردا نَحْو وَا زيد وتنوينه عِنْد الِاضْطِرَار نَحْو: 698 -
(وَافَقْعَساً وأَيْنَ منِّي فَقْعَسُ ... )
وَلَا ينْدب الْمُبْهم من ضمير وَاسم إِشَارَة وموصول وَاسم جنس مُفْرد
ونكرة فَلَا يُقَال وَا انتاه وَلَا وَا هذاه وَلَا وَا من ذهباه وَلَا
وَا رِجْلَاهُ لِأَن ذَلِك لَا يَقع بِهِ الْعذر للمتفجع لإبهامه
وَذَلِكَ هُوَ الْمَقْصُود بالندبة فَإِن كَانَ اسْم الْجِنْس غير
مُفْرد جَازَ نَحْو وَا غُلَام زيداه وَكَذَا إِذا كَانَ الْمَوْصُول
صلَة تعينه نَحْو وَا من حفر بِئْر زمزماه لِأَنَّهُ فِي الشُّهْرَة
كَالْعلمِ
(2/65)
وَأَجَازَ الرياشي ندبة النكرَة وَفِي
الحَدِيث:
(وَا جبلاه) وَقَالَ غَيره وَهُوَ نَادِر إِن صَحَّ وَمنع السيرافي
ندبة الْمُضَاف لضمير الْمُخَاطب كَمَا لَا يجوز نداؤه لِأَن
الْبَابَيْنِ سَوَاء قَالَ بعض المغاربة وَلم يسمع شَاهد بِخِلَاف
قَوْله وَمنع الْكُوفِيُّونَ ندبة الْجمع السَّالِم كَمَا لَا يجوز
تثنيته وَلَا جمعه لِأَن إِلْحَاق الْألف هُنَا كإلحاق الْألف
وَالْوَاو هُنَاكَ وَفرق البصريون بِأَن هَذِه الْألف لَا تغير
اللَّفْظ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ وَلَا تحدث فِيهِ شَيْئا بِخِلَاف حرفي
التَّثْنِيَة وَالْجمع (ص) وَيلْحق آخر مَا تمّ بِهِ جَوَازًا ألف يحذف
لَهَا من يَلِيهِ من تَنْوِين وَألف وَجوز الكوفية قَلبهَا وتحريك
التَّنْوِين بِفَتْح أَو كسر وَحذف همز التَّأْنِيث وَيفتح مَا لم يلبس
فتقلب بِحَسبِهِ وَجوزهُ الكوفية مُطلقًا وَفِي (يَا) و (وَا) وَيقدر
حركتهما الْفَتْح والحذف وَالأَصَح لَا يُغني عَنْهَا فَتْحة
وَأَنَّهَا تقلب مَا بعد نون مثنى وَأَنه لَا يعوض مِنْهَا تَنْوِين
وصلا وَأَنه لَا يلْحق نَعته أَو نعت أَيهَا أَو مُضَاف نَعته غير أَي
قَالَ ابْن مَالك أَو مَا آخِره ألف وهاء وَجوزهُ بَعضهم فِي بدل ونسق
ومنادى غير مَنْدُوب ويليها غَالِبا سَالِمَة أَو منقلبة هَاء سَاكِنة
لَا وصلا اخْتِيَارا خلافًا للفراء (ش) يلْحق جَوَازًا آخر مَا تمّ
بِهِ الْمَنْدُوب ألف وَلَيْسَ لحاقها يلازم وَآخر مَا تمّ بِهِ
يَشْمَل الْمُفْرد والمضاف وَشبهه والموصول والمركب ثمَّ إِن كَانَ
متلوها تنوينا أَو ألفا حذف لالتقاء الساكنين نَحْو وَا موساه وَا
غُلَام زيداه وَجوز الْكُوفِيُّونَ قلب الْألف يَاء وتحريك التَّنْوِين
بِفَتْح أَو كسر فَيُقَال وَا موسياه وَا غُلَام زيدناه أَو زيدنيه
وَإِن كَانَ همز تَأْنِيث أقرّ نَحْو وَا حمراءاه وَجوز الْكُوفِيُّونَ
حذفهَا وَإِن كَانَ حرفا محركا فتح إِن كَانَ مضموما أَو مكسورا وَأقر
إِن كَانَ مَفْتُوحًا نَحْو وَا زيداه وَا عبد الملكاه وَا رق اشاه مَا
لم يحصل لبس فتقر الْحَرَكَة وتقلب الْألف واوا إِن كَانَت ضمة وياء
إِن كَانَت كسرة كَقَوْلِك فِي (غُلَامه) و (قومُوا) مسمي بِهِ وَا
غلامهوه وَا قوموه بقلب الْألف واوا وَحذف الْوَاو الأولى لالتقائهما
سَاكِنة مَعهَا
(2/66)
وَفِي غلامك وقومي مُسَمّى بِهِ وَا
غلامكيه وَا قوميه بقلب الْألف يَاء وَحذف الْيَاء الأولى لذَلِك إِذْ
لَو بقيت الْألف وَقيل وَا غلامهاه لالتبس بالغائبة أَو وَا قوماه
لالتبس بالمثنى أَو وَا غلامكاه لالتبس بالمذكر وَأَجَازَ
الْكُوفِيُّونَ الْقلب مُطلقًا وَإِن لم يلبس فأجازوا وَا رقاشية وَا
عبد الملكية وَإِن كَانَ يَاء أَو واوا يقدر فيهمَا الْحَرَكَة جَازَ
فيهمَا الْحَذف والإبقاء محركا بِالْفَتْح كَقَوْلِك فِي غلامي وَا
غلاماه أَو وَا غلامياه وَبَقِي مسَائِل الأولى لَا يَسْتَغْنِي عَن
الْألف بالفتحة فَلَا يُقَال وَا عمر وَأَنت تُرِيدُ وَا عمراه خلافًا
للكوفيين الثَّانِيَة لَا تقلب الْألف يَاء بعد نون التَّثْنِيَة عِنْد
الْبَصرِيين بل يتَعَيَّن فتح النُّون نَحْو وَا زيداناه وَأَجَازَهُ
الْكُوفِيُّونَ وَابْن مَالك فَيُقَال وازيدانيه الثَّالِثَة ...
