شرح الدرة اليتيمة

عناصر الدرس
* حد الاسم وعلاماته.
* حد الفعل وعلاماته.
* حد الحرف وأقسامه.
* حد الإعراب وأقسامه.

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، له وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد.
هذا هو الباب الثاني من أبواب الدرة اليتيمة، حيث ذكر الباب الأول في حد الكلام والكلمة وأقسامهما، فذكر حد الكلام، ثم ذكر قسمي الكلام أنه ينقسم إلى:
جملةٍ اسمية.
وجملةٍ فعلية.
وهذا التقسيم فيه نوع اتفاق، لِمَ؟ لأن الأصل في تقدير الكلام أنه ينقسم إلى خبر وإنشاء، هذا هو الأصل، والخبر ما احتمل الصدق والكذب لذاته، والإنشاء ما لا يحتمل الصدق والكذب لذاته.
محتملٌ للصدق والكذب الخبر ... وغيره الإنشاء ولا ثالث قط

ثم ذكر حدَّ الكلمة قال: (وَحَدُّ كِلْمَةٍ فَقَوْلٌ مُفْرَدُ). ثم قَسَّم الكلمة إلى اسمٍ وفعلٍ وحرفٌ يُدخل أي: حرف معنى احترازًا من حرف المبنى، ثم ذكر علامةٍ لكل قسمٍ من هذه الأقسام الثلاثة فذكر للاسم خمس علامات، وذكر للفعل مع تقسيم كل فعل، لأن الفعل ينقسم إلى ثلاثة أقسام: فعلٌ مضارع، وأمر، وماضي. وذكر لكل فعلٍ علامةً واحدة يختص بها دون غيره من الأفعال، لأن علامة الفعل منها ما هو مشتركٌ ومنها ما هو مختص، وذكر المختص تسويدًا واختصارًا، وذكر للاسم خمس علامات لم؟ لكون الاسم أكثر من الفعل، فيحتاج إلى مزيد عناية قال:
فاسْمٌ بِتَنْوِيْنٍ وَجَرٍّ وَنِدَا ... وَأَلْ بِلا قَيْدٍ وَإِسْنَادٍ بَدَا
وَاعْرِفْ لِمَا ضَارَعَ مِنْ فِعْلٍ بِلَمْ ... ..............................

(بِلَمْ) هنا يرد سؤال لم هل هي حرفٌ أم اسم؟ حرف، وحرف الجر من علامات الاسم أم الفعل أم الحرف؟ من علامات الاسم، فكيف نقول: (وَاعْرِفْ لِمَا ضَارَعَ مِنْ فِعْلٍ بِلَمْ). الباء حرف جر، ولم حرف، هل يدخل الحرف على الحرف؟ مَرَرْتُ بِزَيْدٍ، زَيْدٌ نقول: هذا اسم لدخول حرف الجر، فالجر علامةٌ على كون مدخوله اسمًا لا فعلاً ولا حرفًا، وهنا قال: (بِلَمْ). دخل حرف الجر على لم وهي حرف، هل نقول: لم هذه اسمٌ أم نقول: إنها حرف؟ حرف، وماذا نقول: عن دخول حرف الجر هنا؟
.
نعم أحسنت، من هذا؟

نعم، فنقول: الحرف قد يقصد لفظه دون معناه فيصير اسمًا، [إذا قُصِدَ معنى الحرف دونه] (1) فإذا قصد لفظ الحرف دون معناه نقول: صار الحرف علمًا، فيجوز حينئذٍ أن يدخل عليه علامة الاسم، كذلك قال الشاعر:
أُلامُ عَلَى لَوٍّ وَلَوْ كُنْتُ عالِمًا ... بأدبار لوٍّ لم تفتني أوائله
__________
(1) سبق.


أُلامُ على لوٍّ، التنوين هذا من خواص الاسم، ولو حرفٌ أم اسم؟ حرف، كيف دخل التنوين على الحرف؟ نقول: قُصِدَ لفظه، وإذا قُصِدُ لفظ الحرف دون معناه صار اسمًا علمًا، وحينئذٍ يجوز دخول علامات الاسم عليه، كذلك الفعل إذا قصد لفظه دون معناه صار علمًا لذلك تقول: ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا. زَيْدٌ هذا مرفوعٌ بضرب، الباء حرف جر وضرب هذا فعل فكيف دخل حرف الجر على الفعل وهو من خواص الأسماء، نقول: قُصِدَ لفظه دون معناه، لا يُخْبر إلا عن الأسماء، أما قال: (وَإِسْنَادٍ)؟ قلنا: الإسناد المراد به الإخبار، إذا أخبر عن الكلمة دل على أنها اسمٌ، إذا حدثت عن الكلمة دل على أنها اسمٌ، فتقول: ضَرَبَ فعل ماضي. فعلٌ ماضي هذا خبر، والخبر لا بد له من مبتدأ، أين المبتدأ؟ تقول: ضَرَبْ، ضَرَبَ فعلٌ ماضي، لماذا؟ لأنك قصدت هنا في هذا الترتيب ضَرَبَ قصدت اللفظ دون المعنى، أما في قولك: ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا. هنا قُصد المعنى، ولذلك يحتاج إلى فاعل وإلى مفعولٍ به، ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا، ضَرَبَ لا بد من الفاعل، أين هو؟ زَيْدٌ، لا بد من مفعول أين هو؟ عَمْرًا، أما ضَرَبَ فعلٌ ماضي في الإعراب هكذا تقول: ضَرَبَ فعلٌ ماضي، أين فاعله؟ لا فاعل له، لا، في هذا التركيب ضَرَبَ فعلٌ ماضي، هذا تركيب وهو لغةٌ فصيحة يقول الْمُعْرِب: ضَرَبَ فعلٌ ماضي. فِعْلٌ ماضي هذا خبر، ضَرَبَ هذا مبتدأ، الدليل على أنه اسمٌ أنه لا فاعل له، ولذلك تقول: مرفوعٌ بضرب.
الحاصل: أن الإسناد الذي سبق ذكره في قوله: (وَإِسْنَادٍ بَدَا). ... (وَإِسْنَادٍ) قد يكون الإسناد معنويًّا وقد يكون لفظيًّا قوله: (بِلَمْ). دخلت حرف الجر على لم لكونها علمًا، إذا قصد لفظ الفعل نقول: هذا إسنادٌ لفظي. وإذا قصد مضمون المبتدأ نقول: هذا إسنادٌ معنوي. زَيْدٌ قَائِمٌ قائِمٌ هذا ما إعرابه؟ خبر، وَزَيْدٌ مبتدأ، زَيْدٌ اسمٌ مسماه زَ هل الذي اتصف بالقيام هنا الاسم أم المسمى؟ المسمى، المسمى هو الذي اتصف بالقيام، إذًا قصد بهذا التركيب مضمون المبتدأ، هذا يسمى الإسناد إسنادًا معنويًّا إذا قلت: زَيْدٌ اسْمٌ ثُلاثِي. زَيْدٌ مبتدأ اسْمٌ ثُلاثِي هذا خبر، هل المقصود الاسم أم المسمّى؟ [قطعًا المسمّى] (1)، المسمّى؟
..
قطعًا الاسم لا المسمى، إذا قيل: زَيْدٌ اسْمٌ ثُلاثِي. نقول: هذا الإسناد إسنادٌ لفظي، لماذا؟ لأنه لم يقصد مضمون المبتدأ معنى المبتدأ، إن قصد بالخبر مضمون ومعنى المبتدأ فهو إسنادٌ معنوي، وإن قصد اللفظ فهو إسنادٌ لفظيٌّ.
وَاعْرِفْ لِمَا ضَارَعَ مِنْ فِعْلٍ بِلَمْ ... وَالتَّاءُ مِنْ قَامَتْ لِمَاضِيْهِ عَلَمْ
وَالْيَاءُ مِنْ خَافِي بِهَا الأَمْرُ انْجَلَى ... .............................
__________
(1) سبق.


