شرح الدرة اليتيمة عناصر الدرس
* بيان الأسماء الخمسة.
* باب المثنى.
* باب جمع المذكر السالم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله
وصحبه أجمعين.
هذا هو الباب الثالث من أبواب النيابة، وسبق أن ذكر الباب الأول في
الباب الثاني وهو (بَابُ أَقْسَامِ الإعْرَابِ) لأنه ذكر أن الفعل
المضارع المعتل الآخر يحذف أو يجزم بحذف آخره، وهذا هو الباب الأول.
الباب الثاني ذكره بقوله:
(وَبِفَتْحٍ يَجِبُ خَفْضُهُمَا مِنْ كُلِّ مَا لا يَنْصِرِفْ). أي أن
المفرد والجمع قد لا ينصرفان، يعني يجر بالفتحة دون الكسرة، هذا هو
الباب الثاني ثم قال:
(بَابُ الأَسْمَاءِ الْخَمْسَةِ)
أي: هذا باب بيان وإيضاح الأسماء الخمسة، أي: الأسماء المعدودة
بالخمسة، وهذا لفظ الأسماء الخمسة، أو الأسماء الستة، أو السبعة هذا
يعتبر علمًا بالغلبة، يسمى علمًا بالغلبة، لماذا؟ لأن لو جمعت كل أسماء
أو جمعت ستة أسماء أو خمسة أسماء يصح أن تقول: هذه أسماء ستة. لو قلت:
خالد، وزيد، ومسجد، وقلم، وكتاب، ومحمد. هذه أسماء خمسة أو أسماء ستة،
لكن كون هذا التطبيق يطلق على أب وأخ وحم .. إلى آخره، نقول: غلب
استعماله في بعض الزيادة، ولذلك بعضهم كالصبان يعرف علم الغلبة بأنه ما
وضع لمعنى كلي ثم غلب في بعض جزئياته، وضع لمعنى كلي لأن الأسماء
الخمسة هذا النوع يصدق على كل خمسة أسماء، لو جمعت أي أسماء خمسة قلت:
هذه أسماء خمسة. أو قلت: هذه أسماء ستة. لكن لغلبة الاستعمال استُعمل
في أب وأخواته، (بَابُ الأَسْمَاءِ الْخَمْسَةِ) هذا على مذهب الفراء
والزجاجي بإسقاط السادس وهو: هنوك. والصحيح إثباته.
ثُمَّ هَنُوكَ سادسُ الأسماءِ ... فاحْفَظْ مَقالي حِفْظَ ذي الذَّكاءِ
لذلك عده الحريري، وعده ابن مالك رحمه الله.
أب أخ حم كذاك وهن
إذًا السادس يعد ويقال الصواب أنها أسماء ستة لا خمسة، ولذلك من قال
أنها الأسماء الخمسة جريًا على مقالة الفراء والزجاجي أن الأسماء خمسة
لا ستة، إذًا الأسماء الستة يعبر بعضهم بالأسماء الستة المعتلة
المضافة، الأسماء الستة عرفنا أن الأسماء الستة هذا علم للغلبة،
المعتلة يعني: التي تعرب بحرف العلة لأنها ترفع بالواو وتنصب بالألف
وتجر بالياء، هذه حروف العلة.
والواو والياء جميعًا والألف ... هن حرف الاعتِلالِ الْمُكتَنِف
هكذا قال الحريري.
والواو والياء جميعًا والألف ... هن حرف الاعتِلالِ الْمُكتَنِف
إذًا سميت هذه الأسماء بالأسماء الستة لكونها ستة أسماء، وسميت الأسماء
المعتلة لكونها تعرب بحروف العلة، وهي: الواو، والألف، والياء. أو لكون
لاماتها حرف علة، لأن أخًا وأبًا وحمًا وهَنًا هذه على حرفين، وسبق أن
القاعدة في أقل ما يوضع عليه الاسم هو ثلاثة أحرف، ونحن نقول: أبٌ أخٌ
حمٌ. نقول: هذه حذفت لاماتها اعتباطًا، لأن الأصل أَخَوٌ أَبَوٌ حَمَوٌ
هَنَوٌ، وعليه إذا قلنا: لو سميت الأسماء الستة المعتلة باعتبار أن
لاماتها حرف علة نقول: هذا من باب الغلبة، لماذا؟ لأن فم هذا لامه هاء
لا حرف علة، فَوْمٌ فم فو فم، هذا الأصل فيه لامه أنه هاء، وإذا قلنا:
أنه هاء، إذًا ليس حرف علة وعليه نقول: سميت أسماء معتلة باعتبار
الغالب.
المضافة لأنها لا تعرب هذا الإعراب الخاص
وهو من باب إعراب النيابة إلا إذا كانت مضافة، ولذلك يعبر كثير كابن
هشام في ((القطر)، وصاحب ((الملحة)) الأسماء الستة المعتلة المضافة،
وهذا هو الغالب على تعبيرهم.
قال رحمه الله: (وَرَفْعُ خَمْسَةٍ مِنَ الأَسْمَاءِ ** بِالْوَاوِ).
(وَرَفْعُ خَمْسَةٍ) هذا مبتدأ رفع، والجواب خبره (بِالْوَاوِ) أي كائن
بالواو. الواو هذه الباء هنا للتصوير، يعني ورفع خمسة مصور بالواو.
ونقول: بالواو، يعني: بمسمى الواو لا الاسم، (وَرَفْعُ خَمْسَةٍ مِنَ
الأَسْمَاءِ) كائن ومصور بمسمى الواو نيابة عن الضمة، (ثُمَّ
جَرُّهَا)، أي: الأسماء الخمسة أو الستة مصور وكائن (بِالْيَاءِ)،
يعني: بمسمى الياء نيابة عن الكسرة.
(وَنَابَ عَنْ نَصْبِ الْجَمِيعِ الأَلِفُ)، (وَنَابَ) هذا فعل ماضي
والألف هذا فاعله، (الأَلِفُ) أي مسمى الألف، لماذا؟ نقول: مسمى الواو،
مسمى الياء، مسمى الألف؟ لأن هذه أسماء، والذي يُعرب به الأسماء الستة
هو المسمى، إذا قلت: أَبُوكَ، أَبَاكَ، أَبِيكَ. الواو أين هي في
اللفظ؟ ليست موجودة نقول: أَبُوكَ هذا مرفوع بالواو، هل نطقت بلفظ
الواو؟ نقول: لا إنما المراد مسمى الواو، كذلك أَبَاكَ مسمى الألف،
أَبِيكَ مسمى الياء، لذلك لا بد من التقدير فنقول: (بِالْوَاوِ). أي:
بمسمى الواو لا بالواو نفسها، لأن الواو اسم، ولفظ الواو نفسه الذي
يعرب به هو المسمى لا الاسم لذلك تقول: زيد. زيد مركب من زه يه ده،
زَهْ هو المسمى، والزاي؟
.
الزاي اسم مسماه زَهْ، الياء اسم مسماه يَه، والذي يعرب هنا وَه أو
الواو؟
الذي يُعرب من الأسماء الستة بالواو هنا، هل نقول: أَبُوكَ مرفوع
بالواو، والذي ننطق به في اللفظ نفسه هل هو الاسم أو المسمى؟ نقول:
المسمى، على كلٍّ لا بد من التقدير (وَنَابَ عَنْ نَصْبِ الْجَمِيعِ)،
أي: الأسماء الخمسة، (الأَلِفُ)، إذًا عرفنا أن من أبواب النيابة
الأسماء الستة تعرب بالحروف وهي: حروف العلة. الواو نيابة عن الضمة،
والألف نيابة عن الفتحة، والياء نيابة عن الكسر، ما هي هذه الأسماء؟
قال: (وَهْيَ: أَبٌ، أَخٌ، حَمٌ، وَذُو، وَفُو). هذه الخمسة ويزاد
عليها هَنُو.
