زينة العرائس من الطرف والنفائس في تخريج الفروع الفقهية على القواعد النحوية

القاعدة الحادية والأربعون
قاعدة: "كلما" أيضا من أدوات الشرط، وهي للتكرار، تكون على التراخي.
إذا علمت ذلك، فمن فروع القاعدة: كلما قمت فأنت طالق، فمتى قامت طلقت، ويتكرر بتكرار القيام، جزم به في "الفروع" وغيره. وكذا إذا قال: كلما صمت، أو كلما قعدت، أو كلما رأيت فقيها، أو كلما أكلت رمانة، ونحوه.
ومنها: إذا قال: كلما حاضت إحداكن فضراتها طوالق، فادعيته وصدقن، طلقن ثلاثا ثلاثا، وإن صدق واحدة لم تطلق بل ضراتها طلقة طلقة، وإن صدق ثنتين طلقتا طلقة طلقة، والمكذبتين ثنتين ثنتين، وإن صدق ثلاثا، طلقن ثنتين، والمكذبة ثلاثا، والله أعلم.
ومنها: إذا قال: كلما طلقتك فأنت طالق، ثم طلقها، ثم طلقها وقع ثنتان، وإن قال: كلما وقع عليك طلاقي، فثلاث، والله أعلم.
ومنها: إذا قال: كلما طلقتك واحدة فعبد من عبيدي حر، وكلما طلقت اثنتين فاثنتان، وثلاثا فثلاثة، وأربعا فأربعة، ثم طلقهن معا أو لا، عتق خمسة عشر، وقيل: سبعة عشر، وقيل: عشرون، وقيل: أربعة وقيل عشرة، والله أعلم.
ومنها: إذا قال: كلما كلمت زيدا، أو كلما خرجب بغير إذني، أو كلما شئت، أو كلما قعدت، أو كلما صمت، أو كلما أردت نحو هذا، فإنه يكون للتكرار، ويكون على التراخي.
ولا يخفى عليك ما يترتب على هذه القاعدة من هذا الباب، ومن كتاب الأيمان، ومن التعاليق، والله أعلم وعليه التكلان.

القاعدة الثانية والأربعون
قاعدة: حيث قلنا "إذا" للشرط، فلا يلزم اتفاق زمان شرطها وجزائها، بخلاف "متى" فإنه يشترط فيها ذلك.
إذا علمت ذلك، فمن فروع القاعدة: إذا قال: إذا جاء غدا، أو متى جاء غدا، وإذا جاء الشهر، أو متى جاء الشهر، أو إذا جاء الشتاء، ومتى جاء الشتاء.
ولا يخفى عليك ما يتعلق بهذه القاعدة. والله الموفق.

القاعدة الثالثة والأربعون
قاعدة: تقول: صمت رمضان وقمته، وإن شئت أضفت إليه "شهرا"، فتقول: قمت شهر رمضان، وجوز بعضهم إضافة" الشهر" إلى سائر الشهور، وخصه بعضهم رمضان والربيعين، وضبطه بكل شهر في أوله "راء" إلا رجب.
إذا علمت هذا: فإذا قال: صمت رمضان، فيكون العمل في جميعه في أوقات خاصة، وإن قال: صمت شهرا كان الفعل في جميعه، وإن قال: صمت شهر رمضان يحتمل أن يكون العمل في جميعه، ويحتمل أن يكون في بعضه.
إذا علمت هذا، فمن فروع القاعدة: النذر، إذا نذر صيام شهر أو شهر رمضان، أو شهر رجب، أو شهر ربيع الأول، أو شهر صفر بلا "شهرا" وكذا الاعتكاف، والنذر ونحو ذلك والله أعلم.