الرَّابِعَة لَا تحلق الْألف نعت الْمَنْدُوب عِنْد جُمْهُور
الْبَصرِيين لِأَنَّهُ مُنْفَصِل من المنعوت وَأَجَازَهُ يُونُس
والكوفيون وَابْن مَالك نَحْو وَا زيد الطويلاه وَأَجَازَ خلف لحوقها
نعت أَي نَحْو يَا أَيهَا الرجلاه وَأَجَازَ يُونُس وَابْن مَالك
لحوقها الْمَجْرُور بِإِضَافَة نَعته نَحْو: 699 -
(أَلا يَا عَمْرو عَمْراهُ ... وعَمْرُو بن الزّبيراهُ)
وَالْجُمْهُور حملُوا ذَلِك على الشذوذ وَجوز بَعضهم لحوقها الْبَدَل
وَعطف النسق الْخَامِسَة إِطْلَاق النُّحَاة يَقْتَضِي جَوَاز لحاق
الْألف بِمَا فِي آخر لَا ألف وهاء وَبِه صرح بعض المغاربة وَابْن معط
فِي (الفيته) وَابْن الْحَاجِب فَيُقَال فِي عبد الله وَا عبد اللاهاه
وَفِي جَهْجَاه واجهجاهاه وَمنعه ابْن مَالك لاستثقال ألف وهاء بعد ألف
وهاء
(2/67)
السَّادِسَة قيل قد يلْحق الْألف المنادى
غير الْمَنْدُوب كَقَوْل امْرَأَة من الْعَرَب (فَصحت يَا عمراه)
فَقَالَ (يَا لبيكاه) جزم بذلك ابْن مَالك وَغَيره وَمنعه سِيبَوَيْهٍ
السَّابِعَة تلِي الْألف فِي الْغَالِب سَالِمَة ومنقلبة يَاء أَو واوا
هَاء سَاكِنة كَمَا تقدم من الْأَمْثِلَة وَيجوز تَركهَا كَقَوْلِه:
700 -
(وَقُمْتَ فِيهِ بأمْر اللهِ يَا عُمَرَا ... )
وَلَا تثبت فِي حَال الْوَصْل إِلَّا ضَرُورَة وَأَجَازَ الْفراء
ثُبُوتهَا فِيهِ مَكْسُورَة ومضمومة
(2/68)
3 - الاستغاثة
(ص) مَسْأَلَة تجر اللَّام مَفْتُوحَة منادى مُتَعَجِّبا مِنْهُ أَو
مستغاثا بِهِ مُتَعَلقَة بِفعل النداء وَقيل بحرفه وَقيل زَائِدَة
ومكسورة المعطوفة عَلَيْهِ دون يَا والمستغاث من أَجله مُتَعَلقَة
بِفعل النداء أَو أَدْعُوك أَو مدعوا أَقْوَال وَقد تجر ب (من) أَو
يحذف أَو تليه (يَا) لحذف المستغاث بِهِ وَإِذا ولي (يَا) مَا لَا
يُنَادى إِلَّا مجَازًا جَازَ فتح اللَّام مستغاثا بِهِ وَكسرهَا
وَلَيْسَت بعض (آل) خلافًا لزاعمه وتعاقبها ألف كالندبة وَيخْتَص
الْبَاب ب (يَا) وَقل وُرُود (وَا) فِي التَّعَجُّب (ش) إِذا استغيث
المنادى أَو تعجب مِنْهُ جر بِاللَّامِ مَفْتُوحَة نَحْو يَا لله يَا
للْمَاء يَا للعجب وَمَا كَانَ منادى صَحَّ أَن يكون مستغاثا ومتعجبا
مِنْهُ وَمَا لَا فَلَا إِلَّا الْمُعَرّف بأل فَإِنَّهُ يجوز هُنَا
والاستغاثة دُعَاء المستغيث المستغاث والتعجب بالنداء على وَجْهَيْن
أَحدهمَا أَن تري أمرا عَظِيما فتنادي جنسه نَحْو ياللماء وَالْآخر أَن
ترى أمرا تستعظمه فتنادي من لَهُ نِسْبَة إِلَيْهِ أَو مكنة فِيهِ
نَحْو يَا للْعُلَمَاء وَعلة فتح لَام المستغاث الْفرق بَينه وَبَين
المستغاث من أَجله وَأجْرِي المتعجب مِنْهُ مجْرَاه لمشاركته فِي
الْمَعْنى لِأَن سببهما أَمر عَظِيم عِنْد المنادى
(2/69)
وَاخْتلف فِي هَذِه اللَّام فَقيل زَائِدَة
وَعَلِيهِ ابْن خروف وَاخْتَارَهُ أَبُو حَيَّان بِدَلِيل معاقبتها
للألف وَالأَصَح لَيست بزائدة وَعلي هَذَا فَذهب ابْن جني إِلَى
أَنَّهَا تتَعَلَّق بِحرف النداء لما فِيهِ من معنى الْفِعْل وَذهب
سِيبَوَيْهٍ إِلَى أَنَّهَا تتَعَلَّق بِالْفِعْلِ الْمُضمر
وَاخْتَارَهُ ابْن عُصْفُور وبكسر اللَّام مَعَ الْمَعْطُوف إِن لم تعد
مَعَه (يَا) نَحْو: 701 -
(لَا لَلْكُهُول ولِلشُّبّان لِلْعَجَبِ ... )
فَإِن أُعِيدَت مَعَه (يَا) فتحت نَحْو: 702 -
(يَا لَعَطّافِنَا وَيَا لَرياح ... )
(2/70)
وتكسر أَيْضا مَعَ المستغاث من أَجله
نَحْو: 703 -
(يَا لَقَوْمي لِفُرْقة الأحْبَاب ... )
وتتعلق بِفعل مُضْمر تَقْدِيره أَدْعُوك لفُلَان قَالَ ابْن عُصْفُور
قولا وَاحِدًا وَلَيْسَ كَذَلِك بل الْخلاف مَوْجُود فَقيل إِنَّهَا
تتَعَلَّق بِفعل النداء وَهُوَ بعيد وَقيل بِحَال محذوفة تَقْدِيره يَا
لزيد مدعوا لعَمْرو وَقد يجر المستغاث من أَجله ب (من) لِأَنَّهَا
تَأتي للتَّعْلِيل كاللام قَالَ: 704 -
(يَا لَلرِّجال ذَوي الألْبَاب مِنْ نَفَر ... لَا يَبْرَحُ السّفَهُ
المُرْدِي لَهُم دِينَا)
وَقد يحذف المستغاث من أَجله إِن علم كَقَوْلِه: 705 -
(فَهَل من خالدٍ إمّا هَلَكْنَا ... وَهل بِالْمَوْتِ يَا لَلّناس
عَارُ)
(2/71)
وَقد يحذف المستغاث بِهِ فتلي (يَا)
المستغاث من أَجله كَقَوْلِه: 706 -
(يَا لأُناس أَبَوْا إلاّ مُثابَرةً ... على التّوَغّل فِي بغْي
وعُدوان)
أَي يَا لقومي لِأُنَاس وَإِذا ولي (يَا) اسْم إِلَّا مجَازًا نَحْو
يَا للعجب وَيَا للدواهي جَازَ فِي اللَّام الْفَتْح على أَنه مستغاث
بِهِ أَي يَا عجب أحضر فَهَذَا وقتك وَالْكَسْر على أَنه مستغاث من
أَجله والمستغاث بِهِ مَحْذُوف وكأنك دَعَوْت غَيره تنبه على هَذَا
