تعجيل الندى بشرح قطر الندى باب في ذكر منصوبات
الأسماء
قوله: (المَفْعُولُ مَنْصُوبٌ وهُوَ خَمْسَةٌ: المَفْعُولُ بِهِ، وهُوَ
مَا وَقَعَ عَلَيْهِ فِعْلُ الْفَاعِلِ كَضَرَبْتُ زَيْداً) .
ذكر ابن هشام - رحمه الله - في هذا الباب المفاعيل الخمسة وهي: المفعول
به، والمفعول المطلق، والمفعول له، والمفعول فيه، والمفعول معه، وقدمها
على غيرها من المنصوبات الأخرى؛ لأنه الأصل وغيرها محمول عليها ومشبه
بها، وكلها منصوبة.
وبدأ بالمفعول به فقال: هو ما وقع عليه فعل الفاعل، كضربت زيدًا. فـ
(زيدًا) مفعول به، لوقوع فعل الفاعل عليه، وهو الضرب، وهذا بخلاف بقية
المفاعيل، فإن المفعول المطلق نفس فعل الفاعل، والمفعول له وقع لأجله،
والمفعول فيه وقع فيه، والمفعول معه وقع معه، كما سيأتي إن شاء الله.
قوله: (وَمِنْهُ المُنَادَى، وإنَّمَا يُنْصَبُ مُضَافاً كَيَا عَبْدَ
الله أَوْ شَبِيهاً بِالمُضَافِ كَيَا حَسَناً وَجْهُهُ، ويَا طَالِعاً
جَبَلاً، وَيَا رَفِيقاً بِالْعِبَادِ، أَوْ نَكِرَةً غَيْرَ
مَقْصُودَةٍ، كَقَوْلِ الأعْمَى: يَا رَجُلاً خُذْ بَيدِي) .
من أنواع المفعول به: المنادى، وله أحكام
تخصه؛ فلهذا أفرده بالذكر، وبيان كونه مفعولاً به أن قولك: يا عبدَ
الله. أصله: أدعو عبدَ الله، فحُذِفَ الفعل، وأُنيب (يا) عنه.
والمنادى: هو المطلوب إقباله بحرف نائب مناب (أدعو) (1) ، وهو قسمان:
1-منادى معرب، وهو ما يظهر فيه النصب. وهو المراد هنا.
2-منادى مبني، وهو الذي لا يظهر فيه النصب، ويأتي إن شاء الله.
فينصب المنادى لفظًا في ثلاث مسائل:
الأولى: أن يكون مضافًا، نحو: يا عبدَ الله، فـ (يا) : حرف نداء. و
(عبد الله) منادى منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة. وهو مضاف، ولفظ
الجلالة مضاف إليه.
الثانية: أن يكون شبيهًا بالمضاف. وهو ما اتصل به شيء من تمام معناه،
كما يتصل المضاف بالمضاف إليه نحو: يا مسافراً إلى مكة استفد من وقتك.
فـ (مسافرًا) منادى منصوب. وقد اتصل به شيء من تمام معناه لأننا إذا
قلنا (يا مسافرًا) لم يتبين للسامع المراد كاملاً؛ لأن السفر يكون إلى
بقاع شتى. فإذا قلنا: (إلى مكة) أتممنا المعنى وخصصناه كما يُخَصَّصُ
المضاف بالمضاف إليه.
وهذا الذي به التمام إما أن يكون اسماً مرفوعًا بالمنادى نحو: يا
ضائعًا كتابه، فـ (يا) حرف نداء (ضائعًا) منادى منصوب (كتابه) فاعل
لاسم الفاعل مرفوع، والهاء مضاف إليه، ومثله: يا حسناً وجهه. فـ (وجهه)
فاعل للصفة المشبهة (حسنًا) .
وإما أن يكون منصوبًا نحو: يا طالعًا جبلاً، فـ (طالعًا) منادى منصوب.
وفيه ضمير مستتر هو فاعله، لأنه اسم فاعل، و (جبلاً) مفعول به منصوب
لاسم الفاعل.
وإما أن يكون مجروراً كما تقدم في المثال: يا مسافراً إلى مكة، ومثله:
يا رفيقًا بالعباد. فـ (بالعباد) جار ومجرور متعلق بـ (رفيقًا) .
__________
(1) الأصل في المنادى أن يكون اسمًا لعاقل، ليتأتى إقباله. وقد ينادى
اسم غير عاقل لغرض بلاغي، ومنه قوله تعالى: {وَقِيلَ يَا أَرْضُ
ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي} .
المسألة الثالثة: أن يكون المنادى نكرة غير
مقصودة كقول الأعمى: يا رجلا خذ بيدي، فـ (رجلاً) منادى منصوب؛ لأنه
نكرة غير مقصودة، أما أنه نكرة فلأنه لا يدل على معين، وأما أنها غير
مقصودة، فلأن الأعمى حين يقول: يا رجلاً، لا يوجه الخطاب إلى إنسان
خاص، ولا يقصد به شخصاً دون آخر.
قوله: (والمُفَردُ المَعْرِفَةُ يُبْنَى عَلَى مَا يُرْفَعُ بِهِ كَيَا
زَيْدُ ويَا زَيْدَانِ، وَيَا زَيْدُونَ، ويَا رَجُلُ لِمُعَيَّنٍ) .
هذا القسم الثاني من أقسام المنادى، وهو المنادى المبني، فيبنى بشرطين:
الأول: أن يكون مفردًا، والمراد به هنا: ما ليس مضافاً ولا شبيهاً به،
فيدخل فيه المفرد والمثنى والجمع.
الثاني: أن يكون معرفة، أي: معينًا سواء كان معرفة قبل النداء وهو
العلم كـ (خالد) ، أو معرفة بعد النداء بسبب الإقبال عليه، وهو النكرة
المقصودة.
والمنادى في هذا القسم يبنى على ما كان يرفع به قبل النداء حالة
الإعراب، ويكون في محل نصب، فإن كان يرفع بالضمة بني على الضم من غير
تنوين نحو: يا هشامُ تمهل، يا رجالُ أتقنوا أعمالكم، يا فاطماتُ اتركن
الغيبة، وإن كان يُرفع بالألف بني على الألف، نحو: يا عليان قوما
بالواجب. يا فتيان لا تعبثا بالأزهار، وإن كان يرفع بالواو بني على
الواو نحو: يا محمدون صلوا أرحامكم، خذوا جوائزكم يا فائزون. فـ (هشام)
في المثال الأول منادى مبني على الضم في محل نصب؛ لأن المنادى أصله
مفعول به كما تقدم. وهكذا في بقية الأمثلة، فهو مبني على ما يرفع به.
قوله: ((فَصْلٌ) وتَقُولُ يَا غُلامُ بِالثَّلاثِ وبالْيَاءِ فَتْحاً
وإِسْكَاناً وبِالأَلِفِ) .
ذكر ابن هشام - رحمه الله - في هذا الفصل حكم المنادى المضاف إلى ياء
المتكلم، والمنادى المضاف إلى مضاف إلى ياء المتكلم.