(الأَمْرُ) هنا لا بد من تقييده لأن المراد به ما دل على الطلب بصيغته، لا بد من كلمة بصيغته، لماذا؟ لِيُخْرج ما دل على الطلب بواسطة، وهو الفعل المضارع المقرون بلام الأمر أو بلا الناهية، إذا قيل: {لِيُنفِقْ} [الطلاق: 7] هل دل على الطلب؟ نعم دل على الطلب، أصل الفعل ينفق هل ينفق دل على الطلب؟ أم {لِيُنفِقْ} دل على الطلب؟ ... {لِيُنفِقْ}، إذًا ليس الفعل بذاته دالاً على الطلب، وإنما دل على الطلب بواسطة لام الأمر، لا تَضْرِبْ تَضرب هذا دل على الطلب، لكن لا بذاته وإنما بواسطة لا الناهية، إذًا لا بد أن يقال فيما يستدل به على أن الكلمة فعل أمر أنه يكون دالاً على الطلب ولا نكتفي بهذا لا بد أن نقول: بصيغته، يعني: بدون واسطة، ليخرج نحو: {لِيُنفِقْ}، ... {وَلَا تَحْزَنَ}. هذا دالٌ على الطلب ولكن بواسطة لا النافية.
وَالْيَاءُ مِنْ خَافِي بِهَا الأَمْرُ انْجَلَى ... وَالْحَرْفُ عَنْ كُلِّ الْعَلامَاتِ خَلا

أي: خلا الحرف الذي هو قسيم الاسم والفعل من كل العلامات، سواءٌ كانت العلامات المذكورة أم التي لم تذكر، ويقسم الحرف عندهم إلى مشترك، ومتصل. مشترك يعني: داخلٌ على الاسم والفعل كـ هَل، هل هذه مشتركة ليست خاصةً بالاسم ولا خاصةً بالفعل، هَلْ قَامَ زَيْدٌ؟ دخلت على الجملة الفعلية، هَلْ زَيْدٌ قَائِمٌ؟ دخلت على الجملة الاسمية، والمختص نوعان: مختصٌ بالاسم كمثل ماذا مختصٌ بالاسم؟
..
مثل حرف جر، مَرَرْتُ بِزَيْدٍ، حروف الجر هذه خاصة بالأسماء، أل التي للتعريف هذه خاصةٌ بالأسماء.
ومختصٌ بالفعل نحو: تاء التأنيث، لن، النواصب والجوازم وحروف أنيت هذه كلها خاصة بالفعل، إذًا الحرف ينقسم إلى قسمين عامين مشترك، يعني: يدخل على الاسم وعلى الفعل.
ومختصٌ بالاسم ومختصٌ بالفعل، والأصل فيما اختص أن يعمل الأثر الذي اختص به مفعوله، هذا هو الأصل وإذا لم يعمل لا بد من السؤال ما لم ينزل منزلة الجزء من مدخوله.
ثم قال رحمه الله:
(بَابُ أَقْسَامِ الإعْرَابِ)
لما ذكر الكلام ذكر الإعراب، الإعراب سبق أن البحث في علم النحو إنما يكون في الكلمات العربية هي موضعٍ علم النحو، وقلنا: البحث في الكلمات العربية من جهة الإعراب والبناء، قدم البحث في الكلام على البحث في الإعراب لِمَ؟ لأن الكلام محل، الإعراب أين يظهر؟ في الكلام، إذًا الكلام محل كالطبق، والإعراب حالٌ كالأكل الذي يوضع على الطبق، فالعلم بالمحل مقدمٌ على العلم بالحال، إذًا لا بد من تقديم بحث الكلام، ثم بعد ذلك نتكلم عن الإعراب، لا نعكس نقدم الإعراب على الكلام لِمَ؟ لأن الإعرابَ حالٌ ينزب له محل، والكلام محلٌ لحلول الإعراب، إذًا فالعلم بالمحل مقدمٌ على العلم بالحال.


(بَابُ أَقْسَامِ الإعْرَابِ) بكسر الهمزة مصدر أَعْرَبَ يُعْرِبُ إِعْرَابًا، الإعراب له معنيان: معنًى لغوي، ومعنًى اصطلاحي. الأنسب لما يذكر هنا من معانيه اللغوية الإبانة والإظهار تقول: أَعْرَبَ زَيْدٌ عَمَّا فِي نَفْسِهِ إِذَا أَبَانَ. وهذا أنسب ما يكون هنا، لم؟ لأنه على الصحيح وهذا الذي يذكر أن الإعراب لفظي، والإعراب إنما جيء به لتمييز المعاني المختلفة على الكلمة الواحدة، الكلمة الواحد كزيد هذه كلمة لا توصف بالإعراب إلا بعد ترتيبها، زيد قد تقع فاعل، وقد تقع مفعولاً به، وقد تقع مجرورةً، وقد تقع مضافةً، هذه المعاني أربعة على سبيل المثال، هذه معاني أربعة تتوالى على كلمةٍ واحدة في تراكيب مختلفة، ما الذي يُمَيِّز أن زَيْدًا فاعل وأن زَيْدًا مفعولاً به وأن زَيْدًا مجرورٌ بالباء مثلاً إلا الإعراب لا يُمَيِّز هذا المعنى عن ذاك إلا الإعراب فإذا قلت: جَاءَ زَيْد، رَأَيْتُ زَيْد، مَرَرْتُ بِزَيْد. زَيْد في المثال الأول جَاءَ زَيْد فاعل، لم؟ لكون الفعل العامل السابق يقتضي، يعني: يطلب فاعلاً، لم يقتضي فاعلاً؟ لأن جَاءَ حدث، يعني: فعل يطلب من الإنسان، المجيء لوحده لو تصور الإنسان المجيء لا يمكن أن يتصور المجيء بدون فاعل، لأن كل حدثٍ لا بد له من محدثٍ، إذًا الأفعال تقتضي فاعلين فلا بد أن يكون لكل فعلٍ فاعل، وإذا كان كذلك لا يميِّز أن هذا فاعل إلا كونه مرفوعًا، لأنه القاعدة العامة باستقراء كلام العرب أن كل فاعلٍ يكون مرفوعًا، رَأَيْتُ زَيْدًا أو ضَرَبْتُ زَيْدًا زَيدًا هنا معناها ليس كمعناها في جَاءَ زَيْد لم؟ لكونه في الأول جَاءَ زَيْد هو فاعل المجيء، وهنا وقع عليه الحدث، إذًا فرقٌ بينهما، ما الذي مَيَّز هذا عن ذاك؟ هو الإعراب نفسه، فنقول: المعنى اللغوي الذي يناسب ما معنى هو الإبانة، لماذا؟ لأنه يقال: أَعْرَبَ زَيْدٌ عَمَّا فِي نَفْسِهِ إِذَا أَبَانَهَا أو أبانه وأظهره، أما في الاصطلاح فعلى الصحيح أن الإعراب لفظيٌّ وهو مذهب البصريين فحده يعني: تعريفه، أثرٌ ظاهرٌ أو مقدر يجلبه العامل في آخر الكلمة أو ما نُزّل مُنَزلةً، شرح التعريف إجمالاً نقول: أثر المقصود به الحركة أو الحرف أو السكون أو الحد، أثر قوله: أثر. المقصود به الحركة، نفس الحركة الضمة الفتحة الكسرة السكون، لكن السكون نفرده لأنه إطلاق الحركة عليه من باب التوسع وإلا في الأصل هو ليس بحركة، لأنه عدم والحرف وجود، فكيف يطلق على المعدوم أنه موجود؟ فالحركة موجودة والسكون مفقودٌ معدوم، إذًا أثرٌ المقصود به نفس الحركة الضمة أو الفتحة أو الكسرة، أو الحرف كما في المثنى الزيدان الألف هذه في حالة الرفع هي أثر، الزيدين في حالة النصب والجر هي أثر، أثرٌ ظاهرٌ أو مقدر هذا تقسيمٌ للإعراب، لأن الإعراب نوعان:
إعرابٌ ظاهر.
وإعرابٌ مقدر.


