زينة العرائس من الطرف والنفائس في تخريج الفروع الفقهية
على القواعد النحوية القاعدة الواحدة
والخمسون
قاعدة: بضعة عشر رجلا، وبضع عشرة امرأة للمونث - ب "تاء" - في "عشرة"
وللمذكر في "بضعة".
ولا يخفى عليك فروع هذه القاعدة.
القاعدة الثانية والخمسون
قاعدة: المضارع حقيقة في الحال، مجاز في الاستقبال، وقيل عكس هذا،
وقيل: لا يستعمل في الاستقبال أصلا، وقيل: لا يستعمل في الحال أصلا.
وقيل: مشترك بينهما، وهو الصحيح.
إذا علمت هذا، فمن فروع القاعدة: إذا قال لزوجته: طلقي نفسك، فقالت:
أطلق، فتارة تريد الوقوع في الحال فيقع، وتارة تريد الاستقبال فلا يقع
في الحال شيء، وتارة تريد المعنى.
ومنها: إذا ادعى عليه فقال: أنا أقر، فقد قال الأصحاب: إنه لا يكون
إقرارا، جزم به أكثرهم، وصححه في "الفروع".
القاعدة الثالثة والخمسون
قاعدة: المضارع المنفي ب "لا" يتخلص للاستقبال، وقيل: هو للأمرين فإن
دخلت عليه "لام" الابتداء، أو حصل النفي ب "ليس" أو كان مضارعا، ففي
تعيينه الحال قولان.
إذا علمت ذلك، فمن فروع القاعدة: اليمين على هذه الصفة.
ومنها: إذا ادعى عليه فقال: لا أنكر، فجزم في "المقنع" أنه لا يكون
مقرا في "لا أنكر"، وصححه في "الفروع"، وذكر الأزجي إن قال: لا أنكر
دعواك، يكون مقرا، والله أعلم.
ومنها: إذا قال الموصَى له: لا أقبل هذه الوصية، كان ردا لها، ليس فيه
خلاف لكن بعد الموت.
القاعدة الرابعة والخمسون
قاعدة: الفعل الماضي إذا وقع شرطا انقلب إلى الإنشاء.
إذا علمت هذا، فمن فروع القاعدة: إذا قال: إن قمت فأنت طالق، فلا يحمل
على قيام صدر منها. قبل: هذا ليس في طلاق، وكذا العتق ونحوه.
القاعدة الخامسة والخمسون
قاعدة: "كان" تدل على اتصال في اسمها بخبرها في الماضي، وهل تدل على
انقطاعه أم لا، بل هي ساكتة عنه؟ فيه قولان.
إذا علمت هذا، فمن فروع القاعدة: إذا ادعى عينا فشهدت بينة أنها كانت
له لم تقبل ومنها: إذا قال: كان علي ألف، فقال الخرقي: ليس بإقرار،
والقول قوله مع يمينه.، وقال أبو الخطاب: يكون مقرا مدعيا للقضاء.
ومنها: إذا قال: إن كانت زوجتي: "طالق"، فليس هذا صريح في لفظ الطلاق،
ومهما قال فلن يقبل منه.
ومنها: إذا قال: كان عبدي "حر"، عتق، إلا أن يريد حرا قبل أسره فيدين
فيه.، وهل يقبل في الحكم؟ يخرج على روايتين.
القاعدة السادسة والخمسون
قاعدة: "أرى" يستعمل بمعنى "علم" وبمعنى "ظن"، تقول: رأيت الله عظيما،
أي علمت. وفي أظن تقول: رأيت أن يجيء الخبر، ونحوه.
إذا علمت هذا، فمن فروع القاعدة: إذا قال لغيره أنت ترى أن عبدي حر،
فإن قلنا: إنه للعلم عتق، وإن قلنا: للظن لم يعتق. ولكن يتعين هنا
العتق، لأنها تطلق على العلم والظن، فتحقق العتق، وهذا قاله أيضا
الرافعي من الشافعية، وقاله عن الروياني، وقال النووي: الصواب عدم
الوقوع. قال الأسنوي "وقول النووي واضح".