فأما الأول وهو المنادى المضاف إلى ياء
المتكلم فلا يخلو: إما أن يكون المنادى كلمة (أب) أو (أم) أو غيرهما،
فإن كان غيرهما. نحو: يا غلامي، جاز فيه ست لغات، ثلاث منها بإثبات
الياء، وثلاث بحذفها، وهي كما يلي:
الأولى: إثبات الياء ساكنة، فتقول: يا غلامي، قال تعالى: {يَا عِبَادِ
لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ} (1) ، في قراءة من أثبت الياء ساكنة وهم نافع
وأبو عمرو وابن عامر من السبعة، فـ (عبادي) منادي منصوب وعلامة نصبه
الفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغال المحل
بحركة المناسبة، وهو مضاف وياء المتكلم ضمير مبني على السكون في محل جر
مضاف إليه.
الثانية: إثبات الياء مفتوحة فتقول: يا غلاميَ، قال تعالى: {قُلْ يَا
عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} (2) فـ (عبادي)
منادى منصوب - كما تقدم - وياء المتكلم ضمير مبني على الفتح في محل جر
مضاف إليه.
الثالثة: قلب الكسرة التي قبل الياء المفتوحة فتحة، فتنقلب الياء
ألفاً، لتحركها وانفتاح ما قبلها، فتقول: يا غلامَا. قال تعالى: عن
يعقوب عليه السلام: {يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ} (3) فـ (أسفا) منادى
منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة. (4) وياء المتكلم المنقلبة ألفًا
ضمير مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.
وإلى هذه اللغات الثلاث أشار بقوله: (وبالياء فتحًا وإسكاناً وبالألف)
.
__________
(1) سورة الزخرف، آية: 68.
(2) سورة الزمر، آية: 53.
(3) سورة يوسف، آية: 84.
(4) أو يقال: وعلامة نصبه الفتحة المقدرة منع من ظهورها الكسرة
المنقلبة فتحة لمناسبة الياء المنقلبة ألفًا. والألف المنقلبة عن الياء
في محل جر مضاف إليه. فتكون الفتحة في (يا غلام) ليست فتحة إعراب وإنما
هي لأجل الألف المنقلبة عن ياء المتكلم. والأول فيه تيسير وبعد عن
التكلف الذي لا داعي له.
اللغة الرابعة: حذف الياء الساكنة وإبقاء
الكسرة دليلاً عليها فتقول: يا غلامِ، قال تعالى: {يَا عِبَادِ
فَاتَّقُونِ} (1) فـ (عباد) منادى مضاف منصوب وعلامة نصبه الفتحة
المقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة للتخفيف منع من ظهورها اشتغال
المحل بحركة المناسبة، والياء المحذوفة ضمير مبني على السكون في محل جر
مضاف إليه.
اللغة الخامسة: قلب الياء ألفًا - كما تقدم - وحذف الألف وإبقاء الفتحة
دليلاً عليها، فتقول: يا غلامَ. فـ (غلامَ) منادى مضاف منصوب وعلامة
نصبه الفتحة الظاهرة، وياءُ المتكلمِ المنقلبةُ ألفًا محذوفةً مضافٌ
إليه.
اللغة السادسة: حذف الياء - مع ملاحظتها في المعنى - وبناء المنادى على
الضم، فيضم الحرف الذي كان مكسوراً لأجل الياء. فتقول: يا غلامُ، فـ
(غلام) منادى مبني على الضم في محل نصب لانقطاعه عن الإضافة لفظًا لا
معنى. (2)
وإلى هذه اللغات الثلاث أشار ابن هشام - رحمه الله - بقوله: (وتقول يا
غلام بالثلاث) أي بالحركات الثلاث على الميم، وهي الكسرة والفتحة
والضمة، من غير ياء، على ما تقدم بيانه.
وهذه اللغات الست متفاوتة، فبعضها أقوى وأكثر استعمالاً من بعض.
فأفصحها وأكثرها استعمالاً حذفُ الياء اكتفاءً بالكسرة، ثم إثبات الياء
ساكنة ومفتوحة، ثم قلبها ألفًا، ثم حذف الألف اكتفاء بالفتحة. وأما
اللغة السادسة فهي أضعفها، ولذا أهملها بعض النحاة فلم يذكرها بين
اللغات الجائزة؛ لأنها لا تخلو من لبس في تَبَيُّنِ نوعها واضطرابٍ في
إعرابها.
__________
(1) سورة الزمر، آية: 16.
(2) أو يقال: إنه يراعى أصله من ناحية أنه مضاف. فيكون منادى منصوبًا
بالفتحة المقدرة منع من ظهورها الضمة التي جاءت لشبهه بالنكرة
المقصودة، والمضاف إليه محذوف وهو ياء المتكلم.
قوله: (وَيَا أَبَتِ ويَا أُمَّتِ وابْنَ
أُمَّ ويَا ابْنَ عَمَّ بِفتْحٍ وكَسْرٍ، وإلْحَاقُ الألِفِ أوِ
الْيَاءِ للأَوَّلَيْنِ قبيحٌ، ولِلآخَرَيْنَ ضَعِيفٌ) .
ذكر النوع الثاني من أنواع المنادي المضاف إلى الياء، وهو أن يكون كلمة
(أب) أو (أم) ، وذكر حكم المنادى المضاف إلى مضاف إلى ياء المتكلم.
فإذا كان المنادى المضاف كلمة (أب) أو (أم) جاز فيه اللغات الست
السابقة ولغات أربع أخرى وهي:
1-حذف ياء المتكلم. والإتيان بتاء التأنيث عوضاً عنها (1) مع بنائها
على الكسر، وهذا هو الأكثر، نحو: يا أبتِ، يا أمَّتِ. ومنه قوله تعالى:
{إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ} (2) . فقد قرأ السبعة - عدا ابن عامر - بالكسر،
لتدل الكسرة على الياء المحذوفة في النداء، وأصله قبل التعويض: يا أبي،
وإعرابه: (يا) حرف نداء. (أبت) منادى منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة
على آخره، وهو مضاف وياء المتكلم المحذوفة ضمير مبني على السكون في محل
جر مضاف إليه. والتاء حرف دال على التأنيث اللفظي مبني على الكسر لا
محل له.
2-حذف الياء والإتيان بتاء التأنيث مفتوحة، نحو: يا أبتَ، ويا أمَّتَ،
ومنه قراءة ابن عامر: (يا أبتَ) بالفتح. وإعرابه كما سبق غير أن التاء
مبنية على الفتح.
__________
(1) لا تكون تاء التأنيث عوضاً عن ياء المتكلم إلا في باب النداء في
كلمتي (أب، أم) ، ووجود التاء فيهما يحتم أن يكون كل منهما منادى. ولا
يصح استعمالهما في شيء آخر مع هذه التاء.
(2) سورة مريم، آية: 42.
3-الجمع بين تاء التأنيث التي هي عوض،
وألفٍ بعدها أصلها ياء المتكلم، نحو: يا أبتا، ويا أُمَّتا، فـ (أبتا)
منادى منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره، والتاء حرف دال على
التأنيث اللفظي مبني على الفتح، والألف المنقلبة عن ياء المتكلم ضمير
متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. (1)
4-الجمع بين تاء التأنيث التي هي عوض وياء المتكلم نحو: يا أبتي، ويا
أمتي، فـ (أبتي) منادى منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة (2) ، والتاء
للتأنيث حرف مبني على الكسر، والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل
جر مضاف إليه.