وسيذكره الناظم في هذا الباب، أثرٌ ظاهرٌ أو مقدر يجلبه، الضمير يعود على الأثر يجلبه، يعني: ما الذي يجلب هذا الأثر؟ قال: يجلبه يجلب بضم اللام أو بكسرها، يجوز الوجهان يجلِبه يعني: يطلبه ويقتضيه، يجلُبه أثرٌ ظاهرٌ أو مقدر يجلبه العامل في آخر الكلمة، إذًا يكون الضم أثرًا لعامل كالفعل في جَاءَ زَيْدٌ، والحرف في مَرَرْتُ بِزَيْدٍ، زيدٍ الكسرة هذه أثر، ما الذي أتى بها؟ حرف الجر، رَأَيْتُ زَيْدًا الفتحة التي على زَيْد ما الذي أتى بها؟ رَأَى، إذًا يجلبه، يعني: يطلبه العامل، والعامل حده ما أوجب كون آخر الكلمة على وجهٍ مخصوص من رفعٍ، أو نصبٍ، أو جرٍ، أو جزم، في آخر الكلمة هذا بيانٌ لمحل الإعراب، أين يكون محل الإعراب؟ آخر الكلمة، آخر حرفٍ هو الذي يكون محلاً لظهور هذا الأثر، جَاءَ زَيْدُ الضمة ظهرت على الدال، رَأَيْتُ زَيْدًا الدال هذه محل لظهور الفتحة، مَرَرْتُ بِزَيْدٍ الدال محل لظهور الكسرة، في آخر الكلمة حقيقةً أو ما نزل منزلته هذا يحسبون به بعض الكلمات وخاصةً في الأسماء قد يحذف آخرها اعتباطًا، يعني: لغير علة تصريفية مثل: يد، ودم. يدٌ هذه على حرفين، والأصل في وضع الأسماء والأفعال أقل ما يكون عليه ثلاثة أحرف، الأسماء الأصل في وضعها أقل ما يوضع عليه الاسم ثلاثة أحرف، وأكثر ما يوضع عليه الاسم المجرد خمسة أحرف، والفعل أقل ما يوضع عليه ثلاثة أحرف، وأكثر ما يوضع عليه أربعة أحرف، إذًا إذا وجد من الأسماء ما هو على حرفين هل وافق الأصل أم خالف؟ خالف، لماذا؟ لأن الأصل أن يكون على ثلاثة أحرف وقد وجدناه على حرفين، إذًا لا بد من البحث عن الحرف الثالث، قد يكون محذوف لعلة تصريفية وهذا قليل، وقد يكون محذوف لغير علة تصريفية، وهو ما يسمى بالحذف الاعتباطي، لأن الحذف نوعان:
حذف قياسي.
وحذف غير قياسي.
يَدٌ أصله يَدْيٌ، يَدْيٌ، دَمٌ أصله دَمْوٌ على قول أو دَمْيٌ على قول آخر، يعني: هل المحذوف واو أو ياء؟ فيه خلاف سواء هذا أو هذا نقول: دَمْيٌ حذفت لامه التي هي الواو أو الياء اعتباطًا لغير علة تصريفية، إذا كان محل الإعراب هو الحرف الأخير وحُذف ماذا نصنع نحذف الإعراب، نقول: ذهب محله. ماذا نصنع؟ نقيم ما قبله مقام الآخر فَدَمْ دَمٌ هذا دَمٌ الميم هذه هل هي آخر، أم ما قبل الآخر؟ ما قبل الآخر، أين ذهب الإعراب في قولك: هَذَا دَمٌ؟ في الآخر أو فيما قبل الآخر؟ في الأصل هو قبل الآخر، ولكن لما حذف الآخر ولا بد من أن يكون للإعراب محل نزلنا ما قبل الآخر منزلة الآخر، ولذلك يقولون في الحد: يجلبه العامل في آخر الكلمة كالدال من زيد، أو فيما هو كالآخر ليس بآخر وإنما كالآخر، لماذا كالآخر؟ لأنه لا بد من محل يظهر فيه الإعراب وليس عندنا إلا ما قبل آخره، هذا هو حد الإعراب، والصواب أنه لفظيٌّ، ولذلك من عبر أو رجح أنه لفظي لا بد أن يعبر بأثر، فإذا مر بك في تعريف الإعراب أنه أثر فاعلم أنه لفظي، وإذا قيل: تغيير أواخر الكلم. ... إلى آخره كما مضى أو كما جرى عليه ابن آجروم فهو معنى، والصواب الأول وهو مذهب البصريين، الإعراب جنس تحته أنواع أربعة: الرفع، والنصب، والخفض - أو الجر عبر بما شئت -، والجزم.
هذه كم؟ أربعة.


هذه الأربعة تنقسم على ثلاثة أقسام، منها ما هو مشترك، ومنها ما هو مختص بالأسماء، ومنها ما هو مختص بالأفعال، الرفع والنصب ... [شاركوني] الرفع والنصب مشتركان في أيٍّ؟ في الاسم والفعل، والحرف؟ لا يُرْفَع ولا يُنْصَب؟
.
الحرف لا محل له من الإعراب، الكلام في الأسماء المتمكنة، وفي الفعل المضارع فحسب، أما الماضي فهو مبني باتفاق، وأما فعل الأمر فهو مبني على الصحيح، والفعل المضارع فيه تصريف.
إذًا نقول: يشترك الرفع والنصب في الاسم والفعل. زَيْدٌ يَقُومُ، زَيْدٌ هذا اسم أم فعل؟ اسم، ما إعرابه؟ مبتدأ، والمبتدأ مرفوع ورفعه ضمة.
إذًا الضم الذي هو الرفع دخل الأسماء.
يَقُومُ.
..
فعل، فعل إيش؟
[مضارع]
فعل مضارع، مرفوع أو منصوب؟
[مرفوع]
مرفوع، لِمَ هو مرفوع؟
.
لتجرده عن الناصب والجازم.
إذًا الرفع دخل الاسم زَيْدٌ ودخل الفعل يَقُومُ، إذًا مثال واحد للرفع في الاسم والفعل زَيْدٌ يَقُومُ.
إِنَّ زيدًا لَنْ يَقُومَ، هنا النصب دخل في الأسماء ودخل في الأفعال، الذي هو الفعل المضارع، إنَّ زَيْدًا، زَيدًا هذا إيش إعرابه؟ اسم إنَّ منصوبٌ بها وعلامته نصبه الفتحة، إذًا ظهر الفتح أو دخل النصب هنا في الأسماء.
لَنْ يَقُومَ، يقومَ هذا فعل.
[مضارع]
مضارع، منصوب أو مرفوع؟
[منصوب]
منصوب، بماذا؟ بـ لَنْ، لأن لن من أدوات النصب كما سيأتي، لن حرف نصب، يَقُوم فعل مضارع منصوب بـ لن، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره، إذًا النصب كما دخل الاسم دخل الفعل، إذًا هذا أو هذان القسمان الرفع والنصب يشترك فيه الأسماء والأفعال.
ما يختص بالأسماء نوع واحد، وهو: الخفض الجر. يعني: الجر لا يدخل الفعل المضارع، لماذا لا يدخل الفعل المضارع؟ إذا أردنا أن نعلل، نعم.
..
لأن الحرف [أحسنت]، لأن الحرف لا يدخل الفعل، لأن الكسرة إما أن تكون بحرف أو مضاف على الصحيح ولا ثالث لهما، الخفض الذي هو الكسرة ليس لها عامل يحدثها إلا حرف الجر والمضاف، وهل الفعل المضارع يدخله حرف الجر؟ الجواب: لا، وهل الفعل المضارع يكون مضافًا؟ الجواب: لا، لِمَ؟ لأن الإضافة من علامات الأسماء فإذا امتنع دخول عامل الخفض على الفعل امتنع أثره عن الفعل، إذًا الذي يختص بالأسماء هو الخفض، الجر، الخفض عبارة الكوفيين، والجر عبارة البصريين.
[الرا] (1).
الثالث: مختص بالأفعال وهو الجزم، الجَزم مختص بالأفعال، أي الأفعال؟
[الفعل المضارع]
الفعل المضارع، مطلقًا؟
.
الفعل المضارع إذا لم يتصل به ما يقتضي بناؤه، سيأتي في باب القسمة الأفعال، إذًا نقول: الإعراب جنس تحته أربعة أنواع:
الرفع، والنصب، والخفض، والجزم.
هذه الأربعة تنقسم على ثلاثة أقسام:
الرفع والنصب مشترك فيهما الأسماء والأفعال، ومقصود بالفعل هنا الفعل المضارع.
وما يختص به الاسم وهو الخفض.
وما يختص به الفعل المضارع وهو الجزم.
هذه الأنواع الأربعة لها علامات تدل عليها، هذه العلامات على نوعين:
علامات الأصول.
وعلامات فروع.
الأصول لا تكون إلا حركة لا تكون حرفًا.
والفروع قد تكون حرفًا وقد تكون حركة.
علامات أصول، وعلامات فروع.
__________
(1) سبق.