الشَّيْء وَزعم الْكُوفِيُّونَ أَن لَام الاستغاثة بعض (آل) وَأَن أصل
يَا فلَان يَا آل فلَان فَحذف لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال كَمَا قَالُوا
فِي أَيمن مُ وَلذَلِك صَحَّ الْوَقْف عَلَيْهَا فِي قَوْله: 707 -
(إِذا الدّاعي المثوّب قَالَ يَا لاَ ... )
(2/72)
والبصريون قَالُوا بل هِيَ لَام الْجَرّ
بِدَلِيل وُقُوع كسرهَا فِي الْعَطف وَلَو كَانَت بعض آل لم يكن لكسرها
مُوجب وَنقل الأول عَن الْكُوفِيّين ذكره ابْن مَالك وَنَازع فِيهِ
أَبُو حَيَّان بِأَن الْفراء قَالَ وَمن النَّاس من زعم كَذَا فَظَاهر
هَذِه الْعبارَة مِنْهُ أَنه لَيْسَ مَذْهَب الْكُوفِيّين ثمَّ إِنَّه
لم يقل بِهِ وَهُوَ من رُءُوسهم فَلِذَا لم أعزه فِي الْمَتْن
إِلَيْهِم بل قلت خلافًا لزاعمه وتعاقب اللَّام ألف فِي آخر المستغاث
والمتعجب مِنْهُ كالمندوب فَلَا يَجْتَمِعَانِ نَحْو يَا زيدا لعَمْرو
وتلحقها هَاء السكت وَقفا وَيظْهر من كَلَام سِيبَوَيْهٍ عَن الْخَلِيل
أَن اللَّام هِيَ الأَصْل وَيخْتَص بَاب الاستغاثة والتعجب ب (يَا) من
بَين سَائِر حُرُوف النداء وَرُبمَا وَردت (وَا) فِي التَّعَجُّب
إِنَّمَا أعرب المستغاث والمتعجب مِنْهُ مَعَ كَونه منادى وَعلة
الْبناء مَوْجُودَة فِيهِ لدُخُول اللَّام الَّتِي هِيَ من خَصَائِص
الْأَسْمَاء فَرجع إِلَى أَصله وعَلى هَذَا لَا مَوضِع وَرفع لَهُ
فينعت بِالْجَرِّ وَالنّصب وَقيل لِأَن (يَا) صَار حكمهَا فِي النداء
حكم الْعَامِل إِذْ الْبناء فيهمَا يشبه بالإعراب فَلَمَّا دخل
الْحَرْف لمعناه زَالَ عمل (يَا) لفظا وَصَارَ بِمَنْزِلَة مَا زيد
بجبان فعلى هَذَا لَهُ مَوضِع رفع فينعت بِثَلَاثَة أوجه
(2/73)
3 - التَّرْخِيم
(ص) مَسْأَلَة التَّرْخِيم حذف آخر المنادى وَلَا يرخم غَيره إِلَّا
ضَرُورَة إِن صلح لَهُ وَلَو غير علم وَذي تَاء ومعوض ومنتظر فِي
الْأَصَح وَلَا ملازم النداء ومندوب ومستغاث بِاللَّامِ قطعا وَلَا
دونهَا ومضاف ومبني غير النداء خلافًا لزاعمها (ش) التَّرْخِيم لُغَة
التسهيل وَاصْطِلَاحا حذف آخر الِاسْم باطراد فَلَا يُسمى مثل (يَد)
مرخما وَيدخل فِي الْمُنَادِي والتصغير وَالْمَقْصُود هُنَا الأول
وَهُوَ المُرَاد عِنْد الْإِطْلَاق فَلَا يرخم غير المنادى إِلَّا
لضَرُورَة بِشَرْط صلاحيته للنداء بِخِلَاف مَا لَا يصلح لَهُ كالمعرف
بأل وَسَوَاء فِي جَوَازه فِي الضَّرُورَة الْعلم وَغَيره وَذُو
التَّاء والخالي مِنْهَا والمعوض وَغَيره والمنتظر وَغَيره كَمَا جزم
بِهِ ابْن مَالك وَقَالَ بَعضهم لَا يرخم فِيهَا غير النداء إِلَى
الْعلم لِأَنَّهُ المسموع وَلَا شَاهد فِي غَيره ورد بقوله: 708 -
(لَيْسَ حَيٌّ على المَنُون بخاَل ... )
أَي بِخَالِد
(2/74)
وَقَالَ بَعضهم لَا يرخم فِي ثلاثي خَال من
التَّاء كَمَا لَا يرخم فِي النداء وَقَالَ بَعضهم إِذا رخم فِي غير
النداء عوض مِنْهُ يَاء سَاكِنة كَقَوْلِه: 709 -
(من الثّعَالِي وَوَخْزٌ مِن أَرَانيهَا ... )
وَقَالَ الْمبرد لَا يجوز التَّرْخِيم فِي غير النداء إِلَّا على
نِيَّة التَّمام كَقَوْلِه: 710 -
(طَرِيفُ بنُ مالٍ لَيْلَةَ الجُوع والخَصَرْ ... )
(2/75)
وَلَا يجوز على نِيَّة الِانْتِظَار
للمحذوف ورد بِالْقِيَاسِ على حَال النداء وبالسماع قَالَ: 711 -
(إنَّ ابْن حَارثَ إنْ أَشْتَقْ لِرُؤْيَتِهِ ... )
(2/76)
أَي ابْن حَارِثَة وَمَا ورد من ذَلِك
فِيمَا فِيهِ أل كَقَوْلِه: 712 -
(قَوَاطِناً مكّةَ من وُرْق الحَمِي ... )
أَي الْحمام فَمن الْحَذف الَّذِي هُوَ غير حذف التَّرْخِيم وَلَا يرخم
الِاسْم الملازم للنداء ذكره أَبُو حَيَّان فِي (شرح التسهيل) قَالَ
وَأما (ملأم) فَلَيْسَ ترخيم ملأمان بل بِنَاء على مفعل من اللؤم قَالَ
ونصوا أَيْضا على أَنه لَا يرخم الْمَنْدُوب الَّذِي لحقته عَلامَة
الندبة وَلَا المستغاث الَّذِي فِيهِ اللَّام قطعا وَأَجَازَ ابْن خروف
ترخيم المستغاث إِذا لم يكن فِيهِ لَام الاستغاثة كَقَوْلِه: 713 -
(أَعام لكَ بنَ صَعْصَعَةَ بن سَعْدِ ... )
(2/77)
وَقَالَ ابْن الصَّائِغ إِنَّه ضَرُورَة
وَلَا يرخم المنادى الْمُضَاف عِنْد الْبَصرِيين لِأَن الْمُضَاف
إِلَيْهِ لَيْسَ هُوَ المنادى وَلَا يرخم إِلَّا المنادى وَأَجَازَهُ
الْكُوفِيُّونَ وَابْن مَالك بِحَذْف آخر الْمُضَاف إِلَيْهِ
كَقَوْلِه: 714 -
(خذو حَظّكم يَا آلَ عِكْرمَ واذْكُروا ... )
فِي أَبْيَات آخر وَأجَاب سِيبَوَيْهٍ بِأَنَّهَا ضَرُورَة قَالَ ابو
حَيَّان وَلَو ذهب ذَاهِب إِلَى جَوَاز ذَلِك إِذا كَانَ آخر الْمُضَاف
