شرح الدرة اليتيمة

عناصر الدرس
* إعراب المفرد وجمع التكسير.
* إعراب جمع المؤنث.
* موانع الصرف.

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد.
قال الناظم رحمه الله تعالى:
(بَابُ إِعْرَابِ الْمُفْرَدِ وَجَمْعِ التَّكْسِيْرِ)
لما ذكر الباب السابق، وهو الباب الثاني في النظم (بَابُ أَقْسَامِ الإعْرَابِ) وذكرنا أن الإعراب نوعان أو على ضربين أو ذكرنا أن للإعراب علامات منها أصول، ومنها فروع، فهو على ضربين أصل وفرع، وذكرنا أيضًا أن الإعراب يكون ظاهرًا ويكون مقدرًا، والأصل فيه أنه ظاهر، والمقدر هذا معدود لما ذكره الناظم رحمه الله تعالى، لكن بقي التعليق على البيت الأخير قوله:
وَاظْهِرْ لِنَصْبِ الأَوَّلَيْنِ وَاحْذِفِ ... آَخِرَ كُلٍّ جَازِمًا كَلْتَقْتَفِ

(كَلْتَقْتَفِ) هذا في بعض النسخ فالتكتفي، وتكتفي اكْتَفَى يَكْتَفِي بالياء هذا أحسن، لماذا؟ لأن قَفَا يَقْفُو هذا واضح، (كَلْتَقْتَفِ) الأصل كَلْتَقْتَفُ لماذا؟ لأنه واوي مثل دَعَى يَدْعُو لِيَدْعُ، إذًا إذا حذفت الواو بقيت الضمة علامةً على المحذوف، كذلك تَقْتَفِي هذا نقول: الأصل أنه بالضم، يعني: بضم الحرف الأخير، ولذلك النسخة الأخرى أولى فالْتَكْتَفِي لأنه من باب اكْتَفَى يَكْتَفِي فهو يائيٌّ.
قال رحمه الله: (بَابُ إِعْرَابِ الْمُفْرَدِ وَجَمْعِ التَّكْسِيْرِ). أي: أنه سيذكر في هذا الباب الذي علم أنه بباب الإعراب المفرد وجمع التكسير سيذكر نوعين من محل الإعراب مما يظهر فيه الإعراب.
النوع الأول: المفرد.
والنوع الثاني: جمع التكسير.


فقال رحمه الله: (وَجَمْعُ تَكْسِيْرٍ كَفَرْدٍ يُعْرَبُ ** بِالْحَرَكَاتِ). شبه جمع التكسير بالمفرد، والمفرد له إطلاقات تختلف باختلاف أبواب النحو، وهنا في باب الإعراب يقول: المفرد ما ليس مثنًى ولا جمعًا ولا ملحقًا بهما ولا من الأسماء الستة. المفرد في باب الإعراب ما ليس مثنًى ولا مجموعًا أو ولا جمعًا ولا ملحقًا بهما ولا من الأسماء الستة، ما ليس مثنًى أخرج نحو: الزيدان، وليس مجموعًا أخرج جمع التكسير وجمع المؤنث السالم وجمع التصحيح، يعني: الجمع بأنواعه، ولا ملحقًا بهما أخرج الملحقات بالمثنى (كلا، وكلتا، واثنان، واثنتان)، وأخرج الملحقات بجمع المذكر السالم، والملحقات بجمع المؤنث السالم، ولا من الأسماء الستة؛ لأن الأسماء الستة وإن كانت هي مفردة أبوك وأخوك وحموك .. إلى آخره إلا أنها تختص بإعراب وهو: الحروف. والمقصود بالمفرد هنا في الإعراب أن يعرب بالحركات على الأصل، ففرق بين المفرد الذي يُعرب بالحركات، والمفرد الذي يُعرب بالحروف، ولذلك نحتاج إلى قيد لإخراجه، هذا الحد يصدق على نحو زيد وبيت ومسجد، نقول: هذا مفرد، لأن زيد ليس مثنى ولا مجموعًا ولا ملحقًا بهما ولا من الأسماء الستة، إذًا زيد هذا مفرد، ما إعرابه؟ نقول: يعرب بالحركات، والأصل في الرفع أن يكون بالضم فيرفع زيد بالضمة على الأصل جَاءَ زَيْدٌ زيدٌ فاعل مرفوع ورفعه ضمة ظاهرة على آخره، وينصب بالفتحة على الأصل رَأَيْتُ زَيْدًا زيدًا نقول: هذا مفعول به منصوب ونصبه فتحة ظاهرة على آخره، لم فتحة؟ لأنه مفرد، والمفرد يعرب بالحركات على الأصل، مَرَرْتُ بِزَيْدٍ زيدٍ نقول: هذا اسم مجرور بالباء وجره كسرة ظاهرة على آخره، لم جر بالكسرة؟ نقول: لأنه مفرد. هذا إن كان صحيح الآخر إن كان المفرد صحيح الآخر يعرب بالحركات الظاهرة وإن كان معتل الآخر فيعرب حينئذٍ بالحركات نفسها لكنها تكون مقدرة، وهذا ما سبق في الدرس الماضي نحو الاسم المقصود والاسم المنقوص والمضاف إلى ياء المتكلم، فعبد مثلاً هذه مفرد ليست مثنى ولا جمعًا ولا ملحقًا بهما ولا من الأسماء الستة، إذًا انطبق عليها الحد، فحينئذٍ نقول: تُعرب بالحركات على الأصول، وترفع بالضمة وتنصب بالفتحة وتجر بالكسرة كزيد، ولكن إذا أضيفت إلى ياء المتكلم انتقل إعرابها من الحركات الظاهرة إلى إعرابها بالحركات المقدرة، وكذلك الاسم المقصور وهو كل اسم معرب آخره ألف لازمة قبلها فتح كالفتى، جَاءَ الْفَتَى، رَأَيْتُ الْفَتَى، مَرَرْتُ بالْفَتَى، حينئذٍ في هذه الْمُثُل نقول: الْفَتَى معرب في المثال الأول بالضمة المقدرة، ومنصوب في المثال الثاني بالفتح المقدرة، ومجرور في المثال الثالث بالكسرة المقدرة، لم قدر؟ أولاً نقول: لم أعرب بالحركات على الأصل؟ نقول: لأنه مفرد، وكل مفرد في باب الإعراب الأصل أنه يعرب بالحركات، وهنا أُعرب بالحركات، يأتي السؤال الآن: لماذا قدرت الحركة ولم تظهر؟ نقول: لأنه مقصور، والمقصور تقدر عليه جميع الحركات كما قال الحريري:
وليسَ للإعرابِ فيما قد قصِرْ ... مِن الأسامي أَثَرٌ إذا ذُكِرْ

.


النوع الثالث: الاسم المنقوص، كل اسم معرب آخره ياء لازمة قبلها كسرة، نقول: هذا اسم مفرد، القاضي مفرد أم مثنى أم مجموع؟ نقول: هذا مفرد يصدق عليه حد المفرد في باب الإعراب، وهو أنه ما ليس مثنى ولا مجموعًا ولا ملحقًا بهما ولا من الأسماء الستة، القاضي، إذًا يُعرب بالحركات على الأصل، لم أعرب بالحركات على الأصل؟ تقول: لأنه مفرد وصدق عليه حدّ المفرد. هل الحركات تكون ظاهرة أم مقدرة؟ نقول: الثاني. أنها مقدرة، لماذا مقدرة؟ لوجود مانع يمنع من ظهور الحركات، وهل جميع الحركات تقدر على الياء؟ الجواب: لا، إنما يقدر نوعان هما: الضمة، والكسرة. وأما الفتحة فتبقى، لماذا ظهرت في الياء ولم تظهر في الألف من الفتى؟ لأن الياء ثقيلة والفتحة خفيفة، وهل الياء تقبل الحركة في أصلها؟ نقول: نعم، الياء تقبل الحركة في أصلها، يعني: لو تكلف المتكلم وحاول أن يظهر الحركة لأظهرها، فلو قيل له: أخرج الضمة في جَاءَ الْقَاضِي. لقال: جَاءَ الْقَاضِيُ. إذًا ضمت الياء، أمكن ضم الياء، إذًا نقول: أمكن ضم الياء، أما في باب الفتى فإنه لو حاول وتكلف أن يظهر الفتحة أو الضمة أو الكسرة لما استطاع، هذا يسمى التعذر الأصلي، وهو كون الحرف غير قابلٍ للحركة ذات الألف لا تقبل الحركة أما الياء فتقبل الحركة، إذًا الاسم المنقوص نقول: تقدر فيه الضمة والكسرة وتظهر الفتحة لخفتها،
والياءُ في القاضي وفي المُستَشرِي ... ساكنَةٌ في رَفعِهَا والجَرِّ
وتُفتَحُ الياءُ إذا ما نُصِبَا ... نحوُ لَقِيتُ القَاضِيَ المُهَذَّبَا

إذًا المفرد يعرب بالحركات وهو الأصل فيه، ثم هذه الحركات قد تكون ظاهرة إذا لم يمنع مانع من ظهور الحركة، وقد تكون الحركات مقدرة إذا منع مانع من ظهور الحركات، وهذه الموانع محصورة في الغالب في أو أكثر ما يكون في الاسم المقصور والمنقوص وماذا؟ والمضاف إلى ياء المتكلم، مثل غلامي.
قال رحمه الله: (وَجَمْعُ تَكْسِيْرٍ كَفَرْدٍ). إذًا عرفنا حكم المفرد وهو أنه يعرب بالحركات على الأصل، الحركات الأصلية هذا ما لم يتلبس بما يمنعه من الصرف كما سيذكره، ثم شبه به جمع التكسير فقال: (وَجَمْعُ تَكْسِيْرٍ كَفَرْدٍ). إذًا حكمه حكم المفرد، حكم جمع التكسير حكم المفرد، في ماذا؟ في أنه يعرب بالحركات على الأصل، يرفع بالضمة، وينصب بالفتحة، ويجر بالكسرة، هذا إذا كان صحيح الآخر ولم يمنع من ظهور الضمة أو الفتحة أو الكسرة مانع، لكن يرد السؤال هنا ما هو جمع التكسير وما ضابطه؟ نقول: قوله: (وَجَمْعُ تَكْسِيْرٍ)، (تَكْسِيْرٍ) هذا تفعيل مصدر من إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول، يعني: الجمع جمع المكثر. المكسر هذا اسم مفعول، وهل المراد المصدر أم اسم المفعول؟ نقول: المراد اسم المفعول. (وَجَمْعُ تَكْسِيْرٍ)، أي: الجمع المكسر، التكسير هذا مضاف إليه، جمع مضاف والتكسير مضاف إليه، هل التكسير وهو مصدر هل المعنى المصدري مراد؟ نقول: لا، إنما أريد اسم المفعول، يعني: من باب إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول وهو من باب إضافة الموصوف إلى صفته، لأن الأصل الجمع المكسر، الجمع هذا موصوف، المكسر هذا صفته، أضيفت الصفة إلى الموصوف، أو أضيف الموصوف إلى صفته فقيل: جمع التكسير.