الأصول أربعة: الضمة للرفع هي الأصل، الفتحة للنصب هي الأصل، وغيرها فرع، الكسرة للخفض، السكون للجزم. هذه كم؟
أربعة، إذًا الأصول أربع علامات، الضمة للرفع، والفتحة للنصب، والكسرة للخفض، والسكون للجزم. وتسميت السكون حركة هذا من باب التوسع فقط.
الفروع لها جهتها إما أن تنظر إلى المحل الذي يحل فيه الفرع، وإما أن تنظر إلى الحال نفسه، إن نظرت إلى الأبواب التي هي أبواب النيابة فهي سبعة، خمسة في الأسماء واثنان في الأفعال، خمسة في الأسماء خذها:
الأسماء الستة.
المثنى.
جمع المذكر السالم.
جمع المؤنث السالم في حالة النصب.
الاسم الممنوع من الصرف في حالة الجر.
هذه خمسة، أبواب النيابة خمسة في الأسماء، الأسمَاء الستة، لماذا الأسماء الستة؟ لأنها ترفع بالواو وتنصب بالألف وتجر بالياء، ترفع بالواو، هل رفعها بعلامة أصلية أم فرعية؟ فرعية لأن الأصل في الرفع أن يكون بالضمة وَأَبُوكَ جَاءَ أَبُوكَ رفع بالواو إذًا ليست علامةً أصلية.
المثنى يرفع بالألف وينصب ويجر بالياء.
جمع المذكر السالم، هذه فروع، جمع المذكر السالم يُرفع بالواو وينصب وبجر بالياء، إذًا كلها فروع.
جمع المؤنث السالم يرفع بالضمة على الأصل ويجر بالسكرة على الأصل خرج في حالة واحدة لكن لا بد من تقييده في العد فنقول: جمع المؤنث السالم في حالة النصب، لأنه ينصب بالكسرة نيابة عن الفتح، الاسم الذي لا ينصرف في حالة الرفع بالضمة على الأصل، في حالة النصب بالفتحة على الأصل، في حالة الجر يجر بالفتحة.
وجر بالفتح فيما لا ينصرف
يجر بالفتحة نيابة عن الكسرة.
هده خمسة أبواب في الأسماء تسمى أبواب النيابة، واثنان في الأفعال، يعني: من أبواب النيابة، الأمثلة الخمسة، والفعل المضارع المعتل الآخر في حالة الجزم، لأنه في حالة الرفع على الأصل، وفي حالة النصب على الأصل، إما أن يكون إعرابًا ظاهرًا أو مقدرًا، في حالة الجزم يعرب بالحذف، والأصل في الجزم أن يكون بالسكون، إذًا هذه سبعة أبواب تسمى أبواب النيابة خمسة في الأسماء، واثنان في الأفعال هذا بـ[نعم].

الأفعال بابان، الأمثلة خمسة يَفْعَلانِ وتَفْعَلانِ وَيَفْعَلُونَ وَتَفْعَلُونَ وَتَفْعَلِين سيأتي لها باب خاص، كل فعل مضارع أُسند إلى ألف الاثنين أو واو الجماعة أو ياء المؤنثة المخاطب هذا يسمى يَأْكُلانِ وَتَأْكُلانِ وَتَأْكُلُونَ وَيَأْكُلُونَ وَتَأْكُلِينَ يا أسماء، هذه الإعراب يكون فيها بالرفع بثبات النون، وفي النصب والجزم بحذف النون، إذًا إعرابها فرعي أم أصلي؟ فرعي لا أصلي، لأنه يكون بالحذف سيأتينا بابه أنت تأخذ الأصلي الآن.
إذًا الباب الأول في الأفعال التي تكون من أبواب النيابة الأمثلة الخمسة يَقُومَانِ وَتَقُومَان.
الباب الثاني: الفعل المضارع المعتل الآخر، يعني: ما كان مختومًا بواو أو ياء أو ألف، هذا في حالة الجزم يحذف حرف العلة، والحذف فرع عن السكون هذا باعتبار المحل، أما باعتبار الحالِ الذي يكون علامة للرفع أو النصب فهي عشرة:
ثلاثة على الضم - وابن آجروم يقول: الرفع أربع علامات: الضمة، والألف، والواو، والنون.


قلنا: الضمة هي أصل، والثلاثة الأخيرة هذه فرع، إذًا الألف والواو والنون فروع عن الضمة، هذه ثلاثة، وأربعة عن الفتحة قال: وللنصب خمس علامات: الفتحة، والألف، والكسرة، والياء، وحذف النون. الفتحة هي الأصل، والألف في الأسماء الستة إِنَّ أَبَاكَ هذا منصوب بالألف، الألف والياء في المثنى وجمع المذكر، والكثرة في جمع المؤنث السالم، والحذف الذي هو حذف النون في الأمثلة الخمسة هذه أربعة، أَربعة وثلاثة سبعة، واثنان عن الكسرة، وللخفض ثلاث علامات: الكسرة هي الأصل، والياء، والفتحة. الياء والفتحة ينوبان عن الكسرة، الياء في الأسماء الستة والمثنى وجمع التصحيح، والحذف، الياء والفتحة، الفتحة تكون في الممنوع من الصرف اثنان وسبعة تسعة، بقي الجزم للجزم كم علامة؟
[ ...... ]
علامتان: السكون وهو الأصل، والحذف. هذا فرع عن السكون، واحد وتسعة عشرة باتفاق أو فيه خلاف؟
باتفاق، إذًا عشرة باعتبار النائب إذا عددنا النائب يكون عشرة، وإذا عددنا المحل يكون سبعة، لأن في الأسماء الستة مثلاً كم نائب؟ ثلاث الواو، والألف، والياء. ثلاثة في باب واحد إما أن تعد الباب واحد وإما أن تعد النائب ثلاثة، واضح؟ الأسماء سيأتينا باب اسمه الأسماء الخمسة (بَابُ الأَسْمَاءِ الْخَمْسَةِ)، ونقول: ستة الصواب أنها ستة.
وسادس الأسماء، ثم هنوك سادس الأسماء.
عرفنا هذا الآن؟ هذه مقدمة لتفهم هذا الباب الذي سيأتينا.
قال رحمه الله: (أَقْسَامُهُ). الضمير يعود على ماذا؟
[على الإعراب]
على الإعراب، إذًا قسم لنا الإعراب (أَقْسَامُهُ رَفْعٌ وَنَصْبٌ) (ثُمَّ جَرٌّ) (وَجَزْمٌ) هكذا قال، (رَفْعٌ وَنَصْبٌ) ثم في آخر البيت قال: ... (ثُمَّ جَرٌّ)، (تَخْصِيْصُهُ بِاسْمٍ وَجَزْمٌ). هذه أربعة، ولكنه ذكرها مفصلة باعتبار محلها، فقال: (رَفْعٌ وَنَصْبٌ وَهُمَا). أي: الرفع والنصب، (فِي اسْمٍ وَفِعْلٍ)، إذًا الرفع والنصب يشترك فيهما الاسم والفعل، لكن لا بد أن تقيد الاسم تقول: في اسم متمكن. احترازًا من الاسم غير المتمكن وهو المبني، فإن إعرابه يكون محليًّا لا ظاهرًا ولا مقدرًا، إذًا (فِي اسْمٍ) تقول: أي معرب متمكن. (وَفِعْلٍ)، أي: مضارع لم يتصل به ما يوجب بناءه، واضح هذا؟
(أَقْسَامُهُ رَفْعٌ وَنَصْبٌ) هذا النوع الأول والنوع الثاني.
ثم قال: (وَهُمَا). هذه جملة معترضة، (وَهُمَا) هذا مبتدأ (فِي اسْمٍ)، (وَهُمَا) كائنان جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر، (اسْمٍ وَفِعْلٍ)، (اسْمٍ) معرب (وَفِعْلٍ) مضارع، (ثُمَّ جَرٌّ) هذا النوع الثاني (ثُمَّ جَرٌّ لَزِمَا تَخْصِيْصُهُ بِاسْمٍ)، (ثُمَّ جَرٌّ لَزِمَا)، (لَزِمَا) الألف هذه يقال فيها للإطلاق، يعني: لزم بالفتح [تشبع الألف] (1) تشبع الفتحة حتى تصير كأنها ألفًا فيقال فيها مادة الإطلاق، أو ألف الإطلاق، (ثُمَّ جَرٌّ لَزِمَا تَخْصِيْصُهُ) هذا فاعل لزم، (لَزِمَا) يعني: يجب تخصيصه باسم متمكن. إذًا ما يختص بالاسم هو الجر.
__________
(1) سبق.