إِلَيْهِ تَاء التَّأْنِيث وقوفا مَعَ الْوَارِد وَمنعه إِذا كَانَ
غَيرهَا لَكَانَ مذهبا وَلَا يرخم الْمَبْنِيّ لسَبَب غير النداء كباب
حذام
(2/78)
ترخيم ذِي التَّاء
(ص) ويرخم ذُو التَّاء مُطلقًا خلافًا لِابْنِ عُصْفُور فِي نَحْو
صلمعة بن قلمعة وللمبرد فِي النكرَة مُطلقًا إِلَّا (فلة) وَغَيره إِن
كَانَ علما قيل أَو نكرَة مَقْصُودَة زائدين على ثَلَاثَة قيل أَو
ثلاثيا محرك الْوسط قيل أَو سَاكِنة (ش) مَا فِيهِ تَاء التَّأْنِيث
لَا يشْتَرط فِي ترخيمه علمية وَلَا زِيَادَة على الثَّلَاثَة بل يرخم
وَإِن كَانَ ثنائيا غير علم كَقَوْل بعض الْعَرَب يَا شا ارجني يُرِيد
يَا شَاة أقيمي وَلَا تسرحي وَقَالَ أَبُو حَيَّان وَيسْتَثْنى (فلة)
الْخَاص بالنداء فَإِنَّهُ لَا يجوز ترخيمه وَإِن كَانَ مؤنثا
بِالْهَاءِ ثمَّ إِن كَانَ الْمُؤَنَّث بِالْهَاءِ علما فَلَا خلاف فِي
ترخيمه كَقَوْلِك فِي (هبة) مُسَمّى بِهِ يَا هَب أقبل وَإِن كَانَ
نكرَة مَقْصُودَة فَفِيهِ خلاف ذهب الْمبرد إِلَى أَنه لَا يجوز
ترخيمها ورده الْجُمْهُور بِنَحْوِ قَوْله: 715 -
(يَا نَاقُ سيري عَنَقاً فَسيحا ... )
وَفِي البديع لَا يُجِيز الْمبرد ترخيم النكرَة الْعَامَّة نَحْو
شَجَرَة ونخلة وَإِنَّمَا يرخم مِنْهَا مَا كَانَ مَقْصُودا وَهُوَ
خلاف مَا حَكَاهُ غَيره فَلِذَا قلت مُطلقًا
(2/79)
وَزعم ابْن عُصْفُور أَنه لَا يجوز ترخيم
صلمعة بن قلمعة لِأَنَّهُ كِنَايَة عَن الْمَجْهُول الَّذِي لَا يعرف
قَالَ الشَّاعِر: 716 -
(أصَلْمَعَة بْنَ قَلْمَعَة بن فَقْع ... لهنّك لَا أبَا لكَ
تَزْدَرينِي)
قَالَ أَبُو حَيَّان وَإِطْلَاق النَّحْوِيين يُخَالِفهُ وَأَيْضًا
وَإِن كَانَ كِنَايَة عَن مَجْهُول فَإِنَّهُ علم أَلا تري أَنهم
منعُوهُ الصّرْف للعلمية والتأنيث فَحكمه حكم أُسَامَة للأسد والعاري
من تَاء التَّأْنِيث إِنَّمَا يرخم بِشَرْطَيْنِ أَن يكون علما
بِخِلَاف اسْم الْجِنْس وَالْإِشَارَة والموصول وَأَن يكون زَائِدا على
ثَلَاثَة فَلَا يرخم الثلاثي وَذهب بَعضهم إِلَى جَوَاز ترخيم النكرَة
الْمَقْصُودَة لِأَنَّهَا فِي معنى الْمعرفَة وَلذَلِك نعت بهَا
فَأجَاز فِي غضنفر يَا غضنف وَاسْتدلَّ بِنَا ورد من قَوْلهم أطرق كرا
أَي كروان وَيَا صَاح أَي يَا صَاحب وَالْجُمْهُور جعلُوا ذَلِك شاذا
وَذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَّا الْكسَائي إِلَى جَوَاز ترخيم الثلاثي
بِشَرْط أَن يكون محرك الْوسط فَيُقَال فِي حكم يَا حك وَهَذَا لم يرد
بِهِ سَماع وَلَا يقبله قِيَاس
(2/80)
وَنقل ابْن بابشاذ أَن الْأَخْفَش وَافق
الْكُوفِيّين على ذَلِك قَالَ ابْن عُصْفُور فَإِن كَانَ الثلاثي سَاكن
الْوسط كهند وَعَمْرو لم يجز قولا وَاحِدًا أما عِنْد أهل الْبَصْرَة
فَلِأَن أقل مَا يبْقى عَلَيْهِ الِاسْم بعد التَّرْخِيم ثَلَاثَة أحرف
وَأما عِنْد أهل الْكُوفَة فلئلا يبْقى على حرفين ثَانِيهمَا سَاكن
فَيُشبه الأدوات نَحْو من وَعَن قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَيْسَ كَمَا
ذكر بل الْخلاف فِيهِ مَوْجُود وَحكى أَبُو الْبَقَاء العكبري فِي كتاب
التَّبْيِين أَن بعض الْكُوفِيّين أَجَازُوا ترخيمه وَنَقله ابْن
هِشَام الخضراوي عَن الْأَخْفَش فَقَالَ مَا نَصه أجَاز الْفراء
وَجَمَاعَة ترخيم الثلاثي المتحرك الْوسط وَأَجَازَ أَبُو الْحسن وَحده
ترخيم السَّاكِن الْوسط من الثلاثي (ص) ويرخم المزج بِحَذْف ثَانِيَة
وَقيل إِنَّمَا يحذف حرف أَو حرفان وَقيل الْهَاء فَقَط من ذِي (ويه)
وَمن اثْنَي عشر وفرعه الْألف أَيْضا وَمنع سِيبَوَيْهٍ ترخيم
الْجُمْلَة وَأَبُو حَيَّان المزج وَأكْثر الكوفية ذَا (ويه) وَالْفراء
مركب الْعدَد علما والجرمي علم الْكِنَايَة والكوفية الْمُسَمّى بِهِ
من تَثْنِيَة وَجمع (ش) فِيهِ مسَائِل الأولى اخْتلف فِي ترخيم الْعلم
الْمركب تركيب مزج فالجمهور على جَوَازه مُطلقًا وَمنع أَكثر
الْكُوفِيّين ترخيم مَا آخِره (ويه) وَقَالَ أَبُو حَيَّان الَّذِي
أذهب إِلَيْهِ أَنه لَا يجوز ترخيم الْمركب تركيب مزج لِأَن فِيهِ
ثَلَاث لُغَات الْبناء وَيَنْبَغِي أَلا يرخم على هَذِه لِأَنَّهُ
مَبْنِيّ لَا بِسَبَب النداء كحذام وَالْإِضَافَة وَقد منع البصريون
ترخيم الْمُضَاف وَمنع الصّرْف وَيَنْبَغِي أَلا يجوز ترخيمه لِأَنَّهُ
لم يحفظ عَن الْعَرَب فِي شَيْء من كَلَامهم وَأما قَوْله: 717 -
(أقاتلي الحجّاجُ إِن لم أَزُرْ لَهُ ... دَرَابِ وأَتْرُكْ عِنْد
هِنْدٍ فُؤادِيَا)
(2/81)
يُرِيد (درابجرد) فَهَذَا من التَّرْخِيم
فِي غير النداء للضَّرُورَة وَهُوَ شَاذ نَادِر لَا تبنى عَلَيْهِ