ثُمَّ هَنُوكَ سادسُ الأسماءِ ... فاحْفَظْ مَقالي حِفْظَ ذي الذَّكاءِ
(أَبٌ، أَخٌ، حَمٌ، وَذُو، وَفُو) وهنو (وَهْيَ: أَبٌ)، هي هذا مبتدأ،
وكما سبق أن مرجع الضمير إذا كان جمعًا ثم عُبِّر عنه بمفرد لا بد أن
نقول: الخبر هو أبٌ وما عطف عليه، وهن جمع كما سبق أمس، فنقول: هي
مبتدأ أب وما عطف عليه خبر، خبر عن المبتدأ، هذه الأسماء الستة لا تعرب
هذا الإعراب إلا بشروط إذا تحققت هذه الشروط جاز حينئذٍ أن تعرب بالواو
والألف والياء، ذكر الناظم رحمه الله تعالى هذه الشروط فقال:
(وَالشَّرْطُ فِي إِعْرَابِهَا). أي: الأسماء الخمسة أو الستة. (بِمَا
سَبَقْ)، يعني: بالذي سبق من كون الواو رفعًا والألف نصبًا والياء
جرًّا، (إِضَافَةٌ) (وَالشَّرْطُ) مبتدأ (إِضَافَةٌ) هذا خبر،
(إِضَافَةٌ) ليست مطلقة وإنما هي مقيدة لكونها (لِغَيْرِ يَاءِ مَنْ
نَطَقْ)، وبعضهم يعد هذا الشرط شرطين:
فيقول:
الشرط الأول: أن تكون مضافة.
الشرط الثاني: أن تكون مضافة لغير ياء
المتكلم.
ولذلك قال هنا: (إِضَافَةٌ لِغَيْرِ يَاءِ مَنْ نَطَقْ). (مَنْ) هذا
اسم موصول بمعنى الذي، و (نَطَقْ) فعل ماضي ثلاثي، وجملة صلة مَنْ لا
محل لها من الإعراب. عند البيانيين [أن المشتق] (1) أن الموصول مع صلته
في قوة المشتق، أن الموصول الاسم الموصول مع صلته، يعني: مع الجملة
التي تسمى صلة الموصول، وفي قوة المشتق. يعني: يصح لك أن تحذف هذه
الجملة وتأتي باسم المشتق، إما أن يكون اسم فاعل وإما أن يكون اسم
مفعول، وهنا يصح أن تحذف (مَنْ نَطَقْ) وتأول الجملة بقولك: لغير ياء
الناطق. بمعنى المتكلم، بمعنى ياء المتكلم، إذًا يشترط في هذه أن تكون
مضافة، وهذه الشرط الذي هو الإضافة لغير ذو، لماذا؟ لأن ذو ملازمة
للإضافة، يعني: لا تستعمل إلا مضافة، أما أبٌ وأخٌ وحمٌ وهنوٌ وفم فهذه
تستعمل مضافة وتستعمل منقطعة عن الإضافة، إن أضيفت لغير ياء المتكلم
نقول: أعربت بالواو رفعًا وبالألف نصبًا وبالياء جرًا. هَذَا أَبُوكَ،
هَذَا مبتدأ، أَبُوكَ نقول: أَبُو من الأسماء الستة، وهنا أضيف إلى
الكاف وهي ضمير اسم، أضيف لغير ياء المتكلم، إذًا حينئذٍ نقول: أَبُوكَ
هَذَا أَبُو خبر مبتدأ مرفوع ورفعه الواو نيابة عن الضمة لكونه من
الأسماء الستة، {وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} [القصص: 23]، {وَأَبُونَا}
هذا مبتدأ مرفوع بالابتداء ورفعه الواو نيابة عن الضمة، لماذا؟ لكونه
من الأسماء الستة، وهنا أضيف إلى الاسم الظاهر وهو نا الدالة على
الفاعلين.
إذًا تضاف أبو إلى الاسم الظاهر، فإن أضيفت إلى ياء المتكلم نقول:
حينئذٍ تعرب إعراب عَبْدِي الذي سبق، فإذا قيل: هَذَا أَبِي. هنا أضيفت
أو لم تضف؟ أضيفت، لِمَ لَمْ يعرب إعراب الأسماء الستة؟ لكونها أضيفت
لياء المتكلم، والشرط أن تضاف نعم تحققت الإضافة ولكن إضافتها هنا لياء
المتكلم، وياء المتكلم يلزم أن يكون ما قبلها مكسورًا، فإذا قيل: هَذَا
أَبِي. هذا مبتدأ ذا وها للتنبه، أبي هذا خبر مرفوع ورفعه ضمة مقدرة
لِمَ؟
..
لاشتغال المحل بحركة المناسبة، ما هي حركة المناسبة؟ الكسرة، لم جيء
بها؟ لأن الياء لا يناسب ما قبلها إلا أن يكون مكسورًا، إذًا هنا أبٌ
أضيفت، ولكن لم تضف إلى الظاهر، وإنما أضيفت إلى ضمير المتكلم، وكذلك
يقال في أخ وحم وهنٍ وفمٍ، وذو هذه تختص بأن تضاف إلى اسم جنس ظاهر، ذو
لا تستعمل إلا مضافة لها حكم خاص لا تستعمل إلا مضافة، ولذلك هذا الشرط
في حقها من باب بيان الواقع لا للاحتراز، وشرطها أن تضاف إلى اسم جنس
ظاهر والمراد باسم الجنس الظاهر احترازًا من المضمر لأن ذو لا تضاف إلى
الضمير، ولذلك شذ قول الشاعر:
إنما يعرف ذا الفضل من الناس ذَوُوهُ
__________
(1) سبق.
ذَوُوهُ هذا شاذ، لماذا؟ لأنه أضيف أيضًا
جمع بواو ونون، إذًا يشترط في ذو أن تكون مضافة لاسم جنس ظاهر، ظَاهر
احترازًا من المضمر اسم جنس المراد به ما دل على معنى كلي، وإن شئت قل:
ما دل على الحقيقة ويصدق على القليل والكثير مثل عِلْم وَفَضْل وَمَال،
مَال هذا دل على الحقيقة فُهِمَ المقصود منه لكن هل دل على قلة أو
كثرة؟ مَال يصدق على الريال أنه مال، ويصدق على المليون أنه مال، عِلْم
يصدق على المسألة الواحدة أنها علم، ويصدق على البحر أنه عِلْم، كذلك
فَضْل يصدق على القليل ويصدق على الكثير، فهذه المصادر ونحوها من
الأسماء الجامدة لا تضاف ذو إلا إليها، فيقال: ذو علم، وذو مال، وذو
جاه .. إلى آخره، هذا الشرط الأول في ذو، لأنك أخبرت بشرطين دون سائر
أخواتها.
الشرط الثاني في ذو: أن تكون بمعنى صاحب.
من ذاك ذو عن صحبة أبانا
احترازًا من ذو التي بمعنى الذي، لأن ذو قد تكون موصولة.
فإن الماء ماء أبي وجدي ... وبئر ذو حفرت وذو طويت
فإما كرام موسرون لقيتهم ... فحسبي من ذو ما عندهم ما كفانيا
أو: ما عندهم كفاني
فحينئذٍ إذا كانت ذو بمعنى الذي فإنها تكون مبنية وليست كذو التي بمعنى
الصاحب، فإن ذو بمعنى صاحب تعرب بالواو رفعًا وبالألف نصبًا وبالياء
جرًا، أما ذو التي بمعنى الذي فإنها تبقى على ملازمة الواو وتبنى على
السكون رفعًا ونصبًا وجرًا، فتقول: جَاءَنِي ذُو قَامَ، رَأَيْتُ ذُو
قَامَ، مَرَرْتُ بِذُو قَامَ. جَاءَنِي ذُو قَامَ، أي: الذي قام.
مَرَرْتُ بِذُو قَامَ، أي: بالذي قام. رَأَيْتُ ذُو قَامَ أي: الذي
قام، لذلك فرق بينهما حتى في اللفظ، ذو علم ما بعد ذو مفرد أو جملة؟
مفرد علم، ذو علم، ذو فضل، ذو جاه، ذو مال، أما ذو قام، ذو ضربته، هذا
لا يكون ما بعده إلا جملة، أو شبه جملة، فرق بين ذو التي بمعنى الصاحب
وذو التي بمعنى الذي، إذًا يشترط في ذو أن تكون بمعنى صاحب، لماذا؟
لأنه ليس كل ما ورد في لسان العرب لفظ ذو فهو من الأسماء الستة، ما كان
من الأسماء الستة لا بد من شرطين: أن يفهم الصحبة، وأن يضاف إلى اسم
جنس ظاهر.
أما فم هذا يشترط فيه أيضًا أن يكون مضافًا كسائر أخواته.
الشرط الثاني الذي يختص به فم أن يفصل من الميم.