الجمع لغة ما يشمل ثلاثة خصائص:
- ما دل على أكثر من اثنين فهو جمع. فيشمل جميع أنواع الجموع، اسم الجمع، وجمع التكسير، وجمع التصحيح، وجمع المؤنث السالم بأنواعها يدخل في هذا الحد، [كل ما دل على الجمع فهو] (1)، كل ما دل على أكثر من اثنين فهو جمع على القول الصحيح أن أقل الجمع ثلاثة.
أما في الاصطلاح عند النحاة فهو ما تغير عن بناء مفرده، بعضهم يزيد لغير إعلال.
ما تغير، المقصود به ما تغير، يعني: جمعٌ تغير عن بناء مفرده، فما هنا بمعنى الذي تصدق على الجمع، تغير عن بناء مفرده، إذًا عن واسم مفرده، المفرد لو نظرنا وقارنا، المفرد مع جمعه الذي هو جمع التكسير لوجدنا أن الجمع أو المفرد قد تغير في بنيت الجمع، وأوجه التغير هذه محصورة في ثلاثة أنواع: إما أن يتغير بالشَّكْلة، يعني: الحركة، وإما أن يتغير بزيادة حرف أو أكثر، وإما أن يتغير بنقص.
فهذه ثلاثة أوجه التغير إما أن يكون بشكلة، أو نقص، أو زيادة، وقد يجتمع بضعها مع بعض فتكون القسمة ستة من ضرب ثلاثة في اثنين، التغير بالشكلة فقط مثل له النحاة بـ أَسَد وَأُسُد، أُسُد هذا جمع، ما نوعه؟ تقول: جمع تكثير. ما ضابطه؟ انظر إلى المفرد تجد أنه أَسَدٌ بفتح الهمزة والسين في الجمع قلت: أُسُد. وقد تخفف أُسْدٌ الأصل أُسُد، إذًا ضمت الهمزة وضمت السين، هل سلم بناء المفرد في الجمع أم تغير؟ تغير بخلاف مسلم لو جمعته بواو ونون لو قلت: مسلمون. إذًا سلم وصح المفرد في الجمع، مسلم مسلمون صح المفرد في الجمع أما أَسَد وَأُسُد تغير، ووجه التغير هنا تغير الشكل.
النوع الثاني أن يتغير بنقص، يعني: نقص حرف، وهذا مثل له النحاة بـ تُخَمَ وَتُخَمْ تُخَمَةٌ هذا مفرد تُخَمٌ هذا جمع، ما الفرق بينهما؟ الجمع نقص حرفًا واحدًا عن مفرده، وهو: التاء، إذًا هل حصل تغير في بنية المفرد؟ نقول: نعم، ما تغير عن بناء مفرده، لو نظرنا وقارنَّا المفرد مع الجمع لقلنا: الجمع قد نقص حرفًا عن مفرده، وهذا يأتي في ثبوت أن البنية قد تغيرت.
بزيادة، وهو النوع الثالث مَثَّلَ له النحاة بـ صِنْوٍ وَصِنْوَان، صنوٍ هذا فرع الشجرة، يجمع على صنوان، صِنْوٍ صِنْوَان، ما الفرق بينهما؟ زيادة الألف والنون، إذًا حصل التغير هنا عن بنية المفرد بزيادة، وهي زيادة [في حرفين] وهي زيادة الحرفين الألف، والنون.
قد يشتمل أو يجتمع الشكلة مع النقل، يعني: قيد يتغير الجمع عن بنيت مفرده بتغير الحركات مع نقص بعض الحروف رَسُول وَرُسُل رَسُول رُسُل الراء في المفرد مفتوحة رَسُول، وفي الجمع رُسل مضمومة، إذًا حصل التغير بالشكل، رَسول الواو ثابتة في المفرد، أين هي في الجمع؟ سقطت، إذًا حصل التغير بتغير الشكل مع نقص بعض الحروف.
النوع الرابع: تغير الشكل مع الزيادة، نحو: رَجُل، وَرِجَال. رَجُل بفتح الراء وضم الجيم، تقول: رِجَال. حصل تغير في الشكل مع زيادة الألف قبل اللام وبعد الجيم بين الجيم واللام، رَجُل وَرِجَال حصل التغير بالكسر رَ رِ، وحصل زيادة حرف بين الجيم واللام.
__________
(1) سبق.


النوع الذي يليه أن يحصل التغير في الشكلة والزيادة والنقص معًا، مَثَّل له النحاة بـ: غُلام، وَغِلْمَان. غُلام الغين مضمومة في المفرد غُ غِلْ كسرت للجمع، غُلام غِلْمَان، أين الألف التي بعد اللام لغلام؟ سقطت، إذًا نَقْل، غُلام غِلْمَان بعد الميم زيدت ألف ونون، إذًا حصل التغير بالشكلة والزيادة والنقص، هذه هي أوجه التغير في الجمع جمع التكسير عن مفرده، هذا يعبر عنه بأن التغير قد حصل تحقيقًا هذا هو الغالب، وقد يحصل في كلمات معدودة ولم يذكر النحاة له إلا مثالاً واحدًا ويسمى التغيير التقديري نحو: قُلْ. هذا استوى فيه المفرد والجمع، قُلْك على وزن فُعْل، فُعْل فُلك هذا يطلق على المفرد ويطلق على الجمع، هل حصل تغيير وقُلْك بالطبع أنه جمع تكسير، نقول: هل حصل تغيير في الجمع عن مفرده؟ في الظاهر لا، لأن فُلْك وفُلْك مستويان اتحدتا صورةً فنقول: لا بد من التقدير. فنقول: الضمة فيه فُلْكٍ وهو مفرد كالضمة في قُفْلٍ، والضمة في فُلْكٍ وهو جمع كالضمة في أُسْدٍ، لا بد من أن نقدر أن الضمة في المفرد ليست هي عين الضمة في الجمع، وهذا من باب طرد الباب فقط، لأنهم اصطلحوا على أن جمع التكسير لا بد أن يكون متغيرًا عن مفرده، وقد وجد الاتحاد هنا، اتحاد الصورة في المفرد مع الجمع، هل ننقض القاعدة أم أننا نتأول وندخله في القاعدة، أيهما أولى؟ نتأول وندخله في القاعدة، فنقول: لا بد من التقدير فنقدر ضمة فُلْكٍ الذي هو المفرد كقُفْلٍ وهو مفرد، وضمة فُلْك الذي هو الجمع كضمة أُسْدٍ الذي هو جمع تكسير، قلنا: لغير إعلال. هذا لإخراج الاسم المقصور والاسم المنقوص إذا جمعا جمع تصحيح يعني: بواو ونون، مُصْطَفَى هذا اسم مقصور آخرها ألف لازمة، إذا أردنا أن نجمعه بواو ونون وما جمع بواو ونون عكس جمع التكسير تسلم فيه بنية المفرد، لا بد أن يكون سالمًا، فإذا قلنا: الْمُصْطَفَى وأردنا جمعه بواو ونون قلنا: مُصْطَفَاون. هكذا، فنقول: التقى واو وألف ساكنة، واو ساكنة وألف ساكنة قبلها، إذًا اجتمعا ساكنان، ماذا يحصل؟ لا بد من حذف الألف مُصْطَفَى فصار مُصْطَفَون، هذا الجمع إن نظرت إلى الظاهر قلت: حصل تغيير بنقص حرف مثل تُخَمَة وتُخَمْ، مُصْطَفَون هذا حصل تغير في الجمع عن بنية مفرده لأن المفرد مُصْطَفَى بالألف، وَمُصْطَفَون سقطت الألف وهو جمع، تقول: إذًا هذا جمع التكسير. نقول: لا. لم؟ لأن تُخَمَة وَتُخَم وصنوان الزيادة والنقص هناك في باب جمع التكسير حصلت الزيادة لذات البنية، وزنه مسموع من لغة العرب على هذه البنية، أما في باب مُصْطَفَى فهذه الألف سقطت لعلة تصريفية، وعندهم قاعدة ... [صغرى] (1):
__________
(1) لا أدري أصغرى أم كبرى لم يتضح لي .. [المفرغ]