(وَجَزْمٌ يَنْفَرِدْ ** بِهِ مُضَارِعٌ) هذا النوع الرابع وهو المختص بالفعل وهنا قيد قال: (يَنْفَرِدْ ** بِهِ). أي: بالجزم، فعل مضارع، مضارع هذا صفة لموصوف محذوف فعل مضارع، إذًا بين في هذا البيت ونصف البيت أن الإعراب أربعة أنواع منها ما هو مشترك في الاسم والفعل، ومنها ما هو مختص بالاسم، ومنها ما هو مختص بالفعل [بالحرف] (1) منها ما هو مختص بالاسم ومنها ما هو مختص بالفعل المضارع.
ثم قال: (وَاعْرَابٌ يَرِدْ مُقَدَّرَاً). الأصل في الإعراب أن يكون ظاهرًا، يعني: ملفوظًا به تقول: جَاءَ زَيْدٌ الْعَالِمُ، رَأَيْتُ زَيْدًا الْعَالِمَ، مَرَرْتُ بِزَيْدٍ الْعَالِمِ. الأصل أن يكون الإعراب ظاهرًا وذكرنا في الحد أثر ظاهر أو مقدر، أراد أن يبين لك المحال التي يكون الإعراب فيها مقدرًا لأنها فرع والفرع يمكن حصره وما عداه فهو على الأصل في كونه ظاهرًا، إذًا لماذا نقول: الناظم هنا شرع في بيان ما يكون الإعراب فيه مقدرًا؟ لأنه محصور يمكن عده، وما عداه على الأصل في كونه ظاهرًا، قال: و (يَرِدْ). (وَإعْرَابٌ يَرِدْ)، يعني: يأتي (مُقَدَّرًا) حال كونه مقدرًا، يعني: غير ملفوظ به، المقدر معناه أنه منوي لا تلفظ به لا تنطق بالضمة ولا تنطق بالفتحة ولا بالكسرة، وإنما يكون مقدرًا ما معنى مقدرًا أنه منوي في قلبك، ولذلك السيوطي رحمه الله في كتابه ((منتهى الآمال شرح حديث إنما الأعمال)) قال: ويدخل النحو في بعض مسائل الحديث. أو مسائل النحو تدخل في مدلول هذا الحديث. «إنما الأعمال بالنيات». تقول: جَاءَ الْفَتَى، أعرب الْفَتَى. يقول: فاعل مرفوع، وعلامة رفعه ضمة المقدرة، نقول: أين .. ؟ تقول: نويتها في قلبي «إنما الأعمال بالنيات».
(وَإعْرَابٌ يَرِدْ مُقَدَّرًا فِي نَحْوِ عَبْدِي)، (عَبْدِي) هذا هو النوع الأول الذي تقدر فيه الحركة، جميع الحركات الضمة والفتحة والكسرة، والسكون؟
.
__________
(1) سبق.


هذا اسم عبدي ليس بفعل، والسكون يكون من خواص الأفعال، إذًا يُقدر فيه الضمة والفتحة والكسرة، لماذا يقدر في المضاف إلى ياء المتكلم؟ نقول: لأن ياء المتكلم تستلزم أن ما قبلها يكون مكسورًا على الدوام. ياء المتكلم لا بد أن يكون ما قبلها مشتغلاً بحركة مناسبة وهي الكسرة، فكل ما جاءت حركة نقدرها لتعذر ظهروها، لماذا؟ لأنه لا يمكن أن يحرك الحرف الواحد بحركتين تقول: جَاءَ عَبْدِي. جَاءَ فعل ماضي، وَعَبْدِي نقول: فاعل مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة. لِمَ ضمة مقدرة؟ لأنه مضاف إلى ياء المتكلم، وهل يمكن أن يحرك بالكسر والضم معًا في وقت واحد؟ ما يمكن أن يحرك بحركتين، إذًا لا بد أن نقدر الضمة على الدال التي اشتغلت بالكسرة وهذه الكسرة جيء بها لمناسبة الياء، إذًا الموضع الأول المضاف إلى ياء المتكلم تقدر عليه جميع الحركات رفعًا ونصبًا وجرًّا جَاءَ عَبْدِي الضمة مقدرة، رَأَيْتُ عَبْدِي الفتحة مقدرة، مَرَرْتُ بِعَبْدِي الكسرة مقدرة، عَبْدِي الدال مكسورة لم لا نقول: هذه كسرة حرف الجر؟ نقول: لأن التركيز ثابت أولاً أضيف الاسم إلى الياء فكسر ما قبل الياء ثم سلط عليه العامل، إذًا اشتغل الحرف بحركة المناسبة أولاً ثم سلط عليه العامل مَرَرْتُ بِعَبْدِي دخلت الباب بعد الإضافة فقد اشتغل الحرف بحركة المناسبة هذا هو النوع الأول الذي يقدر فيه الإعراب جميعه، وإنما يكون لمناسبة الكسر الذي تستدعيه الياء.
النوع الثاني: (وَالْفَتَى). (الْفَتَى) هذا فيه إشارة إلى الاسمِ المقصور، اسم مفعول من قصر، بمعنى حبس، سمي مقصورًا لأنه يحبس عن الحركات، جميع الحركات لا تظهر عليه ضمة ولا فتحة ولا كسرة، تقول: جَاءَ الْفَتَى. الْفَتَى فاعل مرفوع ورفعه ضمة مقدرة على آخره، رَأَيْتُ الْفَتَى مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على آخره، مَرَرْتُ بِالْفَتَى نقول: اسم مجرور بالباء وعلامة جره كسرة مقدرة، إذًا قدرت الضمة، وقدرت الفتحة، وقدرت الكسرة، لماذا؟ لأن الألف لا يمكن تحريكها، الألف يقولون: ألف ملساء لا تقبل الحركة، لو جلست تحرك الفتى بالضم لجلست إلى الصباح وأنت لا تستطيع أن تأتي بألف مضمومة، حَرِّك جَاءَ الْفَتَى ما تستطيع أن تحرك الألف بالضمة، ما الفرق بين عَبْدِي وَالْفَتَى؟ عَبْدِي قدرت جميع الحركات، الْفَتَى قدرت جميع الحركات الذي يعرف يشير، نعم.
[نعم]
..
وهذا تعذر، كلاهما متعذر، نعم.
..
نعم.

نعم.

نعم.

نعم نَعم أحسنت هذا قريب، عبدي آخر الكلمة الدال، الدال هل تقبل الحركة؟ جَاءَ عَبْدٌ رَأَيْتُ عَبْدًا مَرَرْتُ بِعَبْدِي، إذًا ليس الدال ليس الحرف الذي هو الدال متعذرًا لقبول حركة، هو يقبل حركة، لكن لكونه أضيف إلى ما بعده ولزم الكسرة فصار متعلقًا، ولذلك يقولون: التعذر نوعان:
تعذر عرضي.
وتعذر أصلي.