والفم حيث الميم منه بانا
إذًا فصلت منه الميم وأضيف، أعرب بالواو والألف والياء، إن اتصلت به
الميم نقول: أعرب بالحركات. هَذَا فَمٌ، رَأَيْتُ فَمًا، نَظَرْتُ
إِلَى فَمٍ، يعرب بالحركات كسائر الأسماء، إذًا فَمٌ يشترط فيه إلحاقه
أو في إعرابه بالواو والألف والنون شرطان:
الأول: أن يكون مضافًا لغير ياء المتكلم.
الثاني: أن يفصل من الميم.
مع بقية الشروط المشاركة لغيرها، إذًا
(وَالشَّرْطُ فِي إِعْرَابِهَا بِمَا سَبَقْ ** إِضَافَةٌ)، فإن لم تضف
نقول: أعربت بالحركات {إِنَّ لَهُ أَباً} [يوسف: 78]، {أَباً} هذا معرب
بأي شيء؟ بالحركات {إِنَّ لَهُ أَباً} اسم إنَّ منصوب وعلامة نصبه
الفتحة الظاهرة على آخره، {وَلَهُ أَخٌ} [النساء: 12] أخ مبتدأ مرفوع
بالضمة، لماذا؟ لأنه اسم مفرد، هل نقول: أخ هذا من الأسماء الستة فيجب
إعرابه بالواو؟ هل نقول هذا؟ {وَلَهُ أَخٌ}، لم؟ أليس هو كقولك: هَذَا
أَخُوكَ؟ نقول: أَخٌ بالنظر إليه لوحده لا نقول هو من الأسماء الستة
المصطلح عليها عند النحاة، وإنما إذا توفرت فيه الشروط حينئذٍ نقول: هو
من الأسماء الستة، أما {إِنَّ لَهُ أَباً} فلا نقول: أبًا هذا من
الأسماء الستة، {وَلَهُ أَخٌ} لا نقول: أخ هذا من الأسماء الستة، لأنه
لا يكون كذلك إلا إذا توفرت فيه الشروط، إذًا الشرط الأول أن تكون
مضافة فلو لم تضف أعربت بالحركات على الأصل، وأن تكون إضافتها لغير ياء
المتكلم، فلو أضيفت إلى ياء المتكلم أعربت على الأصل بالحركات ولكن
يكون الإعراب مقدرًا لا ظاهرًا، لأنه تعدي ... #18.51، (وَكَوْنُهَا
مُفْرَدَةً) (وَكَوْنُهَا)، أي: هذه الأسماء الخمسة أو الستة
(مُفْرَدَةً)، يعني: ليست مثناه، ولا مجموعة، فإن كانت مثناةً أعربت
إعراب المثنى، لو ثنيت لا نقول: هذه من الأسماء الستة. {وَوَرِثَهُ
أَبَوَاهُ} [النساء: 11]، أبواه هذا مثنى تثنيةُ أبٍ نقول: وَرِثَهُ
وَرِثَ فعل ماضي والهاء مفعول به، أبواه فاعل مرفوع ورفعه الألف، كيف
نقول بالألف وهو من الأسماء الستة؟ نقول: لا، لكونه مثنى خرج عن كونه
من الأسماء الستة، والأسماء الستة لا يُحْكَمُ عليها بالإعراب الخاص
إلا إذا كانت مفردة {وَلأَبَوَيْهِ} [النساء: 11] هنا مجرور بالياء،
لماذا جر بالياء؟ لكونه مثنًى، وهذا الشرط الثاني (وَكَوْنُهَا
مُفْرَدَةً)، إذًا احترازًا من المثنى، فلو كانت مجموعة أعربت إعراب
الجمع الذي جمعت عليه، فإن جمعت جمع تكسير أعربت بالحركات،
{آبَاؤُكُمْ}، {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ} [التوبة: 24] {آبَاؤُكُمْ}
إيش إعرابه هنا؟ نقول: جمع أبٍ، هذا جمع تكسير، وجمع التكسير كالمفرد
كما سبق أنه يعرب بالحركات، إذًا {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ}،
{آبَاؤُكُمْ} هذا اسم كَانَ مرفوع ورفعه ضمة ظاهرة على آخره، لماذا لم
يعرب بالواو؟ لأن شرط أبٍ أن يعرب بالواو أن يكون مفردًا وهذا جمع
تكسير، رَأَيْتُ آبَاءَكُمْ، مَرَرْتُ بِآبَائِكِمُ كذلك، إن جمع بواو
ونون جمع تصحيح حينئذٍ نقول: يعرب بواو ونون، يعرب بواو وياء، ولم يسمع
من لغة العرب جمع الأسماء الستة إلا أبٌ وذو وأخٌ، وابن هشام رحمه الله
أثبت حم.
فلمَّا تَبَيَّنَّ أَصْواتَنَا ... بَكَيْن وفدَّيْنَنَا بالأبينا
أبين هذا جمع أب، جمع بواو ونون، وهنا جر بالياء، لماذا جر بالياء؟
نقول: هذا ملحق بجمع المذكر السالم، لماذا؟ لأن شرط أب ونحوه أن يعرب
الإعراب الخاص مع الستة إذا كان مفردًا، وهنا جمع بواو ونون فحينئذٍ
يكون من الملحقات بجمع المذكر السالم.
وكان بنو فزارة شرّ عمٍّ ... وكنتُ لهم كشر بني الأخينا
أخينا هذا جمع بواو ونون، كشر بني الأخينا،
بني مضاف، والأخينا مضاف إليه، وجر بالياء نيابةً عن الكسرة، لأنه ملحق
بجمع المذكر السالم، وذو كذلك كما ذكرت سابقًا.
إنما يعرف ذا الفضل من الناس ذَوُوهُ
جمع بواو ونون، إذًا نقول: (وَكَوْنُهَا مُفْرَدَةً). هذا الشرط لا بد
من تحققه في الأسماء الستة، إن كانت مثناه أعربت إعراب المثنى، إن كانت
مجموعة جمع تكسير أعربت إعراب جمع التكسير بالحركات، إن كانت مجموعة
جمع مذكر سالم أعربت بالواو والياء، ولم يسمع إلا الأب والأخ وذو،
وأثبت ابن هشام حمو، (مُكَبَّرَةً) يشترط في الأسماء الستة أن تكون
مكبرة، والتكبير ضد التصغير، يعني: إن كانت مصغرة أعربت بالحركات، هذا
أُبَيُّ أُبَيٌّ أو أُبَيُّ زيد أضفتها أو لم تضفها، نقول: هَذَا
أُبَيُّ زَيْدٍ. هنا ماذا حصل؟ صغرت أب وتصغير أب على أُبَيْوٍ،
فُعَيْلٍ تقول في فَلْسٍ:
فُلَيْس يا فتى ... وهكذا كل ثلاثي أتى
يضم أوله وتزاد ياء التصغير ثلاثةً ولا بد من إرجاع المحذوف، أَبٌ هذا
قلنا: أَبَوٌ. أُبَيْوٌ اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون
فوجب قلب الواو ياءً ثم أدغمت الياء في الياء فصار أُبَيّ، إذًا أبي
الحاصل أنه مصغر أبٍ، فلما صغر خرج عن كونه من الأسماء الستة، إذًا لا
يعرب بالواو رفعًا وبالألف نصبًا وبالياء جرًا، لماذا؟ لأن شرطها شرط
إعرابها بما ذكر أن تكون مكبرة وهذا مصغر، إذًا هذه كم شرط؟ ثلاثة أو
أربعة، إضافة هذا شرط، لغير ياء المتكلم الناطق هذا شرط ثاني، وكونها
مفردة شرط ثالث، وكونها مكبرة هذا شرط رابع، ويشترط في ذو زيادةً على
ما ذكر أن تكون بمعنى صاحب، فإن كانت بمعنى الذي بمعنى اسم الموصول
حينئذٍ نقول: هذه مبنية على السكون وتلزم الواو رفعًا ونصبًا وجرًا،
وهذه ذو التي بمعنى الذي سمع جرها بـ، أو إلحاقها بذو التي بمعنى
الصاحب، ولذلك بعض النحاة يقول: الأسماء السبعة. اعتبارًا بذو التي
بمعنى الصاحب، وذو التي بمعنى الذي. ويشترط فيه فم زيادة على ما ذكر؟
أن تفصل عن الميم
من ذاك ذو عن صحبةً أبانا ... والفم حيث الميم منه بانا
أي: انفصل، هكذا قال ابن مالك رحمه الله، (كَجَا أَخُو أَبِيْهُمُ ذَا
مَيْسَرَةْ) مثل الناظم للأسماء الستة رفعًا ونصبًا وجرًا، (كَجَا) جاء
هذا الأصل، وحذف الهمزة فصار هنا للضرورة وقيل: إنه لغةٌ، جاء جا قيل
إنه لغة، وفي مثل هذا قد يكون من باب الضرورة (كَجَا أَخُو
أَبِيْهُمُ)، (أَخُو) إيش إعرابه؟
..
