زينة العرائس من الطرف والنفائس في تخريج الفروع الفقهية على القواعد النحوية

القاعدة الواحدة والثلاثون
قاعدة: لفظ "قبل" نقيض "بعد"، فإن مدلوله التقدم في الزمان، وهل يستدعي وجودهما؟ فيه خلاف.
إذا علمت هذا، فمن فروع القاعدة: إذا قال: أنت طالق قبل أن أنكحك، أو أمس، فإن نوى إيقاع الطلاق وقع، وإن لم ينو لم يقع في ظاهر كلام أحمد، وجزم به في "الوجيز"، وقال القاضي: "وحكى عن أبي بكر لا يقع إذا قال: أنت طالق أمس، ويقع إذا قال قبل أن أنكحك"، وإن قال: أردت أن زوجا قبلي كان طلقها، أو طلقتها أنا في نكاح قبل هذا، قبل منه، إن احتمل الصدق في ظاهر كلامه، فإن مات، أو جن، أو خرس قبل العلم بمراده لم تطلق، جزم به في "الوجيز"، ولنا وجه تطلق، وأطلقها في "المقنع" ومنها: إذا قال: أنت طالق قبل قدوم زيد بشهر، فقدم قبل مضي شهر، لم تطلق، وإن قدم بعد شهر وجزء يقع الطلاق فيه وقع، جزم به في "المقنع" و "الوجيز".
ومنها: إذا قال: أنت طالق قبل موتي، تطلق في آخرجزء من حياته.
ومنها: إذا قال: أنت طالق قبل أن تدخلي الدار، فإنها تطلق في الحال.
ومنها: إذا قال: له علي درهم قبله درهم، لزمه درهمان، جزم به الأصحاب.
ومنها: إذا قال: له علي درهم قبل درهم، لزمه درهمان، جزم به في "المقنع".
ومنها: إذا قال: أنت طالق في شهر قبل رمضان، أو قبل ما قبل قبله رمضان، وقد نظم بعض الفضلاء فيها بيتين فقال:

ماذا يقول الفقيه أيده الله ... ولا زال عنده الإحسان
في فتى علق الطلاق بشهر ... قبل ما قبل قبله رمضان
وهذا البيت ذكروا فيه أن منه مسائل بعضه يدخل في هذه القاعدة التي بعدها، فأربع مسائل تدخل في هذه، وأربع في التي بعدها: أحدها: كما في البيت "قبل ما قبل قبله" والثاني: "قبل مابعد بعده" الثالث: "قبل ما بعد قبله".
الرابع: "قبل ما قبل بعده" والأربع مسائل تجيء في القاعدة التي بعدها، وقد ترى هذه المسألة في غير هذا الكتاب، والضابط فيها أنك إن قدمت لفظة "بعد" جاءت أربعة أوجه: الأولى: كلها "بعدات".
الثانية: "بعدان وقبل" الثالثة: "بعد وقبلان" الرابعة: "بعد وقبل ثم بعد" وإن تقدمت لفظة "قبل" جاءت أربعة كذلك.
إذا عرفت هذا فضابط الجواب عن هذه الأقسام الثمانية، أنه إذا اتفقت الألفاظ، فإن كان "قبلا"، فيكون الشهر هو الذي تقدمه رمضان بثلاثة أشهر، فيقع الشهر في ذي الحجة، فكأنه قال: أنت طالق في شهر ذي الحجة، لأن المعنى: أنت طالق في شهر رمضان قبل قبل قبله، فلو قال: رمضان قبله، طلقت في شوال، ولو قال: قبل قبله، طلقت في ذي القعدة، وقبل رمضان تطلق في شعبان.
وسيأتي الكلام على "البعدات" في القاعدة التي بعدها، وإن قال: في شهر قبل قبل رمضان طلقت في جماى، وقيل: في رجب، وقيل في شعبان.

القاعدة الثانية والثلاثون
قاعدة: "بعد" ظرف زمان يدل على تأخر ما قبله عما بعده إذا علمت ذلك، فمن فروع القاعدة ما ذكرناه في المسألة الأولى.
إذا قال: أنت طالق في شهر بعد ما بعد بعده رمضان، وقد قلبت ما في البيتين وهو:

ما يقوله الفقيه أيده الله ... ولا زال عنده الإحسان
في فتى علق الطلاق بشهر ... بعد ما بعد بعده رمضان
إذا قال: بعد ما بعد ما بعده رمضان، طلقت في جمادى الآخرة، ولو قال: بعده رمضان، أو رمضان بعده طلقت في شعبان، ولو قال: بعد بعده رمضان طلقت في رجب.