قلت والله أعلم: إنهم نظروا إلى أن الحرية ثابتة، وهذا لفظ يحتمل العتق
وعدمه، فالحرية ثابتة، والعتق مشكوك فيه، فظاهر كلام الأسنوي أنه يرجع
إلى نية القائل، فإن قال أردت"العلم" عتق، وإن قال: "تظن" لم يعتق،
وكذا الطلاق.
القاعدة السابعة والخمسون
قاعدة: "كاد" في الإثبات مثل: كاد زيد يفعل، معناها مقاربة الفعل،
والنفي مثل: ما كاد زيد يفعل فمعناها الإثبات، أي فعل بعد مشقة،
والصحيح أنه لنفي المقاربة، ويلزم من عدم المقاربة عدم الفعل.
إذا علمت هذا، فمن فروع القاعدة: إذا قال:
ما كدت أطلق امرأتي، أو ما كدت أعتق عبدي، طلقت على الأول دون الثاني،
هذا هو القياس، وجزم البغوي في "فتاويه" بالوقوع. وإن قال: كدت، لم
تطلق بغير خلاف، وكذا في العتق والله أعلم بالصواب.
القاعدة الثامنة والخمسون
قاعدة: "الباء" الموحدة تكون للسببية كقوله تعالى: (فبظلم من الذين
هادوا) ، وبمعنى "في" كقوله تعالى: (لتمرون عليهم مصبحين وبالليل) .
إذا علمت هذا فمن فروع القاعدة: إذا قال: إن عصيت بسفرك فإنت طالق،
فينظر - فإن إراد بنفس السفر طلقت إذا كان السفر سفر معصية، وإن لم يرد
نفس السفر لكنه أراد معصيتها فيه، لم تطلق بالسفر، ويحتمل أن تطلق
عاصية بالسفر، والأول أصح لأنه علم أن سفرها معصية ولم يطلقها به،
وإنما طلقها بالمعصية فيه. والله أعلم. وهي تبنى على القاعدة: إن إراد
بمعنى "في" أو "بسبب السفر".
ومنها: إذا قال: وقفت هذا بهذا، فإن إراد سبب وقف هذا لم يصر وفقا، وإن
أراد "في" صار وقفا، والله أعلم.
ومنها: إذا قال: أعتقت هذا بهذا، أو طلقت هذه بهذه، فإن أراد السببية
لم يعتق الثاني ولم تطلق الثانية، وإن أراد "في" عتق وطلقت، وإن ادعى
هذا دين، وهل يقبل في الحكم؟ على روايتين.
ومنها: إذا قال: طلقة بطلقتين، فإن أراد "في" طلقت ثلاثا، وإن أراد
تعدل طلقتين، طلقت طلقتين، وإن أراد الاستصحاب، أن مع طلقتين، طلقت
ثلاثا، والله أعلم.
القاعدة التاسعة والخمسون
قاعدة: "من" تستعمل لمعان منها التبعيض، مثل أخذت من الدراهم إذا علمت
هذا، فمن فروع القاعدة: إذا قال لزوجته: اختاري من ثلاث طلقات ماشئت،
لم يكن لها أن تختار أكثر من اثنتين، كما قد صرح به الأصحاب في غالب
كتبهم.
ومنها: إذا قال: بع من عبيدي ما شئت، فالظاهر فيه الصحة. قال في
"الكافي": "وإن كان وكله في بيع ماله كله، أو ما شاء منه، أو قبض ديونه
كلها، أو بالإبراء منها، أو ما شاء منها صح. ويحتمل عدم الصحة.، قال في
"الكافي": "ولاتصح إلا في تصرف معلوم، وهنا التوكيل مجهول، ولا يجوز أن
يبيع الجميع.