الْقَوَاعِد قَالَ وَلم تعتمد النُّحَاة فِي ترخيمه على سَماع إِنَّمَا
قَالُوهُ بِالْقِيَاسِ من جِهَة أَن الِاسْم الثَّانِي مِنْهُ يشبه
تَاء التَّأْنِيث فعومل معاملتها بالحذف على التَّرْخِيم قَالَ ولكونه
غير مسموع اخْتلفُوا فِي كَيْفيَّة ترخيمه فَقَالَ البصريون كلهم
بِحَذْف الثَّانِي مِنْهُ فَيُقَال فِي حَضرمَوْت وَخَمْسَة عشر
وسيبويه يَا حضر وَيَا خَمْسَة وَيَا سيب وَمنع ذَلِك ابْن كيسَان
لِأَنَّهُ يلتبس بالمفردات وَقَالَ يحذف مِنْهُ حرف أَو حرفان فَيُقَال
يَا حضرم فِي حَضرمَوْت وَيَا بعلب فِي بعلبك لِأَن ذَلِك أدل على
الْمَحْذُوف من حذف الثَّانِي بأسره وَأجَاب الْأَولونَ عَن اللّبْس
بِأَنَّهُ يَزُول بالانتظار فَيتَعَيَّن إِذا خيف وَقَالَ الْفراء
فِيمَا آخِره (ويه) لَا يحذف مِنْهُ إِلَّا الْهَاء خَاصَّة ثمَّ تقلب
الْيَاء ألفا فَيُقَال فِي سِيبَوَيْهٍ يَا سيبوا الثَّانِيَة إِذا سمي
بِاثْنَيْ عشر واثنتي عشرَة رخم بِحَذْف الْعَجز وتحذف مَعَه الْألف
أَيْضا فَيُقَال يَا اثن وَيَا اثنة كَمَا يُقَال فِي ترخيمهما لَو لم
يركبا وَهَذَا بِنَاء على أَن الْمركب من الْعدَد إِذا سمي بِهِ يجوز
ترخيمه وَهُوَ مَذْهَب الْبَصرِيين وَمنع مِنْهُ الْفراء الثَّالِثَة
مَا سمي بِهِ من الْجُمْلَة كتأبط شرا فِي ترخيمه خلاف فَذهب أَكثر
النَّحْوِيين إِلَى الْمَنْع وَابْن مَالك إِلَى الْجَوَاز وَنَقله عَن
سِيبَوَيْهٍ فَيُقَال يَا تأبط بِحَذْف الثَّانِي وَقَالَ أَبُو
حَيَّان هَذَا النَّقْل عَن سِيبَوَيْهٍ خطأ فَإِن سِيبَوَيْهٍ نَص على
الْمَنْع وَقد سقت عِبَارَته فِي النكت الَّتِي لي على (الألفية) وَمَا
ضم إِلَيْهَا الرَّابِعَة لَا يسْتَثْنى من الْعلم الْمُفْرد شَيْء
عِنْد الْجُمْهُور وَاسْتثنى الْجرْمِي مَسْأَلَة طامر بن طامر
كِنَايَة عَمَّن لَا يعرف وَلَا يعرف أَبوهُ فَلم يجز ترخيمه لِأَنَّهُ
كِنَايَة عَن اسْمه ورد بِأَنَّهُم رخموا فلَانا سمع يَا فَلَا تعال
وَهُوَ أَيْضا كِنَايَة
(2/82)
وَأجِيب بِأَن فلَانا كِنَايَة عَن
الْأَعْلَام فرخم كَمَا يرخم الْعلم وطامر بن طامر كِنَايَة عَن
مَجْهُول لَا عَن علم وَاسْتثنى الْكُوفِيُّونَ مَا سمي بِهِ من مثنى
وَجمع تَصْحِيح فمنعوا ترخيمه والبصريون جوزوه بِحَذْف الْعَلامَة
وَالنُّون
مَا يحذف مَعَ الْحَرْف الْأَخير
(ص) ويحذف مَعَ الآخر متلوه لينًا سَاكِنا زَائِدا قبله أَكثر من حرفين
وحركة تجانسه وَجوز الْجرْمِي حذف تالي الْفَتْح والأخفش المقلوب عَن
أصل وَالْفراء السَّاكِن الصَّحِيح ولين بعد حرفين وَقيل إِن كَانَ
واوا وَقوم المدغم والكوفية يَا فعلايا وَالْألف قبلهَا ويحذف زائدان
زيدا مَعًا مَا لم يبْق على حرفين وَكَذَا إِن حرك أَولهمَا على
الْمَشْهُور أما متلو الْهَاء فَمَنعه الْأَكْثَر وَجوزهُ سِيبَوَيْهٍ
إِن بَقِي ثَلَاثَة وَلم ينْتَظر وَقَالَ أَبُو حَيَّان يجوزان
وَالتّرْك أَكثر (ش) تقدم أَن التَّرْخِيم حذف الآخر ويحذف مَعَ الآخر
أَيْضا مَا قبله من حرف لين سَاكن زيد قبله أَكثر من حرفين وحركة
تجانسه سَوَاء كَانَ الآخر صَحِيحا أَصْلِيًّا أم زَائِدا أم حرف عِلّة
بِشَرْط أَلا يكون هَاء تَأْنِيث فَيُقَال فِي مَنْصُور ومسكين ومروان
وَأَسْمَاء وزيدان وزيدون وهندات أعلاما يَا منص وَيَا مسك وَيَا مرو
وَيَا أسم وَيَا زيد وَيَا هِنْد فَإِن اخْتَلَّ شَرط مِمَّا ذكر لم
يحذف مَا قبل الآخر فَلَا يحذف إِن كَانَ صَحِيحا كجعفر وَلَا لينًا
متحركا كقنور وهبيخ وَلَا أَصْلِيًّا كمختار ومنقاد فَإِن ألفهما
منقلبة عَن يَاء وواو خلافًا للأخفش حَيْثُ جوز الْحَذف فِي هَذِه
الصُّورَة فَيُقَال يَا مخت وَيَا منق وَلَا مَا قبله حرفان فَقَط
كعماد وَثَمُود وَسَعِيد لِئَلَّا
(2/83)
يشبه الِاسْم بِبَقَائِهِ على حرفين
الأدوات إِذْ لَيْسَ فِي الْأَسْمَاء المتمكنة مَا آخِره سَاكن خلافًا
للفراء حَيْثُ جوز الْحَذف فِيهِ فَيُقَال يَا عَم وَيَا ثمَّ وَيَا سع
وَقيل إِنَّمَا قَالَ الْفراء بالحذف فِي ثَمُود فَقَط فِرَارًا من
بَقَاء آخر الِاسْم واوا بعد ضمة وَوَافَقَ الْبَصرِيين فِي عماد
وَسَعِيد لانْتِفَاء ذَلِك وَجوز أَيْضا حذف مَا قبل الآخر من سَاكن
صَحِيح قبله حرفان فَقَط كهرقل فَقيل يَا هر قَالَ لِأَنَّهُ لَو بَقِي
السَّاكِن أشبه الأدوات إِذْ لَيْسَ فِي الْأَسْمَاء المتمكنة مَا
آخِره سَاكن ورد بِأَنَّهُ على لُغَة التَّمام لَا يشبهها وَعلي
الِانْتِظَار الْمَحْذُوف مُرَاد وَجوز آخَرُونَ حذف السَّاكِن
الصَّحِيح إِن كَانَ مدغما كقرشب لِأَنَّهُ فِي قُوَّة حرف وَاحِد