التعذر الأصلي الذي آخره ألف لازمة قبلها فتحة، مثل الفتى، هذا أصلي، لماذا أصلي؟ لأن الألف لذاتها لا تقبل الحركة، نفس الألف لا تقبل الحركة، لكن عَبْدِي نقول: هذا تعذر عرضي عارض وليس أصليًّا، لأن الدال في أصلها تقبل الحركة أو لا؟ نقول: تقبل الحركة، وإنما تعذر قبولها للحركة لكونها مشتغلة بحركة المناسبة دائمة، أينما حلَّ، سواء حلَّ في موضع رفع أو نصب أو جر.
النوع الرابع: قال: (وَغَيْرَ نَصْبٍ كُلُّ مَنْقُوصٍ أَتَى). الاسم المنقوص كل اسم معرب آخره ياء لازمة قبلها كسرة مثل القاضِي، القاضي نقول: هذا اسم منقوص، سمي منقوصًا لأنه ينقص بعض الحركات، عَبْدِي وَالْفَتَى تقدر جميع الحركات الضمة والفتحة والكسرة، ولكن المنقوص الذي مختوم بياء لازمة قبلها كسرة مثل القاضِي نقول: هذا لا تقدر عليه جميع الحركات، وإنما يقدر عليه حركتان فقط وهما: الضمة، والكسرة. وأما الفتحة فتظهر {أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ} ... [الأحقاف: 31] دَاعِي هذا مثل قَاضِي جَاءَ الْقَاضِي مَرَرْتُ بِالْقَاضِي، جَاءَ الْقَاضِي بالياء ولكنها ساكنة لماذا؟ لكونها وقعت في موضع رفع، وإذا وقعت في موضع رفع فحينئذٍ تقدر الضمة للثقل، لماذا؟ لأنه يدخل التلفظ بالياء وهي مضمومة، الْفَتَى هنا هل يمكن النطق بالضمة جَاءَ الْفَتَى؟ ما يمكن، هذا يسمى تعذر لو حاول أو تكلف المتكلم أن يظهر الضمة لما استطاع، أما المنقوص فلو تكلف المتكلم ليظهر الضم لاستطاع جَاءَ الْقَاضِيُ استطاع لكن فيه ثقل، لأن الياء ثقيلة حرف علة ولا يناسبها ضم ولا كسر، فحينئذٍ أرادوا التخفيف، لأن القاعدة العامة عند العرب التماس الخفة، سواء كان في الحروف أم في الحركات، فحينئذٍ حذفوا الضمة وحذفوا الكسر فقالوا: جَاءَ الْقَاضِي، الْقَاضِي فاعل مرفوع ورفعه ضمة مقدرة على آخره، لم قدرت الضمة؟ دفعًا للثقل، مَرَرْتُ بِالْقَاضِي أيضًا الكسرة مقدرة للثقل، رَأَيْتُ الْقَاضِيَ نقول: هذا ظهرت عليه الفتحة، لم؟ لكونه لا تعارض بين الياء والفتحة، الياء ثقيلة والفتحة خفيفة، إذًا لا تعارض بينهما بخلاف الضمة ثقيلة والكسر ثقيل والياء أيضًا في نفسها ثقيلة، فاجتماع ثقَلَيْنَ لا بد من التخفيف، لكن قال هنا: (وَغَيْرَ نَصْبٍ). ما هو غير النصب؟ ما مفهومه؟


الرفع والكسر، الضمة والكسر. (وَغَيْرَ نَصْبٍ كُلُّ مَنْقُوصٍ أَتَى)، أتى كل منقوص حال كونه (غَيْرَ نَصْبٍ)، يعني: مقدرًا فيه الضمة والكسرة، (كَاسْمَعْ أَخِي دَاعِيَ مُولِيْكَ الْغِنَى) مثل لكل ما نفى ... (كَاسْمَعْ أَخِي دَاعِيَ مُولِيْكَ الْغِنَى)، (كَاسْمَعْ) الكاف هذه للتشبيه، يعني: مثال لما ذكر، الكاف حرف جر، واسمع فعل أمر، كيف دخل حرف الجر على الفعل؟ نقول: دخل على محذوف كَقولك كقولك اسمع يا أخي، أخي هذا منادى منصوب، لأنه مضاف كما سيأتي، أَخِي أصلها أَخٌ أضيفت إلى ياء المتكلم فصار أَخِي، يَا أَخِي ما إعرابه؟ منادى منصوب، وعلامة نصبه؟ مثل عبدي، علامة نصبه فتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة، لأنها أضيفت إلى ياء المتكلم، وياء المتكلم لا يناسبها ما قبلها إلا أن يكون مكسورًا، هذا مثال لـ أو تأكيد لقوله: (عَبْدِي). السابق، (كَاسْمَعْ أَخِي دَاعِيَ مُولِيْكَ) (دَاعِيَ) هذا مثال لأي شيء؟ للمنقوص، في أي حالة؟ في حالة النصب مثل {أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ} [الأحقاف: 31]، ... (اسْمَعْ) (دَاعِيَ) (دَاعِيَ) هذا منقوص لكونه مختومًا بياء قبلها كسرة، والياء لا .. # 48.54، (دَاعِيَ) ظهرت عليه الفتحة وهو مضاف و (مُولِيْكَ) مُولِي هذا مضاف إليه، نعم، إيش إعرابه؟ مضاف إليه مجرور بكسرة مقدرة، لم مقدرة؟ لأنه اسم منقوص، (دَاعِيَ)، (مُولِيْكَ) المضاف والمضاف إليه كلاهما منقوصان، (دَاعِيَ) ظهرت عليه الفتحة وهو منقوص لأنها لا تقدر، مُولِي هذا منقوص فقدرت عليه الكسرة لأنها ثقيلة، (مُولِيْكَ) هذا يتعدى إلى مفعولين، أضيف إلى مفعوله الأول وهو الكاف، الْبِنَاء: هذا المفعول الثاني كالفتى، البناء نقول: مفعول ثان لمولي، منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على آخره منع من ظهورها التعذر، العرضي أم الأصلي؟
..
الأصلي [أحسنتم].


ثم شرع رحمه الله في بيان أن الاسم الأصل فيه أنه معرب، الإعراب قلنا: الأصل أن يكون في الاسم المتمكن وفي الفعل المضارع، ما الاحتراز على الاسم المتمكن هو الذي أشار إليه بقوله: (وَاحْكُمْ). أيها النحوي، (عَلَى اسْمٍ شِبْهِ حَرْفٍ بِالْبِنَا)، أي: أن الاسم كما يكون معربًا وهو الأصل فيه كذلك يكون مبنيًّا، عندنا إعراب وعندنا بناء، الأصل في الأسماء الإعراب، والبناء في الأسماء فرع، الأصل في الأفعال البناء، لذلك الفعل الماضي مبني، والفعل فعل الأمر مبني، وفعل المضارع قد يكون مبنيًّا وقد يكون معربًا وإن كان الأصل فيه أنه خرج عن أصله، متى نحكم على الاسم بكونه مبنيًّا لأن ما جاء على الأصل لا يسأل عنه لا يبحث عن حكمته لم جاء معربًا لا يقال: لم جاء الاسم معربًا؟ لأنه الأصل فيه كمن ولد في أرض المسلمين هل نقول له: هل أنت مسلم أم لا؟ لا نسأل، لا نسأله نقول: هل أنت مسلم أم لا؟ لم؟ لأنه ولد في بلاد المسلمين ولا أثر للكفر ونحوه فحينئذٍ يبقى على أصله، أما ما خرج عن أصله فلا بد من السؤال، الاسم يبنى إذا أشبه الحرف هكذا قال الناظم، (وَاحْكُمْ عَلَى اسْمٍ شِبْهِ حَرْفٍ)، إذًا عندنا اسم شبه حرف واسم لم يشبه الحرف، وعليه نقول: الاسم المعرب هو الذي لم يشبه الحرف كما قال ابن مالك:
ومعرب الأسماء ما قد سلما ... من شبه الحرف كأرض وسما