فاعل، مرفوع؟
..
لماذا؟
..
لماذا؟ لأنه من أسماء.
الخمسة أو الستة؟
ثم
هنوك سادس الأسماء.
من الأسماء الستة، لذلك ليس بصحيح [ .... نعم] لذلك ابن عقيل رحمه الله
لما أورد أن هَن سمع فيه الاثنان وهو هَنُوكَ، حكاه سيبويه قالوا:
وأنكره الفراء، ومن حفظ حجةً على من لم يحفظ. أثبته سيبويه وأنكره
الفراء والزجاج، وهنا اللغة مبناها على النقل والسماع، فإذا ثبت في
طريقٍ صحيح نقول: حينئذٍ وجب إثباته. نقول: الأسماء السنة. إذًا
(أَخُو) هذا فاعل مرفوع، ورفعه الواو نيابةً عن الضمة لأنه من الأسماء
الستة، هل توفرت فيه الشروط؟
..
كيف توفرت؟ أضيف بغير الياء، مفرد مكبر،
إذًا توفرت فيه الشروط، (أَخُو أَبِيْهُمُ)، (أَبِيْهُمُ) إيش إعرابه؟
(أَخُو) مضاف وأبي مضافٌ إليه مجرور بالياء نيابةً.
..
عن الكسرة، لأنه.
[ملحق] لأنه من الأسماء الستة، هل توفرت فيه الشروط؟
نعم، مضاف إلى.
لغير ياء المتكلم، مفرد ومكبر (أَخُو أَبِيْهُمُ)، إذًا مثل للرفع بـ
(أَخُو)، ومثل [للنصب] بالجر بـ (أَبِيْهُمُ ذَا مَيْسَرَةٍ)، (ذَا)
إيش إعرابه؟
..
نعم؟
حال من فاء النداء [أحسنت] حال من فاء النداء (جَا أَخُو أَبِيْهُمُ)
حال كونه (ذَا مَيْسَرَة) (ذَا) نقول: حالٌ منصوب، وعلامة نصبه الألف
نيابةً عن الفتحة، لماذا؟ لأنه من الأسماء الستة، هل توفرت فيه الشروط؟
أضيف، بل هو ملازم للإضافة، الثانية: بمعنى صاحب، صَاحب ميسرة يعني:
غنى ويسر.
ثالثًا: مفرد.
[ثالثًا أو] رابعًا: مكبر.
إذًا توفر فيه الشروط، أما هَنُو فالأكثر في لغة العرب أنه إذا أضيف
كان منقوصًا، ولذلك قال ابن هشام هنا: إذا أفرد عن الإضافة كان منقوصًا
بالإجماع. إذا قيل: هَذَا هَنُو، وَرَأَيْتُ هَنًا، وَنَظَرْتُ إِلَى
هَنٍ. الهنو في الأصل أنه يُكْنَى به عما يستقبح التصريح به، أنه اسم
يكنى به عما يستقبح التصريح به، إذا قطع عن الإضافة بالإجماع كان
منقوصًا، ما معنى منقوصًا هنا؟ ليس النقص الذي سبق معنا كل اسم آخره
ياء لازمة قبلها كسرة، المراد هنا النقص اللغوي والذي سبق معنا النقص
الاصطلاح، النقص اللغوي أن تحذف لامه ويعرب بالحركات على ما قبل
النائب، هَنٌ أصله هَنَوٌ حذفت الواو اعتباطًا بغير علة تصريفية فصارت
النون التي هي قبل الآخر محلاً للإعراب، هَذَا هَنٌ، وَرَأَيْتُ هَنًا،
وَنَظَرْتُ إِلَى هَنٍ، هذا بالإجماع أنه إذا لم يضف كان إعرابه
بالحركات، إذا أضيف وتحققت فيه الشروط السابقة فأكثر العرب على أنه
منقوص أيضًا، يعني: لا ترد إليه الواو فيقولون: هَذَا هَنُكَ،
وَرَأَيْتُ هَنَكَ، وَنَظَرْتُ إِلَى هَنِكَ. [بالقصر] بالنقل، يعني:
يبقى على حذف لامه # .... 30.07، وبعض العرب في لغة قليلة نادرة أنها
ملحقة بأبٍ وأخٍ، فيقولون: هَذَا هَنُوكَ، وَرَأَيْتُ هَنَاكَ،
وَنَظَرْتُ إِلَى هَنِيكَ. إذًا هَنُو السبب في أنه لم يلحق عند بعض
النحاة كما جعل الناظم هنا لم يلحق بالأسماء الستة لأنه في لغة قليلة
جدًا أرجعت فيه الواو المحذوفة وجعل إعرابه بالواو رفعًا وبالألف نصبًا
وبالياء جرًا، إذًا الأسماء الستة نقول: ترفع الواو نيابةً عن الضمة،
وتنصب بالألف نيابة عن الفتحة، وتجر بالياء نيابةً عن الكسرة، وهي:
أبٌ، وأخٌ، وحموٌ. حمو هذا ما معناه؟
..
أقارب زوج المرأة، ولذلك يؤنث الضمير فيقال: حموها. وقد يطلق على أقارب
الزوجة فيقال: حَمُوهَا. الحمو الموت، حموها هذا بالهاء على أنه مؤنث،
أو حموكِ على أنه مؤنث، وهذا هو الغالب في إطلاقه أنه يطلق على أقارب
الزوج، وقد يطلق على أقارب الزوجة فيذكر الضمير فيقال: حموه. وحموكَ
بفتح الكاف.
(بَابُ الْمُثَنَّى)
هذا هو الباب الرابع من أبواب النيابة وهو
(بَابُ الْمُثَنَّى)، (الْمُثَنَّى) هذا اسم مفعول من ثَنَّى يُثَنِّي
فهو مُثَنَّى، والتثنية إذًا فبعضهم يعبر يقول: التثنية. فأما الألف
فتكون علامة للرفع في التثنية، والتثنية هي جعل الاسم الواحد دليلاً
على اثنين بزيادة في آخره، يعني: هي فعل الفاعل. التثنية هي فعل
الفاعل، وحذفها جعل الاسم الواحد دليلاً على اثنين بزيادة في آخره، أما
المثنى فهو اللفظ الذي ثني الزيدان، والذي ألحق الألف والنون بزيد هو
المثني، ففرق بين المثني والمثنى والتثنية، والمراد هنا (بَابُ
الْمُثَنَّى)، أي: اللفظ الذي ثني، المثنى في اللغة ما دل على اثنين،
كل ما دل على اثنين فهو مثنى، فدخل فيه الشفع، وزوج، وكلا، وكلتا،
واثنان، واثنتان، والزيدان، ومحمدان، ومسلمان ... إلى آخره، كل لفظ دل
على اثنين فهو مثنى، أما في الاصطلاح فهو لفظ دال على اثنين بزيادة في
آخره صالح للتجريد وعطف مثله عليه، لفظ دال على اثنين هذا جنس يشمل
المثنى اللغوي، فيدخل فيه كل ما دل على اثنين، ويخرج به ما دل على واحد
أو أكثر من اثنين وفيه زيادة كزيادة المثنى، خرج به ما دل على واحد،
لأنه قال: لفظ دال على اثنين. إذًا ما دل على واحد خرج بهذا ليس بمثنى،
ما دل على أكثر من اثنين ليس بمثنى، لكن الإشكال أن بعضها بعض الكلمات
قد يكون مفردًا وفيه زيادة كزيادة المثنى شبعان [رمضان] شبعان، ما
أقول: شعبان. شبعان جوعان، فهذه فيها ألف ونون وهي زائدة، هل مدلولها
مثنى أو مفرد؟ مفرد، إذًا لفظ دال على اثنين أخرج المفرد الذي فيه
زيادة كزيادة، ليست زيادة الألف والنون التي هي للمثنى، إنما فيه زيادة
كزيادة المثنى، كذلك ما دل على أكثر من اثنين وفيه زيادة كزيادة المثنى
غِلْمَان أما ذكرنا الألف والنون هذه زائدة؟ هذه الزيادة ليست للدلالة
على التثنية، غِلْمَان هذا يدل على أكثر من اثنين وفيه زيادة تشبه
زيادة المثنى، إذًا لفظ دال على اثنين أدخل وأخرج، أدخل كل ما يدل على
الاثنين وأخرج كل ما دل على واحد أو أكثر من اثنين وفيه زيادة كزيادة
المثنى، قال: بزيادة في آخره. إذًا دلالة اللفظ على الاثنين ليست من
البنية، أو الصيغة ليست وضعًا، وإنما هي بسبب لذلك الباء هنا يذكرون
أنها سببية، لفظ دال على اثنين بسبب زيادة ألف ونون، بسبب زيادة في
آخره ألف ونون رفعًا وياء ونون نصبًا وجرًا، خرج ما دل على اثنين لا
بزيادة في آخره كشفع وزوج وكلا وكلتا، كلا وكلتا هذه تدل على اثنين،
لكن هل هي بسبب زيادة في آخره؟ الجواب: لا، شفع وزوج تدل على اثنين، هل
دلالة الزوج والشفع على اثنين بسبب الزيادة أو بوضع الواضع لغة العرب؟
أصل الواضع وضع شفع يدل على اثنين ليس بسبب زيادة بخلاف الزيدان أصله
زيد وزيد، فإذا أريد التثنية قيل: الزيدان. أضيفت الألف والنون على
زيد، بزيادة في آخره دخل معنا اثنان واثنتان، لأنه لفظ دال على اثنين
وفيه زيادة لكنه ليس صالحًا للتجريد وأراد أن يخرجه من الحد فقال:
بزيادة في آخره صالح للتجريد.