أن ما سقط لعلة تصريفية فهو كالثابت، تُخَمَةٌ تُخَمٌ، التاء لماذا سقطت هنا؟ لم تسقط لعلة تصريفية، وإنما سقطت لكون جمع تُخَمَة سُمع من لغة العرب على تُخَمْ، إذًا لم تسقط أو لم يسقط الحرف الأخير لأجل الجمع، وإنما البنية برأسها هي جمع، أما مُصْطَفَون نقول: الألف سقطت لعلة تصريفية، كذلك قاضي، قَاضي هذا اسم منقوص آخره ياء، إذا أردت جمعه بواو ونون القاضي ثم واو ونون اجتمع ساكنان الياء والواو مثل مُصْطَفَاون قَاضِيون ياء ساكنة ثم واو ساكنة التقى ساكنان لا يمكن تحريك الياء، ننتقل إلى المرحلة الثانية وهي: حذف حرف العلة، ولا يجوز حذف حرف العلة للتخلص من التقاء الساكنين إلا بشرطين: أن يكون الحرف حرف علة، وأن يبقى دليل عليه من جنس الحرف المحذوف. إن كان المحذوف ياء يجب أن يُستبقى الكسرة دليل عليه، إن كان المحذوف ألف يجب أن تبقى الفتحة دليل عليه، والواو كذلك مع الضمة أو الضمة مع الواو، هنا صارت إذا حذفنا الياء نقول: الياء حرف علة وقبلها مكسور، إذًا نحذف حرف العلة صار القاضِو، ضِو ضاد مكسورة واو ساكنة، ماذا سيحصل؟ عندهم قاعدة وهي - قاعدة تصريفية -، وهي: أن الواو إذا سكنت وكُسر ما قبلها وجب قلب الواو ياءً، إذا سكنت الواو وانكسر ما قبلها وجب قلب الواو ياءً، وهنا لو طبقنا هذه القاعدة للتبس الجمع المرفوع بالمنصوب أو المجرور، فلو قلبت الواو ياءً قلت: الْقَاضِينَ. هل هو مرفوع أو منصوب؟ لا تدري، إذًا فرارًا من قلب الواو ياءً يجب قلب الكسرة ضمة، فصار جمع القاضي بواو ونون الْقَاضُونَ، القاضون ضمة الضاد مع حذف الياء، حصل تغيير بالشكل واللفظ، أليس كذلك؟ القاضي يجمع على قاضون، حصل تغير بالشكل لأننا نقلنا الكسرة قاضي صارت قاضو، إذًا انتقلت الكسرة إلى ضمة وهذا تغيير بالشكل، لأن المفرد قاضِي بكسر الضاد، والجمع قاضُو، إذًا بضم الضاد، إذًا حصل تغيير للشكل، كذلك القاضي بالياء قاضُون بدون ياء، إذًا حصل تغير بالشكل واللفظ، هل هو جمع تكسير أم ماذا؟ إذا قلنا: ما تغير عن بناء مفرده. وسكتنا ولم نقل: لغير إعلال. لخرج أو لدخل معنا قاضون ومُصْطَفَوْنَ، لكن لما حصل التغيير والتبديل في مُصْطَفَوْن وقاضون لعلة تصريفية نقول: هذا لا بد من إخراجه.
إذًا تعريف، أو ضابط جمع التكسير ما تغير عن بناء مفرده لغير إعلال، لغير إعلال بماذا؟ لنخرج ما تغير عن بناء مفرده من إعلال، وهو العلة التصريفية، الاسم المقصور والاسم المنقوص إذا جمع بواو ونون فإنه يتغير بالشكل في بعض أفراده ويتغير بالنقص، فحينئذٍ لا نحكم على مُصْطَفَوْنَ وَقَاضُونَ بأنه تغير بالجمع وإنما تغير لعلة تصريفية، فحينئذٍ نقول: إذا توفرت هذه أو وُجد هذا الضابط تقول: هذا الجمع جمع تكسير يُرفع بالضمة على الأصل سواء كانت ظاهرة أم مقدرة، وينصب بالفتحة على الأصل كالمفرد سواء كانت ظاهرة أو مقدرة، ويجر بالكسرة على الأصل سواء كانت ظاهرة أو مقدرة.
جَاءَ الرِّجَالُ وَالأُسَارَى وَغِلْمَان، وقيل: هكذا جَاءَ الرِّجَالُ وَالأُسَارَى وَغِلْمَان، كيف نعرب الرِّجَال؟ نقول: جَاءَ فعل ماضي، والرِّجَالُ؟

فاعل مرفوع، بماذا؟

لماذا أعرب بالضمة؟
..


لأنه جمع تكسير، وإعراب جمع التكسير كإعراب المفرد، والمفرد يرفع بالضمة الرِّجَالُ، وَالأُسَارَى؟
..
معطوف على الرِّجَال، والمعطوف على المرفوع مرفوع، ورفعه ضمة مقدرة على آخره، أُسَارَى لأنه اسم مقصور، الاسم المقصور يكون في المفرد ويكون في الجمع جمع التكسير، إذًا مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها التعذر الأصلي، وغِلْمَانِ هذا معطوف على.
.
على أي شيء؟ على الأسارى أو على الرجال؟
..
القاعدة أن ما عطف بواو يكون العطف على الأول، إذا كان العطف بواو العطف أو أَو يكون العطف على الأول، وإذا كان بغيرها يكون على سابقه وخاصة إذا كان بـ ثم أو الفاء، جَاءَ زَيْدٌ وَخَالِدٌ وَعَمْرو وَمُحَمَّدٌ، محمد هذا معطوف على الأول، جَاءَ زَيْدٌ فَعَمْرٌ فَخَالِدٌ فَمُحَمَّدٌ، محمد معطوف على سابقه، وسابقه معطوف على سابقه، والأسبق على الأول، لأنها تفيد الترتيب والتعقيب، إذًا يكون الإعراب بالحركات الظاهرة ويكون الإعراب في جمع التكسير أيضًا بالحركات المقدرة، (وَجَمْعُ تَكْسِيْرٍ كَفَرْدٍ يُعْرَبُ ** بِالْحَرَكَاتِ) هذا شبيه بقول الحريري في الملحة:
وكلُّ ما كُسِّرَ في الجُموعِ ... كالأُسدِ والأبياتِ والرُّبوعِ
فَهْوَ نظيرُ الفردِ في الإعرابِ ... فاسمَعْ مقَالي واتَّبِعْ صَوَابي

ثم قال:
......................... ... ................. وَبِفَتْحٍ يَجِبُ
خَفْضُهُمَا مِنْ كُلِّ مَا لا يَنْصِرِفْ ... الْمُشْبِهِ الْفِعْلَ بِأَنَّ ذَا يَتَّصِفْ

هذا شروع من الناظم رحمه الله تعالى في بيان وطرد أبواب النيابة، وقلنا: أبواب النيابة كم؟ عشرة؟
.
سبعة أبواب، الأول، خمسة في الأسماء، واثنان في الأفعال.
خمسة في الأسماء:
الأول: الأسماء الستة.
الثاني: المثنى.
الثالث: جمع المذكر السالم.
الرابع: جمع المؤنث السالم. مطلقًا؟
..
في حالة النصب [أحسنت].
الخامس: الممنوع من الصرف، أو الاسم الذي لا ينصرف، مطلقًا؟

في حالة - لا بد من التقييد - إذا قلت: جمع المؤنث السالم. وسكت دخل الرفع والنصب، وهذا ليس من باب النيابة، إنما يكون من باب النيابة في حالة النصب فقط، كذلك الممنوع من الصرف في حالة الجرِّ فقط، لأنك تقول: جَاءَ أَحْمَدُ، وَرَأَيْتُ أَحْمَدَ. هذا ممنوع من الصرف، جَاءَ أَحْمَدُ نقول: عرب على الأصل أو على النيابة؟

على الأصل، رَأَيْتُ أَحْمَدَ نُصب على الأصل أو على النيابة؟ على الأصل، مَرَرْتُ بِأَحْمَدَ هذا هو الذي من باب النيابة، إذًا لا بد من التقييد، نقول: الممنوع من الصرف في حالة الجر.
واثنان في الأفعال وهما؟

الأمثلة الخمسة وهي الأفعال الخمسة.
..
الفعل المضارع المعتل الآخر، مطلقًا؟
..


في حالة الجر، [أحسنت] في حالة الجر، أما في حالة الرفع والنصب فيُعرب على الأصل، إما [بظاهر] ضمة ظاهرة، أو مقدرة والنصب قد يكون ظاهرًا وقد يكون مقدرًا، هنا شرع الناظم في بيان مَا نابت فيه حركة عن حركة، لأن العلامات كما سبق أصول وفروع، الأصول لا تكون إلا حركات لأنها الضمة في الرفع، والفتحة في النصب، والكسرة في الخفض، والسكون في الجزم، وهذه كلها حركات، وإنما يُذكر السكون من باب التوسع إلا الأصل ليس بحركة، فلذلك يُعبر بعضهم تعبيرًا دقيقًا يقول: الأصول حركة وسكون. يعني بالحركة: الضمة، والفتحة، والكسرة، والسكون، لأنه ليس داخلاً في الحركة، لماذا؟ لأنه الحركة موجودة، والسكون هذا عدم، فكيف يكون موجودًا، والفروع تكون حروفًا وتكون حركة، ما نيب فيه حركة عن حركة الباب الأول هو الممنوع من الصرف وهو بابان فقط، الممنوع من الصرف، وجمع المؤنث السالم في حالة النصب لأنه ينصب بالكسرة نيابةً عن الفتحة، إذًا نابت فيه حركة عن حركة، جمع الممنوع من الصرف نابت فيه حركة عن حركة الفتحة عن الكسرة، ما هو الممنوع من الصرف؟ قال: (وَبِفَتْحٍ يَجِبُ خَفْضُهُمَا). إذًا عَيَّن أن الإعراب هنا في الممنوع من الصرف هو خاص بالخفض، (وَبِفَتْحٍ يَجِبُ خَفْضُهُمَا) بفتح هذا جار ومجرور متعلق بقوله: (خَفْضُهُمَا). لأنه مصدر، وأصل التقيد ويجب خفضهما بفتح، ويجب يعني: يلزم خفضهما الضمير يعود على جمع التكسير والاسم المفرد بفتح لماذا؟ لأنه ممنوع من الصرف، وهو مما نابت فيه الفتحة عن الكسرة، لذلك تعلم أن المفرد قسمان، وأن جمع التكسير قسمان: مفرد منصرف، ومفرد ممنوع من الصرف. جمع تكسير منصرف وجمع تكسير ممنوع من الصرف.