وإن اختلفت الألفاظ، وهي ست مسائل فضابطها: إن كل ما اجتمع فيه "قبل" و "بعد" فألغهما نحو قبل بعد بعده، وبعد قبل قبله، فاعتبر الثالث.
فإذا قال: قبل بعد بعده، أوبعد قبل قبله فألغ اللفظين.
الأول: يصير كأنه قال في الأول: بعده رمضان، فيكون شعبان.
وفي الثاني: كأنه قال: قبله رمضان، فيكون شوال.
وتقرير هذا أن كل شهر واقع قبل ما هو بعده، ويعد ما هو قبله، وإن توسطت لفظة بين مضادين لها، نحو قبل بعد قبله، وبعد قبل بعده، فألغ اللفظتين: الأول: فيكون شوال في الصورة الأولى، كأنه قال في شهر قبله رمضان.
وشعبان في الثانية، كأنه قال: بعده رمضان.
وإذا قال: بعد بعد قبله، أو قبل قبل بعده، هما تمام الثمانية.
طلقت في الأولى في شعبان، فكأنه قال: بعده رمضان.
وفي الثانية في شوال، كأنه قال: قبله رمضان، والله أعلم.
ومنها: إذا قال السيد لعبده: أنت حر بعد موتي، فإنه يصح ويعتق بعد موته.
ومنها: إذا قال: إذا عتق سالم، فأنت حر بعده صح، ومتى عتق سالم عتق عبده، لأنهم ذكروا أن العتق يصح تعليقه بالصفات، وهذا من جملتها.
ومنها: إذا قال: أنت طالق بعد موتي، لم تطلق، جزم به أكثر أصحاب الإمام أحمد.
ومنها: إذا تزوج أمة أبيه، ثم قال: أنت طالق بعد موت أبي، فمات أبوه، لم تطلق، قدمه في "المقنع"، ويحتمل أن تطلق.
ومنها: إذا قال: أنت طالق اليوم وبعده وبعده، فهل تطلق ثلاثا أو واحدة؟ في المسألة وجهان حكاهما الأصحاب.
ومنها: إذا قال: بعد ما أطلقت فأنت طالق، ثم طلقها، فالذي ينبغي أن لا تطلق إلا واحدة إن كان الطلاق بائنا، مع أني لم أر للأصحاب فيها كلاما، والله أعلم.
ومنها: إذا قال: له علي درهم بعد درهم، فإنه يلزمه درهمان، جزم به أكثر أصحاب الإمام أحمد، منهم الشيخ موفق الدين في كتبه وصاحب"الوجيز" وغيرهم.
ومنها: إذا قال وقفت على أولادي وأولاد أولادي، بطنا بعد بطن.
قال الشيخ تقي الدين بن تيمية: "هذا ترتيب جملة".
قال صاحب "الفروع": "مع أنه محمتل، فإن زاد على أنه، إن توفي أحد من أولاد الموقوف عليه ابتدأ في حياة والده أي الواقف وله ولد غير الذي مات، ثم مات الأب أي الواقف عن أولاده لصلبه وعن ولد ولده لصلبه، الذي مات أبوه قبل استحقاقه، فله معهم ما لأبيه لو كان حيا، فهو صريح في ترتيب الأفراد.
وقال الشيخ تقي الدين أيضا فيما إذا قال: بطنا بعد بطن، ولم يزد شيئا: "هذه مسألة فيها نزاع، والأظهر أن نصيب كل واحد ينتقل إلى ولده، ثم إلى ولد ولده، ولا مشاركة".
وقال صاحب "الفروع" في أول هذه المسألة: "ولو قال أولادي، ثم أولادهم، ثم الفقراء، فترتيب جملة، وقيل: أفراده".
وفي الانتصار: "إذا قوبل جمع بجمع، اقتضى مقابلة الفرد منه بالفرد من مقابلة لغة، فعلى هذا الأظهر استحقاق الولد، وإن لم يستحق أبوه، قاله الشيخ تقي الدين".
وأن الأظهر فيمن وقف على ولديه نصفين، ثم أولادهما وأولاد أولادهما، وعقبهما بعدهما بطنا بعد بطن، أنه ينتقل نصيب كل واحد إلى والده، ثم ولد ولده، ولا شك أنه ترتيب، لكن الخلاف هو: هل هو ترتيب جملة أو أفراد؟.
وعند الشافعية: هو ترتيب، صرح به البندنيجي، والماوردي، وإمام الحرمين، والغزالي، والقاضي حسين، وصاحب "الذخائر"، وصححه صاحب "التعجيز"، وهو المذكور في فتاوى الشيخ تقي الدين بن رزين، ونقله الرافعي عن الزيادي.
وذهب العبادي والفوراتي والبغوي إلى عدم الترتيب، وصححه الرافعي تقليدا للبغوي، ثم النووي تقليدا للرافعي. قال الأسنوي "وهو باطل بحثا ونقلا". والذي يظهر لي من كلامهم أن اختلافهم هل هو ترتيب أم لا؟ أنه إذا لم تقل: إنه ترتيب، كل ما مات أحد من الطبقة انتقل نصيبه إلى ولده، ومن قال: إنه ترتيب يقول: لم يستحق أحد من الأولاد شيئا حتى ينقرض جميع الآباء، ثم ينتقل إلى البنين، ثم إذا انقرضوا إلى بنيهم، وإن مات أحد البنين عن أولاد، وعن إخوته الذين هم طبقته، إنما ينتقل إلى إخوته لا إلى ولده، فإذا انقرض إخوته انتقل إلى أولاده وأولادهم.