يعني: أن يجرد من الألف والنون، اثنان
اثنتان لا يقال اثن واثنت، لماذا؟ لأن الألف والنون وإن كانت زائدة
لكنه لا يصلح للتجريد، وعطف مثله عليه ليخرج نحو القمرين القمران هذا
ليس مثنى حقيقة، لماذا؟ لأنه ليس صالحًا للتجريد وعطف مثله عليه، وإن
صلح للتجريد وعطف مغاير عليه لأنه تثنية قمر وشمس، فإذا قيل: القمران.
فإنما المراد به القمر والشمس، الألف والنون هذه نقول: زيدت على قمر،
أليس كذلك؟ هل دل على اثنين؟ نعم دل على اثنين، لكن هل هو قابل للتجريد
صالح للتجريد؟ نعم لأنك تحذف الألف والنون وتقول: قمر. لكن هل يصلح أن
يعطف عليه مثله؟ الجواب: لا، إذًا هذا ليس بمثنى حقيقة، فما وجد فيه
هذا أو انطبق عليه الحد نقول: هذا مثنى حقيقة، الزيدان هذا لفظ دال على
اثنين بسبب زيادة في آخره الألف والنون جَاءَ الزَّيْدَان صالح للتجريد
تقول: زيد وعطف مثله عليه فتقول: زَيْد وَالزَّيْدَان. لذلك باب المثنى
وباب الجمع وضعه الواضع من باب الاختصار بدلاً من أن تقول: جَاءَ
زَيْدٌ وَزَيْد، وَرَأَيْتُ مُحَمَّدًا وَمُحَمَّدًا، وَمَرَرْتُ
بِبَكْرٍ وَبَكْرٍ. تقول: رَأَيْتُ الزَّيْدَيْن، وَجَاءَ الزَّيْدَان،
وَمَرَرْتُ بِالْبَكْرَين. هذا من باب الاختصار، إذًا وضع المثنى وكذلك
الجموع كلها من باب الاختصار.
(وَالرَّفْعُ فِي كُلِّ مُثَنَّى) عرفنا حقيقة المثنى، ما حكمه؟ نقول:
يرفع بالألف نيابةً عن الضمة، وينصب ويجر بالياء نيابةً عن الفتحة
والكسرة، إذًا له حرفان: الألف، والياء. الألف تكون رفعًا والياء تكون
نصبًا وجرًا، ولذلك قال: (وَالرَّفْعُ فِي كُلِّ مُثَنَّى بِالأَلِفْ).
يعني: مصورًا بمسمى الألف، (الرَّفْعُ) مبتدأ، (بِالأَلِفْ) جار مجرور
متعلق بمحذوف خبر، (وَالرَّفْعُ فِي كُلِّ مُثَنَّى) (كُلِّ مُثَنَّى)
هذه قاعدة عامة لما يخرج عنه فردٌ من الأفراد، ولكن هذا يقيد كما هو في
باب الأسماء الستة في بعض اللغات، يعني: في اللغة المشهورة، كذلك
الأسماء الستة ترفع بما ذكر في اللغة المشهورة، وتركنا البعض الآخر
اختصارًا.
والرفع في كل مثنًى مصورٌ بمسمى الألف نيابةً عن الضم، (وَالنَّصْبُ
وَالْجَرُّ بِيَاءٍ)، (وَالنَّصْبُ) هذا مبتدأ، (وَالْجَرُّ) معطوفٌ
عليه، (بِيَاءٍ) جار مجرور متعلق بمحذوف خبر، إذًا يكون مصورًا بمسمى
الياء، هذا بَيَّن فيه الحكم المثنى.
ثم شرع في بيان ما ألحق بالمثنى، الملحق
بالمثنى ضابطه كل ما لا يصدق عليه حد المثنى، إذا فقدت القاعدة العامة
السابقة لفظ دال على اثنين بزيادة في آخره صالح للتجريد وعطف مثله
عليه، وجدت من كلام العرب ما أعرب بألف وياء إعراب المثنى سمع من كلام
العرب أنه أعرب إعراب المثنى، وإذا جئت تطبق حد المثنى لا تجد أنه
ينطبق عليه، قالوا: هذا يسمى مثنى، أو يسمى ملحق بالمثنى. ليس مثنى
حقيقة وإنما ألحق به إعراب، ولذلك المثنى الحقيقي قياسي، يعني: لا
يشترط أن أيَّ لفظ لا بد أن يكون مسموعًا من لغة العرب أيّ مثنى أيّ
لفظ تريد أن تثنيه طبق عليه حد فيجوز لك ولو لم تسمعه من لغة العرب،
أما المثنى، أو الملحق بالمثنى فهذا بابه السماع التوقيفي، يعني: لا
يجوز، هي أربعة ألفاظ أو خمسة لا يجوز أن تجعل ستة، لماذا؟ لأنه ليس
مثنى حقيقة، وإنما حمل على المثنى في الإعراب، قال: (وَأَضِفْ *
لاثْنَينِ وَاثْنَتَيْنِ هَذَا الْعَمَلا). (أَضِفْ) هذا فعل أمر،
(لاثْنَينِ) هذا جار مجرور متعلق بقوله: (أَضِفْ). يعني: أُنسب هذا
العمل (لاثْنَينِ وَاثْنَتَيْنِ)، (أَضِفْ هَذَا الْعَمَلا) (هَذَا)
إيش إعرابه؟
..
اسم إشارة، مفعول به [أحسنت] هذا العملَ، أضف أيها النحوي هذا العملَ
لاثنين واثنتين، يعني: اثنان واثنتان يعربانِ بالألف رفعًا وبالياء
نصبًا وجرَّا، نحن قلنا: بزيادة في آخره، صالح للتجريد هذا لإخراج
اثنين واثنتين، لأنه فيه زيادة، فيه زيادة الألف والنون زائدتان لكن هل
هو صالح للتجريد؟ نقول: لا ليس صالحًا للتجريد، إذًا هو ليس مثنى لكن
العرب ألحقته بالمثنى عملاً، إذًا لا بد أن نتبع العرب فيما أعربت
اثنين واثنتين، (لاثْنَينِ وَاثْنَتَيْنِ هَذَا الْعَمَلا) أطلق الناظم
ولم يقيده بقيد كما قيد (كِلْتَا وَكِلا)، قال: (كَذَا مَعَ
الْمُضْمَرِ كِلْتَا وَكِلا). مع المضمر لا مع الظاهر، وهنا أطلق قال:
(لاثْنَينِ وَاثْنَتَيْنِ) لذلك ابن هشام قال:
ويلحق به أربعة ألفاظ اثنان بدون شرط - أو - بلا شرط واثنان بشرط.