والاسم المبني اعكس الأول، هو الذي أشبه الحرف، إذًا القضية محصورة، المعرب الذي لم يشبه الحرف، والمبني [الذي لم يشبه ... الحرف] (1) الذي أشبه الحرف.
والاسم منه معرب ومبني ... لشبه من الحروف مُدْنِي

الاسم الذي هو قسيم للفعل والحرف، أما ذكرنا أن الكلمة ثلاثة أنواع؟
اسم وفعل وحرف.
الاسم بالنظر إليه على ثلاثة مراحل:
- اسم خالص عن الشبه بالفعل والحرف.
- واسم أشبه الفعلَ.
- واسم أشبه الحرف.
لأنه قريب للفعل وقريب للحرف، بعض الأسماء لكونها مشتركة مع الفعل في جنس الكلمة تأثرت في الفعل، فصار فيها نوع شبه بالفعل، وهذا الذي هو الاسم الذي أشبه الفعل هذا الذي يُعنون له بـ (باب الممنوع من الصرف) كما سيأتي، والاسم الذي أشبه الحرف هو الذي عُنون له بالأسماء المبنية، الأسماء المبنية، الاسم الذي لم يشبه الحرف ولم يشبه الفعل هذا يقال فيه اسم متمكن، ولذلك يُدخل عليه نون التنوين، وهو اللاحق من الأسماء المعربة لدلالتها على تمكنها في باب الإعراب، تمكنت ورسخت في باب الإعراب بحيث لم تشبه الفعل فتمنع من الصرف، ولا الحرف فتبنى، لأن الاسم إذا أشبه الفعل منع من الصرف سلب منه التنوين وصار لا يجر به الكسرة وإنما يجر بالفتحة، إذًا نقص، الاسم الذي أشبه الحرف أخذ حكم الحرف لأن قاعدة العرب أن الشبيه يعطى حكم المشبه به، فإذا أشبه الاسم الحرف أعطي الاسم حكم الحرف وهو البناء.
وكل حرف مستحق للبنا
لكن يَرِدُ السؤال هنا: ما وجه شبه الاسم بالحرف؟
متى نحكم على الاسم بكونه أشبه الحرف؟
عند النحاة أربعة أنواع:
الشبه الوضعي.
والشبه المعنوي.
والشبه الاستعمالي.
والشبه [الإستقائي] (2).
__________
(1) سبق.
(2) هذا اجتهاد من المفرغ، ولعلها ليس هكذا، وكذا التي تليها.


لن أشرحها كلها، أشرح واحد. الشبه الوضعي، والشبه الاستعمالي، والشبه المعنوي، والشبه [الإستقائي].
نأخذ الشبه الوضعي: لأن فيها نوع طول، ونختصر الأصل أنه لا يذكر هذا في هذا الموضع، الشبه الوضعي ما ذكرناه سابقًا أن الأصل في وضع الأسماء أن يكون على كم حرف؟ ثلاثة أحرف، والأصل في وضع الأفعال أن يكون على ثلاثة أحرف، الحرف الأصل فيه أن يوضع على حرف أو حرفين، حرف مثل ماذا؟ باء الجرّ، ولام الجرّ، والكاف كاف التشبيه، نقول: هذه على حرف واحد، وعلى حرفين أيضًا مثل ماذا؟ في، وعن، ومن، وهل، وبل.
إذًا الأصل في وضع الحرف أن يكون على حرف واحد كباء الجر، أو على حرفين كـ: هل، وبل.
إذا وجدنا في الأسماء ما وضع أصالةً وليس فيه حذف وهو على حرف أو حرفين نقول: الاسم قد أشبه الحرف، أشبه الحرف في ماذا؟ في الوضع، مثل ماذا؟ التاء تاء الضمير المتصل تاء الرفع، ضَرَبْتُ التاء هذه ضمير وهي اسم، أليس كذلك؟ ما الدليل على اسميتها؟
..
كونها فاعل، [نعم أحسنت] من علامات الأسماء كونها فاعل، لأنه لا يكون الفاعل إلا اسمًا، والإسناد إليها الإخبار عنها، ضَرَبْتُ التاء هذه كم حرف؟ حرف واحد، هل وافقت وضع الأسماء وهي اسم؟ لم توافق وضع الأسماء، لماذا؟ لأن الأصل في وضعها أن تكون على ثلاثة أحرف فأكثر ولكنها وضعت على حرف واحد، والأصل في الاسم أن يوضع على ثلاثة أحرف، فنقول: قد أشبهت التاء باء الجر في الوضع، فلذلك بنيت ضَرَبْتُ تقول: التاء ضمير متصل مبني على الضم لم بني؟ لأنه أشبه الحرف [نعم] في ماذا أشبه الحرف؟ في الوضع، إذًا نقول: ضَرَبْتُ التاء مبنية وهي اسم، والأصل .. لو سألتك التاء قالت: أنا معرب لم حرمتموني الإعراب؟ تقول لها: لأنك وُضِعْتِ على غير أصلك، لو جئت على ثلاثة أحرف لأعربناك على الأصل، ولكن على نفسها جنت [براقش] فنقول: الأصل في التاء هنا أن توضع على ثلاثة أحرف ولكن وضعت على حرف واحد فأشبهت الحرف فبُني، أعطيت حكم الحرف وهو البناء.
وكل حرف مستحق للبنا
ضَرَبْنَا زَيْدًا، ضَرَبْنَا، نَا الدالة على الفاعلين هي ضمير متصل مبني على السكون في محل، لم بنيت نَا والأصل أنها معربة لِمَ؟ لأنها أشبهت الحرف، في أي شيء؟ في كونها وضعت على حرفين، لا نقول: نَا والثالث مثل يد ودم، لأن ليس عندنا حذف، يَديٌ وَدَمْيٌ هنا علمنا بالتسمية وعلمنا بالتصغير دُمَيٌّ وَيُدَيٌّ علمنا بالتصغير أن ثَمَّ حرفًا محذوفًا، وإلا نقول: هناك حذف، بل هي على أصل وضعها على حرف أو على حرفين، هذا يُسمى المبني ويعبر عنه بعضهم بأنه غير المتمكن، ويقسمون الاسم نوعين: متمكن، وغير متمكن. غير المتمكن هذا هو المبني وهو الذي يلزم حالةً واحدة لا يتغير سواء دخل عليه عامل يقتضي الرفع، أو عامل يقتضي النصب، أو عامل يقتضي الجر. تقول: قَالَ هَؤُلاءِ، رَأَيْتُ هَؤُلاءِ، مَرَرْتُ بِهَؤُلاء. هُؤَلاءِ لا يتغير، حذامِ مبني على الكسر قَالَتْ حَذَامِ، رَأَيْتُ حَذَامِ، مَرَرْتُ بِحَذَامِ الذي يلزم حالة واحدة، عكس المعرب، المعرب لا بد من تغيره بتغير العوامل، المبني يلزم حالةً واحدة ولا يتغير ولا يتأثر بالعوامل (وَاحْكُمْ عَلَى اسْمٍ شِبْهِ حَرْفٍ بِالْبِنَا).