(وَبِفَتْحٍ يَجِبُ خَفْضُهُمَا مِنْ كُلِّ مَا لا يَنْصِرِفْ)، (مِنْ كُلِّ) هذا ضابط قاعدة عامة (كُلِّ مَا) (مَا) اسم موصول بمعنى الذي، هنا يصدق على المفرد وجمع التكسير، لأن الممنوع من الصرف خاص بهذان البابين، إما يكون مفردًا وليس كل المفرد، وإما يكون جمع تكسير وليس كل جمع التكسير، إذًا من كل مفرد لا ينصرف، ومن كل جمع تكسير لا ينصرف، (لا يَنْصِرِفْ) الصرف هو التنوين والذي يمنع منه المفرد، وجمع التكسير هو الصرف والكسر، إذا أطلق الصرف أريد به التنوين الدال على أن مفهومه قد تمكن من باب الاسمية لذلك هو يفيد معنى، التنوين حرف معنى وليس حرف مبنى، أَمَا نقول: إن الكلمة ثلاثة أقسام: اسم، وفعل، وحرف معنى. حرف معنى مثل ماذا؟ في ومن وعن واللام وهل وبل، منها التنوين، لأن التنوين حرف معنى وهو من خواص الأسماء، إذًا ما هو المعنى الذي يدل عليه إذا قلنا: من تفيد الابتداء، وفي تفيد الظرفية، والكاف للتشبيه، وهل للاستفهام، وبل للإضراب ... إلى آخره، التنوين هذا على أي شيء يدل؟ يدل على تمكن الاسم مدخوله الذي دخل عليه التنوين هذا الذي إذا أطلق انصرف إليه دل على أن الاسم متمكن، كيف متمكن؟ بحيث لم يحسن الفعل فيمنع من الصرف، ولا الحرف فيمنع، ولذلك ذكرنا فيما سبق أن الاسم الذي هو قسيم للفعل والحرف ثلاثة مراحل، أو ثلاثة أنحاء: اسم خالص من الشبه بالفعل والحرف، اسم أشبه الفعل، اسم أشبه الحرف. ما أشبه الحرف تعرض له الناظم فيما سبق (وَاحْكُمْ عَلَى اسْمٍ شِبْهِ حَرْفٍ بِالْبِنَا)، وذكرنا أوجه الشبه أنها محصورة عند ابن مالك ومن تبعه في أربعة أقسام: شبه وضعي، وشبه استعمالي، وشبه معنوي، وشبه افتقاري. إذا وجد في الاسم واحد من هذه الأنواع الأربعة نقول: أشبه الاسم الحرف، والحرف مبني، وقاعدة العرب أنهم يعطون المشبه حكم المشبه به، والمشبه هنا الاسم، وجد فيه شبه قريب بالحرف، وحكم الحرف البناء، فسحب الحكم من الحرف إلى الاسم فصار الاسم مبنيًّا، إذًا لماذا بني الاسم؟ تقول: لأنه أشبه الحرف.
ومبني لشبه من الحروف مدني
الاسم الذي أشبه الفعل نقول: هذا قد وجد فيه شبه من الفعل وجه الشبه كما قيدنا هنا في المبني أنه محصور في أربعة أنحاء هنا أيضًا ليس على إطلاقه وإنما يكون محصورًا في العلل الست.
اجْمَعْ وَزِنْ عَادِلاً أَنِّثْ بِمَعْرِفَةٍ ... رَكِّبْ وَزِدْ عُجْمَةً فَالْوَصْفُ قَدْ كَمَلَ


إذا وجد في الاسم علتان فرعيتان إحداهما ترجع إلى اللفظ والأخرى ترجع إلى المعنى أو علة واحدة تقوم مقام علتين نقول: قد أشبه الاسم الفعل. قد أشبه الاسم سيأتي تفصيل هذا، قد أشبه الاسم الفعل والقاعدة أن العرب تعطي المشبه حكم المشبه به، والاسم والفعل قد اشتراكا في الرفع والنصب، وقد منع الفعل من التنوين والخفض، إذًا ما الذي بقي؟ هل يمنع الاسم من الرفع والفعل يدخله الرفع؟ نقول: لا. هل يمنع الاسم من النصب والفعل يدخله النصب؟ نقول: لا، وإنما يمنع الاسم ما منع منه الفعل وهو التنوين والخفض، فنقول: نسحب حكم المنع وهو منع الصرف الذي هو التنوين والخفض من الفعل إلى الاسم، فنحرم الاسم من دخول التنوين لا ننون الاسم ولا نخفضه بالكسرة، لماذا؟ لأنه قد أشبه الفعل، ما وزن الشبه، ما فلسفة هذا الشبه لأنه ذكره فنذكره، نقول: الفعل فيه علتان فرعيتان، كل فعل سواء كان ماضيًا، أو مضارعًا، أو أمرًا، فيه علتان فرعيتان، الأصل إحداهما ترجع إلى اللفظ، والأخرى ترجع إلى المعنى.
أما العلة الأولى التي ترجع إلى اللفظ نقول: الفعل فرع عن الاسم، لأن كل فعل في الأصل في الغالب، والجامد هذا قليل، أن الأصل في الفعل أنه مشتق، وكل مشتق لا بد له من مشتق منه، والمشتق فرع عن المشتق منه، ومذهب البصريين وهو المرجح عند المتأخرين أن الفعل بجميع أنواعه مشتق من المصدر، المصدر هو الأصل والفعل هو الفرع.
والمصدر الأصل وأي أصل ... ومنه يا صاح اشتقاق الفعل

إذًا الفعل مشتق من المصدر، والمشتق فرع عن المشتق منه، فنقول من جهة اللفظ: الاسم. أو نقول: الفعل وجدت فيه علة لفظية، هذه العلة اللفظية فرعية أم أصل؟ نقول: هي فرعية، وهي كونه مشتقًا من المصدر، إذا قلت: المصدر أصل والفعل فرع. ماذا نقول؟ نقول: الفعل فرع عن المصدر، والمصدر اسم، وهذه العلة الفرعية من جهة كون مادة الفعل هي مادة المصدر، ولذلك عند النحاة أن الفعل يدل على المصدر بمادته نقول: ضَرَبَ هذا فعل ماضي، وَيَضْرِبُ فعل مضارع، وَاضْرِب هذا فعل أمر. ما المصدر؟ الضرب، الضَّرب مصدر.
فَعْلٌ قياس مصدر المعدى ... من ذي ثلاثة كردَّ ردَّا

فَعْلٌ ضَرْبٌ هذا مصدر، ما العلاقة بين ضَرْبٍ الذي هو مصدر وَضَرَبَ؟

مشتق، أيهما أصل؟
.
الأصل ضَرْبٌ الذي هو المصدر، وَضَرَبَ ضَرْب لكن كيف دل ضَرَبَ على ضَرْبٍ، لماذا نقول: ضَرَبَ مشتق من ضَرْبٍ. ولم تقل: من أَكْلٍ وَشُرْبٍ. ونحوه؟ من مادة التي هي جوهر الكلمة، الحروف التي ترتبت منها ضرب هي موجودة في المصدر ضَرْبِ يَأْكُلُ أَكْلٍ يَشْرَبُ من الشُّرْبِ، إذًا المادة الحروف الجوهر جوهر الكلمة الفعل هو الذي يدل على الأصل على المصدر، هذه العلة تمنع علةً لفظية كون الفعل مشتقًا من المصدر والمصدر أصل وهو اسم.


العلة الثانية وهي: المعنوية افتقار الفعل إلى الاسم، لماذا؟ لأن كل فعل متضمن لحدث، وكل حدث لا بد له من فاعل، والفاعل لا يكون إلا اسمًا، إذًا افتقر الفعل إلى الاسم في كونه حدثًا، والحدث لا بد له من فاعل، والفاعل لا يكون إلا اسمًا وهذا افتقار معنوي، إذًا أيهما فرع وأيهما أصل؟ ما افتقر أم الذي لا يفتقر؟ ما افتقر فرع عن الذي لا يفتقر، والاسم لا يفتقر إلى الفعل، ولذلك قد يستغني قيل: سمي الاسم اسمًا لعلوه على القسيمين الفعل والحرف لماذا؟ لأنه يوجد الكلام التام من نوعه دون أن يوجد معه فعل أو حرف، زَيْدٌ قَائِمٌ اسم واسم مبتدأ وخبر أَقَائِم الزَّيْدَان اسم واسم، هل وجد معه فعل؟ لا، هل وجد معه حرف؟ لا، إذًا وجد نوع الكلام من مادة الاسم أو من نوع الاسم دون الافتقار إلى الفعل، أما هل يوجد فعل ولا يوجد معه اسم؟ لا، لم؟ لأن كل فعل لا بد له من فاعل ظهر أم استتر لا بد من فاعل، والحرف لا يمكن أن يوجد إلا بكلمة سابقة وكلمة لاحقة، فلذلك نقول: الفعل يفتقر إلى الاسم لأنه حدث والحدث هو الفاعل لأنه حدث وكل حدث لا بد له من فاعل والفاعل لا يكون إلا اسمًا.
إذًا وجد في الفعل علتان فرعيتان، إحداهما ترجع إلى اللفظ وهي كونه مشتقًا من المصدر، والمصدر أصل.
العلة الثانية ترجع إلى المعنى كونه حدثًا وكل حدث لا بد له من فاعل والفاعل لا يكون إلا اسمًا.
إذًا فيه علتان فرعيتان ننظر في الاسم فنجد أن بعض الأسماء قد يوجد فيه علتان فرعيتان إحداهما ترجع إلى اللفظ، والأخرى ترجع إلى المعنى.
اجْمَعْ وَزِنْ عَادِلاً أَنِّثْ بِمَعْرِفَةٍ ... رَكِّبْ وَزِدْ عُجْمَةً فَالْوَصْفُ قَدْ كَمَلَ