اثْنَانِ وَاثْنَتَانِ يلحقان بالمثنى مطلقًا سواء أُفرد جَاءَ
اثْنَان، رَأَيْتُ اثْنَيْن أم أضيفا جَاءَ اثْنَا أَخَوَيْكَ،
رَأَيْتُ اثْنَيْ أَخَوَيْكَ مفردةً أو مركبة، جَاءَ اثْنَى عَشَرَ
رَجُلاً، رَأَيْتُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلاً، مَرَرْتُ بِاثْنَيْ عَشَرَ
رَجُلاً، إذًا اثنان واثنتان ملحقان بالمثنى مطلقًا، يعني: سواء أفردت
عن الإضافة لم تضف، جَاءَ اثْنَان، وَرَأَيْتُ اثْنَيْن، وَمَرَرْتُ
بِاثْنَيْن، أم أضيفت جَاءَ اثْنَا أَخَوْيَكَ، رَأَيْتُ اثْنَيْ
أَخَوَيْكَ، مَرَرْتُ بِاثْنَيْ أَخَوَيْكَ، أم ركبت، يعني: جعلت من
الأعداد المركبة، ولذلك من أحد عشر إلى تسعة عشر مبنية على فتح الجزأين
إلا اثني عشر، فإن الجزء الأول يكون ملحقًا بالمثنى، إذًا
اثْنَينِ وَاثْنَتَيْنِ هَذَا الْعَمَلا ... كَذَا مَعَ الْمُضْمَرِ
أي: مثل الذي سبق من إلحاق أو إضافة
(اثْنَينِ وَاثْنَتَيْنِ) بهذا العمل (كِلْتَا وَكِلا) حال كونهما مع
المضمر، يعني: مع الضمير، وكلا وكلتا هذه فيها شبهان: شبه بالمفرد،
وشبه بالمثنى. هي من جهة اللفظ مفرد كلا كلتا من جهة اللفظ مفرد، ومن
جهة المعنى مثنى فراعت العرب هذين الشبهين، إن أضيف إلى الضمير
غَلَّبَتْ شبه المثنى، فألحق إعرابه بالمثنى، تقول: جَاءَ كِلاهُمَا،
أو جَاءَ الزَّيْدَانِ كِلاهُمَا. الزَّيْدَانِ هذا إيش إعرابه؟ فاعل
مرفوع بالألف نيابةً عن.
الضمة، لأنه.
..
مثنى، كِلاهُمَا هذا تأكيد كِلاهُمَا أضيفت كلا إلى الضمير، وقلنا: إذا
أضيفت كلا إلى الضمير صارت ملحقةً بالمثنى، لذلك تقول: كِلا توكيد
للزيدان، وتوكيد المرفوع مرفوع، ورفعه الألف نيابةً عن الضمة لأنه
ملحقٌ بالمثنى، وهما كلا مضاف، [وهما ضمير مبني على الكسر في محل] (1)
هما مبني على الضم في محل جرّ بالإضافة، وما الميم هذا حرف عماد والألف
هذه التثنية، رَأَيْتُ الزَّيْدَيْنِ كِلَيْهِمَا منصوبٌ بالياء أي
للتوكيد، مَرَرْتُ بِالزَّيْدَيْنِ كِلَيْهِمَا مجرورٌ بالياء، إذًا
كلا وكلتا إن أضيفت إلى الضمير غُلِّبَ جانب المعنى شبهها بالمثنى
فألحقت به من جهة العمل فأعربت بالألف رفعًا وبالياء نصبًا وجرًّا، إن
لم تضف إلى الضمير بل أضيفت إلى الاسم الظاهر عُومِلَت معاملة المفرد،
وهو الاسم المقصور كفتى، فتقول: جَاءَ كِلا الرَّجُلَيْن، رَأَيْتُ
كِلا الرَّجُلَيْن، مَرَرْتُ بِكَلا الرَّجُلَيْن. جَاءَ كِلا
الرَّجُلَيْن إيش إعرابه كلا؟ فاعل.
..
كلا.
.
كلا، فاعل ومرفوع، ورفعه
.
كِلا الرَّجُلَيْن، بالألف أو بالحركة؟
.
متى نعرب كلا بالألف؟
إذا أضيفت إلى الضمير، وَكِلا الرَّجُلَيْن أضيفت إلى الاسم الظاهر،
إذًا تعرب على الأصل مثل فَتَاك فنقول: كِلا الرَّجُلَيْن كِلا فاعل
مرفوع، ورفعه ضمةٌ مقدرةٌ على آخره على الألف المحذوفة للتخلص من
التقاء الساكنين، كِلا الرَّجُلْ، كِلا الْ حذفت الألف وهي محل
الإعراب، فنقول: معرب بالحركة المقدرة على الألف المحذوفة للتخلص من
التقاء الساكنين، قال: (كَذَا مَعَ الْمُضْمَرِ كِلْتَا وَكِلا). إذًا
الملحق بالمثنى أربعة ألفاظ اثنان واثنتان، اثنتان هذه لغة الحجازيين
وثِنْتَ بدون ألف لغة تميم، وكلتا وكلا بشرطٍ وهو إضافتها إلى الضمير،
إن أضيفت إلى الضمير أعربت بالحروف، إن أضيفت إلى الاسم الظاهر أعربت
بالحركات مثل الفتى بالحركات المقدرة مثل الفَتَى، يزاد عليه لفظٌ خامس
وهو ما سمي به من المثنى، الزَّيْدَان لو سميت ابنك الزَّيْدَان جَاءَ
الزَّيْدَان كيف نعربه؟ على اللغة المشهورة أن ما سمي به هذا ليس مثنًى
لأن مدلوله كم؟ واحد هو شخص واحد، والمثنى لفظ دالٌ على اثنين، إذًا
ليس مثنى بل هو ملحقٌ بالمثنى، وفي اللغة المشهورة من لغة العرب أنه
يعرب بالألف رفعًا وبالياء نصبًا وجرًّا، فتقول: جَاءَ الزَّيْدَانِ،
وَرَأَيْتُ الزَّيْدَيْنِ، وَمَرَرْتُ بِالزَّيْدَيْنِ. وهو شخصٌ واحد،
والذي يميز أنه مفرد أو مثنى هو السياق والقرينة، مثل الناظم لهذا.
__________
(1) سبق.
نَحْوُ اشْتَرَى الزَّيْدَانِ حُلَّتَيْنِ
... كِلْتَاهُمَا لاثْنَيْنِ وَاثْنَتَيْنِ
(نَحْوُ) هذا خبر مبتدأ محذوف، وذلك نحو، (نَحْوُ) هذا خبر لمبتدأ
محذوف، (اشْتَرَى) فعلٌ ماضي، (اشْتَرَى الزَّيْدَانِ) نقول:
[(اشْتَرَى) فعلٌ ماضي مرفوعٌ بضمةٍ مقدرةٍ على الألف] (1) (اشْتَرَى)
فعلٌ ماضي مبنيٌّ على الفتح المقدر على الألف المحذوفة للتخلص من
التقاء الساكنين، لأنك ما تنطق بالألف لو قلت: اشْتَرَا زَيْدٌ. صارت
الألف مثبتة لأن القاعدة - هذه يغلط فيها كثير من الطلاب - أن القاعدة
أن الإعراب يتبع الملفوظات لا المرسومات. القاعدة أن الإعراب يتبع
الملفوظات الذي تنطق به هو الذي يُعرب (اشْتَرَى الزَّيْدَانِ) ما تنطق
بالألف لكن تكتبها، وإذا جئت تعرب لا تنظر إلى الكتاب وإنما تنظر إلى
ما .. أو ما تسمعه من كلامك (اشْتَرَى الزَّيْدَانِ)، إذًا (اشْتَرَى)
فعلٌ ماضي، (الزَّيْدَانِ) فاعلٌ مرفوعٌ ورفعه الألف نيابةً عن الضمة،
والنون هذه؟
.
النون.
.
عوضٌ عن التنوين في الاسم المفرد، لأن أصله زيدٌ، لما ألحق به الألف
حذف منه التنوين، وهذا التنوين كما سبق أنه يدل على تمكن الاسم، إذًا
له فائدة كبرى يدل على تمكن الاسم في باب الاسمية بحيث لم يشبه الفعل
فيمنع من الصرف ولا الحرف فيمنع، فإذا حذف صار هناك إجحاف وضعف للاسم
لا بد من التعويض.
وتَلحَقُ النُّونُ بما قد ثُنِّي ... مِنَ المَفَاريدِ لِجَبرِ
الوَهْنِ
هكذا قال الحريري.