وَلَا مَا قبله حَرَكَة لَا تجانسه كغرنيق وفردوس خلافًا للفراء
والجرمي حَيْثُ جوزوا الْحَذف فِيهِ فَيُقَال يَا غرن وَيَا فَرد وَلَا
مَا قبل هَاء التَّأْنِيث كسعلاة ومَيْمُونَة عِنْد الْأَكْثَرين
وَأَجَازَ سِيبَوَيْهٍ حذفه إِن بَقِي بعده ثَلَاثَة أحرف فَصَاعِدا
وَلم ينْتَظر الْمَحْذُوف قَالَ أَبُو حَيَّان وَالصَّحِيح مَذْهَب
سِيبَوَيْهٍ وَبِه ورد السماع قَالَ: 718 -
(أحار بْنَ بدر قد وَلِيتَ ولَايَة ... )
(2/84)
يُرِيد حَارِثَة بن بدر وَقَالَ: 719 -
(يَا أرْطَ إنّك فاعِلٌ مَا قُلْتَهُ ... )
يُرِيد يَا أَرْطَاة وَقَالَ: 720 -
(أَنَّك يَا مُعَاو يَا بْنَ الأفْضَل ... )
(2/85)
يُرِيد يَا مُعَاوِيَة وَيَا بن الْأَفْضَل
منادى ثَان لِأَن بعض المنشدين لَهُ من الْعَرَب كَانَ يقطع عِنْد
قَوْله يَا معاو ثمَّ يَبْتَدِئ يَا بن الْأَفْضَل ثمَّ قَالَ أَبُو
حَيَّان وَالْوَجْه أَن فِي ذِي التَّاء الَّذِي هُوَ على أَكثر من
أَرْبَعَة أحرف وَجْهَيْن أَحدهمَا وَهُوَ الشَّائِع الْكثير ترخيمه
بِحَذْف التَّاء فَقَط وَالثَّانِي وَهُوَ قَلِيل ترخيمه بِحَذْف
التَّاء وَمَا يَليهَا وَمَا فِيهِ زائدتان زيدا مَعًا يحذفان وَذَلِكَ
ألفا التَّأْنِيث كحمراء وَالْألف وَالنُّون فِي نَحْو سَكرَان وعلامة
التَّثْنِيَة والجمعين كَمَا تقدم وياء النّسَب كطائفي وَالْوَاو
وَالتَّاء فِي ملكوت ورهبوت وَله ثَلَاثَة شُرُوط الأول كَون زيادتهما
مَعًا كَمَا ذكر فَلَو لم يزادا مَعًا كعلباء لم يحذفا لِأَن الأولى
زيدت لتلحق مَا زيدت الْأُخْرَى لَهُ وَهُوَ فعلل بِبِنَاء سرداح
وزلزال وَكَذَلِكَ حولايا وبردرايا لَا يحذفان لِأَنَّهُمَا لم يزادا
مَعًا بل الْأَخِيرَة جَاءَت للتأنيث بعد مَا كَانَت الأولى للإلحاق
(2/86)
الثَّانِي أَن يبقي الِاسْم على ثَلَاثَة
فَإِن بَقِي على أقل لم يحذفا كيدان أَو بنُون علما الثَّالِث أَن يكون
أول الزيادتين سَاكِنا فَإِن كَانَ متحركا لم يحذفا كفرتني وَمن
النَّحْوِيين من يحذفهما مَعًا وَمَا آخِره ثَلَاث زَوَائِد مِمَّا قبل
آخِره حرف عِلّة كحولايا وبردرايا لَا يحذف مِنْهُ إِلَّا الْأَخير
فَقَط عِنْد الْبَصرِيين وَجوز الكوفية حذف الثَّلَاثَة قَالَ أَبُو
حَيَّان قِيَاس قَوْلهم يَقْتَضِي حذف الثَّلَاثَة فِي رغبوتي ورهبوتي
لُغَة الِانْتِظَار ولغة ترك الِانْتِظَار فِي المرخم
(ص) مَسْأَلَة الأجود انْتِظَار الْمَحْذُوف فَلَا يُغير إِلَّا بتحريك
مَا كَانَ مدغما إِن تَلا ألفا قيل أَولا بِمَا كَانَ لَهُ لَا
أُصَلِّي السّكُون فيفتحه على الْأَصَح وَثَالِثهَا يحذف كل سَاكن
يبْقى قَالَ الْأَكْثَر وَألا يرد مَا زَالَ سَبَب حذفه وَيتَعَيَّن
الِانْتِظَار فِي ذِي التَّاء إِن ألبس وَقيل مُطلقًا وَقيل لَا
يشْتَرط اللّبْس فِي الْأَعْلَام وَفِيمَا يُؤَدِّي إِلَى عدم نَظِير
على الْأَصَح وَيُعْطى آخر مَا لم ينْتَظر مَا اسْتَحَقَّه لَو تمم
بِهِ وضعا وَيرد ثَالِث ثنائي ذِي لين ويضعف ثَانِيَة إِن جهل وعينه
الكوفية فِيمَا قبل آخِره سَاكن
(2/87)
(ش) فِي المرخم لُغَتَانِ الِانْتِظَار
وَهُوَ نِيَّة الْمَحْذُوف وَترك الِانْتِظَار وَهُوَ عدم نِيَّته
وَالْأول أَكثر اسْتِعْمَالا وأقواهما فِي النَّحْو وَجَاء عَلَيْهِ
مَا قرئَ {وَنَادَوْا يَا مَال} [الزخرف: 77] وَقَول زُهَيْر: 721 -
(يَا حَار لَا أُرْمَيْن مِنْكُم بداهِيَةٍ ... )
وَجَاء على الثَّانِي: 722 -
(يَدْعُون عَنْتَرُ والرِّماحُ كأنّها ... )
(2/88)
ثمَّ إِذا انْتظر فَلَا يُغير مَا بَقِي بل
يبقي على حركته وسكونه فَيُقَال يَا جعف وَيَا هرق وَلَا يعل فَيُقَال
فِي ثَمُود وعلاوة وسقاية يَا ثمو وَيَا علاو وَيَا سقاي إِلَّا بأمرين
أَحدهمَا تَحْرِيك مَا كَانَ سَاكِنا للإدغام إِن كَانَ قبله ألف
كاحمار ومحمار علمين فِرَارًا من التقاء الساكنين بِخِلَاف مَا قبله
غير ألف كحدب ومحمر فَإِنَّهُ يبقي على سكونه خلافًا للفراء فِي قَوْله
بتحريكه أَيْضا وَحَيْثُ حرك على رَأْي النَّاس أَو على رَأْيه
فبالحركة الأولى الَّتِي كَانَت لَهُ فِي الأَصْل فيحرك فِي احمار
بِالْفَتْح وَفِي محمار ومحمر بِالْكَسْرِ فَإِن لم تكن لَهُ حَرَكَة
فِي الأَصْل كأسحار نبت فبالفتح لِأَنَّهُ أقرب الحركات وَقيل
بِالْكَسْرِ على أصل التقاء الساكنين نَقله ابْن عُصْفُور عَن الْفراء
وَقيل يسْقط كل سَاكن يبقي بعد الآخر حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى متحرك
فَيُقَال يَا أسح نَقله صَاحب رُءُوس الْمسَائِل عَن الْفراء الثَّانِي
أَن يكون مَا قبل آخر الِاسْم قد حذف لواو جمع كقاضون ومصطفون علمين