واللغتان الأخيرتان فيهما جمع بين العوض (وهي التاء) والمعوَّض (وهو
ياء المتكلم) أو بدل المعوَّض وهو (الألف) ، وهذا ممنوع؛ ولهذا قال ابن
هشام - رحمه الله -: (وإلحاق الألف أو الياء للأولين) وهما: يا أبت،
ويا أمت (قبيح) لما ذكرنا، وسبيل ذلك هو الشعر على ما اختاره جماعة،
واللغة الأخيرة أضعف من التي قبلها.
أما إذا كان المنادى مضافاً إلى مضاف إلى ياء المتكلم. فإنه يجب إثبات
الياء مفتوحة، أو ساكنة نحو: يا ابن أخي، يا ابن خالي؛ إلا إذا كان
المنادى ابن أم أو ابن عم، أو ابنة أم أو ابنة عم، ففيه وجهان:
الأول: حذف ياء المكلم وإبقاء الكسرة قبلها دليلاً عليها، وهو الأكثر،
فتقول: يا ابنَ أمِّ ويا ابنَ عمِّ.
__________
(1) من النحاة من قال إن هذه الألف في (يا أبتا) ليست منقلبة عن ياء
المتكلم. وإنما هي حرف هجائي وزائد لمد الصوت، وعليه فلا إعراب لها.
والتاء عوض عن الياء المحذوفة.
(2) يلاحظ أن المنادى منصوب بفتحة ظاهرة في الصور الأربع؛ لأن تاء
التأنيث توجب فتح مع قبلها دائماً. وهذا الإعراب أيسر من القول بأنه
منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها الفتحة التي جاءت لمناسبة التاء. إذ
لا داعي لذلك.
الثاني: حذف ياء المتكلم بعد قلبها ألفاً.
وقلب الكسرة قبلها فتحة، فتقول: يا ابن أمَّ ويا ابن عمَّ. ومنه قوله
تعالى عن هارون عليه السلام: {قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ
اسْتَضْعَفُونِي} (1) {قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ
بِلِحْيَتِي} (2) فقد قرأ ابن عامر وأبو بكر وحمزة والكسائي بكسر الميم
على الوجه الأول، وقرأ الباقون بفتحها على الوجه الثاني. (3)
وإعرابه: (ابنَ أمَّ) ابن: منادى بحرف نداء مقدر، منصوب وعلامة نصبه
الفتحة الظاهرة، وهو مضاف و (أمَّ) بالفتح مضاف إليه مجرور بكسرة مقدرة
منع من ظهورها الفتحة التي جاءت لقلب الياء ألفًا. وحذفت هذه الألف
للتخفيف و (أمَّ) مضاف، والياء المحذوفة المنقلبة ألفًا في محل جر مضاف
إليه.
و (ابنَ أمِّ) على قراءة كسر الميم (ابن) كما تقدم و (أمِّ) مضاف إليه
مجرور بالكسر الظاهرة (4) ، و (أم) مضاف والياء المحذوفة للتخفيف في
محل جر مضاف إليه. (5)
وأما إثبات الياء نحو (يا ابن أمي) أو الألف المنقلبة عن الياء نحو:
(يا ابن أما) فهو ضعيف.
وهذا معنى قوله: (وإلحاقهما) أي الياء والألف (للأخيرين) وهما: ابن
أَمَّ، وابن عَمَّ (ضعيف) لا يكاد يوجد إلا في ضرورة الشعر.
فصل: في أحكام تابع المنادى
__________
(1) سورة الأعراف، آية: 150.
(2) سورة طه، آية: 94.
(3) الكشف لمكي (1/478) التبصرة له (32) .
(4) هذا أيسر من إعرابه مجرور بكسرة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل
بحركة المناسبة
(5) يجوز في حالة الفتح أن يقال إن المنادى قد ركب مع ما أضيف إليه
تركيباً مزجيًا وصارا معًا بمنزلة (خمسة عشر) أو غيره مما يبنى على فتح
الجزأين. ويقال في إعراب (ابن أم) منادى منصوب بفتحة مقدرة منع من
ظهورها حركة البناء التركيبي. وياء المتكلم المحذوفة مضاف إليه.
قوله: (وَيجْرِي مَا أُفْرِدَ أَوْ أُضِيفَ
مَقْروناً بِألْ من نَعْتِ المَبْنيِّ وتَأْكِيدِه وبَيَانِهِ
ونَسَقِهِ المَقْرُونِ بِألْ عَلَى لَفْظِهِ أَوْ مَحَلِّهِ، ومَا
أضِيفَ مُجَرَّداً عَلَى مَحَلّهِ، ونَعْتُ أيٍّ عَلَى لَفْظِهِ،
والْبَدَلُ والنَّسَقُ المُجَرَّدُ كَالمُنَادَى المُسْتَقِلِّ
مُطْلَقاً) .
تقدم أن المنادى قد يكون مفردًا فيبنى (1) ، وقد يكون مضافاً أو شبيهًا
به، فينصب لفظه، وذكر هنا تابع المنادى المبني، وبيانه كما يلي:
1-إذا كان المنادى مبنيًا - وهو العلم والنكرة والمقصودة - وكان تابعه
نعتًا، أو توكيدًا، أو عطف بيان، أو عطف نسق مقرونًا بـ (ال) جاز في
هذا التابع وجهان:
1-الرفع مراعاة للفظ المنادى.
2-النصب مراعاة لمحله.
بشرط أن يكون هذا التابع مفردًا عن الإضافة، أو مضافًا مقترنًا بـ (ال)
، مثال النعت: يا خالدُ العاقلُ. يا صالحُ الكريمُ الأب.
ومثال التوكيد: أن تخاطب شباباً فتقول: أنتم رجال الغد يا شبابُ أجمعون
أو أجمعين.
ومثال عطف البيان: يا سعيدُ كرزٌ أو كرزًا.
ومثال عطف النسق: يا خالدُ والضحاكُ. ومنه قوله تعالى: {يَا جِبَالُ
أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ} (2) فـ (جبال) منادى مبني على الضم في
محل نصب و (الطير) بالنصب - على قراءة السبعة - معطوف على محل الجبال،
والمعطوف على المنصوب منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
__________
(1) تقدم أن المنادى المبني في محل نصب؛ لأن أصله المفعول به. والدليل
على أنه في محل نصب مجيء تابعه من نعت وغيره منصوبًا في الكلام الفصيح
وليس في الجملة ما يصلح سببًا لنصبه إلا مراعاة المحل.
(2) سورة سبأ، آية: 10.
وهذا القسم أشار إليه بقوله (ويجري ما
أفرد) أي عن الإضافة (أو ما أضيف) حالة كونه (مقروناً بال من نعت)
المنادى (المبني) وهو العلم، والنكرة المقصودة (وتأكيده) (و) عطف
(بيانه ونسقه) أي: عطف النسق (المقرون بأل على لفظه) أي لفظ المنادى
المبني. فيرفع مراعاة للفظه (أو محله) أي: أو يجري التابع على محل
المنادى فينصب.
2- فإن كان التابع (من نعت أو توكيد أو بيان) مضافاً مجرداً من (ال)
وجب نصبه مراعاة لمحل المنادى كما لو كان هو المنادى.