اجمع قد يكون الاسم جمعًا نقول: الجمع فرع عن المفرد. فإذا قلت: مساجد. نقول: هذا جمع. وجد فيه علة فرعية وهي كونه جمعًا لأن الأصل في الأسماء الإفراد لا الجمع، اجمع وزن الذي هو وزن الفعل نقول: الفعل له وزن خاص يختص به، والاسم له وزن خاص يختص به، فإذا جاء الاسم على وزن خاص بالفعل نقول: هذا علة فرعية. لأن الاسم الأصل أن يأتي على وزنه أم على وزن غيره؟ على وزن نفسه أو ما يختص به، فإذا جاء على وزن غيره نقول: هذه علة فرعية، اجمع وزن عادلاً، عَادلاً العدل الذي هو تحويل الاسم من حالة إلى حالة أخرى، عامر وعمرو، عمرو هذا وجد فيه علة لفظية وهي العدل مع العلمية كونه معدولاً عن عامر، أيهما أصل وأيهما فرع؟ عامر أصل وعمرو فرع، إذًا نقول: وجدت فيه علة فرعية، اجمع وزن عادلاً أنث، الأصل في الأسماء التذكير أم التأنيث؟ التذكير الأصل التذكير، فإذا جاء الاسم مؤنثًا نقول: وجد فيه علة لفظية، أو معنوية، لأن الأصل في الأسماء التذكير، أنث بمعرفة، والمراد بالمعرفة هنا في باب الممنوع من الصرف العلمية الأصل في الأسماء التنكير أم التعريف؟ التنكير فإذا جاء الاسم معرفةً علمًا نقول: جاء على فرعه، لأن الأصل في الاسم أن يكون نكرة لا معرفة.
أنث بمعرفة ركب @
التركيب المجزي هو المطلوب في باب الممنوع من الصرف، فإذا جاء الاسم مركبًا هل جاء على أصله أم على فرعه؟


على فرعه، لماذا؟ لأن الأصل في الاسم عدم التركيب، فإذا جاء مركبًا نقول: هذا جاء على غير أصله. ركب وزد، الزيادة هل الأصل التجرد أم الزيادة؟ التجرد، فإذا جاء اسم فيه زيادة نقول: جاء على غير أصله، التجرد أصل والزيادة فرع، وزد عجمة، عُجمة يعني: اللغة الأعجمية. هل الأصل في الإنسان أو في اللغة العربية أن توضع على لغة العجم أو أنها على ما اختصت به اللغة العربية والأصل في المتكلم أن يتكلم بما وضع في لغة العرب لغته أم في لغة غيره؟ لغته هو، فإذا تكلم أو وضع لفظ ليس من اللغة العربية نقول: هذا فرع عن اللغة العربية. وزد عجمة فالوصف قد كملا الوصف يفتقر إلى موصوف، وما افتقر فرع عن ما لا يفتقر، إذًا وجد في الاسم علل أو علتان فرعيتان، العلتان الفرعيتان الراجعتان إلى المعنوية أو إلى المعنى ثنتان لا ثالث لهما، الوصفية، والعلمية. وما عداها فهي لفظية، أَمَا نقول: لا بد من أن علتين إحداهما ترجع إلى اللفظ والأخرى ترجع إلى المعنى؟ التي ترجع إلى المعنى ثنتان لا ثالث لهما العلمية، والوصفية. والتي ترجع إلى اللفظ ما عدا ذلك.
اجْمَعْ وَزِنْ عَادِلاً أَنِّثْ بِمَعْرِفَةٍ ... رَكِّبْ وَزِدْ عُجْمَةً فَالْوَصْفُ قَدْ كَمَلَ

فإذا وجد في الاسم علتان فرعيتان فإذا قيل مثلاً زينب، زَينب نقول: هذا مثال لما يمنع من الصرف. نقول: زينبُ ممنوع من الصرف، لماذا؟

لأنه وجد فيه علتان فرعيتان، ما هما العلتان الفرعيتان؟ كونه مؤنثًا، لأن التأنيث فرع عن التذكير، وكونه علمًا لأن العلمية فرع عن التنكير، إذًا وجد في زينب علتان فرعيتان لهما أصل، فلما وجد فيه علتان أشبه الفعل، لا نقول: أشبه الفعل بذات العلتين اللتين في الفعل؟ نقول: لا، لأن اللتين في الفعل كونه مشتقًا من المصدر، والاسم ليس مشتقًا من المصدر، كونه مفتقرًا إلى فاعل وزينب ليس مشتقًا من مصدر وليس مفتقرًا لفاعل، نقول: المراد تشبيه مطلق العلتين بمطلق العلتين فقط، تشبيه مطلق العلتين في زينب بمطلق العلتين في الفعل، أما جنس أو نوع العلتان اللتان في الفعل فلا يلتفت إليها وإلا لقلنا زينب هذا كيف يكون مشتقًا من المصدر؟ وكيف يفتقر إلى فاعل؟ إنما نقول: فيه علتان إحداهما ترجع إلى اللفظ والأخرى ترجع إلى المعنى، فنمنع زينب من التنوين والكسر فنقول: جَاءَت زَيْنَبُ. بدون تنوين، لماذا؟ لأنه لَمَّا أشبه الفعل أخذ حكمه، أخذ حكمه في أي شيء؟ في عدم دخول التنوين والخفض، فنقول: زَيْنَبُ. بدون تنوين جَاءَتْ زَيْنَبُ بعض الناس قد لا يفهم من التمثيل الممنوع المصرف إلا إذا أدخل عليه حرف جر، لا، قد يمثل بالمرفوع وقد يمثل بالمنصوب، المرفوع تقول: جَاءَت زَيْنَبُ. هذا مثال للمنوع من الصرف، أين الفتحة؟
.


نقول: جَاءَت زَيْنَبُ. هذا مثال للممنوع من الصرف، البعض لا بد يقول: مَرَرْتُ بِزَيْنَبَ. ولا يفهم الممنوع من الصرف إلا هكذا مَرَرْتُ بِزَيْنَبَ، نقول: الممنوع من الصرف ما منع شيئين: التنوين والخفض. وهنا جَاءَت زَيْنَبُ هل نقول: جَاءَت زَيْنَبٌ. بالتنوين؟ لا، ما يصح، إذًا هذا ممنوع من الصرف، والذي منع منه هنا في هذا التركيب هو التنوين، أما الخفض لا داعي له، ليس موجب، الخفض يكون بالإضافة أو بحرف الجر، وهنا لم يضف ولم يجر، والأعلام فيها خلاف هل تضاف أم لا؟ إذًا جَاءَت زَيْنَبُ رَأَيْتُ، زَيْنَبَ، زينبَ هذا ممنوع من الصرف، والذي منع هنا من التنوين، مَرَرْتُ بِزَيْنَبَ هذا منع التنوين والخفض بالكسر، وإنما خفض بالفتح (وَبِفَتْحٍ يَجِبُ
خَفْضُهُمَا مِنْ كُلِّ مَا لا يَنْصِرِفْ) قلنا: (مَا لا يَنْصِرِفْ). يعني: ما لا يدخله التنوين، لأن التنوين إذا أطلق في الأصل انصرف إلى تنوين التمكين ويسمى الصرف.
الصَّرْفُ تَنْوِينٌ أَتَى مُبَيِّنا ... مَعْنًى بِهِ يَكُونُ الاِسْمُ أَمْكَنَا

فإذا لم يشبه الاسم الحرف ولم يشبه الاسم الفعل دخله التنوين، وهذا التنوين يسمى تنوين التمكين، معناه الذي دل عليه كون الاسم لم يشبه الحرف ولا الفعل، تمكن في باب الإعراب، لأن الذي أشبه الحرف خرج من الإعراب الكلية، أليس كذلك؟ والذي أشبه الفعل هل خرج من الإعراب؟ لا، هل أعطي كل الإعراب؟ لا، إذًا وسطي أعطي الرفع والنصب وحرم من التنوين والخفض، لذلك علل هنا قال: ... (الْمُشْبِهِ الْفِعْلَ). (الْمُشْبِهِ) يعني: الذي أشبه الفعل فيه تنصيص إلى أن العلة من منع الاسم المفرد وجمع التكسير من التنوين والخفض بالكسرة كونه أشبه الفعل في علتين من العلل السابقة فلما أشبهه ثقل الاسم فأعطي حكم الفعل وهو المنع من الصرف والخفض، لذلك الحريري يقول:
وليسَ للتّنوينِ فيهِ مَدخَلُ ... لِشِبْهِهِ الفِعلَ الذي يُستَثقَلُ

(الْمُشْبِهِ الْفِعْلَ) هذا نعت لما لا ينصرف (الْمُشْبِهِ) نعت لما، ... (بِأَنَّ ذَا يَتَّصِفْ) (بِأَنَّ ذَا) ما وزن الشبه؟ الباء هذه للتصوير، يعني: صور لك الشبه الذي وقع عليه الاسم أو وقع في الاسم بحيث صار مشابهًا للفعل، (بِأَنَّ ذَا)، أي: الممنوع من الصرف الاسم المفرد وجمع التكسير (يَتَّصِفْ
بِعِلَّتَيْنِ)، (بِعِلَّتَيْنِ) جار ومجرور متعلق بقوله: (يَتَّصِفْ). يعني: توجد فيه علتان (أَوْ بِعِلَّةْ) واحدة تقوم مقام علتين (بِأَنَّ ذَا يَتَّصِفْ)، (الْمُشْبِهِ الْفِعْلَ) ما وزن الشبه؟ قال: (بِأَنَّ). صور لك وَجْهُ الشبه أو وَجْهَ الشبه، (بِأَنَّ ذَا) أي: الاسم المفرد أو جمع التكسير (يَتَّصِفْ
بِعِلَّتَيْنِ أَوْ بِعِلَّةْ) بعلتين اثنتين فقط إحداهما ترجع إلى اللفظ والأخرى ترجع إلى المعنى، (أَوْ بِعِلَّةْ) بتسكين الهاء للوزن، والأصل أو بعلةٍ ولكن سكن الهاء التالي للوزن، (أَوْ بِعِلَّةْ إِنْ تَكُنْ) هذه العلة الفريدة الواحدة أغنت عن اثنتين، لذلك نقول: الممنوع لسببين إما أن توجد فيه العلتان أو علة واحدة، وهذه العلة الواحدة أغنت عن العلتين الاثنتين السابقتين (مِنْ تِسْعٍ)، إذًا أوجه الشبه محصور في تسع علل، (وَهُنْ