القاعدة الثالثة والثلاثين
قاعدة: "إذ" ظرف للوقت الماضي من الزمان، لازم للنصب على الظرفية، والإضافة على جملة ملفوظ بها أو مقدرة.


وأجاز الأخفش والزجاج نصبه على المفعولية، وذكر ابن مالك أنها تجيء حرفا للتعليل.
إذا علمت ذلك، فمن فروع القاعدة: إذا قال: أنت طالق إذ قمت، أو إذ تزوجتك، فإن كان المراد المضي فتطلق، أشبه ما لو قال: أنت طالق قبل أن تدخلي الدار. وإن كانت للتعليل، فيكون قوله: أنت طالق لأجل قيامك، أو لأجل تزوجك، أو لأجل نومك، أو لأجل صومك، ونحوه. والله أعلم.

القاعدة الرابعة والثلاثون
قاعدة: "إذا" ظرف للمستقبل من الزمان، فيه معنى الشرط غالبا، وقد تقع للماضي، وقد لا يكون فيها معنى الشرط، وإذا دلت على الشرط، فلا تدل على التكرار على الصحيح، قيل: بلى، واختاره ابن عصفور.
إذا علمت هذا، من فروع المسألة: إذا مت فأنت حر، فإنه يصير مدبرا بهذا، وإن قال: إذا أردت فأنت مدبر، كان على التراخي لأنه للاستقبال، بخلاف ما ذكروا في "إن شئت". وكذا في العتق، والله أعلم.
ومنها: في الطلاق، إذا قال: أنت طالق إذا قدم زيد، أو إذا جاء غدا، أو إذا جاء رأس الشهر، أو إذا شئتِ، أو إذا شاء زيد، إو إذا ذهبتِ فتطلق.
وكذا سائر التعاليق تدخل في هذه القاعدة من الطلاق والأيمان ونحوهما، وكذا في الإقرار، إذا قال: له علي ألف إذا شهد بها فلان، أو إذا جاء رأس الشهر، والله أعلم بالصواب.

القاعدة الخامسة والثلاثون
قاعدة: "إذ" تقع موقع "إذا" فتكون للمستقبل، وكذلك بالعكس في أحد المذهبين للنحاة، وأصحها المنع.
إذا علمت ذلك، فمن فروع القاعدة: جميع ما ذكر في "إذا"، فإنه يجيء في هذا إذا كان مراده، ك "أنت طالق إذ قمت"، إذا كان مراده "إذا" وإذ نمت، وإذ صمت، وإذ قمت.
والدليل على هذا ما في صحيح البخاري في حديث ورقة بن نوفل "ياليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك.." والدليل الأول قول الله عز وجل: (وإذ قال الله ياعيسى ابن مريم ءأنت قلت للناس) الآية، والله أعلم بالصواب.