وَفِي كَيَدْعُو وَكَيَرْمِي وَيَرَى ... فَالرَّفْعُ مَعْ نَصْبِ الأَخِيْرِ قُدِّرَا

(وَفِي كَيَدْعُو) لما انتهى من الإعراب المقدر في الأسماء شرع في بيان الإعراب المقدر في الأفعال، وهو كل فعل مضارعٍ مختوم بحرف من حروف العلة الثلاث.
والواو والياء جميعًا والألف ... هن حرف الاعتِلالِ الْمُكتَنِف

يدعو هذا فعل مضارع مختوم بالواو، يرمي هذا فعل مضارع مختوم بالياء وهو حرف علة، يرى هذا فعل مضارع مختوم بالألف، إذًا الفعل المضارع المعتل الآخر الذي ختم بحرف من حروف العلة من مواضع الإعراب التقديري، ولكن ليس على العموم بل فيه تخصيص، قال: (فَالرَّفْعُ مَعْ نَصْبِ الأَخِيْرِ قُدِّرَا). (فَالرَّفْعُ) مبتدأ، و (قُدِّرَا) الألف هذه لـ حرف مد للطلاق وهو الجملة خبر، فالرفع قدرا مع نصب الأخير، (مَعْ نَصْبِ الأَخِيْرِ) هذا متعلق بقوله: (قُدِّرَا). فالرفع قدر، يعني: في جميع ما ذكر يدعو يرمي يرى، الرفع مقدر في الثلاثة الأحوال، يعني: الفعل المضارع المختوم بحرف من حروف العلة في حالة الرفع تقدر فيه الضم سواء كان مختومًا بواو أو بياء أو بألف، مثال الرفع {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ} [يوسف: 108] {أَدْعُو} تقول: هذا فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة على آخره. لم قدرت الضمة؟ لكونه فعلاً مضارعًا معتل الآخر بالواو، {تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ} [الفيل: 4] {تَرْمِيهِم} تَرْمِي فعل مضارع مرفوع لتجرده عن الناصب والجازم وقدرت عليه الضمة تَرْمِي لا تنطق بالضم لماذا؟ لكون الياء لا يصلح أن تضم لأن الياء ثقيلة والضم ثقيل، ... {وَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ} [التوبة: 94] {وَسَيَرَى اللهُ} من يعرب؟ {وَسَيَرَى} هذا فعل مضارع [لا يذهب الوقت] فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الألف المحذوفة للتخلص من التقاء الساكنين سَيَرَى الألف ساكنة الله التقى ساكنان حذفت الألف والإعراب يتبع النطق لا يتبع المختوم سَيَرَى تكتب الألف، لكن إذا جئت تعرب الإعراب يتبع الملفوظات لا المرسومات هكذا يقول العلماء، يتبع الإعراب يكون تابعًا للملفوظات لا للمرسومات {وَسَيَرَى} تكتب الألف ولكن عند النطق لا تنطق بها، فتقول في إعرابها سَيَرَى يَرَى فعل مضارع مرفوع لتجرده عن الناصب والجازم ورفعه ضمة مقدرة على الألف المحذوفة للتخلص من التقاء الساكنين، إذًا فالرفع قدرا في جميع ما ذكر، (مَعْ نَصْبِ الأَخِيْرِ) ما هو الأخير؟ يَرَى، يَرَى النصب فيه مقدر مع الرفع {طه * مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه: 1، 2] تَشْقَىَ هذا فعل مضارع منصوب بأن مضمرة جوازًا بعد لام التعليل تَشْقَى وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره، إذًا قدرت الفتحة على المختوم على الفعل المضارع المختوم بالألف كما قدرت الضمة، ما مفهومه لما قال: فالرفع قدرا في الجميع مع نصب الأخير، إذًا الأول والثاني ما حكمه في النصب؟ في النصب هل تقدر الفتحة أم تظهر؟
[تظهر]


مفهوم المخالفة أن الفتحة تظهر في ما كان مختومًا بالواو والياء، هذا المفهوم قد نطق به الناظم قال: (وَاظْهِرْ لِنَصْبِ الأَوَّلَيْنِ). (وَاظْهِرْ)، (وَاظْهِرْ) الهمزة هنا همزة وصل، والأصل فيها أنها همزة قطع لأنه من باب أَكْرَمَ والفعل الرباعي أَكْرَمَ همزته همزة قطع، كذلك يكون الأمر منه أَكْرِم ولكن هنا سهلها من أجل النظم واظهر الإعراب لنصب الفعلين الأولين، المختوم بالواو والمختوم بالياء، {لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهاً} [الكهف: 14] {لَن نَّدْعُوَ} {نَّدْعُوَ} إيش إعراب {نَّدْعُوَ}؟
..
{نَّدْعُوَ} فعل مضارع {لَن نَّدْعُوَ} منصوب بـ لن وعلامة نصبه فتحة، لذلك قال: (مَعْ نَصْبِ الأَخِيْرِ)، (وَاظْهِرْ لِنَصْبِ الأَوَّلَيْنِ)، يعني: الأول البيت السابق قال: (وَفِي كَيَدْعُو) هذا الأول، (وَكَيَرْمِي) هذا الثاني، (وَيَرَى) هذا الثالث، قال: (فَالرَّفْعُ مَعْ نَصْبِ الأَخِيْرِ قُدِّرَا). الرفع في الثلاثة مقدر، مع نصب الأخير مقدر، ماذا بقي؟ الأول والثاني تظهر فيه الفتحة، {لَن نَّدْعُوَ} هذه الفتحة ظهرت على الواو {لَن نَّدْعُوَ}، {قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ} [طه: 65] {تُلْقِيَ} هذا فعل مضارع منصوب بـ أن وعلامة نصبه فتحة ظاهرة على آخره، إذًا الفعل المضارع خلاصة أن الفعل المضارع المختوم بحرف من حروف العلة الثلاثة الواو أو الياء أو الألف يسمى معتل الآخر، الضمة تقدر في الجميع يدعو يرمي يرى الضمة مقدرة في الجميع، النصب يقدر في المختوم بالألف فقط، أما ما كان مختومًا بواو أو ياء فالفتحة تظهر لخفتها لأن الواو ثقيل والياء ثقيل والفتحة خفيفة فحينئذٍ تظهر على الحرف الأخير، والكسرة؟
..
هذا فعل لا يدخله الكسر - تنبهوا -، الكسر لا يدخل الأفعال، وإنما الذي يختص بالأفعال هو الفعل مضارع الجزم لذلك قال: ... (وَاحْذِفِ). أيها النحوي، (آَخِرَ كُلٍّ) (كُلٍّ) هذا التنوين تنوين عوض عن كلمة، (كُلٍّ) يقصد به يدعو الواو من يدعو، ويرمي الياء من يرمي، والألف من يَرَى واحذف آخر كلٍ حال كونك جازمًا جازم بمن، وعلامة جزمه حذف حرف العلة، والضمة قبلها دليل على المحذوف، {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا} [الحديد: 16] يَأْنِي بالياء هذا الأصل فيه دخلت عليه لَمْ، لمْ حرف جزم يَأْنِي فعل مضارع حذفت الياء من ذاته فنقول: فعل مضارع مجزوم بـ لم، وعلامة جزمه حذف حرف العلة الذي هو الياء والكسرة دليل على المحذوف، {وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللهَ} [التوبة: 18] {يَخْشَ} أصلها يَخْشَى دخلت عليها لَمْ وحذفت الألف للجازم، إذًا الفعل المضارع المعتل الآخر يحذف حرف العلة للجازم لا إشكال فيه.
وَاظْهِرْ لِنَصْبِ الأَوَّلَيْنِ وَاحْذِفِ ... آَخِرَ كُلٍّ جَازِمًا كَلْتَقْتَفِ


الكاف للتشبيه، كقولك: لِتَقْتَفِي أصل من قَفَا يَقْفُوا تَقْتَفِي، قَفَا يَقْفُو هذا الأصل بالواو ومنه قَفْوُ الأثر، أي الإتباع، لكن هنا لعله كسره من أجل الوزن تَقْتَفِي إن كان [بالواو أو بالواو] إن كان بالياء أو بالواو وجعل الضمة كسرةً للوزن نقول: هو فعل مضارع مجزوم باللام هذه اللام تسمى لام الأمر وهي جازمة تجزم الفعل المضارع، وعلامة جزمه حذف حرف العلة، والكسرة دليل على الياء أو على الواو المحذوفة، إذًا هذا ما ذكره الناظم في باب أقسام الإعراب.
أسئلة:
س: هنا يقول: ما الأمثلة الخمسة؟ هل الأمثلة الخمسة هي الأفعال الخمسة؟
ج: نعم لكن التعبير بالأمثلة الخمسة أولى.
يدعو، ويرمي، ويرى أمثلة على ماذا؟
..
على الفعل المضارع.
.
لا على الإعراب المقدر، قلنا: الإعراب المقدر يكون في الأسماء ويكون في الأفعال، ذكر الأسماء (عَبْدِي وَالْفَتَى)، ومثل ثم ذكر الأفعال (وَفِي كَيَدْعُو وَكَيَرْمِي وَيَرَى).
وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه [أجمعين].