القاعدة الرابعة والأربعون
قاعدة: إذا علق فعلا بيوم، كان في بعضه وفي جميعه، سواء أضفت إليه شهرا أو لا، وقال ابن خروف: هي كالشهور فيجيء فيها ما فيها.
ويترتب على ذلك التعاليق ونحوها، والأيام البيض الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، وغيره الشهر ثلاثة أيام من أوله.
وسَلْخ الشهر وانسلاخه ومُنْسَلَخُهُ، بضم الميم وفتح السين واللام، وهو اليوم الأخير منه والليلة الأخيرة. وينبني على ذلك التعاليق في الطلاق، والله أعلم.
و"الوسط" - بسكون السين - ظرف مكان، وينبني عليه التعاليق في الطلاق والقرض ونحوهما، كما لو قيل: إذا جاء وسط الشهر، أو وسط السنة، أو وسط الدار، أو وسط النهر، ونحوه والله أعلم.

القاعدة الخامسة والأربعون
قاعدة: هل "غير" هو الصفة، والاستثناء لها عارض، بعكس "إلا"؟ إذا علمت هذا، فمن فروع القاعدة: إذا قال: علي درهم غير دانق، فإنه يكون استثناء، كما يفهم من كلام الأصحاب، وهو الصحيح من مذهب الشافعي، وقال بعض الشافعية والنحاة: إن رفع "غير" فعليه درهم تام، لأنه صفة، ومنها: إذا قال: كل امرأة لي غيرك طالق فقط استثناها، إلا ما يفهم من كلام بعض الشافعية.


فإن قال كل امرأة لي غير هند طالق، فلم أر لأصحابنا فيها شيئا، وهذه على كلام من يقول: إنها تطلق هناك تطلق هنا من باب أولى، وأما على قواعدنا فلا يجيء هذا، والله أعلم بالصواب.

القاعدة السادسة والأربعون
قاعدة: كيف للحال، سواء كانت استفهاما أو خبرا إذا علمت هذا، فمن فروع القاعدة: إذا قال: أنت طالق كيف شئت، لم تطلق حتى تشاء، جزم به أكثر الأصحاب، وهو على التراخي، قدمه في "الفروع" و "المقنع" وهو الصحيح، وقيل: تختص إن بالمجلس، حكاه في "الفروع" قولا، وفي "المقنع" احتمال، ولو شاءت كارهة، ذكره في "الفروع"، وقيل يقع وإن لم تشأ، حكاه فيها.
ومنها: في القذف، إذا قال: كيف زنيت؟ فانه صريح في القذف، والله أعلم.

القاعدة السابعة والأربعون
قاعدة: صيغة الجمع "كل" عند الإطلاق من ألفاظ العموم الدالة على التفصيل إذا تقرر هذا، فمن فروع القاعدة: إذا أجره كل يوم، أو كل شهر بعشرة، صح، جزم به في "المقنع" و"الفروع".
ومنها: إذا استأجره كل دلو بتمر بتمرة صح، نص عليه الإمام أحمد، وجزم به غالب الأصحاب.
ومنها: إذا أكراه الدابة عشرة أيام، فما زاد فله بكل يوم درهم، فقال أحمد: هو جائز، وقال القاضي: يصح في العشرة وحدها، والله أعلم.
ومنها: إذا قال: كل عبد أملكه أو لي حر، عتق مدبروه، ومكاتبوه، وأمهات اولاده، وشقص ما يملكه. جزم به في "المقنع" و"الفروع"، وعبد عبده التاجر. والله أعلم.
ومنها: إذا باعه وشرط البراءة من كل عيب، فهو فاسد لا يبطل البيع ولا يبرأ به، قدمه في "المقنع" و "الفروع"، وقال: "في ظاهر المذهب. قال أبو الخطاب وجماعة، لأنه خيار يثبت بعد البيع، فلا يسقط قبله كالشفعة، واعتمد عليه في "عيون المسائل"، وعنه: يبرأ إن لم يكتمه ونقل ابن هانئ: إن عينه صح، ومعناه نقل ابن القاسم وغيره: لا يبرأ إلا أن يخبره بالعيوب كلها لأنه مرفق في البيع كالأجل والخيار. وفي "الانتصار": الأشبه بأصولنا أن ننصر الصحة كبراءة من مجهول، وذكره أيضا هو وغيره رواية، وإن خرج عيب باطن لايعرف غوره فاحتمالان، وإن باعه على أنه به، وأنه برئ صح.
ومنها: إذا قال: أنت طالق كل الطلاق، فإنها تطلق ثلاثا، جزم به الأصحاب.
ومنها: إذا قال: كل واحدة منكن طالق، طلق جميع نسائه، والله أعلم.
ومنها: إذا قال: أنت طالق كل يوم، فهل تطلق واحدة، أو ثلاثا؟ يخرج على وجهين، والله أعلم.