وتَلحَقُ النُّونُ بما قد ثُنِّي ... مِنَ المَفَاريدِ لِجَبرِ
الوَهْنِ
لأنه صار فيه وهن، إذًا النون هذه عوضٌ عن التنوين، ولذلك تحرك بالكسر
لأن أصلها ساكن، فالتقى ساكنان الألف والنون، فحركنا النون الثانية،
لماذا ساكن؟ لأن الأصل أن يحرك الحرف الأول، ولكن هنا حركنا الحرف
الثاني خلافًا للقاعدة، لأن الحرف الأول لا يقبل الحركة، هذا هو
المشهور أن النون عوضٌ عن التنوين في الاسم المفرد، وعند ابن مالك رحمه
الله أنها لدفع توهم إضافةٍ أو إسقاط ونترك هذا التعليل، (اشْتَرَى
الزَّيْدَانِ حُلَّتَيْنِ)، (حُلَّتَيْنِ) هذا تسمية حلة مفعولٌ به
منصوب وعلامة نصبه الياء، ضابط هذه الياء كما ينص بعضهم الياء المفتوح
ما قبلها المكسور ما بعدها، احترازًا من ياء الجمع جمع التصحيح لأن ياء
جمع التصحيح [مفتوحٌ ما قبلها مكسورٌ ما] (2) مكسور ما قبلها مفتوحٌ ما
بعدها، المسلمِينَ مسلمِي كسرت ما قبل الياء وفتحت ما بعد الياء، إذًا
النون تكون مكسورة في المثنى مفتوحةً في جمع التصحيح.
وَنُونَ مَجْمُوعٍ وَمَا بِهِ الْتَحَقْ ... فَافْتَحْ وَقَلَّ مَنْ
بِكَسْرِهِ نَطَقَ
وَنُونَ مَا ثُنِّيَ وَالْمُلْحَقِ بِهِ ... ِبعَكْسِ ذَاكَ
اسْتَعْمَلُوهُ فَانْتَبِهْ
بعكس ذاك، أي: عكس جمع التصحيح (كِلْتَاهُمَا لاثْنَيْنِ
وَاثْنَتَيْنِ)، (كِلْتَاهُمَا) إيش إعرابه؟ مبتدأ أكمل.
مرفوع
وعلامة رفعه الألف نيابةً عن
عن الضمة، لأنه
__________
(1) سبق.
(2) سبق.
ملحقٌ، بالألف نيابةً عن الضمة؛ لأنه ملحق
بالمثنى، وهنا أضيف إلى الضمير حينئذٍ يكون ملحقًا (لاثْنَيْنِ) جار
ومجرور متعلق بمحذوف خبر، اللام حرف جر، (اثْنَيْنِ) اسمٌ مجرورٌ
باللام وجره الياء نيابةً عن الكسرة لأنه ملحقٌ بالمثنى،
(وَاثْنَتَيْنِ) أيضًا معطوفٌ على (اثْنَيْنِ) والمعطوف على المجرور
مجرور وجره ياء نيابةً عن الكسرة لأنه ملحقٌ بالمثنى.
(بَابُ جَمْعِ الْمُذَكَّرِ السَّالِمِ)
هذا هو الباب الكم؟
..
الباب الخامس [المعتل جمع التكثير الغير المنصرف الأسماء الخمسة
المثنى].
هذا هو الباب الخامس.
(بَابُ جَمْعِ الْمُذَكَّرِ السَّالِمِ)
(جَمْعِ الْمُذَكَّرِ) أي جمع المفرد المذكر لأن التذكير معنًى،
والمعاني لا تجمع وإنما هو وصفٌ للفظٍ، (جَمْعِ الْمُذَكَّرِ)، أي: جمع
المفرد المذكر (السَّالِمِ)، (السَّالِمِ) هذا فيه خلاف بين النحاة هل
هو نعتٌ لـ (الْمُذَكَّرِ) أم أنه نعتٌ للـ (جَمْعِ)؟ الصواب أنه نعتٌ
للـ (جَمْعِ)، فتقول: هذا (بَابُ جَمْعِ الْمُذَكَّرِ السَّالِمِ)،
وهذا جمع مذكرٍ سالمٌ، وإنَّ جمع المذكر السالم فيكون نصًّا على أنه
تبعٌ لجمع، (جَمْعِ الْمُذَكَّرِ السَّالِمِ) في اللغة أو الجمع في
اللغة كل ما دل على أكثر من اثنين، أما في الاصطلاح فيطلق الجمع جمع
المذكر السالم أو يعرف ويحد بأنه ما سَلِمَ فيه واحده، وبعضهم يقول:
لفظٌ دل على أكثر من اثنين بزيادة في آخره وسلم في واحده، ولكن المشهور
أن الاختصار ما سلم فيه واحده، هذا المراد به إخراج ما لم يسلم فيه
واحده وهو جمع التكثير لأن ضابط جمع التكثير ما تغير عن بناء مفرده، لو
قارنا بين المفرد والجمع لرأينا أن الجمع قد تغير فيه بناء المفرد كما
قلنا في رِجَال مع رَجُل، أما جمع المذكر السالم فهو يسلم فيه المفرد،
إن تغير فيه فيكون تغيره لعلةٍ تصريفية، وهذا لا يضر كما سبق في قاضون
ومصطفون، قاضون لم يسلم هنا بناء واحده، لماذا؟ لأن الياء قاضي حذفت
للتخلص من التقاء الساكنين وهذا علةٌ تصريفية والمحذوف لعلة كالثابت،
كذلك قاضي الضاد مكسورة قلبت الكسرة ضمة فرارًا من تطبيق القاعدة
العامة وهي أنه إذا سكنت الواو وانكسر ما قبلها وجب قلب الواو ياءً.
الحاصل: أن ما سلم فيه بناء مفرده لا يضر فيه أن يتغير لعلةٍ تصريفية.
حكمه: الرفع بالواو والنصب والجر بالياء. قال: (وَارْفَعْ بِوَاوٍ
جَمْعَ تَذْكِيْرٍ سَلِمْ). (وَارْفَعْ) أيها النحوي، (بِوَاوٍ) أي:
بمسمى الواو، (جَمْعَ تَذْكِيْرٍ سَلِمْ) (جَمْعَ تَذْكِيْرٍ)،
(جَمْعَ) مفعولٌ به وهو مضاف، و (تَذْكِيْرٍ) هذا مضافٌ إليه،
(تَذْكِيْرٍ) هذا مصدر مرادٌ به اسم المفعول المذكر، (سَلِمْ) أي: سلم
فيه واحدٌ لم يتغير، زَيْد تقول: زَيْدُونَ لم يتغير فيه بناء واحده،
(وَنَصْبُهُ كَالْجَرِّ) نصبه هذا مبتدأ، (كَالْجَرِّ) جارٌ ومجرور
متعلق بمحذوف خبر، (كَالْجَرِّ بِالْيَاءِ) جار ومجرور متعلق بقوله:
(كَالْجَرِّ).
إذًا الحاصل: أن نصب جمع المذكر السالم
يكون كالجر، إذًا فيه تشبيه وفيه أصل، ما هو الأصل هنا؟ أن الجر يكون
بالياء لأنه إشباعٌ للكسرة، والنصب هنا حمل على الجر لذلك قال:
(وَنَصْبُهُ كَالْجَرِّ). إذًا الجر ثابت أنه بالياء، أما النصب الأصل
فيه أن يكون بالفتحة، فإذا أعرب بحرف الأصل فيه أن يكون إشباعًا للفتحة
وهو الألف، وهنا حُجِبَ عن الألف لا النصب، (وَنَصْبُهُ كَالْجَرِّ
بِالْيَاءِ لَزِمْ)، إذًا نقول: جمع المذكر السالم يرفع بالواو وينصب
ويجر بالياء، تقول: جَاءَ الزَّيْدُونَ. الزَّيْدُونَ هذا فاعلٌ مرفوع
ورفعه الواو نيابةً عن الضمة لأنه جمع مذكرٍ سالم، رَأَيْتُ
الزَّيْدِينَ منصوبٌ بالياء نيابة عن الفتحة لأنه جمع مذكرٍ سالم،
مَرَرْتُ بِالزَّيْدِينَ مجرورٌ بالياء لأنه جمع مذكرٍ سالم.