جَمْعٌ) هن هذا إيش إعرابه؟ (وَهُنْ) هُنَّ الأصل في التشبيه سكنه للوزن، وَهُنَّ جمع، إيش إعرابه؟
.
مبتدأ، وجمعٌ؟
..
خبر، نعم صحيح، وهن مبتدأ وجمع خبر، والشرط في المبتدأ والخبر أن يتحدا إفرادًا وتثنيةً وجمعًا، وهنَّ مرجع الضمير تسع، أليس كذلك؟ وجمع هذا خبر، مفرد أو جمع؟ جمع، مفرد أو جمع؟ مفرد نعم مفرد، هل تطابق المبتدأ والخبر؟ الجواب: نعم، فنقول في مثل هذا التركيب: إذا كان مدلول - هذه فائدة مطلقة عامة - إذا كان مدلول المبتدأ جمعًا وكان لفظ الخبر مفردًا نقول: الخبر جمع وما عطف عليه، واضح هذا يا إخوان؟ إذا كان المبتدأ جمع مرجعه مرجع الضمير هنَّ ضمير هذا، أين مرجعه؟ تسع، تسعٌ جمع أو لا؟ مدلوله الجمع، وجمع هذا مفرد فنقول في مثل هذا التركيب: جمع وما عطف عليه خبر. إذًا نقول: القاعدة إذا كان مدلول المبتدأ جمعًا وهو في اللفظ أيضًا قد يكون مفردًا، والخبر في اللفظ مفردًا مثل هذا التركيب هُنَّ جمع، لذلك إيصال وهي اسم الكلمة وهي اسم نقول: وهي هي مبتدأ اسم خبر، لكن هل هذا من جهة المعنى الصحيح؟ نقول: لا ليس بصحيح، لماذا؟ لأن مرجع الضمير هي الأنواع الثلاثة، واسم هذا واحد فنقول: وهي هي مبتدأ، اسم وما عطف عليه خبر، يقال في مثل هذا الترتيب راعى العطف قبل الحمل، يعني: عندما قال: اسم. استحضر في نفسه قبل أن يخبر عن هي باسم أنه سيعطف عليه فعل وحرف، إذًا قوله: (إِنْ تَكُنْ). يعني: العلة أغنت عن اثنتين (مِنْ تِسْعٍ وَهُنْ
جَمْعٌ) (جَمْعٌ) هذه هي العلة الأولى، والمراد بها صيغة منتهى الجموع، وضابطها ما كان على وزن مَفَاعِل أو مَفَاعِيل ما كان على وزن مَفَاعِل كمَسَاجِد ودَرَاهِم، أو مَفَاعِيل كَطَوَاوِيل وَمَصَابِيح، وبعضهم يقول: ما كان بعد ألف الجمع هي حرفان أو ثلاثة أوسطها ساكن.
وكل جمع بعد ثانيه ألف ... وهو خماسي فليس ينصرف

وكل جمعٍ بعد ثانيه ألف، مَسَا السين هي الثانية، بعد ثانيه ألف، وهو خماسيٌ،
إذًا بعد ثانيه ألفٌ صارت الألف ثالثة، قال:
وهو خماسيٌ. إذًا بعد ألفه كم حرف؟ حرفان حتى يصير خمسة.
وهو خماسيٌ فليس ينصرف
وهكذا إنْ زادَ في المِثَالِ ... نحوُ دنَانيرَ بلا إشكَالِ

دنانير بعد ألف جمعه حرفان أوسطهما ساكن، إذًا هذا ضابط أجود من الضابط السابق وإن اشتهر الأول أنه ما كان على وزن مَفَاعِل أو مَفَاعِيل، (جَمْعٌ) هذه هي العلة الأولى وعرفنا المراد بها وهي صيغة منتهى الجموع ما كان على وزن مَفَاعِل أو مَفَاعِيل.
(وَعَدْلٌ) هذه هي العلة الثانية والمراد بها تحويل الاسم من حالةٍ إلى أخرى، تحويل الاسم من حالةٍ إلى حالةٍ أخرى مع بقاء المعنى الأصلي، أن يغير اسمٌ إلى اسم، صيغة إلى صيغة، وهذا على ضربين: يقع في المعارف، ويقع في الصفات. لماذا؟ لأن العدل يجتمع مع الصفة في المنع ويجتمع مع المعنى، إذًا العدل الذي هو تحويل اسمٍ من حالةٍ إلى حالةٍ أخرى نقول: هذا يقع ويحصل ويوجد في المعارف وفي الصفات، أما قوله: في المعارف. فيأتي على ضربين، على صيغتين:


الأولى: فُعَل، بضم الفاء وفتح العين، وهذا خاصٌ بالمذكر، عَلمٌ لمذكرٍ معدولٍ عن فاعل كعمرو، عمرو هذا على وزن فُعَل مع العلمية نقول: هو ممنوعٌ من الصرف. لم؟ للعدل، ما هو العدل؟ تحويل الاسم من حالةٍ إلى حالةٍ أخرى، ماذا كان عمرو حتى صار عمرو؟ كان على وزن فاعل وهو عَامِر، فصار عمرو تحويلٌ من حالة إلى حالة أخرى، نقول: عمرو هذا ممنوعٌ من الصرف لكونه معدولاً عن عامر مع العلمية، هذا العدل قد يكون تحقيقًا وقد يكون تقديرًا، متى يكون تحقيقًا؟ إذا سمع الاسم المعدول عنه كعامر، عامر مسموعٌ في لغة العرب أم لا؟ سمع، سمع من لغة العرب عمرو وعامر، إذًا حكم النحاة على أن عمرو معدول عن عامر، أما زُحَل ما سمع زَاحِل، قالوا: إذًا زُحَلْ هذا ممنوعٌ من الصرف للعلمية والعدل، أين العدل رحمكم الله؟ قالوا: مقدر، لأن الأصل في ما كان على وزن فُعَل وهو علم لمذكر أن يكون معدولاً عن فاعل، ومثله غُبَر وَهُبَل وَأُدَد وَجُشَم وَهُبَل .. إلى آخره، هذه أعلامٌ للمذكر سواء كان المذكر عاقلاً أم لا، لأن عمرو مدلوله عاقل، علم لمذكر عاقل، وهبل علم لمذكر غير.
.
علم لمذكر غير عاقل، هُبَل وَأُدَد.
الوزن الثاني: ما كان على وزن فَعَال وهذا علمٌ لمؤنث، يعني: خاصٌ بالمؤنث، وعدله عن فاعل، وهذا على لغة تميم خاصة وهو نحو: حَزَام، وَقَطَان، وَرَقَات. ما جاء من الأعلام المؤنثة على وزن فَعَال فهي ممنوعة من الصرف في لغة تميم خاصةً لعلتين:
العلة الأولى: كونه معدولاً عن فاعلة.
العلة الثانية: كونه علم.


هذا على رأي سيبويه أنه منع من الصرف للعلمية وكونه معدولاً عن أو وكونه معدولاً عن فاعلة، وذهب الفراء وهو المرجح عند المتأخرين أنه ممنوعٌ من الصرف للعلمية والتأنيث، إذًا نقول: العدل في باب المعارف يأتي على وزنين: فُعَل، وفَعَال. فُعَل هذا خاصٌ بالمذكر علمٌ للمذكر وهو معدولٌ عن فاعل، وفَعَال هذا خاصٌ بالمؤنث وهو معدولٌ عن فاعلةٍ، أما ما كان واقعًا في الصفات فهذا يقع في العدد وفي غيره، وما كان واقعًا في العدد على ضربين على وزنين: يأتي على فُعَال، ومَفْعَل. وهو من الواحد إلى الأربعة باتفاق، تقول: واحد أُوحَاد وَمَوْحَد، ثُنَان ومَثْنَى، ثُلاث وَمَثْلَثْ، رُبَاع وَمَرْبَع، إلى هنا باتفاق، واختلفوا من الخمسة إلى العشرة وصححها ابن مالك رحمه الله، إذًا يقال: خُمَاس وَمَخْمَس، وَسُدَاس وَمَسْدَس .. إلى عُشَار وَمَعْشَر، هذا على رأي ابن مالك، كل ما كان على وزن فُعَال أو مَفْعَلْ من الأعداد نقول: هو ممنوعٌ من الصرف لكونه معدولاً مع الوصفية، لكونه معدولاً مع علة أخرى معنوية وهي الوصفية، لماذا معدول؟ لأن أُحَاد معدول عن واحد وَاحد، وَمَوْحَد أيضًا معدول عن وَاحدٍ وَاحد، وَثُنَان معدولٌ عن اثْنَيْن اثْنَين، ومَثْنَى أيضًا معدولٌ عن اثْنَيْن اثنين، وهكذا أَرْبَعة رُبَاع معدولٌ عن أَرْبَعَةٍ أَرْبَعَة أَرْبَعة، أربعة أربع {أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [فاطر: 1]، {أُولِي أَجْنِحَةٍ}، {أَجْنِحَةٍ} هذا مقصودٌ بالكسرة، {أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى} هذا نعتٌ لـ {أَجْنِحَةٍ}، قد لا يظهر عليه الإعراب فتقول: مشكل، {مَّثْنَى وَثُلَاثَ}، هذا معطوفٌ على {مَّثْنَى}، ثُلاث هذا معطوفٌ على المجرور وهو {مَّثْنَى} لأنه نعتٌ، نعت المجرور مجرور {أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى} اثْنَيْن اثْنين فنقول: {مَّثْنَى} هذا نعت لـ {أَجْنِحَةٍ}، ونعت المجرور مجرور، {مَّثْنَى وَثُلَاثَ}، ثُلاث هذا معطوفٌ على المجرور، والمعطوف على المجرور مجرور، وجره فتحةٌ نيابةً عن الكسرة لكونه ممنوعًا من الصرف لكونه معدولاً عن.
..
{ثُلَاثَ} معدولاً عن ثَلاثةٍ ثلاثة {مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ}، ... {رُبَاعَ} هذا معطوفٌ على {مَّثْنَى}، والمعطوف على المجرور مجرور وجره فتحةٌ نيابةً عن الكسرة لكونه ممنوعًا من الصرف لوجود علتين:
العلة الأولى: كونه معدولاً عن أربعةٍ أربعة، وأيضًا للعلة المعنوية وهي الوصفية.
هذا الذي يكون في العدد أنه يأتي على فُعَال ومَفْعَل من الواحد إلى أربع متفقٌ عليه، ما عدا الأعداد له لفظٌ واحد وهو أخر، أخر هذا معدودٌ عند كثيرٍ من النحاة {فعدة فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184]، {أَيَّامٍ} هذا بالجر، {أُخَرَ} هذا نعتٌ له، ونعت المجرور مجرور وجر بالفتحة نيابةً عن الكسر، ما المانع له؟ قالوا: الوصفية ولا إشكال فيها.