مثال النعت: يا خليلُ كبيرَ القوم تكلم.
ومثال التوكيد: يا شبابُ كلَّكَم أو كلَّهم (1) أنتم رجال الغد (خطابا
لمعينين) .
ومثال عطف البيان: يا محمدُ أبا عبد الله، فـ (أبا) عطف بيان منصوب
بالألف، وما بعده مضاف إليه.
وهذا القسم أشار إليه بقوله: (وما أضيف مجردًا على محله) أي ويجري ما
أضيف من نعت أو توكيد أو بيان حالة كونه مجردًا من (ال) على محل
المنادى دون لفظه فينصب فقط.
3-وإن كان التابع نعتاً، ومنعوته المنادى هو كلمة (أي) في التذكير و
(أية) في التأنيث، وجب رفعه مراعاة للفظ ذلك المنادى، كقوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) }
(2) وقوله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) } (3) فـ (يا)
حرف نداء. و (أي) منادى مبني على الضم في محل نصب و (ها) حرف تنبيه.
(الإنسان) نعت لـ (أيّ) مرفوع بالضمة، و (الكافرون) نعت (لأي) مرفوع
بالواو لأنه جمع مذكر سالم.
وهذا القسم أشار إليه ابن هشام - رحمه الله - بقوله: (ونعت (أيّ) على
لفظه) أي: ويجري نعت (أي) و (أية) على لفظ هذا المنادى فيرفع فقط؛ لأنه
المقصود بالنداء.
__________
(1) القاعدة أنه إذا جيء مع تابع المنادى بضمير جاز أن يكون للغائب
نظرًا للأصل، وجاز أن يكون للمخاطب لكون المنادى مخاطبًا في المعنى.
(2) سورة الانفطار، آية: 6.
(3) سورة الكافرون، آية: 1
4-وإن كان التابع بدلاً أو عطف نسق مجردًا
من (ال) فإنه يعطى حكم المنادى المستقل؛ فيبنى إذا كان مفردًا معرفة،
نحو: يا رجلُ زيدُ. ويا رجلُ وزيدُ. بالضم كما يبنى لو قلت: يا زيدُ.
وينصب إذا كان مضافًا أو شبيهًا به نحو: يا زيدُ أبا عبد الله، ويا
عليُّ وأبا عبد الله. بنصب (أبا عبد الله) ؛ لأنه مضاف، وهو ينصب لو
كان منادى نحو: يا أبا عبد الله. دون النظر إلى المتبوع.
وهذا القسم أشار إليه بقوله: (والبدل والنسق والمجرد كالمنادى المستقل
مطلقًا) أي: إن البدل وعطف النسق المجرد من (ال) كالمنادى المستقل،
فيبنى حيث يبنى المنادى، وينصب حيث ينصب وإن كان المتبوع خلاف ذلك،
ولذا قال (مطلقًا) أي مبنيًا كان المنادى أو معربًا.
هذا كله إذا كان المنادى مبنيًا، فإن كان معربًا - وهو المنادى
المنصوب، ولم يذكره ابن هشام - نُصِبَ التابع مطلقًا (1) مراعاة للفظ
المتبوع.
مثال النعت: يا طالبًا مجتهدًا لا يؤثر عليك الكسالى (تقوله لغير معين)
فـ (مجتهدًا) نعت منصوب.
ومثال عطف البيان: يا مسلمين أهلَ العقيدة دافعوا عن دينكم. فـ (أهل
العقيدة) عطف بيان منصوب.
ومثال التوكيد: يا طلابًا كلَّكم أو كلَّهم احفظوا أوقاتكم.
ومثال البدل: يا أبا محمد خالدًا تصدق على الفقراء.
ومثال عطف النسق: يا أبا محمد وعليًا تصدقا على الفقراء.
قوله: (ولَكَ في نَحْوِ: ¯ يَا زَيْدُ زيْدَ الْيَعْمَلاَتِ ¯
فَتْحُهُمَا أَوْ ضَمُّ الأوَّلِ) .
إذا تكرر المنادي المفرد، وكان اللفظ الثاني المكرر مضافًا نحو: يا
طالبُ العلم احرص على الفائدة. جاز في الأول وجهان:
__________
(1) نعني بالإطلاق أن النصب في جميع التوابع لأن المتبوع منصوب، ومن
النحاة من يرى أن البدل وعطف النسق المجرد من (أل) في حكم المنادى
المستقل. ولو كان المنادى (المتبوع) منصوبًا. والرأي الأول أيسر وأقرب
إلى قواعد اللغة.
1-النصب على اعتبار أن هذا المنادى (الأول)
مضافًا للمضاف إليه المذكور في الكلام، والاسم الثاني المكرر مقحماً
بين المتضايفين (ويعرب توكيدًا لفظيًا للأول) (1) ، أو مضافًا إلى
محذوف يماثل المذكور، وأصل الكلام: يا طالبَ العلِم طالبَ العلم.
بإضافتين في الأسلوب الواحد، ويكون الاسم الثاني منصوبًا على أنه توكيد
لفظي أو بدل أو عطف بيان أو مفعولاً به لفعل محذوف أو منادى بحرف نداء
محذوف.
2-بناء الأول على الضم؛ لأنه مفرد معرفة (بالقصد والإقبال) في محل نصب.
ويكون الثاني حينئذ توكيدًا لفظيًا أو بدلاً أو عطف بيان مراعى في
الثلاثة محل المتبوع - لأنه في محل نصب كما ذكرنا - أو يكون منادى سقط
منه حرف النداء، أو مفعولاً به لفعل محذوف، وبهذا تبين أن الثاني واجب
النصب، والوجهان في الأول، ومن ذلك ما أشار إليه ابن هشام - رحمه الله
- من قول الشاعر:
(1) يا زيدُ زيدَ اليعملات الذُّبَّلِ………تطاول الليل عليك فانزلِ (2)
__________
(1) وعلى هذا فيصح الفصل بين المضاف والمضاف إليه بالتوكيد اللفظي.
واغتفر ذلك لاتحاده بالأول لفظًا ومعنى. وقد أشار لذلك الشيخ يس في
حاشيته على شرح الفاكهي على القطر (2/107) .
(2) اليعملات: جمع يعملة. بياء مفتوحة بعدها عين ساكنة، وهي الناقة
القوية على العمل والجمل يعمل، قال في القاموس: ولا يوصف بهما إنما هما
اسمان. الذبل: جميع ذابل أي: ضامرة من طول السفر. فانزل: أي انزل عن
راحلتك واحْدُ الإبل فإن الليل قد طال وحدث للإبل الكلال فنشطها
بالحداء وأزل عنها الإعياء.
إعرابه: يا زيد: يا: حرف نداء. زيد: بالضم منادي مبني على الضم في محل
نصب لأنه مفرد علم. وزيد: بالنصب. منادى منصوب لأنه مضاف - كما ذكرنا
في الشرح - (زيد اليعملات) بالنصب ليس إلا، ونصبه على الأوجه المذكورة.
الذبل: صفة مجرورة: تطاول: فعل ماض مبني على الفتح (الليل) فاعل.
(عليك) جار ومجرور متعلق بالفعل قبله (فانزل) الفاء استئنافية. و
(انزل) فعل أمر مبني على السكون، وحرك بالكسر لأجل الروي، والفاعل ضمير
مستتر وجوبًا وتقديره (أنت) .