أيضًا فيه ملحقات كما هو في باب المثنى فقال: (كَذَاكَ مُلْحَقٌ
بِهَذَا الْبَابِ). (كَذَاكَ) المشبه به الرفع بالواو والنصب كالجر
بالياء، أي: مثل الذي ذكر في المثنى أو في الجمع الحقيقي ملحقٌ
(كَذَاكَ مُلْحَقٌ)، (كَذَاكَ) هذا خبرٌ مقدر، (مُلْحَقٌ) هذا مبتدأ
مؤخر، ملحقٌ بهذا الباب كذاك، أي: مثل الذي سبق وهو الجمع الحقيقي،
لذلك نقسم المثنى إلى قسمين: مثنى الحقيقي، وملحقٌ به. وجمع الحقيقي،
وملحقٌ به.
كَذَاكَ مُلْحَقٌ بِهَذَا الْبَابِ ... كَالْمُتَّقُونَ هُمْ أُولُو
الأَلْبَابِ
(كَالْمُتَّقُونَ) الكاف حرف تشبيه وهي
زائدةٌ على محذوف، أي: كقولك: المتقون هم أولوا الألباب. المتقون مبتدأ
مرفوعٌ بالابتداء، ورفعه الواو نيابةً عن الضمة لأنه جمع مذكرٍ سالم،
(هُمْ) هذا مبتدأ ثانٍ، (أُولُو الأَلْبَابِ)، (أُولُو) هذا خبر
المبتدأ الثاني مرفوعٌ ورفعه الواو نيابةً عن الضمة لأنه ملحقٌ بجمع
المذكر السالم، لماذا قلنا: ملحق؟ لأن [(أُولُو) هذا اسم جمعٍ جاء على
صورة جمع التصحيح صورة] (1) (أُولُو) اسم جمعٍ واسم الجمع عند النحاة
ما دل على معنى الجمع ولا واحد له من لفظه، (أُولُو) هذا يدل على أكثر
من ثلاثة فأكثر، هل له واحدٌ من لفظه؟ لا ليس له واحد من لفظه، خذ مثال
أوضح قوم هذا اسم جمع يدل على ثلاثة فأكثر، هل له واحد من لفظه؟ لا.
رهط، نساء، نسوة هذه كلها أسماء جموع، يعني: تدل على معنى الجمع،
الزَّيْدُون وَقَوْمٌ اشتركا في الدلالة على ثلاثة فأكثر لأن أقل معنى
الجمع ثلاثة على الصحيح وهو قول الجمهور، أقل ما يصدق عليه لفظ الجمع
هو الثلاثة، إذًا اشتركا في الدلالة على ثلاثة فأكثر، لكن الزَّيْدُون
له مفرد وهو زَيْدٌ، قوم لا مفرد له نسمي هذا اسم جمع جاء على صورة جمع
التصحيح، يعني: الأصل فيه أنه يعرب بالحركات كقوم ورهط، ولكن العرب
ألحقته بجمع المذكر السالم، يعني: أعربته بالواو رفعًا {وَلَا يَأْتَلِ
أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي
الْقُرْبَى} [النور: 22] {أُوْلُوا الْفَضْلِ} إيش إعراب {أُوْلُوا
الْفَضْلِ}؟ {وَلَا يَأْتَلِ} هذا فعل مضارع مجزوم بلا الناهية وجزمه
حذف حرف العلة، {أُوْلُوا} فاعل مرفوع بالواو، أين الواو؟ {أُوْلُوا
الْفَضْلِ} أين الواو؟ الواو المحذوفة للتخلص من التقاء الساكنين
{أُوْلُوا الْفَضْلِ أَن يُؤْتُوا}، {وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا
الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا}، {أُوْلُوا الْفَضْلِ}
أيضًا {أُوْلُوا} هذا مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الياء المحذوفة
للتخلص من التقاء الساكنين، {أُوْلُوا} في الرفع و {أُوْلُوا} في النصب
نقول: أعرب هذا الإعراب لا لكونه جمع مذكر سالم، وإنما لكونه ملحقًا
بجمع المذكر السالم، لماذا ألحق؟ لأن جمع المذكر السالم له واحد
وَسَلِمَ هذا الواحد في الجمع، أما {أُوْلُوا} لا واحد له من لفظه وإن
كان له واحد من معناه، إذًا هم أولي الألباب أولوا هذا خبر المبتدأ
الثاني، أولوا مضاف والألباب مضاف إليه وأولوا كذو، يعني: لا تستعمل
إلا مضافةً ولا تضاف إلا إِلى اسم جنس ظاهر مثل ذو، (وَاحْمِ ذَوِي
الْقُرْبَى) (وَاحْمِ) أو وارحم (وَاحْمِ ذَوِي الْقُرْبَى)، (ذَوِي)
هذا من الأسماء الستة جُمِعَ بواو ونون، ذُو أصله ذوي أصله ذو، ذُو هذا
مفرد أو جمع؟
..
__________
(1) سبق.
ذو مفرد، لماذا؟ نقول: ذُو ذَوُوا هذا شاذ؟
هذا من باب الاختصار المخل لأن جمع المذكر السالم لا يُجمع باستقراء
كلام العرب على هذا الجمع إلا ما كان جامدًا أو صفةً، لا بد أن يكون
عَلَمًا أو صفةً ولها شروط، علمًا أو صفةً، أما ما كان اسم جنس كرجل
فهذا لا يُجمع بواو ونون إلا إذا صُغِّر رجل لا يقال فيه رَجُلُون،
لماذا؟ لأن شرط الجمع بواو ونون أن يكون عَلَمًا لمذكر أو صفةً لمذكر
مع بقية الشروط، [وذو] (1) ورجل هذا اسم جنس، فحينئذٍ لا يقال
رَجُلُون، كذلك ذو اسم جنس ليس علم لمذكر وليس بصفة، فجمعه بواو ونون
نقول: هذا شاذ. (وَاحْمِ ذَوِي)، (ذَوِي) هذا نقول: منصوب، مفعول به
منصوب وعلامة رفعه الياء نيابةً عن الفتحة، منصوب وعلامة نصبه الياء
نيابة عن الفتحة لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، (ذَوِي الْقُرْبَى)
(ذَوِي) مضاف، و (الْقُرْبَى) مضاف إليه، (مِنَ الأَهْلِيْنَا) من
الأهلين، هذا له مفرد وهو أهل لكنه لم يستوف الشروط لأنه اسم جنس جامد،
والذي يجمع بواو ونون لا بد أن يكون علمًا لمذكر عاقل أو صفةً لمذكر
عاقل (تَسْكُنْ بِدَارِ الْخُلْدِ عِلِّيِّيَنَا)، (تَسْكُنْ) هذا فعل
مضارع مجزوم لوقوعه في جواب الطلب وهو احذف، (بِدَارِ الْخُلْدِ) متعلق
بـ (تَسْكُنْ)، (عِلِّيِّيَنَا) هذا عطف بيان من الاسم المجرور دار،
(عِلِّيِّيَنَا) هذا له عِلِّي مفرده عِلِّيٌّ جمع على (عِلِّيِّيَنَا)
ماذا نقول؟ كما أَنَّ المثني إذا سمي به صار ملحقًا بالمثنى، لماذا؟
لأن مدلوله واحد لا اثنين، كذلك ما سمي به من جمع التصحيح نقول: يعامل
معاملة جمع التصحيح وإن كان مدلولهم مفرد، إذا سميت رجلاً بـ زَيْدُون
مدلوله أكثر من اثنين أو واحد؟ وَاحد، إذًا ليس بجمع نقول: هو ملحق
بالجمع، لكن سمع من كلام العرب في اللغة المشهورة هناك لغات متعددة في
اللغة المشهورة أنه يعامل معاملة جمع التصحيح فيقول: جَاءَ
الزَّيْدُونَ، وَرَأَيْتُ الزَّيْدِينَ، وَمَرَرْتُ بِالزَّيْدِينَ.
وهو مفرد واحد، عِلَِّيُّنَا مثل زيدون المسمى به، لأنه اسم لأعلى
الجنة، {إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَمَا
أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ} [المطففين: 18، 19]، إذًا ألحق بجمع المذكر
السالم وإن كان مدلوله واحدًا، لماذا؟ لأنه مسمًى به.
وَاحْمِ ذَوِي الْقُرْبَى مِنَ الأَهْلِيْنَا ... تَسْكُنْ بِدَارِ
الْخُلْدِ عِلِّيِّيَنَا
وصلَّ الله وسلم على نبينا محمد، [وعلى آله وصحبه أجمعين].
__________
(1) سبق.
|