العلة الثانية: كونه معدولاً، معدولاً عن ماذا؟ عن الأخر، لماذا؟ لأن {أُخَرَ} جمع أخرى، والقاعدة عندهم في لغة العرب أن فُعْلَى ككبرى وصغرى أنها لا تستعمل هي مفردةً وجمعها إلا بأل أو بالإضافة، كل ما كان على وزن فُعْلَى لا يستعمل مفردها ولا جمعها إلا بأل أو مضافًا {إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ} [المدثر: 36] كبر هذا جمع كبرى، كبرى على وزن فُعْلَى لا يستعمل، لا يصح أن يقال كبرى هكذا وصغرى وإنما يقال: الكبرى، والصغرى. والكبر والصغر، فإذا جيء بأخر نقول: هذا جمع أخرى، والأصل في أخرى وجمعها أنه لا يستعمل إلا بأل، وهنا أين أل؟ قالوا: الأصل أنه الأخر فعدل به إلى أخر، الأصل الأخر بأل وعدل به إلى أُخر، فنقول: {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، {أُخَرَ} هذا نعتٌ لـ {أَيَّامٍ}، ونعت المجرور مجرور، وجره فتحة نيابةً عن الكسرة لعلتين، أما الوصفية فلا إشكال فيها لأنها صفة، وأما العدل فلكونه معدولاً عن الأُخر، لماذا؟ لأنه جمع أخرى على وزن فُعْلَى وكل ما كان على وزن فُعْلَى فالقاعدة العربية أنه لا يستعمل هو ولا جمعه إلا بأل أو مضافة، (وَعَدْلٌ زَادَ)، (زَادَ) هذا إشارة إلى الزيادة ويكون في [المعارف كسكران] (1) الأوصاف كسكران، وفي المعارف العلم كعثمان ومروان وكرمان،.
(وَزْنًا) المراد به وزن الفعل، وضابط وزن الفعل كما سبق أن يكون الاسم على وزنٍ خاصٍ بالفعل، أو يكون في أوله زيادة لا تلحق إلا الأفعال، أما مثال الأول فَعَلَ وَانْفَعَلَ وَاسْتَفْعَلَ هذه أوزانٌ خاصةٌ بالأفعال، قَتَّلَ ضَرَّبَ غَرَّمَ خَرَّجَ هذه أفعالٌ أو أوزان خاصةٌ بالأفعال، لو نقل الفعل قَتَّلَ الأصل أنه فعل لو سمي به رجل أنه قَتَّلَ نقول: هذا ممنوعٌ من الصرف، لو قيل: جَاءَ قَتَّلُ. قَتَّلُ هذا علم لرجل مثلاً، قَتَّلُ نقول: قَتَّلَ هذا في الأصل أنه وزنٌ خاصٌ بالفعل، فلما جاء الاسم على وزنٍ خاصٍ بالفعل نقول: هذا فرعٌ، لأن الأصل في الاسم أن يكون على وزنٍ خاصٍ به، إذًا وجد فيه علةٌ فرعية، وكونه علمًا اجتمع فيه علتان، فنقول: قَتَّلَ ممنوعٌ من الصرف للوزن والعلمية، أما كونه للوزن فلأنه جاء على وزنٍ خاصٍ بالفعل، كذلك ما كان على وزن فُعْلَ المبني للمجهول أو المبدوء بهمزة الوصل هذه كلها من خواص الأفعال، لو سمي انْطَلَقَ وَاسْتَخْرَجَ، أو انْطُلِقَ وانْطَلَقَ واسْتَخْرَجَ واسْتُخْرِجَ لو سمي أشخاصٌ بهذه الأفعال نقول: هي ممنوعة من الصرف للوزن والعلمية، أما ما كان في أوله زيادةٌ كزيادة الفعل كمثل أحمد ويَشْكُر وتَغْلِب ونرجس، نقول: هذه في أوائلها زيادة أَنَيْتُ، وزيادة أَنَيْتُ هذه خاصةٌ بالفعل المضارع، لأن أحمد في الأصل حَمِدَ، حَمِد فَعِلَ هذا ليس خاصٌ بالأفعال ولا بالأسماء بل هو مشتركٌ بينهما، لكن لما زيدت عليه الهمزة صار بهذه الزيادة مساويًا للفعل، لذلك قال الحريري:
فقولُهُم أحمدُ مثلُ أذهَبُ ... كقولِهِم تَغلِبُ مثلُ تَضرِبُ

[فإذا زيد على الفعل زيادةٌ] (2) فإذا زيد على أصل الكلمة زيادةٌ خاصةٌ بالفعل نقول ماذا؟
..
صار على وزن الفعل، لكن لا أصالةً، وإنما بسبب هذه الزيادة.
__________
(1) سبق.
(2) سبق.


(وَصِفَةْ) المراد بها الصفة التي هي الصفة المعنوية ما دل على وصف، يعني: ما يفهم منه معنى الوصفية.
(رَكِّبْ) التركيب هذا في باب الممنوع من الصرف المراد به التركيب المزجي غير المختوم بويه، المركب المجزي ما نزل ثانيه منزلة التاء من ما قبله، بعلبك تركيب مجزي، كل كلمتين نُزِّلَت ثانيتهما منزلة تاء التأنيث من ما قبلها فاطمة هذه كلمتان، أتدري؟ فاطمة هذه كلمتان وليس كلمة واحدة، فاطم هذا الأصل وهو مشترك بين الذكر والأنثى، والتاء تاء التأنيث حرف معنى مثل هل وبل، لكن لما مُزجت بالكلمة حتى صارت كلمةً واحدة نُزِّلَ الإعراب على نفس التاء، فاطمة، جاءت فاطمةُ فاطمةَ فاطمة جرًا ونصبًا، فنقول هنا: نُزِّلَتِ التاء منزلة الجزء من الكلمة، فلذلك ظهر الإعراب عليها. بعلبك هاتان كلمتان لما قصد مجزهما صارتا مثل فاطمة، ولما انتقل الإعراب فاطمة من الميم إلى التاء كذلك انتقل هنا الإعراب من بعل من اللام إلى الكاف، هذا يسمى مركبًا مجزيًّا، وهو على نوعين:
- إما أن يكون مختومًا بويه كسيبويه، ونفطويه، وخالويه، وحمدويه.
- وإما أن لا يكون مختومًا بويه.
إن كان مختومًا بويه فهو من المبنيات، يعني: ليس من قسم المعربات،
، بقي معنا القسم الثاني وهو: المجزي غير المختوم بويه، هذا فيه خلاف بين النحاة والمشهور أنه ممنوع من الصرف، رَأَيْتُ بَعْلَ بَكَّة، هَذِهِ بَعْلَ بَكُّ، بَعْلَ بَكُّ إيش إعرابه؟ هَذِهِ مبتدأ وَبَعْلَ بَكُّ خبر مرفوع، أين ظهر الأعراب؟ على الكاف على الجزء الثاني، لماذا؟ لأن الجزء الثاني نزل منزلة التاء تاء التأنيث من ما قبلها، فجعل الإعراب على نفس الجزء الثاني، رَأَيْتُ بَعْلَ بَكَّة، مَرَرْتُ بِبَعْلَ بَكَّة نقول: هذا ممنوعٌ من الصرف لعلتين:
إحداهما: التركيب المجزي.
الثاني: العلمية.
وَجُمْلَةٌ وَمَا بِمَزْجٍ رُكِّبَا ... ذَا إِنْ بِغَيْرِ وَيْهِ ثَمَّ أُعْرِبَا

(وَأَنِّثْ) المراد به التأنيث، والتأنيث على ثلاثة أنواع: إما أن يكون مؤنثًا بالألف، وإما أن يكون مؤنثًا بالتاء، وإما أن يكون مؤنثًا بلا علامة. وهو المسمى التأنيث المعنوي.
عَلامَةُ التَّأْنِيثِ تَاءٌ أَوْ أَلِفْ
هكذا قال ابن مالك.
عَلامَةُ التَّأْنِيثِ تَاءٌ أَوْ أَلِفْ ... وَفِي أَسَامٍ قَدَّرُوا التَّا كَالْكَتِفْ

المؤنث بالألف إما أن تكون ألفًا مقصورة أو ممدودة، حُبلى هذه ألفٌ مقصورة، ذكرى، بشرى، دنيا، ألفٌ مقصورة، خضراء، حمراء، صحراء نقول: هذه ممدودة. هذا المقسوم بـ أو المؤنث بالألف.