فصل في ترخيم المنادى
قوله: (وَيَجُوزُ تَرْخِيمُ المُنَادَى المَعْرفَةِ، وهَوُ حَذُفُ
آخِرِهِ تَخْفِيفاً، فَذُو التَّاءِ مَطْلَقًا كـ (يَا طَلْحُ، وَيَا
ثُبُ)
من أحكام المنادى: الترخيم. وهو: حذف آخره تخفيفاً على وجه مخصوص،
فتقول: يا حارِ، في نداء: حارث، وفي نداء طفلة اسمها (عَزَّة) : يا
عَزَّ.
وقوله: (حَذفُ آخره) أي حذف آخر المنادى. ولم يقيده بكونه حرفًا ليشمل
الحرف، والحرفين، وجزء المركب، كما سيأتي.
وقوله: (تخفيفاً) أي لمجرد التخفيف، وفيه بيان أن أهم أغراض الترخيم هو
التخفيف.
وشروط الترخيم: أن يكون المنادى معرفة إما بالعلمية، وإما بالقصد
والإقبال (وهو النكرة المقصودة) .
والمنادى الذي يراد ترخيمه قسمان:
الأول: مقترن بتاء التأنيث.
الثاني: مجرد منها.
أما المقترن بتاء التأنيث فيجوز ترخيمه (مطلقًا) أي: سواء أكان علماً،
أم نكرة مقصودة، ثلاثيًا أم أكثر.
فتقول في نداء (طلحة) : يا طلحَ (1) فـ (طلحَ) . منادى مبني على الضم
على التاء المحذوفة للترخيم في محل نصب.
وتقول في نداء (عائشة) : يا عائشَ (2) ، وتقول في نداء فتاة اسمها
(هِبَة) ياهِبَ، وتقول في نداء (ثُبة) وهي الجماعة: يا ثُبَ.
قوله: (وَغَيْرُهُ بِشَرْطِ ضَمْهِ وعَلَميَّتِه وَمُجَاوَزَتَهِ
ثَلاَثَةَ أحْرُفٍ كَـ (يَا جَعْفُ ضَمَّا وَفَتحا) .
هذا القسم الثاني من المنادى الذي يجوز ترخيمه، وهو المجرد من تاء
التأنيث، فيشترط فيه - زيادة على ما تقدم - ثلاثة شروط:
الأول: أن يكون مبنياً على الضم.
الثاني: أن يكون تعريفه بالعلمية دون غيرها.
الثالث: أن يكون متجاوزاً ثلاثة أحرف.
__________
(1) يجوز فيه الضم: يا طلحُ - كما ذكر ابن هشام في القطر فهو منادى
مبني على الضم في محل نصب. وكذا ما بعده. وسيأتي إن شاء الله ذكر ذلك.
(2) ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - (مالك يا عائشَ) في حديث طويل
رواه مسلم برقم (103) 974.
فتقول في ترخيم (يا حارِثُ) : يا حارِ. و
(يا سالِمُ) : يا سال، فإن كان غير مضموم نحو: يا عبدَ الله، أو كان
معرفة بغير العلمية نحو: يا صاحبُ (لمعين) أو كان ثلاثيًا كـ (عمر) لم
يجز ترخيمه.
وأشار بقوله: (كيا جعفُ ضمًا وفتحًا) إلى كيفية ضبط المنادي بعد ترخيمه
وأن لضبطه طريقتين:
الأولى: قطع النظر عن المحذوف للترخيم، فيجعل الباقي كأنه اسم تام
موضوع على تلك الصيغة، فيبني على الضم، فتقول في (جعفر) : يا جعفُ. وفي
(سالم) : يا سالُ، وإعرابه: منادى مبني على الضم في محل نصب. وتسمى
(لغة من لا ينتظر) .
الثانية: أن يلاحظ المحذوف. ويعتبر كأنه باقٍ فيبقى ما كان قبله على
حركته أو سكونه قبل الحذف، ويكون البناء على الضم مقصورًا على الحرف
الأخير المحذوف، كما كان قبل حذفه، فتقول في (جَعْفَرٍ) : يا جعفَ. وفي
(سَالمٍ) : يا سالِ. وفي نداء (طلحة) : يا طلحَ، وتقدم إعرابه. وتسمى
هذه الطريقة: (لغة من ينتظر) .
وقول ابن هشام (ضماً) إشارة إلى الطريقة الأولى. وقوله (وفتحًا) أي فتح
الفاء من قوله: (يا جعف) وهي الطريقة الثانية.
قوله: (وَيُحْذَفُ مِنْ نَحْوِ سَلْمَانَ وَمَنْصُورٍ وَمِسْكِينٍ
حَرْفانِ وَمِنْ نَحْوِ: مَعْدِ يَكَرِبَ الكَلِمَةُ الثَّانَيَةُ) .
المحذوف من آخر المنادى عند ترخيمه ثلاثة أقسام:
القسم الأول: حذف الحرف الأخير وحده، وهو الأغلب، وتقدم له أمثلة.
القسم الثاني: حذف الحرفين الأخيرين معًا، وشرط ذلك أن يكون المنادى
علمًا مجردًا من تاء التأنيث اجتمعت فيه أربعة شروط: -
1-أن يكون معتلا (1) .
__________
(1) اعلم أن الواو والألف والياء. إذا وقعت ساكنة بعد حركة تجانسها
(وهي الفتحة قبل الألف، والضمة قبل الواو، والكسرة قبل الياء نحو: قام
يقوم يقيم) سميت حروف علة ومد ولين. فإن سكنت وقبلها حركة لا تناسبها
سميت حروف علة ولين نحو: فرعون، خير. فإن تحركت فهي حروف علة فقط نحو:
حَوِرَ، هَيَفَ.
2-أن يكون ساكناً.
3-أن يكون ما قبل الحرف الأخير زائدًا.
4-أن يكون رابعًا فصاعدًا.
تقول في نداء (سلمان) : يا سلمُ - بفتح الميم وضمها - على ما تقدم،
وتقول في نداء (منصور) : يا منصُ. بالضم ليس غير.
وتقول في نداء (مسكين) على أنه علم: يا مسكُ.
بخلاف نحو: سفرجل؛ فلا يحذف منه حرفان؛ لأن ما قبل الآخر ليس معتلاً،
ونحو: هَبَيَّخ (1) لأن ما قبل الآخر ليس ساكنًا. وبخلاف: مختار
(علمًا) ؛ لأن حرف العلة ليس زائدًا، لأن أصله الياء، فلابد من بقاء
الألف. ونحو: سعيد؛ لأن الحرف المعتل ليس رابعًا، فهذه يقتصر فيها عند
الترخيم على حذف الحرف الأخير فقط.
القسم الثالث: حذف كلمة برأسها، وذلك في المركب المزجي، نحو: معدي كرب،
فتقول: يا معدي. وفي خالويه: يا خالَ. (2)
فصل في الاستغاثة والندبة
قوله: (وَيَقُولُ المُسْتَغِيثُ: يَالله لِلْمُسْلِمِينَ بِفَتْحِ لاَم
المُسْتَغَاثِ بِهِ إِلاَّ في لاَمِ المَعْطُوفِ الَّذِي لَمْ
يَتَكَرَّرْ مَعَهُ (يَا) وَنَحْوُ: يَاَ زَيْدًا لِعَمْرٍو، وَيَا
قَوْمِ لِلْعَجِبِ العَجِيبِ) .