قال القاضي علاء الدين: في "القواعد": "هل يبيع الجميع استعمالا للفظة
"من" بمعنى التبيين، أو البعض استعمالا لها بمعنى التبعيض؟ وظاهر كلام
الأصحاب جواز بيع الجميع".
وصحت الوكالة، ذكره الرافعي من الشافعية في "المهذب" و "التهذيب"، وذكر
في "الحلية" ما يخالفه، فإن قال: لا يصح حتى يميز. زاد النووي في
"الروضة" بإنه يتصرف في البعض، لأن"من" للتبعيض، وبه صرح إمام الحرمين
والغزالي في "البسيط"، قالوا: ولو باعهم إلا واحدا صح.
والنووي في "الروضة" قد استدرك على الرافعي، فقال: إن الذي نقله عن
"الحلية" إن كان المراد به "حلية" الروياني، فهو غلط من الرافعي، فإن
المذكور في "الحلية" خلافه، ثم ذكر كلام الحلية.
قال الأسنوي: "والذي ذكره النووي غلط فاحش، فإن الروياني قد صرح بذلك
في "الحلية"، فذهل عنه النووي، وذكر كلاما آخر مذكورا بعده بنحو خمسة
أسطر ظنا منه أنه هو".
ومنها: إذا قال: له علي من درهم إلى عشرة لزمه ثمانية، وجزم به ابن
شهاب، وقيل: عشرة، وقيل: تسعة.
القاعدة الستون
قاعدة: تكون "من" أيضا للتعليل، كقوله تعالى: (كلما أرادوا أن يخرجوا
منها من غم) . وتأتي بمعنى "الباء" كقوله عز وجل: (يحفظونه من أمر
الله) و (يلقي الروح من أمره) . وبمعنى "في" كقوله عز وجل: (أروني ماذا
خلقوا من الأرض) وبمعنى "على" كقوله عز وجل: (ونصرناه من القوم) وتكون
زائدة في المنفي وشبهه، وهو النهي والاستفهام، إذا كان المجرور نكرة
كقوله عز وجل: (ما لكم من إلاه غيره) . وأما في الإثبات فلا يجوز،
وقيل: بلى مطلقا لقوله تعالى: (يغفر لكم من ذنوبكم) ، وقيل: إن كان
نكرة جاز كقوله: (يحلون فيها من أساور) وإن كان معرفة فلا.
إذا علمت هذا، فمن فروع القاعدة: أذا قال: برئت من طلاقك، إن أراد علة
الطلاق لم تطلق، وإن نوى الطلاق وقع.، وقال بعض الشافعية: إن أراد برئت
إليك من طلاقك طلقت.
ومن فروع الثانية: إذا قال: أنت حر منه، لم يعتق إلا الأول، لأنه أراد
العلة، إذا أن يرد ب "من" بمعنى "الباء" أي به، فيعتق العبدان، وكذا
إذا قال: أنت طالق منها، وكذا في الوقت.
ومنها: إذا قال: أنت طالق من عدد الحصي أو الرمل ونحوه، فإذا أراد
العلة طلقت واحدة، وإن أراد بمعنى "الباء" طلقت ثلاثا.
ومنها: إذا قال: أنت طالق بالمعصية من سفرك، إذا أراد بها "في" لم تطلق
إلا بالمعصية فيه، وإن أراد "الباء" لم تطلق إلا أن يكون السفر سفر
معصية.
ومنها: إذا قال: أنت طالق واحدة ومن هذه ثنتان، إن نوى من أجل هذه
ثنتان، طلقت ثلاثا، وإن نوى بها "على" - أي على هذه ثنتان - فتطلق
الأولى واحدة، والثانية ثنتين، والله أعلم.
ومنها: إذا قال: أنوي زوجة لي منكِ، فالنكاح يصح لأن "من" زائدة، وكذا
عند الشافعية.
وإن نزلت هذه على القاعدة، وقع الخلاف فيها، لأنه إثبات، وكذا في
الطلاق والبيع ونحو ذلك، والله أعلم. |