فَإِن الْيَاء وَالْألف حذفتا لملاقاة الْوَاو فَإِذا رخم بِحَذْف
الْوَاو مَعَ النُّون ردَّتْ الْيَاء وَالْألف لزوَال الْمُوجب للحذف
فَيُقَال يَا قَاضِي وَيَا مصطفى هَذَا مَذْهَب أَكثر النَّحْوِيين
وقاسوه على رد مَا
(2/89)
حذف لنون التوكيد الْخَفِيفَة عِنْد ذهابها
فِي الْوَقْف وَعلي رد مَا حذف للإضافة عِنْد حذف الْمُضَاف إِلَيْهِ
وَخَالفهُم ابْن مَالك وَقَالَ لَا يرد هُنَا فَيُقَال يَا قَاض وَيَا
مصطف وَإِلَّا لزم رد كل مغير بِسَبَب إِزَالَة التَّرْخِيم إِلَى مَا
كَانَ يسْتَحقّهُ وَيتَعَيَّن الِانْتِظَار فِي موضِعين أَحدهمَا مَا
فِيهِ تَاء التَّأْنِيث إِذا خيف التباسه بالمذكر كعمرة وضخمة وعادلة
وقائمة إِذْ التَّمام فِيهِ يُوهم أَن المنادى مُذَكّر هَكَذَا جزم
بِهِ ابْن مَالك وَأطلق صَاحب رُءُوس الْمسَائِل الْمَنْع من غير
اعْتِبَار لبس الْبَتَّةَ قَالَ أَبُو حَيَّان وَفصل شُيُوخنَا فَلم
يعتبروا اللّبْس فِي الْأَعْلَام واعتبروا فِي الصِّفَات قَالَ وَهُوَ
الَّذِي دلّ عَلَيْهِ كَلَام سِيبَوَيْهٍ الثَّانِي مَا يلْزم
بِتَقْدِير تَمام الْأَدَاء إِلَى عدم النظير كَمَا لَو رخم (طيلسان)
بِكَسْر اللَّام فَإِنَّهُ لَو قدر تَاما لزم وجود فيعل بِكَسْر الْعين
فِي الصَّحِيح الْعين وَهُوَ بِنَاء مهمل كَذَا جزم بِهِ ابْن مَالك
قَالَ أَبُو حَيَّان هَذَا مَذْهَب الْأَخْفَش وَأما سَائِر
النَّحْوِيين كالسيرافي وَغَيره فَإِنَّهُم أَجَازُوا فِيهِ التَّمام
وَلم يعتبروا مَا يَئُول إِلَيْهِ الِاسْم بعد التَّرْخِيم من ذَلِك
لِأَن الأوزان إِنَّمَا يعْتَبر فِيهَا الأَصْل لَا مَا صَارَت
إِلَيْهِ بعد الْحَذف وَإِذا ترك الِانْتِظَار أعطي آخر الِاسْم مَا
يسْتَحقّهُ لَو تمم بِهِ وضعا فيضم ظَاهرا إِن كَانَ صَحِيحا فَيُقَال
يَا حَار وَيَا جعف وَيَا هرق وتقدر فِيهِ الضمة إِن كَانَ مُعْتَلًّا
كَقَوْلِك فِي نجاية يَا نَاجِي بِسُكُون الْيَاء ويعل بِالْقَلْبِ أَو
الْإِبْدَال كَقَوْلِك فِي ثَمُود يَا ثمي بقلب الْوَاو يَاء إِذْ
لَيْسَ فِي الْأَسْمَاء المتمكنة مَا آخِره وَاو قبلاه ضمة وَفِي علاوة
وسقاية يَا عَلَاء وَيَا سقاء بإبدال الْوَاو وَالْيَاء همزَة لوقوعهما
آخرا إِثْر ألف زَائِدَة وَفِي قطوان (يَا قطا) بقلب الْوَاو ألفا
لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا وَإِن كَانَ ثنائيا ذَا لين ضعف إِن لم
يعلم لَهُ ثَالِث ك (لات)
(2/90)
مسمي بِهِ إِذا رخمته حذفت التَّاء وضعفت
الْألف فحركت الثَّانِيَة فَانْقَلَبت همزَة فَقيل يَا لاء وَإِن علم
ثَالِثَة جِيءَ بِهِ ك (ذَات) علما يرخم بِحَذْف التَّاء وَيرد
الْمَحْذُوف وَهُوَ الْوَاو لِأَن أَصله ذَوَات وَلذَا قيل فِي
التَّثْنِيَة ذواتا فَيُقَال يَا ذَوا وَلَا تتَعَيَّن لُغَة التَّمام
عِنْد الْبَصرِيين فِي شَيْء من الْأَسْمَاء وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ
تتَعَيَّن فِيمَا إِذا كَانَ قبل الآخر سَاكن كهرقل فِرَارًا من وجود
اسْم مُتَمَكن سَاكن الآخر (ص) وَجوز الْأَكْثَر زِيَادَة التَّاء
مَفْتُوحَة فِيمَا حذفت مِنْهُ وَقوم الْألف الممدودة وَيقف على المرخم
بِحَذْف الْهَاء غَالِبا بهاء سَاكِنة وَهِي المحذوفة أَو للسكت خلف
ويعوضمنها ألف الْإِطْلَاق ضَرُورَة (ش) فِيهِ مَسْأَلَتَانِ الأولى
سمع من كَلَام الْعَرَب مثل يَا عَائِشَة بِفَتْح التَّاء قَالَ
النَّابِغَة: 723 -
(كِلِينِي لِهَمُّ يَا أُمَيْمَةَ نَاصِبِ ... )
الرِّوَايَة بِفَتْح أُمَيْمَة فَاخْتلف النُّحَاة فِي تَخْرِيج ذَلِك
فَقَالَ ابْن كيسَان هُوَ مرخم وَهَذِه التَّاء هِيَ المبدلة من هَاء
التَّأْنِيث الَّتِي تلْحق فِي الْوَقْف أثبتها فِي الْوَصْل إِجْرَاء
لَهُ مجري الْوَقْف وألزمها الْفَتْح إتباعا لحركة آخر المرخم المنتظر
(2/91)
وَذهب قوم مِنْهُم الْفَارِسِي إِلَى
أَنَّهَا أقحمت سَاكِنة بَين حرف آخر المرخم وحركته فحركت بحركته
ودعاهم إِلَى الْقَوْم بزيادتها حَشْوًا أَنَّهَا لَو دخلت بعد
الْحَرْف وحركته لَكَانَ الِاسْم قد كمل وَوَجَب بِنَاؤُه على الضَّم
وَذهب آخَرُونَ مِنْهُم سِيبَوَيْهٍ إِلَى أَن التَّاء زيدت آخرا
لبَيَان أَنَّهَا الَّتِي حذفت فِي التَّرْخِيم وحركت بِالْفَتْح
إتباعا وَعلي هَذِه الْأَقْوَال الِاسْم مرخم وَقيل إِنَّه غير مرخم
وَالتَّاء غير زَائِدَة بل هِيَ تَاء الْكَلِمَة حركت بِالْفَتْح
إتباعا لحركة مَا قبلهَا وَالِاسْم مَبْنِيّ على الضَّم تَقْديرا كَمَا
أَن الأول من يَا زيد بن عَمْرو كَذَلِك وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ ابْن