__________
(1) هبيخ: بفتح الهاء والباء الموحدة وتشديد الياء وبالخاء يطلق على
الأحمق، وعلى من لا خير فيه، والوادي العظيم، والغلام الناعم، كما في
القاموس.
(2) ترخيم المركب المزجي بحذف كلمة غير مسموع عن العرب، ومن أجازه من
النحاة فهو من باب القياس، وأكثرهم يرى عدم ترخيمه لعدم السماع ولأنه
موضع إلباس، ورأيهم حسن.
الاستغاثة من أنواع النداء (1) وهي نداء من
يُخَلِّص من شدة واقعة أو يعين على رفعها قبل وقوعها. وأداتها (يا) .
فالأول: نحو يا لَلناس لِلغريق.
الثاني: نحو: يا لَلحراس لِلأعداء.
وأسلوب الاستغاثة لا يتحقق الغرض منه - وهو طلب النصرة والعون - إلا
بثلاثة أركان.
1-حرف النداء (يا) دون غيره من حروف النداء، وهو مذكور دائماً.
2-المستغاث به. (وهو من يُطلب منه العون والمساعدة) وهو مجرور بلام
مفتوحة دائمًا. إلا إذا عطف عليه مستغاث آخر، ولم تتكرر (يا) فتكسر.
نحو: يا لَلعلماء ولِلمصلحين لِلشباب. فكلمة (المصلحين) ليست مستغاثاً
أصيلاً لعدم وجود حرف النداء (يا) ولكنها لما عطفت على ما قبلها اكتسبت
معنى الاستغاثة.
3-المستغاث له (وهو الذي يطلب بسببه العون لمعاونته ومقاومته) وهو
مجرور بلام مكسورة كما تقدم، أو بـ (من) نحو: يا لَلقاضي من شاهد
الزور.
وللنحويين آراء في لام المستغاث به. وأحسنها أنها حرف جر فُتِحَتْ
للتفريق بينها وبين لام المستغاث له. وهي ومجرورها متعلقان بحرف النداء
(يا) ، لنيابته عن الفعل (ألتجئ) ونحوه.
فمثلاً: يا لَلعلماء لِلجهال، تقول: (يا) حرف نداء واستغاثة.
(للعلماء) اللام: حرف جر واستغاثة و (العلماء) اسم مجرور باللام،
والجار والمجرور متعلقان بـ (يا) النائبة عن الفعل (ألتجئ) .
للجهال: جار ومجرور متعلقان بـ (يا) .
وقد ذكر المصنف للاستغاثة ثلاثة استعمالات:
الأول: ما تقدم وهو أن يجر المستغاث به بلام مفتوحة وهو أكثر
الاستعمالات.
__________
(1) أصل الاستغاثة طلب الغوث، وهو إزالة الشدة، وطلب الاستغاثة ممن
يقدر على إزالة الشدة جائز شرعاً. قال تعالى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي
مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} لكن مع اعتقاد أنه مجرد
سبب. وأما طلب الغوث من شيء لا يقدر عليه إلا الله فهذا لا يجوز لأنه
شرك (انظر شرح كتاب التوحيد لابن عثيمين 1/261) .
الثاني: أن تحذف اللام، ويزاد في آخر
المستغاث به ألف تكون عوضًا عن اللام المحذوفة، ولا يصح الجمع بين
اللام والألف. نحو: يا عالمَا للجاهل. فـ (عالمَا) منادى مبني على ضم
مقدر منع من ظهوره الفتحة التي جاءت لمناسبة الألف، في محل نصب.
الثالث: أن تحذف اللام ولا يزاد في آخره ألف، بل يجعل كالمنادى
المستقل، وهذا أقل الاستعمالات، فتقول: يا خالدُ لعمرو. ومنه قول
الشاعر:
(1) ألا يا قومُ للعجب العجيب ……وللغفلات تعرض للأريب (1)
فاستعمل المستغاث به وهو قوله (يا قوم) استعمال المنادى، فلم يلحق به
اللام في أوله ولا الألف في آخره.
قوله: (وَالنَّادِبُ، وَا زَيْدًا، وَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَا، وَا
رَأْسَا، وَلَكَ إِلْحَاقُ الهَاءِ وَقْفاً) .
الندبة: نداء المتفجع عليه لفقده، أو المتوجع منه، لكونه محلَّ ألم،
فالأول كقول جرير في عمر بن عبد العزيز - رحمه الله -:
حُمِّلتَ أمرًا عظيمًا فاصطبرت له ……وقمت فيه بأمر الله يا عمرا
فقوله (يا عمرا) أسلوب ندبة. وليس نداء؛ لأن المقام مقام رثاء. والثاني
نحو: وا ظهراه.
والغرض من الندبة الإعلام بعظمة المندوب وإظهار أهميته أو شدته أو
العجز عن احتمال ما به، وفيها إظهار الحزن وقلة الصبر.
__________
(1) الغفلات: جمع غفلة وهي الإهمال وعدم الاحتياط "الأريب" العاقل
المجرب.
إعرابه: (ألا) أداة استفتاح وتنبيه (يا) حرف نداء واستغاثة، و (قوم)
منادى مستغاث به منصوب بفتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال
المحل بحركة مناسبة ياء المتكلم المحذوفة اكتفاء بالكسرة. أو يكون
مبنيًا على الضم في محل نصب. (للعجب) جار ومجرور متعلق بـ (يا)
(العجيب) صفة للعجب (وللغفلات) معطوف على قوله (للعجيب) وجملة (تعرض
للأريب) صفة في محل جر، وأجاز محمد عبد الحميد في إعرابه لشواهد شرح
القطر أن تكون في محل نصب حال.
ولا يستعمل في المندوب من حروف النداء إلا
حرفان: (وا) وهي الغالب عليه والمختصة به.
و (يا) إذا وجد قرينة تدل على أن الأسلوب للندبة كما في بيت جرير
المتقدم.
وحكم المندوب حكم المنادى من حيث الإعراب. فيبنى على الضم إن كان
مفرداً معرفة نحو: واعمرُ. فـ (وا) حرف نداء وندبة و (عمر) منادى مندوب
مبني على الضم في محل نصب. وينصب لفظاً إذا كان مضافاً نحو: وا أميرَ
المؤمنين، فـ (أميرَ) منادى مندوب منصوب وعلامة نصبه الفتحة و
(المؤمنين) مضاف إليه.
ولك أن تزيد في آخره ألفاً وهو أكثر حالات المندوب فتقول: وا عمرا، فـ
(وا) حرف نداء وندبة (عمرا) منادى مندوب مبني على الضم المقدر بسبب
الفتح المناسب لألف الندبة. والألف للندبة.
ولك إلحاق (هاء) السكت بعد الألف عند الوقف. فتقول: (واعمراه) وإعرابه
كالذي قبله، والهاء للسكت.
وقول المصنف: (والنادب. وازيدا) معطوف على قوله: (ويقول المستغيث) أي:
ويقول النادب (وا زيدا) .