القاعدة السادسة والثلاثون
قاعدة: كما لا تدل "إذا" أيضا على التكرار، لا تدل أيضا على العموم على الصحيح، وقيل: تدل عليه. وهل هي للتراخي أو على الفور؟ فيه وجهان.
إذا علمت هذا، فمن فروع المسألة: إذا قال: إذا طلقت امرأة، فعبد من عبيدي حر، ثنتان فعبدان، وثلاثا فثلاثة، وأربعا فأربعة، ثم طلقهن معا، عتق أربعة من عبيده، لأنها تقتضي التكرار. وعند الشافعية يعتق واحد لأنها لا تقضي التكرار ولا العموم، والله أعلم.
ومنها: إذا قال: إذا أتاك طلاقي فأنت طالق، ثم كتب إليها: إذا أتاك طلاقي فأنت طالق، فأتاها، وقيل: أو أتى موضع الطلاق، طلقت طلقتين، وإن أراد بالثاني الأول، ففي قبول قوله في الحكم روايتان ومنها: لو كتب إليها: إذا قرأت كتابي هذا فأنت طالق، فقرئ عليها، وقع إن كانت أمية وإلا فوجهان. وفي "الترغيب" قال أحمد: "لاتتزوج حتى يشهد عندها شهود عدول، شاهدان لا حامل الكتاب وحده، والله أعلم.
ومنها: إذا قال: إذا قمت فأنت طالق، فقامت، طلقت، ولا يتكرر الطلاق بتكرر القيام، جزم به في "الفروع"، وكذا إذا قال: إذا رأيت فقيها، أو إذا أكلت رمانة، ونحوه.
ومنها: إذا قال: إذا حضت فأنت طالق، وقع بأوله، نقل مهنا: تطلق برؤية الدم.
وفي "الانتصار" و "الفنون" و"الترغيب" و"الرعاية": يتبينه بمضي أقله، ويقع في: إذا حضت حيضة بانقطاعه، وقيل: وغسلها.
وذكر ابن عقيل رواية من أول حيضة مستقبلة، وإن قال: إن طهرت وقع الطلاق بأول طهر مستقبل، نص عليه، وفي "التنبيه" قول: حتى تغتسل.
وإذا قال: إذا حضت نصف حيضة فأنت طالق، فمضت حيضة مستقرة، وقع لنصفها، وفي وقوعه ظاهرا بمضي دم سبعة أيام ونصف، أو لنصف العادة وجهان. وقيل: فيها كالمسألتين الأوليين.
وكذا إذا قال: إذا كلمت زيدا فأنت طالق، فكلمته طلقت، ولا يتكرر بالتكرار. ويتركب على هذا مسائل كثيرة في الطلاق تفهم من هذا التركيب، وذلك أن كل مسألة فيها "إذا" تدخل في هذه القاعدة، وكذا في الأيمان والعتق.

القاعدة السابعة والثلاثون
قاعدة: "إن" من أدوات الشرط، وليست للتكرار، وهي على التراخي، ما لم تقترن بها "لم".
إذا علمت هذا، فمن فروع القاعدة:


إذا قال: إن قمتِ، أو قعدتِ، أو إن دخلتِ فأنت طالق، فقامت طلقت، ولو بعده بزمن، لأنها على التراخي، ولا يتكرر بتكراره، جزم به في "الفروع"، والله أعلم.
ومنها:: إذا قال: إذا أكلت رمانة، أو إن أكلت نصفها فأنت طالق، فأكلت رمانة فثنتان، واختار الشيخ تفي الدين بن تيمية وحدة.
ومنها: إذا قال: إن حضتِ فأنت طالق، فهي مثل"إذا". وإن قال: إن حضت فأنت وضرتك طالقتان، طلقتا بإقراره بالحيض، ولو لم تحيضا، وإن ادعته وأنكر طلقت دون ضرتها، كقوله: إن أضمرت بغضي فادعته، بخلاف دخول الدار.
وإن قال: إن حضتما فأنتما طالقتان، فادعتاه طلقتا إن صدقهما، وإن كذب واحدة طلقت وحدها.
وإن قال لأربع، فادعيته وصدقهن، طلقن، وإن كذب واحدة طلقت وحدها.
ومنها: إذا قال: أن قمت، فتارة يكون بفتح الهمزة، وتارة لا، فإن كان بفتح الهمزة شرط من العامي، وقيل: يقع إذا كان وجد ك "نحوي"، وقيل: إن نوى مقتضاه، وفيه - في الترغيب - وجه يقع "إذن" ولو لم يوجد كتطليقها لرضاء أبيها، وأطلق جماعة عن أبي بكر فيها يقع إذن.
ولو بدل "إن" ك "هي"، وفي "الكافي": يقع إذن ك "إذ"، وفيه احتمال ك "أمس"، والله أعلم.
ومنها: إذا قال: إن قمت، إن قعدت، لم تطلق حتى تقعد ثم تقوم، قدمه في "الفروع"، وذكر القاضي إنه ك "الواو"، وعنه تطلق بأحدهما، والله أعلم.
ومنها: إذا قال: إن كنت حاملا بذكر، فأنت طالق واحدة، وإن كنت حاملا بأنثى فاثنتين، فوضعتهما، فثلاث.
وإن قال: "إن كان" مكان "كنت" لم تطلق وإن قال: إن كنت حاملا، وهذه المسألة مشهور في كتب أصحاب الإمام أحمد.
ومنها: إذا قال ل "عمرة": إن طلقتك، فحفصة طالق، ثم قال ل "حفصة": إن طلقتك ف "عمرة" طالق، فحفصة هنا كعمرة هناك، والله أعلم.
ومنها: إذا قال: إذا كلمت زيدا فأنت طالق، فكلمته، طلقت، ولا يتكرر الطلاق بتكرار الكلام، ويكون ذلك على التراخي.
وهذه القاعدة يدخل فيها مسائل كثيرة في الطلاق والأيمان والعتق، ولا تخفى على الطالب إذا عرف أصلها مما قررناه، فإن العلماء ذكروا مسائل كثيرة من فروع هذه القاعدة، وغالبها في باب تعليق الطلاق بالشروط، والله الموفق.