القاعدة الثامنة والأربعون
قاعدة: يشترط في التثنية والجمع اتحاد المفردات في اللفظ، وهل يشترط اتحادهما في المعنى؟ فيه مذهبان.
إذا علمت ذلك، فمن فروع القاعدة: إذا وقف على مواليه، وله موال من فوق، وموال من أسفل، تناول جميعهم، قدمه غير واحد من الأصحاب، وقال ابن حامد: "تختص الموالي من فوق"
القاعدة التاسعة والأربعون
قاعدة: "القوم" اسم جمع للرجال، واحده في المعنى"رجل" ذكره النحاة واللغويون، واستدلوا بقوله تعالى: (ياأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن) ويقول الشاعر:

فما أدري ولست أخال أدري ... أقوم آل حصين أم نساء
إذا علمت هذا فمن فروع القاعدة: ما إذا أوصى، أو وقف على قوم، فهو للرجال والنساء من أولاده، وأولاد أبيه، وجد أبيه، وعنه إن كان يصل قرابته من قبل إمه، صرف إليهم وإلا فلا.، وحكى في "الفروع" عن ابن الجوزي أنه للرجال دون النساء وهو مذهب الشافعي.
ونقل القاضي أبو الفتوح من الشافعية في كتاب "أحكام الخنائي" في دخولهن وجهين.

القاعدة الخمسون
قاعدة: أقل الجمع "ثلاثة" وهو الصحيح عند النحاة، وقيل اثنان، وأكثره، عشرة.
إذا علمت هذا، فمن فروع المسألة: إذا قال: له علي دراهم، فله "ثلاثة"، جزم به في "المقنع" وغيره، وقدمه في "الفروع"، وقال: "ويتوجه أن يلزمه عشرة"، وأما الشافعية فمنهم من قال: يلزمه ثلاثة، ومنهم من بناها على هذه القاعدة.
ومنها: إذا قال: أعتقت عبيدا، أو نذرت دراهم، أو صلاة، أو صياما، ونحو ذلك.


ومنها: صلاة الجماعة، هل لا بد فيها من ثلاثة، أو اثنان يكفي فيها؟ فالذي جزم به في "الكافي" و"الفروع" يكفي اثنان، قال في "الكافي": فإن أم الرجل عبده، أو أمته كان جماعة..".
ومنها: الأم له الثلث إذ لم يكن له ولد، ولا ولد ابن وكذا اثنان من الإخوة، لقوله تعالى: (فإن كان له إخوة) هذا جمع فأقل الجمع اثنان، وقال مجاهد: ثلاثة لأنه أقل الجمع.
ومنها: الصلاة على الميت، ويكفي فيها واحد، جزم به في "الفروع"، وعند الشافعية يكفي واحد، وقيل: لا يكفي.
وهل يشترط إذا لم يكف اثنان أو ثلاثة؟ على وجهين.
ومنها: شهادة الاستفاضة، تثبت من عدلين، قاله القاضي، وظاهر كلام أحمد والخرقي، وجزم به أكثر الأصحاب، لاتثبت إلا من عدد يقع العلم بخبرهم.