المفعول المطلق
قوله: (والمَفْعُولُ المُطْلَقُ، وَهُوَ المَصْدَرُ الفَضْلَةُ
المُسَّلَطُ عَلَيْهِ عَامِلٌ مِنْ لَفْظِهِ كـ (ضَرَبْتُ ضَرْباً) ،
أَوْ مِنْ مَعْنَاهُ كـ (قَعَدْتُ جُلُوساً) .
لما أنهى المصنف - رحمه الله - الكلام على المفعول به وما يتعلق به من
أحكام المنادى، شرع في النوع الثاني من المفاعيل. وهو المفعول المطلق.
وقوله: (والمفعول المطلق) معطوف على قوله في باب المفعول (المفعول
منصوب، وهو خمسة: المفعول به، والمفعول المطلق ... ) .
وهو: المصدر الفضلة المسلط عليه عامل من لفظه أو من معناه، نحو: انتصر
الحق انتصارًا (1) فـ (انتصارًا) مفعول مطلق. لأنه مصدر: انتصر ينتصر
انتصارًا، وفضلة، أي: يستغنى عنه في الكلام، فليس ركناً في الإسناد. إذ
ليس مسندًا ولا مسندًا إليه. وقد نصبه عامل من لفظه وهو: (انتصر) .
__________
(1) المصدر هو الذي يأتي ثالثاً في تصاريف الفعل.
ونحو: قعدت جلوسًا. فـ (جلوساً) مفعول
مطلق؛ لأنه مصدر جلس يجلس جلوسًا. وفضلة كما تقدم، وقد نصبه عامل من
معناه وهو (قعدت) ، لأن القعود والجلوس متحدان في المعنى دون المادة.
وتعريف المصنف للمفعول المطلق بأنه: المصدر إنما هو باعتبار الغالب،
وإلا فقد يكون المفعول المطلق غير المصدر كما سيأتي في الأشياء التي
تنوب عن المصدر. (1)
وحكم المفعول المطلق: النصب، ويستفاد هذا من قوله: (الفضلة) لأن
الفضلات حكمها النصب، فيخرج نحو: كلامُك كلامٌ حسن، فليس من هذا الباب،
لأنه عمدة، وليس بفضلة.
ومعنى (مفعول مطلق) : أي لم يقيد بحرف جر أو غيره كبقية المفاعيل،
كالمفعول به، والمفعول معه، وإنما أُطلق عن التقييد، لأنه المفعول
الحقيقي لفعل الفاعل، حيث لم يوجد من الفاعل إلا ذلك الحدث، نحو: جلس
الضيف جلوسًا. فالضيف قد أوجد الجلوس نفسه وأحدثه بعد أن لم يكن.
بخلاف باقي المفعولات فإنها ليست بمفعول الفاعل، وتسمية كل واحد منها
مفعولاً إنما هو باعتبار إلصاق الفعل به، أو وقوعه لأجله، أو فيه، أو
معه. فلذلك احتاجت للتقييد.
والمفعول المطلق ثلاثة أقسام:
1-مؤكد لعامله نحو: أكرمته إكراماً، قال تعالى: {وَالصَّافَّاتِ صَفًّا
(1) } (2) فـ (الواو) حرف قسم وجر، و (الصافات) اسم مقسم به مجرور،
(صفاً) مفعول مطلق منصوب باسم الفاعل قبله.
__________
(1) بين المصدر والمفعول المطلق عموم وخصوص من وجه يجتمعان في نحو:
تثور البراكين ثورانًا. وينفرد المصدر في نحو: أعجبتني قراءتك؛ لأنه
مرفوع والمفعول المطلق لا يكون مرفوعًا. وينفرد المفعول المطلق في نحو:
ضربته سوطًا؛ لأنه ليس بمصدر.
(2) سورة الصافات، آية: 1.
2- مبين لنوع عامله، بأن يدل على هيئة صدور
الفعل، نحو: رجع القهقرى (1) ، نظرت للعالم نظر الإعجاب والتقدير، قال
تعالى: {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} (2) . فـ (الصفح) مفعول مطلق
منصوب، (الجميل) وصف منصوب.
3- مبين لعدد عامله، بأن يدل على مرات صدور الفعل نحو: قرأت الكتاب
قراءتين.
قوله: (وَقَدْ يَنُوبُ عَنْهُ غَيْرُهُ كـ (ضَرَبْتُهُ سَوْطاً) ،
{فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (3) {فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ
الْمَيْلِ} (4) {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44)
} (5) .
يجوز حذف المصدر وإنابة غيره عنه. وحكم هذا النائب: النصب دائماً على
أنه مفعول مطلق. وليس بمصدر، إذ مصدر العامل المذكور في الكلام قد حذف.
والضمير في قوله: (وقد ينوب عنه) يعود إلى المصدر لا إلى المفعول
المطلق كما هو المتبادر، والأشياء التي تنوب عن المصدر كثيرة منها:
1-الآلة التي تستخدم لإيجاد معنى ذلك المصدر المحذوف، نحو: ضربته
سوطًا، فـ (سوطًا) مفعول مطلق نائب عن المصدر منصوب بالفتحة. والأصل:
ضربَ سوطٍ، فحذف المصدر، وأقيمت آلته مقامه.
2-عدده. نحو: سجد المصلي أربعًا. فـ (أربعًا) مفعول مطلق نائب عن
المصدر المحذوف، والأصل: سجوداً أربعاً. ومنه قوله تعالى:
{فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (6) فـ (ثمانين) مفعول مطلق
منصوب بالياء؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، والأصل: جلدًا ثمانين،
فحذف المصدر، وأقيم العدد مقامه.
__________
(1) القهقرى: الرجوع إلى الخلف.
(2) سورة الحجر، آية: 85.
(3) سورة النور، آية: 4.
(4) سورة النساء، آية: 129.
(5) سورة الحاقة، آية: 44.
(6) سورة النور، آية: 4.
3-ما دل على كلية أو بعضية (1) بشرط
الإضافة لمثل المصدر المحذوف، نحو: أتقن العامل عمله كلَّ الإتقان. فـ
(كلَّ) مفعول مطلق، ومنه قوله تعالى: {فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ
الْمَيْلِ} (2) فـ (كلَّ) مفعول مطلق نائب عن المصدر المحذوف، والأصل:
ميلاً كلَّ الميل. ومثال بعض: أهمل الطالب بعضَ الإهمال. ومنه قوله
تعالى: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) } (3)
فـ (بعض) مفعول مطلق نائب عن المصدر.
قوله (وَلَيْسَ مِنْهُ {وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا} (4)) .
أي ليس مما ينوب عن المصدر: صفته في قوله تعالى: {وَكُلَا مِنْهَا
رَغَدًا} خلافاً للمعربين في قولهم: إن (رغدًا) مفعول مطلق نائب عن
المصدر المحذوف. والأصل: أكلاً رغدًا. فحذف الموصوف ونابت صفته منابه.
بل (رغدًا) حال من الضمير العائد على المصدر الدال عليه الفعل،
والتقدير: وكُلا حال كون الأكل رغدًا. ومعنى (رغدًا) أي: طيباً هنيئاً.