القاعدة الثامنة والثلاثون
قاعدة: "متى" من أدوات الشرط، وليست للتكرار، وقيل: بلى وهي على التراخي.
إذا علمت ذلك فمن فروع القاعدة: إذا قال: متى قمت فأنت طالق، فقامت طلقت، جزم به الأصحاب. وهل يتكرر الطلاق بتكرار القيام؟ في المسألة وجهان، أطلقهما في الفروع، والله أعلم.
ومنها: إذا قال: متى لم أطلقك، فأنت طالق، فمضى ما يمكنه طلاقها فيه، ولم يطلقها طلقت، والله أعلم.
ومنها: إذا قال: متى حضت، أو متى حملت، أو متى ولدت، طلقت إذا، أو ولدت أو حملت، ولا يتكرر ذلك بتكرار الحمل على الصحيح، والله أعلم.
ومنها: إذا قال: متى كلمت زيدا، وحكمها حكم ما سبق.
ويدخل في هذه القاعدة مسائل كثيرة من هذا الباب، ومن باب الأيمان والعتق أيضا، والله الموفق.

القاعدة التاسعة والثلاثون
قاعدة: "مَنْ" أيضا من أدوات الشرط، وليست للتكرار، فهل هي للفور أو على التراخي؟ قولان.
إذا علمت ذلك، فمن فروع القاعدة: إذا قال: من قامت فهي طالق، فمتى قامت طلقت، ولا يتكرر بتكراره، جزم به في "الفروع" وغيره. وهل يكون على الفور؟ جزم في "الفروع" أنه على التراخي، ويمكن أن يكون مبنيا على الخلاف في الأصل، والله أعلم.
ومنها: إذا قال: من حاضت، أو من حملت، أو من ولدت، أو من طهرت. ولا يخفى أمر ذلك عليك، وكذا إذا قال: من رأت الهلال وسائر التعاليق.
ومنها: من بشرتني بقدوم أخي فهي طالق، فأخبرته به امرأتان، طلقت الأولى منهما، إلا أن تكون الثانية هي الصادقة، فتطلق وحدها، وإن قال: من أخبرتني بقدومه فهي طالق، فكذلك عند القاضي، وعند أبي الخطاب: يطلقان. ولا يخفى عليك فروع هذه القاعدة أيضا هنا، وفي الأيمان والعتق، والتدبير.

القاعدة الأربعون
قاعدة: أي أيضا من أدوات الشرط، وليست للتكرار، وهل هي على التراخي، إلا أن تضاف إلى شخص إذا علمت ذلك، فمن فروع القاعدة: إذا قال: أي وقت قمت فأنت طالق، فأي وقت قامت طلقت، ولا يتكرر بتكرار القيام، والله أعلم.


ومنها: إذا قال: أي وقت لم أطلقك فأنت طالق، ومضى ما يمكن طلاقها فيه ولم يطلق، وقع عليه الطلاق، والله أعلم.
ومنها: أي وقت حضت فأنت طالق، طلقت بأول الدم، وكذا أو وقت طهرت، وأي وقت حملت، وأي وقت ولدت، فأنه تطلق بأو وجوده. والله أعلم.
ومنها: إذا قال: أي وقت أخبرتيني بكذا، فأخبرته، وهو سكران، أو لم يسمع، أو نائم، أو في غفلة، ففيه خلاف.
ولا يخفى عليك ما يترتب على هذه القاعدة من التعاليق والله الموفق.