مَالك فِي (شرح التسهيل) بعد جزمه بقول سِيبَوَيْهٍ فِي (التسهيل)
وَاخْتَارَهُ أَيْضا ابْن طَلْحَة وَألْحق قوم فِي جَوَاز الْفَتْح
بِذِي الْهَاء ذَا الْألف الممدودة فَأجَاز أَن يُقَال يَا عفراء
هَلُمِّي بِالْفَتْح قَالَ ابْن مَالك وَهَذَا لَا يَصح لِأَنَّهُ غير
مسموع وَقِيَاسه على ذِي التَّاء قِيَاس على مَا خرج من الْقَوَاعِد
الثَّانِيَة لَا يسْتَغْنى غَالِبا عَن التَّاء فِي الْوَقْف على
المرخم بِحَذْف التَّاء عَن هَاء سَاكِنة فَيُقَال فِي الْوَقْف على
مثل يَا طلح يَا طلحه وندر تَركهَا حُكيَ سِيبَوَيْهٍ يَا حرمل فِي
الْوَقْف يُرِيد يَا حَرْمَلَه قَالَ ابْن عُصْفُور وَهَذَا يسمع وَلَا
يُقَاس عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو حَيَّان بل يُقَاس عَلَيْهِ لِأَنَّهُ
لَيْسَ فِي ضَرُورَة شعر لكنه قَلِيل وَإِذا وقف بهَا فَهَل هِيَ
الَّتِي كَانَت فِي الِاسْم قبل ترخيمه أُعِيدَت فِي الْوَقْف سَاكِنة
مَقْلُوبَة هَاء أَو هِيَ غَيرهَا وَهِي هَاء السكت المزيدة فِي
الْوَقْف خلاف جزم ابْن مَالك بِالْأولِ قَالَ أَبُو حَيَّان
(2/92)
وَحَاصِله أَن التَّرْخِيم لَا يكون إِلَّا
فِي الْوَصْل فَإِذا وقفُوا فَلَا ترخيم قَالَ وَظَاهر كَلَام
سِيبَوَيْهٍ الثَّانِي قَالَ وَمحل زيادتها مَا إِذا رخم على لُغَة
الِانْتِظَار أما إِذا رخم على لُغَة التَّمام فَلَا لِأَنَّهُ نقص لما
اعتمدوا عَلَيْهِ من جعله اسْما تَاما حِين بنوه على الضَّم وَقد
يَجْعَل بدل الْهَاء ألف الْإِطْلَاق عوضا مِنْهَا فِي الضَّرُورَة
قَالَ: 724 -
(قِفي قبل التّفَرُّق يَا ضَبَاعا ... )
ذكره ابْن عُصْفُور وَغَيره وَنَصّ عَلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ فَقَالَ
وَاعْلَم أَن الشُّعَرَاء إِذا اضطروا حذفوا هَذِه الْهَاء فِي
الْوَقْف وَذَلِكَ لأَنهم يجْعَلُونَ الْمدَّة الَّتِي تلْحق القوافي
بَدَلا مِنْهَا
(2/93)
الْمَفْعُول الْمُطلق
(ص) الْمَفْعُول الْمُطلق هُوَ الْمصدر وَقيل يخْتَص بِمَا فعله عَام
وَقيل أَعم مِنْهُ (ش) إِنَّمَا سمي مَفْعُولا مُطلقًا لِأَنَّهُ لم
يُقيد بِحرف جر كالمفعول بِهِ وَله وَفِيه وَمَعَهُ والمصدر هُوَ
الْمَفْعُول حَقِيقَة لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يحدثه الْفَاعِل وَأما
الْمَفْعُول بِهِ فَمحل الْفِعْل وَالزَّمَان وَقلت يَقع فِيهِ
الْفِعْل وَالْمَكَان مَحل الْفَاعِل وَالْمَفْعُول وَالْفِعْل
وَالْمَفْعُول لَهُ عِلّة وجود الْفِعْل وَالْمَفْعُول مَعَه مصاحب
للْفَاعِل أَو الْمَفْعُول قَالَ أَبُو حَيَّان تَسْمِيَة مَا انتصب
مصدرات مَفْعُولا مُطلقًا هُوَ قَول النَّحْوِيين إِلَّا مَا ذكره
صَاحب الْبَسِيط من تقسيمه الْمصدر المنتصب إِلَى مفعول مُطلق وَإِلَى
مُؤَكد وَإِذا متسع فالمفعول الْمُطلق عِنْده مَا كَانَ من أَفعَال
الْعَامَّة نَحْو فعلت وصنعت وعملت وأوقعت فَإِذا قلت فعلت فعلا
فالواقع ذَات الْفِعْل لِأَن الذوات الْوَاقِعَة منا فِي هَذَا وَلَا
يَقع منا الْجَوَاهِر والأعراض الخارجية عَنَّا فَلَا تكون مُطلقَة فِي
حَقنا بل فِي حق الله كَقَوْلِك خلق الله زيدا فَإِنَّهُ مفعول مُطلق
فَلذَلِك كَانَ الْمَفْعُول الْمُطلق أَعم من الْمصدر الْمُطلق
الْخلاف بَين النَّحْوِيين فِي أصل الْمصدر
(ص) وَهُوَ أصل الْفِعْل وَالْوَصْف وَقَالَ الكوفية الْفِعْل وَابْن
طَلْحَة كل أصل وَقوم الْفِعْل أصل الْوَصْف
(2/94)
(ش) مَذْهَب أَكثر الْبَصرِيين أَن الْمصدر أصل وَالْفِعْل وَالْوَصْف
فرعان مشتقان مِنْهُ لِأَنَّهُمَا يدلان على مَا تضمنه من معنى الْحَدث
وَزِيَادَة الزَّمَان والذات الَّتِي قَامَ بهَا الْفِعْل وَذَلِكَ
شَأْن الْفَرْع أَن يدل على مَا يدل عَلَيْهِ الأَصْل وَزِيَادَة وَهِي
فَائِدَة الِاشْتِقَاق وَمذهب الْكُوفِيّين أَن الْفِعْل أصل والمصدر
مُشْتَقّ مِنْهُ لِأَن الْمصدر مُؤَكد للْفِعْل والمؤكد قبل الْمُؤَكّد
وَلِأَن الْمصدر يعتل باعتلال الْفِعْل وَيصِح بِصِحَّتِهِ وَذَلِكَ
شَأْن الْفُرُوع أَن تحمل على الْأُصُول وَذهب ابْن طَلْحَة إِلَى أَن
كلا من الْمصدر وَالْفِعْل أصل بِنَفسِهِ وَلَيْسَ أَحدهمَا مشتقا من
الآخر وَذهب بعض الْبَصرِيين إِلَى أَن الْمصدر أصل للْفِعْل
وَالْفِعْل أصل للوصف ورد بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْوَصْف مَا فِي
الْفِعْل من الدّلَالَة على زمن معِين فَبَطل اشتقاقه مِنْهُ وَتعين
اشتقاقه من الْمصدر قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا الْخلاف لَا يجدي كثير
مَنْفَعَة |