وما قاله ابن هشام - رحمه الله - ليس متعيناً. بل يجوز إعراب (رغدا)
حالاً، ويجوز إعرابها مفعولاً مطلقًا نائبًا عن المصدر المحذوف.ويكون
مما نابت فيه الصفة عن المصدر. وقد أجاز المصنف في أوضح المسالك إقامة
صفة المصدر مُقامه. نحو: سرت أحسنَ السير (5) . أي: سيرًا أحسن السير.
المفعول له
__________
(1) هذا أولى من التعبير بـ (كل وبعض) لأنه يوهم اختصاص الحكم بهما
وليس كذلك. بل يدخل فيها نحو: ضربته جميع الضرب، وغاية الضرب، ونصف
الضرب ونحوها
(2) سورة النساء، آية: 120.
(3) سورة الحاقة، آية: 44. والظاهر أن كلمة (بعض) مفعول به منصوب للفعل
(تَقَوَّل) ، والله أعلم.
(4) سورة البقرة، آية: 35.
(5) أوضح المسالك (2/213) ، وانظر: مشكل إعراب القرآن لمكي (1/38) .
قوله: (وَالمَفْعُولُ لَهُ، وَهُوَ
المَصْدَرُ المُعَلِّلُ لِحَدَثٍ شَارَكَهُ وَقْتًا وَفَاعِلاً كـ
(قُمْتُ إجْلاَلاً لَكَ) فَإِنْ فَقَدَ المُعَلِّلُ شَرْطًا جُرَّ
بِحَرْفِ التَّعْلِيلِ نَحْوُ: {خَلَقَ لَكُمْ} ) (1) .
وَإِنِّي لَتَعْرُونِي لِذِكْرَاكِ هِزَّةٌ …… ... …...… ... …...… ...
وفَجئْتُ وَقَدْ نَضَّتْ لِنَوْمٍ ثِيَابَهَا …… ... …...… ... …...…
...
هذا النوع الثالث من المفاعيل: وهو المفعول له، ويسمى المفعول لأجله،
ومن أجله.
وقول المصنف (والمفعول له) معطوف على قوله في باب المفعول (المفعول
منصوب، وهو خمسة: المفعول به، والمفعول المطلق، والمفعول له) .
وقد عرفه بقوله: (المصدر المعلِّل لحدث شاركه وقتًا وفاعلاً) ومثاله:
قمت إجلالاً لك. فـ (إجلالاً) مصدر: أجلَّه وأجلله إجلالاً أي:
عَظَّمَهُ، وهو معلِّل للحدث، وهو: القيام، وزمن الإجلال والقيام واحد.
وفاعل القيام وفاعل الإجلال واحد أيضًا، فيكون مفعولاً له. أي فُعِل له
الفعل.
وحكمه جواز النصب إذا وجدت فيه هذه الشروط الثلاثة:
1-أن يكون مصدراً؛ لقوله: (وهو المصدر) .
2-أن يفيد التعليل؛ لقوله: (المعلِّل لحدث) بكسر اللام مشددةً، أي:
الواقع علة.
3-أن يتحد المصدر مع عامله في الوقت والفاعل؛ لقوله: (شاركه وقتًا
وفاعلاً) أي: شارك المعلِّلُ الحدثَ فيهما. كما مضى بيانه. فإن فُقِدَ
منها شرط (2) وجب جره بحرف دال على التعليل (كاللام) أو (من) أو
غيرهما.
__________
(1) سورة البقرة، آية: 29.
(2) أي غير التعليل. فالتعليل لابد منه. إذا لو فقد التعليل لم يجز
الجر أصلاً وإنما يجب النصب على المفعولية المطلقة نحو: قتلته صبراً.
فـ (صبراً) مصدر لكنه لا يفيد التعليل.
فمثال ما فَقَدَ المصدرية: قوله تعالى:
{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} (1)
فالمخاطبون في قوله: (لكم) علة للخلق. وليس ضميرهم مصدراً، لذا جُرَّ
باللام.
ومثال ما فَقَدَ الاتحاد في الفاعل قول الشاعر:
(1) وإني لتعروني لذكراكِ هِزَّة ……كما انتفض العصفور بلله القطر (2)
فقوله (لذكراكِ) : مصدر. مجرور باللام الدالة على التعليل، وهو علة
لِعَرْوِ الهِزَّة، وإنما جُرَّ لاختلاف الفاعل، لأن فاعل العرو:
الهزة، وفاعل الذكرى: هو المتكلم؛ لأن المعنى: لذكري إياكِ.
ومثال ما فَقَدَ الاتحاد في الوقت قول الشاعر:
(2) فجئت وقد نضَّت لنوم ثيابها ……لدى السِّتر إلا لِبْسَةَ المتفضِّل
(3)
__________
(1) سورة البقرة، آية: 29.
(2) تعروني: تنزل بي، لذكراك: لتذكري إياك هزة: رعدة وانتفاضة. القطر:
المطر.
إعرابه: (وإني) : إن حرف مشبه بالفعل ينصب الاسم ويرفع الخبر، والياء:
اسمه (لتعروني) اللام: لام الابتداء. وهي المزحلقة. (وتعرو) فعل مضارع
مرفوع بضمة مقدرة على الواو للثقل. والنون للوقاية. والياء مفعول به.
(لذكراك) اللام حرف جر. وذكرى: مجرور باللام وعلامة جره كسرة مقدرة على
الألف للتعذر. والكاف مضاف إليه من إضافة المصدر إلى مفعوله (هزة) فاعل
تعرو. والجملة خبر (إن) (كما) الكاف حرف جر. و (ما) مصدرية. (انتفض)
فعل ماض (العصفور) فاعل. و (ما) وما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور
بالكاف. والجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة لهزة. والتقدير هزة كائنة
كانتفاض العصفور. (بلله) بلل: فعل ماض. والهاء مفعول به. (القطر) فاعل،
والجملة في محل نصب حال من العصفور.
(3) نضت، بالضاد المعجمة مشددة أو مخففة، أي: خلعت. لبسة المتفضل، بكسر
اللام: هيئة من اللبس. والمتفضل: هو الذي بقي في ثوب واحد.
…إعرابه: (جئت) فعل وفاعل (وقد) الواو للحال. (قد) حرف تحقيق (نضت) فعل
ماض. والتاء للتأنيث. والفاعل: هي. والجملة في محل نصب حال (النوم) جار
ومجرور متعلق بـ (نض) (ثيابها) مفعول به والهاء مضاف إليه (لدى) ظرف
مكان متعلق بـ (نض) منصوب بفتحة مقدرة على الألف للتعذر (الستر) مضاف
إليه (إلا) أداة استثناء (لبسة) منصوب على الاستثناء (المتفضل) مضاف
إليه.
فقوله (لنوم) مصدر. مجرور باللام الدالة على التعليل، وهو علة لخلع
الثياب، وإنما جُرَّ لاختلاف الوقت؛ لأن زمن خلع الثياب سابق على زمن
النوم.
والمفعول لأجله يكون مجردًا من (ال) والإضافة، وهذا يكثر نصبه نحو:
ضربت ابني تأديبًا. وقد يأتي محلى بـ (ال) ، وهذا يكثر جره نحو: ضربت
ابني للتأديب. وقد يأتي مضافًا، وهذا يستوي نصبه وجره نحو: ضربت ابني
تأديبه. أو لتأديبه. |