المؤنث بالتاء نحو ماذا؟ طلحة فاطمة سواء كان مسماه مذكرًا أم مؤنثًا، ما ليس مختومًا بعلامة وهو مسمى بالتأنيث المعنوي نحو: زينب، وهند. إذًا ثلاثة أنواع وليست على مرتبةٍ واحدة، ما كان مختومًا بألف مطلقًا سواءٌ كان مختومًا بألف الممدودة أو المقصورة منع لعلةٍ واحدةٍ تقوم مقام علتين، نفس العلة كونه مختومًا بألف مقصورة نقول: ممنوع من الصرف، جَاءَتْ حُبْلَى، رَأَيْتُ حُبْلَى، مَرَرْتُ بِحُبْلَى نقول: هذا ممنوعٌ من الصرف، لماذا؟ لعلتين أو علة واحدة؟ نقول: لعلة واحدةٍ تقوم مقام علتين، فَحُبْلَى نقول: ممنوع من الصرف. لماذا؟ لكونه مختومًا بألف التأنيث المقصورة، هذه علةٌ واحدة نزلت مقام علتين، كيف نزلت مقام علتين؟ قالوا: كونه مؤنثًا هذه علة، كون الألف لازمةً لا تنفك بحيث كأنها صارت أصلاً من الكلمة نُزِّلَ هذا التأنيث اللازم منزلة علةٍ أخرى، صحراء وحمراء نقول: هذا ممنوعٌ من الصرف لعلةٍ واحدة تقوم مقام علتين، إذًا ما كان مختومًا بألفٍ ممنوعٌ من الصرف مطلقًا بلا شرط.
الثاني: ما كان مختومًا بالتاء نقول: هذا يمنع من الصرف مع العلمية، هَذَا طَلْحَةُ الْجَوَادُ، وَهَلْ أَتَتْ زَيْنَبُ أَمْ سعاد، هَذَا طَلْحَةُ، رَأَيْتُ طَلْحَةَ، مَرَرْتُ بِطَلْحَةِ نقول: ممنوعٌ من الصرف للتأنيث بالتاء مع العلمية.
الثالث: الذي فيه التفصيل ما كان مؤنثًا تأنيثًا معنويًّا، يعني: بلا علامة تأنيث، نقول: هذا يمنع من الصرف وجوبًا إذا وجد فيه واحدً من ثلاثة أمور: إما أن يكون أكثر من ثلاثة أحرف، أو ثلاثيٌّ محرك الوسط، أو أعجمي. إن وجد فيه واحدٌ من هذه الثلاثة الأمور نقول: وجب منعه من الصرف زَيْنَب، نقول: هذا.
..
مؤنثٌ تأنيث معنوي، وهل يجب منعه من الصرف؟

نقول: يجب منعه من الصرف مع العلمية. لماذا؟ وهو مؤنث تأنيثًا معنويًّا؟ لكونه على أربعة أحرف.
فإن كان على ثلاثة أحرف محرك الوسط مثل سَحَر، وسَفَر، لَظَى، نقول: ثلاثي وهو مؤنث تأنيثًا معنويًّا وهو علم. هل يمنع من الصرف؟ نقول: نعم يجب منعه من الصرف، لذلك لو سمي بسَحَر قيل: جَاءَتْ سَحَرُ، وَرَأَيْتُ سَحَرَ، وَمَرَرْتُ بِسَحَر. ممنوعٌ من الصرف لعلتين التأنيث المعنوي لكون ثلاثيًّا محرك الوسط، ولكونه علمًا.
الثالث: أن يكون أعجميًّا، وهذا لا يشترط فيه أنه يكون محرك الوسط، فنقول: مثل حمص وبلخ و .. و ... # 1.21.14 نقول: هذه أسماء أعجمية [منعت من الصرف للتأنيث وللعجمة] (1)، منعت من الصرف للتأنيث وللعلمية، إن انتفى شرطٌ من هذه الشروط الثلاثة نقول: يجوز منع الصرف والصرف، يجوز الوجهان مثل ماذا؟ هِنْد هل هو من ثلاثة الأمور السابقة؟ هِنْدٌ ليس رباعيًّا، وليس ثلاثيًّا محرك الوسط، وليس أعجميًا نقول: يجوز فيه الوجهان. يعني: يجوز أن يُمنع من الصرف فتقول: جَاءَتْ هِنْدُ، وَرَأَيْتُ هِنْدَ، وَمَرَرْتُ بِهِنْد. ويجوز أن تصرفه فتقول: جَاءَتْ هِنْدٌ، وَمَرَرْتُ بِهِنْدٍ، وَرَأَيْتُ هِنْدًا. إذًا التأنيث المعنوي لا بد من التفصيل لأنه قد يجب منع الصرف وقد يجوز فيه المنع.
__________
(1) سبق.


(وَأَنِّثْ عُجْمَةٌ) المراد بالعجمة هنا أن تكون الكلمة على الأنواع العجمية، يعني: ليست من لغة العرب، وهذه لا تمنع من الصرف إلا بشرطين:
أن تكون أكثر من ثلاثة أحرف.
الثانية: أن تستعمل علمًا في لغة العجم، أن تكون على ثلاثة أحرف، وأن تستعمل علمًا في لغة العجم، فإن كانت أقل من ثلاثة أحرف صرفت، على القول بأن نوح ولوط أعجميان نقول: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحاً} [نوح: 1]. هذا علمٌ وهو أعجمي على هذا القول، لم صرف؟ لكونه ثلاثيًّا، والشرط في المنع بالعجمة أن يكون رباعيًّا فأكثر مثل إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب .. إلى آخره، وإسماعيل، وميكائيل، وجبرائيل.
الشرط الثاني: أن يكون علمًا في لغة العرب، فلو كان نكرة عندهم ثم استعمل عندنا في لغة العرب استعمال الأعلام نقول: صرف، رِجَال هذا اسمٌ أعجمي وهو نكرة ليس علمًا في لغة العجمي، فلو سمي رجل برجال في لغة العرب نقول: يصرف ولا يمنع من الصرف. لماذا؟ لأنه يشترط في المنع بالعجمة أن تكون الكلمة قد استعملت في العلمية في لغة العجم.
(وَأَنِّثْ عُجْمَةٌ وَمَعْرِفَةْ) هذه هي العلة الأخير وهي العلمية، المقصود في المعرفة هنا في باب الممنوع من الصرف ليس على عمومه لأن المعارف ستةٌ أو سبعة وستأتي، والمقصود بها هنا العلمية، ثم بين لك بعد ما قد ذكر لك التسعة على جهة الإجمال ليس كل علةٍ تمنع مع غيرها، بل لا بد من التخصيص.
فقال: (فَاجْعَلْ مَعَ الْوَصْفِ الثَّلاثَ السَّابِقَةْ ** عَلَيْهِ). يعني: الوصف يُمنع من الصرف إذا وجد معه علةٌ من الثلاثة السابقة عليه، ما هي الثلاث السابقة عليه؟
..
لا، عِدّ من الصفة
..
وزنٌ زاد عدل، نقول: يُمنع من الصرف إذا وجدت علة الصفة مع الوزن، أو مع الزيادة، أو مع العدل، (ثُمَّ افْعَلْ بِهَا كَالَّلاحِقَةْ)، (ثُمَّ افْعَلْ بِهَا) أي: السابقة التي هي الوزن، والزيادة، والعدل، (كَالَّلاحِقَةْ)، يعني: كالتي تلحق الصفة وهي الكلام (رَكِّبْ وَأَنِّثْ عُجْمَةٌ) ستجعل ستًّا مع المعرفة، مقصوده بهذا أن ليس كل علة تمنع بمفردين، بل لا بد من التفصيل، ولذلك ذكر ابن هشام أنها على ثلاث مراتب:
- ما يؤثر لوحده، وهو الجمع والتأنيث بـ، وهو الجمع صيغة منتهى الجموع والمؤنث بألف التأنيث المقصورة والممدودة، هذا يؤثر لوحده لأنها علة تقوم مقام العلتين.


الثاني: ما يؤثر بقيد الوصفية، وهو الثلاثة السابقة وزن، زاد، عدل. أما مع المعرفة فحينئذٍ يُزاد على الثلاثة السابقة (رَكِّبْ وَأَنِّثْ عُجْمَةٌ)، فلذلك قال: (فَاجْعَلْ مَعَ الْوَصْفِ الثَّلاثَ السَّابِقَةْ). يعني: اجعل الثلاثة السابقة على الوصف مانعة من الصرف مع الوصفية، ثم اجعل بها هذه الثلاثة السابقة في كونها مانعة من الصرف كاللاحقة وهي: التركيب، والتأنيث، والعجمة. فتجعل ستة مع المعرفة، إذًا يرد السؤال هل يمنع من الصرف للتركيب والوصف؟ لا، هل يمنع من الصرف للتأنيث والصفة؟ الجواب: لا، لأن الصفة لا تكون مع التركيب ولا تكون مع التأنيث ولا تكون مع العجمة، وإنما تكون الصفة مانعةً من الصرف إذا كانت مع الوزن، أو الزيادة، أو العدل، وتكون المعرفة مع الثلاثة السابقة التي تسبق الصفة وكذلك اللاحقة، إذًا مع الست، فلذلك قال: (فَتَجْعَلُ السِّتَّ مَعَ الْمَعْرِفَةِ). ثم قال: (وَالْجَمْعُ يَسْتَغْنَي بِفَرْدِ الْعِلَّةِ). أي: أن الجمع صيغة منتهى الجموع (يَسْتَغْنَي بِفَرْدِ الْعِلَّةِ)، يعني: بالعلة المنفردة، أي: أنه يكون علة مستقلة بذاته، ولها نظران: نظر من جهة اللفظ، ونظر من جهة المعنى. ومثله في الاستغناء بطرد العلة مؤنث بالألف مطلقًا سواء كان مؤنثًا بالألف المقصورة ومؤنث بالألف الممدودة.
ثم قال: (وَمَعْ إِضَافَةٍ وَأَلْ فَلْتَصْرِفِ). يعني: الممنوع من الصرف يكون ممنوعًا إذا لم تدخل عليه أل ولم يضف، فإن دخلت عليه أل صرف وإن أضيف صرف، لماذا؟ لأنه منع من الصرف لكونه أشبه الفعل، أليس كذلك؟ وأل من خواص الأسماء أو من خواص الأفعال؟ من خواص الأسماء، إذًا اتصل بالاسم ما هو من خصائصه فأبعد الشبه عن الفعل، كذلك الإضافة من خواص الأسماء، فلما أضيف الممنوع من الصرف نقول: هذا قد بعد شبهه بالفعل فرجع إلى أصله، لذلك تقرأ: {بِأَحْسَنَ مِنْهَا} {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ} [النساء: 86]. أحسن هذا ممنوع من الصرف لماذا؟ لكونه على وزن الفعل مع الوصفية، {فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين: 4] نفس أحسن، لم جر بالكسرة؟ لأنه أضيف، لذلك تقول: مَرَرْتُ بِأَحْمَدِكُم. على قول من يرى جواز إضافة الأعلام.
نقف على هذا.
وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.